Top Banner
١ ﻓﻠﺴﻔﺘﻨﺎPDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com
349

فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

Nov 14, 2014

Download

Documents

api-3823446
Welcome message from author
This document is posted to help you gain knowledge. Please leave a comment to let me know what you think about it! Share it to your friends and learn new things together.
Transcript
Page 1: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١

فلسفتنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 2: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 3: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣

حممد باقر الصدر

فتنافلس دراسة موضوعية يف معترك الصراع الفكري القائم بني خمتلف

واملادية الديالكتيكية اإلسالميةالتيارات الفلسفية وخاصة الفلسفة )املاركسية(

طبعة جديدة

مصححة ومنقحة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 4: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٤

فلسفتنا : اسم الكتاب • الشهيد آية اهللا العظمى السيد حممد باقر الصدر: املؤلف • )قده(امع العلمي للشهيد الصدر : الناشر •

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 5: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٥

O

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 6: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٦

بأيـدي صـريعة اإلسـالمية منـذ سـقطت الدولـة ، اإلسالميغزا العامل أسـسهم القائمـة علـى ، يل جـارف مـن الثقافـات الغربيـة س، املستعمرين فكانـت متـد االسـتعمار . واحلياة واتمـع ، ومفاهيمهم عن الكون ، احلضارية

، األمـة علـى كيـان لإلجهـاز يف معركته اليت خاضـها ، متواصال فكريا إمدادا .اإلسالماملتمثل يف ، صالتهاأوسر

مـن تيـارات أخـرى أمواج، بية السل اإلسالم أراضي إىلوفدت بعد ذلك ، امليـدان إىللتنافس املفـاهيم الـيت سـبقتها ، ومفاهيمه احلضارية ، الفكر الغريب

وكياـا الفكـري ، األمـة على حساب ، وقام الصراع بني تلك املفاهيم الواردة .والسياسي اخلاص ، يف معتـرك هـذا الـصراع املريـر ، يقول كلمتـه أن لإلسالموكان ال بد

، كاملـة شـاملة ، صـرحية واضـحة ، تكون الكلمة قوية عميقـة أنال بد وكان أن لألمـة ليتـاح ، والدولـة والنظـام ، واتمـع ، واإلنـسان ، واحلياة، للكون

كمـا فعلـت يف ، إليهـا وتدعو العـامل ، وتنادي ا ، يف املعترك ) اهللا(تعلن كلمة .فجر تارخيها العظيم

عوجلـت فيـه مـشكلة ، لكلمـة جزء من تلـك ا إال، وليس هذا الكتاب الـيت ، األخـرى األجـزاء وتتلـوه ، اإلسالم تعاجل يف ضوء أنكما جيب ، الكون

.ملختلف مشاكل الكون واحلياة، عالجه الرائعاإلسالميستكمل فيها فلسفتنا ○

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 7: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٧

وهلـذا . وطريقة التفكري فيه ، عن العامل األساسيةجمموعة مفاهيمنا : هوفلسفتنا حـدمها نظريـة أ: حبـثني إىلن الكتـاب ـ باسـتثناء التمهيـد ـ ينقـسم كا

. املفهوم الفلسفي للعاملواآلخر، املعرفة : يف الكتاب تتلخص فيما يلياألولومسؤولية البحث

بـصحة الطريقـة العقليـة يف ، القائل، االستدالل على املنطق العقلي : أوال هـو املقيـاس ، ورية فـوق التجربـة مبا ميلك من معارف ضر ، التفكري وان العقل

علميـة دون أو. توجد فكـرة فلـسفية أنوال ميكن ، يف التفكري البشري األول أـا وحـىت التجربـة الـيت يـزعم التجريبيـون ، هلذا املقياس العام إخضاعها وال غـىن ، لتطبيـق املقيـاس العقلـي أداة إالليست يف احلقيقـة ، األولاملقياس

. عن املنطق العقليللنظرية التجريبية ميكـن إمنـا ، املعرفـة أندرس قيمة املعرفة البشرية بالتـدليل علـى : وثانيا

املنطق العقلي ال املنطق الـديالكتيكي الـذي يعجـز أساسالتسليم هلا بقيمة على . قيمة صحيحة للمعرفةإجيادعن

هو حتديـد منـهج الكتـاب يف املـسالة ، من هذا البحث األساسيوهدفنا يتوقف قبل كل شيء علـى حتديـد الطريقـة ، ن وضع مفهوم عام للعامل أل، انيةالث

وهلـذا . ومـدى قيمتـها ، واملقياس العام للمعرفة الصحيحة ، الرئيسية يف التفكري لة الثانية هي أواملس. لة الثانيةأ للمس يف احلقيقة حبثا متهيديااألوىللة أكانت املس

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 8: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٨

االهتمـام ـا بـصورة إىل الكتاب اليت نلفت القـارئ يف األساسيةلة أاملس .خاصة

األوىلففـي احللقـة . يتسلسل يف حلقات مخـس ، لة الثانية أوالبحث يف املس ونقـدم بعـض . وحـدودها ، نعرض املفاهيم الفلـسفية املتـصارعة يف امليـدان

. عنهااإليضاحات ترتكـز عليـه بصفته اشـهر منطـق ، ويف احللقة الثانية نتناول الديالكتيك

، فندرسه دراسة موضوعية مفصلة بكـل خطوطـه العريـضة ، املادية احلديثة اليوم .الفيلسوفان الديالكتيكان، اليت رمسها هيجل وكارل وماركس

ومـا ، العلية وقوانينها اليت تسيطر على العـامل مبدأويف احللقة الثالثة ندرس يف نـشأت ، شـكوك فلـسفية ونعاجل عدة ، تقدمه لنا من تفسري فلسفي شامل له

.ضوء التطورات العلمية احلديثة وهـو البحـث يف املرحلـة ، اهللا أو احللقة الرابعة املادة إىلوننتقل بعد ذلك

، للعـامل اإلهلـي لنصوغ مفهومنـا ، واإلهليةالنهائية من مراحل الصراع بني املادية .واإلنسانية ويف ضوء خمتلف العلوم الطبيعية، يف ضوء القوانني الفلسفية

، املـشاكل الفلـسفية أهـم فندرس فيها مشكلة مـن ، األخرية احللقة وأما مهمـا مـن ميـادين الـصراع بـني املاديـة الذي ميثل ميـدانا ، اإلدراكوهي

ويف ضـوء خمتلـف العلـوم ، فلسفي أساسوقد عوجل البحث على . وامليتافيزيقية .ولوجيةمن طبيعة وفسيولوجية وسيك، ذات الصلة باملوضوع

نتيجـة جهـود ، بني يـديك اآلنجتده ، عام إمجايلهذا هو الكتاب يف خمطط يكـون قـد أن أملي كما ترى وكل إخراجه إىل أدت، متظافرة طيلة عشرة اشهر

.وإخالص بأمان من الرسالة املقدسة شيئاأدى ، يدرس حبوث الكتـاب دراسـة موضـوعية أن، وارجوا من القارئ العزيز

مـا ميلـك مـن املقـاييس إىل، عليـه أو احلكـم لـه تاركا، تدبر و إمعانبكل يطـالع أن لـه أحـب وال . الرغبـة والعاطفـة إىلال ، الفلسفية والعلمية الدقيقة

.واألديب الترف العقلي ألوان من لوناأو، روائياكما يطالع كتابا، الكتاب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 9: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٩

هو يف الصميم من مـشاكل اوإمن، عقليا ترفا أو أدبافليس الكتاب رواية وال . املفكرةاإلنسانية

.وأنيب باهللا عليه توكلت واليه إالوما توفيقي .النجف االشرف

هـ ١٣٧٩ ربيع الثاين ٢٩ حممد باقر الصدر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 10: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٠

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 11: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١١

○ متهيد ○ االجتماعيةاملسألة....................................................ڤ

ومتـس واقعهـا بالـصميم هـي ، اليوم اإلنسانية فكر ألمشكلة العامل اليت مت عـن إجابـة صـدق أ إعطـاء مشكلة النظام االجتماعي اليت تتلخص يف حماولـة

:اآليتالسؤال به يف حياا االجتماعية؟ وتسعد لإلنسانيةما هو النظام الذي يصلح

وان تكـون يف تعقيـدها ، حتتل هذه املشكلة مقامها اخلطري أنومن الطبيعي ن النظـام أل، ذاـا اإلنسانية للخطر على االجتهاد يف حلها مصدرا ألوانوتنوع

. ومؤثر يف كياا االجتماعي يف الصميماإلنسانيةداخل يف حساب احلياة وقـد ، البعيدة من تـاريخ البـشرية األغوارذور يف وهذه املشكلة عميقة اجل

اجلماعية اإلنسانيةوانبثقت ، يف واقعه احلياة االجتماعية نشأت منذ اإلنسانواجهها ـ . جتمعهـم عالقـات وروابـط مـشتركة أفـراد تتمثـل يف عـدة ن هـذه إف

العالقات اليت تكونت حتقيقا ملتطلبات الفطرة والطبيعة يف حاجـة بطبيعـة احلـال ومـصاحله اإلنساينوعلى مدى انسجام هذا التنظيم مع الواقع ، توجيه وتنظيم إىل

.يتوقف استقرار اتمع وسعادته والـسياسية اىل يف ميادينـها الفكريـة باإلنـسانية وقد دفعت هذه املشكلة

وبـشىت مـذاهب ، الـصراع ألـوان وكفاح حافل مبختلف ، خوض جهاد طويل ورسـم خططـه ، البناء االجتماعي وهندسـته إقامة ىلإالعقل البشري اليت ترمي

ويزخـر بالـضحكات ، سي واملظامل آ يضج بامل مرهقا وكان جهادا ، ووضع ركائزه

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 12: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٢

ذلك ملا كان يتمثـل يف تلـك كل ، وتقترن فيه السعادة مع الشقاء ،والدموع مـاعي االجتماعية من مظاهر الـشذوذ واالحنـراف عـن الوضـع االجت األلوان

لكـان ، ولوال ومضات شعت يف حلظات من تـاريخ هـذا الكوكـب . الصحيح . الزاخرةاألمواجوسبح دائم يف ، مستمرةمأساة يعيش يف اإلنسايناتمع

يف امليـدان االجتمـاعي اإلنساين اجلهاد أشواط اآلن نستعرض أنوال نريد الـيت تقلبـت وأجوائهـا . املعذبة لإلنسانية نؤرخ أن ال نقصد ذه الدراسة ألننا

، يف واقعهـا احلاضـر اإلنـسانية نواكـب أن نريد وإمنا. البعيدة اآلمادفيها منذ إليهـا ينتـهي أنلنعـرف الغايـة الـيت جيـب ، إليها اليت انتهت أشواطهاويف

وترسـو ، إليـه تشق طريقهـا أنوالساحل الطبيعي الذي ال بد للسفينة ، الشوط يعمرهـا العـدل ، احليـاة مـستقرة إىل وتـؤوب ،خلري السالم وا إىلعنده لتصل

بعد جهد وعناء طويلني وبعـد تطـواف عـريض يف شـىت النـواحي ، والسعادة .وخمتلف االجتاهات

املذاهب االجتماعية .....................................................ڤ ، العامـة اليـوم اإلنـسانية الذهنيـة جتماعية اليت تسود املذاهب اال أهم نإ

الـسياسي علـى اخـتالف مـدى وجودهـا أوويقوم بينها الصراع الفكـري :أربعة هي مذاهب اإلنساناالجتماعي يف حياة

.الرأمسايلـ النظام الدميقراطي ١ .ـ النظام االشتراكي٢ .ـ النظام الشيوعي٣ .اإلسالميـ النظام ٤

فالنظـام الـدميقراطي . األربعـة األنظمـة ثنان من هذه إعامل اليوم ويتقاسم ال هـو والنظـام االشـتراكي ، األرضيف بقعة كبرية من احلكم أساس هو الرأمسايل

، عظيمـا سياسـيا من النظامني ميلك كيانـا وكل . أخرى السائد يف بقعة كبرية يف بطالـه أ خيوضـها ويسلحه يف معركته اجلبارة الـيت ،اآلخرحيميه يف صراعه مع

.وتوحيد النظام االجتماعي فيه، سبيل احلصول على قيادة العامل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 13: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٣

أنغـري ، فوجودمها بالفعل فكري خـالص واإلسالمي النظام الشيوعي وأما مث ، الـنظم االجتماعيـة واجنحهـا أروع مـر بتجربـة مـن اإلسـالمي النظام

وبقيـت ، كـاد أوادة املبـدئيني خال امليدان من الق إنف بعد صعصفت به العوا بروحـه أرواحهـم ومل ميـال ، يف نفوسهم اإلسالم مل ينضج أناسالتجربة يف رمحة

وبقـي نظـام ، اإلسـالمي فتقوض الكيان ، وجوهرة فعجزت عن الصمود والبقاء مـال أو، وعقيـدة يف قلـوب املـسلمني ،اإلسالمية األمة فكرة يف ذهن اإلسالم النظام الشيوعي فهو فكـرة غـري جمربـة وأما. ااهدون هأبناؤ حتقيقه إىليسعى

يئـة جـو إىل تتجه قيادة املعسكر االشتراكي اليـوم وإمنا، جتربة كاملةاآلنحىت فأعلنـت عجزت عن تطبيقه حـني ملكـت زمـام احلكـم أناجتماعي له بعد

. الشيوعية احلقيقةإىلالنظام االشتراكي وطبقته كخطوة ؟األنظمةمن هذه فما هو موضعنا

إىلونقـود الـسفينة ، ننـذر حياتنـا هلـا أنوما هي قضيتنا الـيت جيـب شاطئها؟ الرأمسالية ـ الدميقراطية أوال

بلـون مـن أطـاح هذا النظام الـذي . الرأمسايلولنبدأ بالنظام الدميقراطي ـ . وباحلكم الدكتاتوري يف احليـاة الـسياسية ، الظلم يف احلياة االقتصادية ود وجبم

مقاليد احلكم والنفـوذ لفئـة حاكمـة أوهي، يف احلياة الفكرية إليهاالكنيسة وما أسـلوب وقامـت بـنفس دورهـم االجتمـاعي يف ، جديدة حلت حمل السابقني

.جديدوبـان . ال حـد لـه مياناإ بالفرد اإلميان على الرأمساليةوقد قامت الدميقراطية

ية ـ مـصلحة اتمـع يف خمتلـف مصاحله اخلاصة بنفسها تكفل ـ بصورة طبيع ، ومـصاحلهم اخلاصـة األفـراد تستهدف محاية إمناوان فكرة الدولة ... امليادين

. تتعدى حدود هذا اهلدف يف نشاطها وجماالت عملهاأنفال جيوز :األربع احلريات إعالن يف الرأمسايلويتلخص النظام الدميقراطي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 14: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٤

.والشخصية، ريةوالفك، واالقتصادية، السياسية يف تقريـر حمترمـا ورأيـا مـسموعا فاحلرية السياسية جتعل لكل فرد كالما

وتعـيني الـسلطات القائمـة ، قوانينـها ورسم ، وضع خططها: لألمةاحلياة العامة لة أمـس ، واجلهـاز احلـاكم فيهـا ، لألمةن النظام االجتماعي ألوذلك . حلمايتها

يف سـعادته حامسـا اتـأثري وتؤثر ، أفرادهافرد من حبياة كل مباشرا تتصل اتصاال يكون لكل فرد حق املـشاركة يف بنـاء النظـام أنفمن الطبيعي حينئذ ، شقائه أو

.واحلكم لة أومـس ، مـوت أولة حياة ألة االجتماعية ـ كما قلنا مس أ كانت املسوإذا

...لعامة اواألنظمةالذين تسري عليهم القوانني ، شقاء للمواطننيأوسعادة موعـة أو، ال يباح االضطالع مبـسؤوليتها لفـرد أن أيضا، فمن الطبيعي

ـ مهما كانت الظروف ـ ما دام مل يوجد الفرد الذي يرتفع يف األفرادخاصة من .واألخطاء األهواءعلى ، عقلهورجاحةنزاهة قصده ملـواطنني املساواة التامة يف احلقـوق الـسياسية بـني ا إعالن من إذنفال بد

واخلـضوع ملقتـضيات ، لة االجتماعيـة أ يتساوون يف حتمل نتائج املس ألم، كافة قام حـق التـصويت ومبـدأ األساسوعلى هذا . السلطات التشريعية والتنفيذية

احلاكم ـ بكل سلطاته وشعبه ـ عـن الذي يضمن انبثاق اجلهاز، االنتخاب العام . املواطننيأكثرية

وتقـرر فـتح مجيـع ، باالقتصاد احلر اإلميانة ترتكز على واحلرية االقتصادي فيبـاح . املـواطن يف اـال االقتـصادي أمـام ... ويئة كل امليادين ، األبواب

اليت يتكـون منـها اإلنتاجيةوتباح هذه امللكية ، معا ولإلنتاجالتملك لالستهالك ـ . وللجميع على حد سـواء ، س املال من غري حد وتقييد أر رد مطلـق فلكـل ف

،لكـسب الثـروة وتـضخيمها ، وسلوك أي طريـق أسلوب أي إنتاجاحلرية يف .على ضوء مصاحله ومنافعه الشخصية، ومضاعفاا

ن قـوانني االقتـصاد أويف زعم بعض املدافعني عن هذه احلرية االقتـصادية كفيلـة بـسعادة اتمـع ، عامة بصورة طبيعية أصولاليت جتري على ، السياسي الـيت هـي احلـافز ، ن املصلحة الشخـصية إو... التوازن االقتصادي فيه وحفظ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 15: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٥

هي خري ضـمان للمـصلحة ، القوي واهلدف احلقيقي للفرد يف عمله ونشاطه نتيجـة لتـساوي ، ن التنافس الذي يقوم يف الـسوق احلـرة إاالجتماعية العامة و

ـ ، املنتجني واملتجرين يف حقهم من احلرية االقتصادية ده لتحقيـق روح يكفـي وح فـالقوانني الطبيعيـة لالقتـصاد . يف شىت االتفاقات واملعامالت ، واإلنصافالعدل

، تكون آليـة أنبصورة تكاد ، ـ يف حفظ املستوى الطبيعي للثمن تتدخل ـ مثال اخنفـض الطلـب ، ارتفع عـن حـدوده الطبيعيـة العادلـة إذا الثمن أنوذلك

ـ حبكم القانون الطبيعي الـذي حيكـم ن ارتفـاع الـثمن يـؤثر يف اخنفـاض أب لقـانون طبيعـي حتقيقـا ، واخنفاض الطب بدوره يقوم بتخفيض الـثمن ، الطلب . مستواه السابق ويزول الشذوذ بذلكإىلوال يتركه حىت ينخفض به ، آخر

اإلنتـاج التفكري يف كيفية ازادة واملصلحة الشخصية تفرض على الفرد دائما يف نفـس ، وذلك حيقـق مـصلحة اتمـع . ريفه ونفقاته مع تقليل مصا ، وحتسينه

.أيضاالوقت الذي يعترب مسالة خاصة بالفرد العمـال وأجـور البضائع أمثانوالتنافس يقتضي ـ بصورة طبيعية ـ حتديد

منـتج أون كـل بـائع أل. إجحـاف ال ظلم فيه وال ، واملستخدمني بشكل عادل بـسبب منافـسة ، عمالـه جـور أ ختفـيض أو، بـضائعه أمثـان خيشى من رفع

. له من البائعني واملنتجنياآلخرين . وأفكـارهم يف عقائـدهم أحـرارا يعيش النـاس أنواحلرية الفكرية تعين

إليـه ويعتقـدون مـا يـصل ، يفكرون حسب ما يتراءى هلم وحيلـو لعقـوهلم . بـدون عـائق مـن الـسلطة وأهواؤهم مشتهيام إليهم ما توحيه أواجتهادهم

.والدفاع عن وجهات نظره واجتهاده، ومعتقداتهأفكاره عن عالنواإل يف سـلوكه اخلـاص مـن خمتلـف اإلنسانواحلرية الشخصية تعرب عن حترر

مهمـا ، لرغباته اخلاصـة وتطويرها وفقاإرادتهفهو ميلك . الضغط والتحديد ألوان ،جنم عن استعماله لسيطرته هذه على سلوكه اخلـاص مـن مـضاعفات ونتـائج

فاحلد النهائي الـذي تقـف عنـده . على سلوكهم اآلخرينما مل تصطدم بسيطرة فما مل ميسها الفرد بسوء فـال جنـاح . اآلخرينحرية : احلرية الشخصية لكل فرد

يكيف حياته باللون الذي حيلو له ويتبـع خمتلـف العـادات والتقاليـد أنعليه

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 16: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٦

مسالة خاصة تتـصل بكيانـه ن ذلك أل ،والشعائر والطقوس اليت يستذوقها وما دام ميلك هذا الكيان فهو قادر على التصرف فيـه كمـا ، وحاضره ومستقبله

.يشاء عـن تعـبريا إال اليت تنادي ا ـ الرأمسالية رأيوليست احلرية الدينية ـ يف

وعـن احلريـة الشخـصية يف اجلانـب ، احلرية الفكرية يف جانبـها العقائـدي . بالشعائر والسلوكالذي يتصل، العملي

اخلط الفكري العريض هلـذا النظـام ـ كمـا أنويتلخص من هذا العرض فـالفرد هـو القاعـدة الـيت . األفراد مصاحل اتمع مبصاحل أن: ـ هو إليهاحملنا والدولة الـصاحلة هـي اجلهـاز الـذي ، يرتكز عليها النظام االجتماعي أنجيب

. القوية حلفظ مصاحله ومحايتهاةواإلدار، يسخر خلدمة الفرد وحسابه الـيت قامـت مـن ، األساسـية يف ركائزهـا الرأمساليةهذه هي الدميقراطية

يف ظـل . واألمـم وجاهد يف سبيلها كثري من الـشعوب ، اجلها مجلة من الثورات يـصفون ، قادة كانوا حني يعربون عن هذا النظام اجلديـد ويعـدوم مبحاسـنه

وقـد . وما حتفل به من انطالق وهناء وكرامـة وثـراء ، ااجلنة يف نعيمها وسعاد مل متـس جوهرهـا أـا غـري ، عليها بعد ذلك عـدة مـن التعـديالت أجريت . ركائزها وأسسهابأهمبل بقيت حمتفظة ، بالصميم االجتاه املادي يف الرأمسالية..........................................ڤ

أخـذ فيـه ، جتماعي نظام مـادي خـالص ومن الواضح أن هذا النظام اال حمـدودا باجلانـب النفعـي مـن حياتـه ، وآخرتـه ، اإلنسان منفصال عن مبدئه

ولكن هذا النظـام يف نفـس الوقـت الـذي . وافترض على هذا الشكل ، املادية مل ينب على فلـسفة ماديـة للحيـاة وعلـى ... كان مشبعا بالروح املادية الطاغية

فـصلت عـن كـل ، فاحلياة يف اجلو االجتماعي هلـذا النظـام . دراسة مفصلة هلا هـذا النظـام فهـم ولكن مل يهيأ إلقامـة ، عالقة خارجة عن حدود املادة واملنفعة

وال أعـين بـذلك أن العـامل مل يكـن فيـه . فلسفي كامل لعملية الفصل هـذه تأثرا : يةبل كان فيه إقبال على الرتعة املاد، مدارس للفلسفة املادية وأنصار هلا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 17: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٧

وبروح الـشك )١(بالعقلية التجريبية اليت شاعت منذ بداية االنقالب الصناعي يف طائفة من األفكـار كانـت تعـد ، حدثه انقالب الرأي أوالتبلبل الفكري الذي

وبـروح التمـرد والـسخط علـى الـدين )٢(من أوضح احلقائق وأكثرها صحة وينتـصر ، ويتملق للظلم واجلـربوت ، لالذي كان جيمد األفكار والعقو ، املزعوم

.)٣(للفساد االجتماعي يف كل معركة خيوضها مع الضعفاء واملضطهدينيف كـثري مـن العقليـات ، فهذه العوامل الثالثة ساعدت على بعث املاديـة

...الغربية

ووفقت توفيقا مل ، ن التجربة اكتسبت أمهية كربى يف امليدان العلميإـ ف 1

، سرار مدهشةأزاحة الستار عن إو، عن حقائق كثريةيكن يف احلسبان اىل الكشف وهذا التوفيق . سرار واحلقائق يف حياا العمليةن تستثمر تلك األأنسانية أتاحت لإل

وجعل الناس ، اشاد هلا قدسية يف العقلية العامة. الذي حصلت عليه التجربةان احلس وعن كل احلقائق اليت ال تظهر يف ميد، فكار العقليةينصرفون عن األ

ساس الوحيد حىت صار احلس التجرييب يف عقيدة كثري من التجريبيني األ، والتجربةن التجربة بنفسها تعتمد أوسوف نوضح يف هذا الكتاب . جلميع املعارف والعلوم

الذي يدرك ، ول للعلوم واملعارف هو العقلأن األساس األو، على الفكر العقلي . احلقائق احملسوسةحقائق ال يقع عليها احلس كما يدرك

ن مجلة من العقائد العامة كانت يف درجة عالية من الوضوح والبداهة إـ ف٢، و دليل فلسفيأساس من منطق عقلي أا مل تكن قائمة على أمع ، يف النظر العام

فلما اارت هذه العقائد يف ظل التجارب ، رض مركز العاملألن اأكاالميان ب، ذهانوسيطرت موجة من الشك على كثري من األ، عامميان التزعزع اإل، الصحيحة

ثرت يف العهد أكما ت، ثرة بروح الشكأفبعثث السفسطة اليونانية من جديد مت .اليوناين بروح الشك الذي تولد من تناقض املذاهب الفلسفية وشدة اجلدل ا

جعل و، شنيعا يف استغالل الدين استغالال هامان الكنيسة لعبت دوراإـ ف 3قامت حماكم أو، نفاس العلمية واالجتماعيةه اداة مارا واغراضها وخنق األامس

حىت تولد عن ، عطت هلا الصالحيات الواسعة للتصرف يف املقدراتأو، التفتيشنه يف واقعة أمع ، مسهان اجلرمية ارتكبت بأل، ذلك كله التربم بالدين والسخط عليه

بتلك لئك الساخطني واملتربمني ضيقااملصفى وجوهره الصحيح ال يقل عن أو . لدوافعها ونتائجهاواستفظاعا، اجلرمية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 18: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٨

ولكن النظام الرأمسايل مل يركز على فهـم فلـسفي مـادي ، كل هذا صحيح فـان املـسألة االجتماعيـة للحيـاة تتـصل ، قض والعجز وهذا هو التنا ، للحياة

، وال تتبلور يف شكل صحيح إال إذا أقيمت علـى قاعـدة مركزيـة ، بواقع احلياة فهـو ، والنظام الرأمسايل يفقـد هـذه القاعـدة ، تشرح احلياة وواقعها وحدودها

ـ أحني جتمد املـس ، ناةأو على عجلة وقلة أينطوي على خداع وتضليل ة لة الواقعي ن قـوام امليـزان الفكـري أمع ، لة االجتماعية منفصلة عنها أللحياة وتدرس املس

الـيت متـون اتمـع باملـادة ، ىل واقع احليـاة إللنظام بتحديد نظرته منذ البداية واكتـشاف ، االجتماعية ـ وهي العالقات املتبادلة بني الناس ـ وطريقة فهمه هلـا

ن كـان مـن صـنع قـوة مـدبرة إلكوكب فاالنسان يف هذا ا . اسراها وقيمها قائمـة علـى تنظيمـه ، بظـواهره ودقائقـه ، سـراره وخفايـاه أعاملة ب ، مهيمنة

ن خيضع يف توجيهه وتكييـف حياتـه لتلـك القـوة أفمن الطبيعي ... وتوجيهه . منهشد اعتداالأ ونزه قصداأو، علم بواقعهأمره وأبصر بأا أل، اخلالقةن كانت بداية الشوط حلياة خالـدة تنبثـق إاحملدودة ن هذه احلياة إف، يضاأو

وىل وتتوقف موازينـها علـى مـدى اعتـدال احليـاة األ ، وتتلون بطابعها ، عنها ن تنظم احلياة احلاضرة مبـا هـي بدايـة الـشوط حليـاة أونزاهتها فمن الطبيعي

.سس القيم املعنوية واملادية معاأوتقام على ، ال فناء فيها لة فكريـة خالـصة أليست مس ، ميان باهللا وانبثاق احلياة عنه إلذن فمسالة ا إو

، لتفصل عن جماالت احلياة ويشرع هلـا طرائقهـا ودسـاتريها ، ال عالقة هلا باحلياة لة تتصل بالعقـل والقلـب واحليـاة أبل هي مس ، مع اغفال تلك املسالة وفصلها

.امجيع ن أمساليـة نفـسها أالروالدليل على مدى اتصاهلا باحلياة مـن الدميقراطيـة

و جمموعـة مـن أساس االميان بعـدم وجـود شخـصية أالفكرة فيها تقدم على ىل إ، يهـا واجتـهادها أبلغت مـن العـصمة يف قـصدها وميلـها ويف ر ، فراداأل

قامـة حيـاة إوالتعويـل يف ، لة االجتماعيـة اليهـا أيكال املس إالدرجة اليت تبيح قـيم أذا إاال ، نفسه ال موضع وال معـىن لـه ساس ب وهذا األ . مة عليها صاحلة لأل

ال عـن عقـل بـشري إمكان انبثاق النظام إال تعترف ب، على فلسفة مادية خالصة .حمدود

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 19: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٩

ن يكـون قـد أمـا إفهـو ، مسايل مادي بكل ما للفظ من معىن أفالنظام الر ن أمـا إو. على االعالن عن ربطه ـا وارتكـازه عليهـا أومل جير ، استبطن املادية لتها ألة الواقعيـة للحيـاة ومـس أبـني املـس ، مبدى الربط الطبيعي يكون جاهال ن أاليت ال بد لكـل نظـام اجتمـاعي ، فهو يفقد الفلسفة وعلى هذا . االجتماعية

على فلـسفة ماديـة ن مل يكن مقاماإو. وهو ـ بكلمة ـ نظام مادي . يرتكز عليها .واضحة اخلطوط

موضع األخالق من الرأمسالية.........................................ڤ خـالق قـصيت األ أن أوكان من جراء هذه املادية اليت زخر النظام بروحها

حرى تبـدلت و بـاأل أ، ومل يلحظ هلـا وجـود يف ذلـك النظـام ، من احلساب واحلريـات ، علـى أعلنت املصلحة الشخـصية كهـدف أو، مفاهيمها ومقاييسها كثر مـا ضـج بـه العـامل أ عن ذلك أفنش. يق تلك املصلحة مجيعا كوسيلة لتحق

.سي ومصائبآوم، احلديث من حمن وكوارث عـن وجهـة نظرهـا يف الفـرد ، مساليـة أنصار الدميقراطية الر أوقد يدافع

ن اهلـدف الشخـصي بنفـسه حيقـق املـصلحة أومصاحله الشخـصية قـائلني يمها الروحيـة حتقـق يف اتمـع خالق بق ن النتائج اليت حتققها األ أو، االجتماعية

خـالق بـل عـن طريـق الـدوافع لكن ال عن طريق األ ، مسايلأالدميقراطي الر ن االنسان حـني يقـوم خبدمـة اجتماعيـة حيقـق بـذلك إف. اخلاصة وخدمتها

وحـني ، يف سـبيله للمجتمع الذي سـعى باعتباره جزءا ، يضاأمصلحة شخصية ن حيـاة الـشخص أل، يـضا أاد نفـسه فأينقذ حياة شخص تعرضت للخطر فقد

ذن فالـدافع إو، سوف تقوم خبدمة للهيئة االجتماعية فيعود عليـه نـصيب منـها ـ مـا ، مني املـصاحل االجتماعيـة وضـماا أالشخصي واحلس النفعي يكفيان لت

.ىل مصاحل خاصة ومنافع فرديةإدامت ترجع بالتحليل فتـصور بنفـسك . االستداللىل إقرب اىل اخليال الواسع منه أوهذا الدفاع

ذا كـان هـو حتقيـق منافعـه إ، مـة ن املقياس العملي يف احلياة لكل فرد يف األ أ وكانـت الدولـة تـوفر للفـرد ، بعد مدى أوسع نطاق و أعلى ، ومصاحله اخلاصة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 20: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٠

فما هو وضع العمل االجتمـاعي مـن . حرياته وتقدسه بغري حتفظ وال حتديد كيف ميكن ان يكـون اتـصال املـصلحة االجتماعيـة و! فراد؟قاموس هؤالء األ

مـع ! . ليها القـيم اخللقيـة؟ إعمال اليت تدعو فراد حنو األ بالفرد كافيا لتوجيه األ ن أذا اتفـق إو، عمال ال تعود على الفرد بشيء مـن النفـع من تلك األ ن كثريا أ

م هـذا النفـع ما يـزاح من اتمع فكثريا كان فيها شيء من النفع باعتباره فردا وأبفـوات منـافع عاجلـة ، ال يف نظره حتليلة إالذي ال يدركه االنسان ، الضئيل

فيطيح الفـرد يف سـبيلها بكـل ، لتحقيقها جتد يف احلريات ضمانا ، مصاحل فردية .برنامج اخللق والضمري الروحي

مآسي النظام الرأمسايل...................................................ڤ الـيت ، سـي االجتماعيـة آن نستعرض احللقات املتسلسلة من امل أردنا أذا إو

فـسوف ... سـاس فلـسفي مـدروس أانبثقت عن هذا النظام املرجتل ال علـى :ليهاإولذا نلمح ، يضيق اال احملدود هلذا البحث

قليـة ومـصاحلها ومـسائلها كثريـة يف األ حتكـم األ : ول تلك احللقات أف ن وضع النظـام والقـوانني ومتـشيتها أحلرية السياسية كانت تعين ن ا إف. احليوية

مـة ملكـت زمـام ألكثرية يف ا ن الفئة اليت متثل األ أولنتصور ، كثريةمن حق األ وهـي عقليـة ، مساليـة أوهي حتمـل العقليـة الدميقراطيـة الر ، احلكم والتشريع

يكـون مـصري الفئـة هوائها فماذا أهدافها و أونزعاا و ، مادية خالصة يف اجتاهها قلية مـن حيـاة يف ظـل قـوانني تـشرع حلـساب و ماذا ترتقب لأل أاالخرى؟

ذا شـرعت إوهـل يكـون مـن الغريـب حينئـذ ، !كثرية وحلفظ مصاحلها؟ األ قليـة واجتهـت مهلت مـصاحل األ أو، كثرية القوانني على ضوء مصاحلها خاصة األ

قليـة من الذي حيفـظ هلـذه األ خرين؟ ف اىل حتقيق رغباا اجتاها جمحفا حبقوق اآل مـا دامـت املـصلحة الشخـصية هـي ، كياا احليوي ويذب عن وجهها الظلم

يف كثرية ال تعرف للقيم الروحية واملعنويـة مفهومـا لة كل فرد وما دامت األ أمس ن التحكم سوف يبقـى يف ظـل النظـام إ، عقليتها االجتماعية ؟؟ وبطبيعة احلال

خـرين آلمظـاهر االسـتغالل واالسـتهتار حبقـوق ا ن أكما كان يف الـسابق و

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 21: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢١

جـواء ستحفظ يف اجلو االجتماعي هلذا النظـام كحاهلـا يف األ ... ومصاحلهمـ . االجتماعية القدمية ان االسـتهتار بالكرامـة : قروغاية ما يف املوضوع مـن ف

صبح يف هـذا النظـام مـن الفئـات الـيت أو، مةأفراد ب أنسانية كان من قبل اإل مـن هـائال االيت تشكل مبجموعهـا عـدد ، قلياتىل األ إكثريات بالنسبة ثل األ مت

.البشرولكـان املـسرح ، ساة هينة أ لكانت امل ذاإ، مر وقف عند هذا احلد ألوليت ا

مر تفـاقم واشـتد حـني ن األ أبل ، كثر مما يعرض من دموع أحيتفل بالضحكات فقـررت احلريـة االقتـصادية ، لكلة االقتصادية من هذا النظام بعد ذ أبرزت املس

لوانـه أسـاليب الثـراء و أجازت خمتلف أو، على هذا النحو الذي عرضناه سابقا وضـمنت حتقيـق مـا ، سـبابه أ يف طريقته و ومهما كان شاذا ، مهما كان فاحشا

والعلـم ، يف الوقت الذي كان العامل حيتفل بانقالب صـناعي كـبري . علنت عنه أ اليت قلبت وجه الصناعة وكسحت الـصناعات اليدويـة لةيتمحض عن والدة اآل

، مـة فـراد األ أقلية مـن امليدان عن ثراء فاحش من جانب األ فانكشف ، وحنوها مساليـة أتاحت هلم الفرص وسائل االنتاج احلـديث وزودـم احلريـات الر أممن

ـ والقـضاء ، بعد حـد أىل إغري احملدودة بضمانات كافية الستثمارها واستغالهلا ا وزعزعـت ، مة اليت اكتسحت اآللـة البخاريـة صـناعتها على كثري من فئات األ

ربـاب الـصناعات أمـا دام ، للـصمود يف وجـه التيـار ومل جتد سبيال ، حياا وهكـذا ، احلديثة مسلحني باحلرية االقتصادية وحبقوق احلريـات املقدسـة كلـها

وتـضاءلت الفئـة ، االنتـاج رباب الصناعة وأال من تلك الصفوة من إخال امليدان كثريـة احملطمـة وصارت هـذه األ ، ىل املستوى العام املنخفض إالوسطى واقتربت

ال على الطريقـة الدميقراطيـة إاليت ال تفكر وال حتسب ، حتت رمحة تلك الصفوة ، ىل هـؤالء إومن الطبيعي حينئـذ ان ال متـد يـد العطـف واملعونـة . مساليةأالر

مـا دام ! وملـاذا تفعـل ذلـك؟ . هم يف مغامنها الضخمة لتنشلهم من اهلوة وتشرك وما دامت الدولة تـضمن هلـا مطلـق احلريـة ، املقياس اخللقي هو املنفعة واللذة

مسـايل يـضيق بالفلـسفة املعنويـة أوما دام النظـام الـدميقراطي الر ، فيما تعمل !.للحياة ومفاهيمها اخلاصة؟

ن أوهـي ، يوحي ا هـذا النظـام ن تدرس بالطريقة اليت أ جيب ذاإلة أفاملس

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 22: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٢

فيفرض علـى ، ليهم ومقومام املعيشية إكثرية يستغل هؤالء الكرباء حاجة األ ،يف مـدة ال ميكـن الزيـادة عليهـا ، القادرين العمل يف ميادينـهم ومـصانعهم

هـذا هـو منطـق املنفعـة اخلـالص . ال باحلياة الضرورية هلـم إمثان ال تفي أوبىل فئـة يف قمـة إمة بسبب ذلـك وتنقسم األ ، ن يسلكوه أبيعي الذي كان من الط

.كثرية يف املهوى السحيقأو، الثراء فاملـساواة يف . خـر آمة من جديـد بـشكل وهنا يتبلور احلق السياسي لأل

ـا أغـري ، ن مل متح من سـجل النظـام إو، فراد املواطنني أاحلقوق السياسية بني ـ . خالـصا وتفكـريا ال خياالإمل تعد بعد هذه الزعازع ن احلريـة االقتـصادية إف

ىل االنقـسام الفظيـع الـذي مـر يف إتنتـهي ، حني تسجل ما عرضناه من نتائج وتقهـر احلريـة ، وتكون هي املسيطرة على املواقف واملاسـكة بالزمـام ، العرض

، مسالية حبكم مركزهـا االقتـصادي مـن اتمـع أن الفئة الر إف. مامهاأالسياسية نـصار ومتكنـها مـن شـراء األ ، وسـائل الدعايـة على استعمال مجيع وقدرا

وتتـسلم الـسلطة لتـسخريها يف ، مةيمن على تقاليد احلكم يف األ... عوان واأل ويصبح التـشريع والنظـام االجتمـاعي خاضـعا ، راآمصاحلها والسهر على م

نـه مـن حـق أة ن كان املفروض يف املفاهيم الدميقراطي أبعد ، س املال ألسيطرة ر تـستاثر مسالية يف اية املطـاف حكمـا أوهكذا تعود الدميقراطية الر . مة مجعاء األ

، خـرين فراد كيـام علـى حـساب اآل حيمي به عدة من األ وسلطانا، قليةبه األ .مساليةأبالعقلية النفعية اليت يستوحوا من الثقافة الدميقراطية الر

ـ ، اة اليت ميثلها هـذا النظـام سأفظع حلقات امل أىل إونصل هنا ن هـؤالء إف وزودهـم ، يديهم كـل نفـوذ أمسايل يف أالسادة الذين وضع النظام الدميقراطي الر

ىل إنظارهم ـ بوحي من عقلية هـذا النظـام ـ أسوف ميدون ... بكل قوة وطاقة ىل منـاطق إـم يف حاجـة أغراضـهم أفاق ويشعرون بوحي من مصاحلهم و اآل

:لسببني، كنفوذ جديدة وذلفكـل ، ولية وكثرا ن وفرة االنتاج تتوقف على مدى توفر املواد األ إ: ولاأل

.كثرأقوى وأمن يكون حظه من تلك املواد اعظم تكون طاقاته االنتاجية ذا كان من الواجـب احلـصول إو. وهذه املواد منتشرة يف بالد اهللا العريضة

.املواد المتصاصها واستغالهلافاالزم السيطرة على البالد اليت متلك ، عليها

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 23: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٣

بدافع من احلرص على كثـرة الـربح ، ن شدة حركة االنتاج وقوا إ: الثاين ، خرى اخنفاض املستوى املعيـشي لكـثري مـن املـواطنني أومن ناحية ، من ناحية

ومغالبتـها للعامـة علـى حقوقهـا ، مساليـة أبدافع من الشره املادي للفئـة الر الـيت جتعـل املـواطنني عـاجزين عـن شـراء املنتجـات ،ساليبها النفعيـة أب

سـواق جديـدة أىل إواستهالكها ـ كل ذلك جيعل كبار املنتجني يف حاجة ماسة سـواق يعـين الـتفكري يف بـالد جيـاد تلـك األ إو، لبيع املنتجات الفائضة فيها

.جديدة ومـن الطبيعـي ملثـل هـذه . لة بذهنية مادية خالـصة أوهكذا تدرس املس

ومل يتعـرف مذهبـها ، نية اليت مل يرتكز نظامها على القيم الروحية واخللقيـة الذه ...سعاد هذه احلياة احملدودة مبختلف املتع والشهواتإال إاالجتماعي بغاية

، منـة لالعتداء على البالد اآل منطقيا ومسوغا ان ترى يف هذين السببني مربرا اردها الطبيعية الكـربى واسـتغالل وانتهاك كرامتها والسيطرة على مقدراا ومو

مـر معقـول وجـائز يف عـرف أفكل ذلـك . ثرواا لترويج البضائع الفائضة .مسايل واالقتصاد احلرأساسها النظام الرأاملصاحل الفردية اليت يقوم على

ويـستعمر ، ويقيـد ويكبـل ، وينطلق من هنا عمالق املادة يغزو وحيـارب . للرغباتشباعاإرضاء للشهوات وإ، ويستثمر

يف باعتبـاره ماديـا ، فانظر ماذا قاست االنسانية من ويالت هـذا النظـام على فلـسفة حمـددة تتفـق ن مل يكن مركزا إو، هدافهأساليبه و أروحه وصياغته و

هـداف كمـا املعنـا ساليب واأل وتنسجم مع هذه األ ، مع تلك الروح والصياغة !!.ليه؟إ

م على ركائز هـذا النظـام ومفاهيمـه وقدر بنفسك نصيب اتمع الذي يقو ، هذا اتمع الذي ينعدم فيـه االيثـار والثقـة املتبادلـة ، من السعادة واالستقرار

فيعـيش الفـرد ، ومجيع االجتاهات الروحية اخلـرية ، والتراحم والتعاطف احلقيقي نـه يف خطـر مـن قبـل كـل أو، نه املسؤول عن نفسه وحده أفيه وهو يشعر ب نـه حييـا يف صـراع دائـم أفك. خرين اليت قد تصطدم به حل اآل مصلحة من مصا ال إوال هـدف لـه منـها ، ال قـواه اخلاصـة إال سالح له فيها ، ومغالبة مستمرة .مصاحله اخلاصة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 24: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٤

ـ االشتراكية والشيوعية اثانيشهرها املذهب االشتراكي القـائم علـى أو، يف االشتراكية مذاهب متعددة

اليت هي عبارة عـن فلـسفة خاصـة للحيـاة ، ة واملادية اجلدلية النظرية املاركسي وقد طبق املـاديون الـديالكتيكيون هـذه . وفهم مادي هلا على طريقة ديالكتيكية

فصارت عقيـدة فلـسفية ، املادية الديالكتيكية على التاريخ واالجتماع واالقتصاد ـ ومـذهبا ، وطريقة لدرس التاريخ واالجتماع ، يف شان العامل صاد وخطـة يف االقت

مـن ، اا تصوغ االنـسان كلـه يف قالـب خـاص : خرىأوبعبارة . يف السياسة يف وال ريـب . ىل احلياة وطريقته العمليـة فيهـا إحيث لون تفكريه ووجهة نظره

ليـستا مـن بـدع املـذهب ، وكذلك الطريقة الديالكتيكية ، ن الفلسفة املادية أف الـسنني يف امليـدان عة املادية تعيش منذ اآل املاركسي وابتكاراته فقد كانت الرت

ن أكمـا ، سافرة تارة ومتوارية اخرى وراء السفسطة واالنكار واملطلـق ، الفلسفي الطريقة الديالكتيكية يف التفكري عميقة اجلـذور بـبعض خطوطهـا يف الـتفكري

الفيلـسوف املثـايل ) هيجـل (وقد استكملت كل خطواا علـى يـد ، االنساين ، ىل هذا املنطـق وتلـك الفلـسفة فتبنامهـا إ) كارل ماركس (منا جاء إو. املعروف

:فقام بتحقيقني، وحاول تطبيقهما على مجع ميادين احلياة . بطريقة ديالكتيكية خالصا مادياان فسر التاريخ تفسريا: حدمهاأ

الـيت ، س املال والقيمـة الفائـضة أنه اكتشف تناقضات ر أزعم فيه : خرواآل هـذين سـاس أواشـاد علـى . )١(حب املال يف عقيدته من العامـل يسرقها صا قامـة اتمـع الـشيوعي إو، مسـايل أميانه بضرورة فنـاء اتمـع الر إالتحقيقني

نسانية اىل تطبيـق الـشيوعية تطبيقـا الذي اعتربه خطوة لإل ، واتمع االشتراكي .كامال

وكـل ، املتناقـضات صراع بـني فامليدان االجتماعي يف هذه الفلسفة ميدان منـسجمة مـع ، وضع اجتماعي يسود ذلك امليدان فهو ظاهرة ماديـة خالـصة

).اقتصادنا(ـ شرحنا هذه النظريات مع دراسة علمية مفصلة يف كتاب 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 25: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٥

نه يف نفـس الوقـت حيمـل أغري ، حوال املادية ومتاثرة اسائر الظواهر واأل حـىت ، وينشب حينئـذ الـصراع بـني النقـائض يف حمتـواه ، نقيضه يف صميمه

... لوضع جديدلوضع وانشاءاتتجمع املتناقضات وحتدث تبدال يف ذلك اوتتمثـل ، حىت تكون االنسانية كلها طبقة واحـدة وهكذا يبقى العراك قائما

يف تلـك اللحظـة يـسود ... مصاحل كل فرد يف مصاحل تلك الطبقـة املوحـدة ثـار الـسيئة للنظـام الـدميقراطي مجيع اآل وتزول ائيا ، ويتحقق السالم ، الوئام

منـا إوهـذا التعـدد ، انت تتولد من تعدد الطبقة يف اتمـع منا ك إا ألالرامسايل فال بـد مـن وضـع حـد فاصـل ذاإو. جريأىل منتج و إ من انقسام اتمع أنش

وختتلف هنا الـشيوعية عـن االشـتراكية يف ، لغاء امللكية إوذلك ب ، هلذا االنقسام :تكزن االقتصاد الشيوعي يروذلك أل، بعض اخلطوط االقتصادية الرئيسية

ومتليـك ، مـن اتمـع تامـا على الغاء امللكية اخلاصة وحموها حمـوا : والأ باعتبارهـا الوكيـل الـشرعي عـن ، ىل الدولةإالثروة كلها للمجموع وتسليمها

واعتقـاد املـذهب الـشيوعي . دارا واسـتثمارها خلـري امـوع إاتمع يف عـل الطبيعـي ملـضاعفات امللكيـة منا كان رد الف إو، ميم املطلق أبضرورة هذا الت

ـ .اخلاصة يف النظام الدميقراطي الرامسايل ن املقـصود منـه أ وقد برر هذا التاميم ب ،مسالية وتوحيد الشعب يف طبقة واحدة ليخـتم بـذلك الـصراع ألغاء الطبقة الر إ

ـ سـاليب لتـضخيم غالل شـىت الوسـائل واأل ت ويسد على الفرد الطريق اىل اس .ثرة وراء املصلحة الشخصية بدافع األشعه واندفاعاشباعا جلإ، ثروته

على توزيع السلع املنتجـة علـى حـسب احلاجـات االسـتهالكية : ثانيا من كـل حـسب قدرتـه ولكـل حـسب (: يتويتلخص يف النص اآل ، فرادلأل

،ن كل فرد له حاجات طبيعية ال ميكنه احليـاة بـدون توفريهـا أوذلك ، )حاجته ل جهده فيـدفع لـه اتمـع متطلبـات حياتـه ويقـوم فهو يدفع للمجتمع ك

. مبعيشتهامـوع وتوفق فيه بـني حاجـة ، على منهاج اقتصادي ترمسه الدولة : ثالثا

زمـات دواء واأل لئال ميىن اتمـع بـنفس األ ، واالنتاج يف كميته وتنويعه وحتديده .يدحينما اطلق احلريات بغري حتد، مسايلأ اليت حصلت يف اتمع الر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 26: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٦

االحنراف عن العملية الشيوعية.....................................ڤن يطبقـوه أمل يـستطيعوا ، قطاب الشيوعية الذين نادوا ذا النظـام أولكن

نه ال بـد لتطبيقـه مـن أواعتقدوا ، خبطوطه كلها حني قبضوا على مقاليد احلكم ن االنـسان سـوف جيـيء أزاعمني ، اافكارها ودافعها ونزعأتطوير االنسانية يف

وحتيـا فيـه ، عليه اليوم الذي متوت يف نفسه الدوافع الشخصية والعقلية الفردية ال يف املـصلحة االجتماعيـة وال إفال يفكـر ، العقلية اجلماعية والنوازع اجلماعية

.ال يف سبيلهاإيندفع عي ـ كان من الضروري ـ يف عرف هـذا املـذهب االجتمـا جل ذلك وأل

، ليتخلص فيه االنـسان مـن طبيعتـه احلاضـرة ، قامة نظام اشتراكي قبل ذلك إ جريـت أوهذا النظـام االشـتراكي . ويكتسب الطبيعة املستعدة للنظام الشيوعي

ول مـن فـاخلط األ . فيه تعديالت مهمة على اجلانب االقتصادي مـن الـشيوعية قد بـدل اىل حـل وسـط ، ةوهو الغاء امللكية الفردي ، خطوط االقتصاد الشيوعي

، ميم الصناعات الثقيلة والتجارة اخلارجية والتجـارات الداخليـة الكـبرية أوهو ت س املـال أالغـاء ر ، خـرى أوبكلمـة . ووضعها مجيعا حتت االحنصار احلكـومي

نألوذلـك ، فـراد طالق الصناعات والتجارات البسيطة وتركهـا لأل إالكبري مع يوعي اصطدم بواقـع الطبيعـة االنـسانية الـذي اخلط العريض يف االقتصاد الش

فراد يتقاعسون عـن القيـام بوظـائفهم والنـشاط يف خذ األ أحيث ، ليهإشرنا أـ أل، وربون مـن واجبـام االجتماعيـة ، عملهم مني النظـام أن املفـروض ت

ن املفروض فيه عدم حتقيق العمـل واجلهـد مهمـا أملعيشتهم وسد حاجام كما مـا دامـت ، ذن جيهد الفرد ويكدح وجيهـد إفعالم . ثر من ذلك كألكان شديدا

ىل إوملـاذا ينـدفع ، !اخلمول والنـشاط ؟ هي النتيجة يف حايل ، النتيجة يف حسابه خـرين بعرقـه ودموعـه وعـصارة حياتـه فري السعادة لغريه وشراء راحة اآل تو

!! اخلالـصة؟ ال القيمـة املاديـة إما دام ال يؤمن بقيمة من قـيم احليـاة ، وطاقاته .ىل جتميد التاميم املطلقإطر زعماء هذا املذهب فاض

ىل تعديل اخلط الثاين من خطـوط االقتـصاد الـشيوعي إ يضاأكما اضطروا ىل النـشاط والتكامـل يف إلدفع العمـال ، جوروذلك جبعل فوارق بني األ : يضاأ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 27: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٧

لـى العقليـة ا فوارق موقتة سوف تزول حينما يقضي ع أمعتذرين ب ، العملجـل ذلـك جيـرون التغـيريات ألوهم . جديدا نشاءاإ االنسان أوينش، مساليةأالر

لتـدارك فـشل كـل ، ساليبهم االشـتراكية أاملستمرة على طرائقهم االقتصادية و ن للـتخلص مـن مجيـع الركـائز آلومل يوفقـوا حـىت ا . طريقة بطريقة جديدة

ـ . مسايلأقتصاد الر الساسية يف ا األ مـع ، القـروض الربويـة ائيـا ثالفلم تلغ م .مسايلأساس الفساد االجتماعي يف االقتصاد الرأا يف الواقع أ

و اـم غـري جـادين يف أ، ولئك الزعماء مقـصرون أن أوال يعين هذا كله ـم اصـطدموا بـالواقع حـني أمنا يعـين إو... مذهبهم وغري خملصني لعقيدم

الـيت تـضعها ، باملعاكـسات واملناقـضات ليئافوجدوا الطريق م ، رادوا التطبيق أ لالصـالح االجتمـاعي الـذي كـانوا االنقالبية مام الطريقة أالطبيعة االنسانية

ن تتحقـق املعجـزة يف وقـت أملـني آففرض عليهم الواقع التراجع ، يبشرون به .و بعيدأقريب ويـل فالشيوعية تستهدف يف ايـة شـوطها الط ، ما من الناحية السياسية أو

حني تتحقق املعجـزة وتعـم العقليـة اجلماعيـة كـل ، ىل حمو الدولة من اتمع إ مـا ، مـا قبـل ذلـك أال يف املصلحة املادية للمجموع و إفال يفكر اجلميع ، البشر

واتمـع ، وما دام البـشر غـري موحـدين يف طبقـة ، دامت املعجزة غري حمققة ن يكـون احلكـم عماليـا أم فـالالز ... مساليـة وعماليـة أىل قـوى ر إينقسم ىل إوديكتـاتوري بالنـسبة ، فهو حكم دميقراطي يف حدود دائرة العمـال ، خالصان الديكتاتورية العمالية يف احلكـم ضـرورية يف كـل أوقد عللوا ذلك ب . العموم وذلـك محايـة ملـصاحل الطبقـة ، اليت تطويها االنسانية بالعقلية الفردية ، املراحل ىل امليـدان مـن إومنعـا هلـا عـن الـربوز ، مساليـة أالرفاس نألوخنقا ، العاملة .جديد

مث يف ، الـذي يتمثـل يف االشـتراكية املاركـسية ، ن هذا املذهب أوالواقع نـه يرتكـز علـى أمسايل ب أميتاز على النظام الدميقراطي الر ... الشيوعية املاركسية جبميـع املثـل والقـيم ال يعترف هلا ، للحياة تتبىن فهما خاصا ، فلسفة مادية معينة

وال جلـزاء ، ال موضع فيه خلالق فـوق حـدود الطبيعـة ويعللها تعليال ، املعنوية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 28: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٨

وهذا علـى عكـس الدميقراطيـة . وراء حدود احلياة املادية احملدودة مرتقب سـاس فلـسفي أولكنـها مل تـنب علـى ، ماديا ن كانت نظاما إفاا و ، مساليةأالر

آمنـت ، لة االجتماعيـة ألة الواقعية للحياة واملـس أبني املسحمدود فالربط الصحيح .يضاحهإو مل حتاول أ، مساليةأومل تؤمن به الدميقراطية الر، به الشيوعية املادية

وامتحانـه عـن ، بالـدرس الفلـسفي وذا كان املذهب الشيوعي حقيقـا ـ إف، طريق اختبار الفلسفة اليت ركز عليها وانبثق عنها ل نظـام ن احلكم علـى ك

.يف تصوير احلياة وادراكها، يتوقف على مدى جناح مفاهيمه الفلسفيةو أول نظرة نلقيها على النظام الـشيوعي املخفـف أن ندرك يف أومن السهل

لـة مـسخرة آوجعلـه ، فنـاء الفـرد يف اتمـع إان طابعه العام هو ، الكامل مـن النظـام متامـا فهـو علـى النقـيض . لتحقيق املوازين العامة اليت يفترضها

نـه قـد قـدر أفك. مسايل احلر الذي جيعل اتمع للفرد ويـسخره ملـصاحله أالرن أ للشخصية الفردية والشخصية االجتماعية ـ يف عـرف هـذين النظـامني ـ

حـد النظـامني أفكانت الشخصية الفردية هـي الفـائزة يف . تتصادما وتتصارعا سـي آفمـين اتمـع بامل ، عـه الذاتيـة ساس الفرد ومناف أقام تشريعه على أالذي

وكانـت الشخـصية . االقتصادية اليت تزعزع كيانه وتشوه احلياة يف مجيع شـعبها خطـاء النظـام أالـذي جـاء يتـدارك ، خراالجتماعية هي الفائزة يف النظام اآل

فساند اتمع وحكم على الشخـصية الفرديـة باالضـمحالل والفنـاء ، السابقوحقـوقهم ، حن قاسية قضت على حريتهم ووجـودهم اخلـاص فراد مب صيب األ أف

.الطبيعية يف االختيار والتفكري املؤاخذات على الشيوعية............................................ڤ

،مساليـة احلـرة أدوات الر أن عاجل مجلة مـن إن النظام الشيوعي و أوالواقع ه مـضاعفات طبيعيـة جتعـل مثـن ن هذا العالج ل أغري ، مبحوه للملكية الفردية

ذا فـشلت إال إوطريقة تنفيذه شاقة على النفس ال ميكن سـلوكها ، العالج باهظا خـرى هـو عـالج نـاقص أومن ناحية ، هذا من ناحية . ساليبسائر الطرق واأل

نـه مل حيالفـه الـصواب يف أل، ال يضمن القضاء على الفساد االجتمـاعي كلـه

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 29: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٩

النقطة اليت انطلق منها الشر حىت اكتسح العامل يف ظل وتعيني، تشخيص الداء فبقيت تلك النقطـة حمافظـة علـى موضـعها مـن احليـاة ، مساليةأنظمة الر األ

نـسانية باحلـل احلاسـم وـذا مل تظفـر اإل . االجتماعية يف املذهب الـشيوعي صل أدواءهـا ويـست أومل حتصل على الـدواء الـذي يطيـب ، ملشكلتها الكربى

.ا اخلبيثةعراضهأـ إف: ما مضاعفات هذا العالج فهي جسيمة جدا أ نه القـضاء علـى أن من ش

ن هـذا ألوذلـك . القامة امللكية الشيوعية مقام امللكيات اخلاصة ، فرادحريات األ ن ىل حـد اآل إ، التحويل االجتماعي اهلائل على خالف الطبيعة االنـسانية العامـة

فكر ي ن االنسان املادي ال يزال أباعتبارـ كما يعترف بذلك زعماؤه ـ على االقل ووضـع تـصميم . وحيسب مصاحله من منظاره الفـردي احملـدود ، تفكريا ذاتيا

ويقضي على الـدوافع الذاتيـة قـضاء ، جديد للمجتمع يذوب فيه االفراد ائيا ، حديديـة يتطلب قوة حازمة متسك زمـام اتمـع بيـد ، موضع التنفيذ ... تاما

وحتتكـر مجيـع ، وسـاطه أوختنق كل نفس يتردد يف ، علو فيه وحتبس كل صوت ي ، ن تتعـداه حبـال أمة نطاقـا ال جيـوز وتضرب على األ ، وسائل الدعاية والنشر

.ةألئال يفلت الزمام من يدها فج، وتعاقب على التهمة والظنة قبـل ان تنـضج فيهـا ، مر طبيعي يف كل نظام يراد فرضه على االمة أوهذا

.ظام وتعم روحيتهعقلية ذلك النويعقل مـصاحله بعقليـة ، اجتماعيا خذ االنسان املادي يفكر تفكريا أنعم لو

هـواء الذاتيـة واالنبعاثـات وذابت من نفسه مجيع العواطف اخلاصة واأل ، مجاعية ال إوال يبقـى يف امليـدان ، فـراد ن يقوم نظام يـذوب فيـه األ أمكن أل، النفسية

الـذي ال ، لكن حتقيق ذلـك يف االنـسان املـادي و. العمالق االجتماعي الكبري ىل معجـزة إال اللـذة املاديـة حيتـاج إال حبياة حمدودة وال يعرف معىن هلا إيؤمن

والـشيوعيون يعـدوننا . رضىل األإوترتل ا مـن الـسماء ، ختلق اجلنة يف الدنيا وينتظرون ذلك اليـوم الـذي يقـضي فيـه املعمـل علـى طبيعـة ، ذه اجلنة

ن مل يكـن يـؤمن إو، عمالـه أفكاره و أ يف مثاليا وخيلقه من جديد انسانا ، نساناال ولو حتققت هذه املعجـزة فلنـا معهـم حينئـذ . خالقيةبذرة من القيم املثالية واأل

.كالم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 30: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٠

يـستدعي حـبس ، فوضع التصميم االجتماعي الـذي يرومونـه ، نآلما ا أو تنفيذه بقيام الفئة املؤمنـة بـه علـى منيأوت، فراد يف حدود فكرة هذا التصميم األ

ومنعهـا مـن . واالحتياط له بكبت الطبيعة االنسانية والعواطف النفـسية ، محايته ن كـسب إوالفرد يف ظل هـذا النظـام و . ساليبسلوب من األ أاالنطالق بكل

ن الثروة اجلماعيـة متـده بكـل أل، حلياته وحاجاته وضمانا اجتماعيا ، كامال ميناأت ن يظفـر أحسن حبـال هـذا الفـرد ليس من األ أولكن ... يف وقت احلاجة ذلك

ذابـة إىل إويـضطر ، ن خيسر استنشاق نسيم احلريـة املهذبـة أذا التامني دون !غراق نفسه يف البحر االجتماعي املتالطم؟إو، شخصه يف النار

ن يطمح باحلرية ـ يف ميدان من امليادين ـ انسان حـرم مـن أوكيف ميكن ن أمـع ، وربطت حياته الغذائية ربطـا كـامال يئـة معينـة ، رية يف معيشته احل

.ساس احلريات مجيعاأاحلرية االقتصادية واملعيشية هي مـاذا يـصنع االنـسان باحلريـة : ويعتذر عن ذلك املعتذرون فيتـساءلون

وهو يـرزح حتـت عـبء اجتمـاعي ، رائهآواالستمتاع حبق النقد واالعالن عن ىل التغذيـة الـصحيحة إحـوج أوهـو ، ن يناقش ويعترض أذا جيديه وما! فظيع؟

!ىل االحتجاج والضجيج الذي تنتجه له احلرية؟إواحلياة املكفولة منه ـا أك، مساليـة أىل الدميقراطيـة الر إال إوهؤالء املتسائلون مل يكونوا ينظرون

وا مـن قيمـة فانتقـص ، القضية االجتماعية الوحيدة اليت تنافس قضيتهم يف امليدان علـى التيـار االجتمـاعي وا فيهـا خطـرا أـم ر أل، الكرامة الفردية وحقوقها

ن ال تضحي بـشيء مـن مقوماـا وحقوقهـا أولكن من حق االنسانية ... العام منا وقفت موقف التخيري بـني كرامـة هـي إا أو، ما دامت غري مضطرة اىل ذلك

ذا اعوزهـا إ. من احلـق املـادي هلـا وبني حاجة هي ، من احلق املعنوي لالنسانية .النظام الذي جيمع بني الناحيتني ويوفق اىل حل املشكلتني

جـر عـادل أىل حياة طيبـة و إوال يطمئن ، خرون طاقاته يعتصر اآل ن انسانا إ وحيـل بينـه ، نسان قد حرم من التمتع باحليـاة إهلو ... احلاجةوقات أمني يف أوت

حماسـبا ، يف كـل حلظـة يعيش مهددا ن انسانا أكما . وبني احلياة اهلادئة املستقرة ـ وللسجن والنفي والقتل أل، معرضا لالعتقال بدون حماكمة ، على كل حركة ىـدن

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 31: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣١

ويـنغص ، يسلبه اخلوف حالوة العـيش ، هلو انسان مروع مرعوب ... بادرة .الرعب مالذ احلياة

هـو حلـم ، وسـالمته الواثق بكرامته ، ىل معيشته إواالنسان الثالث املطمئن فكيف يتحقق هذا احللم؟ ومىت يصبح حقيقة واقعة؟. االنسانية العذب ىل مـا إ ن العالج الشيوعي للمشكلة االجتماعية نـاقص مـضافا أوقد قلنا

.ن كان تتمثل فيه عواطف ومشاعر انسانيةإفهو و. ليه من مضاعفاتإشرنا أ ىل احلـل إمـن املفكـرين هـاب جبملـة أف، ثارها الطغيان االجتماعي العام أ منـا قـضوا إو، يديهم على سبب الفساد ليقضوا عليـه أم مل يضعوا أغري ، اجلديد

.فلم يوفقوا يف العالج ومل ينجحوا يف التطبيب، خرآعلى شيء ، مساليـة املطلقـة أثـام الر آت عنه أ امللكية اخلاصة ليس هو الذي نش أن مبد إ

هو الـذي يفـرض تعطيـل املاليـني مـن فال، اليت زعزعت سعادة العامل وهناءه كما حـدث يف فجـر . لة جديدة تقضي على صناعام آالعمال يف سبيل استثمار

جري وجهـوده بـال ور األ جأوال هو الذي يفرض التحكم يف ، االنقالب الصناعي ن يتلـف كميـات كـبرية مـن أمسـايل أوال هو الذي يفرض على الر ، حساب سلعة وتفضيال للتبذير على تـوفري حاجـات الفقـراء حتفظا على مثن ال ، منتوجاته

، س مـال كاسـب يـضاعفه بالربـا أىل جعل ثروتـه ر إوال هو الذي يدعوه ، ا ىل شـراء إوال هـو الـذي يدفعـه ، نتاج وال عمل إوامتصاص جهود املدينني بال

، مثاـا أسواق ليحتكرها ويرفـع بـذلك مـن مجيع البضائع االستهالكية من األ ن انتـهكت بـذلك حريـات إو. سواق جديـدة أالذي يفرض عليه فتح وال هو

...مم وحقوقها وضاعت كرامتها وحريتهااأل منـا هـي وليـدة إو، من امللكيـة اخلاصـة أسي املروعة مل تنش آكل هذه امل

، مسـايل أ للحيـاة يف النظـام الر املصلحة املادية الشخصية اليت جعلـت مقياسـا سـسه علـى أفاتمع حـني تقـام . فات واملعامالت واملربر املطلق جلميع التصر

ـ . ن ينتظر منه غري ما وقـع أ هذا املقياس الفردي واملربر الذايت ال ميكن ن مـن إف ال مـن ، طبيعة هذا املقياس تنبثق تلك اللعنات والويالت على االنـسانية كلـها

،بـة بدل املقياس ووضعت للحياة غايـة جديـدة مهذ أفلو ، مبدأ امللكية اخلاصة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 32: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٢

لتحقق بذلك العـالج احلقيقـي للمـشكلة ... تنسجم مع طبيعة االنسان .االنسانية الكربى

التعليل الصحيح للمشكلة...........................................ڤعلينـا ان ، وىل يف تعليل املشكلة االجتماعيـة ىل احللقة األ إن نصل أجل وأل

مقياسـا ، مسـايل أقامهـا النظـام الر أنتساءل عن تلك املصلحة املادية اخلاصة اليت ما هي الفكرة الـيت صـححت هـذا املقيـاس يف : نتساءل، وغاية وهدفا ومربرا

سـاس وحت به؟ فـان تلـك الفكـرة هـي األ أمسالية و أالذهنية الدميقراطية الر مساليـة يف حتقيـق سـعادة أقراطيـة الر وفـشل الدمي . احلقيقي للبالء االجتماعي

فقـد وضـعنا ، ن نقضي على تلك الفكرة أاالنسان وتوفري كرامته؟ واذا استطعنا وااللتـواءات علـى حقـوق ، لكل املؤامرات على الرفاه االجتماعي فاصال حدا

ىل استثمار امللكيـة اخلاصـة خلـري االنـسانية إووفقنا ، اتمع وحريته الصحيحة .وتقدمها يف ااالت الصناعية وميادين االنتاج، ورقيها

فما هي تلك الفكرة؟ شـاد أالـذي ، ن تلك الفكـرة تـتلخص يف التفـسري احملـدود للحيـاة إ

ـ آذا إن كـل فـرد يف اتمـع إف. مسالية اجلبار أعليه الغرب صرح الر ن أمـن ب يـضا أمـن آو، ميدانه الوحيد يف هذا الوجود العظيم هو حياته املاديـة اخلاصـة

ن يكـسب مـن هـذه أنه ال ميكن أو، حبريته يف التصرف ذه احلياة واستثمارها ىل إضـاف هـذه العقائـد املاديـة أو... ال اللذة اليت توفرها له املادة إاحلياة غاية فسوف يسلك الـسبيل الـذي سـلكه ، الذي هو من صميم طبيعته ، حب الذات

مل حترمه قـوة قـاهرة مـن حريتـه وتـسد ما ، ساليبهم كاملة أمساليون وينفذ أالرفكـل ، قدمأعم منها وأوحب الذات هو الغريزة اليت ال نعرف غريزة . عليه السبيل

ـ . مبا فيها غريزة املعيشة ، الغرائز فروع هذه الغريزة وشعبها ن حـب االنـسان إفمل والشقاء لذاتـه ـ هـو وبغضه لأل، ذاته ـ الذي يعين حبه للذة والسعادة لنفسه

ولـذا . وتوفري حاجياته الغذائية واملاديـة ، ىل كسب معيشته إي يدفع االنسان الذ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 33: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٣

سهل عليـه مـن أمل املوت أن حتمل أذا وجد إ، حلياته باالنتحار قد يضع حدا .الم اليت تزخر ا حياتهآلحتمل ا

الذي يكمـن وراء احليـاة االنـسانية كلـها ، ذنإفالواقع الطبيعي احلقيقي .ملالذي نعرب عنه حبب اللذة وبغض األ، صابعه هو حب الذاتأويوجهها ب

يف ،مل دون شيء من اللذة أل مرارة ا ن يتحمل خمتارا أوال ميكن تكليف االنسان عطـي طبيعـة أو، ذا سلبت منـه انـسانيته إال إ، خرون ويتنعموان يلتذ اآلأسبيل

.ملجديدة ال تتعشق اللذة وال تكره األ اليت نـشاهدها يف االنـسان ونـسمع ـا ، ة من االيثار لوان الرائع وحىت األ

غريـزة : ( لتلك القـوة احملركـة الرئيـسية يضاأختضع يف احلقيقة ... عن تارخيه وقـد يـضحي يف ، و صديقه على نفـسه أفاالنسان قد يؤثر ولده ). حب الذات

ولكنه لن يقدم على شيء من هـذه البطـوالت مـا ... سبيل بعض املثل والقيم يثـاره لولـده إومنفعة تفوق اخلسارة اليت تـنجم عـن ، حيس فيها بلذة خاصة مل

.و تضحيته يف سبيل مثل من املثل اليت يؤمن اأ، وصديقهنانيـة يف جمـاالت األ ، ن نفسر سلوك االنسان بصورة عامـة أوهكذا ميكننا

شـياء أففي االنـسان اسـتعدادات كـثرية لاللتـذاذ ب . وااليثار على حد سواء ليهـا مـن إلوان املتعة اجلنسية ومـا أكااللتذاذ بالطعام والشراب و مادية : نوعةمت

ـ ، و معنوية أ. اللذائذ املادية ليـف أو أبقـيم خلقيـة ، اطفيكااللتذاذ اخللقي والع و أليـف و ذلـك األ أن تلـك القـيم أحني جيد االنسان ، و عقيدة معينة أروحي

سـتعدادات الـيت ـيء االنـسان وهذه اال . هذه العقيدة جزء من كيانه اخلاص وتتفـاوت يف ، ختتلف يف درجاا عنـد االشـخاص ، لاللتذاذ بتلك املتع املتنوعة

باختالف ظروف االنسان وعوامل الطبيعة والتربيـة الـيت تـؤثر ... مدى فعليتها ن بعض تلـك االسـتعدادات تنـضج عنـد االنـسان بـصورة أفبينما جند . فيه

خـرى منـها قـد ال ألوانـا أن أجنـد ، تذاذ اجلنسي مثالكاستعداده لالل ، طبيعيةوتظل تنتظر عوامل التربية اليت تـساعد علـى نـضجها ، تظهر يف حياة االنسان

وغريزة حب الذات من وراء هذه االستعدادات مجيعـا حتـدد سـلوك . وتفتحها ىل االسـتئثار إ فهـي تـدفع انـسانا . االنسان وفقا ملدى نضج تلك االستعدادات

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 34: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٤

يثار الغري بالطعام خر إل آنسانا إوهي بنفسها تدفع ، خر وهو جائع آبطعام على ول لاللتذاذ بالقيم اخللقية والعاطفيـة الـذي ن استعداد االنسان األ أل. على نفسه

ومل تنج له عوامل التربية املـساعدة علـى تركيـزة . ىل االيثار كان كامنا إيدفعه صـبح يلتـذ بـالقيم اخللقيـة أف، لون من التربية خر ذا ال بينما ظفر اآل . وتنميته

.ويضحي بسائر لذاته يف سبيلها، والعاطفية ن نغـري مـن مفهـوم أجيـب ، ن نغري من سلوك االنسان شيئا أردنا أفمىت

طار العـام لغريـزة حـب وندخل السلوك املقترح ضمن اإل ، اللذة واملنفعة عنده .الذات وكانـت ، نة مـن دنيـا االنـسان ذا كانت غريزة حب الذات ذه املكا إف

وكانت اللـذة عبـارة عمـا ، الذات يف نظر االنسان عبارة عن طاقة مادية حمددة ـ أفمن الطبيعـي ... يئة املادة من متع ومسرات ن جمـال أن يـشعر االنـسان ب

ن حيصل علـى مقـدار أوان شوطه قصري وان غايته يف هذا الشوط ، كسبه حمدود ق ذلك ينحصر بطبيعة احلـال يف عـصب احليـاة املاديـة وطري. من اللذة املادية

.غراضه وشهواتهأىل حتقيق كل إمام االنسان السبيل أالذي يفتح ، وهو املال ىل عقليـة إالـذي يـؤدي ، هذا هو التسلسل الطبيعي يف املفـاهيم املاديـة

.مسالية كاملةأر بقينـا أو، خلاصـة ذا رفضنا مبدأ امللكيـة ا إ حامسان املشكلة حتل حال أفترى أ

ن أوهـل ميكـن ! ولئك املفكـرون ؟ أكما حاول ، تلك املفاهيم املادية عن احلياة ، بالقـضاء علـى امللكيـة اخلاصـة فقـط ، ساة تلك املفاهيم أينجو اتمع من م

، ن ضـمان سـعادته واسـتقراره أمع ، !وحيصل على ضمان لسعادته واسقراره؟ ـ إيتوقف راف املـسؤولني عـن منـاهجهم ىل حد بعيد على ضـمان عـدم احن

.يف ميدان العمل والتنفيذ، هدافهم االصالحيةأو ـم يعتنقـون نفـس املفـاهيم املاديـة أواملفروض يف هؤالء املـسؤولني

ن هـذه املفـاهيم أمنـا الفـرق إو، مساليةأعن احلياة اليت قامت عليها الر ، اخلاصة ل الـذي يتفـق يف كـثري ومن الفرض املعقـو ، فرغوها يف قوالب فلسفية جديدة أ

ن يكـون أو، ن تقف املصلحة اخلاصة يف وجه مـصلحة امـوع أ، حاينيمن األ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 35: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٥

وبني ربح ولذة يتمتع مـا ، خرينمل يتحملها حلساب اآل أ الفرد بني خسارة و مـن ضـمان يف ، هدافـه أوللمذهب و ، مة وحقوقها فماذا تقدر لأل ، على حسام

واملـصلحة الذاتيـة ال ! يت متر علـى احلـاكمني؟ ال، مثل هذه اللحظات اخلطرية ، ليقضي علـى هـذا الفـرض الـذي افترضـناه ، تتمثل فقط يف امللكية الفردية

ـ ، سـاليب أ امللكية اخلاصة بل هي تتمثـل يف أبالغاء مبد . لوان شـىت أوتتلـون بخذ يكشف عنه زعماء الشيوعية اليوم مـن خيانـات احلـاكمني أودليل ذلك ما

.هدافأالتوائهم على ما يتبنون من و، السابقني ، مساليـة يف ظـل االقتـصاد املطلـق أن الثروة تـسيطر عليهـا الفئـة الر إ

ـ ... وتتصرف فيها بعقليتها املادية ، واحلريات الفردية ميم الدولـة أتسلم ـ عند ت املكـون مـن ، ىل نفس جهاز الدولـة إوالغاء امللكية اخلاصة ـ ، جلميع الثروات

والـيت تفـرض علـيهم ، يهم نفس املفاهيم املادية عـن احليـاة مجاعة تسيطر عل ـ ، تقدمي املصاحل الشخصية حبكم غريـزة حـب الـذات ن يتنـازل أىب أوهـي ت

وما دامت املـصلحة املاديـة هـي القـوة . االنسان عن لذة ومصلحة بال عوض تـستانف مـن جديـد ميـادين فـسوف ، حبكم مفاهيم احلياة املادية ، املسيطرة

.وسوف يعرض اتمع الشكال من اخلطر واالسغالل، التنافسللصراع و ومـا ينبثـق عنـها ، فاخلطر على االنسانية يكمن كله يف تلك املفاهيم املادية

و أمساليـة ـ الـصغرية أوتوحيـد الثـروات الر . عمالهداف واألمن مقاييس لألهنيـة من دون تطـوير جديـد للذ ، مرها للدولةأالكبرية ـ يف ثروة كربى يسلم

عمـال شـركة مـة مجيعـا بل جيعل مـن األ ، ال يدفع ذلك اخلطر ... االنسانية .صحااأويربط حيام وكرامتهم باقطاب تلك الشركة و، واحدة

صـحاب تلـك أن أمساليـة يف أن هذه الشركة ختتلف عن الشركة الر إنعم هـوائهم أويـصرفوا يف ، رباحهـا أمساليـة هـم الـذين ميلكـون أالشركة الر

يف ، مـن ذلـك صحاب هذه الـشركة فهـم ال ميلكـون شـيئا أما أو. اخلاصة والفهـم ، ن ميادين املصلحة الشخصية ال تـزال مفتوحـة أغري ، مفروض النظام

. ـ ال يزال قائما املادي للحياة ـ الذي جيعل من تلك املصلحة هدفا ومربرا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 36: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٦

كيف تعاجل املشكلة؟.................................................ڤ :قامة دعائم اتمع املستقرإو. ىل دفع اخلطرإمامه سبيالن أوالعامل

ـ أ، ن يبدل االنسان غري االنسان أ: حدمهاأ هو ختلق فيه طبيعـة جديـدة جتعل يف سـبيل ... ومكاسـب حياتـه املاديـة احملـدودة ، يضحي مبصاحله اخلاصـة

ال قـيم تلـك املـصاحل املاديـة وال إقـيم نـه ال أميانـه ب إمع ، اتمع ومصاحله ذا انتـزع مـن صـميم إمنـا يـتم إوهذا . ال مكاسب هذه احلياة احملدودة إسبيل

، فيولد االنـسان وهـو ال حيـب ذاتـه ، بدل حبب اجلماعةأو، طبيعته حب الذات ـا أال مبـا إ، وال يلتـذ لـسعادته ومـصاحله ، من اتمع ال باعتبار كونه جزء إ

ـ . من السعادة العامة ومصلحة اموع با متثل جان ن غريـزة حـب اجلماعـة إفبطريقـة ميكانيكيـة ، تكون ضامنة حينئذ للسعي وراء مصاحلها وحتقيق متطلباـا

.يلآسلوب أو الـذي ميكـن للعـامل سـلوكه لـدرء اخلطـر حاضـر ، خـر والسبيل اآل

وبتطـويره ، حليـاة ن يطور املفهوم املادي لالنسان عـن ا أاالنسانية ومستقبلها هو .يسر طريقأوتتحقق املعجزة حينئذ من ، هدافها ومقاييسهاأتتطور طبيعيا

قطـاب الـشيوعيني بتحقيقـه لالنـسانية يف أول هو الذي حيلم والسبيل األ جيعلـها تتحـرك . جديـدا نـشاء إم سوف ينشؤوا أويعدون العامل ب ، مستقبلها

، ن يـتم هـذا العمـل اجلبـار أجل ألو. ىل خدمة اجلماعة ومصاحلها إميكانيكيا ويفـوض ، ىل اجلـراح إمر املـريض أكما يوكل ، ن نوكل قيادة العامل اليهم أجيب

حـد أوال يعلـم . وتعديل املعـوج منـها ، جزاء الفاسدة منه ليه تطبيبه وقطع األ إن إو. كم تطول هذه العملية اجلراحية اليت جتعل االنسانية حتـت مبـضع جـراح

كرب دليل على مدى الظلم الذي قاسـته يف النظـام أنية لذلك هلو استسالم االنسا خـريا أوسـلب منـها ، الذي خدعها باحلريات املزعومـة ، مسايلأالدميقراطي الر

.ليقدمها شرابا سائغا للفئة اليت ميثلها احلاكمون، وامتص دماءها، كرامتهار االنـسانية القائل مبعاجلة املشكلة عن طريـق تطـوي ، يأ يف هذا الر والفكرة

ـ . ترتكز على مفهوم املاركسية عـن حـب الـذات ... وانشائها من جديد نإف وظـاهرة غريزيـة يف كيـان طبيعيـا ن حب الذات ليس ميال أ املاركسية تعتقد

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 37: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٧

سـاس امللكيـة أمنا هو نتيجة للوضع االجتماعي القـائم علـى إو، االنسان اصـة هـي الـيت تكـون احملتـوى ن احلالة االجتماعية للملكيـة اخل أف، الفردية

وختلق يف الفـرد حبـه ملـصاحله اخلاصـة ومنافعـه ، الروحي والداخلي لالنسان ، سس الـيت يقـوم عليهـا الكيـان االجتمـاعي يف األ ذا حدثت ثورة إف. الفردية

فـسوف تـنعكس ... وحلت امللكية اجلماعية واالشتراكية حمل امللكيـة اخلاصـة فتنقلـب مـشاعره ، ع ويف احملتوى الـداخلي لالنـسان رجاء اتم أالثورة يف كل

ىل حـب إويتحول حبـه ملـصاحله ومنافعـه اخلاصـة ، ىل مشاعر مجاعية إالفردية ساسـية لقانون التوافـق بـني حالـة امللكيـة األ وفقا، ملنافع اجلماعة ومصاحلها

.وجمموع الظواهر الفوقية اليت تتكيف مبوجبها يقدر العالقـة بـني الواقـع ، اركسي حلب الذات ن هذا املفهوم امل أوالواقع

ال إو. وبني االوضاع االجتماعيـة بـشكل مقلـوب ، )غريزة حب الذات (الذايت والتناقـضات ، ن الدافع الذايت وليد امللكيـة اخلاصـة أن نؤمن ب أفيكف نستطيع

ملـا ، الـدافع الـذايت ن االنسان لو مل يكن ميلك سلفا إف! الطبقية اليت تنجم عنها؟ وملاذا يستاثر . وال فكر يف امللكية اخلاصة واالستئثار الفردي ، وجد هذه التناقضات أ

ويـضعه بالـشكل الـذي حيفـظ مـصاحله علـى ، االنسان مبكاسب النظـام فاحلقيقـة ! عمـاق نفـسه؟ أما دام ال حيس بالدافع الـذايت يف ، خرين حساب اآل

مل تكـن ... ي والـسياسي نانيـة يف احلقـل االقتـصاد ن املظاهر االجتماعية لأل أبعمـق منـها يف كيـان أفهذا الدافع . لغريزة حب الذات ، ال نتيجة للدافع الذايت إ

فـان عمليـة ، ثـار زالـة تلـك اآل إن يزول وتقتلع جذوره ب أفال ميكن ، االنسان، خرى قد ختتلف يف الـشكل والـصورة أثار ب آل ن تكون استبداال أكهذه ال تعدو

.هر واحلقيقةلكنها تتفق معها يف اجلو )غريـزة حـب الـذات : (ننا لو فسرنا الـدافع الـذايت أ، ىل ذلك إضف أ

، لظواهر الفرديـة يف النظـام االجتمـاعي ـ بوصفه انعكاسا ، تفسريا موضوعيا ن الدافع الـذايت أفال يعين هذا ، كظاهرة امللكية اخلاصة ـ كما صنعت املاركسية زالـة امللكيـة إب، االجتمـاعي سوف يفقد رصيده املوضوعي وسببه من النظـام

ولكنها ليـست هـي الوحيـدة ، ن كانت ظاهرة ذات طابع فردي إا و اخلاصة أل اليت حيتفظ ا حـىت النظـام ، اصة ـ ظاهرة االدراة اخل فهناك ـ مثال ، من نوعها

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 38: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٨

، ن كان يلغي امللكية اخلاصة لوسائل االنتـاج إفان النظام االشتراكي و . االشتراكي الـذي ، دارا اخلاصـة مـن قبـل هيئـات اجلهـاز احلـاكم إه ال يلغي نأغري

وحيتكر االشراف علـى مجيـع وسـائل االنتـاج ، ميارس ديكتاتورية الربوليتاريا دارة إميمهـا أن تدار وسـائل االنتـاج يف حلظـة ت أذ ليس من املعقول إ. داراإو

ذن أشـتراكي حيـتفظ فالنظـام اال . فراد اتمع كافة أمن قبل . مجاعية اشتراكية ومن الطبيعي هلذه الظواهر الفردية ان حتـافظ علـى الـدافع ، بظواهر فردية بارزة

كمـا كانـت تـصنع ، وتعكسه يف احملتوى الداخلي لالنسان باسـتمرار ، الذايت .ظاهرة امللكية اخلاصة

الـسبيل الـشيوعي الـذي : ول حلل املشكلة وهكذا نعرف قيمة السبيل األ وحـده كفـيال ... شريع امللكية اخلاصة وحموها من سجل القـانون لغاء ت إيعترب

.حبل املشكلة وتطوير االنسانـ إ، ما السبيل الثاين ـ الذي مر بنا ـ فهو الذي سلكه االسالم أو ن أميانا منه ب

ىل إفلـم يبتـدر . احلل الوحيد للمشكلة تطوير املفهوم املادي لالنسان عن احليـاة منا غزا املفهوم املادي عن احليـاة ووضـع للحيـاة إو، يبطله امللكية اخلاصة ل أمبد

لـة آ مل جيعـل فيـه الفـرد ساس ذلك املفهوم نظاما أقام على أو، مفهوما جديدا بـل ، وال اتمع هيئة قائمـة حلـساب الفـرد ، ميكانيكية يف اجلهاز االجتماعي

ـ ، وضع لكل منهما حقوقه فاالسـالم . اوكفل للفرد كرامته املعنوية واملاديـة مع ليـه إومـا ، وضع يده على نقطة الداء احلقيقية يف النظام االجتماعي للدميقراطية

فـان نقطـة االرتكـاز . فمحاها حموا ينسجم مع الطبيعة االنسانية ... نظمة أمن هـي ... سـي آلـوان امل أنواع الشقاء و أساسية ملا ضجت به احلياة البشرية من األ

اليت خنتصرها بعبارة مقتضبة يف افتـراض حيـاة االنـسان ىل احلياة إالنظرة املادية قامة املـصلحة الشخـصية مقياسـا إو، يف الدنيا هي كل ما يف احلساب من شيء

.لكل فعالية ونشاط مسالية نظام حمكوم عليـه بااليـار والفـشل احملقـق يف أن الدميقراطية الر إ

ـ ، نظر االسالم شيوعي مـن تناقـضات ولكن ال باعتبار ما يزعمـه االقتـصاد ال ...وعوامل الفناء اليت حتملها امللكية اخلاصة يف ذاا، س املال بطبيعتهأر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 39: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٩

وفلـسفته ، واقتـصاده الـسياسي ، ن االسالم خيتلف يف طريقته املنطقيـة ألوضـحنا ذلـك يف أعن مفاهيم هذا الزعم وطريقته اجلدلية ـ كما ... االجتماعية

خال مـن . ع امللكية الفردية يف تصميم اجتماعي ـ ويضمن وض ) اقتصادنا(كتاب .تلك التناقضات املزعومة

مساليـة يف أالذي منيت به الدميقراطية الر ، ن مرد الفشل والوضع الفاجع أبل ن يـسعد البـشر أالـيت ال ميكـن ، ىل مفاهيمها املادية اخلالـصة إعقيدة االسالم

. روحهـا وتوجيههـا ويستمد خطوطه العامة مـن ، بنظام يستوحي جوهره منها خر ـ غري املفاهيم املادية عـن الكـون ـ يـستقي منـه آذن من معني إفال بد

وال بد من وعي سياسي صحيح ينبثق عـن مفـاهيم حقيقيـة . النظام االجتماعي ىل حتقيقها علـى قاعـدة تلـك إويسعى ، ويتبىن القضية االنسانية الكربى ، للحياة وعنـد اكتمـال هـذا الـوعي . ذه الزاويـة ويدرس مسائل العامل من ه ، املفاهيم

وغـزوه لكـل مفهـوم ، خـر آواكتساحه لكل وعي سياسي ، السياسي يف العامل ، ن يدخل العـامل يف حيـاة جديـدة أميكن ... للحياة ال يندمج بقاعدته الرئيسية

.مشرقة بالنور عامرة بالسعادة ن أالعـامل و ن هذا الوعي السياسي العميق هو رسالة الـسالم احلقيقـي يف إ

الـيت اسـتمدت نظامهـا ، هذه الرسالة املنقذة هلي رسـالة االسـالم اخلالـدة نظمة ـ من قاعدة فكرية جديـدة أاالجتماعي ـ املختلف عن كل ما عرضناه من

.للحياة والكون ىل إوجد االسالم بتلك القاعدة الفكرية النظـرة الـصحيحة لالنـسان أوقد

واـا اعـداد ، مطلـق الكمـال أ منبثقة عن مبـد ن حياته أفجعله يؤمن ب ، حياته يف كـل جديـدا خلقيـا ونصب له مقياسا، لالنسان اىل عامل ال عناء فيه وال شقاء

فلـيس كـل مـا تفرضـه املـصلحة . رضا اهللا تعـاىل : وهو، دوارهأخطواته و وكل ما يؤدي اىل خـسارة شخـصية فهـو حمـرم وغـري ، الشخصية فهو جائز

هلدف الذي رمسه االسـالم لالنـسان يف حياتـه هـو الرضـا بل ا ... مستساغ منا هو مقـدار مـا حيـصل إعمال واملقياس اخللقي الذي توزن به مجيع األ ، االهلي

واالنسان املستقيم هو االنـسان الـذي حيقـق هـذا ، ا من هذا اهلدف املقدس

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 40: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٤٠

ـ ، اهلدف ىت والشخصية االسالمية الكاملة هي الشخصية اليت سـارت يف ش .وضمن اطاره العام، وضوء هذا املقياس، شواطها على هدي هذا اهلدفأ

غراضـه يعـين أوليس هذا التحويل يف مفاهيم االنسان اخللقية وموازينـه و كمـا كانـت تعـين الفكـرة ، جديـدا نشاءاإنشائها إو، تغيري الطبيعة االنسانية

هاا ــ أي حـب االنـسان لذاتـه وحتقيـق مـشتي فحب الـذات . الشيوعيةوضـح مـن أ. وال نعرف استقراء يف ميدان جترييب ، ـ طبيعي يف االنسان اخلاصة

بـل . الذي يربهن على ذاتية حـب الـذات ، استقراء االنسانية يف تارخيها الطويل ول ـ قبل كـل لالنسان ملا اندفع االنسان األلو مل يكن حب الذات طبيعيا وذاتيا

والـسعي وراء ، خطار عـن ذاتـه ودفع األ، هىل حتقيق حاجاتإـ تكوينة اجتماعية وبالتـايل ، بقـى وجـوده أساليب البدائية اليت حفظ ا حياتـه و باأل... مشتهياته

حتقيقـا لتلـك ، خـرين خوض احلياة االجتماعية واالندماج يف عالقـات مـع اآل وملا كان حب الذات حيتـل هـذا املوضـع مـن . احلاجات ودفعا لتلك االخطار

ن يقـوم أي عالج حاسم للمشكلة االنـسانية الكـربى جيـب أف، نطبيعة االنسا و التغلـب أذا قـام علـى فكـرة تطويرهـا إو. ميان ذه احلقيقة ساس اإل أعلى فهو عالج مثايل ال ميدان لـه يف واقـع احليـاة العمليـة الـيت يعيـشها ، عليها

. االنسان رسالة الدين.............................................................ڤ

، ن يـضطلع باعبائهـا غـريه أالدين هنا برسالته الكربى اليت ال ميكن ويقوم فريبـط ، ال على اسسه وقواعـده إغراضها الرشيدة أهدافها البناءة و أن حتقق أوال

. بني املقياس اخللقي الذي يضعه لالنسان وحب الذات املتركز يف فطرته ، د بـني املقيـاس الفطـري للعمـل واحليـاة ن الدين يوح إ: خرآويف تعبري

ليـضمن ، ن يقـام للعمـل واحليـاة أواملقياس الـذي ينبغـي ، وهو حب الذات .السعادة والرفاه والعدالة

ن يقـدم مـصاحله الذاتيـة علـى أن املقياس الفطري يتطلب من االنسان إ ن حيكـم أواملقيـاس الـذي ينبغـي ، مصاحل اتمع ومقومات التماسـك فيـه

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 41: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٤١

وتتوازن يف مفاهيمـه ، ويسود هو املقياس الذي تتعادل يف حسابه املصاحل كلها .القيم الفردية واالجتماعية

لتعود الطبيعـة االنـسانية ، فكيف يتم التوفيق بني املقياسني وتوحيد امليزانني سـاة أن كانت مثـار امل أبعد . يف الفرد عامال من عوامل اخلري والسعادة للمجموع

.شكاهلا؟أنانية و اليت تتفنن يف األوالرتعةوتتخـذ ، ن التوفيق والتوحيد حيصل بعملية يضمنها الدين للبشرية التائهـة إ

:سلوبنيأالعملية شـاعة فهمهـا يف إو، هو تركيز التفسري الـواقعي للحيـاة : ولسلوب األ األ

يكسب االنـسان فيهـا مـن ، خرويةأىل حياة إكمقدمة متهيدية ، لوا الصحيح يف سـبيل حتـصيل رضـا . ادة على مقدار ما يسعى يف حياته احملدودة هـذه السع يف ، و رضا اهللا تعـاىل ـ يـضمن املـصلحة الشخـصية أفاملقياس اخللقي ـ . اهللا

خـذ بيـد أفالـدين ي . هدافه االجتماعيـة الكـربى أنفس الوقت الذي حيقق فيه علـى قـضايا العدالـة قامة اتمع السعيد واحملافظـة إىل املشاركة يف إ االنسان

، ن ذلك يـدخل يف حـساب رحبـه الشخـصي أل، اليت حتقق رضا اهللا تعاىل ، فيه .جلهأعظم العوض وأما دام كل عمل ونشاط يف هذا امليدان يعوض عنه ب

يف مفـاهيم الـدين عـن احليـاة ، يـضا ألة اتمع هي مسالة الفـرد أفمس توفيـق يف ظـل فهـم مـادي سلوب من ال ن حيصل هذا األ أوال ميكن . وتفسريها

ىل ميدانـه إال إفان الفهم املادي للحياة جيعل االنسان بطبيعتـه ال ينظـر ، للحياة على عكس التفسري الـواقعي للحيـاة الـذي يقدمـه ، احلاضر وحياته احملدودة

ىل إعمـق أويفـرض عليـه نظـرة ، فانه يوسع من ميـدان االنـسان ، االسالم يف هـذه النظـرة سارة العاجلـة رحبـا حقيقيـا وجيعل من اخل ، مصاحله ومنافعه

:رباح العاجلة خسارة حقيقية يف اية املطافومن األ، العميقة .)من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها() هأنثى و ن ذكر أوا محالل صمع نمـة ونلون الجخـدي ـكلئفأو نمؤم و

.)يرزقون فيها بغير حساب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 42: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٤٢

مثقـال ذرة خيـرا يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم، فمـن يعمـل (هرا يرش ةثقال ذرل ممعن يمو ،هري(.

