Mohammed ppuh

صلح

الحديبية

غزوة

خيبر

غزوة

مؤتة فتح مكة

غزوة

تبوك وفاته

الهجرة

إلى المدينة

المرحلة

المدنية غزوة أحد غزوة بدر

غزوة

الخندق

(األحزاب)

الدعوة

خارج مكة

اإلسراء

والمعراج

بيعة العقبة

األولى

بيعة العقبة

الثانية

بعثته

الدعوة

سرا في

مكة

الدعوة

جهرا في

مكة

مولده

ونسبه نشأته

القائمة

مصادر قصص األنبياء سيرة ابن هشام كوم.تحدي الرحيق المختوم ويكيبديا

عني

ولد صلى اهلل عليه وسلم يف مكة يف الثاين عشر من ربيع األول من عام الفيلبن عبد ( وهو الذبيح)اهلل حممد بن عبد : من جهة أبيه نسبه (. م 571او 570)

املطلب ـ وامسه شيبة ـ بن هاشم ـ وامسه عمرو ـ بن عبد مناف ـ وامسه املغرية ـ بن قصى ـ وامسه زيد ـ بن كالب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر ـ وهو

امللقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة ـ بن مالك بن النضر ـ وامسه قيس ـ بن كنانة بن هذا ) خزية بن مدركة ـ وامسه عامـر ـ بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان

وممما ال شك فيه ان عدنان من صريح ولد إمساعيل ( اجلزء املتفق عليه من نسبه . عليه السالم

آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم ابن مرة الذي : من جهة أمهنسبه .هو اجلد اخلامس للنيب صلى اهلل عليه وسلم من جهة أبيه

( اجلمهور) تويف والده قبل مولده صلى اهلل عليه وسلم قبل والدته بشهرين. توفيت أمه و هو يف السادسة من عمره. سنوات 8كفله جده عبداملطلب حىت وفاته وعمره. عمه أبو طالب كفله. أرضعته حليمة السعدية يف ديار بين سعد. رعى الغنم ألهل مكة. عندما بلغ الثانية عشر من عمره سافر مع عمه للشام للتجارة و هناك قابل الراهب حبريى

، وكان عاملا باإلجنيل ، فنصح عمه أن جيعل حممد صلى اهلل عليه وسلم بعيدا عن اليهود، منه عرفوا أو رأوه إن فواهلل اليهود عليه واحذر بلدك إىل أخيك بابن ارجع: ))قال حبريى

من ورثنا وما كتبنا يف جنده عظيم شأن أخيك البن كائن فإنه ،عنتا ليبغنه أعرف الذي ((آبائنا

لقب صلى اهلل عليه وسلم بالصادق األمني يف مكة. عرف عنه صلى اهلل عليه وسلم أنه مل يسجد لصنم قط. تزوج خدجية بنت خويلد وهو يف اخلامسة والعشرين من العمر. أجنب صلى اهلل عليه وسلم من خدجية القاسم و عبداهلل و فاطمة و أم كلثوم و

.زينب و رقية كان خيرج لإلعتكاف والتفكر يف خلق الدنيا إىل غار حراء ، وهو غار موجود يف

.إحدى جبال مكة بعث صلى اهلل عليه وسلم وهو يف األربعني من عمره، اذ نزل عليه الوحي بوساطة

.جربيل عليه السالم وهو معتكف يف غر حراء يف شهر رمضان املبارك

بعث صلى اهلل عليه وسلم وهو يف األربعني من عمره وهو معتكف يف غار حراء. و اوائل سورة ( إقرأ: )وكان أول ما نزل عليه من القرأن عن طريق جربيل عليه السالم

.العلق رجع صلى اهلل عليه وسلم بعدها خائفا إىل زوجته خدجية وأبلغها مبا حصل، فذهبت

إىل ورقة ابن نوفل وكان ابن عمها وكان تنصر يف اجلاهلية وكان عاملا يف اإلجنيل، فلما أتى سيدنا حممد صلى اهلل عليه و سلم وقص عليه ما جرى، بشره بأن ما رآه

هو نفس امللك الذي أتى سيدنا عيسى عليه السالم من قبل، و وعده إن ادرك بعثته .ليكونن من الناصرين لسيدنا حممد صلى اهلل عليه وسلم، لكنه ما لبث ان تويف

كانت الدعوة اىل االسالم يف مكة قد بدأت سرا، وكان يعقد اجتماع املسلمني يف .دار األرقم ابن ايب األرقم

كان أول من أمن من النساء خدجية بنت خويلد. كان أول من أمن من الصبيان علي بن أيب طالب كرم اهلل وجهه و رضي عنه. كان أول من أمن من الرجال أبو بكر الصديق رضي اهلل عنه. سنوات 3استمرت الدعوة السرية يف مكة.

[ 214 : الشعراء ] { وأنذر عشريتك األقـربني }بدءت الدعوة جهرا مع نزول اآلية فصعد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إىل جبل الصفا ونادى يف أهل مكة ، فجاؤوه ومن

: مل يستطع بعث برسول لريى ما اخلطب ، فقال هلم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أرأيتكم لو أخربتكم أن خيال بالوادى بسفح هذا اجلبل تريد أن تغري عليكم أكنتم ))

. ( ؟ مصدقى . نعم، ما جربنا عليك كذبا، ما جربنا عليك إال صدقا : قالواإىن نذير لكم بني يدى عذاب شديد، إمنا مثلى ومثلكم كمثل رجل رأي العدو ) : قال

خشى أن ) ( أي يتطلع وينظر هلم من مكان مرتفع لئال يدمههم العدو ) ( فانطلق يـربأ أهله ( يا صباحاه : يسبقوه فجعل ينادى

.اهللمث دعاهم إىل احلق، وأنذرهم من عذاب و مع بدء الدعوة اجلهرية، بدأت مراحل التحريض و اإلكراه والتعذيب حبق كل من اتبع

.هذا الدين

وخالل هذه األيام أهم قريشا أمر آخر،وذلك أن اجلهر بالدعوة مل يض عليه إال أيام أو أشهرمعدودة حىت قرب موسم احلج، وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم، فرأت أنه البد من كلمة

يقولوهنا للعرب، يف شأن حممد صلى اهلل عليه وسلم حىت ال يكون لدعوته أثر يف نفوس العرب، أمجعوا فيه رأيـا واحدا،وال : فاجتمعوا إىل الوليد بن املغرية يتداولون يف تلك الكلمة، فقال هلم الوليد

. فأنت فقل، وأقم لنا رأيا نقول به : ختتلفوا فيكذب بعضكم بعضا، ويرد قولكم بعضه بعضا، قالواال واهلل ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو : قال . كاهن : نقول : قالوا . بل أنتم فقولوا أمسع : قال

ما هو مبجنون، لقد رأينا اجلنون وعرفناه، ما هو : جمنون، قال : فنقول : قالوا . بزمزمة الكاهن وال سجعهما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله رجزه : قال . شاعر : فنقول : قالوا . خبنقه وال ختاجله وال وسوسته

ما هو بساحر، لقد : قال . ساحر : فنقول : وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر، قالواواهلل إن لقوله : قال ؟ فما نقول : قالوا . رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنـفثهم وال عقدهم

وإن أصله لعذق، وإن فـرعه جلناة، وما أنتم بقائلني من هذا شيئا إال عرف [ وإن عليه لطالوة ] حلالوة، جاء بقول هو سحر، يفرق به بني املرء وأبيه، وبني . ساحر : أنه باطل، وإن أقرب القول فيه ألن تقولوا

. املرء وأخيه، وبني املرء وزوجته، وبني املرء وعشريته، فتفرقوا عنه بذلك

ومن األساليب اليت اختذهتا قريش جملاهبة الدعوة: والتضحيكوالتحقري، واالستهزاء والتكذيب السخرية -1 الالشبهات وتكثيف الدعايات إثارة -2 بني الناس وبني مساعهم القرآن، ومعارضته بأساطري األولنياحليلولة -3 وكان هذا سببا يف دخول (أبو جهل) تعرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لألذى من عمرو بن هشام ،

.محزة بن عبد املطلب يف اإلسالم وهو عم الرسول صلى اهلل عليه وسلم وخالل هذا اجلو امللبد بغيوم الظلم والعدوان أضاء برق آخر أشد بريقا وإضاءة من األول، أال وهو إسالم

بعد ثالثة أيام من إسالم محزة رضي اهلل عنه . عمر بن اخلطاب، أسلم يف ذى احلجـة سـنة سـت مـن النبـوةفقد أخرج الرتمذى عن ابن عمر، وصححه، . وكان النيب صلى اهلل عليه وسلم قد دعا اهلل تعاىل إلسالمه

اهلل م أعز اإلسالم بأحب ) : وأخرج الطرباين عن ابن مسعود وأنس أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال . فكان أحبهما إىل اهلل عمر رضي اهلل عنه ( بعمر بن اخلطاب أو بأيب جهل بن هشام : الرجلني إليك

بعد إسالم محزة و عمر، خرج املسلمون يف صفني من دار األرقم بن أيب األرقم إىل .الكعبة، فكان إلسالم هذان الرجلني بالغ األثر يف نفوس املسلمني

ما كنا نقدر أن نصلى عند الكعبة حىت أسلم : وكان ابن مسعود رضي اهلل عنه يقول . عمر

تعرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم و املسلمون و آل هاشم إىل مقاطعة قريشهلم، فاتفق قادة قريش على حماصرهتم يف شعب ايب طالب يف مكة على ان ال

بتاجرو معهم وال يبيعوهم وال يشرتو منهم وال يزوجوهم وال يتزوجو منهم ، وكتبوها .يف وثيقة علقت داخل الكعبة

سنوات، تويف خالهلا سيدتنا خدجية بنت خويلد و أبو طالب 3استمرت املقاطعة .فحزن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كثريا ومسي هذا العام بعام احلزن

خرج النيب صلى اهلل عليه وسلم إىل [ م 619يف أواخر مايو أو أوائل يونيو سنة ] يف شوال سنة عشر من النبوةالطائف، وهي تبعد عن مكة حنو ستني ميال، سارها ماشيا على قدميه جيئة وذهوبا، ومعه مواله زيد بن حارثة، وكان

. كلما مر على قبيلة يف الطريق دعاهم إىل اإلسالم، فلم جتب إليه واحدة منهاورجع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف طريق مكة بعد خروجه من احلائط كئيبا حمزونا كسري القلب، فلما بلغ قرن

. املنازل بعث اهلل إليه جربيل ومعه ملك اجلبال، يستأمره أن يطبق األخشبني على أهل مكةوقد روى البخاري تفصيل القصة ـ بسنده ـ عن عروة بن الزبري، أن عائشة رضي اهلل عنها حدثته أهنا قالت للنىب صلى

لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما ) : قال ؟ هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد : اهلل عليه وسلملقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كالل، فلم جيبين إىل ما أردت، فانطلقت ـ وأنا مهموم ـ على وجهي، فلم أستفق إال وأنا بقرن الثعالب ـ وهو املسمى بقرن املنازل ـ فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد

إن اهلل قد مسع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث اهلل إليك : أظلتين، فنظرت فإذا فيها جربيل، فناداين، فقاليا حممد، ذلك، فما شئت، إن شئت أن : فناداين ملك اجلبال، فسلم علي مث قال . ملك اجلبال لتأمره مبا شئت فيهم

أبو قـبـيس والذي يقابله، وهو قـعيقعان ـ قال النيب : مها جبال مكة : أطبق عليهم األخشبني ـ أي لفعلت، واألخشبان . ( بل أرجو أن خيرج اهلل عز وجل من أصالهبم من يعبد اهلل عز وجل وحده ال يشرك به شيئا : صلى اهلل عليه وسلم

م ـ عاد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم 619يف ذى القعدة سنة عشر من النبوة ـ يف أواخر يونيو أو أوائل يوليو سنةإىل مكة؛ ليستأنف عرض اإلسالم على القبائل واألفراد، والقرتاب املوسم كان الناس يأتون إىل مكة رجاال، وعلى كل

ضامر يأتني من كل فج عميق ألداء فريضة احلج، وليشهدوا منافع هلم، ويذكروا اسم اهلل يف أيام معلومات، فانتهز رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هذه الفرصة، فأتاهم قبيلة قبيلة يعرض عليهم اإلسالم ويدعوهم إليه ، كما كان

يدعوهم منذ السنة الرابعة من النبوة ، وقد بدأ يطلب منهم من هذه السنة ـ العاشرة ـ أن يؤووه وينصروه وينعوه حىت . يبلغ ما بعثه اهلل به

القبائل اليت عرض عليها اإلسالم وكان ممن يسمى لنا من القبائل الذين أتاهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، ودعاهم وعرض نفسه : قال الزهرى

بنو عامر بن صعصعة، وحمارب بن خصفة، وفزارة، وغسان، ومرة، وحنيفة، وسليم، وعبس، وبنو نصر، وبنو : عليهم . البكاء، وكندة، وكلب، واحلارث بن كعب، وعذرة، واحلضارمة، فلم يستجب منهم أحد

وهذه القبائل اليت مساها الزهرى مل يكن عرض اإلسالم عليها يف سنة واحدة وال يف موسم واحد، بل إمنا كان ما بني وال يكن تسمية سنة معينة لعرض اإلسالم على قبيلة معينة، ولكن . السنة الرابعة من النبوة إىل آخر موسم قبل اهلجرة

. األكثر كان يف السنة العاشرة

م ـ وجدت الدعوة اإلسالمية بذورا صاحلة، سرعان ما حتولت إىل شجرات 620من النبوة ـ يوليو سنة 11ويف موسم احلج من سنة . باسقات، اتقى املسلمون يف ظالهلا الوارفة لفحات الظلم والعدوان حىت تغري جمرى األحداث وحتول خط التاريخ

وكان من حكمته صلى اهلل عليه وسلم إزاء ما كان يلقى من أهل مكة من التكذيب والصد عن سبيل اهلل أنه كان خيرج إىل القبائل يف ظالم . الليل، حىت ال حيول بينه وبينهم أحد من أهل مكة املشركني

وقد دارت بني أيب بكر وبني رجل من ذهل . فخرج ليلة ومعه أبو بكر وعلى، فمر على منازل ذهل وشيبان بن ثعلبة ، وكلمهم يف اإلسالم . أسئلة وردود طريفة، وأجاب بنو شيبان بأرجى األجوبة، غري أهنم توقفوا يف قبول اإلسالم

مث مر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعقبة مىن، فسمع أصوات رجال يتكلمون فعمدهم حىت حلقهم، وكانوا ستة نفر من شباب يثرب : كلهم من اخلزرج، وهم

. [ من بين النجار ] ـ أسعد بن زرارة 1 . [ من بين النجار ] ـ عوف بن احلارث بن رفاعة ابن عفراء 2 . [ من بين زريق ] ـ رافع بن مالك بن العجالن 3 . [ من بين سلمة ] ـ قطبة بن عامر بن حديدة 4 . [ من بين حرام بن كعب ] ـ عقبة بن عامر بن نايب 5 . [ من بين عبيد بن غنم ] ـ جابر بن عبد اهلل بن رئاب 6

وكان من سعادة أهل يثرب أهنم كانوا يسمعون من حلفائهم من يهود املدينة، إذا كان بينهم شيء، أن نبيا من األنبياء مبعوث يف هذا . الزمان سيخرج، فنتبعه، ونقتلكم معه قتل عاد وإرم

من مواىل ) : نفر من اخلزرج، قال : قالوا ( ؟ من أنتم ) : فلما حلقهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال هلمبلى، فجلسوا معه، فشرح هلم : قالوا ( ؟ أفال جتلسون أكلمكم ) : قال . نعم : أي حلفائهم، قالوا ( ؟ اليهود

تعلمون واهلل : فقال بعضهم لبعض . حقيقة اإلسالم ودعوته، ودعاهم إىل اهلل عز وجل، وتال عليهم القرآن . يا قوم، إنه للنىب الذي توعدكم به يهود، فال تسبقنكم إليه، فأسرعوا إىل إجابة دعوته، وأسلموا

وكانوا من عقالء يثرب، أهنكتهم احلرب األهلية اليت مضت قريبا، واليت ال يزال هليبها مستعرا، فأملوا أن

إنا قد تركنا قومنا وال قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى : تكون دعوته سببا لوضع احلرب، فقالواأن جيمعهم اهلل بك، فسنقدم عليهم، فندعوهم إىل أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين ،

. فإن جيمعهم اهلل عليك فال رجل أعز منك

وملا رجع هؤالء إىل املدينة محلوا إليها رسالة اإلسالم، حىت مل تبق دار من دور األنصار إال وفيه ذكر رسول . اهلل صلى اهلل عليه وسلم

من النبوة ـ تزوج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عائشة الصديقة رضي 11ويف شوال من هذه السنة ـ سنة . اهلل عنها وهي بنت ست سنني وبين هبا باملدينة يف شوال يف السنة األوىل من اهلجرة وهي بنت تسع سنني

أسرى برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم جبسده على الصحيح من املسجد احلرام إىل بيت املقدس، راكبا على البـراق، صحبة جربيل عليهما : قال ابن القيم . الصالة والسالم، فنزل هناك، وصلى باألنبياء إماما، وربط الرباق حبلقة باب املسجد