ذلك بأنهم ال يصيبهم ظمأ وال نصب وال مخمصة فـي سـبيل اللـه وال ( طؤون ي ـم بـهله ـبال إال كتـين وـدع ـنالون منال يو يظ الكفارغئا يطوم

وال ينفقـون نفقـة صـغرية وال لمحـسنني عمل صالح إن الله ال يضيع أجر ا كبرية وال يقطعون واديا إال كتـب لهـم ليجـزيهم اللـه أحـسن مـا كـانوا

.) يعملون ،ولسـلوب األ هذه بعض الصور الرائعة اليت يقدمها الدين مثـاال علـى األ

ق بني املقياسني وتوحيد امليزانني فريبـط بـني الـدوافع الذاتيـة الذي يتبعه للتوفي ـ ، وسبل اخلري يف احلياة ن أويطور من مـصلحة الفـرد تطـويرا جيعلـه يـؤمن ب

مــصاحله اخلاصــة واملــصاحل احلقيقيــة العامــة لالنــسانية ـ الــيت حيــددها .)١( االسالم ـ مترابطتان

وفيـق بـني الـدافع الـذايت للت، سلوب الثاين الذي يتخذه الـدين ما األ أو تعـىن بتغذيـة ، و املصاحل االجتماعية فهو التعهد بتربية اخالقيـة خاصـة أوالقيم

فـان يف طبيعـة . وتنمية العواطف االنسانية واملشاعر اخللقية فيه ، االنسان روحيا بعـضها ميـول ، طاقات واستعدادات مليول متنوعةاالنسان ـ كما املعنا سابقا ـ

، شهواا بصورة طبيعيـة كـشهوات الطعـام والـشراب واجلـنس مادية تتفتح جـل ذلـك كـان مـن وأل، وبعضها ميول معنوية تتفتح وتنمو بالتربية والتعاهد

ـا تتفـتح ن تسيطر عليه امليول املادية ألأذا ترك لنفسه ـ إالطبيعي لالنسان ـ .نفس مستترةوتظل امليول املعنوية واستعداداا الكامنة يف ال، بصورة طبيعية

مـر تربيـة أفهو يوكل ، والدين باعتباره يؤمن بقيادة معصومة مسددة من اهللا فتنـشا بـسبب ، ىل هذه القيـادة وفروعهـا إاالنسانية وتنمية امليول املعنوية فيها

ويـصبح االنـسان حيـب القـيم . ذلك جمموعة من العواطف واملشاعر النبيلـة ويزيح عن ، احترامها ويستبسل يف سبيلهااخللقية واملثل اليت يربيه الدين على

.٣٠٨ص : ـ انظر اقتصادنا 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 43: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٤٣

ن حب الـذات أوليس معىن ذلك . مامها من مصاحله ومنافعه أطريقها ما يقف ن العمل يف سـبيل تلـك القـيم واملثـل تنفيـذ أميحى من الطبيعة االنسانية بل

فان القيم بـسبب التربيـة الدينيـة تـصبح حمبوبـة . رادة حب الذات كامل إل كون حتقيق احملبوب بنفسه معربا عن لذة شخـصية خاصـة فتفـرض لالنسان وي

جـل القـيم اخللقيـة احملبوبـة حتقيقـا للـذة طبيعة حب الذات بذاا السعي أل .خاصة بذلك

لة ألة اخللقيـة باملـس أفهذان مها الطريقان اللذان ينتج عنـهما ربـط املـس نأجـل بديـة ال أل أعطاء التفسري الواقعي حليـاة إحدمها يف أويتلخص ، الفردية

ن خينـع للظلـم ويقـر علـى غـري جـل ا وال أل ، يزهد االنسان يف هذه احلياة الـذي ميـده ، جل ضبط االنسان باملقيـاس اخللقـي الـصحيح بل أل ... العدل

.ذلك التفسري بالضمان الكايف عنها يف نفس االنـسان خمتلـف أخر يف التربية اخللقية اليت ينش ويتلخص اآل

.جراء املقياس اخللقي بوحي من الذاتإاليت تضمن ، اطفاملشاعر والعومهـا ... فالفهم املعنوي للحياة والتربية اخللقية للنفس يف رسـالة االسـالم

.ساة االنسانيةأعمق للمالسببان اتمعان على معاجلة السبب األ بديـة بـالفهم املعنـوي أا متهيـد حليـاة أولنعرب دائما عن فهم احلياة على

الـيت تغـذيها التربيـة اخللقيـة ، حاسـيس يضا عن املشاعر واأل أولنعرب . اةللحي .باالحساس اخللقي باحلياة

مها الركيزتـان اللتـان يقـوم ، فالفهم املعنوي للحياة واالحساس اخللقي ا :الذي يضعه االسالم لالنسانية وهو، ساسهما املقياس اخللقي اجلديدأعلى

سـالم مقياسـا عامـا يف ـ هذا الذي يقيمـه اإل ورضا اهللا . رضا اهللا تعاىل .ىل ساحل احلق واخلري والعدالةإ احلياة ـ هو الذي يقود السفينة البشرية

سالمي تتمثل فيما يرتكز عليه مـن فهـم معنـوي ساسية للنظام اال فامليزة األ اعتبـار الفـرد : واخلط العريض يف هذا النظـام هـو ، حساس خلقي ا إللحياة و فلـيس الفـرد . مني احلياة الفردية واالجتماعية بشكل متـوازن أوت، معاواتمع

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 44: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٤٤

وليس الكائن االجتماعي الكبري هو ، هو القاعدة املركزية يف التشريع واحلكم .ليه الدولة وتشرع حلسابهإالشيء الوحيد الذي تنظر

مـا نظـام إوكل نظام اجتماعي ال ينبثق عن ذلك الفهم واالحـساس فهـو قـسى فتتعـرض احليـاة االجتماعيـة أل ، ي مع الفـرد يف نزعتـه الذاتيـة جير

نظام حيبس يف الفرد نزعته ويـشل فيـه طبيعتـه ما أو، خطارشد األ أاملضاعفات و الكفاح املريـر الـدائم بـني النظـام وتـشريعاته أفينش. لوقاية اتمع ومصاحله

دائما لالنتكـاس علـى بل يتعرض الوجود االجتماعي للنظام ، واالفراد ونزعام وما دامت هذه الرتعـات جتـد ، يضاأ يد منشئه ما دام هؤالء ذوي نزعات فردية

واسـعا خرى وتسلم القيادة احلامسـة ـ جمـاال هلا ـ بكبت الرتعات الفردية األ .وميدانا ال نظري له لالنطالق واالستغالل

نظـام كامـل حساس خلقي ا ال ينبثق عنـهما إوكل فهم معنوي للحياة و وتعطى لكل فـرد حريتـه الـيت ، للحياة حيسب فيه لكل جزء من اتمع حسابه

واليت تقوم الدولة بتحديدها يف ظـروف الـشذوذ ، هذا ذلك الفهم واالحساس ن كل عقيدة ال تلد لالنسانية هذا النظام فهـي ال ختـرج عـن أقول أ... عنهما

حامسـا وقـضاء حمـدودا وليست عالجا من الويالت كوا تلطيفا للجو وختفيفا منا يشاد البناء االجتماعي املتماسك علـى فهـم إو. مراض اتمع ومساوئه أعلى

ـ ، حساس خلقي ا ينبثـق عنـهما إمعنوي للحياة و احليـاة بـروح هـذا ألمي .االحساس وجوهر ذلك الفهم

،لقيـة فهو عقيـدة معنويـة وخ . روعهاأخصر عبارة و أوهذا هو االسالم يف ويـضع هلـا ، يرسم هلا شوطها الواضح احملـدد ، ينبثق عنها نظام كامل لالنسانية

.ويعرفها على مكاسبها منه، على يف ذلك الشوطأ هدفا حـساسه إوجيرد االنـسان عـن ، ن يقضي على الفهم املعنوي للحياة أما أو

، املاديـة خالـصة خلقتـها املـصاحل وهامـا أوتعترب املفاهيم اخللقية ، اخللقي ا والعامل االقتصادي هو اخلالق لكل القيم واملعنويات وترجى بعد ذلـك سـعادة

ذا إال إفهـذا هـو الرجـاء الـذي ال يتحقـق ، واسقرار اجتماعي هلا ، لالنسانية .جهزة ميكانيكية يقوم على تنظيمها عدة من املهندسني الفنينيأتبدل البشر اىل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 45: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٤٥

دة ذلك الفهم املعنوي للحيـاة واالحـساس وليست اقامة االنسان على قاع ـ إف، وعسريا شاقا اخللقي ا عمال داء أن االديان يف تاريخ البـشرية قـد قمـت ب

وليس جلميع ما حيفـل بـه العـامل اليـوم مـن ، رسالتها الكبرية يف هذا املضمار وضـح أتعليـل ... ومشاعر وعواطف نبيلـة ، حاسيس خلقية أو، مفاهيم معنوية

ديـان سسها باجلهود اجلبارة اليت قامت ـا األ أطقية من تعليل ركائزها و كثر من أو .وما ينبغي له من حياة وعمل، لتهذيب االنسانية والدافع الطبيعي يف االنسان ن بلغ البـشر درجـة خاصـة أبعد ، وقد محل االسالم املشعل املتفجر بالنور

،بعـد مـدى أ نطـاق و وسـع أفبشر بالقاعدة املعنوية واخللقية على ، من الوعي خذت بزمـام العـامل ربـع أ، فكريةقام دولة أو، نسانيةإساسها راية أ ورفع على

ومجعه على قاعدة فكرية واحـدة ترسـم ، ىل توحيد البشر كله إواستهدفت ، قرن حـدامها تربيـة االنـسان إ: فالدولة االسالمية هلا وظيفتان . سلوب احلياة ونظامها أ

خـرى مراقبتـه واأل، حاسيسه بطابعهـا أبعه يف اجتاهه و وط، على القاعدة الفكرية .ذا احنرف عنها عملياإىل القاعدة إرجاعه إو، من خارج

للناحية الـشكلية مـن احليـاة ولذلك فليس الوعي السياسي لالسالم وعيا ىل نظرة كلية كاملـة حنـو إمرده ، بل هو وعي سياسي عميق ، االجتماعية فحسب

ــاع ــون واالجتم ــاة والك ــذه احلي ــالق فه ــصاد واالخ ــسياسة واالقت وال .النظرة الشاملة هي الوعي االسالمي الكامل

ال ينظـر سـطحيا سياسـيا ن يكون وعيا أما إخر فهو آوكل وعي سياسي و يكـون أوال يقيم مفاهيمه على نقطة ارتكـاز خاصـة ، ىل العامل من زاوية معينة إ

اليت متـون البـشرية بالـصراع ، لبحتة يدرس العامل من زاوية املادة ا وعيا سياسيا .لوانهأشكالة وأوالشقاء يف خمتلف

خرياأو.................................................................ڤ خنـرج بنتيجـة ، ربعـة ويف اية مطافنا يف املذاهب االجتماعيـة األ ، واخريا

املشكلة االساسية اليت تتولد عنها كل الشرور االجتماعية وتنبعـث منـها ن أ هي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 46: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٤٦

ثام مل تعاجل املعاجلة الصحيحة اليت حتسم الداء وتستاصله من جـسم لوان اآل أخمتلف .اتمع البشري يف غري املذهب االجتماعي لالسالم من مذاهب

ويف ، يـاة والكـون ن نقف عند املبدأ االسالمي يف فلسفته عـن احل أفال بد ويف تشريعاته ومناهجه لنحصل علـى املفـاهيم ، فلسفته عن االجتماع واالقتصاد

والفكـر االسـالمي الـشامل مقـارنني بينـه وبـني ، الكاملة للوعي االسالمي .خرى فيما يقرر من مناهج ويتبىن من عقيدة املبادئ األ

وم عليـه مـن عقيـدة بدراسة ما يقأ تبدأن دراستنا لكل مبدأوبطبيعة احلال عـن احليـاة والكـون أفمفاهيم كل مبد، عامة من احلياة والكون وطريقة فهمهما

ول المتحـان املبـادئ هـو وامليزان األ ، أساسية لكيان ذلك املبد تشكل البنية األ حكامهـا وصـحتها أساسية اليت يتوقف علـى مـدى اختبار قواعدها الفكرية األ

.هاحكام البنيات الفوقية وجناحألدراسـة البنيـة ) كتابنا(وىل من جل ذلك فسوف خنصص هذه احللقة األ وأل

ونـدرس البنيـات الفوقيـة يف احللقـات أوىل اليت هي نقطة االنطالق للمبـد األ .ن شاء اهللا تعاىلإخرى األ

مـن عقيـدة معينـة عـن احليـاة مسايل الدميقراطي ليس منبثقا أوالنظام الر كامل لقيمها اليت تتصل باحلياة االجتماعيـة وتـؤثر والكون وال مرتكزا على فهم

عقيـدة يف أن املبـد أل، أباملعىن الـدقيق للفـظ املبـد مبدأ وهو هلذا ليس . فيها .احلياة ينبثق عنها نظام للحياة

ما االشتراكية والشيوعية املاركسيتان فقد وضعتا على قاعدة فكرية وهـي أوسالم بقاعدة فكرية عن احليـاة هلـا طريقتـها وخيتص اال، )الفلسفة املادية اجلدلية (

.اخلاصة يف فهم احلياة وموازينها املعينة هلا فنحن اذن بني فلسفتني ال بد مـن دراسـتهما لنتـبني القاعـدة الفكريـة

ن نشيد عليها وعينا االجتمـاعي الـسياسي لقـضية أ الصحيحة للحياة اليت جيب عمـال ونـزن الذي نقيس به قـيم األ ومقياسنا االجتماعي والسياسي ، العامل كله

.حداث االنسانية يف مشاكلها الفردية والدوليةأبه

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 47: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٤٧

أي علـى : والقاعدة اليت يرتكز عليها املبدا حتتوي على الطريقـة والفكـرة وملا كنا ال نـستهدف يف هـذا . حتديد طريقة التفكري وحتديد املفهوم للعامل واحلياة

ية لذاا وامنـا نريـد دراسـة القواعـد الفكريـة ىل الدراسات الفلسف إالكتاب ساسـيني لكـل قاعـدة فكريـة فسوف نقتصر على درس العنصرين األ ، للمبادئ

فهاتـان . واملفهـوم الفلـسفي للعـامل ، طريقـة الـتفكري : ومها، ينبثق عنها نظام وملـا كـان مـن الـضروري حتديـد . لتان مها مدار البحث يف هذا الكتاب أاملس

بنظرية املعرفة اليت حتتـوي علـى حتديـد معـامل أوين املفاهيم فنبد الطريقة قبل تك ويتلو بعد ذلـك درس املفهـوم الفلـسفي العـام عـن ، التفكري وطريقته وقيمته

.العامل بصورة عامة ن املـستفاد مـن االسـالم أن يعرف قبـل البـدء أوحيسن بالقارئ العزيز

عقليـة يف الـتفكري واملفهـوم أي الطريقـة ال ، منا هو الطريقة واملفهوم إبالصميم لوان الربهنـة علـى هـذا وذاك فلـسنا أساليب االستدالل و أما أو. االهلي للعامل

منا هي حصيلة دراسات فكريـة لكبـار املفكـرين إو، اىل االسالم نضيفها جيمعا .من علماء املسلمني وفالسفتهم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 48: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٤٨

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 49: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٤٩

١ املعرفةنظرية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 50: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٥٠

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 51: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٥١

○ـ املصدر االساسي للمعرفة ١ ○ يف املعرفة االنسانية مناقشات فلسفية حادة حتتل مركـز رئيـسيا تدور حول

ة فهي نقطة االنطالق الفلـسفي القامـة فلـسف ، الفلسفة وخاصة الفلسفة احلديثة فما مل حتدد مصادر الفكر البشري ومقاييـسه وقيمـه ، متماسكة عن الكون والعامل

.ية دراسة مهما كان لواأ ال ميكن القيام بمـصادر املعرفـة حدى تلك املناقشات الضخمة هي املناقشة اليت تتنـاول إو

وليـة ن تستكـشف الركـائز األ أوحتـاول ، ساسية بالبحث والدرس ومنابعها األ :اجلبار الذي متلكه البشرية فتجيب بذلك على هذا السؤاللفكري للكيان ا

وكيف تكونت حياته العقلية بكل ما تزخر ، ت املعرفة عند االنسان أكيف نش وما هو املصدر الذي ميد االنـسان بـذلك الـسيل مـن ، فكار ومفاهيم أبه من

الفكر واالدراك؟؟اته وتتعـدد يف نفـسه شياء عديدة يف حيأنسان ـ يعلم إنسان ـ كل ن اإلإ

أ من املعـارف االنـسانية ينـش ن كثريا أوال شك يف ، الوان من التفكري واالدراك .فيستعني االنسان مبعرفة سابقة على تكوين معرفة جديدة، بعضها عن بعض

على الينبـوع العـام ، ولية للتفكري ن نضع يدنا على اخليوط األ ألة هي أواملس .لالدراك بصورة عامة

ىل إن االدراك ينقـسم بـصورة رئيـسية أ نعرف قبل كل شـيء نأوجيب خـر التـصديق وهـو االدراك آلوا. احدمها التصور وهو االدراك الساذج ، نوعني

، و الـصوت أو النـور أكتصورنا ملعـىن احلـرارة ، فالتصور. املنطوي على حكم وان الـشمس ، ن احلرارة طاقة مستوردة مـن الـشمس أكتصديقنا ب ، والتصديق

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 52: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٥٢

.)١( انور من القمر وان الذرة قابلة لالنفجار ونتنـاول بعـد ، سباا ومـصادرها أن بالتصورات البشرية لدرس اآل أونبد

. ذلك التصديقات واملعارف التصور ومصدره األساسي...........................................ڤ

املـصدر احلقيقـي للتـصورات واالدراكـات ) االساسـي (ونقصد بكلمة احـدمها : ن الذهن البشري ينطوي على قسمني من التـصورات أذلك . البسيطة

ىل إكمعاين الوجود والوحدة واحلـرارة والبيـاض ومـا ، املعاين التصورية البسيطة خـر املعـاين املركبـة أي والقـسم اآل ، ذلك من مفـردات للتـصور البـشري

جـبال (فقـد نتـصور . لناجتة عن اجلمع بني تلك التصورات البسيطة التصورات ا مث نركـب بـني هـذين التـصورين ) قطعة مـن الـذهب (ونتصور ) من تراب

فهـذا التـصور ). تصور جبل من الـذهب (فيحصل بالتركيب تصور ثالث وهو ولني وهكذا ترجع مجيـع التـصورات املركبـة مركب يف احلقيقة من التصورين األ

.مفردات تصورية بسيطةىل إ لة اليت نعاجلها هي حماولة معرفـة املـصدر احلقيقـي هلـذه املفـردات أواملس

نظرية خاصة يف ) كجون ستورات ميل(ـ ولبعض الفالسفة احلسيني 1

ىل قوانني تداعي إفمرد التصديق . ين متداعينيالتصديق حاولوا ا تفسريه بتصورن أولكن احلقيقة ، وليس احملتوى النفسي اال تصور املوضوع وتصور احملمول، املعاين

فهو قد يتحقق يف كثري من ، تداعي املعاين خيتلف عن طبيعة التصديق كل االختالف لواناأالساطري فالرجال التارخييون الذين تسبغ عليهم ا، ااالت وال يوجد تصديق

وتتداعى ، من البطوالت يقترن تصورهم يف ذهننا بتصور تلك البطوالتفالتصديق اذن . ساطريومع ذلك فقد ال نصدق بشيء من تلك األ، التصورات

وعدم التمييز بني التصور والتصديق يف ، عنصر جديد ميتاز على التصور اخلالصوجعل عدة من ، خطاءلة من األىل مجإدى أعدة من الدراسات الفلسفية احلديثة

بني لة تعليل املعرفة واالدراك من دون ان يضعوا فارقاأالفالسفة يدرسون مسلة يف أن النظرية االسالمية تفصل بينهما وتشرح املسأوستعرف . التصور والتصديق

.سلوب خاصأكل منهما ب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 53: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٥٣

.وسبب انبثاق هذه التصورات البسيطة يف االدراك االنسايندوار الفلـسفة اليونانيـة واالسـالمية أوهذه املسالة هلا تاريخ مهم يف مجيع

في علـى مـدة حلـول تـتلخص يف وقد حصلت عرب تارخيها الفلس ، وروبيةواأل :تيةالنظريات اآل

:ـ نظريات االستذكار االفالطونية١ن االدراك عملية استذكار للمعلومات الـسابقة وقـد أوهي النظرية القائلة ب

وقـدم ، قامها على فلـسفته اخلاصـة عـن املثـل أفالطون و أابتدع هذه النظرية ة موجودة بصورة مـستقلة عـن ن النفس االنساني أفكان يعتقد ، نسانيةالنفس اإل

كـامال من املادة وقيودها حتـررا وملا كان وجودها هذا متحررا، البدن قبل وجوده ، مكنـها العلـم ـا أتيح هلا االتصال باملثل ـ أي باحلقائق اردة عن املادة ـ و أ

ىل اهلبوط من عاملها ارد لالتـصال بالبـدن واالرتبـاط بـه يف إوحني اضطرت فقدت بسبب ذلك كل ما كانت تعلمه مـن تلـك املثـل واحلقـائق ، املادةدنيا

اكاـا عـن طريـق ر باسترجاع اد أولكنها تبد ، هلت عنها ذهوال تاما وذ، الثابتة ن هـذه املعـاين واالشـياء كلـها أل، شياء اجلزئية االحساس باملعاين اخلاصة واأل

يف العـامل الـذي كانـت زلية اخلالـدة ظالل وانعكاسات لتلك املثل واحلقائق األ ىل احلقيقـة املثاليـة إ حست مبعىن خاص انتقلـت فـورا أفمىت . تعيش النفس فيه

سـاس يكـون ادراكنـا وعلى هـذا األ ، اليت كانت تدركها قبل اتصاهلا بالبدن لالنسان العام أي ملفهوم االنسان بصورة كلية عبارة عن استذكار حلقيقـة جمـردة

أو اخلـاص اإلنـسان ذا اإلحساس استذكرناها بسبب اوإمن، كنا قد غفلنا عنها . اردة اليت تعكس يف عامل املادة تلك احلقيقةاألفراد ذاك من

ال بعمليـة إوال يقـوم االحـساس ، فالتصورات العامة سابقة على االحساس مور اجلزئيـة الـيت واالدراكات العقلية ال تتعلـق بـاأل ، استرجاع واستذكار هلا

.منا تتعلق بتلك احلقائق الكلية اردةإو، اق احلستدخل يف نط ن الـنفس موجـودة أمها احـد أ: وهذه النظرية ترتكز على قضيتني فلسفيتني

دراك العقلـي عبـارة واالخـرى ان اال ، قبل وجود البدن يف عامل امسى من املادة

ح عليهـا مسى واليت يـصطل دراك احلقائق اردة الثابتة يف ذلك العامل األ إعن ).املثل( افالطون بكلمة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 54: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٥٤

وضح ذلـك ناقـدو الفلـسفة االفالطونيـة أوكلتا القضيتني خاطئتان كما بـصورة جمـردة قبـل موجـودا فالنفس يف مفهومها الفلسفي املعقول ليس شيئا

الـنفس ـا ماديـة أتبـد ، بل هي نتاج حركة جوهرية يف املـادة ، وجود البدن وتصبح باحلركـة والتكامـل وجـودا ، عة لقوانينها متصفة خبصائص املادة وخاض

ن كـان خاضـعا إو ،جمردا عن املادة ال يتصف بـصفاا وال خيـضع لقوانينـها ن هذا املفهوم الفلسفي عن النفس هو املفهـوم الوحيـد إف، لقوانني الوجود العامة

يضاحا معقـوال عـن العالقـة القائمـة إويعطي ، ن يفسر املشكلة أالذي يستطيع ما املفهوم االفالطـوين الـذي يفتـرض أو. بني النفس والبدن ، النفس واملادة بني

، عجز ما يكون عن تفـسري هـذه العالقـة أ على البدن فهو للنفس وجودا سابقا يضاح الظـروف الـيت جعلـت إوعن ، وتعليل االرتباط القائم بني البدن والنفس

.ىل املستوى املاديإالنفس بط من مستواها بعاد فكرة املثل عن جمال البحـث إيضاحه مع إاالدراك العقلي ميكن ن أكما ن املعاين احملسوسة هـي نفـسها املعـاين العامـة أرسطو يف فلسفته من أمبا شرحه

فـراد واسـتبقاء املعـىن اليت يدركها العقل بعد جتريدها عن اخلصائص املميزة لأل ن شـاهدناها يف أيـة سـبق فليس االنسان العام الذي ندركه حقيقة مثال ، املشترك

جـراء عمليـة التجريـد إو ذاك بعـد أبل هو صورة هذا االنـسان ، مسىأعامل . عليها واستخالص املعىن العام منها

:ـ النظريات العقلية٢ .وغريمها) كانت(و) )١(ديكارت(وروبا كـ أوهي لعدد من كبار فالسفة

احـدمها : اتوتتلخص هذه النظرية يف االعتقاد بوجـود منـبعني للتـصور جـل احـساسنا فنحن نتصور احلرارة والنور والطعـم والـصوت أل ، االحساس

٥مدخل اىل فلسفة ديكارت ـ سلسلة املكتبة الفلسفية رقم : ـ راجع 1

.منشورات عويدات

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 55: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٥٥

ن الذهن البشري ميلك معان وتـصورات مل أخر الفطرة مبعىن واآل، بذلك كله .فالنفس تستنبط من ذواا، منا هي ثابتة يف صميم الفطرةإتنبثق عن احلس و

اهللا والنفس واالمتـداد (فكرة هي ) ديكارت(وهذه التصورات الفطرية عند مـا أو. فكار تتميز بالوضوح الكامل يف العقـل البـشري أليها من إوما ) واحلركة

فاجلانب الصوري لالدراكات والعلوم االنسانية كله فطري مبا يشتمل ) كانت(عند .عليه من صوريت الزمان واملكان واملقوالت االثنيت عشرة املعروفة عنه

النظريـة مـصدر فهـم للتـصورات واالفكـار ساس هـذه أفاحلس على بـل هنـاك الفطـرة الـيت تبعـث يف ، ولكنه ليس هو السبب الوحيد ، البسيطة

. الذهن طائفة من التصورات ىل اختـاذ هـذه النظريـة يف تعليـل التـصورات إوالذي اضطر العقلـيني

عـن هـا النبثاق م مل جيدوا لطائفة من املعاين والتـصورات مـربرا أهو ، البشرية ن تكون مستنبطة للنفس اسـتنباطا ذاتيـا أفيجب ، ا معان غري حمسوسة احلس أل

ىل وضـع النظريـة العقليـة إالفلـسفي ن الدافع أويتضح من هذا ، من صميمها مـن دون ن نفسر التصورات الذهنية تفـسريا متماسـكا أذا استطعنا إيزول متاما

ميكننا تفنيد النظريـة العقليـة عـن جل ذلك وأل. فكار فطرية أىل افتراض إحاجة :طريقني

ىل احلس وييـسر فهـم كيفيـة إحتليل االدراك حتليال يرجعه برمته : احدمها فكـار الفطريـة فان مثل هذا التحليل جيعل نظريـة األ . تولد التصورات كافة عنه

ا ترتكـز علـى فـصل بعـض املعـاين عـن جمـال احلـس بال مربر مطلقا أل مكن تعميم احلس لـشىت ميـادين التـصور مل تبـق ضـرورة أا ذإف، فصال ائيا

للـرد علـى ) جـون لـوك (وهذا الطريق هو الذي اختذه ، للتصورات الفطرية ) بـاركلي ( احلـسي مثـل أوسار عليه رجال املبد ، وحنوه من العقليني ) ديكارت(

.بعد ذلك) دافيد هيوم(و رات الفطريـة سلوب الفلسفي للـرد علـى التـصو هو األ ، خروالطريق اآل

ن تصدر عـن البـسيط باعتبـاره أثار الكثرية ال ميكن ن اآل أويرتكز على قاعدة ن تكون سـببا بـصورة فطريـة لعـدة مـن أوالنفس بسيطة فال ميكن ، بسيطا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 56: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٥٦

ن يكون وجود هـذا العـدد الـضخم مـن أبل جيب ، التصورات واالفكار الت احلـس ومـا آوهـي ، االداركات لدى النفس بسبب عوامل خارجية كثرية

.)١(حاسيس عليها من خمتلف األأيطر ن نـشرح القاعـدة الـيت قـام أونقد هذا الربهان بصورة كاملة يتطلب منا

وهـذا مـا ال يتـسع ، يضاحا عن حقيقة النفس وبساطتها إساسها؛ ونعطي أعلى :ن نشريأولكن جيب . ن له جمالنا اآل

ـ أذا إن هذا الربهان ـ أىل إ: والأ فهو ال يقضي علـى نظريـة مكن قبوله منا يدلل على عـدم وجـود كثـرة مـن االدراكـات إنه فكار الفطرية متاما أل األ

حمـدودا مـن ن الـنفس ال متلـك بفطرـا شـيئا أوال يربهن علـى ، بالفطرةخرى مـن التـصورات أوتتولد عنه عدة ، التصورات يتفق مع وحدا وبساطتها

.بصورة مستقلة عن احلس فكـار فطريـة أذا كانـت تعـين وجـود إن النظرية العقلية أ: ونوضح ثانيا

ن يـرد عليهـا قـائال أمكن للربهان الذي قـدمناه أبالفعل لدى النفس االنسانية فكـار ن النفس بسيطة بالذات فكيف ولدت ذلـك العـدد الـضخم مـن األ أ

ىل االميان بذلك حقـا لكفـي وجـداننا إبل لو كان العقليون جينحون ، الفطرية ن االنسان حلظـة وجـوده علـى أننا مجيعا نعلم أل، لبشري يف الرد على نظريتهم ا

ية فكرة مهما كانـت واضـحة وعامـة يف الذهنيـة أوجه االرض ال توجد لديه .البشرية) عمالـس ـل لكـمعجئا ويون شلمعال ت كماتهأم طونن بكم مجرأخ اللهوصاألبونوكرشت لكمة لعداألفئو ار (.

اما كثرة : مورأحد أثار تكشف عن ن كثرة اآلإ، كثر تفصيالأـ وبكلمة 1ما كثرة أو، ثار ذوااما الترتب املنطقي بني اآلأو، ما كثرة القابلأو، الفاعل

ن التصورات اليت نبحث عن منشئها كثرية ألتنا ال شك يف أويف مس. الشرائطن الفاعل والقابل للتصورات هو أل، فاعل والقابلنه ال كثرة يف الأومتنوعة مع

خذ أن نأال إيضا بني التصورات فال يبقى أوال ترتب ، النفس والنفس بسيطةىل شرائط خارجية وهي إن تستند التصورات الكثرية أخري وهو بالتفسري األ

.االحساسات املختلفة املتنوعة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 57: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٥٧

فكـار ويـتلخص يف اعتبـار األ ، خر للنظرية العقليـة آولكن يوجد تفسري الفطرية موجودة يف النفس بالقوة وتكتسب صفة الفعلية بتطور الـنفس وتكاملـها

منـا حيتويـه وجـود الـنفس ال إ من احلس و فليس التصور الفطري نابعا . الذهين كما هو شـان االدراكـات واضحا شعوريا دراكاإعوريا وبتكامل النفس يصبح ش

ن كانـت كامنـة وموجـودة أواملعلومات اليت نستذكرها فنثريها من جديد بعد .بالقوة

ن ترد بالربهـان بالفلـسفي أوالنظرية العقلية على ضوء هذا التفسري ال ميكن .و الدليل العلمي السابق ذكرمهاأ

:ية احلسيةـ النظر٣ن االحساس هو املمـون الوحيـد للـذهن البـشري أوهي النظرية القائلة

والقوة الذهنية هي القوة العاكسة لالحـساسات املختلفـة يف ، بالتصورات واملعاين خـذ صـورة أن نتـصوره ـ أي ان ن أفنحن حني حنس بالشيء نستطيع . الذهن

احلس فال ميكـن للـنفس ابتـداعها ليها إما املعاين اليت ال ميتد أعنه يف ذهننا ـ و . وبصورة مستقلةوابتكارها ذاتيا

ال التـصرف يف صـور املعـاين إوليس للذهن بناء علـى هـذه النظريـة و جيـزئ أن يركب بـني تلـك الـصور أوذلك بالتركيب والتجزئة ب ، احملسوسة

فيتصور جبال من ذهب او جيزئ الشجرة الـيت ادركهـا اىل قطـع ، الواحدة منها ـ ، و التجريد والتعميم أ. زاءجأو ن يفـرز خـصائص الـصورة وجيردهـا عـن أب

سـقط مـن أ و ذا تـصور زيـدا إكمـا ، صفاا اخلاصة ليصوغ منها معىن كليا بعمليـة الطـرح هـذه يـستبقي ن الذهن إف، احلساب كل ما ميتاز به عن عمرو

.معىن جمردا يصدق على زيد وعمرو معا الفيلـسوف ) جـون لـوك ( احلـسية هـو ول ذه النظرية ولعل املبشر األ

عـن ) ديكـارت (االنكليزي الكبري الذي بزغ يف عصر فلسفي زاخـر مبفـاهيم جـل ذلـك دراسـة ألووضـع ، يف تفنيد تلك املفـاهيم أفبد، فكار الفطرية األ

وحـاول يف هـذا ، )مقالة يف التفكري االنساين (مفصلة للمعرفة االنسانية يف كتابه

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 58: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٥٨

وقد شاعت هذه النظرية ، ىل احلس إفكار يع التصورات واأل الكتاب ارجاع مج ، فكـار الفطريـة ىل حد ما على نظريـة األ إوروبا وقضت أبعد ذلك بني فالسفة

ىل فلـسفات إبعد حـدودها حـىت انتـهت أىل إوانساق معها مجلة من الفالسفة ن شـاء اهللا إكما سوف نتبني ذلك ) دافيد هيوم (و ) باركلي(خطرة جدا كفلسفة

.تعاىل يهـا أمتـشيا مـع ر ، واملاركسية تبنت هذه النظرية يف تعليل االدراك البشري

ىل أفكـل ادراك يرجـع ، نه انعكاس للواقـع املوضـوعي أيف الشعور البشري و ومـا خيـرج ، انعكاس لواقع معني وحيصل هذا االنعكاس عن طريـق االحـساس

فـنحن ، و الفكـر أدراك ن يتعلق بـه اال أعن حدود االنعكاسات احلسية ال ميكن ــصور ــشري إال نت ــيت ت ــساساتنا ال ــامل إال اح ــة يف الع ــائق القائم ىل احلق

.اخلارجي : قال جورج بوليتزير

ــن مـــا هـــي نقطـــة البـــدء يف الـــشعور ( و أولكـــر ــساس، الفكــــ ــا االحــــ ــصدرأمث ، اــــ ن مــــ

االحـــساسات الـــيت يعاجلهـــا االنـــسان بـــدافع مـــن ذن إاركـــسي يعـــين ي املأالـــر. ()١()احتياجاتـــه الطبيعيـــة

ــوى أ ــصدر سـ ــن مـ ــه مـ ــيس لـ ــعورنا لـ ــوى شـ ن حمتـ اجلزئيـــات املوضـــوعية الـــيت تقـــدمها لنـــا الظـــروف

ــا ــيش فيهــ ــة الــــيت نعــ ــا يف. اخلارجيــ وتعطــــى لنــ .)٢(مراالحساسات وهذا كل ما يف األ

:وقال ماوتسي تونغ موضحا الراي املاركسي يف املسالة ن مــــصدر كــــل معرفــــة يكمــــن يف احــــساساتإ(

.٧٥ـ املادية واملثالية يف الفلسفة ص 1 .٧٢ ـ ٧١در السابق ص ـ املص 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 59: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٥٩

عـــضاء احلـــس اجلـــسمية يف االنـــسان للعـــامل املوضـــوعي أ .)١()الذي حييطه

ــاخلطوة األإو( ــسابذن فــــ ــة اكتــــ وىل يف عمليــــــصال األ ــي االتــ ــة هــ ــارجي املعرفــ ــاحمليط اخلــ ويل بــ

ــة األ ــي مجـــع ... حاســـيس مرحلـ ــة هـ اخلطـــوة الثانيـ املعلومـــات الـــيت حنـــصل عليهـــا مـــن االدراكـــات

.)٢() احلسية وتنسيقها وترتيبهان أفقد دللت التجارب العلميـة علـى ، ركز النظرية احلسية على التجربة وت

مـن فمـن حـرم لونـا . احلس هو االحساس الذي تنبثق عنه التصورات البشرية ن يتـصور املعـاين ذات العالقـة بـذلك احلـس أالوان احلس فهو ال يستطيع

.اخلاصس هو الينبـوع ن احلأ على منا تربهن علمياإذا صحت ـ إوهذه التجارب ـ

فلوال احلس ملا وجد تـصور يف الـذهن البـشري ولكنـها ال ، ساسي للتصور األتسلب عن الذهن قدرة توليد معان جديدة ـ مل تـدرك بـاحلس ـ مـن املعـاين

ن يكون قد سـبق تـصوراتنا البـسيطة مجيعـا أفليس من الضروري ، احملسوسة .االحساس مبعانيها كما تزعم النظرية احلسية

ساسية اليت يقوم علـى نفة الذكر هو البنية األ س على ضوء التجارب اآل فاحل وال يعين ذلك جتريـد الـذهن عـن الفعاليـة وابتكـار ، قاعدا التصور البشري

. تصورات جديدة على ضوء التصورات املستوردة من احلس ن نوضح فشل النظرية احلسية يف حماولـة ارجـاع مجيـع مفـاهيم أوميكننا

على ضوء دراسـة عـدة مـن مفـاهيم الـذهن ... ىل احلس إشري التصور الب االمكـان ، اجلـوهر والعـرض ، العلـة واملعلـول : البشري كاملفاهيم التاليـة

.١١ـ حول التطبيق ص 1 .١٤ـ حول التطبيق ص 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 60: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٦٠

ىل ذلـك مـن مفـاهيم إوما ، الوجود والعدم ، الوحدة والكثرة ، والوجوب .وتصورات

، لن احلس امنـا يقـع علـى ذات العلـة وذات املعلـو أ نعلم فنحن مجيعا رض اذا سحبت مـن حتتـه املنـضدة الـيت فندرك ببصرنا سقوط القلم على األ

وكـذلك نـدرك ، وندرك باللمس حرارة املاء حني يوضع على النار ، وضع عليها مثلـة حنـس بظـاهرتني متعـاقبتني وال ففي هـذه األ . متدد الفلزات يف جو حار ونعـين ـا تـاثري ، هذه الصلة اليت نـسميها بالعليـة ، حنس بصلة خاصة بينهما .ن توجدأجل ليها ألإخرى وحاجة الظاهرة األ، خرى احدى الظاهرتني يف األ

حـسيا أىل تعميم احلس لنفس العلية واعتبارهـا مبـد إواحملاوالت اليت ترمي وتقوم على جتنب العمق والدقة يف معرفة ميدان احلس وما يتسع لـه مـن معـاين

جارب البشرية والعلوم التجريبيـة القائمـة ن الت أفمهما نادى احلسيون ب ، وحدود وجتعلنا حنـس بـصدور ظـواهر ماديـة ، العلية أعلى احلس هي اليت توضح مبد

قول مهما نادوا بذلك فلن حيـالفهم التوفيـق مـا أ، خرى مماثلة أ معينة من ظواهر ال الظـواهر إن تكـشف بـاحلس أن التجربـة العلميـة ال ميكـن أدمنا نعلـم

ن ندرك حرارة املاء وتضاعف هذه احلرارة أيع بوضع املاء على النار فنستط، املتعاقبة ن هـذا الغليـان منبثـق عـن بلـوغ احلـرارة أمـا أو، بغليـان املـاء خرياأو

ذا كانـت إو، درجة معينة فهذا ما ال يوضحه اجلانـب احلـسي مـن التجربـة هـذا املفهـوم يف أجتاربنا احلسية قاصرة عن كشف مفهوم العليـة فكيـف نـش

.الذهن البشري وصرنا نتصوره ونفكر فيهدق من غريه يف تطبيق أـ احلسي أحد رجال املبد أـ ) دافيد هيوم (وقد كان ن تـدرك أن العليـة مبعناهـا الـدقيق ال ميكـن أفقد عـرف ، النظرية احلسية

رىأاين : ىل عـادة تـداعي املعـاين قـائال إرجعها أو، العلية أنكر مبد أف، باحلس وىلوليس يف حركـة األ ،خرى فتتحرك هذه أدو تتحرك فتصادف كرة كرة البليار

ن حركـة أواحلـس البـاطين يـدلين علـى ، ما يظهرين على ضرورة حترك ثانية عالقـة مباشـرا دراكـا إدرك بـه أولكـين ال ، مـر االرادة أعضاء يف تعقب األ

.مرضرورية بني احلركة واأل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 61: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٦١

خيفـف مـن املـشكلة الـيت تواجـه العلية ال أن انكار مبد أولكن الواقع ننـا مل أ كحقيقـة موضـوعية يعـين أنكار هذا املبـد إفان ، النظرية احلسية شيئا

ن نعـرف مـا أومل نـستطع ، نصدق بالعلية كقانون من قوانني الواقع املوضوعي ، ذا كانت الظواهر ترتبط بعالقات ضرورية جتعـل بعـضها ينبثـق عـن بعـض إ

العلية كفكـرة تـصويرية شـيء أومبد، صديقية شيء العلية كفكرة ت أولكن مبد شياء احملسوسة بعـضها لـبعض ومل نكـون عـن نا مل نصدق بعلية األأفهب ، خرآ

يـضا؟ أ العليـة أننا ال نتـصور مبـد أفهل معىن ذلك ، العلية فكرة تصديقية أمبد ال وهـل ينفـي االنـسان شـيئا ) دافيد هيوم(ذا كنا ال نتصوره فما الذي نفاه إو .صوره؟يت

صـدقنا أننا نتصور مفهوم العلية سـواء أفاحلقيقة اليت ال جمال النكارها هي ، مـن تـصور الـشيئني املتعـاقبني مركبـا وليس تصور العلية تصورا . م ال أا

فنحن حني نتصور علية درجة معينة من احلرارة للغليـان ال نعـين ـذه العليـة فمـن . يان بل فكرة ثالثة تقـوم بينـهما تركيبا اصطناعيا بني فكريت احلرارة والغل

ذا مل يكـن للـذهن خالقيـة ملعـان إين جاءت هذه الفكرة اليت مل تدرك باحلس أ !.غري حمسوسة؟

فهـي مجيعـا ، نفـا آخرى اليت عرضناها ونواجه نفس املشكلة يف املفاهيم األ فيجب طـرح التفـسري احلـسي اخلـالص للتـصور ، ليست من املعاين احملسوسة

.خذ بنظرية االنتزاعري واألالبش :ـ نظرية االنتزاع٤

وتـتلخص هـذه النظريـة يف . وهي نظرية الفالسفة االسالميني بصورة عامة .وتصورات ثانوية، وليةأتصورات : ىل قسمنيإتقسيم التصورات الذهنية

وتتولـد هـذه ، ساس التصوري للذهن البـشري ولية هي األ فالتصورات األ ننـا فنحن نتصور احلـرارة أل . حتوياا بصورة مباشرة التصورات من االحساس مب

ننـا ونتـصور احلـالوة أل ، دركناه بالبصر أننا ونتصور اللون أل ، دركناها باللمس أ وهكـذا مجيـع املعـاين . دركناها بالشم أننا ألونتصور الرائحة ، دركناها بالذوق أ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 62: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٦٢

يف تـصوره ن االحساس بكل واحد منها هو الـسبب إ اليت ندركها حبواسنا ف وليـة وتتشكل من هذه املعـاين القاعـدة األ . يف الذهن البشري ووجود فكرة عنه

بـذلك أفيبـد ، للتصور وينشئ الذهن بناء على هذه القاعدة التصورات الثانويـة ) االنتـزاع (وهو الذي تصطلح عليه هذه النظرية بلفـظ ، دور االبتكار واالنشاء

وهـذه املعـاين اجلديـدة ، وليـة عـاين األ فيولد الذهن مفاهيم جديدة من تلك امل ن كانت مستنبطة ومستخرجة من املعاين الـيت يقـدمها إخارجة عن طاقة احلس و

.ىل الذهن والفكرإاحلس فسر مجيـع املفـردات تن أوهذه النظرية تتسق مع الربهان والتجربة وميكنها

. التصورية تفسريا متماسكا م كيـف انبثقـت مفـاهيم العلـة ن نفه أفعلى ضوء هذه النظرية نستطيع

ـا كلـها أ. يف الذهن البشري ، والوجود والوحدة ، واجلوهر والعرض ، واملعلول فـنحن حنـس مـثال ، مفاهيم انتزاعية يبتكرها الذهن على ضوء املعاين احملسوسة

وقـد يتكـرر احـساسنا ـاتني ، بغليان املاء حني تبلغ درجـة حرارتـه مائـة الف املرات وال حنس بعليـة احلـرارة آليان واحلرارة ـ الظاهرتني ـ ظاهريت الغ

منا الذهن هو الذي ينتزع مفهوم العلية مـن الظـاهرتني اللـتني إو، للغليان مطلقا .ىل جمال التصورإيقدمهما احلس

لوانـه أن نعرض لكيفيـة االنتـزاع الـذهين و أوال نتسطيع يف جمالنا احملدود ال االشـارة اىل خطـوط إ اخلاطفـة هـذه ننا ال نتناول يف دراسـتنا قسامه أل أو

.العريضة :ساسيالتصديق ومصدره األ........................................ڤ

ىل درس االدراك إن مـن درس االدراك الـساذج ـ التـصور ـ اآلننتقل .التصديقي الذي ينطوي على احلكم وحيصل به االنسان على معرفة موضوعية

ومـن تلـك ، من القضايا ويصدق ـا تـصديقا فكل واحد منا يدرك عدة اجلو : كما يف قولنا، القضايا ما يرتكز احلكم فيها على حقائق موضوعية جزئية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 63: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٦٣

ومن القضايا ما يقـوم . جل ذلك جزئيةالشمس طالعة وتسمى القضية أل ، حار والواحـد ، عظـم مـن اجلـزء أاحلكم فيها بني معنيني عامني كما يف قولنا الكل

، واحلـرارة تولـد الغليـان ، مـستحيل أواجلزء الـذي ال يتجـز ، صف االثنني ن ، والكتلة حقيقـة نـسبية ، وحميط الدائرة اكرب من قطرها . والربودة سبب للتجمد

اىل غري ذلك من القضايا الفلسفية والطبيعية والرياضية وتـسمى هـذه القـضايا صـل املعرفـة أ مـشكلة واملشكلة اليت تواجهنـا هـي . بالقضايا الكلية والعامة فمـا هـي ، ساسية اليت يقوم عليها صرح العلم االنـساين التصديقية والركائز األ

، حكـام والعلـوم نسجت منها تلك اموعة الكبرية مـن األ يتولية ال اخليوط األ وليـا أويعتـرب مقياسـا ، وما هو املبدا الذي تنتهي اليه املعارف البشرية يف التعليل

قيقة عن غريها؟عاما لتمييز احلويف هذه املسالة عدة مذاهب فلسفية تتناول بالدرس منها املـذهب العقلـي

، ول هو املذهب الذي ترتكز عليـه الفلـسفة االسـالمية فاأل، واملذهب التجرييب ي الـسائد يف عـدة أوالثـاين هـو الـر . وطريقة التفكري االسالمي بصورة عامة .ةمدارس للمادية ومنها املدرسة املاركسي

:ـ املذهب العقلي١ احـدامها معـارف : ي العقلـيني اىل طـائفتني أتنقسم املعارف البشرية يف ر

االذعـان بقـضية إىل ن النفس تضطر أونقصد بالضرورة هنا . و بديهية أ ضرورية بـل جتـد مـن طبيعتـها ، و تربهن على صحتها أن تطالب بدليل أمعينة من دون

كامياـا ومعرفتـها بالقـضايا ، كل بينة واثبـات ضرورة االميان ا اميانا غنيا عن احلـادث ال يوجـد مـن ) (النفي واالثبات ال يصدقان معا يف شيء واحد : (تيةاآل

كـرب أالكـل (، )الصفات املتضادة ال تنسجم يف موضـوع واحـد (، )دون سبب ).الواحد نصف االثنني(، )من اجلزء

دة من القـضايا ال تـؤمن فان ع . خرى معارف ومعلومات نظرية والطائفة األ ال على ضوء معارف ومعلومات سابقة فيتوقف صـدور احلكـم إالنفس بصحتها

سـبق أمنها يف تلك القضايا على عملية تفكري واستنباط للحقيقـة مـن حقـائق

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 64: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٦٤

،)حلـرارة ا احلركة سـبب ( )رض الكروية األ( :تيةوضح منها كما يف القضايا اآل أوـ زوايا املثلـث تـساوي ( ،)ات تتمدد باحلرارة الفلز( ،)التسلسل ممتنع ( ، )ائمتنيقـ . وما اىل ذلك من قضايا الفلـسفة والعلـوم ) ىل طاقة إاملادة تتحول ( ن هـذه إف

ـ ال بعـد مراجعـة إا أالقضايا حني تعرض على النفس ال حتصل على حكم يف شوليـة جل ذلك فاملعارف النظرية مستندة اىل املعـارف األ وأل. خرىللمعلومات األ

وليـة مـن الـذهن البـشري مل يـستطع فلو سلبت تلك املعارف األ ، الضرورية .ن شاء اهللاإالتوصل اىل معرفة نظرية مطلقا ـ كما سنوضح ذلك فيما بعد

ساسـي للعلـم هـو املعلومـات ن احلجـر األ أ. فاملذهب العقلي يوضـح النـساين الـيت ساس تقوم البنيات الفوقية للفكـر ا وعلى ذلك األ ، وليةالعقلية األ

.تسمى باملعلومات الثانوية والعملية اليت تستنبط ا معرفة نظرية من معارف سابقة هـي العمليـة الـيت

فالتفكري جهد يبذله العقـل يف سـبيل اكتـساب . نطلق عليه اسم الفكر والتفكري ن أن االنـسان حـني حيـاول أمبعـىن . تصديق وعلم جديد من معارفه الـسابقة

وأـا حادثـة أكد مـن أـ ليت ـ مثال ) حدوث املادة (جديدة كقضية يعاجل قضية خر الشيء واأل، )احلدوث(حدمها الصفة اخلاصة وهي أ: مرانأقدمية يكون بني يديه

وملـا مل ). املـادة (ن يتحقـق مـن اتـصافه بتلـك الـصفة وهـو أالذي يريد صـدار إ سـوف يتـردد بطبيعتـه يف تكن القضية من االوليات العقلية فاالنسان

حينئذ اىل معارفه السابقة ليجـد فيهـا مـا أويلج، احلكم واالذعان حبدوث املادة أوتبـد ، ن يركز عليه حكمه وجيعله واسطة للتعرف على حـدوث املـادة أميكنه

ن مـن مجلـة أولنفتـرض ، بذلك عملية التفكري باستعراض املعلومات الـسابقة الـيت تقـرر ان ) احلركة اجلوهرية ( هي تلك احلقائق اليت كان يعرفها املفكر سلفا

ن الذهن سيضع يـده علـى هـذه احلقيقـة إف، املادة حركة مستمرة وجتدد دائم مه يف االستعراض الفكـري وجيعلـها مهـزة الوصـل بـني املـادة ماأحينما متر ن التغري املـستمر يعـين ألن املادة ملا كانت متجددة فهي حادثة حتما أل، واحلدوث

ن املـادة أ طول اخلط وتتولد عندئذ معرفة جديدة لالنـسان وهـي احلدوث على .ا متحركة ومتجددة وكل متجدد حادثألحادثة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 65: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٦٥

ن يربط بني احلدوث واملـادة ومهـزة الـربط هـي أوهكذا استطاع الذهن ن كـل أننـا نعلـم ا حادثة أل أفان حركتها هي اليت جعلتنا نعتقد ب ، حركة املادة

. متحرك هو حادث لك بقيام عالقة الـسببية يف املعرفـة البـشرية ذجل ويؤمن املذهب العقلي أل

منـا تتولـد عـن معرفـة سـابقة إن كل معرفـة إف، بني بعض املعلومات وبعض وليـة ىل املعـارف العقليـة األ إوهكذا تلك املعرفة حىت ينتهي التسلسل الصاعد

.وىل للمعرفةل األوتعترب هلذا السبب العل، عن معارف سابقةأاليت مل تنش ساسـيا أاحدمها مـا كـان شـرطا : وىل للمعرفة على حنوين ألوهذه العلل ا

. لقسم من املعلومات خر ما كان سبباواأل. لكل معرفة انسانية بصورة عامة الزم لكل معرفـة وبدونـه ال أن هذه املبد إف، عدم التناقض أول هو مبد واألدلـة علـى صـدقها قمنا من األ أة مهما ن قضية ما ليست كاذب أكد من أميكن بالت ن تكـون القـضية كاذبـة يف أ فمن احملتمل ذا كان جائزا إن التناقض أل، وصحتها

عـدم أن سـقوط مبـد أومعىن ذلك ، نفس الوقت الذي نربهن فيه على صدقها والنحـو . لواـا أالتناقض يعصف جبميع قضايا الفلسفة والعلوم علـى اخـتالف

خرى اليت تكـون كـل ولية هو سائر املعارف الضرورية األ أل الثاين من املعارف ا . لطائفة من املعلوماتواحدة منها سببا

:يتأوبناء على املذهب العقلي يترتب ما يول للتفكري البشري بصورة عامة هـو املعـارف العقليـة ن املقياس األ أ: والأ

ـ فهي الركيزة األ ، الضرورية ن أوجيـب ، الساسية اليت ال يستغىن عنها يف كل جمويصبح مبوجب ذلك ميـدان املعرفـة . ها على ضوئها أتقاس صحة كل فكرة وخط

نه جيهـز الفكـر البـشري بطاقـات أل، وسع من حدود احلس والتجربة أالبشرية تتناول ما وراء املادة من حقائق وقضايا وحيقـق للميتافيزيقـا والفلـسفة العاليـة

نه يبعد مـسائل امليتافيزيقـا إلتجرييب ف وعلى عكس ذلك املذهب ا . مكان املعرفة إ ، ليهـا احلـس العلمـي إا مسائل ال ختضع للتجربة وال ميتد عن جمال البحث أل

ثبـات مـا دامـت التجربـة هـي املقيـاس إو أكد فيها من نفـي أفال ميكن الت .كما يزعم املذهب التجرييب، ساسي الوحيداأل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 66: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٦٦

ىلإ يتـدرج مـن القـضايا العامـة ي العقلـيني أ السري الفكري يف ر إ: ثانيا وحـىت يف اـال التجـرييب ، مـن الكليـات اىل اجلزئيـات ، خص منها أقضايا

ول وهلة ان الذهن ينتقل فيه من موضـوعات جتريبيـة جزئيـة اىل ألالذي يبدو قواعد وقوانني عامة يكون االنتقال والسري فيه مـن العـام اىل اخلـاص ـ كمـا

. املذهب التجرييبسنوضح ذلك عند الرد على لعملية التفكري وكيف انتقلنـا فيـه مـن نك تتذكر ما ذكرنا مثاال أوال بد

ـ ) املادة حادثة (ن أواكتسبنا العلم ب ، معرفة عامة اىل معرفة خاصة نأمـن العلـم ب ) كـل تغـري حـادث ( الفكر ذه القضية الكليـة أفقد بد ، )كل متغري حادث (

).ن املادة حادثةأ(ا وهي خص منهأوانطلق منها اىل قضية ن املذهب العقلي ال يتجاهل دور التجربـة اجلبـار أن ننبه على أ جيب خرياأو

يف العلوم واملعارف البشرية وما قدمته مـن خـدمات ضـخمة لالنـسانية ومـا ن التجربـة أولكنـه يعتقـد ، سرار الكون وغوامض الطبيعـة أكشفت عنه من

يـة أا حتتـاج يف اسـتنتاج أل، ذا الدور اجلبار ن تقوم أ مبفردها مل تكن تستطيع ن يـتم ذلـك أحقيقة علمية منها اىل تطبيق القوانني العقليـة الـضرورية ـ أي

ن تكون التجربة بـذاا املـصدر أوال ميكن ، وليةاالستنتاج على ضوء املعارف األ ن الفحـص الـذي جيريـه الطبيـب أا ش أفش، ول للمعرفة ساسي واملقياس األ األ

ن يكشف عن حقيقـة املـرض أفان هذا الفحص هو الذي يتيح له ، على املريض ومالبساته ولكن هذا الفحص مل يكن ليكشف عن هذا لوال مـا ميلكـه الطبيـب

فلو مل تكـن تلـك املعلومـات لديـه لكـان ، قبل ذلك من معلومات ومعارف عامـة ال وهكذا التجربـة البـشرية بـصورة ، عن كل فائدة وجمردا فحصه لغوا

.ال على ضوء معلومات عقلية سابقةإتشق الطريق اىل نتائج وحقائق :املذهب التجرييبـ ٢

ـ ول جلميـع املعـارف ن التجربـة هـي املـصدر األ أوهو املذهب القائل ب ن االنسان حـني يكـون جمـردا عـن التجـارب أويستند يف ذلك اىل ، البشرية

ولـذا يولـد ، ئق مهما كانت واضحة ية حقيقة من احلقا ال يعرف أ لواا أمبختلف

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 67: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٦٧

دراكـه بابتـداء حياتـه إ وعيه و أويبد، من كل معرفة فطرية االنسان خاليا وتتنوع معارفه كلمـا تنوعـت تلـك ، ويتسع علمه كلما اتسعت جتاربه ، العملية

.التجارب فالتجريبيون ال يعترفون مبعارف عقليـة ضـرورية سـابقة علـى التجربـة

ساس الوحيد للحكم الـصحيح واملقـايس العـام يف كـل بة األ ويعتربون التجر ـا معـارف أحكام اليت ادعى املذهب العقلـي وحىت تلك األ ، جمال من ااالت

ضرورية ال بد من اخضاعها للمقياس التجـرييب واالعتـراف ـا مبقـدار مـا ،ثباتـه إن االنسان ال ميلك حكما يـستغين عـن التجربـة يف أل، حتدده التجربة

: من ذلكأ وينش حتديد طاقة الفكر البشري حبـدود امليـدان التجـرييب ويـصبح مـن : والأ

علـى عكـس ، و دراسة ملسائل مـا وراء الطبيعـة أ العبث كل حبث ميتافيزيقي . املذهب العقلي متاما

انطالق السري الفكري للذهن البشري بصورة معاكـسة ملـا يعتقـده : وثانيا ن الفكر يسري دائما مـن العـام أ املذهب العقلي يؤمن ب فبينما كان ، املذهب العقلي

ومـن حـدود ، نه يـسري مـن اخلـاص اىل العـام أاىل اخلاص يقرر التجريبيون ويترقى دائما من احلقيقـة اجلزئيـة ، التجربة الضيقة اىل القوانني والقواعد الكلية

ال إعـد كليـة وليس ما ميلكه االنسان من قوانني عامة وقوا ، التجريبية اىل املطلق ونتيجة هذا االرتقاء من استقراء اجلزئيـات اىل الكـشف عـن ، حصيلة التجارب

.حقائق موضوعية عامة جل ذلك يعتمـد املـذهب التجـرييب علـى الطريقـة االسـتقرائية يف وأل

أويـرفض مبـد ، ىل الكلـي إا طريقة الصعود من اجلزئي االستدالل والتفكري أل ىل اخلـاص كمـا يف الـشكل إ فيه الفكر من العام االستدالل القياسي الذي يسري

ويـستند ). حممـد فـان (فــ ) كل انسان فان وحممد انسان : (يت من القياس آلان هذا الشكل من االستدالل ال يـؤدي اىل معرفـة جديـدة يف إهذا الرفض اىل

ن يؤدي اىل نتيجـة جديـدة ليـست أحد شروط االستدالل هو أن أمع ، النتيجة املـصادرة (ذن فالقياس بصورته املذكورة يقـع يف مغالطـة إو، قدماتحمتواة يف امل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 68: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٦٨

نـا نـدخل يف إف) كل انسان فـان (ذا ما قبلنا املقدمة إننا أل، )على املطلوب ذا ما عقبنا عليها مبقدمـة ثانيـة إوبعدئذ ، فراد الناسأنسان ـ كل إاملوضوع ـ

أفـراد كـان فـردا مـن مدان حم أن نكون على وعي ب أما أف) انسان ن حممدا أب( وبذلك نكون علـى وعـي كـذلك ، ليهم يف املقدمة االوىل إالناس الذين قصدنا

ن ال نكـون أمـا أو، ن ننص على هذه احلقيقة يف املقدمة الثانيـة أقبل ) فان(نه أب نـا مل نكـن نعلـم وىل قد عممنا بغري حق أل فنكون يف املقدمة األ لكعلى وعي بذ

. الناس كما زعمنافرادأالفناء عن كل رين اىل نفـسنا مـضط أهذا عرض موجز للمذهب التجـرييب الـذي جنـد

:تيةسباب اآلرفضه لأل ساسـي لتمييـز التجربـة هـي املقيـاس األ (ن نفس هذه القاعدة إ: ولاأل و أولية حصل عليها االنسان مـن دون جتربـة سـابقة؟ أهل هي معرفة ) احلقيقة

ـ يضا كسائر املعارف أا بدورها أ ذا إ البشرية ليـست فطريـة وال ضـرورية؟ فولية سابقة على التجربة بطل املـذهب التجـرييب الـذي ال يـؤمن أكانت معرفة نسانية ضرورية بـصورة مـستقلة عـن إوثبت وجود معلومات ، وليةباملعارف األ

ـ أذا كانت هذه املعرفة حمتاجة اىل جتربة سـابقة فمعـىن ذلـك إو، التجربة ا ال ن فكيـف ميكـن ، ن التجربة مقياس منطقي مضمون الـصدق أمر داية األ ندرك يف ب

الربهنة على صحته واعتباره مقياسا بتجربة ما دمـت غـري مـضمونة الـصدق !.بعد؟

ن إن القاعدة املذكورة اليت هي ركيزة املـذهب التجـرييب إ، خرىأوبكلمة ـ إو، سقط املذهب التجرييب بايار قاعدته الرئيـسية أكانت خط ت صـوابا ن كان

ن نتساءل عن السبب الذي جعل التجـريبيني يؤمنـون بـصواب هـذه أصح لنا ا قـضية بديهيـة أكدوا من صواا بال جتربة فهذا يعين أفان كانوا قد ت ، القاعدة

ن كـانوا تاكـدوا مـن صـواا إو، ن االنسان ميلك حقائق وراء عامل التجربة أو .بة ال تؤكد قيمة نفسهان التجرألمر مستحيل أبتجربة سابقة فهو

ن املفهوم الفلسفي الذي يرتكز على املذهب التجـرييب يعجـز عـن إ: الثاين دو ـن املادة ال ميكن الكشف عنها بالتجربة اخلالصة بل كل ما يبأل، ثبات املادةإ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 69: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٦٩

ما نفس املـادة أعراضها و أمنا هو ظواهر املادة و إللحس يف ااالت التجريبية املادي الذي تعرضه تلك الظواهر والصفات ـ فهـي ال تـدرك هروبالذات ـ اجل

منـا حنـس برائحتـها إو نلمسها بيـدنا أفالوردة اليت نراها على الشجرة ، باحلسذا تذوقناها فاننا حنس بطعمها وال حنـس يف مجيـع تلـك إوحىت . ولوا ونعومتها

ندرك هـذا اجلـوهر مناإو، حوال باجلوهر الذي تلتقي مجيع هذه الظواهر عنده األليـه يف البحـوث إولية ـ كما سنشري بربهان عقلي يرتكز على املعارف العقلية األ

.نكر عدة من الفالسفة احلسيني التجريبيني وجود املادةأجل ذلك املقبلة ـ وألولوالها ملـا كـان يف ، وليةثبات املادة هو معطيات العقل األ فالسند الوحيد إل

محـر والطعـم وجود املـادة وراء الرائحـة واللـون األ ن يثبت لنا أطاقة احلس .اخلاص للوردة

ن احلقائق امليتافيزقية ليست هـي وحـدها الـيت حيتـاج أوهكذا يتضح لنا .يضاأثباا اىل اختاذ الطريقة العقلية يف التفكري بل املادة نفسها كذلك إ

هر مـادي يف منا نسجله بطبيعة احلال على من يؤمن بوجود جو إوهذا االعتراض ما من يفـسر الطبيعـة مبجـرد ظـواهر أو، سس املذهب التجرييب أالطبيعة على

فـال صـلة لـه ـذا ... ن يعترف هلا مبوضوع تلتقي عنده أ حتدث وتتغري دون .االعتراض

يف حدود التجربة ومل يكن ميلـك معـارف ن الفكر لو كان حمبوسا إ: الثالث نأل، شـياء مطلقـا سـتحالة شـيء مـن األ ن حيكم با أمستقلة عنها ملا اتيح له مكان وجود الشيء ـ ليس مما يدخل يف نطاق التجربـة إاالستحالة ـ مبعىن عدم

ن تـدلل عليـه أوقصارى ما يتـاح للتجربـة ، ن تكشف عنه أوال ميكن للتجربة فهنـاك ، ولكن عدم وجود شيء ال يعـين اسـتحالته ، شياء معينة أهو عدم وجود

التجربة عن وجودها بل دلـت علـى عـدمها يف نطاقهـا شياء مل تكشف أعدة مكـان الوجـود إومع ذلك فنحن ال نعتربها مستحيلة وال نسلب عنـها ، اخلاص

بـني اصـطدام القمـر شياء املستحيلة فكم يبدو الفرق جليـا كما نسلبه عن األ و وجود انسان يـتمكن مـن الطـريان ملرونـة أو وجود بشر يف املريخ أرض باأل

ضـالع ووجـود جـزء أربعة أوبني وجود مثلث له ، عضالته من ناحية خاصة يف

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 70: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٧٠

ن هذه القـضايا إف. خرىأكرب من الكل ووجود القمر حال انعدامه من ناحية أ فلو كانت التجربـة هـي املـصدر الرئيـسي . مجيعا مل تتحقق ومل تقم عليها جتربة

كلمة التجربة فيهمـا معـا ن ن نفرق بني الطائفتني أل أالوحيد للمعارف ملا صح لنا وبالرغم من ذلك فـنحن مجيعـا جنـد الفـرق الواضـح بـني ، على حد سواء

ما الطائفـة الثانيـة فهـي أو، وىل مل تقع ولكنها جائزة ذاتيا ألفالطائفة ا ، الطائفتني نأفاملثلـث ال ميكـن ، ن توجـد مطلقـا أليست معدومة فحسب بل ال ميكـن

وهـذا احلكـم . م ال أرض ألدم القمـر بـا ربعة سواء اصـط أضالع أ يكون له ن يكون مـن املعـارف أبال على ضوء املذهب العقلي إباالستحالة ال ميكن تفسريه .العقلية املستقلة عن التجربة

نأفامـا : وعلى هذا الضوء يكون التجريبيون بني سـبيلني ال ثالـث هلمـا ن أمـا أطائفة الثانيـة و شياء اليت عرضناها يف ال ألشياء معينة كا أيعترفوا باستحالة

.شياء مجيعاألينكروا مفهوم االستحالة من ا اىل ليها كان هـذا االميـان مـستندا إشياء كاليت احملنا أمنوا باستحالة آفان

ن عدم ظهور شـيء يف التجربـة ال يعـين أل، ىل التجربة إمعرفة عقلية مستقلة ال .استحالته استحالة شيء مهمـا كـان غريبـا ن انكروا مفهوم االستحالة ومل يقروا ب إو

االنكـار فـرق بـني الطـائفتني اللـتني ساس هـذا أ لدى العقل فال يبقى على واذا سقط مفهوم االسـتحالة مل يكـن ، عرضنامها وادركنا ضرورة التفرقة بينهما

وصدق القضية وكـذا يف حلظـة ، التناقض مستحيال ـ أي وجود الشيء وعدمه دي اىل ايار مجيع املعارف والعلـوم وعـدم متكـن واحدة ـ وجواز التناقض يؤ

ن أل، زاحة الشك والتـردد يف أي جمـال مـن اـاالت العلميـة إالتجربة من الـذهب (دلة مهما تضافرت على صدق قضية علمية معينة كقـضية التجارب واأل ن أا ليست كاذبـة مـا دام مـن املمكـن أن جنزم ب أفال ميكننا ، )عنصر بسيط .شياء وتصدق القضايا وتكذب يف وقت معاتتناقض األ ثباته عن طريـق املـذهب التجـرييب فكمـا إ العلية ال ميكن أن مبد إ: الرابع

عطـاء تعليـل صـحيح للعليـة كفكـرة إن النظرية احلسية كانت عاجزة عن أ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 71: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٧١

وفكرة أكذلك املذهب التجرييب يعجز عن الربهنة عليها بصفتها مبد تصويرية ، ال التعاقب بـني ظـواهر معينـة إن توضح لنا أالتجربة ال ميكنها ن إف. تصديقية

نـه يتجمـد حـني أو، بدرجة مائة ذا صار حارا إن املاء يغلي أفنعرف عن طريقها خـرى حـدى الظـاهرتني لأل أوامـا سـببية ، تنخفض درجة حرارته اىل الصفر

انـت دقيقـة والضرورة القائمة بينهما فهي مما ال تكشفها وسائل التجربة مهما ك العلية اارت مجيع العلوم الطبيعيـة كمـا أذا اار مبد إو. ومهما كررنا استعماهلا

.ستعرف )جون سـتيورات ميـل (و ) دافيد هيوم (وقد اعترف بعض التجريبيني كـ

عنصر الـضرورة يف قـانون العلـة واملعلـول ) هيوم(ولذلك فسر ، ذه احلقيقة عقلية اليت تستخدم يف الوصـول اىل هـذا القـانون نه راجع اىل طبيعة العملية ال أب

خـرى تتبعهـا أحدى عمليات العقل اذا كانت تستدعي دائما عمليـة إن إ: قائال بدون ختلف فانه ينمو بني العمليتني مبضي الزمن رابطة قويـة دائمـة هـي الـيت

ويصحب هذا التداعي نـوع مـن االلـزام العقلـي ، نسميها رابطة تداعي املعاين حدى العمليـتني العقليـتني كمـا حـدث إث حيصل يف الذهن املعىن املتصل ب حبي

سـاس مـا نـسميه أوهـذا االلـزام العقلـي ، خـرى املعىن املتصل بالعملية األ .بالضرورة اليت ندركها يف الرابطة بني العلة واملعلول

القائمـة بـني العلـة واملعلـول للضرورة ن هذا التفسري أوليس من شك يف : ملا يايتليس صحيحا

الإن ال نـصل اىل قـانون العليـة العـام أنه يلزم على هذا التفسري أ: والأ بعد سلسلة من احلوادث والتجارب املتكررة الـيت حتكـم الربـاط بـني فكـريت

فـان العـامل الطبيعـي ، نه ليس من الضروري ذلك أمع ، العلة واملعلول يف الذهن ،شـيئني يقعـان يف حادثـة واحـدة وضرورة بني ةن يستنتج عالقة علي أيستطيع

كمـا ال ، عما كان عليه عند مشاهدته احلادثة للمـرة االوىل وال يزداد يقينه شيئا .خرى يوجد فيها املعلول والعلة نفسهاأتزداد عالقة العلية قوة بتكرار حوادث

لنـدع الظـاهرتني املتعـاقبتني يف اخلـارج ولـنالحظ فكرتيهمـا يف : ثانيا ة ـة العلة وفكرة املعلول ـ فهل العالقة القائمة بينهما عالقالذهن ـ أي فكر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 72: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٧٢

و عالقة مقارنة كما يقترن تصورنا للحديد بتصورنا للسوق الذي يبـاع أضرورية بقيـام العليـة واعتـرف ضـمنا أفيه؟ فان كانت عالقة ضرورية فقد ثبت مبـد

ـ ، عالقة غري جتريبية بني فكرتني وهي عالقـة الـضرورة رورة سـواء ن الـض إف .ثباا بالتجربة احلسيةإم بني واقعني موضوعيني ال ميكن أكانت بني فكرتني أ

راد من تفسري عنـصر أما ) دافيد(ن كانت العالقة جمرد مقارنة فلم يتحقق لـ إو .الضرورة يف قانون العلة واملعلول

العلية بـني علـة ومعلـول لـيس ن الضرورة اليت ندركها يف عالقة إ: وثالثاحدى الفكرتني عند حـصول الفكـرة إثر اللزام العقل باستدعاء أها مطلقا أي في ولذا ال ختتلف هذه الضرورة اليت ندركها بني العلـة واملعلـول بـني ، خرى فيه األ فليـست الـضرورة يف ، ذا مل تكـن إذا كانت لدينا فكرة معينة عن الصلة وما إما .ضوعية العلية ضرورة سيكولوجية بل هي ضرورة موأمبد

ومع ذلـك نـدرك عليـة ن العلة واملعلول قد يكونان مقترنني متاما إ: ورابعاـ ، كحركة اليد وحركة القلم حـال الكتابـة ، خرحدمها لآل أ ن حركـة اليـد إف

فلو كان مرد الـضرورة والعليـة اىل ، م توجدان دائما يف وقت واحد ل وحركة الق مكـن يف هـذا املثـال أداعي ملـا خرى بالت حدى العمليتني العقليتني لأل أاستتباع

درك احلـركتني يف أن العقـل قـد أل، ن حتتل حركة اليد مركز العلة حركة القلم أ !.خرى موضع املعلول؟حدامها موضع العلة واألإوقت واحد فلماذا وضع

منـا إن العلـة أن تفسري العلية بضرورة سيكولوجية يعـين إ: خرىأوبكلمة بـل ، ع املوضوعي سابقة على املعلـول ومولـدة لـه ا يف الواق ألاعتربت علة ال

، ادراك املعلول بتداعي املعاين فتكون لـذلك علـة لـه ن ادراكها يتعقبه دائما أل ن يشرح لنا كيف صارت حركة اليد علة حلركـة القلـم أوهذا التفسري ال ميكنه

ـ إو، القلم ال جتيء عقب حركة اليد يف االدراك ن حركة أمع ان منا تـدرك احلركتمكـن أمعا فلو مل يكن حلركة اليد سبق واقعي وسببية موضوعية حلركة القلم ملـا

.اعتبارها علة ما حيـصل بـني شـيئني دون االعتقـاد بعليـة ن التداعي كثريا إ: وخامسا

ما حادثان أن يفسر العلة واملعلول بأ) دافيد هيوم(فلو صح لـ ، خراحدمها لآل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 73: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٧٣

ىت حتصل بينهما رابطة تداعي املعاين يف الـذهن لكـان ندرك تعاقبهما كثريا ح ن احلرارة والغليـان حادثـان تعاقبـا حـىت أفكما . الليل والنهار من هذا القبيل

ن أمـع ، ت بينهما رابطة التداعي كذلك الليل والنهار وتعاقبهما وتـداعيهما أنش بـني عنصر العلية والضرورة الذي ندركه بني احلرارة والغليـان لـيس موجـودا

ذنإميكـن فـال ، فليس الليل علة للنهار وال النهار علـة الليـل ، الليل والنهار تفسري هذا العنصر مبجرد التعاقب املتكرر واملؤدي اىل تداعي املعاين كمـا حاولـه

). هيوم( أسـقاط مبـد إ اىل ن املذهب التجرييب يـؤدي حتمـا أوخنلص من ذلك اىل

أذا سـقط مبـد إو، شـياء ضـرورية بـني األ ثبات عالقات إوالعجز عن ، العلية .العلية اارت مجيع العلوم الطبيعية باعتبار ارتكازها عليه كما ستعرف

سـاس التجربـة أقامتـها علـى إن العلوم الطبيعية اليت تريد التجريبيـون إ ذلـك ، اخلالصة هي بنفسها حتتاج اىل اصول عقلية اولية سابقة علـى التجـارب

فيـضع ، وم العامل ا يف خمتربه على جزئيات موضـوعية حمـددة ن التجربة امنا يق أنظرية لتفسري الظواهر اليت كشفتها التجربة يف املخترب وتعليلـها بـسبب واحـد

ن سبب احلرارة هو احلركة استنادا اىل عـدة جتـارب أ القائلة ب كالنظرية، مشترك عطائـه إله عـن كيفيـة أن نـس أومن حقنا على العامل الطبيعـي ، فسرت بذلك

، للنظرية بصفة قانون كلي ينطبق على مجيع الظروف املماثلـة لظـروف التجربـة فلـيس هـذا التعمـيم يـستند أ، شياء خاصة أال على عدة إن التجربة مل تقع أمع

شياء املتشاة يف النـوع واحلقيقـة جيـب ن الظروف املتماثلة واألأاىل قاعدة وهي كيف ، خرى عن هذه القاعدة أا نتساءل مرة ن تشترك يف القوانني والنواميس؟ وهن أ

ـا قاعـدة أن يزعمـوا أتوصل اليهـا العقـل؟ وال ميكـن للتجـريبني هنـا ـا لـو أل، ن تكون من املعارف العقلية السابقة علـى التجربـة أجتريبية بل جيب

يـضا ال أكانت مستندة اىل جتربة فهذه التجربة اليت ترتكز عليها القاعـدة هـي ! ساسـها قاعـدة عامـة؟ أفكيف ركزت علـى ، ال موارد خاصة إرها تتناول بدو

و عـدة جتـارب ال ميكـن أفبناء قاعدة عامة وقانون كلي على ضوء جتربة واحدة .ال بعد التسليم مبعارف عقلية سابقةإن يتم أ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 74: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٧٤

ن مجيع النظريات التجريبية يف العلوم الطبيعية ترتكز على عـدة أوذا يتضح :ميانا مباشرا وهيإبل يؤمن العقل ا ، ختضع للتجربةمعارف عقلية ال

ن الصدفة لـو كانـت جـائزة أذلك ، العلية مبعىن امتناع الصدفة أمبد: والأ ن يصل اىل تعليـل مـشترك للظـواهر املتعـددة الـيت أمكن للعامل الطبيعي أملا

.ظهرت يف جتاربهمـور املتماثلـة يف ن األ أ االنسجام بني العلة واملعلول الذي يقـرر أمبد: ثانيا

.ن تكون مستندة اىل علة مشتركةأاحلقيقة ال بد . عدم التناقض احلاكم باستحالة صدق النفي واالثبات معاأمبد: ثالثا

جـرى جتاربـه أمن العامل ذه املعـارف الـسابقة علـى التجربـة مث آفاذا ـ أاستطاع ، قسامهاأنواع احلرارة و أاملختلفة على ة املطـاف نظريـة ن يقرر اي

نواعهـا بعلـة واحـدة ـ مـثال ـ وهـذه النظريـة أيف تعليل احلرارة مبختلف منـا تكـون إـا أل، ال ميكن يف الغالب تقريرها بشكل حاسم وصـورة قطعيـة

خر لتلك الظـواهر وعـدم آمكان وجود تفسري إكد من عدم أمكن الت أذا إكذلك ، حيـان غلـب األ أتجربـة يف وهـذا مـا ال حتققـه ال . خرىأصحة تعليلها بعلة

جـل نقـص يف أل، حـايني كثـر األ أوهلذا تكون نتائج العلوم الطبيعية ظنيـة يف .التجربة وعدم استكمال الشرائط اليت جتعل منها جتربة حامسة

ن استنتاج نتيجة علمية من التجربـة يتوقـف أويتضح لنا على ضوء ما سبق ه الـذهن البـشري مـن العـام اىل الذي يسري في ، دائما على االستدالل القياسي

ومن الكلي اىل اجلزئي كما يرى املذهب العقلي متاما فـان العـامل مت لـه ، اخلاص وليـة الثالثـة الـيت استنتاج النتيجة يف املثال الذي ذكرناه بالسري من املبادئ األ

اىل تلـك النتيجـة ، ) عدم التنـاقض أمبد) ( االنسجام أمبد) ( العلية أمبد(عرضنا .اصة على طريقة القياساخل

ما االعتـراض الـذي يوجهـه التجريبيـون اىل الطريقـة القياسـية يف أو ال صدى للكـربى مـن املقـدمتني وتكريـرا إن النتيجة فيها ليست أاالستدالل ب

ن الكربى لـو كنـا نريـد أل، صول املذهب العقلي أفهو اعتراض ساقط على ، هلا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 75: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٧٥

قـسام ن نفحص مجيع األ أمقياس غريها لكان علينا اثباا بالتجربة ومل يكن لنا وتكون النتيجة حينئذ قد درسـت يف الكـربى ، كد من صحة احلكم أنواع لنت واأل

ذا كانت الكربى من املعارف العقلية اليت نـدركها بـال حاجـة إما أو، يضاأبذاا حيتـاج فـال ، وليات البديهية والنظريات العقلية املستنبطة منـها كاأل: ىل التجربة إ

ن تتخـذ أاملستدل الثبات الكربى اىل فحص اجلزئيات حـىت يلـزم مـن ذلـك .)١(النتيجة صفة التكرار واالجترار

ننا ال ننكر على التجربـة فـضلها العظـيم علـى أخرى نؤكد على أومرة ن يفهـم هـؤالء أمنـا نريـد إو، االنسانية ومدى خدمتـها يف ميـادين العلـم

فكـار ساسـي لأل ول واملنبـع األ ست هي املقيـاس األ ن التجربة لي أالتجريبيون وليـة ساسي هـو املعلومـات األ ول واملنبع األ بل املقياس األ ، واملعارف االنسانية

ن أحـىت ، خـرى العقلية اليت نكتسب على ضوئها مجيع املعلومات واحلقـائق األ خـرون علـى حـد فـنحن واآل ، التجربة بذاا حمتاجة اىل ذلك املقياس العقلـي

سـس فلـسفتنا ألك املقياس الذي ترتكز عليـه سواء على ضرورة االعتراف بذ

من تركيز . ـ ومن الغريب حقا ما حاوله الدكتور زكي جنيب حممود 1

كل انسان فان : (االعتراض السابق الذكر على االستدالل القياسي كما يف قولناوىل ال املقدمة األعمم يفأقد تكون ولكن حني : (قائال) وحممد انسان فمحمد فان

ريد النوع أمنا إ، هم على هذا النحو مستحيلءن احصاريد الناس فردا فردا ألأن ختصص احلكم على أمرك كذلك فكيف استطعت أولكن اذا كان ، بصفة عامة

فحكمك ، منا هو فرد متعني متخصصإان حممدا ليس هو النوع بصفة عامة ، حممداملنطق ) مر قياس باطلامة هو يف حقيقة األعليه مبا حكمت به على النوع بصفة ع

.٢٥٠الوضعي ص. ول واملعقول الثاين يف مصطلح املنطقينيوهذا خليط عجيب بني املعقول األن يكون احلكم على أوهلما أ: مرينأحد أفان احلكم على النوع بصفة عامة يعين ن أكم ال ميكن ن هذا احلأومن الواضح ، االنسان باعتبار صفة العموم والنوعية فيه

ن يكون أ: وثانيهما. ليس فيه صفة العموم والنوعيةن حممداخيصص على حممد أل . ليهإضافة أي ختصيص إاحلكم على ذات االنسان من دون

فاحلد االوسط له ، حممدا انسان ألن وهذا احلكم ميكن ان نطبقه على حممد .نتجامعىن واحد تكرر يف الصغرى والكربى معا فيكون القياس م

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 76: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٧٦

ن ينكروا ذلك املقياس ليبطلوا علينا أذا حاول التجريبيون بعد ذلك إو، االهلية سس اليت تقوم عليها العلـوم الطبيعيـة وال تثمـر فهم ينسفون بذلك األ ، فلسفتنا

. بدوا التجارب احلسية شيئا ن نفسر صفة الضرورة والـيقني املطلـق أذهب العقلي نستطيع ويف ضوء امل

ىلإفان مـرد هـذا االمتيـاز ، اليت متتاز ا الرياضيات على قضايا العلم الطبيعي ويل وال ن القوانني واحلقائق الرياضية الـضرورية تـستند اىل مبـادئ العقـل األ أ

م فـان متـدد تتوقف على مستكشفات التجربة وعلى العكس من ذلك قضايا العل منـا يرتكـز علـى إاحلديد باحلرارة لـيس مـن املعطيـات املباشـرة لتلـك و

فالطابع العقلي الصارم هو سر الـضرورة والـيقني املطلـق يف ، معطيات التجربة .تلك احلقائق الرياضية

ذا درسنا الفارق بـني الرياضـيات والطبيعيـات يف ضـوء املـذهب إما أو حامسا هلـذا الفـرق مـا دامـت التجربـة هـي التجرييب فسوف لن جند مربرا

. املصدر الوحيد للمعرفة العلمية يف كال امليدانني ساسـه أنصار املذهب التجـرييب تفـسري الفـرق علـى أوقد حاول بعض

ـ أاملذهيب عن طريق القول ب ـ أا أن قضايا الرياضيات حتليلية ليس مـن ش يت أن ت ديد لـنفحص درجـة يقيننـا مل نتحدث بشيء ج ٤ =٢+٢فعندما نقول ، جبديد

نفـة فالعمليـة الرياضـية اآل ٢+٢خـر عـن آبه فان االربعة هي نفسها تعبري ربعـة وكـل قـضايا أربعـة تـساوي أن أال إالذكر يف تعبري صـريح ليـست

مـا أو، الرياضيات امتداد هلذا التحليل ولكنه امتداد يتفاوت يف درجـة تعقيـده ن احملمـول فيهـا أياها تركيبيـة أي ن قـضا العلوم الطبيعية فليست كـذلك أل

فـاذا ، سـاس التجربـة أ جديدا أي ينبئ جبديد علـى يضيف اىل املوضوع علما ـ أقلت ينأن املاء يغلي حتت ضغط كذا عندما تصبح درجة حرارته مائـة مـثال ف

جل ذلك كانت ن كلمة ماء ال تتضمن كلمة حرارة وضغط وغليان وأل فيد علما أل أ . والصوابأة للخطالقضية العلمية عرض

ن نالحظ على هذه احملاولة لتربير الفـرق بـني الرياضـيات أولكن من حقنا سـاس أن اعتبار القضايا الرياضية حتليلية ال يفـسر الفـرق علـى أ، والطبيعيات

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 77: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٧٧

ربعـة أربعة هي أخر عن قولنا آ تعبري ٤ = ٢+٢ن أ املذهب التجرييب فهب عـدم أاضـية تتوقـف علـى التـسليم مببـد ن هذه القضية الري أفان هذا يعين

وهـذا ، ربعة هي نفسها اذا كـان التنـاقض ممكنـا ال فقد ال تكون األ إالتناقض و نه ينكر كـل معرفـة قبليـة ي املذهب التجرييب عقليا ضروريا أل أ ليس يف ر أاملبد

ساسـها القـضايا العلميـة أمنا هو مستمد من التجربة كاملبادئ اليت تقوم على إو وهكذا تبقـى املـشكلة دون حـل اذا مـا دامـت الرياضـيات ، يعياتيف الطب

والعلوم الطبيعية تتوقف جيمعـا علـى مبـادئ جتريبيـة فلمـاذا متتـاز قـضايا .الرياضيات على غريها باليقني الضروري املطلق؟

ن أ أن قضايا الرياضيات كلـها حتليليـة وامتـداد ملبـد أفلسنا نقر ب ، وبعد قصر دائمـا مـن احملـيط أن القطر أتكون احلقيقة القائلة وكيف ، ربعةأربعة هي أ

و احمليط مندجما يف معىن القطر وهـل هـي تعـبري أقضية حتليلية فهل كان القصر .ن القطر هو قطرأخر عن القول بآ

ن املذهب العقلي هو وحـده املـذهب الـذي أوخنلص من هذه الدراسة اىل .وليةا مقاييسها ومبادئها األن حيل مشكلة تعليل املعرفة ويضع هلأيستطيع

ن أ: ن ندرس من املذهب العقلـي نقطـة واحـدة وهـي أولكن بقي علينا ن يفـسر عـدم أفكيـف ميكـن ، ولية اذا كانت عقلية وضـرورية املعلومات األ

!خرة عن والدته؟أوجودها مع االنسان منذ البداية وحصوله عليها يف مرحلة متن توجـد أذا كانت ذاتية لالنسان فيجب ن تلك املعلومات ا أخرى أوبكلمة

ن أواذا مل تكـن ذاتيـة لـزم ، ن خيلو منها حلظة من حياتـه أبوجوده ويستحيل .وهذا ما ال يوافق عليه العقليون، يوجد هلا سبب خارجي هلا وهو التجربة

ن تلـك املبـادئ ضـرورية يف العقـل أن العقليني حني يقـررون أوالواقع الذهن اذا تصور املعاين اليت ترتبط بينـها تلـك املبـادئ ن أيعنون بذلك البشري

عـدم أخـذ مبـد أولن. ول دون حاجة اىل سبب خـارجي األ أفهو يستنبط املبد ن وجـود الـشيء أـ الذي يعين احلكم التصديقي بأ ن هذا املبدإ، التناقض مثاال

ـ أل، ويلوعدمه ال جيتمعان ـ ليس موجودا عند االنسان يف حلظـة وجـوده األ ه ن وبـدون تـصور . وتصور االجتمـاع ، وتصور العدم ، يتوقف على تصور الوجود

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 78: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٧٨

فان التـصديق . ن الوجود والعدم ال جيتمعان أ هذه االمور ال ميكن التصديق ب وقـد عرفنـا عنـد حماولـة تعليـل ، مر غري معقـول أاالنسان بشيء مل يتصوره

و غـري أعنه بصورة مباشـرة ا ترجع مجيعا اىل احلس وتنبثق أ التصورات الذهنية أن يكتسب االنسان جمموعة التصورات اليت يتوقف عليهـا مبـد أفيجب ، مباشرة

، ويـصدق بـه أن حيكـم ـذا املبـد أعدم التناقض عن طريق احلس ليتاح لـه نـه لـيس ضـروريا ولـيس أ يف الذهن البشري ال يعـين أخر ظهور هذا املبد أفت

بـل هـو ، حاجـة اىل سـبب خـارجي منبثقا عن صميم النفس االنسانية بـال ولكـن التـصورات ، ضروري ونابع عن النفس بصورة مـستقلة عـن التجربـة

واذا شئت فقـس الـنفس واملبـادئ ، اخلاصة شرائط وجوده وصدوره عن النفس حراق النار فعالية ذاتية للنـار ومـع ذلـك ال إن أفكما ، حراقهاإولية بالنار و األ

، أي يف ظرف مالقاة النـار جلـسم يـابس ، ل شروط ال يف ظ إتوجد هذه الفعالية ولية فاا فعاليات ضرورية وذاتية للـنفس يف الظـروف الـيت حكام األ كذلك األ

.تكتمل عندها التصورات الالزمةن كانـت إوليـة و ن املعارف األ أرفع قلنا أن نتكلم على مستوى أردنا أذا إو

ـا حـصلت بـسبب أ معناه ن هذا التدريج ليس أال إ، حتصل لالنسان بالتدريج ن تكـون أن التجارب اخلارجيـة ال ميكـن أننا برهنا على أل، التجارب اخلارجية

منا هو باعتبار احلركة اجلوهريـة والتطـور إبل التدرج ، ساسي للمعرفة املصدر األ فهذا التطور والتكامل اجلوهري هـو الـذي جيعلـها تـزداد ، يف النفس االنسانية

ساسية فيفتح مـا كمـن فيهـا مـن ولية واملبادئ األ ات األ كماال ووعيا للمعلوم .طاقات وقوى

ملـاذا مل توجـد : نـه أن االعتراض على املـذهب العقلـي ب أوهكذا يتضح ولية مع االنسان حني والدته ينبين على عـدم االعتـراف بـالوجود املعلومات األ

سذن فـالنف إو، وبالالشعور الذي تدل عليـه الـذاكرة بكـل وضـوح ، بالقوة وباحلركـة اجلوهريـة ، وليـة االنسانية بذاا تنطوي بالقوة على تلك املعارف األ

.حىت تصبح تلك املدركات بالقوة مدركات بالفعل، يزداد وجودها شدة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 79: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٧٩

املاركسية والتجربة................................................ڤ لة أيـني يف مـس أالتجرييب الذي عرضناه سـابقا يطلـق علـى ر ن املذهب اـ أحدمها الر أ، املعرفة وىل أي ن املعرفـة كلـها تتـوفر يف املرحلـة األ أي القائل ب

ـ أخـر الـر واآل. مرحلة االحساس والتجارب البسيطة ن للمعرفـة أي القائـل ب و مرحلـة أ، يـة و التطبيـق والنظر أ، اخلطوة احلسية واخلطوة العقليـة : خطوتني

فنقطـة االنطـالق للمعرفـة هـي احلـس . التجربة ومرحلة املفهوم واالستنتاج والدرجة العاملية هلا هي تكوين مفهوم علمي ونظريـة تعكـس الواقـع ، والتجربة

.التجرييب بعمق ودقة ،ي الذي اختذتـه املاركـسية يف مـسالة املعرفـة أي الثاين هو الر أوهذا الر

ي سوف ينتهي ا بـصورته الظـاهرة اىل املـذهب أا الر ن هذ أولكنها ال حظت نه يفرض ميدانا وجماال للمعرفـة االنـسانية خـارج حـدود التجربـة أل، العقلي

مكـان فـصل إوعـدم . ساس وحدة النظريـة والتطبيـق أالبسيطة فوضعته على واعتبارها ، وبذلك احتفظت للتجربة مبقامها يف املذهب التجرييب ، خرحدمها عن اآل أ .قياس العام للمعارف البشريةامل

: قال ما وتسي تونغ○ــوة األ[ ــصال اخلط ــي االت ــة ه ــساب املعرف ــة اكت وىل يف عملي

ــيس ـ األ ــة االحاس ــارجي ـ مرحل ــاحمليط اخل ــة، ويل ب ــوة الثاني اخلطــسية ــات احل ــن االدراك ــا م ــيت حنــصل عليه ــات ال ــي مجــع املعلوم ه

ــة املفــاهيم واأل ــها ـ مرحل ، واالســتنتاجات ـ حكــاموتنــسيقها وترتيبــسية ــات احل ــن االدراك ــة م ــة كامل ــات كافي ــى معلوم ــصول عل وباحل

ــصةأال جزئيـــة ( ــع، )و ناقـ ــذه املعلومـــات للوضـ ــة هـ ومطابقـــي ــة(احلقيق ــاهيم خاطئ ــستطاع ) ال مف ــصبح يف امل ــد ي ــذا فق ــد ه عن

ســاس هــذه املعلومــات مفهومــا ومنطقــا أن نــصوغ علــى أ .)١(]صحيحني

.١٤ـ حول التطبيق ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 80: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٨٠

:يضاأ وقال ○ــؤدي إ[ ــاعي يـ ــق االجتمـ ــتمرار التطبيـ ــرر أىل إن اسـ ن تتكـ

ــاس ــق الن ــضاعفة يف تطبي ــرات مت ــيهم أم ــق ف ــسوا وختل ــياء حي ش يف العقــل ) طفــرة(وعنــدها حيــدث تغــري مفــاجئ ، انطباعــا

ــك ــد ذل ــتج عن ــة فين ــساب املعرف ــة اكت ــالل عملي ــشري خ الب .)١(] مفاهيمن أن النظريـة ال ميكـن ألـى ليكم هذا النص الذي تؤكد فيه املاركسية ع إو

:تنفصل عن التطبيق أي وحدة النظرية والتطبيقــم [ ــن املهـ ــة أذن إفمـ ــدة النظريـ ــىن وحـ ــم معـ ن نفهـ

ــق ــك ... والتطبي ــىن ذل ــسفة أومع ــع يف فل ــة يق ــل النظري ــن يهم ن مــسلك األ ــا ي ــسلك كم ــة في ــالماملمارس ــبط يف الظ ــى ويتخ ــا أ، عم م

املذهيب ويتحول اىل صـاحب مـذهب ال ذلك الذي يهمل التطبيق فيقع يف اجلمود ــرأ ــة ، كثــــ ــدليالت عقليــــ ــاحب تــــ وصــــ

)٢(] جوفاء وان التجربة هـي املقيـاس الـذي ، كدت املاركسية موقفها التجرييب أوذا

وال توجد معرفة بصورة منفصلة عنه كمـا ، ن يطبق على كل معرفة ونظرية أ جيب :تونغ فيما يليصرح بذلك ما وتسي

ــة إ[ ــة املعرف ــق يف ن نظري ــضع التطبي ــة ت ــة الديالكتيكي يف املاديــام األ ــرى ، ولاملق ــي ت ــب أفه ــة جي ــاس للمعرف ــساب الن ن أن اكت

ــصل ب ــق أال يف ــن التطبي ــت ع ــة كان ــة درج ــد ، ي ــضاال ض ــشن ن وتــر ــيت تنك ــة ال ــات اخلاطئ ــل النظري ــق أك ــة التطبي ــسمح أمهي و ت

.)٣(] بانفصال املعرفة عن التطبيق ومع ذلك ، ف بوجود مرحلتني للمعرفة البشريةن املاركسية كما يبدو تعترإ

.٦ـ حول التطبيق ص 1 . ١١٤ـ املادية واملثالية يف الفلسفة ص 2 .٤ـ حول التطبيق ص 3

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 81: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٨١

وهـذا هـو التنـاقض ، ن تسلم بوجود معرفة عـن التجربـة أا ال تريد إف ن العقـل أذلـك ، ساسي الذي تقـوم عليـه نظريـة املعرفـة الديالكتيكيـة األ

ن يـضع ألو مل يكن لديه معارف ثابتة بصورة مستقلة عـن التجربـة مل يـستطيع ،معطيـات التجريبيـة لل ن يكون مفهوما أو، ء االدراكات احلسية النظرية على ضو

منـا يتـاح لالنـسان إفان استنتاج مفهوم خاص من الظواهر احملسوسة بالتجربـة ، ن ظواهر كهذه تقتـضي بطبيعتـها مفهومـا كـذاك أقل ذا كان يعرف على األ إ

.فريكز استنتاجه لنظريته اخلاصة على ذلك، كما تعتـرف املاركـسية ، ن التجربة أنعرف ن أن يتضح هذا جيب أجل وأل

وال تكشف عن وجودها وقوانينها الداخلية الـيت ـيمن ، شياءتعكس ظواهر األ عدنا التطبيق العملي فـسوف أومهما كررنا التجربة و ، على تلك الظواهر وتنسقها

ال على اعداد جديدة من الظـواهر الـسطحية إفضل تقدير ـ أال حنصل ـ على ن هذه االدراكات احلسية اليت نستحـصلها بالتجربـة ال أومن الواضح . املنفصلة

ن هـذه أل، تقتضي بذاا تكوين مفهوم عقلي خـاص عـن الـشيء اخلـارجي فـراد أوىل من املعرفة قـد يـشترك فيهـا االدراكات احلسية اليت هي اخلطوة األ

يء عديدون وال ينتهون مجيعا اىل نظرية موحدة ومفهوم واحد عـن جـوهر الـش وىل من املعرفـة ليـست كافيـة ن اخلطوة األ أفنعرف من ذلك ، وقوانينه الواقعية

ىلإو ديالكتيكيـة أمبفردها لتكوين نظرية أي لنقـل االنـسان بـصورة طبيعيـة فما هو الشيء الذي جيعلنا ننتقـل مـن اخلطـوة . اخلطوة الثانية للمعرفة احلقيقية

.ىل اخلطوة الثانية؟إوىل األ هو معارفنا العقلية املستقلة عن التجربة الـيت يرتكـز علـى ن ذلك الشيء إ

ن نعـرض عـدة أفان تلك املعارف هي اليت تتـيح لنـا ، املذهب العقلي ساسها أمن النظريات واملفاهيم ونالحظ مدى انسجام الظواهر املنعكسة يف جتاربنا وحواسنا

املفهوم الـذي فنستبعد كل مفهوم ال يتفق مع تلك الظواهر حىت حنصل على ، معهافنـضعه ، وليـة ينسجم مع الظواهر احملسوسة والتجريبية حبكم املعارف العقلية األ

.كنظرية تفسر جوهر الشيء وقوانينه احلاكمة فيه مر املعارف العقلية املستقلة عن التجربة فسوف ول األأذا استبعدنا من إو

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 82: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٨٢

و أ، نظرية واالسـتنتاج ن نتخطى دور االحساس اىل دور ال أيتعذر علينا ائيا .كد من صحة النظرية واالستنتاج بالرجوع اىل التطبيق وتكرار التجربةأن نتأ

ــة مــن أوخنلــص مــن ذلــك اىل ن التفــسري الوحيــد للخطــوة الثانيـ ن أاملعرفة ـ احلكم واالستنتاج ـ هو ما ارتكز عليه املذهب العقلي من القـول ب

أكمبـد ، نسان معرفة مستقلة عـن التجربـة عدة من قوانني العامل العامة يعرفها اال التناسب بني العلـة واملعلـول ومـا اىل ذلـك أومبد، العلية أومبد، عدم التناقض

وحني تقدم له التجربة العلميـة ظـواهر الطبيعـة وتعكـسها يف ، من مبادئ عامة حساسه يطبق عليها املبادئ العامة وحيدد مفهومه العلمـي عـن واقـع الـشيء إ

نـه يستكـشف مـا وراء الظـواهر أمبعـىن ، لى ضوء تلك املبـادئ وجوهره ع عمق باملقـدار الـذي يتطلبـه تطبيـق املبـادئ أ التجريبية ويتخطى اىل حقائق

عمـق اىل معلوماتـه الـسابقة وتضاف هـذه احلقـائق األ ، العامة ويكشف عنه ن حيل لغـزا جديـدا للطبيعـة يف جمـال أكثر ثروة حينما حياول أويكون بذلك

ن التطبيق والتجربة العلمية لـيس هلمـا دور مهـم أولسنا نعين ذا ، خرآرييب جت منـا إو. فان دورمها يف ذلـك ال شـك فيـه . يف املعرفة البشرية للطبيعة وقوانينها

ن نؤكد على استبعاد كل معرفة منفصلة عـن التجربـة ورفـض املعـارف أنريد وىل مـن املرحلـة األ يكـون سـببا السـتحالة ختطـي ... العقلية بصورة عامة

.أي مرحلة احلس والتجربة، االدراك التجربة والكيان الفلسفي...........................................ڤ

وال يقف هذا التناقض املستقطب بني املذهب العقلـي واملـذهب التجـرييب ثره اخلطري اىل الكيان الفلـسفي كلـه أبل ميتد ، عند حدود نظرية املعرفة فحسب

صيال مستقال عن العلوم الطبيعيـة والتجريبيـة أن مصري الفلسفة بوصفها كيانا أل، مرتبط اىل حد كبري بطريقة حل هذا التناقض بني املـذهبني العقلـي والتجـرييب

وىل هلـا هـو الـذي يقـدم فالبحث يف املقياس العام للمعرفة البشرية واملبادئ األ االنسحاب والتخلي عن وظيفتها للعلوم و حيكم عليها ب أ. للفلسفة مربرات وجودها

.الطبيعية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 83: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٨٣

ت أو هـذا االمتحـان منـذ نـش أوقد واجه الكيان الفلسفي هذه احملنـة :ليكم قصة ذلكإو، الطريقة التجريبية وغزت احلقول العلمية بكفاءة ونشاط

ن يسود االجتاه التجرييب ويف مطلع فجرهـا تـستوعب أكانت الفلسفة قبل فالرياضيات والطبيعيـات تطـرح ، عارف البشرية املنظمة بشكل عام تقريبا كل امل

وتتحمل الفلـسفة مبعناهـا العـام ، على الصعيد الفلسفي كمسائل امليتافيزيقا متاما ، الشامل مسؤولية الكشف عن احلقائق العامة يف كل جمـاالت الكـون والوجـود

يعـا هـي داة املعرفة الـيت تـسخدمها الفلـسفة يف تلـك احلقـول مج أوكانت و السري الفكري مـن القـضايا العامـة اىل أ القياس ـ الطريقة العقلية يف التفكري

.خص منهاأ قضايا ت التجربـة أوظلت الفلسفة تسيطر على املوقف الفكري لالنسانية حىت بـد

تشق طريقها وتقوم بدورها يف حقـول كـثرية وهـي تتـدرج يف املعرفـة مـن فكـان ، مشـل أعـم و أعات التجربة اىل قوانني من موضو ، اجلزئيات اىل الكليات

صـيل وتفـسح اـال ن تـنكمش وتقـصر علـى جماهلـا األ أعلى الفلـسفة خرى وبذلك انفصلت العلوم عـن ملزامحها ـ العلم ـ لينشط يف سائر ااالت األ

فالفلـسفة تـصطنع ، داته اخلاصة وجمالـه اخلـاص أالفلسفة وحتددت لكل منهما والعلم يستخدم الطريقة التجريبية ويتدرج من اجلزئيات ، لتفكريداة عقلية ل أالقياس

ن العلم ـ كل علم ـ يتناول شعبة مـن الوجـود ونوعـا أكما ، علىأاىل قوانني خاصا له ميكن اخضاعه للتجربة فيبحث عن ظواهره وقوانينه يف ضـوء التجـارب

يـد مـا الفلـسفة فتتنـاول الوجـود بـصورة عامـة دون حتد أو، اليت ميارسها فبينما يبحث . حكامه اليت ال ختضع للتجربة املباشرة أو تقييد وتبحث عن ظواهره و أ

والعـامل الرياضـي عـن ، العامل الطبيعي عن قـانون متـدد الفلـزات بـاحلرارة ذا كان للوجـود إيدرس الفيلسوف ما ، النسبة الرياضية بني قطر الدائرة وحميطها

،جوهر العالقـة بـني العلـة واملعلـول وما هو ، ول انبثق منه الكون كله أ أمبد ن يكون لكل سبب سبب اىل غري ايـة؟ وهـل احملتـوى االنـساين أ وهل ميكن .و مزاج من املادية والروحية؟أ مادي حمض

العامل ميكن اخضاعها ول نظرة ان حمتوى االسئلة اليت يثريها أواضح من

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 84: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٨٤

، ن الفلزات تتمدد باحلرارة أ ن تقدم الدليل على أمكان التجربة إللتجربة ففي بـن القطر مضروبا أو

100 وعلـى العكـس مـن . يساوي حمـيط الـدائرة 143

ول وجـوهر العالقـة بـني األ أذلك احملتوى املباشر لالسئلة الفلسفية فان املبـد والعنـصر الروحـي يف ، سـباب والتـصاعد الالـائي يف األ ، العلة واملعلـول

ليهـا احلـس التجـرييب وال ميكـن تـسليط إر ميتافيزيقية ال ميتد موأ االنسان .ضواء يف املعمل عليهااأل

داة أسـاس اختالفهمـا يف أوهكذا قامت الثنائية بني الفلسفة والعلم علـى عمـال الفكريـة و هـذا التوزيـع لأل أوقد بدت هذه الثنائية ، التفكري وموضوعه

وال عند كثري من العقلـيني الـذين يؤمنـون مشروعا ومقبمراأبني الفلسفة والعلم وىل للمعرفـة أبالطريقة العقلية يف التفكري ويعترفون بوجـود مبـادئ ضـرورية

منوا بالتجربـة وحـدها وكفـروا آنصار املذهب التجرييب الذين أما أو. البشرية ن يوجهـوا هجومـا عنيفـا أبالطريقة العقلية يف التفكري فقد كان من الطبيعي هلم

م ال يقرون كـل معرفـة مـا مل الفلسفة بوصفها كيانا مستقال عن العلم أل على ترتكز على التجربة وما دامت املوضوعات اليت تعاجلهـا الفلـسفة خارجـة عـن

فيجـب ، ىل معرفـة صـحيحة فيهـا إمل يف الوصول أحدود اخلربة والتجربة فال ا وتعتـرف بتواضـع ن تتخلى عن وظيفتهأي املذهب التجرييب أ على الفلسفة يف ر

منـا هـو جمـال التجربـة الـذي إن اال الوحيد الذي ميكن لالنسانية درسه أ .تقامسته العلوم ومل تدع للفلسفة منه شيئا

ن شرعية الكيان الفلسفي ترتبط بنظرية املعرفة ومـا تقـرره أوهكذا نعرف .و رفضهاأمن االميان بالطريقة العقلية يف التفكري

اس شجبت عدة من مدارس الفلسفة املاديـة احملدثـة كيـان سوعلى هذا األ ومسحـت بقيـام ، ساس الطريقة العقلية يف الـتفكري أالفلسفة املستقل القائم على

ساس احملصول الفكري موع العلـوم والتجـارب احلـسية أفلسفة ترتكز على وتـستخدم هـذه الفلـسفة العلميـة ، وال تتميز عن العلم يف طريقها وموضوعها

للكشف عن العالقات والروابط بني العلـوم ولوضـع نظريـات علميـة عامـة ن لكل علـم فلـسفته أتعتمد على حصيلة التجربة يف جمموع احلقول العلمية كما

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 85: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٨٥

.ساليب البحث العلمي يف جماله اخلاصأاليت تقرر .ويف طليعة تلك املدارس املادية الوضعية واملاركسية

املدرسة الوضعية والفلسفة..........................................ڤ املدرسة الوضعية يف الفلسفة فقد اختمرت بذرا خالل القـرن التاسـع ما أ

ولـذلك شـنت هجومـا ، ت يف ظلـه أعشر الذي ساد فيه االجتاه التجرييب فنش ومل تكتـف برمـي امليتافيزيقـا ، امليتافيزيقيةعنيفا على الفلسفة بالتهم ومواضيعها

فلـم تقتـصر ، نصار املذهب التجرييب عـادة أالفلسفية بالتهم اليت يوجهها اليها ثباـا إن قضايا الفلسفة غري جمدية يف احليـاة العلميـة وال ميكـن أعلى القول ب

ـا ليـست قـضايا يف العـرف أخذ الوضعيون يؤكدون أسلوب العلمي بل باأل ـا ال حتمـل نطقي بالرغم من اكتساا شكل القضية يف تركيبـها اللفظـي أل امل

منا هي كالم فارغ ولغو من القول وما دامت كـذلك فـال ميكـن إمعىن اطالقا و ن الكـالم املفهـوم هـو اجلـدير أل، ن تكون موضوعا للبحث مهما كان لونـه أ

انت القـضايا الفلـسفية ما ملاذا ك أ. بالبحث دون اللغو الفارغ وااللفاظ اخلاوية كالما فارغا ال معىن له فهذا يتوقف علـى املقيـاس الـذي وضـعته املدرسـة

ن القضية ال تصبح كالمـا مفهومـا وبالتـايل أفهي تقدر ، الوضعية للكالم املفهوم ال اذا كانت صـورة العـامل ختتلـف يف حـال إ قضية مكتملة يف العرف املنطقي جتـد ) الربد يـشتد يف الـشتاء (فاذا قلت مثال ، اصدق القضية عنها يف حال كذ

ن العامل الواقعي له صورة معينة ومعطيات حسية خاصة يف حـال صـدق هـذا أ ن أجل هـذا كنـا نـستطيع وأل، خرى يف حال كذبه أالكالم وصورة ومعطيات

و كذبـه مـا دام هنـاك أنصف الظروف الواقعية اليت نعرف فيها صدق الكـالم ولكـن خـذ . ن تكـذب أن تصدق القـضية وبـني أ الواقعي بني فرق يف العامل

.ن لكل شيء جوهرا غري معطياته احلسيةإ: (ليك العبارة الفلسفية اليت تقولإفللتفاحة مثال جوهر هو التفاحة يف ذاا فوق ما حنسه منها بالبصر واللمـس

وأرة ن تـصدق هـذه العبـا أفانك لن جتد فرقا يف الواقع اخلارجي بني ) والذوق ذا تصورت التفاحة يف حال وجود جوهر هلا غري ما تدركه إنك أ تكذب بدليل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 86: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٨٦

منها حبواسك مث تصورا يف حال عدم وجود هـذا اجلـوهر مل تـر فرقـا يف ال املعطيات احلسية مـن اللـون إنك سوف لن جتد يف كلتا الصورتني الصورتني أل

لـصورة الـيت رمسناهـا حلـال الـصدق وما دمنا مل جند يف ا . والرائحة والنعومة فالعبـارة الفلـسفية املـذكورة ، شيئا مييزها من الصورة اليت رمسناها حلال الكذب

مـر يف كـل القـضايا وكذلك األ . نه ال يفيد خربا عن العامل كالم بدون معىن أل الفلسفية اليت تعاجل موضوعات ميتافيزقية فاا ليست كالما مفهومـا لعـدم تـوفر

مكان وصف الظـروف الـيت يعـرف إساسي للكالم املفهوم فيها وهو ألالشرط ا ن توصـف القـضية الفلـسفية أولذلك ال يـصح ، و كذا أ فيها صدق القضية

والقـضية ، ن الصدق والكذب من صـفات الكـالم املفهـوم و كذب أل أبصدق .و تكذبأالفلسفية ال معىن هلا لكي تصدق

املدرسـة الوضـعية علـى القـضايا وميكننا تلخيص النعوت اليت تـضفيها :الفلسفية كما يلي

ا تعاجل موضـوعات خارجـة عـن ثبات القضية الفلسفية أل إـ ال ميكن ١ .حدود التجربة واخلربة االنسانية

كانت القـضية صـادقة ، ن صحت إن نصف الظروف اليت أـ وال ميكن ٢ـ أذ ال فرق يف صورة الواقع بني إ. ال فهي كاذبة إ و ضية الفلـسفية ن تكـذب الق .و تصدقأ

.ذ ال خترب عن العامل شيئاإ. ـ وهي لذلك قضية ال معىن هلا٣ .و كذبأن توصف بصدق أساس ال يصح ـ وعلى هذا األ٤ ـا إثباـا ف إن القـضية الفلـسفية ال ميكـن أوهي ، وىلخذ الصفة األ أولن

التجربـة هـي ن أفام يؤمنون ب ، نصار املذهب التجرييب عموما أ تكرار ملا يردده ن متـارس عملـها علـى أداة العليا للمعرفة وهي ال تستطيع ساسي واأل املصدر األ

ي لـون علمـي ن موضوعات الفلسفة ميتافيزيقية ال ختضع أل املسرح الفلسفي أل ثبتنـا وجـود معـارف أذا رفضنا املذهب التجـرييب و إوحنن ، لوان التجربة أمن

ها الكيـان العلمـي يف خمتلـف حقـول قبلية يف صميم العقل البشري يرتكز علي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 87: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٨٧

ان نطمئن اىل امكانات الفكر االنساين وقدرته علـى درس نستطيع التجربة القضايا الفلسفية وحبثها يف ضوء تلك املعارف القبليـة علـى طريقـة االسـتقراء

.واهلبوط من العام اىل اخلاصـ أوهي ، ما الصفة الثانية أو ـ أا ال نـستطيع ن ن إروف الـيت ن نـصف الظ

ىل شـيء مـن إفال تـزال حباجـة ، ال فهي كاذبة إصحت كانت القضية صادقة و و املعطيات احلسية اليت يـرتبط صـدق أفما هي هذه الظروف الواقعية . التوضيح

و يكـون مـدلوهلا بالـذات أوهل تعترب الوضعية من شرط القـضية ، القضية ا ) شتاء واملطر يهطل يف ذلـك الفـصل الربد يشتد يف ال ( كما يف قولنا معطى حسيا

فـان ، ن يكون للقضية معطيات حسية ولـو بـصورة غـري مباشـرة أو تكتفي ب أ واقعيـا كانت الوضيعة تلغي كل قضية ما مل يكن مدلوهلا معطـى حـسيا وظرفـا

بـل تـشجب ، خيضع للتجربة فهي بذلك ال تسقط القضايا الفلـسفية فحـسب ا تعـرب عـن قـانون إمن ال تعرب عن معطى حسي و كثر القضايا العلمية اليت أيضا أ

فنحن حنس بـسقوط القلـم عـن ، مستنتج من املعطيات احلسية كقانون اجلاذبية فـسقوط القلـم معطـى حـسي . رضالطاولة اىل االرض وال حنس جباذبيـة األ

.مرتبط باملضمون العلمي لقانون اجلاذبية وليس للقانون عطاء حسي مباشرضعية باملعطى احلسي غري املباشر فالقضايا الفلـسفية هلـا ذا اكتفت الو إما أو

معطيات حسية غري مباشرة كعدة من القضايا العلميـة متامـا أي توجـد هنـاك معطيات حسية وظروف واقعية ترتبط بالقضية الفلسفية فـان صـحت كانـت

القضية الفلسفية القائلـة بوجـود ليك مثال إخذ . ال فهي كاذبة إالقضية صادقة و ،ن مل يكن لـه عطـاء حـسي مباشـر إفان حمتوى هذه القضية و ، وىل للعامل أعلة

ليه عن طريق املعطيات احلسية الـيت ال ميكـن إن يصل أن الفيلسوف ميكنه أ غري كما سنرى يف حبوث مقبلـة مـن هـذا ، وىلال عن طريق العلة األ إتفسريها عقليا

.الكتاب ن أوهـو ، هـذا اـال ن تقولـه الوضـعية يف أوهناك شيء واحد ميكـن

ال يقـوم علـى ، استنتاج املضمون الفكري للقضية الفلسفية من املعطيات احلسية ن املعـارف العقليـة هـي الـيت أمبعىن ، سس عقليةأمنا يقوم على إساس جترييب و أ

ن التجربـة تـربهن علـى أال إ، وىلأحتتم تفسري املعطيات احلسية بافتراض علـة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 88: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٨٨

وما مل تربهن التجربة علـى ، وىله املعطيات بدون العلة األ استحالة وجود هذ ن تعترب تلك املعطيات عطاء للقضية الفلسفية ولـو بـصورة غـري أذلك ال ميكن

.مباشرة ومـا دمنـا ، من جديـد للمـذهب التجـرييب ال تكرارا إوهذا القول ليس

احلـسية مـدين ن استنتاج املفاهيم العلمية العامة من املعطيـات أ قد عرفنا سابقا ذا ارتبطـت مـع معطياـا إفال جناح على القضية الفلسفية ، ملعارف عقلية قبلية

.احلسية بروابط عقلية ويف ضوء معارف قبلية غـري معطيـات املـذهب التجـرييب واىل هنا مل جند الوضعية شيئا جديـدا

شـيئا جديـدا ن الصفة الثالثة تبدو لنـا أغري ، ومفاهيمه عن امليتافيزيقا الفلسفية طالقـا وال تعتـرب قـضية إن القضية الفلسفية ال معىن هلا أن الوضعية تقرر فيها أل

.بل هي شبه قضية شد ضـربة وجهـت اىل الفلـسفة مـن أن هذا االام هو أوميكننا القول ب

.فلنفحص حمتواه باهتمام، املدارس الفلسفية للمذهب التجرييب الضبط مـاذا تريـد الوضـعية بكلمـة ن نعرف ب أولكي يتاح لنا ذلك جيب

مكـن تفـسريها يف قـواميس أن إن القضية الفلسفية ال معىن هلا و أاملعىن يف قولنا اللغة؟

مـام الوضـعية املنطقيـة احلديثـة يف ـ إ وجييب على ذلك االسـتاذ آيـر ي الوضعية تدل على املعىن الذي ميكـن التثبـت أن كلمة معىن يف ر أـ ب انكلترا

ن القـضية الفلـسفية ال أونظرا اىل ، و خطئه يف حدود اخلربة احلسية أ من صوابه .ميكن فيها ذلك فهي قضية بدون معىن

) القـضية الفلـسفية ال معـىن هلـا (ويف هذا الضوء تصبح العبارة القائلـة نـه يتـصل مبـا حمتوى القضية الفلسفية ال خيضع للتجربـة أل (معادلة متاما لقولنا

تكون الوضعية قـد قـررت حقيقـة ال شـك فيهـا وال وبذلك) وراء الطبيعة ـ أوهي ، جدال ت بـشيء أن مواضيع امليتافيزيقا الفلسفية ليـست جتريبيـة ومل ت

وجتريد القضية الفلسفية عن ، ال تطوير كلمة املعىن ودمج التجربة فيهاإ جديد

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 89: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٨٩

معـىن يف ا ذات أاملعىن يف ضوء هذا التطوير للكلمة ال يتناقض مع التسليم ب .خر للكلمة ال تدمج فيه التجربة يف املعىنآاستعمال مثاله من الوضعيني عـن القـضايا الـيت أآير و دري ماذا يقول االستاذ أوال

و أوال ميلك االنسان القـدرة علـى التثبـت مـن صـواا ، تتصل بعامل الطبيعة رضقابـل األ خر للقمـر الـذي ال ي ن الوجه اآل إ(ذا قلنا إكما ، خطئها بالتجربة

ن منلـك أفاننا ال منلك وقد ال يتـاح لنـا يف املـستقبل ) زاخر باجلبال والوديان ـا أو كذا بـالرغم مـن أاالمكانات التجريبية الستكشاف صدق هذه القضية

ن نعترب هذه القضية خاويـة ال معـىن هلـا مـع أفهل ميكن ، تتحدث عن الطبيعة يطرح قضايا مـن هـذا القبيـل علـى صـعيد ن العلم كثريا ما أننا نعلم مجيعا أ

ن ميلك التجربة احلامسة بصددها ويظل يبحث عن ضـوء ليـسلطه أ البحث قبل فلماذا كـل هـذا اجلهـد ، و يعجز عن الظفر به أعليها حىت جيده يف اية املطاف

و كـذا مـن التجربـة أالعلمي لو كانت كل قضية ال حتمل بيدها دليل صدقها القول؟ خواء ولغوا من

ن املهـم هـو أفهـي تقـول ، ن تـستدرك أوحتاول الوضعية يف هذا اال فكل قضية كان ممكنا من الوجهـة النظريـة ، مكان الفعلي االمكان املنطقي ال اإل

ن مل إفهـي ذات معـىن وجـديرة بالبحـث و ، اأاحلصول على جتربة هادية بـش .منلك هذه التجربة فعال

ن الوضعية قد اسـتعارت مفهومـا ميتافيزيقيـا أ، وحنن نرى يف هذه احملاولة وذلـك املفهـوم هـو ، لتكميل بنائها املذهيب الذي شـادته لنـسف امليتافيزيقـا

ال فما هـو املعطـى احلـسي إو، االمكان املنطقي الذي ميزته عن االمكان الفعلي ، ن التجربة ما دامـت غـري ممكنـة يف الواقـع ألالمكان املنطقي؟ تقول الوضعية

ثـر لـه أا يبقى لالمكان النظري من معىن غري مفهومه امليتافيزيقي الـذي ال فماذ فلـم يـصبح أ، على صورة الواقع اخلارجي وال ختتلف املعطيات احلسية تبعا لـه

وبالتايل كالمـا غـري ، مقياس الوضعية للكالم املفهوم ميتافيزيقيا يف اية الشوط يها؟أمفهوم يف ر

ن نـدمج أخذ كلمة املعىن مبـدلوهلا املتعـارف دون أولن، ولنترك االستاذ آير

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 90: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٩٠

ـا غـري ذات أن حنكم على القضية الفلـسفية ب أفهل نستطيع ، فيه التجربة ،ن املعىن هو مـا يعكـسه اللفـظ يف الـذهن مـن صـور إف، معىن؟ كال طبعا

نصارها وخصومها على السواء صـورا مـن أذهان أ والقضية الفلسفية تعكس يف فكارنـا فهنـاك أوما دامت هناك صورة تقذفها القضية الفلـسفية اىل . بيلهذا الق

جمال للصدق والكذب وبالتايل هناك قضية كاملة جديرة ذا االسـم يف العـرف ن كانـت تطـابق إفان الصورة اليت تقذفها القضية الفلسفية اىل ذهننـا ، املنطقي

.ال فهي كاذبةإة و شيئا موضوعيا خارج حدود الذهن واللفظ فالقضية صادقفالصدق والكذب ـ وبالتايل الطابع املنطقي للقضية ـ ليسا من معطيات التجربة

،و كـذب أـا ال توصـف بـصدق ألنقول عن القضية اليت ال ختضع للتجربـة و سليب عـن التطـابق بـني صـورة القـضية يف أجيايب إمنا مها تعبريان بشكل إ و

.ج حدود الذهن واللفظ الذهن وبني أي شيء موضوعي ثابت خار املاركسية والفلسفة

،وموقف املاركسية من الفلسفة يشبه بـصورة جوهريـة املوقـف الوضـعي ن أل، فهي ترفض كل الرفض فلسفة عليا تفرض على العلـوم وال تنبثـق منـها

ن ال جتــدأفمــن الطبيعــي ، داة تفكريهــاأاملاركــسية جتريبيــة يف منطقهــا و وهلـذا نـادت بفلـسفة علميـة وهـي املاديـة ، وثهـا للميتافيزيقا جماال يف حب ن فلسفتها هذه ترتكز على العلـوم الطبيعيـة وتـستمد أ الديالكتيكية وزعمت

.رصيدها من التطور العلمي يف خمتلف احلقول :قال لينني

فاملاديــة الديالكتيكيـــة مل تعـــد حباجــة اىل فلـــسفة توضـــع (ــوم األ ــوق العل ــرى وف ــسفة ا إخ ــن الفل ــى م ــا يبق ــو ن م ــة ه لقدمي

.)١()نظرية الفكر وقوانينه ـ املنطق الشكلي والديالكتيك

.٢٤ـ لينني ماركس اجنلس واملاركسية ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 91: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٩١

:وقال روجيه غاروديــه ( ــى وج ــة عل ــة للمعرف ــة املادي ــة النظري ــون مهم ــوف تك س

ــد ــع أ التحدي ــاملي أن ال تقط ــر الع ــن الفك ــسفي ع ــر الفل ــدا الفك ب .)١()وال عن النشاط العملي التارخيي

ة على الطابع العلمـي لفلـسفتها ورفـض أي صرار املاركسي إوبالرغم من ن املاركـسية ال تتقيـد يف فلـسفتها باحلـدود أجند ، لون من التفكري امليتافيزيقي

ن متـارس أن الفلسفة اليت تنبع من اخلربة العلميـة جيـب أذلك ، العلمية للبحث فاـال املـشروع لفلـسفة ، مهمتها يف احلقل العلمي وال تتجـاوزه اىل غـريه

وسع من اال املنفرد لكـل علـم أن كان إية كفلسفة املاركسية يف زعمها و علم ن يكـون أولكن ال جيوز حبـال مـن االحـوال ، ا تستهدي مبختلف العلوم أل وسع من ااالت العلمية جمتمعة أي اال العلمي العـام وهـو الطبيعـة الـيت أ

فلـيس مـن صـالحية ،و املالحظة احلـسية املنظمـة أ ميكن اخضاعها للتجربة ن تتناول يف البحث مسائل مـا وراء الطبيعـة وحتكـم فيهـا أ الفلسفة العلمية

، ن رصيدها العلمي ال ميـدها يف تلـك املـسائل بـشيء و سليب أل أجيايب إبشيء ليس مـن حـق الفلـسفة ) ول وراء الطبيعة أ أللعامل مبد (فالقضية الفلسفية القائلة

.ن حمتواها خارج عن جمال التجربةثبات ألإ وأ بنفي ان تتناوهلأالعلمية ن املاركسية تتدخل يف هـذا اللـون مـن القـضايا أوبالرغم من ذلك نرى

مر الذي جيعلها تتمـرد علـى حـدود الفلـسفة العلميـة وجتيب عليها بالنفي األ ن النفي فيمـا يتـصل مبـا وراء عـامل الطبيعـة أل، وتنساق اىل حبث ميتافيزيقي

مها من الفلسفة امليتافيزيقية وبذلك يبدو التنـاقض بـني احلـدود كاالثبات وكال ن نقف عندها املاركسية يف حبثها الفلسفي بوصـفها صـاحبة فلـسفة أاليت جيب

.وسع من ذلكأعلمية وبني انطالقها يف البحث اىل منت بضرورة تطـور احملـصول آن ربطت املاركسية فلسفتها بالعلم و أوبعد

وم الطبيعة ومشاركة الفلسفة للعلـم يف منـوه وتكاملـه تبعـا الفلسفي وفقا للعل

.٤٦ـ ما هي املادية ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 92: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٩٢

كان من الطبيعي هلـا ، الرتفاع مستوى اخلربة التجريبية وتعميقها على مر الزمن .ن ترفض كل مطلق فلسفي فوق العلمأ

ـ أوقد نش بالتجربـة مياـا إ املاركـسية يف نظريـة املعرفـة و أ هذا من خط هب العقلي واالميان مبعارف قبليـة فالفلـسفة ترتكـز ما يف ضوء املذ أو، وحدها

ساسية ثابتة وهي تلك املعارف العقلية القبلية الثابتة بـصورة مطلقـة أ على قواعد ن يـتغري احملتـوى أجل ذلك ال يكـون مـن احلـتم وأل، ومستقلة عن التجربة

. الفلسفي باستمرار تبعا لالكتشافات التجريبية الصلة بني الفلسفة والعلم فان التـرابط بينـهما وحنن ال نعين بذلك انقطاع

حايني احلقـائق اخلاصـة اىل الفلـسفة لتطبـق ن العلم يقدم يف بعض األ وثيق أل ن الفلـسفة تنجـد أكما ، )١( عليها مبادئها املطلقة فتخرج بنتائج فلسفية جديدة

ـ األ بيل سلوب التجرييب يف العلوم مببادئ وقواعد عقلية يـستخدمها العـامل يف س فالعالقـة بـني الفلـسفة . )٢(االرتقاء من التجارب املباشرة اىل قانون علمي عام

ن الفلسفة بالرغم مـن ذلـك قـد ال حتتـاج يف بعـض أغري ، )٣( والعلم قوية

ن العلوم الطبيعية تربهن على امكان حتويل العناصر البسيطة أـ ومثال ذلك 1

فهذه حقيقة علمية تتناوهلا الفلسفة كمادة لبحثها وتطبق عليها . بعضها اىل بعضن صورة أن الوصف الذايت ال يتخلف عن الشيء فنستنتج أالقانون العقلي القائل ب

منا إال ملا زالت عنها وإالعنصر البسيط كالصورة الذهبية ليست ذاتية ملادة الذهب و .هي صفة عارضة

ن لكل صفة عارضة علة أق القانون القائل كثر من ذلك فتطبأمث متضي الفلسفة خر آو شيئا أو حناسا أن املادة لكي تكون ذهبا أخارجية فتصل اىل هذه النتيجة

ليه الطريقة العقلية إدت أحباجة اىل سبب خارجي فهذه نتيجة فلسفية مستندة اىل ما .ةمن قواعد عامة لدى تطبيقها على املادة اخلام اليت قدمتها العلوم للفلسف

ن النظرية العلمية القائلة أينا كيف أ فقد رنفاآمثلة على ذلك ـ كما ضربنا األ 2 .و جوهرها تطلبت عدة من املبادئ العقلية القبليةأن احلركة هي سبب احلرارة أ

ـ حىت ميكن القول يف ضوء ما قررناه ـ خالفا لالجتاه العام الذي واكبناه يف 3 بني قوانني الفلسفة وقوانني العلم كاحلد الكتاب ـ بعدم وجود حدود فاصلة

ساس عقلي فهو فلسفي وكل قانون قائم أن كل قانون قائم على أالفاصل القائل ساس العقلي والتجربة ن األأننا عرفنا بوضوح أل، ساس جترييب فهو علميأعلى

مزدوجان يف عدة من القضايا الفلسفية والعلمية فال القانون العلمي وليد التجربة وال ، سس العقلية على مضمون التجربة العلميةمنا هو نتيجة تطبيق األإو، مبفردها

بل قد تكون التجربة العلمية مادة، القانون الفلسفي يف غىن عن التجربة دائما

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 93: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٩٣

بل تستخلص النظرية الفلـسفية مـن املعـارف العقليـة طالقاإىل جتربة إحيان األ ن يتغري احملتوى الفلـسفي باسـتمرار أم جل هذا قلنا ليس من احلت وأل )١( القبلية

ن يواكـب الكـل الفلـسفي قطـار العلـم يف أوال من الضروري ، تبعا للتجربة .سرية املتدرج

منا الفارق إو، رسطيو صغرى يف القياس على حد تعبري املنطق األأللبحث الفلسفي

حتتاج اىل صغرى جتريبية وال تفتتقر اىل مادة ن الفلسفة قد الأبني الفلسفة والعلم ما العلم فهو يف كل قوانينه أو، ليه بعد حلظةإخام تستعريها من التجربة كما سنشري

.حباجة اىل اخلربة احلسية املنظمةفان ، سباب ال تتصاعد اىل غري ايةن األأـ ومثال ذلك قانون النهاية القائل 1

منا إنون ال جتد نفسها حباجة اىل أي جتربة علمية والفلسفة حني تقرر هذا القا .ولية ولو بصورة غري مباشرةأتستخلصه من مبادئ عقلية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 94: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٩٤

○ـ قيمة املعرفة ٢ ○ و لـالدراك ألة الـسابقة املـصادر االساسـية للمعرفـة أكنا ندرس يف املس

ن نتناول املعرفة من ناحيـة اخـرى لنحـدد قيمتـها واآل ،البشري بصورة عامة فان الطريق الوحيـد الـذي متلكـه ، املوضوعية ومدى امكان كشفها عن احلقيقة

سرار العامل هو جمموعة العلوم واملعـارف أاالنسانية الستكناه احلقائق والكشف عن

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 95: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٩٥

ن نتـساءل قبـل كـل شـيء عمـا اذا كـان هـذا أفيجـب ، اليت لـديها ذا كانت االنسانية قـادرة علـى الوصـول إوعما ، اىل اهلدف وصال حقا الطريق م

.اىل واقع موضوعي مبا متلك من معارف وطاقات فكرية وبطاقـة ، مكـان معرفـة العـامل إوالفلسفة املاركسية تؤمن يف هذه املسالة ب

: الفكر البشري على الكشف عن احلقائق املوضوعية وترفض الشك والسفسطةــا[ ــر للمثاخالف ــيت تنك ــة ال ــه إلي ــامل وقوانين ــة الع ــان معرف ،مك

، وال تعتــرف باحلقيقــة املوضــوعية ، وال تــؤمن بقيمــة معارفنــا ــرب ــذاا أوتعت ــة ب ــياء قائم ــوء باش ــامل ممل ــم، ن الع ــل العل ــن يتوص ول

ــهاأ ــدا اىل معرفت ــد ، ب ــى املب ــسية عل ــسفية املارك ــة الفل ــوم املادي أتقــل ــة أ: القائ ــا معرف ــن متام ــن املمك ــه م ــه ن ــامل وقوانين وان ، الع

ــل ــا العم ــيت حيققه ــة ال ــك املعرف ــة تل ــوانني الطبيع ــا لق معرفتنــوعية ــة موض ــىن حقيق ــا مع ــة وهل ــة ذات قيم ــي معرف ــة ه ، والتجرب

ــامل أو ــيس يف الع ــها أن ل ــن معرفت ــياء ال متك ــه إو، ش ــا في ــياء ال أمن ش تــزال جمهولــة وستكــشف وتــصبح معروفــة بوســائل العلــم

.)١(] والعمل

.٢٠ـ املادة الديالكتيكية ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 96: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٩٦

ــم أن إ[ ــسفي ـ أي وه ــوهم الفل ــذا ال ــد هل ــوى تفني ــت(ق )كان خـر هـو العمـل آ وهيوم وغريه مـن املثـاليني ـ ولكـل وهـم فلـسفي

ــاص ــه خ ــصناعة بوج ــة وال ــ، والتجرب ــتطعنا إف ــىأذا اس ــربهن عل ن نــاهرة ب ــذه الظ ــا ه ــة ماخبلقن ــاهرة طبيعي ــا لظ ــحة فهمن ــسنا أ ص نف

ــسها أوب ــروطها نف ــوفر ش ــطة ت ــا بواس ــداثنا هل ــوق . ح ــك اذا وف ذلــق ــتخدامها يف حتقي ــتطعنا اس ــضاء أاس ــك الق ــان يف ذل ــنا ك غراض

ــذي ــى االدراك ال ــصي عل ــه الع ــشيء يف ذات ــوم ال ــى مفه ــربم عل امل .)١()] كانت(تى به أ

ن الفلسفة املاركسية مل تـرض بـالوقوف اىل أهذه التصرحيات تقرر بوضوح يف املـضمار فالسـها إعلنـت أو الشك الـيت أنكار صف السفسطة ومدارس اإل

ن يرتفـع علـى ركـائز فلـسفية أن الصرح الذي حتاول بناءه جيب أل، الفلسفي ن يتماسـك أوما مل تكن الركـائز يقينيـة ال ميكـن ، قاطعة وقواعد فكرية جازمة

.ويتركز البناء الفكري القائم عليهان تـزعم لنفـسها أن نعرف ما اذا كان من حق هذه الفلسفة أن وحناول اآل

ن الفلسفة املاركـسية الـيت أمبعىن ، مكان املعرفة اجلازمة إلفلسفي وتدعي اليقني ا ن تـؤمن مبعرفـة حقيقيـة للعـامل أهل تـستطيع ، على طريقة ديالكتيكية ، تفكر

.و السفسطة؟أوقوانينه وتتخلص من قبضة الشك ن يتـبجح ـا أخر هل املعرفة اليت يصح للفيلسوف املاركـسي آويف تعبري

و أو لـدى املثـاليني أ؟ )كانت(نا من املعرفة يف فلسفة أرفع ش أة و على قيم أ على املاديني النسبيني مـن فالسـفة مـدارس الـشك الـذين نقـدم املاركـسية

.وهامجتهم؟سـاس الفلـسفة أمكان حلها علـى إن نعرف املشكلة ونتبني مدى أجل وأل

ة سـريعة ن نـشري بـصور أجيب ، املاركسية ووجهة نظر الفلسفة االسالمية فيها حـىت يتحـدد جبـالء ، هم املذاهب الفلسفية اليت عاجلـت هـذه املـشكلة أاىل

.٥٤ـ لودفيج فيورباخ ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 97: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٩٧

لة املعرفة على ضـوء أي يف مس أن تتخذ من ر أوماذا جيب ، موقف املاركسية منها .وما هو حق املشكلة من التحليل والتحقيق؟صوهلا الرئيسية؟ أ

:راء اليونانآـ ١ سفـسطة يف القـرن اخلـامس قبـل اجتاحت التفكري اليوناين موجة مـن ال

يف عصر راجـت فيـه طريقـة اجلـدل يف ميـادين اخلطابـة واحملامـاة ، امليالد ومل، راء الفلسفية والفرضيات غري التجريبيـة تـضاربا شـديدا وتضاربت فيه اآل

فكـان ، يكن الفكر الفلسفي قد تبلور ومل تبلغ درجة عالية من الرشـد العقلـي املتناقضات الفلسفية سببا لبلبلـة فكريـة وارتيـاب هذا الصراع والتضارب بني

.جذري بطاهلـا اجلـدليني مـن شـبهات أوكانت ملكة اجلدل تغذي ذلك مبا تلهم

ساسـها العـامل بـرفض مجيـع الركـائز الفكريـة أنكروا على أ، قيسة خاطئة أو .نكار احملسوسات والبديهياتإ لالنسان و

) الالوجـود (درسة ـ كتابا يف بطال هذه املأحد أـ ) غورغياس(وقد وضع ذاإ، الثانيـة . ال يوجـد شـيء ، وىلاأل: ن يـربهن فيـه عـدة قـضايا أوحاول

نـسانا إن أذا فرضـنا إ، الثالثـة . دراكـه إ كان يوجد شيء فاالنسان قاصر عن .ن يبلغه لغريهأدركه فلن يستطيع أ

وقد عاشت السفسطة ردحا من الزمن تتفنن يف عبثهـا بالفلـسفة والعلـم .فكانت هلم مواقف جبارة ضدها، وارسطو، فالطونأو، حىت بزغ سقراط

رسطو للكشف عن مغالطات السفسطة وتنظـيم الفكـر االنـساين أووضع ان املعلومـات احلـسية . وخالصة مذهبـه يف نظريـة املعرفـة ، منطقه املعروف

طقيـة هـي صول املن ة اليت تكتسب مبراعاة األ و الثانوي أولية واملعلومات العقلية األ جاز يف الربهان ـ الـدليل القـاطع يف مـصطلحه أولذا . حقائق ذات قيمة قاطعة

.املنطقي ـ استعمال احملسوسات واملعقوالت معا بـني االجتـاه ، وقامت بعد ذلك حماولة للتوفيق بني االجتـاهني املتعارضـني

واالجتـاه الـذي يؤكـد علـى ، نكار القاطع وهو السفـسطة الذي جينح اىل اإل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 98: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٩٨

وكانت هذه احملاولة تتمثل يف مذهب الـشك . رسطيثبات وهو اجتاه املنطق األ اإل .ساسيني بهمن املبشرين األ) بريون(الذي يعترب

فكـل ، حججه العشر على ضـرورة الـشك املطلـق ) بريون(وتعرف عن .جياا وسلبها بقوة متعادلةإوميكن ، قضية يف نظره حتتمل قولني

وتربع العقـل علـى ، خريا على املوقف الفلسفي أ ولكن مذهب اليقني سيطر ومخـدت ، حيكم ويقرر مقيدا مبقـاييس املنطـق ) رسطوأ(قعده عليه أعرشه الذي

ذ نـشطت العلـوم إحىت حوايل القرن السادس عـشر ، جذوة الشك طيلة قرون الطبيعية واكتشفت حقائق مل تكن باحلسبان وخاصـة يف اهليئـة ونظـام الكـون

،هذه التطورات العلمية مبثابـة قـوة اجلـدل يف العـصر اليونـاين وكانت . العامـ ، نكار مـن جديـد فبعثت مذاهب الشك واإل ليبأواسـتانفت نـشاطها باس

ن أنفسهم يف حـدود الـيقني الـذي جيـب أوقام الصراع بني اليقينيني ، متعددة .يعتمد عليه االنسان

لعقـل نبـغ ويف هذا اجلو املشبع بروح الـشك والتمـرد علـى سـلطان ا رجـاع التيـار إثري كـبري يف أوطلع على العامل بفلسفة يقينية كان هلا ت ، )ديكارت(

.الفلسفي حدا ما اىل اليقني :ـ ديكارت٢

. وروبـا أقطاب الفالسفة العقليني ومؤسسي النهضة الفلـسفية يف أوهو من ذنإفكـار متـضاربة فهـي ن األ أل، الشك اجلارف العاصف ، فلسفته بالشك أبد يـضا أحـايني فهـي واالحساسات خداعة يف كـثري مـن األ ، أيف معرض اخلط

وذا وذاك تثور عاصـفة الـشك فتقتلـع العـامل املـادي ، ساقطة من احلساب .ليهما هو الفكر واالحساسإ واملعنوي معا ما دام الطريق

ويـدلل علـى منطقيتـه ، على ضرورة هذا الشك املطلق ) ديكارت(ويؤكد ن يكون االنسان واقعا يف رمحة قوة يمن علـى وجـوده وعقلـه أن من اجلائز أ ب

فكار مقلوبـة عـن الواقـع وادراكـات أليه ب إفتوحي ، وحتاول خداعه وتضليله

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 99: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٩٩

فكار واالدراكات واضحة فال نستطيع استبعاد هـذا ومهما كانت هذه األ . خاطئة .الفرض الذي يضطرنا اىل اختاذ الشك مذهبا مطردا

ستثين حقيقة واحدة تصمد يف وجه العاصـفة وال تقـوى ي) ديكارت(ولكن فانه حقيقة واقعـة ال شـك فيهـا ). هفكر: (وهي، على زعزعتها تيارات الشك

لـوان أال لونـا مـن إن الـشك لـيس أل، ال ثباتا ووضوحا إ وال يزدها الشك ن ختـدعنا أوحىت تلك القوة اخلداعة لو كان هلا وجود فهي ال تـستطيع ، الفكر

، لينـا إمنا ختدعنا عن طريق االحياء بـالتفكري اخلـاطئ إا مياننا ذا الفكر أل إ يف لة الفكـر أكانـت مـس أسواء ، ن التفكري حقيقة ثابتة على كل حال أومعىن ذلك .لة فهم وحتقيقأم مسألة خداع وتضليل أاالنساين مس

حجر الزاويـة ونقطـة االنطـالق ) ديكارت(وتكون هذه احلقيقة يف فلسفة ومـن ، ن خيرج بـه مـن التـصور اىل الوجـود أالذي حاول ، لليقني الفلسفي

ن يثبت عـن طريـق تلـك احلقيقـة الـذات أبل حاول ، الذاتية اىل املوضوعية نـا أ: ( بذاته واستدل على وجودهـا بتلـك احلقيقـة قـائال أفبد، واملوضوع معا

).ذن موجودإنا أف، فكرأنه حيتوي ـ ال شعوريا ـ على أالل وقد يالحظ على ديكارت يف هذا االستد

فـان هـذا االسـتدالل ، ن يف موضع الشك عنده االميان حبقائق ال زالت حىت اآل ويرجـع فنيـا ، رسـطي ول من القياس يف املنطق األ تعبري غري فين عن الشكل األ

ن أجـل وأل). نـا موجـود أوكل مفكر موجـود ف ، فكرأنا أ: (تيةاىل الصيغة اآل ـ ، ل عند ديكارت جيب ان يؤمن باملنطقيصح هذا االستدال ن الـشكل أويعتقـد ب

نـه ال يـزال يف بدايـة الـشوط أمع ، ول من القياس منتج وصحيح يف انتاجه األ وال يزال الشك مهيمنا يف عقله على مجيـع املعـارف واحلقـائق ومنـها ، ولاأل

.املنطق وقوانينه يكـن حيـس ن ديكـارت مل أ: ن ننبه عليـه هـو أولكن الواقع الذي جيب

املرحلـة االسـتداللية أشكال القياسية يف املنطق حـني بـد حباجة اىل االميان باأل بل كان يرى ان معرفة وجـوده عـن ، )ذن موجود إنا أف، فكرأنا أ(من تفكريه بـ

.مر بديهي ال حيتاج اىل تشكيل قياس والتصديق بصغراه وكرباهأطريق فكره

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 100: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٠٠

فكـل مـا ، ا بديهية بشكل ال يقبل الشك وملا كانت هذه القضية صادقة أل خـرى علـى أوـذا عطـف قـضية ، يضاأهو على درجتها يف البداهة صادق

.ن الشيء ال خيرج من ال شيءأا حقيقة وهي أوىل وسلم بالبديهية األ ثبـات الواقـع املوضـوعي فرتـب إخذ يف أ، من بالناحية الذاتية آن أوبعد

:ائف االفكار االنسانية يف ثالث طو فكار الطبيعيـة يف االنـسان الـيت وهي األ ، و فطرية أفكار غريزية أ: وىلاأل

.اهللا واحلركة واالمتداد والنفس: تبدو يف غاية الوضوح واجلالء كفكرة فكار غامضة حتدث يف الفكر مبناسبة حركات واردة علـى احلـواس أ: الثانية .صالة يف الفكر االنساينأوليست هلا ، من اخلارج

فكار اليت يصطنعها االنـسان ويركبـها مـن وهي األ ، فكار خمتلفة أ: الثةالث .سانأكصورة انسان له ر، خرىفكاره األأ

ا فكـرة ذات أفقرر ، وىلمن الطائفة األ) اهللا(خذ ـ فكرة أول ما أخذ ـ أو ذ هي يف حقيقتها املوضوعية تفوق االنسان املفكر وكل مـا فيـه إحقيقة موضوعية

هي فكرة الكامـل املطلـق الـذي ال ) اهللا(نه ناقص حمدود وفكرة أل، فكارأ من فهـو ، ن الـشيء ال خيـرج مـن ال شـيء أب، من سلفا آوملا كان قد . اية له ن يكـون هـو الـسبب أوال ميكن ، سببا هن هلذه الصورة الفطرية يف فكر أيعرف نـت الزيـادة يف ال لكاإكرب من سببه وأكمل والشيء ال جييء أكرب منه و أا هلا أل

ن تكون الفكـرة منبثقـة عـن الكـائن أفيجب . ت من ال شيء أاملسبب قد نش ول حقيقـة موضـوعية أوذلك الكائن هـو ، الالائي الذي يوازيها كماال وعظمة

).اهللا: (وهي) ديكارت(خارجية تعترف ا فلسفة ن كـل فكـر فطـري يف أثبـت أوعن طريق هذا الكائن الكامل املطلـق

فكـار ن األ أل، فهو فكر صادق حيتوي على حقيقة موضـوعية ، ة االنسانية الطبيعفاذا مل تكن صادقة كـان تزويـد اهللا ، العقلية ـ الطائفة االوىل ـ صادرة عن اهللا

.وهو مستحيل على الكامل املطلق، لالنسان ا خدعة وكذبا رفـة ـا مع ألالنسان و ) العقلية(من ديكارت باملعرفة الفطرية آجل ذلك وأل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 101: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٠١

باسباب أفكار اليت تنش فكار الفطرية من األ ومل يؤمن بغري تلك األ ، صحيحة وصادقة وكــان مــن نتيجــة هــذا ان قــسم االفكــار عــن املاديــات اىل ، خارجيـة

:قسمني .كفكرة االمتداد، احدمها االفكار الفطرية

واالخر افكار طارئة تعرب عن انفعاالت خاصة للـنفس بـاملؤثرات اخلارجيـة .واللون، واحلرارة، والطعم، والضوء، والرائحة، رة الصوتكفك

وهذه كيفيات ثانويـة ال تعـرب عـن حقـائق ، فتلك كيفيات اولية حقيقية فهي صـور ذهنيـة تتعاقـب وتثـور يف ، موضوعية وامنا تتمثل يف انفعاالت ذاتية

. من تلك االجساموال يشاها شيء، ثري االجسام اخلارجيةأدنيا الذهن بت .ذا عرض خاطف جدا لنظرية املعرفة عند ديكارته

ان نعرف قبل كل شيء ان القاعـدة االساسـية الـيت اقـام عليهـا وجيب قـد نقـضت يف ، )انا افكـر فانـا اذن موجـود ( مذهبه ويقينه الفلسفي وهي

الفلسفة االسالمية قبل ديكارت بعدة قرون؛ حني عرضها الـشيخ الـرئيس ابـن من االستدالل العلمـي علـى وجـود ميكن ان تعترب اسلوبا سينا ونقدها باا ال ،فليس لالنسان ان يربهن على وجوده عـن طريـق فكـره ، االنسان املفكر ذاته

ان كان يريد ان يـربهن علـى وجـوده ، )انا افكر فانا موجود (نه حني يقول أل فقد اثبت وجوده اخلـاص مـن اول االمـر واعتـرف ، فقط) فكره اخلاص ( بـ دلـيال ) الفكـر املطلـق (وان كان يريد ان جيعل . ده يف نفس اجلملة االوىل بوجو

الفكر املطلق حيكم بوجود مفكر مطلـق ال مفكـر ألن ،أفهو خط ، على وجوده وليـا أ لـه علمـا واذن فالوجود اخلاص لكل مفكر جيب ان يكون معلوما ، خاص

.بصرف النظر عن مجيع االعتبارات مبا فيها شكه وفكره عد ذلك نرى ديكارت يقيم صرح الوجود كله على نقطة واحـدة وهـي وب

فلـو مل تكـن ، ان االفكار اليت خلقها اهللا يف االنسان تدل على حقائق موضوعية .واخلداع مستحيل عليه، مصيبة يف ذلك لكان اهللا خادعا

مليـة واملعرفـة العمليـة يف أوبسهولة ميكن ان نتبني اخللط بـني املعرفـة الت

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 102: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٠٢

) اخلداع قبيح (هي الترمجة غري االمنية لقضية ) اخلداع مستحيل (فان قضية . نهرهابيف ) ديكارت(وهذه القضية ليست قضية فلسفية وامنا هي فكرة عملية فكيف شك

ــها اساســا، كــل شــيء ومل يــشك يف هــذه املعرفــة العمليــة الــيت جعل !!.ملية الفلسفية؟أ للمعرفة الت

يف مذهب ديكـارت ينطـوي علـى دور اضف اىل ذلك ان تسلسل املعرفة من باملسالة االهلية اقـام اميانـه هـذا علـى قـضية يفتـرض آفانه حني ، واضح

وهـذه القـضية حتتـاج . صدقها سلفا وهي ان الشيء ال خيرج مـن ال شـيء فمـا مل يثبـت ان ، بدورها اىل اثبات املسالة االهلية لتكـون مـضمونة الـصدق

ال جيـوز لـديكارت ان يثـق ـذه ، خادعـة االنسان حمكوم لقوة حكيمة غري .القضية ويقضي على شكه يف سيطرة قوة خداعة للفكر االنساين

)فكـرة اهللا (خـر صـدر منـه بـني آواخريا فلسنا حباجة لتوضيح خلـط من باستحالة انبثـاق هـذه الفكـرة آحني ) احلقيقة املوضوعية اليت تدل عليها ( و

وامنا يـستحيل علـى ، ال اا ال تزيد على فكرة واحل. عن االنسان الا اكرب منه .االنسان ان خيلق هلذه الفكرة حقيقتها املوضوعية وامنـا نعـين عـرض ، )ديكـارت (وليس هدفنا بالفعل التوسع يف مناقـشة

وجهة نظره يف قيمة املعرفة االنسانية اليت تتلخص يف االميـان بالقيمـة القاطعـة .للمعارف العقلية الفطرية خاصة

:ـ جون لوك٣يـه يف أور. وهو املمثل االساسي للنظرية احلسية والتجريبية كما عرفنا سـابقا

:نظرية املعرفة ان املعارف تنقسم كما يايتوهي املعرفة اليت ال حيتاج الفكر يف سبيل احلصول عليهـا . أ ـ املعرفة الوجدانية

.كمعرفتنا بان الواحد نصف االثنني. خرآاىل مالحظة شيء ، وهي ال حتصل من دون اسـتعانة مبعلومـات سـابقة . مليةأـ املعرفة التب . يساوي قائمتنيثن جمموع زوايا املثلأكمعرفتنا ب

.ج ـ املعرفة الناشئة من وقوع احلس على املعىن املعلوم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 103: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٠٣

ان املعرفة الوجدانية معرفة حقيقيـة ذات قيمـة كاملـة مـن ) لوك(ويعتقد عرفة التامليـة الـيت ميكـن توضـيحها باسـتدالل وكذلك امل ، الناحية الفلسفية

واما املعرفة احلسية فال قيمة هلا فلسفيا وان كانـت معتـربة يف مقـاييس . صحيح احلياة العملية ونظرا لذلك مل يؤمن موضـوعيا جبميـع خـواص املـادة املدركـة

، بل اعترب بعضها خواصـا حقيقيـة موضـوعية كالـشكل واالمتـداد ، باحلس خر انفعاال ذاتيا كاللون والطعم والرائحـة ومـا اليهـا واعترب بعضها اآل ، واحلركة

. من صفات يـه اخلـاص يف أهذه يف املعرفة ووزا الفلسفي ال يتفق مـع ر ) لوك(ونظرية

يرجـع كلـه اىل احلـس ) لـوك (ذلـك ان االدراك يف زعـم ، حتليل املعرفـة قض وحنـوه مـن املبـادئ عدم التنـا أـ كمبد وحىت املعارف البديهية ، والتجربة

وهـذا . االساسية يف الفكر البشري ـ مل توجد لدى االنسان اال عن هذا الطريـق احلس الذي هو املصدر االساسي لتلك االدراكات ليس ذا قيمة فلـسفية قاطعـة

والنتيجة الطبيعية لذلك هي الشك املطلـق يف قيمـة ، )لوك( يف نظرية املعرفة عند ا االساسـية اال ادراكـا حـسيا كل معرفة انسانية الا ليست يف حقيقتها ونوا

.اكتسب بالتجربة الظاهرية او الباطنيةوالتفريق بينـها مـن ناحيـة ، وهكذا يبدو ان تنويعه للمعرفة اىل اقسام ثالثة

.االعتبار الفلسفي يتناقض مع االسس اليت اقامها مـا فعـل كما ان تقسيمه خلواص االجـسام احملـسوسة اىل طـائفتني ـ ك

أسـاس وان كان منطقيا اىل حد مـا علـى ، ديكارت ـ ليس منطقيا على اسسه ويـؤمن ، كان يقسم املعرفة اىل عقليـة وحـسية ) ديكارت(ذلك ان ، )ديكارت(

وقد زعم ان فكـرة االنـسان عـن ، باعتبار االوىل من ناحية فلسفية دون الثانية رتـه عـن بعـضها االخـر وفك، بعض خواص اجلسم من االفكار العقلية الفطرية

إىل أولية وثانوية، ويؤمن بـأن فصح له بسبب ذلك ان ينوع تلك اخلواص ، حسية جـون (وامـا . الثانويـة اخلواص األولية حقيقيـة وموضـوعية دون اخلـواص

بعاد االفكار الفطرية واالميان بسيادة احلـس علـى إ بناءه الفلسفي ب أفقد بد ) لوكفما هـو الفـارق ، سبيل اىل ادراكها اال احلس االدراك كله فخواص االجسام ال .خرالفلسفي بني بعضها والبعض اآل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 104: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٠٤

:املثاليونـ ٤، واملذهب املثايل عميق اجلذور يف تاريخ الفكر االنساين ومتعـدد االسـاليب

مهمـة عـرب التـاريخ من االلفـاظ الـيت لعبـت ادوارا أيضا ولفظ املثالية هو كـسبته بـسبب ذلـك أو، م فلسفية تبادلت عليه وتبلور يف عدة مفاهي ، الفلسفي

. لونا من الغموض وااللتباس ،ت املثالية دورها االول يف املصطلح الفلسفي على يـد افالطـون أوقد ابتد

ومسيـت تلـك النظريـة ، حني قال بنظرية خاصة يف العقل والعلـم االنـساين ـ ، )املثل االفالطونية (بنظرية ولكـن مثاليتـه مل ، افقد كان افالطون فيلسوفا مثالي

تكن تعين انكار احلقائق احملسوسة وجتريـد االدراكـات احلـسية عـن احلقـائق بـل كـان يعتقـد مبوضـوعية ، املوضوعية املستقلة عن جمال التـصور واالدراك

غري انه ذهب اىل اكثر مـن ذلـك فاعتقـد مبوضـوعية االدراكـات ، االحساس احلـسية مقـررا ان االدراك العقلية اليت هي اعلـى درجـة مـن االدراكـات

ذو حقيقة _وهو ادراك االنواع العامة كادراك معاين االنسان واملاء والنور ـ العقلي كما سـبق ايـضاحه يف اجلـزء االول مـن هـذه ، موضوعية مستقلة عن التعقل

.املسالة من الـوان االسـراف يف االميـان وهكذا نعرف ان املثالية القدمية كانت لونا

منت بالواقع املوضـوعي لالحـساس ـ ادراك املعـاين آالا ، وضوعيبالواقع امل ومل تكـن انكـارا ، وللتعقل ـ ادراك املعاين بصورة عامة ـ ، اخلاصة باحلس ـ

. فيهللواقع او شكاخر خيتلف كل االخـتالف عـن آواختذت املثالية يف التاريخ احلديث مفهوما

االفالطونيـة تؤكـد علـى وجـود احلقيقـة فبينما كانت املثالية ، املفهوم السابق املوضوعية لالدراكات العقلية واحلسية معا جـاءت املثاليـة يف لوـا احلـديث

الواقع املوضوعي وتعلن عن مـذهب جديـد يف نظريـة املعرفـة أساس لتزعزع ينـا نواملفهوم املثـايل اجلديـد هـو الـذي يع . االنسانية تلغي به قيمتها الفلسفية

..ته يف حبثنا هذا درسه ومعاجل وتوسـع ، وقد اختلفت على هذا املفهوم الوان متعـددة وصـياغات كـثرية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 105: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٠٥

بعض كتاب الفلسفات فيه حىت اعتربوا املثالية وصفا لكل فلسفة ترتكـز علـى او تنطوي على حماولة البعاد جانب من االشياء املوضـوعية عـن نطـاق ، الشك

.للعامل غييب أاملعرفة االنسانية او تؤمن مببدوالظاهراتيـة ، والنقديـة ، عقالئيـة وال، والتجريبيـة ، دريةأوالال، فالروحانية

.)١(كلها فلسفات مثالية يف زعمهم ، الوجوديةالجل ان يتضح دور املثالية يف نظرية املعرفـة االنـسانية نتنـاول بالـدرس

، يزيـائي واالجتـاه الف ، االجتـاه الفلـسفي : االجتاهات املهمة للمثالية احلديثة وهي .واالجتاه الفسيولوجي

:أ ـ املثالية الفلسفية وتعتـرب ، مـام املثاليـة احلديثـة إالذي يعـد ) باركلي(واملمثل االساسي هلا

فلسفته نقطة االنطالق لالجتاه املثايل او الرتعـة التـصورية يف قـرون الفلـسفة .االخرية

ان يوجـد : (هورةيتلخص يف عبارته املـش ) باركلي(وجوهر املثالية يف مذهب فال ميكن ان يقر بالوجود لشيء مـا مل يكـن ذلـك ، )ان يدرك او ان يدرك : هو

واالشـياء املدركـة هـي ، والشيء املدرك هو الـنفس ، الشيء مدركا او مدركا فمـن الـضروري ان نـؤمن . التصورات واملعاين القائمة يف جمال احلس واالدراك

املـستقلة عـن حيـز وامـا االشـياء ، بوجود النفس ووجـود هـذه املعـاين .االدراك ـ االشياء املوضوعية ـ فليست موجودة الا ليست مدركة

يف حبثه بعد ذلـك االجـسام الـيت يـسميها الفالسـفة ) باركلي(ويتناول اننا ال ندرك مـن املـادة الـيت : باجلواهر املادية ليخفيها عن مسرح الوجود قائال

كـاللون ، لتـصورات الذهنيـة والظـواهر احلـسية يفترضوا اال جمموعة من ا .والطعم والشكل والرائحة وما اليها من صفات

.٥ـ ما هي املادية ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 106: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٠٦

على مفهومه املثايل عن العامل مؤكدا انه لـيس سوفـسطائيا ) باركلي(ويعقب بل هـو يعتـرف بوجـود ، يف وجود العامل وما فيه من حقائق وكائنات وال شاكا

، ف من هذه الناحيـة عـن سـائر الفالسـفة ذلك كله من ناحية فلسفية وال خيتل لـيس مبعنـاه ) باركلي(فالوجود عند . يتفاوت عنهم يف حتديد مفهوم الوجود اوامن

ولكن علـى أيضا بوجوده) باركلي(فما هو موجود يف رايهم يؤمن ، خرين عند اآل اليت تعين ان وجود الشيء عبارة عـن وجـوده ، طريقته اخلاصة يف تفسري الوجود

.دراكنا ـ أي ادراكنا له يف ا غـري املـادة هـو اذا كانـت ) باركلي(ويعترض بعد ذلك سؤال بني يدي

كـل موجودة فمن اين ميكن اذن ان نايت باالحساسات الـيت تنبثـق يف داخلنـا .من دون ان يكون الرادتنا الذاتية تاثري يف انبثاقها وتتابعها؟، حلظة

نفسه يبعث تلـك االحـساسات جاهز وهو ان اهللا ) باركلي(واجلواب عند .فينا

من مطافه الفلسفي وقد احـتفظ لنفـسه حبقيقـتني ) باركلي(وهكذا انتهى واالخـرى هـي اهللا ، )الـذات املدركـة (احـدامها العقـل : اىل جانب االدراك

).احلقيقة اخلالقة الحساساتنا (ـ ة وهذه النظرية تلغي مسالة املعرفة االنـسانية ودراسـة قيمتـها مـن ناحي

ا ال تعترف مبوضوعية الفكـر واالدراك ووجـود شـيء أل، لغاء تاما إموضوعية . خارج حدودمها

وينتاب املفهوم املثايل عند باركلي شيء من الغموض قد جيعل مـن املمكـن تتفاوت مفاهيمهـا يف درجـة مثاليتـها وتعمقهـا يف ، ان يقدم له عدة تفسريات

تلك املفاهيم يف املثالية وهـو املفهـوم املثـايل وحنن ناخذ اعمق . الرتعة التصورية الذي ال يعترف بشيء عـدا وجـود الـنفس املدركـة واالحـساسات ، البحث

وهذا املفهوم هو الذي يشع من اكثـر بياناتـه ، واالدراكات اليت تتتابع يف داخلها وتـتلخص ، الفلسفية وينسجم مع االدلة اليت حاول اثبات مفهومـه املثـايل ـا

:يتأ على هذا املفهوم فيما ي االدلة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 107: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٠٧

ان مجيع االدراكات البشرية ترتكز علـى احلـس وترجـع :الدليل االول واذا حاولنـا اختبـار هـذه القاعـدة ، فاحلس هو القاعدة الرئيـسية هلـا ، اليه

فحاسة البصر تتناقض دائما يف رؤيتـها . وجدناها مشحونة بالتناقضات واالخطاء فهي تـدركها صـغرية احلجـم اذا كانـت بعيـدة ،لالجسام عند قرا وبعدها

وحاسـة اللمـس هـي ايـضا ، وتدركها حبجم اكرب اذا كانت قريبة منها ، عنهاويوضح باركلي بعـد ذلـك ، فقد ندرك ا شيئا واحدا ادراكني خمتلفني ، تتناقض اغمس يديك يف ماء دافئ بعـد ان تغمـس احـدامها يف مـاء سـاخن : فيقول

فال يبدو املاء باردا لليد الساخنة وساخنا لليـد البـاردة؟ أ، د واالخرى يف ماء بار او لـيس ! فهل جيب اذن ان نقول عن املاء انه ساخن وبـارد يف نفـس الوقـت؟

واذن فلتستنتج معي ان املـاء يف ذاتـه ال يوجـد ! هذا هو الكالم الفارغ بعينه؟ ـ إفهو ليس سوى اسم نطلقه حنـن علـى ، كمادة مستقال عن وجودنا ، ساسناح

املادة هـي الفكـرة الـيت نـضعها عـن ، ويف كلمة واحدة . فاملاء يوجد فينا حنن واذا كانت االحساسات فارغة عن كـل حقيقـة موضـوعية للتناقـضات . املادة

ـا ترتكـز أل، امللحوظة فيها مل تبق للمعرفة البشرية قيمـة موضـوعية مطلقـا .ر اهلرم كله بصورة عامة على احلس واذا اارت القاعدة اا

:تيةوهذا الدليل ال قيمة له لالسباب اآل الن، ان املعارف البشرية ال ترتكـز كلـها علـى احلـس والتجربـة : اوال

املذهب العقلي الذي درسناه يف اجلزء السابق من املـسالة ـ املـصدر االساسـي املعـارف هوهـذ ، للمعرفة ـ يقرر وجود معارف اولية ضرورية للعقل البـشري

فـال ، من احلس وال يبدو فيها شيء مـن التناقـضات مطلقـا أرية مل تنش الضرو ، ميكن اقتالع هذه املعارف بالعاصفة اليت تثار على احلس واالدراكـات احلـسية

ـ امليـسور ان نقـيم علـى نوما دمنا منلك معارف يف منجاة عـن العاصـفة فم .ساسها معرفة موضوعية صحيحةأ

ــاوثان ــاقض: ي ــدليل يتن ــذا ال ــة ان ه ــسفية ملثالي ــدة الفل ــع القاع مذلك ان باركلي فيه يعتـرب ، ـ أي مع النظرية احلسية واملذهب التجرييب ) باركلي(

مكـان التنـاقض يف إ عدم التناقض حقيقة ثابتة ويستبعد من بدايـة االمـر أمبد

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 108: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٠٨

وترتيبا على ذلك يستنتج من تناقض االدراكـات والتجـارب . الواقع املوضوعي عـدم التنـاقض لـيس مبـدأ وغاب عنه ان، من الواقع املوضوعياحلسية خلوها

فـاذا كانـت ، يدلل عليه بالتجربـة احلـسية جتريبيا أيف املذهب التجرييب اال مبد االدراكات والتجارب متناقضة كيـف صـح لبـاركلي ان يـؤمن مببـدا عـدم

وملـاذا ال ! ويربهن عن هذا الطريق على عدم وجود واقـع موضـوعي؟ ، التناقضواحلقيقـة ان ! يصح عنده وجود واقع موضوعي تتناقض فيه الظواهر واالشـياء؟

باركلي استند ـ ال شعوريا ـ اىل فطرته احلاكمة مببدا عـدم التنـاقض بـصورة .مستقلة عن احلس والتجربة

احـدامها مـسالة وجـود واقـع : لتنيأمن الضروري ان منيز بني مس : وثالثا واالخرى مسالة مطابقة هـذا الواقـع ملـا ، موضوعي لالدراكات واالحساسات

واذا ميزنا بينهما اسـتطعنا ان نعـرف ان تنـاقض . يبدو لنا يف ادراكنا وحواسنا ال ميكن ان يتخذ برهانا على عدم وجود واقـع موضـوعي ـ كمـا االحساسات

والواقـع ، حاول باركلي ـ وامنا يدل على عدم التكافؤ بني املعىن املدرك بـاحلس يف اخلارج ـ أي ان االحساس ال جيب ان يكون مطابقا كـل املطابقـة املوضوعي

وهذا شيء غري ما حاولـه بـاركلي مـن انكـار موضـوعية . لالشياء اخلارجية فنحن حني نغمس يدينا باملـاء فـتحس احـدامها بـاحلرارة وحتـس ، االحساس

جـل اسـتبعاد التنـاقض ان ننكـر موضـوعية ال نـضطر أل ، االخرى بالربودة خـر وهـو ان آبل ميكننا ان نفسر التناقض على وجـه ، حساس بصورة مطلقة اال فـال بـد مـن شـيء ، حساساتنا عبارة عن انفعاالت نفسية باالشياء اخلارجيـة إ

ولكن ليس من الضروري تكـافؤ االحـساس مـع . خارجي حينما حنس وننفعل عـن الناحيـة االحساس ملا كان انفعاال ذاتيا فهو ال يتجرد ألن الواقع املوضوعي

ـ . الذاتية ن املـاء الـذي افترضـه أوميكننا على هذا االساس ان حنكم فورا يف ش وان هـذا الـدفء هـو الواقـع ، باركلي بانه ماء دافئ ليس ساخنا وال بـاردا

وقـد تنـاقض االحـساسان ، املوضوعي الذي اثار فينا االحـساسني املتناقـضني .شياء حني ندركها وننفعل ا بسبب الناحية الذاتية اليت نضيفها على اال

ان االعتقاد بوجود االشياء خارج روحنا وتصورنا امنـا يقـوم : الدليل الثاين ـا تعطينـا أل، اننا نراها ونلمـسها ـ أي اننـا نعتقـد بوجودهـا أساس على

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 109: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٠٩

واذن ، ال ان احساساتنا ليست سوى افكـار حتتويهـا ارواحنـا إ، احساسات ما واالفكـار ال ميكـن ان توجـد ، واسنا ليست سوى افكارفاالشياء اليت تدركها ح

.خارج روحناوباركلي يف هذا الدليل حياول ان جيعل مسالة االميـان بـالواقع املوضـوعي

وما دام ال يتـاح لنـا ، لالشياء متوقفة على االتصال بذلك الواقع بصورة مباشرة ومـا دمنـا ، حنايف حال من االحوال ان نتصل اتصاال مباشرا باالشياء خارج رو

فـال وجـود يف احلقيقـة ... مضطرين اىل ادراكها يف تصوراتنا وافكارنا خاصـة ، ولو اطحنا ا مل يبق شـيء نـستطيع ان ندركـه . اال هلذه التصورات واالفكار

.او ان نعترف بوجوده وجيب ان نالحظ قبل كل شيء ان هذه احلجـة الـيت حـاول بـاركلي ان

فانـه ، حىت عنـد بـاركلي نفـسه ، ملثايل ليست صحيحة يربهن ا على مفهومه ا يتفق معنا ـ بصورة غري شعورية ـ على دحضها وعدم كفايتها لتربيـر املفهـوم

ذلك اا تؤدي اىل مثالية ذاتية تنكر وجـود االشـخاص االخـرين كمـا ، املثايل فان احلقيقة اذا كانـت مقتـصرة علـى نفـس . تنكر وجود الطبيعة على السواء

دراك والشعور باعتبار اننا ال نتصل بـشيء وراء حـدود الـذهن وحمتوياتـه اال وانـا ال اتـصل ، فهذا االدراك والشعور هو ادراكي وشـعوري انـا ، الشعورية

وهذا يفرض علـي عزلـة ، خرين وشعورهم كما ال اتصل بالطبيعة ذاا بادراك اآل د النـاس فلـيس يل احلـق بالتـسليم بوجـو عن كل شيء عدا وجودي وذهين

وهكـذا تنتـهي املـسالة . وفكري الذايت م ليسوا اال تصورات ذهين خرين أل اآلمـع حجتـه اىل ان يندفع ) باركلي(فهل كان ميكن لـ ، اىل مثالية فردانية فظيعة

اقصى مداها وخيرج منها مبثالية كهذه؟ واذا كان قـد حـاول شـيئا مـن هـذا وملـن كـان ! من كـان يتحـدث؟ واال فمع ، فسوف يتناقض مع نفسه قبل غريه

الـيس ذلـك ! وحلساب من كان يلقي حماضـراته ودروسـه؟ ! يكتب ويؤلف؟ !.خرين؟تاكيدا قاطعا من باركلي على الواقع املوضوعي لالشخاص اآل

وهكذا يتضح ان باركلي نفسه يشاركنا يف عدم قبول احلجـة الـيت يتبناهـا .طالابوالتصديق ـ ولو ال شعوريا ـ ب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 110: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١١٠

لـنفهم ، علينا بعد هذا ان نوضـح سـر املغالطـة يف هـذا الـدليل ويبقى .نفسه) باركلي(السبب يف عدم حصول القناعة الواقعية به حىت لـ

ويف هذا الصدد يلزمنـا ان نـستذكر مـا عرفنـاه يف اجلـزء االول مـن املسالة ـ املصدر االساسي للمعرفة ـ من انقسام االدراك البـشري اىل قـسمني

وان نعرف للتـصديق ميزتـه االساسـية علـى . ا التصديق والتصور رئيسني ومه هذه امليزة اليت جتعل من املعرفة التصديقية مهـزة الوصـل بيننـا وبـني ، التصور

.العامل اخلارجي ان التصور عبارة عن وجود صـورة ملعـىن مـن املعـاين يف ، يضاح ذلك إو

وجودها كـذلك مكونـا فقد توجد الصورة يف حواسنا فيكون ، مداركنا اخلاصة وقـد توجـد ، وقد توجد الصورة يف خميلتنا فيحصل بذلك التخيل ، لالحساس ا

.الصورة مبعناها التجريدي العام يف الذهن ويسمى وجودها هذا تعقالفاالحساس والتخيل والتعقل الوان من التصور واحناء لوجود صور االشياء يف

ى الشجرة باالحساس ـا عـن طريـق فنحن نتصور التفاحة عل . املدارك البشرية وحنتفظ بعـد ذلـك ـذه ، ومعىن احساسنا ا وجود صورا يف حواسنا ، الرؤية

وميكننـا ،الصورة بعد انصرافنا عن الشجرة يف ذهننا وهذا الوجود هـو التخيـل بعد ذلك ان نسقط من الصورة اخلـصائص الـيت متتـاز ـا عـن التفاحـات

وهـذه ، لعام منها ـ أي معىن التفاحـة بـصفة كليـة ونستبقي املعىن ا، االخرى، فهذه مراحل ثالث مـن التـصور جيتازهـا االدراك . الصورة الكلية هي التعقل

، ال عن وجـود صـورة يف بعـض مـداركنا إالبشري وهو ال يعرب يف كل مرحلة ، ن يكون وجودا لـصورة شـيء مـا يف مـداركنا أفالتصور بصفة عامة ال يعدو

م باهتـا وضـئيال كالتخيـل أ، ورا واضحا جليـا كاالحـساس كان تص أسواء ن يشق لنا الطريـق اىل مـا وراء هـذه الـصورة أوهو لذلك ال ميكن ، والتعقل

وال يكفي لالنتقـال مـن اـال الـذايت اىل اـال ، اليت نتصورها يف مداركنا ووجـود ذلـك املعـىن ، ن وجود صورة للمعىن يف مداركنا شـيء أل، املوضوعي

ولذا قد جيعلنـا االحـساس ، خرآصورة موضوعية ومستقلة عنا يف اخلارج شيء ب فـنحن نتـصور ، مورا عديدة ال نؤمن بان هلا واقعا موضـوعيا مـستقال أنتصور

ولكننا نعلـم بـان العـصا مل تنكـسر يف ، العصا املغموسة يف املاء وهي مكسورة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 111: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١١١

ونتصور املـاء . لضوئية يف املاء وامنا حنسها كذلك بسب انكسار االشعة ا ، املاء حقا مـع يقيننـا بـان ، الدافئ حارا جدا حني نضع يدنا فيه وهي شـديدة الـربودة

.احلرارة اليت احسسنا ا ليس هلا واقع موضوعي خر من االدراك البشري ـ فهو الذي يـصح واما التصديق ـ أي القسم اآل

فلـنالحظ كيـف يـتم ، ة ان يكون نقطة االنطالق لنا من التصورية اىل املوضوعي .ذلك؟

ان املعرفة التصديقية عبارة عن حكم النفس بوجـود حقيقـة مـن احلقـائق فـان . ان اخلط املستقيم اقصر مسافة بـني نقطـتني : كما يف قولنا ، وراء التصور

معىن هذا احلكم هو جزمنا حبقيقة وراء تصوراتنا للخطـوط املـستقيمة والنقـاط :فهو، االختالف عن الوان التصور الساذجولذلك خيتلف كل، واملسافات ، ليس صورة ملعىن معني من املعاين اليت ميكـن ان حنـسها ونتـصورها :اوال

وهلـذا ال ميكـن ان يكـون واردا اىل الـذهن ، بل فعال نفسيا يربط بني الصور .وامنا هو من الفعاليات الباطنية للنفس املدركة، عن طريق االحساس

ذاتية مل تكن موجـودة يف شـيء مـن الـوان التـصور ميلك خاصة :ثانياولذلك كـان مـن ، وهي خاصة الكشف عن واقع وراء حدود االدراك ، واقسامه

املمكن ان تتصور شيئا وان حتس به وال تـؤمن بوجـوده يف واقـع وراء االدراك ولكن ليس من املعقول ان تكون لـديك معرفـة تـصديقية ـ أي ان ، والشعور املستقيم هو اقرب مسافة بني نقطتني ـ وتـشك مـع ذلـك يف ن اخلطأ تصدق ب

.وجود حقيقة موضوعية حيكي عنها ادراكك وشعورك وهكذا يتضح ان املعرفة التصديقية هي وحدها الـيت ميكـن ان تـرد علـى

انا ال نتصل بالواقع مباشرة وامنـا نتـصل بافكارنـا فـال : حجة باركلي القائلة وان كانت ال تتـصل مباشـرة اال بادراكاـا اال ان فالنفس. فكارناوجود اال أل

يكشف بطبيعته كشفا ذاتيا عـن شـيء خـارج حـدود هناك لونا من االدراك فحجة باركلي كانت تقـوم علـى . وهو احلكم ـ أي املعرفة التصديقية االدراك

.وعدم ادراك الفوارق االساسية بينهما، اخللط بني التصور والتصديق نتبني ان املذهب التجرييب والنظريـة احلـسية يؤديـان اىل وعلى هذا الضوء

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 112: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١١٢

ن الـنفس أل، فهما مضطران اىل قبول احلجة اليت قدمها بـاركلي ، الرتعة املثالية وامنـا ، البشرية مبقتضى هذين املبداين ال متلك ادراكا ضروريا او فطريـا مطلقـا

س لـيس اال لونـا مـن واحل، ادراكاا مجيعا من احلس وترتكز معارفها عليه أتنش وال ميكـن ان خيطـو ، فمهما كثر وتنوع ال يعدو حدوده التصورية ، الوان التصور

. به االنسان اىل املوضوعية خطوة واحدة ان االدراكات واملعارف البـشرية اذا كانـت هلـا خاصـة : الدليل الثالث

رف الكشف الذايت عن جمال وراء حدودها وجب ان تكون مجيـع العلـوم واملعـا والـشيء ال يتخلـى عـن وصـفه ، الا كاشفة حبكم طبيعتها وذاـا ، صحيحةـ ، الذايت مـن املعلومـات ن كـثريا أمع ان مجيع مفكري البـشرية يعترفـون ب

، واالحكام اليت لدى الناس هي ادراكات خاطئة وال تكشف شـيئا مـن الواقـع ك بكل وضـوح اـا بل قد جيمع العلماء على االعتقاد بنظرية ما ويتجلى بعد ذل

فكيـف يفهـم هـذا علـى ضـوء مـا تزعمـه الفلـسفة ، ليست صـحيحة وهل هلذه الفلسفة مـن مهـرب ! الواقعية ـ من ان العلم يتمتع بالكشف الذايت؟

واذا تنازلت عـن ذلـك كانـت املثاليـة ! اال التنازل عن منح العلم هذه الصفة؟ واقـع املوضـوعي عـن طريـق النا ال نستطيع ان نصل حينئذ اىل ال ، حمتما امرا

.افكارنا ما دمنا قد اعترفنا باا ال متلك كشفا ذاتيا عن ذلك الواقع جل ان جنيب على هذا الدليل يلزمنا ان نعرف ما هـو معـىن الكـشف وأل

يف الواقـع الذايت للعلم؟ ان الكشف الذايت للعلم معناه ان يرينـا متعلقـه ثابتـا ن الشمس طالعة وان املثلـث غـري أفعلمنا ب . نا اخلارج عن حدود ادراكنا وشعور

املربع جيعلنا نرى طلوع الشمس ومغايرة املثلث للمربع ثـابتني يف واقـع مـستقل ولـيس معـىن ، واراءته لنا ذلك هي كـشفه الـذايت ، فهو يقوم بدور املرآة ، عنا

وان مغـايرة املثلـث ، هذه االراءة ان طلوع الشمس موجود يف اخلـارج حقـا فان كون الشيء ثابتـا يف الواقـع غـري كونـه مرئيـا . ع ثابتة يف الواقع للمرب وبذلك نعرف ان الكشف الذايت للعلم ال خيتلف عنـه حـىت يف مـوارد ، كذلك

فان علم القدماء بان الشمس تدور حول االرض كان لـه مـن ، اخلطا واالشتباه الكشف الـذايت مبقـدار مـا لعلمنـا بـدوران االرض حـول الـشمس مـن

يف ثابتـا كشف ـ مبعىن ام كانوا يرون دوران الـشمس حـول االرض امـرا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 113: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١١٣

فوجود هذا الدوران بصورة موضوعية كـان مرئيـا ، الواقع بصورة مستقلة عنهم .)١(هلم أي ام كانوا يصدقون بذلك وان مل يكن ثابتا يف الواقع

التـصديقي فاالنسان بطبيعته اذن خيرج من التصورية اىل املوضوعية بـالعلم فانـه علـم ، سواء اكان العلم مـصيبا يف الواقـع ام خمطئـا ، ملكان كشفه الذايت

.وكشف على كل تقدير ان املعـارف التـصديقية اذا كانـت ختطـئ ومل يكـن :الدليل الرابـع

كشفها الذايت يصوا عن ذلك فلماذا ال جيوز ان تكون مجيع معارفنـا التـصديقية مد على الكشف الذايت للعلم مـا دام هـذا الكـشف وكيف ميكننا ان نعت ! ؟أخط

. والصواب على حد سواءأصفة الزمة للعلم يف موارد اخلط ففـي تلـك احملاولـة ، وهذه احملاولة ختتلف يف هدفها عن احملاولة الـسابقة

كانت تستهدف املثالية اىل اعتبار املعارف البـشرية اشـياء ذاتيـة ال تـشق لنـا وقد احبطنا تلك احملاولـة بايـضاح مـا للمعـارف ، وضوعيالطريق اىل الواقع امل

وامـا هـذه احملاولـة . ذايت متتاز به على التصور اخلـالص التصديقية من كشف الـا مـا دامـت ، فهي تقصد ازالة املعارف التصديقية ائيا من التفكري البشري

نـشك فلمـاذا ال ، او ما دام كشفها الذايت ال يعـين صـحتها دائمـا ، قد ختطئ وال يوجد لدينا بعد ذلك مـا يـضمن وجـود العـامل ! فيها ونتخلى عنها مجيعا؟

.املوضوعيان التفكري البشري لو مل يكن ميلك عدة معـارف مـضمونة ، وبطبيعة احلال

وملـا امكننـا ، لكان هذا الشك الزما وال مهرب عنـه ، الصحة بصورة ضرورية ، ال يـستند اىل ضـمان ضـروري ان نعلم حبقيقة مهما كانت ما دام هذا العلـم

، ـ وبالتعبري الفلسفي املصطلح ان التضايف القائم بني الكاشف وهو العلم 1

بني وجود ليس ثابتا، بالعرض وهو الشيء اخلارج عن حدود العلمواملنكشفوامنا هو بني ، خرليمتنع انفكاك احدمها عن اآل، الكاشف ووجود املنكشف بالعرض

ومن ، الكاشفية الذاتية للعلم واملنكشفية بالعرض للشيء اخلارج عن حدود العلم .االواضح ان االمرين متالزمان وال ميكن انفكاكهما مطلق

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 114: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١١٤

هـو ولكن الذي يقضي علـى هـذا الـشك . حمتمال يف كل جمال أوكان اخلط املـصدر (املذهب العقلي ـ الذي درسناه يف اجلزء االول مـن نظريـة املعرفـة

ـ فهو يقرر وجود معارف ضرورية مضمونة الـصحة ال يقـع ) االساسي للمعرفة وعلى هـذا التقـسيم . احيانا يف طريقة االستنتاج منهاوامنا يقع ، مطلقا أ فيها اخلط

املعارف البشرية ـ كما سبق يف تلك الدراسة ـ اىل معارف ضـرورية مـضمونة ومعارف ثانوية تستنتج من تلـك القاعـدة ، تتشكل منها القاعدة الرئيسية للتفكري

.وهي اليت قد يقع فيها اخلطا ـا تلـك القاعـدة أل ال نـستطيع ان نـشك يف ، فنحن اذن مهما شككنا

.مضمونة الصدق بصورة ضروريةن ما اذا كان يف وسع الفيلسوف املثايل بـاركلي ان ينكـر ونريد ان نتبني اآل وال يقر بوجود معارف ضرورية فـوق اخلطـا واالشـتباه ، تلك القاعدة املضمونة

.او ال؟ فانـه مـضطر اىل االعتـراف بوجـود ، وال شك يف ان اجلواب هو النفـي

عارف مضمونة الصدق ما دام قد حـاول االسـتدالل علـى مثاليتـه باالدلـة مفان االنسان ال ميكنه ان يستدل على شيء ما مل يركـز اسـتدالله علـى ، السابقة

وحنن اذا الحظنا ادلـة بـاركلي وجـدناه ، اصول وقواعد مضمونة الصدق عنده :مضطرا اىل االعتراف

فـان التنـاقض ، عليه الـدليل االول عدم التناقض الذي ارتكز أ مببد :والأ فـال يـصح ان يـستنتج مـن تنـاقض االحـساسات عـدم ، اذا كان ممكنـا

.موضوعيتها لكـان أفهو لو مل يكن يعتـرف ـذا املبـد ، العلية والضرورة أ مببد :وثانيا

ـ أ على ر االنسان امنا يقيم دليال ألن ،استدالله عبثا ن الـدليل علـة أيه الميانـه ب العليـة والـضرورة أفاذا مل يكن يعتقـد مببـد . لعلم بصحة ذلك الراي ضرورية ل

.ومع ذلك ال يثبت به الراي املطلوب، جاز ان يكون الدليل صحيحا فـال شـك يف ، واذا ثبت وجود معارف مضمونة الصدق يف التفكري البشري

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 115: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١١٥

ـ ، ان من تلك املعارف معرفتنا بوجود العامل املوضوعي املستقل عنا لفان العق جيد نفسه مضطرا اىل التصديق بوجود عامل خارجي على سـبيل االمجـال ورفـض

او بـني فكـره ، مهما وقعت من مفارقات بني حسه والواقـع ، كل شك يف ذلك . من اجلنونبل يعد التشكيك يف وجود العامل املستقل ضربا، واحلقيقة

: على اساسنيوخنلص من مناقشاتنا للمثالية الفلسفية اىل ان الواقعية ترتكزاالعتقـاد ، والثـاين ، االميان بوجود كشف ذايت للمعارف التصديقية ، االول

وكـال هـذين . بقاعدة اساسية للمعرفة البشرية مضمونة الصدق بصورة ضرورية فانـه لـوال الكـشف ، االساسني قد وجدنا باركلي مضطرا اىل االعتراف مـا

وملا كيـف حياتـه علـى ، خرينآلالذايت للمعرفة التصديقية ملا عرف االشخاص ا ف مضمونة الصدق يف الـتفكري البـشري ملـا ولوال وجود معار ، اساس وجودهم

.امكنه ان يستدل على مزاعمه املثالية

:ب ـ املثالية الفيزيائية ماديـا واقعيـا تفسر الطبيعـة تفـسريا كانت الفيزياء قبل قرن من الزمان

فالطبيعة واقعيـة عنـد الفيزيـائيني مبعـىن اـا .حتكمه قوانني امليكانيك العامة ن مـرد أل يـضا أوهـي ماديـة ، موجودة بصورة مستقلة عن الذهن والـشعور

الطبيعة يف حتليلهم العلمـي اىل جزئيـات صـلبة صـغرية ال تقبـل الـتغري وال ، وهي اجلواهر املفردة اليت نادى ا دميوقريطس يف الفلـسفة اليونانيـة ، االنقسام

فاملادة هـي جممـوع . اجلزئيات او الكتل االولية للطبيعة يف حركة مستمرة وهذه والظاهرات الطبيعية فيها ناجتة عن انتقال تلك الكتـل وحركتـها ، تلك اجلزئيات

. يف املكان وملا كانت هذه احلركة حباجة اىل تفسري من العلـم فقـد فـسرا الفيزيـاء

وافتـرض ، الساعة او االمواج الـصوتية كما تفسر احلركة يف رقاص لياآتفسريا حملاولـة تكميـل ، وجود قوى يف الكتل او عالقات خاصـة بـني تلـك الكتـل

وهذه القوى والعالقات بـدورها جيـب ان ختـضع . يل لظواهر الطبيعة التفسري اآل ، )االثـري ( من ذلك يف الفيزياء املفهـوم الفرضـي لــ أ فنش يل ايضا للتفسري اآل

لـه عنـد مهام كانتشار الضوء الذي افترض االثـري حـامال واسندت اليه عدة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 116: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١١٦

يـضا احلـرارة والكهربـاء أكما حيمل ، انتقاله من بعض االجسام اىل بعض .وحنوها من قوى الطبيعة

ويتلخص هذا العرض يف ان الطبيعة واقع موضـوعي مـادي حيكمـه نظـام .يل كاملآ

كـشوف احلديثـة الـيت هذا املفهوم الفيزيـائي ان يـصمد لل ، ومل يستطع وبرهنـت ، فرضت على العلماء ان يقلبوا نظريام عن الطبيعة راسا على عقـب

وكان مـن اهـم تلـك الكـشوف ، هلم على ان العقل العلمي ال يزال يف البداية العلمية اكتشاف الكهارب الذي دل على وجود بنية مركبـة للـذرة واكتـشاف

.احنالهلا االشعاعيـ فبينما كانت الذر لف منـها الطبيعـة أة هي الوحدة املادية االساسية اليت تت

ومل تقف القصة عند هذا احلد بـل واصـبح مـن املمكـن ، عادت بدورها مركبة وبينما كانت احلركة حمدودة يف حدود احلركـات امليكانيكيـة . ان تتبخر كهرباء

وبينمـا . اخرى من احلركـة اكتشفت الوان ، اليت تتسق مع التفسري االيل للطبيعة كان الراي السائد يزعم ان كتلة املادة ـ وهي التعـبري الرياضـي عـن اجلـوهر

ثبت يف الربهان العلمي اا ليست ثابتـة بـل ، املادي ـ دائمة وغري قابلة للتغيري هي نسبية وال تعرب يف مفهومها الواقعي اال عن طاقة مكترتة ولذا ختتلـف كتلـة

.اجلسم باختالف حركته ان املادية قـد ماتـت وان املفهـوم املـادي ا للفيزيائيني واضحا وهكذا بد

.للعامل اصبح يتعارض مع العلم والرباهني التجريبية جل ذلك استطاع العلماء ان يكونوا عن العامل مفهومـا جوهريـا اعمـق وأل

بـل ، وليست املادية اال وجها من وجوه هذا املفهـوم اجلديـد ، من املفهوم املادي الفيزيائيني اىل اكثر من ذلـك فـزعم ان مـرد العـامل اىل حركـة ذهب بعض

.خالصة حماوال االستغناء عن اضافة أي حقيقة جوهرية اليها ):وزوالدأ(فقد قال

ــضرب [ ــيت ت ــصا ال ــكابان(ان الع ــود ) س ــى وج ــهض عل ال تن

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 117: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١١٧

هـذه العـصا ليـست موجـودة ولـيس موجـودا اال ، العامل اخلـارجي ].طاقتها احلركية

):كارل بريسون (وقال .]املادة هي الالمادي الذي هو يف حركة[

ويف غمرة هذه الكشوف اجلديدة اليت زعزعت الكيان املـادي واظهـرت ان ، املادة هي الوهم البشري العام عن العـامل ال املفهـوم العلمـي املطـابق للعـامل

مـا دام : قـالوا ف، مـن الفيزيـائيني ظهر االجتاه املثايل يف الفيزياء واستهوى كثريا ،العلم يقدم يف كل يوم براهني جديدة ضد القيمة املوضـوعية للمعرفـة البـشرية

بعـد ، فليست الذرات او البنيات االساسـية للمـادة ، وضد الصفة املادية للعامل واسـتعارات ، مناسبة للتعبري عـن الفكـر اال طرقا ، ان تبخرت على ضوء العلم

.الواقعية شيئاواشارات ال تتضمن من احلقيقة :دينغتونأقال

ــيء [ ــها ش ــة كل ــم الطبيع ــوانني عل ــة ق ــة يف منظوم ــيس مث لــة ــة املعرف ــارات نظري ــن اعتب ــوح م ــتنتاجه بوض ــن اس ــد ال ميك واح

ــة وت ــشاملة املطلق ــاأال ــامل ، مال ــري ع ــون غ ــذي يك ــدماغ ال والــتفكري الــذي يفــسر بوســاطته العقــل بكوننــا ولكنــه يعــرف نظــام ال

ــه ــشري جتربت ــسيةالب ــارف ، احل ــع مع ــغ مجي ــدوره ان يبل ــون مبق يكــة ــق التجرب ــن طري ــصلة م ــة احمل ــم الطبيع ــول، عل ــة اق :ويف النهاي

ــا ــو متام ــون ه ــن الك ــه ع ــا ادرك ــة ان م ــحيحة دقيق ــصورة ص وب .]الشيء نفسه الذي نضيفه اىل الكون ليصبح مفهوما

:عرب بعد ذلك عن امله يفأوــة القادمــ [ ــسنوات القريب ــرف يف ال ــان خبيان يع ــا ك ــة م يف ائ

ــة رغــم مــا ينــش ــان هــذا قــد أالنــواة الذري يف اذهاننــا مــن ظــن ب ] .خبئ من قبلنا

والواقع ان االجتاه املثايل عند هؤالء الفيزيائيني ناتج عـن خطـا يف الـتفكري ذلـك ان املـسالة االساسـية يف ، الفلسفي ال عن برهان فيزيائي يف اال العلمي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 118: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١١٨

م الفالسفة يف اجلواب عنها اىل مثاليني وواقعيني بدت هلـم الفلسفة اليت انقس .مغلوطة

فاملسالة االساسية هي مسالة ما اذا كان للعامل واقع موضوعي مـستقل عـن وقد فهمها اولئك الفيزيائيون على اا ال تقبـل سـوى اجـابتني ، ذهننا وشعورنا

:على الوجه االيت فقط وامـا ، ور فال وجود له بصورة موضـوعية اما ان مرد العامل اىل الذهن والشع

. ان العامل واقع مادي موجود خارج الذهن والشعور فاذا استبعدنا االجابة الثانية بالرباهني والتجارب العلمية الـيت دلـت علـى

لزمنـا االخـذ ، للحقيقة اليت ينطـوي عليهـا العـامل ان املادية ليست اال قناعا .فهوم املثايل البحث للعاملباالجابة االوىل واالعتقاد بامل

ذلـك ان ، ولكن احلقيقة ان االجابتني مل توضعا وضعا صحيحا فيمـا سـبق تقدمي اجابة تناقض االجابة املثالية ال حتتم علينا االميـان بلـزوم الـصفة املاديـة

فان الواقعية اليت ختالف املثالية بصورة متقابلـة ال تعـين اكثـر ، للواقع املوضوعي وامـا ان هـذا ، اف بوجود واقع موضوعي مستقل عن الذهن والشعور من االعتر

الواقع املوضوعي املـستقل هـل هـو املـادة او القـوة او احلركـة او املـوج خـر جيـب علـى الواقعيـة الـيت امنـت بالعـامل آفذلك سؤال ... الكهربائي

.املوضوعي ان جتيب عنه على ضوء العلم واالكتشافات التجريبية استطعنا ان نرد االجتـاه املثـايل الـسابق تاما لتني تفريقا أبني املس ومىت فرقنا . الذي يرتكز عليهأالذكر اىل اخلط

هل للعـامل واقـع مـستقل عـن الـذهن : فقد عرفنا ان السؤال االول هو .البشري؟

فاملثاليـة جتيـب بـالنفي . واالجابتان عن هذا السؤال مها للمثالية والواقعية فلـسفي أسـاس وكلتا االجابتني جيب ارتكازمها علـى . ثباتباإلوالواقعية جتيب

.حبت وال كلمة للعلم والتجربة يف هذا املوضوع ما هو الواقع املوضوعي املستقل؟ وهـل تلزمـه خـصائص ، خروالسؤال اآل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 119: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١١٩

املادة وصفاا او ال؟ وهذا السؤال امنا يتجه اىل الواقعية وال جمال لـه علـى وجييب بعض الواقعيني عن هـذا الـسؤال باعطـاء املفهـوم . املفهوم املثايلأساس

، خـرون باعطـاء مفـاهيم اخـرى وجييب اآل ، املادي للواقع املوضوعي املستقل فالتجارب والكشوف العلمية هي الـيت تكـون ، وللعلم يف هذه االجابات كلمته

.املفهوم العلمي للواقعيني عن العامل املوضوعي املادي للعامل فهو ال يعين ان العلـم رفـض الواقعيـة فاذا ابطل العلم املفهوم

الكشف العلمي مل يربهن على عدم وجـود الواقـع املوضـوعي ألن ،وصار مثاليا فلـيكن مـرد العـامل اىل ، وامنا دلل على عدم لزوم الصفة املاديـة لـه ، املستقل

بالواقعيـة فان ذلك ال يـضر ، خر غري املادة آالقوة او اىل احلركة او اىل أي شيء وال يربهن على املثالية ما دام لذلك الشيء واقـع موضـوعي موجـود بـصورة

، فاملادة اذا تبخرت كهربـاء علـى ضـوء العلـم ، مستقلة عن الذهن والشعور والطبيعـة اذا كانـت ، والطاقة اذا حتولت اىل كتلـة ، والكتلة اذا حتولت اىل طاقة

كله فلن يغري ذلـك مـن موقفنـا اذا صح ذلك ، تعرب عن حركة خالية من املادة ننا نؤمن على كل تقدير بان احلقيقة ليست نتاج الشعور أل، جتاه السؤال االول شيئا

.بل هي وليدة الواقع املستقل، فحسبثري اذا فرغنا عن االجابة علـى الـسؤال أوامنا يكون هلذه النظريات العلمية ت

.عامل؟وتناولنا السؤال الثاين لنعرف كيف هو ال، االول وامنـا ، وذا نعرف ان كشوف العلم احلديث ال ترد على الواقعيـة بـشيء

ترد على املادية اليت تزعم ان املادية هي الوصف الالزم لـذلك الواقـع بـصورة .عامة

والـرد علـى ، ومن الغريب حماولة بعض املاديني االحتفاظ للمادية مبقامهـا ، ربهن على سلب الصفة املاديـة عـن العـامل ا ال ت أالرباهني العلمية والتجريبية ب

.وامنا تكون سببا يف تعمق فهمنا للمادة وخصائصها :قال لينني

ــا إ[ ــه معرفتن ــذي وصــلت الي ــد ال ــين ان احل ــادة يع ــي امل ن تالشــى ــادة يتالش ــق ، بامل ــا يتعم ــادة ، وان وعين ــصائص للم ــة خ فثم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 120: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٢٠

تبـدو كانـت .. كعدم قابليتـها لالختـراق وعـدم احلركـة والكتلـة وقــد عرفــت ، نوليــة وهــي تتالشــى اآلأ لنــا مــن قبــل مطلقــة ثابتــة

ــادة أب ــاالت امل ــبعض ح ــط ل ــة فق ــسبية مالزم ــا ن ، ــك ان ذلــة الفلــسفية ، اخلاصــة الوحيــدة للمــادة الــيت حيــدد التــسليم ــا املادي

ــة موضــوعية واــا موجــودة ، امنــا هــي كوــا ـ أي املــادة ـ حقيق .)١(]خارج وعينا

ــائإ[ ــا ن دع ــن ان يزعزعه ــامل ال ميك ــن الع ــادي ع ــوم امل م املفهــادة ــصائص امل ــي خل ــوم العلم ــيري للمفه ــك أل ، أي تغ ــيس ذل نول

ــي ــدرك علم ــة مل ــون دون عالق ــادة يك ــن امل ــسفي ع ــدرك الفل امل ن املــادة ال ميكــن ان تفقــد هــذه اخلاصــة وامنــا أل، مزعــوم

عيـة االساسـية مـن خصائـصها وهـي كوـا ـ أي املـادة ـ حقيقـة واق .)٢(] موضوعية

.ذا اراد لينني ان يزيف املثالية الفيزيائية ويدعم مفهومه املادي له لكل فلسفة واقعية عـدا الواقعيـة القائمـة اه من كالمه جت ويبدو واضحا

جل ان حيل التناقض بني املفهوم املـادي وحقـائق العلـم وأل، مادي أساس علىعطاه من السعة والشمول ما جعله يعرب أو، با غري والفيزياء شرح مفهوم املادة شرحا

حماوال بذلك ان يقدم املادية كحـل فلـسفي ، عن الواقع املوضوعي املستقل باملادة ومـن الواضـح ان املـادة اذا . لة وجـود العـامل يف مقابـل املثاليـة أوحيد ملس

مة الوحيدة الالز وكانت خصيصتها . مساويا للواقع املوضوعي املستقل كانت تعبريا فالفلسفة املتيافيزيقية االهلية ، هلا هي موضوعيتها ووجودها بصورة مستقلة عن وعينا

ويرتفع التعارض ائيـا ، باعتبار هذا املفهوم اجلديد للمادة تكون فلسفة مادية متاما ــني الفلــسفة امليتافيزيقيــة والفلــسفة املاديــة ومفهومهــا عــن ب

. العامل

.٢١ ـ ٢٠ـ ما هي املادية ص 1 .٢٣ـ املصدر نفسه ص 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 121: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٢١

نفـس الكلمـة متامـا ا وراء الطبيعة يقول هلي الذي يؤمن مب فالفيلسوف اال االهلـي أولـيس املبـد ، فالعامل عنده واقع موضوعي مستقل عن وعينا . عن العامل

. عن وعينا مستقال موضوعياالذي تعتقد به الفلسفة امليتافيزقية اال واقعا فتوسـعة املفهـوم املـادي اىل ، واحلقيقة ان التالعب بااللفاظ ال جيدي شيئا

ينطبق على املفهوم املعارض له وينسجم معه ال يعين اال ختليـه عـن واقعـه حد .وعجزه عن الرد على ما يعارضه من مفاهيم، الفلسفي اخلاص

اضف اىل ذلك ان املادية اجلدليـة ال تـسمح لليـنني ان يعتـرف حبقيقـة مع اجلدل القائل بتطور مجيع احلقـائق طبقـا للتناقـضات ذلك يتناىف ألن ،مطلقة

فهل اخلاصة االساسية للمادة يف مفهومها اللينـيين اجلديـد خاصـة ، احملتواة فيها فـان كانـت كـذلك فقـد ، مطلقة ال تتطور وال ختضع لقانون اجلدل وتناقضاته

وجدت اذن احلقيقة املطلقة اليت يرفضها الديالكتيك وال يقرهـا اصـول اجلـدل علـى التناقــضات وان كانــت هـذه اخلاصــة جدليـة وحمتويــة . املاركـسي

فمعىن ذلك ان املاديـة تـشكو ، الدافعة هلا اىل التطور والتغري كسائر حقائق العامل جل ذلك اىل الـتغري والتبـدل ونـزع الـصفة من التناقض وتضطر أل أيضا هي

.االساسية للمادة عنها ت عـن أوالنتيجة اليت خنرج ا هي ان الرتعة املثالية عنـد الفيزيـائيني نـش

وليـست وليـدة االدلـة ، لتني الفلسفيتني اللتني شـرحنامها ألتمييز بني املس عدم ا .العلمية بصورة مباشرة

مهمـا يف زعزعـة يقـني خر لعب دورا آومع هذا فيجب ان نشري اىل عامل وهو ايار املـسلمات العلميـة يف امليـدان العلمـي ، العلماء بالواقع املوضوعي

املـسلمات حقـائق قاطعـة ال تقبـل الـشك فبينما كانت تعترب تلك ، احلديث جـون (يف حلظـة ذرات ، استطاع العلم ان يزيفها ويربهن على خطئهـا فـذابت

ودللت التجارب علـى ان املـادة وهـم ، وتزعزع قانون عدم فناء املادة ) دالتون فكان رد الفعل لذلك ان ثار الـشك مـن جديـد ، الف السنني آعاش فيه البشر

مس اخطـاء فاذا كانت مسلمات العلـم بـاأل ، دة من العلماء وطغى على افكار ع وملـاذا ، اليوم فلماذا ال جيوز لنا ان نرتاب يف كل حقيقة مهما بدت لنا واضـحة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 122: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٢٢

لة االساسية ـ مسالة وجود الواقع املوضوعي للعـامل ـ فـوق أنفترض املس .الريب والشك؟

بـار برهنـة العلـم علـى درية ال باعت أوهكذا انبثقت الرتعة املثالية او الال بل باعتبار تزعـزع عقيـدة العلمـاء بـالعلم وزوال اميـام ، صحتها وصواا ولكن هذا العامل ال يعدو ان يكـون باعثـا نفـسيا او ازمـة ، مبسلماته القاطعة

وتزول هذه االزمة النفـسية بـادىن مالحظـة ، نفسية اوحت بالتمايل حنو املثالية ذلك ان االعتقاد بوجـود الواقـع املوضـوعي ، فلسفيةلة دراسة أحني تدرس املس

فقد عرفنـا سـابقا ان التجـارب ال ، للعامل ليس ناشئا من براهني التجربة والعلم ، ميكن ان تبعث على هذا االعتقاد وخترج االنسان من التـصورية اىل املوضـوعية

بل هو اعتقاد فطري ضروري يف الطبيعة االنـسانية والجـل ذلـك فهـو عـام يعتقـدون أيـضا فـام ، يشترك فيه اجلميع حىت املثاليون املتمردون عليه بلسام

وامـا املـسلمات الـيت ظهـر . هذا االعتقاد متاما كما تدل عليه حيام العملية ها فهي تدور كلها حول بنية العامل املوضـوعي وحتديـد واقعـه وعناصـره أخط

،تثبـت بالتجربـة العلميـة ومن الواضح ان مسلمات كهـذه امنـا ، االساسيةفايارها ووضوح خطئها ـ بسبب نقصان التجارب اليت ارتكـزت عليهـا عـدم

او عدم صحة االستنتاج العقلي للنظرية من التجربة ـ ال يعين حبـال مـن ، دقتها .االحوال ان جيوز اخلطا على املسلمات العقلية الضرورية

:ج ـ املثالية الفيزيولوجيةويعتمـد يف ، املثالية يبدو عند بعض علماء الفيزيولوجيـا خر من آوهذا لون

وينطلـق هـذا االجتـاه . زعمهم على احلقائق الفيزيولوجية اليت يكشفها العلـم وهـي ان الـشكل الـذايت لالحـساس البـشري ، املثايل من نقطة ال نقاش فيها

فليـست . يتوقف حتديده على تركيب حواسنا وعلى اجلهاز العضوي بصورة عامة يت من العامل اخلارجي هي اليت حتدد مبفردهـا شـكل الـشيء بيعة االحساس اآل ط

وقـد زعمـوا ، بل هو رهني بطبيعة اجلهاز العصيب قبل كـل شـيء ، يف احساسنا وامنـا هـي تنبئنـا ، بناء على ذلك ان احلاسة ال تعطينا انباء عن العامل اخلـارجي

ـ ، عن جهازنا العضوي اخلاص ساس ال صـلة لـه وليس معـىن ذلـك ان االح

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 123: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٢٣

بل االشياء اخلارجية هـي ان االسـباب االوليـة الثـارة ، بالشيء اخلارجي ولكن طبيعة اجلهـاز اخلـاص هـي الـيت تبلـور ، العمليات احلسية يف اعضائنا

جـل هـذا فاالحـساس وأل، عملية االحساس يف الكيفية اليت يعرب ا عن نفـسه الـصورة يتطلـب منـها ألن ذلـك ، ةميكن ان يعترب مبثابة رمز وليس مبثابة صور

واما الرمز فال يلـزم ان يكـون لـه أي شـبه ، بعض الشبه مع الشيء الذي متثله .مع الشيء الذي يعنيه

وهذا االجتاه املثايل من املضاعفات الالزمة للمفهوم املـادي لـالدراك الـذي فـان االدراك اذا كـان عبـارة عـن عمليـة فيزيولوجيـة ، نرفضه كل الرفض

وتفاعل مادي خاص بـني اجلهـاز العـصيب واالشـياء املوضـوعية يف . لصةخا فيجب ان تكون كيفية هذا العمل الفيزيولـوجي هنـا مرتبطـة بطبيعـة ، اخلارج

وهـذا وان . او بطبيعة اجلهاز وطبيعة الـشيء املوضـوعي معـا ، اجلهاز العصيب دمنـا قـد احتفظنـا يكن مؤديا اىل مثالية صرحية ونفي لواقع العامل املوضوعي ما

اال انـه قـد يـسمح ، لالشياء اخلارجية بصفة السببية لعمليات اجلهاز العـصيب والريـب يف ان ال ، بالتشكيك يف مدى مطابقة االحـساس للواقـع املوضـوعي

يكون االدراك جمرد انفعال خاص يدل على سببه بصورة رمزية مـن دون تـشابه ا املفهـوم املثـايل الفيزيولـوجي عـن وسوف نعود اىل هذ . يف احلقيقة واحملتوى

.قريب :ـ انصار الشك احلديث٥

الـذي ، ومرد هذا الشك احلديث يف احلقيقة اىل مـذهب الـشك القـدمي زاعمـا عجـز االنـسان عـن ) بريون(اختذته املدرسة الشكية االغريقية وبشر له

ت الشكية احلديثـة يف ظـروف مـشاة أوقد نش . اعطاء أي حكم على االشياء فالـشكية ، للظروف اليت اكتنفت تلك املدرسة القدمية وساعدت علـى انـشائها

شـده بـني السفـسطة أاالغريقية جاءت كحل وسط للصراع الذي قام علـى ومتـردت علـى . فقد كانت السفسطة قد ولدت قبل الشكية بقـرون . والفلسفة

يف وجههـا وقام الفالسـفة . مجيع احلقائق وانكرت القضايا العلمية واحلسية كافة يظهرون تناقضاا ويكشفون عن ايارها بني يدي النقد حـىت تـضاءلت موجـة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 124: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٢٤

، مطلقـة ) دريةأال (فانبثقت عند ذلك فكرة الشك اليت اعلنت عن ، االنكار وحاولت تربير ذلك باظهار تناقضات احلواس وتضارب االفكـار الـذي يـسلب

وكذلك االمـر يف الـشكية . فكانت ختفيفا للسفسطة ، عنها صفة الوقوف العلمي فان اصحاا حاولوا تقـدميها كحـل للتنـاقض القـائم بـني املثاليـة ، احلديثة

ان صح ان يعترب االستسالم اىل الشك حال هلـذا التنـاقض وكانـت ، والواقعية .بسبب ذلك صورة خمففة عن املثالية

ومل تعتمد الشكية احلديثـة علـى اظهـار تناقـضات االحـساس واالدراك فقـد كـان . بل على حتليل املعرفة الذي يؤدي اىل الـشك يف زعمهـا ، فحسب

كـد أيرى ان الت ) باركلي(الذي بشر بفلسفة الشك على اثر فلسفة ) دافيد هيوم ( اداة املعرفـة هـي ألن ،من القيم املوضوعية للمعرفة البشرية امر غـري ميـسور

ومـن املمتنـع ، اكـات وال ميكن ان حيضر يف الذهن سوى ادر ، الذهن او الفكر فلنوجـه ، ن معىن شيء خيتلف عن التـصورات واالنفعـاالت ان نتصور ان نكو

انتباهنا اىل اخلارج ما اسـتطعنا ولتثـب خميلتنـا اىل الـسماوات او اىل اقاصـي وهلـذا فـال ميكـن ان جنيـب . خطوة اىل ما بعد انفـسنا الكون فلن خنطو ابدا

.ة اليت يتصارع عندها املثاليون والواقعيونعلى املسالة االساسية يف الفلسفوالواقعية تؤكد علـى انـه ، فاملثالية تزعم ان الواقع قائم يف الشعور واالدراك

والشكية ترفض ان جتيـب علـى املـسالة الن . موجود بصورة موضوعية مستقلة . الرد عليها مستحيل فلترجا املسالة اىل االبد

وان زاد عليـه ، شـيئا ) باركلي(على حجج مل يزد ) دافيد هيوم (والواقع ان بـل ، فلم يقف يف شـكيته عنـد املـادة اخلارجيـة ، يف الشك والعبث باحلقائق

يف فلـسفته ـ ومهـا الـنفس ) بـاركلي (اطاح باحلقيقتني اللتني احـتفظ مـا فقد اختذ لذلك نفس اسـلوب بـاركلي ، احلسي اىل النهايةأ مع املبدواهللا ـ متشيا

ي بـاركلي اال جمموعـة مـن أكما ان اجلوهر املـادي مل يكـن يف ر ف. وطريقتهكذلك النفس ما هـي اال مجلـة مـن ، يف الذهن صناعيا املركبة تركيبا الظواهر النـين ، ـ النفس ـ بالـشعور ) نااأل(وال ميكن اثبات ، الباطنية وعالقااالظواهر

فلـو ذابـت ، اقـع علـى ظـاهرة جزئيـة ) أنـا (حني انفذ اىل صميم ما امسيه ).أنا( االدراكات مجيعا مل يبق شيء استطيع ان امسيه

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 125: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٢٥

ولكن هـذا املبـدا ال ميكـن التـسليم ، العلية أتقوم على مبد ) اهللا(وفكرة احلـس ال يطلعنـا علـى ضـرورة بـني الظـواهر ألن ،)دافيد(بصحته بزعم

لـوان او اىل لـون مـن ا ، وامنا ترجع فكرة العلية اىل جمـرد عـادة ، واحلوادث .تداعي املعاين

بالنظرية احلسية واملذهب التجـرييب اىل ذرومـا الـيت ) دافيد(وهكذا بلغ وبدال من ان يربهن عن هذا الطريـق علـى رفـض املبـدا ، يؤديان اليها طبيعيا

.احلسي والتجرييب يف الفكر انساق معه حىت انطلق به اىل النهاية احملتومة مـن من جديد ما دامت حججـه اجتـرارا ) ومدافيد هي(وال نريد ان نناقش

مبـدأ وامنا نتناول نقطة واحدة وهي العادة اليت ارجع اليهـا ، رائهآ ادلة باركلي و مـا هـي : لنتـساءل ، من العالقات القائمة بني االشياء يف الفكـر العلية وكثريا

فهـي ، العادة؟ فان كانت عبارة عن ضرورة قائمة بني فكـرة العلـة واملعلـول خر فهي ال ختتلـف عـن العليـة يف آ وان كانت شيئا ، العلية أخر عن مبد آعبري ت

فكان جيـب عليـه رفـضه ، كوا معىن غيبيا ليس لدينا احساس او انفعال يقابله وقـد سـبق يف نقـد املـذهب ، كما رفض مجيع احلقائق اليت ال ميتد اليها احلس

، )هيـوم (لـذي حاولـه التجرييب الرد على هـذا التفـسري الفاشـل للعليـة ا .فليالحظ

:ـ النسبيون٦تعترب النسبية من املذاهب الفلسفية القائلة بوجود احلقيقـة وامكـان املعرفـة

ولكن هذه املعرفة او احلقيقة اليت ميكن للفكر االنـساين ان يظفـر ـا ، البشرية مبعىن اا ليـست حقيقـة خالـصة مـن الـشوائب ، هي معرفة او حقيقة نسبية

والناحيـة الذاتيـة ، بل هي مزيج من الناحية املوضوعية للـشيء ، اتية ومطلقة الذ فال ميكن ان تفصل احلقيقة املوضـوعية يف الـتفكري عـن الناحيـة ، للفكر املدرك

.الذاتية وتبدو عارية عن كل اضافة اجنبيةويف النسبية اجتاهان رئيسيان خيتلفان يف معىن النسبية وحـدودها يف العلـوم

خـر االجتـاه واآل) عما نؤيـل كانـت (احدمها االجتاة النسيب يف فلسفة ، ريةالبش

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 126: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٢٦

النسيب لعدة من الفالسفة املاديني احملدثني الذي مهد للنسبية التطوريـة الـيت .نادت ا املادية الديالكتيكية :أ ـ نسبية كانت

علـى ) كانـت (جيب ان تعرف قبل كل شـيء ان احلكـم العقلـي عنـد :قسمني

وهو احلكـم الـذي يـستعمله العقـل الجـل ، احلكم التحليلي : ااحدمه فـان . اضـالع ثالثـة واملثلث ذو ، اجلسم ممتد : كما يف قولنا ، التوضيح فحسب

واسـتخراج ، )اجلـسم او املثلـث (مرد احلكم هنا اىل حتليل مفهـوم املوضـوع الثالثـة واالضـالع ، العناصر املتضمنة فيه ـ كاالمتداد املتضمن يف مفهوم اجلسم

واالحكام التحليليـة ال تتحفنـا . املتضمنة يف مفهوم املثلث ـ وردها اىل املوضوع .وال تقوم اال بدور التفسري والتوضيح، مبعرفة جديدة للموضوع

علـى جديـدا وهو الذي يزيـد حممولـه شـيئا ، احلكم التركييب : خرواآل ٤=٢+٢و ، لـزات واحلـرارة متـدد الف ، اجلسم ثقيل : كما يف قولنا ، املوضوع

فان الصفة اليت نسبغها على املوضوع يف هذه القضايا ليـست مـستخرجة منـه . بسبب ذلك معرفة جديدة مل تكن قبل ذلكأوامنا تضاف فتنش، بالتحليل

. ثانويـة حكاماأواخرى تكون ، اولية حكاماأتارة تكون ، واالحكام التركيبية كاالحكـام ، العقـل قبـل التجربـة لدىفاالحكام االولية هي االحكام الثابتة

ـ . اخلط املستقيم اقرب مسافة بني نقطتني : الرياضية نظري قولنا يت مـا أوسـوف يواالحكام التركيبية الثانوية هي االحكـام الثابتـة يف . هو السبب يف كوا كذلك

نظري احلكم بان ضوء الـشمس يـسخن احلجـر وان كـل ، العقل بعد التجربة .جسم له وزن

يف تقـسيم املعـارف او االحكـام ، عـن املعرفـة ) كانت(خص نظرية وتتل .)١(العقلية اىل ثالث طوائف

لتتضح له ) كانت(ـ ينبغي للقارئ ان يعرف شيئا عن حتليل املعرفة يف راي 1

فهو يرى ان احلس التجرييب يستورد املوضوعات ، نظريته يف قيمة املعرفة وامكاا الذي جاء على فالطعم. بذلك احساسات متفرقةأالتجريبية بصورة مشوشة فتنش

وال باللمعة اخلاطفة من ، ال يرتبط بالرائحة اليت سلكت عن طريق االنف، اللسانوهذه االشتات . وال بالصوت الذي طرق االذن، الضوء اليت اثرت على شبكية العني

فينتج ، ومها قالبا الزمان واملكان، احلسية تتوحد يف قالبني موجودين يف احلس بالفطرةفهذه املعرفة يف مادا مستوردة من ، سي او معرفة حسية لشيء معنيعن ذلك ادراك ح

واالدراكات احلسية بدورها هي . التجربة ويف صورا فطرية ترجع اىل الزمان واملكان والعقل ميلك عدة قوالب. مواد خام تقدم بني يدي العقل لتتكون منها معرفة عقلية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 127: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٢٧

واالحكام العقلية فيها كلـها احكـام تركيبيـة اوليـة . الرياضيات: االوىل .الا تعاجل موضوعات فطرية يف النفس البشرية، سابقة على التجربة

والعدد عبـارة عـن ، لعددواحلساب موضوعه هو ا ، فاهلندسة ختتص باملكان وهـذا هـو الـزمن يف مفهومـه ، والتكرار معناه التعاقب والتتابع، تكرار الوحدة

ذن فالقطبان الرئيسيان اللذان تـدور حوهلمـا املبـادئ وإ). كانت( عند الفلسفي صـورتان ) كانـت (ي أواملكـان والزمـان يف ر . الرياضية مها املكان والزمـان أي ان صورتيهما موجودتـان يف احلـس ، ة لالنسان فطريتان يف احلساسية الصوري

وينـتج مـن ذلـك ان كـل مـا نعـزوه ، الصوري بصورة مستقلة عن التجربة ومل نعتمـد ، لالشياء من احكام متعلقة مبكاا او زماا فهو مستمد مـن فطرتنـا

وعلى ذلك فكـل القـضايا الرياضـية . فيه على ما اتانا من اخلارج بواسطة احلس مبعىن اننا حنـن خلقناهـا بانفـسنا ومل نـستوردها مـن ، طبائع عقولنا مشتقة من

وـذا تـصبح الرياضـية . اذ هي تدور حول الزمان واملكان الفطـريني ، اخلارج وتصبح احلقائق الرياضية حقـائق يقينيـة مطلقـة ، واملبادئ الرياضية ممكنة املعرفة

، ب تلك املواد اخلام يف هذه القوالبفيص، فطرية نظري القوالب اليت ميلكها احلس

.ويبلورها يف تلك االطارات فتحصل املعرفة العقليةوصورة زمانية ، وهكذا تكون االشياء احملسوسة مركبة من مادة ادركت باحلس

أي احلساسية اليت ختلق الصورة املوحدة ، ومكانية انشاا احلساسية الصوريةمن مادة وهي الظواهر اليت أيضا املعقولةوتتالف االشياء. لالحساسات املختلفة

وصورة وهي القوالب اليت ينشئها ، تصوغها احلساسية الصورية يف اطار الزمان واملكان .الفهم الصوري ويوحد ا تلك الظواهر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 128: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٢٨

ا دام امليدان الرياضي هـو م، او التناقض أفال تتسع يف امليدان الرياضي للخط ة من قبلنا وليـست مقتـسبة مـن أوما دامت قضاياه منش، امليدان الفطري للنفس

.واقع موضوعي منفصل عنا لنشك يف مدى امكان معرفته واستكناه سره أي املعارف البـشرية عـن العـامل املوضـوعي الـذي ، الطبيعيات: والثانية

. يدخل يف نطاق التجربةالذهن ال يـدرك مـن ألن هنا باستبعاد املادة عن هذا النطاق ) كانت (أويبد

علـى ان املـادة ليـست موضـوعا ) باركلي(فهو يتفق مع . الطبيعة اال ظواهرها فهـو ال يعتـرب ذلـك . ولكنه خيتلف عنه من ناحيـة اخـرى ، لالدراك والتجربة

.دليال على عدم وجود املادة ومربرا لنفيها فلسفيا كما زعم باركليذا سقطت املادة من احلساب فال يبقى للعلوم الطبيعية اال الظـواهر الـيت وا

فهذه الظواهر هـي موضـوع هـذه العلـوم ولـذلك ، تدخل يف حدود التجربة كانت االحكام فيها تركيبية ثانوية الا ترتكز علـى درس الظـواهر املوضـوعية

.وهذه الظواهر امنا تدرك بالتجربة، للطبيعة ، حنلل هذه االحكام التركيبيـة الثانويـة مـن قبـل العقـل واذا اردنا ان

امـا . خـر عقلـي واآل، احدمها جتـرييب : وجدناها مركبة يف احلقيقة من عنصرين اجلانب التجرييب من تلـك االحكـام العقليـة فهـو االحـساسات املـستوردة

.بعد صب احلس الصوري هلا يف قاليب الزمان واملكان، بالتجربة من اخلارج اجلانب العقلي فهو الرابطة الفطرية اليت يسبغها العقل علـى املـدركات واما

فاملعرفـة اذن مـزيج مـن الذاتيـة . ليتكون من ذلك علم ومعرفة عقلية ، احلسية ـا نتيجـة التوحيـد أل، وموضوعية يف مادا ، فهي ذاتية يف صورا ، واملوضوعية

الـصور العقليـة اجلـاهزة واحـدى ، بني املادة التجريبية املستوردة من اخلـارج واذا اخـذنا ، فنحن نعرف ـ مثال ـ ان الفلزات تتمدد باحلرارة . فطريا يف العقل

وهـي ظـاهرة التمـدد يف ، هذه املعرفة بشيء من التحليل نتبني ان موادها اخلام ولوالهـا ملـا اسـتطعنا ان ، جاءت عن طريق التجربـة ، الفلزات وظاهرة احلرارة

امـا الناحيـة الـصورية يف املعرفـة أي سـببية احـدى و. ندرك هذه الظواهر بل مردها اىل مقولة العليـة الـيت هـي مـن ، الظاهرتني لالخرى فليست جتريبية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 129: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٢٩

فلو مل نكن منلك هذه الصورة القبليـة ملـا تكونـت ، مقوالت العقل الفطرية .اا لو مل حنصل على املواد بالتجربة ملا حتققت لنا معرفة ايضنأكما . معرفة

، جد بتكييف العقل للموضوعات التجريبية باطاراته وقوالبه اخلاصة فاملعرفة تو اال ان العقل هو الذي يتكيف وان اطاراتـه وقوالبـه هـي ، أي مقوالته الفطرية

فالعقل يف ذلك نظـري شـخص حيـاول ان . اليت تتبلور تبعا للموضوعات املدركة يعمد اىل املـاء فيقلـل مـن كميتـه ف، يضع كمية من املاء يف اناء ضيق ال يسعها

.ليمكن وضعه فيه بدال عن ان يوسع االناء ليستوعب املاء كلهيف مـسالة الفكـر ) كانـت (وهكذا يتضح االنقالب الفكري الذي احدثه

بـدال ، اذ جعل االشياء تدور حول الفكر وتتبلور طبقا الطاراته اخلاصـة ، االنساين . هلايدور حول االشياء ويتكيف تبعاعما كان يعتقده الناس من ان الفكر

) الـشيء يف ذاتـه ( فاصـال بـني حـدا ) كانت(وعلى هذا الضوء وضع فالشيء يف ذاته هو الواقع اخلارجي دون أي اضافة مـن ذاتنـا ). الشيء لذاتنا (و املعرفـة ألن ،وهذا الواقع ارد عـن االضـافة الذاتيـة ال يقبـل املعرفـة . اليه

والشيء لذاتنا هـو املـزيج املركـب مـن املوضـوع . صوراذاتية وعقلية يف وهلـذا تكـون . والصورة الفطرية القبلية اليت تتحـد معـه يف الـذهن ، التجرييب

مبعـىن ان ، النسبية مفروضة على كل حقيقة متثل يف ادراكاتنا لالشـياء اخلارجيـة .تهال على حقيقة الشيء يف ذا، ادراكنا يدلنا على حقيقة الشيء لذاتنا

فـان العلـوم الرياضـية ، وبذلك ختتلف العلوم الطبيعية عن العلوم الرياضية يف النفس بصورة فطريـة مل تقـم فيهـا اثنينيـة بـني ملا كان موضوعها موجودا

فاـا تتنـاول ، وعلى عكس ذلك العلوم الطبيعية ، الشيء يف ذاته والشيء لذاتنا وهي ظواهر موجودة بـصورة مـستقلة ،الظواهر اخلارجية اليت تقع عليها التجربة

فال غرو ان يفـصل بـني الـشيء يف ذاتـه ، عنا وحنن نعلمها يف قوالبنا الفطرية .والشيء لذاتنا

استحالة التوصـل فيهـا اىل معرفـة عـن ) كانت(ويرى . امليتافيزيقا: الثالثة أسـاس وان أي حماولة القامـة معرفـة ميتافيزيقيـة علـى ، طريق العقل النظري

وذلـك انـه ال يـصح يف القـضايا ، لسفي هي حماولة فاشلة ليست هلـا قيمـة ف

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 130: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٣٠

اما . شيء من االحكام التركيبية االولية واالحكام التركيبية الثانوية امليتافيزيقية فـال يـصح ، مستقلة عن التجربة االحكام التركيبية االولية فهي ملا كانت احكاما

، طرية وجاهزة يف الذهن بـال جتربـة اال على موضوعات خملوقة للنفس بصورة ف وليست االشـياء الـيت تتناوهلـا ، كموضوعي العلوم الرياضية من الزمان واملكان

فان امليتافيزيقا ال تعـاجل امـورا ، امليتافيزيقا ـ وهي اهللا والنفس والعامل ـ كذلك .وامنا حتاول البحث عن اشياء موضوعية قائمة يف نفسها، ذهنية

ركيبية الثانوية فهـي االحكـام الـيت تعـاجل موضـوعات واما االحكام الت ولـذلك ، كموضوعات العلوم الطبيعية اليت تدخل يف امليـدان التجـرييب ، جتريبية

ومـن الواضـح ان مواضـيع ، صارت ثانوية باعتبـار احتياجهـا اىل التجربـة وال ، امليتافيزيقا ليست جتريبية فال ميكن ان يتكون فيها حكـم تـركييب ثـانوي

أي الـشروح ، بقى للميتافيزيقا بعـد ذلـك متـسع اال لالحكـام التحليليـة ي وهذه االحكام ليـست مـن املعرفـة احلقيقيـة ، والتفاسري للمفاهيم امليتافيزيقية

.كما عرفنا سابقا، بشيء :من ذلك) كانت(نتيجة اليت خيلص اليها وال

.مة مطلقة ان احكام العلوم الرياضية تركيبية اولية وهي ذات قي:اوال التجربـة يف العلـوم الطبيعيـة أسـاس ان االحكام اليت تقوم علـى :ثانيا

.واحلقيقة فيها ال ميكن ان تكون اكثر من حقيقة نسبية، احكام تركيبية ثانوية ان موضوعات امليتافيزيقا ال ميكـن ان توجـد فيهـا معرفـة عقليـة :ثالثااالحكـام أسـاس ليـة وال علـى االحكام التركيبية االو أساس ال على ، صحيحة

.التركيبية الثانوية هـي ان االدراكـات العقليـة االوليـة ) كانت(والنقطة الرئيسية يف نظرية

بـل هـي روابـط ، ليست علوما قائمة بنفسها ذات وجود مستقل عن التجربـة فـدورها الوحيـد هـو اـا . تساعد على تنظيم االشياء ووصلها بعضها ببعض

.شياء التجريبية يف اطاراا اخلاصةجتعلنا ندرك اال تلـك االدراكـات االوليـة ألن ،ويترتب على ذلك طبيعيا الغاء امليتافيزيقا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 131: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٣١

جل ان تكون علما حتتاج اىل موضوع ينشئه وأل، بل هي روابط ليست علوما ت الـذهن آواملوضوعات امليتافيزيقية ليست من منـش ، الذهن او يدركه بالتجربة

ان احلقيقة يف العلـوم الطبيعيـة أيضا كما يترتب عليه ، التجربة وال من مدركات ، تلك الروابط داخلة يف صميم معارفنا عن الظـواهر اخلارجيـة ألن ،نسبية دائما

.فيختلف الشيء يف ذاته عن الشيء لذاتنا. وهي روابط ذاتية :ين اساسينيأهذه على خط) كانت(وتنطوي نظرية

، الرياضية منـشئة للحقـائق الرياضـية ومبادئهـا اا تعترب العلوم :االولـ ) كانت(وذا االعتبار ارتفع أمببادئ الرياضـة وحقائقهـا عـن امكـان اخلط

ما دامت خملوقة للنفس ومستنبطة منها وليست مستوردة مـن اخلـارج ، والتناقض .ليشك يف خطئها او تناقضها

يـة هـي ان العلـم ولكن احلقيقة اليت جيب ان تقوم عليها كل فلـسفة واقع ، وامنا هو كاشف عما هو خارج حـدوده الذهنيـة اخلاصـة ، ومنشئا ليس خالقا

.كما سبق، الرد على املفهوم املثايل مطلقا أمكن ولوال هذا الكشف الذايت ملا وليس معـىن علمنـا ـا ، هو علم حبقيقة رياضية معنية ٤=٢+٢ن أفعلمنا ب

نا ـ كمـا حتـاول املثاليـة ان تفـسر العلـم اننا ننشؤها وخنلقها يف داخل نفوس ة تـدلل علـى وجـود واقـع آفكما ان املر، بذلك ـ بل العلم يف طبيعته كاملرآة

كـذلك العلـم يكـشف عـن حقيقـة ، للصورة املنعكسة فيها خارج حدودها سواء اكان يوجد مفكـر رياضـي علـى ، ٤=٢+٢والجل ذلك كان ، مستقلة

ومعـىن ذلـك ان . هذه احلقيقـة انـسان ام ال وسواء ادرك ، وجه االرض ام ال ،فهـي قـوانني تعمـل وجتـريء ، املبادئ واحلقائق الرياضية هلا واقع موضـوعي

هـذا وعلـى . وليست العلوم الرياضية اال انعكاسات هلا يف الـذهن البـشري تكون كاملبادئ والقوانني الطبيعية متاما من حيث كوا واقعـا مـستقال يـنعكس

كمـا ، نواجه السؤال عن انعكاسها الذهين ومـدى صـحته ودقتـه ف، يف العقل وليس هلذا السؤال اال جواب واحـد وهـو . نواجه ذلك السؤال يف سائر العلوم

اجلواب الذي يقدمه املذهب العقلي القائل بـان تلـك االنعكاسـات للمبـادئ الرياضية يف الذهن البشري ملا كانت فطرية وضـرورية فهـي مـضمونة الـصحة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 132: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٣٢

بـل الننـا ، فاحلقائق الرياضية ممكنة املعرفة ال الننا حنن خنلقها ، بصورة ذاتية .نعكسها يف علوم فطرية ضرورية

صـلة يف العقـل البـشري قـوانني أيعترب القـوانني املت ) كانت( ان :الثاين وليست انعكاسات علمية للقوانني املوضـوعية الـيت تـتحكم يف العـامل ، للفكر

بل ال تعدو ان تكـون جمـرد روابـط موجـودة يف ، عامة وتسيطر عليه بصورة ـ . العقل بالفطرة ينظم ا ادراكاته احلسية هـو الـذي أوقد سبق ان هـذا اخلط