عليه السالم، وأقر وردمث عرج به تلك الليلة من بيت املقدس إىل السماء الدنيا، فاستفتح له جربيل ففتح له، فرأي هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب به . بنبوته، وأراه اهلل أرواح السعداء عن يينه، وأرواح األشقياء عن يساره

. ا بنبوتهقر مث عرج به إىل السماء الثانية، فاستفتح له، فرأي فيها حيىي بن زكريا وعيسى ابن مرمي، فلقيهما وسلم عليهما، فردا عليه ورحبا به، وأ . مث عرج به إىل السماء الثالثة، فرأي فيها يوسف، فسلم عليه فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته

. مث عرج به إىل السماء الرابعة، فرأي فيها إدريس، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته . مث عرج به إىل السماء اخلامسة، فرأي فيها هارون بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته . مث عرج به إىل السماء السادسة، فلقى فيها موسى بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته

. أبكى؛ ألن غالما بعث من بعدى يدخل اجلنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمىت : فقال ؟ ما يبكيك : فلما جاوزه بكى موسى، فقيل له . مث عرج به إىل السماء السابعة، فلقى فيها إبراهيم عليه السالم، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته

قها مثل قالل هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، مث غشيها فراش من ذهب، ونور وألوان، فتغري فما أحد من خلق اهلل ت، مث رفع إىل سدرة املنتهى، فإذا نـبـمث أدخل اجلنة، فإذا فيها حبائل اللؤلؤ، وإذا . مث رفع له البيت املعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك مث ال يعودون . يستطيع أن يصفها من حسنها

. وعرج به حىت ظهر ملستوى يسمع فيه صريف األقالم . تراهبا املسكلى موسى عمث عرج به إىل اجلبار جل جالله، فدنا منه حىت كان قاب قوسني أو أدىن، فأوحى إىل عبده ما أوحى، وفرض عليه مخسني صالة، فرجع حىت مر

إن أمتك ال تطيق ذلك، ارجع إىل ربك فاسأله التخفيف ألمتك، فالتفت إىل جربيل، كأنه يستشريه يف : قال . [ خبمسني صالة] : قال ؟ مب أمرك ربك : فقال لهنزل أ أن نعم إن شئت، فعال به جربيل حىت أتى به اجلبار تبارك وتعاىل، وهو يف مكانه ـ هذا لفظ البخاري يف بعض الطرق ـ فوضع عنه عشرا، مث : ذلك، فأشار

ارجع إىل ربك فاسأله التخفيف، فلم يزل يرتدد بني موسى وبني اهلل عز وجل، حىت جعلها مخسا، فأمره موسى بالرجوع وسؤال : حىت مر مبوسى، فأخربه، فقال قد أمضيت فريضىت وخففت عن عبادى : ، فلما بعد نادى مناد [ قد استحييت من ريب، ولكين أرضى وأسلم] : التخفيف، فقال

م ـ اثنا عشر رجال، فيهم مخسة من الستة الذين كانوا قد 621من النبوة، يوليو سنة 12وكان من جراء ذلك أن جاء يف املوسم التايل ـ موسم احلج سنة : التقوا برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف العام السابق ـ والسادس الذي مل حيضر هو جابر بن عبد اهلل بن رئاب ـ وسبعة سواهم، وهم

[ من اخلزرج ] ـ معاذ بن احلارث، ابن عفراء من بين النجار 1 [ من اخلزرج ] . ـ ذكوان بن عبد القيس من بين زريق 2 [ من اخلزرج ] ـ عبادة بن الصامت من بين غنم 3 [ من اخلزرج ] ـ يزيد بن ثعلبة من حلفاء بين غنم 4 [ من اخلزرج ] ـ العباس بن عبادة بن نضلة من بين سامل 5 . [ من األوس ] ـ أبو اهليثم بن التـيـهان من بين عبد األشهل 6 . [ من األوس ] ـ عومي بن ساعدة من بين عمرو بن عوف 7

. األخريان من األوس، والبقية كلهم من اخلزرج . التقى هؤالء برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عند العقبة مبىن فبايعوه بيعة النساء، أي وفق بيعتهن اليت نزلت بعد احلديبية

تعالوا بايعوين على أال تشركوا باهلل شيئا، وال تسرقوا، وال تزنوا، وال تقتلوا ] : روى البخاري عن عبادة بن الصامت أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قالعوقب به ا فأوالدكم، وال تأتوا ببهتان تفرتونه بني أيديكم وأرجلكم، وال تعصوين يف معروف، فمن ويف منكم فأجره على اهلل ، ومن أصاب من ذلك شيئ

فبايعناه ـ : فبايعته ـ ويف نسخة : قــال . [ يف الدنيا، فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئا فسرته اهلل ، فأمـره إىل اهلل ؛ إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عـنه . على ذلك

سفري اإلسالم يف املدينة سالم، ويفقههم اإلوبعد أن متت البيعة وانتهى املوسم بعث النيب صلى اهلل عليه وسلم مع هؤالء املبايعني أول سفري يف يثرب؛ ليعلم املسلمني فيها شرائع مصعب بن هو يف الدين، وليقوم بنشر اإلسالم بني الذين مل يزالوا على الشرك، واختار هلذه السفارة شابا من شباب اإلسالم من السابقني األولني، و

. عمري العبدرى رضي اهلل عنه

بيعة العقبة الثانية م ـ حضر ألداء مناسك احلج بضع وسبعون نفسا من 622يف موسم احلج يف السنة الثالثة عشرة من النبوة ـ يونيو سنة

املسلمني من أهل يثرب،جاءوا ضمن حجاج قومهم من املشركني، وقد تساءل هؤالء املسلمون فيما بينهم ـ وهم مل يزالوا يف ؟ حىت مىت نرتك رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يطوف ويطرد يف جبال مكة وخياف : يثرب أو كانوا يف الطريق

فلما قدموا مكة جرت بينهم وبني النيب صلى اهلل عليه وسلم اتصاالت سرية أدت إىل اتفاق الفريقني على أن جيتمعوا يف . أوسط أيام التشريق يف الشعب الذي عند العقبة حيث اجلمرة األوىل من مىن، وأن يتم االجتماع يف سرية تامة يف ظالم الليل

يقول كعب بن . ولنرتك أحد قادة األنصار يصف لنا هذا االجتماع التارخيي الذي حول جمرى األيام يف صراع الوثنية واإلسالم : مالك األنصاري رضي اهلل عنه

خرجنا إىل احلج، وواعدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق، فلما فرغنا من احلج، وكانت الليلة اليت واعدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هلا، ومعنا عبد اهلل بن عمرو بن حرام أبو جابر، سيد من ساداتنا، وشريف من

يا أبا جابر، إنك سيد من ساداتنا، : أشرافنا، أخذناه معنا ـ وكنا نكتم من معنا من قومنا من املشركني أمرنا ـ فكلمناه وقلنا لهمث دعوناه إىل اإلسالم، وأخربناه مبيعاد رسول . وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدا

. فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبا : اهلل صلى اهلل عليه وسلم إيانا العقبة، قال

فنمنا تلك الليلة مع قومنا يف رحالنا حىت إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا مليعاد رسول اهلل : قال كعبصلى اهلل عليه وسلم، نتسلل تسلل القطا، مستخفني، حىت اجتمعنا يف الشعب عند العقبة، وحنن ثالثة وسبعون رجال، وامرأتان من نسائنا؛ نسيبة بنت كعب ـ أم عمارة ـ من بين مازن بن النجار،وأمساء بنت

. عمرو ـ أم منيع ـ من بين سلمة

العباس بن عبد املطلب : فاجتمعنا يف الشعب ننتظر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حىت جاءنا، ومعه عمه . ـ وهو يومئذ على دين قومه ـ إال أنه أحب أن حيضر أمر ابن أخيه، ويتوثق له، وكان أول متكلم

بداية احملادثة وتشريح العباس خلطورة املسئولية

وبعد أن تكامل اجمللس بدأت احملادثات إلبرام التحالف الديىن والعسكرى، وكان أول املتكلمني هو العباس بن عبد املطلب عم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، تكلم ليشرح هلم ـ بكل صراحة ـ خطورة املسئولية اليت

: قال . ستلقى على كواهلهم نتيجة هذا التحالف

يا معشر اخلزرج ـ وكان العرب يسمون األنصار خزرجـا، خزرجـها وأوسـها كليهما ـ إن حممدا مناحيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه،فهو يف عز من قومه ومنعة

وإنه قد أيب إال االحنياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له مبا . يف بلدهوإن كنتم ترون أنكم مسلموه . دعومتوه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما حتملتم من ذلك

. فإنه يف عز ومنعة من قومه وبلده . وخاذلوه بعد اخلروج به إليكم فمن اآلن فدعوه . قد مسعنا ما قلت، فتكلم يا رسول اهلل ، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت : فقلنا له : قال كعب

وهذا اجلواب يدل على ما كانوا عليه من عزم صميم، وشجاعة مؤمنة، وإخالص كامل يف . حتمل هذه املسئولية العظيمة، وحتمل عواقبها اخلطرية

. وألقى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعد ذلك بيانه، مث متت البيعة

بينما : ئشة رضي اهلل عنهاعا وذهب النيب صلى اهلل عليه وسلم يف اهلاجرة ـ حني يسرتيح الناس يف بيوهتم ـ إىل أيب بكر رضي اهلل عنه ليربم معه مراحل اهلجرة، قالتفداء له : هذا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم متقنعا، يف ساعة مل يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر : حنن جلوس يف بيت أيب بكر يف حنر الظهرية، قال قائل أليب بكر

. أيب وأمى، واهلل ما جاء به يف هذه الساعة إال أمرإمنا هم : فقال أبو بكر . [ أخرج من عندك ] : ، فاستأذن،فأذن له فدخل، فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم أليب بكر . فجاء رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم : قالت

. [ نعم ] : قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ؟ الصحبة بأيب أنت يا رسول اهلل : ، فقال أبو بكر [ فأين قد أذن ىل يف اخلروج ] : قال . أهلك، بأيب أنت يا رسول اهلل وقد استمر يف أعماله اليومية حسب املعتاد حىت مل يشعر أحد بأنه يستعد للهجرة، أو ألي أمر آخر اتقاء . مث أبرم معه خطة اهلجرة، ورجع إىل بيته ينتظر جمىء الليل

. مما قررته قريش تطويق منزل الرسول صلى اهلل عليه وسلم

صباحا، واختري لذلك أحد عشر رئيسا من هؤالء [ دار الندوة ] أما أكابر جمرمي قريش فقضوا هنارهم يف اإلعداد سرا لتنفيذ اخلطة املرسومة الىت أبرمها برملان مكة : األكابر، وهم

. ـ أبو جهل بن هشام1 . ـ احلكم بن أيب العاص2 . ـ عقبة بن أيب معيط3 . ـ النضر بن احلارث4 . ـ أمية بن خلف5 . ـ زمعة بن األسود6 . ـ طعيمة بن عدى 7 . ـ أبو هلب 8 . ـ أيب بن خلف9

. ـ نـبـيه بن احلجاج10 . ـ أخوه منبه بن احلجاج11

،وكان من عادة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن ينام يف أوائل الليل بعد صالة العشاء، وخيرج بعد نصف الليل إىل املسجد احلراميصلي فيه قيام الليل، فأمر عليا رضي اهلل عنه تلك الليلة أن يضطجع على فراشه، ويتسجى بربده احلضرمي األخضر، وأخربه أنه ال

. يصيبه مكروه

فلما كانت عتمة من الليل وساد اهلدوء، ونام عامة الناس جاء املذكورون إىل بيته صلى اهلل عليه وسلم سرا، واجتمعوا على بابه . يرصدونه، وهم يظنونه نائما حىت إذا قام وخرج وثبوا عليه، ونفذوا ما قرروا فيه

وكانوا على ثقة ويقني جازم من جناح هذه املؤامرة الدنية، حىت وقف أبو جهل وقفة الزهو واخليالء، وقال خماطبا ألصحابه املطوقني

إن حممدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، مث بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم : يف سخرية واستهزاء . جنان كجنان األردن، وإن مل تفعلوا كان له فيكم ذبح، مث بعثتم من بعد موتكم، مث جعلت لكم نار حترقون فيها

وقد كان ميعاد تنفيذ تلك املؤامرة بعد منتصف الليل يف وقت خروجه صلى اهلل عليه وسلم من البيت، فباتوا متيقظني ينتظرون

ساعة الصفر، ولكن اهلل غالب على أمره، بيده ملكوت السموات واألرض، يفعل ما يشاء، وهو جيري وال جيـار عليه، فقـد فعـل مـا وإذ يكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يـقتـلوك أو خيرجوك ويكرون ويكر اهلل } : خاطب به الرسول صلى اهلل عليه وسلم فيما بعد

ر الماكرين . [30 : األنفال ] { واهلل خيـ

الرسول صلى اهلل عليه وسلم يغادر بيته

خرج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من باب بيته ومن بيت صفوف الكفار دون ان حيسوبه، وانطلق هو وابو بكر الصديق إىل غار ثور، حيث تبعهم املشركون لكن عمي عليهم

.بسبب احلمام الذي بىن عشه على باب الغار، وبيت العنكبوت تابعا طريقهما إىل يثرب فلحقهما سراقة بن مالك طمعا يف مكافأة قريش ، فعرض عليه

، ( ملك الفرس يف ذلك الزمان)صلى اهلل عليه وسلم العودة على ان يعطى سواري كسرى .وما كان لسراقة ملا علم على رسولنا الكرمي من الصدق إال أن قبل وعاد

االثنني والثالثاء واألربعاء واخلميس : رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بقباء أربعة أيامأقام . وأسس مسجد قباء وصلى فيه، وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة، فلما كان

اليوم اخلامس ـ يوم اجلمعة ـ ركب بأمر اهلل له، وأبو بكر ردفه، وأرسل إىل بين النجار ـ أخواله ـ فجاءوا متقلدين سيوفهم، فسار حنو املدينة وهم حوله، وأدركته اجلمعة يف بين سامل

. بن عوف، فجمع هبم يف املسجد الذي يف بطن الوادى، وكانوا مائة رجل

مث سار النيب صلى اهلل عليه وسلم بعد اجلمعة حىت دخل املدينة ـ ومن ذلك اليوممسيت بلدة يثرب مبدينة الرسول صلى اهلل عليه وسلم، ويعرب عنها باملدينة خمتصرا ـ وكان يوما مشهودا أغر، فقد ارجتت البيوت والسكك بأصوات احلمد والتسبيح،

: وتغنت بنات األنصار بغاية الفرح والسرور مـن ثـنيــات الـوداع **طـلـع الـبــدر علـينا

مـــا دعــا لـلـه داع ** وجـب الشـكـر علـينا جـئـت بـاألمـر املطاع** أيـهـا املبـعـوث فـينا

كان أول ما قام به صصلى اهلل عليه وسلم يف املدينة: .أخى بني املهاجرين واألنصار -1 .بناء املسجد النبوي -2 .ابرام معاهدة الدفاع عن املدينة مع اليهود-3يكن تقسيم العهد املدين إىل ثالث مراحل :

ـ مرحلة تأسيس اجملتمع اإلسالمي، ومتكني الدعوة اإلسالمية، وقد أثريت يف هذه املرحلة القالقل 1والفنت من الداخل، وزحف فيها األعداء من اخلارج؛ ليستأصلوا شأفة املسلمني، ويقلعوا الدعوة من

وقد انتهت هذه املرحلة بتغلب املسلمني وسيطرهتم على املوقف مع عقد صلح احلديبية . جذورها . يف ذى القعدة سنة ست من اهلجرة

ـ مرحلة الصلح مع العدو األكرب، والفراغ لدعوة ملوك األرض إىل اإلسالم، وللقضاء على 2 . وقد انتهت هذه املرحلة بفتح مكة املكرمة يف رمضان سنة مثان من اهلجرة . أطراف املؤامرات

وقد امتدت هذه املرحلة إىل وفاة . ـ مرحلة استقبال الوفود، ودخول الناس يف دين اهلل أفواجا 3 . الرسول صلى اهلل عليه وسلم يف ربيع األول سنة إحدى عشرة من اهلجرة

وقعت يف السنة الثانية هلجرة، عندما علم املسلمون بوجود قافلة جتارية لقريش عائدةريقها وارسل اىل قريش \من الشام، فخرجو لإلستيالء عليها ، إال ان ابا سفيان غري

.مقاتل 950لتحذيرهم فخرجو اليه ب التقى اجلمعان عند ابار بدر يف منطقة قريبة من املدينة املنورة. من املشركني و 70رجال من املسلمني لقاء نقتل 14كانت نتائج املعركة استشهاد

.اخرين 70اسر كان يهود بين قينقاع خانو معاهدهتم فامر الرسول صلى اهلل عليه وسلم باجالئهم

.عن املدينة

3000وقعت يف السنة الثالثة للهجرة، عندما أراد مشركوا قريش ان يثأروا هلزيتهم يف بدر، فجمعو .مقاتل وخرجوا ملالقاة املشركني يف جبل أحد 1000مقاتل واجتهو غلى املدينة ، اليت مجعت

كانت للمعركة أجزاء فجزئها األول هو االنتصار اجلزئي للمسلمني. اما جزئها الثاين فهو عصيان الرماة ألوامر رسول اهلل ونزوهلم عن اجلبل االمر الذي مكن خالد بن

.الوليد من اإللتفات على جيش املسلمني و تشتيته اجلزء الثالث هو دعوة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم املشركني اىل موقعة محراء األسد لتحديد

.الفائز، وكان من عادات الفائز ان خييم مبكان املعركة ثالثة ايام و هذا ما مل يفعله املشركوناستشهاد كل من محزة بن عبداملطلب و مصعب بن عمري. اجالء يهود بين النضري.