والقـول بتعـذر درس ، نتج عنه القول بنسبية احلقائق املدركة عن عـامل الطبيعـة تلـك االدراكـات أسـاس ن اقامتها علـى امكإوعدم ، امليتافيزيقا دراسة عقلية

وليـست ، الا جمرد روابط ينظم العقل ـا ادراكاتـه احلـسية ، العقلية الفطرية .لدينا ادراكات فيما خيص موضوعات امليتافيزيقا لتنظم بتلك الروابط

االدراكـات ألن ،واالنسياق مع املذهب النقدي هذا يؤدي اىل املثالية حتمـا ، نتظر موضـوعا لتظهـر فيـه االولية يف العقل اذا كانت عبارة عن روابط معلقة ت

وكيـف نـستطيع ان !فكيف يتاح لنا ان خنرج من التـصورية اىل املوضـوعية؟ الواقع املوضوعي الحاسيسنا املختلفة ـ أي ظواهر الطبيعة الـيت يعتـرف نثبت

فـنحن نعلـم ان طريـق اثبـات الواقـع املوضـوعي ! ؟)كانـت (مبوضوعيتها ن كل انفعال حـسي ال بـد ان ينبثـق الذي حيكم با ، العلية أ لالحساس هو مبد

)كانـت (فاذا رجعـت العليـة يف مفهـوم ، ثار ذلك االنفعال اخلاص أعن سبب فهي عاجزة بطبيعة احلـال عـن القيـام بـاي ، اىل رابطة بني الظواهر احملسوسة

ومـن حقنـا ، وظيفة اكثر من الربط بني احساساتنا وما يبدو فيها من ظـاهرات عن املـربرات الفلـسفية يف نظـرة لالعتقـاد بواقـع ) كانت(ل أحينئذ ان نس

العليـة أما دمنا ال منلك معرفة فطريـة كاملـة كمبـد ، موضوعي للعامل احملسوس وامنا منلك عدة روابـط وقـوانني لتنظـيم الفكـر ، لنربهن ا على ذلك الواقع

.واالدراكـ ، وعلى هذا ة يففالواقعية ال بد هلـا ان تعتـرف بـان االدراكـات الفطري

وتـزول بـذلك ، العقل عبارة عن انعكاسات علمية لقوانني موضوعية مـستقلة ذلـك ان كـل معرفـة يف ، اليت زعمها يف معارفنا عـن الطبيعـة ) كانت(نسبية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 133: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٣٣

وان كانت حباجة اىل ادراك فطـري يقـوم علـى اساسـه ، العلوم الطبيعية ـ ، االستنتاج العلمي من التجربة يس ذاتيـا خالـصا ولكن هذا االدراك الفطري ل

.بل هو انعكاس فطري موضوعي مستقل عن حدود الشعور واالدراكفمعرفتنا بان احلرارة سبب لتمدد الفلزات تستند اىل ادراك حـسي جتـرييب

وكـل مـن االدراكـني ، وادراك عقلي ضروري ملبدا العليـة ، للحرارة والتمدد للفلـزات عـن معرفتنـا بتمديـد احلـرارة وقد نتجت ، يعكس واقعا موضوعيا

)كانـت (فليس ما يطلـق عليـه ، معرفتنا بالواقعني املوضوعيني لذينك االدراكني بـل هـو علـم يتمتـع خبـصائص ، صورة عقلية خالصة للعلـم ، اسم الصورة

.العلم الكشف الذايت وانعكاس واقع مستقل فيه واذا عرفنا ان العقل ميلك بصورة فطريـة علومـا ضـرورية بعـدة قـوانني

أسـاس صار باستطاعتنا ان نـبين قـضايا امليتافيزيقـا علـى ، ق موضوعية وحقائ ا ليـست جمـرد روابـط أل، فلسفي بدراستها على ضوء تلك العلوم الضرورية

خالصة بل هي معارف اوليـة ويف امكاـا ان تنـتج للفكـر البـشري علومـا .جديدة

:ب ـ النسبية الذاتية وهـم الـذين يؤكـدون علـى ، ينيدور النسبيني الـذات ) كانت(جييء بعد

باعتبـار الـدور الـذي يلعبـه ، الطابع النسيب يف مجيع احلقائق اليت تبدو لالنسان فليـست احلقيقـة ـ يف هـذا . عقل كل فرد يف عملية اكتسابه لتلك احلقـائق

وملـا كانـت . املفهوم اجلديد ـ اال االمر الذي تقتضيه ظروف االدراك وشرائطه كانـت احلقيقـة يف . ائط ختتلف يف االفراد واحلاالت املتنوعة هذه الظروف والشر

كل جمال حقيقة بالنسبة اىل ذلك اال اخلاص مبا ينطـوي عليـه مـن ظـروف وليست احلقيقة هي مطابقة الفكرة للواقع لتكـون مطلقـة بالنـسبة اىل . وشرائط

.مجيع االحوال واالشخاص ، ولكنـه شـعار مزيـف ، وهذه النسبة وان كانت حتمـل شـعار احلقيقـة

من مذاهب الشك والريـب يف كـل فليست هي كما يبدو بكل وضوح اال مذهبا .واقع موضوعي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 134: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٣٤

ويساند النسبية الذاتية هـذه االجتـاه الفيزيولـوجي للمثاليـة القائـل ان وان الذي حيدد كيفيتـه ونوعيتـه لـيس هـو ، االحساس ال يعدو ان يكون رمزا

.اجلهاز العصيبالشيء اخلارجي بل طبيعة والواقع ان السبب االصيل الذي اتاح الظهور هلـذه النـسبية الذاتيـة هـو

واعتباره حمتوى عمليـة ماديـة يتفاعـل فيهـا اجلهـاز ، التفسري املادي لالدراك كاهلضم الذي حتققه عمليـة تفاعـل خـاص ، العصيب املدرك والشيء املوضوعي

مـا ان الغـذاء ال يتفاعـل وال يهـضم اال فك. الغذائيةبني اجلهاز اهلاضم واملواد كذلك الشيء الذي ندركه ال يتـاح لنـا ، باجراء عدة تصرفات وتطويرات عليه .ادراكه اال بالتصرف فيه والتفاعل معه :يف نقطتني) كانت(وختتلف هذه النسبية عن نسبية

، اا ختضع مجيع احلقائق للطابع النـسيب الـذايت مـن دون اسـتثناء : االوىل .اذ كان يعترب املبادئ واملعارف الرياضية حقائق مطلقة) كانت(خالفا لـ وامـا يف راي ، )كانـت ( حقيقة مطلقة ال تقبل الشك يف راي ٤=٢+٢فـ

مبعىن اـا الـشيء الـذي تقتـضيه طبيعـة ، النسبيني الذاتيني فهي حقيقة نسبية .ادراكنا وجهازنا اخلاص فحسب

، ني الـذاتيني ختتلـف يف االفـراد يي النـسب أيف ر ان احلقيقة النسبية : الثانية لكـل فـرد ألن ،وليس من الضروري ان يشترك مجيع الناس يف حقـائق معينـة

فال ميكن احلكم بان ما يدركه فرد هـو نفـس مـا يدركـه ، دورا ونشاطا خاصا وامـا . الفرد االخر ما دام من املمكن اختالفهما يف وسـائل االدراك او طبيعتـه

القوالب الصورية عنده قوالب فطرية تـشترك فيهـا العقـول البـشرية ف) كانت( وسـوف يـايت يف . وهلذا كانت احلقائق النسبية مـشتركة بـني اجلميـع ،مجيعا

الـذي ارتكـزت عليـه ، مستقبل دراستنا احلديث عن التفسري املادي لـالدراك . النسبية الذاتية وتفنيده

الشك العلمي................................................ڤ ينا قبل ساعة ان الشك الذي تسرب اىل صفوف العلماء الطبيعـيني حـني أر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 135: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٣٥

قاموا بفتوحام الكربى يف حقل الفيزياء مل يكن شكا علميا وال مرتكزا علـى .سيةوامنا هو شك قائم على خطا فلسفي او ازمة نف، برهان علمي

ولكننا جند يف حقول اخرى نظريات علمية تؤدي حتما اىل الـشك والقـول بـالرغم مـن ان بعـض اصـحاا مل يفكـروا يف ، بانكار قيمة املعرفة البـشرية

والجـل ، الوصول اىل هذه النتيجة بل ظلوا مؤمنني بقيمة املعرفـة وموضـوعيتها النظريـات الـا ذلك اطلقنا اسم الشك العلمي على الشك الناتج عـن تلـك

.علمية او ذات مظهر علمي على اقل تقدير :ومن اهم تلك النظريات

.علم الفزجلة أساس ـ السلوكية اليت تفسر علم النفس على١ .ـ مذهب التحليل النفسي عند فرويد٢ .راء املاركسية يف علم التاريخآـ املادية التارخيية اليت حتدد ٣

الشهرية يف علم النفس الـيت تعـرب عـن اما السلوكية فهي احدى املدارس واطلق عليها اسم السلوكية الا اختذت مـن سـلوك الكـائن ، االجتاه املادي فيه

احلي وحركاته اجلسمية اليت ميكن اخضاعها للحس العلمي والتجربـة موضـوعا ورفضت االعتراف مبا وراء ذلك مـن موضـوعات غـري جتريبيـة ، لعلم النفس

وحاولت ان تفسر سـيكولوجية االنـسان وحياتـه النفـسية ،كالعقل والشعور ن والشعورية كلها بدون ان تفترض له عقال ومـا اليـه مـن املعـاين الغيبيـة أل

خـرين الباحث النفسي ال جيد وال حيس علميا حـني اجـراء جتاربـه علـى اآل فيجـب لكـي ، بعقوهلم وامنا حيس بسلوكهم وحركام ونشاطهم الفيزيولـوجي

ان تفسر كـل الظـواهر الـسيكولوجية ضـمن النطـاق ، لبحث علميا يكون ا لـة ميكـن تفـسري كـل ظواهرهـا آاحملسوس وذلك بالنظر اىل االنسان بوصفه

العلية باملنبهات اخلارجيـة الـيت أوحركاا على الطريقة امليكانيكية ويف ضوء مبد النفـسية مـن فال يوجد لدينا وحنن نـدرس الظـواهر ، فيها لة فتؤثر ترد على اآل

وامنـا حنـن امـام حركـات ، وجهة راي السلوكية عقـل او شـعور او ادراك فحـني . ونشاطات مادية فيزيولوجية توجد باسباب ماديـة باطنيـة او خارجيـة

ان استاذ التاريخ يفكر يف اعـداد حماضـرة عـن تـاريخ امللكيـة ، مثال، نقول

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 136: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٣٦

عن نشاطات وحركات مادية نكون قد عربنا يف احلقيقة ، الفردية عند الرومان عن اسـباب خارجيـة او باطنيـة كحـرارة ت ميكانيكيا أيف جهازه العصيب نش

املوقد الذي جلس امامه استاذ التاريخ او عمليات اهلـضم الـيت اعقبـت تناولـه .وجبة الغذاء

وقد وجدت السلوكية يف املنبهات الشرطية القائمة علـى جتـارب بـافلوف بـسبب (كيد على كثرة املنبهات اليت يتلقاهـا االنـسان أهلا الت يتيح كبريا مسندا

حىت اصبح باالمكـان القـول بـان جممـوع ) وها وزيادا عن طريق االشراط منوامـا ، يتكافأ مع جمموع االفكار يف حياة االنـسان ) الطبيعية والشرطية (املنبهات

ـ ، كيف استفادت السلوكية من جتارب بافلوف شرطية الـيت وما هي املنبـهات الكشفت عنها هذه التجارب فضاعفت من عدد املنبهات اليت تفـسر الـسلوكية يف

ف ان تـربهن علـى ضوئها افكار االنسان واىل أي مدى ميكن لتجـارب بـافلو فهذا ما سنجيب عنه يف البحث املخصص لـالدراك مـن ، وجهة النظر السلوكية

ـ اين يف هـذا حبوث هذا الكتـاب ـ وهـو اجلـزء اخلـامس مـن القـسم الثن ابراز وجهة النظر السلوكية اليت ختضع احلياة الفكريـة الكتاب ـ وامنا يهمنا اآل

عند االنسان للتفسري امليكـانيكي وتفهـم الفكـر والـشعور بوصـفه نـشاطا .فيزيولوجيا تثريه اسباب مادية متنوعة

ومن الواضح ان أي حماولة لوضع نظرية للمعرفة يف ضوء الـسلوكية هـذه اىل موضوع سليب جتاه قيمة املعرفـة واىل عـدم االعتـراف بقيمتـها ي حتما يؤد

وبالتايل يصبح كل حبث عن صحة هـذه الفكـرة العلميـة او هـذا ، املوضوعية ، ن كـل فكـرة املذهب الفلسفي او ذاك الراي االجتماعي عبثا ال مـربر لـه أل ال تعـرب عـن ، مهما كان طابعها او جماهلا العلمـي او الفلـسفي او االجتمـاعي

فـال . شيء سوى حاالت خاصة حتدث يف اجسام اصـحاب الفكـرة انفـسهم ماديـة : نستطيع ان نتساءل على الصعيد الفلسفي أي الفلسفتني علـى صـواب

: وال ان نتساءل على الصعيد العلمي ايهما علـى صـواب ، ابيقور او اهلية ارسطو بيته او آنـشتني يف نـس ، اجلاذبية أساس نيوتن يف فكرته القائلة بتفسري الكون على

وهكـذا يف كـل . او ريكـاردو مـثال ، ماركس يف تفكريه االقتـصادي ، العامةـ ـن تساؤلنا هذا يبدو يف ضوء السلوكية شبيها متام أل، ااالت ن ـا بالتساؤل ع

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 137: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٣٧

فكما ال يصح ان ، يهما هو الصحيح أعمليات اهلضم عند الباحثني املختلفني و بيقور ونيـوتن ومـاركس او عنـد أعمليات اهلضم عند ، حلقيقةنساءل ايهما هو ا

كذلك ال يصح ان نتساءل أي مذاهبـهم وافكـارهم . ارسطوا وانشتني وريكاردو ، كعمليات اهلـضم املختلفـة يف معـدهم ، افكار هؤالء املفكرين ألن هو احلقيقة

لنـشاط املعـدة يف أمكـن فمـىت ، ليست اال وظائف جسمية ونشاطات عضوية مليات اهلضم ان يكشف لنا عن نوعيـة الغـذاء ويـصف لنـا طبيعتـه يتـاح ع

ومـا دام ال ، للنشاط العصيب يف الدماغ ان يعكس شيئا من احلقـائق اخلارجيـة هو صادق او كاذب فكـذلك بالنـسبة اىل أ جيوز لنا ان نتساءل عن نشاط املعدة

.النشاط الفكري ة الـسلوكية مرتبطـة مبنبـهاا بوضوح ان الفكرة يف راي املدرس وجند ايضا

مـن اجلـائز ان تتبـدل ألن وبذلك تفقد الثقة بكل معرفة بـشرية ، ال بدليلها وتعقبها فكرة مناقضة اذا اختلفت املنبهات والشروط اخلارجية ويعود مـن عبـث

دلتها وامنا جيب الفحص عـن املنبـهات املاديـة أالقول مناقشة املفكر يف فكرته و ت مثال مـن حـرارة املوقـد يف أفاذا كانت الفكرة قد نش. زالتها لتلك الفكرة وا

الغرفة اليت يفكر وعملية اهلضم كان الـسبيل الوحيـد للقـضاء علـى الفكـرة تـصبح املعرفـة البـشرية وهكـذا ، تغيري جو الغرفة وايقاف عمليات اهلضم مثال

.خواء وخلوا من القيمة املوضوعية يسجل نفـس النتـائج الـيت انتـهت التحليل النفسي عند فرويد ومذهب

فهو وان كان ال ينكر العقـل ولكنـه ، اليها السلوكية فيما يتصل بنظرية املعرفة قسمه لفئتني احدامها العناصر الشعورية وهـي جمموعـة االفكـار والعواطـف ي

خر العناصـر الالشـعورية يف العقـل أي واآل، والرغبات اليت حنس ا يف نفوسنا ا املختزنة وراء شعورنا وهـي قـوى عقليـة عميقـة الغـور يف شهواتنا وغرائزن

، اعماقنا وال ميكن لنا السيطرة على نشاطها او الـتحكم يف تكوينـها وتطورهـا ، وكل العناصر الشعورية تعتمد على هذه العناصـر اخلفيـة الـيت ال نـشعر ـا

افع وليست اعمال الشخص الشعورية اال انعكاسا حمرفا لتلك الـشهوات والـدو فالشعور اذن اتى عن طريق الالشعور حـىت ميكـن القـول ، املختزنة يف الالشعور

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 138: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٣٨

لدى اصحاب التحليل النفسي بان الالشعور هو الذي حيدد حمتويات الـشعور وعلـى هـذا االسـاس تـصبح . وبالتايل يتحكم يف كل افكار االنسان وسلوكه

وليـست عمليـات ، تهشهواتنا الغريزية هي االساس احلقيقي ملـا نعتقـد بـصح االستدالل اليت دينا اىل النتائج املفروضـة علينـا سـلفا مـن قبـل شـهواتنا وغرائزنا اال اعالء لتلك الغرائز وتساميا ا اىل منطقـة الـشعور الـيت تـشكل

والـشهوات بينما تشكل العناصر الالشعورية والغرائـز ، القسم االعلى من العقل . القسم االسفل االساسياملختزنة الطابق االرضي او

.وبسهولة نستطيع ان ندرك اثر هذا املذهب التحليلي على نظرية املعرفةفان الفكر يف ضوئه ليس اداة لتصوير الواقع واحلدس باحلقيقة وامنـا وظيفتـه

واالنتهاء حتما اىل النتائج اليت تفرضـها شـهواتنا ، التعبري عن متطلبات الالشعور لة طيعة يف خدمة غرائزنـا والتعـبري آوما دام العقل ، اعماقناوغرائزنا املختزنة يف

عنها ال عن احلقيقة والواقع فليس هناك مـا يـدعو اىل االعتقـاد بانـه يعكـس من اجلائز ان تكون احلقيقة على خـالف رغباتنـا الالشـعورية الـيت ألن احلقيقة

وافـق بـني ومن املستحيل ان نفكـر يف تقـدمي أي ضـمان للت . تتحكم يف عقلنا عـن هذا التفكري ذاتـه ينبثـق ايـضا ألن قوانا العقلية الالشعورية وبني احلقيقة

.رغباتنا الالشعورية ويعرب عنها ال عن الواقع واحلقيقة وجييء بعد هذا دور املادية التارخيية لتنتهي اىل نفس النتيجـة الـيت اسـفرت

اصحاا يرفـضون كـل عنها مذاهب السلوكية والتحليل النفسي بالرغم من ان لون للشك ويؤمنون على الصعيد الفلسفي بقيمة املعرفة وقـدرا علـى كـشف

.احلقيقةواملادية التارخيية تعرب عن املفهوم الكامل للماركسية عـن التـاريخ واتمـع وقوانني تركبه وتطوره وهي لذلك تعـاجل االفكـار واملعـارف االنـسانية عامـة

يها يف كيفيـة نـشوء سـائر أتمع االنساين فتعطي ر بوصفها جزءا من تركيب ا .االوضاع السياسية واالجتماعية

والفكرة االساسية يف املادية التارخيية هـي ان الوضـع االقتـصادي الـذي حتدده وسائل االنتاج هو االساس الـواقعي للمجتمـع بكـل نواحيـه فجميـع

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 139: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٣٩

ففـي . تبعا لتطـوره عن الوضع االقتصادي وتتطور أالظواهر االجتماعية تنش مساليـة وحلـت أل وضعها االقتصادي من االقطاع اىل الر بريطانيا مثال حينما حتو

الطاحونة البخارية حمل الطاحونة اهلوائية تبـدلت مجيـع اوضـاعها االجتماعيـة .وتكيفت وفقا للحالة االقتصادية اجلديدة

املعرفـة ان تـربط ، منـت ـذا آبعـد ان ، ومن الطبيعي للمادية التارخيية بوصفها جزءا من الكيـان االجتمـاعي أيضا االنسانية عموما بالوضع االقتصادي

ولـذلك جنـد اـا تؤكـد علـى ان ، الذي يرتكز كله على العامل االقتصادي وامنـا يكمـن ، املعرفة االنسانية ليست وليدة النشاط الوظيفي للدماغ فحـسب

نسان انعكـاس عقلـي لالوضـاع ففكر اال ، سببها االصيل يف الوضع االقتصادي عنها من عالقات وهو ينمو ويتطور طبقـا لتلـك االوضـاع أاالقتصادية وما ينش

.والعالقاتومن اليسري ان نالحظ هنا ان القوى االقتصادية احتلت يف املادية التارخيية

فبينما كان ، موضع العناصر الالشعورية من الغرائز والشهوات يف نظرية فرويد فرويد تعبريا حتميا عن متطلبات الغرائز والشهوات املكترتة يصبح الفكر عند

عن متطلبات القوى االقتصادية والوضع حتمياي املادية التارخيية تعبرياأيف ر والنتيجة واحدة يف احلالني وهي انعدام الثقة باملعرفة . االقتصادي العام

ارمة مسيطرة على التفكري هيا اداة لتنفيذ متطلبات قوة صوفقداا لقيمتها أل وال ميكننا ان نعرف ما اذا كان ، قوة الالشعور او قوة الوضع االقتصادي

وحىت اذا وجدت هذه ، الوضع االقتصادي ميلي يف عقولنا احلقيقة او ضدها تعبري جديد عن متطلبات الوضع االقتصادي اليت مل املعرفة فهي بدورها ايضا .بقها مع الواقعنعرف بعد كيف نثق بتطا

،عليها الشكوذا نعرف ان مذهب املاركسية يف التاريخ كان يفرض . غري اا مل ختضع للشك واعلنت يف فلسفتها عن امياا باملعرفة وقيمتها

،وسوف نعرض فيما بعد لنظرية املعرفة عند املاركسية على الـصعيد الفلـسفي يف تومـة للمـذهب املاركـسي وامنا نريد ان نـشري هنـا اىل ان النتـائج احمل

ن التاريخ ـ أي املادية التارخيية ـ تناقض نظرية املاركسية الفلسفية عن املعرفة أل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 140: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٤٠

الربط احملتوم بني الفكر والعامل االقتصادي يف املـذهب التـارخيي للماركـسية يزيل الثقة بكل معرفة بشرية خالفا لنظرية املعرفة املاركـسية الـيت تؤكـد علـى

.ذه الثقة كما سنرىهالـسلوكية (ن مع هـذه النظريـات الـثالث وسوف لن ندخل يف نقاش اآل

فاننا ناقشنا السلوكية ورصيدها العلمي املزعوم مـن ) والالشعورية واملادية التارخيية جتارب بافلوف يف دراستنا لالدراك ـ اجلزء اخلامس مـن القـسم الثـاين هلـذا

، للفكـر مقبوالى ان السلوكية ال تكفي تفسرياالكتاب ـ واستطعنا ان نربهن عل املادية التارخيية بالدرس والنقد املوسـع بوصـفها ) اقتصادنا(كما تناولنا يف كتاب

وانتهينا اىل نتائج تدين املاديـة التارخييـة يف ، االساس العلمي لالقتصاد املاركسي اجتـاه احلركـة ارصدا الفلسفية والعلمية وتربز الوان التنـاقض بينـها وبـني

ـ . التارخيية يف واقع احلياة عها واما نظرية فرويد يف التحليـل النفـسي فلـها موض .من البحث يف كتاب جمتمعنا

وامنـا . فنحن هنا اذن لسنا بصدد نقاش تلك النظريات يف جماالـا اخلاصـة .سوف نقتصر على احلديث عنها بالقدر الذي يتصل بنظرية املعرفة

ـ ففي حدود العالق ن أة بني تلك النظريات ونظرية املعرفة نـستطيع القـول ب الربهنة ضد املعرفة البشرية وقيمتها املوضـوعية بنظريـة علميـة تنطـوي علـى

ن النظريـة العلميـة الـيت تقـدم ضـد تناقض وبالتايل على استحالة فاضحة أل سـها وتنـسف اسا أيـضا املعرفة البشرية والزالة الثقة ا سوف حتكم على لذاا

ا ليست اال احدى تلك املعارف اليت حتارـا وتـشك او وتسقط عن االعتبار أل ولذلك كان من املستحيل ان تتخذ النظريـة العلميـة دلـيال علـى ، تنكر قيمتها

.الشك الفلسفي ومربرا لتجريد املعرفة من قميتهاكـر فالنظرية السلوكية تصور الفكر باعتباره حالة مادية حتدث يف جـسم املف

والجـل ذلـك تنتـهي بتجريـده . سباب مادية كما حتدث حالة ضغط الدم فيه أبهذه النظرية ليست هي من وجهة نظـر الـسلوكية غري ان ، من قيمته املوضوعية

نفسها اال حالة خاصة حدثت يف اجسام اصـحاب النظريـة انفـسهم وال تعـرب .عن شيء سوى ذلك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 141: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٤١

فـاذا صـح ان ، يـة الـشعورية كما ان نظرية فرويد جزئ من حياته العقل ف عن القوى الالشعورية ونتيجة حمتومة لتحكم تلـك القـوى يف الشعور تعبري حمر

ـا يف هـذا الـضوء سيكولوجية االنسان فسوف تفقد نظرية فرويد قيمتـها أل داة للتعبري عن احلقيقة وامنا هي تعبري عن شـهواته وغرائـزه املخبـوءة يف أليست

.الالشعور ء نفسه عـن املاديـة التارخييـة الـيت تـربط الفكـر بالوضـع وقل الشي

وبالتايل جتعل من نفسها نتيجـة لوضـع اقتـصادي معـني عاشـه ، االقتصادي عن متطلباته يف مفاهيم املادية التارخييـة ويـصبح ماركس وانعكس يف ذهنه معربا

.ديمن احملتوم على املادية التارخيية ان تتغري وفقا لتغري الوضع االقتصا نظرية املعرفة يف فلسفتنا............................................ڤن نستطيع ان نستخلص من دراسة املذاهب السابقة ونقـدها اخلطـوط واآل

:يتأوتتلخص فيما ي، العريضة ملذهبنا يف املوضوعخـر واآل، احـدمها التـصور : ان االدراك البشري على قسمني : اخلط االول

نه عبارة عـن وجـود أل، لوانه قيمة موضوعية أختلف يس للتصور مب ول. التصديق وهو ال يربهن ـ اذا جرد عن كل اضـافة ـ علـى وجـود ، الشيء يف مداركنا

وامنا الذي ميلك خاصة الكـشف الـذايت عـن ، الشيء موضوعيا خارج االدراك فالتـصديق هـو الـذي . الواقع املوضوعي هو التصديق او املعرفـة التـصديقية

.كشف عن وجود واقع موضوعي للتصوري اىل معـارف اساسـية ان مـرد املعـارف التـصديقية مجيعـا : اخلط الثاين

وامنـا يـشعر ، ثبات ضرورا بدليل او الربهنة على صـحتها إال ميكن ، ضرورية العليـة أكمبدا عدم التنـاقض ومبـد ، العقل بضرورة التسليم واالعتقاد بصحتها

وعلـى هـدي تلـك ، فهي االضـواء العقليـة االوىل ، وليةواملبادئ الرياضية اال وكلمـا كـان الفكـر ادق يف ، جيب ان تقام سائر املعارف والتصديقات األضواء

ـ . أتطبيق تلك االضواء وتسليطها كان ابعد عن اخلط دار ـفقيمة املعرفة تتبـع مق

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 142: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٤٢

ولذلك كان من املمكـن ، ارتكازها على تلك االسس ومدى استنباطها منها استحصال معارف صحيحة يف كل من امليتافيزيقا والرياضيات والطبيعيـات علـى

احلـصول علـى وهـو ان ، وان اختلفت الطبيعيات يف شيء ، ضوء تلك االسس معارف طبيعية بتطبيق االسس االولية يتوقف على التجربة الـيت ـيء لالنـسان

قـد ال حيتـاج اىل واما امليتافيزيقا والرياضيات فـالتطبيق فيهـا ، شروط التطبيق .جتربة خارجية

وهذا هو السبب يف ان نتائج امليتافيزيقـا والرياضـيات نتـائج قطعيـة يف فـان تطبيـق االسـس االوليـة يف . دون النتائج العلمية يف الطبيعيات ، الغالب

وكانـت التجربـة يف ، الطبيعيات ملا كان حمتاجا اىل جتربة ييء شروط التطبيـق فـال تكـون النتيجـة القائمـة ، صرة عن كشف مجيع الشروط الغالب ناقصة وقا

.على اساسها قطعيةفلو اردنا ان نستكشف الـسبب الطبيعـي . خذ لذلك مثاال من احلرارة أولن ووضـعنا يف ايـة املطـاف النظريـة ، وقمنا بدراسة عدة جتارب علمية ، للحرارة

ـ ، )احلركة سبب احلرارة (القائلة ان ة يف احلقيقـة نتيجـة فهذه النظريـة الطبيعي ، تطبيق لعدة مبادئ ومعارف ضرورية على التجـارب الـيت مجعناهـا ودرسـناها

ولذا فهي صحيحة ومضمونة الصحة مبقدار مـا ترتكـز علـى تلـك املبـادئ فالعامل الطبيعي جيمع اول االمـر كـل مظـاهر احلـرارة الـيت هـي .الضرورية

مـى واالجـسام احملترقـة كدم بعض احليوانـات واحلديـد احمل ، موضوع البحث عقلـي ضـروري عليهـا أ بتطبيق مبد أويبد، الف االشياء احلارة آوغري ذلك من

فيعرف بـذلك ان هلـذه املظـاهر ). ان لكل حادثة سببا (العلية القائل مبدأ وهو ن جمهول ومـردد بـني طائفـة ولكن هذا السبب حىت اآل ، من احلرارة سببا معينا

.يينه من بينها؟فكيف يتاح تع، من االشياء مـن املبـادئ الـضرورية أويستعني العامل الطبيعي يف هـذه املرحلـة مببـد

ويـدرس علـى ، )باستحالة انفصال الشيء عن سـببه ( القائل أوهو املبد ، العقلية ضوء هذا املبدا تلك الطائفة من االشياء الـيت يوجـد بينـها الـسبب احلقيقـي

كـدم ، طها مـن احلـساب فيـستبعد عـدة مـن االشـياء ويـسق ، للحرارة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 143: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٤٣

هنـاك مـن ألن ـ فهو ال ميكن ان يكون سـببا للحـرارة احليوان ـ مثال ان تنفصل عنـه أمكن فلو كان هو السبب للحرارة ملا ، حليوانات ما دماؤها باردة ا

ومن الواضح ان استبعاد دم احليوان عن الـسببية . ويكون باردا يف بعض احليوانات مل

، نف الذكر احلاكم بان الشيء ال ينفـصل عـن سـببه اآل أد للمب يكن اال تطبيقا وهكذا يدرس كل شيء مما كان يظنه من اسباب احلـرارة فيـربهن علـى عـدم

فان امكنه ان يـستوعب بتجاربـه العلميـة . عقلي ضروري مبدأ حبكم كونه سببا ويدلل على عدم كونه سببا ـ كمـا فعـل ، مجيع ما حيتمل ان يكون سببا للحرارة

فـسوف يـصل يف ايـة التحليـل العلمـي اىل الـسبب ، دم احليـوان ـ يفوتـصبح النتيجـة ، احلقيقي ـ حتما ـ بعد اسقاط االشياء االخرى من احلساب

الرتكازها بـصورة كاملـة علـى املبـادئ العقليـة ، العلمية حينئذ حقيقة قاطعة ع ان يعـني واما اذا بقي يف اية احلساب شـيئان او اكثـر ومل يـستط ، الضرورية

فسوف تكـون النظريـة العلميـة يف هـذا ، السبب على ضوء املبادئ الضرورية .اال ظنية

:وعلى هذا نعرف ان املبادئ العقلية الضرورية هـي االسـاس العـام جلميـع احلقـائق : والأ .لةأكما سبق يف اجلزء االول من املس، العلمية

يف اـاالت التجريبيـة موقوفـة ان قيمة النظريات والنتائج العلميـة : ثانيا على مدى دقتها يف تطبيق تلك املبادئ الضرورية على جمموعـة التجـارب الـيت

ولذا فال ميكن اعطاء نظرية علميـة بـشكل قـاطع اال اذا . امكن احلصول عليها وبلغت اىل درجة مـن الـسعة والدقـة ، استوعبت التجربة كل امكانيات املسالة

واقامـة اسـتنتاج علمـي موحـد ، بادئ الضرورية عليها تطبيق امل أمكن حبيث .ذلك التطبيق أساس على

يف ااالت غري التجريبية ـ كما يف مسائل امليتافيزيقا ـ ترتكز النظرية : ثالثا ولكـن هـذا التطبيـق ، الفلسفية على تطبيق املبادئ الضرورية على تلك ااالت

لة اثبـات العلـة االوىل أفـي مـس ف. قد يتم فيها بصورة مستقلة عـن التجربـة مبحاولة تطبيق مبادئه الـضرورية علـى للعامل ـ مثال ـ جيب على العقل ان يقوم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 144: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٤٤

لة أوما دامت املـس ، حىت يضع مبوجبها نظريته االجيابية او السلبية، لةأهذه املس ـ بـصورة تليست جتريبية فالتطبيق حيصل بعملية تفكـري واسـتنباط عقلـي حب

.جربةمستقلة عن الت .وذا ختتلف مسائل امليتافيزيقا عن العلم الطبيعي يف كثري من جماالا

ن استنتاج النظرية الفلسفية او امليتافيزيقية مـن أل) يف كثري من جماالا(ونقول فيكـون ، يـضا أاملبادئ الضرورية يف بعض االحـايني يتوقـف علـى التجربـة

.العلمية من قيمة ودرجةللنظرية الفلسفية حينئذ نفس ما للنظريات عرفنا ان املعرفة التـصديقية هـي الـيت تكـشف لنـا عـن : اخلط الثالث .ووجود واقع موضوعي للصورة اليت توجد يف ذهننا، موضوعية التصور

ان هذه املعرفة التصديقية مضمونة مبقدار ارتكازها على املبـادئ يضاأوعرفنا ابق بني الـصورة الذهنيـة ـ فيمـا اذا واملسالة اجلديدة هي مدى التط. الضرورية

.كانت دقيقة وصحيحة ـ والواقع املوضوعي الذي صدقنا بوجوده من ورائهاهو ان الصورة الذهنية اليت نكوـا عـن واقـع ، لةأواجلواب على هذه املس فهي من ناحية صـورة الـشيء ووجـوده اخلـاص : موضوعي معني فيها ناحيتان

اال مل تكـن و، ان يكون فيها الـشيء متمـثال فيهـا وال بد الجل ذلك . يف ذهننا ولكنها من ناحية اخرى ختتلـف عـن الواقـع املوضـوعي اختالفـا (صورة له

املوضـوعي لـذلك ا ال متلك اخلصائص الـيت يتمتـع ـا الواقـع أل. ساسياأ. الفعاليـة والنـشاط وال تتوفر فيها ما يوجد يف ذلك الواقع من الـوان ، الشيء

ذهنية اليت نكوا عن املادة او الشمس او احلرارة مهما كانـت دقيقـة فالصورة ال ومفصلة ال ميكن ان تقوم بنفس االدوار الفعالة اليت يقوم ـا الواقـع املوضـوعي

.لتلك الصورة الذهنية يف اخلارج .والناحية الذاتية، وبذلك نستطيع ان حندد الناحية املوضوعية للفكرة

والناحية اليت ترجـع اىل التبلـور ، الواقع املوضوعي أي الناحية املاخوذة عن ،فالفكرة موضوعية باعتبار متثـل الـشيء فيهـا لـدى الـذهن . الذهين اخلاص

ولكن الشيء الذي ميثل لدى الذهن يف تلك الصورة يفقد كـل فعاليـة ونـشاط وهـذا الفـارق ، بسبب التـصرف الـذايت ، مما كان يتمتع به يف اال اخلارجي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 145: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٤٥

كمـا ، الفكرة والواقع هو يف اللغة الفلسفية الفارق بني املاهية والوجـود بني .)١( لة الثانية من هذا الكتابأسندرس ذلك يف املس

:النسبية التطورية................................................ڤ نـصل اىل ، وقد طفنا على شىت املذاهب الفلسفية يف نظريـة املعرفـة ،نواآل

بعـاد فلـسفتهم عـن إفقد حاول املاديون الديالكتيكيون . الديالكتيك فيها دور ومـا انتـهت اليـه عـدة ، فرفضوا املثالية والنسبية الذاتيـة ، الشك والسفسطة

. كدوا على امكان املعرفة احلقيقيـة للعـامل أو، لوان الشك واالرتياب أمذاهب من املرتكـز ، الـيقني الفلـسفي طار من إيديهم يف أوبذلك ظهرت نظرية املعرفة على

.على اسس النظرية احلسية واملذهب التجرييب .فماذا رصدوا هلذا املشروع اجلبار والتصميم الفلسفي الضخم؟

.كان رصيدهم هو التجربة لتفنيد املثالية .وكان رصيدهم هو احلركة لرفض النسبية

:املثاليةالتجربة و................................................ڤ :قال اجنلز عن املثالية

ــسفي أن إ[ ــوى تفنيــد هلــذا الــوهم الفل ولكــل وهــم ، ق

ختتلف ، يناأـ وهذه الناحية الذاتية اليت تنطوي عليها الصور الذهنية يف ر 1

. واليت ينادي ا النسبيون الذاتيون). كانت(ا عن الناحية الذاتية اليت يقول وال ) كانت(ينا باعتبار اجلانب الصوري من العلم كما يزعم أفليست الذاتية يف ر

والتفاعل يستدعي التصرف من ، باعتبار كون االدراك حصيلة تفاعل مادييء فالش. الذهين واخلارجي: بل هي على اساس التفرقة بني لوين الوجود، اجلانبني

ولكن ، املوجود يف الصورة الذهنية هو الشيء املوجود يف اخلارج خالفا للنسبيني .لون وجوده يف الصورة خيتلف عن لون وجوده اخلارجي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 146: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٤٦

فـاذا . خـر هـو العمـل والتجربـة والـصناعة بوجـه خـاص آفلسفي ــا ــة م ــاهرة طبيعي ــا لظ ــحة فهمن ــى ص ــربهن عل ــتطعنا ان ن ،اس

ــسنا ــاهرة بانف ــذه الظ ــا ه ــوفر ، خبلقن ــطة ت ــا بواس ــداثنا هل واحــسها ــروطها نف ــوق ، ش ــق وف ــتخدامها يف حتقي ــتطعنا اس ــك اذا اس ذل

ــه أ غراضــنا كــان يف ذلــك القــضاء املــربم علــى مفهــوم الــشيء يف ذات .)١()]كانت(العصي على االدراك الذي اتى به

:وقال ماركســسإ[ ــساين ان أن م ــر االن ــع الفك ــان بوس ــا اذا ك ــة م لة معرف

ــيس مبــس ــة موضــوعية ل ــهي اىل حقيق ــةأينت ــسالة ، لة نظري ــل اــا م بــة ــال ، عملي ــدليل يف جم ــيم ال ــسان ان يق ــي لالن ــه ينبغ ــك ان ذل

.)٢(]املمارسة على حقيقة فكرهوواضح من هذه النصوص ان املاركسية حتـاول ان تـربهن علـى الواقـع

ــ مـشكلة وحتل املشكلة االساسية الكـربى يف الفلـسفة ، املوضوعي بالتجربة .املثالية والواقعية ـ باالساليب العلمية

ر واحد من مظاهر عديـدة وقـع فيهـا اخللـط بـني الفلـسفة وهذا مظه من القضايا الفلـسفية حـاول بعـض دراسـتها باالسـاليب ان كثري إف، والعلوم .كما ان عدة من قضايا العلم درسها بعض املفكرين دراسة فلسفية، العلمية

. يف هذه وتلكأفوقع اخلط هي من تلك املشاكلواملشكلة اليت يتصارع حوهلا املثاليون والواقعيون

،عطاؤها الصفة العلميةإوال ، اليت ال ميكن اعتبار التجربة املرجع االعلى فيها لة اليت يرتكز عليها البحث فيها هي مسالة وجود واقع موضوعيأن املسأل

نا ــدراكاتإفاملثايل يزعم ان االشياء ال توجد اال يف حسنا و. للحس التجرييب

.٥٤ـ لودفيغ فيورباخ ص 1 .١١٢ـ لودفيغ فيورباخ ص 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 147: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٤٧

.عتقد بوجود واقع خارجي مستقل للحس والتجربةوالواقع ي، التجريبية احلس التجرييب بالذات موضع االمتحـان علة تض أومن البديهي ان هذه املس

فال ميكن ان يربهن على موضوعية التجربة واحلس بالتجربـة واحلـس ، واالختبار مع اا هـي موضـع النقـاش والبحـث بـني ، وال الرد على املثالية ا ، نفسهما . املثاليني والواقعينيالفريقني

سـاليب العلـم أوحلـها ب ، فكل مشكلة موضوعية امنا ميكن اعتبارها علمية صـدق التجربـة العلميـة فيما اذا كان مـن املعتـرف بـه سـلفا ، التجريبية

او بنيـة ، او بعـد الـشمس عـن االرض ، فمشكلة حجم القمر . وموضوعيتها ميكـن انتـهاج الطـرق ، بـسيطة او عدد العناصـر ال ، او تركيب النبات ، الذرة

، واما اذا طرحت نفس التجربة على بـساط البحـث . العلمية يف دراستها وحلها فال موضـع لالسـتدالل العلمـي يف هـذا ، وثار النقاش حول قيمتها املوضوعية

.اال على صدق التجربة وقيمتها املوضوعية بالتجربة نفسها الذي يتوقف عليـه كيـان العلـوم فواقعية احلس والتجربة اذن هي االساس

فيجـب ان يعـاجل هـذا ، وال تتم دراسة او معاجلة علمية اال بنـاء عليـه ، مجيعا .ي حقيقة علميةأخذ باالساس معاجلة فلسفية خالصة قبل األ

لة دراسة فلسفية جنـد ان االحـساس التجـرييب ال يعـدو أواذا درسنا املس ة التجارب مهمـا تنوعـت امنـا متـون فمجموع ،لوان التصورأان يكون لونا من

وقد مر بنـا التحـدث عـن االحـساسات يف . االنسان بادراكات حسية متنوعة وقلنا اا ما دامت جمرد تصورات فـال يـربهن علـى الواقـع ، دراستنا للمثالية

.املوضوعي ودحض املفهوم املثايلملفهـوم سـسه ا أوامنا جيب علينا ان ننطلق من املذهب العقلي لنشيد علـى

، فنؤمن بوجود مبادئ تـصديقية ضـرورية يف العقـل ، الواقعي للحس والتجربة .حاسيسنا وجتاربناأوعلى ضوء تلك املبادئ نثبت موضوعية

.الذي هو من تلك املبادئ الضرورية، العليةأ مبدخذ لذلك مثاالأولنكد من أتساسه ن أوعلى ، عنه خارجا حيكم بان لكل حادثة سببا أفان هذا املبد

ـا حباجـة أل، وجود واقع موضوعي لالحساسات واملشاعر اليت حتدث يف نفوسنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 148: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٤٨

.وهذا السبب هو الواقع املوضوعي، اىل سبب تنبثق عنه . العليةأكذا نستطيع ان نربهن على موضوعية احلس والتجربة مببدوه

:وذلك، الفهل ميكن للماركسية ان تتخذ هذا االسلوب؟ طبعا العليـة يف عرفهـا مبـدأ فلـيس ، ا ال تؤمن مببادئ ضرورية عقلية أل: والأ

لـصد التجربـة ساسـا أفال يـصح ان يعتـرب ، تدلل به التجربة جتريبيا أ اال مبد .وموضوعيتها ان الديالكتيك يفسر تطورات املادة وحوادثها بالتناقـضات احملتـواة :وثانيا ،ريه حمتاجـة اىل سـبب خـارجي وليست احلوادث الطبيعية يف تفـس . يف داخلها

فـاذا كـان هـذا التفـسري . لة الثانيـة أ سندرس ذلك بكل تفصيل يف املس كما ! ؟فلمـاذا نـذهب بعيـدا ، الديالكتيكي كافيا لتربير وجود احلـوادث الطبيعيـة

اىل افتراض سبب خارجي وواقـع موضـوعي لكـل مـا يثـور يف وملاذا نضطر ـ ! دراك؟إنفوسنا من ائز ان تقـول املثاليـة يف ظـواهر االدراك بل يصبح من اجل

وتـزعم ان هـذه الظـواهر يف ، واحلس ما قاله الديالكتيك عن الطبيعـة متامـا الـذي يـضع رصـيد الـتغري ، حدوثها وتعاقبها حمكومة لقانون نقـض الـنقض

.والتطور يف احملتوى الداخليـ ،سبوذا نعرف ان الديالكتيك ال حيجبنا عن سبب خـارج الطبيعـة فح

وعـن كـل شـيء خـارج دنيـا ، بل حيجبنا بالتايل عن هذه الطبيعة بالـذات .)١( الشعور واالدراك

كيد على ناحية القيمة املوضوعية أـ وقد جاء يف كالم اجنلز السابق الت 1

وال اظن هذا . وان يف ذلك الرد احلاسم على الرتعات املثالية، وانشائهاخللق ظاهرة وان ، التاكيد حني يصدر من املدرسة املاركسية ينطوي على معىن فلسفي خاص

ثبات ان الواقع إمكن للباحث الفلسفي ان يصوغ من ذلك دليال خاصا على أوما خيلق ، ثارهآعلم ب اىل ان الفاعل ينظرا، املوضوعي يرتكز على العلم احلضوري

فاالنسان اذن . والعلم احلضوري بشيء هو نفس وجوده املوضوعي، علما حضوريافاملثالية اذا اسقطت من حساب . يتصل بالواقع املوضوعي ملا يعلمه علما حضوريا

كفى للواقعية ، املعرفة املوضوعية العلم احلصويل الذي ال نتصل فيه اال بافكارنافان ، ن هذا الدليل يقوم على فهم مغلوط للعلم احلضوريالعلم احلضوري ولك

واما العلم احلضوري فهو ال يعين . اساس معرفتنا لالشياء امنا هو العلم احلصويلولذلك كان كل انسان يعلم بنفسه ، اكثر من حضور املعلوم الواقعي لدى العامل

ع حدودنا وال تتس. من الناس انكر وجود النفسمع ان كثريا، علما حضوريا .اخلاصة يف هذه الدراسة لالفاضة يف هذه الناحية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 149: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٤٩

ولنعرض شيئا من النصوص املاركسية اليت حاولت معاجلة املشكلة مبا ال يتفـق :مع طبيعتها وطابعها الفلسفي

):روجيه غارودي(أ ـ قال ــا العلــوم ان االنــسان ظهــر علــى وجــه االرض [ يف تعلمن

ــ ــه، خر جــداأزمــن مت ولكــي نؤكــد ان الفكــر. وكــذلك الفكــر مع كــد أجيــب اذن الت، علــى املــادة، علــى االرضمتقــدما، كــان موجــودا

ــ ــسان أب ــر االن ــن فك ــر مل يك ــذا الفك ــع . ن ه ــة يف مجي ان املثالي .)١(]شكاهلا ال تستطيع ان تنجو من الالهوتأ

ــساسية [ ــائن ذي ح ــل ك ــل ك ــىت قب ــدت االرض ح ــد وج ، لق يـة مـادة عـضوية ان توجـد علـى ومـا كـان أل . قبل كـل كـائن حـي

ــا ــل وجوده ــية يف اول مراح ــرة االرض ــضوية . الك ــري الع ــادة غ فاملــالل ــور خ ــو وتتط ــاة ان تنم ــى احلي ــان عل ــاة اذن وك ــبقت احلي س

.الف السنني قبل ان يظهر االنسان ومعه املعرفةآالف آ وجــد يف حــاالت مل ن العــامل قــد أكــد بــأالعلــوم تقودنــا اذن اىل الت

).٢(]فيها أي شكل من اشكال احلياة او احلساسية ممكنايكن

ة املـادة أاحلقيقة العلمية ـ القائلة بضرورة تقـدم نـش ) روجيه(هكذا يعترب ن املـادة غري العضوية على املادة العضوية ـ دليال على وجود العامل املوضـوعي أل

فـال ، خرة من مراحل منو املـادة أ مت العضوية ما دامت نتاجا لتطور طويل ومرحلة

.٣٢ـ ما هي املادة ص 1 .٤ـ ما هي املادة ص 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 150: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٥٠

خر بدوره عن وجود أالذي هو مت ، ميكن ان تكون املادة خملوقة للوعي البشري ان املثاليـة فكانه افتـرض مقـدما ، كائنات عضوية حية ذات جهاز عصيب ممركز

ولكـن هـذا االفتـراض ، فشاد على ذلك استدالله ، تسلم بوجود املادة العضوية املادة مبختلف الواا واقسامها ـ من العضوية وغريها ـ ليـست ن أل،ال مربر له

فاالسـتدالل . خنلقها يف ادراكاتنـا وتـصوراتنا ، يف املفهوم املثايل اال صورا ذهنية من نقطة ال تعتـرف ـا وينطلق ، ينطوي على مصادرة ) روجيه( الذي يقدمه لنا

.املثالية :ب ـ قال لينني

مــن وجهــة النظــر الــيت هــي وحــدها اذا اردنــا طــرح املــسالة [ صـحيحة ـ يعـين مـن وجهـة النظـر الديالكتيكيـة املاديـة ـ ينبغـي ان

ــري ــارب واالث ــل الكه ــساءل ه ــذهن ... نت ــارج ال ــودة خ اخل موجــشري ــسؤال ، الب ــذا ال ــن ه ــوعية ام ال؟ ع ــة موض ــا حقيق ــل هل وه

ــي ــاريخ الطبيع ــاء الت ــب علم ــي ان جيي ــا . ينبغ ــون دائم ــم جييب وهــردد ــابودون ت ــرا، باالجي ــود ألنظ ــسليم بوج ــرددون بالت ــم ال يت

ــسان ــود االن ــن وج ــبق م ــودا اس ــة وج ــادة ، الطبيع ــود امل وج .)١(] العضوية

مـع ، )روجيـه (ونالحظ يف هذا النص نفـس املـصادر الـيت اسـتعملها فمـا دام علـم التـاريخ . التشدق بالعلم واعتباره الفاصل النـهائي يف املـسالة

فمـا علـى املثـاليني ، وجود العامل قبل ظهور الشعور واالدراك ثبتأالطبيعي قد ولكـن علـم التـاريخ الطبيعـي . اال ان يركعوا امام احلقائق العلمية وياخذوا ا

واملثاليـة تنفـي الواقـع املوضـوعي . ما هو اال لون من الوان االدراك البشري ، ذاتيـا خالـصا فليس العلم يف مفهومهـا اال فكـرا ، لكل ادراك مهما كان لونه

هـذه التجــارب او ليــست ! افلـيس العلـم حــصيلة التجـارب املتنوعـة؟ الدائرة حول مـا اذا كانـت متلـك ، واالحساسات التجريبية هي موضع النقاش

!.فكيف يكون للعلم كلمته الفاصلة يف املوضوع؟! و ال؟أ موضوعياواقعا

.٢١ـ ما هي املادة ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 151: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٥١

:ج ـ قال جورج بوليتزيرــشك يف ان ا[ ــن ي ــاك م ــيس هن ــد ل ــع توج ــة للمجتم ــاة املادي حلي

ــاس ــي الن ــن وع ــستقلة ع ــة ، م ــتمىن االزم ــن ي ــة م ــيس مث اذ لــصادية ــان ر ، االقت ــواء ك ــا أس ــا او بروليتاري ــذه ، مسالي ــم ان ه رغ

.)١(]االزمة حتدث حتماال يـستند ) جورج(فـ ، وهذا لون جديد يتخذه املاركسيون للرد على املثالية

،منا يركز اسـتدالله علـى حقـائق وجدانيـة وا، يف هذا النص اىل حقائق علمية مـن احلـوادث الـيت نظرا اىل ان كل واحد منا يشعر بوجدانه انه ال يتمىن كثريا

، ومع ذلك هي حتـدث وتوجـد خالفـا لرغبتـه ، وال يرغب يف وجودها ، حتدث .فال بد اذن ان يكون للحوادث وتسلسلها املطرد واقع موضوعي مستقل

ألن ،ديدة بادىن اىل التوفيق من احملـاوالت الـسابقة وليست هذه احملاولة اجل املفهوم املثايل ـ الذي ترجع فيه االشياء مجيعا اىل مشاعر وادراكـات ـ ال يـزعم

وال ، راداـم املطلقـة إ ان هذه املشاعر واالدراكات تنبثق عن اختيـار النـاس و ـ ، تتحكم فيها قوانني ومبادئ عامة ان علـى ان العـامل بل املثالية والواقعيـة متفقت

وامنـا خيتلفـان يف تفـسري ، يسري طبقا لقوانني ومبادئ جتري عليه وتتحكم فيـه . هذا العامل واعتباره ذاتيا موضوعيا

هي ان من غري املمكن اعطـاء مفهـوم ؤكد عليها مرة اخرى نوالنتيجة اليت سواالعتقاد بواقعية احلـس والتجربـة اال علـى اسـا ، صحيح للفلسفة الواقعية

.ةالقائل بوجود مبادئ عقلية ضرورية مستقلة عن التجرب، املذهب العقلينا البحث يف مسالة املثالية والواقعية من التجربة او احلس ـ اللـذين أواما اذا بد

مها مورد الرتاع الفلسفي بني املثاليني والـواقعيني ـ فـسوف نـدور يف حلقـة .صاحل الواقعية الفلسفيةوال ميكن ان خنرج منها بنتيجة يف ، مفرغة

.٦٨ـ املادية واملثالية يف الفلسفة ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 152: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٥٢

:التجربة والشيء يف ذاته..........................................ڤيف بعـض ، )كانـت (حتارب املاركسية فكرة الشيء لذاته الـيت عرضـها

.ا يف ذلكسلوأفلننظر اىل ، املثالية كما حتارب االفكار التصويرية، شكاهلاأ :قال جورج بوليتزير

ــايل عنـــد والواقـــع ان اجلـــدل ـ [ ــىت اجلـــدل املثـ وحـــشيء ــفات ال ــني ص ــز ب ــول ان التميي ــل ـ يق ــه هيج ــشيء ذات وال

ــشيء ، متييــز اجــوف ــا ال ــا كــل صــفات شــيء مــا عرفن ــاذا عرفن فــه ــا ، ذات ــستقلة عن ــصفات م ــذه ال ــون ه ــى ان تك ــذا ، مث يبق ويف ه

ــة ــىن املادي ــدد مع ــذات يتح ــن بال ــامل ولك ــرف الع ــا نع ــا دمن مــوعي ــع املوض ــذا الواق ــفات ه ــن ، ص ــال ميك ــه ف ــه ان ــال عن ان يق

فمـن الـسخف ان نقـول ـ مـثال ـ شخـصيتك . غـري قابـل للمعرفـة ــيء ــك ش ــفاتك وعيوب ــيء وص ــرآش ــفاتك ، خ ــرف ص ــا اع وان

ــصيتك ــين ال اعــرف شخ ــك ولك ــك، وعيوب ــصية ألن ذل الشخــصفات ــب وال ــوع العيوب ــضبط جمم ــي بال ــصوير، ه ــن الت ــذلك ف وك

ــصور ــال ال ــاع اعم ــو مج ــاك ، ه ــول هن ــسخف ان نق ــن ال فمــدارس ــاليب وامل ــوان واالس ــامون واالل ــات والرس ــاك ، اللوح مث هن

ــصوير( ــة ) الت ــل للمعرف ــري قاب ــع وغ ــوق الواق ــا ف ــه معلق .يف ذاتــع ــسمان للواق ــاك ق ــيس هن ــشف ، فل ــد نك ــل واح ــع ك ــل الواق ب

ــوايل ــى الت ــة عل ــه املختلف ــالتطبيق وجوه ــدل ان . ب ــا اجل ــد علمن وقــصراع ــطة ال ــسها بواس ــن نف ــشف ع ــياء تك ــة لالش ــصفات املختلف ال

ــداد ــاطن لالض ــيري ، الب ــصنع التغ ــذي ي ــو ال ــسيولة يف ، وه ــة ال فحالــسيب ــزان الن ــة االت ــضبط حال ــي بال ــا ه ــشف ، ذا ــذي ينك الــان ــد او الغلي ــة التجم ــاطن يف حلظ ــضه الب ــال . تناق ــا ق ــن هن وم

ــنني ــد وال: ( لي ــني ال يوج ــدئي ب ــارق مب ــد أي ف ــن ان يوج ميكــه ــيس مثــة فــرق بــني مــا هــو معــروف ، الظــاهرة والــشيء يف ذات ول

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 153: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٥٣

فكلمـا ازداد عمـق معرفتنـا للواقـع اصـبح ) وبني مـا يعـرف بعـد .)١(]الشيء يف ذاته تدرجييا شيئا لذاتنا

جيـب ان منيـز بـني معنـيني ، والجل ان ندرس املاركسية يف هذا الـنص :شيء يف ذاته عن الشيء لذاتنالفكرة فصل ال

احلـسي أان العلم البشري ملـا كـان يرتكـز ـ يف نظـر املبـد : االول وال ينفـذ اىل ، واحلس ال يتنـاول اال ظـواهر الطبيعـة ، التجرييب ـ على احلس

فهو مقصور على هـذه الظـواهر الـيت ميتـد اليهـا احلـس ، الصميم واجلوهر فـالظواهر هـي . الظـواهر واجلـوهر وتقوم بذلك هوة فاصلة بـني ، التجرييب

واجلـوهر ، ا اجلانب السطحي القابل لـالدراك مـن الطبيعـة أل، االشياء لذاتنا .هو الشيء يف ذاته وال تنفذ اليه املعرفة البشرية

وحياول جورج بوليتزير القضاء على هذه الثنائية حبـذف املـادة او اجلـوهر اجلدل ال مييـز بـني صـفات الـشيء فهو يؤكد على ان ، من الواقع املوضوعي

ومـن . بل يعترب الشيء عبارة عن جمموعة الـصفات والظـواهر ، والشيء يف ذاته حـني احـتج علـى ) باركلي(الواضح ان هذا لون من الوان املثالية اليت نادى ا

وراء الصفات والظواهر الـيت تبـدو لنـا يف اعتقاد الفالسفة بوجود مادة وجوهر فمـا دام احلـس هـو . احلسي والتجرييب أون من املثالية حيتمه املبد وهو ل ، جتاربنا

فال بـد مـن اسـقاط ، وهو ال يدرك سوى الظواهر ، القاعدة االساسية للمعرفة واذا سقط فال يبقـى يف امليـدان اال الظـواهر والـصفات . اجلوهر من احلساب

. القابلة لالدراكعرفتها ـ ليست هي يف مـداركنا ان الظواهر ـ اليت ميكن ادراكها وم : الثاين

فالثنائيـة ليـست هنـا بـني الظـاهرة . وحواسنا كما هي يف واقعها املوضوعي بل بني الظاهرة كما تبدو لنا والظاهرة كمـا هـي موجـودة بـصورة ، واجلوهر

.موضوعية مستقلة فهل تستطيع املاركسية ان تقضي على هذه الثنائية؟ وتربهن على ان الواقـع

.١٠٩ ـ ١٠٨ـ املادية واملثالية يف الفلسفة ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 154: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٥٤

.فكارنا وحواسنا كما هو يف جماله اخلارجي املستقل؟أ يبدو لنا يف املوضوعي .وجنيب بالنفي مادام االدراك يف املفهوم املادي عمال فيزيولوجيا خالصا

ويلزمنا يف هذا الصدد ان نعـرف لـون العالقـة القائمـة بـني االدراك او ـ على. والشيء املوضوعي يف املفهوم املادي ، الفكرة او االحساس املاديـة اس أس

.املادية الديالكتيكية معا أساس وعلى، ليةاآلفالصورة او االدراك احلـسي انعكـاس للواقـع ، ليةاملادية اآل أساس اما على

ة او آكما تـنعكس الـصورة يف املـر ، لياآاملوضوعي يف اجلهاز العصيب انعكاسا فـسر مجيـع وت، لية ال تعترف للمادة حبركة ونـشاط ذايت فان املادية اآل . العدسة

ولذلك ال ميكنها ان تفهم عالقات املادة اخلارجيـة بالنـشاط ، لياآالظواهر تفسريا .اال يف ذلك الشكل اجلامد من االنعكاس، الذهين للجهاز العصيب

:وتواجه حينئذ السؤالني التاليني أي شيء لـيس متعلقـا باالنـسان ، هل يوجد يف االحساس شيء موضوعي

.من الواقع اخلارجي للمادة؟وامنا انتقل اىل احلس فكيـف انتقـل هـذا ، واذا كان يوجد شيء من هذا القبيل يف االحـساس

.الشيء من الواقع املوضوعي اىل االحساس؟ـا اذا أل، لية ال تستطيع ان جتيب على السؤال االول باالثبـات واملادية اآل

الواقـع اثبتت وجود شيء موضوعي يف االحساس لزمها ان تربر كيفيـة انتقـال أي ان جتيب على السؤال الثاين وتفـسر عمليـة ، املوضوعي اىل االحساس الذايت

ولـذا فهـي مـضطرة اىل ان تـضع نظريـة ، وهذا ما تعجـز عنـه ، االنتقال كمـا تفـسر العالقـة ، وتفسر العالقة بني الفكرة والشيء املوضوعي ، االنعكاس

.ي ينعكس فيهماوالواقع املوضوعي الذ، ة او العدسةآبني صورة املروتعتـرب ، واما املادية الديالكتيكية ـ اليت ال جتيز الفصل بني املادة واحلركـة

كيفية وجود املادة هي احلركة ـ فقد حاولت ان تعطي تفـسريا جديـدا لعالقـة فزعمت ان الفكرة ليـست صـورة ، الفكرة بالواقع املوضوعي على هذا االساس

كـال منـهما شـكل ألن ، يتحول اىل فكـرة بل الواقع ، لية حمضا لذلك الواقع آ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 155: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٥٥

لواا ال مينع أوالفرق الكيفي بني اشكال احلركة و ، خاص من اشكال احلركة خر فاملـادة املوضـوعية ملـا كانـت يف كيفيـة آمن حتليل االنتقال من شكل اىل

فتتحول هذه احلركـة الفيزيائيـة للـشيء اىل ، خاصا من احلركة وجودها شكال وتتحول احلركة الفيزيولوجيـة اىل حركـة ، ة فيزيولوجية يف حواسنا حركة نفسي

ولـيس االنعكـاس انعكاسـا ، فليس موقف الفكر موقفا سلبيا ، )١ (نفسية للفكرة .ليةليا كما هو مفهوم الفكر لدى املادية اآلآ

وهذه احملاولة من املادية الديالكتيكية ال ميكن ان تـنجح يف كـشف عالقـة وعالقة واقـع بـصورة منعكـسة ، عدا عالقة سبب بنتيجة ، فكرةبني الشيء وال

ــه ــة ، عن ــشيء اىل حرك ــة لل ــة الفيزيائي ــول احلرك ــرا اىل ان حت نظفيزيولوجية ـ وبالتايل اىل حركة نفسية ـ ليس هو املفهوم الـصحيح او التفـسري

فان التحول يعين فنـاء الـشكل االول مـن احلركـة . املعقول للحس او الفكر اـا : كما نقول يف حركة املطرقـة علـى الـسندان ، ال اىل شكل جديد واالنتق

فـالقوة . لية شكالن من اشكال احلركـة واحلرارة واحلركة اآل . تتحول اىل حرارة اليت كانت تعرب عن وجودها يف شكل خـاص مـن احلركـة ـ وهـو احلركـة

وهـو ، ـ حتولت من ذلك الشكل اىل تعبري جديد هلـا يف شـكل جديـد ليةاآل حتفظ بنفس مقدار القوة الـيت كانـت تعـرب عـن وجودهـا ، فاحلرارة. احلرارة

، خـر آهذا هو التحول مبعناه الـدقيق للحركـة مـن لـون اىل . ليةباحلركة اآل ولكن ليس من املعقول تفسري احلس او الفكـر بعمليـة ، ولنفترض انه امر معقول

ضـوعي احملـسوس ال ن احلركـة الفيزيائيـة للواقـع املو وذلك أل ، حتول كهذه ن التحول يعين تبدل احلركة مـن شـكل أل، تتحول باالحساس اىل حركة نفسية

ومن الواضح ان احلركة الطبيعية او الفيزيائيـة للمـادة احملـسوسة ال ، اىل شكل اذ ان معـىن تبـدهلا كـذلك زوال ، تتبدل هكذا اىل حركة فيزيولوجية او فكرية

زوال املادة اليت تعرب عـن وجودهـا يف ذلـك وبالتايل، الشكل االول من احلركة .الشكل اخلاص

.٤٨ص) ما هي املادية(ـ الحظ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 156: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٥٦

ولـيس ، فليست احلركة املوضوعية للـشيء احملـسوس كحركـة املطرقـة االحساس حتويال لتلك احلركة املوضوعية ـ اليت هي كيفية وجـود املـادة ـ اىل

واال لكـان االحـساس ، كما تتحول حركة املطرقـة اىل حـرارة ، حركة نفسية .لية اىل حرارةديل للمادة اىل فكرة كما تتبدل احلركة اآلعملية تب

لة حتول احلركة الفيزيائيـة اىل حركـة أوعلى هذا فليست مسالة االدراك مس بـل يوجـد ، الذي هو بعينه عبارة عن حتول الواقع املوضوعي اىل فكـرة ، نفسية

، خـر يف نفوسـنا آللشيء احملسوس واملدرك واقع موضوعي ولالحساس وجـود ما دام هناك وجودان وجود ذايت لالحساس او الفكر ووجود موضـوعي للـشيء

فال نستطيع ان نفهم الصلة بـني هـذين الوجـودين اال كمـا نفهـم ، احملسوس ،العالقة بني واقع وصـورة منعكـسة عنـه وكما نفهم ، الصلة بني سبب ونتيجة

ان : وهـي ، لة االساسية اليت حنـن بـصددها أونواجه عند هذا بكل وضوح املس وما دامت العالقـة املفهومـة بينـهما ، الفكرة ما دامت نتيجة للشيء املوضوعي

فلماذا جيب ان نفترض ان هـذه النتيجـة وسـببها خيتلفـان ، هي عالقة السببية سباا وميتازان عليها خباصـة وهـي ان النتيجـة تـصور لنـا أعن سائر النتائج و

.؟سببها وتعكسه انعكاسا تاما ،سـباب خارجيـة معينـة أري من الوظائف الفيزيولوجية هي نتائج فهناك كث

وامنـا تـدل داللـة ، ومل جند يف واحدة من النتائج القدرة على تـصوير سـببها فكيف نستطيع ان نعتـرف للفكـرة ، غامضة على وجود اسباب هلا خارج نطاقها

!.كثر من هذه الداللة الغامضة؟أب بعمليـة حتـول ، فكـر واالدراك وهب ان املاركسية جنحـت يف تفـسري ال

فهل يعـين هـذا ان الفكـرة تـستطيع ان ، للحركة الفيزيائية اىل حركة نفسية ان هذا التفسري جيعلنا ننظـر اىل الفكـرة ! تطابق الواقع املوضوعي بصورة كاملة؟

ومـن .لية اليت تتحـول اليهـا وواقعها اخلارجي كما ننظر اىل احلرارة واحلركة اآل .ختالف الكيفي بني شكلي احلركة فيهما جيعلهما غري متطابقنيالواضح ان اال

!.فكيف نفترض التطابق بني الفكرة وواقعها املوضوعي؟ ويبدو على املدرسة املاركسية لون من االضطراب والتشويش عنـد مواجهـة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 157: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٥٧

وميكننا ان نستخلص دليلني هلا على هذه النقطـة مـن عـدة .هذه املشكلة خـر دليـل بيولـوجي واآل، دليـل فلـسفي ، احدمها نصوص متفرقة ومشوشة

. علمي :اما الدليل الفلسفي فيلخصه النص التايل

ــة [ ــة تام ــة معرف ــرف الطبيع ــستطيع ان يع ــر ي ــك ، ان الفك ذل . علـى عنـها ذلـك النـه نتاجهـا والتعـبري األ ، النه يؤلـف جـزءا منـها

ــسان ــمري االن ــا يف ض ــي ذا ــة تع ــو الطبيع ــر ه ــول . ان الفك يقــا مل تكــن (:ليــنني ــوانني ومل ان الكــون هــو حركــة للمــادة ختــضع لق

ــا ــا اال نتاج ــذه أمعرفتن ــس ه ــسعها اال ان تعك ــة ال ي ــى للطبيع علــوانني ــان ). الق ــد ك ــه أولق ــبني يف كتاب ــز ي ــغ(جنل ــيت دوهرن ان): آن

ــستطيع ت ــسفية هــي وحــدها الــيت ت ــة الفل ــة أاملادي ــة املعرف ــيس قيم س والفكــر علــى امــا شــيئان حــني يؤخــذ الــوعي . علـى دعــائم متينــة

ــان ــائن ، معطي ــع الك ــة وم ــع الطبيع ــان م ــان يتعارض ــا يف زم كان ـ كـون ـ جـدا عندئذ يـؤدي ذلـك بنـا حتمـا اىل ان جنـد ـ رائعـا

ــة اىل ــر متطابق ــوانني الفك ــائن وق ــري الك ــة وتفك ــا للطبيع ــدأوعين بعــن . حــد ــوعي؟ وم ــا هــو ال ــساءلنا مــا هــو الفكــر؟ وم ولكــن اذا ت

ــن يأ ــانأي ــة؟ وجــدنا تي ــاج للطبيع ــسه نت ــسان هــو نف ــا يف ، ان االن منــة ــذه البيئ ــع منــو ه ــة وم ــان، بيئ ــصبح يف غــىن عــن البي : وعندئــذ ي

ــي ــيت ه ــشري ال ــذهن الب ــات ال ــف ان منتوج ــضا كي ــد أي ــرآعن خــات ــل منتوج ــع حتلي ــق م ــا يف تواف ــاقض وامن ــست يف تن ــة لي الطبيع .)١( ]سائر الطبيعة املتراصة .على هلاأهوم املاركسي جزء من الطبيعة او نتاج ان الفكرة يف املف

جل ان ولنفترض ان هذا صحيح ـ وليس هو بصحيح ـ فهل يكفي ذلك أل !.نربهن على امكان معرفة الطبيعة بصورة كاملة؟

.٤٧ ـ ٤٦ادية ـ ما هي امل 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 158: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٥٨

صحيح ان الفكر اذا كان جزءا من الطبيعة ونتاجا هلـا فهـو ميثـل بطبيعـة فكـر ـذا االعتبـار يـصبح معرفـة ولكن ليس معىن هذا ان ال ، احلال قوانينها

.صحيحة للطبيعة وقوانينها وبالتـايل جـزءا مـن الطبيعـة ، او ليس الفكر امليتافيزيقي او املثايل فكـرا

او ليست مجيع حمتويات العمليـات الفيزيولوجيـة ! ونتاجا هلا ـ يف الزعم املادي؟ !..ظواهر طبيعة ونتاجا للطبيعة؟

ويف ، تفكـري املـادي اجلـديل وجتـري عليـه فقوانني الطبيعة تتمثل اذن يف كما تتمثل يف مجيع العمليـات والظـواهر ، التفكري املثايل وامليتافيزيقي على السواء

فلماذا يكون الفكر املاركسي معرفة صحيحة للطبيعـة دون غـريه مـن ، الطبيعة ف وـذا نعـر . هذه االمور؟ مع اا مجيعا نتاجات طبيعية تعكس قوانني الطبيعـة

ن يكـون معرفـة ال يكفـي أل ، ونتاجا منها ان جمرد اعتبار الفكر ظاهرة للطبيعة بل ال يضع بني الفكرة وموضوعها اال عالقـة الـسببية الثابتـة ، حقيقيقة للطبيعة

منـا فيهـا آبني كل نتيجة وسببها الطبيعي وامنا تكون الفكرة معرفة حقيقيـة اذا .خرآ على كل شيء اليت متتاز ا، خباصة الكشف والتصوير

واما الـدليل البيولـوجي علـى مطابقـة االدراك او االحـساس للواقـع :فهو ما يعرضه لنا النص التايل، املوضوعي

ــة [ ــساس نافع ــستوى االح ــي يف م ــون وه ــستطيع ان تك ال تــاة ــظ احليـ ــا يف حفـ ــع ، بيولوجيـ ــس الواقـ اال اذا كانـــت تعكـ

لـــيس اال واذا كـــان صـــحيحا ان االحـــساس . [)١(] املوضـــوعي دون اميــا شــبه بالــشيء واذا كــان ميكــن بالتــايل تطــابق اشــياء رمــزا

ــايرة ــدة متغ ــة ، عدي ــياء واقعي ــا اش ــها متام ــة ومثل ــياء ومهي ،او اشــستحيال ــة م ــى البيئ ــوجي عل ــود البيول ــون التع ــذ يك اذا ، عندئ

ــط ــيقني وس ــا ب ــيني اجتاهن ــا تع ــيح لن ــواس ال تت ــنا ان احل افترضــياء ــا ب ، االش ــرد عليه ــةوال ــي ، فعالي ــشاط العمل ــل الن ــد ان ك بي

.٦٢ـ ما هي املادة ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 159: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٥٩

البيولـوجي لالنـسان واحليـوان يــدلنا علـى درجـات اكتمـال هــذا .)١(]الشعور

واضح ان النسبة يف احلس ال تعين ان اشياء عديـدة ومتغـايرة تـشترك يف ويعجـز عـن تعـيني ، ليسقط هذا الرمز عن القيمـة ائيـا ، رمز حسي واحد

بـل النظريـة ، ا وحيدد موقفنا من االشـياء اخلارجيـة االجتاه الذي حيفظ لنا حياتن ان كل لون مـن االحـساس فهـو رمـز أساس النسبية الفيزيولوجية تقوم على

خـر مـن الـوان آال ميكن ان يرمز اليـه بلـون ، خيتص بواقع موضوعي معني ، ويتاح حينئذ لنا ان حندد موقفنا من االشياء علـى ضـوء تلـك الرمـوز ، احلس

. بالفعالية اليت تنسجم مع الرمز وتتطلبها طبيعة احلياة جتاههونرد عليها :احلركة الديالكتيكية يف الفكر.......................................ڤفاعتربته نوعا مـن ، وتناولت املاركسية بعد ذلك املذهب النسيب يف احلقيقة

وقـررت النـسبية ، النسبة فيه تعين تغري احلقائق من ناحية ذاتيـة ن أل، السفسطةاوضحت فيه تغري احلقائق طبقا لقوانني التطـور والـتغري يف املـادة ، بشكل جديد

.اخلارجيةوامنا احلقائق اليت نـدركها نـسبية ، فليست يف الفكر االنساين حقائق مطلقة

وهـذا مـا . خـر آ وقـت يف أوما يكون حقيقة يف وقت يكون بنفسه خط . دائما وتزيد املاركـسية بـالقول ان هـذه النـسبية . تتفق عليه النسبية واملاركسية معا

، يف احلقيقة ليـست اال انعكاسـا لـتغريات الواقـع ، وهذه التغريات والتطورات فالنـسبية يف احلقيقـة بنفـسها . وتطورات املادة اليت نتمثلها يف حقائقنا الفكريـة

ولـذلك ، ست نسبية ذاتية ناشئة من جانب الذات املفكـرة ولي، نسبية موضوعية بـل احلقيقـة النـسبية املتطـورة ، فهي ال تعين عدم وجود معرفة حقيقة لالنسان

.هي املعرفة احلقيقية يف املنطق الديالكتيكي، اليت تعكس الطبيعة يف تطورها

.٣٦ـ نفس املصدر ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 160: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٦٠

: قال ليننيــاهيم [ ــشاملة للمف ــة ال ــة التام ــة ا ، ان املرون ــي املرون ــيت وه ل

ــداد ــل االض ــد متاث ــذهب اىل ح ــضية ، ت ــوهر الق ــك ج ــذه . ذل ان ه املرونـــة اذا اســـتخدمت علـــى حنـــو ذايت تفـــضي اىل االنتقائيـــة

ــسطة ــوعيا . والسف ــستخدمة موض ــة امل ــس واملرون ــا تعك ــين بكو يعــدا ــة ووح ــور املادي ــة التط ــب حرك ــع جوان ــي ، مجي ــا ه امن

ــديالكتيك ــور ا ، ال ــصحيح للتط ــاس ال ــي االنعك ــامل وه ــدي للع . الب .)١(]٨٤الدفاتر الفلسفية ص

:يضاأوقال نستطيع بانطالقنا من املذهب النسيب البحت تربير كل[

.)٢(] ٣٢٨الدفاتر الفلسفية ص . نوع من انواع السفسطة :وقال كيدروف

ليس فقط حينما نعمل ، ولكن قد توجد مثة نزعة ذاتية[ وامنا ، نطق الشكلي مبقوالته الساكنة اجلامدةامل أساس على

ففي احلالة . حينما نعمل بواسطة مقوالت مرنة متحولةيضاأ ويف الثانية نصل اىل املذهب النسيب ، االوىل نصل اىل الغيبة

. )٣(]والسفسطائية واالنتقائية :يضاأوقال

ــسي [ ــديالكتيكي املارك ــق ال ــضي املنط ــاس ، يقت ــابق انعك ان يطــشيء املــنعكس ا ــمري االنــسان ال وان ال . لعــامل املوضــوعي يف ض

ــيئا ــضمن ش ــايت ــه غريب ــيئا، عن ــو ذايت ش ــى حن ــه عل ــيء ب ان . جــاهيم ــة املف ــسبية وملرون ــا لوجهــة النظــر الن ــذايت وفق هــو، التفــسري ال

.٥١ ـ ٥٠ـ املنطق الشكلي واملنطق الديالكيت ص 1 .٥١ـ املرجع ذاته ص 2 .٥٠ـ املرجع ذاته ص 3

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 161: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٦١

كمبالغــة الغيبــة الذاتيــة يف جتريــدات املنطــق ، ضــافة غريبــة متامــاإ .)١(] الشكلي

تدل على احملاولة اليت اختذا املاركسية لترفع علـى اساسـها هذه النصوص .وهي حماولة تطبيق قانون الديالكتيك على احلقيقة. يقينها الفلسفي

غـري ان سـلبية ، فاالنسان وان مل تكن لديه حقيقة مطلقة يف جمموع افكاره عـل جل اا كومة من اخطاء مطلقـة جت امكان احلقيقة املطلقة عن افكاره ليس أل

احلقـائق الـيت ميلكهـا ألن بـل ، املعرفة الصحيحة مستحيلة على االنسان ائيا ،تنمو وتتكامل على طبـق قـوانني الـديالكتيك ، الفكر االنساين حقائق تطويرية

. فهي لذلك حقائق نسبية ويف حركة مستمرة :قال لينني

احلقيقة يف) يعين االنسان(جيب ان ال يتصور الفكر [ .بدون حركة، )باهتة(شاحبة ) صورة(هد شكل جمرد مش

بدي للفكر حنو ان املعرفة هي االقتراب الالمتناهي األ جيب فهم انعكاس الطبيعة يف فكر االنسان ليس . الشيء

وامنا ، بدون تناقضات، بدون حركة، كشيء جامد جمرد بدية للحركة لوالدة التناقضات وحل هذه أكعملية تطور

.)٢( ] ١٦٨ ـ ١٦٧ الفلسفية صالدفاتر. التناقضات :يضاأوقال

ــم [ ــول العل ــع حق ــا يف مجي ــة ـ كم ــة املعرف ــم يف نظري ــن امله مــا ــتفكري دائم ــون ال ــرى ـ ان يك ــااالخ ــرض ، ديالكتيكي أي ان ال يف

.)٣(] كون وعينا ثابتا ال يتطورمطلقا

.٥١ـ املنطق الشكلي واملنطق الديالكيت ص 1 .١٠ـ املنطق الشكلي واملنطق الديالكيت ص 2 .١١ه ص ـ املرجع ذات 3

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 162: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٦٢

:وقال كيدروفــم ك [ ــذا احلك ــه ه ــو ال يواج ــديالكيت فه ــق ال ــا املنط ــه أام ن

عـن فكــرة قـادرة علــى ان تنمــو بـل بوصــفه تعــبريا ، شـيء مكتمــل ومهمــا بــدا عاديــا، مــا كانــت بــساطة حكــم مــايــاأو. وان تتحــرك

ــم ــذا احلك ــضات ، ه ــر تناق ــذور او عناص ــى ب ــوي عل ــو حيت فهــة ــشرية ، ديالكتيكي ــة الب ــا ـ املعرف ــل نطاقه ــو ـ داخ تتحــرك وتنم

.)١(] كلها ها لينني اسلوب املنطق الديالكيت يف شار كيدروف اىل كلمة حيدد فيأو

:التفكري اذ يقولــوره [ ــشيء يف تط ــذ ال ــديالكيت ان يؤخ ــق ال ــضي املنط يف ، يقتــه ــريه، منائ ــه ] يف تغ ــك بقول ــى ذل ــب عل ــق : [وعق ــا للمنط وخالف

ــديالكيت ــس ، ال ــل م ــشكلي اىل ح ــق ال ــد املنط ــال أيعم ــة ح لة احلقيقــد أ ــد ح ــا اىل ابع ــيغة ، ولي ــطة ص ــم ـ ال (بواس ــم ).نع ــه يعل ان

ــة ــصورة قاطع ــدة وب ــة واح ــة بكلم ــسؤال ، االجاب ــى ال ــل : عل هـــ ــثال ب ــة م ــودة ام ال؟ واالجاب ــك موج ــاهرة تل ــم(الظ ــى) نع عل

ــسؤال ـــ : ال ــودة؟ وب ــشمس موج ــل ال ــسؤال) ال(ه ــى ال ــل : عل هــد ــسان عن ــف االن ــشكلي يق ــق ال ــودة؟ يف املنط ــة موج ــدائرة املربع ال

ــدا ــسيطة ج ــات ب ــد اجاب ــم ، ح ــز أ، و الأنع ــد متيي ــد ح ي عنــا ــة واخلط ــني احلقيق ــائي ب . ــة ــه احلقيق ــسبب تواج ــذا ال هل

ــاكنا ــى س ــيئا معط ــا ش ــاباعتباره ــا ثابت ــا، ائي ــاومتعارض تعارض .)٢(] مطلقا مع اخلطا

يرتبط بعضها ببعض، راء ثالثةآمن هذه النصوص املاركسية ختلص معنا .كل االرتباط

.٢١ ـ ٢٠ـ املرجع ذاته ص 1 . ١٤ـ املنطق الشكلي واملنطق الديالكتيي ص 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 163: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٦٣

.يعكس منو الواقع وتطوره، ران احلقيقة يف منو وتطو: االول أفتكون الفكرة الواحدة خط، ميكن ان جيتمعاأان احلقيقة واخلط: الثاين

كما يؤمن به املنطق ، واحلقيقةأوليس هناك تعارض مطلق بني اخلط، وحقيقة .على حد تعبري كيدروف، الشكلي

ان أي حكم مهما بدت احلقيقة فيه واضحة فهو حيتوي على: الثالث وهذا التناقض هو الذي جيعل. أوبالتايل على جانب من اخلط، خاصتناقض

.املعرفة واحلقيقة تنمو وتتكامل .فهل احلقيقة القائمة يف فكر االنسان تتطور وتتكامل حقيقة؟

.؟أوهل ميكن للحقيقة ان جتتمع مع اخلط .وهل حتتوي كل حقيقة على نقيضها وتنمو ذا التناقض الداخلي؟

.ن نتبينه فعالهذا ما نريد ا :أ ـ تطور احلقيقة وحركتها

جيب قبل كل شيء ان نعرف ماذا يراد باحلقيقة القائمة يف الفكر ان الفلسفة الواقعية تؤمن . منت املاركسية بنموها وتكاملها؟آاليت ، االنساين

حماولة، بواقع خارج حدود الشعور والذهن وتعترب التفكري أي تفكري كان فاحلقيقة هي الفكرة املطابقة لذلك، وعلى هذا. وادراكهلعكس ذلك الواقعي او العقيدة اليت ال يتطابق أ يتمثل يف الفكرة او الرأواخلط. الواقع واملماثلة له ،بني احلقيقة واخلطا، فاملقياس الفاصل بني احلق والباطل. الواقع وال متاثله

.هو مطابقة الفكرة للواقعهي موضوع العراك الفلـسفي العنيـف بـني ، قعيواحلقيقة ذا املفهوم الوا

فـالواقعيون . والتصوريني والسفسطائني من ناحيـة اخـرى ، الواقعيني من ناحية والتـصوريون او السفـسطائيون ينفوـا او يتـرددون يف ، يؤكدون على امكاا

.القدرة البشرية على الظفر ا ختتلف كل ، غري ان لفظ احلقيقة قد استخدمت له عدة معان اخرى

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 164: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٦٤

وابتعد بذلك عن امليدان ، نف الذكراالختالف عن مفهومها الواقعي اآل .وفلسفات الشك واالنكار، االساسي للصراع بني فلسفة اليقني

تطوير النسبية ،ت على احلقيقةأفمن تلك التطويرات احلديثة اليت طر احلقيقة عبارة فاعترب . جديداالذاتية الذي شاء ان يضع للفظ احلقيقة مفهوما

وقد . عن االدراك الذي يتفق مع طبيعة اجلهاز العصيب وشروط االدراك فيه يعين اا ،وقلنا ان اعطاء احلقيقة هذا املفهوم، مر حديثنا عن النسبية الذاتية

فال تصبح احلقيقة حقيقة اال من ناحية ، ليست اكثر من تعبري عن شيء ذايت ة يف املفهوم النسيب الذايت صفتها كموضوع وبذلك تفقد احلقيق. امسية فقط

. بني اجتاهات اليقني والشك واالنكار يف الفلسفة، للرتاع والصراع الفلسفي .فالنسبية الذاتية مذهب من مذاهب الشك يتربقع بستار من احلقيقة

يف ) ولـيم جـيمس (وهو الذي قدمه لنا ، خر للحقيقة آوهناك تفسري فلسفي ولـيس هـذا ). الربامجاتزم او مذهب الـذرائع (رفة االنسانية مذهبه اجلديد يف املع

التفسري بادىن اىل الواقعية او ابعد عن فلسفات الـشك واالنكـار مـن التفـسري يف) الربامجـاتزم (ويـتلخص مـذهب . الذي حاولته النـسبية الذاتيـة ، السابق

لوزن االفكار والفصل فيهـا بـني احلـق والباطـل وهـو ، تقدمي مقياس جديد فـان . مقدرة الفكرة املعينة على اجنـاز اغـراض االنـسان يف حياتـه العمليـة

أي، كان احقها واصـدقها هـو انفعهـا واجـداها ، راء وتعارضت تضاربت اآل واالفكـار الـيت ال حتقـق . على فائدتـه نهض التجربة العملية دليال تذلك الذي

فليـست مـن ، رب احلياة ثار نافعة فيما تصادف من جتا آقيمة عملية وال يوجد هلا فمـرد . لفاظا جوفاء ال حتمل من املعـىن شـيئا أبل جيب اعتبارها ، احلقيقة بشيء

وهـي االحتفـاظ ، احلقائق مجيعا يف هذا املذهب اىل حقيقـة عليـا يف الوجـود فكل فكـرة ميكـن اسـتعماهلا . مث االرتفاع باحلياة حنو الكمال ثانيا ، والأبالبقاء

تلك احلقيقـة العليـا فهـي حـق صـريح وحقيقـة جيـب داة للوصول اىل أك .وكل فكرة ال تصنع شيئا يف هذا املضمار فال يصح االخذ ا، تصديقها

،ا اختراع شـيء جديـد أ احلقيقة ب )١()برغسون(وعلى هذا االساس عرف

. ـ منشورات عويدات٢٥زدين علما رقم : سلسلة، فلسفته، حياته: برغسونـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 165: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٦٥

ا ما ختـدم االنـسان أب) شلر(وعرفها . ليست اكتشافا لشيء سبق وجوده ووليـست ، وظيفة الفكرة قائال ان الفكرة اداة لترقية احلياة )ديوي(وحدد . وحده

.وسيلة اىل معرفة االشياء يف ذاا واهلـدف االساسـي مـن ، ويف هذا املذهب خلط واضح بني احلقيقة نفسها

هـو ، فقد ينبغي ان يكون الغـرض مـن اكتـساب احلقـائق . حماولة الظفر ا ال العملي واالستنارةولكـن لـيس هـذا ، ا يف جتارب احليـاة استثمارها يف ا

:ونلخص الرد عليه فيما يايت. هو معىن احلقيقة بالذات وجتريـدها مـن خاصـة ، ان اعطاء املعىن العملي البحـت للحقيقـة : والأ

الـذي ، استـسالم مطلـق للـشك الفلـسفي ، الكشف عما هو موجود وسابق ظ بلفظـة احلقيقـة يف وليس جمرد االحتفـا . جله حتارب التصويرية والسفسطة أل

. للرد عليه او التخلص منهخر كافياآمفهوم الـيت اعتـربت ، ان من حقنا التساؤل عـن هـذه املنفعـة العمليـة :ثانيا

هـي منفعـة الفـرد اخلـاص الـذي أ، )الربامجـاتزم (مقياسا للحق والباطل يف ومن هـي اجلماعـة؟ ومـا هـي حـدودها؟ وهـل ! او منفعة اجلماعة؟ ! يفكر؟

صد ا النوع االنساين بصورة عامة؟ او جزء خاص منـه؟ وكـل مـن هـذه يق فاملنفعـة الشخـصية . معقوال هلذا املـذهب اجلديـد االفتراضات ال تعطي تفسريا

وجـب ان ختتلـف احلقـائق بـاختالف ، اذا كانت هي املعيار الصحيح للحقيقة ـ ، فتحدث بسبب ذلك فوضى اجتماعية مريعة ، مصاحل االفراد ار كـل حـني خيت

.عـن مـصاحلهم خـرين املنبثقـة دون أي اعتناء حبقائق اآل ، فرد حقائقه اخلاصة االنـسانية وامـا اذا كانـت املنفعـة . ويف هذه الفوضى ضرر خطري عليهم مجيعا

فسوف يبقى هذا املقيـاس معلقـا يف عـدة مـن البحـوث ، العامة هي املقياس بـل ال . كـثري مـن االحـايني لتضارب املصاحل البشرية واختالفها يف ، وااالت

ومعىن . مدما مل متر بتجربة اجتماعية طويلة األ ، ميكن البت حينئذ حبقيقة مهما كانت صـحيحا ) الربامجـاتزم (ال ميكنـه ان يعتـرب مذهبـه ، نفسه) جيمس(ذلك ان

وهكـذا يوقـف . ويثبـت جدارتـه يف احليـاة العمليـة ، ما مل مير ذه التجربة .املذهب نفسه

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 166: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٦٦

ال يكفـي المكـان ، ان وجود مصلحة لالنسان يف صدق فكـرة مـا :ثالثا مـن بـدوره الفعـال يف آولـو ، التصديق ا فامللحد ال ميكنه ان يصدق بالدين

جـورج (فهـذا . ماله ومؤاسـاته يف حياتـه العمليـة آوانعاش ، تسلية االنسان مـن احليـاة اكثر مالءمة لنوازع الـنفس ، يصف االميان بانه غلطة مجيلة ) سنتيانا الـيت ،فليس التصديق بفكرة نظري االلوان االخرى من النـشاط العملـي . نفسها

علـى ) الربامجـاتزم (وهكذا يقـوم . ميكن لالنسان ان يقوم ا اذا حتقق من فائدا عدم التفرقة بني التصديق ـ النشاط الـذهين اخلـاص ـ وخمتلـف النـشاطات

.ضوء مصاحله وفوائدهاليت يباشرها االنسان على ، العملية الذي ميكن، وخنلص من هذه الدراسة اىل ان املفهوم الوحيد للحقيقة

).الفكرة املطابقة للواقع(هو ، للفلسفة الواقعية اختاذه وتـرفض الجـل ذلـك ، واملاركسية اليت تنادي بامكان املعرفـة احلقيقيـة

خـر آ قيقة مفهوما ان كانت تعين باحل ، الرتعات التصويرية والشكية والسفسطائية ن مذاهب الشك أل، فهي ال تتعارض مع تلك املذاهب مطلقا ، غري مفهومها الواقعي

وال تـرفض ، والسفسطة امنا ترفض احلقيقـة مبعـىن الفكـرة املطابقـة للواقـع مـن نزعـات الـشك أفال ميكن للماركسية ان ترب . ي مفهوم كان ألفظ احلقيقة ب

.ة وبلورته يف مفهوم جديدرد اختاذ لفظ احلقيق، والسفسطةان تاخذ املاركسية احلقيقة ، فيجب اذن الجل رفض تلك الرتعات حقا

حىت ميكن اعتبارها، مبفهومها الواقعي الذي ترتكز عليه الفلسفة الواقعية . فلسفة واقعية مؤمنة بالقيم املوضوعية للفكر حقا

نتبني ما اذا كان واذا عرفنا املفهوم الواقعي الصحيح للحقيقة حان لنا ان من املمكن للحقيقة ذا املفهوم الذي تقوم على اسبابه الواقعية ان تتطور

.؟والأوتتغري حبركة صاعدة كما تعتقد املاركسية وان تكون حمدودة يف كل مرحلـة مـن ، ان احلقيقة ال ميكن ان نتطور وتنمو

ـ ، مراحل تطورها حبدود تلك املرحلة اخلاصـة رة ـ كـل بـل ال ختـرج الفك .أفهي اما حقيقة مطلقة واما خط: فكرة ـ عن احد امرين

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 167: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٦٧

وجتعلهم يقذفون ، وانا اعلم ان هذه الكلمات تثري امشئزاز املاركسني فيقولون ان الفكر امليتافيزيقي ، الفكر امليتافيزيقي مبا تعودوا الصاقه به من م

ىب أوي، باحلقائق املطلقةالنه يعتقد ، جيمد الطبيعة ويعتربها حالة اثبات وسكون، احلقائق املطلقة متاماأوقد اار مبد، التطور واحلركة فيهاأعن قبول مبد

.باستكشاف تطور الطبيعة وحركتها ولكن الواقع الذي جيب ان يفهمـه قارئنـا العزيـز ان االميـان باحلقـائق

وال ينفـي . ال يعين مطلقـا جتميـد الطبيعـة . املطلقة ورفض التغري واحلركة فيها وحنن يف مفاهيمنا الفلسفية نعتقـد بـان التطـور . تطور الواقع املوضوعي وتغريه ونـرفض ، وان كينونتـه يف صـريورة مـستمرة ، قانون عام يف عـامل الطبيعـة

. يف نفس الوقت كل توقيت للحقيقة وكل تغري فيها جعـل احلـرارة تـشتد يف مـاء معيناولنفرض ـ اليضاح ذلك ـ ان سببا

ومعـىن . وتطـور تـدرجيي ، فحرارة هذا املاء بالفعل يف حركة مـستمرة . اصخ وسـوف يعربهـا ، ذلك ان كل درجة من احلرارة يبلغها املاء فهي درجـة مؤقتـة

فليس للماء يف هـذا احلـال درجـة حـرارة . املاء بصعود حرارته اىل درجة اكرب ـ ، هذا هو حال الواقع املوضوعي القائم يف اخلارج . مطلقة اذا قـسنا حرارتـه يف ف

ـ ، حلظة معينة ثر املقيـاس ـا قـد بلغـت أفكانـت احلـرارة فيـه حـال ت وهـذه احلقيقـة ، فقد حصلنا على حقيقة عن طريق التجربـة ، ـ مثال ـ ) ٩٠(

وامنـا تقـول عنـها ) ٩٠(هي ان درجة حرارة املاء يف تلك اللحظة املعينة كانت أي لواقـع احلـرارة يف حلظـة ، تها للواقع كدنا من مطابق أا فكرة ت اا حقيقة أل

ـا أبـل ، ومن الطبيعي ان حرارة املاء سوف ال تقف عند هذه الدرجـة . خاصة .سوف تتصاعد حىت تبلغ درجة الغليان

مبعىن انـا مـىت ال حظنـا ، هي احلقيقة مل تتغري ولكن احلقيقة اليت اكتسبناها ـ أحنكم ـ بكـل ت ، اتلك اللحظة اخلاصة اليت قسنا حرارة املاء فيه ن أكيـد ـ ب

من احلرارة الـيت بلغهـا املـاء وان ) ٩٠(فدرجة ) ٩٠(حرارة املاء كانت بدرجة كانت درجة مؤقتة بلحظة خاصة من الزمان وسرعان مـا اجتازـا احلـرارة اىل

اال ان الفكرة اليت حصلت لنا بالتجربة ـ وهـي ان احلـرارة يف ، درجة اكرب منها

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 168: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٦٨

ولـذا ، ـ فكرة صحيحة وحقيقة مطلقـة ) ٩٠(ت يف درجة حلظة معينة كان كيد على صدقها بـصورة دائمـة ان أوال نعين بالت . نستطيع ان نؤكد صدقها دائما

ـ ، كانت هي الدرجة الثانية حلرارة املاء على طول اخلط ) ٩٠(درجة ن احلقيقـة إف فحـني نـصفها ، اليت اكتسبناها بالتجربة ال تتناول حرارة املاء اال يف حلظة معينـة

نريد بـذلك ان احلـرارة يف تلـك اللحظـة ، وليست مؤقتة . ا حقيقة مطلقة أبفاملاء وان جاز ان تبلغ حرارته درجة ، بشكل ائي ) ٩٠(املعينة قد تعينت يف درجة

ولكـن مـن غـري اجلـائز ان يعـود مـا ، مثال عقيب تلك اللحظـة ) ١٠٠( . حقيقةكانة خطا بعد ان عرفناه من درجة احلرارة عن تلك اللحظة اخلاص

وتبينـا ان الفكـرة اذا ، واذا عرفنا ان احلقيقة هي الفكرة املطابقـة للواقـع فال ميكن ان تعـود بعـد ذلـك فتخـالف ، كانت مطابقة للواقع يف ظرف معني

اذا علمنا ذلـك كلـه يتجلـى بوضـوح : اقول، الظرف بالذات الواقع يف ذلك احلركـة تثبـت الـتغري يف ألن ،حلقيقـة اخلطا يف تطبيق قانون احلركـة علـى ا

وقـد ، قتة مبرحلتها اخلاصة مـن التطـور ؤوجتعلها دائما حقيقة نسبية وم ، احلقيقة كما ان التطـور والتكامـل يف احلقيقـة ، عرفنا انه ال تغري وال توقيت يف احلقائق

كما ان احلرارة ترتقي باحلركة ، يعين ان الفكرة تصبح باحلركة حقيقية بشكل اقوى فـاحلرارة ميكـن ان . اىل درجة اكرب مـع ان احلقيقـة ختتلـف عـن احلـرارة

واما احلقيقة فهي ـ كما عرفنا تعرب عن الفكرة املطابقة للواقـع وال ، تشتد وتقوى وامنـا جيـوز ، كما هو شان احلرارة ، ميكن ان تقوى مطابقة الفكرة للواقع وتشتد

يعلـم بـه قبـل لواقع مل يكن ان ينكشف للفكر االنساين جانب جديد من ذلك ا جديـدة وامنا هـو حقيقـة ، غري ان هذا ليس تطورا للحقيقة املعلومة سلفا ، ذلك

ـ . يضيفها العقل اىل احلقيقة السابقة ثرأفاذا كنا نعرف ـ مـثال ـ ان مـاركس ت فهذه املعرفة هي احلقيقة االوىل اليت عرفناها عـن عالقـة مـاركس . مبنطق هيجل طالع بعد ذلك تارخيه وفلـسفته نعـرف انـه كـان علـى وحني ن . بفكر هيجل

كما نعرف انه اختذ جدله فطبقـه تطبيقـا ماديـا علـى . النقيض من مثالية هيجل فكـل . التاريخ واالجتماع اىل غري ذلك من العالقات الفكرية بـني الشخـصني

وتطـورا وليست منـوا ، هذه معارف جديدة تكشف عن جوانب خمتلفة من الواقع .يقة االوىل اليت حصلنا عليها منذ البدءللحق

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 169: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٦٩

، وليس حتمس املدرسة املاركسية الخضاع احلقيقة لقانون احلركة والتطور .جل القضاء على احلقائق املطلقة اليت تؤمن ا الفلسفة امليتافيزيقيةاال أل

احلركـة اذا ألن ،ا تقضي على مذهبها باحلماس هلـذا القـانون أوقد فاا وبالتـايل ، يـة حقيقـة مطلقـة أ للحقائق فسوف يتعذر اثبات عاما نوناكانت قا

.يسقط قانون احلركة بالذات عن كونه حقيقة مطلقة لقـانون فمن الطريف ان املاركسية تؤكد على حركة احلقيقة وتغريها طبقـا

، وتعترب ان هذا الكشف هو النقطة املركزيـة لنظريتـهم يف املعرفـة ، الديالكتيكمنـوا حبركتـها آ عن ان هذا الكشف بنفسه حقيقة من تلك احلقائق اليت وتتغافل فاذا كانت هذه احلقيقة تتحرك وتـتغري كمـا تتحـرك سـائر احلقـائق ، وتغريها

فهي حتتوي على تناقض سوف ينحـل بتطورهـا وتغريهـا ، بالطريقة الديالكتيكية ، تتحـرك وال تـتغري واذا كانت هذه احلقيقة مطلقة ال ، كما حيتم ذلك الديالكتيك

على تعميم قـوانني الـديالكتيك واحلركـة للحقـائق واملعـارف كفى ذلك ردا فالـديالكتيك ، صول احلركـة الديالكتيكيـة على ان احلقيقة ال ختضع أل وبرهانا

ينطوى علـى تنـاقض فاضـح ، الذي يراد اجراؤه على احلقائق واملعارف البشرية ـ فهـو اذا اعتـرب حقيقـة مطلقـة . النيوحكم صريح باعدام نفسه على كال احل

وجتلى ان احلركة الديالكتيكية ال تسيطر علـى دنيـا احلقـائق ، انتقضت قواعده ولو كانـت هـذه احلقيقـة ، كانت تسيطر عليها ملا وجدت حقيقة مطلقة ا لو أل

واذا اعترب حقيقـة نـسبية خاضـعة للتطـور واحلركـة . هي الديالكتيك نفسه فـسوف تـتغري هـذه احلقيقـة ويـزول املنطـق ، الداخليـة مبقتضى تناقضاا

.الديالكتيكي ويصبح نقيضه حقيقة قائمة :اجتماع احلقيقة واخلطأب ـ

، ا تعيب علـى املنطـق الـشكلي أسبق فيما عرضنا من نصوص املاركسية ـ ، على حد تعبريها مـا أمـع ، واحلقيقـة أاميانه بالتعارض املطلـق بـني اخلط

.وما دمنا ال منلك حقيقة مطلقة، واحلقيقة امرين نسبينيأم اخلطجيتمعان ما دا : ترتكز على فكرتنيأوالفكرة املاركسية القائلة باجتماع احلقيقة واخلط

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 170: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٧٠

ان كـل : القائلـة . الفكرة املاركسية عن تطور احلقيقة وحركتـها : احدامها لـى الفكـرة املاركـسية ع ، واالخـرى . حقيقة تتحرك وتتغري بصورة مـستمرة

.القائلة ان احلركـة عبـارة عـن سلـسلة مـن التناقـضات ، تناقضات احلركة ، النقطـة فالشيء املتحرك يف كل حلظة هو يف نقطة معينة ولـيس هـو يف تلـك

. اهلويةأولذلك تعترب املاركسية احلركة نقضا ملبد جيتمعان وليس بينهما أفكان من نتيجة هاتني الفكرتني ان احلقيقة واخلط

وكانت احلركة تعين ، ذلك ان احلقيقة ملا كانت يف حركة، مطلقتعارض .التناقض املستمر فاحلقيقة اذن حقيقة وليست حبقيقة حبكم تناقضاا احلركية

ـ ، وقد تبينا فيما قدمناه الفكـرة االوىل عـن حركـة احلقيقـة أمدى خط وسوف نعرض بكل تفصيل للفكرة الثانية عنـد تنـاول الـديالكتيك . وتطورها

وسـوف يـزداد ، )املفهوم الفلـسفي للعـامل (بالدرس املستوعب يف املسالة الثانية ويف ، وضوحا عند ذاك اخلطا واالشتباه يف قـوانني الـديالكتيك بـصورة عامـة

.تطبيقه على الفكرة بصورة خاصة ومن الواضح ان تطبيق قوانني الديالكتيك من التناقض والتطور على

يؤدي اىل ايار القيمة املؤكدة جلميع ، كل املزعوماالفكار واحلقائق بالش وحىت االحكام املنطقية. املعارف واالحكام العقلية مهما كانت واضحة وبديهة

ا ختضع ـ مبوجب التناقضات احملتواة أل، او الرياضية البسيطة تفقد قيمتها يؤمن على ما فال، فيها على الراي الديالكتيكي ـ لقوانني التطور والتغري املستمر

واجلزء اصغر من الكل ـ ان يتغري ٤=٢+٢ن من احلقائق ـ نظري ندركه اآل)١( حبكم التناقضات الديالكتيكية فندركه على شكل اخر

.