وقعت يف السنة اخلامسة للهجرة، وكان سببها هو رغبة املشركني يف اجلزيرة العربيةمقاتل وقدمو 10000بإهناء املسلمني و دولتهم ، فاجتمعت األحزاب و مجعوا

.للمدينة، فتفاجئو باخلندق الذي حفر حوهلا مبشورة سلمان الفارسي حماولة العبور من املشركني، واملكافحة املتواصلة من املسلمني، دامت أياما، إال أن

اخلندق ملا كان حائال بني اجليشني مل جير بينهما قتال مباشر أو حرب دامية، بل . اقتصروا على املراماة واملناضلة

فشلت كل حماوالت اخرتاق اخلندق من جهة املشكرين. ارسل اهلل تعاىل عليهم رحيا صرصرا قلبت قدورهم وخيامهم فرجعوا مهزومني. قتل كل رجال يهود بين قريظة خليانتهم العهد ومساعدة العدو على دخول املدينة.

وملا تطورت الظروف يف اجلزيزة العربية إىل حد كبري لصاحل املسلمني، أخذت طالئع الفتح األعظم وجناح الدعوة اإلسالمية تبدو شيئا . فشيئا، وبدأت التمهيدات إلقرار حق املسلمني يف أداء عبادهتم يف املسجد احلرام، الذي كان قد صد عنه املشركون منذ ستة أعوام

أري رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف املنام، وهو باملدينة، أنه دخل هو وأصحابه املسجد احلرام، وأخذ مفتاح الكعبة، وطافوا واعتمروا، وحلق بعضهم وقصر بعضهم، فأخرب بذلك أصحابه ففرحوا، وحسبوا أهنم داخلو مكة عامهم ذلك، وأخرب أصحابه أنه

. معتمر فتجهزوا للسفر استنفار املسلمني

واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه، فأبطأ كثري من األعراب، أما هو فغسل ثيابه، وركب ناقته القصواء، لة الليثي هـ، ومعه زوجته أم سلمة، يف ألف 6وخرج منها يوم اإلثنني غرة ذي القعدة سنة . واستخلف على املدينة ابن أم مكتوم أو منيـ

. السيوف يف القرب : ألف ومخسمائة، ومل خيرج معه بسالح، إال سالح املسافر : وأربعمائة، ويقال املسلمون يتحركون إىل مكة

من له وحترك يف اجتاه مكة، فلما كان بذي احلليـفة قـلد اهلدي وأشعره، وأحرم بالعمرة؛ ليأمن الناس من حربه، وبعث بني يديه عينا إين تركت كعب بن لؤي قد مجعوا لك األحابيش ، ومجعوا لك : خزاعة خيربه عن قريش، حىت إذا كان قريبا من عسفان أتاه عينه، فقال

أترون منيل إىل ذراري هؤالء الذين ) : مجوعا، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، واستشار النيب صلى اهلل عليه وسلم أصحابه، وقالفإن قعدوا قعدوا موتورين حمزونني، وإن جنوا يكن عنق قطعها اهلل، أم تريدون أن نؤم هذا البيت فمن صدنا عنه ؟ أعانوهم فنصيبهم

اهلل ورسوله أعلم، إمنا جئنا معتمرين، ومل جنئ لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبني البيت قاتلناه، فقال النيب : فقال أبو بكر ( ؟ قاتلناه . ، فراحوا ( فروحوا ) : صلى اهلل عليه وسلم

حماولة قريش صد املسلمني عن البيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم رض وكانت قريش ملا مسعت خبروج النيب صلى اهلل عليه وسلم عقدت جملسا استشاريا قررت فيه صد املسلمني عن البيت كيفما يكن، فبعد أن أع

. الطريق الرئيسي الذي يوصل إىل مكةم يفعن األحابيش، نقل إليه رجل من بين كعب أن قريشا نازلة بذي طوي، وأن مائيت فارس يف قيادة خالد بن الوليد مرابطة بكراع الغميلقد كانوا على غرة، لو كنا محلنا عليهم : ورأي خالد املسلمني يف صالة الظهر يركعون ويسجدون، فقال . وقد حاول خالد صد املسلمني، فقام بفرسانه إزاءهم يرتاءي اجليشان

. ألصبنا منهم، مث قرر أن ييل على املسلمني ـ وهم يف صالة العصر ـ ميلة واحدة، ولكن اهلل أنزل حكم صالة اخلوف، ففاتت الفرصة خالدا تبديل الطريق وحماولة اجتناب اللقاء الدامي

ر مهبط احلديبية من أسفل مكة، وترك ار وأخذ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم طريقا وعرا بني شعاب، وسلك هبم ذات اليمني بني ظهري احلمض يف طريق خترجه على ثنية امل

. ق يركض نذيرا لقريشنطلالطريق الرئيسي الذي يفضي إىل احلرم مارا بالتنعيم، تركه إىل اليسار، فلما رأي خالد قـتـرة اجليش اإلسالمي قد خالفوا عن طريقه اما خألت ) : خألت القصواء، فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم : حل حل، فأحلت ، فقالوا : وسار رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حىت إذا كان بثنية املرار بركت راحلته، فقال الناس

، مث زجرها فوثبت به، فعدل ( والذي نفسي بيده ال يسألوين خطة يعظمون فيها حرمات اهلل إال أعطيتهم إياها ) : ، مث قال ( القصواء، وما ذاك هلا خبلق، ولكن حبسها حابس الفيلفشكوا إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم العطش، فانتزع سهما من كنانته، مث أمرهم . حىت نزل بأقصي احلديبية، على مثد قليل املاء، إمنا يتربضه الناس تربضا، فلم يلبث أن نزحوه

. أن جيعلوه فيه، فواهلل ما زال جييش هلم بالري حىت صدروا بديل يتوسط بني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وقريش

إين : هلل عليه وسلم من أهل تـهامة، فقالى اوملا اطمأن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم جاء بديل بن ورقاء اخلزاعي يف نفر من خزاعة، وكانت خزاعة عيبة نصح لرسول اهلل صلإنا مل جنئ لقتال أحد، ولكنا جئنا ) : قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم . تركت كعب ابن لؤي، نزلوا أعداد مياه احلديبية، معهم العوذ املطافيل ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت

فعلوا، وإال فقد مجوا ، وإن هم أبوا ناسمعتمرين، وإن قريشا قد هنكتهم احلرب وأضرت هبم، فإن شاءوا ماددهتم، وخيلوا بيين وبني الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه ال . ( إال القتال فوالذي نفسي بيده ألقاتلنهم على أمري هذا حىت تنفرد سالفيت، أو لينفذن اهلل أمره

. إين قد جئتكم من عند هذا الرجل، ومسعته يقول قوال، فإن شئتم عرضته عليكم : سأبلغهم ما تقول، فانطلق حىت أيت قريشا، فقال : قال بديلمسعته يقول كذا وكذا، فبعثت قريش مكرز بن حفص، فلما رآه رسول اهلل صلى : قال . هات ما مسعته : وقال ذوو الرأي منهم . ال حاجة لنا أن حتدثنا عنه بشيء : فقال سفهاؤهم

. هذا رجل غادر، فلما جاء وتكلم قال له مثل ما قال لبديل وأصحابه، فرجع إىل قريش وأخربهم : اهلل عليه وسلم قال

بديل يتوسط بني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وقريش وملا اطمأن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم جاء بديل بن ورقاء اخلزاعي يف نفر من خزاعة، وكانت خزاعة

إين تركت كعب ابن لؤي، نزلوا أعداد : عيبة نصح لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من أهل تـهامة، فقالقال رسول اهلل صلى اهلل عليه . مياه احلديبية، معهم العوذ املطافيل ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت

إنا مل جنئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشا قد هنكتهم احلرب وأضرت هبم، فإن شاءوا ) : وسلمماددهتم، وخيلوا بيين وبني الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإال فقد مجوا ، وإن هم

. ( أبوا إال القتال فوالذي نفسي بيده ألقاتلنهم على أمري هذا حىت تنفرد سالفيت، أو لينفذن اهلل أمرهإين قد جئتكم من عند هذا الرجل، ومسعته : سأبلغهم ما تقول، فانطلق حىت أيت قريشا، فقال : قال بديل

. يقول قوال، فإن شئتم عرضته عليكممسعته : قال . هات ما مسعته : وقال ذوو الرأي منهم . ال حاجة لنا أن حتدثنا عنه بشيء : فقال سفهاؤهم

هذا رجل : يقول كذا وكذا، فبعثت قريش مكرز بن حفص، فلما رآه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال . غادر، فلما جاء وتكلم قال له مثل ما قال لبديل وأصحابه، فرجع إىل قريش وأخربهم

رسل قريش ائته، فلما أشرف على النيب صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه قال : فقالوا . دعوين آته : مث قال رجل من كنانة ـ امسه احلليس بن علقمة

، فبعثوها له، واستقبله القوم يلبون، فلما رأي ( هذا فالن، وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها ) : رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلمرأيت البدن قد قلدت وأشعرت، وما أري : سبحان اهلل ما ينبغي هلؤالء أن يصدوا عن البيت، فرجع إىل أصحابه، فقال : قال . ذلك

. أن يصدوا، وجري بينه وبني قريش كالم أحفظهإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، ودعوين آته، فأتاه، فجعل يكلمه، فقال له النيب صلى : فقال عروة بن مسعود الثقفي

أي حممد أرأيت لو استأصلت قومك، هل مسعت بأحد من العرب : فقال له عروة عند ذلك . اهلل عليه وسلم حنوا من قوله لبديل : اجتاح أهله قبلك، وإن تكن األخري فواهلل إين ال أري وجوها، وإين أري أوباشا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك، قال له أبو بكر

أما والذي نفسي بيده لوال يد كانت عندي مل أجزك هبا : أبو بكر، قال : قالوا ؟ من ذا : قال ؟ امصص بظر الالت، أحنن نفر عنهوجعل يكلم النيب صلى اهلل عليه وسلم، وكلما كلمه أخذ بلحيته، واملغرية بن شعبة عند رأس النيب صلى اهلل عليه وسلم، . ألجبتك

أخر يدك عن حلية : ومعه السيف وعليه املغفر، فكلما أهوي عروة إىل حلية النيب صلى اهلل عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف، وقالأي عذر، أو لست أسعي يف : املغرية بن شعبة، فقال : قالوا ؟ من ذا : رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فرفع عروة رأسه، وقال

أما اإلسالم ) : وكان املغرية صحب قوما يف اجلاهلية فقتلهم وأخذ أمواهلم، مث جاء فأسلم، فقال النبـي صلى اهلل عليه وسلم ؟ غدرتك . ( وكان املغرية ابن أخي عروة ) ( فأقبل، وأما املال فلست منـه فـي شيء

أي قوم، واهلل لقد وفدت : مث إن عروة جعل يرمق أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وتعظيمهم له، فرجع إىل أصحابه، فقالعلى امللوك، على قيصر وكسري والنجاشي، واهلل ما رأيت ملكا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب حممد حممدا، واهلل إن تـنخم

خنامة إال وقعت يف كف رجل منهم، فدلك هبا وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا . تكلم خفضوا أصواهتم عنده، وما حيدون إليه النظر تعظيما له، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها

الذي كف أيديهم عنكمهو وملا رأي شباب قريش الطائشون، الطاحمون إىل احلرب، رغبة زعمائهم يف الصلح فكروا يف خطة حتول بينهم وبني

الصلح، فقرروا أن خيرجوا ليال، ويتسللوا إىل معسكر املسلمني، وحيدثوا أحداثا تشعل نار احلرب، وفعال قد قاموا بتنفيذ هذا القرار، فقد خرج سبعون أو مثانون منهم ليال فهبطوا من جبل التنعيم، وحاولوا التسلل إىل معسكر املسلمني، غري

. أن حممد بن مسلمة قائد احلرس اعتقلهم مجيعا وهو الذي كف أيديـهم } : ورغبة فـــي الصلــح أطلـق سراحهم النيب صلى اهلل عليه وسلم وعفا عنـهم، ويف ذلك أنزل اهلل

[ 24 : الفتح ] { عنكم وأيديكم عنـهم ببطن مكة من بـعد أن أظفركم عليهم عثمان بن عفان سفريا إىل قريش

وحينئذ أراد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يبعث سفريا يؤكد لدي قريش موقفه وهدفه من هذا السفر، فدعا عمر يا رسول اهلل، ليس يل أحد مبكة من بين عدي بن كعب يغضب يل إن : بن اخلطاب لريسله إليهم، فاعتذر قائال

أخربهم أنا مل : أوذيت، فأرسل عثمان بن عفان، فإن عشريته هبا، وإنه مبلغ ما أردت، فدعاه، وأرسله إىل قريش، وقالنأت لقتال، وإمنا جئنا عمارا، وادعهم إىل اإلسالم، وأمره أن يأيت رجاال مبكة مؤمنني، ونساء مؤمنات، فيبشرهم

. بالفتح، وخيربهم أن اهلل عز وجل مظهر دينه مبكة، حىت ال يستخفي فيها أحد باإليانبعثين رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بكذا وكذا، : فقال ؟ أين تريد : فانطلق عثمان حىت مر على قريش ببـلدح، فقالوا

قد مسعنا ما تقول، فانفذ حلاجتك، وقام إليه أبان ابن سعيد بن العاص، فرحب به مث أسرج فرسه، فحمل عثمان : قالواعلى الفرس، وأجاره وأردفه حىت جاء مكة، وبلغ الرسالة إىل زعماء قريش، فلما فرغ عرضوا عليه أن يطوف بالبيت،

. فرفض هذا العرض، وأيب أن يطوف حىت يطوف رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم

إشاعة مقتل عثمان وبيعة الرضوان واحتبسته قريش عندها ـ ولعلهم أرادوا أن يتشاوروا فيما بينهم يف الوضع الراهن، ويربموا أمرهم، مث يردوا

عثمان جبواب ما جاء به من الرسالة ـ وطال االحتباس، فشاع بني املسلمني أن عثمان قتل، فقال رسول اهلل ، مث دعا أصحابه إىل البيعة، فثاروا إليه ( ال نربح حىت نناجز القوم ) : صلى اهلل عليه وسلم ملا بلغته اإلشاعة

يبايعونه على أال يفروا، وبايعته مجاعة على املوت، وأول من بايعه أبو سنان األسدي، وبايعه سلمة بن األكوع على املوت ثالث مرات، يف أول الناس ووسطهم وآخرهم، وأخذ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم

وملا متت البيعة جاء عثمان فبايعه، ومل يتخلف عن هذه البيعة إال رجل . ( هذه عن عثمان ) : بيد نفسه وقال . جد بن قـيس : من املنافقني يقال له

أخذ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هذه البيعة حتت شجرة، وكان عمر آخذا بيده، ومعقل بن يسار آخذا لقد } : بغصن الشجرة يرفعه عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، وهذه هي بيعة الرضوان اليت أنزل اهلل فيها

[ 18 : الفتح ] اآلية { رضي الله عن المؤمنني إذ يـبايعونك حتت الشجرة إبرام الصلح وبنوده

وعرفت قريش ضيق املوقف، فأسرعت إىل بعث سهيل بن عمرو لعقد الصلح، وأكدت له أال يكون يف الصلح إال أن يرجع عنا عامه هذا، ال تتحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبدا، فأتاه سهيل بن

، أراد القوم الصلح حني بعثوا هذا الرجل، فجاء سهيل ( قد سهل لكم أمركم ) : قال \عمرو، فلما رآه ،فتكلم طويال، مث اتفقا على قواعد الصلح

كانت خيرب مدينة كبرية ذات حصون ومزارع على بعد مثانني ميال من املدينة يف جهة الشمال، وهي اآلن قرية يف مناخها بعض الوخامة . سبب الغزوة

سب وملا اطمأن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من أقوي أجنحة األحزاب الثالثة، وهو قريش، وأمن منه متاما بعد صلح احلديبية أراد أن حياإىل تبليغ اصلاجلناحني الباقيني ـ اليهود وقبائل جند ـ حىت يتم األمن والسالم، ويسود اهلدوء يف املنطقة، ويفرغ املسلمون من الصراع الدامي املتو

. رسالة اهلل والدعوة إليه . وال أوملا كانت خيرب هي وكرة الدس والتآمر ومركز االستفزازات العسكرية، ومعدن التحرشات وإثارة احلروب، كانت هي اجلديرة بالتفات املسلمني

يف ذواأما كون خيرب هبذه الصفة، فال ننسي أن أهل خيرب هم الذين حزبوا األحزاب ضد املسلمني، وأثاروا بين قريظة على الغدر واخليانة، مث أخيتهيأون سهماالتصاالت باملنافقني ـ الطابور اخلامس يف اجملتمع اإلسالمي ـ وبغطفان وأعراب البادية ـ اجلناح الثالث من األحزاب ـ وكانوا هم أنف

إىل للقتال، فألقوا املسلمني بإجراءاهتم هذه يف حمن متوصلة، حىت وضعوا خطة الغتيال النيب صلى اهلل عليه وسلم، وإزاء ذلك اضطر املسلمونيهود كان ال بعوث متواصلة، وإىل الفتك برأس هؤالء املتآمرين، مثل سالم بن أيب احلقيق، وأسري بن زارم، ولكن الواجب على املسلمني إزاء هؤالء

هت هذه انتأكرب من ذلك، وإمنا أبطأوا يف القيام هبذا الواجب ؛ ألن قوة أكرب وأقوي وألد وأعند منهم ـ وهي قريش ـ كانت جماهبة للمسلمني، فلما . اجملاهبة صفا اجلو حملاسبة هؤالء اجملرمني، واقرتب هلم يوم احلساب

اخلروج إىل خيرب . أقام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم باملدينة حني رجع من احلديبية ذا احلجة وبعض احملرم، مث خرج يف بقية احملرم إىل خيرب : قال ابن إسحاق

ل لكم هذه } : إن خيرب كانت وعدا وعدها اهلل تعاىل بقوله : قال املفسرون يعين صلح [ 20 : الفتح ] { وعدكم الله مغان كثرية تأخذونـها فـعج . احلديبية، وباملغان الكثرية خيرب

عدد اجليش اإلسالمي سيـقول } : فيهم قائال سلموملا كان املنافقون وضعفاء اإليان ختلفوا عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف غزوة احلديبية أمر اهلل تعاىل نبيه صلى اهلل عليه و

لوا كالم ا ه قل لن تـتبعونا كذلكم قال الله من قـبل فسيـقولون بل حتسدونـنا بل كانوا ال لل المخلفون إذا انطلقتم إىل مغان لتأخذوها ذرونا نـتبعكم يريدون أن يـبد . [ 15 : الفتح ] { يـفقهون إال قليال

. أربعمائةف و فلما أراد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم اخلروج إىل خيرب أعلن أال خيرج معه إال راغب يف اجلهاد، فلم خيرج إال أصحاب الشجرة وهم أل . منيـلة بن عبد اهلل الليثي، واألول أصح عند احملققني : واستعمل على املدينة سباع بن عرفطة الغفاري، وقال ابن إسحاق

، حىت قدم على ودهوبعد خروجه صلى اهلل عليه وسلم قدم أبو هريرة املدينة مسلما، فوايف سباع بن عرفطة يف صالة الصبح، فلما فرغ من صالته أيت سباعا فز . رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، وكلم املسلمني فأشركوه وأصحابه يف سهماهنم

اتصال املنافقني باليهودإن حممدا قصد قصدكم، وتوجه إليكم، فخذوا حذركم، وال ختافوا منه : وقد قام املنافقون يعملون لليهود، فقد أرسل رأس املنافقني عبد اهلل بن أيب إىل يهود خيرب

هوذة بن قيس إىل ق و فإن عددكم وعدتكم كثرية، وقوم حممد شرذمة قليلون، عزل، ال سالح معهم إال قليل، فلما علم ذلك أهل خيرب، أرسلوا كنانة بن أيب احلقي . غطفان يستمدوهنم ؛ ألهنم كانوا حلفاء يهود خيرب، ومظاهرين هلم على املسلمني، وشرطوا هلم نصف مثار خيرب إن هم غلبوا املسلمني

الطريق إىل خيربالرجيع، وكان بينه وبني : بالتحريك ـ مث على الصهباء، مث نزل على واد يقال له : وسلك رسول صلى اهلل عليه وسلم يف اجتاهه حنو خيرب جـبل عــصر ـ بالكسر، وقيل

املسلمني أغاروا على أن غطفان مسرية يوم وليلة، فتهيأت غطفان وتوجهوا إىل خيرب، إلمداد اليهود، فلما كانوا ببعض الطريق مسعوا من خلفهم حسا ولغطا، فظنوا . أهاليهم وأمواهلم فرجعوا، وخلوا بني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وبني خيرب

حسيل ـ ليداله على الطريق األحسن، حىت يدخل خيرب من جهة : مث دعا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الدليلني اللذين كانا يسلكان باجليش ـ وكان اسم أحدمها . الشمال ـ أي جهة الشام ـ فيحول بني اليهود وبني طريق فرارهم إىل الشام، كما حيول بينهم وبني غطفان

يا رسول اهلل، هذه طرق يكن الوصول من كل منها : أنا أدلك يا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فأقبل حىت انتهي إىل مفرق الطرق املتعددة وقال : قال أحدمهااسم اآلخر شاش، فامتنع منه أيضا، : اسم واحد منها حزن، فأيب النيب صلى اهلل عليه وسلم من سلوكه، قال : قال . إىل املقصد، فأمر أن يسمها له واحدا واحدا

. مرحب، فاختار النيب صلى اهلل عليه وسلم سلوكه : قال ؟ ما امسه : قال عمر . فما بقي إال واحد : اسم اآلخر حاطب، فامتنع منه أيضا، قال حسيل : وقال بعض ما وقع يف الطريق

1 ـ وكان عامر رجال شاعرا ـ فنزل حيدو بالقوم، يقول ؟ يا عامر، أال تسمعنا من هنيهاتك : خرجنا مع النيب صلى اهلل عليه وسلم إىل خيرب فسرنا ليال، فقال رجل من القوم لعامر : ـ عن سلمة بن األكوع قال : قنا وال صليـنـا ** اللهم لوال أنت ما اهتديـنا وال تصد وثبت األقدام إن القينـا ** فاغـفر فداء لك ما اقـتـفينا

إنا إذا صــيح بنا أبينــا ** وألـقني سكـينة عــلينا ** وبالصياح عولوا عــلينا

. وجبت يا نيب اهلل، لوال أمتعتنا به : قال رجل من القوم : ( يرمحه اهلل ) : عــامر بــن األكوع، قال : قــالوا ( من هذا السائق ) : فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم . وكانوا يعرفون أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ال يستغفر إلنسان خيصه إال استشهد ، وقد وقع ذلك يف حرب خيرب

لناس، مث قام إىل املغرب، فمضمض، ومضمض الناس، مث صلي ومل ا ـ وبالصهباء من أدين خيرب صلي النيب صلى اهلل عليه وسلم العصر، مث دعا باألزواد، فلم يؤت إال بالسويق، فأمر به فثري، فأكل وأكل 2 . يتوضأ ، مث صلي العشاء

اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب األرضني السبع وما أقللن، ورب الشياطني وما أضللن، ورب الرياح وما أذرين، فإنا نسألك ) : ، فوقــف اجليش، فــقال ( قفوا ) : ـ وملا دنا من خيرب وأشرف عليها قال 3 . ( خري هذه القرية، وخري أهلها، وخري ما فيها، ونعوذ بك من شر هذه القرية، وشر أهلها، وشر ما فيها، أقدموا، بسم اهلل

اجليش اإلسالمي إىل أسوار خيرب قوما بليل مل يقرهبم حىت يصبح، فلما أصبح صلي الفجر بغلس، وركب أيت وبات املسلمون الليلة األخرية اليت بدأ يف صباحها القتال قريبا من خيرب، وال تشعر هبم اليهود، وكان النيب صلى اهلل عليه وسلم إذا

اهلل ) : حممد، واهلل حممد واخلميس ، مث رجعوا هاربني إىل مدينتهم، فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم : املسلمون، فخرج أهل خيرب مبساحيهم ومكاتلهم، وال يشعرون، بل خرجوا ألرضهم، فلما رأوا اجليش قالوا . ( أكرب، خربت خيرب، اهلل أكرب، خربت خيرب، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح املنذرين

حصون خيرب : وكانت خيرب منقسمة إىل شطرين، شطر فيها مخسة حصون

. ـ حصن الصعب بن معاذ 2 . ـ حصن ناعم 1 . ـ حصن أيب 4 . ـ حصن قلعة الزبري 3 . ـ حصن النـزار 5

. وأما احلصنان اآلخران فيقعان يف منطقة تسمي بالشق ( النطاة ) : واحلصون الثالثة األويل منها كانت تقع يف منطقة يقال هلا : أما الشطر الثاين، ويعرف بالكتيبة، ففيه ثالثة حصون فقط

. [ وكان حصن بين أيب احلقيق من بين النضري ] ـ حصن القموص 1 . ـ حصن الوطيح 2 . ـ حصن السالمل 3

ويف خيرب حصون وقالع غري هذه الثمانية، إال أهنا كانت صغرية، ال تبلغ إىل درجة هذه القالع يف مناعتها وقوهتا . . والقتال املرير إمنا دار يف الشطر األول منها، أما الشطر الثاين فحصوهنا الثالثة مع كثرة احملاربني فيها سلمت دومنا قتال

معسكر اجليش اإلسالمييا رسول اهلل، أرأيت هذا املنزل أنزلكه اهلل، أم هو الرأي يف : وتقدم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حىت اختار ملعسكره منزال، فأتاه حباب بن املنذر، فقال

يا رسول اهلل، إن هذا املنزل قريب جدا من حصن نطاة، ومجيع مقاتلي خيرب فيها، وهم يدرون أحوالنا، وحنن ال ندري : فقال ( بل هو الرأي ) : قال ؟ احلربكان خال عن مب أحواهلم، وسهامهم تصل إلينا، وسهامنا ال تصل إليهم، وال نأمن من بياهتم، وأيضا هذا بني النخالت، ومكان غائر، وأرض وخيمة، لو أمرت

. ، مث حتول إىل مكان آخر ( الرأي ما أشرت ) : هذه املفاسد نتخذه معسكرا، قال صلى اهلل عليه وسلم التهيؤ للقتال وبشارة الفتح

ألعطني الراية غدا رجال حيب اهلل ورسوله وحيبه اهلل ) : بل بعد عدة حماوالت وحماربات ـ قال النيب صلى اهلل عليه وسلم : وملا كانت ليلة الدخول ـ وقيل ( ؟ أين علي بن أيب طالب ) : فلما أصبح الناس غدوا على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، كلهم يرجو أن يعطاها، فقال ( [ يفتح اهلل على يديه ] ورسوله،

، فأيت به فبصق رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف عينيه، ودعا له، فربئ، كأن مل يكن به وجع، ( فأرسلوا إليه ) : يا رسول اهلل، هو يشتكي عينيه، قال : فقالواانفذ على رسلك، حىت تنزل بساحتهم، مث ادعهم إىل اإلسالم، وأخربهم مبا جيب عليهم ) : يا رسول اهلل، أقاتلهم حىت يكونوا مثلنا، قال : فأعطاه الراية، فقال

. ( من حق اهلل فيه، فواهلل، ألن يهدي اهلل بك رجال واحدا خري لك من أن يكون لك محر النعم بدء املعركة وفتح حصن ناعم

. أما اليهود فإهنم ملا رأوا اجليش وفروا إىل مدينتهم حتصنوا يف حصوهنم، وكان من الطبيعي أن يستعدوا للقتال . وأول حصن هامجه املسلمون من حصوهنم الثمانية هو حصن ناعم

. وكان خط الدفاع األول لليهود ملكانه االسرتاتيجي، وكان هذا احلصن هو حصن مرحب البطل اليهودي الذي كان يعد باأللفملكهم مرحب، هم خرج علي بن أيب طالب رضي اهلل عنه باملسلمني إىل هذا احلصن، ودعا اليهود إىل اإلسالم، فرفضوا هذه الدعوة، وبرزوا إىل املسلمني ومع

: فلما أتينا خيرب خرج ملكهم مرحب خيطر بسيفه يقول : فلما خرج إىل ميدان القتال دعا إىل املبارزة، قال سلمة بن األكوع شاكي السالح بطل جمرب ** قد علمت خيرب أين مرحب

** إذا احلروب أقبلت تـلهب

فربز له عمي عامر فقال : شاكي السالح بطل مغامر ** قد علمت خيرب أين عامر

يفه فأصاب عني ركبته فمات منه، وقال فيه النيب صلى اهلل عليه ب سفاختلفا ضربتني، فوقع سيف مرحب يف ترس عمي عامر، وذهب عامر يسفل له، وكان سيفه قصريا، فتناول به ساق اليهودي ليضربه، فريجع ذبا . ( إن له ألجرين ـ ومجع بني إصبعيه ـ إنه جلاهد جماهد، قل عريب مشي هبا مثـله ) : وسلم

: ويبدو أن مرحبا دعا بعد ذلك إىل الرباز مرة أخري وجعل يرجتز بقوله : فقال علي : قال سلمة ابن األكوع . إخل، فربز له على بن أيب طالب . . . قد علمت خيرب أين مرحبنظره ** أنا الذي مستين أمي حيدره

كليث غابات كريه امل

ندره ** أوفيهم بالصاع كيل الس . فضرب رأس مرحب فقتله، مث كان الفتح على يديه

. علومت وما أنزل على موسى : أنا علي بن أيب طالب، فقال اليهودي : فقال ؟ من أنت : وملا دنا علي رضي اهلل عنه من حصوهنم اطلع يهودي من رأس احلصن، وقال . ، فقتله الزبري ( بل ابنك يقتله ) : يا رسول اهلل، يقتل ابين، قال : فربز إليه الزبري، فقالت صفية أمه ؟ من يبارز : مث خرج ياسر أخو مرحب، وهو يقول

صادر أن هذا القتال دام أياما القي املسلمون فيها مقاومة شديدة، إال امل ودار القتال املرير حول حصن ناعم، قتل فيه عدة سراة من اليهود، اهنارت ألجله مقاومة اليهود، وعجزوا عن صد هجوم املسلمني، ويؤخذ من . أن اليهود يئسوا من مقاومة املسلمني، فتسللوا من هذا احلصن إىل حصن الصعب، واقتحم املسلمون حصن ناعم

فتح حصن الصعب بن معاذفرضوا عليه احلصار ثالثة أيام، ويف اليوم الثالث، دعا رسول اهلل صلى ، فوكان حصن الصعب احلصن الثاين من حيث القوة واملناعة بعد حصن ناعم، قام املسلمون باهلجوم عليه حتت قيادة احلباب بن املنذر األنصاري

. اهلل عليه وسلم لفتح هذا احلصن دعوة خاصةاللهم إنك قد عرفت حاهلم، وأن ليست هبم قوة، وأن ليس بيدي شيء أعطيهم إياه، ) : لقد جهدنا، وما بأيدينا من شيء، فقال : روي ابن إسحاق أن بين سهم من أسلم أتوا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فقالوا

. فغدا الناس ففتح اهلل عز وجل حصن الصعب بن معاذ، وما خبيرب حصن كان أكثر طعاما وودكا منه . ( فافتح عليهم أعظم حصوهنا عنهم غناء، وأكثرها طعاما وودكاأمام احلصن، مث فتح احلصن يف ذلك اليوم قبل أن تغرب الشمس، ووجد فيه تالوملا ندب النيب صلى اهلل عليه وسلم املسلمني بعد دعائه ملهامجة هذا احلصن كان بنو أسلم هم املقادمي يف املهامجة، ودار الرباز والق

. املسلمون بعض املنجنيقات والدبابات . علم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بذلك هني عن حلوم احلمر اإلنسيةما وألجل هذه اجملاعة الشديدة اليت ورد ذكرها يف رواية ابن إسحاق، كان رجال من اجليش قد ذحبوا احلمري، ونصبوا القدور على النريان، فل

فتح قلعة الزبريجال لصعوبته وامتناعه، ففرض عليه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم احلصار، الر وبعد فتح حصن ناعم والصعب حتول اليهود من كل حصون النطاة إىل قلعة الزبري، وهو حصن منيع يف رأس قـلة ، ال تقدر عليه اخليل و

متنعون منك، فإن قطعت فييا أبا القاسم، إنك لو أقمت شهرا ما بالوا، إن هلم شرابا وعيونا حتت األرض، خيرجون بالليل ويشربون منها، مث يرجعون إىل قلعتهم : وأقام حماصرا ثالثة أيام، فجاء رجل من اليهود، وقال . يه وسلمعلفقطع ماءهم عليهم، فخرجوا فقاتلوا أشد القتال، قتل فيه نفر من املسلمني، وأصيب حنو العشرة من اليهود، وافتتحه رسول اهلل صلى اهلل . مشرهبم عليهم أصحروا لك

فتح قلعة أيب

املبارزة، وقد قتلهما أبطال املسلمني، وكان طلبوبعد فتح قلعة الزبري انتقل اليهود إىل قلعة أيب وحتصنوا فيه، وفرض املسلمون عليهم احلصار، وقام بطالن من اليهود واحد بعد اآلخر بوقد أسرع أبو دجانة بعد قتله إىل اقتحام القلعة، واقتحم معه اجليش اإلسالمي، . الذي قتل املبارز الثاين هو البطل املشهور أبو دجانة مساك بن خرشة األنصاري صاحب العصابة احلمراء

. وجري قتال مرير ساعة داخل احلصن، مث تسلل اليهود من القلعة، وحتولوا إىل حصن النزار آخر حصن يف الشطر األول فتح حصن النـزار

يف هذا السبيل، ولذلك أقاموا يف هم كان هذا احلصن أمنع حصون هذا الشطر، وكان اليهود على شبه اليقني بأن املسلمني ال يستطيعون اقتحام هذه القلعة، وإن بذلوا قصاري جهد . هذه القلعة مع الذراري والنساء، بينما كانوا قد أخلوا منها القالع األربعة السابقة