لتفنيد ، ـ ومن الطريف حقا تلك احملاوالت اليت تتخذ باسم العلم 1

علم ال ميكن ان يقوم اال على مع ان ال، من رياضة ومنطقية، البدهيات العقليةذكرها يف كتابه ، وفيما يلي امثلة من تلك احملاوالت للدكتور نوري جعفر. ساسهاأ

ان مجيع القوانني : ويف ضوء ما ذكرنا نستطيع ان نقول: (٦٦فلسفة التربية ص ويصدق ما ذكرناه على ، تعمل يف جماالت معينة ال تتعداها، العلمية قوانني نسبية

، ا من االمور البديهيةأك، الرياضيات وبعض مظاهرها اليت تبدو الول وهلةقوانني . دائما٤ مثال ال يساوي ٢ زائد ٢فحاصل مجع . اليت ال تتغري بتغري الزمان واملكان

، من ذلك ـ مثال ـ اننا اذا مجعنا حجمني من الكحول مع حجمني من املاءذلك راجع اىل ان السائلني وسبب ، حجوم ممزوجة٤فالنتيجة تكون اقل من

ذ عند املزج جزئيات السائل فخر فتنختتلف جزئيات احدمها يف شدة متاسكها عن اآل، من بني الفراغات النسبية املوجودة بني جزئيات الكحول) املاء(االكثر متاسكا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 171: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٧١

وتكون النتيجة مشاة خللط مقدار من الربتقال مع مقدار من الرقي حيث ينفذ

وحاصل مجع كالون من املاء . قال من بني الفراغات املوجودة يف الرقيقسم من الربتعلى ان ذلك اجلمع اذا مت بدقة ، مع كالون من حامض الكربيتك انفجار مرعب

فان النتيجة مع هذا تكون اقل من ، علمية وبشكل يتفادى حدوث االنفجارلطنا غازين فاذا خ، احيانا اخرى٢=٢+٢ويكون حاصل مجع . كالونني من املزيج

).فان درجة حرارة اخلليط تبقى درجتني، كل منهما درجتان مئويتاندرجة حرارة :وهذا النص يعرض لنا ثالث عمليات رياضية

ان حجمني من الكحول اذا مجعنامها مع حجمني من املاء فالنتيجة تكون ) أ(ة مل جنمع وهي اننا يف احلقيق. وهذه العملية تنطوي على مغالطة. حجوم) ٤(اقل من

. يف اجلمع فظهرت اخلسارة يف النتيجةوامنا خسرنا شيئا. بني حجمني وحجمنيوامنا يتقوم باجلزئيات . ذلك ان حجم الكحول مل يكن متقوما باجلزئيات فحسب

فاذا احضرنا حجمني من الكحول كان هذان احلجمان . والفراغ النسيب القائم بينهاوحني يلقى على . عن اجلزئيات فحسبيعربان عن جزئيات وفراغ بينهما ال

الكحول حجمني من املاء وتتسلل جزئيات املاء اىل الفراغ النسيب القائم بني جزئيات الكحول فتشغله نكون قد فقدنا هذا الفراغ النسيب الذي كان له نصيب

وامنا . فلم جنمع اذن بني حجمني من الكحول وحجمني من املاء. من حجم الكحولواما الفراغ النسيب فيها . حجمني من املاء وجزئيات حجمني من الكحولمجعنا بني

وهكذا يتضح انا اذا اردنا ان ندقق يف صوغ العملية . فقط سقط من احلسابباستثناء . الرياضية نقول ان مجع حجمني كاملني من املاء مع حجمني من الكحول

. ذلك الفراغ نفسهيساوي اربعة حجوم باستثناء، الفراغ املتخلل بني جزئياتهف النظائر واالمثلة الطبيعية اليت يشاهدها كل وليست قصة هذه احلجوم اال كاآل

فماذا نقول يف جسم قطين ارتفاعه متر وقطعة من حديد . الناس يف حيام االعتياديةخر فهل ينتج من ذلك ارتفاع لو وضعنا احد اجلسمني على اآل. ارتفاعها متر ايضا

مث الفينا املاء على التراب فهل . اب ارتفاعه متر وماء ارتفاعه مترويف تر، مترين؟فهل من اجلائز ان نعترب ذلك دليال على . طبعا ال جنين من ذلك ارتفاعا مضاعفا ؟

. تفنيد البدهيات الرياضية؟ان مجع كالون من املاء مع كالون من حامض الكربيتك ال ينتج كالونني ) ب(

ال يتعارض مع البدهية الرياضية يف وهذا ايضا. فجار مرعبوامنا حيصل من ذلك انامنا يساوي اثنني اذا مل يعدم احدمها او كالمها حال ) ١+١(ذلك ان ، مجع االعدادففي هذا املثال مل . واال مل حيصل مجع بني واحد وواحد مبعناه احلقيقي ، اجلمع واملزج

.م عملية اجلمع لينتج اثننيتكن الوحدتان ـ الكالونان ـ موجودتني حني امتا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 172: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٧٢

:التعديالت العلمية واحلقائق املطلقة................................ڤ اجتماعها احلقيقة املطلقة القائل بسلبية امكان أينقد مبدوقد كتب اجنلز

، على النظريات والقوانني العلميةأعن طريق التعديل الذي يطر، مع اخلطا :فقال

الذي ينص على ان حجوم ، الشهري) بويل(ولنستشهد على ذلك بقانون ( ا مع الضغط الواقع عليها اذا بقيت درجة حرارالغازات تتناسب عكسيا

.ثابتة ) رينو(ولو كان ، ن هذا القانون ال يصح يف حاالت معينةأب) رينو(وجد

مبا ان قانون : احد فالسفة الواقعية ال نتهى من ذلك اىل االستخالص التايل فهو ، أي انه ليس حبقيقة البتة، قابل للتغري فهو ليس حبقيقة حمضة) بويل( افضع مما تضمنه أ الرتكب خطهذا النهج) رينو(ذن قانون باطل ولو ج إ

ينتج حرارة ، ان مجع غازين درجة حرارة كل منهما درجتان مئويتان) ج(

. من دون مضاعفاخلليط بنفس تلك الدرجة ايضا، العملية امنا مجعت بني غازين وخلطت بينهما ألن وهذا لون اخر من التمويةتني لو ضوعفت الدرجة يف وامنا جيمع بني الدرج. ال اا مجعت بني درجيت احلرارة

فنحن مل نضف حرارة على حرارة لنترقب حدوث درجة اضخم . موضوعها . اىل حار وخلطنا بينهماوامنا اضفنا حارا، للحرارة

وهكذا يتضح ان كل تشكيك او نقض يدور حول البدهيات العقلية لبدهيات مرده يف احلقيقة اىل لون من املغالطة او عدم اجادة فهم تلك ا، الضرورية

وسوف يبدو هذا بكل وضوح عند عرضنا لنقوض املاركسية اليت حاولت ان ترد . عدم التناقضأعلى مبد

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 173: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٧٣

واندفعت ، ولتاهت ذرة احلقيقة املنطوي عليها نقده هلذا القانون) بويل(انون ق خريا اىل تشويه النتيجة الصائبة أفضى به االمر وأل، بني رمال صحراء الباطل

واىل احالتها اىل نتيجة واضحة االخطاء اذا ما قورنت مع، اليت ادركها رغم ما هو عالق بهالذي يبدو صحيحا، )بويل(ركها قانون النتيجة اليت اد

.)١( ) من اخطاء جزئية ويتلخص هذا النقد يف ان الفكر امليتافيزيقي لو كـان علـى صـواب فيمـا

ـ لوجـب رفـض كـل ، أيؤمن به للحقائق من اطالق وتعارض مطلق مـع اخلطـ . ويف حـاالت معينـة ، قانون علمي رد وضوح عدم صـحته جزئيـا انون فق

وامـا ، حبكم الطريقة امليتافيزيقية يف التفكري اما ان يكون حقيقـة مطلقـة ) بويل( فاذا تبني يف امليدان التجرييب عدم صـحته احيانـا فيجـب ، حمضا أ ان يكون خط

ألن ،وان ال يكون فيـه شـيء مـن احلقيقـة ، مطلقا أ ان يكون الجل ذلك خط بـذلك جانـب احلقيقـة مـن ذلـك وخيسر العلـم . احلقيقة ال جتتمع مع اخلطا

رب ذلك اخلطا النـسيب دلـيال علـى تواما يف الطريقة الديالكتيكية فال يع . القانون فـان احلقيقـة ، بل هو حقيقة نـسبية يف نفـس الوقـت ، سقوط القانون مطلقا

.أجتتمع مع اخلط ، قد عرف النظرية امليتافيزيقيـة يف املعرفـة معرفـة دقيقـة ) اجنلز(ولو كان

ان . فهم ما تعين من احلقيقة املطلقة ملا حاول ان يوجه مثـل هـذا النقـد اليهـا و مل جيتمعا يف حقيقة واحدة ال يف قـانون بويـل وال يف غـريه مـن أالصحة واخلط

ـ . القوانني العلمية فيهـا ومـا أفاحلقيقة من ذلك القانون هي حقيقة مطلقة ال خطــ والـيت ) رينـو (ة اليت قام ـا والتجارب العلمي، منه فهو خطا حمض أهو خط

ال يصح فيما اذا بلغ الضغط احلد الـذي ) بويل(اوضحت له ـ مثال ـ ان قانون وامنا شـطرت القـانون أتتحول فيه الغازات اىل سوائل ـ مل تقلب احلقيقة اىل خط

ـ . واوضحت ان احد هذين الشطرين خطا حمـض ، اىل شطرين أفاجتمـاع اخلط . مبعناه الصحيحوليس اجتماعاواحلقيقة اجتماع امسي

.١٥٣ـ ضد دوهرنك الفلسفة ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 174: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٧٤

ويف تعبري واضح ان كل قانون علمي صحيح فهـو حيتـوي علـى حقـائق ـ ، بعدد احلاالت اليت يتناوهلا وينطبق عليها ه يف بعـض أفاذا اظهرت التجربـة خط

فليس معىن ذلـك ان احلقيقـة نـسبية ، خروصوابه يف البعض اآل ، تلك احلاالت عىن ذلك ان حمتـوى القـانون يطـابق الواقـع يف بل م ، واا اجتمعت مع اخلطا

ـ أفاخلط. بعض احلاالت دون بعض أ لـه موضـع وهـو يف ذلـك املوضـع خط .خر وهي يف ذلك املوضع حقيقة مطلقةآواحلقيقة هلا موضع ، حمض

والفكر امليتافيزيقي ال حيتم على العامل الطبيعي ان يرفض القـانون ائيـا اذا نه يعترب كل حالـة متثـل قـضية خاصـة أل، عض احلاالت ما تبني عدم جناحه يف ب

ـ ، ا اذا مـا كانـت القـضية ، أوال جيب ان تكون القضية اخلاصة حبالة ما خط .اخلاصة باحلالة االخرى كذلك

عن تلـك احملـاوالت الـصبيانية لتربيـر ـ عوضا ) اجنلز(وكان جيب على فرق بـني القـضايا البـسيطة ـ ان يتعلم ال أاحلقيقة النسبية واجتماعها مع اخلط

والقضايا املركبة ويعرف ان القضية البسيطة هـي الـيت ال ميكـن ان تنقـسم اىل وان القـضية املركبـة هـي . مات افالطون قبل ارسـطو : كما يف قولنا ، قضيتني

. الفلـزات تتمـدد بـاحلرارة : نظري قولنـا ، القضية اليت تتالف من قضايا متعددة وميكننـا ان نعـرب عنـه يف قـضايا متعـددة ، ن قضايا فان هذا القول جمموعة م

والرصـاص يتمـدد ، والذهب يتمـدد بـاحلرارة ، احلديد يتمدد باحلرارة : فنقول ...باحلرارة

والقضية البسيطة ـ باعتبارها قضية مفردة ـ ال ميكن ان تكون حقيقة مـن فموت افالطـون قبـل ارسـطو امـا ان يكـون ، من ناحية اخرى أناحية وخط

واما القضية املركبة فلما كانـت يف احلقيقـة ملتقـى . أقة واما ان يكون خط حقيـ ، قضايا متعددة يف جانـب أفمن اجلائز ان توجد احلقيقة يف جانـب منـها واخلط

فـان القـانون ، خر؛ كما اذا افترضنا ان احلديد يتمدد بـاحلرارة دون الـذهب آـ الطبيعي العام وهو الفلزات تتمدد باحلرارة يعترب ص مـن أحيحا على ناحية وخط

ـ . ناحية اخرى اجتمعـا فكانـت أولكن ليس معـىن ذلـك ان احلقيقـة واخلط بل اخلطا امنـا يوجـد يف قـضية احلديـد يتمـدد ، القضية الواحدة خطا وحقيقة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 175: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٧٥

.أ حقيقة وال احلقيقة خطأباحلرارة ـ مثال ـ فلم يكن اخلطبـصفتها جـزءا مـن ، عرفةويف عودتنا على احلركة التطورية يف احلقيقة وامل

املفهـوم (تيـة لة اآلأالديالكتيك ـ الذي خصصنا لدراسته اجلزء الثاين من املـس علـى تطـور ، ـ سنستعرض مدارك املاركسية والوان اسـتدالهلا ) الفلسفي للعامل

وعلى االخص ما حاولتـه املاركـسية . ومدى ضعفها ومغالطتها ، احلقيقة واملعرفة ونـشاطها ، يف تطورهـا الرائـع علـى مـر الـزمن ، عيةمن اعتبار العلوم الطبي

، مصداقا للحركة التطويريـة يف احلقـائق واملعـارف ، وقفزاا اجلبارة ، املتضاعف ، مع ان تطور العلوم يف تارخيها الطويل ال صـلة لـه بتطـور احلقيقـة واملعرفـة

ائقهـا تنمـو فالعلوم تتطور ال مبعىن ان حق . مبعناه الفلسفي الذي حتاوله املاركسية . واخطاءهـا تقـل وتـتقلص ، عىن ان حقائقها تـزداد وتتكـاثر مببل ، وتتكامل

.ونوكل ايضاح ذلك اىل البحث املقبل يف املسالة الثانية :وخيلص معنا من هذه الدراسة

وان كان الواقع املوضوعي ، ان احلقيقة مطلقة وغري متطورة: والأ . على الدوام ومتحركاللطبيعة متطورا

ـ ان احلقيقة تتعارض تعارضا مطلقـا : ثانيا فالقـضية البـسيطة ، أ مـع اخلط .أالواحدة ال ميكن ان تكون حقيقة وخط

ان اجراء الديالكيتك على احلقيقة واملعرفة حيتم علينا الشك املطلق : ثالثابل حيكم على نفسه باالعدام ، ما دامت يف تغري وحترك مستمرين، يف كل حقيقة

النه بذاته من تلك احلقائق اليت جيب ان تتغري حبكم منطقه ، ضاوالتغري اي .التطوري اخلاص

:انتكاس املاركسية يف الذاتية.......................................ڤاىل ان املاركسية بالرغم من اصرارها علـى رفـض ويف النهاية جيب ان نشري

وضـوعي لنـسبيتها واـا نـسبية النسبية الذاتية بترفع وتاكيدها على الطابع امل تواكب الواقع املتطور وتعكس نسبيته بالرغم من ذلك كله ارتـدت املاركـسية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 176: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٧٦

حضان النسبية الذاتية حني ربطت املعرفـة بالعامـل أخرى فانتكست يف أمرة الطبقي وقررت ان من املستحيل للفلسفة مثال ان تتخلص مـن الطـابع الطبقـي

تعـرب وال تـستطيع اال كانت الفلسفة دوما (ونفورت واحلزيب حىت قال موريس ك .)١()ان تعرب عن وجهة نظر طبقية

لقد ناضل لينني بثبات واصرار ضـد الرتعـة املوضـوعية يف : (وقال تشاغني .)٢() النظرية

وواضح ان هذا االجتاه املاركسي يطبع كل معرفة بالعنـصر الـذايت ولكنـها كان يقرر النـسبيون الـذاتيون وبالتـايل تـصبح ذاتية طبقية ال ذاتية فردية كما

ن كل مفكـر ال يـستطيع احلقيقة هي مطابقة الفكرة للمصاحل الطبقية للمفكر أل حـد يف هـذا الـضوء ان ان يدرك الواقع اال يف حدود هذه املصاحل وال ميكن أل

يضمن وجود احلقيقة يف أي فكرة فلـسفية او علميـة مبعـىن مطابقتـها للواقـع وعي وحىت املاركسية نفسها ال تستطيع ما دامـت تـؤمن حبتميـة الطـابع املوض

للواقـع مطابقـا الطبقي ان تقدم لنا مفهومها عن الكون واتمع بوصفه تعـبريا وامنا كل ما تستطيع ان تقرره هو انه يعكـس مـا يتفـق مـع مـصاحل الطبقـة

.)٣(العاملة من جوانب الواقع

.٣٢ـ املادية الديالكتيكية ص 1 .٧٠ـ الروح احلزبية يف الفلسفة والعلوم ص 2 .١٠٠ ـ ٩٣لف ص للمؤ) اقتصادنا(جل التوضيح راجع كتاب ـ أل 3

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 177: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٧٧

٢ لفلسفي للعامل املفهوم ا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 178: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٧٨

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 179: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٧٩

ـ١ـ ○ املفهوم الفلسفي ○

يف العقل رئيسيامركزا، لة تكوين مفهوم فلسفي عام عن العاملأان ملس .منذ حاولت االنسانية حتديد عالقاا بالعامل املوضوعي وارتباطها به، البشري

لمسالة يف سريها الفلـسفي والـديين ولسنا حناول يف دراستنا هذه ان نؤرخ ل وامنـا نـستهدف ان ، مادهـا البعيـدة آوتطورها على مر الزمن منـذ ، والعلمي

ومـا ، لنحدد موقفنـا منـها ، نعرض املفاهيم االساسية يف احلقل الفلسفي احلديث نا يف أهو املفهوم الذي جيب ان تتبلور نظرتنا العامة علـى ضـوئه ويرتكـز مبـد

.سه؟احلياة على اسا .مسالة املثالية والواقعية، احدمها: لتنيألتنا هذه اىل مسأومرد مس .لة املادية واالهليةأمس، واالخرى ان هذه الكائنات: لة االوىل يعرض السؤال على الوجه التايلأففي املس

هل هي حقائق موجودة بصورة مستقلة عن الشعور ، اليت يتشكل منها العامل مبعىن ان الفكر او ، اال الوانا من تفكرينا وتصورناواالدراك؟ او اا ليست

وكل شيء يرجع يف اية املطاف اىل التصورات الذهنية؟ ، االدراك هو احلقيقة فهذان تقديران . فان الواقع كله يزول) انا(فاذا اسقطنا الشعور او الـ

الواقعي واالجابة بالتقدير االول تلخص الفلسفة الواقعية او املفهوم ، لةأللمس .واالجابة بالتقدير الثاين هي اليت تقدم املفهوم املثايل للعامل، للعامل

اذا كنا : لة الثانية يوضع السؤال على ضوء الفلسفة الواقعية هكذاأويف املس ،نؤمن بواقع موضوعي للعامل فهل نقف يف الواقعية على حدود املادة احملسوسة

وجود والكون مبا فيها من ظواهر فتكون هي السبب العام جلميع ظواهر ال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 180: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٨٠

اىل سبب ابدي وال ائي ، الشعور واالدراك؟ او نتخطاها اىل سبب اعمق .؟ االساسي ملا ندركه من العامل بكال جماليه الروحي واملادي معاأبصفة املبد

ان ، يعتـرب احـدمها : وبذلك يوجد يف احلقل الفلسفي للواقعيـة مفهومـان ويتخطـى . وهو املفهـوم الـواقعي املـادي ، ساسية للوجود املادة هي القاعدة اال

.وهو املفهوم الواقعي االهلي، خر املادة اىل سبب فوق الروح والطبيعة معااآل واملفهوم الواقعي، املفهوم املثايل: فبني يدينا اذن مفاهيم ثالثة للعامل

اىل اعتبار نظراوقد يعرب عن املثالية بالروحية. واملفهوم الواقعي االهلي، املادي .االساس االول للوجود، او الشعور، الروح

:تصحيح أخطاء.....................................................ڤ

خطاء وقع فيها بعض الكتاب أوعلى هذا الضوء جيب ان نصحح عدة :احملدثني

راع بني االهلية واملادية مظهر من مظاهر حماولة اعتبار الص: االول ، لتني اللتني قدمنامهاأفلم يفصلوا بني املس، التعارض بني املثالية والواقعية

واما املفهوم ، اما املفهوم املثايل: وزعموا ان املفهوم الفلسفي للعامل احد امرين ت العامل فاذا فسر، فتفسري العامل ال ميكن ان يقبل سوى وجهني اثنني. املادي

، نا هو الينبوع االساسيمنت بان التصور او األآو، تفسريا تصويريا خالصا وتؤمن بواقع موضوعي ، نت مثايل واذا اردت ان ترفض املثالية والذاتيةأف

وتعتقد، خذ باملفهوم املادي للعاملأفليس عليك اال ان ت، )أنا(مستقل عن الـ والشعور ليس اال انعكاسا هلا ودرجة االول وان الفكر أان املادة هي املبد .خاصة من تطورها

فان الواقعية ليست وقفا على ، وهذا ال يتفق مع الواقع مطلقا كما عرفنا ليست هي الشيء الوحيد الذي ، او الذاتية، كما ان املثالية، املفهوم املادي

بل يوجد مفهوم، ويقف امامه على الصعيد الفلسفي، يعارض املفهوم املادي الذي يعتقد بواقع خارجي للعامل ، خر للواقعية هو املفهوم الواقعي االهليآ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 181: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٨١

.ويرجع الروح واملادة معا اىل سبب اعمق فوقهما مجيعا، والطبيعة أمن انه جيمد مبد، ما ام به بعض الكتاب املفهوم االهلي: الثاين

كشفها العلم وتزداد ويلغي قوانينها ونواميسها اليت ي، العلمية يف دنيا الطبيعة . االهليأفهو يف زعمهم يربط كل ظاهرة وكل وجود باملبد، بعد يوم يوماوضوحا

حيث اعتربت فكرة ، يف الفلسفة املادية فعاالولقد لعب هذا االام دورا اهللا هي فكرة وضع سبب املعقول ملا يشاهده االنسان من ظواهر الطبيعة

فتزول احلاجة اليها متاما حني نستطيع ان ، جودهاوحماولة لتربير و. وحوادثها والقوانني الكونية اليت ، كشف بالعلم والتجارب العلمية حقيقة االسبابنست

وساعد على تركيز هذا . وتتولد باعتبارها الظواهر واحلوادث، تتحكم يف العامل دوار أمن ، وروباأاالام ما كانت تلعبه الكنيسة يف بداية النهضة العلمية يف

ومعارضة ما يكشفه العلم من اسرار الطبيعة ، خبيثة يف حماربة التطور العلمي .ونواميسها

ان املفهوم االهلي للعامل ال يعين االستغناء عن االسباب ، واحلقيقة او التمرد على شيء من حقائق العلم الصحيح وامنا هو املفهوم ، الطبيعية

لى تسلسل العلل واالسباب ان يتصاعد وحيتم ع، الذي يعترب اهللا سببا اعمق وذا يزول التعارض بينه وبني كل حقيقة علمية . اىل قوة فوق الطبيعة واملادة

، النه يطلق للعلم اوسع جمال الستكشاف اسرار الطبيعة ونظامها، متاما وهو موضع السبب االعمق يف، وحيتفظ لنفسه بالتفسري االهلي يف اية املطاف

فليست املسالة االهلية كما يشاء ان يصورها . من الطبيعة واملادةعلىأ أمبد ، فتقطر املاء يف الفضاء تقطريا، صابع متتد من وراء الغيبألة أمس، خصومها

فيوجد بذلك املطر ، او حتول بيننا وبني القمر، او حتجب الشمس عنا فاذا كشف العلم عن اسباب املطر وعوامل التبخري، والكسوف واخلسوف

ان االجرام السماوية ليست واذا كشف عن سبب الكسوف وعرفنا ، فيه فيتفق ان ، وان القمر اقرب اليها من الشمس، متساوية االبعاد عن االرض

واذا كشف العلم عن ، مير القمر بني االرض والشمس فيحجب نورها عنا مسافةالذي ميتد وراءها اىل ، ل االرضـوع القمر يف ظـسبب اخلسوف وهو وق

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 182: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٨٢

خييل ، اقول اذا كملت هذه املعلومات لدى االنسان، الف ميل تقريبا) ٩٠٠( وان االصابع الغيبية اليت ، لة االهلية مل يبق هلا موضوعأولئك املاديني ان املسأل

عوض عنها العلم بالتعليالت الطبيعية وليس ، حتجب الشمس او القمر عنا وعدم متييز ملوضع السبب االهلي من ، هذا اال لسوء فهم للمسالة االهلية

.سلسلة االسباب حىت اخذ ، ان الطابع الروحي غلب على املثالية واالهلية معا: الثالث

ت عن أونش، يبدو ان الروحية يف املفهوم االهلي هي مبعناه يف املفهوم املثايل . ذلك ان الروحية قد تعترب وصفا لكل من املفهومني، ذلك عدة اشتباهات

بل جيب ان نعرف ان، لكننا ال جنيز مطلقا ان يهمل التمييز بني الروحيتنيو ،يقصد ا اال املقابل للمجال املادي احملسوس، الروحية يف العرف املثايل

انه يفسر أساس فاملفهوم املثايل روحي على. أي جمال الشعور واالدراك واالنا يرجع كل حقيقة وكل واقع و، كل كائن وكل موجود يف نطاق هذا اال

واما الروحية يف ، فاال املادي مرده يف الزعم املثايل اىل جمال روحي. اليه ، فهي طريقة للنظر اىل الواقع بصورة عامة، املفهوم االهلي او العقيدة االهلية

فاالهلية اليت تؤمن بالسبب ارد . ال جماال خاصا مقابال للمجال املاديكان روحيا ام أد بصلة كل ما هو موجود يف اال العام ـ سواء تعتق، االعمق

وترى ان هذه الصلة هي اليت جيب ان حيدد ، ماديا ـ بذلك السبب االعمق .جتاه االشياء مجيعا، املوقف العملي واالجتماعي لالنسان، على ضوئها

ادي ينطبق على اال امل، فالروحية يف العرف االهلي اسلوب يف فهم الواقع .واال الروحي ـ مبعناه املثايل ـ على السواء

.ويتلخص من العرض السابق ان املفاهيم الفلسفية عن العامل ثالثة وقد درسنا يف نظرية املعرفة املفهوم املثايل باعتباره مرتبطا ا كل

لة دراسة املفهومني أفلنتناول يف هذه املس، واستعرضنا اخطاءه، االرتباط .املادي واالهلي: خريناآل

ــان ــادي اجتاه ــوم امل ــانيكياالجتــاه اآل: ويف املفه واالجتــاه ، يل او امليك .او املادية الديناميكية، الديالكتيكي والتناقض

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 183: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٨٣

:ايضاح عدة نقاط عن املفهومني....................................ڤوم املادي بكال اجتاهيه جيب ان نستوضح عدة نقاط وقبل ان نعرض للمفه :تيةوذلك يف االسئلة اآل، حول املفهوم االهلي واملادي

ما هي امليزة االساسـية لكـل مـن االجتـاه املـادي : ـ السؤال االول ١ خـر؟ ومـا علـى اآل ) املدرسة االهليـة (واالجتاه االهلي ، )املدرسة املادية للفلسفة (

ومدرسـتني ، لـذي جعـل منـهما اجتـاهني متعارضـني هو الفارق الرئيسي ا .متقابلتني؟

ونظرة واحدة نلقيها على املدرستني حتدد لنا جوابا واضحا على هذا هو النفي او ، وهو ان املائز االساسي للمدرسة املادية يف الفلسفة، السؤال

يف فال يوجد. ملا يتراءى انه فوق طاقة العلوم التجريبية، الناحية السلبية احلقل العلمي اذن ـ أي يف النواحي االجيابية للعلم اليت تربهن عليها

يؤمن باجلانب ، ام مادياهلياإكان أفالفيلسوف سواء . التجربة ـ اهلي ومادي )الراديوم(ن أفهما من الناحية العلمية يسلمان ـ مثال ـ ب، االجيايب من العلم

وكسجني أوبان املاء يأتلف من ، ليطاقة من االشعاع نتيجة النقسام داخيولد . وبان عنصر اهليدروجني هو اخف العناصر يف وزنه الذري، وهيدروجني

فليس يف. ويؤمنان معا بسائر احلقائق االجيابية اليت تظهر على الصعيد العلمي وامنا توجد هاتان الفلسفتان ، لة العلمية فيلسوف اهلي واخر ماديأاملس

. لة الوجود فيما وراء الطبيعةأحينما تعرض مس، هليةوتتعارض املادية مع اال أي موجود خارج احلقل ، فاالهلي يعتقد بلون من الوجود جمرد عن املادة

واملادي ينكر ذلك ويقصر الوجود على ذلك احلقل . وظواهره وقواه، التجرييب اليت كشفت عنها التجربة وامتدت اليها يد، ويعترب االسباب الطبيعية، اخلاص .وان الطبيعة هي املظهر الوحيد له، االولية للوجودهي االسباب ، العلم

ذات جمردة عن، )ناأ(فبينما يقرر االجتاه االهلي ان الروح االنسانية او الـ ينكر املادي ، وان االدراك والفكر ظواهر مستقلة عن الطبيعة واملادة، املادة

فلم ، ات اجلهاز العصيبوراقب عملي، انه حلل جسم االنسانذلك زاعما وكذلك يؤمن. كما يدعي االهليون، خارج احلدود الطبيعية واملاديةجيد شيئا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 184: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٨٤

اليت يكشف عنها العلم ـ سواءكانت، االجتاه االهلي بان التطورات واحلركات م حركات طبيعية غري ناشئةأ، حركات ميكانيكية ختضع لسبب مادي خارجي

وراء ، تجربة ـ ترجع يف النهاية اىل سبب خارجي من مؤثرات مادية معينة بال ويعارض يف ذلك املادي زاعما ان احلركة امليكانيكية . سياج الطبيعة واملادة

، وان احلركة الطبيعية ديناميكية، ال تتصالن بسبب جمرد، واحلركة الطبيعية ن احلقل التجرييب مل يبد فيه ما اعتقده االهليون منأل، فهي تكتفي بنفسها

.سبب جمرد لـيس يف ، وهكذا يتضح بكل جـالء ان التعـارض بـني االهليـة واملاديـة

الـيت ، فان االهلي كاملـادي يعتـرف جبميـع احلقـائق العلميـة . العلميةاحلقائق وعـن التطـور ، توضحها التجارب الصحيحة عن جسم االنسان وفزجلة اعـضائه

فهـو . واالعتـراف ـا ، خـرى أوامنا يزيد بوضع حقـائق ، واحلركة يف الطبيعة غري مـا ظهـر منـه يف امليـدان ، يربهن على وجود جانب روحي جمرد لالنسان

وعلى سبب جمرد اعلى للحركات الطبيعة وامليكانيكيـة فـوق اـال ، التجرييب .احملسوس

نعرف ان ، وما دمنا قد عرفنا ان امليدان العلمي ليس فيه اهلي وماديعتبارها مدرسة مقابلة لالهلية ـ امنا يرتكز على نفي الكيان الفلسفي للمادية ـ با

وانكار الوجود خارج حدود الطبيعة واملادة ال على حقائق ، ق اردةاحلقائ .علمية اجيابية

هو تعارض ، اذا كان التعارض بني االهلية واملادية: ـ السؤال الثاين٢على ، الل والربهنةي املدرستني يقع على مسؤوليتها االستدأف، االثبات والنفي

.اجتاهها اخلاص االجيايب او السليب؟ وقد حيلو لبعض املاديني يف هذا اال ان يتخلص من مسؤولية

ن االهلي هو أل، ويعترب االهلي هو املسؤول عن التدليل على مدعاه، االستدالل موقفه فيجب عليه ان يربر، أي مدعي الثبوت، صاحب املوقف االجيايب

. وجود ما يدعيهويربهن على ، ولكن الواقع ان كال منهما مكلف بتقدمي االدلة واملدارك الجتاهه اخلاص

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 185: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٨٥

كذلك املادي هو مسؤول، فكما ان االهلي جيب عليه ان يربهن على االثبات ، نه مل جيعل القضية امليتافيزيقية موضع شكأل، عن الدليل على النفيأيضا

. يفتقر اىل الدليل، القاطع كاالثبات القاطعوالنفي ، وامنا نفاها نفيا قاطعا ادعى يف هذا الزعم ضمنا، فاملادي حني زعم ان السبب ارد ال وجود له

فال بد ان يقدم ، ومل جيد فيه موضعا للسبب ارد، انه احاط بالوجود كله .وتربيرا للنفي املطلق، دليال على هذه االحاطة العامة

ا هي طبيعة الدليل الذي ميكن لالهلي اوم، ونتساءل هنا من جديد جيب ، للمادي ان يقدمه يف هذا اال؟ وجنيب ان دليل االثبات او النفي

اليت درجت على ، ال التجربة املباشرة خالفا للمادية، ان يكون هو العقلزاعمة ان املفهوم االهلي او القضايا ، اعتبار التجربة دليال على مفهومها اخلاص

وان التجربة هي اليت ترد ، فيزيقية بصورة عامة ال ميكن اثباا بالتجربةامليتا وتدلل على عدم وجود اشياء ، ا حتلل االنسان والطبيعةأل، تلك املزاعم على

من ، جمردة فيهما ذلك ان التجارب واحلقائق العلمية اذا صح للمادية ما تزعمه ال تصلح دليال للنفي ي ايضافه، اا ال تقوم دليال على االجتاه االهلي

فقد عرفنا ان احلقائق العلمية على اختالف ، الذي حيدد االجتاه املادي ،املطلق وامنا النقاش يف التفسري ، الواا ليست موضعا للنقاش بني االهلية واملادية

ومن ، أي يف وجود سبب اعلى وراء حدود التجربة، الفلسفي لتلك احلقائق .تجربة ال ميكن ان تعترب برهانا على نفي حقيقة خارج حدودهاالواضح ان ال

مل يكن هذا دليال اال على ، فالعامل الطبيعي اذا مل جيد السبب ارد يف خمتربه واما نفي وجوده يف جمال فوق جماالت ، عدم وجوده يف ميدان التجربة

.فال ميكن ان يستنتج من التجربة ذاا، التجربة :لبيان على امرينونؤكد ذا ا

الذي مييزها ، ان املادية حباجة اىل دليل على اجلانب السليب، )احدمها( ، )خراآل(و . كحاجة امليتافيزيقا اىل برهان على االجياب واالثبات، عن االهلية

الن، أي جتريبية، وال توجد لدينا مادية علمية، ان املادية اجتاه فلسفي كاالهلية بل كل ما ، لتكون املادية علمية، يثبت املفهوم املادي للعاملالعلم كما عرفنا ال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 186: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٨٦

يترك جماال الفتراض ، سرار يف عامل الطبيعةأيكشف عنه العلم من حقائق و فالتجربة العلمية ـ مثال ـ ال ميكن ان تدل على ان ، سبب اعلى فوق املادة

اليت ، التطوراملادة ليست خملوقة لسبب جمرد او على ان اشكال احلركة والوان هي حركات وتطورات مكتفية ، استكشفها العلم يف شىت جوانب الطبيعة

وهكذا كل . وليست منبثقة عن سبب فوق حدود التجربة وجماالا، ذاتيا اذن ال ميكن ان يرتكز على احلقائق فالدليل على املادية . حقيقة علمية

تفسري فلسفي لتلك وامنا يصاغ يف ، او التجارب بصورة مباشرة، العلمية ،خذ التطور لذلك مثالأولن. كالدليل على االهلية متاما،احلقائق والتجارب

وميكن ان يوضع، فالعلم يثبت وجود التطور الطبيعي يف عدة من ااالتوناتج عن ، هلذا التطور تفسريان فلسفيان احدمها انه منبثق عن صميم الشيء

.ا هو تفسري املادية الديالكتيكيةوهذ، صراع يفترض فيه بني املتناقضاتفالطبيعة املتطورة ال حتوي يف ذاا ، انه ناتج عن سبب اعلى جمردخر واآل

وذلك السبب هو الذي حيقق ، وامنا تنطوي على امكان التطور، املتناقضات فنحن نالحظ . وهذا هو التفسري الفلسفة االهلية، لالمكان الوجود الفعلي واما هذان ، لمي امنا هو وجود التطور الطبيعيبوضوح ان املفهوم الع

كد من صحة أوال ميكن ان يت، املفهومان عن احلركة فهما مفهومان فلسفيان .خر بالتجربة املباشرة اآلأوخط، احدمها اذا مل تكف التجربة العلمية بذاا للربهنة على : ـ السؤال الثالث٣

ن للفكر البشري ان يستدل على فهل ميك، املفهوم االهلي واملادي على السواء احد املفهومني ما داما معا خارجني عن النطاق التجرييب او انه يصبح مضطرا

واالنصراف اىل اال ،وجتميد مسالة االهلية واملادية ،اىل االستسالم للشك .العلمي املثمر؟ واالنطالق ، لةأان القدرة الفكرية للبشر كافية لدرس هذه املس: واجلواب

ولكن ال على ان تكون التجربة هي الدليل املباشر على ، فيها من التجربة ذاا بل تكون التجربة نقطة االبتداء ويوضع، الذي نكونه عن العامل، املفهوم

املفهوم الفلسفي الصحيح للعامل ـ وهو املفهوم االهلي ـ على ضوء تفسري التجربة .ستقلةباملعلومات العقلية امل، والظواهر التجريبية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 187: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٨٧

لة أاملس(بد ان القارئ يتذكر دراستنا ـ يف نظرية املعرفة وال وكيف اوضحنا بالربهان وجود معارف عقلية ، ـ للمذهب العقلي) االوىل

، على شكل تبني ان اضافة معارف عقلية اىل التجربة امر ضروري، مستقلة فما من نظرية . العلميةبل يف مجيع املسائل، لتنا الفلسفية فحسبأال يف مس

وعلى، التجربة أساس وامنا تقوم على، جترييب حبت أساس علمية ترتكز على فال ختتلف قضيتنا الفلسفية اليت تتناول . ضوء املعلومات العقلية املستقلة

عن كل قضية علمية تبحث عن احد قوانني ، البحث عما وراء عامل الطبيعةفالتجربة يف مجيع ذلك نقطة . سرارهاأاها واو تكشف شيئا من قو، الطبيعة

لتستنتج منها احلقيقة ، وهي مع ذلك حباجة اىل تفسري عقلي، االنطالق .الفلسفية او العلمية

:وخنرج من هذه النقاط بالنتائج التالية أي ، ان املدرسة املادية تفترق عن املدرسة االهلية يف ناحية سلبية: والأ

.حلقل التجرييباالنكار ملا هو خارج اكما جيب على االهلية ، ان املادية مسؤولة عن االستدالل على النفي: ثانيا

.االستدالل على االثبات ن عدم وجدان أل، ان التجربة ال ميكن ان تعترب برهانا على النفي: ثالثا ال ، االعلى يف ميدان التجربة ال يربهن على عدم وجوده يف جمال اعلىالسبب .ه يد التجربة املباشرةمتتد الي

ان االسلوب الذي تتخذه املدرسة االهلية لالستدالل على مفهومها : رابعا االهلي هو نفس االسلوب الذي نثبت به علميا مجيع احلقائق والقوانني

.العلمية االجتاه الديالكتيكي للمفهوم املادي.................................ڤ

اجتاه، خرواآل، اجتاه االلية امليكانيكية: قلنا ان للمادية اجتاهني احدمها .املادية الديالكتيكية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 188: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٨٨

وقد استعرضنا االجتاه االول استعراضا سريعا يف اجلزء الثـاين مـن نظريـة حني تناولنا بالدرس والتمحيص املثاليـة الفيزيائيـة الـيت قامـت علـى ، املعرفة .م املادية امليكانيكيةحطا

الذي يفسر العامل تفسريا ماديا بقوانني ، خرواما االجتاه املادي اآل فوضعت مفهومها ، فهو االجتاه الذي اختذته املدرسة املاركسية، الديالكتيك

.هذا االجتاه أساس املادي عن العامل على :قال ستالني

ــد [ ــن املب ــاركس م ــة م ــسري مادي ــلأت ــامل : القائ ــه ان الع بطبيعتــادي ــادة ، م ــة للم ــافر خمتلف ــي مظ ــددة ه ــامل املتع ــوادث الع وان ح

ــة ــضها ، املتحرك ــف بع ــوادث وتكيي ــني احل ــة ب ــات املتبادل وان العالقــة ــصورة متبادل ــضا ب ــة ، بع ــة الديالكتيكي ــا الطريق ــا تقرره ــي ، كم ه

ــة ــادة املتحرك ــور امل ــرورية لتط ــوانني ض ــا ، ق ــور تبع ــامل يتط وان الع .)١( ]ي عقل كليوهو ليس حباجة أل، ادةلقوانني حركة امل

هو النقطة املركزية يف الفلسفة ويعترب املفهوم املادي املادة ـ الوجود ـ وتنشىء هلا فهما خاصا، الا اليت حتدد نظرة املاركسية اىل احلياة، املاركسية

ومن دوا ال ميكن ان تقام االسس املادية اخلالصة للمجتمع ، للواقع وقيمه .احلياةو

، وقد فرضت هذه النقطة على املذهب املاركسي تسلسال فكريا خاصا .واقتضت منه ان يقيم شىت جوانبه الفلسفية لصاحلها

، ائياجل ان متلك املاركسية احلق يف تقرير النقطة املركزية تقريرافأل واعلنت ان لدى ، كما عرفنا يف نظرية املعرفة، اختارت ان تكون يقينية

، نسان من الطاقات العلمية ما يتيح له اجلزم بفلسفة معينة عن احلياةاالوحىت النسبية ، ورفضت مذهب الشك املطلق، سرار الوجود والعاملأواستكناه

أي املفهوم ، وحاولت بذلك ان تعطي صفة قطعية للمحور الرئيسي، اجلامدة .املادي

.١٧ـ املادي الديالكتيكية واملادية التارخيية ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 189: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٨٩

، يف التجربةووضعت بعد ذلك املقياس العام للمعرفة واحلقيقة وانكرت وجود منطق عقلي مستقل عن ، واستبعدت املعارف العقلية الضرورية

وحدا ، مكان حمو النقطة املركزية باملنطق العقليإكل ذلك حذرا من ، التجربة .للطاقة البشرية بامليدان التجرييب خاصة

وهـي ان امليـزان ، وواجهت املاركسية يف هذه املرحلـة مـشكلة جديـدة فال بد ان تكون املعلومـات الـيت ، لالنسان اذا كان هو احلس والتجربة الفكري

ليمكن اعتبارهـا ميزانـا اوليـا ، يكوا عن طريق احلس والتجربة صحيحة دائما فهل نتـائج احلـس العلمـي كـذلك حقـا؟ وهـل . توزن به االفكار واملعارف

ــات القائمــة علــى التجربــة .؟مــضمونة الــصدق ابــدا النظري فـان اعترفـت بـان املعلومـات القائمـة : وقعت املاركسية بني خطرين وهكذا

فقد سقطت التجربـة عـن كوـا ، أالتجربة ليست معصومة من اخلط أساس علىوان ادعى املاركسيون ان النظرية املـستمدة مـن . للحقائق واملعارف ولياأميزانا

ـ ، التجربة والتطبيق فوق اخلطا واالشتباه ذي ال يـسع الحـد اصطدموا بالواقع ال بل القـوانني الـيت توصـل اليهـا ، من النظريات العلمية وهو ان كثريا ، انكاره هـا وعـدم مطابقتـها أقد ظهـر خط ، ان عن طريق درس الظواهر احملسوسة االنس .عليه مئات السننيفسقطت عن عرشها العلمي بعد ان تربعت ، للواقع

ـ واذا كانت املفاهيم العلمية التجري وكـان املنطـق العقلـي . ئبية قد ختط او تـشاد مدرسـة ذات ! فكيف يعلن عن فلـسفة يقينيـة؟ ، ساقطا من احلساب

!.صفة جزمية يف افكارها؟وختلصت من هذا ، وقد اصرت املاركسية على وضع التجربة مقياسا اعلى

اىل ان الفكرنظرا، املازق بوضع قانون احلركة والتطور يف العلوم واالفكار فيتطور وينمو. وهو ذا االعتبار حيقق قوانني الطبيعة كاملة، يعةجزء من الطب

وامنا ، وليس التطور العلمي يعين سقوط املفهوم العلمي السابق. كما تتطور الطبيعة، فاحلقيقة واملعرفة هي احلقيقة واملعرفة. يعرب عن حركة تكاملية يف احلقيقة واملعرفة

. مستمرةغري اا تنمو وتتحرك وتتصاعد بصورة ن كل فكر سائر يف وهكذا قضى بذلك على مجيع البدهيات واحلقائق أل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 190: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٩٠

وال ، فليست توجد حقيقة ثابتة يف دنيا الفكر مطلقا، راط التطور والتغريس ان الكل اكرب من: نظري ادراكنا(ن من البديهيات يؤمن على ما ندركه اآل

فندرك ، التطوريةخر يف حركتهآ ان يكتسب شكال) ٤=٢+٢وان ، اجلزء .خرآاحلقيقة عند ذاك على وجه

وللطبيعـة بـصورة ، وملا كانت احلركة اليت وضعتها املاركسية كقانون للفكر ومل تكـن يف العـامل حقيقـة اال املـادة يف ، ال تنبثق اال عن قـوة وسـبب ، عامة

،ان احلركة حصيلة تناقضات يف احملتـوى الـداخلي للمـادة : فقد قالت ، زعمها لغـت املاركـسية أوهلـذا . هذه املتناقضات تتصارع فتدفع باملادة وتطورهـا وان ووضـعت ، واختذت من الـديالكتيك طريقـة لفهـم العـامل ، عدم التناقض أمبد

.مفهومها املادي يف اطاره مرتبطـة ، وهكذا يتضح ان مجيع اجلوانب الفلـسفية املاديـة الديالكتيكيـة

. جل تركيزهـا واحلفـاظ عليهـا وقد صيغت أل ، )املفهوم املادي (بالنقطة املركزية او االميـان بالتنـاقض واعتبـاره ، وليس اسقاط البديهيات وجعلها عرضة للتغري

، وما اليها من النتائج الغربية اليت انتـهت اليهـا املاركـسية ، قانونا عاما للطبيعة لـه ربيـرا وت، من املفهوم املادي املاركـسي أاال تسلسال حتميا لالنطالق الذي بد

.يف اال الفلسفي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 191: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٩١

ـ٢ـ ○أو اجلدل الديالكتيك ○

، ان اجلدل كان يعين يف املنطق الكالسيكي طريقة خاصة يف البحث ووجهات، اليت تطرح فيها املتناقضات الفكرية، من اساليب املناظرةسلوباأو

يف نقيضها من ان حتاول كل واحدة منها ان تظهر مابقصد ، النظر املتعارضةعلى ضوء املعارف املسلمة والقضايا املعترف ا ، أنقاط الضعف ومواطن اخلط

، يقوم الصراع بني النفي واالثبات يف ميدان البحث واجلدلوهكذا . سلفااو تنشق عن ، حىت ينتهي اىل نتيجة تتقرر فيها احدى وجهات النظر املتصارعة

توفق بني الوجهات، ي جديدةأرالصراع الفكري بني املتناقضات وجهة .وافراز نقاط الضعف من كل واحدة منها، بعد اسقاط تناقضاا، كلها

مل يعد منهجا يف ، او اجلدل اجلديد، ولكن اجلدل يف الديالكتيك اجلديد وقانونا كونيا ، بل اصبح طريقة لتفسري الواقع، راءالبحث واسلوبا لتبادل اآل

راء فالتناقض ليس بني اآل. قائق والوان الوجودينطبق على خمتلف احل، عاما فما من ، بل هو ثابت يف صميم كل واقع وحقيقة، ووجهات النظر فحسب

.قضية اال وهي تنطوي يف ذاا على نقيضها ونفيهافكان التناقض ، وكان هيجل اول من اشاد منطقا كامال على هذا االساس

والقاعدة االساسية اليت يقوم ، نطقالديالكتيكي هو النقطة املركزية يف ذلك امل ختتلف كل االختالف ، به نظرية جديدة حنوهأوتنش، عليها فهم جديد للعامل .اليت اعتادها البشر منذ قدر له ان يدرك ويفكر، عن النظرة الكالسيكية

فان لتلك ، وليس هيجل هو الذي ابتدع اصول الديالكتيك ابتداعا خر آاليت كانت تظهر بني حني و، ة من االفكاراالصول جذورا واعماقا يف عد

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 192: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٩٢

، غري اا مل تتبلور على اسلوب منطق كامل، على مسرح العقل البشري فقد . اال على يد هيجل، حمدد يف خططه وقواعده، واضح يف تفسريه ونظرته

وجعله تفسريا، هذا الديالكتيك أساس هيجل فلسفته املثالية كلها علىأنشأوتبناه بعده ماركس . وكل مظاهر احلياة، والدولة، والتاريخ، مع كافيا للمجت

.فوضع فلسفته املادية يف تصميم ديالكتيكي خالص. فاجلدل اجلديد يف زعم الديالكتيكني قانون للفكر والواقع على السواء

. يرتكز عليه الواقع يف وجوده وتطورهأومبد، ولذلك فهو طريقة للتفكري :قال لينني

ــان [ ــاذا ك ــاس ف ــار الن ــضات يف افك ــة تناق ــذلك أل، مث نفــضات ــوي تناق ــا حي ــسه فكرن ــذي يعك ــع ال ــياء. الواق ــدل االش فج

.)١(] وليس العكس، ينتج جدل االفكار :وقال ماركس

ــع [ ــة الواق ــا حلرك ــر اال انعكاس ــة الفك ــست حرك ــة ، لي منقول ).٢(]وحمولة يف مخ االنسان

يعترب يف ، كتيك والتناقضالديال أساس واملنطق اهليجلي مبا قام عليه منذلك ان ، او املنطق البشري العام ـ متاما، النقطة املقابلة ـ للمنطق الكالسيكي

االول الذي جيب ان أويعتربه املبد، عدم التناقضأاملنطق العام يؤمن مببد الضروري الذي ال يشذ عنه شيء يف دنيا أواملبد، تقوم كل معرفة على اساسه

.ن ان يربهن على حقيقة مهما كانت لوالهوال ميك، الوجود كيد على أوال يكتفي بالت، ويرفض املنطق اهليجلي هذا املبدا كل الرفض

االول لكل معرفة أبل جيعل التناقض ـ بدال عن سلبه ـ املبد، امكان التناقض والقانون العام الذي يفسر الكون كله مبجموعة من ، صحيحة عن العامل

، وتثري نفيها يف نفس الوقت، ية يف الكون تعترب اثباتافكل قض، التناقضات او ، فالنهج املتناقض للديالكتيك. تلف االثبات والنفي يف اثبات جديدأوي

.٨٣ـ املادية واملثالية يف الفلسفة ص 1 .ـ نفس املصدر 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 193: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٩٣

االطروحة : يتضمن ثالث مراحل تدعى، الذي حيكم العامل، اجلدل والنفي ونفي النفي وحبكم ، االثبات: خرآويف تعبري . والتركيب، والطباق ، فهو ثابت ومنفي، نهج اجلديل يكون كل شيء جمتمعا مع نقيضههذا ال

.يف وقت واحد، وموجود ومعدوموقد ادعى املنطق اهليجلي انه قضى ـ مبا زعمه للوجود من جدل ـ على

:يتأوهي ـ يف زعمه ـ كما ي، اخلطوط الرئيسية للمنطق الكالسيكيـ . عدم التنـاقض أمبد: والأ د ال ميكـن ان وهـو يعـين ان الـشيء الواح

.وبنقيض تلك الصفة يف وقت واحد، يتصف بصفة القائـل ان كـل ماهيـة فهـي مـا هـي أوهـو املبـد . اهلوية أمبد: ثانيا .وال ميكن سلب الشيء عن ذاته، بالضرورة، السكون واجلمود يف الطبيعة الذي يرى سـلبية الطبيعـة وثباـا أمبد: ثالثا

.دةوينفي الديناميكية عن دنيا املا يف مـا دام كـل شـيء قائمـا ، االول ال موضع له يف املنطق اجلديد أفاملبد

فمـن الطبيعـي ان ، واذا ساد التنـاقض كقـانون عـام . حقيقته على التناقض فان كل شيء تـسلب عنـه هويتـه ، الثاين للمنطق الكالسيكي ايضا أيسقط املبد

دام التنـاقض هـو ومـا ، النه يف صـريورة مـستمرة ، يف حلظة االثبات بالذات فال غرو فيمـا اذا كانـت احلقيقـة تعـين شـيئني ، اجلذر االساسي لكل حقيقة

وملا كان هذا التناقض املركز يف صـميم كـل حقيقـة . متناقضني على طول اخلط فالطبيعـة ، والصراع يعين احلركة واالنـدفاع ، لصراع دائم يف مجيع االشياء مثريا

.فاعة وصريورة مستمرةويف اند، يف نشاط وتطور دائم هذه هي الضربات اليت زعم املنطق الـديالكتيكي انـه سـددها اىل املنطـق

ف الذي ارتكـزت عليـه امليتافيزيقيـة اآل ، واملفهوم املالوف للعامل ، االنساين العام .السنني

وجعلـها ، وتتلخص الطريقة اجلديدة لفهم الوجود يف افتـراض قـضية اوىل حبكـم الـصراع يف احملتـوى الـداخلي ، اىل نقيضه صل مث ينقلب هذا اال ، صالأ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 194: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٩٤

وتصبح هذه الوحـدة بـدورها ، تلف النقيضان يف وحدة أمث ي ، بني املتناقضات وهكذا يتكرر هذا التطور الثالثـي تطـورا ال ايـة ، ونقطة انطالق جديد صالأ

.وميتد ما امتدت ظواهره وحوادثه، يتسلسل مع الوجود، له وال حد ، فطبـق عليهـا الـديالكتيك ، يجل باملفاهيم واملقـوالت العامـة ه أوقد بد

، والطبـاق ، املتمثـل يف االطروحـة ، طها بطريقة جدلية قائمة على التناقض بواستن مـن أالثـالوث الـذي يبـد : وهلا هو أشهر ثواليثه يف هذا اال و أو. والتركيب

وهـذا هـو ، دفالوجود موجو . وهو مفهوم الوجود ، ابسط تلك املفاهيم واعمقها .ن يكـون كـل شـيء نـه قابـل أل أل، بيد انه ليس شيئا، االثبات او االطروحة

كـل هـذا هـو ، واحلجر، والنبات، واالسود، واالبيض، واملربع، فالدائرة وجود وهـذا هـو الطبـاق ، وهو بالتايل ليس موجـودا ، فليس اذن شيئا حمددا . موجودوحيـل هـذا ، مفهوم الوجـود وهكذا حصل التناقض يف ، ثارته االطروحة أالذي

الذي ينتج موجودا ال يوجـد علـى . دالتناقض يف التركيب بني الوجود والالوجو .ريورةصوهكذا ينتج ان الوجود احلق هو ال، أي صريورة وحركة، التمام

هذا مثال سقناه لنوضح كيف يتسلسل ابـو اجلـدل احلـديث يف اسـتنباط اىل االكثـر ، ومن االكثر خـواء وضـعفا ، من االعم اىل االخص ، املفاهيم العامة

.ثراء واالقرب اىل الواقع اخلارجي وليس هذا اجلدل يف استنباط املفاهيم عنـده اال انعكاسـا جلـدل االشـياء

ن الواقـع فـأل ، فاذا استثارت فكرة من االفكار فكرة مقابلة هلـا ، بذاا يف الواقع .الذي متثله هذه الفكرة يتطلب الواقع املضاد

، يف قـضية الوجـود ، والتركيـب ، والطباق، ظرة بسيطة على االطروحة ون عـدم مبـدأ تدلنا بوضـوح علـى ان هيجـل مل يفهـم ، اليت هي اشهر ثواليثه

وال ادري كيـف . التنـاقض مبـدأ التناقض حق الفهم حني الغاه ووضع موضعه اـتمعني يف ، او النفـي واالثبـات ، يستطيع هيجل ان يـشرح لنـا التنـاقض

وهـو لـذلك قابـل ، ان مفهوم الوجود مفهوم عام دون شـك ! فهوم الوجود؟ م دائـرة او ، ابـيض او اسـود ، او مجادان يكون نباتا قابل أل ، ن يكون كل شيء أل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 195: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٩٥

ولكن هل معىن هذا ان هذه االضداد واالشياء املتقابلة جمتمعة كلها يف . مربعافـان اجتمـاع االمـور ، ال اليكون ملتقى للنقائض واالضداد؟ طبع ، هذا املفهوم

وامكان صـدق مفهـوم واحـد عليهـا شـيء ، املتقابلة يف موضوع واحد شيء او النبـات واجلمـاد ، فالوجود مفهوم ليس فيه من نقاط السواد والبيـاض . خرآ

ال انه هـو هـذا وذاك معـا يف وقـت ، وامنا يصح ان يكون هذا او ذاك ، شيء .)١ (واحد

يف خطوطـه العريـضة ، س اجلـدل املاركـسي لندر، ولندع مقوالت هيجل .اليت وضع تصميمها االساسي هيجل نفسه

،وتناقـضات التطـور ، وهـي حركـة التطـور ، واخلطوط االساسية اربعة .واالقرار باالرتباط العام، التطور وقفزات

يرتكز على خلط ، ـ اضف اىل ذلك ان هذا التناقض املزعوم يف ثالوث الوجود 1 ليس فان مفهوم الوجود. والواقع املوضوعي لذلك الشيء، خر بني فكرة الشيءآ

واذا . وهي غري الواقع املوضوعي للوجود، اال عبارة عن فكرة الوجود يف اذهاننافان واقع الوجود معني ، ميزنا بني فكرة الوجود وواقع الوجود زال التناقض

واما فكرتنا عن الوجود فهي ، وحمدد ال ميكن سلب صفة الوجود عنه مطلقا .خوذ عنهأ املوامنا هي املفهوم الذهين، ليست وجودا واقعيا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 196: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٩٦

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 197: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٩٧

حركة التطورـ١ :قال ستالني

ــديالك[ ــة ان ال ــا للميتافيزي ــة ، تيك خالف ــة حال ــرب الطبيع ال يعتــة ركــود واســتقرار، ســكون ومجــود ــة حركــة ، حال بــل يعتربهــا حالــني ــري دائم ــان ، وتغ ــور ال ينقطع ــدد وتط ــة جت ــا . حال ــا دائم ففيه

ــضمحل ــل وي ــيء ينح ــور وش ــد ويتط ــيء يول ــد . ش ــذا تري وهل مــنالطريقــة الديالكتيكيــة ان ال يكتفــي بــالنظر اىل احلــوادث

ــبعض ــضها ل ــات بع ــث عالق ــة، حي ــصورة متقابل ــر ، ب ــل ان ينظ ب مــن ، مــن حيــث تغريهــا وتطورهــا، مــن حيــث حركتــها أيــضا اليهــا

.)١(] حيث ظهورها واختفائها :وقال اجنلز

ــامل وك [ ــر اىل الع ــا اال ننظ ــي لن ــياء أينبغ ــن اش ــب م ــه مرك نــاجزة ــه وك ، ن ــر الي ــي ان ننظ ــل ينبغ ــا أب ــب يف ادمغتن ــه مرك ان . نــذا ــالل ه ــصريورة واالحن ــن ال ــع م ــري ال ينقط ــن تغ ــنم ع ــرور ي ، امل

ــة ــدم يف النهاي ــار النمــو املتق ــشرق ــث ي ــصدف، حي ــع ال رغــم مجي .)٢(] اىل الوراءةوقتالظاهرة والعودات امل

ولـيس هلـذا التطـور او ، فكل شيء خاضع لقوانني التطـور والـصريورة .لالمتناهية للوجود كلهن احلركة هي املسالة األ، الصريورة حد يتوقف عنده

.٧ـ املادية الديالكتيكية واملادية التارخيية ص 1 .٩٨ ـ ٩٧ـ هذه هي الديالكتيكية ص 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 198: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٩٨

ويزعم الديالكتيكيون ام وحدهم الذين يعتـربون الطبيعـة حالـة حركـة وينعون على املنطق امليتـافيزيقي واالسـلوب التقليـدي للـتفكري . وتغري دائمني

اذ يفتـرض الطبيعـة يف حالـة سـكون ومجـود ، طريقة دراسته لالشياء وفهمها فـالفرق بـني . بيعة على واقعهـا املتطـور املتحـرك فهو ال يعكس الط ، مطلقني

واملنطـق ، بـدا أاملنطق اجلديل الذي يعتقد يف الطبيعة حركـة دائمـة وصـاعدة ارادا ان يسربا اغوار كائن حي يف ، الشكلي ـ يف زعمهم ـ كالفرق بني شخصني

مث وقـف احـدمها يراقـب تطـوره ، جرى كل منهما جتاربه عليه أف، شىت ادواره خـر بالتجربـة واكتفـى اآل ، ويدرسه على ضوء تطوراته كلها ، املستمرةوحركته

.ثابـت يف هويتـه وواقعـه ، معتقدا ان ذلك الكـائن جامـد يف كيانـه ، االوىل يف ، مــن النبــات او احليــوان، برمتــها شــاا شــان هــذا الكــائن احلــي

.اذا جاراها يف حركتها وتطورهافال يواكبها الفكر اال ، تطوره ومنوه الذي يعتربه اجلـدل احلـديث مـن ، واقع ان قانون التطور الديالكتيكي وال

وامنـا اجلديـد طابعـه ، ليس شيئا جديدا يف الفكر االنـساين ، مميزاته االساسية فهـو يف حـدوده الـصحيحة . كما سـنعرف ، الديالكتيكي الذي جيب نزعه عنه

يالكتيك يف وال فـضل للـد ، وال صلة لـه بالـديالكتيك ، ينسجم مع املنطق العام ونعـرف سـبق امليتافيزيقـا ، جل ان نقبل هذا القـانون فليس علينا أل ، اكتشافه

واساس اجلـدل القـائم عليـه يف عـرف ، اال ان جنرده عن قالب التناقض ، اليه .الديالكتيك

ان امليتافيزيقي يف زعم الديالكتيكي يعتقد ان الطبيعة جامـدة خيـيم عليهـا ـ ، السكون ـ ، ت ال يـتغري وال يتبـدل وان كل شيء فيها ثاب ن اليتـافيزيقي أك

،وسـلب منـه الـشعور واحلـس معـا ، املسكني قد حرم من كل الوان االدراك مـن ، وحـىت االطفـال ، فاصبح ال حيس وال يشعر مبا يشعر به مجيـع النـاس

. ضروب التغري والتبدل يف دنيا الطبيعة مل الطبيعـة ان االميان بوجـود الـتغري يف عـا ، ومن الواضح لدى كل احد

، وليست موضـعا خلـالف او نقـاش ، لة ال حتتاج اىل دراسات علمية سابقة أمس فـان الـتغري . ومدى عمقـه وعمومـه ، وامنا اجلدير بالدرس هو ماهية هذا التغري

والتـاريخ الفلـسفي يـروي . خر احلركـة واآل، احدمها التعاقب البحت : حنوان

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 199: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

١٩٩

بل يف كنهه وتفسريه الفلـسفي ، عامة لة التغري بصورة أال يف مس ، حادا صراعا :ويدور الصراع حول اجلواب عن االسئلة التالية. الدقيق

عبـارة عـن ، هل التغري الذي يطرا على اجلسم حني يطـوي مـسافة مـا فتكونـت يف الـذهن فكـرة ، تعاقبت بـسرعة ، وقفات متعددة يف اماكن متعددة

ال وقـوف فيـه وال ، جاحلركة؟ او ان مرد هذا التغري اىل سـري واحـد متـدر يعـين ، على املاء حني تتضاعف حرارتـه وتـشتد أسكون؟ وهل التغري الذي يطر يتلو بعضها بعـضا؟ او انـه يعـرب عـن حـرارة ، جمموعة من احلرارات املتعاقبة

.واحدة تتكامل وتتحرك وتترقى درجتها؟ الـيت حتتـاج اىل ، وهكذا نواجه هذا السؤال يف كل لون من الوان الـتغري

.شرح فلسفي باحد الوجهني اللذين يقدمهما السؤال نكـرت أـا أ، والتاريخ االغريقي حيدث عن بعـض املـدارس الفلـسفية

الـذي يـرد الـتغري اىل تعاقـب امـور ، خر للتغري واخذت بالتفسري اآل ، احلركة كد علـى ان حركـة املـسافر أالذي ، )زينون(من رجاالت تلك املدرسة ، ساكنة

فهـو . ليست اال سلسلة مـن سـكنات متعاقبـة ، رض اىل اقصاها من اقصى اال وان ، بل يـرى كـل ظـاهرة ثابتـة ، ال يتصور التدرج يف الوجود والتكامل فيه

وعلـى هـذا . ال بتطور االمر الواحد وتدرجه ، التغري حيصل بتعاقب االمور الثابتة مـن تلـك عبارة عن وقوفه يف النقطـة االوىل ، تكون حركة االنسان يف مسافة ما

فـاذا راينـا شخـصني ... وهكذا ، ففي الثالثة ، فوقوفه يف النقطة الثانية ، املسافة فكالمهـا يف ، حنو اجتاه خـاص خر ميشي ساكن واآل، احدمها واقف يف نقطة معينة

معينـة علـى طـول غري ان االول ساكن يف نقطـة ، واقف ساكن ) زينون(ي أر ولـه يف كـل ، عدد النقاط اليت يطويهـا لت، خر فله سكنات متعددة واما اآل ، اخلط

وهو يف كـل تلـك اللحظـات ال خيتلـف مطلقـا عـن ، حلظة مكانية خاصة وان كـان سـكون ، فهما معـا سـاكنان . الشخص االول الواقف يف نقطة معينة

يف نقطـة اخـرى ، خـر آ االول مستمرا وسكون الثاين يتبدل بسرعة اىل سكون االختالف بني سكون قصري االمـد وسـكون فاالختالف بينهما هو . من املسافة .طويل االمد

وقد برهن علـى وجـه . وبعض فالسفة االغريق ) زينون(هذا ما كان حياوله

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 200: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٠٠

اليت مل يقدر هلا النجاح والتوفيق يف امليدان ، باالدلة االربعة املشهورة عنه ظره ن ن مدرسة ارسطو ـ وهي املدرسـة الفلـسفية الكـربى يف العهـد أل، الفلسفي

وبرهنـت علـى ، وردت على تلك االدلة وزيفتـها ، االغريقي ـ امنت باحلركة مبعـىن ان الظـاهرة الطبيعيـة ، وجود احلركة والتطور يف ظواهر الطبيعة وصفاا

بل توجد علـى التـدريج وتـستنفذ امكاناـا ، قد ال توجد على التمام يف حلظة فاملـاء حـني تتـضاعف . وبذلك حيصل التطور ويوجـد التكامـل ، شيئا فشيئا

توجـد ، ال يعين ذلك انه يف كل حلظة يستقبل حـرارة بدرجـة معينـة ، حرارته بـل حمتـوى ، على التمام مث تفىن وختلق من جديد حرارة اخرى بدرجة جديـدة

، ولكنها مل توجد علـى التمـام . تلك املضاعفة ان حرارة واحدة وجدت يف املاء ولـذلك اخـذت ، الوىل كل طاقاـا وامكاناـا مبعىن اا مل تستنفذ يف حلظتها ا

وبـالتعبري الفلـسفي اـا . وتترقى بعد ذلك وتتطور ، تستنفذ امكاناا بالتدريج ومن الواضح ان التكامل ـ او احلركة التطويريـة ـ ال . حركة مستمرة متصاعدة

واما تتـابع ظـواهر متعـددة يوجـد كـل ، ميكن ان يفهم اال على هذا االساس فلـيس ، وتفسح اال بفنائها لظـاهرة جديـدة ، منها بعد الظاهرة السابقة واحدة

.وبالتايل ليس حركة وامنا هو لون من التغري العام، هذا منوا وتكامالوتطور للشيء يف الدرجات الـيت تتـسع هلـا ، فاحلركة سري تدرجيي للوجود

ء مـن القـوة ولذلك حدد املفهوم الفلسفي للحركة باا خروج الـشي . امكاناته .)١(اىل الفعل تدرجييا

فـان ، عـن احلركـة ويرتكز هذا التحديـد علـى الفكـرة الـيت قـدمناها ـ كما عرفنا ـاحلركة خر آء مطلقا ووجود شيء نا ليست عبارة عن فناء الشيء ف ـ فيجـب اذن ان حتتـوي كـل . وامنا هي تطور الشيء يف درجات الوجود ، جديد

وهـذا الوجـود هـو . نذ تنطلق اىل ان تتوقف م. حركة على وجود واحد مستمر وكل درجـة تعـرب عـن ، مبعىن انه يتدرج ويثرى بصورة مستمرة ، الذي يتحرك

وهذه املراحل امنا توجد باحلركة فالـشيء ، مرحلة من مراحل ذلك الوجود الواحد بـل هـو . املتحرك او الوجود املتطور ال ميكلها قبل احلركة واال ملا وجدت حركة

.والفعل عبارة عن وجوده حقيقة، ـ القوة عبارة عن امكان الشيء 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 201: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٠١

وباحلركـة تـستنفذ تلـك ، ظة االنطالق يتمثل لنا يف قـوى وامكانـات يف حل ويستبدل يف كل درجة من درجات احلركة االمكان بـالواقع والقـوة ، االمكانات

فاملاء قبل وضعه علـى النـار ال ميلـك مـن احلـرارة احملـسوسة اال . بالفعلية احلـرارة بـل لدرجة معينـة مـن مكاناإوهذا االمكان الذي ميلكه ليس ، امكاا

هي جبميع درجاا ـ اليت تؤدي اىل احلالة الغازية يف النهائية ـ ممكنة للماء وحـني مبعـىن ان ، حرارتـه باحلركـة والتطـور أثر حبرارة النار تبـد أ باالنفعال والت أيبد

واملـاء يف كـل مرحلـة ، القوى واالمكانات اليت كانت متلكها تتبدل اىل حقيقة ولـذلك تكـون القـوة والفعليـة ، رج من امكان اىل فعلية من مراحل احلركة خي

ويف اللحظة الـيت تـستنفذ مجيـع االمكانـات ، متشابكتني يف مجيع ادوار احلركة فهـي مـن ناحيـة فعليـة : فاحلركة اذن يف كل مرحلة ذات لونني . تقف احلركة

ـ ألن ،وواقعية ن الدرجة اليت تسجلها املرحلة موجودة بصورة واقعيـة وفعليـة وم الـيت ينتظـر مـن ، ناحية اخرى هي امكان وقوة للدرجات االخرى الـصاعدة

فاملاء يف مثالنا اذا ال حظناه يف حلظة معينة . ان تسجلها يف مراحلها اجلديدة ، احلركة ولكنـه يف نفـس ، جند انه سـاخن بالفعـل بدرجـة مثـانني مـثال ، من احلركة

. طـور للحـرارة اىل اعلـى وقوة ت ، الوقت ينطوي على امكان ختطي هذه الدرجة خـذ مثـاال اعمـق أولن. ففعلية كل درجة يف مرحلتها اخلاصة مقارنة لقوة فنائها

، فنطفـة ، فهـو بويـضة ، وهو الكائن احلي الذي يتطور حبركة تدرجيية ، للحركة ان هـذا الكـائن يف مرحلـة حمـدودة مـن . فراشـد ، فمراهق، فطفل، فجنني

،خـر مقابـل للنطفـة آفس الوقـت شـيء ولكنه يف ن ، حركته هو نطفة بالفعل ومعـىن هـذا ان احلركـة يف هـذا الكـائن قـد ، وارقى منها جـنني بـالقوة

درجـة فلو مل يكـن يف الكـائن احلـي قـوة . ازدوجت فيها الفعلية والقوة معا ولو مل يكن شيئا من االشـياء بالفعـل لكـان ، وامكاناا ملا وجدت حركة جديدة

تلف دائمـا مـن شـيء بالفعـل أفالتطور ي . كة ايضا فال توجد حر ، عدما حمضا وهكذا تستمر احلركة ما دام الشيء حيتوي علـى الفعليـة والقـوة . وشيء بالقوة

ومل تبـق يف الـشيء طاقـة ، فاذا نفذ االمكـان ، على الوجود واالمكان معا ، معا .انتهى عمر احلركة، على درجة جديدة

او تـشابك القـوة ، الفعل تدرجييا هذا هو معىن خروج الشيء من القوة اىل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 202: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٠٢

.والفعل او احتادمها يف احلركة وهذا هو املفهوم الفلسفي الـدقيق الـذي تعطيـه الفلـسفة امليتافيزيقيـة

وقد اخذته املادية الديالكتيكية فلـم تفهمـه ومل تتبينـه علـى وجهـه . للحركة مر يف التنـاقض املـست ، فزعمـت ان احلركـة ال تـتم اال بالتنـاقض . الصحيح

.كما سوف نعرف عن قريب. صميم االشياء علـى يـد الفيلـسوف االسـالمي . وجاء بعد ذلك دور الفلسفة االسالمية

وبـرهن فلـسفيا علـى ، الكبري صدر الدين الشريازي فوضع نظرية احلركة العامة ال متس ظواهر الطبيعة وسطحها العرضي ، ان احلركة مبفهومها الدقيق الذي عرضناه

حلركـة يف تلـك الظـواهر ليـست اال جانبـا مـن التطـور بـل ا ، فحسب . وهو التطور يف صميم الطبيعـة وحركتـها اجلوهريـة ، يكشف عن جانب اعمق

، ملا كـان معناهـا التجـدد واالنقـضاء ، ذلك ان احلركة السطحية يف الظواهر نأل، غري ثابـت الـذات ايـضا ، متجددامراأفيجب هلذا ان تكون علتها املباشرة

فـال ميكـن ان يكـون ، وعلـة املـتغري املتجـدد متجـددة ، الثابت ثابتة علة بـل تـصبح قـرارا ، واال مل تنعدم اجزاء احلركة ثابتا السبب املباشر للحركة امرا

.)١( ناوسكو

:ـ ويتلخص االستدالل الرئيسي على احلركة اجلوهرية باالمرين التاليني 1

حركات العرضية والسطحية يف االجسام ـ من ان العلة املباشرة لل: االولوهذا املعىن صادق حىت على . امليكانيكية والطبيعية ـ قوة خاصة قائمة باجلسم

كما اذا دفعت . اليت يبدو الول وهلة اا منبثقة عن قوة منفصلة. ليةاحلركات اآلولة فان املفهوم البدائي من هذه احلركة اا معل، او عمودي، جبسم يف خط افقي

فان العامل اخلارجي مل ، ولكن الواقع غري هذا، والعامل املنفصل. للدفعة اخلارجية. واما احملرك احلقيقي فهو القوة القائمة باجلسم، من شروط احلركةيكن اال شرطا

جل ذلك كانت احلركة تستمر بعد انفصال اجلسم املتحرك عن الدفعة وأل ما بعد هاز امليكانيكي املتحرك يسري مقداراوكان اجل. والعامل املنفصل، اخلارجية

وعلى هذا االساس وضع امليكانيك احلديث قانون . يل احملركبطالن العامل اآلما مل مينعه شيء . ك استمر يف حركتهران اجلسم اذا ح: القائل، القصور الذايت

ترب اذ اع، سيء استخدامهأغري ان هذا القانون . خارجي عن مواصلة نشاطه احلركي، دليال على ان احلركة حني تنطلق ال حتتاج بعد ذلك اىل سبب خاص وعلة معينة

ولكن الصحيح ان التجارب العلمية يف . العلية وقوانينها مبدأ واختذ اداة للرد علىامنا تدل على ان العامل اخلارجي املنفصل ليس هو العلة احلقيقية ، امليكانيك احلديث

ركة اجلسم بعد انفصال اجلسم املتحرك عن العامل حواال ملا استمرت . للحركة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 203: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٠٣

بل اوضح ان ، ومل يربهن الفيلسوف الشريازي على احلركة اجلوهرية فحسب وفـسر علـى . فية للميتافيزيقيـة احلركة يف الطبيعة من الضرورات الفلـس أمبد

كمـشكلة ، وعدة من املشاكل الفلسفية االخـرى )١(ضوئه صلة احلادث بالقدمي

وان ، تكون العلة املباشرة للحركة قوة قائمة باجلسماخلارجي املستقل وجيب هلذا ان

.تكون العوامل اخلارجية شرائط ومثريات لتلك القوةفاذا كانت ، ان املعلول جيب ان يكون مناسبا للعلة يف الثبات والتجدد: الثاين

واذا كان املعلول متجددا ومتطورا كانت العلة ، كان املعلول ثابتاالعلة ثابتة اذ لو كانت علة احلركة ثابتة ، طبقا لتجدد احلركة وتطورها نفسها، متجددة، واستقرارافتعود احلركة سكونا، ومستقرالكان كل ما يصدر منها ثابتا، ومستقرة

.وهو يناقض معىن احلركة والتطور :االمرين نستنتجوعلى اساس هذين

فهذه القوة ، ان القوة القائمة باجلسم واحملركة له قوة متحركة ومتطورة: والأوهي قوة جوهرية ، بسبب تطورها تكون علة للحركات العرضية والسطحية مجيعا

ن العرض يتقوم باجلوهر ـ وهكذا ثبتت ـ اذ ال بد ان تنتهي اىل قوة جوهرية أل .ةاحلركة اجلوهرية يف الطبيع

وقوة جوهرية ، من مادة تعرضها احلركاتتلف دائماأان اجلسم ي: ثانيا .وبسببها حتصل احلركة السطحية يف ظواهر اجلسم واعراضه، متطورة

كثر من هذه أن ان نعرض احلركة اجلوهرية وبراهينها بوليس يف املستطاع اآل .اللمحةعتبارها قدمية وازلية ان العلة با: ـ واملشكلة يف صلة احلادث بالقدمي هي 1

وعلى هذا االساس . ويتفق معها يف القدم واالزلية، جيب ان تكون علة ملا يناسبهاان االميان باخلالق االزيل حيتم من ناحية فلسفية االعتقاد ، خيل لعدة من امليتافيزيقيني

وقد حل الشريازي هذه املشكلة. لئال ينفصل املعلول عن علته، بقدم العامل وازليتهفان ، ان عامل املادة يف تطور وجتدد مستمر: القائلة، على ضوء احلركة اجلوهرية

ومل يكن الجل ، حدوث العامل على هذا االساس كان نتيجة حتمية لطبيعته التجددية .حدوث العلة وجتدد اخلالق االول

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 204: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٠٤

.)٢( ومسالة جترد املادة وعالقة النفس باجلسم )١( الزمان باـا تـؤمن جبمـود ، فهل يصح بعد هذا كله اام االهلية او امليتافيزيقيـة

. الطبيعة وسكوا؟ ن هذا االام ال مربر لـه اال سـوء فهـم املاديـة الديالكتيكيـة واحلقيقة ا

.مبعناها الفلسفي الصحيح، للحركةونظريـة احلركـة ، فما هو الفارق بني احلركة وقانوـا العـام يف فلـسفتنا

.الديالكتيكية يف املادية اجلدلية؟ :ان االختالف بني احلركتني يتلخص يف نقطتني اساسيتني

أسـاس تقـوم علـى ، ان احلركة يف مفهومها الـديالكتيكي :النقطة االوىل فهـذا التنـاقض والـصراع هـو القـوة . التناقض والصراع بـني املتناقـضات

وعلـى عكـس ذلـك يف مفهومنـا . الدافعة للحركة واخلالقة للتطور ، الداخلية مـن ، الفلسفي عن احلركة فانـه يعتـرب احلركـة سـريا مـن درجـة مقابلـة

.ك الدرجات املتقابلة يف مرحلة واحدة من مراحل احلركةدون ان جتتمع تلوحنلـل املغالطـة ، جل ان يتضح ذلك جيب ان منيز بني القـوة والفعـل وأل

ان احلركة مركبـة . املاركسية اليت ترتكز على اعتبار القوة والفعل وحدة متناقضة ان وال ميكـن ، فالقوة والفعل متشابكان يف مجيـع ادوار احلركـة . من قوة وفعل

فالوجود يف كـل دور مـن ادوار ، توجد ماهية احلركة دون احد هذين العنصرين ، وعلى درجة ارقى منـها بـالقوة ، حيتوي على درجة معينة بالفعل ، سريه التكاملي

فهو يف اللحظة اليت يتكيف فيها بتلك الدرجة يسري يف اجتـاه متـصاعد ويتخطـى .درجته احلاضرة

وان الوجـود املتطـور ، لـون مـن التنـاقض وقد خيل للماركسية ان هذا

يرده فيه اىل احلركة اجلوهرية ، للزمان جديداـ فقد قدم الشريازي تفسريا 1

ومل يعد ، وذا اصبح الزمان يف مفهومه الفلسفي هذا مقوما للجسم، بيعةلطل .شيئا جمردا مستقال عنه

يف الفصل االخري من هذه ، وعالقة النفس باجلسم، ـ سوف نعرض لتجرد املادة 2 .لةأاملس

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 205: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٠٥

هو الـذي يولـد وان هذا الصراع بني النقيضني ، حيتوي على الشيء ونقيضه .احلركة

:جنلزأقال ــتالف [ ــل االخ ــف ك ــع خيتل ــات ، ان الوض ــر اىل الكائن اذ ننظ

ــها ــة حركت ــي يف حال ــا ، وه ــة تغريه ــة ت، يف حال ثرياــا أيف حالــبعض ــضها ال ــى بع ــة عل ــ، املتبادل ــد حي ــذه أث جن ــدء ه ــسنا ب نف

ــرة ب ــضات أالنظ ــورون يف التناق ــا مغم ــي ، نن ــسها ه ــة نف فاحلركــدث ــن ان حي ــان ال ميك ــانيكي يف املك ــري ميك ــسط تغ ــاقض ان اب تن

ــا ــسم م ــة ج ــطة كينون ــا، اال بواس ــان م ــا، يف مك ــة م ويف ، يف حلظــذلك ــة ك ــك اللحظ ــس تل ــان ، نف ــك املك ــري ذل ــه ، يف غ أي كينونت

ــا يف ــه مع ــدم كينونت ــدوع ــان واح ــدة، مك ــة الواح ــس اللحظ ،يف نفــستمرا ــا م ــاقض تتابع ــذا التن ــابع ه ــال، فتت ــاقض ح ــذا التن وحــل ه

.)١(] هو ما يسمى باحلركة، متواقتا مع هذا التتابع هـذا املفهـوم الـذي ، يف املادية اجلدليـة انظروا ما اسخف مفهوم احلركة

مـن احلركـة لـو وهو ال يعلم ان درجـتني ، التناقض أساس يشرحه اجنلز على وبالتـايل ، التطـور أمكـن ملـا ، يف مرحلة معينة منـها ، كانتا موجودتني بالفعل

ومـن حـد ، احلركة انتقال للموجود من درجة اىل درجـة ألن ،جلمدت احلركة ، ملـا وجـدت حركـة ، فلو كانت احلدود والنقاط كلها جمتمعة بالفعـل ، اىل حد

، عـدم التنـاقض ألـى ضـوء مبـد فمن الضروري ان ال تفسر احلركـة اال ع واال ـ لو جاز التناقض ـ فمن حقنا ان نتساءل هل ان احلركـة تنطـوي علـى

والتبـدل يف حـدوده ونوعيتـه او ال؟ فـان مل ، التغري يف درجات الشيء املتطور . بل هـي مجـود وثبـات ، يكن فيها شيء من التغري والتجدد فليست هي حركة

اذا ، فلمـاذا هـذا التجـدد ، د والتغري يف احلركـة وان اعترفت املاركسية بالتجد بـسط أومل يكـن بينـها تعـارض؟ ان ، كانت املتناقضات كلها موجودة بالفعل

وعـدم امكـان ، حتليل للحركة يطلعنا على اا مظهـر مـن مظـاهر التمـانع

.٢٠٢ـ ضد دوهرنك الفلسفة ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 206: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٠٦

الـتغري ، الذي يفرض على املوجود املتطور ، االجتماع بني النقائض واملتقابالت اال ، وليس التناقض او الـديالكتيك املزعـوم يف احلركـة . ه لدرجته وحد املستمر

.باعتبار اخللط بني القوة والفعلوامنـا ، او فعلتني متناقـضتني ، فاحلركة يف كل مرحلة ال حتتوي على درجتني

ولـذلك كانـت ، وعلى درجة اخـرى بـالقوة ، حتتوي على درجة خاصة بالفعل .وة اىل الفعل احلركة خروجا تدرجييا من الق

هو الذي صار سـببا يف تزويـر مفهـوم ، ولكن عدم الوعي الفلسفي الكامل .احلركة

حـيط أوكل مـا ، وتفسري احلركة به ، وهكذا يتضح ان قانون نقض النقض الـيت ، من ضوضاء وضجيج وصخب وسـخرية باالفكـار امليتافيزيقيـة ، به ذلك

فهـوم الفلـسفي الـذي ان كـل ذلـك مـرده اىل امل ، عدم التناقض أتؤمن مببد فـاعتربت تـشابك القـوة ، والذي اساءت املاركـسية فهمـه ، عرضناه للحركة

عبـارة عـن اجتمـاع فعليـات ، يف مجيع مراحـل احلركـة ، والفعل او احتادمها أوصراع بني املتناقضات فرفـضت الجـل ذلـك مبـد ، وتناقض مستمر ، متقابلة

ت هـذه احملاولـة املاركـسية وليـس . واطاحت باملنطق العام كله ، عدم التناقض ،فان بعض املفكرين امليتافيزيقيني حـاولوا شـيئا مـن ذلـك ، هي االوىل يف باا

وهـو ان املاركـسية ارادت ان تـربر ، يف التاريخ الفلسفي القدمي مع فارق واحد واما اولئك فحـاولوا ان يربهنـوا علـى سـلبية امكـان ، التناقض ذه احملاولة

، يضاأوللفخر الرازي حماولة من هذا القبيل . وائها على التناقض باعتبار انط ، احلركة، أي وجود الشيء على سـبيل التـدريج ، ذكر فيها ان احلركة عبارة عن التدرج

مـن نـه يـؤدي اىل لـون أل، وزعم ان التـدرج يف الوجـود غـري معقـول ت مـن عـدم الـوعي أوقد اوضح احملققون من الفالسـفة اـا نـش . التناقض . ملعىن التدرج والوجود التدرجييالصحيح

ان احلركة ليست صـراعا بـني فعليـات ، وملا كنا نعرف االن بكل وضوح وخروج تـدرجيي للـشيء مـن ، بل هي تشابك بني القوة والفعل ، متناقضة دائما

كن ان تكتفي ذاتيا عـن ـدرك ان احلركة ال مي ـنستطيع ان ن ، خرحدمها اىل اآل أ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 207: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٠٧

ولـيس ، لسبب خـارجي طور ال خيرج من الفعل اال وان الوجود املت ، السببالصراع بني التناقضات هو العلة الداخلية لـذلك اذ ليـست يف احلركـة وحـدة

فما دام الوجـود املتطـور . للتناقضات واالضداد لتنجم احلركة عن الصراع بينها الـيت سـوف حيـصل ، يف حلظة انطالق احلركة خاليا من الدرجات او النوعيات

ومل يكن يف حمتواه الداخلي اال امكان تلـك الـدرجات ، مراحل احلركة عليها يف لتبـديل ، فيجب ان يوجد سبب الخراجه من القـوة اىل الفعـل ، واالستعداد هلا

.االمكان الثابت يف حمتواه الداخلي اىل حقيقةوذا نعرف ان قانون احلركة العامة يف الطبيعة يربهن بنفسه علـى ضـرورة

ذلك ان احلركة مبوجب هـذا القـانون هـي ، حدودها املادية خارج أوجود مبد ، فوجود الطبيعة عبارة اخـرى عـن حركتـها وتـدرجها . كيفية وجود الطبيعة

وقد اارت لـدينا نظريـة االسـتغناء . وخروجها املستمر من االمكان اىل الفعلية ا ـ يف اليت تنبثق احلركة عـن الـصراع بينـه ، الذايت للحركة بتناقضاا الداخلية

وان ، فيجـب ان يوجـد التعليـل ، زعم املاركسيني ـ اذ ال تناقض وال صـراع ن أي شـيء موجـود يف الطبيعـة أل، يكون التعليل بشيء خارج حدود الطبيعة

اذ ال ثبات يف عـامل الطبيعـة مبوجـب قـانون احلركـة ، فوجوده حركة وتدرج .فال ميكن ان نقف بالتعليل عند شيء طبيعي، العامة

ان احلركة يف الراي املاركسي ال تقف عنـد حـدود الواقـع : قطة الثانية الن فكمـا يتطـور . يـضا أبل تعم احلقائق واالفكـار البـشرية ، املوضوعي للطبيعة

كـذلك ختـضع احلقيقـة واالدراكـات الذهنيـة ، الواقع اخلارجي للمادة وينمو على هـذا االسـاس و، اليت جتري على دنيا الطبيعة ، لنفس قوانني التطور والنمو

. ال توجد يف املفهوم املاركسي للفكرة حقائق مطلقة :قال لينني

ــوانني [ ــم الق ــاركس ـ عل ــر م ــو اذن ـ يف نظ ــديالكتيك ه فالــة ــة للحركـ ــر ، العامـ ــارجي ام الفكـ ــامل اخلـ ــواء يف العـ سـ

.)١(] البشري

.٢٤ـ ماركس اجنلس واملاركسية ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 208: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٠٨

فانـه قـانون طبيعـي ، يناأيف ر ، وعلى العكس من ذلك قانون احلركة العامة فاحلقيقـة او املعرفـة ال توجـد . وال يشمل دنيا الفكر واملعرفة ، سود عامل املادة ي

وضـحنا أكمـا ، تطور مبعناه الفلـسفي الـدقيق ، وال ميكن ان يوجد فيها ، فيها ).نظرية املعرفة(لة االوىل أيف املس، ذلك بكل جالء

رفـة او ن من درس احلركة الديالكتيكيـة املزعومـة يف املع وما نرمي اليه اآل لالسـتدالل ، هو استعراض احملاوالت الرئيسية اليت اختـذا املاركـسية ، احلقيقة

:وتتلخص يف ثالث حماوالت. على ديالكتيك الفكر وحركته ان الفكر او االدراك انعكاس للواقـع املوضـوعي والجـل : احملاولة االوىل

بيعـة تتطـور فالط. ان يكون مطابقا له جيب ان يعكس قوانينه وتطوره وحركتـه وال ميكـن للحقيقـة ان تـصورها يف ، طبقا لقـانون احلركـة ، وتتغري باستمرار

اذا ، وامنـا توجـد احلقيقـة يف افكارنـا ، الذهن البشري اذا كانت جممدة ساكنة لتكـون مفاهيمنـا ، اخذت هذه االفكار على اعتبار اا تنمو وتتطور ديالكتيكيـا

.عن االشياء مواكبة لالشياء ذاا :تيةوحيسن بنا ان نالحظ يف هذا اال النصوص اآل

ــو ( ــع ينم ــش ، ان الواق ــيت تن ــة ال ــع أواملعرف ــذا الواق ــن ه مــه ــصبح عنــصرا، تعكــسه وتنمــو مثل ان. مــن عناصــر منــوه فعــاالوت

وامنــا الفكــر يعكــس الواقـــع ، الفكــر ال حيــدث موضــوعه .)١() باكتشاف قوانني منوه، املوضوعي ويصوره

ــديالكتيكيان الفــرق ( ــشكلي واملنطــق ال ــق ال ينحــصر ، بــني املنطــان بــصورة خمتلفــة ــع امــا يواجه املــسالة االساســية ، يف واق

ــق ــس ، للمنط ــي م ــةأوه ــق . لة احلقيق ــر املنط ــة نظ ــن وجه فمــيئا ــة ش ــست احلقيق ــديالكتيكي لي ــري ال ــدة ال غ ــرة واح ــى م ، معط

ــيئا ــست ش ــاكنا لي ــدا س ــددا جمم ــتمال حم ــالف ، مك ــر خ ــل االم ب

.٥٦ـ ما هي املادية ص 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 209: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٠٩

ــك ــامل . ذل ــسان للع ــة االن ــو معرف ــة من ــي عملي ــة ه فاحلقيق .)١()املوضوعي

ــسي ( ــديالكيت املارك ــق ال ــاول املنط ــه ، يتن ــذي يدرس ــشيء ال ال انـه ، مـن حيـث هـو عمليـة منـو تطويريـة ، من وجهـة نظـر تارخييـة .)٢()يطابق تاريخ العلوم، يطابق التاريخ العام للمعرفة

مـن الـوان لواقـع املوضـوعي لونـا وال ريب ان الفكر واالدراك يصور ا فينمو ويتحرك ، ولكن هذا ال يعين ان تنعكس فيه حركة الواقع املوضوعي ، التصوير :وذلك، تبعا له

واحلركة ـ حيتوي حتما علـى ، والتجدد، ان عامل الطبيعة ـ عامل التغري : اوال ،فـسه اال اذا انكـر ن ، وهذا ما ال ميكن الي منطـق انكـاره . قوانني عامة ثابتة

اال اذا اقـام طريقتـه يف الـتفكري وفهـم ، ن املنطق ال ميكن ان يكون منطقـا أل يعتـرب عـدة قـوانني ، وحىت الـديالكتيك نفـسه . العامل على قوانني معينة ثابتة

فعـامل . ومنـها قـانون احلركـة ، تسيطر على الطبيعة وتتحكم فيها بصورة دائمة ام منطـق الـديالكتيك ، العـام الطبيعة اذن سواء صح عليه املنطـق البـشري

يف دنيـا الفكـر وحقـل ، توجد فيه قوانني ثابتة تعكس حقـائق ثابتـة ، واجلدل .املعرفة البشرية

امـا ان يعتـربوا قـانون : مـرين أوالديالكتيكيون ازاء هذا االعتراض بني واما ان يكون نفـس هـذا . فقد وجدت احلقيقة الدائمة اذن ، ودائما احلركة ثابتا

واـا قـد تتبـدل اىل ، فمعىن هذا ان احلركـة ليـست دائمـة ، ن متغريا القانوومـن كـال احلـالني يكـون . وتعود احلقائق ثابتة بعد ان كانت متحركة ، ثبات

.الديالكتيك مرغما على االعتراف بوجود حقيقة ثابتة ان الفكـر او االدراك او احلقـائق ال تعكـس اخلـصائص الواقعيـة : ثانيا ان الـذهن البـشري يـدرك ، )نظرية املعرفـة (سبق ان اوضحنا يف فقد ، للطبيعة

.٩ـ املنطق الشكلي واملنطق الديالكتيكي ص1 .١٢ـ املنطق الشكلي واملنطق الديالكتيكي ص 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 210: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢١٠

واملفهوم الذي ينعكس فيه عـن ، مفاهيمها وما هياا ، من االشياء املوضوعية فالعـامل . يف الوجـود واخلـصائص ، االشياء خيتلف عن الواقـع اخلـارجي تلك

صونـشاطه اخلـا ،ميكنه ان يكون فكرة علمية دقيقة عـن امليكـروب وتركيبـه ال، ولكن الفكرة مهمـا كانـت دقيقـة ومفـصلة ، وتفاعالته مع جسم االنسان

وال ميكنـها ان تـؤدي نفـس الـدور ، توجد فيها خواص امليكروب اخلـارجي والفيزيائي قد يكتسب مفهوما علميـا دقيقـا عـن . الذي يؤديه واقعها املوضوعي

وشـحنات ، ربوعدد ما حتويـه مـن كهـا ، وكمية وزا الذري ، ذرة الراديوم ونـسبته العلميـة الدقيقـة اىل ، وكمية االشعاع الذي ينبثق عنها ، سالبة وموجبة

اىل غـري ذلـك مـن املعلومـات ، االشعاع الـذي ترسـله ذرات االورانيـوم او تعمـق يف الكـشف عـن ، غري ان هذا املفهوم مهما تعمقنا فيه ... والتفاصيل

أي خـواص ، قـع املوضـوعي لن يكتسب خـواص الوا ، اسرار عنصر الراديوم وبالتـايل لـن ، ولن يشع االشعاع الذي تولـده ذرات هـذا العناصـر ، الراديوم

كمـا تتطـور بعـض الـذرات يف اـال ، يتطور مفهومنا عن الذرة اىل اشعاع .اخلارجي

ال توجـد يف الفكـرة ، وهكذا يتضح ان قوانني الواقع املوضوعي وخواصـه فهـي وان كانـت مـن اخلـواص ، واص احلركـة ومن تلك القوانني واخل . ذاا

او الفكـرة الـيت ، ولكن احلقيقـة يف ذهننـا ، ومن قوانينها الثابتة ، العامة للمادة فال جيب يف الفكـرة الـصحيحة ان ، ال توجد فيها تلك اخلاصية ، تعكس الطبيعة

واال مل نكـن ، خبصائـصه والـوان نـشاطه املختلفـة ، تعكس الواقع املوضوعي .ة حقيقية يف مجيع افكارنا منلك فكر

، مع امياا بان الطبيعة هـي عـامل احلركـة والتطـور الـدائم ، فامليتافيزيقية الـا ، وترفض عموم قانون احلركة للمفـاهيم الذهنيـة ، ختتلف عن الديالكتيك

ولـيس معـىن هـذا ان . ال ميكن ان تتوفر فيها مجيع خصائص الواقع املوضوعي عن الطبيعـة يف مرحلـة مـن مراحلـها مجـدوا وا مفهوما امليتافيزيقيني اذا كون

واعتربوا ذلـك املفهـوم كافيـا السـتكناه اسـرار ، واوقفوا حبوثهم ، افكارهم ، فال نعرف عـاقال يكتفـي مـثال بـاملفهوم العلمـي ، يف شىت مراحلها ، الطبيعة

، فال يتـابع سـري الكـائن احلـي يف املرحلـة الثانيـة ، الذي يكونه عن البويض

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 211: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢١١

.ويكتفي مبا كونه من املفهوم العلمي عنه يف تلك املرحلة املعينة ونرى مـن الـضروري دراسـتها يف كـل ، فنحن اذن نؤمن بتطور الطبيعة

وليس هـذا مـن خمتـصات . وتكوين مفهوم عنه ، دور من ادوار منوها وحركتها ميكيـة هو وجود حركـة دينا . وامنا الذي يرفضه التفكري امليتافيزيقي . الديالكتيك

،فامليتافيزيقيـة تطالـب بـالتمييز بـني البـويض . طبيعية يف كل مفهوم ذهـين فيغـدو نطفـة مث جنينـا ، فالبويض يتطور وينمـو طبيعيـا . ومفهومنا العلمي عنه

ال ميكن ان ينمـو ويـصري نطفـة يف ، فهو مفهوم ثابت ، واما مفهومنا الذهين عنه ان نكـون مفهومـا ، النطفـة حال من االحوال وامنا جيب الجل معرفة ما هـي

فمثل التفكري يف ذلـك كمثـل . خر على ضوء مراقبة البويض يف مرحلة جديدة آ فليـست الـصورة . الذي يلتقط عددا من الصور املتالحقـة ، الشريط السينمائي

وامنا التتابع بني الـصور هـو الـذي ، االوىل يف الشريط هي اليت تتطور وتتحرك . يشكل الشريط السينمائي

اال كمـا يعكـس الـشريط ، لى هذا فاالدراك البشري ال يعكس الواقع وع فـاالدراك ال يتطـور . اليت حيفل ا الفـيلم الـسينمائي ، الوان احلركة والنشاط

وامنا جيب تكون ادراك ثابـت يف كـل ، وال ينمو ديالكتيكيا تبعا للواقع املنعكس .مرحلة من مراحل الواقع

) لفـا أ(شـعة أالـذي يـشع ب ، )اليورانيـوم (خر من عنصر آ خذ مثاال أولن اخـف منـه يف وزنـه ، ويتحول بالتـدريج اىل عنـصر اخـر ، )جاما(و) بيتا(و

الـذي يتحـول بـدوره وبالتـدريج اىل عنـصر ، )الراديوم(وهو عنصر ، الذري فهـذا واقـع موضـوعي . ومير يف ادوار حىت ينتـهي اىل الرصـاص ، اخف منه

فمـاذا تعـين املاركـسية ، مفهومنا اخلاص عنه ونكون على ضوئه ، يشرحه العلم بتطور املفهوم الذهين او احلقيقة ديالكتيكيا طبقا لتطور الواقع؟ فان كانـت تعـين

يتطـور تطـورا ديالكتيكيـا ، )اليورانيـوم (بذلك ان نفس مفهومنا العلمي عن ويتحـول يف ايـة ، فيشع اشـعته اخلاصـة ، تبعا لتطور اليورانيوم نفسه ، وطبيعيا

منـه اىل ، فهـذا اقـرب اىل حـديث الظـرف والفكاهـة . املطاف اىل رصاص ان االنـسان جيـب ان ال ، وان ارادت املاركـسية . احلديث الفلـسفي املعقـول

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 212: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢١٢

ويكون ، بل يتابع سريه وحركته ، كعنصر جامد ال يتحرك ، ينظر اىل اليورانيوم وال، قـاش فلـيس يف ذلـك موضـع للن ، مفهوما عنه يف كل مرحلة من مراحله

فان كل مفهوم نكونه عـن مرحلـة ، يعين حركة ديالكتيكية يف احلقائق واملفاهيم ، خـر آثابت وال يتطور ديالكتيكيا اىل مفهـوم ، معينة من مراحل تطور اليورانيوم

ويف ايـة املطـاف منلـك عـدة مـن املفـاهيم . وامنا يضاف اليه مفهوم جديد فـاين ، مـن الواقـع املوضـوعي ، ة خاصة يصور كل منها درج ، واحلقائق الثابتة

تبعـا . اجلدل والديالكتيك يف الفكر؟ واين ذلك املفهوم الـذي يتطـور طبيعيـا !.لتطور الواقع اخلارجي؟

.هذا كل ما يتصل باحملاولة املاركسية االوىل وتفنيدها اليت اختذا املاركـسية للتـدليل علـى ديالكتيـك الفكـر : احملاولة الثانية

ونتـاج عـال ، هي ان الفكر او االدراك ظاهرة مـن ظـواهر الطبيعـة وتطوره فتحكمه نفس القـوانني الـيت تـسيطر علـى ، وبالتايل جزء من الطبيعة ، للمادة

.كما تتحرك وتنمو مجيع ظواهر الطبيعة، ويتحرك وينمو ديالكتيكيا، الطبيعة هـي ف. ويلزمنا ان ننبه على ان هذا الدليل خيتلـف عـن الـدليل الـسابق

عـن طريـق ، احملاولة السابقة كانت املاركسية تربهن على وجود احلركة يف الفكر اذا مل ، واالنعكـاس ال حيـصل بـصورة تامـة ، للواقع املتحـرك كونه انعكاسا

وامـا يف هـذه احملاولـة . ينعكس الواقع املتحرك يف الفكر على حركتـه ومنـوه باعتبـاره جـزءا مـن ، فكـر فتستدل املاركسية على احلركة الديالكتيكيـة يف ال

وتـشمل الواقـع ، فقوانني الديالكتيك جتري على املـادة واالدراك معـا ، الطبيعة فالفكرة او احلقيقة متطـورة . كال منهما جانب من الطبيعة ألن والفكر على السواء

بل الا هـي بـذاا جـزء ، ال الا تعكس واقعا متطورا وناميا فحسب ، ونامية فالديالكتيك كما يـنص علـى وجـود . طبقا لقوانني الديالكتيك من العامل املتطور

يف حمتوى كـل ظـاهرة ، التناقض الداخلي أساس احلركة الديناميكية القائمة على كذلك يـنص عليهـا يف ظـواهر الفكـر واالدراك ، موضوعية من ظواهر الطبيعة

.مجيعا : فيما يتصل باملوضوع يف هذا النصأولنقر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 213: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢١٣

ــة ( ــو حرك ــون ه ــادةان الك ــوانني ، للم ــضع لق ــا مل. خت وملــا ــا اال نتاج ــن معرفتن ــة أتك ــى للطبيع ــس ، عل ــسعها اال ان تعك ال ي

.)١()هذه القواننيــن ( ــن اي ــوعي؟ وم ــو ال ــا ه ــر؟ وم ــو الفك ــا ه ــساءلنا م اذا ت

ــان؟أي ــة ، تي ــاج للطبيع ــسه نت ــو نف ــسان ه ــدنا ان االن ــا يف، وج من ، البيــانوعندئــذ يــصبح يف غــىن عــن. ومــع منــو هــذه البيئــة، بيئــة

ــشري ــذهن الب ــات ال ــف ان منتوج ــيت هــي ، كي ــضاأال ــد ي خــرآ عنــاقض و ــست يف تن ــة لي ــات للطبيع ــل منتوج ــع أحتلي ــق م ــا يف تواف من

.)٢()سائر الطبيعة املترابطة؟ هـي االخـذ بالتفـسري ، والنقطة االساسية اليت يرتكز عليها هذا االسـتدالل

بيعـة يف مجيـع قوانينـها الذي يفرض اشتراكه مـع الط ، املادي البحت لالدراك وسوف نقوم بتحليل تلـك النقطـة االساسـية . مبا فيها قانون احلركة ، ونواميسها :ولكنا حناول ان نتساءل هنـا مـن املاركـسيني . لةأمستقل من هذه املسيف جزء

خيتص بافكـار الـديالكتيكيني خاصـة؟ او ، هل التفسري املادي للفكر او االدراك ؟ فـان كـان يعـم االفكـار يؤمن بالديالكتيك ايـضا يعم افكار غريهم ممن ال

لقوانني التطور العام يف كافة ـ كما حتتمه الفلسفة املادية ـ وجب ان ختضع مجيعا ان تتـهم املاركـسية االفكـار ، جل ذلك من التناقض الطريـف ويبدو أل . املادة

،ميوتعترب فكرها وحـده هـو الفكـر املتطـور النـا ، االخرى باجلمود والقرار مع ان االفكـار البـشرية مجيعـا يف املفهـوم . باعتباره جزءا من الطبيعة املتطورة

املوضـوع ان اصـحاب املنطـق وقصارى مـا يف . املادي ليست اال نتاجا طبيعيا كما يؤمن ، االفكار ديالكتيكيا ال يؤمنون بتطور ـكما يزعمون ـالعام او الشكلي

شـرطا مـن ، نون مـن قـوانني الطبيعـة ولكن مىت كان االميان بقا . املاركسيون ابـن (وجـسم ، املكتـشف للميكـروب ) باستور(أليس جسم ! شرائط وجوده؟

الذي مل يكن يعرف عنه شـيئا يـشتركان معـا يف التفاعـل مـع تلـك ، )سينا

.١٥٠ ـ ١٤٩راجع صفحة ) ٢أو 1(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 214: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢١٤

ن يف كـل قـانون أوهكـذا الـش ! لقوانينها الطبيعية اخلاصـة؟ طبقا، اجلراثيم فهـو يـسري ، يعم الفكر واملادة معـا ، ونا طبيعيا فاذا كان الديالكتيك قان . طبيعي

وان كان يف اكتشافه شـيء فهـو االسـراع ، على االفكار البشرية على السواء .حبركة التطور فحسب

،اسـتغالل التطـور والتكامـل العلمـي يف شـىت امليـادين : احملاولة الثالثـة العلوم ـ يف الـزعم فتاريخ . واعتباره دليال جتريبيا على ديالكتيكية الفكر وتطوره

املتكامـل ، املاركسي ـ هو بنفسه تاريخ احلركة الديالكتيكية يف التفكري البـشري .على مر الزمن

:قال كيدروفــة [ ــة املطلق ــة ، واحلقيق ــي حرك ــسبيه ه ــائق ن ــن حق ــة م الناجت

ــة ــور تارخيي ــة ، تط ــة املعرف ــي حرك ــضبط . ه ــسبب بال ــذا ال وهلــسي ــديالكيت املارك ــق ال ــاول املنط ــش. يتن ــن ال ــه م ــذي يدرس يء ال

ــة ــر تارخيي ــة نظ ــة ، وجه ــو تطويري ــة من ــو عملي ــث ه ــن حي ــه . م انــة ــام للمعرف ــاريخ الع ــابق الت ــوم ، يط ــاريخ العل ــابق ت ــنني اذ، يط ولي

باســتخدامه مثــل العلــوم الطبيعيــة ، يــبني يف الوقــت نفــسه ــاريخ ــسياسي والتـ ــصاد الـ ــستمد . واالقتـ ــديالكتيك يـ ان الـ

ــر ــاريخ الفك ــن ت ــتنتاجاته م ــ، اس ــر يف يؤك ــاريخ الفك ــى ت د ان عل .)١( ]املنطق ان يطابق جزئيا وكليا قوانني الفكر

اما ان تاريخ املعارف والعلـوم االنـسانية زاخـر بتقـدم العلـم وتكاملـه يف ـ ، وخمتلف ابواب احلياة والتجربة ، شىت امليادين ، اثنـان هفهذا مـا ال خيتلـف في

جتعلنا نؤمن كـل االميـان مبـدى ، مسهأونظرة واحدة نلقيها على العلم يف يومه و ولكـن . الذي حصل عليه يف اشـواطه االخـرية ، التطور السريع والتكامل الرائع الـذي حتاولـه ، لوان احلركة مبفهومهـا الفلـسفي أهذا التطور العلمي ليس من

وزيـادة كميـة يف ، يف االخطـاء كميـا املاركسية بل ال يعدو ان يكون تقلـصا

.١٣ ـ ١٢ املنطق الشكلي واملنطق الديالكتيكي ص ـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 215: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢١٥

بـل مبعـىن ، ور ال مبعىن ان احلقيقة العلمية تنمـو وتتكامـل فالعلم يتط . احلقائق لتوسـع النطـاق تبعـا ، واخطـاءه تقـل وتتنـاقص ، ان حقائقه تزيد وتتكاثر

ومـن الـضروري اليـضاح . والتعمق يف التجربة وتـدقيق وسـائلها ، التجرييب واسـلوب التـدرج والتكامـل يف ، ذلك ان نعطي فكرة عن سري التطور العلمي

لنتبني مدى الفرق بـني ديالكتيـك الفكـر املزعـوم ، واحلقائق العلمية النظريات .والتطور التارخيي للعلوم البشرية من ناحية اخرى، من ناحية

خيطـر علـى ، كـافتراض حبـت ، سـلوب نظـري أ ب أان احلقائق العلمية تبد واملـشاهدات العلميـة ، بسبب عدة من املعلومات الـسابقة ، ذهن العامل الطبيعي

الـيت متـر ـا النظريـة العلميـة يف ، فالفرضية هي املرحلة االوىل . طةاو البسي ودراسـة جتريبيـة لتلـك ، مث يشرع العـامل يف حبـث علمـي ، سريها التطوري

عـن طريـق املـشاهدات العلميـة ، فيقوم مبختلف الـوان الفحـص ، الفرضية تـائج فـاذا جـاءت ن ، يف احلقل الذي خيص الفرضية ، الدقيقة والتجارب املتنوعة

ومنـسجمة مـع طبيعتـها وطبيعـة . مؤيـدة للفرضـية ، املشاهدات او التجربة وتـدخل ، وهو طـابع القـانون العلمـي ، جديدااكتسبت الفرضية طابعا ، ثارهاآ

ولكـن هـذا التطـور الـذي ينقـل . النظرية املرحلة الثانية من سريها العلمـي ان احلقيقـة العلميـة ليس معنـاه ، اىل درجة القانون ، النظرية من درجة الفرضية

فبلغـت ، وامنا معناه ان فكرة معينة كان مـشكوكا فيهـا . اخذت بالنمو واحلركة عـن الكائنـات احليـة ) باسـتور (فنظريـة . درجة الوثوق او الـيقني العلمـي

يـدا املـشاهدات الدقيقـة أمث ، حدسـي أسـاس اليت وضعها على ، امليكروبية ثـار افتراضـها يف ذهـن أاذبية العامة الـيت ونظرية اجل ، بالوسائل العلمية احلديثة

ملـاذا : جعلـه يتـساءل ، مشهد سقوط تفاحة على االرض ، مشهد بسيط ) نيوتن( هي بعينـها الـيت حتفـظ ، ال تكون القوة اليت جعلت التفاحة تسقط على االرض

وترسم له حركته؟ مث ايـدت التجـارب او املـشاهدات العلميـة ، للقمر توازنه علـى قائمـا عامـا واعتبارها قانونا ، جلاذبية لالجرام السماوية تعميم ا ، بعد ذلك

اىل، ن مرد اختالف االجسام يف سـرعة سـقوطها أوالنظرية القائلة ب . نسبة معينة مث، الـيت ولـدت كحـدس علمـي ... ال اىل اخـتالف كتلتـها ، مقارنة اهلواء

الـيت اجريـت علـى االجـسام ، استطاع العلم ان يوضح صدقها بالتجـارب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 216: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢١٦

يف درجـة معينـة فدلت على اا تشترك مجيعا ، يف مكان خال من اهلواء ، املتنوعة الـيت مـرت ، الف النظريات االخـرى آان هذه النظريات و : اقول، من السرعة

باجتيازها درجـة الفرضـية اىل درجـة ، كلها باملرحلة اليت اشرنا اليها من التطور عـن بـل ، عن منو يف نفـس احلقيقـة ، ال تعرب يف اجتيازها وتطورها هذا ، القانون

غـري اـا ، فـالفكرة هـي الفكـرة . االختالف يف درجة التصديق العلمي ـا بعـد ان كـان ، وانكـشفت لـذلك اـا حقيقـة ، جنحت يف االمتحان العلمي

.مشكوكا فيها خـذ أت، مث ان هذه النظرية بعـد ان حتتـل موضـعها مـن القـوانني العلميـة

الـيت ، سب صفتها كمرجع علمي لتفسري ظـواهر الطبيعـة وتك، جماهلا يف التطبيق ومهمـا . واستكشاف حقـائق واسـرار جديـدة ، تبدو لدى املشاهدة او التجربة

مث تؤكد التجربة بعـد ذلـك ، استطاعت ان تستكشف مزيدا من احلقائق اهولة ولـذلك عـد . ازدادت رسوخا ووضوحا يف الذهنية العلميـة ، صحة استكشافها

ان استكـشف العلمـاء كوكـب ، ات الكربى لقانون اجلاذبية العامة من االنتصار مث ايـدت وجـوده ، ومعادالتـه الرياضـية ، على ضوء قانون اجلاذبيـة ، )نبتون(

ليس اال لونا مـن الـوان شـدة الوثـوق أيضا وهذا. املشاهدات العلمية بعدئذ .بصحة النظرية وصواا، العلمي

ـ ثبتـت ، ال العلمـي علـى طـول اخلـط مث ان حالف التوفيق النظرية يف ا بعـد ، ت تضيق عن االنطباق على الواقـع املـدروس علميـا أواما اذا بد . ائيا

النظريـة عنـد ذاك أوتعميق املالحظة والفحص؛ فتبـد ، تدقيق االجهزة والوسائل ويف هذه املرحلة قد تـضطر املـشاهدات والتجـارب ، مرحلة التعديل والتجديد

تـضاف اىل ، مبفـاهيم جديـدة ، النظرية العلميـة الـسابقة اىل تكميل ، اجلديدة وقـد تكـشف . ليتم بذلك تفسري موحد للواقع التجرييب كلـه ، النظرية السالفة

،فتنهار ويعوض عنـها بنظريـة اخـرى ، الدالئل العلمية عن خطا النظرية السابقة .على ضوء التجارب واملشاهدات

ـ او ان ، ديالكتيكيـا ي فهمـا ويف كل ذلك ال ميكن ان نفهـم التطـور العلم تنمو وتتحرك مبوجـب التناقـضات احملتـواة ، نتصور احلقيقة كما يفترضها اجلدل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 217: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢١٧

وهـي يف تلـك االشـكال مجيعـا ، جديدافتتخذ يف كل دور شكال ، يف داخلها فان هذا بعيد كل البعد عـن الواقـع العلمـي للـتفكري . حقيقة علمية متكاملة

هـو الظفـر حبقـائق ، دث يف جمال التعديل العلمي بل الشيء الذي حي . البشريـ ، جديدة تضاف اىل احلقيقة العلمية الثابتة ، النظريـة الـسابقة أاو انكشاف خط

.وصحة فكرة اخرى لتفسري الواقع الظفـر حبقـائق جديـدة تـضاف اىل احلقيقـة العلميـة : (فمن قبيـل االول

مث صـارت ، ا كانـت فرضـية فا) نظرية امتيسم (ما وقع للنظرية الذرية ) الثابتة ان نتوصـل علـى ، ياءزوبعد ذلك استطاعت الفي ، قانونا علميا مبوجب التجارب

بـل هـي ، اىل ان الذرة ليست هي الوحـدة االوليـة يف املـادة ، ضوء التجارب ،وهكذا كملت النظرية الذريـة مبفهـوم علمـي جديـد . من اجزاء يضاأتلف أت