أما اليهود فلم جيرتئوا . حام فيهقتوفرض املسلمون على هذا احلصن أشد احلصار، وصاروا يضغطون عليهم بعنف، ولكون احلصن يقع على جبل مرتفع منيع مل يكونوا جيدون سبيال لال . للخروج من احلصن، ولالشتباك مع قوات املسلمني، ولكنهم قاوموا املسلمني مقاومة عنيدة برشق النبال، وبإلقاء احلجارة

فأوقعوا اخللل يف جدران احلصن، ئف،وعندما استعصى حصن النزار على قوات املسلمني، أمر النيب صلى اهلل عليه وسلم بنصب آالت املنجنيق، ويبدو أن املسلمني قذفوا به القذان احلصون األخري، بل فروا من هذا احلصن ا مواقتحموه، ودار قتال مرير يف داخل احلصن اهنزم أمامه اليهود هزية منكرة، وذلك ألهنم مل يتمكنوا من التسلل من هذا احلصن كما تسللو

. تاركني للمسلمني نساءهم وذراريهماليهود مبجرد فتح هذا احلصن املنيع أخلوا هذه أن وبعد فتح هذا احلصن املنيع مت فتح الشطر األول من خيرب، وهي ناحية النطاة والشق، وكانت يف هذه الناحية حصون صغرية أخري إال

. احلصون، وهربوا إىل الشطر الثاين من بلدة خيرب فتح الشطر الثاين من خيرب

حصن بين أيب احلقيق من بين النضري، وحصن الوطيح والسالمل، وجاءهم : وملا أمت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فتح ناحية النطاة والشق، حتول إىل أهل الكتيبة اليت هبا حصن القموص . كل فل كان اهنزم من النطاة والشق، وحتصن هؤالء أشد التحصن

فسياق ابن إسحاق صريح يف جريان القتال لفتح حصن القموص، بل يؤخذ من سياقه أن هذا ؟ واختلف أهل املغازي هل جري هناك قتال يف أي حصن من حصوهنا الثالثة أم ال . احلصن مت فتحه بالقتال فقط من غري أن جيري هناك مفاوضة لالستسالم

ص بعد إدارة القتال، وأما احلصنان قمو أما الواقدي، فيصرح متام التصريح أن قالع هذا الشطر الثالث إمنا أخذت بعد املفاوضة، ويكن أن تكون املفاوضة قد جرت الستالم حصن ال . اآلخران فقد سلما إىل املسلمني دومنا قتال

ا، واليهود ال خيرجون من حصوهنم، حىت هم يوم ومهما كان، فلما أيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إىل هذه الناحية ـ الكتيبة ـ فرض على أهلها أشد احلصار، ودام احلصار أربعة عشر . رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن ينصب عليهم املنجنيق، فلما أيقنوا باهللكة سألوا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الصلح

املفاوضة

فنزل، وصاحل على حقن دماء من يف حصوهنم من املقاتلة، وترك ( نعم ) : قال ؟ أنزل فأكلمك : وأرسل ابن أيب احلقيق إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،البيضاء ـ أي ء و الذرية هلم، وخيرجون من خيرب وأرضها بذراريهم، وخيلون بني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وبني ما كان هلم من مال وأرض، وعلى الصفرا

، ( وبرئت منكم ذمة اهلل وذمة رسوله إن كتمتموين شيئا ) : الذهب والفضة ـ والكراع واحللقة إال ثوبا على ظهر إنسان ، فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم . فصاحلوه على ذلك ، وبعد هذه املصاحلة مت تسليم احلصون إىل املسلمني، وبذلك مت فتح خيرب

قتل ابين أيب احلقيق لنقض العهد . ت النضريجليوعلى رغم هذه املعاهدة غيب ابنا أيب احلقيق ماال كثريا، غيبا مسكا فيه مال وحلي حليي بن أخطب، كان احتمله معه إىل خيرب حني أ

وأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بكنانة الربيع، وكان عنده كنز بين النضري، فسأله عنه، فجحد أن يكون يعرف مكانه، فأيت رجل من : قال ابن إسحاقنعم، فأمر : قال ( ؟ أرأيت إن وجدناه عندك أأقتلك ) : إين رأيت كنانة يطيف هبذه اخلربة كل غداة، فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لكنانة : اليهود فقال

عذبه حىت نستأصل ما عنده، فكان الزبري يقدح بزند : فدفعه إىل الزبري، وقال . باخلربة، فحفرت، فأخرج منها بعض كنزهم، مث سأله عما بقي، فأيب أن يؤديهت حت يف صدره حىت أشرف على نفسه، مث دفعه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إىل حممد بن مسلمة، فضرب عنقه مبحمود بن مسلمة ـ وكان حممود قتل

. جدار حصن ناعم، ألقي عليه الرحي، وهو يستظل باجلدار فمات ـ . وذكر ابن القيم أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أمر بقتل ابين أيب احلقيق، وكان الذي اعرتف عليهما بإخفاء املال هو ابن عم كنانة

. وسيب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم صفية بنت حيي بن أخطب، وكانت حتت كنانة بن أيب احلقيق، وكانت عروسا حديثة عهد بالدخول قسمة الغنائم

يا حممد، دعنا نكون يف هذه األرض، نصلحها، ونقوم عليها، فنحن أعلم هبا منكم، : وأراد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن جيلي اليهود من خيرب، فقالواالشطر من كل هلمومل يكن لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وال ألصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا ال يفرغون حىت يقوموا عليها، فأعطاهم خيرب على أن

. زرع، ومن كل مثر، ما بدا لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يقرهم، وكان عبد اهلل بن رواحة خيرصه عليهملمني ملسوقسم أرض خيرب على ستة وثالثني سهما، مجع كل سهم مائة سهم، فكانت ثالثة آالف وستمائة سهم، فكان لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وا

، لنوائبه سهمالنصف من ذلك وهو ألف ومثامنائة سهم، لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم سهم كسهم أحد املسلمني، وعزل النصف اآلخر، وهو ألف ومثامنائة ا ألفا انو وما يتنزل به من أمور املسلمني، وإمنا قسمت على ألف ومثامنائة سهم ألهنا كانت طعمة من اهلل ألهل احلديبية من شهد منهم ومن غاب، وك

. وأربعمائة، وكان معهم مائتا فرس، لكل فرس سهمان، فقسمت على ألف ومثامنائة سهم، فصار للفارس ثالثة أسهم، وللراجل سهم واحد

ما شبعنا حىت فتحنا خيرب، وما رواه عن عائشة قالت : ويدل على كثرة مغان خيرب ما رواه البخاري عن ابن عمر قال : اآلن نشبع من التمر ، وملا رجع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إىل املدينة رد املهاجرون إىل : ملا فتحت خيرب قلنا

. األنصار منائحهم اليت كانوا منحوهم إياها من النخيل حني صار هلم خبيرب مال وخنيل قدوم جعفر بن أيب طالب واألشعريني

. ويف هذه الغزوة قدم عليه ابن عمه جعفر بن أيب طالب وأصحابه، ومعهم األشعريون أبو موسى وأصحابهبلغنا خمرج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وحنن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه ـ أنا وأخوان يل ـ يف : قال أبو موسي

بضع ومخسني رجال من قومي، ركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إىل النجاشي باحلبشة، فوافقنا جعفرا وأصحابه عنده، إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعثنا وأمرنا باإلقامة، فأقيموا معنا، فأقمنا معه حىت قدمنا فوافقنا رسول اهلل : فقال

صلى اهلل عليه وسلم حني فتح خيرب، فأسهم لنا، وما قسم ألحد غاب عن فتح خيرب شيئا إال ملن شهد معه، إال . ألصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم هلم معهم

بفتح خيرب ؟ واهلل ما أدري بأيهما أفرح ) : وملا قدم جعفر على النيب صلى اهلل عليه وسلم تلقاه وقـبل ما بني عينيه وقال . ( أم بقدوم جعفر

وكان قدوم هؤالء على أثر بعث الرسول صلى اهلل عليه وسلم إىل النجاشي عمرو بن أمية الضمري يطلب توجيههم إليه، فأرسلهم النجاشي على مركبني، وكانوا ستة عشر رجال، معهم من بقي من نسائهم وأوالدهم، وبقيتهم جاءوا إىل

. املدينة قبل ذلك

وهذه املعركة أكرب لقاء مثخن، وأعظم حرب دامية خاضها املسلمون يف حياة رسول اهللصلى اهلل عليه وسلم، وهي مقدمة ومتهيد لفتوح بلدان النصاري، وقعت يف مجادي األويل

. م 926هـ، وفق أغسطس أو سبتمرب سنة 8سنة . هي قرية بأدين بلقاء الشام، بينها وبني بيت املقدس مرحلتان ( بالضم فالسكون ) ومؤتة

سبب املعركةوسبب هذه املعركة أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعث احلارث بن عمري األزدي

فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساين ـ وكان عامال على البلقاء . بكتابه إىل عظيم بصري . من أرض الشام من قبل قيصر ـ فأوثقه رباطا، مث قدمه، فضرب عنقه

وكان قتل السفراء والرسل من أشنع اجلرائم، يساوي بل يزيد على إعالن حالة احلرب، فاشتد ذلك على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حني نقلت إليه األخبار، فجهز إليهم

جيشا قوامه ثالثة آالف مقاتل ، وهو أكرب جيش إسالمي مل جيتمع قبل ذلك إال يف غزوة . األحزاب

إن قتل زيد ) : أمر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على هذا البعث زيد بن حارثة، وقال، وعقد هلم لواء أبيض، ودفعه إىل زيد بن ( فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد اهلل بن رواحة

. حارثةوحترك اجليش اإلسالمي يف اجتاه الشمال حىت نزل معان، من أرض الشام، مما يلي احلجاز الشمإىل، وحينئذ نقلت إليهم االستخبارات بأن هرقل نازل مبآب من أرض البلقاء يف مائة

. ألف من الروم، وانضم إليهم من خلم وجذام وبـلقني وبـهراء وبلي مائة ألفوقد قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يوم مؤتة ـ خمربا بالوحي، قبل أن يأيت إىل الناس

أخذ الراية زيد فأصيب، مث أخذ جعفر فأصيب، مث أخذ ابن ) : اخلرب من ساحة القتالرواحة فأصيب ـ وعيناه تذرفان ـ حىت أخذ الراية سيف من سيوف اهلل، حىت فتح اهلل

. ( عليهم

ويظهر بعد النظر يف مجيع الروايات أن خالد بن الوليد جنح يف الصمود أمام جيش الرومانوكان يشعر مبسيس احلاجة إىل مكيدة حربية تلقي . طول النهار، يف أول يوم من القتال

الرعب يف قلوب الرومان حىت ينجح يف االحنياز باملسلمني من غري أن يقوم الرومان حبركات فقد كـان يعرف جيدا أن اإلفالت من براثنهم صعب جدا لو انكشف املسلمون، . املطاردة

. وقام الرومان باملطاردةفلما أصبح اليوم الثاين غري أوضاع اجليش، وعبأه من جديد، فجعل مقدمته ساقه، وميمنته

جاءهم مدد، فرعبوا، : ميسرة، وعلى العكس، فلما رآهم األعداء أنكروا حاهلم، وقالواوصار خالد ـ بعد أن تراءي اجليشان، وتناوشا ساعة ـ يتأخر باملسلمني قليال قليال، مع

حفظ نظام جيشه، ومل يتبعهم الرومان ظنا منهم أن املسلمني خيدعوهنم، وحياولون القيام . مبكيدة ترمي هبم يف الصحراء

وهكذا احناز العدو إىل بالده، ومل يفكر يف القيام مبطاردة املسلمني وجنح املسلمون يف . االحنياز ساملني، حىت عادوا إىل املدينة

واستشهد يومئذ من املسلمني اثنا عشر رجال، أما الرومان، فلم يعرف عدد قتالهم، غري . أن تفصيل املعركة يدل على كثرهتم

أثر املعركةوهذه املعركة وإن مل حيصل املسلمون هبا على الثأر، الذي عانوا مرارهتا ألجله، لكنها كانت كبرية األثر لسمعة املسلمني، إهنا ألقت العرب كلها يف الدهشة واحلرية، فقد كانت الرومان أكرب وأعظم قوة على وجه األرض، وكانت العرب تظن أن معين جالدها هو القضاء على

النفس وطلب احلتف بالظلف، فكان لقاء هذا اجليش الصغري ـ ثالثة آالف مقاتل ـ مع ذلك اجليش الضخم العرمرم الكبري ـ مائتا ألف مقاتل ـ مث الرجوع عن الغزو من غري أن

كان كل ذلك من عجائب الدهر، وكان يؤكد أن املسلمني من . تلحق به خسارة تذكرطراز آخر غري ما ألفته العرب وعرفته، وأهنم مؤيدون ومنصورون من عند اهلل، وأن صاحبهم

ولذلك نري القبائل اللدودة اليت كانت ال تزال تثور على املسلمني جنحت . رسول اهلل حقا . بعد هذه املعركة إىل اإلسالم، فأسلمت بنو سليم وأشجع وغطفان وذبـيان وفـزارة وغريها

الفتح األعظم الذي أعز اهلل به دينه ورسوله وجنده وحزبه األمـني، واستنقذ به بلــده وبيته الذي جعله هدي للعاملني، من أيديالكفار واملشركني، وهو الفتح الذي استبشر بـه أهـل السمـاء، وضـربت أطناب عزه على مناكب اجلوزاء، ودخل الناس به فــي ديــن

. هـ . اهلل أفواجـا، وأشرق به وجه األرض ضياء وابتهاجا ا سبب الغزوة

قدمنا يف وقعة احلديبية أن بندا من بنود هذه املعاهدة يفيد أن من أحب أن يدخل يف عقد حممد صلى اهلل عليه وسلم وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل يف عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وأن القبيلة اليت تنضم إىل أي الفريقني تعترب جزءا من ذلك الفريق،

. فأي عدوان تتعرض له أي من تلك القبائل يعترب عدوانا على ذلك الفريقوحسب هذا البند دخلت خزاعة يف عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، ودخلت بنو بكر يف عهد قريش، وصارت كل من

القبيلتني يف أمن من األخري، وقد كانت بني القبيلتني عداوة وتوترات يف اجلاهلية، فلما جاء اإلسالم، ووقعت هذه اهلدنة، وأمن يلي يف مجاعة من بين كل فريق من اآلخر ـ اغتنمها بنو بكر، وأرادوا أن يصيبوا من خزاعة الثأر القدمي، فخرج نـوفل بن معاوية الد

فأصابوا منهم رجاال، وتناوشوا واقتتلوا، [ الوتري ] : هـ، فأغاروا على خزاعة ليال، وهم على ماء يقال له 8بكر يف شهر شعبان سنة وأعانت قريش بين بكر بالسالح، وقاتل معهم رجال من قريش مستغلني ظلمة الليل، حىت حازوا خزاعة إىل احلرم، فلما انتهوا إليه

فلعمري إنكم . ال إله اليوم يا بين بكر، أصيبوا ثأركم : يا نوفل، إنا قد دخلنا احلرم، إهلك إهلك، فقال كلمة عظيمة : قالت بنو بكر ؟ لتسرقون يف احلرم، أفال تصيبون ثأركم فيه

. رافع : وملا دخلت خزاعة مكة جلأوا إىل دار بديل بن ورقاء اخلزاعي، وإىل دار مويل هلم يقال لهوأسرع عمرو بن سامل اخلزاعي، فخرج حىت قدم على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم املدينة، فوقف عليه، وهو جالس يف املسجد

: بني ظهراين الناس فقال

مث عرضت له سحابة من السماء، ( نصرت يا عمرو بن سامل ) : فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ، . ( إن هذه السحابة لتستهل بنصر بين كعب ) : فقال

مث خرج بديل بن ورقاء اخلزاعي يف نفر من خزاعة، حىت قدموا على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم املدينة، . فأخربوه مبن أصيب منهم، ومبظاهرة قريش بين بكر عليهم، مث رجعوا إىل مكة

يؤخذ من رواية الطرباين أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أمر عائشة ـ قبل أن يأيت إليه خرب نقض امليثاقواهلل ما : قالت ؟ يابنية، ما هذا اجلهاز : بثالثة أيام ـ أن جتهزه، وال يعلم أحد، فدخل عليها أبو بكر، فقال

واهلل ال علم يل، ويف صباح : قالت ؟ واهلل ما هذا زمان غزو بين األصفر، فأين يريد رسول اهلل : فقال . أدريفعلم الناس . األبيات . . . يا رب إين ناشد حممدا : الثالثة جاء عمرو بن سامل اخلزاعي يف أربعني راكبا، وارجتز

بنقض امليثاق، وبعد عمرو جاء بديل، مث أبو سفيان، وتأكد عند الناس اخلرب، فأمرهم رسول اهلل صلى اهلل اللهم خذ العيون واألخبار عن قريش حىت نبغتها ) : عليه وسلم باجلهاز، وأعلمهم أنه سائر إىل مكة، وقال

. ( يف بالدهاوزيادة يف اإلخفاء والتعمية بعث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم سرية قوامها مثانية رجال، حتت قيادة أيب قتادة بن ربعي، إىل بطن إضم، فيما بني ذي خشب وذي املروة، على ثالثة بـرد من املدينة، يف أول شهر

هـ ؛ ليظن الظان أنه صلى اهلل عليه وسلم يتوجه إىل تلك الناحية، ولتذهب بذلك األخبار، 8رمضان سنة وواصلت هذه السرية سريها، حىت إذا وصلت حيثما أمرت بلغها أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم خرج

. إىل مكة، فسارت إليه حىت حلقته

حاطب بن أيب بـلتـعة إىل قريش كتابا خيربهم مبسري رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إليهم، مث أعطاه وكتبامرأة، وجعل هلا جعال على أن تبلغه قريشا، فجعلته يف قرون رأسها، مث خرجت به، وأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم اخلرب من السماء مبا صنع حاطب، فبعث عليا واملقداد والزبري بن العوام وأبا مرثد الغنوي

، فانطلقوا تعادي هبم خيلهم ( انطلقوا حىت تأتوا روضة خاخ، فإن هبا ظعينة معها كتاب إىل قريش ) : فقالما معي كتاب، ففتشوا رحلها فلم : فقالت ؟ معك كتاب : حىت وجدوا املرأة بذلك املكان، فاستنـزلوها، وقالوا

أحلف باهلل، ما كذب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وال كذبنا، واهلل لتخرجن : فقال هلا علي . جيدوا شيئا أعرض، فأعرض، فحلت قرون رأسها، فاستخرجت : فلما رأت اجلد منه قالت . الكتاب أو لنجردنك

من حاطب بن أيب بلتعة ) : الكتاب منها، فدفعته إليهم، فأتوا به رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فإذا فيهخيربهم مبسري رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فدعا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حاطبا، ( إىل قريش

واهلل إين ملؤمن باهلل ورسوله، وما ارتددت وال . ال تـعجل على يا رسول اهلل : فقال ( ؟ ما هذا يا حطب ) : فقالبدلت، ولكين كنت امرأ ملصقـا يف قريش ؛ لست من أنـفسهم، ويل فيهم أهل وعشرية وولد، وليس يل

فيهم قرابة حيموهنم، وكان من معك له قرابات حيموهنم، فأحببت إذ فاتين ذلك أن أختذ عندهم يدا حيمون دعين يا رسول اهلل أضرب عنقه، فإنه قد خان اهلل ورسوله، وقد نافق، : فقال عمر بن اخلطاب . هبا قرابيت

إنه قد شهد بدرا، وما يدريك يا عمر لعل اهلل قد اطلع على أهل ) : فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم . اهلل ورسوله أعلم : ، فذرفت عينا عمر، وقال ( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم : بدر فقال

وهكذا أخذ اهلل العيون، فلم يبلغ إىل قريش أي خرب من أخبار جتهز املسلمني وهتيئهم للزحف والقتال . اجليش اإلسالمي يتحرك حنو مكة

هـ، غادر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم املدينة متجها إىل مكــة، 8ولعشر خلون من شهر رمضان املبارك . يف عشرة أالف من الصحابة رضي اهلل عنهم، واستخـلف على املدينة أبا رهم الغفاري

وملا كان باجلحفة ـ أو فوق ذلك ـ لقيه عمه العباس بن عبد املطلب، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلما مهاجرا، مث ملا كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم باألبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان ابن احلارث وابن عمته

ال : عبد اهلل بن أيب أمية، فأعرض عنهما، ملا كان يلقاه منهما من شدة األذي واهلجو، فقالت له أم سلمةائت رسول اهلل صلى اهلل : وقال على أليب سفيان بن احلارث . يكن ابن عمك وابن عمتك أشقي الناس بك

نا وإن كنا } : عليه وسلم من قبل وجهه، فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف قالوا تالله لقد آثـرك الله عليـففعل ذلك أبو سفيان، فقال له . ، فإنه ال يرضي أن يكون أحد أحسن منه قوال [ 91 : يوسف ] { خلاطئني

قال ال تـثـريب عليكم اليـوم يـغفر الله لكم وهو أرحم } : رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم : ، فأنشده أبو سفيان أبياتا منها [ 92 : يوسف ] { الرامحني

. ( ؟ أنت طردتين كل مطرد ) : فضرب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم صدره وقال

اجليش اإلسالمي ينزل مبر الظهران وواصل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم سريه وهو صائم، والناس صيام، حىت بلغ الكديد ـ وهو ماء بني عسفان وقديد

مث واصل سريه حىت نزل مبر الظهران ـ وادي فاطمة ـ نزله عشاء، فأمر اجليش، فأوقدوا . ـ فأفطر، وأفطر الناس معه النريان، فأوقدت عشرة آالف نار، وجعل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على احلرس عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه

أبو سفيان بني يدي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلموركب العباس ـ بعد نزول املسلمني مبر الظهران ـ بغلة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم البيضاء، وخرج يلتمس، لعله جيد

. بعض احلطابة أو أحدا خيرب قريشا ليخرجوا يستأمنون رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قبل أن يدخلهاوكان اهلل قد عمي األخبار عن قريش، فهم على وجل وترقب، وكان أبو سفيان خيرج يتجسس األخبار، فكان قد

. خرج هو وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء يتجسسون األخبارواهلل إين ألسري عليها ـ أي على بغلة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ـ إذ مسعت كالم أيب سفيان وبديل : قال العباس

هذه واهلل : يقول بديل : قال . ما رأيت كالليلة نريانا قط وال عسكرا : بن ورقاء، ومها يرتاجعان، وأبو سفيان يقول . خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نرياهنا وعسكرها : خزاعة، محشتها احلرب، فيقول أبو سفيان

فداك أيب ؟ مالك : قال . نعم : قلت ؟ أبا الفضل : فعرف صويت، فقال ؟ أبا حنظلة : فعرفت صوته، فقلت : قال العباس . هذا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف الناس، واصباح قريش واهلل : قلت . وأميواهلل لئن ظفر بك ليضربن عنقك، فاركب يف عجز هذه البغلة، حىت آيت بك : ، قلت ؟ فما احليلة فداك أيب وأمي : قال

. رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فأستأمنه لك، فركب خلفي، ورجع صاحباه

فإذا رأوا بغلة رسول اهلل صلى اهلل عليه ؟ من هذا : فجئت به، فكلما مررت به على نار من نريان املسلمني، قالوا : قالمن : حىت مررت بنار عمر بن اخلطاب فقال . عم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على بغلته : وسلم وأنا عليها قالوا

احلمد هلل الذي أمكن منك بغري ؟ أبو سفيان، عدو اهلل : وقام إىل، فلما رأي أبا سفيان على عجز الدابة قال ؟ هذاعقد وال عهد، مث خرج يشتد حنو رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، وركضت البغلة فسبقت، فاقتحمت عن البغلة،

يا رسول اهلل، هذا أبو سفيان فدعين أضرب : فدخلت على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، ودخل عليه عمر، فقال : يا رسول اهلل، إين قد أجرته، مث جلست إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فأخذت برأسه، فقلت : قلت : عنقه، قال

مهال يا عمر، فواهلل لو كان من رجال بين عدي بن : واهلل ال يناجيه الليلة أحد دوين، فلما أكثر عمر يف شأنه قلتمهال يا عباس، فواهلل إلسالمك كان أحب إىل من إسالم اخلطاب، لو أسلم، وما يب : كعب ما قلت مثل هذا، قال

. إال أين قد عرفت أن إسالمك كان أحب إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من إسالم اخلطاب، فذهبت، فلما ( اذهب به يا عباس إىل رحلك، فإذا أصبحت فأتين به ) : فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم

وحيك يا أبا سفيان، أمل يأن لك أن تعلم أن ) : أصبحت غدوت به إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فلما رآه قاللقد ظننت أن لو كان مع اهلل إله غريه لقد أغين ؟ بأيب أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك : قال ( ؟ ال إله إال اهلل . عين شيئا بعد

بأيب أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك : ، قال ( ؟ وحيك يا أبا سفيان، أمل يأن لك أن تعلم أين رسول اهلل ) : قالوحيك أسلم، واشهد أن ال إله إال اهلل، وأن : فقال له العباس . أما هذه فإن يف النفس حىت اآلن منها شيء : وأوصلك

. حممدا رسول اهلل، قبل أن تضرب عنقك، فأسلم وشهد شهادة احلق

نعم، من دخل دار أيب سفيان فهو ) : قال . يا رسول اهلل، إن أبا سفيان رجل حيب الفخر فاجعل له شيئا : قال العباس . ( آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل املسجد احلرام فهو آمن

اجليش اإلسالمي يغادر مر الظهران إىل مكةهـ ـ غادر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم 8ويف هذا الصباح ـ صباح يوم الثالثاء للسابع عشر من شهر رمضان سنة

مر الظهران إىل مكة، وأمر العباس أن حيبس أبا سفيان مبضيق الوادي عند خطم اجلبل، حىت متر به جنود اهلل فرياها، مإىل : فيقول ـ مثال ـ سليم، فيقول ؟ يا عباس، من هذه : ففعل، فمرت القبائل على راياهتا، كلما مرت به قبيلة قال

حىت نفذت القبائل، ما متر ؟ ما يل وملزينة : مزيـنة، فيقول : فيقول ؟ يا عباس، من هؤالء : مث متر به القبيلة فيقول ؟ ولسليمحىت مر به رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف كتيبته ؟ مايل ولبين فالن : به قبيلة إال سأل العباس عنها، فإذا أخربه قال

: قال ؟ يا عباس، من هؤالء ! سبحان اهلل : اخلضراء، فيها املهاجرون واألنصار، ال يري منهم إال احلدق من احلديد، قالواهلل يا أبا : مث قال . ما ألحد هبؤالء قبل وال طاقة : هذا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف املهاجرين واألنصار، قال

. فنعم إذن : يا أبا سفيان، إهنا النبوة، قال : قال العباس . الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما اليوم يوم امللحمة، اليوم تستحل احلرمة، اليـوم : وكانت راية األنصار مع سعد بن عبادة، فلما مر بأيب سفيان قال له

؟ يا رسول اهلل، أمل تسمع ما قال سعد : فلما حـاذي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أبا سفيان قال . أذل اهلل قـريشا يا رسول اهلل، ما نأمن أن يكون له يف : فقال عثمان وعبد الرمحن بن عوف . قال كذا وكذا : فقال ( ؟ وما قال ) : قال

مث ( بل اليوم يوم تـعظم فيه الكعبة، اليوم يوم أعز اهلل فيه قريشا ) : قريش صولة، فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم . بل دفعه إىل الزبري : وقيل . أرسل إىل سعد فنزع منه اللواء، ودفعه إىل ابنه قيس، ورأي أن اللواء مل خيرج عن سعد

قريش تباغت زحف اجليش اإلسالمي فأسرع أبو سفيان حىت . النجاء إىل قومك : وملا مر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بأيب سفيان ومضي قال له العباس

فمن دخل دار أيب . يا معشر قريش، هذا حممد، قد جاءكم فيما ال قبل لكم به : دخل مكة، وصرخ بأعلى صوتهاقتلوا احلميت الدسم األمخش الساقني، : فقامت إليه زوجته هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت . سفيان فهو آمن

. قـبح من طليعة قومويلكم، التغرنكم هذه من أنفسكم، فإنه قد جاءكم مبا ال قبل لكم به، فمن دخل دار أيب سفيان : قال أبو سفيان

. ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل املسجد فهو آمن : قال ؟ قاتلك اهلل، وما تغين عنا دارك : قالوا . فهو آمننقدم هؤالء، فإن كان لقريش شيء كنا معهم، وإن : فتفرق الناس إىل دورهم وإىل املسجد، ووبشوا أوباشا هلم، وقالوا

فتجمع سفهاء قريش وأخفاؤها مع عكرمة بن أيب جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن . أصيبوا أعطينا الذي سئلناوكان فيهم رجل من بين بكر ـ محاس بن قيس ـ كان يعد قبل ذلك سالحا، فقالت . عمرو باخلندمة ليقاتلوا املسلمني

إين واهلل ألرجو أن : قال . واهلل ما يقوم حملمد وأصحابه شيء : قالت . حملمد وأصحابه : قال ؟ ملاذا تعد ما أري : له امرأته : أخدمك بعضهم، مث قال هــذا ســالح كامــل وأله ** إن يقبلوا اليوم فمايل عله ** وذو غرارين سريع السلة

. فكان هذا الرجل فيمن اجتمعوا يف اخلندمة

اجليش اإلسالمي بذي طوى أما رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فمضي حىت انتهي إىل ذي طوي ـ وكان يضع رأسه تواضعا هلل حني رأي ما أكرمه جنبة

اهلل به من الفتح، حىت أن شعر حليته ليكاد يس واسطة الرحل ـ وهناك وزع جيشه، وكان خالد بن الوليد على امل

نة وقبائل من قبائل العرب ـ فأمره أن يدخل مكة من أسفلها، اليمين ـ وفيها أسلم وسليم وغفار ومزيـنة وجهيـ . ( إن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصدا، حىت توافوين على الصفا ) : وقال

جنبة اليسري، وكان معه راية رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فأمره أن يدخل مكة من وكان الزبري بن العوام على امل

. أعالها ـ من كداء ـ وأن يغرز رايته باحلجون، وال يربح حىت يأتيهوكان أبو عبيدة على الرجالة واحلسر ـ وهم الذمي السالح معهم ـ فأمره أن يأخذ بطن الوادي حىت ينصب ملكة بني

. يدي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم اجليش اإلسالمي يدخل مكة

. وحتركت كل كتيبة من اجليش اإلسالمي على الطريق اليت كلفت الدخول منهاوقتل من أصحابه من املسلمني كرز بن جابر الفهري . فأما خالد وأصحابه فلم يلقهم أحد من املشركني إال أناموه

كانا قد شذا عن اجليش، فسلكا طريقا غري طريقه فقتال مجيعا، وأما سفهاء قريش فلقيهم . وخنـيس بن خالد بن ربيعةخالد وأصحابه باخلندمة فناوشوهم شيئا من قتال، فأصابوا من املشركني اثين عشر رجال، فاهنزم املشركون، واهنزم محاس

. أغلقي على بايب : بن قيس ـ الذي كان يعد السالح لقتال املسلمني ـ حىت دخل بيته، فقال المرأته : فقال ؟ وأين ما كنت تقول : فقالت

وأقبل خالد جيوس مكة حىت واىف رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على الصفا . وأما الزبري فتقدم حىت نصب راية رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم باحلجون عند مسجد الفتح، وضرب له هناك قبة، فلم يربح حىت

. جاءه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم

الرسول صلى اهلل عليه وسلم يدخل املسجد احلرام ويطهره من األصناممث هنض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، واملهاجرون واألنصار بني يديه وخلفه وحوله، حىت دخل املسجد، فأقبل إىل احلجر

جاء احلق } : األسود، فاستلمه، مث طاف بالبيت، ويف يده قوس، وحول البيت ثالمثائة وستون صنما، فجعل يطعنها بالقوس، ويقولواألصنام تتساقط على [ 49 : سبأ ] { قل جاء احلق وما يـبدئ الباطل وما يعيد } ، [ 81 : اإلسراء ] { وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا

. وجوههاوكان طوافه على راحلته، ومل يكن حمرما يومئذ، فاقتصر على الطواف، فلما أكمله دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة،

فأمر هبا ففتحت فدخلها، فرأي فيها الصور، ورأي فيها صورة إبراهيم، وإمساعيل ـ عليهما السالم ـ يستقسمان باألزالم، . ورأي يف الكعبة محامة من عيدان، فكسرها بيده، وأمر بالصور فمحيت . ( قاتلهم اهلل، واهلل ما استقسما هبا قط ) : فقال

الرسول صلى اهلل عليه وسلم يصلي يف الكعبة مث خيطب أمام قريشمث أغلق عليه الباب، وعلى أسامة وبالل، فاستقبل اجلدار الذي يقابل الباب حىت إذا كان بينه وبينه ثالثة أذرع وقف، وجعل

مث دار يف البيت، . عمودين عن يساره، وعمودا عن يينه، وثالثة أعمدة وراءه ـ وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ـ مث صلي هناكفأخذ بعضاديت الباب وهم حتته، ؟ وكرب يف نواحيه، ووحد اهلل، مث فتح الباب، وقريش قد مألت املسجد صفوفا ينتظرون ماذا يصنع

: فقالال إله إال اهلل وحده ال شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم األحزاب وحده، أال كل مأثـرة أو مال أو دم فهو حتت قدمي )

ا هاتني، إال سدانة البيت وسقاية احلاج، أالوقتيل اخلطأ شبه العمد ـ السوط والعصا ـ ففيه الدية مغلظة، مائة من اإلبل أربعون منه . يف بطوهنا أوالد

يا أيها } : يا معشر قريش إن اهلل قد أذهب عنكم خنوة اجلاهلية وتعظمها باآلباء، الناس من آدم، وآدم من تراب مث تال هذه اآلية . { الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اهلل أتقاكم إن اهلل عليم خبري

ال تثريب عليكم اليوم فإين أقول لكم كما قال يوسف ) : خريا، أخ كرمي وابن أخ كرمي، قال : قالوا ( ؟ يا معشر قريش ما ترون أين فاعل بكم ) : مث قال . ( اذهبوا فأنتم الطلقاء { ال تـثـريب عليكم } : إلخوته

مفتاح البيت إىل أهله امجع لنا احلجابة مع : مث جلس رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف املسجد فقام إليه علي رضي اهلل عنه ومفتاح الكعبة يف يده فقال