فلـم تـنم احلقيقـة وامنـا زادت ، ا الذرة عن النواة والكهارب اليت تتركب منه والزيادة الكمية غري النمو الـديالكتيكي واحلركـة الفلـسفية يف ، احلقائق العلمية

.احلقيقة مـا ) النظرية السابقة وصـحة فكـرة اخـرى أانكشاف خط : (ومن قبيل الثاين

أي التفـسري امليكـانيكي اخلـاص للعـامل يف ، حصل يف قانون اجلاذبيـة العامـة فان هذا التفسري قد لوحظ عدم اتفاقه مع عـدة مـن الظـواهر ). نيوتن(يات نظر

،وعدم صالحيته لتفسري كيفية صدور النـور وانتـشاره ، الكهربائية واملغناطيسية ـ ، خرينأاىل غري ذلك مما قام دليال عند مجلة من الفيزيائيني املت املفهـوم أعلـى خط

الـيت ، نظريتـه النـسبية ) آنـشتني (وعلى هذا االساس وضـع . للعامل) النيوتين( فهـل ، )نيـوتن (خيتلف كل االختالف عن تفـسري ، صبها يف تفسري رياضي للعامل

نظريتـان ، يف تفـسري العـامل ) آنشتني(ونظرية ، )نيوتن(ميكننا ان نقول ان نظرية صـبحت يف قالـب النظريـة أف، وان احلقيقـة تطـورت ومنـت ، حقيقيتان معا

،وهل الزمان واملكـان والثقـل ! قالب اجلاذبية العامة؟ بعد ان كانت يف ، النسبية هو احلقيقـة العلميـة الـيت منـت ، )نيوتن(هذا الثالوث الثابت املطلق يف تفسري

طبقا لقانون التطور الديالكتيكي فتبدلت اىل نسبية يف الزمـان واملكـان ، وحتركت نـاء يف تطـورت اىل احن ) نيـوتن (او هل القـوة اجلاذبيـة يف نظريـة ! والثقل؟ تفـسر ـا ، صبحت القوة امليكانيكية باحلركة خاصة هندسـة للعـامل أف، الفضاء

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 218: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢١٨

كما يفسر ـا احنـراف ، وسائر احلركات االخرى، حركة االرض حول الشمس !.االشعة النووية؟

ادى اىل ، هـو ان دقـة التجـارب او تـضافرها ، ان الشيء الوحيد املعقـول والتـدليل علـى متثـل . متثل احلقيقـة فيهـا وعدم ، ظهور خطا النظرية السابقة .)١(احلقيقة يف تفسري اخر جديد

مـن ان التطـور العلمـي ال يعـين ان ، كدنا عليه أوهكذا يتضح يف النهاية ما أي باعتبـاره ، باعتبـاره كـال ، وامنا معناه تكامـل العلـم ، احلقيقة تنمو وتندرج

حقائقـه وقلـة اخطائـه ومعىن تكامله كذلك زيـادة ، جمموعة نظريات وقوانني .كميا نريد ان نعرف مـاذا تـستهدف املاركـسية مـن تطـور احلقيقـة؟ ان خرياأو

وتطبيـق الـديالكتيك عليهـا اىل ، املاركسية ترمي من وراء القول بتطور احلقيقة :امرين

،ن احلقيقـة اذا كانـت يف حركـة ومنـو دائمـني أل. نفي احلقيقة املطلقة : والأ وبالتـايل تتهـدم احلقـائق الثابتـة ، تـة باشـكال مطلقـة فال توجد حقائق ثاب

.اليت تدين ا االهلية، امليتافيزيقيةـ : ثانيا فـالتطور العلمـي يف . املطلـق يف سـري التطـور العلمـي أنفي اخلط

ـ بـل هـي ، بـصورة مطلقـة أعرف الديالكتيك ال يعين ان النظرية السابقة خطـ . حقيقة نسبية وـذا . ة مـن التطـور والنمـو أي اا حقيقة يف مرحلـة خاص

.وضعت املاركسية ضمانات احلقيقة يف خمتلف ادوار التكامل العلمي على ضـوء التفـسري الـصحيح املعقـول للتطـور ، وينهار كال هذين االمرين

حلقيقـة فهو مبوجب هـذا التفـسري لـيس منـوا ، باملعىن الذي شرحناه ، العلمي

الذي قدمه الدكتور ، بالتفسري املاركسي للتحول يف علم امليكانيك، قارن ما ذكرناهـ 1

اذ اقامه على اساس وجود احلقيقة يف . ٢٣ص) ماتر يالسيم ديالكتيك(يف كتابه ، )ينتقي آر( .وتطورها فيهما طبقا للديالكتيك، وامليكانيك النسيب معا، )نيوتن(ميكانيك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 219: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢١٩

وتـصحيحات الخطـاء ، كـن معلومـة بل انكشافات جديدة حلقائق مل ت ، معينة وكل حقيقة تستكـشف هـي حقيقـة ، مطلق أوكل خطا يصحح هو خط ، سابقة .مطلقة

بـني احلقيقـة مبعـىن ، اضف اىل ذلك ان املاركسية وقعت يف خلـط اساسـي فامليتافيزيقـا تعتقـد بوجـود . واحلقيقة مبعىن الواقع املوضوعي املـستقل ، الفكرة

فهي تـؤمن بواقـع موضـوعي ثابـت وراء حـدود ،حقيقة مطلقة باملعىن الثاين وتطورهـا ، وال يتناىف هذا مـع عـدم ثبـات احلقيقـة بـاملعىن االول ، الطبيعة ، ودائمـا بـدا أمتطـورة ومتحركـة ، فهب ان احلقيقة يف ذهن االنسان ، املستمر

،الـذي تعتقـد بـه االهليـة ، ي ضرر يلحق من ذلك بالواقع امليتافيزيقي املطلق أف وامنـا . قبل امكان وجود واقع موضوعي مستقل عن الـشعور واالدراك؟ ما دمنا ن

ان الواقـع هـو : وقلنـا ، يتم للماركسية ما تريد اذا اخـذنا بالفلـسفة املثاليـة فـاذا كانـت احلقيقـة يف فكرنـا متطـورة ، احلقيقة املوجودة يف ذهننا فحسب

،فكـرة والواقـع واما اذا فرقنـا بـني ال ، فال متسع لالميان بواقع مطلق ، ومتغرية فـال ضـري يف ان ، مكان وجود واقع بصورة مستقلة عن الوعي والتفكري إمنا ب آو

وان مل توجـد حقيقـة مطلقـة يف ، يوجد واقع مطلـق خـارج حـدود االدراك .افكارنا

○ـ تناقضات التطور ٢ ○ :قال ستالني

ــديالكتيك [ ــداء يف الـ ــة االبتـ ــة ، ان نقطـ ــا للميتافيزيـ ،خالفـــر ال ــة النظ ــي وجه ــةه ــة ، قائم ــياء الطبيع ــل اش ــى ان ك عل

ــا ــة ، وحوادثه ــضات داخلي ــوي تناق ــا أل، حت ــا مجيعه ــا، ن هل ]جانبــلبيا ــا، س ــاوجانب ــيا، اجيابي ــراماض ــا. وحاض ــا مجيع ــروفيه عناص

فنــضال هــذه املتــضادات هــو احملتــوى . تــضمحل او تتطــور

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 220: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٢٠

.)١(]لتحول التغريات الكمية اىل تغريات كيفية، الداخلي :وتسي تونغوقال ما

أي قـــانون وحــــده ، ان قـــانون التنـــاقض يف االشــــياء [ــديالكتيك ، االضـــداد وهـــو القـــانون االساســـي االهـــم يف الـ

].املادي :قال لينني

ــدقيق [ ــاه الـ ــديالكتيك مبعنـ ــاقض يف ، الـ ــة التنـ ــو دراسـ هـ ].صميم جوهر االشياء

كمـا كـان ، جبـوهر الـديالكتيك ، ما كان لينني يدعو هذا القـانون وكثريا( .)٢()يدعوه بلب الديالكتيك

هذا هو القـانون االساسـي؛ الـذي يزعمـه الـديالكتيك صـاحلا لتفـسري .وما تزخر به مـن تطـورات وقفـزات ، وتربير احلركة الصاعدة ، الطبيعة والعامل

واسـتبعد بـصورة ائيـة ، االول أفهو حني اقصى من فلـسفته مفهـوم املبـد اىل اعطـاء تربيـر ه مـضطرا وجـد نفـس ، افتراض السبب اخلارجي االعمـق

ليـشرح كيـف تتطـور ، والتغري الدائم يف عامل املادة ، للجريان املستمر ، وتفسري والـسبب االعمـق ، املادة وختتلف عليها االلوان؟ أي ليحـدد رصـيد احلركـة

.فافترض ان هذا الرصيد يوجد يف احملتـوى الـداخلي للمـادة ، لظواهر الوجود ولكن كيـف متلـك املـادة هـذا . املستمر للحركة فاملادة تنطوي على التموين

الـيت جتيـب عنـه املاديـة ، التموين؟ وهذا هو السؤال الرئيـسي يف املـشكلة واذا كانـت االضـداد . وجمتمع نقـائض ، بان املادة وحدة اضداد ، الديالكتيكية

فمن الطبيعـي ان يقـوم بينـها الـصراع ، والنقائض كلها تنصهر يف وحدة معينة وبالتـايل حتقـق الطبيعـة ، وينبثق التطور والتغري عن هذا الصراع ، ةسب املعرف لك

أوعلى هذا االساس ختلت املاركسية عـن مبـد . مراحل تكاملها عن هذا الطريق

.١٢ـ املادية الديالكتيكية واملادية التارخيية ص 1 .٤ـ حول التناقض ص 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 221: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٢١

سـس املنطـق أومـن ، واعتربته من خصائص التفكري امليتافيزيقي ، عدم التناقض :الكما يقرر كيدروف قائ، املتداعية مبعول اجلدل القوي، الشكلي

ــى [ ــط عل ــذي يرتكــز فق ــق ال ــشكلي املنط ــة املنطــق ال ــم بكلم نفهــة ــر االربعـ ــوانني الفكـ ــة: قـ ــاقض، اهلويـ ــس، والتنـ ،والعكـ

ــان ــد . والربه ــذا احل ــد ه ــف عن ــذي يق ــديالكيت. وال ــق ال ــا املنط ،امــر ــم الفك ــه عل ــرب ان ــنحن نعت ــة ، ف ــى الطريق ــز عل ــذي يرتك ال

ــسية ــة ، املارك ــية االربع ــوط االساس ــذه اخلط ــزة ــرار: املمي االقــام ــالترابط العـ ــور ، بـ ــة التطـ ــور ، وحبركـ ــزات التطـ ،وبقفـ

.)١(] وبتناقضات التطور اقـصى عـن ميدانـه اكثـر االفكـار البـشرية ، هكذا نرى ان الـديالكتيك

عنه ـ قانونـا عامـا وافترض التناقض ـ عوضا ، عدم التناقضأنكر مبدأف. بدهية عـدم التنـاقض مبـدأ يطبـق ، وهو يف االنكار واالفتـراض . للطبيعة والوجود

وبالتفـسري ، فان اجلديل حـني يـؤمن بالتناقـضات اجلدليـة ، بصورة ال شعورية والتفـسري ، عـدم التنـاقض أ اىل رفض مبد جيد نفسه مضطرا ، الديالكيت للطبيعة

ومن الواضح ان هذا لـيس اال ألجـل ان الطبيعـة البـشرية ال . امليتافيزيقي هلا بالتعـارض املطلـق بـل تـشعر ذاتيـا ، جياب معا ميكن ان توفق بني السلب واال

!واعتقـدت ببطالنـه؟ ، عدم التنـاقض أواال فلماذا رفضت املاركسية مبد ، بينهما مـا دامـت آمنـت ، وال يسعها ان تؤمن بعدمه ، ا آمنت بالتناقض أليس ذلك أل

!.بوجوده؟ الـذي مل ، االساسـي العـام أهـو املبـد ، عدم التناقض مبدأ وهكذا نعرف ان

.حىت يف حلظـة الـتحمس للجـدل والـديالكتيك . يتجرد عنه التفكري البشري )أ هـي أ ( اهلويـة أان اسـقط مبـد ، وقد كان من نتاج التناقض الـديالكتيكي

بـل التنـاقض ، واجيز ان يكون الـشيء غـري نفـسه ، يضاأمن قاموس اجلدل نفيـه ومعـرب عـن ، ن كل شيء متضمن لنقيضه أل، الديالكتيكي العام حيتم ذلك

.٩ ص املنطق الشكلي واملنطق الديالكتيكيـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 222: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٢٢

بل كان كائن هو نقـيض ذاتـه ، بصورة مطلقة ) أ هي أ (فليست ، يف حلظة اثباته وحيتـوي علـى النفـي ، كيانه متناقض بالصميم ألن ، هلا ثباتاإكما يكون ، ونفيها

ومل حيـاول . واملفجـرين للحركـة ـذا الـصراع ، واالثبات املتصارعني دائما أي علـى قـانون الـديالكتيك ، ءاملاركسيون ان يربهنوا على تناقضات االشـيا

الـيت حـاولوا ان يـربزوا ـا ، اال حبشد من االمثلة والظواهر ، ساسه اجلديل أو ،فالتناقض امنا كان من قـوانني املنطـق الـديالكتيكي . تناقضات الطبيعة وجدهلا

او، بـدليل مـا يقـدم لنـا احلـس . الن الطبيعة بنفسها متناقضة وديالكتيكيـة ، الـيت تطـيح مببـدا عـدم التنـاقض ، ضروب التناقض من ، يكشف عنه العلم

وجتعله غري منسجم مع واقع الطبيعـة وقوانينـها احلاكمـة يف خمتلـف ميادنيهـا .وجماالا وجعـل ، اىل ان املاركسية مل جتد سـبيال لديناميكيـة الطبيعـة ملعنا سابقا أوقد

ال بـان تنطلـق مـن ا، لنفس املادة املتطورة حمتوى داخليا ، القوى الفعالة للحركة لنـضال تلـك تبعـا ، وتؤمن باجتماع النقـائض يف وحـدة متطـورة ، التناقض

.النقائض وصراعها فامـا ان نـصوغ فكرتنـا : لة يف نظر املاركسية ذات حدين ال ثالث هلما أفاملس

يف، فـال يوجـد النفـي واالثبـات ، القائل بعدم التنـاقض أعلى املبد ، عن العامل وبالتـايل يـتعني ان نفحـص ، وم فيها صراع املتناقـضات وال يق ، صميم االشياء

وامـا ان . يف سبب اعلى مـن الطبيعـة وتطوراـا ، عن رصيد احلركة والتطور وتوحـد االضـداد ، اىل صميم االشياء ، نشيد منطقنا على االعتقاد بنفوذ التناقض

فنكون بذلك قـد وجـدنا سـر التطـور يف . يف كل كائن ، )١(او النفي واالثبات .لتناقض الداخليا

ا تسيء استعمال كلميت التناقض أ، ـ يالحظ يف مجيع النصوص املاركسية 1

مع ان الكلمتني ليستا مترادفتني يف املصطلحات ، فتعتربمها مبعىن واحد، والتضاد. والتضاد يعين اثباتني متعاكسني. فان التناقض هي حالة النفي واالثبات. الفلسفية

واما استقامة . ما من النفي واالثباتأل، يضانفاستقامة اخلط وعدم استقامته نقكال ألن ،وال يصدق عليهما التناقض مبفهومه الفلسفي، اخلط واحنناؤه فهما ضدان

. خروامنا هو اثبات يقابل اثبات اآل، خرليس نفيا لآل، من االستقامة واالحنناءت الشيء فاعترب، او استعمال كلمة التضاد، وكذلك اساءت املاركسية فهم التضاد

مع ان . والدجاجة ضد الفرخ، فالفرخ ضد البيضة. خر ضدا لهاملختلف عن اآلبل الضد ، ليس جمرد اختالف بني االشياء فحسب، التضاد يف املصطلحات الفلسفية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 223: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٢٣

تقدم الشواهد والـدالئل يف كـل جمـال ، وملا كانت الطبيعة يف زعم املاركسية فيجـب االخـذ ، على ثبوت التناقض واجتماع النقـائض واالضـداد ، وميدان

.بوجهة النظر الثانية كثرهـا مشـوال جلميـع أو، عدم التناقض هـو اعـم القـوانني أوالواقع ان مبد وكـل . عنه ظاهرة من ظواهر الوجود والكون مطلقـا وال تشذ ، جماالت التطبيق

فهـي ، او اظهار الطبيعة مبظهـر تنـاقض ، حماولة ديالكتيكية تستهدف الرد عليه او علـى شـيء مـن ، عـدم التنـاقض أقائمة على سوء فهم ملبد ، حماولة بدائية

، التنـاقض مبفهومـه الـضروري أفلنشرح قبـل كـل شـيء مبـد . التضليل ونتنـاول بعـد ذلـك ، ق العام قاعدة رئيسية للفكر البـشري الذي اعتربه املنط

الـيت تـستند اليهـا املاركـسية يف ، مظاهر التناقض املزعوم يف الطبيعة والوجود فنوضـح . ي عـدم التنـاقض واهلويـة أتركيز منطقها الديالكيت واالطاحة مببـد

وبـذلك ، وخلومها عن التناقـضات الديالكتيكيـة ، انسجام تلك الظواهر معهما وبالتايل نقـرر مـدى عجـزه ، ودليله املادي ، يفقد الديالكتيك سنده من الطبيعة

.وتربير وجوده، عن تفسري العامل ما هو مبدأ عدم التناقض؟............................................ڤـ أهـو املبـد ، عدم التناقض أاما مبد فـال ، تنـاقض مـستحيل ن ال أ القائـل ب

ولكـن مـا . وهذا واضـح . يف حال من االحوال ، ميكن ان يتفق النفي واالثبات وال ميكن للعقل قبوله؟ فهـل هـو كـل ، أهو هذا التناقض الذي يرفضه هذا املبد

وحنن جنري ، خر يف شيء واحدهو الوصف الذي ال ميكن ان جيتمع مع الوصف اآل

.جل التسهيل والتوضيحأل، يف الكتاب طبقا لالستعماالت املاركسية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 224: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٢٤

وكـل اثبـات ال ، فان كـل نفـي ال ينـاقض أي اثبـات . نفي واثبات؟ كال مـع نفيـه بالـذات ال مـع نفـي وامنا يتناقض االثبـات ، يتعارض مع كل نفي

ال، ووجود الشيء يتعارض بصورة اساسية مع عـدم ذلـك الـشيء ، خرآاثبات .ومعىن تعارضـهما امـا ال ميكـن ان يتوحـدا او جيتمعـا . خرآمع عدم شيء

واملثلـث لـيس لـه اربعـة ، وهذه حقيقة هندسية ثابتة . فاملربع ذو اربعة اضالع وال تنـاقض مطلقـا بـني هـذا النفـي ، يضاأوهذا نفي صحيح ثابت ، اضالع

خيتلـف عـن املوضـوع ، ن كال منهما يتناول موضوعا خاصـا أل، وذاك االثبات ومنفيـة يف املثلـث فلـم ، فاالضالع االربعة ثابتة يف املربـع . خرالذي يتناوله اآل

وامنا يوجـد التنـاقض اذا كنـا نثبـت للمربـع . ثبتنا او نثبت ما نفينا أننف ما نثبتـها للمثلـث وننفيهـا عنـه يف نفـس او ، يـضا أ ونفيها عنه ،اضالعا اربعة

.الوقت علـى ان التنـاقض امنـا يكـون بـني ، وذا االعتبار نص املنطق امليتـافيزيقي

فاذا اختلفت ظروف النفـي مـع ظـروف . النفي واالثبات املوحدين يف ظروفهما للنفـي واالثبـات خذ عدة امثلـة أولن. مل يكن االثبات والنفي متناقضني . االثبات

:املختلفني يف ظروفهما فــالنفي واالثبــات يف هــاتني. الثالثــة ليــست زوجــا. أ ـ االربعــة زوج

الختالف كل منهما عن االخـر باملوضـوع الـذي ، ال تناقض بينهما ، القضيتني .والنفي تعلق بالثالثة، فاالثبات تعلق باالربعة. يعاجله

االنـسان لـيس سـريع .ب ـ االنسان سـريع التـصديق حـال الطفولـة فقـد تعلـق النفـي واالثبـات يف هـاتني . التصديق يف دور الشباب والنضوج

الذي خيتلـف عـن زمـان ، ولكن كال منهما له زمانه اخلاص . القضيتني باالنسان .فال يوجد تناقض بني النفي واالثبات، االخر

نأي ميكـن ان يكـو . الطفـل عـامل بـالقوة . الطفل ليس عاملا بالفعل ـجـ ننـا يف القـضية االوىل مل أل، غـري متناقـضني واثباتا نواجه نفيا أيضا وهنا. عاملا

فالقـضية االوىل تنفـي وجـود ، الذي حتتويه القضية الثانيـة ، ننف نفس االثبات وامنـا تثبـت . والقضية االخرى ال تثبت وجود الـصفة ، صفة العلم لدى الطفل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 225: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٢٥

فقوة العلـم هـي الـيت . خلاص الكتساا واستعداده ا أي قابلية الطفل ، امكاا .ال وجود العلم له فعال. تثبتها هذه القضية للطفل

امنا يتحقـق فيمـا اذا اشـتركا ، وهكذا نعرف ان التناقض بني النفي واالثبات واتفقا يف الـشروط والظـروف املكانيـة والزمانيـة ، يف املوضوع الذي يتناوالنه

،االثبات يف كـل هـذه الـشروط والظـروف واما اذا مل يتحدد النفي و . وغريها وال يوجد الـشخص او املنطـق الـذي حيكـم باسـتحالة . فليس بينهما تناقض

.صدقهما يف هذا احلال كيف فهمت املاركسية التناقض؟.................................ڤ

االساسـي للمنطـق العـام أوحمتـوى املبـد ، بعد ان درسنا مفهوم التنـاقض ،أجيب ان نلقي ضوءا علـى فهـم املاركـسية هلـذا املبـد ، )تناقض عدم ال أمبد(

.واملربرات اليت استندت اليها يف الرد عليه أاو مل تـش ، وليس من الصعب ان يـدرك االنـسان ان املاركـسية مل تـستطع

وحـشدت عـددا . ملاديتـها نكرته حتقيقـا أف. ان تعي هذا املبدا مبفهومه الصحيح وبالتـايل وضـعت التنـاقض ، يف زعمهـا ، م معـه من االمثلة الـيت ال تنـسج

ت الـدنيا ضـجيجا ومأل. والصراع بني النقائض واالضداد قاعدة ملنطقها اجلديد .ذه القاعدة وتبجحا على املنطق البشري العام بابتكارها او اكتشافهما

والـذي دفعهـا اىل ، الذي وقعت فيـه املاركـسية أجل ان نتبني مدى اخلط وأل ومـا يقـوم عليـه مـن مبـادئ عامـة للمنطـق ، التنـاقض عدم أرفض مبد احـدمها الـصراع بـني اضـداد : جيب ان نفرق بوضوح بني امرين ، امليتافيزيقي

خر الصراع بـني اضـداد ونقـائض جمتمعـة يف وحـدة واآل، ونقائض خارجية وامـا االول فـال عالقـة . عدم التنـاقض أفالثاين هو الذي يتناىف مع مبد . معينة

بـل مـرده اىل . نه ال يعين اجتماع النقيـضني او الـضدين أل، مطلقا له بالتناقض .وقيام كفاح بينهما يـؤدي اىل نتيجـة معينـة ، وجود كل منهما بصورة مستقلة

الـيت ، فشكل الشاطئ ـ مثال ـ نتج عن فعل متبادل بني امواج املـاء وتياراتـه

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 226: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٢٦

،لتيـار وصـمود االرض يف وجـه ا . تصطدم باالرض فتقرض الضفة من ناحيـة وشـكل االنـاء مـن . ودفعها لتلك االمواج اىل درجة معينة من ناحيـة اخـرى

.ويد اخلزاف، اخلزف نتج عن عملية قامت بني كتلة من الطني تعين هذا اللون مـن الـصراع بـني االضـداد ، فاذا كانت املادية الديالكتيكية

اىل وال يـدعو ، عـدم التنـاقض أفهذا ال يتعارض مطلقـا مـع مبـد ، اخلارجية االضـداد ألن ، علـى رفـضه أالذي قام الفكر البشري منذ نش ، االميان بالتناقض

،وامنا وجد كل منـهما بوجـود مـستقل يف جمالـه اخلـاص ، مل جتتمع يف وحدة يـضا فهـو ال يـربر أو، حصال به على نتيجـة معينـة ، واشتركا يف عمل متبادل

اطئ او شـكل فـشكل الـش . واالستغناء عن سـبب خـارجي ، االكتفاء الذايت وامنـا ، التناقـضات الداخليـة أساس قائم على ، مل يتحدد ومل يوجد بتطور ، االناء

وهذا النحـو مـن الـصراع بـني . حصل بعملية خارجية حققها ضدان مستقالن لـيس مـن مستكـشفات املاديـة او ، وعملياا املـشتركة ، االضداد اخلارجية

فيلسوف ـ سواء كان ماديـا مر واضح يقره كل منطق وكل أبل هو ، الديالكتيك ولناخـذ . واىل اليـوم ، بعد عصور الفلسفة املاديـة واالهليـة أ ـ منذ م كان اهلياأ

خـذه أوامنـا ن ، مام املدرسة امليتافيزيقية يف فلسفة اليونان إ، رسطوأ مثال على ذلك نـه واضـح قواعـد املنطـق بـل أل ، نه فيلسوف اهلي فحـسب باخلصوص ال أل

فهو يـؤمن . سسهأملاركسيون باملنطق الشكلي ـ ومبادئه و العام ـ الذي يسميه ا ، عـدم التنـاقض أقامته للمنطق علـى مبـد إمع ، بالصراع بني االضداد اخلارجية فيعتـرب ذلـك الـصراع ، سينبغ بعد مئات السنني ومل خيطر على فكره ان شخصا

،رسـطو أوفيما يلي شيء مـن نـصوص . الضروري أدليال على سقوط هذا املبد :ن الصراع بني االضداد اخلارجيةأيف شــول [ ــن الق ــة م ــى مجل ــيئا، وعل ــساان ش ــل جمان ــن ان يقب ميك

ــانس ــشيء ا ــل ال ــن قب ــال م ــع االضــداد. فع ــه ان مجي ــسبب في والــد ــنس واح ــي يف ج ــض ، ه ــضها يف بع ــل بع ــداد تفع ،وان االض .)١(]خروتقبل بعضها من قبل البعض اآل

.١٦٩ ـ ١٦٨ص : الكون والفسادـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 227: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٢٧

ــ [ ــا لكــل ج ــضم شــيء م ــد ان ــصورة ق ــافبحــسب ال ــف م زء كيــق ــادة ، اتف ــسب امل ــن ال حب ــار ، ولك ــل ص ــان الك ــك ف ــع ذل وم

ــمأ ــه أل، عظ ــضم الي ــاء وان ــيئا ج ــسمى . ن ش ــشيء ي ــذا ال وهــذاء ــسمى ، الغ ــضاأوي ــضدي ــن ، ال ــد م ــشيء ال يزي ــذا ال ــن ه ولك

ــه ــوع بعين ــتغري يف الن ــا يــ ، ان ي ــل م ــضم اىل أكمث ــب ين يت الرطــابس ــتغري ، الي ــه ي ــضمامه الي ــسه ، وبان ــو نف ــصري ه ــان ي ــساب ، ياب

ــا ــن مع ــع ميك ــشبيه ويف الواق ــو بال ــشبيه ينم ــرى، ان ال ــة اخ وجبه .)١( ]ان يكون ذلك بالالشبيه

ليـست كـشفا ، ضـداد اخلارجيـة وهكذا يتضح ان العمليات املـشتركة لأل يف امليـدان جديـدا وال شـيئا ، وال نقـضا للمنطـق امليتـافيزيقي ، للديالكتيك

منـذ فجـر ، وضوح يف خمتلف الفلـسفات الفلسفي وامنا هي حقيقة مقررة بكل الـيت ، غـراض املاركـسية الفلـسفية أوليس فيها ما حيقـق ، التاريخ الفلسفي

.تستهدف حتقيقها على ضوء الديالكتيك الـذي جيعـل ، مفهومـه احلقيقـي ، واما اذا كانت املاركسية تعين بالتنـاقض

هـذا مـا ال ميكـن ف. طقنـا ن االساسي يف مأويرفضه املبد، داخليا للحركة رصيدا وظـواهر الوجـود ، وال متلك املاركسية شاهدا عليه من الطبيعة ، لفكر سليم قبوله

فهـو ال ، وكل ما تعرض لنا املاركسية من تناقـضات الطبيعـة املزعومـة . مطلقا .ميت اىل الديالكتيك بصلة

اليت حاولت ان تـربهن ـا علـى منطقهـا ، ولنعرض عدة من تلك الشواهد يف االسـتدالل علـى منطقهـا ، لنتبني مدى عجز املاركسية وفشلها ،الديالكتيكي

:اخلاص :قال هنري لوفافر، ـ تناقضات احلركة١ــيء [ ــري ش ــني ال جي ــضة ، ح ــة مناق ــست مث ــة . فلي ــن ناحي وم

وال، حــني ال يكــون مثــة مناقــضة ال حيــدث شــيء ، مقابلــة

.١٥٤ الكون والفساد صـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 228: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٢٨

ــشاط ــور أي ن ــظ ظه ــيء وال يالح ــد أي ش ــيء، يوج ــر ش وال يظهــق حبــال مــن الركــودأء وســوا. جديــد ــوازن، كــان االمــر يتعل ام الت

ــت ــار ، املؤق ــن االزده ــة م ــري ، ام بلحظ ــشيء غ ــائن او ال ــان الك ف .)١(]يكون يف مرحلة ساكنة موقتا، املتناقض يف ذاته

وهذه النصوص توضح ان املاركـسية تـؤمن بوجـود تعـارض بـني قـانون لتطـور والتكامـل ال وتعتقـد ان ا . وقانون عـدم التنـاقض ، التطور والتكامل

ومـا دام التطـور او احلركـة حمققـني يف . تناقض مستمر أساس اال على ، يتحقق ليفـسر ، واالخـذ بالـديالكتيك . فيجب طرح فكرة عدم التناقض ، دنيا الطبيعة

.لوااأشكاهلا وألنا احلركة مبختلف ملعنا سابقا ـ عند درس حركـة التطـور ـ اىل ان التطـور والتكامـل ال أوقد

،وان الفكرة القائلة بوجـود التنـايف بينـهما ، عدم التناقض أ مع مبد يتناىف مطلقا فاحلركة هـي يف كـل درجـة اثبـات . اخللط بني القوة والفعل أساس تقوم على

حـىت ، فالكائن احلي حينمـا تتطـور جرثومتـه يف البـيض . بالفعل ونفي بالقوة ـ ، ويصبح الفرخ دجاجة ، تصبح فرخا ور ان البيـضة مل تكـن ال يعين هـذا التط

أي، ودجاجـة بـالقوة ، بل هي بيـضة يف الواقـع ، يف دورها االول بيضة بالفعل مكـان الدجاجـة إ، فقـد اجتمـع يف صـميم البيـضة . ميكن ان تصبح دجاجة

بل قـد عرفنـا اكثـر مـن . ال صفة البيضة وصفة الدجاجة معا . وصفة البيضة عـدم أاال علـى ضـوء مبـد ، عرفنا ان احلركة التطورية ال ميكن فهمهـا ، ذلك

.٥٨ص: كارل ماركسـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 229: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٢٩

يف صـميم فان املتناقضات لو كـان مـن املمكـن ان جتتمـع حقـا . التناقض وملـا وجـد بالتـايل ، وملا تبدل الشيء من حالة اىل حالة ، ملا حصل تغري ، الشيء

.تغري وتطور يتنـاىف ، كانت املاركسية تريد ان تدلنا على تنـاقض يف عمليـة احلركـة واذا

،فلتقدم مثاال للتطور توجد فيـه حركـة وال توجـد ، اقض حقا عدم التن مبدأ مع فهل جيـوز يف مفهومهـا بعـد ان . أي يصح فيه النفي واالثبات على التطور معا

ـ ! ان يتطور الشيء وال يتطور يف وقـت معـا؟ ، عدم التناقض أسقطت مبد أ نإفـ ، فلتدلنا على شاهد له يف الطبيعـة والوجـود كان هذا جائزا يسوان مل جيـز فل

.وقواعد املنطق امليتافيزيقي، عدم التناقضأذلك اال اعترافا مببد :قال هنري لوفافر. او اجلسم احلي، ـ تناقضات احلياة٢ــك [ ــم ذل ــوال أورغ ــي ال ــاة ه ــح ان احلي ــن الواض ــيس م دةفل

ــو ــن ان ينم ــي ال ميك ــائن احل ــري ان الك ــور؟ غ ــو والتط دون، والنمــه مــا كــانيعــين دون ان يكــف عــن ، ان يــتغري ويتطــور وكــي. كون

ــده ــصبا ويفق ــرك ال ــه ان يت ــال علي ــصري رج ــالزم، ي ــيء ي ــل ش وكـ ــنحط ويتـ ــسكون ي ــول... خر أال ــي : اىل ان يق ــائن ح ــل ك فك

.)١(]نه حيمل موته يف طوية ذاتهأل، اذن يناضل املوت :وقال اجنلز

ــبق بــ أر[ ــا س ــا فيم ــاةأين ــوام احلي ــي يف ، ن ق ــسم احل ــو ان اجل هـ ، كل حلظـة هـو هـو نفـسه ،يـاه إني تلـك اللحظـة هـو لـيس ويف ع

ــيء ــو ش ــواهآه ــر س ــستحكم . خ ــاقض م ــي تن ــاة اذن ه يف، فاحلي .)٢(]الكائنات والعمليات ذاا

ــاة ــتني ـ حي ــى عملي ــوي عل ــي حيت ــائن احل ــك يف ان الك ال ش .وما دامت هاتان العمليتان تعمالن عملهما فاحليـاة قائمـة ، وموت ـ متجددتني

.٦٠ص: كارل ماركسـ 1 .٢٠٣ص : ضد دوهرنكـ 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 230: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٣٠

،ننـا اذا حللنـا هـاتني العمليـتني أل، قضولكن ليس يف ذلك شيء من التنـا ونعـرف ان عمليـة املـوت ، اللتني نضيفهما بادئ االمر اىل كائن حـي واحـد

احلـي يـستقبل يف كـل دور فالكائن. وعملية احلياة ال تتفقان يف موضوع واحد ،فـاملوت واحليـاة يتقامسـان اخلاليـا . ويـودع خاليـا باليـة ، خاليا جديدة

وهكـذا . غري اخللية اليت توجد وحتيا يف تلك اللحظـة ، حلظة واخللية اليت تفىن يف الـيت ، عملية احلياة تعوضه عـن اخلاليـا ألن ،يبقى الكائن احلي الكبري متماسكا

الـيت ، فتستمر عملية احلياة تعوضـه عـن اخلاليـا ، ينسفها املوت خباليا جديدة ـ ، ينسفها املوت خباليا جديدة وتنطفـئ . هفتستمر احليـاة حـىت تنتـهي امكانات

وامنا يوجد التناقض لو ان املـوت واحليـاة اسـتوعبا يف حلظـة . شعلة احلياة منه ،وهـذا مـا ال نعرفـه مـن طبيعـة احليـاة . مجيع خاليا الكائن احلـي ، خاصة

وامكـان املـوت ، فان الكائن احلي ال حيمل يف طياته اال امكان املـوت . واالحياء .بالفعلوامنا يناقضها املوت ، ال يناقض احلياة

جنلـز يعـرض مبـدأ أقـال ، ـ التناقض يف مقدرة االنسان علـى املعرفـة ٣ :التناقض يف الديالكتيك

ــا ر[ ــأكم ــا ب ــثالأين ــاقض م ــى ، ن التن ــسان عل ــدرة االن ــني مق بــدودة ــلة وال حم ــدرة متاص ــة مق ــدرة . املعرف ــذه املق ــق ه ــني حتقي وب

ــشر ــا يف الب ــا فعلي ــة ، حتقق ــروفهم اخلارجي ــدون بظ ــم مقي ــذين ه ،الــة ــام الذهني ــا ال ، وبقابلي ــال تعاقب ــب االجي ــه يف تعاق ــد حلول جي

،بالنــسبة لنــا علــى االقــل ، يف التقــدم الالمتنــاهي ، حمــدودا .)١(]وحبسب وجهة النظر العملية

بـل علـى عـدم اجـادة ، التنـاقض أال على مبـد ، جديدا جند يف هذا مثاال حيح ان البـشرية قـادرة فانه اذا كان من الص . عدم التناقض أاملاركسية فهم مبد ،وان كل بشر غري قادر على اكتساب تلك املعرفـة مبفـرده ، على املعرفة الكاملة

،وال ظـاهرة شـاذة عـن املنطـق امليتـافيزيقي ، فليس هذا مصداقا للديالكتيك كيدنا على ان اجليش قـادر علـى الـدفاع عـن أبل هو نظري ت، ومبدئه االساسي

.٢٠٤ ـ ٢٠٣ص : ضد دوهرنكـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 231: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٣١

وهـل ! فهل هذا هـو التنـاقض؟ . لك هذه القدرةوان كل فرد منهم ال مي ، البلد فـان التنـاقض امنـا . كـال ! هذا هو الذي ارتكز املنطق امليتافيزيقي على رفضه؟

وامـا اذا تنـاول . واحـدا فيما اذا تنـاوال موضـوعا ، يقوم بني النفي واالثبات وتناول النفي كل فرد بـصورة مـستقلة ـ كمـا يف ، االثبات البشرية مبجموعها

.جنلز ـ فال يوجد عندئذ تعارض بني النفي واالثباتأال الذي عرضه املث .)١(بني الكهربائية املوجبة والسالبة ، ـ التناقض يف الفيزياء٤

:ينطوي على خطاين، وهذا التناقض املزعوم ،مـن قبيـل النفـي واالثبـات ، اعتبار الشحنة املوجبة والـسالبة : االول

ـ نظرا، والسلب واالجياب وعـن ، حـدامها باملوجبـة إبري العلمـي عـن اىل التع ،جمـرد اصـطالح فيزيـائي ، مع انا مجيعا نعلم ان هذا التعـبري ، االخرى بالسالبة

او الـسلب ، كمـا يتنـاقض النفـي واالثبـات ، وال يعين اما نقيضان حقيقـة املتولـدة يف القـضيب فالكهربائية املوجبة هـي املمالثـة للكهربائيـة . واالجياب والكهربائيـة الـسالبة هـي املماثلـة . دلوك بقطعـة مـن احلريـر امل، الزجاجي

فكـل مـن الكهربـائيتني . املدلوك جبلد اهلـر ، يوننيللكهربائية املتولدة على األ ،وليـست احـدامها وجـود الـشيء ، نوع خاص من الـشحنات الكهربائيـة

. لذلك الشيءواالخرى عدما هـذا االسـاس فـسرت وعلـى . اعتبار التجاذب لونا من االمجـاع : الثاين

،والـشحنة الـسالبة بالتنـاقض ، التجاذب القائمة بني الـشحنة املوجبـة عالقة مـع ان الواقـع ان الـسلبية ، مظهرا من مظاهر الديالكتيك ، واعترب هذا التناقض

وامنـا مهـا شـحنتان ، مل جتتمعـا يف شـحنة واحـدة ، واالجيابية الكهربـائيتني مـن دون ان ، بان املغناطيسيان املختلفـان كما يتجاذب القط ، مستقلتان تتجاذبان

او وجـود قطـب ، يعين ذلك وجود شحنة واحدة موجبة وسالبة يف وقت واحـد لـون مـن ، فالتجاذب بـني الـشحنات املتخالفـة . مغناطيسي مشايل وجنويب معا

.املستقل بعضها يف الوجود عن بعض، لوان التفاعل بني االضداد اخلارجيةأ

.١٤ص: حول التناقضـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 232: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٣٢

ان التفاعل بني االضداد اخلارجية ليس من الـديالكتيك ، عرفنا فيما سبق وقد لةأفاملـس ، وال ميت اىل التناقض الذي يرفضه املنطـق امليتـافيزيقي بـصلة ، بشيء

لة قـوة تتنـاقض يف حمتواهـا أال مـس ، تؤثر احدامها يف االخـرى ، لة قوتني أمس .كما يزعم الديالكتيك، الداخليــ٥ ــل ـ ــاقض الفع ــل يف امليكان، تن ــك ورد الفع ــانون. )١(ي فالق

يـساويه يف املقـدار ويعاكـسه يف ، امليكانيكي ـ القائل ان لكل فعل رد فعـل ومـرة اخـرى . يف زعم املاركسية، االجتاه ـ مظهر من مظاهر التناقض الديالكيت

ال يـربر ، علـى ان قـانون نيـوتن هـذا ، مـضطرين اىل التاكيـد ، جند انفسنا قوتـان ، ن الفعـل ورد الفعـل أل، لـوان بلون مـن اال ، التناقضات الديالكتيكية

فعجلتـا الـسيارة . ال نقيـضان جمتمعـان يف جـسم واحـد ، قائمتان جبسمني واالرض تـدفع عجلـيت . وهـذا هـو الفعـل ، تدفعان االرض بقوة ، اخللفيتان

وهـذا هـو ، مساوية يف املقدار ومعاكسة يف االجتاه لـالوىل ، السيارة بقوة اخرى فلـم حيتـو اجلـسم الواحـد علـى دفعـني . يارةوبسببه تتحرك الس ، رد الفعل بـني ، صـراع بـني النفـي واالثبـات ، ومل يقم يف حمتواه الـداخلي ، متناقضني

واالرض تـدفع الـسيارة ، بل السيارة تدفع االرض من ناحيـة ، النقيض والنقيض والديالكتيك امنـا حيـاول ان يـشرح كيفيـة منـو االشـياء ، من ناحية اخرى

،ونقيـضني متخاصـمني ، اخليا علـى قـوتني متـدافعتني باحتوائها د ، وحركتها وايـن هـذا مـن . لـه ويبلور الشيء تبعا ، يصارع كل منهما االخر لينتصر عليه

.ومـن االخـرى رد الفعـل ، يتولد من احدامها فعـل خـاص ، قوتني خارجيتني ،اللـذين يولـدمها الفعـل ورد الفعـل ، وحنن نعرف مجيعا ان الزمخني املتعاكسني

مـا متعاكـسان أل، وال ميكن ان يكونـا يف جـسم واحـد ، جسمني يقومان يف . عدم التناقضأجل مبدوليس هذا اال أل، ومتنافيان

:اليت يعرضها ماوتسي تونغ يف قوله، ـ تناقضات احلرب٦ــرب [ ــدفاع يف احلـ ــوم والـ ــع ان اهلجـ ــدم، والواقـ والتقـ

ــع ــة، والتراج ــصر واهلزمي ــضة . والن ــواهر متناق ــها ظ ــود، كل وال وج

.١٥ ـ ١٤ص: حول التناقضـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 233: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٣٣

مـا أكمـا ، وهـذان الطرفـان يتـصارعان . للواحدة مـن دون الثانيـة ــا ــان تطورمه ــرب ويفرض ــوع احل ــان جمم ــضهما فيؤلف ــدان بع ،يتح

.)١(]وحيالن مشكالا اذ يعتـرب فيهـا ، ويف الواقع ان هذا النص اكثر النصوص الـسابقة غرابـة

علـى النـصر ، كائنا حقيقيـا ينطـوي علـى النقيـضني ، ماوتسي تونغ احلرب ،ال يـصح اال يف ذهنيـة بدائيـة ، مع ان هذا املفهـوم عـن احلـرب ، واهلزمية

فـاحلرب يف التحليـل الفلـسفي؛ . يف اطارها العـام ، تعودت على اخذ االشياء فالنـصر غـري . مل تتوحد اال يف اسـلوب التعـبري ، عبارة عن كثرة من احلوادث

الـيت ، نقـاط القـوة واجليش املنتصر غري اجليش املنهزم، والوسـائل او ، اهلزمية .دت اىل اهلزميـة أالـيت ، غـري الوسـائل او نقـاط الـضعف ، مهدت لالنتصار ،مل تكـن بـسبب صـراع ديـالكتيكي ، ليها احلرب إدت أاليت ، والنتائج احلامسة

وغلبـة احـدامها ، بل بسبب الصراع بني قـوتني خـارجيتني ، وتناقضات موحدة .على االخرى

:عنها كيدروف قائالكما يتحدث ، ـ تناقضات احلكم٧ــساطة حكــم[ ــام كانــت ب ــا هــذا احلكــم، اي ــدا عادي ،ومهمــا ب

ــذور ــى ب ــوي عل ــو حيت ــة، فه ــضات ديالكتي ــر تناق ــرك، او عناص تتح .)٢(]داخل نطاق املعرفة البشرية كلها، وتنمو

:ويؤكد على ذلك لينني يف قولهــدء ب[ ــتأالب ــضية كان ــة ق ــضاياأب، ي ــسط الق ــة، ب ــا عادي واكثره

ــيوعا ــضراء ... اخل ... وشـ ــشجر خـ ــو إ، اوراق الـ ــان هـ يفـ ...فحــىت هنــا ايــضا ... هــي كلبــة اخل ) جوتــشكا(، رجــل

ــك ــام . ديالكتي ــو ع ــاص ه ــاص ... فاخل ــداد ـ واخل ــين ان االض يعــادئيــضاأوحــىت هنــا ... هــو ضــد العــام ـ هــي متماثلــة مثــة مب

ــة ــة ، اولي ــوعية للطبيع ــلة موض ــة ص ــرورية مث ــاهيم ض ــة مف مث

.١٥ ـ ١٤ص : حول التناقضـ 1 .٢١ ـ ٢٠ الشكلي واملنطق الديالكتيكي صـ املنطق 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 234: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٣٤

ــ... اخل ــضروريفالعرضـ ــاهر، ي والـ ــودة، والظـ ــوهر موجـ واجلـــا ف ــولأهن ــا اذ اق ــل : ن ــو رج ــان ه ــة ، ايف ــي كلب ــشكا ه ،وجوت

ــجر اخل ــة ش ــذه ورق ــا ... وه ــز أامن ــن الروامي ــسلة م ــذ سل ،نبــسطحي ــن ال ــوهري ع ــصل اجل ــية واف ــا عرض ــت، باعتباره واثب

ــهما ــارض بين ــا يف كــل . التع ــل قــضية ـ كم ــذا يف ك وهكــذور ــستطيع ان نكــشف ب ــة ـ ن ــديالكتيكخلي ــع عناصــر ال .)١(] مجي

الـيت اسـبغها علـى ، عـن صـفة العمـوم ، ل ليـنني أولكن من حقنا ان نس اليت نكوـا يف ذهننـا عـن كلمـة ، فهل هي صفة للفكرة ، مدلول كلمة رجل

او للواقع املوضوعي هلذه الكلمة؟ وال حيتاج هذا الـسؤال اىل مزيـد مـن ، رجل وهي ان العموم صـفة الفكـر ال صـفة . ليحصل على االجابة الصحيحة ، التامل يعرب عـن مـسميات جزئيـة ، ففكرتنا عن كلمة رجل تكون مفهوما عاما . الواقع مبعـىن ان الفكـرة الـيت ، ولينني رجـل ، وكيدروف رجل ، فايفان رجل ، كثرية

وامـا ، هي احلصيلة الذهنية املـشتركة لتلـك االفـراد ، منلكها عن لفظ الرجل واذا اخـذنا هـذه . فهو شـيء معـني حمـدود دائمـا الواقع املوضوعي للرجل

،يفـان رجـل إان التناقض يف قولنـا ، استطعنا ان نعرف ، املالحظة بعني االعتبار ـا نفـس الفكـرة أب، يفانإامنا يوجد اذا اردنا ان حنكم على فكرتنا اخلاصة عن

وهـو ال يـصح ، فـان هـذا تنـاقض واضـح ، اليت منلكها عن الرجل ، العامة ال ميكن ان تكـون هـي نفـس الفكـرة ، الفكرة اخلاصة عن ايفان ن أل ،مطلقا

.كما حاوله لينني، واال لكان العام واخلاص شيئا واحدا، العامة عن الرجل فـسوف ، ورجل كفكـرة عامـة ، يفان كفكرة خاصة إفنحن اذن اذا اخذنا

ولكـن قولنـا ، حني حنـاول ان نوحـد بـني الفكـرتني ، جند انفسنا يف تناقض بـل التوحيـد بـني الواقـع ، ال يعين يف الواقع التوحيد بني الفكرتني، ليفان رج إ

مبعـىن ان اللفظـني ، لكلمة رجـل ، والواقع املوضوعي ، لكلمة ايفان ، املوضوعي ومن الواضح ان واقع رجل ال يناقض الواقـع اخلـارجي ، واحدا موضوعيا واقعا

وهكـذا ، ا علـى تنـاقض فال ينطوي التوحيد بينهم . بل هو نفسه بالذات ، يفانإل

.٢١ ـ ٢٠ املنطق الشكلي واملنطق الديالكتيكي ص ـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 235: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٣٥

ـ يقوم علـى ) إيفان رجل(الذي زعمته املاركسية يف قضية يتضح ان التناقض ـ يعتربهـا توحيـدا بـني فكـرتني احـدامها عامـة ، تفسري خاطئ للقضية أساس

.ال بني واقعني موضوعيني، واالخرى خاصة ما، )إيفان رجل(يف قضية ، ومرة اخرى نسال عن هذا التناقض املزعوم

ي حصيلته؟ وما هو الصراع الذي ينتج عن هذا التناقض؟ وما هو التطوره ،ي املاركسية ـ الصراعأاملنبثق عنه؟ فان التناقضات الداخلية تشعل ـ يف ر

كيف تتطور، فكيف تستطيع املاركسية ان تشرح لنا، وتعترب وقودا للتطور !.خر؟آوهل تعود بسبب تناقضاا على شكل ، )إيفان رجل(قضية

مـا اىل نتيجة وهي ان كل ، وخنلص من دراستنا للتناقضات الديالكتيكية املزعومة أوااالت االعتيادية ، يف احلقل الفلسفي او العلمي ، عرضته املاركسية من تناقضات

الو.يتـافيزيقي امل االساسي للمنطـق أالذي يرفضه املبد، ليست من التناقض ، العامة )ليدسبووأ ( كمعارضات تكونن أبل التعدو ، أد هذا املبد ان تعترب دليال على تفني ميكن

تقدمإذا : فقد كان يرد على هذا املبدأ قائال . ملبدأ عدم تناقض ، لطي قبل ألفي سنة امل .واحدوال تعرفه يف آن ، اذن انت تعرف اباك . وكان مقنعا فانك ال تعرفه ،ابوك اليك

حتطم املبدأ الضروري ال ميكن ان ، بديهي ان هذه االلوان من املعارضة الساذجة ومن ال .عدم التناقض مبدأ ،يف التفكري البشري، العام

هـي الـصراع ، واحلقيقة اليت تبيناها يف عدة من امثلة التناقض الـديالكتيكي وقد عرفنا فيمـا سـبق ان هـذا اللـون مـن . والتفاعل بني االضداد اخلارجية

بـل هـو مـن مقـررات ، يكليس من مميزات الـديالكت ، التفاعل بني االضداد .رسطوأكما عرفناها يف نصوص ، امليتافيزيقية

وفـشلها ، عن اخطاء املاركسية يف فهـم التنـاقض ، ولو اردنا ان نقطع النظر فـسوف جنـد مـع ذلـك ان ، على قانون الـديالكتيك ، يف حماوالت االستدالل

ـ ، للعـامل مقبـوال التناقض الدياكيت ال يقدم لنا تفسريا ه التعليـل وال ميكـن في ).املـادة واهللا (كما سوف نتبني ذلك يف اجلزء الرابع من هـذه املـسالة ، الصحيح

)١(ومن الطريف ان نشري اىل مثـل للتنـاقض قدمـه احـد الكتـاب احملـدثني

.١٠٣املسالة الفلسفية ص ، حممد عبد الرمحن مرحباـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 236: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٣٦

عدم التناقض يقرر ان كـل كميـة امـا أ ان مبد عدم التناقض قائال ألتزييف مبد ميكن ان تكـون متناهيـة وغـري متناهيـة يف ان تكون متناهية او غري متناهية وال

فاذا كان االمر كذلك فان نصف كميـة متناهيـة ، وقت واحد الستحالة التناقض واال كـان ، ـا ال ميكـن ان تكـون ال متناهيـة أ، جيب ان تكون متناهية دائما

ففـي السلـسلة احملتويـة علـى ، جمموع كميتني ال متناهيتني متناهيا وهذا خلف .الكميات

اليت لكل واحدة منها نصف الكمية السابقة جيب ان يكون كل جـزء منـها

فاذا استمرت اىل غري ايـة كـان لـدينا تتـابع ، متناهيا مهما امتدت السلسلة نالمتناه من كميات كل واحدة منها متناهية فمجموع اجزاء السلـسلة هـو اآل

،كـون ال متناهيـا وهكذا فـال بـد ان ي ، جمموع عدد ال متناه لكميات متناهية ــاه اذ هــو ــه متن ــا ان .)٢(ولكــن قلــيال مــن علــم احلــساب يظهــر لن

وهكذا يريد الكاتب ان يـستنتج ان التنـاقض بـني املتنـاهي وغـري املتنـاهي ولكـن فاتـه ان الكميـة ، مسح للقطبني املتناقضني ان جيتمعا يف كميـة واحـدة

فـال تنـاقض اال ان الكميـة اليت ليست متناهية يف مثاله هي غري الكمية املتناهية كمـا حيـاول ان ، واحدة هي متناهية وغري متناهية بالرغم من مبدأ عدم التنـاقض

.يستنتج وذلك ان هذه الكميات اليت افترضها يف السلسلة وكان لكل واحـدة منـها

ميكننا ان ناخذها مبا هـي وحـدات لنعـدها كمـا نعـد ، نصف الكمية السابقة ويف هـذه احلالـة . عد حلقات سلسلة حديديـة طويلـة وحدات اجلوز او كما ن

هـو الوحـدة ) ١(فالعدد الـصحيح ، سوف نواجه عددا ال يتناهى من الوحدات وهكـذا . هو الوحـدة الثالثـة ة الثانية والكسر هو الوحد االوىل والكسر

١ ١ ١ ١ ١ ٣٢ ١٦ ٨ ٤ ٢ ، ـ ، ــ ، ــ، ـ ـ

٢ ـ ١ ـ ١ ٤

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 237: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٣٧

مامنـا وحنـن جنمـع تلـك أيزيد اموع واحدا بعد واحد اىل غري اية فلـيس وامـا اذا اردنـا ان ، وامنا نواجه عددا هـائال ال ينتـهي ) ٢(د كوحدات االعدا

فقـط الن ) ٢(جنمع الكميات اليت ترمز اليها تلك االعداد فسوف حنـصل علـى فغـري املتنـاهي اذن هـو ، اموع الرياضي لتلك الكميات املتناقصة هو ذلـك

ـ ض كمـا كمية نفس االعداد املتعاطفة مبا هي وحـدات جنمـع بعـضها اىل بع واملتنـاهي لـيس هـو كميـة االعـداد ، جنمع قلما اىل قلم او جوزة اىل جوزة

املتعاطفة بوصفها وحدات واشياء ميكن مجعها بل الكميات اليت ترمز اليهـا تلـك وبكلمة اخرى هناك كميتان احدامها كمية نفـس االعـداد مبـا هـي ، االعداد ان كـل عـدد يف السلـسلة واالخرى كمية مدلوالا الرياضية باعتبار ، وحدات

واالوىل غري متناهية ومـن املـستحيل ان تتنـاهى والثانيـة ، يرمز اىل كمية معينة .متناهية ومن املستحيل ان تكون غري متناهية

اهلدف السياسي من احلركة التناقضية...............................ڤ اللـذان نقـدنامها بكـل ، قض ـ ومهـا اخلطـان اجلـدليان احلركة والتنا

،او قانون التنـاقض احلركـي ، تفصيل ـ يشكالن معا قانون احلركة الديالكتيكية . ودائماابدا، املتطور على اسس الديالكتيك

.بـصفته النـاموس االبـدي للعـامل ، هـذا القـانون وقد تبنت املاركسية فكـان . قل السياسي لـصاحلها اخلـاص واستهدفت من ورائه ان تستثمره يف احل

الذي فـرض علـى املاركـسية ان تـصبه يف ، العمل السياسي هو اهلدف االول وقـد قاهلـا . يساعدها على انشاء سياسـي جديـد للعـامل كلـه ، قالب فلسفي

:ماركس يف شيء من التلطيفــيئا [ ــوا ش ــفة مل يفعل ــري ت، ان الفالس ــامل أغ ــل الع ــرق، وي بط .)١(] هو امر تطويرهبيد ان االمر، خمتلفة

.٧٨وهذه هي الديالكتيكية ص ، ٢١ كارل ماركس صـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 238: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٣٨

الـذي ال بـد ان جيـد ، لة التطوير السياسي املقتـرح ألة اذن هي مس أفاملس ولـذلك كانـت املاركـسية تـضع . وفلسفة يرتكز على قوائمها ، منطقا مربرا له

مث تفـتش يف امليـادين العلميـة عـن ، الذي يتفق مع خمططاا السياسية ، القانون ما دام يلقـي ، ل ـ بضرورة تبين ذلك القانون مؤمنة سلفا ـ وقبل كل دلي ، دليله

وحيسن بنا ان نستمع ـذه املناسـبة . شيئا من الضوء على طريق العمل والكفاح :وهو حيدث عن حبوثه اليت قام ا يف كتابه ضد دوهرنك، الجنلز

ــان [ ــن البي ــين ع ــرد ، وغ ــدت اىل س ــد عم ــت ق ــانين كن ب )ســردا عــاجال (، يف الرياضــيات والعلــوم الطبيعيــة ، املواضــيعــه ، وملخــصا ــا مل اكــن يف شــك من ــصيال ـ اىل م ــئن تف ــة ان اطم بغي

ــة ــة للحرك ــوانني الديالكتيكي ــس الق ــة ـ اىل ان نف ــصورة عام ،بــاريخ ــوادث يف الت ــاهرة للح ــة الظ ــى العفوي ــسيطر عل ــيت ت ــشق، ال ت

.)١(]طريقها يف الطبيعة ،الفلـسفية يف حماوالـا ، ففي هذا النص تلخص املاركسية لنـا اسـلوا

قبـل ان . وآمنت بـصحتها ، باستكشاف قوانني العامل ، وثقت كل الوثوق وكيف مث حرصـت بعـد ذلـك ، يف ااالت العلميـة والرياضـية ، تتبني مدى واقعيتها

سـرد (وختـضع الطبيعـة للـديالكتيك يف ، على ان تطبقها على تلك اـاالت لو اثار ذلك احتجاج علماءو، جنلز ـ مهما كلفها االمر أـ على حد تعبري ) عاجل

جنلز يف عبـارة قريبـة مـن أكما يعترف بذلك ، الرياضيات او الطبيعيات انفسهم .النص الذي نقلناه

اجيـاد سـالح ، وملا كان الغرض االساسي من انشاء هذا املنطـق اجلديـد ـ اوال وقبـل أفمن الطبيعي اذن ان تبد، فكري للماركسية يف معركتها السياسية

.على احلقـل الـسياسي واالجتمـاعي ، بتطبيق القانون الديالكتيكيكل شيء ـ او التنـاقض ، طبقا لقـانون احلركـة التناقـضية ، فقد فسرت اتمع بكل اجزائه الـذي هـو يف زعمهـا قـانون الفكـر والعـامل ، احلركي واخضعته للديالكتيك

.١٩٣االقتصاد السياسي ص : ضد دونرنكـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 239: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٣٩

ات الطبقيـة طبقا للتناقض ، فافترضت ان اتمع يتطور ويتحرك . اخلارجي معا اجتماعيـا ويتخـذ يف كـل دور مـن ادوار التطـور شـكال ، احملتواة يف داخله

الـصراع بعـد أويبـد ، ينسجم مع الوجود الطبقي الغالـب يف اتمـع ، جديدا وترتيبـا علـى . التناقضات احملتواة يف ذلك الـشكل أساس على، ذلك من جديد

هـو ، جتمـع الرامسـايل التحليلـي للم ذلك استنتجت املاركـسية ان احملتـوى ،بـني الطبقـة العاملـة مـن ناحيـة ، اليت ينطوي عليها ، الصراع بني التناقضات

وان هـذا الـصراع ميـد اتمـع باحلركـة . من ناحية اخرى الرأمساليةوالطبقة حـني تـسلم القيـادة اىل الطبقـة ، اليت سوف حتل التناقض الرامسايل ، التطورية والـذي ، املاديـة الديالكتيكيـة أسـاس قائم علـى املتمثلة يف احلزب ال ، العاملة

.يستطيع ان يتبىن مصاحلها باسلوب علمي رصني وحنن ال نريد ـ االن ـ ان نناقش املاركـسية يف تفـسريها الـديالكتيكي

بنقـد الـديالكتيك كمنطـق ، هذا التفسري الذي ينهار طبيعيا ، للمجتمع وتطوراته سـوف خنـصها ، فان املادية التارخييـة ، ذهكما حققناه يف دراستنا ه ، عام وتزييفه

ن اىل وامنـا نرمـي اآل . )١(بدراسة نقدية مفصلة يف كتاب جمتمعنـا او اقتـصادنا ميـس املنطـق ، يف هذا التطبيـق االجتمـاعي للـديالكتيك ، توضيح نقطة مهمة

وهـذه النقطـة هـي ان التطبيـق االجتمـاعي ، الديالكيت نفسه بصورة عامـة يـؤدي اىل نفـض ، الذي تقوم به املاركـسية على النحو ، والسياسي للديالكتيك

اذا كانـت تـستمد وقودهـا ، فان احلركة التطويرية للمجتمع . الديالكتيك راسا الـيت يـضمها اهليكـل ، الضروري من الـصراع الطبقـي بـني املتناقـضات

هـو التفـسري ، واذا كان هذا التعليـل التناقـضي للحركـة . االجتماعي العام وتـصبح ، فسوف تسكن احلركة يف اية املطاف حتمـا ، خ واتمع الوحيد للتاري

ذلـك ان املاركـسية تعتـرب . وحياا احلركية سكونا ومجودا ، فوارق التناقضات هـي ، وحتاول ايصال الركـب البـشري اليهـا ، املرحلة اليت تتوفر على انشائها .بقـة الواحـدة ويعود اتمع فيهـا جمتمـع الط ، املرحلة اليت تنعدم فيها الطبقية

وهو يستوعب اوسع دراسة للمادية التارخيية يف ) اقتصادنا ( وقد صدر كتابـ 1

.ضوء االسس الفلسفية ويف ضوء ارى العام لتاريخ االنسانية يف واقع احلياة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 240: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٤٠

ت شـعلة أانطف، واذا قضي على التنوع الطبقي يف اتمع االشتراكي املقترح ومجد اتمع علـى شـكل ثابـت ال ، وتالشت احلركات التناقضية ائيا ، الصراع ي املاركـسية ـ هـو أن الوقود الوحيد للتطور االجتمـاعي ـ يف ر أل، حييد عنه

كـان معـىن ، التنـاقض هـذا فاذا زال ، خترعهااليت ا ، اسطورة التناقض الطبقي فيتنحـى اجلـدل عـن مقـام الـسيطرة ، ذلك حترر اتمع من اسر الديالكتيك

.والتحكم يف العامل علـى اسـاس ، وهكذا نعرف ان تفسري املاركـسية للتطـور االجتمـاعي

يـؤدي اىل فـرض حـد ـائي هلـذا ، واالصول الديالكتيكية ، التناقض الطبقي او وقـود احلركـة ، ى العكس من ذلك ما اذا وضعنا جذوة التطـور وعل، التطور

الـذي تتخـذه املاركـسية ، او أي شيء غري التناقض الطبقي ، يف الوعي او الفكر .جلميع التطورات واحلركات، عامارصيدا

ان ننعـت التفـسري الـديالكيت للتـاريخ ، افليس من اجلدير بعـد هـذا ،ذي حيتم علـى البـشرية اجلمـود والثبـات بانه هو وحده التفسري ال ، واتمع

وهـو الـوعيي . دون التفسري الذي يضع رصيد التطـور يف معـني ال ينـضب !.مبختلف الوانه؟

ودع عنك بعد هذا ما مين به التطور الـديالكيت للفكـر البـشري الـذي تيككمن جتميد على يد املاركسية نفسها حني اختـذ الـديال ، تتشدق به املاركسية

فـوق كـل حبـث ، وتبنته الدولة مـذهبا رمسيـا ، وال ائية للعامل ، قةحقيقة مطل وحتجـري كـل فكـر او ، اعلى جيب اخضاع كل علم ومعرفة له وجدال ومرجعا

ال ينسجم معه وال ينطلق من عنـده فعـادت االفكـار البـشرية يف ، جهد ذهين واصـبحت املواهـب واالمكانـات ، خمتلف جماالت احلياة اسرية منطـق خـاص

مضغوطة كلها يف الـدائرة الـيت رمسهـا للبـشرية فالسـفة الدولـة ، فكريةال ...الرمسيون

اما كيف ندحض اسطورة التناقض الطبقي وكيـف نكـشف الـستار عـن وكيـف نقـدم التفـسري ، يف تعيني تناقضات امللكيـة ، مغالطات اجلدل املاركسي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 241: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٤١

قادمـة ان شـاء اهللا الصحيح للمجتمع والتاريخ؟ فهذا ما نقوم به يف حلقات .)١(تعاىل

○ـ قفزات التطور ٣ ○ :قال ستالني

ــة [ ــا للميتافيزيقيـ ــديالكتيك خالفـ ــة، ان الـ ــرب حركـ ال يعتـــسيطة ــو ب ــة من ــور حرك ــا اىل ، التط ــة فيه ــتغريات الكمي ــؤدي ال ال ت

ــة ــريات كيفي ــة ، تغ ــريات كمي ــن تغ ــل م ــورا ينتق ــا تط ــل يعتربه بــئيلة ــة، ض ــس ، وخفي ــة لي ــريات الكيفي ــةاىل تغ ــي، ت تدرجيي ــل ه بــة ــة . كيفي ــست تدرجيي ــة لي ــتغريات الكيفي ــذه ال ــي ، وه ــل ه ب

،مــن حالــة اىل اخــرى ، وحتــدث بقفــزات ، ســريعة فجائيــة ــوع ــتغريات جــائزة الوق ــل هــي ضــرورية، وليــست هــذه ال وهــي، ب

ــسوسة ــري حم ــة غ ــريات كمي ــراكم تغ ــة ت ــة، نتيج ــذلك. وتدرجيي ولــة ــة الديالكتيكي ــرب الطريق ــب ، تعت ــن الواج ــة ان م فهــم حرك

ــة ــة دائري ــي حرك ــث ه ــن حي ــور ال م ــسيط ، التط ــرار ب او تكــه ــق ذات ــاعدة ، للطري ــة ص ــة تقدمي ــي حرك ــث ه ــن حي ــل م ،ب

.)٢(] وانتقال من احلالة الكيفية القدمية اىل حالة كيفية جديدة :ان التطـور الـديالكتيكي للمـادة لونـان ، يقرر الديالكتيك يف هذا اخلط

حيـصل ، واالخر تغـري نـوعي فجـائي ، ببطءحيصل ، احدمها تغري كمي تدرجيي مبعـىن ان الــتغريات ، نتيجـة للــتغريات الكميـة املتدرجـة ، بـصورة دفعيـة

.الكمية ـ حني تبلغ نقطة االنتقال ـ تتحول من كمية اىل كيفية جديدة

.للمؤلف) اقتصادنا( ال حظ كتاب ـ 1 .٩ ـ ٨ص: املادية الديالكتيكية واملادية التارخييةـ 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 242: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٤٢

ترجـع فيهـا اىل نفـس ، وليس هذا التطور الديالكيت حركة دائرية للمادة . ودائماكاملية صاعدة ابدابل هي حركة ت، مبدئها

،بان الطبيعة قد تتحرك حركـات دائريـة ، وحني يعترض على املاركسية هنا جتيـب ، مث تعود بالتايل اىل مثرة كما كانـت ، كما يف الثمرة اليت تتطور اىل شجرة

كاحلركـات الـيت يرمسهـا ، وليست دائريـة ، تكاملية هي ايضا ن هذه احلركة أب فـالثمرة وان ، التكامل فيها اىل الناحية الكمية ال الكيفيـة غري ان مرد ، الفرجال

الن، غري اا تكاملـت تكـامال كميـا ، عادت يف اية شوطها الصاعد مثرة ايضا فلـم ، الشجرة ـ اليت انبثقت عن مثرة واحدة ـ افرغت مـن مئـات الثمـرات

.بداأيتحقق رجوع للحركة اء هـذا اخلـط الـديالكيت وقبل كل شيء جيب ان نالحظ اهلدف الكامن ور

للتطـوير الـسياسي ، فقد عرفنا ان املاركـسية تـضع اخلطـة العمليـة ، اجلديد فمـا هـو ، مث تفتش عن املربرات املنطقية والفلـسفية لتلـك اخلطـة ، املطلوب

.التصميم الذي انشىء هذا القانون الديالكيت حلسابه؟ ت ان أة ر فـان املاركـسي ، ومن امليسور جدا اجلواب على هـذا الـسؤال

او اىل الـسيطرة ، الشيء الوحيد الذي يـشق الطريـق اىل سـيطرا الـسياسية فذهبت تفحـص عـن مستمـسك . هو االنقالب ، السياسية للمصاحل اليت تتبناها

هـذين ألن ، احلركـة والتنـاقض فلسفي هلذا االنقالب فلـم جتـده يف قـانوين .لتناقـضات املتوحـدة فيـه تبعـا ل ، القانونني امنا حيتمان على اتمع ان يتطـور

.احلركة التناقضية اليضاحها مبدأ فال يكفي، واما طريقة التطور ودفعيته ترتكـز عليـه فكـرة ، خـر آولذلك صار من الضروري ان يوضع قـانون

القائـل بتحـوالت ، وكان هذا القانون هو قـانون قفـزات التطـور . االنقالب ن مل يعـد االنقـالب جـائزا هـذا القـانو أساس وعلى. دفعية للكمية اىل كيفية

.مبوجـب القـوانني الكونيـة العامـة ، بل يكون ضـروريا وحتميـا ، فحسب بـصورة انقالبيـة يف منعطفـات ، فالتغريات الكمية التدرجيية يف اتمع تتحـول

فيتهـدم الـشكل الكيفـي القـدمي للـهيكل . تارخيية كربى اىل تغـري نـوعي .ويتحول اىل شكل جديد، االجتماعي العام

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 243: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٤٣

هكذا يصبح من الضروري ـ ال من املستحسن فقط ـ ان تنفجر تناقـضات تقـصى فيـه الطبقـة املـسيطرة ، انقاليب جارفأعن مبد ، البناء االجتماعي العام

ليفـسح جمـال ، وحيكـم بابادـا ، اليت اصبحت ثانوية يف عملية التناقض ، سابقا ليكـون الطـرف ، خليـة الذي رشحته التناقضات الدا ، السيطرة للنقيض اجلديد

:قال ماركس واجنلز. الرئيسي يف عملية التناقض ،ومقاصـــدهم، رائهـــمآ إخفـــاءوال يتـــدىن الـــشيوعيون اىل [

يعلنـــون صـــراحة ان اهـــدافهم ال ميكـــن بلوغهـــا، ومـــشاريعهمــا ــدي ، وحتقيقه ــاعي التقلي ــام االجتم ــل النظ ــدم ك ــالعنف، اال ب

.)١(]والقوة :وقال لينني

ــورة الرب[ ــاز ان الث ــيم جه ــدون حتط ــة ب ــري ممكن ــة غ وليتاري .)٢(]الدولة البورجوازي بالعنف

اال ان ، وما على املاركسية بعد ان وضـعت قـانون القفـزات التطويريـة للتـدليل ) جنلـز أعلى حد تعـبري ، عاجال فتسردها سردا (مثلة أتفحص عن عدة

،ركـسية متامـا وهذا ما قامـت بـه املا . بعمومه ومشوله ، ا على القانون املزعوم .واقامت على اساسها قانوا العام، من االمثلةفقدمت لنا عددا

حـني يوضـع علـى ، هو مثال املـاء ، ومن هاتيك االمثلة اليت ضربتها عليه ،وحتدث بسبب هـذا االرتفـاع التـدرجيي ، فترتفع درجة حرارته بالتدريج ، النار

تـاثري يف حالـة ، ئ االمـر وال يكون هلذه التغريات يف بـاد ، تغريات كمية بطيئة فـسوف ) ١٠٠(ولكن اذا زيدت حرارتـه اىل درجـة ، من حيث هو سائل ، املاء

وتتحـول الكميـة اىل ، عن حالة الـسيالن اىل الغازيـة ، ينقلب يف تلك اللحظة فـان املـاء سـوف ، وهكذا االمر اذا هبطت درجة حرارة املاء اىل الصفر ، كيفية

.)٣(يتحول يف آن واحد ويصبح جليدا

.٨ص: ـ البيان الشيوعي 1 .٦٦ص: يةـ اسس اللينين 2 .١٠ص: املادية الديالكتيكية واملادية التارخيية٢١٢ ـ ٢١١ص : ـ ضد دوهرنك 3

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 244: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٤٤

مـن احلـوامض ، ويستعرض اجنلز امثلة اخرى على قفـزات الـديالكتيك النـصهارها او ، اليت ختتص كل واحدة منها بدرجـة معينـة ، العضوية يف الكيمياء

.يقفـز اىل حالـة كيفيـة جديـدة ، ومبجرد بلوغ السائل تلك الدرجـة ، غلياا ).١٥(هاره ودرجـة انـص ، )١٠٠(فحامض النمليك ـ مثال ـ درجة غليانـه

)١(..وهكـذا ). ١٧(ونقطـة انـصهاره ، )١١٨(وحامض اخلليك نقطة غليانه ،جتري طبقا لقانون القفزات والتحـوالت الدفعيـة ، )اهليدروكاربونية(فاملركبات

.يف غلياا وانصهارها يـتم ، يف مجلة من الظـواهر الطبيعيـة ، وحنن ال نشك يف ان التطور الكيفي

وتطـور ، كتطور املاء يف املثال املدرسـي الـسابق الـذكر ، نيةآبقفزات ودفعات يف حـاليت الغليـان واالنـصهار وكمـا يف مجيـع ) الكربونية(احلوامض العضوية

لف حبـسبها كـل أاليت تكون طبيعتها وخواصها متعلقة بالنسبة اليت يت ، املركبات ،ويف مجيـع اـاالت ، ان مـن الـضروري دائمـا ، ولكن ليس معىن ذلك . منها

وال تكفـي عـدة امثلـة . ليكون تطورا كيفيـا ، ن يقفز التطور يف مراحل معينة ا ،على حتميـة هـذه القفـزات يف تـاريخ التطـور ، للتدليل العلمي او الفلسفي

ومل االمثلـة الـيت كانـت تـستعملها ، وخصوصا حني تنتقيها املاركسية انتقاء ا ال تتفـق مـع هـذا ال لشيء اال ال ، خر من قوانني الديالكتيك آاليضاح قانون باجلرثومـة احليـة يف ، فقد كانت املاركسية متثل لتناقضات التطور . القانون اجلديد وبالبـذرة الـيت تنطـوي علـى )٢(اليت جتنح اىل ان تكون فرخا ، داخل البيضة

أفلـيس . فتكـون شـجرة ، فتتطور بسبب الصراع يف حمتواها الداخلي ، نقيضها لكـي نعـرف كيـف ، باعادة النظر يف هذه االمثلة من حقنا ان نطالب املاركسية

او، صـريورة البـذرة شـجرة تستطيع ان تشرح لنا قفزات التطور فيها؟ فهـل نـيت تـز آتطور (او صريورة الفرخ دجاجة ، )نيت تز آتطور تزاىل (اجلرثومة فرخا

فتتحـول اجلرثومـة يف ، تتأتى بقفزة من قفزات التطور الديالكتيكيـة ، )اىل سنتز وان هـذه ، والبـذرة اىل شـجرة ، والفـرخ اىل دجاجـة ، حد اىل فـرخ ن وا آ

.٢١٤ص: ضد دوهرنكـ 1 .١٠جلورج بوليتزر ص، مبادئ الفلسفة االولية: هذه هي الديالكتيكيةـ 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 245: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٤٥

وحىت يف املواد الكيماوية القابلـة . الصريورات حتصل حبركة تدرجيية متصاعدة ،فكمـا حيـصل فيهـا التطـور بقفـزة . جند اللونني من التطور معـا ، لالنصهار

ملتبلورة تتحـول فنحن نعلم ـ مثال ـ ان املواد ا . كذلك قد حيصل بصورة تدرجيية كاجلليـد الـذي تـساوي ، اىل حالة السيولة بصورة فجائيـة ، من حال الصالبة وعلـى . فتتحول عند ذاك دفعة واحـدة اىل سـائل ، سعرة) ٨٠(حرارة انصهاره

فاـا ال تنـصهر وال ، كالزجاج ومشـع العـسل ، عكس ذلك املواد غري املتبلورة فالـشمع ـ مـثال ـ . ارها تـدرجييا وامنا يتم انصه، بصورة دفعية، تتحول كيفيا

حىت اذا بلغت درجـة معينـة خفـت فيـه ، ترتفع حرارته اثناء عملية االنصهار وبدا يلني ويسترخي بصورة تدرجيية مستقلة عـن سـائر االشـياء ، صالبة الشمع

حـىت ، ويتدرج يف حالة الليونة فال هـو بالـصلب وال هـو بالـسائل . االخرى .يستحيل مادة سائلة

خر من الظواهر االجتماعية وهو اللغة بوصفها ظـاهرة تتطـور آ مثال ولناخذ وتتحول وال ختضع لقانون الديالكتيك فان تاريخ اللغة ال حيـدثنا عـن حتـوالت

نية يف سريها التارخيي وامنا يعرب عـن حتـوالت تدرجييـة يف اللغـة مـن آكيفية ان نـضع اصـابعنا الناحية الكمية التدرجيية اىل تغري دفعي حاسم لكنا نـستطيع

تتحـول فيهـا مـن شـكل اىل شـكل نتيجـة ، على نقاط فاصلة يف حياة اللغة وهـذا مـا ال جنـده يف كـل اللغـات الـيت عاشـها ، للتغريات الكمية البطيئة

.االنسان واستخدمها يف حياته االجتماعية ان القفـزة ، على ضوء جمموعـة ظـواهر الطبيعـة ، فنستطيع ان نعرف اذن

يكـون ، وان التطور كما يكون دفعيـا ، ا ضروريتني للتطور الكيفي والدفعة ليست .تدرجييا ايضا

،يف اجنمـاده وغليانـه ، مثال املـاء ، خذ بعد ذلك املثال املدرسي السابق أولن :فنالحظ عليه

ليست حركة ديالكتيكيـة الن ، ان احلركة التطويرية اليت حيتويها املثال : اوال كمـا ، عن تناقضات احملتـوى الـداخلي للمـاء ، االتجربة ال تربهن على انبثاقه

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 246: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٤٦

فنحن مجيعا نعلم ان املاء لـوال احلـرارة . تفرضه تناقضات التطور يف الديالكتيك فلم يـتم التطـور االنقـاليب للمـاء اذن ، وملا تطور اىل غاز ، لبقي املاء ، اخلارجية

يف االنقالبـات الـذي يـتحكم ، فاذا اردنا ان نعترب القانون . بصورة ديالكتيكية او يف، االجتماعية هو نفس القانون الذي يتم مبوجبه االنقـالب الـدفعي يف املـاء

الدى ذلك اىل نتيجة مغايرة ملا ـ كما حتاول املاركسية ـسائر املركبات الكيمياوية انقالبـات ، اذ تـصبح القفـزات التطوريـة يف النظـام االجتمـاعي ، رمت اليه

،ال عن جمرد التناقـضات احملتـواة يف نفـس النظـام ، منبثقة عن عوامل خارجية وتكـون غـري ضـرورية اذا مل تكتمـل ، وتزول صفة احلتمية عن تلك القفزات

.العوامل اخلارجية ونبعـده ، ومن الواضح اننا كما ميكننا ان نتحفظ على حالـة الـسيالن للمـاء

ن احلفـاظ كذلك يـصبح باالمكـا ، عن العوامل اليت جتعله يقفز اىل حالة الغازية الـيت تكتـب عليـه ، واالبتعاد به عن االسباب اخلارجية ، على النظام االجتماعي

علـى التطـورات الدفعيـة ، وهكذا يتضح ان تطبيق قانون ديالكيت واحد . الفناء يسجل نتـائج معكوسـة ملـا ، وعلى اتمع يف انقالباته ، يف غليانه وجتمده ، للماء

.يترقب الديالكتيك بـل هـي حركـة ، كة التطورية يف املاء ليست حركـة صـاعدة ان احلر : ثانيا دون ان ينـتج عـن . ويعود البخار كمـا كـان ، يتطور فيها املاء اىل خبار ، دائرية

كـان معنـاه ، فاذا اعتربت هذه احلركة ديالكتيكيـة . ذلك تكامل كمي او كيفي وال مـن ، ان تكون احلركـة صـاعدة وتقدميـة دائمـا ، انه ليس من الضروري

او االجتمـاع تكامليـا ، يف ميـادين الطبيعـة ، توم ان يكون التطور الديالكيت احمل .وارتقائيا

الـيت حققهـا بلـوغ احلـرارة ، ان نفس القفزة التطورية للماء اىل غـاز : ثالثا فـان كـل انـسان . ال جيب ان تستوعب املاء كله يف وقت واحـد ، درجة معينة

،فة مـن مياههـا تبخـرا تـدرجييا تتبخر كميات خمتل ، يعلم ان البحار واحمليطات وهـذا ينـتج ان التطـور . وال تقفز مبجوعها مرة واحـدة اىل احلالـة الغازيـة

الكيفي ـ يف ااالت اليت يكون فيها دفعيـا ـ ال يتحـتم ان يتنـاول الكـائن

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 247: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٤٧

وتتعاقـب ، باجزائه فيقفـز ـا اىل حالـة الغازيـة أبل قد يبد ، املتطور ككل وقـد ال يـستطيع التحـول . حىت يتحول امـوع ، دفعاتالقفزات وتتكرر ال

الـيت تـوفرت فيهـا ، فيبقى مقصورا على االجـزاء ، الكيفي ان يشمل اموع واذا كان هذا هو كل ما يعينه القـانون الـديالكيت . الشروط اخلارجية لالنقالب

فلماذا جيب ان تفرض القفزة يف امليـدان االجتمـاعي علـى ، بالنسبة اىل الطبيعة ان يهـدم الكيـان ، وملاذا يلزم يف الناموس الطبيعي للمجتمعـات ! النظام ككل؟

وملـاذا ال ميكـن ان تتخـذ ! االجتماعي يف كل مرحلة بانقالب دفعـي شـامل؟ نفـس اسـلوا يف احلقـل ، القفزة الديالكتيكية املزعومة يف احلقل االجتمـاعي

مث تتـدرج ، االنقـالب فال متس اال اجلوانب اليت توفرت فيها شـروط ، الطبيعي !.حىت يتحقق التحول العام يف اية االمر؟

مانـة علـى مثـال أواخريا فان حتول الكمية اىل كيفيـة ال ميكـن ان نطبقـه ب وهبوطهـا . الذي يتحول اىل غاز او جليد وفقا لصعود درجة احلـرارة فيـه ، املاء

ز او اجلليـد املاركسية اعتربت احلرارة كميـة والغـا ألن ،كما صنعت املاركسية فقررت ان الكمية يف املثال حتولت اىل كيفيـة وهـذا املفهـوم املاركـسي ، كيفية

التعبري الكمـي عـن احلـرارة ألن ،على اساس للحرارة او للغاز واجلليد ال يقوم او مخـسة لـيس هـو الذي يستعمله العلم حني يقول ان درجة حرارة املاء مئـة

العلمـي يف رد الظـواهر الطبيعيـة اىل جوهر احلرارة وامنا هو مظهر لالسـلوب الطريقة العلمية ال تعتـرب احلـرارة أساس فعلى. كميات ليسهل ضبطها وحتديدها

غري ان الطريقة العلميـة ال تعتـرب احلـرارة ، ميكن ان تعترب احلرارة كمية ، االشياء ،يتخذ تعـبريا كميـا ايـضا ، ظاهرة كمية فحسب بل ان حتول املاء اىل خبار مثال

العلم حيـدد االنتقـال مـن ألن ،و ظاهرة كمية يف اللغة العلمية كاحلرارة متاما فه او بعالقـات وفواصـل بـني ، احلالة السائلة اىل الغازية بضغط ميكن قياسه كميا

ففـي املنظـار العلمـي اذن ال توجـد يف ، الذرات تقاس كميا كما تقاس احلرارة يف املنظـار احلـسي أي يف وامـا ، املثال اال كميات تتحول بعـضها اىل بعـض

او، مفهومنا الذي يوحي به احـساسنا بـاحلرارة حـني نغمـس يـدنا يف املـاء فاحلرارة كالغاز حالـة كيفيـة وهـي ، احساسنا بالغاز حني نرى املاء يتحول خبارا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 248: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٤٨

من االنزعاج حـني تكـون احلـرارة شـديدة احلالة اليت تبعث يف نفوسنا شيئا .كيفيةفالكيفية تتحول اىل

وهكذا جند ان املاء يف حرارتـه وتبخـره ال ميكـن ان يعطـي مثـاال لتحـول اال اذا تناقـضنا فنظرنـا اىل احلـرارة باملنظـار العلمـي واىل ، الكمية اىل كيفية

.احلالة الغازية مبنظار حسي بـه مبـا احتفنـا ، ان خنتم احلـديث عـن قفـزات التطـور خرياأوحيسن بنا

فقد ذكر انه ليس كـل مقـدار مـن . س املالأ كتابه رماركس ـ مثاال له ـ يف ،بـل ال بـد حلـدوث هـذا التحويـل ، النقود قابال للتحويل اىل رامسال اعتباطا

،حائزا قبل ذلك على حـد ادىن مـن النقـود ، من ان يكون املالك الفردي للنقد ويتوقـف ذلـك . يفسح له معيشة مضاعفة عن مستوى معيشة العامل االعتيـادي

واخـذ يف توضـيح ذلـك علـى . يكون يف امكانه تسخري مثانية عمـال على ان ،مسـال املتحـول أوالر، اساس مفاهيمه االقتصادية الرئيسية من القيمـة الفائـضة

،الـذي يـشتغل مثـاين سـاعات ، فاستشهد بقضية العامـل . مسال الثابت أوالرـ ، لنفسه ،ايلأي يف انتاج قيمة اجوره ويشتغل الـساعات االربـع التاليـة للرامس

ومـن احملـتم علـى . الـيت يرحبهـا صـاحب املـال ، يف انتاج القيمة الزائـدة يكفـي ، ان يكون حتـت تـصرفه مقـدار مـن القـيم ، الرامسايل يف هذه احلالة

بغيـة ان ، واالجـور ، وادوات العمـل ، لتمكينه من تزويد عاملني باملواد اخلـام كمـا يقتـات احـد ، تكفي لتمكينه من ان يقتات ـا ، ميتلك يوميا قيمة زائدة

بـل زيـادة ، مسايل لـيس هـو جمـرد االقتيـات أولكن مبا ان هدف الر . عامليه ولكيمـا يتـسىن . فان منتجنا هذا سيظل ـ بعامليه هذين ليس برامسـايل ، الثروة

مـع ، تكون يف مستواها ضعف عيـشة العامـل االعتيـادي ، له ان يعيش عيشة يتحتم عليـه ان يكـون متمكنـا ، لحتويل نصف القيمة الزائدة املنتجة اىل رامسا

.من تشغيل مثانية عمال يـد أويف هذا كمـا يف العلـم الطبيعـي تت : واخريا علق ماركس على ذلك قائال

قانون حتـول الـتغريات الكميـة اذ تبلـغ ، الذي اكتشفه هيجل ، صحة القانون

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 249: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٤٩

.)١(اىل تغريات نوعية ، معيناحدا علـى مـدى التـسامح الـذي تبديـه ، حوهذا املثال املاركسي يدلنا بوضـو

ولـئن كـان . على قوانينـها املزعومـة ، )سرد االمثلة سردا عاجال (املاركسية يف فهو يف اـال العلمـي ـ وخاصـة عنـدما ، وفضيلةجمال خرياالتسامح يف كل

علـى ضـوء تلـك االسـرار ، النشاء عامل جديد ، يراد استكشاف اسرار الكون .تفروالقوانني ـ تقصري ال يغ

الـيت ، ان نتنـاول فعـال املـسائل االقتـصادية ، ن بطبيعة احلـال وال نريد اآل مسـايل لـدى أومفهـوم الـربح الر ، مما يتصل بالقيمة الزائدة ، يرتكز عليها املثال

فلنقطـع . س املـال أعلـى ر ، لقانون القفزة ، ماركس وامنا يهمنا التطبيق الفلسفي فـان مـاركس يـذهب . ذه الناحيـة ونتجه اىل درس ه ، النظر عن سائر النواحي

حتـصل بالتـدريج حـىت اذا بلـغ رحبـه ، اىل ان النقد مير بتغريات كمية بسيطة ،بـصورة دفعيـة ، والتحـول الكيفـي ، حصل االنقـالب النـوعي ، حدا معينا

بعـد ، وهذا احلد هو ضعف معيـشة العامـل االعتيـادي . مساالأواصبح النقد ر ال يوجـد فيـه ، ا مل يبلغ هـذه الدرجـة وم. مسال من جديد أحتويل النصف اىل ر

لفـظ يطلقـه ، س املـال اذن أفـر . مسـاال أوال يكون ر ، التغري الكيفي االساسي ولكل انـسان مطلـق احلريـة يف اطالقـه . ماركس على مقدار معني من النقود

وال، ولكـن لـيس مـن الـصحيح ، فلتكن هذه التسمية صحيحة ، ومصطلحاته ،حتـوال كيفيـا لـه ، وغ النقد هذا احلد اخلـاص ان يعترب بل ، من املفهوم فلسفيا

ال يعـين اال زيـادة ، فان بلوغ النقـد اىل هـذا احلـد . وقفزة من نوع اىل نوع غري ما كـان ينـتج عـن الزيـادات ، وال ينتج عنها حتول كيفي يف النقد ، كمية

،واذا شـئنا فلنرجـع اىل املراحـل الـسابقة . على طول اخلط ، الكمية التدرجيية فلـو ان املالـك الفـردي . يف تغرياته الكمية املتتاليـة ، لعناصره، النقدمن تطور

،بـادوام واجـورهم ، الذي يتيح له ان جيهـز سـبعة عمـال ، كان ميلك النقد جـور أتعـادل ، فماذا كان يربح على زعم ماركس؟ انه كان يربح قيمة فائـضة

.٢١٠ ضد دوهرنك ص ـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 250: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٥٠

حلـسابات سـاعة مـن العمـل يف ا ) ٢٨(أي ما يعـادل ، ثالثة عمال ونصف ن القيمـة الفائـضة اذا حـول أل، مساليـا أجل هذا فهو لـيس ر وأل، املاركسية

فلـو . ال يبقى منها ما يضمن له معيـشة عامـل مـضاعفة ، نصفها اىل راس مال الـذي ميلكـه حبيـث اصـبح يف امكـان ، افترضنا زيادة كمية بسيطة يف النقد

اخـذ ، يوم لعامـل املالك ان يشتري ـ مضافا اىل ما كان ميلك ـ جهود نصف ولغريه ست ساعات اخرى فهو سوف يـربح مـن هـذا ، يعمل له ست ساعات

،خـرين نصف ما يرحبه من عمل كل واحـد مـن العمـال الـسبعة اآل ، العامل وانـه سـيمكنه مـن ، ساعة من العمـل ) ٣٠(ومعىن هذا ان رحبه سوف يعادل

نتـصور فـان يف امكاننـا ان ، وهنـا نكـرر االفتـراض . معيشة افضل مما سبق ان يـشتري مـن ، يف نقـده ، وهو يستطيع على اثر زيادة كمية جديـدة ، املالك

اال مبقـدار ، خـر آوال يبقى للعامـل صـلة مبحـل ، ثالثة ارباع ، العامل الثامن غري مـا واجهنـاه عنـد حـدوث الـتغري ، عند هذا ، ثالث ساعات فهل نواجه

فهـب ! املالـك؟ من زيادة كمية يف الربح ويف مـستوى معيـشة ، الكمي السابق اتاحـت لـه ان يـشتري ، بزيادة كمية جديدة ، ان املالك استطاع تضخيم نقده

غريمـا كـان حيـدث ، فماذا سوف حيدث . كل جهده اليومي ، من العامل الثامن ويف مـستوى ، من زيادة يف القيمـة الفائـضة ، على اثر الزيادات الكمية السابقة

،ن قد حـدث يف املـرات الـسابقة مل يك ، نعم حيدث للنقد شيء واحد ! املعيشة؟ وهو ان هـذا النقـد مل يكـن يتفـضل عليـه ، شيء يتصل بالناحية اللفظية فقط

.ن فيـصح ان يـسمى ـذا اللفـظ وامـا اآل ، س املالأباطالق لفظ ر ، ماركس وهـل كـل !.. على النقـد؟ أافهذا هو التغري النوعي والتحول الكيفي الذي يطر

ناحيـة لفظيـة خالـصة ، عـن املراحـل الـسابقة ، امتياز هذه املرحلة من النقد على مرحلة سـابقة حلـدث الـتغري الكيفـي ، س املال أحبيث لو كنا نطلق لفظ ر

!.سبق؟أيف زمان

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 251: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٥١

○ـ االرتباط العام ٤ ○ :قال ستالني

ــة [ ــا للميتافيزيـ ــديالكتيك خالفـ ــة، ان الـ ــرب الطبيعـ ال يعتـــياء ــيا لالش ـ ، تراكمــا عرض ــضها منفـ ــوادث بع صل عــن او ح

ــض ــن اآل ، بع ــستقل ع ــزل م ــدمها منع ــراو اح ــرب . خ ــل يعت ب تـرتبط فيــه االشـياء واحلــوادث فيمــا ، متماســكا واحـدا الطبيعـة كــال

ويكــون. خرويتعلــق احــدمها بــاآل ، ارتباطــا عــضويا ، بينــها .)١(]بعضها شرطا لبعض بصورة متقابلة

الديالكتيكيـة ال ميكن ان تدرس علـى الطريقـة ، باجزائها املتنوعة فالطبيعة وعمـا يـرتبط . وجتريده عـن ظروفـه وشـروطه . خرحال فصل بعضها عن اآل الـيت ال تنظـر اىل الطبيعـة ، كما هو شان امليتافيزيقية ، بواقعه من ماض وحاضر

فكـل حادثـة ال . بل نظـرة جتريديـة خالـصة ، باعتبارها شبكة ارتباط واتصال عن احلـوادث االخـرى احمليطـة اذا عزلت ، يكون هلا معىن يف املفهوم الديالكيت

.ودرست بصورة ميتافيزيقية جتريدية، ا الـصاق التـهم ـا دون ، والواقع انه لو كان يكفي السقاط فلـسفة مـا

لكانـت االامـات الـيت تكيلـها املاركـسية ـ يف خطهـا اجلديـد ، مـربر ـ ، كافية لدحـضها ، للميتافيزيقية ـهذا ةوتفنيـد نظرـا االنعزاليـة اىل الطبيع

ولكـن لتقـل لنـا املاركـسية . بني اجزاء الكون ، املناقضة لروح االرتباط املكني اذا، ي ميتافيزيقيـة هـذه الـيت ال تقـره أو! من كان يشك يف هذا االرتبـاط؟

واقـيم علـى اسـاس ، اليت متثل الطابع الدياكيت لـه ، افرزت منه نقاط الضعف اجلـزء الثالـث مـن هـذه اليت خصصنا ( العلية وقوانينها أفلسفي متني من مبد

ال تعـدو احـد ، فان احلوادث يف النظـرة العامـة للكـون ! ؟)املسالة لدراستها

.٦ص: ـ املادية الديالكتيكية واملادية التارخيية 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 252: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٥٢

مبعـىن ان كـل ، فاما ان تكون جمموعة من الصدف املتراكمة : اشكال ثالثة دون ان تكـون هنـاك أي ضـرورة تـدعو اىل ، حادثة توجـد باتفـاق حبـت

،تكـون اجـزاء الطبيعـة ضـرورية واما ان . وهذه هي النظرة االوىل . وجودها دون احتيـاج ، فكل واحد منها يوجد بسبب من ضرورته الذاتيـة ، ضرورة ذاتية

وكلتـا هـاتني النظـرتني . وهذه هي النظرة الثانية . ثر به أاو ت ، اىل شيء خارجي ،ان كل حادثة تـرتبط يف وجودهـا باسـباا : العلية القائل أال تنسجمان مع مبد

كمـا يـرفض ، يـرفض الـصدفة واالتفـاق أن هذا املبـد أل. وشروطها اخلاصة وهـي النظـرة ، وبالتايل يعني نظرة اخرى حنو العـامل . الضرورة الذاتية للحوادث

وحيتـل ، طبقـا ملبـدا العليـة وقوانينـها ، اليت يعترب فيها العامل مرتبطـا كـامال الذي حتتمـه شـرائط وجـوده وقافلـة ، كل جزء منه موضعه اخلاص من الكون

اليت تقيم امليتافيزيقيـة علـى اساسـها فهمهـا ، وهذه هي النظرة الثالثة . هاسباب الـيت ، )١(ملاذا وجد؟ احـد االسـئلة االربعـة : والجل ذلك كان سؤال . للعامل

.مرهونة مبـدى اجلـواب عليهـا ، يعترب املنطق امليتافيزيقي االحاطة العلمية بشيء لقا امكـان عـزل احلادثـة عـن فهذا يعين بكل وضوح ان امليتافيزيقية ال تقر مط

.وجتميد السؤال عن عالقاا باحلوادث االخرى، حميطها وشروطها

ما هو؟ وهل هو موجود؟ وكيف هو؟ وملاذا وجد؟ : ة األربعة هي كما يليسئلـ واال 1

،فلنأخذ احلرارة. والجل االيضاح نطبق هذه االسئلة على احدى الظواهر الطبيعية ما هي احلرارة؟ ونعين ذا السؤال حماولة شرح مفهومها: ملواجهة هذه االسئلة فيها

وهل احلرارة. ارة نوع من انواع الطاقةان احلر: فنجيب على ذلك ـ مثال ـ ، اخلاص أي ما هي ظواهرها، وكيف هي. موجودة يف الطبيعة؟ وجنيب باالجياب طبعا

،فيقال ـ مثال ـ بأن من خواصها التسخني، وخواصها؟ وهذا ما جتيب عنه الفيزياء واخريا فلماذا...وتغيري بعض الصفات الطبيعية للمادة اخل ، والتقليص، والتمديد والشروط، احلرارة؟ ومرد هذا السؤال اىل االستفهام عن عوامل احلرارة وعللهاوجدت

فيجاب عنه ـ مثال ـ ان الطاقة احلرارية تستوردها االرض من ، اخلارجية اليت ترتبط ا .وتنبثق عنها اخل، الشمس

وضع مسألة ارتباط الشيء بأسبابه وظروفه يف، وذا تعرف ان املنطق امليتافيزي .اليت تتناول حقيقته ووجوده وخواصه، ف املسائل الرئيسية االخرىمصا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 253: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٥٣

بـل هـو ممـا ، على الـديالكتيك وقفا، فليس االعتقاد باالرتباط العام اذن يف حبـوث العليـة ، الـيت شـيدا امليتافيزيـة ، تؤدي اليه حتما االسس الفلسفية

.وقوانينها والكـشف عـن ، القائم بني اجـزاء الطبيعـة ، رتباطاالواما خمططات هذا

.علـى اخـتالف الواـا ، فذلك ما توكله امليتافيزية اىل العلوم ، سرارهأتفاصيله و ويقـيم نظريتـه . امنـا يـضع اخلـط العـريض ، فان املنطق الفلسفي العام للعامل

ان،ويبقى على العلـم بعـد ذلـك . االرتباطية على ضوء العلية قوانينها الفلسفية ويوضـح االلـوان ، اليت تتسع هلا الوسائل العلميـة ، يشرح التفاصيل يف امليادين

.ويضع فيها النقاط على احلروف، واسرارها، الواقعية لالرتباط كـان علينـا ان ، واذا اردنا ان ننصف الديالكتيك وامليتافيزية حقهما معـا

لـيس هـو نفـس . الذي جاء به الديالكتيك املاركسي ، نسجل ان الشيء اجلديد والـذي ، بطريقتـها اخلاصـة ، الذي سبقت اليه امليتافيزيـة ، قانون االرتباط العام

وامنـا سـبقت .. وليس موضع النقـاش ، هو يف نفس الوقت واضح لدى اجلميع او بــاالحرى اىل التطبيقـات الــسياسية ، املاركـسية اىل االغــراض الـسياسية

فنقطـة . تنفيذ خططهـا وخرائطهـا اليت توفر هلا امكان ، لذلك القانون ، اخلاصة .من حيـث وجهتـه املنطقيـة والفلـسفية ، ال بالقانون ، االبتكار تتصل بالتطبيق

عـن االرتبـاط يف ، )اميل برنـز (ولنقرا ذه املناسبة ما سجله الكاتب املاركسي :اذ كتب يقول، املفهوم املاركسي

ــامل [ ــة او العـ ــساين ، ان الطبيعـ ــع االنـ ــضمنه اتمـ مل، وبـــستقلةتت ــايزة م ــياء متم ــضها، كــون مــن اش ــام االســتقالل عــن بع مت

ــبعض ــك . ال ــرف ذل ــامل يع ــل ع ــصوى يف ، وك ــعوبة ق ــد ص وجيــد التقــديرات ــؤثر يف االشــياء ، حتدي ــد ت حــىت الهــم العوامــل الــيت ق

ــة ــها، اخلاص ــيت يدرس ــاء. ال ــاء م ــه ، ان امل ــدت حرارت ــن اذا زي ولك ،رارتـــهواذا اخنفـــضت ح، حتـــول اىل خبـــار، اىل درجـــة معينـــة

ــؤثر عليــهكمــا ان هنــاك. اســتحال ثلجــا ويــدرك. عوامــل اخــرى تــضا ــامي اي ــخص ع ــل ش ــياء، ك ــز االش ــا خب ــد، اذا م ــه ال يوج ان

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 254: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٥٤

ــتقالل ــل االس ــه ك ــستقل بذات ــيء م ــ، ش ــيء يت ــل ش ثرأوان ك ].باالشياء االخرى

ــديهيا [ ــياء ب ــني االش ــرابط ب ــذا الت ــدو ه ــد يب ــة، وق اىل درجــات ــبب اللف ــا أي س ــر معه ــهيظه ــي، النظــر الي ــة ه ــن احلقيق :ولك

ــا ــياء دائم ــني االش ــرابط ب ــدركون الت ــاس ال ي ــدركون، ان الن وال يــة ــروف معين ــي يف ظ ــو حقيق ــا ه ــا يف ، ان م ــون حقيقي ــد ال يك ق

ــرى ــروف اخ ــروف ، ظ ــت يف ظ ــارا تكون ــون افك ــا يطبق ــم دائم وهــة ــرى ، خاص ــروف اخ ــى ظ ــتالف ، عل ــام االخ ــها مت ــف عن .ختتل

ــضرب ــن ان ي ــل ميك ــصددوخــري مث ــذا ال ــر، يف ه ــة النظ ــو وجه هــالم ــة الك ــول حري ــدم . ح ــة خت ــصورة عام ــالم ب ــة الك ان حري

وتفيد ارادة الـشعب يف االعـراب عـن نفـسها ولـذلك فهـي ، الدميقراطيةــع ــور اتم ــدة لتط ــية ، مفي ــالم للفاش ــة الك ــن حري ــد(ولك االولأاملب

اذ انــه، امــر خيتلــف كــل االخــتالف) الــذي حيــاول قمــع الدميقراطيــة فـان مـا يـصح ، ومهما تكـرر النـداء حبريـة الكـالم . يوقف تطور اتمع

ــدف اىل ــيت ــزاب ال ــسبة لالح ــة بالن ــروف االعتيادي ــه يف الظ عن .)١( ]ال يصح بالنسبة لالحزاب الفاشية، الدميوقراطية

بـل ، بان االرتباط العام مفهـوم لكـل عـامل ، هذا النص املاركسي يعترف ـ وليس شـيئا جديـدا يف ) اميل برنز( حد تعبري كل عامي خرب االشياء ـ على

نظـرا اىل ، وامنا اجلديد الذي استهدفته املاركـسية بـذلك . الفهم البشري العام الـيت تـدخل ، لة حرية الكالم واملسائل االخـرى أبني مس ، مدى االرتباط الوثيق

ميكننـا ان جنـدها ، ونظري ذلك عدة تطبيقات اخرى من هذا القبيـل . يف حساا ـ ، مجلة من النصوص املاركـسية االخـرى يف ين الكـشف املنطقـي اجلبـار أف

!.للديالكتيك؟

.٧٦ ـ ٧٥ ما هي املاركسية ص ـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 255: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٥٥

:نقطتان حول االرتباط العام.........................................ڤ عن نظريـة االرتبـاط العـام يف ، ومن الضروري ان نشري يف سياق احلديث

:اىل نقطتني مهمتني، يتافيزيةامل مبـا يتـصل ، ان ارتباط كل جزء من اجزاء الطبيعة والكـون : النقطة االوىل

وظروف ـ يف املفهـوم امليتـافيزيقي ـ ال يعـين عـدم ، وشرائط، به من اسباب ولـذلك كـان . ووضع تعريـف خـاص بـه ، امكان مالحظته بصورة مستقلة

كـرب الظـن ان ذلـك أو. طق امليتـافيزيقي التعريف احد املواضيع اليت يبحثها املن ،اىل اام امليتافيزيقيا باـا ال تـؤمن باالرتبـاط العـام ، هو الذي بعث املاركسية

اذ وجـدت امليتـافيزيقي ياخـذ الـشيء . وال تدرس الكون على ذلك االساس ،بصورة مستقلة عن سـائر االشـياء االخـرى ، فيحاول حتديده وتعريفه ، الواحد

وال يتناوهلـا ، انه ال يقر بوجود االرتبـاط بـني االشـياء ، بب ذلك فيخيل هلا بس نـه حـني عـرف االنـسانية أفك. خـر بالدرس اال يف حال عزل بعضها عن اآل

قـد عـزل االنـسانية او ، باا حيـاة وارادة ، وعرف احليوانية . حياة وفكر : باا .ونظر اليهما نظرة مستقلة، احليوانية عن ظروفهما ومالبستهما

اليت درج املنطـق امليتـافيزي علـى اعطائهـا ، ن الواقع ان التعريفات ولك القائـل باالرتبـاط العـام أ مع املبـد ال تتناىف مطلقا ، بصورة خاصة ، لكل شيء واالكتفـاء مـن دراسـتها ، وال يقصد منه التفكيك بـني االشـياء ، بني االشياء

ة باـا حيـاة فنحن حـني نعـرف االنـساني . باعطاء تلك التعريفات اخلاصة ا بالعوامـل واالسـباب ، ال نرمي من وراء ذلك اىل انكار ارتباط االنسانية ، وفكر

الـذي يـرتبط بتلـك ، وامنا نقصد بالتعريف ان نعطي فكرة للـشيء ، اخلارجية .ليتاح لنا ان نبحث عما يتصل بـه مـن عوامـل واسـباب ، العوامل واالسباب

فهـي ، ا لتحقيق هذا اهلـدف نفـسه تتخذ التعريف اسلوب ، وحىت املاركسية نفسها :فقد عرف لينني الديالكتيك بانه.. وتعرف املادة اخل ، تعرف الديالكتيك

.)١(] علم القوانني العامة للحركة[

.٢٤ص: ماركس واجنلز واملاركسيةـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 256: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٥٦

: وعرف املادة بااــوعي املعطــى لنــا يف االحاســيس [ ــي الواقــع املوض .)١(] ه

تيك عـن سـائر ان ليـنني فـصل الـديالك ، افيكون من مفهوم هذه التعـاريف وانـه نظـر اىل املـادة ! ومل يعتقد باتصاهلا بـه؟ ، اجزاء املعرفة البشرية من العلوم

.كـال ! ودرسها متغاضيا عما فيها مـن ارتباطـات وتفـاعالت؟ ، بصورة جتريدية ختطـي االرتبـاط القـائم بـني االشـياء ، يف كثري او قليل فان التعريف ال يعين

الذي حنـاول الكـشف عـن روابطـه وعالقاتـه ، موامنا حيدد لنا املفهو ، وامهاله .ليسهل علينا التحدث عن تلك الروابط والعالقات ودرسها، املتنوعة

.ال ميكـن دوريـا ، جـزاء الطبيعـة أان االرتبـاط بـني : النقطة الثانيـة ونقصد بذلك ان احلادثتني املرتبطتني ـ كالسخونة واحلرارة ـ ال ميكن ان تكـون

فاحلرارة ملـا كانـت شـرطا لوجـود . احلادثة االخرى كل منهما شرطا لوجود .)٢( أيضا احلرارةفال ميكن ان يكون الغليان شرطا لوجود ، الغليان

فلكل جزء من الطبيعة ـ يف سجل االرتباط العام ـ درجته اخلاصـة الـيت ومـن ظـواهر يـؤثر هـو يف ، حتدد له ما يتصل به من شرائط تؤثر يف وجـوده

ومـدينا ، لوجود االخـر كون كل من اجلزئني او احلادثني سببا واما ان ي . وجودها دائريـا يرجـع مـن فذلك جيعل االرتبـاط الـسبيب ، له بوجوده يف نفس الوقت

. وهو غري معقولأحيث بد ،وهـو يتحـدث عـن االرتبـاط العـام ، جنلزأفلنقف حلظة عند ، خرياأو

:وتضافر الرباهني العلمية عليه قائال

.٢٩ص: ـ ما هي املادية 1دليال على امكان ذلك ألن التفاعل بني ، ميكن ان يؤخذ التفاعل بني االضداد اخلارجيةـ وال 2

مرده يف بل ، ال يعين ان كل واحد منها شرط لوجود اآلخر وسبب له ، االضداد اخلارجيةفالشحنة السالبة واملوجبة . مل تكن موجودة عنده. اىل اكتساب كل ضد صفة من اآلخراحلقيقة

بل معىن ان الشحنة ، ال مبعىن ان كال من الشحنتني وجدت بسبب الشحنة االخرى، تتفاعالن .وكذلك العكس، يف الشحنة املوجبةالسالبة ولدت حالة اجنذاب خاص

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 257: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٥٧

ــى ان [ ــاص عل ــه خ ــة بوج ــشافات ثالث ــة اكت ــدمت، مث ــد تق قــا ــة مبعرفتنـ ــوات العمالقـ ــة، خبطـ ــات التطوريـ ــرابط العمليـ لتـ