أين عثمان بن ) : السقاية، صلى اهلل عليك ـ ويف رواية أن الذي قال ذلك هو العباس ـ فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، ويف رواية ابن سعد يف الطبقات أنه قال له حني دفع ( هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء ) : فدعي له، فقال له . ( ؟ طلحة

خذوها خالدة تالدة، ال ينزعها منكم إال ظامل، يا عثمان إن اهلل استأمنكم على بيته، فكلوا مما يصل إليكم من هذا ) : املفتاح إليه . ( البيت باملعروف

بالل يؤذن على الكعبة وحانت الصالة، فأمر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بالال أن يصعد فيؤذن على الكعبة، وأبو سفيان بن حرب، وعتاب بن أسيد،

: فقال احلارث . لقد أكرم اهلل أسيدا أال يكون مسع هذا، فيسمع منه ما يغيظه : واحلارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة، فقال عتابفخرج عليهم . أما واهلل ال أقول شيئا، لو تكلمت ألخربت عين هذه احلصباء : فقال أبو سفيان . أما واهلل لو أعلم أنه حق التبعته

. مث ذكر ذلك هلم ( لقد علمت الذي قلتم ) : النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال هلم . نشهد أنك رسول اهلل، واهلل ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخربك : فقال احلارث وعتاب

خطبة الرسول صلى اهلل عليه وسلم الثاين من الفتح : وملا كان الغد من يوم الفتح قام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف الناس خطيبا، فحمد اهلل، وأثىن عليه،

أيها الناس، إن اهلل حرم مكة يوم خلق السموات واألرض، فهي حرام حبرمة اهلل ) : وجمده مبا هو أهله، مث قالإىل يوم القيامة، فال حيل المرئ يؤمن باهلل واليوم اآلخر أن يسفك فيها دما، أو يعضد هبا شجرة، فإن أحد

إن اهلل أذن لرسولة ومل يأذن لكم، وإمنا حلت يل ساعة : ترخص لقتال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقولوا . ( من هنار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها باألمس، فليبلغ الشاهد الغائب

، فقال ( ال يعضد شوكه، وال ينفر صيده وال تلتقط ساقطته إال من عرفها، وال خيتلى خاله ) : ويف رواية . ( إال اإلذخر ) : يا رسول اهلل، إال اإلذخر، فإنه لقينهم وبيوهتم، فقال : العباس

وكانت خزاعة قتلت يومئذ رجال من بىن ليث بقتيل هلم يف اجلاهلية، فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يا معشر خزاعة، ارفعو أيديكم عن القتل، فلقد كثر القتل إن نفع، ولقد قتلتم قتياال ألدينه، ) : هبذا الصدد

. ( فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله خبري النظرين، إن شاءوا فدم قاتله، وإن شاءوا فعقلهاكتب يل يا رسول اهلل، فقال رسول اهلل صلى اهلل : شاه فقال : فقام رجل من أهل اليمن يقال له : ويف رواية

. ( اكتبو أليب شاه ) : عليه وسلم

كانت هناك قوة تعرضت للمسلمني من غري مربر، وهي قوة الرومان ـ أكرب قوة عسكرية ظهرتعلى وجه األرض يف ذلك الزمان ـ وقد عرفنا فيما تقدم أن بداية هذا التعرض كانت بقتل سفري

رسول الله صلى اهلل عليه وسلم ـ احلارث بن عمري األزدي ـ على يدي شرحبيل بن عمرو الغساين، حينما كان السفري حيمل رسالة النيب صلى اهلل عليه وسلم إىل عظيم بصري، وأن النيب صلى اهلل

عليه وسلم أرسل بعد ذلك سرية زيد بن حارثة اليت اصطدمت بالرومان اصطداما عنيفا يف مؤتة، ومل تنجح يف أخذ الثأر من أولئك الظاملني املتغطرسني، إال أهنا تركت أروع أثر يف نفوس العرب،

. قريبهم وبعيدهمومل يكن قيصر ليصرف نظره عما كان ملعركة مؤتة من األثر الكبري لصاحل املسلمني، وعما كان يطمح إليه بعد ذلك كثري من قبائل العرب من استقالهلم عن قيصر، ومواطأهتم للمسلمني، إن

هذا كان خطرا يتقدم وخيطو إىل حدوده خطوة بعد خطوة، ويهدد الثغور الشامية اليت جتاور العرب، فكان يري أن القضاء جيب على قوة املسلمني قبل أن تتجسد يف صورة خطر عظيم ال

. يكن القضاء عليها، وقبل أن تثري القالقل والثورات يف املناطق العربية اجملاورة للرومانونظرا إىل هذه املصاحل، مل يقض قيصر بعد معركة مؤتة سنة كاملة حىت أخذ يهيئ اجليش مـن

. الرومـان والعرب التابعة هلم من آل غسان وغريهم، وبدأ جيهز ملعركة دامية فاصلة

األخبار العامة عن استعداد الرومان وغسان وكانت األنباء ترتامي إىل املدينة بإعداد الرومان ؛ للقيام بغزوة حامسة ضد املسلمني، حىت

كان اخلوف يتسورهم كل حني، ال يسمعون صوتا غري معتاد إال ويظنونه زحف ويظهر ذلك جليا مما وقع لعمر بن اخلطاب، فقد كان النيب صلى اهلل عليه وسلم . الرومان

هـ ـ وكان هجرهن واعتزل عنهن يف مشربة له ، ومل 9إىل من نسائه شهرا يف هذه السنة ـ يفطن الصحابة إىل حقيقة األمر يف بدايته، فظنوا أن النيب صلى اهلل عليه وسلم طلقهن،

وكان يل : يقول عمر بن اخلطاب ـ وهو يروي هذه القصة . فسري فيهم اهلم واحلزن والقلقصاحب من األنصار إذا غبت أتاين باخلرب، وإذا غاب كنت آتية أنا باخلرب ـ وكانا يسكنان

يف عواىل املدينة، يتناوبان إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم ـ وحنن نتخوف ملكا من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسري إلينا، فقد امتألت صدورنا منه، فإذا صاحيب األنصاري

بل أشد من ذلك، اعتزل : فقال ؟ جاء الغساين : افتح، افتح، فقلت : يدق الباب، فقال . احلديث . . . رسول الله صلى اهلل عليه وسلم أزواجه

وهذا يدل على خطورة املوقف، الذي كان يواجهه املسلمون بالنسبة إىل الرومان، ويزيدذلك تأكدا ما فعله املنافقون حينما نقلت إىل املدينة أخبار إعداد الرومان، فربغم ما رآه

هؤالء املنافقون من جناح رسول الله صلى اهلل عليه وسلم يف كل امليادين، وأنه ال يوجل من سلطان على ظهر األرض، بل يذيب كل ما يعرتض يف طريقه من عوائق ـ برغم هذا كله ـ طفق هؤالء املنافقون يأملون يف حتقق ما كانوا خيفونه يف صدورهم، وما كانوا يرتبصونه من

ونظرا إىل قرب حتقق آماهلم أنشأوا وكرة للدس والتآمر، يف صورة . الشر باإلسالم وأهلهمسجد، وهو مسجد الضرار، أسسوه كفرا وتفريقا بني املؤمنني وإرصادا ملن حارب الله

ورسوله، وعرضوا على رسول الله صلى اهلل عليه وسلم أن يصلي فيه، وإمنا مرامهم بذلك أن خيدعوا املؤمنني فال يفطنوا ما يؤيت به يف هذا املسجد من الدس واملؤامرة ضدهم، وال يلتفتوا إىل من يرده ويصدر عنه، فيصري وكرة مأمونة هلؤالء املنافقني ولرفقائهم يف اخلارج،

ولكن رسول الله صلى اهلل عليه وسلم أخر الصالة فيه ـ إىل قفوله من الغزوة ـ لشغله باجلهاز، ففشلوا يف مرامهم وفضحهم الله، حىت قام الرسول صلى اهلل عليه وسلم هبدم

املسجد بعد القفول من الغزو، بدل أن يصلي فيه

وهذا يدل على خطورة املوقف، الذي كان يواجهه املسلمون بالنسبة إىل الرومان، ويزيدذلك تأكدا ما فعله املنافقون حينما نقلت إىل املدينة أخبار إعداد الرومان، فربغم ما رآه

هؤالء املنافقون من جناح رسول الله صلى اهلل عليه وسلم يف كل امليادين، وأنه ال يوجل من سلطان على ظهر األرض، بل يذيب كل ما يعرتض يف طريقه من عوائق ـ برغم هذا كله ـ طفق هؤالء املنافقون يأملون يف حتقق ما كانوا خيفونه يف صدورهم، وما كانوا يرتبصونه من

ونظرا إىل قرب حتقق آماهلم أنشأوا وكرة للدس والتآمر، يف صورة . الشر باإلسالم وأهلهمسجد، وهو مسجد الضرار، أسسوه كفرا وتفريقا بني املؤمنني وإرصادا ملن حارب الله

ورسوله، وعرضوا على رسول الله صلى اهلل عليه وسلم أن يصلي فيه، وإمنا مرامهم بذلك أن خيدعوا املؤمنني فال يفطنوا ما يؤيت به يف هذا املسجد من الدس واملؤامرة ضدهم، وال يلتفتوا إىل من يرده ويصدر عنه، فيصري وكرة مأمونة هلؤالء املنافقني ولرفقائهم يف اخلارج،

ولكن رسول الله صلى اهلل عليه وسلم أخر الصالة فيه ـ إىل قفوله من الغزوة ـ لشغله باجلهاز، ففشلوا يف مرامهم وفضحهم الله، حىت قام الرسول صلى اهلل عليه وسلم هبدم

املسجد بعد القفول من الغزو، بدل أن يصلي فيه

الرسول صلى اهلل عليه وسلم يقرر القيام بإقدام حاسم ولكن الرسول صلى اهلل عليه وسلم كان ينظر إىل الظروف والتطورات بنظر أدق وأحكم من هذا كله، إنه كان يري أنه

لو تواين وتكاسل عن غزو الرومان يف هذه الظروف احلامسة، وترك الرومان لتجوس خالل املناطق اليت كانت حتت سيطرة اإلسالم ونفوذه، وتزحف إىل املدينة كان له أسوأ أثر على الدعوة اإلسالمية وعلى مسعة املسلمني العسكرية، فاجلاهلية اليت تلفظ نفسها األخري بعد ما لقيت من الضربة القاصمة يف حنني ستحيا مرة أخري، واملنافقون الذين

يرتبصون الدوائر باملسلمني، ويتصلون مبلك الرومان بواسطة أيب عامر الفاسق سيبعجون بطون املسلمني خبناجرهم من اخللف، يف حني هتجم الرومان حبملة ضارية ضد املسلمني من األمام، وهكذا خيفق كثري من اجلهود اليت بذهلا هو

أصحابه يف نشر اإلسالم، وتذهب املكاسب اليت حصلوا عليها بعد حروب دامية ودوريات عسكرية متتابعة . تذهب هذه املكاسب بغري جدوي . . . متواصلة

كان رسول الله صلى اهلل عليه وسلم يعرف كل ذلك جيدا، ولذلك قرر القيام ـ مع ما كان فيه من العسرة والشدة ـ . بغزوة فاصلة خيوضها املسلمون ضد الرومان يف حدودهم، وال يهلوهنم حىت يزحفوا إىل دار اإلسالم

اإلعالن بالتهيؤ لقتال الرومانوملا قرر الرسول صلى اهلل عليه وسلم املوقف أعلن يف الصحابة أن يتجهزوا للقتال، وبعث إىل القبائل من العرب وإىل

وكان قل ما يريد غزوة يغزوها إال وري بغريها، ولكنه نظرا إىل خطورة املوقف وإىل شدة العسرة . أهل مكة يستنفرهمأعلن أنه يريد لقاء الرومان، وجلي للناس أمرهم ؛ ليتأهبوا أهبة كاملة، وحضهم على اجلهاد، ونزلت قطعة من سورة

براءة تثريهم على اجلالد، وحتثهم على القتال، ورغبهم رسول الله صلى اهلل عليه وسلم يف بذل الصدقات، وإنفاق . كرائم األموال يف سبيل الله

املسلمون يتسابقون إىل التجهز للغزو ومل يكن من املسلمني أن مسعوا صوت رسول الله صلى اهلل عليه وسلم يدعو إىل قتال الروم إال وتسابقوا إىل امتثاله، فقاموا يتجهزون للقتال بسرعة بالغة، وأخذت القبائل والبطون هتبط إىل املدينة من كل صوب وناحية، ومل يرض أحد

من املسلمني أن يتخلف عن هذه الغزوة ـ إال الذين يف قلوهبم مرض وإال ثالثة نفر ـ حىت كان جييء أهل احلاجة لكم عليه } : والفاقة يستحملون رسول الله صلى اهلل عليه وسلم ؛ ليخرجوا إىل قتال الروم، فإذا قال هلم ال أجد ما أمح

مع حزنا أال جيدوا ما ينفقون . [ 92 : التوبة ] { تـولوا وأعيـنـهم تفيض من الدكما تسابق املسلمون يف إنفاق األموال وبذل الصدقات، كان عثمان بن عفان قد جهز عريا للشام، مائتا بعري بأقتاهبا

وأحالسها، ومائتا أوقية، فتصدق هبا، مث تصدق مبائة بعري بأحالسها وأقتاهبا، مث جاء بألف دينار فنثرها يف حجره ، مث ( ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم ) : صلى اهلل عليه وسلم، فكان رسول الله صلى اهلل عليه وسلم يقلبها ويقول

. تصدق وتصدق حىت بلغ مقدار صدقته تسعمائة بعري ومائة فرس سوى النقودوجاء عبد الرمحن بن عوف مبائيت أوقية فضة، وجاء أبو بكر مباله كله ومل يرتك ألهله إال الله ورسوله ـ وكانت أربعة

وجاء عمر بنصف ماله، وجاء العباس مبال كثري، وجاء طلحة وسعد بن . آالف درهم ـ وهو أول من جاء بصدقتهوجاء عاصم بن عدي بتسعني وسقا من التمر، وتتابع الناس بصدقاهتم . عبادة وحممد بن مسلمة، كلهم جاءوا مبال

وبعثت النساء ما قدرن عليه من مسك . قليلها وكثريها، حىت كان منهم من أنفق مدا أو مدين مل يكن يستطيع غريها . ومعاضد وخالخل وقـرط وخوامت

الذين يـلمزون المطوعني من المؤمنني يف الصدقات والذين ال } ومل يسك أحد يده، ومل يبخل مباله إال املنافقون هم . [ 79 : التوبة ] { جيدون إال جهدهم فـيسخرون منـ

اجليش اإلسالمي إىل تبوك سباع بن عرفطة، : وهكذا جتهز اجليش، فاستعمل رسول الله صلى اهلل عليه وسلم على املدينة حممد بن مسلمة األنصاري، وقيل

وخلف على أهله على بن أيب طالب، وأمره باإلقامة فيهم، وغمص عليه املنافقون، فخرج فلحق برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، . ( أال ترضى أن تكون مين مبنزلة هارون من موسي، إال أنه ال نيب بعدي ) : فرده إىل املدينة وقال

وحترك رسول الله صلى اهلل عليه وسلم يوم اخلميس حنو الشمال يريد تبوك، ولكن اجليش كان كبريا ـ ثالثون ألف مقاتل، مل خيرج املسلمون يف مثل هذا اجلمع الكبري قبله قط ـ فلم يستطع املسلمون مع ما بذلوه من األموال أن جيهزوه جتهيزا كامال، بل كانت يف اجليش قلة شديدة بالنسبة إىل الزاد واملراكب، فكان مثانية عشر رجال يعتقبون بعريا واحدا، ورمبا أكلوا أوراق األشجار حىت تورمت

. شفاههم، واضطروا إىل ذبح البعري ـ مع قلتها ـ ليشربوا ما يف كرشه من املاء، ولذلك مسي هذا اجليش جيش العسرة ومر اجليش اإلسالمي يف طريقه إىل تبوك باحلجر ـ ديار مثود الذين جابوا الصخر بالواد، أي وادي القرى ـ فاستقي الناس من بئرها،

ال تشربوا من مائها وال تتوضأوا منه للصالة، وما كان من عجني عجنتموه ) : فلما راحوا قال رسول الله صلى اهلل عليه وسلم . ، وأمرهم أن يستقوا من البئر اليت كانت تردها ناقة صاحل رسول اهلل ( فاعلفوه اإلبل، وال تأكلوا منه شيئا ال تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن ) : ملا مر النيب صلى اهلل عليه وسلم باحلجر قال : ويف الصحيحني عن ابن عمر قال

. ، مث قنع رأسه وأسرع بالسري حىت جاز الوادي ( يصيبكم ما أصاهبم إال أن تكونوا باكنيواشتدت يف الطريق حاجة اجليش إىل املاء حىت شكوا إىل رسول الله، فدعا الله، فأرسل الله سحابة فأمطرت حىت ارتوي الناس،

. واحتملوا حاجاهتم من املاء

إنكم ستأتون غدا إن شاء الله تعاىل عني تبوك، وإنكم لن تأتوها حىت يضحي النهار، فمن جاءها فال يس من مائها شيئا حىت ) : وملا قرب من تبوك قال ( ؟ هل مسستما من مائها شيئا ) : فجئنا وقد سبق إليها رجالن، والعني تبض بشيء من مائها، فسأهلما رسول الله صلى اهلل عليه وسلم : ، قال معاذ ( آيتمث غرف من العني قليال قليال حىت اجتمع الوشل ، مث غسل رسول الله صلى اهلل عليه وسلم فيه وجهه ويده، . وقال هلما ما شاء الله أن يقول . نعم : قاال