ــة ــة : والأ. الطبيع ــشاف اخللي ــو ، اكت ــيت تنم ــدة ال ــصفتها الوح بــها ــة كل ــة واحليواني ــضوية النباتي ــها الع ــايز، من ــاثر والتم ــق التك ،بطري

ــا ــا وحنوه ــضويات العلي ــائر الع ــور س ــان تط ــرف ب ــث مل نع ،حبيــام فحــسب ــانون ع ــق ق ــان وف ــذلك، يتتابع ــة ك ــدرة اخللي ــل ان ق ب

تــبني الطريــق الــذي تــستطيع العــضويات ، علــى التحــول ــضاه ــا، مبقت ــري انواعه ــن ان ، ان تغ ــر م ــورا اكث ــذلك تط ــاز ب فتجت

ــا ــا. يكــون فردي ــبني ان ســائر : ثاني ــذي ي ــة ال ــشاف حتــول الطاق اكتــا ــة، القــوى مبجموعه ــة للحركــة الكلي ــر كــل، هــي ظــواهر خمتلف مت

ــة ــة معين ــسب كمي ــرى بن ــها اىل االخ ــريا... من ــانواخ الربهــشامل ــان ، ال ــذي ك ــن(ال ــه ) داروي ــاء ب ــن ج ــذي، اول م وال

يــنص علــى ان مجلــة مــا حيــيط بنــا يف الوقــت احلاضــر مــن منتجــاتــة ــة طويل ــائج عملي الطبيعــة ـ مبــا يف ذلــك البــشر ـ ان هــي اال نت

.)١( ]من التطور هو من الكشوف العلمية اليت انتـصرت فيهـا ، الولوالواقع ان االكتشاف ا

،)الربوتوبالسـم (احلياة هـو اخلليـة احليـة مبدأ نه برهن على ان أل، امليتافيزيقا تتـوفر فيهـا ، زاح بذلك الوهم القائل بامكان قيام احلياة يف أي مادة عـضوية أف

ا اىل نظـر ، بني الكائنات احليـة وغريهـا فاصال ووضع حدا ، عوامل مادية خاصة فاكتـشاف . وهي وحدها اليت حتمـل سـرها العظـيم ، ان جرثومة احلياة اخلاصة

دلنـا . يف نفس الوقت الذي دلنا على اصل واحد لالجـسام احليـة ، اخللية احلية .ايضا على مدى البون بني الكائن احلي وغريه

نـه أل، يعد ظفرا عظيما للميتافيزيقـا أيضا خرفهو اآل ، واما االكتشاف الثاين

. ٨٨لودفيج فيورباخ صـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 258: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٥٨

مبا فيها الـصفة ، يثبت بطريقة علمية ان مجيع االشكال ـ اليت تتخذها الطاقة كمـا ، فتكون حباجة اىل سبب خـارجي . املادية ـ هي صفات وخصائص عرضية

اضـف اىل ذلـك ان االكتـشاف . سنوضح ذلك يف اجلزء الرابع من هذه املسالة جلدل املاركسي صـدقها علـى اليت يزعم ا . يتعارض مع قوانني الديالتيك ، املذكور

اليت يزعم اجلدل املاركـسي صـدقها علـى . ال ختضع للحركة الديالكتيكية ، ثابتة واذا اثبت العلـم اسـتثناء جانـب يف الطبيعـة . مجيع جوانب الطبيعة وظواهرها

.فقد زالت ضرورته وصفته القطعية، من قوانني الديالكتيك بعضها مـن بعـض فهـي ال واما نظرية داروين عن تطور االنواع وخروج

وال ميكن ان تتخـذ سـندا علميـا للطريقـة ، مع قوانني الديالكتيك أيضا تتفق فان داروين وبقـض املـسامهني معـه يف بنـاء ، الديالكتيكية يف تفسري االحداث

مـا يظفـر بـه أسـاس خر على آالنظرية وتعديلها يفسرون تطور نوع اىل نوع وخصائص عن طريـق صـدفة ميكانيكيـة او النوع القدمي من ميزات أفراد بعض

كالبيئة واحمليط وكل ميزة حيصل عليها الفرد تظـل ثابتـة ، اسباب خارجية حمددة وبذلك ينشا جيـل قـوي بفـضل هـذه امليـزات ، فيه وتنتقل بالوراثة اىل ابنائه

مـن هـذا قويـاء املكتسبة ويف خضم الصراع يف سبيل القوت والبقـاء بـني األ ،النوع الـذين مل يظفـروا مبثـل تلـك امليـزات أفراد ف من اجليل وبني الضعا

وتتجمـع . قويـاء يعمل قانون تنازع البقاء عمله فيفىن الضيعف ويبقى االفراد األ املزايا عن طريق توريث كل جيل مزاياه اليت حصل عليها بسبب ظروفـه وبيئتـه

ـ ، اليت عاشها للجيل الذي يتلوه وعوهكذا حىت ينشا نـوع جديـد يتمتـع مبجم .املزايا اليت اكتسبها اسالفه على مر الزمن

وحنن نستطيع ان ندرك بوضوح مدى التناقض بـني نظريـة دارويـن هـذه .وبني الطريقة الديالكتيكية العامة

فهناك الطابع امليكانيكي للنظرية يبدو بوضوح من خـالل تفـسري دارويـن الـيت حيـصل عليهـا فامليزات والفروق الفردية ، لتطور احليوان باسباب خارجية

وال مثـرة لتنـاقض النوع ليست نتيجة لعمليـة تطوريـة أفراد اجليل القوي من ،داخلي وامنا هي وليدة مصادفة ميكانيكية او عوامل خارجية من البيئـة واحملـيط

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 259: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٥٩

هي الـيت امـدم بعناصـر قوياءفالظروف املوضوعية اليت عاشها االفراد األ الـصراع الـداخلي يف االعمـاق كمـا يفتـرض خرين ال قوم وميزم عن اآل

.الديالكتيك سـباب أكما ان امليزة اليت حيصل عليها الفرد بطريقـة ميكانيكيـة ـ أي ب

خارجية من الظروف اليت يعيشها ـ ال تتطور حبركة ديناميكيـة وتنمـو بتنـاقض وامنا تظل ثابتة وتنتقـل بالوراثـة دون ، داخلي حىت حتول احليوان اىل نوع جديد مث تـضاف اىل امليـزة الـسابقة ميـزة ، ان تتطور وتبقى بشكل تغري بسيط ساكن

فيحـصل ، ميكانيكيا بسبب الظروف املوضـوعية أيضا اخرى تتولد هي االخرى وهكذا تتولد امليزات بطريقة ميكانيكية وتواصـل وجودهـا يف ، خرآتغري بسيط

يتكـون منـها اخـريا وحني تتجمـع ، االبناء عن طريق الوراثة وهي ساكنة ثابتة .للنوع اجلديداألرقى الشكل

يف نظريـة دارويـن وفكـرة فرق كبري بني قانون تنازع البقـاء أيضا وهناك فان الفكرة الصراع بـني االضـداد عنـد ، الصراع بني االضداد يف الديالكتيك

الديالكتيكيني تعرب عن صراع بني ضـدين يـسفر يف النهايـة عـن توحـدمها يف .فقا لثالوث االطروحة والطباق والتركيبمركب اعلى و

ففي صراع الطبقات مثال تشب املعركة بني الـضدين يف احملتـوى الـداخلي وينتـهي الـصراع بامتـصاص ، مسالية والطبقة العاملة أومها الطبقة الر ، للمجتمع

كـل ، مسالية وتوحد الطبقتني معـا يف جمتمـع ال طبقـي أالطبقة العاملة للطبقة الر واما تنازع البقاء والصراع بـني القـوي والـضعيف يف ، كون ويعملون افراده ميل

النه ال يسفر عن توحـد االضـداد يف نظرية داروين فهو ليس صراعا ديالكتيكيا فهـو يزيـل ، مركب ارقى وامنا يؤدي اىل افناء احد الضدين واالحتفاظ بـاالخر

ـ قويـاء النوع ازالة ائية ويبقي األ أفراد الضعاف من تج مركبـا جديـدا وال ين الضدان املتصارعان كمـا يفتـرض الـديالكتيك يف ، قوياءيتوحد فيه الضعفاء واأل

.ثالوث االطروحة والطباق والتركيب واذا طرحنا فكرة تنازع البقاء او قانون االنتخاب الطبيعي بوصـفها تفـسريا لتطور االنواع واستبدلناها بفكرة الصراع بني احليـوان والبيئـة الـذي يكيـف

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 260: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٦٠

ـ ، وفقا لشروط البيئة، اجلهاز العضوي وقلنا ان الصراع بني احليوان والبيئة بدال عن الصراع بني القوي والضعيف ـ هو رصيد التطور كمـا قـرره روجيـه

اقول اذا طورنا النظرية وفسرنا تطور االنواع يف ضوء الصراع بـني ، )١(غارودي الـصراع بـني ألن ،يالكتيكية ايـضا فسوف لن نصل اىل نتيجة د ، البيئة واحمليط

البيئة واجلهاز العضوي ال يسفر عن التحامهما وتوحدمها يف مركب ارقـى وامنـا فالـضدان املتـصارعان هنـا ـ البيئـة . تظل االطروحة والطباق دون تركيـب

واحمليط ـ وان كانا موجودين معا يف اية املعركة وال يـضمحل احـدمها خـالل الرأمساليـة وحدان يف مركب جديد كمـا تتوحـد الطبقـة الصراع ولكنهما ال يت

.والطبقة العاملة يف مركب اجتماعي جديد ين التكامل يف التطور البيولـوجي عنـد دارويـن فـان أين الدفعية و أ ف خرياأو

ن التحوالت الكيفية حتصل بصورة دفعيـة خالفـا للـتغريات أالديالكتيك يؤمن ب من ان احلركـة يف اجتـاه متكامـل وصـاعد كما انه يؤ ، الكمية اليت تنمو ببطء

ونظرية داروين او فكرة التطور البيولوجي تربهن علـى امكـان العكـس ، دائما ،بني علماء البيولوجيا بان يف الطبيعة احليـة حـاالت انتقـال تدرجييـة فقد ، متاما

كما ان التفاعل الذي حيـدده )٢(كما ان فيها حاالت انتقال بشكل قفزات مفاجئة ن بني الكائن احلي والطبيعة ليس من الـضروري فيـه ان يـضمن تكامـل داروي

شيئا مما كـان قـد حـصل عليـه مـن بل قد يفقد بسبب ذلك ، الكائن املتطور الكمال طبقا للقوانني اليت حيددها يف نظريتـه للتفاعـل بـني احليـاة والطبيعـة

ك حيـاة ماد اىل العيش يف الكهـوف وتـر كاحليوانات اليت اضطرت منذ ابعد اآل ي داروين بسبب تفاعلـها مبحيطهـا اخلـاص وعـدم أالنور ففقدت بصرها يف ر

وبـذلك ادى التطـور يف التركيـب ، استعماهلا لعضو االبصار يف جماالا املعيشية اليت تعتقد ان العمليات التطورية املترابطة يف للماركسيةالعضوي اىل االحنطاط خالفا

لية تستهدف التكامل دائما الا عمليات تقدميـة الطبيعة املنبثقة عن تناقضات داخ .صاعدة

.٤٣ الروح احلزبية يف العلوم ص ـ 1 .٤٤الروح احلزبية يف العلوم صـ 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 261: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٦١

ـ٣ـ

○العلية مبدأ ○ مبدأ العلية القائل ان، وليات ما يدركه البشر يف حياته االعتياديةأان من

االنسان جيد يف ألن ، وهو من املبادئ العقلية الضروريةلكل شيء سببا وتربير، ولة تعليل ما جيد من اشياءالباعث الذي يبعثه اىل حما، صميم طبيعته

يف الطبيعة، وهذا الباعث موجود بصورة فطرية، باستكشاف اسباا، وجودها فهو يلتفت اىل. بل قد يوجد عند عدة انواع من احليوان ايضا، االنسانية

ويفحص عن منشأ الصوت ليدرك، ليعرف سببها، مصدر احلركة غريزيا ؟ مقابل كل وجود وظاهرة...ملاذا : سؤالئماوهكذا يواجه االنسان دا. علته

انبثق، اعتقد بوجود سبب جمهول، حىت انه اذا مل جيد سببا معينا، حيس ما .عنه احلادث :العلية يتوقف مبدأ أساسوعلى

.اثبات الواقع املوضوعي لالحساس: الأو .املستندة اىل التجربة، او القوانني العلمية، كل النظريات: ثانيا يف أي ميدان من امليادين الفلسفية او، جواز االستدالل وانتاجه: ثالثا وال، اثبات موضوعية االحساس أمكن ملا، العلية وقوانينها مبدأ فلوال. العلمية

يف، ي دليل كانأوملا صح االستدالل ب، شيء من نظريات العلم وقوانينه :وفيما يلي توضيح ذلك. خمتلف جماالت املعرفة البشرية

العلية وموضوعية االحساس.........................................ڤ ان احلس ال يعدو ان يكون لونا من، سبق ان اوضحنا يف نظرية املعرفة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 262: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٦٢

وال، فهو وجود لصورة الشيء احملسوس يف مدارك احلس. لوان التصورأ ولذلك قد حيس االنسان، ف التصديقي عن واقع خارجيميلك صفة الكش

فاالحساس اذن ليس سببا. وال يصدق بوجودها، يف حاالت مرضية، شياءأب .بالواقع املوضوعي، او العلم، للتصديق او احلكمكافيا

هي ان االحساس اذا مل يكن بذاته، املسالة اليت تواجهنا حينئذولكن فكيف نصدق. ج حدود الشعور واالدراكخار، على وجود احملسوس، دليال

وهو، اذن بالواقع املوضوعي؟ واجلواب جاهز على ضوء دراستنا لنظرية املعرفة فهو الجل، ان التصديق بوجود واقع موضوعي للعامل تصديق ضروري اويل

ولكن هذا التصديق الضروري امنا يعين وجود واقع، ذلك ال حيتاج اىل دليل فهو، واما الواقع املوضوعي لكل احساس. ل االمجالخارجي للعامل على سبي

واذن فنحتاج اىل دليل الثبات موضوعية كل، ليس معلوما علما ضروريا ذلك ان حدوث، العلية وقوانينها مبدأ احساس بصورة خاصة وهذا الدليل هو

يكشف عن وجود على خارجية، يف ظروف وشروط معينة، صورة لشيء معني او وجود الشيء، فلوال هذا املبدا ملا كشف االحساس. بداتطبيقا لذلك امل، له

والجل هذا السبب قد حيس االنسان. خرآعن وجوده يف جمال ، يف احلس وال يستكشف من، يف حاالت مرضية خاصة، او خييل له انه يبصرها، باشياء

وال يدلل على، العلية مبدأ حيث ان تطبيق، ذلك واقعا موضوعيا لتلك االشياء وامنا، ما دام ميكن تعليل االحساس باحلالة املرضية اخلاصة، د هذا الواقعوجو

فيما اذا مل يكن له تفسري على ضوء مبدا، يثبت الواقع املوضوعي للحس . االحساس منهأاال بواقع موضوعي ينش، العلية

:تيةويستنتج من ذلك القضايا الثالث اآل النه، واقع موضوعيال يكشف عن وجود، ان االحساس وحده: االوىل

.وليس من وظائف التصور ـ مبختلف الوانه ـ الكشف التصديقي، تصور حكم ضروري، على سبيل االمجال، ان العلم بوجود واقع للعامل: الثانية

وهو النقطة الفاصلة بني املثالية. أي اىل علم سابق، ال حيتاج اىل دليل، اويل .والواقعية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 263: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٦٣

امنا، هلذا احلس او ذاك، جود واقع موضوعيان العلم بو: الثالثة .العلية مبدأ يكتسب على ضوء

والنظريات العلميةالعلية.............................................ڤ تتوقف، ان النظريات العلمية يف خمتلف ميادين التجربة واملشاهدة

واذا سقطت العلية. توقفا اساسيا، العلية وقوانينهادأ مببصورة عامة على يصبح من املتعذر متاما تكوين نظرية، من حساب الكون، ونظامها اخلاص

وليتضح هذا جند من الضروري ان نشري اىل. علمية يف أي حقل من احلقول وهي كما، عدة قوانني من اموعة الفلسفية للعلية اليت يرتكز عليها العلم

:يلي .ان لكل حادثة سببا: العلية القائل مبدأ أ ـ

،ان كل سبب يولد النتيجة الطبيعية له: القائل، ب ـ قانون احلتمية .وال ميكن للنتائج ان تنفصل عن اسباا، بصورة ضرورية

ان كل جمموعة: القائل، بني االسباب والنتائج، ج ـ قانون التناسب يف االسباب، يضاأيلزم ان تتفق ، من جماميع الطبيعة، متفقة يف حقيقتها

.والنتائج الذي ينبثق عن ذرة، نعرف ـ مثال ـ ان االشعاع، العلية مبدأ فعلى ضوء

وعلى ضوء قانون. وهو االنقسام الداخلي يف حمتوى الذرة، له سبب، الراديوم يولد، عند استكمال الشروط الالزمة، نستكشف ان هذا االنقسام، احلتمية

وعلى. وليس من املمكن الفصل بينهما، بصورة حتمية، اصاالشعاع اخل ،وتفسريها اخلاص، نستطيع ان نعمم ظاهرة االشعاع، اساس قانون التناسب متفقة يف ، ما دامت مجيع ذرات هذا العنصر: فنقول، جلميع ذرات الراديوم

فاذا كشفت التجربة العلمية عن، احلقيقة فيجب ان تتفق يف اسباا ونتائجها لسائر، القول باعتباره ظاهرة عامة أمكن ،اشعاع يف بعض ذرات الراديوم

.يف الظروف املشخصة الواحدة، الذرات املماثلة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 264: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٦٤

منبثقان عن مبدأ، احلتمية والتناسب: خريينومن الواضح ان القانونني األ وكانت االشياء، فلو مل تكن يف الكون علية بني بعض االشياء وبعض، العلية

،مل يكن من احلتمي ان يوجد االشعاع بدرجة معينة، دث صدفة واتفاقاحت ان تشترك مجيع أيضا ومل يكن من الضروري، حني تكون هناك ذرة راديوم

بل يصبح من اجلائز ان يكون، يف ظواهر اشعاعية معينة، ذرات العنصر أدما دام مب، ال لشيء اال للصدفة واالتفاق، ذرة دون اخرى االشعاع يف

أفمرد احلتمية والتناسب معا اىل مبد. العلية خارجا عن حساب الكون .العلية

،واحلتمية، العلية: ن ـ بعد ان عرفنا الفقرات الرئيسية الثالثولنعد اآل ان، فاننا سوف جند بكل وضوح، والتناسب ـ اىل العلوم والنظريات العلمية

على، مرتكزة يف احلقيقة، اليت تزخر ا العلوم، مجيع النظريات والقوانني فلو مل يؤخذ. العلية وقوانينها مبدأ وقائمة على، اساس تلك الفقرات الرئيسية

ويشاد قانون، ان تقام نظرية أمكن ملا، كحقيقة فلسفية ثابتةأهذا املبد اليت يقوم ا العامل، ذلك ان التجربة. له صفة العموم والشمول، علمي

وامنا تتناول، كن ان تستوعب مجيع جزئيات الطبيعةال مي، الطبيعي يف خمتربه ،عدة جزئيات حمدودة متفقة يف حقيقتها فتكشف عن اشتراكها يف ظاهرة معينة

يضع فورا نظريته، وحيث يتاكد العامل من صحة التجربة ودقتها وموضوعيتها .الشامل جلميع ما مياثل موضوع جتربته من اجزاء الطبيعة، او قانونه العام

ال مربر له اال، الذي هو شرط اساسي القامة علم طبيعي، عميمتذا الوه ان: القائل، وقانون التناسب منها بصورة خاصة، قوانني العلية بصورة عامة

فلو. ثارـ يف العلل واآل أيضا جيب ان تتفق ـ، كل جمموعة متفقة يف حقيقتها ب االتفاقوكانت االشياء جتري على حس، مل تكن يف الكون علل وآثار

يصح، ان ما صح يف خمتربه اخلاص: للعامل الطبيعي القول أمكن ملا، البحث مثال، خذ لذلك مثاال بسيطاأولن. على كل جزء من الطبيعة على االطالق

فانه مل، الذي اثبت بالتجربة ان االجسام تتمدد حال حرارا، العامل الطبيعي وامنا اجرى جتاربه على، لكون طبعااليت حيتويها ا، حيط بتجاربه مجيع االجسام

اليت توضع عليها اطارات، كعجالت العربة اخلشبية، عدة اجسام متنوعة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 265: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٦٥

فتنكمش االطارات اذا بردت وتشتد على ، حديدية اصغر منها حال سخونتها فلـن ينجـو ، ولنفرض انه كرر التجربة عدة مرات على اجسام اخـرى ، اخلشب

مـا دمـت مل تـستقص : عن مواجهة هـذا الـسؤال ، يف اية املطاف التجرييب بان اطارات جديدة اخـرى غـري الـيت ، فكيف ميكنك ان تؤمن ، مجيع اجلزئيات

بـاحلرارة؟ واجلـواب الوحيـد علـى هـذا أيـضا تتمدد هي االخرى ، جربتها فالعقـل حيـث انـه ال يقبـل الـصدفة . العليـة وقوانينـها مبدأ هو، السؤال جيـد يف ، من احلتميـة والتناسـب ، كون بالعلية وقوانينها وامنا يفسر ال ، واالتفاق

القائلـة بتمـدد االجـسام ، بالنظرية العامـة ، الكفاية لالميان ، التجارب احملدودة وامنـا ، مل يكـن صـدفة ، الذي كشفت عنه التجربـة ، هذا التمدد ألن ،باحلرارة

يـنص ،وحيث ان قـانون التناسـب يف العليـة ، كان حصيلة احلرارة ومعلوال هلا تتفـق يف اسـباا ونتائجهـا وعللـها ، على ان اموعة الواحدة مـن الطبيعـة

للتاكيـد علـى مشـول ظـاهرة ، فال غرو ان حتصل كل املربرات حينئذ ، ثارهاآو .التمدد لسائر االجسام

دون االنطـالق ، مل يكـن ميـسورا ، ان وضع النظرية العامة ، وهكذا نعرف جلميـع العلـوم والنظريـات ، االسـاس االول العلية هـو أفمبد. العلية مبدأ من

.التجريبية مـا مل تعمـم ، ال تكتسب صفة علميـة ، ان النظريات التجريبية :وبتخليص

وال ميكـن . وتقـدم كحقيقـة عامـة ، االت اوسع من حدود التجربة اخلاصة فال بد للعلوم عامـة ان تعتـرب ، العلية وقوانينها مبدأ تقدميها كذلك اال على ضوء

وتـسلم ، مـسلمات اساسـية ، وما اليها من قانوين احلتمية والتناسب ، العلية أمبد .على مجيع نظرياا وقوانينها التجريبية، ا بصورة سابقة

العلية واالستدالل...................................................ڤ يف، ة اليت تتوقف عليها مجيـع حمـاوالت االسـتدالل العلية هو الركيز أمبد

،االستدالل بدليل علـى شـيء مـن االشـياء ألن ،كل جماالت التفكري االنساين .فهو سبب للعلـم بالـشيء املـستدل عليـه ، يعين ان الدليل اذا كان صحيحا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 266: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٦٦

او، او بقـانون فلـسفي ، فحني نربهن على حقيقة من احلقائق بتجربة علمية علـة للعلـم بتلـك ، امنا حناول بـذلك ان يكـون الربهـان ، اس بسيط باحس

الننـا اذا طرحنـا قـوانني ، ملا اتيح لنا ذلك ، العلية واحلتمية مبدأ فلوال. احلقيقة مل تبـق ، العلية من احلساب ومل نؤمن بضرورة وجود اسباب معينة لكـل حـادث

حنـاول اكتـساا واحلقيقـة الـيت ، نستند اليـه صلة بعد ذلك بني الدليل الذي وال ينـتج النتيجـة ، بل يصبح من اجلائز ان يكـون الـدليل صـحيحا ، بسببه

بـني ، بـني االدلـة والنتـائج . ما دامت قد انفصمت عالقـة العليـة ، املطلوبة .ثاراالسباب واآل

، العليـة أتتوقف على االميان مببـد ، وهكذا يتضح ان كل حماولة لالستدالل الـذي حياولـه ، العليـة مبدأ حىت االستدالل على رد و. واال كانت عبثا غري مثمر هـؤالء الـذين ألن ،ايـض أالعليـة مبدأ يرتكز على ، بعض الفالسفة او العلماء

مل يكونـوا يقومـون ـذه ، واالستناد يف ذلك اىل دليل ، أحياولون انكار هذا املبد ـ ، ن الدليل الـذي يـستندون اليـه ألو مل يؤمنوا ب ، احملاولة مسـبب كـاف للعل .أوهذا بنفسه تطبيق حريف هلذا املبد. العلية مبدأ ببطالن امليكانيكية والديناميكية............................................ڤ

:يترتب على ما سبق النتائج التالية احلـس ال ألن ،والتدليل عليـه بـاحلس ، العلية ال ميكن اثباته مبدأ أ ـ ان

فـنحن نثبـت الواقـع . اال على ضـوء هـذا املبـدا ، يكتسب صفة موضوعية فلـيس مـن املعقـول ان يكـون ، العلية مبدأ استنادا اىل ، املوضوعي الحاسيسنا

عقلـي يـصدق بـه مبدأ بل هو ، ومرتكزا عليه ، مدينا للحس يف ثبوته ، هذا البلد .بصورة مستغنية عن احلس اخلارجي، االنسان

وامنـا هـو قـانون فلـسفي ، العلية ليس نظرية علمية جتريبية مبدأ ان ـب ويبـدو هـذا . مجيع النظريات العلميـة تتوقـف عليـه ألن ،عقلي فوق التجربة

قـائم علـى ، بعد ان عرفنـا ان كـل اسـتنتاج علمـي ، واضحا كل الوضوح

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 267: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٦٧

ـ ، وهي ان التجربـة ، يواجه مشكلة العموم والشمول ، التجربة زالـيت يرتك !فكيف تكون مبجردها دلـيال علـى نظريـة عامـة؟ ، حمدودة، عليها االستنتاج

باعتبـاره دلـيال ، العليـة مبدأ امنا هو ، ان احلل الوحيد هلذه املشكلة أيضا وعرفنا العليـة نفـسه مرتكـز علـى مبدأ فلو افترضنا ان . على تعميم االستنتاج ومشوله

نظـرا ، وم والشمول مرة اخـرى فمن الضروري ان نواجه مشكلة العم ، التجربة !فكيف تعترب دليال علـى نظريـة عامـة؟ ، اىل ان التجربة ليست مستوعبة للكون

،يف خمتلـف النظريـات العلميـة ، وقد كنا حنل هذه املـشكلة حـني نواجههـا .بصفته الدليل الكايف علـى عمـوم النتيجـة ومشوهلـا ، العلية مبدأ باالستناد اىل

فـسوف نعجـز ، وواجهنـا املـسالة فيـه ، ملبدا جتريبيا واما اذا اعترب نفس هذا ا ،العليـة فـوق التجربـة مبـدأ فال بـد اذن ان يكـون . ائيا عن اجلواب عليه

.وقاعدة اساسية لالستنتاجات التجريبية عامةـ ، العلية ال ميكن االستدالل على رده مبدأ ج ـ ان لـوان أي لـون مـن أب

،تنطوي ضمنا علـى االعتـراف بـه ، كل حماولة من هذا القبيل ألن ،االستدالل الـيت يقـوم ـا ، علـى مجيـع االسـتدالالت ، فهو اذن ثابت بصورة متقدمة

.االنسان أوامنـا هـو مبـد ، جتريبيـا مبدأ العلية ليس مبدأ ان، وخالصة هذه النتائج

.عقلي ضروري بـني امليكانيكيـة ، وعلى هذا الـضوء ميكننـا ان نـضع احلـد الفاصـل

فـان التفـسري امليكـانيكي للعليـة . احلرية أومبد، العلية مبدأ وبني، والديناميكية ي امليكانيكيـة أفهـي ليـست يف ر ، جتريبيا مبدأ اعتبارها أساس على، كان يقوم

وتستكـشف ، تقوم بني ظواهر مادية يف احلقـل التجـرييب ، املادية اال رابطة مادية ،لعلميـة امليكانيكيـة ان تنهار ا ، والجل ذلك كان من الطبيعي . بالوسائل العلمية

عـن الكـشف عمـا وراء ، اذا عجزت التجربة يف بعـض اـاالت العلميـة فـاذا خانتـها ، جتـرييب أسـاس الا مل تتم اال علـى ، سبابأالظاهرة من علل و

ومل يربهن عليها التطبيق العملي سقطت عـن درجـة الوثـوق العلمـي ، التجربة .واالعتبار

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 268: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٦٨

.عقلي فوق التجربة مبدأ القائل اا، ةينا يف العليأواما على ر .فاملوقف خيتلف كل االختالف من جوانب عديدة

ان العلية ال تقصر على الظواهر الطبيعية اليت تبـدو يف التجربـة بـل : والأ هي قانون عام للوجود يف جماله االوسع الذي يـضم الظـواهر الطبيعيـة ونفـس

.املادة وما وراء املادة من الوان الوجود لـيس مـن الـضروري ، العليـة مبدأ الذي حيكم بوجوده ، ان السبب : ثانيا

.او ان يكون شيئا ماديا، ان خيضع للتجربة لـصريورة مـا او ، عن وجود سـبب معـني ، ان عدم كشف التجربة : ثالثا ، مل يرتكـز علـى التجربـة أاذ ان هذا املبد ، العلية مبدأ ال يعين فشل ، لظاهرة ما

عـن استكـشاف ، فبالرغم مـن عجـز التجربـة . توفرهاليتزعزع بسبب عدم ويرجع فـشل ، العلية ـ قويا أيبقى الوثوق الفلسفي بوجوده ـ طبقا ملبد ، السبب

امـا قـصورها وعـدم احاطتـها : التجربة يف الكشف عن الـسبب اىل امـرين وامـا ان الـسبب اهـول خـارج ، واملالبسات اخلاصة للحادثة ، بالواقع املادي .وموجود فوق عامل الطبيعة واملادة، لتجرييبعن احلقل ا

،العليـة مبـدأ بني فكرتنا عـن ، ميكننا ان منيز الفوارق االساسية ، ومبا سبق مل يكـن ، العليـة مبـدأ ونتبني ان الشك الذي اثري حول. والفكرة امليكانيكية عنه .املفهوم امليكانيكي الناقص أساس اال نتيجة لتفسريه على

مبدأ العلية وامليكروفيزياء..........................................ڤ ان نـدحض ، العليـة مبـدأ اليت انتهينا اليها يف ، نستطيع على ضوء النتائج

،ضـد قـانون احلتميـة ، اليت شـنت يف امليكروفيزيـاء ، تلك احلمالت الشديدة االجتـاه القائـل ، فقد وجد يف الفيزيـاء الذريـة . تالعلية بالذا مبدأ وبالتايل ضد

ال يـصح يف مـستوى ، الذي تؤكد عليه العليـة وقوانينـها ، ان الضبط احلتمي ان االسـباب ذاـا تولـد النتـائج ، فقد يكون مـن الـصحيح . امليكروفيزياء

ـ . او فيزيـاء العـني اـردة ، يف مستوى الفيزيـاء املدرسـية ، نفسها ثريأوان ت

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 269: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٦٩

ال بد لـه مـن ان ينتـهي اىل ، يف ظروف شخصية واحدة ، االسباب الفاعلة ،كد مـن طبيعـة النتـائج وحتميتـها أحبيث نستطيع ان نت ، حمصلة واحدة حتما

ولكن كل شيء يبـدو علـى غـري ..بسبب دراسة االسباب والشرائط الطبيعية ـ . اذا حاولنا ان نطبق مبادئ العليـة علـى العـامل الـذري ، هذا اللون ذلكولــن ــايزنربغ(اعل ــستحيل علينــا ) ه ــن امل ــامل الفيزيــائي ان م الع وان، الـيت يقـوم ـا جـسم بـسيط ، كمية احلركة ، بصورة دقيقة ، ان نقيس

حبـسب املكانيكـا ، حتدد ـ يف الوقت عينه ـ موضعه يف املوجـة املرتبطـة بـه فكلمـا كـان مقيـاس موضـعه ). لـويس دوبروغـي (اليت نادى ا ، املوجبة ومـن مثـة يف تعـديل ، كان هذا املقياس عامال يف تعديل كميـة احلركـة ، دقيقا

وكلما كـان مقيـاس كميـة احلركـة . بصورة ال ميكن التنبؤ ا ، سرعة اجلسيم فالوقـائع الفيزيائيـة يف اـال . )١(اصبح موضع اجلـسيم غـري حمـدد ، دقيقا

غـري قابـل ، بـدون ان يـدخل فيهـا اضـطرابا ، ال يستطاع قياسـها ، الذري ابتعـدنا اكثـر عـن الواقـع . ومهما تعمقنا يف تدقيق املقاييس العلميـة . للقياس

ومعىن ذلك انه ال ميكـن فـصل الـشيء املالحـظ يف . املوضوعي لتلك الوقائع كمـا ال ميكـن . اليت يستعملها العـامل لدرسـه ، عن االداة العلمية . امليكروفيزياء

علـى ، يعملون بـاداة واحـدة ،اذ ان مالحظني خمتلفني . فصله عن املالحظ نفسه ت فكـرة أومـن هنـا نـش . سوف يصلون اىل مقـاييس خمتلفـة ، موضع واحد

والقواعـد االساسـية الـيت . العليـة مبـدأ اليت تناقض بصفة مطلقة ، الالحتمية مبـا . وجرت حماوالت الستبدال العليـة احلتميـة . سارت عليها الفيزياء قبل ذلك

ــادى ــا، ) االحتمــالقــوانني(او ، )عالقــات االرتيــاب(يــسمى الــيت ن مصرا على ان العلوم الطبيعية ـ كالعلوم االنـسانية ـ ال تـستطيع ، )هايزنربغ(

،بل ان كـل مـا تـستطيعه ، حينما تنظر اىل العنصر البسيط ، تنبؤا يقينيا أان تتنب .هو ان تصوغ احتماال من االحتماالت

ثارهـا العلمـاء يف أليت ا، والواقع ان مجيع هذه الشكوك واالرتيابات العلمية ال يتفـق مـع فهمنـا ، العلية وقوانينها أترتكز على فهم خاص ملبد ، امليكروفيزياء

.١٣٢ هذه هي الدياكتيكية صـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 270: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٧٠

او، فنحن ال نريد ان نناقش هؤالء العلمـاء يف جتـارم . الفلسفي له وحتليلنا

وال نرمـي اىل التقليـل ، والتخلي عنـها ، ندعوهم اىل التغاضي عن مستكشفاا ،العليـة مبـدأ وامنا خنتلف عنـهم يف مفهومنـا العـام عـن ، هاا وخطر أمن ش أتصبح كـل احملـاوالت الـسابقة لـدحض مبـد ، هذا االختالف أساس وعلى

.غري ذات معىن، العلية وقوانينها قائمـا ، علميـا مبـدأ لو كان ) العلية أمبد(ان ، ومفصل احلديث حول ذلك

لكـان رهـن ، العتياديـة يف حقل الفيزيـاء ا ، التجارب واملشاهدات أساس على يف ميـادين ، فـاذا مل نظفـر بتطبيقـات واضـحة ، التجربة يف ثبوتـه وعمومـه

العليـة مبـدأ عـل قائماومل نستطع ان نستكشف هلا نظاما حتميا ، الفيزياء الذرية ومـدى صـحته او ، كان من حقنا ان نشك يف قيمة املبـدا بالـذات ، وقوانينها العليـة علـى اـاالت مبـدأ ان تطبيـق ، غري انا اوضحنا فيما سـبق . عمومه

مل يكـن بـدليل ، واالعتقاد بالعلية كنظام عام للكـون فيهـا ، االعتيادية للفيزياء واال مل يـستقم . ضـروري فـوق التجربـة مبـدأ العلية مبدأ وان. جترييب حبت

العليـة يف موضـعه مبـدأ ووضـعنا ، واذا تبينا هـذا . علم طبيعي على االطالق فسوف ال يزعزع بـه عـدم متكننـا مـن ، سلسل الفكر االنساين من ت ، الطبيعي

والعجـز عـن استكـشاف النظـام . يف بعض ميـادين الطبيعـة ، تطبيقه جتريبيا مـا مجعـه العلمـاء مـن فـان كـل . احلتمي الكامل فيها باالساليب العلميـة

قـد ، ال يعين ان الـدليل العلمـي ، على ضوء جتارم امليكروفيزيائية ، مالحظات يف هـذا اـال الـدقيق مـن جمـاالت ، العلية وقوانينـها مبدأ على خطا برهن

ومن الواضح ان عدم توفر االمكانيـات العلميـة والتجريبيـة ال . الطبيعة املتنوعة ويوجـد . ضروريا فـوق التجربـة مبدأ ما دام . العلية يف كثري او قليل مبدأ ميس

ر النظـام احلتمـي للـذرة سراأيف حماولة الظفر ب . عندئذ لفشل التجارب العلمية :تفسريان

الـيت ، وعـدم تـوفر االدوات التجريبيـة ، نقصان الوسائل العلمية : االولـ . تتيح للعامل االطالع على مجيع الشروط والظروف املادية داةأفقد يعمل العـامل ب

ال الن ، فيـصل اىل نتـائج خمتلفـة ، على موضوع واحد عـدة مـرات ، واحدة الوسـائل ألن بـل ، تحرر من كـل نظـام حتمـي م، املوضوع الذي عمل عليه

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 271: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٧١

اىل حد تكشف له عـن الـشروط املاديـة ، التجريبية امليسورة مل تكن كاملة ومن الطبيعـي ان تكـون وسـائل ، اليت اختلفت النتائج بسبب اختالفها ، الدقيقة يف ااالت الذريـة ووقائعهـا ابعـد عـن الكمـال مـن الوسـائل ، التجربة

.اقل خفاء واكثر وضوحا، تتخذ يف جماالت فيزيائية اخرىاليت ، التجريبيةـ : الثاين لته ـ باملقـاييس واالدوات آتاثر املوضوع ـ نظـرا اىل دقتـه وض

فقـد تبلـغ الوسـائل . تاثرا دقيقا ال يقبل القياس والـدروس العلمـي ، العلمية ولكن العامل ـ مـع ذلـك ـ يواجـه ، العلمية الذروة يف الدقة والكمال والعمق

بـدون ، ال يـستطيع قياسـها ، زاء وقائع فيزيائية أالنه جيد نفسه ، ملشكلة نفسها ا وبـذلك خيتلـف موقفـه جتـاه هـذه . ان يدخل فيها اضطرابا غري قابل للقياس

النـه يف تلـك التجـارب ، عن موقفه يف جتارب فيزياء العـني اـردة ، الوقائع وحـىت ، يء املقـاس دون اجراء أي تعـديل يف الـش ، يستطيع ان يقوم بقياساته

وامـا يف امليكروفيزيـاء . يكون هذا التعديل نفسه قابال للقيـاس ، حينما يعدل فيه اذا حتـدث تغـيريا يف ، سـببا يف فـشلها ، فقد تكون دقة االداة وقوا بنفـسها

ولـذلك . فال ميكن ان يدرس بـصورة موضـوعية مـستقلة ، املوضوع املالحظ ان جبسيم مـن اجلـسيمات ـ فبـدال ـ فيما يتعلق) جان لويس ديتوش(يقول

فكلمـا . اذ يصبح طول املوجـة هـو املهـم ، هي ذات االمهية ، تكون شدة النور نا اجلسيم مبوجة قصرية ـ أي مبوجة ذات تواتر كـبري ـ اصـبحت حركتـه أضأ

.عرضة لالضطراب امـا عـن : اىل قصور وسائل التجربة واملشاهدة العلميتني ومرد السببني معا

وامـا عـن قيـاس ، جبميع شـروطه وظروفـه املاديـة ، وع املالحظ ضبط املوض وكل هذا امنـا يقـرر عـدم . الذي توجده التجربة نفسها فيه قياسا دقيقا ، ثريأالت الــذي يــتحكم يف اجلــسيمات، مكــان االطــالع علــى النظــام احلتمــيإ

.مكان التنبؤ مبسلك هذه اجلسميات تنبـؤا مـضبوطا إوحركتها ـ مثال ـ وعدم ،دخـال الالحتميـة اىل جمـال املـادة إوال يـربر ، هن ذلك على حريتها وال يرب

.سقاط قوانني العلية من حساب الكونإو

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 272: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٧٢

ملاذا حتتاج االشياء اىل علة؟ وهـي االجابـة عـن الـسؤال ، ن ناحية جديدة من مبدأ العليـة نتناول اآل

ومـا هـو الـسبب فال توجد بدوا؟، ملاذا حتتاج االشياء اىل اسباب وعلل : التايل احلقيقي الذي جيعلها متوقفة على تلك االسباب والعلل؟ وهـذا سـؤال نواجهـه

فـان االشـياء الـيت نعاصـرها يف هـذا ، بطبيعة احلال بعد ان آمنا مببدأ العلية ، العليـة وموجـودة طبقـا لقوانينـها أما دامت خاضعة بصورة عامة ملبد ، الكون

فهـل مـرد هـذا املوضـوع اىل ، أملبدفيجب ان نتساءل عن سر خضوعها هلذا ا ال ميكنها ان تتحـرر عنـها مطلقـا؟ او اىل سـبب ، ناحية ذاتية يف تلك االشياء

فمـا هـي ، م ذاك أسباب؟ وسواء اصـح هـذا أخارجي جعلها حباجة اىل علل و العلية؟ وهل يعم الـوان الوجـود مجيعـا مبدأ حدود هذا السر الذي يرتكز عليه

.او ال؟ .االسئلة على اربع نظريات حملاولة االجابة عنهاوقد حصلت هذه

:أ ـ نظرية الوجود وهـذه . جـل وجـوده أل، وهي النظرية القائلة ان املوجود حيتاج اىل علـة

،فال ميكن ان نتصور وجودا متحـررا مـن هـذه احلاجـة ، احلاجة ذاتية للوجود كـل ويترتب علـى ذلـك ان . الن سبب االفتقار اىل العلة سر كامن يف صميمه

مـستندين يف ، وقد اخذ ذه النظرية بعـض فالسـفة املاركـسية . وجود معلول علـى ان ، اليت دلـت يف خمتلـف ميـادين الكـون ، تربيرها علميا اىل التجارب

ال يتجـرد عـن سـببه ، اليت كشفت عنها التجربة ، لوانه واشكاله أالوجود بشىت . التجـارب العلميـة حبكـم ، فالعلية ناموس عام للوجـود . وال يستغين عن العلة

والجـل ذلـك كـان ضـربا ، وافتراض وجود ليس له علة مناقض هلذا الناموس .)١(اليت ال متسع هلا يف نظام الكون العام ، من االعتقاد بالصدفة

باـا تـؤمن ، وقد حاولوا عن هذا الطريق ان يتـهموا الفلـسفة االهليـة

.٥ـ جرب واختيار ص1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 273: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٧٣

مل ينشا من سـبب ومل تتقدمـه ، ولأ مبدأ نظرا اىل اعتقادها بوجود ، بالصدفة

،فهـو صـدفة ، العليـة مبدأ ملا كان شاذا عن ، فهذا الوجود املزعوم لالهلية . علة أفـال ميكـن التـسليم بوجـود املبـد ، وقد اثبت العلم ان ال صدقة يف الوجود

.الذي تزعمه الفلسفية امليتافيزيقية، االهلي سـر احلاجـة اىل رادوا استكـشاف أحني ، وهكذا اخطا هؤالء مرة اخرى

كمـا ، ومدى اتساعها عن طريق التجـارب العلميـة ، ومعرفة حدود العلية ، العلة وبـصورة رئيـسية مـن ، العليـة بالـذات مبدأ خطأوا سابقا يف حماولة استنباط أ

فـان التجـارب العلميـة ال تعمـل اال يف . التجربة واالستقراء العلمي للكـون صارى ما تكشف عنـه هـو خـضوع وق، وهو نطاق مادي حمدود ، حقلها اخلاص

او، او االحتـراق ، او الغليـان ، فاالنفجـار ، العلية أاالشياء يف ذلك النطاق ملبد ،ال توجـد دون اسـباب ، وما اىل ذلك من ظواهر الطبيعـة ، او احلركة ، احلرارة

التدليل علـى ان سـر احلاجـة اىل العلـة ، العلمية للتجربة وليس يف االمكانات لـوان خاصـة أفمن اجلائز ان يكون السر ثابتا يف ، ورة عامة كامن يف الوجود بص

وان تكون االشياء اليت ظهـرت يف اـال التجـرييب مـن تلـك ، من الوجود .لوان اخلاصةألا

فاعتبار التجربة دليال علـى ان الوجـود بـصورة عامـة خاضـع للعلـل ملـادي ليس صحيحا ـ اذن ـ ما دامت التجربة ال تباشر اال احلقـل ا ، واالسباب

وما دام نشاطها يف هذا احلقل الـذي تباشـره ال يتخطـى ايـضاح ، من الوجود ثـار اىل الكشف عن السبب الذي جعـل هـذه اآل ، ثار املنبثقة عنها االسباب واآل

قاصـرة عـن ، واذا كانت التجربة ووسائلها احملـدودة . حباجة اىل تلك االسباب ،علـى االسـس العقليـة فيجب درسـها ، تكوين اجابة واضحة يف هذه املسالة

العليـة نفـسه مـن املبـادئ الفلـسفية مبدأ فكما ان . وبصورة فلسفية مستقلة والنظريات الـيت ، البحوث املتصلة به أيضا اخلالصة ـ كما عرفت سابقا ـ كذلك

.تعاجل حدوده ـا لـون مـن االميـان أب، االول أوجيب ان نشري اىل ان اام فكرة املبـد

،وما ترتكـز عليـه مـن مفـاهيم ، سوء فهم هلذه الفكرة ينطوي على ، بالصدفة من دون سـبب؛ لـشيء يـستوي بالنـسبة ، ذلك ان الصدفة عبارة عن الوجود

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 274: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٧٤

مكان العـدم إو، الوجودن امكإ فكل شيء ينطوي على ، اليه الوجود والعدم االول أوفكـرة املبـد . مث يوجد من دون علـة فهـو الـصدفة ، بصورة متعادلة فهـو لـيس ، ل بان املبدا االول ال يتعادل فيه الوجـود والعـدم تنطلق من القو

ومـن البـدهي . وممتنـع العـدم ، بل ضروري الوجود ، ممكن الوجود والعدم معا .ال ينطـوي علـى التـصديق بالـصدفة مطلقـا ، ان االعتقاد مبوجب هذه صفته

:ب ـ نظرية احلدوث .تندة اىل حـدوثها مـس ، سـباا أوهي النظرية اليت تعترب حاجة االشياء اىل

مـور حـدثت أـا أل، امنا تتطلب هلا اسـبابا ، او احلرارة ، او احلركة ، فاالنفجار وهـو الباعـث الرئيـسي الـذي ، فاحلدوث هو الذي يفتقر اىل علة . بعد العدم

الـيت نعاصـرها يف ، ملاذا وجد؟ امام كل حقيقـة مـن احلقـائق : يثري فينا سؤال العلية مقتصرا علـى احلـوادث مبدأ يصبح، ةوعلى ضوء هذه النظري . هذا الكون

فاذا كان الشيء موجودا بصورة مستمرة ودائمة ومل يكـن حادثـا بعـد . خاصة وال يـدخل يف النطـاق اخلـاص ملبـدأ ، فال توجد فيه حاجة اىل الـسبب ، العدم .العلية

سـرفت النظريـة الـسابقة يف أكما ، وهذه النظرية اسرفت يف حتديد العلية فمـرد احلـدوث يف احلقيقـة اىل . يس هلا ما يربرها من ناحية فلسفية ول، تعميمها

وال يفتـرق ، كوجود السخونة يف ماء مل يكـن سـاخنا ، وجود الشيء بعد العدم وان تكـون موجـودة بـصورة ، ان توجد هذه السخونة بعدم العدم ، لدى العقل

فالـصعود بعمـر الـشيء . فانه يتطلب على كل حال سببا خاصـا هلـا ، دائمة وبكلمـة . عـن العلـة انيوال جيعله مستغ ، ماد ال يربر وجوده وتارخيه اىل ابعد اآل

فـال يكفـي ، ملـا كـان حباجـة اىل سـبب ، ان وجود السخونة احلادثة : اخرى متديده سوف جيعلنا نـصعد بالـسؤال عـن ألن لتحريره من هذه احلاجة ان مندده .العلة مهما اتسعت عملية التمديد

:واالمكان الوجودي، مكان الذايتج ـ د ـ نظرية اال هـو ، ن الباعث على حاجة االشياء اىل اسـباا أب، وهاتان النظريتان تؤمنان

الـذي ، غري ان لكل من النظريتني مفهومهـا اخلـاص عـن االمكـان . االمكان

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 275: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٧٥

مظهـر الخـتالف فلـسفي ، وهذا االختالف بينهما ، ختتلف به عن االخرى ال تـسمح ، وحيـث ان حـدود هـذا الكتـاب . الوجودحول املاهية و ، عمقأ

فسوف نقتصر علـى نظريـة االمكـان ، ومتحيصه، بالتحدث عن ذلك االختالف أي(صـالة الوجـود أي القائل ب أنظرا اىل ارتكازها على الر ، الوجودي يف مسالتنا

).الراي الصحيح يف االختالف الفلسفي االعمق الذي اشرنا اليه صـدر (للفيلـسوف االسـالمي الكـبري هـي ، ونظرية االمكان الوجودي

وخـرج مـن ، وقد انطلق فيها من حتليل مبـدأ العليـة نفـسه ) الدين الشريازي فلم يكلفه الظفـر بالـسبب احلقيقـي حلاجـة االشـياء اىل ، حتليله ظافرا بالسر

. عميقا فلسفيافهما، اكثر من فهم مبدأ العلية، عللها .لدرس والتمحيصفنتناول العلية با، واالن نبدأ كما بدأ

فهـي . واملعلـول ، العلـة : ال شك يف ان العلية عالقة قائمة بني وجـودين فالرسـام ، لوان وضـروب شـىت أولالرتباط . لون من الوان االرتباط بني شيئني

،والكاتب مـرتبط بـالقلم الـذي يكتـب بـه ، مرتبط باللوحة اليت يرسم عليها د مـرتبط بسلـسلة احلديـد الـيت واالس، واملطالع مرتبط بالكتاب الذي يقرأ فيه

ولكـن شـيئا . وهكذا سائر العالقات واالرتباطات بـني االشـياء ، تطوق عنقه وهـو ان لكـل مـن ، يف كل ما قدمناه من االمثلة لالرتباط ، واضحا يبدو جبالء

فاللوحـة والرسـام . خرسابقا على ارتباطه بـاآل ، الشيئني املرتبطني وجودا خاصا ،والكاتـب والقلـم موجـودان ، ان توجد عملية الرسـم قبل ، كالمها موجودان

،ع والكتاب كذلك وجدا بـصورة مـستقلة لواملطا، خرحدمها باآل أقبل ان يرتبط فاالرتباط يف مجيع هذه االمثلة عالقـة تعـرض للـشيئني . مث عرض هلما االرتباط

فليـست ، خـر آولذلك فهو شيء ووجودمها شيء ، بصورة متاخرة عن وجودمها وال الرسـام يف حقيقتـه جمـرد ارتبـاط ، حقيقتها ارتباطـا بالرسـام اللوحة يف .بل االرتباط صفة توجد هلما بعد وجود كل منهما بصورة مستقلة، باللوحة

والكيان املـستقل لكـل مـن الـشيئني ، وهذه املفارقة بني حقيقة االرتباط تبـاط وهـو ار ، باستثناء نـوع واحـد ، تتجلى يف كل انواع االرتباط ، املرتبطني

وكـان معلـوال ، ارتباطا سـببيا ، )أ(ارتبط بـ ) ب(فلو ان . شيئني برباط العلية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 276: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٧٦

خر علة وهو واآل) ب(احدمها معلول وهو : لوجد لدينا شيئان ، له ومسببا عنه لةأواملـس . خرفهي لون ارتبـاط احـدمها بـاآل ، واما العلية اليت تقوم بينهما ). أ(

مث يعـرض ، )أ(ة مستقلة عن ارتباطـه بــ بصور، هل ميلك وجودا ) ب(هي ان ن اللوحة باالضافة اىل الرسام؟ وال حنتاج اىل كـثري مـن أكما هو ش ، له االرتباط

وراء ارتباطـه ، لو كان ميلك وجـودا حقيقيـا ) ب(فان ، لنجيب بالنفي ، الدرس النه ما دام موجودا بصورة مـستقلة عـن ارتباطـه ، )أ( لـ مل يكن معلوال ، بسببه

ان ال ، فالعليـة بطبيعتـها تقتـضي . منه فال ميكن ان يكون منبثقا عنه وناشئا ، به ويتـضح بـذلك ، واال مل يكن معلـوال ، يكون للمعلول حقيقة وراء ارتباطه بعلته

.اال نفـس االرتبـاط بالعلـة والتعلـق ـا ، املعلول ليس له حقيقة ان الوجود ،وارتبـاط اللوحـة بالرسـام ، بعلته بني ارتباط املعلول ، وهذا هو الفارق الرئيسي

اشـياء ، فان اللوحـة والقلـم والكتـاب . او الكتاب باملطالع ، او القلم بالكاتب فهـو لـيس شـيئا لـه ) ب(وأما . تتصف باالرتباط مع الرسام والكاتب واملطالع

ـ يـستدعي ان يكـون لـه وجـود ، افتراضه كذلك ألن ارتباط وتعلق بالعلة وخيـرج ، كما يعرض اللوحة املوجودة بني يدي الرسـام يعرضه االرتباط ، مستقل

كيـان ، بذلك عن كونه معلوال ـ بل هو نفس االرتباط مبعىن ان كيانه ووجـوده عـداما إو، فنـاء لـه إولذلك كان قطع ارتباطه بالعلـة ، ارتباطي ووجود تعلقي

فاـا لـو مل ، على عكـس اللوحـة . كيانه يتمثل يف ذلك االرتباط ألن ،لكيانه .ملـا فقـدت كياـا ووجودهـا اخلـاص ، رتبط بالرسام يف عملية رسم معينـة ت

،العليـة مبـدأ مـن حتليـل ، واذا استطعنا ان خنـرج ـذه النتيجـة املهمـة ونعـرف الـسر يف احتيـاج ، لتنا االساسية أمكننا ان نضع فورا اجلواب على مس أ

احلقـائق هـو ان ، فان السر يف ذلك على ضـوء مـا سـبق . سبااأاالشياء اىل ليـست يف الواقـع اال تعليقـات . العليـة مبـدأ اليت جيـري عليهـا ، اخلارجية

ومـن الواضـح ان . فالتعلق واالرتباط مقـوم لكياـا ووجودهـا . وارتباطات فـال ميكـن ، أي كانت عني التعلـق واالرتبـاط ، احلقيقة اذا كانت حقيقة تعلقية

الـشيء هـو سـببها فـذلك ، وترتبط بـه ذاتيـا ، ان تنفك عن شيء تتعلق به .الا ال ميكن ان توجد مستقلة عنه، وعلتها

وهكـذا نعــرف ان الــسر يف احتيــاج هــذه احلقــائق اخلارجيــة الــيت

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 277: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٧٧

بـل الـسر ، وال امكان ماهياـا ، ليس هو حدوثها ، اىل سبب ... نعاصرها فان حقيقتها اخلارجيـة عـني التعلـق . وصميم كياا ، كامن يف كنهها الوجودي

ال ميكـن ان يـستغين عـن شـيء يتعلـق بـه ، والتعلق او االرتباط ، رتباطواالـ . ويرتبط اذا مل تكـن ، ـ ان احلقيقـة اخلارجيـة أيضا ونعرف يف نفس الوقت

فلـيس الوجـود اخلـارجي . العليـة مبـدأ فال يشملها ، حقيقة ارتباطية وتعلقية علـى الوجـودات العليـة مبـدأ بل امنا حيكم ، العلية أبصورة عامة حمكوما مببد

.اليت تعرب يف حقيقتها عن االرتباط والتعلق، ةقيلعالت التأرجح بني التناقض والعلية........................................ڤ

بالرغم من ان املاركسية اختذت من تناقـضات الـديالكتيك شـعارا هلـا يف كل مناحي الكون واحلياة والتاريخ مل تنج بـصورة ائيـة مـن حبوثها التحليلية ل

،فهـي بوصـفها ديالكتيكيـة ، التذبذب بني تناقضات الديالكتيك ومبدأ العليـة عن التناقضات الداخليـة كمـا مـر مـشروحا يف أتؤكد ان النمو والتطور ينش

فالتناقض الداخلي هو الكفيل بان يفـسر كـل ظـاهرة مـن ، البحوث السابقة ومن ناحية اخـرى تعتـرف بعالقـة العلـة ، ون دون حاجة اىل سبب اعلى الك

سـباب خارجيـة ولـيس بالتناقـضات أواملعلول وتفسر هذه الظاهرة او تلك ب .املخزونة يف اعماقها

فهـي بينمـا تـصر علـى ، ها التارخيي لخذ مثاال هلذا التذبذب من حتلي أولن ة كفيلـة بتطويرهـا ضـمن وجود تناقضات داخلية يف صميم الظواهر االجتماعي

تقرر من ناحية اخرى ان الصرح االجتماعي اهلائل يقـوم كلـه . حركة ديناميكية وان االوضاع الفكريـة والـسياسية ومـا ، وهي قوى االنتاج ، على قاعدة واحدة

خـر لطريقـة آليست اال بىن فوقية يف ذلك الصرح وانعكاسات بـشكل و ، اليها ومعىن هذا ان العالقـة بـني هـذه الـبىن الفوقيـة ، االنتاج اليت قام البناء عليها

فليس هنـاك تنـاقض داخلـي وامنـا . ج هي عالقة معلول بعلة وبني قوى االنتا .)١(توجد علية

.للمؤلف) اقتصادنا( الجل التوضيح يراجع حبث املادية التارخيية من كتاب ـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 278: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٧٨

رجح بـني التناقـضات الداخليـة أدركت موقفها هذا املت أن املاركسية أوك مفهومـا فاعطت العلـة واملعلـول ، وحاولت ان توفق بني االمرين . العلية أومبد

ومسحت لنفـسها علـى هـذا االسـاس ، ديالكتيكا ورفضت مفهومها امليكانيكي .طارهـا الـديالكتيكي اخلـاص إان تستعمل يف حتليلها طريقة العلة واملعلـول يف

فاملاركسية ترفض السببية اليت تسري على خط مستقيم والـيت تظـل فيهـا العلـة هـذه الـسببية ألن النسبة اىل علتـه واملعلول سلبيا ب ، خارجية بالنسبة اىل معلوهلا

اذ ان. مع عملية النمـو والتكامـل الـذايت يف الطبيعـة ، تتعارض مع الديالكتيك املعلول طبقا هلذه السببية ال ميكن ان جييء حينئذ اثرى مـن علتـه واكثـر منـوا

واما املعلول الذي يولـد مـن ، ن هذه الزيادة يف الثراء والنمو تبقى دون تعليل أل طبقا ملا حيتـوي مـن تناقـضات ليعـود اىل ، فيتطور وينمو حبركة داخلية نقيضه

ولده فيتفاعل معه وحيقق عن طريقه االندماج بـه مركبـا جديـدا أالنقيض الذي فهذا هـو مـا تعنيـه املاركـسية ، اكثر اغتناء وثراء من العلة واملعلول منفردين

ـ الوث الـديالكتيكي بالعلة واملعلول النه يتفق مع الـديالكتيك ويعـرب عـن الث طروحـة واملعلـول هـو الطبـاق فالعلة هي األ ). االطروحة والطباق والتركيب (

والعلية هنا عملية منو وتكامل عـن طريـق ، واموع املترابط منهما هو التركيب واملعلـول يف هـذه العمليـة ال ، والدة املعلول من العلة أي الطباق من االطروحة

تناقضاته الداخلية اليت تنميـه وجتعلـه حيتـضن علتـه يولد سلبيا بل يولد مزودا ب .اليه يف مركب ارقى واكمل

ينـا يف هـذه التناقـضات الداخليـة أيالكتيك ر وقد سبق يف حديثنا عن الد نونـستطيع ان نعـرف اآل ، اليت ينمو الكائن وفقا لتوحدها وصراعها يف اعماقـه

ـ يف ضوء مفهومها االعمق عن العالقة بني العلـة واملعلـو املاركـسية يف أل خط مفهومها عن العلية وما تؤدي اليه من منو املعلول وتكامل العلـة باالنـدماج مـع

وال، لـوان التعلـق واالرتبـاط بعلتـه أفان املعلول حيث كان لون من ، معلوهلا )اقتـصادنا (وقد استعرضنا يف كتـاب . ميكن للعلة ان تتكامل به يف مركب ارقى

ملفهومه الديالكيت عن العليـة علـى الـصعيد بعض تطبيقات ماركس ) ٢٣(ص التارخيي حيث حاول ان يربهن على ان العلة تكاملت مبعلوهلا وتوحـدت معـه يف

تأواستطعنا ان نوضح يف دراستنا تلك ان هـذه التطبيقـات نـش ، ثريأمركب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 279: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٧٩

فقد توجـد علتـان ، من عدم الضبط الفلسفي والدقة يف حتديد العلة واملعلول فحني ال نـدقق يف التمييـز بـني ، خر وكل من املعلولني يكمل علة اآل .ومعلوالن

كما قد يصبح املعلـول سـببا يف تكامـل ، ن املعلول يكمل علته أالعلتني يبدو ك غري ان شروط الوجود غري العلة الـيت ينبثـق منـها ذلـك ، احد شروط وجوده

.)اقتصادنا(وللتوضيح اكثر من ذلك يراجع البحث يف كتاب ، الوجود التعاصر بني العلة واملعلول

،ان وجود املعلول مرتبط ارتباطا ذاتيـا بوجـود العلـة ، نملا كنا نعرف اآل وان املعلـول جيـب ان يكـون ، فنستطيع ان نفهم مدى ضرورة العلة للمعلـول

فـال ميكـن لـه ان يوجـد بعـد زوال ، لريتبط ا كيانه ووجوده، معاصرا للعلة وهذا هـو مـا شـئنا ان نعـرب عنـه بقـانون . اعهااو ان يبقى بعد ارتف ، العلة

).التعاصر بني العلة واملعلول( ثبـات ان مـن املمكـن إثريت حول هذا القانون مناقشتان راميتان اىل أوقد

واالخـرى لـبعض علمـاء ، احـدامها للمـتكلمني . بقاء املعلول بعد زوال علته .امليكانيك احلديث

:املناقشة الكالمية...................................................ڤ :مرينأوهي تستند اىل

فالـشيء امنـا . سـباا أان احلدوث هو سبب حاجـة االشـياء اىل : االول مل يكـن وجـوده بعـد ذلـك ، فاذا حـدث ، الجل ان حيدث ، حيتاج اىل سبب ،هـا فيمـا سـبق أاليت تبينا خط، احلدوثوهذا يرتكز على نظرية . مفتقرا اىل علة

وجـوده ألن بـل ، ليست الجـل احلـدوث ، وعرفنا ان حاجة الشيء اىل العلة .مرتبط بسببه اخلاص ارتباطا ذاتيا

ال يتفـق مـع طائفـة مـن ، ان قانون التعاصر بني العلة واملعلـول : الثاين البعـد زو ، اليت تكشف بوضوح عن اسـتمرار وجـود املعلـول ، ظواهر الكون

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 280: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٨٠

ـ . العلة فالعمارة الشاهقة اليت شـادها البنالفآواشـترك يف بنائهـا ، وناؤ ومل، وان تركهـا العمـال ، تبقى قائمة بعد انتهاء عملية البناء والـتعمري ، العمال

والـسيارة الـيت انتجهـا مـصنع . يبق منهم بعد ذلك شخص على قيد احليـاة وقـد تبقـى حمتفظـة جبهازهـا ، متـارس نـشاطها ، بفضل عماله الفنيني ، خاص

واملـذكرات الـيت . ومات اولئـك العمـال ، وان دم ذلك املصنع ، امليكانيكي تكـشف للنـاس عـن احليـاة ، تبقى بعده مئات الـسنني ، سجلها شخص خبطه

علـى ان املعلـول ميلـك حريتـه ، فهذه الظواهر تربهن . ذلك الشخص وتارخيه كأمثلـة ، قع ان عرض هـذه الظـواهر والوا، وتزول حاجته اىل علته ، بعد حدوثه

.نشأ من عدم التمييـز بـني العلـة وغريهـا ، لتحرر املعلول بعد حدوثه من علته ،وجهـاز الـسيارة ، فنحن اذا ادركنا العلة احلقيقية لتلك االمور ـ من بناء الدار

يف حلظـة مـن ، نتبني ان تلك االمور مل تـستغن عـن العلـة ـوكتابة املذكرات فمـا . ن الذي يفقد فيـه سـببه ثر طبيعي يعدم يف اآل أ وان كل ،حلظات وجودها

وهـي ، امنا هو نفـس عمليـة البنـاء ، هو املعلول للعمال املشتغلني ببناء العمارة يقوم ا العامـل بقـصد مجـع مـواد ، عبارة عن عدة من احلركات والتحريكات

ت ال ميكـن وهـذه احلركـا ... جر واحلديد واخلشب وما اليها البناء اخلام من اآل بل تنقطع حتما يف الوقت الـذي يكـف فيـه ، ان تستغين عن العمال يف وجودها

ثـر عمليـة أواما الوضع الذي حـصل ملـواد البنـاء علـى . العمال عن العمل والقـوى ، فهو يف وجوده واستمراره معلـول خلـصائص تلـك املـواد ، التعمري

.وضـعها وموضـعها اليت تفرض علـى املـادة احملافظـة علـى ، الطبيعية العامة اذا، نـف الـذكر وهكذا يتبخر الوهم اآل . وكذلك االمر يف سائر االمثلة االخرى

.سبااأثار اىل ومل خنطئ يف نسبة اآل، اضفنا كل معلول اىل علته املعاوضة امليكانيكية.................................................ڤ

علـى ضـوء القـوانني الـيت ، ثارها امليكانيك احلديث أوهي املعارضة اليت تلـك أسـاس مـدعيا ـ علـى ، للحركة امليكانكيـة ) نيوتن(و) غاليلو(وضعها

وال حيتـاج اسـتمرارها ،القوانني ـ ان احلركة اذا حدثث بسبب فهي تبقى حتما .خالفا للقانون الفلسفي الذي ذكرناه، اىل علة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 281: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٨١

وجدنا اـا تـؤدي يف احلقيقـة اىل ، اذا تعمقنا يف درس هذه املعارضة وحنن حقيقـة احلركـة ـ كمـا سـبق يف الدراسـات ألن ،سـا أالعلية ر مبدأ الغاء

أي حـدوث متـصل ، فهي حدوث مـستمر ، السابقة ـ عبارة عن التغري والتبدل فـاذا . وتغـري عقيـب تغـري ، وكل مرحلة من مراحلها حدوث جديـد ، حبدوث

كـان يف االمكـان ان حتـدث احلركـة دون ، ن للحركة ان تستمر دون علة امك اسـتمرار احلركـة حيتـوي علـى ألن ،وان توجد االشياء ابتداء بال سبب ، علة

.يضاأفتحرره من العلة يعين حترر احلدوث من العلة ، حدوث جديد دائما جيـب ، من ناحيـة علميـة ، والجل ان يتضح عدم وجود مربر هلذه املعارضة

الـذي ، يف امليكانيـك احلـديث ، القارئ عن قانون القـصور الـذايت ان حندث .ارتكزت عليه املعارضة

،هو اا تتبـع القـوة احملركـة ، )غاليلو(ان التفكري السائد عن احلركة قبل فـاذا ، فهي تستمر ما دامت القوة احملركـة موجـودة . يف مدى استمرارها وبقائها

،وضـع قانونـا جديـدا للحركـة ، نيك احلديثولكن امليكا. زالت سكن اجلسم سـاكنة او (تبقى كـذلك ، ان االجسام الساكنة واملتحركة ، وفحوى هذا القانون

تـضطرها اىل ، اىل ان تتعرض لتاثري قوة اخرى كـربى بالنـسبة هلـا ، )متحركة .تبديل حالتها الـيت توضـح ان جهـازا ، هـو التجربـة ، العلمي هلذا القـانون والسند

اذا انفـصلت عنـه القـوة ، متحركا بقوة خاصة يف شـارع مـستقيم ميكانيكيا ومـن املمكـن . قبل ان يـسكن ائيـا ، فهو يتحرك مبقدار ما بعد ذلك ، احملركة

،اليت حصلت بعد انفصال اجلهاز عن القـوة اخلارجيـة احملركـة ، يف هذه احلركة غطوختفيـف الـض ، وتـسوية الطريـق ، الت اجلهاز آبتدهني ، ان يزاد يف امدها

اال ختفيف املوانـع عـن احلركـة مـن ، ن هلا أغري ان هذه االمور ال ش . اخلارجي نـضمن ، فاذا استطعنا ان نـضاعف مـن هـذه املخففـات ، االصطكاك وحنوه

وزوال الـضغط اخلـارجي ،واذا افترضنا ارتفاع مجيع املوانـع ، مضاعفة احلركة فيعـرف مـن ، عينـة كان معىن ذلك استمرار احلركة اىل غري حد بسرعة م ، ائيا

تبقـى ، ومل تعترضها قوة خارجيـة مـصادمة ، ثريت يف جسم أذلك ان احلركة اذا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 282: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٨٢

فالقوى اخلارجية امنا تؤثر يف تغيري الـسرعة . وان ابطلت القوة . بسرعة معينة ولذلك كان مدى السرعة ـ مـن حيـث . ترتل او ترتفع ا، عن حدها الطبيعي

.املوافـق او املعـاكس ، لى الضغط اخلارجيالشدة والضعف والبطء ـ يتوقف ع فال يتوقف ذلك علـى عوامـل ، واما نفس احلركة واستمرارها بسرعتها الطبيعية

.خارجية ال تعـين ان املعلـول ، ومن الواضح ان هذه التجربة حني تكـون صـحيحة

التجربـة مل ألن ،وال تعاكس القانون الفلسفي الـذي ذكرنـاه ، بقي من دون علة لنعرف مـا اذا كانـت تلـك العلـة قـد ، العلة احلقيقية للحركة توضح ما هي

الذين حـاولوا ان يـدللوا ـا علـى ، وكأن هؤالء . زالت مع استمرار احلركة زعموا ان العلة احلقيقية للحركة هـي القـوة اخلارجيـة ، بطالن القانون الفلسفي

احلركـة واسـتمرت ، وملا كانت هذه القوة قد انقطعت صلتها باحلركـة ، احملركة ولكـن . فيكشف ذلك عن استمرار احلركة بعـد زوال علتـها ، بالرغم من ذلك

،الواقع ان التجربة ال تدل على ان القوة الدافعة من خارج هـي العلـة احلقيقيـة ،بل من اجلائز ان يكون الـسبب احلقيقـي للحركـة ، االستنتاج ليستقيم هلم هذا

يعتقـدون ان احلركـات ، ميونوالفالسفة االسـال . شيئا موجودا على طول اخلط ـ العرضية مبا فيها احلركة امليكانيكية للجسم ـ تتولد مجيعا من قوة قائمة بـنفس ـ

واالسـباب اخلارجيـة؛ امنـا تعمـل ، فهذه القوة هي احملركة احلقيقيـة . اجلسم احلركـة مبـدأ وعلـى هـذا االسـاس قـام . ثريأثارة هذه القوة واعدادها للت إل

ولـسنا نـستهدف . لةأاه يف اجلزء السابق من هـذه املـس كما اوضحن ، اجلوهرية وامنا نرمي مـن ورائـه اىل توضـيح ان التجربـة ، ن االفاضة يف هذا احلديث اآل

ال تتعـارض مـع قـوانني ، اليت قام على اساسها قانون القصور الـذايت ، العلمية .وال تربهن على ما يعاكسها مطلقا، العلية

النتيجة..............................................................ڤ اال ان نعطـف علـى مـا سـبق ، ومل يبق علينا الجل ان نصل اىل النتيجة

،وهو القانون القائل ان العلل املتـصاعدة يف احلـساب الفلـسفي ، قانون النهاية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 283: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٨٣

وىل مل تنبثـق أأي علـة ، يكون هلا بداية جيب ان ، اليت ينبثق بعضها عن بعض نأل، وال ميكن ان يتصاعد تسلـسل العلـل تـصاعدا ال ائيـا . عن علة سابقة

فاملوجودات، كل معلول ـ كما سبق ـ ليس اال ضربا من التعلق واالرتباط بعلته ،واالرتباطـات حتتـاج اىل حقيقـة مـستقلة ، املعلولة مجيعا ارتباطات وتعلقـات

،لكانت احللقـات مجيعـا معلولـة ، فلو مل توجد لسلسلة العلل بداية . تنتهي اليها عـن الـشيء ، ويتوجه الـسؤال حينئـذ ، واذا كانت معلولة فهي مرتبطة بغريها

،ان سلـسلة االسـباب ، خـر آويف عـرض . الذي ترتبط به هذه احللقات مجيعا فهـذا ، وال حيتـاج اىل علـة ، اذا كان يوجد فيها سبب غري خاضع ملبدا العليـة

الذي يضع للسلسلة بدايتها؛ ما دام غري منبثـق عـن سـبب ، هو السبب االول واذا كان كل موجود يف السلسلة حمتاجـا اىل علـة ـ طبقـا ملبـدا . خر يسبقهآ

ويبقـى سـؤال ، علـة فاملوجودات مجيعا تصبح حباجة اىل، العلية ـ دون استثناء وال ميكـن ان ، بصورة عامةملاذا؟ ـ هذا السؤال الضروري ـ منصبا على الوجود

،العليـة مبـدأ اال بافتراض سـبب اول متحـرر مـن ، نتخلص من هذا السؤال وال نواجه فيه سـؤال ملـاذا وجـد؟ الن ، فاننا حينئذ ننتهي يف تعليل االشياء اليه

.هذا السؤال امنا نواجهه يف االشياء اخلاضعة ملبدأ العلية خاصة طبقـا ملبـدا ، عيـة حمتاجـة اىل سـبب فهو ظاهرة طبي ، خذ الغليان مثال أفن وهذه السخونة هـي كالغليـان يف افتقارهـا ، ونعترب سخونة املاء سببا هلا ، العلية

او، واذا اخذنا الغليان والسخونة كحلقـتني يف سلـسلة الوجـود . اىل علة سابقة وجدنا من الـضروري ان نـضع للسلـسلة حلقـة ، يف تسلسل العلل واالسباب

فـال ميكنـهما االسـتغناء عـن ، حللقتني حباجة اىل سـبب كال من ا ألن ،اخرى وتفتقـر اىل مـربر ، لةأواحللقات الثالث تواجه مبجموعها نفس املـس ، حلقة ثالثة ـ . العليـة أما دامت كل واحدة منها خاضعة ملبـد ، لوجودها نأوهـذا هـو ش

فما دامـت حلقاـا . ولو احتوت على حلقات غري متناهية ، بداأالسلسلة دائما و ملـاذا (وسـؤال ، فالسلسلة مبجموعها مفتقـرة اىل سـبب ، يعا حمتاجة اىل علة مج

مـا مل ، وال ميكن تقدمي اجلـواب احلاسـم عليـه ، ميتد ما امتدت حلقاا ) وجد؟ فتقطـع ، غـري حمتاجـة اىل علـة ، ينته التسلسل فيها اىل حلقـة غنيـة بـذاا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 284: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٨٤

.)١(وتضع للسلسلة بدايتها االزلية االوىل ، التسلسل عـن ، نكون قد مجعنا ما يكفي للربهنة علـى انبثـاق هـذا العـامل واىل هنا هـذا هـو مـا حيتمـه ألن ،وغري حمتاج اىل سـبب ، غين بنفسه ، واجب الذات

فان العليـة بعـد ان . العلية على العامل مبوجب قوانينها السالفة الذكر مبدأ تطبيقـ ، ضروريا للكون مبدأ كانت فيجـب ان ، ستحيالوكان تسلـسلها الالـائي م

.حىت يقف عند علة اوىل واجبة، تطبق على الكون تطبيقا شامال متصاعدا اىل لـون مـن الـتفكري املـادي يف ، يف ختام هذا البحث، س ان نشري أوال ب تقدم به بعض الكتاب املعاصرين للـرد علـى فكـرة الـسبب االول ، هذا اال

ـ ، او العلة االوىل فالتفـسري ، ة االوىل ال معـىن لـه فهو يقول ان السؤال عن العل مها العلـة ، خرالعلي ـ او السبيب ـ يستلزم دائما حدين اثنني مرتبطا احدمها باآل

فيها تنـاقض يف احلـدود اذ ان ) علة اوىل (فعبارة ، او السبب واملسبب ، واملعلول فالعلـة واحـدا لكن كلمة اوىل تستلزم حدا ، كلمة علة تستلزم حدين كما راينا

فامـا ان تكـون اوىل ، يف نفـس الوقـت ) علة(وتكون ) اوىل(كن ان تكون ال مي .او بالعكس، دون ان تكون علة

صـحيح ان التفـسري . وال ادري من قال له ان كلمة علة تستلزم علة قبلها وصـحيح ان مـن التنـاقض ان ، السبيب يستلزم دائما حدين مها العلة واملعلـول

ا ليست عندئـذ علـة وامنـا هـي شـيء نتصور علة بدون معلول ناتج عنها ال فكـل منـها يتطلـب ، ان نتصور معلوال ال علـة لـه أوكذلك من اخلط ، عقيم ال تتطلب علة قبلـها وامنـا تتطلـب ، ولكن العلة بوصفها علة ، خر اىل جانبه اآل

العلـة االوىل هلـا ألن )العلـة االوىل (فاحلدان متوافران معا يف فرضـية ، معلوال وللمعلول علته االوىل ال يتطلب املعلـول دائمـا معلـوال ، منهاأشمعلوهلا الذي ين

اذا قد تتولد ظاهرة من سبب وال يتولد عـن الظـاهرة شـيء جديـد ، منه أينش .)٢(كذلك العلة ال تتطلب علة فوقها وامنا تتطلب معلوال هلا

، ان الشيء ال يوجد اال اذا امتنع عليه مجيع أحناء العدم، بالتعبري الفلسفي الدقيقوـ 1

عدمه بعدم مجيع اسبابه وهذا ال ميتنع اال اذا كان يوجد يف مجلة اسبابه ، ومن مجلة احناء العدم .واجب بالذات

.منشورات عويدات، ٨٠املسالة الفلسفية ص ، ـ الدكتور حممد عبد الرمحن مرحبا 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 285: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٨٥

ـ٤ـ

○ املادة أو اهللا ○ ملـرد االساسـي االعمـق هـي ان ا ، انتهينا من اجلزء الـسابق اىل نتيجـة

الـيت ينتـهي اليهـا ، للكون والعامل ـ بصورة عامة ـ هو العلة الواجبة بالـذات الـيت ، لة اجلديدة هي ان هذه العلـة الواجبـة بالـذات أواملس. تسلسل االسباب

خـر فـوق آهل هـي املـادة نفـسها او شـيء ، تعترب الينبوع االول للوجود هـل هـي ، قول ان العلة الفاعليـة للعـامل حدودها؟ وبالصيغة الفلسفية للسؤال ن

نفس العلة املادية او ال؟ فالكرسـي عبـارة عـن . وليكن هو الكرسـي ، خذ مثاال أالجل التوضيح ن

.جـزاء ماديـة تنظيمـا خـاص أحتصل من تنظـيم عـدة . صفة او هيئة خاصة ــد ــن ان يوج ــو ال ميك ــذلك فه ــد، ول ــشب او حدي ــن خ ــادة م دون م

النـه مل ، سمى اخلشب علة ماديـة للكرسـي اخلـشيب وذا االعتبار ي . وحنومها ولكـن مـن . ان يوجد الكرسي اخلـشيب مـن دون اخلـشب ، يكن من املمكن

الـيت صـنعت ، ان هذه العلة املادية ليست هـي العلـة احلقيقيـة ، الواضح جدا ولـذا . وهـو النجـار ، فان الفاعل احلقيقي للكرسي شيء غري مادتـه . الكرسي

،فالعليـة الفاعليـة للكرسـي . ار اسم العلـة الفاعليـة تطلق الفلسفة على النج فـاذا سـئلنا عـن مـادة . من اخلشب او احلديـد ، ليست هي نفس علته املادية

العلـة (واذا سـئلنا عـن الـصانع لـه ، اجبنا ان مادته هي اخلـشب ، الكرسي التـه ووسـائله آوامنا نقول ان النجـار صـنعه ب ، مل جنب بانه اخلشب ، )الفاعلية :او يف التعـبري الفلـسفي (، فاملقارنة بني املـادة والفاعـل يف الكرسـي . اخلاصة

وهـدفنا الرئيـسي . واضحة كـل الوضـوح ، )والعلة الفاعلية ، بني العلة املادية بـني مادتـه االساسـية ، ان نتبني نفـس املفارقـة يف نفـس العـامل ، لةأمن املس

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 286: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٨٦

فهـل فاعـل هـذا العـامل ). ةالعلة الفاعلي (والفاعل احلقيقي ) العلة املادية ( كما ان صـانع الكرسـي ، خارج عن حدود املادة ومغايرة هلا ، خرآوصانعه شيء

مغاير ملادته اخلشبية؟ او انه نفس املادة اليت تتركب منها كائنات العامل؟ مـن مراحـل الـرتاع ، وهذه هي املسالة الـيت تقـرر املرحلـة االخـرية

س الـديالكتيك اال احـدى احملـاوالت ولـي . بني االهليـة واملاديـة ، الفلسفي للتوحيـد بـني العلـة الفاعليـة والعلـة املاديـة ، اليت قامت ا املادية ، الفاشلة .طبقا لقوانني التناقض الديالكتيكية، للعامل

لة بدراسـة املـادة دراسـة أسوف نبحـث املـس ، والتزاما بطريقة الكتاب متحاشـني العمـق ، لـسفية والقواعـد الف ، على ضوء املقررات العلمية ، فلسفية

.والتفصيل يف العرض، الفلسفي يف البحث املادة على ضوء الفيزياء

الفآتناوهلما العلماء بالبحـث والـدرس منـذ ، يف املادة فكرتان علميتان :السنني

امنـا تتركـب مـن عـدة . ان مجيع املواد املعروفة يف دنيا الطبيعة : احدامها ان املـادة تتكـون مـن : واالخـرى . تـسمى بالعناصـر ، مواد بسيطة حمدودة .تسمى الذرات، دقائق صغرية جدا

يأوكـان الـر . اما الفكرة االوىل فقد اخذ ـا االغريـق بـصورة عامـة وارجـاع ، عناصـر بـسيطة ، والنـار ، والتراب، واهلواء، السائد هو اعتبار املاء

علمـاء وحـاول بعـض . بصفتها املواد االولية يف الطبيعـة ، مجيع املركبات اليها ان يضيفوا اىل هذه العناصر االربعـة ثالثـة عناصـر اخـرى ، العرب بعد ذلك

ـ وقد كانت خـصائص العناصـر البـسيطة . وامللح، والزئبق، هي الكربيت يف ـ بـسيط اىل فال ميكـن ان يتحـول عنـصر ، ي االقدمني ـ حدودا فاصلة بينها أر

.خرآعنصر بسيط

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 287: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٨٧

فكانـت ) تالف االجـسام مـن ذرات صـغرية فكرة ائ (واما الفكرة الثانية ،والنظريـة االتـصالية ، النظريـة االنفـصالية : موضوع صراع بـني نظـريتني

،)دميقـرايطس (فالنظرية االنفصالية هي النظرية الذريـة للفيلـسوف االغريقـي واطلـق علـى ، يتخلل بينـها فـراغ ، جزاء صغرية أالقائلة ان اجلسم مركب من

والنظريـة االتـصالية هـي . او اجلزء الذي ال يتجـزا ، تلك االجزاء اسم الذرة واجلـسم يف زعـم هـذه . اليت اخذ ا ارسطو ورجال مدرسـته ، النظرية الغالبة

بـل هـو شـيء ، ومركبا من وحدات صـغرية ، ليس حمتويا على ذرات ، النظرية ال انـه ، واحد متماسك ميكننا ان نقسمه فنخلق منه اجـزاء منفـصلة بالتقـسيم

.جزاء كهذهأعلى يشتمل سلفا فدرسـت الفكـرتني درسـا ، وقد جاء بعد ذلـك دور الفيزيـاء احلديثـة

ـ . على ضـوء اكتـشافاا يف عـامل الـذرة ، علميا قرت الفكـرتني بـصورة أف وكشفت يف جمال كـل منـهما ، وفكرة الذرات ، فكرة العناصر البسيطة ، اساسية

.مل يكن من املمكن التوصل اليها سابقا، عن حقائق جديدة استكشفت الفيزيـاء مـا يقـارب مائـة مـن ، ففيهما خيص الفكرة االوىل

بـصورة ، اليت تتكون منها املادة االساسـية للكـون والطبيعـة ، العناصر البسيطة جمموعـة هائلـة مـن احلقـائق واالنـواع ، ول نظـرة فالعامل وان بدا أل . عامة

علمـي اىل يرجـع يف التحليـل ال ، ولكن هذا احلشد اهلائـل املتنـوع ، املختلفة .تلك العناصر احملدودة

وهـو الـذي ، واالجسام ـ بناء على هذا ـ قسمان احدمها جسم بـسيط ــر ــك العناص ــد تل ــن اح ــون م ــذهب، يتك ــاس، كال ــد، والنح ،واحلدي

او عـدة ، خر هـو اجلـسم املركـب مـن عنـصرين واآل. والزئبق، والرصاصـ ، عناصر بسيطة او، دروجنيكاملاء املركب من ذرة اوكسجني وذرتـني مـن اهلي

.اخلشب املركب يف الغالب من االوكسجني والكربون واهليدروجني علـى النظريـة ، برهنت الفيزياء احلديثة علميـا ، وفيما خيص الفكرة الثانية

وان العناصر البسيطة مؤلفة من ذرات صـغرية ودقيقـة اىل حـد ان ، االنفصالية والـذرة عبـارة . الـذرات حيتوي على ماليني من تلك ، املليمتر الواحد من املادة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 288: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٨٨

الذي تزول بانقسامه خصائص ذلـك العنـصر ، عن اجلزء الدقيق من العنصر .البسيط

،وعلى كهارب تـدور حـول النـواة ، والذرات حتتوي على نواة مركزية هلا وااللكتـرون هـو وحـدة . وهذه الكهارب هـي االلكترونـات ، بسرعة هائلة

فالربوتونـات . وي على بروتونات ونيوترونـات حتتكما ان النواة . الشحنة السالبة تـساوي ، وكل وحدة من وحداا حتمـل شـحنة موجبـة . هي الدقائق الصغرية

ولـيس ، والنيوترونات دقائق اخـرى حتتويهـا النـواة . شحنة االلكترون السالبة .عليها أي شحنة كهربائية

،بـني طـول موجـات االشـعة ، وقد لوحظ على ضوء االختالف الواضح ان هـذا ، تنتج عن قذف العناصر الكيماويـة بقـذائف مـن االلكترونـات اليت

،امناحـصل بـسبب اختالفهـا يف عـدد االلكترونـات ، االختالف بني العناصر يقتـضي ، واختالفهـا يف عـدد االلكترونـات . اليت حتتويها ذرات هذه العناصر

دة عـدد وملـا كانـت زيـا . تفاوا يف مقدار الشحنة املوجبة يف مبقدار الـسالبة وملا كانـت زيـادة عـدد . فالشحنة املوجبة فيها مبقدار السالبة ، شحناا كهربائيا

يعـين زيـادة وحـدات الـشحنة ، يف بعض العناصر على بعـض ، االلكترونات .حمتوية على شحنة موجبة معادلة، فيجب ان تكون نواا، السالبة فيها

،)١= ( فاهليـدروجني .وعلى هذا االساس اعطيت االرقام املتصاعدة للعناصر حيملـها ، فهو حيتوي يف نواته على شـحنة واحـدة موجبـة . حبسب رقمه الذري

رقـى منـه أواهلليـوم . وحييط ا الكترون واحد ذو شحنة سالبة ، بروتون واحد باعتباره حيتوي يف نواتـه علـى ضـعف ، )٢= (النه ، يف اجلدول الذري للعناصر

اهليدروجني أي على بروتـونني وحيـيط بنواـا املرتكزة يف نواة ، الشحنة املوجبة وهكذا تتـصاعد االرقـام الذريـة اىل . خذ الليثيوم الرقم الثالث أوي. الكترونات

،)٩٢= (ن ـ فرقمه الـذري اليورانيوم ـ وهو اثقل العناصر املستكشفة حلد اآل مـن وحـدات الـشحنة ، وحـدة ) ٩٢(مبعىن ان نواته املركزية تشتمل علـى

أي مـن وحـدات ، يط ا ما مياثل هذا العـدد مـن االلكترونـات وحي، املوجبة .الشحنة السالبة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 289: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٨٩

ال يبدو للنيوترونـات الكامنـة يف النـواة ، ويف هذا التسلسل لالرقام الذرية وامنـا تـؤثر يف الـوزن الـذري ، ـا ال حتمـل شـحنة مطلقـا أل، ثريأدىن ت أ

جل ذلك كـان الـوزن الـذري وال. الا يف وزا مساوية للربوتونات ، للعناصر باعتبار اشتمال نواتـه ، للهليوم ـ مثال ـ يعادل وزن اربع ذرات من اهليدروجني

ال حتتـوي اال علـى ، يف حال ان النواة اهليدروجينيـة ، على نيوترونني وبروتونني .بروتون واحد

ومن احلقائق اليت اتيح للعلم اثباا هـو امكـان تبـدل العناصـر بعـضها ـ هذه ـيات التبدل ببعض وعمل وبعـضها حيـصل ، بعضها يتم بصورة طبيعيـة ـ

.بالوسائل العلمية هـي ، نواعـا ثالثـة مـن االشـعة أيولد ، فقد لوحظ عن عنصر اليورانيوم

ـ حني فحص هذه االنـواع ـ ان ) رذرفورد(وقد وجد . وجاما، وبيتا، اشعة الفا وقـد ، يـة سـالبة عليهـا شـحنات كهربائ ، مكونة من دقائق صغرية) الفا(اشعة

هـي عبـارة عـن ذرات ) االلفـا (ان دقـائق ، ظهر نتيجة للفحـص العلمـي خـر ان آاو بتعـبري ، مبعىن ان ذرات هليوم خترج مـن ذرات اليورانيـوم ، هليوم

.عنصر هليوم يتولد من عنصر اليورانيوم يتحـول ، وجامـا ، وبيتـا ، بعـد ان شـع الفـا ، كما ان عنصر اليورانيوم

والراديوم اخـف يف وزنـه الـذري . وهو عنصر الراديوم ، خرآتدرجييا اىل عنصر حـىت ينتـهي اىل عنـصر ، وهو بدوره مير بعدة حتوالت عنـصرية ، من اليوارنيوم

.الرصاص ،خـر آبعد ذلك باول حماولة لتحويـل عنـصر اىل عنـصر ) رذرفورد(وقام

،تـصطدم بنـوى ذرات ، )دقـائق االلفـا (وذلك انه جعل نوى ذرات اهليلـوم ،زوتأي نتجـت ذرة هيـدروجني مـن ذرة اآل ، فتولدت الربوتونـات ، وتاالز

فقـد ثبـت ان مـن ، واكثـر مـن هـذا . وحتولت ذرة االزوت اىل اوكسجني فـيمكن لربوتـون ـ اثنـاء ، خرآان تتحول بعض اجزاء الذرة اىل جزء ، املمكن

.وكذلك العكس، عملية انقسام الذرة ـ ان يتحول اىل نيوترون .يل العناصر من العمليات االساسية يف العلموهكذا اصبح تبد

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 290: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٩٠

مبحاولـة تبـديل املـادة اىل طاقـة أبل بـد ، ومل يقف العلم عند هذا احلد وذلك علـى ضـوء جانـب ، أي نزع الصفة املادية للعنصر بصورة ائية ، خالصة

وليـست ، اذ قرر ان كتلـة اجلـسم نـسبية ، )آينشتني(من النظرية النسبية لـ كما تؤكـد التجـارب الـيت اجراهـا علمـاء ، ي تزيد بزيادة السرعة فه، ثابتة

،على االلكترونـات الـيت تتحـرك يف جمـال كهربـائي قـوي ، الفيزياء الذرية وملـا كانـت كتلـة اجلـسم . املنطلقة من نويات االجسام املـشعة ) بيتا(ودقائق

ـ ، بزيادة حركته املتحرك تزداد ،ةوليست احلركة اال مظهـرا مـن مظـاهر الطاق فلـم يعـد يف الكـون ، فالكتلة املتزايدة يف اجلسم هـي اذن طاقتـه املتزايـدة

خـر واآل. احدمها املادة اليت ميكن مسها وتتمثل لنـا يف كتلـة ، عنصران متمايزان كمـا كـان يعتقـد العلمـاء ، وليس هلـا كتلـة ، اليت ال ميكن ان ترى ، الطاقة .اقة مركزةبل اصبح العلم يعرف ان الكتلة ليست اال ط، سابقا

مربع سـرعة الـضوء * كتلة املادة = ان الطاقة : ويقول آنشتني يف معادلته كمـا ان الكتلـة ) مـيال يف الثانيـة ) ١٨٦,٠٠٠(وسرعة الـضوء تـساوي (

. مربع سرعة الضوء÷الطاقة = ان الذرة مبا فيها مـن بروتونـات والكترونـات ليـست يف ، وبذلك ثبت

فهـذه . حتليلـها وارجاعهـا اىل حالتـها االوىل ميكـن ، احلقيقة اال طاقة متكاثفة وهـي الـيت تظهـر يف ، الطاقة هي االصل العلمي للعامل يف التحليـل احلـديث

ــة ــكال خمتلف ــددة، اش ــور متع ــوتية، وص ــسية، ص ــة، ومغناطي ،وكهربائي .وميكانيكية، وكيمياوية

بـني اجلـسميات ، مل يعد االزدواج بني املادة واالشـعاع ، وعلى هذا الضوء وظهـوره علـى ، او بني ظهور الكهرب على صـورة مـادة احيانـا ، ملوجاتوا

مل يعـد هـذا غريبـا بـل اصـبح مفهومـا ، اقول. صورة كهرباء احيانا اخرى .وهي الطاقة، ما دامت كل هذه املظاهر صورا حلقيقة واحدة، مبقدار

للعلمـاء ان أمكـن اذ، وقد اثبتت التجارب عمليا صحة هـذه النظريـات عـن طريـق ، فاملادة حتولـت اىل طاقـة . والطاقة اىل مادة ، ادة اىل طاقة حيولوا امل

فقد نتج عـن ذلـك نواتـان . التوحيد بني نواة ذرة اهليدروجني ونواة ذرة ليثيوم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 291: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٩١

الفارق بني الوزن الـذري لنـواتني . وطاقة هي يف احلقيقة ، من ذرات اهلليوم والطاقـة حتولـت اىل . ة ليثيـوم والوزن الذري لنواة هيدروجني ونوا ، من اهلليوم

ـ ) جاما(عن طريق حتويل اشعة ، مادة ـ وهي اشعة هلا طاقـة ولـيس هلـا وزن من االلكترونات السالبة وااللكترونات املوجبـة الـيت تتحـول ، اىل دقائق مادية .اذا اصطدم املوجب منها بالسالب، بدورها اىل طاقة

هـو الـتفجري الـذي ميكـن ،ويعترب اعظم تفجري للمادة توصل اليه العلم اذ يتحول بـسببهما جـزء مـن املـادة ، واهليدروجينية ان حتققه ، للقنبلة الذرية .اىل طاقة هائلة

،علـى امكـان حتطـيم نـواة ذرة ثقيلـة ، وتقوم الفكرة يف القنبلة الذرية وقـد حتقـق ذلـك . مـن عناصـر اخـف ، حبيث تنقسم اىل نواتني او اكثـر

الـذي يطلـق عليـه اسـم ، ام عنصر اليورانيـوم يف بعض اقس ، بتحطيم النواة .نتيجة الصطدام النيوترون ا، ٢٣٥اليورانيوم

علـى ضـم نـوى ذرات خفيفـة اىل ، وتقوم الفكرة يف القنبلة اهليدروجينية حبيـث تكـون كتلـة النـواة ، لتكون بعد احتادها نوى ذرات اثقل منها ، بعضها هـو الـذي ، ذا الفـرق يف الكتلـة وه. اقل من كتلة املكونات االصلية ، اجلديدة

ـ ، ومن اساليب ذلك دمج اربـع ذرات هيـدروجني . يظهر يف صورة طاقة ثريأبت هـي ، مـع طاقـة ،وانتاج ذرة من عنـصر اهلليـوم ، الضغط واحلرارة الشديدين

وهـو كـسر ضـئيل جـدا يف ، والذرات املندجمة، الفارق الوزين بني الذرة الناجتة .حساب الوزن الذري

نتائج الفيزياء احلديثة...............................................ڤ :مورأاليت عرضناها عدة ، ويستنتج من احلقائق العلمية بـني مجيـع كائناتـه ، حقيقة واحدة مـشتركة ، أ ـ ان املادة االصلية للعامل

وتتنـوع ، يت تظهـر مبختلـف االشـكال الهيوهذه احلقيقة املشتركة ، وظواهره .بشىت التنوعات

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 292: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٩٢

باالضـافة اىل املـادة ، ب ـ ان خواص املركبات املاديـة كلـها عرضـية الـيت ، لـيس شـيئا ذاتيـا للمـادة ، فاملاء مبا ميلك من خاصة السيالن . االصيلة

وذلك بدليل انـه مركـب ـ كمـا عرفنـا ، وامنا هو صفة عرضية، يتكون منهاـ ـ ، من عنصرين بسيطنيسابقا از هـذين العنـصرين عـن رويف االمكـان اف

ومـن الواضـح . وتزول صفة املـاء متامـا ، فريجعان اىل حالتهما الغازية ، خراآل .ال ميكن ان تكون ذاتية له، ان الصفات اليت ميكن ان تزول عن الشيء

،ليـست ذاتيـة للمـادة ايـضا ، ج ـ ان خواص العناصر البسيطة نفسها والربهان العلمي على ذلـك مـا مـر بنـا مـن . صائص املركبات فضال عن خ

،وبعـض ذراـا اىل ذرات اخـرى ، امكان حتول بعـض العناصـر اىل بعـض امنـا هـي ، فان هذا امر يدل على ان خـصائص العناصـر ، طبيعيا او اصطناعيا

فليـست صـفات . املشتركة بني مجيع العناصر البـسيطة ، للمادة صفات عرضية الـيت تتمثـل ، ذاتيـة للمـواد ، واالوكـسجني ، واالزوت، صاصوالر، الراديوم

.ما دام يف االمكان تبديلها البعض بالبعض، يف تلك العناصر فنفس صفة املادية اصبحت ـ على ضوء احلقـائق الـسابقة ـ ، خرياأد ـ و

وشـكال ، لـوان الطاقـة أفهي ال تعدو ان تكون لونـا مـن ، صفة عرضية ايضا ملا سبق مـن اـا قـد تـستبدل هـذا ، الشكل ذاتيا هلا وليس هذا ، من اشكاهلا

.فتتحول املادة اىل طاقة ويتحول الكهرب اىل كهرباء، الشكل بشكل اخر النتيجة الفلسفية من ذلك.........................................ڤ

وجـب ان ندرسـها ، العتبـار بعـني ا ، واذا اخذنا تلك النتـائج العلميـة ان نفتـرض املـادة هـي الـسبب ، لنعرف ما اذا كان يف االمكان ، درسا فلسفيا

ـ ) العلة الفاعلية (االعلى سفي علـى للعامل او ال؟ وال تـردد يف ان اجلـواب الفل ،املـادة االصـيلة للعـامل ألن ذلـك ، هو النفي بـصورة قاطعـة ، هذا السؤال

وال ميكـن للحقيقـة الواحـدة ان ، هره وكائناته يف مجيع مظا ، حقيقة واحدة عامة ،واخلــشب، فالتحليــل العلمــي للمــاء. وتتبــاين افعاهلــا، ثارهــاآختتلــف

ــراب ــد، والت ــاص، زوتواآل، وللحدي ــوم، والرص ــة، والرادي ادى يف اي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 293: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٩٣

فـال . جندها يف كل هذه العناصر وتلـك املركبـات ، املطاف اىل مادة واحدة ولـذلك ميكـن حتويـل ، عن مادة غريه ، من هذه االشياء ختتلف مادة كل واحد

،فكيف ميكن ان نـسند اىل تلـك املـادة االساسـية ، خرآمادة شيء اىل شيء ولـو ! تنوع تلك االشـياء وحركاـا املختلفـة ؟ ، اليت جندها يف االشياء جيمعا

وختتلـف ، تنـاقض ظواهرهـا تقـد ، لكان معناه ان احلقيقة الواحدة ، مكن هذا أ بـصورة ، ويف ذلك القضاء احلاسـم علـى مجيـع العلـوم الطبيعيـة . ااحكامه

ان احلقيقـة الواحـدة هلـا أسـاس علـى هذه العلوم قائمـة مجيعـا ألن ،عامة كما درسنا ذلـك بكـل تفـصيل يف اجلـزء ، ونواميس معينة ال ختتلف ، ظواهر

ـ ، فقد قلنا ان جتارب العـامل الطبيعـي . لةأالسابق من هذه املس ىال تقـع اال عل الـذي يتنـاول كـل مـا ، ومع ذلك فهو يشيد قانونه العلمي العام ، موارد معينة

ـ الـيت ع ، وليس ذلك اال ألن املواد . تتفق حقيقته مع موضوع جتربته م عليهـا م ومعـىن . يتمثل فيها نفس الواقـع الـذي درسـه يف جتاربـه اخلاصـة ، القانون

هره وان ختتلـف ان الواقع الواحد املـشترك ال ميكـن ان تتنـاقض ظـوا ، هذا .للعـامل ان يـضع قانونـه العـام أمكـن ملا، شيء من ذلك أمكن واال لو ، ثارهآ

الـذي دلـل عليـه ، ان الواقع املادي املشترك للعـامل ، وعلى هذا االساس نعرف العـامل ملـيء ألن ،ال ميكن ان يكون هو السبب والعلـة الفاعليـة لـه ، العلم

.ةوالتطورات املتنوع، بالظواهر املختلفة قد علمنا علـى ضـوء النتـائج العلميـة ، ومن ناحية اخرى ، هذا من ناحية

يف خمتلـف جمـاالت ، اليت تبـدو ـا املـادة ، ان اخلصائص والصفات ، السابقة .او للواقـع املـادي املـشترك ، خصائص عرضـية للمـادة االصـلية ، وجودها

وخـصائص العناصـر ، صفات عرضية للعناصـر البـسيطة ، فخصائص املركبات هـي ايـضا ، وصـفة املاديـة نفـسها . صفات عرضية للمادة الذريـة ، لبسيطةا

وجتريـد ، بدليل امكان سلب كل واحدة من هـذه الـصفات ، عرضية كما سبق وسـببا ذاتيـا . فال ميكـن ان تكـون املـادة ديناميكيـة ، الواقع املشترك منها

.الكتساب تلك اخلصائص والصفات

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 294: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٩٤

مع التجريبيني..................................................ڤ ،ولئك الـذين يقدسـون التجربـة واحلـس العلمـي أعند ، ولنقف قليال

ـ ، ويعلنون بكل صلف ومل، مـا مل تثبـت بالتجربـة ، ي فكـرة أاننا ال نـؤمن ب وراء، غيبيـة لةألة االهليـة مـس أوما دامت املـس . يربهن عليها عن طريق احلس

وننـصرف اىل مـا ميكـن ، فيجب ان نطرحهـا جانبـا ، حدود احلس والتجربة نقـف عنـدهم .. مـن حقـائق ومعـارف ، الظفر بـه يف امليـدان التجـرييب

ماذا تريدون بالتجربة؟ وماذا تعنـون بـرفض كـل عقيـدة ال برهـان ، هلمألنس عليها من احلس؟

ـ ، فان كان فحوى هذا الكالم مـا مل حيـسوا ، ود شـيء ام اليؤمنون بوج ،ويرفضون كل فكرة ما مل يدركوا واقعهـا املوضـوعي ، بوجوده احساسا مباشرا

وابطلـوا مجيـع احلقـائق ، فقد نسفوا بذلك الكيان العلمي كله ، حد حواسهم أب فـان اثبـات حقيقـة علميـة . املربهن عليها بالتجربة اليت يقدسـوا ، الكربى

.يف امليـدان التجـرييب ، شـر بتلـك احلقيقـة بالتجربة ليس معناه االحساس املبا مل، على ضـوء التجربـة ، ـ مثال ـ حني وضع قانون اجلاذبية العامة ) نيوتن(فـ

وامنـا ، بـشيء مـن حواسـه اخلمـس . يكن قد احس بتلك القـوة اجلاذبيـة مل جيـد هلـا تفـسريا اال بـافتراض ، خرى حمسوسة أاستكشفها عن طريق ظاهرة

بـل ، ى ان الـسيارات ال تـسري يف خـط مـستقيم أد ر فق. وجود القوة اجلاذبة وهذه الظاهرة ال ميكن ان تتم ـ يف نظر نيوتن ـ لو مل تكـن هنـاك ، تدور دورانا يف اجتـاه ، القصور الذايت يقـضي بـسري اجلـسم املتحـرك مبدأ ألن ،قوة جاذبة

فانتـهى مـن ذلـك . خر من قوة خارجيـة آما مل يفرض عليه اسلوب ، مستقيم هـي ، الذي يقـرر ان الـسيارات ختـضع لقـوة مركزيـة ، اجلاذبية اىل قانون .اجلاذبية

نفـس ، الـذين ينـادون بالتجربـة ويقدسـوا ، وان كان يعـين هـؤالء وهـو درس ، سـراره أاالسلوب الذي مت به علميا استكـشاف قـوى الكـون و

،خـر منـها اسـتنتاجا عقليـا آواستنتاج شـيء ، ظاهرة حمسوسة ثابتة بالتجربة لةأسـلوب االسـتدالل علـى املـس افهذا هو . التفسري الوحيد لوجودها باعتبار

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 295: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٩٥

قد اثبتـت ان مجيـع خـصائص ، فان التجارب احلسية والعلمية . االهلية متاما ،وامنـا هـي عرضـية ، ليـست ذاتيـة ، وتطوراـا وتنوعاـا ، املادة االصلية

س ذاتيـا فكما ان دوراا حولـه لـي . كحركة السيارات الشمسية حول املركز القـصور أبل هي تقتضي بطبيعتها االجتاه املـستقيم يف احلركـة طبقـا ملبـد ، هلا

وكمـا ان ذلـك الـدوران ملـا مل . كذلك خصائص العناصر واملركبات .. الذايت كـذلك هـذا ، اتاح لنا ان نربهن على وجود قوة خارجيـة جاذبـة ، يكن ذاتيا

عـن سـبب وراء أيـضا شفيك، التنوع واالختالف يف خصائص املادة املشتركة أي ان ، ونتيجة ذلك هي ان العلـة الفاعليـة للعـامل غـري علتـه املاديـة . املادة

.اليت تشترك فيها االشياء مجيعا، سببه غري املادة اخلام مع الديالكتيك......................................................ڤ

،يف اجلـزء الثـاين مـن هـذه املـسالة ، قد مر بنا احلديث عن الديالكتيك عـدم التنـاقض مبـدأ كالغـاء ، وكشفنا عن االخطاء الرئيسية اليت ارتكز عليها

علـى عجـزه مـن جديـد عـن حـل مـشكلة . ونريد االن ان نربهن . وحنوه عـن ، سـسه أبقطع النظـر عمـا يف ركـائزه و ، وتكوين فهم صحيح له ، العامل .اء وافتاخط

وان حركـة املـادة ، يزعم الديالكتيك ان االشياء تنتج عن حركة يف املـادة وقيـام الـصراع ، باعتبار احتوائها علـى النقـائض ، ناشئة ذاتيا عن املادة نفسها .الداخلي بني تلك النقائص

الـيت ، بتطبيقه علـى احلقـائق العلميـة ، فلنمتحن هذا التفسري الديالكيكي لنرى ماذا تكـون النتيجـة؟ ان العناصـر البـسيطة ، عن العامل سبق ان عرفناها

وكلما كان العنـصر ارقـى ، ولكل عنصر بسيط رقم ذري خاص به ، عدة انواع ارقـى العناصـر واعالهـا ، حىت ينتهي التسلسل اىل اليورانيوم ، كان رقمه اكثر

ان مـادة هـذه العناصـر البـسيطة واحـدة ، وقد اوضح العلم ايـضا . درجة فكيـف وجـدت ، ولذا ميكن تبديلـها الـبعض بـالبعض ، يف اجلميع ومشتركة

انواع العناصر العديدة يف تلك املادة املشتركة؟ واجلـواب علـى اسـس الـتغري

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 296: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٩٦

،يتلخص يف ان املادة قد تطورت من مرحلة اىل مرحلـة ارقـى ، الديالكتيكي وعلـى هـذا الـضوء جيـب ان يكـون عنـصر . حىت بلغت درجة اليورانيوم

باعتبــاره اخــف العناصــر، نقطــة االبتــداء يف هــذا التطــور، يــدروجنياهل ،فاهليدروجني يتطور ديالكتيكيا بـسبب التنـاقض احملتـوي يف داخلـه . البسيطة

وهـذا العنـصر ، أي عنـصر اهلليـوم ، فيصبح بالتطور الديالكتيكي عنصرا ارقى بـني النفـي ، فيـشتعل الـصراع مـن جديـد ، بدوره ينطوي علـى نقيـضه

حـىت تـدخل املـادة يف مرحلـة ، بني الوجه السالب والوجه املوجب ، ثباتواال وهكـذا تتـصاعد املـادة طبقـا للجـدول ، ويوجد العنـصر الثالـث ، جديدة .الذري

تيك ان يقدمـه يف هـذا كالـذي ميكـن للـديال ، هذا هو التفسري الوحيد ان نتـبني عـدم ، ولكـن مـن الـسهل جـدا . تربيرا لديناميكية املـادة ، اال

اهليدروجني لـو كـان مـشتمال ألن ،من ناحية علمية ، امكان االخذ ذا التفسري ومتطورا بـسبب ذلـك طبقـا لقـوانني الـديالكتيك ، بصورة ذاتية على نقيضه

وكيـف اخـتص هـذا ! فلماذا مل تتكامل مجيـع ذرات اهليـدروجني ؟ ، املزعومــبعض دون بعــض؟ ــذايت ب ــذايت ال يعــرف! التكامــل ال فــان التكامــل ال