يوشك يا معاذ، إن طالت بك حياة أن تري ماهاهنا قد ) : مث أعاده فيها فجرت العني مباء كثري، فاستقي الناس، مث قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم . ( ملئ جنانا

هتب عليكم الليلة ريح شديدة، فال يقم أحد منكم، فمن كان ) : ويف الطريق أو ملا بلغ تبوك ـ على اختالف الروايات ـ قال رسول الله صلى اهلل عليه وسلم . ، فهبت ريح شديدة، فقام رجل فحملته الريح حىت ألقته جببلي طيئ ( له بعري فليشد عقاله

. ماليهوكان دأب رسول الله صلى اهلل عليه وسلم يف الطريق أنه كان جيمع بني الظهر والعصر، وبني املغرب والعشاء مجع التقدمي ومجع التأخريك اجليش اإلسالمي بتبوك

جبوامع أيت نزل اجليش اإلسالمي بتبوك، فعسكر هناك، وهو مستعد للقاء العدو، وقام رسول الله صلى اهلل عليه وسلم فيهم خطيبا، فخطب خطبة بليغة،زاد ال الكلم، وحض على خري الدنيا واآلخرة، وحذر وأنذر، وبشر وأبشر، حىت رفع معنوياهتم، وجرب هبا ما كان فيهم من النقص واخللل من حيث قلة

لبالد ا وأما الرومان وحلفاؤهم فلما مسعوا بزحف رسول الله صلى اهلل عليه وسلم أخذهم الرعب، فلم جيرتئوا على التقدم واللقاء، بل تفرقوا يف . واملادة واملؤنةمكاسب لى يف داخل حدودهم، فكان لذلك أحسن أثر بالنسبة إىل مسعة املسلمني العسكرية، يف داخل اجلزيرة وأرجائها النائية، وحصل بذلك املسلمون ع

. سياسية كبرية خطرية، لعلهم مل يكونوا حيصلون عليها لو وقع هناك اصطدام بني اجليشنيزية، وكتب هلم رسول الله اجل جاء حينة بن رؤبة صاحب أيـلة، فصاحل الرسول صلى اهلل عليه وسلم وأعطاه اجلزية، وأتاه أهل جرباء وأهل أذرح، فأعطوه

بسم الله الرمحن الرحيم، هذه أمنة من الله وحممد النيب ) : صلى اهلل عليه وسلم كتابا فهو عندهم، وصاحله أهل ميناء على ربع مثارها، وكتب لصاحب أيلةالبحر، فمن هل رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة، سفنهم وسياراهتم يف الرب والبحر هلم ذمة الله وذمة حممد النيب، ومن كان معه من أهل الشام وأ

. ( بر أو حبر من أحدث منهم حدثا، فإنه ال حيول ماله دون نفسه، وإنه طيب ملن أخذه من الناس، وأنه ال حيل أن ينعوا ماء يردونه، وال طريقا يريدونه

إنك ستجده ) : وبعث رسول الله صلى اهلل عليه وسلم خالد بن الوليد إىل أكيدر دومة اجلندل يف أربعمائة وعشرين فارسا، وقال له، فأتاه خالد، فلما كان من حصنه مبنظر العني، خرجت بقرة، حتك بقروهنا باب القصر، فخرج أكيدر لصيدها ـ وكانت ( يصيد البقر

ليلة مقمرة ـ فتلقاه خالد يف خيله، فأخذه وجاء به إىل رسول اللهصلى اهلل عليه وسلم، فحقن دمه، وصاحله على ألفي بعري، . ومثامنائة رأس وأربعمائة درع، وأربعمائة رمح، وأقر بإعطاء اجلزية، فقاضاه مع حينة على قضية دومة وتبوك وأيـلة وتـيماء

وأيقنت القبائل اليت كانت تعمل حلساب الرومان أن اعتمادها على سادهتا األقدمني قد فات أوانه، فانقلبت لصاحل املسلمني، . وهكذا توسعت حدود الدولة اإلسالمية، حىت القت حدود الرومان مباشرة، وشهد عمالء الرومان هنايتهم إىل حد كبري

الرجوع إىل املدينةورجع اجليش اإلسالمي من تبوك مظفرين منصورين، مل ينالوا كيدا، وكفي اهلل املؤمنني القتال، ويف الطريق عند عقبة حاول اثنا عشر

رجال من املنافقني الفتك بالنيب صلى اهلل عليه وسلم، وذلك أنه حينما كان ير بتلك العقبة كان معه عمار يقود بزمام ناقته، فبينما رسول الله صلى اهلل عليه وسلم . وحذيفة ابن اليمان يسوقها، وأخذ الناس ببطن الوادي، فانتهز أولئك املنافقون هذه الفرصة

وصاحباه يسريان إذ مسعوا وكزة القوم من ورائهم، قد غشوه وهم ملتثمون، فبعث حذيفة فضرب وجوه رواحلهم مبحجن كان معه ، ة فأرعبهم الله، فأسرعوا يف الفرار حىت حلقوا بالقوم، وأخرب رسول الله صلى اهلل عليه وسلم بأمسائهم، ومبا مهوا به، فلذلك كان حذيف

. [ 74 : التوبة ] { ومهوا مبا مل يـنالوا } : يسمي بصاحب سـر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، ويف ذلك يقول الله تعايل، وتسامع الناس مبقدمه، ( هذه طابة، وهذا أحد، جبل حيبنا وحنبه ) : وملا الحت للنيب صلى اهلل عليه وسلم معامل املدينة من بعيد قال : فخرج النساء والصبيان والوالئد يقابلن اجليش حبفاوة بالغة ويقلن

من ثنيات الوداع ** طلع البـدر علينا ما دعا للع داع ** وجب الشكر علينا

هـ ، واستغرقت هذه الغزوة مخسني يوما، أقام منها 9وكانت عودته صلى اهلل عليه وسلم من تبوك ودخوله يف املدينة يف رجب سنة . وكانت هذه الغزوة آخر غزواته صلى اهلل عليه وسلم . عشرين يوما يف تبوك، والبواقي قضاها يف الطريق جيئة وذهوبا

بـدايـة املـرض هـ ـ وكان يوم االثنني ـ شهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم جنازة يف البقيع، فلما رجع، 11ويف اليوم الثامن أو التاسع والعشرين من شهر صفر سنة

. وهو يف الطريق أخذه صداع يف رأسه، واتقدت احلرارة، حىت إهنم كانوا جيدون سورهتا فوق العصابة اليت تعصب هبا رأسه . يوما 41، أو 31يوما، ومجيع أيام املرض كانت 11وقد صلي النيب صلى اهلل عليه وسلم بالناس وهو مريض

األسبوع األخري

ففهمن مراده، فأذن له يكون حيث شاء، فانتقل ( ؟ أين أنا غدا ؟ أين أنا غدا ) : وثقل برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم املرض، فجعل يسأل أزواجه . إىل بيت عائشة يشي بني الفضل بن عباس وعلى بن أيب طالب، عاصبا رأسه، ختط قدماه حىت دخل بيتها، فقضي عندها آخر أسبوع من حياته

. وكانت عائشة تقرأ باملعوذات واألدعية اليت حفظتها من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فكانت تنفث على نفسه، ومتسحه بيده رجاء الربكة

قبل الوفاة خبمسة أيامهريقوا علي سبع قرب من آبار شيت، حىت ) : ويوم األربعاء قبل مخسة أيام من الوفاة، اتقدت حرارة العلة يف بدنه، فاشتد به الوجع وغمي، فقال

. ( حسبكم، حسبكم ) : ، فأقعدوه يف خمضب ، وصبوا عليه املاء حىت طفق يقول ( أخرج إىل الناس، فأعهد إليهموعند ذلك أحس خبفة، فدخل املسجد متعطفا ملحفة على منكبيه، قد عصب رأسه بعصابة دمسة حىت جلس على املنرب، وكان آخر جملس جلسه،

ـ ويف ( لعنة اهلل على اليهود والنصارى، اختذوا قبور أنبيائهم مساجد ) : ، فثابوا إليه، فقال ـ فيما قال ( أيها الناس، إيل ) : فحمد اهلل وأثين عليه، مث قال . ( ال تتخذوا قربي وثنا يعبد ) : ـ وقال ( قاتل اهلل اليهود والنصارى، اختذوا قبور أنبيائهم مساجد ) : رواية

( من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه ) : وعرض نفسه للقصاص قائال . : ، مث أوصي باألنصار قائال ( أعطه يا فضل ) : إن يل عندك ثالثة دراهم، فقال : فقال رجل . مث نزل فصلى الظهر، مث رجع فجلس على املنرب، وعاد ملقالته األويل يف الشحناء وغريها

إن الناس يكثرون، وتقل األنصار حىت ) : ، ويف رواية أنه قال ( أوصيكم باألنصار، فإهنم كرشي وعيبيت، وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي هلم، فاقبلوا من حمسنهم، وجتاوزوا عن مسيئهم ) . ( يكونوا كامللح يف الطعام، فمن ويل منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من حمسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم

فديناك بآبائنا وأمهاتنا، فعجبنا له، فقال : قال . فبكي أبو بكر : قال أبو سعيد اخلدري . ( إن عبدا خريه اهلل بني أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبني ما عنده، فاختار ما عنده ) : مث قالفكان رسول اهلل . فديناك بآبائنا وأمهاتنا : انظروا إىل هذا الشيخ، خيرب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن عبد خريه اهلل بني أن يؤتيه من زهرة الدنيا، وبني ما عنده، وهو يقول : الناس

. صلى اهلل عليه وسلم هو املخري، وكان أبو بكر أعلمناال إن من أمن الناس على يف صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا خليال غري ريب ال ختذت أبا بكر خليال، ولكن أخوة اإلسالم ومودته، ) : مث قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم

. ( يبقني يف املسجد باب إال سد، إال باب أيب بكر

قبل أربعة أيامقد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، : ـ ويف البيت رجال فيهم عمر ـ فقال عمر ( هلموا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ) : ويوم اخلميس قبل الوفاة بأربعة أيام قال ـ وقد اشتد به الوجع

قربوا يكتب لكم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغط واالختالف : حسبكم كتاب اهلل، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول . ( قوموا عين ) : قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم

ولعله الوصية باالعتصام . أوصي بإخراج اليهود والنصاري واملشركني من جزيرة العرب، وأوصي بإجازة الوفود بنحو ما كان جييزهم، أما الثالث فنسيه الراوي : وأوصى ذلك اليوم بثالث . ( الصالة وما ملكت أيانكم ) : بالكتاب والسنة، أو تنفيذ جيش أسامة، أو هي

م ـ وقد صلي بالناس ذلك اليوم صالة أياوالنيب صلى اهلل عليه وسلم مع ما كان به من شدة املرض كان يصلي بالناس مجيع صلواته حىت ذلك اليوم ـ يوم اخلميس قبل الوفاة بأربعة . املغرب، فقرأ فيها باملرسالت عرفا

ضعوا ) : قال . ال يا رسول اهلل، وهم ينتظرونك : قلنا ( ؟ أصلى الناس ) : فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم : قالت عائشة . وعند العشاء زاد ثقل املرض، حبيث مل يستطع اخلروج إىل املسجدـ ووقع ثانيا وثالثا ما وقع يف املرة األويل من االغتسال مث اإلغماء حينما أراد أن ينوء ـ ( ؟ أصلى الناس ) : مث أفاق، فقال . ، ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه ( يل ماء يف املخضب

صالة يف حياته صلى اهلل عليه وسلم، وهي صالة العشاء من يوم اخلميس، وصالة الفجر من يوم اإلثنني، ومخس 17فأرسل إىل أيب بكر أن يصلي بالناس، فصلي أبو بكر تلك األيام . عشرة صالة فيما بينها

إنكن ألننت صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل ) : وراجعت عائشة النيب صلى اهلل عليه وسلم ثالث أو أربع مرات ؛ ليصرف اإلمامة عن أيب بكر حىت ال يتشاءم به الناس ، فأيب وقال . ( بالناس

قبل ثالثة أيام . ( أال ال يوت أحد منكم إال وهو حيسن الظـن باهلل ) : مسعت النيب صلى اهلل عليه وسلم قبل موته بثالث وهو يقول : قال جابر

قبل يوم أو يومنيذهب ليتأخر، فأومأ إليه بأال يتأخر، بكرويوم السبت أو األحد وجد النيب صلى اهلل عليه وسلم يف نفسه خفة، فخرج بني رجلني لصالة الظهر، وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو

. ، فأجلساه إىل يسار أيب بكر، فكان أبو بكر يقتدي بصالة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ويسمع الناس التكبري ( أجلساين إىل جنبه ) : قال قبل يوم

ه، ويف الليل أرسلت عائشة مبصباحها امرأة لحتوقبل يوم من الوفاة ـ يوم األحد ـ أعتق النيب صلى اهلل عليه وسلم غلمانه، وتصدق بستة أو سبعة دنانري كانت عنده ، ووهب للمسلمني أس . أقطري لنا يف مصباحنا من عكتك السمن ، وكانت درعه صلى اهلل عليه وسلم مرهونة عند يهودي بثالثني صاعا من الشعري : من النساء وقالت آخر يوم من احلياة

عائشة فنظر إليهم، وهم رةأن املسلمني بينا هم يف صالة الفجـر من يوم االثنني ـ وأبو بكر يصلي هبم ـ مل يفجأهم إال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كشف سرت حج : روي أنس بن مالكوهم املسلمون أن : فقال أنس . يف صفوف الصالة، مث تبسم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه ؛ ليصل الصف، وظن أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يريد أن خيرج إىل الصالة

. احلجرة وأرخي السرتخل يفتتنوا يف صالهتم، فـرحا برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فأشار إليهم بيده رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن أمتوا صالتكم، مث د . مث مل يأت على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وقت صالة أخرى

سارين النيب : فسألنا عن ذلك ـ أي فيما بعد ـ فقالت : وملا ارتفع الضحى، دعا النيب صلى اهلل عليه وسلم فاطمة فسارها بشيء فبكت، مث دعاها، فسارها بشيء فضحكت، قالت عائشة . صلى اهلل عليه وسلم أنه يقبض يف وجعه الذي تويف فيه، فبكيت، مث سارين فأخربين أين أول أهله يتبعه فضحكت

. وبشر النيب صلى اهلل عليه وسلم فاطمة بأهنا سيدة نساء العاملني . ورأت فاطمة ما برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من الكرب الشديد الذي يتغشاه

. ( ليس على أبيك كرب بعد اليوم ) : فقال هلا . وا كرب أباه : فقالت . ودعا احلسن واحلسني فقبلهما، وأوصي هبما خريا، ودعا أزواجه فوعظهن وذكرهن

. ( يا عائشة، ما أزال أجد أمل الطعام الذي أكلت خبيرب، فهذا أوان وجدت انقطاع أبـهري من ذلك السم ) : وطفق الوجع يشتد ويزيد، وقد ظهر أثر السم الذي أكله خبيرب حىت كان يقوليصة له على وجهه، فإذا اغتم هبا كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك ـ وكان هذا آخر ما تكلم وأوصي به الناس لعنة اهلل على اليهود والنصارى، اختذوا قبور أنبيائهم ) : وقد طرح مخ

. ( مساجد ـ حيذر ما صنعوا ـ ال يبقني دينان بأرض العرب . ، كــرر ذلك مــرارا ( الصالة، الصالة، وما ملكت أيانكم ) : وأوصى الناس فقال

االحتضار إن من نعم اهلل على أن رسول اهلل صلى اهلل : وبدأ االختصار فأسندته عائشة إليها، وكانت تقول

. عليه وسلم تويف يف بييت ويف يومي وبني سحري وحنري، وأن اهلل مجع بني ريقي وريقه عند موتهدخل عبد الرمحن ـ بن أيب بكر ـ وبيده السواك، وأنا مسندة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فرأيته

فتناولته فاشتد . فأشار برأسه أن نعم ؟ آخذه لك : ينظر إليه، وعرفت أنه حيب السواك، فقلتفلينته، فأمره ـ ويف رواية أنه اسنت به كأحسن ما كان . فأشار برأسه أن نعم ؟ ألينه لك : عليه، وقلت

ال إله إال ) : مستنا ـ وبني يديه ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه يف املاء فيمسح به وجهه، يقول . احلديث ( . . . اهلل، إن للموت سكرات

وما عدا أن فرغ من السواك حىت رفع يده أو أصبعه، وشخص بصره حنو السقف، وحتركت شفتاه، مع الذين أنعمت عليهم من النبيني والصديقني والشهداء ) : فأصغت إليه عائشة وهو يقول

. ( اللهم، الرفيق األعلي . والصاحلني، اللهم اغفر يل وارمحين، وأحلقين بالرفيق األعلي . إنا هلل وإنا إليه راجعون . كرر الكلمة األخرية ثالثا، ومالت يده وحلق بالرفيق األعلي

هـ، وقد مت له 11ربيع األول سنة 12وقع هذا احلادث حني اشتدت الضحي من يوم االثنني .صلى اهلل عليه وسلم ثالث وستون سنة

[email protected]

[email protected]