موجـودة يف صـميم ، فلو كانت العوامل اخلالقة للتطـور والترقـي ، التخصيص وملـا اختـصت مبجموعـة معينـة ، ثار تلك العوامـل آملا اختلفت ، املادة االزلية

فنــواة اهليــدروجني. حتوهلــا اىل هليــوم وتتــرك البــاقي، مــن اهليــدروجنيـ ، بدال من بروتون واحد ، )الربوتون( ن وجـه لنتج عـن ذلـك زوال املـاء ع

لنـتج عـن ذلـك زوال املـاء عـن وجـه ، بدال من بروتون واحد ، بروتونني وحتولـت مجيعـا ، الطبيعة اذا فقدت نـوى ذرات اهليـدروجني ألن ،االرض متاما

.مل يكن من املمكن ان يوجد بعد ذلك ماء، اىل نوى ذرات اهلليوم مقتـصرا علـى ، فما هو السبب الذي جعل تطور اهليـدروجني اىل هليـوم

!واطلق الباقي من اسر هذا التطور اجلربي؟، مية معينةك تيككادىن اىل التوفيق من تفسري الـديال ، وليس التفسري الديالكيت للمركبات

فاملاء اذا كان قد وجـد طبقـا لقـوانني الـديالكتيك فمعـىن . للعناصر البسيطة ليـده بتو، وان هذا االثبات يـثري نفـي نفـسه ، ذلك ان اهليدروجني يعتري اثباتا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 297: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٩٧

او ان ، يف وحـدة هـي املـاء ، مث يتحد النفي واالثبات معـا ، لالوكسجني واملـاء هـو ، واهليـدروجني نفيـا ، فنفرض االوكسجني اثباتـا ، نعكس االعتبار

وحـصلت نتيجـة تكامليـة ، الوحدة اليت انطوت على النفـي واالثبـات معـا نـا ان هـذا فهـل ميكـن للـديالكتيك ان يوضـح ل ، للصراع الديالكيت بينهما

فلمـاذا اخـتص ، لو كان يتم بصورة ذاتيـة وديناميكيـة ، التكامل الديالكتيكي ومل حيصل يف كل هيدروجني واوكسجني؟؟، بكمية معينة من العنصرين

وال نريد ذا ان نقول ان اليد الغيبية هـي الـيت تباشـر كـل عمليـات وامنـا ، حلـساب وان االسباب الطبيعية ال موضـع هلـا مـن ا ، الطبيعة وتنوعاا

ناشئة من عوامل طبيعيـة خـارج احملتـوى ، نعتقد ان تلك التنوعات والتطورات حيـث تـصل يف ايـة التحليـل ، وهـذه العوامـل تتسلـسل ، الذايت للمادة

.ال اىل املادة ذاتيا، وراء الطبيعة مبدأ اىل، الفلسفي لعلـم الـيت بـرهن عليهـا ا ، هي ان وحدة املادة االصلية للعـامل ، والنتيجة

الـيت دل العلـم علـى اـا عرضـية ، وتنوعاا واجتاهاا املختلفـة ، من ناحية وتوضـح ، لة الفلـسفية أتكشف عن السر يف املس ، وليست ذاتية من ناحية اخرى

،ال يكمـن يف املـادة ذاـا ، ان السبب االعلى لكل هذه التنوعات واالجتاهات .بل يف تعمل على تنويع املادة وحتديد اجتاهاا

املادة والفلسفة......................................................ڤ ،مـن املـادة مبفهومهـا العلمـي ، لة االهلية أكنا ننطلق يف برهاننا على املس

نواآل. وعرضـية اخلـصائص باالضـافة اليهـا ، اليت برهن العلم على اشتراكها .على ضوء املفهوم الفلسفي للمادة، ندرس املسالة االهليةنريد ان جل ذلك جيب ان نعرف ما هي املـادة؟ ومـا هـو مفهومهـا العلمـي وأل

والفلسفي؟ فمـادة الـسرير هـي . االصل الذي يتكون منه الـشيء ، نعين مبادة الشيء

مبعـىن ان ، ومـادة الـورق هـي القطـن . ومادة الثوب هي الـصوف ، اخلشب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 298: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٩٨

هي االشياء اليت يتكون منـها الـسرير والثـوب ، شب والصوف والقطن اخل مث نرجـع اىل تلـك املـادة لنحـاول ، وحنن كثريا ما نعني مادة للشيء . والورق

فنـتكلم ، خـذ هـذا االصـل أمث ن ، أي االصل الذي تتكون منـه ، معرفة مادا تكـون مـن ـا ت أفالقرية اذا سئلنا مم تتكون؟ اجبنـا ب . عن مادته واصله ايضا

ويتكـرر الـسؤال ، فالعمارات والدور هي مـادة القريـة . ودور، عدة عمارات ما هي مادا؟ وجياب عـن الـسؤال باـا تتركـب ، عن هذه العمارات والدور

مث نـضع للمـادة ، وهكذا نضع لكل شـيء مـادة . جر واحلديد من اخلشب واآل مـادة وجيـب ان ننتـهي يف هـذا التسلـسل اىل ، بدورها اصال تتكـون منـه

.وهي املادة اليت ال ميكن ان يوضع هلا مادة بدورها، اساسية الـسؤال عـن املـادة ، ومن جراء ذلك انبثق يف اال الفلسفي والعلمـي

.اليت ينتهي اليها حتليل االشـياء يف اصـوهلا وموادهـا ، االساسية واالصلية للعامل العلمـي ، البـشري وهذا السؤال يعترب من اهم االسـئلة الرئيـسية يف الـتفكري

،اعمق ما تكشفه التجربـة مـن مـواد للعـامل ، ويقصد باملادة العلمية . والفلسفي اعمـق مـادة ، ويقصد باملادة الفلسفية . فهي االصل االول يف التحليالت العلمية

.سواء اكان من املمكن ظهورها يف اال التجرييب ام ال، للعامل وعرفنا ان اعمق مادة توصـل اليهـا ، وقد مر بنا التحدث عن املادة العلمية

الـيت هـي تكـاثف خـاص ، باجزائها من النوى والكهـارب ، العلم هي الذرة ومـادة اخلـشب هـي ، مادة الكرسي هي اخلـشب ، ففي العرف العلمي . للطاقة

،والكربـون ، االوكـسجني : وهـي ، العناصـر البـسيطة الـيت يـأتلف منـها ومـادة الـذرة هـي اجزاؤهـا ،ومادة هذه العناصر هي الـذرات . واهليدروجني

او، وهـذه اموعـة الذريـة . اخلاصة من الربوتونات وااللكترونـات وغريمهـا الـيت اثبتـها العلـم ، هي املادة العلمية العميقـة ، املتكاثفة الشحنات الكهربائية .بالوسائل التجريبية

لنعرف ما اذا كانت الذرة يف احلقيقـة هـي ، وهنا جييء دور املادة الفلسفية مـن مـادة وصـورة؟ أيـضا او اا بـدورها مركبـة ، اعمق وابسط مادة للعامل

.وصورة هي هيئتـه اخلاصـة ، فالكرسي كما عرفنا مركب من مادة وهي اخلشب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 299: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٢٩٩

وصورة وهـي ، واهليدروجني، واملاء مركب من مادة وهي ذرات االوكسجني فهـل . ناليت حتصل عند التركيـب الكيمـاوي بـني الغـازي ، خاصية السيالن

الذرات الدقيقة هي املادة العلمية للعامل كذلك ايضا؟ هو ان املادة الفلسفية اعمق مـن املـادة العلميـة ، والراي الفلسفي السائد

ليست هي املـادة االساسـية يف النظـر ، مبعىن ان املادة االوىل يف التجارب العلمية ، املادة االبـسط وتلك، بل هي مركبة من مادة ـ ابسط منها ـ وصورة ، الفلسفي

.وامنا يربهن على وجودها بطريقة فلسفية، ال ميكن اثباا بالتجربة تصحيح االخطاء....................................................ڤ

،)دميقـريطس (ميكن ان نعرف ان النظرية الذرية لــ ، وعلى ضوء ما سبق ــ ن اصــل العــامل عبــارة عــن ذرات اصــلية ال أبــ، ئلــة القاـ

فاجلانـب العلمـي هـو ان . خر فلسفيواآل، احدمها علمي: تتجزأ ـ هلا جانبان وليس اجلـسم كتلـة ، يتخلل بينها الفراغ ، بنية االجسام مركبة من ذرات صغرية

االجـسام وتلك الوحدات الصغرية هـي مـادة ، وان بدا حلواسنا كذلك ، متصلة هـو ان دميقـرايطس زعـم ان تلـك الوحـدات ، جلانـب الفلـسفي وا. مجيعا

اذ ليست هلـا مـادة اعمـق وابـسط ، ليست مركبة من مادة وصورة ، والذرات .أي اعمق وابسط مادة للعامل، فهي املادة الفلسفية، منها

فبـدا هلـم ، على كثري من املفكـرين ، وقد اختلط هذان اجلانبان من النظرية يـربهن علـى ، فه العلم احلديث باالسـاليب التجريبيـة الذي كش ، ان عامل الذرة

يف تفـسري ) دميقـريطس (فلم يعـد مـن املمكـن ختطئـة . صحة النظرية الذرية ه الفالسفة السابقون ـ بعد ان جتلـى للعلـم عـامل الـذرة ألالجسام ـ كما خط

يف، عـن تفكـري دميقـريطس ، وان اختلف التفكري العلمـي احلـديث ، اجلديد .ذرة وتصوير بنيتهاتقدير حجم ال

امنـا تثبـت صـحة ، ولكن الواقع ان التجارب العلمية احلديثة عن الـذرة فهي تدل علـى ان اجلـسم مركـب مـن ، من نظرية دميقريطس ، اجلانب العلمي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 300: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٠٠

وليس متصال كمـا ، ويشتمل على فراغ يتخلل بني تلك الذرات ، وحدات ذرية الـيت ميكـن للتجربـة ، ة من النظريـة وهذه هي الناحية العلمي . يصوره احلس لنا اجلسم مـن ناحيـة ألن ،وليس للفلسفة كلمة يف هذا املوضوع . ان تكشف عنها

علـى فـراغ ، كذلك ميكن ان يكون حمتويا ، كما ميكن ان يكون متصال ، فلسفية .تتخلله اجزاء دقيقة

فـال متـسه الكـشوف العلميـة ، واما اجلانب الفلسفي يف نظرية دميقـريطس بل تبقى مسالة وجود مـادة ابـسط مـن املـادة ، ال تربهن على صحته و، بشيء

،مبعـىن ان الفلـسفة ميكنـها ان تاخـذ اعمـق مـادة ، العلمية يف ذمة الفلسفة فتـربهن ، وهي الذرة وجمموعتـها اخلاصـة ، توصل اليها العلم يف امليدان التجرييب

،ئق العلميـة وال يتناقض ذلك مع احلقـا . على اا مركبة من مادة ابسط وصورة لـيس ممـا ميكـن ان يظهـر يف احلقـل ، الن هذا التحليل والتركيب الفلسفي

.التجرييب ان التجـارب العلميـة تـدلل علـى صـحة ، هؤالء يف زعمهـم أخطأوكما

ـ أكـذلك ، مع اا متصلة جبانبها العلمي فقط ، النظرية بكاملها عـدة مـن أخط فعممـوا ، ي مـن النظريـة الذين رفـضوا اجلانـب الفلـسف ، الفالسفة االقدمني

وادعوا ـ من دون سند علمـي او فلـسفي ـ ان ، الرفض للناحية العلمية ايضا .وانكروا الذرة والفراغ يف حمتواها الداخلي، االجسام متصلة

هـو ان نقبـل اجلانـب العلمـي مـن ، لةأواملوقف الذي جيب ان نقفه يف املس ا مركبـة مـن ذرات دقيقـة وا، الذي يؤكد ان االجسام ليست متصلة ، النظرية

بـصورة ال تـدع ، فان هذا اجلانب قد كشفت عنه الفيزيـاء الذريـة . اىل الغاية القائـل ببـساطة تلـك ، واما اجلانـب الفلـسفي مـن النظريـة . جماال للشك الفلـسفة تـربهن ألن ،فنرفـضه . اليت تكشف عنها الفيزياء الذريـة ، الوحدات

اء ـ مهما كانت دقيقة ـ مركبـة مـن اليت تكشف عنها الفيزي، على ان الوحدة ـا املـادة أل، ونطلق على هـذه املـادة اسـم املـادة الفلـسفية . صورة ومادة

ن ان وقـد حـان لنـا اآل . ال علمية اليت يثبت وجودها بطريقة فلسفية ، االبسط .ندرس هذه الطريقة الفلسفية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 301: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٠١

الفلسفي للمادةاملفهوم ..............................................ڤ جيـب ان منـشي ، ودقيقـة اىل حـد مـا ، لة اليت نتناوهلا فلسفية أملا كانت املس ـ باملـاء والأولـذا فلنبـدأ ـ . ليتمكن القارئ من متابعة السري، بتؤدة وهدوء

ـ ، لنعرف كيف صدقت الفلسفة ، والكرسي ونظائرمها ادةباـا مركبـة مـن م وصورة؟

يكـون ألن وهـو يف نفـس الوقـت قابـل ، ان املاء يتمثل يف مـادة سـائلة صـفة الـسيالن ال ميكـن ان ألن ،ومركز هذه القابلية ليس هو الـسيالن ، غازا

فهو ـ اذن ـ مركـب مـن . احملتواة يف املاء السائل املادةهبل مركز، تكون غازا .ابلـة للغازيـة ايـضا وهـي ق ، ومادة تتـصف بتلـك احلالـة ، حالة السيالن

وهـو يقبـل ان يكـون ، والكرسي يتمثل يف خشب مصنوع على هيئة خاصـة .بـل املـادة ، وليست هيئة الكرسي هي اليت تقبل ان تكـون منـضدة ، منضدة

نومـادة خـشبية تـصلح أل ، فعرفنا من ذلك ان الكرسي مركب من هيئة معينة اذا، جمـال وهكـذا يف كـل . تكـون كرسـيا ألن كما صلحت ، تكون منضدة

فـان ، بنقـيض صـفته اخلاصـة ، لوحظ ان الكائن اخلـاص قابـل لالتـصاف على ان له مادة وهي اليت تقبل لالتـصاف بنقـيض تلـك ، الفلسفة تربهن بذلك

.الصفة اخلاصة فقـد عرفنـا ان العلـم يوضـح ان اجلـسم . لتنا على هذا الضوء أخذ مس أولن

.تـسبح يف فـراغ ، بل هو مركـب مـن وحـدات اساسـية ، ليس شيئا واحدا فهـي ، يف التحليـل العلمـي ، وهذه الوحدات باعتبارهـا الوحـدات االخـرية

واال مل تكـن الوحـدات النهائيـة ، بدورها ليست مركبة من ذرات اصغر منـها يف تعـيني ، فالفلـسفة تعطـي للعلـم حريتـه الكاملـة ، وهذا صحيح . للمادة

وحينمـا يعـني . لى اجـزاء اليت ال يتخللها فراغ وال حتتوي ع ، الوحدات النهائية فتربهن على اا مركبـة مـن صـورة ، جييء دور الفلسفة ، العلم تلك الوحدات

الـا لـو مل تكـن ، فنحن ال نتصور وحدة مادية من دون اتـصال . ومادة ابسط .كاجلـسم ، لكانت حمتوية علـى فـراغ تتخللـه اجـزاء ، متصلة اتصاال حقيقيا

،تكون وحـدة حقيقيقـة بـال اتـصال فال ، فمعىن الوحدة هي ان تكون متصلة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 302: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٠٢

ومـن الواضـح ان مـا . ولكنها يف نفس الوقت قابلة للتجزئة واالنفصال ايضا ،ليس هو نفس االتـصالية املقومـة للوحـدة املاديـة ، يقبل التجزئة واالنفصال

ن االتصال ال ميكن ان يتصف باالنفصال كما ان السيولة مل يكن مـن املمكـن أل وهـي الـيت تقبـل ، فيجب ان تكون للوحدة مادة بـسيطة . ةان تتصف بالغازي

.وصـورة ، ويؤدي ذلك اىل اعتبارهـا مركبـة مـن مـادة . التجزئة واالنفصال كمـا اـا هـي القابلـة ، اهلادم للوحدة ، فاملادة هي القابلة للتجزئة واالنفصال

.اليت ال ميكن ان نتصور وحدة مادية من دوا هـي ان الفلـسفة كيـف ميكنـها ، هذه املرحلة لة اليت تواجهنا يف أولكن املس

ان الوحدات االساسية يف املادة قابلة للتجزئة واالنفـصال؟ وهـل يوجـد ، معرفة سبيل اىل ذلـك اال بالتجربـة العلميـة؟ والتجربـة العلميـة مل تثبـت قابليـة

.للتجزئة واالنقسام، الوحدات االساسية يف املادة خللـط بـني املـادة العلميـة واملـادة على ضرورة عـدم ا ، ومرة اخرى نؤكد

بـاالجهزة ، وذلك ان الفلسفة ال تدعي ان جتزئة الوحدة امـر ميـسور . الفلسفية فـان هـذه الـدعوى مـن حـق العلـم ، والوسائل العلمية اليت ميلكها االنسان

وان مل ، وامنا تربهن على ان كل وحدة فهي قابلـة لالنقـسام والتجرئـة ، وحده وال ميكن ان يتـصور وحـدة مـن ، خارجا بالوسائل العلمية ميكن حتقيق االنقسام .أي ال ميكن ان يتصور جزء ال يتجزأ، دون قابلية االنقسام

اجلزء والفيزياء والكيمياء...........................................ڤ وامنـا هـي فلـسفية ، يـة لة علم ألة اجلزء الذي ال يتجزأ ليـست مـس أفمس وبذلك نعرف ان الطرق او احلقائق العلمية اليت اختـذت لالجابـة عـن . خالصة

..او علـى نفيـه ، والتدليل على وجود اجلـزء الـذي ال يتجـزا ، لةأهذه املس :ونشري اىل شيء منها. ليست صحيحة مطلقا

اليــضاح ان، يف الكيميــاء) والــنت(الــذي وضــعه ، أ ـ قــانون النــسب جيري طبقا لنسب معينـة وركـزه علـى اسـاس ، اد الكيمياوي بني العناصر االحت

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 303: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٠٣

.ال تقبل التجزئة، لف من دقائق صغريةأان املادة تت امنـا يعمـل يف جمالـه اخلـاص كقـانون ، ومن الواضـح ان هـذا القـانون

هـو ، قـصارى مـا يوضـحه ألن ،وال ميكن ان حتل به مشكلة فلسفية ، كيميائي ال ميكن ان تـتم اال بـني مقـادير معينـة ، والتركيبيات الكيمياوية ان التفاعالت

واذا مل حتـصل املقـادير والنـسب . يف ظروف وشـروط خاصـة ، من العناصر ولكنه ال يوضح ما اذا كانـت تلـك املقـادير . فال يوجد تفاعل وتركيب ، املعينة

ـ أقابلة لالنقسام حبـد ذاـا ةوال؟ فيجـب علينـا اذن ان نفـرق بـني الناحي يثبـت ، فهو من الناحيـة الكيميائيـة . والناحية الفلسفية ، الكيميائية من القانون

وال ميكـن ان تتحقـق يف ، ان خاصية التفاعل الكيمياوي توجد يف مقادير معينـة فـال يثبـت ان تلـك املقـادير ، واما من الناحية الفلسفية ، اقل من تلك املقادير

ك باجلانب الكيميـائي مـن القـانون وال صلة لذل ، والأهل هي اجزاء ال تتجزا .مطلقا

الـيت حـصل فيهـا اكتـشاف ، ب ـ املرحلة االوىل مـن الفيزيـاء الذريـة ان الفيزياء يف هـذه املرحلـة قـد وضـعت حـدا ، فقد بدا آنذاك لبعض ، الذرة

ا كـشفت عـن هـذا اجلـزء أل، ألة اجلزء الذي ال يتجز أفاصال للرتاع يف مس ن الواضح ـ علـى ضـوء مـا سـبق ـ ان هـذا ولكن م. باالساليب العلمية

وصـول التحليـل ألن ،االكتشاف ال يثبت اجلزء الذي ال يتجزا مبعناه الفلـسفي ال يعين اـا غـري قابلـة للتجزئـة حبـد ، العلمي اىل ذرة ال يستطيع ان جيزئها

.ذاا اليت اعتـربت ـ علـى العكـس مـن ، ج ـ املرحلة الثانية من الفيزياء الذرية

العلـم اسـتطاع ألن لة االوىل ـ دليال قاطعا على نفي اجلزء الذي ال يتجزا املرح وتبخـرت بـذلك فكـرة اجلـزء ، ان جيزئ الـذرة ويفجرهـا ، يف هذه املرحلة .الذي ال يتجزأ

لة اجلـزء أيف عـدم صـلتها مبـس ، وليست هذه املرحلة اال كاملرحلة الـسابقة ـ حتنقـسام الـذرة او ذلـك ان ا . من ناحيتـها الفلـسفية ، الذي ال يتجزأ ميط

امنا يغري فكرتنا عن اجلزء وال يقضي بصورة ائيـة علـى نظريـة اجلـزء ، نواا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 304: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٠٤

فالـذرة الـيت ال تنفـسم مبعناهـا الـذي كـان ال يتـصوره . الذي ال يتجزأ علـى اساسـه قـانون النـسب يف ) والنت(او مبعناها الذي وضع ، )دميقريطس(

ـ .. الكيمياء ولكـن هـذا ال يعـين ان املـشكلة قـد ، ذرةقد تالشى بتفجري ال ،وهـي الـشحنات الكهربائيـة ، فان الوحدات االساسية يف عامل املـادة ، انتهت تواجـه ، ام علـى شـكل امـواج ، جرام مادية أكانت على شكل ذرات و أسواء

.السؤال الفلسفي عما اذا كانت قابلة للتجزئة اوال اجلزء والفلسفة.......................................................ڤ

ل بطريقــةحتــان مــشكلة اجلــزء جيــب ان ، وهكــذا اتــضح يف دراســتنا .فلسفية

على ان كـل وحـدة تقبـل االنقـسام ، وللفلسفة طرق كثرية للربهنة فلسفيا وضـح تلـك الطـرق ان نرسـم دائـرتني أومـن . أوال يوجد جزء ال يتجـز

ونقطة الوسط يف الرحى هـي مركـز كلتـا ، احدامها يف داخل االخرى : الرحىك ونقطـة ، ونضع نقطة على موضع معني مـن حمـيط الـدائرة الكـبرية ، الدائرتني

ــصغرية ــدائرة ال ــيط ال ــى حم ــا عل ــة هل ــا . موازي ــح انن ــن الواض ومــل ــدائرتني فلنحــرك الرحــى وجنع ــا ال ــا الرحــى حتركــت كلت اذا حركن

تتحـــرك، اها علـــى الـــدائرة الكـــبريةالنقطـــة الـــيت وضـــعن ولكن ال نـسمح هلـا باحلركـة اال مبقـدار احـدى الوحـدات ، طبقا حلركتها

،يف الـدائرة الـصغرية ، مث نالحظ يف تلك اللحظة النقطـة املوازيـة هلـا ، املادية الذي طوته النقطة املقابلـة هلـا مـن ، لنتساءل هل طوت من املسافة نفس املقدار

او مل تطو اال بعضه؟ امـا اـا طـوت نفـس ، هو وحدة كاملة الدائرة الكبرية و الننـا ، وهـذا مـستحيل ، فهو يعين ان النقطتني سارتا مـسافة واحـدة ، املقدار

تكـون حركتـها ، نعلم ان النقطة مهما كانت ابعد عن املركز الرئيسي للـدائرة لـك ولذا تطوي يف كل دورة مسافة اطول مما تطويه النقطـة القريبـة يف ت ، اسرع وامـا ان . فال ميكن ان تتساوى النقطتان فيمـا طومـا مـن املـسافة ، الدورة

فهـذا يعـين ، اليت طوا النقطـة البعيـدة ، النقطة القريبة طوت جزءا من املسافة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 305: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٠٥

وليـست ، ميكـن جتزئتـها وتقـسيمها ، ان الوحدة اليت اجتازا النقطة البعيدة لفكـرة القائلـة بالوحـدة الـيت ال وهكذا يتضح ان اصحاب ا . وحدة ال تتجزا

ـم ال ميكنـهم ان يعتـربوا النقطـة البعيـدة أل، يواجهون موقفا حرجا . أتتجز ومل يبـق هلـم اال ان . وال خمتلفـتني ، يف مقـدار احلركـة ، والقريبة متـساويتني

،يزعموا لنا ان النقطة املوازية يف الدائرة الـصغرية كانـت سـاكنة ومل تتحـرك لو كانـت سـاكنة يف اللحظـة الـيت ، دائرة القريبة من املركز وكلنا نعلم ان ال

لترتـب علـى ذلـك تفكـك اجـزاء الرحـى ، حتركت فيها الدائرة الكـبرية .وتصدعها

فهـي قابلـة ، وهذا الربهـان يوضـح لنـا ان أي وحـدة ماديـة نفترضـها ـ ، للتجزئة تكـون ، ز يف حركتـها الا حينما تطويها النقطة البعيـدة عـن املرك . القريبة قد قطعت جزءا منهاالنقطة

فهـي مؤتلفـة ـ اذن ـ ، واذا كانت الوحدة املادية قابلة للتجزئة واالنفـصال وهكـذا . واتصالية مقومـة لوحـدا ، تركز فيها قابلية التجزئة ، من مادة بسيطة

.يتضح ان وحدات العامل املادي مركبة من مادة وصورة النتيجة الفلسفية من ذلك...........................................ڤ

القاضـي بائتالفهـا مـن مـادة ، الفلـسفي للمـادة املفهـوم حني يتبلـور و االول أال ميكـن ان تكـون هـي املبـد ، نعـرف ان املـادة العلميـة ، وصورة

كـن لكـل وال مي . ا بنفسها تنطوي على تركيب بني املـادة والـصورة أل، للعامل فيجـب ان يوجـد فاعـل ، خـر عـن اآل ان يوجد مستقال ، من الصورة واملادة

.تلك اليت حتقق للوحدات املادية وجودها، اسبق لعملية التركيب ، االول هـو احللقـة االوىل مـن سلـسلة الوجـود أان املبـد ، وبكلمة اخرى

بق يف كما عرفنـا يف اجلـزء الـسا ، حتما بالواجب بالذات أوتسلسل الوجود يبد وباعتبـاره كـذلك جيـب ان ، االول هو الواجـب بالـذات أفاملبد. هذه املسالة

والوحـدات االساسـية يف املـادة . خـر آيكون غنيا يف كيانه ووجوده عن شيء كياا مؤتلـف مـن مـادة ألن ،عن فاعل خارجي ، ليست غنية يف كياا املادي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 306: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٠٦

خـر ة والـصورة حباجـة اىل اآل وكل من املـاد ، فهي حباجة اليهما معا ، وصورة خـارج عـن حـدود ، االول أفينتج من ذلك كله ان نعرف ان املبد ، يف وجوده

وان املادة الفلسفية للعامل ـ القابلة لالتـصال واالنفـصال ـ حباجـة اىل ، املادة .حيدد وجودها االتصايل او االنفصايل، سبب خارجي

املادة واحلركة وهذه حقيقة متفـق عليهـا بيننـا مجيعـا ، ائماملادة يف حركة مستمرة وتطور د .وهذه حقيقة اخـرى مـسلمة بـال جـدال . واحلركة حتتاج اىل سبب حمرك هلا

هـل ميكـن ان ، هي ان املـادة املتحركـة ، لة االساسية يف فلسفة احلركة أواملس تكون هي علة للحركة وسببا هلـا؟ ويف صـيغة اخـرى ان املتحـرك موضـوع

مـن ، فهل ميكـن ان يكـون الـشيء الواحـد ، ركةواحملرك سبب احل ، احلركة موضوعا للحركة وسببا هلا يف وقت واحد؟، الناحية الواحدة

مؤكـدة ان مـن الـضروري تعـدد ، والفلسفة امليتافيزيقية جتيب على ذلـك وال، احلركة تطـور وتكامـل تـدرجيي للـشيء النـاقص ألن ،املتحرك واحملرك

،ل وجـوده تـدرجييا بـصورة ذاتيـة ويكم، ميكن للشيء الناقص ان يطور نفسه وعلى هذا االسـاس وضـعت يف املفهـوم . الناقص ال يكون سببا يف الكمال فان

ويف ضـوء هـذه القاعـدة ، الفلسفي للحركة قاعدة ثنائية بني احملرك واملتحـرك ،ان سبب احلركة التطورية للمـادة يف صـميمها وجوهرهـا ، نستطيع ان نعرف ـ بل، ليس هو املادة ذاا ويفـيض ، ميـدها بـالتطور الـدائم ، وراء املـادة دأ مب

.عليها احلركة الصاعدة والتكامل املتدرج فاـا ال تعتـرف بالثنائيـة بـني ، وعلى العكس من ذلك املادية الديالكتيكيـة

.بل تعترب املادة نفسها سببا حلركتها وتطورها، املادة املتحركة وسبب احلركة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 307: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٠٧

:فللحركة ـ اذن ـ تفسريان......................................ڤ فاملـادة ، الذي يعترب املـادة نفـسها سـببا للحركـة ، ما التفسري الديالكتيكي أ

وقد فـرض هـذا علـى الـديالكتيك . فيه هي الرصيد االعمق للتطور املتكامل الـيت حتققهـا احلركـة ، طوار والكماالت بان املادة منطوية ذاتيا على اال ، القول

هـو تربيـر ، والسر يف اضطرار الديالكتيك اىل هـذا القـول . يف سريها املتجدد ال بـد ان يكـون حمتويـا ، سبب احلركة ورصـيدها ألن التفسري املادي للحركة

وحيـث ان املـادة ، من اطوار وتكـامالت ، ذاتيا على ما يكون احلركة وميدها به والـدافع ـا يف جمـال ، هـي الـسبب املمـون حلركتـها ، عند الـديالكتيك

كان لزاما على الديالكتيك ان يعتـرف للمـادة خبـصائص االسـباب .. التطور ويعتربها حمتوية ذاتيا على مجيع النقائض اليت تتدرج احلركـة يف حتقيقهـا . والعلل

وهكـذا اعتـرف . للحركـة ساسـيا ألتصلح ان تكون منبثقا للتكامل وممونـا وزعـم ، فنبذ مبـدأ عـدم التنـاقض ، تناقض كنتيجة حتمية لتسلسله الفلسفي بال

وان املـادة ـذه الثـورة ، ان املتناقضات جمتمعة دائما يف حمتوى املادة الـداخلي .احملتواة تكون سببا للحركة والتكامل

الـيت ، مـستفهما عـن تلـك املتناقـضات أفيبد، واما التفسري االهلي للحركة فهـل هـي موجـودة يف املـادة مجيعـا ، احتواء املادة عليهـا يزعم الديالكتيك

نأل، او اــا موجــودة بــالقوة؟ مث يــستبعد اجلــواب االول ائيــا، بالفعــل ولـو ، عدم التناقض ـ ان جتتمـع بالفعـل مبدأ املتناقضات ال ميكن هلا ـ حبكم

،ويبقـى بعـد ذلـك اجلـواب الثـاين . اجتمعت بالفعل جلمدت املادة وسكنت ن املـادة فيهـا أومعىن وجودهـا بـالقوة ، ن تلك النقائض موجودة بالقوة وهو ا

وهـذا . وامكانية للتكامل الـصاعد باحلركـة ، استعداد لتقبل التطورات املتدرجة سـوى القابليـة ، يعين اـا فارغـة يف حمتواهـا الـداخلي عـن كـل شـيء

،لفعليـة واحلركة يف هذا الضوء خروج تـدرجيي مـن القابليـة اىل ا . واالستعداد الـا خاليـة مـن ، وليست املادة هي العلة الدافعة هلـا ، يف جمال التطور املستمر

وال حتمـل اال امكاـا ، اليت حتققها اشواط التطـور واحلركـة ، درجات التكامل ،فال بد ـ اذن ـ من التفتيش عن سبب احلركة اجلوهريـة للمـادة . واستعدادها

ـ ، ومموا االساسيي خارج حـدودها د ان يكـون هـذا الـسبب هـو اهللا وال ب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 308: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٠٨

.احلاوي ذاتيا على مجيع مراتب الكمال، تعاىل املادة والوجدان

،وهـي زاخـرة بـدالئل القـصد والغايـة والتـدبري ، ان موقفنا من الطبيعـة فـان ، جهـزة دقيقـة مكـترتة يف االرض أ، كموقف عامل يكتشف يف حفرياتـه

ركبت تلـك االجهـزة بكـل ، انةهذا العامل سوف ال يشك يف ان هناك يدا فن وكلمـا عـرف العامـل حقـائق ، غـراض معينـة منـها حتقيقا أل ، دقة وعناية

ازداد، وآيات الفـن واالبـداع فيهـا ، عن دقة الصنع يف تلك االجهزة ، جديدة يـضا أ تلك االجهزة وتقديرا لنبوغه وعقله فكذلك نقـف أنشأاكبارا للفنان الذي

مـن الطبيعـة ، طبيعـة االنـسان ووجدانـه الذي توحي بـه ، نفس هذا املوقف ياـا عظمـة املبـدع احلكـيم الـذي آسـرارها و أمستوحني من ، بصورة عامة

.وجالل العقل الذي انبثقت عنه، ابدعهاــة اذن ــورة فن، فالطبيع ــص ــةي ــي االدوات، ة رائع ــة ه ــوم الطبييعي والعل

ر عـن وترفـع الـستا ، لوان االبداع يف هذه الصورة أ تكشف عن اليت، البشرية بالدليل تلو الـدليل علـى وجـود ، اسرارها الفنية ومتون الوجدان البشري العام

وهـي كلمـا ظفـرت يف شـىت ميادينـها . اخلالق املدبر احلكيم وعظمته وكماله واحتفـت ، مـدت امليتافيزيقيـة بقـوة جديـدة أ، او كشفت عـن سـر . بنصر

بـدعت تلـك أالـيت ، على العظمـة اخلالقـة املبدعـة ، االنسانية بدليل جديد .مبـا يـدعو اىل الدهـشة واالعجـاب والتقـديس ، الصورة اخلالدة ونظمتـها

لةأجمـاال للريـب يف مـس ، وهكذا ال تدع احلقائق اليت اعلنها العلـم احلـديث العقـل يقينـا متـأل ، فـاذا كانـت الـرباهني الفلـسفية . االله القادر احلكيم

ـ متـأل ، فان املكتشفات العلمية احلديثة ، واعتقادا ميانـا بالعنايـة إنفس ثقـة و ال .والتفسري الغييب لالصول االوىل للوجود، االهلية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 309: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٠٩

املادة والفيزيولوجيا................................................ڤ فيهـا عظمـة أواقـر ، يف حقائقهـا املدهـشة ، خذ اليك فيزيولوجيا االنـسان

فهـذا . وتوضـحه مـن اسـرار ، يف كل ما تشرحه من تفاصـيل ، اخلالق ودقته مبا يتفنن بـه مـن اسـاليب حتليـل ، عظم معمل كيميائي يف العامل أ، جهاز اهلضم

وتوزيع املواد الغذائية الـصاحلة توزيعـا ، املختلفة حتليال كيميائيا مدهشا ، االغذية اذ تتلقـى ، نـها جـسم االنـسان تلف م أاليت ي ، على باليني اخلاليا احلية ، عادال

،ظـافر أو، واسـنان ، وشـعر ، فيتحـول اىل عظـام ، كل خلية مقدار حاجتـها يف نظـام مل تعـرف ، طبق خطة مرسومة للوظائف املفروضـة عليهـا ، واعصاب .روعأدق منه وأاالنسانية

متـأل ، الـيت تنطـوي علـى سـر احليـاة ، ونظرة واحدة اىل تلك اخلاليا احلية .حـني تتكيـف مبقتـضيات موضـعها وظروفهـا ، ابا باخللية النفس دهشة واعج

الذي تتوفر على اجياده مـع سـائر اخلاليـا ، لية تعرف هندسة العضو خن كل أفك .وكيـف جيـب ان يكـون ، وتـدرك وظيفتـه ، املشتركة معها يف ذلك العضو

ال يقـل عـن كـل . الـصغري املتواضـع يف حجمـه ، وجهاز احلس البـصري فقـد ركـب . والعقـل اخلـالق ، على االرادة الواعية لةودال، ذلك روعة واتقانا فالـشبكية . مل يكن يتم االبصار بدون شـيء مـن اجزائـه ، تركيبا دقيقا كامال

مـع اـا ، تتكون من تـسع طبقـات منفـصلة ، اليت تعكس العدسة عليها النور والطبقة االخرية منـها تتكـون مـن ثالثـني ، ال تزيد يف مسكها على ورقة رقيقة

وقـد نظمـت هـذه االعـواد ، وثالثة ماليني من املخروطات ، ا من االعواد مليون ،غـري ان االشـعة الـضوئية ترتـسم عليهـا ، تنظيما حمكما رائعا ، واملخروطات

ان يـزود جهـاز االبـصار ـ وراء ، ولذا شاءت العناية اخلالقة، بصورة معكوسة وعنـدها حتـدث بعـض ، تلك الشبكة ـ مباليني مـن خريطـات االعـصاب

.خـريا ادراك الـصورة بوضـعها الـصحيح أوحيـصل ، لتغريات الكيميائيـة ا الذي يـضمن عمليـة االبـصار علـى افـضل ، فهل يكون هذا التصميم اجلبار

مع ان جمرد كـشفه حيتـاج اىل جهـود ، وجه من فعل املادة على غري هدى وقصد !فكرية جبارة؟

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 310: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣١٠

املادة والبيولوجيا................................................ڤ فانـك سـوف جتـد سـرا . وعلـم احليـاة ، بعد ذلك البيولوجيا وخذ اليك

الوجـدان الـذي ميـأل ، سر احليـاة الغـامض ، سرار االهلية الكربى خر من األ آ فقـد اـارت يف ضـوء علـم . ورسوخا فيـه ، البشري اطمئنانا باملفهوم االهلي

ويعتقـد ـا ، د الذهنيـة املاديـة اليت كانت تـسو ، نظرية التولد الذايت ، احلياة ،مثلـة عديـدة أويسوقون لالستـشهاد عليهـا ، السطحيون والعوام بصورة عامة

حتـت عوامـل ، ا تولـدت ذاتيـا أمن احلشرات اليت تبدو ـ يف زعمهم ـ وك كالديـدان الـيت تتكـون يف ، دون ان تتسلل من احيـاء اخـرى ، طبيعية معينة

وحنـو ، ا عرضت للـهواء مـدة مـن الزمـان او يف قطعة من اللحم اذ ، االمعاء ولكـن . اليت كانـت تـوحي ـا سـذاجة الـتفكري املـادي ، ذلك من االمثلة

وان، برهنت علـى بطـالن نظريـة التولـد الـذايت ، التجارب العلمية القاطعة الـيت كانـت تـشتمل عليهـا ، الديدان مل تكن لتتولد اال بسبب جراثيم احليـاة

...قطعة اللحم حـني ، لتركيـز نظريـة التولـد الـذايت ، املادية محلتها من جديد وقد استأنفت

فاكتـشف بـه عاملـا ، )انطون فـان لوينـهوك (على يد ، صنع اول جمهر مركب ان يـربهن علـى ان ،واسـتطاع هـذا اهـر ، جديدا من العضويات الصغرية

وامنـا تتولـد هـذه اجلـراثيم بعـد ، ال توجد فيها جراثيم ، قطرة املاء من املطر يف ميـدان ، فرفع املاديون اصوام وهللـوا للنـصر اجلديـد . وهلا اىل االرض نز

وتركيز نظرية التوالد الذايت ، احليوانات امليكروبية بعد ان عجزوا عن اقصاء النطفة ولكن على مـستوى ، وهكذا تراجعوا اىل امليدان . يف احليوانات املرئية بالعني اردة

اىل القرن التاسـع ، احلياة بني املاديني وغريهم واستمر اجلدال حول تكوين ، اخفض واثبـت بتجاربـه ، حـدا لـذلك الـصراع ) لويس باستور (حيث وضع ، عشر

،اليت تعيش يف املاء كائنات عـضوية مـستقلة ، ان اجلراثيم وامليكروبات ، العلمية .ترد اىل املاء من اخلارج مث تتوالد فيه

فتركـوا ، مـن االمـل املوهـوم حاول املاديون ان يتعلقوا خبـيط ، ومرة اخرى حيـث حـاول بعـضهم ، هو ميـدان الـتخمري ، ميادين فشلهم اىل ميدان جديد

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 311: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣١١

أالـيت ينـش ، على الكائنات العـضوية اهريـة ، ان يطبق نظرية التوالد الذايت كاحملـاوالت ، ولكن سرعان ما باءت هـذه احملاولـة بالفـشل . بسببها االختمار

ظهـر ان الـتخمري ال حيـصل أحـني ، يـضا أ) استورب(وذلك على يد ، السابقة وامنـا يوجـد بـسبب ، وقطعت عالقتـها باخلـارج ، يف املادة لو حفظت مبفردها

.وتوالدها فيها، انتقال كائنات عضوية معينة اليها على شىت اقـسام احليـوان ـ وحـىت احليوانـات ، وهكذا ثبت يف اية املطاف

من املمكن رؤيتـها بـاهر العـادي ـ ان اليت اكتشفت حديثا ومل يكن، الدقيقة وان النطفة ال التولد الـذايت هـي القـانون العـام ، اال من احلياة أاحلياة ال تنش

.السائد يف دنيا االحياء نظريـة ألن ،موقفـا حرجـا ، ويقف املاديون عنـد هـذه النتيجـة احلامسـة

يف ضـوء البحـوث ، اذا كانـت قـد سـقطت مـن احلـساب ، التوالد الذايت وهـل يبقـى ! فكيف ميكنهم ان يعللوا نشوء احلياة على وجـه االرض ؟ ، العلمية

وغـض ، للوجدان البشري مستساغ ـ بعد ذلك ـ الغماض عينيـه يف النـور او، الـيت اودعـت سـر احليـاة يف اخلليـة ، بصره عن احلقيقة االهلية الناصـعة

الـذايت اىل واال فلماذا كفـت الطبيعـة عـن عمليـة التوالـد ! اخلاليا االوىل؟ لوكـان ، بالتوالـد الـذايت ، ان التفسري املادي خلليـة احليـاة االوىل مبعىن ، االبد

فكيف ميكن للمادية ان تعلل عدم حدوث التوالد الـذايت مـرة اخـرى ، صحيحا والواقـع انـه سـؤال حمـري ! على مر الزمن منذ االمـاد البعيـدة؟ ، يف الطبيعة

اذا: قـائال ) اوبـارين (عـامل الـسوفيايت ومن الطريف ان جييب عليـه ال ، للمادية ال يـزال ممكنـا يف ، الطويـل االمـد ، كان يبعث احلياة عن طريق التفاعل املادي

كواكب اخرى غري كوكبنا ـ يعين االرض ـ ففي هـذا الكوكـب مل يعـد لـه وهـو ، ما دام هذا البعث اصبح حيـدث عـن طريـق اسـرع واقـرب ، مكان

التفاعل اجلديـد حـل حمـل التفاعـل ألن لكذ، طريق التوالد البشري الزواجي .)١(وجعله غري ذي لزوم ، البدائي البيولوجي والكيمي

وهـو جـواب غريـب حقـا ، علـى املـشكلة ) اوبارين(هذا هو كل جواب

.١٠ قصة االنسان صـ 1

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 312: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣١٢

بـسبب اـا ، فانظر اليه كيف جيعل استغناء الطبيعة عن عملية التولـد الـذايت اىل انتـاج ، االسـرع واالقـرب بعـد ان وجـدت الطريـق ، عملية ال لزوم هلا

ـ ، تترك عملية شـاقة ، نه يتكلم عن قوة عاقلة واعية أك، احلياة هلـا أبعـد ان ي فمـىت كانـت الطبيعـة تتـرك نواميـسها . يسرأالوصول اىل اهلدف من طريق

طبقـا ، واذا كان التولد الذايت قـد جـرى اول االمـر ! جل ذلك؟ أل، وقوانينهايتولد املاء من التركيـب الكيميـائي اخلـاص، بـني لقوانني ونواميس معينة، كما

فمن الـضروري ان يتكـرر طبقـا لتلـك القـوانني ، االوكسجني واهليدروجني ،كما يتكرر وجود املاء مىت وجـدت العوامـل الكيميائيـة اخلاصـة ، والنواميس

اال الـضرورة ، اذ ليس اللـزوم يف عـرف الطبيعـة . سواء كان للماء لزوم ام ال ـ ، قوانينـها ونواميـسها املنبثقة عـن ي سـبب اختلفـت تلـك القـوانني أفب !والنواميس ؟ ادة وعلم الوارثةامل................................................ڤ

خـذ مبجـامع الفكـر البـشري أالـذي ، ولندع ذلـك اىل علـم الوراثـة فكـم نـدهش اذا عرفنـا ان املـرياث . ويطأطئ له االنسان اعظامـا واكبـارا

الـيت تـسمى ، تضمه كله املادة النووية احلية خلاليـا التناسـل ، وي للفرد العض اىل اجـزاء جمهريـة بالغـة ، وان مرد مجيـع الـصفات الوراثيـة ، )اجلر مبالزم (

وقـد اوضـح . اليت حتتويها تلك املادة احلية يف دقة وانتظـام ، الدقة وهي اجلينات ـ ، العلم ان هذه املادة مل تـشتق مـن خاليـا جـسمية )جـرمبالزم (ن بـل م

الـذي اقـام ، وهكذا ويف ضوء ذلك اار الوهم الـدارويين ، فاالجداد، الوالدينـ ، داروين على اساسه نظرية التطور واالرتقاء ،ن الـتغريات والـصفات أالقائلة ب

بنيتجة اخلربة واملمارسـة او بالتفاعـل مـع ، ثناء احلياة أاليت حيصل عليها احليوان اذ ثبـت علـى . ميكن ان تنتقل بالوراثـة اىل ذريتـه ، او نوع من الغذاء ، احمليط

ان الـصفات املكتـسبة ، واخلاليـا التناسـلية ، اساس التمييز بني اخلاليا اجلسمية اىل ان ينفـضوا ، وهكذا اضطر املناصرون لنظرية التطـور واالرتقـاء . ال تورث

ويـضعوا فرضـية ، يدهم من مجيع االسـس والتفـصيالت الداروينيـة تقريبـا وهـي فرضـية نـشوء االنـواع بواسـطة ، ة يف ميدان التطور العـضوي جديد

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 313: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣١٣

اال مالحظـة ، وال ميلك العلماء اليوم رصيدا علميـا هلـذه النظريـة . الطفرات الـيت دعـت اىل افتـراض ، يف عدة مـن احلـاالت ، بعض مظاهر التغري الفجائي

فـرات بـالرغم مـن ان الط ، عن طفرات من هذا القبيـل أان تنوع احليوان نش ،مل تبلغ اىل حـد تكـوين الـتغريات االساسـية املنوعـة ، املشاهدة يف احليوانات

.وان بعض التغريات الدفعية مل تورث وامنـا نـستهدف التلمـيح اىل ، ولسنا بصدد مناقشة نظرية من هـذا القبيـل

اليت تواجـه ـا مجيـع ، والقوة املدهشة يف اجلينات الدقيقة ، نظام الوراثة الدقيق فهـل ميكـن يف الوجـدان . وتنشئ للحيوان شخـصيته وصـفاته ، اجلسم خاليا

!البشري ان حيدث كل ذلك صدفة واتفاقا؟ املادة وعلم النفس...................................................ڤ

مـن لنطـل علـى ميـدان جديـد ، خريا فلنقف حلظة عند علـم الـنفس أو قـضية ، ولنالحظ من قـضايا الـنفس بـصورة خاصـة ، ميادين االبداع االهلي

يـات آفاـا مـن ، الغرائز اليت تنري للحيوانات طريقها وتـسددها يف خطواـا ،صـنع مـدبر حكـيم ، على ان تزويد احليوان بتلك الغرائـز ، الوجدان البينات

ـ . وليس صدفة عابرة ،سدسة االشـكال واال فمن علم النحـل بنـاء اخلاليـا امل وعلم النمـل املدهـشات يف اقامـة ، وعلم كلب البحر بناء السدود على االار

بل من علم ثعبان البحـر ان ال يـضع بيـضه اال يف بقعـة مـن قـاع ، مساكنه سطح البحر مبـا ال يقـل عـن وتبعد عن ، %٣٥تقرب نسبة امللح فيها ، البحر

لـى رمـي بيـضه حيـث ال ففي هذه البقعة حيرص الثعبـان ع ، قدما) ١٢٠٠( .ينضج اال مع توافر هذين الشرطني

وزوده بـاحلرارة ، ومن الطريف ما حيكى من ان عاملـا صـنع جهـازا خاصـا وببخار املاء وسائر الـشروط الـيت تتـوفر يف عمليـة طبيعيـة لتوليـد ، املناسبة

فلـم حيـصل ، ووضع فيه بيضا ليحصل منه علـى دجـاج ، كتاكيت من البيض لـشرائط التوليـد الطبيعـي فعرف من ذلك ان دراسـته ، ملطلوبةعلى النتيجة ا ،حـال احتـضاا البـيض ، فاجرى جتارب اخرى على الدجاجـة ، ليست كاملة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 314: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣١٤

اكتشف ان الدجاجـة تقـوم يف سـاعات ، وبعد دقة فائقة يف املالحظة والفحص فـاجرى ، مـن جانـب اىل جانـب ، بتبديل وضـع البيـضة وتقليبـها ، معينة

مع اجـراء تلـك العمليـة الـيت تعلمهـا ، يف جهازه اخلاص مرة اخرى التجربة .فنجحت جناحا باهرا، من الدجاجة

من علم الدجاجة هـذا الـسر الـذي خفـي علـى ذلـك ، فقل يل بوجدانك !هلمها هذه العملية احلكيمة الـيت ال يـتم التوليـد اال ـا؟ أالعامل الكبري؟ او من

هـم أكـان علينـا ان نعـرض ، اعمـق واذا اردنا ان ندرس الغرائـز بـصورة :وهي عديدة، النظريات يف تعليلها وتفسريها

بعـد حمـاوالت ، ان احليـوان اهتـدى اىل االفعـال الغريزيـة : النظرية االوىل يتوارثهـا ، دمن عليها وصارت بـسبب ذلـك عـادة موروثـة أف، وجتارب كثرية

.غيبيةدون ان يكون يف تعلمها موضع للعناية ال، االبناء عن االباء احـدمها ان احليـوان توصـل اول االمـر ، وحتتوي هذه النظرية على جـزءين

خـر انـه انتقـل اىل واآل. عن طريـق احملاولـة والتجربـة ، اىل العمل الغريزي .ينأوال ميكن االخذ بكال اجلز. طبقا لقانون الوراثة، االجيال املتعاقبة

باد احليـوان اسـتع ألن ،فهـو غـري صـحيح ، اما اجلزء االول من النظريـة يعـين انـه ادرك ، والتزامه باحملاولة الناحجة وحرصـه عليهـا ، للمحاولة اخلاطئة

وهـذا مـا ال ميكـن االعتـراف بـه ، جناحها وخطأ غريهـا مـن احملـاوالت ،وخاصة فيما اذا كان جناح احملاولة ال يظهر اال بعـد مـوت احليـوان ، للحيوان

اذ يـضع بيـضه علـى ، حياتـه كما يف الفراش حني يصل اىل الطور الثالث من فيخـرج ، فال يفقـس اال يف الفـصل التـايل ، هيئة دوائر على االوراق اخلضراء

فكيـف ، يف الوقت الذي تكون فيـه االم قـد ماتـت ، على هيئة ديدان صغرية ـ ، اتيح للفراش ان يعرف جناحه فيما قام به من عمـل بـذلك أويـدرك انـه هي

اضـف اىل ذلـك ! مل يـشهد ذلـك؟ مع انـه ، للصغار رصيدا ضخما من الغذاء وجب ذلك تطور الغريـزة وتكاملـها يف أل، ان الغريزة لو صح اا وليدة التجربة

مـع ، وتعزيزها على ضوء حماوالت وممارسـات اخـرى ، احليوانات على مر الزمن .ان شيئا من هذا مل حيدث

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 315: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣١٥

انتقـال فهـو يرتكـز علـى الفكـرة القائلـة ب ، واما اجلزء الثاين من النظرية وقد اارت هـذه الفكـرة علـى ضـوء النظريـات . الصفات املكتسبة بالوراثة

.ملعنا اليه سابقاأكما ، اجلديدة يف علم الوراثة فكيـف تكـون االعمـال ، وهب ان قانون الوراثة يشمل العـادات املكتـسبة

قـد ال يؤديهـا ، مـع ان بعـض االعمـال الغريزيـة ، الغريزية عادات موروثة ! مرة او مرات معدودة يف حياته؟احليوان اال

فتفتــرض ان، ت النظريــة االوىلأ مــن حيــث بــدأتبــد: النظريــة الثانيــة وانتقـل ، عـن طريـق احملـاوالت املتكـررة ، احليوان اهتدى اىل العمل الغريزي

لـوان التفهـيم أبـل بلـون مـن ، ال عن طريق الوراثـة ، اىل االجيال املتعاقبة .امليسورة للحيوانات، والتعليم

يف االعتـراض الـذي وجهنـاه ، وتشترك هذه النظرية مع النظريـة الـسابقة مـن تناقـل العمـل ، وختتص باالعتراض على ما زعمتـه . اىل اجلزء االول منها

فان هـذا الـزعم ال ينـسجم مـع الواقـع . الغريزي عن طريق التعليم والتفهيم ـ ألن ،حىت لو اعترفنا للحيـوان بالقـدرة علـى التفـاهم ، احملسوس دة مـن ع

،قبـل ان توجـد أي فرصـة لتعليمـه ، ول تكونه أالغرائز تظهر يف احليوان منذ ومـع ذلـك توجـد فيهـا نفـس ، بل قد تولد صغار احليوان بعد موت امهاا

ـاجر مـن خمتلـف الـربك واالـار اىل ، فهـذه ثعـابني املـاء . غرائز نوعها ،ميـال األالف آوقـد تقطـع يف هجرـا ، لتـضع بيـضها ، االعماق السحيقة

فتعـود ، الـصغار أوتنـش ، مث تـضع البـيض ومتـوت ، النتخاب البقعة املناسبة ـا قـد اشـبعت خريطـة أوك، الذي جاءت منه امهاـا بعد ذلك اىل الشاطئ

!فعلى يد من تلقت صغار الثعابني دروس اجلغرافيا؟. العامل حتقيقا وتدقيقا اذ حاولـت ان ، الـنفس اعلنتها املدرسـة الـسلوكية يف علـم : الثالثةالنظرية

.اىل وحـدات مـن الفعـل املـنعكس ، حتلل السلوك احليـوي بـصورة عامـة أي سلـسلة مـن ، ا تركيبات معقدة مـن تلـك الوحـدات أوفسرت الغرائز ب

كحركة جـذب اليـد عنـد ، فال تعدو الغريزة ان تكون ، افعال منعكسة بسيطة غـري ان ، ليهـا وانكماشة العني عند تـسليط ضـوء شـديد ع ، وخزها بالدبوس

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 316: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣١٦

.والغريزة منعكس مركب، هذين الفعلني منعكسان بسيطان لـدالئل متعـددة يـضيق ، خـذ بـه يل للغريزة ال ميكـن األ وهذا التفسري اآل

ليـا امنـا تثـار بـسبب آفمنها ان احلركـة املنعكـسة . اال عن االفاضة فيها ان بعـض مـع ، كما يف انكماشة العني الـيت تثريهـا شـدة الـضوء ، خارجي

ي مثري جيعل احليوان منذ يوجـد يفـتش أف. االعمال الغريزية ليس هلا مثري خارجي اضـف اىل ذلـك ان االعمـال ! وجيهد يف سبيل احلـصول عليـه؟ . عن غذائه مـع ان مراقبـة االعمـال ، ليس فيها موضـع الدراك وشـعور ، لياآاملنعكسة فمـن . الـشعور فيهـا تزودنا بالشواهد القاطعة على مـدى االدراك و ، الغريزية

يـبين عـشه مـن عـدد مـن ، تلك الشواهد جتربة اجريت على سلوك زنبـار ،ان يـتم الزنبـار علمـه يف خليـة مـا ، اذ كان ينتظر القائم بالتجربـة ، اخلاليا

فيخدشها بدبوس فاذا اتى الزنبار لعمل اخللية التاليـة ووجـد ان االنـسان قـد وكـرر ، يف عمـل اخلليـة التاليـة مث سـار ، صلحهأعاد اليه ف ، فسد عليه عمله أ

يقـن بعـدها ان تتـابع اجـراء الـسلوك أ، ارب جتربته هذه عددا من املرات وال حظ ارب ان الزنبـار عنـدما يعـود ويـرى ان ، لياآليس تتابعا ، الغريزي

وخيـرج اصـواتا تـدل ، يقوم حبركـات ، صاا التلفأاخللية ـ اليت متت ـ قد .ضيقعلى ما يشعر به من غضب و

احـدمها ان ، يبقـى تفـسريان للغريـزة ، وبعد سقوط هذه النظريـة املاديـة غري ان غرض احليـوان لـيس مـا ينـتج ، العلم الغريزي يصدر عن قصد وشعور

مبعـىن ان احليـوان ركـب تركيبـا ، بل االلتذاذ املباشر به ، عنه من فوائد دقيقة لوقـت الـذي تـؤدي لـه يف نفس ا، جيعله يلتذ من القيام بتلك االعمال الغريزية

،ان الغريـزة اهلـام غـييب اهلـي ، خـر والتفـسري اآل ، عظم الفوائد واملنـافع أ وسـواء . ليعوض عما فقده مـن ذكـاء وعقـل ، زود به احليوان ، بطريقة غامضة

يف الوجـدان ، فدالئل القـصد والتـدبري واضـحة وبدهيـة ، م ذاك أصح هذا أـ ، واال فكيف حصل هذا التطـابق الكامـل ، البشري ني االعمـال الغريزيـة ب

!خفاها على احليوان؟أدق املصاحل وأو لة االهليـة قـد اسـتنفدت أدالئـل العلـم علـى املـس ألن ال، اىل هنا نقف

.ـ وهي ال تستنفد يف جملدات ضخام ـ بل حفاظا على طريقتنا يف الكتاب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 317: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣١٧

علـى وجـود القـوة ، ولنلتفت ـ بعد كل ما سقناه مـن دالئـل الوجـدان لنعرف يف ضـوء ذلـك مـدى سـخفها ، خلالقة ـ اىل الفرضية املادية احلكيمة ا سـرار أحني تزعم ان الكون مبـا زخـر بـه مـن ، فان هذه الفرضية . وتفاهتها وقد اوجدته علـة ال متلـك ذرة مـن احلكمـة ، وبدائع اخللقة والتكوين ، النظام

من جيد ديوانـا ضـخما مـن ، الف املرات آتفوق يف سخفها وغرابتها ، والقصد فيـزعم ان ، او كتابا علميا زاخرا باالسـرار واالكتـشافات ، رقاهأروع الشعر و أ

فتكـون منـها ، فاتفق ان ترتبـت احلـروف ، طفال كان يلعب بالقلم على الورقة .او كتاب علم، ديوان شعر

حـق أولـم سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتـى يتبـين لهـم أنـه ال ( ). يكف بربك أنه على كل شيء شهيد

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 318: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣١٨

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 319: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣١٩

ـ٥ـ ○ االدراك ○

هي حماولة صياغة يف مفهوم، لة الفلسفية الكربى يف االدراكأاملس اهرةويوضح ما اذا كان االدراك ظ، يكشف عن حقيقته وكنهه، فلسفي كما، خاصة من التطور والتكاملتوجد يف املادة حني بلوغها مرحلة، مادية

ولونا من الوجود وراءها ووراء، او ظاهرة جمردة عن املادة، تزعم املادية لدى امليتافيزيقية؟، كما هو معىن االدراك يف مفهومه الفلسفي، ظواهرها

ل على املفهوم املاديتؤكد بطبيعة احلا، واملاركسية بصفتها مدرسة مادية :كما يتضح من النصوص التالية، للفكر واالدراك

:قال ماركس فان هذه املادة هي. ال ميكن فصل الفكر عن املادة املفكرة[

.)١(]جوهر كل التغريات :جنلزأوقال

ان شعورنا وفكرنـا ـ مهمـا ظهـرا لنـا متعـاليني ـ ليـسا سـوى [ــسدي ــادي ج ــضوي م ــاج ع ــدماغ. نت ــو ال ــا [.)٢(] ه ــل م ان ك

ــة ــاس اىل احلرك ــدفع الن ــضرورة ، ي ــهم بال ــر يف ادمغت ــىت، مي حــشراب ــام وال ــش ، الطع ــوع او العط ــساس اجل ــدءان باح ــذان يب الل

ــخ ــه امل ــشعر ب ــساس ي ــو اح ــضاأوه ــامل . ي ــل الع ان ردود فع

.٩ املادية الديالكتيكية واملادية التارخيية صـ 1 .٥٧ لود فيج فيورباخ صـ 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 320: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٢٠

ــسان ــى االن ــه، اخلــارجي عل ــسها يف خم ــن نف ــرب ع ــنعكس، تع وت .)١(] وافع واراداتود، وافكار، فيه على صورة احساسات :وقال جورج بوليتزير

ان نقـــص تطـــور مـــخ احـــد، تـــبني العلـــوم الطبيعيـــة[ــراد ــره ، االف ــعوره وفك ــور ش ــام تط ــائق ام ــرب ع ــو اك ــذه، وه وه

ــه ــة البل ــي حال ــاج . ه ــالفكر نت ــة ف ــور الطبيع ــارخيي لتط يف، تــال ــة مــن الكم ــضاء، درجــة عالي ــة يف اع ــواع احلي ــدى االن ــل ل تتمث

ــص ــاز الع ــس واجله ــى ، يباحل ــزء االرق ــصوص يف اجل ــى اخل وعل الـــذي حيكـــم الكـــائن العـــضوي كلـــه اال وهـــو، املركـــزي

.)٢(] املخ :وقال روجيه غارودي

ــر [ ــادي للفك ــون امل ــوف ، ان التك ــا س ــا ـ كم ــرض علين يع .)٣(] جدر بالتصديق واالقتناع اأنرى ـ حججا هي

ميكـن تقدميـه الـذي ، هو املفهوم الوحيد لالدراك ، وليس املفهوم الفلسفي االدراك ملتقـى لكـثري مـن البحـوث ألن ،على صعيد البحـث والـدروس

،ولكل دراسة من تلـك الدراسـات العلميـة مفهومهـا اخلـاص . والدراسات سـرار احليـاة العقليـة أوجانبا مـن ، الذي يعاجل احدى مشاكل االدراك املتنوعة

املفهـوم ، مجيعـا ووراء تلـك املفـاهيم العلميـة . بغموضها وتعقيـدها ، املثرية .كمـا سـبق ، الذي يقوم فيـه الـصراع بـني املاديـة وامليتافيزيـة ، الفلسفي

.لوان شىت من البحوث الفلسفية والعلميةفموضوعنا اذن مثار أل وعدم التمييز بـني النـواحي أيف اخلط ، وقد وقع كثري من الكتاب والباحثني

وبـني الناحيـة ، وحتليلـها اليت ينبغي للدراسات العلمية ان تتوافر على متحيصها

.٦٤نفس املصدر ص ـ 1 .٧٥ ـ ٧٤املادية واملثالية يف الفلسفية ص ـ 2 .٣٢ ما هي املادية ص ـ 3

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 321: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٢١

هـذا أسـاس وعلـى . ان يعطي كلمة فيهـا ، اليت من حق البحث الفلسفي قام الـزعم املـادي القائـل بـان االدراك يف مفهومـه الفلـسفي لـدى أاخلط

ينـا كيـف حيـاول أفقـد ر . يتعارض مع االدراك يف مفاهيمه العلمية ، امليتافيزية بـدالئل ، االدراك مـن ناحيـة فلـسفية ان يربهن على ماديـة ، جورج بوليتزير

.يضاأالعلوم الطبيعية وقد قام غريه بنفس حماولته لنقـضي ، لةأولذلك جند لزاما علينا ان حنـدد املوقـف الفلـسفي يف املـس

،بـني اـال الفلـسفي واـال العلمـي ، على احملاوالت الرامية اىل اخللـط ـ ، واىل اام التفـسري امليتـافيزي لـالدراك اة العلـم ومنافاتـه حلقائقـه مبجاف

.ومقرراته ونلتقـي علـى ، جتـاه االدراك ، وعلى هذا سنقوم بتصفية للموقـف العـام

حيدد لنـا نقـاط اختالفنـا مـع املاديـة ، لوان البحث العلمي شيئا من الضوء أ كما حيدد لنـا النـواحي الـيت ميكـن ، ومع املاركسية على وجه اخلصوص ، عامة

ان هـذه ، حـىت يـصبح مـن الواضـح ، ا وتبحثها للدراسات العلمية ان متسه يف معتركهـا الفكـري الـذي ، الدراسات ال ميكن اعتبارها مستمسكا للماديـة

.يف سبيل وضع املفهوم الفلسفي االكمل لالدراك، ختوضه مع امليتافيزية اليت مـستها تلـك البحـوث ، اىل تعدد تلك النواحي ، وقد املعنا فيما سبق

ـ ، العلمية او عاجلتها لتعـدد مـا يتـصل جبوانبـه املختلفـة مـن ، ن االدراك م الـيت عاجلـت كـل واحـدة ، بل لتعدد املدارس العلمية من العلم الواحد ، علوم

تـدرس جانبـا ، فهناك حبوث الفيزياء والكيميـاء ، منها االدراك مبنظارها اخلاص وهنـاك ، خذ حبظهـا مـن الدراسـة أالفيزيولوجيا ت وهناك ، من جوانب االدراك

،والـسلوكية ، مـن املدرسـة االسـتبطانية ، لسيكولوجيا مبختلف مدارسهايضا ا أ تتـوفر مجيعـا علـى درس جوانـب ، وغريها من مدارس علم النفس ، والوظيفية

،وجيـيء بعـد ذلـك كلـه دور علـم الـنفس الفلـسفي . عديدة من االدرك ،ويبحث عمـا اذا كـان االدراك يف حقيقتـه ، ليتناول االدراك من ناحيته اخلاصة

او حالة روحية جمردة؟، الة مادية قائمة باجلهاز العصيبح باملقـدار ، وفيما يلي نضع النقاط على احلروف يف تلك النـواحي املتـشعبة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 322: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٢٢

.ويوضح موقفنا من املادية واملاركسية، الذي ينري لنا طريقنا يف البحث اءاالدراك يف مستوى الفيزياء والكيمي..............................ڤ

االحـداث الفيزيائيـة ، تعاجل حبوث الفيزياء والكيمياء يف مستواها اخلـاص كانعكـاس ، يف كـثري مـن االحـايني ، اليت تواكب عمليات االدراك ، الكيميائية

ـ ، االشعة الضوئية مـن املرئيـات ثر العـني الـسليمة بتلـك االهتـزازات أوت ،والـتغريات الكيميائيـة الـيت حتـدث بـسبب ذلـك ، غناطيسيةالكهربائية امل

والذرات الكيميائيـة الـصادرة عـن ، وانعكاس املوجات الصوتية من املسموعات ومـا اىل ذلـك مـن منبـهات ، ذات الرائحة واالشـياء ذات الطعـم ، االشياء فكل هـذه االحـداث تقـع يف حـدود اختـصاص . وتغريات كيميائية ، فيزيائية

.ويف مستوى نشاطهما العلمي، لكيمياءالفيزياء وا االدراك يف مستوى الفيزيولوجيا....................................ڤ

،استكـشفت عـدة احـداث وعمليـات ، يف ضوء التجارب الفيزيولوجية ان كانـت وهـي و ، ويف اجلهاز العصيب مبـا فيـه الـدماغ ، تقع يف اعضاء احلس

ولكنـها يف نفـس الوقـت ، كالعمليات الـسابقة ، ذات طبيعة فيزيائية كيميائية فهـي ذات ، بكوا احـداثا جتـري يف جـسم حـي ، متتاز على تلك العمليات .صلة بطبيعة االجسام احلية

ان حتـدد الوظـائف احليويـة ، وقد استطاعت الفيزيولوجيا بكشوفها تلـك فـاملخ مثـاال . تلفة من خطوط يف عمليات االدراك وما الجزائه امل ، للجهاز العصيب

والفـص اجلـداري ، هـي الفـص اجلبـهي ، ينقسم مبوجبها اىل اربعة فـصوص .ولكـل فـص وظائفـه الفيزيولوجيـة ، والفـص املـؤخري ، والفص الصدغي

واملراكز احلـسية الـيت تتلقـى الرسـائل ، فاملراكز احلركية تقع يف الفص اجلبهي مـا أ. وكذلك حـواس اللمـس والـضغط . اجلداريتقع يف الفص ، من اجلسم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 323: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٢٣

يف، فتقـوم يف الفـص الـصدغي ، والسمع اخلاصـة ، والشم، مراكز الذوق .اىل غري ذلك من التفاصيل، حني تقوم املراكز البصرية يف الفص املؤخري

،ويستعمل عادة للتوصـل اىل احلقـائق الفيزيولوجيـة يف اجلهـاز العـصيب والتنبيـه ففـي املنـهج ، االستئـصال : سيني يف الفيزيولوجيـا احد املنهجني الرئي

مث تـدرس تغـيريات الـسلوك ، صل اجزاء خمتلفة من اجلهاز العـصيب أاالول تست ويف املنهج الثاين تنبه مراكز حمـدودة يف حلـاء املـخ بوسـائل . النامجة عن ذلك

.اليت تنجم عن ذلك، مث تسجل التغريات احلسية او احلركية، كهربائية ال تـستطيع ، الواضـح جـدا ان الفيزيـاء والكيميـاء والفيزيوجيـا ومن

اال ان تكـشف عـن احـداث اجلهـاز ، واساليبها التجريبيـة ، بوسائلها العلمية واما تفـسري االدراك يف حقيقتـه وكنهـه . وحمتواه من عمليات وتغريات ، العصيبـ ، فليس من حـق تلـك العلـوم ، فلسفيا كاذ ال ميكـن هلـا ان تثبـت ان تل

.هي نفسها االدراكات اليت حنسها من جتاربنا اخلاصة، االحداث املعينة هـي ان هـذه االحـداث ، وامنا احلقيقة اليت ال يرقى اليها شك وال جـدال

،ذات صـلة بـاالدراك . والفيزيولوجيـة ، والكيميائيـة ، والعمليات الفيزيائيـة املـضمار اال ان فهي تلعب دورا فعـاال يف هـذا ، وباحلياة السيكولوجية لالنسان فـان فرقـا واضـحا . القائـل مباديـة االدراك ، هذا ال يعين صحة الزعم املادي

بني كون االدراك شيئا تسبقه او تقارنـه عمليـات متهيديـة يف مـستويات ، يبدو ونتاجـا للمـادة يف درجـة ، وبني كون االدراك بالذات ظـاهرة ماديـة ، مادية

.فة املاديةكما تزعم الفلس، خاصة من النمو والتطور فالعلوم الطبيعية ـ اذن ـ ال متتد يف دراستها اىل اال الفلـسفي ـ جمـال

بـالرغم مـن ، حبث االدراك يف حقيقته وكنهه ـ بل هي سلبية من هذه الناحيـة ،مبحاولة تفـسري حقيقـة االدراك والفكـر ، قيام املدرسة السلوكية يف علم النفس

الـذي ، الفعـل املـنعكس الـشرطي وخاصـة ، يف ضوء الكشوف الفيزيولوجية ،ليـة خالـصة جتـاه االنـسان آاىل نظرة ، يؤدي تطبيقه على احلياة السيكولوجية

.يت احلديث عن ذلكأوسي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 324: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٢٤

االدراك يف البحوث النفسية........................................ڤ اليت تعاجل مـشاكل الـنفس وقـضاياها اىل ، ةتنقسم البحوث السيكولوجي

الــيت يتكــون منــها علــم الــنفس، البحــوث العلميــة، احــدمها: قـسمني اليت يتحمـل مـسؤوليتها علـم الـنفس ، البحوث الفلسفية ، خرواآل. التجرييب ولكل مـن علـم الـنفس وفلـسفته طرائقـه . او فلسفة علم النفس ، الفلسفي

.يف الدرس والبحث، ساليبه اخلاصةأو ، من النقطـة الـيت تنتـهي عنـدها الفيزيولوجيـا أفهو يبد ، اما علم النفس

بالـدرس ، ومـا تزخـر بـه مـن عمليـات نفـسية ، فيتناول احلياة العقليـة االسـتبطان ، احـدمها : وله يف دراساته العملية منـهجان رئيـسيان ، والتمحيص

ومييـز بـصورة خاصـة املدرسـة ، الذي يستعمله كـثري مـن الـسيكولوجيني ،اذا اختذت التجربـة الذاتيـة اداة لبحثهـا العلمـي ، ستبطانية يف علم النفس اال

التجربـة املوضـوعية ، خـر واملنـهج اآل . ونادت بالشعور موضوعا لعلم النفس ،وهو املنهج الذي احتل اخـريا املركـز الرئيـسي يف علـم الـنفس التجـرييب

لتجربـة الـيت اعتـربت ا ، مهيته ـ بصورة خاصة ـ الـسلوكية أكدت على أو ان موضـوع علـم ، جـل ذلـك وزعمـت أل ، ساسيا للعلـم أاملوضوعية مقوما

النه وحده الـذي ميكـن ان تقـع عليـه التجربـة ، النفس هو السلوك اخلارجي هـي ، واحلقائق الـيت يتناوهلـا علـم الـنفس .. واملالحظة املوضوعية ، اخلارجية

وامـا مـا يقـع . ارجيةاحلقائق اليت يتاح الكشف عنها باالستبطان او التجربة باخل فلـيس يف امكانـات الـسيكولوجيا ، خارج احلدود التجريبيـة مـن احلقـائق

أي اا متتـد مـا امتـد احلقـل ، ان تصدر حكمها يف شيء من ذلك ، التجريبية مـن النقطـة الـيت ، حينئذ فلسفة علم الـنفس أوتبد. وتنتهي بنهايته ، التجرييب

مـن ، لـسيكولوجيا شـوطها العلمـي كما بـدات ا ، انتهى اليها العلم التجرييب هـي حماولـة ، والوظيفة االساسية للفلـسفة النفـسية . حيث انتهت الفيزيولوجيا

،الـيت تقـع خـارج احلقـل العلمـي والتجـرييب ، الكشف عن تلك احلقـائق الـيت ميوـا ـا العلـم ، خذ الفلسفة املـسلمات الـسيكولوجية أوذلك بان ت

وعلـى هـدى تلـك ، الفلـسفية العامـة وتدرسها يف ضوء القوانني ، التجرييب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 325: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٢٥

القوانني تعطى للنتائج العلمية مفهومها الفلسفي ويوضـع للحيـاة العقليـة .تفسريها االعمق

كالصلة بني العلـوم الطبيعيـة التجريبيـة ، فالصلة بني علم النفس وفلسفته مـن تيـارات ، اذ تدرس علوم الطبيعة ظـواهر الكهربـاء املتنوعـة ، وفلسفتها

ومـا اىل ذلـك مـن قـوانني الكهربـاء ، وجهد وحـث كهربـائيني ، االتوجم وامـا . خمتلف ظـواهر املـادة والطاقـة أيضا وتدرس على هذا النحو . الفيزيائية

،فهـي مـن حـق البحـث الفلـسفي ، حقيقة الكهرباء وحقيقة املادة او الطاقة ،النفـسية فان البحث العلمي يتنـاول الظـواهر . وكذلك االمر يف احلياة العقلية

ويوكل احلـديث عـن طبيعـة ، اليت تدخل يف نطاق التجربة الذاتية او املوضوعية او، اىل فلـسفة الـنفس ، وحقيقة احملتوى الداخلي للعمليـات العقليـة ، االدراك

.علم النفس الفلسفي ،لةأويف ضوء هذا نستطيع ان منيز دائما بـني اجلانـب العلمـي مـن املـس

:ي مثاالن لذلك من مواضيع البحـث الـسيكولوجي وفيما يل . واجلانب الفلسفي ــة: االول ــات العقلي ــا ، امللك ــان مع ــا اجلانب ــي فيه ــيت يلتق ــب. ال فاجلان

الفلسفي يتمثل يف نظرية امللكات القائلـة بتقـسيم العقـل االنـساين اىل قـوى والــذاكرة، واخليـال ، كاالنتبــاه، لـوان مــن النـشاط وملكـات عديــدة أل

فهـذه الفكـرة تـدخل يف النطـاق . اليها من مسـات وما، واالرادة، والتفكري نأل، وليـست فكـرة علميـة بـاملعىن التجـرييب للعلـم ، الفلسفي لعلم النفس

ام موضوعية كاملالحظة العلميـة لـسلوك ، التجربة سواء كانت ذاتية كاالستبطان ان تكـشف عـن تعـدد امللكـات او ، ليس يف امكاناا علميـا ، الغري اخلارجي

،ال تقعـان يف ضـوء التجربـة ، كثرة القوى العقليـة او وحـدا فان. وحدا فـيعين نظريـة ، لة امللكـات أواما اجلانب العلمـي مـن مـس . مهما كان لوا

اليت تنص على ان امللكات العقليـة ميكـن تنميتـها ، التدريب الشكلي يف التربية .ئقويف نوع واحد من احلقا، وبال استثناء بالتدريب يف مادة واحدة، ككل

املـؤمنني بنظريـة ، قر هذه النظرية عدة من علماء الـنفس التربـوي أوقد اىل القـرن التاسـع ، اليت كانت تسيطر على الـتفكري الـسيكولوجي ، امللكات

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 326: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٢٦

كانـت ، افتراضا منهم ان امللكة اذا كانت قوية او ضعيفة عند شخص ، عشر داخلـة يف النطـاق ومن الواضح ان هذه النظريـة . قوية او ضعيفة يف كل شيء الــا ختــضع للمقــاييس، فهــي نظريــة علميــة، التجــرييب لعلــم الــنفس

بالتـدريب علـى ، فيمكن ان جيرب مدى تاثر الذاكرة بـصورة عامـة ، العلمية ويتاح للعلم حينئذ ان يعطي كلمته يف ضـوء جتـارب مـن ، استذكار مادة معينة

اىل فلـسفة العلـم وتقـدم حينـذاك النتيجـة العلميـة للتجربـة ، هذا القبيل ومـا تعنيـه مـن تعـدد امللكـات او ، ليدرس مدلوهلا الفلسفي ، السيكولوجي

.يف ضوء القوانني الفلسفية. وحدا وهـو عمليـة ، خذه من صلب املوضـوع الـذي نعاجلـه أن: واملثال الثاين فاا مـن مواضـيع البحـث الرئيـسية يف احلقـل العلمـي ، االدراك البصري

.ءوالفلسفي على السوا بـني ، يثور نقاش حاد حـول تفـسري عمليـة االدراك ، ففي البحث العلمي

مـن ) اجلـشطالت (وانصار مدرسـة الـشكل والـصيغة ، االرتباطيني من ناحية واالرتباطيون هم الذين يعتربون التجربـة احلـسية هـي االصـل . ناحية اخرى

ىل عناصـرها ا، فكما حيلل علماء الكيمياء املركبات الكيميائيـة . الوحيد للمعرفة تـرتبط ، وليـة أاىل احـساسات ، حيلل هؤالء خمتلف اخلربات العقليـة ، البدائية

ويف هـذه النظريـة . طبقا لقـوانني التـداعي ، لية ميكانيكية آوتتركب بعمليات ــان ــة ناحيت ــة، االوىل: االرتباطي ــب يف اخلــربات العقلي ــرد التركي اىل. ان م

ان هـذا التركيـب ، والثانيـة ).معاين بسيطة ادركت بـاحلس (احساسات اولية امـا الناحيـة االوىل فقـد درسـناها . وطبقا لقوانني التداعي ، ليةآيوجد بطريقة

،يف نظرية املعرفة عنـد احلـديث عـن املـصدر االساسـي للتـصور البـشري ،الذي يعترب املؤسـس االول للمدرسـة االرتباطيـة ، والنظرية احلسية جلون لوك بعض مفردات التصور واملعـاين العقليـة ال ترجـع اىل وانتهينا من دراستنا اىل ان

،وامـا الناحيـة الثانيـة . بل هي من النشاط الفعـال االجيـايب للـنفس ، احلس فرفـضت الدراسـة التحليليـة ) اجلـشطالت (فهي اليت قامت مبعاجلتها مدرسـة

،يل لعمليـات االدراك وردت على التفـسري االرتبـاطي اآل ، للحاالت الشعورية وان الكليـة ليـست ، ضرورة دراسة كل واحدة من اخلربات ككل مؤكدة على

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 327: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٢٧

بل هلا طبيعـة التنظـيم العقلـي ، صهر اخلربات احلسية والتركيب بينها جمرد .الدينامي السائر طبق قوانني معينة

تفـسريمها العلمـي لعمليـات ، بعد ايضاح االجتاهني الـسابقني ، نولنر اآل علـى أه االرتباطي يقال ان الصورة الـيت تنـش ففي ضوء االجتا . االدراك البصري

تنتقل جزءا جزءا اىل الـدماغ حيـث توجـد يف جـزء ، شبكية العني للبيت مثال ،وينـشط العقـل . صورة مماثلة للصورة احلادثة علـى شـبكية العـني ، حمدد منه

املعـاين الـيت تـرتبط ، من خربته الـسابقة ، فيضفي على هذه الصورة يف الدماغ وينــتج، ليــةطبقــا لقــوانني التــداعي اآل ، البيــتيف اذهاننــا ب

ــت ــصورة البي ــي ل ــك االدراك العقل ــن ذل ــاه، ع ــوء االجت ــا يف ض وام منـذ ، فاالدراك يتعلق باالشـياء جبملتـها وهيئاـا العامـة ، الشكلي او الكلي

تناسـب ، هناك صيغا واشـكاال اوليـة يف العـامل اخلـارجي ألن ،الوهلة االوىل بتنظـيم قـوانني ، مكننا ان نفسر تنظيم احليـاة العقليـة في، شكالهأصيغ العقل و

،فـاجلزء يف الـصيغة او الكـل . ال بالتركيب والتـداعي ، العامل اخلارجي نفسها .ويتغري تبعا لتغري الصيغة، امنا يدرك تبعا للكل

،اسـم التفـسري العلمـي ، وامنا نطلق على تفسري االدراك البـصري ـذا ،فـان ادراك الـصيغة . او املالحظـة املنظمـة ، نه يدخل يف اـال التجـرييب أل

علـى ) اجلـشطالت (ولذلك برهنـت مدرسـة ، وتغري اجلزء تبعا لتغريها جترييب بـل ، اليت توضح ان االنـسان ال يـدرك االجـزاء فحـسب ، نظريتها بالتجربة

ومـع ، ولذلك قـد جتتمـع االجـزاء مجيعـا ، خر كالشكل او النغمآيدرك شيئا ـ الـيت تكـشف ، فهنـاك اذن الـصيغة . شكل او الـنغم ذلك ال يدرك ذلك ال

،ن ان نتوسـع يف شـرح التفـسريات العلميـة وال نريـد اآل . االجزاء مجيعـا وامنا نرمـي ـ مـن وراء مـا قـدمناه ـ اىل ، لعملية االدراك البصري ودراستها

ان: ـذا الـصدد فنقـول . حتديد موضع التفسري الفلسفي الذي حناولـه منـها يثري ـ بعد تلك الدراسـات العلميـة كلـها ـ ، للصورة املبصرةاالدراك العقلي

وهو الـسؤال عـن هـذه ، يواجهه الشكليون واالرتباطيون على السواء ، سؤاال او طبقـا ، يلوتكونت طبقـا لقـوانني التـداعي اآل ، الصورة اليت ادركها العقل

فما هو كنهها؟ وهـل هـي صـورة ماديـة او صـورة . لقوانني الصيغة والشكل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 328: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٢٨

،جمردة عن املادة؟ وهذا السؤال االساسي هو الذي يصوغ املشكلة الفلـسفية وهو الـذي تـرد عليـه ، اليت جيب على علم النفس الفلسفي دراستها ومعاجلتها

.جبوابني متناقضني، املادية وامليتافيزيقية ان السيكولوجيا العلمية ـ أي علـم الـنفس ، ن من الواضح جداويبدو اآل ،ان تؤكد على التفـسري املـادي لـالدراك ، ال تستطيع يف هذا االالتجرييب ـ

.كمـا تـزعم الفلـسفة املاديـة ، وتنفي وجود شيء يف احلياة العقلية خارج املادة ن التجارب السيكولوجية ـ سواء منها الذاتية واملوضوعية ـ ال متتد اىل ذلـك أل

.اال الدراك يف مفهومه الفلسفيا........................................ڤ

وضـحنا مغزاهـا وصـالا أــ بعـد ان ن بدراستنا لـالدراك اآللنبدأ ،لف الدراسات العملية ـ طبقا للمنهج الفلـسفي يف الدراسـات النفـسية مبخت

ـ ، خذ احلقائق العلميـة أملعنا اليه سابقا ـ يف أوالذي يتلخص ـ كما سلماتوامل السـتنتاج ، التجريبية وحبثها على ضوء القوانني واالصـول املقـررة يف الفلـسفة

.وراء ما كشفت عنه التجارب من حقائق، حقيقة جديدة منوذجـا حيـا للحيـاة العقليـة ، خذ االدراك العقلي للصورة املبـصرة أولن

،واملاديـة ، امليتافيزيـة ، الـيت تتـصارع حـول تفـسريها الفلـسفتان ، العامة :فمفهومنا الفلسفي لالدراك يرتكز

.على اخلصائص اهلندسية للصورة املدركة، اوال .يف عمليات االدراك البصري، على ظاهر الثبات، ثانيا خـذها مـن حياتنـا أن، فيـه مـن حقيقـة بدهيـة أفنبد) اما االول (ـ ١ وهي ان الصورة الـيت تتحفنـا ـا العمليـة ، وخمتلف جتاربنا االعتيادية ، اليومية

،مـن الطـول ، حتتـوي علـى اخلـصائص اهلندسـية ، العقلية لالدراك البصري فلنفـرض اننـا زرنـا . وتبدو مبختلف االشـكال واحلجـوم ، والعمق، والعرض

اسـتطعنا فيهـا ان نـدرك ، عليها نظرة واحـدة الف االمتار والقينا آحديقة متتد

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 329: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٢٩

،كة املـاء الكـبرية وبر، واالشجار، تبدو فيه النخيل ، احلديقة كال متماسكا والكراسـي املوضـوعة بانتظـام ، زهـار واالوراد يف األ ، لوان احلياة املتدفقـة أو

والـسؤال . والطيور الـيت تـشدو علـى االغـصان ، والبالبل، حول بركة املاء : بنظـرة مـستوعبة هـو اليت ادركنـا ، الذي يعترضنا حول هذه الصورة الرائعة

ي نفس احلديقـة وواقعهـا املوضـوعي ما هي هذه الصورة اليت ندركها؟ وهل ه او ال ، او صورة مادية تقوم بعضو مـادي خـاص يف جهازنـا العـصيب ، بالذات

متاثـل الواقـع املوضـوعي وحتكـي ، هذا وال ذاك بل صورة جمردة عن املـادة عنه ؟؟

هـي الـصورة املتمثلـة يف ادراكنـا ، اما ان احلديقة بواقعهـا اخلـارجي تفتـرض ان االنـسان ، ك نظرية قدميـة يف الرؤيـة فقد كانت تنادي بذل ، العقلي

بـسبب خـروج شـعاع خـاص مـن ، يدرك الواقع املوضوعي لالشياء نفـسه ولكن هذه النظرية سقطت ـ اوال ـ مـن احلـساب ، ووقوعه على املرئي، العني

علـى اشـكال ، خداع احلواس الذي جيعلنا ندرك صـورا معينـة ألن ،الفلسفي ليـست هـي الواقـع ، ان الـصورة املدركـة خاصة ال واقع هلا يـربهن علـى

!واال فما هو الواقع املوضوعي املدرك يف االدركات احلسية اخلادعـة؟ ، املوضوعيــ ــي ـ ــساب العلم ــن احل ــقطت م ــا ـ وس ــماذ ، ثاني ــت العل ان، اثب

وانـا ال ، تنعكس من املرئيات على العني ال مـن العـني عليهـا ، االشعة الضوئية حـىت لقـد . اال االشعة املنعكسة منها علـى الـشبكية ،منلك من االشياء املرئية

.ان رؤيتنا للشيء قد حتدث بعد انعدام ذلك الشيء بسنني، اثبت العلم اال حني تـصل املوجـات الـضوئية ، فنحن ال نرى الشعرى يف السماء مثال

،الصادرة عن الشعرى اىل االرض بعد عدة سنني مـن انطالقهـا عـن مـصدرها فنقول حنـن نـرى الـشعرى غـري ان هـذه املوجـات . نيفتقع على شبكية الع

الضوئية اليت تؤدي بنا اىل رؤية الشعرى امنا تنبئنا عنها كمـا كانـت قبـل عـدة ومن اجلائز ان تكون الشعرى قد انعدمت من الـسماء قبـل رؤيتنـا هلـا . سنني

ن ليـست وهذا يربهن علميا على ان الـصورة الـيت حنـس ـا اآل ، مد طويل أب .أي الواقع املوضوعي للنجم، ى احمللقة يف السماءهي الشعر

فـاالفتراض الثـاين ـ . االخـريان ناالفتراضا، ويبقى يف حسابنا بعد ذلك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 330: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٣٠

ـ القائل ان الصورة املدركة نتاج مادي قائم بعضو االدراك يف اجلهاز العصيب واالفتـراض الثالـث ـ القائـل ان . هو الذي حيدد املذهب الفلـسفي للماديـة

وامنـا ، الصورة املدركة ـ او احملتوى العقلي لعملية االدراك ـ ال توجد يف املـادة هـو الـذي ميثـل املـذهب ، خارج العامل املادي، هي لون من الوجود امليتافيزيقي

.الفلسفي للميتافيزيقية ،ميكننـا ان نـستبعد االفتـراض املـادي ، ويف هذه املرحلة مـن البحـث

،حبجمهـا وخصائـصها اهلندسـية ، الصورة املدركـة ن أل وذلك. استبعادا ائيا يف اجلهـاز ، ال ميكن ان توجد يف عـضو مـادي صـغري ، وامتدادها طوال وعرضا

،ان االشعة الـضوئية تـنعكس علـى الـشبكية ، فنحن وان كنا نعتقد . العصيب فتنـشا يف ، مث تنتقل يف اعـصاب احلـس اىل الـدماغ ، وتتصور يف صورة خاصة

ولكـن ... ورة مماثلة للصور اليت حـدثت علـى الـشبكية ص، موضع حمدد منه الـا ال متلـك مـا متلكـه ، غري الصورة املدركة يف عقلنـا ، هذه الصورة املادية

فكما ان احلديقة اليت ادركناهـا يف نظـرة . الصورة املدركة من خصائص هندسية موازيـة هلـا يف الـسعة ، خذ عنـها صـورة فوتوغرافيـة أال ميكن ان ن ، واحدة

كذلك ال ميكن ان ناخـذ عنـها ، على ورقة مسطحة صغرية ، الشكل واالمتداد و وخصائـصها ، وشـكلها ، او ادركيـة ـ حتاكيهـا يف سـعتها ، صورة عقليـة

.انطباع الكبري يف الـصغري مـستحيل ألن ،اهلندسية ـ على جزء ضئيل من املخ ــضروري ــن ال ــصبح م ــث، واذن في ــاالفتراض الثال ــذ ب ــو ان، ان ناخ وه

صـورة ، الـيت هـي احملتـوى احلقيقـي للعمليـة العقليـة ، املدركـة الصورة وهذا هو كـل مـا يعنيـه املفهـوم ، موجودة وجودا جمردا عن املادة ، ميتافيزيقية

.الفلسفي امليتافيزيقي لالدراك ،لة ادراك الـصورة يف اشـكاهلا أان مـس ، وقد خيطر هنا على بعض االذهان

وعاجلتـها البحـوث ، عليهـا العلـم قد اجـاب ، وابعادها ومسافاا ، وحجومها تـساعدنا ، اذ اوضحت ان هناك عدة عوامـل بـصرية وعـضلية . السيكولوجية

فحاسة البـصر ال تـدرك سـوى الـضوء . على ادراك تلك اخلصائص اهلندسية فهـو يتوقـف علـى ارتبـاط ، واما ادراك اخلصائص اهلندسية لالشـياء ، واللون

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 331: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٣١

جردنا االحساس البصري عـن كـل فلو. حاسيس خاصة أاللمس حبركات و وملـا اتـيح لنـا . لبدت لنا نقاط من الـضوء واللـون فحـسب ، خرآاحساس

،حىت انا كنا نعجز عن التمييـز بـني كـرة ومكعـب ، ادراك االشكال واحلجوم وبتكـرار . مـن مـدركات اللمـس ، الكيفيات االولية واالشـكال ألن وذلك

،مـن تلـك الكيفيـات . للمـس ينشا تقارن بني مـدركات ا ، التجربة اللمسية وبني عدة من االحساسات البصرية كاختالفات خاصـة يف االضـواء وااللـوان

،وعدد من احلركات العضلية كحركة تكييف العني لرؤية االشياء، املبصرة أوبعـد ان ينـش . وحركة التالقي يف حالة االبصار بالعينني ، القريبة والبعيدة

ــارن ــذا التق ــستغين يف، ه ــا ان ن ــكالميكنن ــوم واالش ــن، ادراك احلج ع مبا اقترن ا مـن احـساسات وحركـات عـضلية فـاذا ، االحساسات اللمسية

وحجمهـا دون ان نلمـسها ، استطعنا ان حنـدد شـكلها ، بصرنا كرة بعد هذا أ .اليت اقترنت مبدركات اللمس، على االحساسات واحلركات العضليةاعتمادا

ال باالحـساس البـصري ، اهلندسيةخبصائصها ، خريا االشياء أوهكذا ندرك اصـبحت ذات ، خرى مـن حركـات حـسية ألوان أبل االبصار مع ، فحسب

غـري ان العـادة ال جتعلنـا ، بسبب اقتراا مبـدركات اللمـس ، مدلول هندسي .نشعر بذلك

مـن ناحيـة ، وحنن ال نريد ان ندرس نظرية العوامـل العـضلية والبـصرية ـ ألن ،علمية ،خـذ ـا كمـسلمة علميـة أفلن، سفيذلك ال يهم البحـث الفل

فان هـذا االفتـراض ال يغـري مـن موقفنـا الفلـسفي ، ولنفترض اا صحيحة كما يظهر ذلك يف ضوء ما قدمناه مـن حتديـدات للدراسـة الفلـسفية يف ، شيئا

،هـو ان الـصورة العقليـة املدركـة ، اذ ان مـؤدى النظريـة ، حبوث الـنفس مل توجـد بـسبب االحـساس ، وعمقهـا ، وطوهلا وعرضها ، خبصائصها اهلندسية

وحركـات ، بل بالتعـاون مـع احـساسات بـصرية ، البصري البسيط فحسب بارتباطهـا بـاللمس واقتراـا معـه يف ، اكتسبت مدلوال هندسيا ، عضلية اخرى

نفـس الـسؤال الفلـسفي ، وسوف نواجه بعد التسليم ـذا . التجارب املتكررة الـيت كوـا االحـساس ، ليـة وهو السؤال عـن هـذه الـصورة العق ، االول

يـن توجـد؟ وهـل هـي أ، باالشتراك مع احساسيس وحركات اخرى ، البصري

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 332: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٣٢

او صورة ميتافيزيقية جمردة عـن املـادة؟ ، صورة مادية قائمة يف عضو مادي هـذه ألن ومرة اخرى جند انفسنا مضطرين اىل االخذ بوجهة النظـر امليتـافيزيقي

ال ميكـن ان توجـد يف عـضو ، االمتـار الفآالصورة خبصائصها وامتـدادها فيجـب اذن ان تكـون ، كما ال ميكن ان توجد على ورقة صـغرية ، مادي صغري

.جمردة عن املادة .هذا ما يتصل بظاهرة اخلصائص اهلندسية للصورة العقلية املدركة

،ان يرتكـز عليهـا ، اليت يتاح ملفهومنا الفلسفي ، )واما الظاهرة الثانية (ـ ٢ ،ونعين ا ان الـصورة العقليـة املدركـة متيـل اىل الثبـات ، لثباتفهي ظاهرة ا

فهـذا قلـم . على اجلهـاز العـصيب ، وال تتغري طبقا لتغريات الصورة املنعكسة ،انعكـست عنـه صـورة ضـوئية خاصـة ، اذا وضعناه على بعد متر واحد منا

نفـا ، ونظرنـا اليـه علـى بعـد متـرين ، واذا ضاعفنا املسافة اليت تفصلنا عنه يف حالتـها ، الصورة اليت يعكسها سوف تقـل اىل نـصف مـا كانـت عليـه

أي ان الـصورة العقليـة ، مع ان ادراكنا حلجم القلم لن يتغري تغريا يذكر ، االوىل .تبقى ثابتة بالرغم من تغري الصورة املادية املنعكسة، للقلم اليت نبصرها

وان الـصورة ،علـى ان العقـل واالدراك لـيس ماديـا ، وهذا يربهن بوضوح ان هذا التفـسري الفلـسفي لظـاهرة الثبـات ، ومن الواضح . ةقياملدركة ميتافيزي

فيمكنـك . ال يتعارض مع أي تفسري علمي هلا ميكن ان يقـدم يف هـذا املـضمار بان ثبات املوضوعات املدركـة ـ يف مظاهرهـا املختلفـة ـ ، ان تفسر الظاهرة ــ العلمية التجاربيف ضوء ـئت ان تقول كما ميكنك ان ش والتعلميرجع اىل اخلربة

والتنظـيم املكـاين ، ـ ان هناك عالقات حمددة بني الثبات يف خمتلـف مظـاهره فان هذا ال يعين حل املـشكلة مـن ناحيـة . للموضوعات اخلارجية اليت ندركها

بـل ظلـت ، اذ ان الصورة املبصرة ـ اليت مل تتغري طبقا للصورة املاديـة ، فلسفية او حبكـم تنظيمـات مكانيـة خاصـة ـ ال ميكـن ان ، خربة سابقةثابتة بفضل

علـى مـادة اجلهـاز ، تكون هي الصورة املنعكـسة عـن الواقـع املوضـوعي بـني العـني ، هذه الصورة املنعكـسة تـتغري تبعـا لزيـادة البعـد ألن ،العصيب .وتلك الصورة املبصرة ثابتة، والواقع

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 333: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٣٣

هـي ان االدراك ، مـن هـذا البحـث الـيت خنـرج ـا ، والنتيجة الفلسفية :مادية الـشيء تعـين احـد امـرين ألن ،كما تزعم الفلسفة املادية ، ليس ماديا

واالدراك لـيس بذاتـه . واما انـه ظـاهرة قائمـة باملـادة ، اما انه بالذات مادة نـه أل، او منعكـسة عليـه ، وال هو ظاهرة قائمة بعضو مـادي كالـدماغ ، مادة

عن الصورة املادية املنعكـسة علـى العـضو ، سيطر عليه خيتلف يف القوانني اليت ت وال ـ ومن الثبات ـ ثانيا ـ مـا ال أفهو ميلك من اخلصائص اهلندسية ـ ، املادي

وعلـى هـذا االسـاس تـؤمن . اغمتلكه أي صورة مادية منعكسة علـى الـدم ثـرى أبان احلياة العقلية ـ مبا تزخر به مـن ادراكـات وصـور ـ ، امليتافيزيقية

ولكـن . الا حياة ترتفع عن مستوى املـادة وخصائـصها ، ن احلياة وارقاها الوا ،هـي ان االدراكـات والـصور ، لة الفلسفية االخرى اليت تنبثق مما سـبق أاملس

ـ ، اذا مل تكن صورا قائمـة بعـضو مـادي ، اليت تتشكل منها حياتنا العقلية ينأف يقـة فلـسفية هي قائمة اذن؟ وهذا السؤال هو الذي دعـا اىل استكـشاف حق

جتتمع او تتتابع كلـها علـى صـعيد ، وهي ان تلك الصور واالدراكات ، جديدة وليست هذه االنـسانية املفكـرة شـيئا مـن ، هو صعيد االنسانية املفكرة ، واحد يـصلها ، بل هي درجة من الوجود جمـردة عـن املـادة ، كالدماغ او املخ ، املادة

.فكر هو هذه االنسانية الالماديةفاملدرك وامل. الكائن احلي يف تطوره وتكامله جيـب ان نعلـم انـا بـني ثالثـة ، ولكي يتضح الدليل على ذلك بكل جـالء

صـورة ماديـة ، او لـذلك الـنجم ، احداها ان ادراكنا هلذه احلديقـة : عروض وثانيهـا ان . وهـذا مـا نبـذناه ودللنـا علـى رفـضه ، قائمة جبهازنا العصيب

وموجـودة بـصورة ، صور جمردة عن املادة بل هي ، ادراكاتنا ليست صورا مادية الا اذا كانـت موجـودة ، مستقلة عن وجودنا ـ وهذا افتراض غري معلول ايضا

!وكيـف اصـبحت ادراكـات لنـا؟ ! فما هي صلتنا ـا؟ ، بصورة مستقلة عنا ،مل يبـق لـدينا اال التفـسري الثالـث للموقـف ، واذا نفضنا يدينا من هذا وذاك

ليـست مـستقلة يف وجودهـا عـن ، والصور العقليـة وهو ان تلك االدراكات وامنـا هـي ظـواهر ، االنسان كما اا ليست حالة او منعكسة يف عضو مـادي

فهـذه االنـسانية . تقوم باجلانـب الالمـادي مـن االنـسان ، جمردة عن املادة وان كـان ، ال العـضو املـادي ، هي الـيت تـدرك وتفكـر ) الروحية(الالمادية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 334: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٣٤

للصلة الوثيقة بـني اجلانـب الروحـي ، يهيء هلا شروط االدراك العضو املادي .واجلانب املادي من االنسان

اجلانب الروحي من اإلنسان ونصل هنا إىل نتيجـة خطـرية، وهـي ان لإلنـسان جـانبني احـدمها مـادي يتمثل يف تركيبه العضوي، واآلخر روحي ـ ال مادي ـ وهـو مـسرح النـشاط

نسان جمرد مادة معقدة وإمنا هـو مـزدوج الشخـصية الفكري والعقلي، فليس اإل .من عنصر مادي وآخر ال مادي

وهذا االزدواج جيعلنـا جنابـه موقفـا عـسريا يف سـبيل استكـشاف نوعيـة والصلة بني اجلانبني املادي والروحي مـن اإلنـسان وحنـن نعلـم قبـل العالقة

اآلخـر باسـتمرار، كل شيء ان العالقة بينهما وثيقة حىت ان احـدمها يـؤثر يف فإذا خيل إىل شخص انه يرى شبحا يف الظـالم اعترتـه قـشعريرة، وإذا كتـب على شخص ان خيطب يف حفل عام آخذ العرق يتصبب منـه، وإذا بـدأ احـدنا يفكر حدث نشاط خاص يف جهازه العصيب، فهـذا أثـر العقـل أو الـروح يف

ـ شيخوخة يف اجلـسد وهـن اجلسم، كما ان للجسم أثره يف العقل، فإذا دبت ال ،النشاط العقلي، وإذا أفرط شارب اخلمر يف السكر قـد يـرى الـشيء شـيئني

يتاح للجسم والعقل ان يؤثر احـدمها يف اآلخـر إذا كانـا خمـتلفني ال فكيف يشتركان يف صفة من الصفات، فاجلسم قطعة مـن املـادة لـه خصائـصها مـن

وأمـا العقـل ـ أو . لفيزيـاء ثقل وكتلة وشكل وحجم، وهو خيضع لقـوانني ا مادي ينتسب إىل عامل وراء عامل املادة، ومع هذه اهلـوة الروح ـ فهو موجود غري

فقطعـة مـن احلجـارة ميكـن ان . الفاصلة يصعب تفسري التأثري املتبادل بينـهما تسحق نبتة يف األرض الما معا ماديان وقطعتان من احلجـر ميكـن ان تـصطكا

حيدث االصطكاك والتفاعل بني موجودين مـن عـاملني فهـذا وأما أن . وتتفاعالما حيتاج إىل شيء من التفسري وهو الذي عاق الـتفكري األورويب احلـديث علـى األغلب عن األخذ بفكرة االزدواج بعد ان رفض التفـسري االفالطـوين القـدمي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 335: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٣٥

، فقـد كـان للعالقة بني الروح واجلسم بوصفها عالقة بني قائد وعربة يـسوقها عن املادة يعـيش يف عـامل وراء دنيـا أفالطون يتصور أن الروح جوهر قدمي جمرد

املادة مث يهبط إىل البدن ليدبره كما يهبط السائق مـن مرتلـه ويـدخل العربـة وواضح ان هذه الثنائية الـصرحية واهلـوة الفاصـلة بـني . ليسوقها ويدبر أمرها

تصلح لتفسري العالقة الوثيقـة بينـهما الـيت الروح واجلسم يف تفسري أفالطون ال جتعل كل إنسان يشعر بأنه كيان موحد وليس شيئني من عاملني مـستقلني التقيـا

. على ميعاد وقد ظـل التفـسري االفالطـوين قاصـرا عـن حـل املـشكلة بـالرغم مـن التعديالت اليت أجريت على التفسري االفالطوين من قبل أرسطو بإدخـال فكـرة

واملادة، ومن قبل ديكارت الـذي جـاء بنظريـة املوازنـة بـني العقـل الصورةـ يـسريان علـي خطـني واجلسم القائلة بأن العقل واجلسم ـ الروح واجلسد

متوازيني وكل حادث يقع يف احدمها يصاحبه حـادث يقابلـه يقـع يف اآلخـر، آلخـر وهذا التالزم بني األحداث العقلية واجلسمية ال يعين ان احـدمها سـبب ل

خر غري مادي بـل ان هـذا الـتالزم آبني شيء مادي و املتبادل إذ ال معىن للتأثري بني النوعني من االحداث مرده اىل العنايـة االهليـة الـيت شـاءت ان يـصاحب االحساس باجلوع دائما حركة اليد لتنـاول الطعـام دون ان يكـون االحـساس

تعـبري جديـد عـن ثنائيـة سببا للحركة، ومن الواضح أن نظرية املوازنة هـذه .افالطون وهوته الفاصلة بني العقل واجلسم

الـروح أسـاس وقد ادت املشاكل اليت تـنجم عـن تفـسري االنـسان علـى واجلسد معا اىل بلورة اجتاه حـديث يف الـتفكري االورويب اىل تفـسري االنـسان

ـ أبعنصر واحد فنش ردت املادية يف علم النفس الفلسفي القائلـة ان االنـسان جم مادة وليس غري كما تولدت الرتعة املثالية اليت جتـنح اىل تفـسري االنـسان كلـه

.تفسريا روحيا العنـصرين الروحـي واملـادي أسـاس واخريا وجد تفـسري االنـسان علـى

ـ هلني الـشريازي فقـد أتصميمه االفضل على يد الفيلسوف االسالمي صـدر املت صميم الطبيعة هـي الرصـيد استكشف هذا الفيلسوف الكبري حركة جوهرية يف

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 336: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٣٦

وهـذه احلركـة ، االعمق لكل احلركات الطارئة احملسوسة اليت تزخر ا الطبيعـة فـان املـادة يف ، اجلوهرية هي اجلسر الذي كشفه الشريازي بني املـادة والـروح

حركتها اجلوهرية تتكامل يف وجودها وتستمر يف تكاملها حىت تتجرد عن ماديتـها وتصبح كائنا غري مادي أي كائنا روحيا فلـيس بـني املـادي ضمن شروط معينة

والروحي حدود فاصلة بل مها درجتان من درجات الوجود والروح بـالرغم مـن ا املرحلة العليا لتكامل املـادة يف حركتـها اا ليست مادية ذات نسب مادي أل

.اجلوهرية ويبـدو مـن ، ويف هذا الضوء نستطيع ان نفهم العالقة بـني الـروح واجلـسم

العقـل لـيس ألن ثرياماألوف ان يتبادل العقل واجلسم ـ الروح واملادة ـ ت أامل شيئا مفصوال عن املادة وة سحيقة كما كان خييل لـديكارت حـني اضـطر اىل

بل ان العقل نفسه لـيس اال صـورة ، ثري املتبادل والقول مبجرد املوازنة أانكار الت والفـرق بـني املاديـة ، ن خالل احلركة اجلوهرية مادية عند تصعيدها اىل اعلى م

والروحية فرق درجة فقط كالفرق بني احلرارة الشديدة واحلـرارة االقـل منـها .درجة

بـل هـي نتـاج ، ثارهـا آثـر مـن أولكن هذا ال يعين ان الروح نتاج للمادة و كـل ! احلركـة ألن واحلركة اجلوهرية ال تنبع من نفس املـادة ، للحركة اجلوهرية

كة ـ خروج للشيء من القوة اىل الفعل تدرجييا ـ كما عرفنـا يف مناقـشتنا حر واالمكان ال يـصنع الوجـود ، للتطور عند الديالكتيك ـ والقوة ال تصنع الفعل

والـروح الـيت هـي ، فللحركة اجلوهرية سببها خارج نطاق املـادة املتحركـة ركـة نفـسها هـي واحل. اجلانب غري املادي من االنسان ـ نتيجة هلذه احلركـة

.اجلسر بني املادية والروحية املنعكس الشرطي واالدراك.........................................ڤ

،يف حـدود مفهومهـا املـادي لـالدراك فحـسب ، ليس اختالفنا مع املاركسية و النقطـة الرئيـسية يف معتركنـا وان كان ه ، ن املفهوم الفلسفي للحياة العقلية أل

يف مـدى عالقـة االدراك والـشعور أيـضا ولكننـا خنتلـف ، الفكري معهـا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 337: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٣٧

ـ . واالحوال املادية اخلارجية ، بالظروف االجتماعية ن احليـاة أفاملاركسية تـؤمن ب وان هـذه املـشاعر او ، هـي الـيت حتـدد لـه مـشاعره ، االجتماعية لالنسان

وملـا كانـت هـذه ، طور الظروف االجتماعيـة واملاديـة تتطور تبعا لت ، االفكار فالعامـل االقتـصادي اذن هـو العامـل ، االقتصاديالظروف تتطور تبعا للعامل .الرئيسي يف التطور الفكري

علـى قاعـدة ، وقد حاول جورج بوليتزير ان يشيد هـذه النظريـة املاركـسية فهـم ذلـك ولكـي ن . الفعـل املـنعكس الـشرطي أساس قامها على أف، علمية الـذي اكتـشفه ، جيب ان نقول كلمة عن الفعـل املـنعكس الـشرطي ، جيدا

،مـن احـدى الغـدد اللعابيـة ، اذ حاول مرة ان جيمع لعاب الكلب ) بافلوف( فالحـظ ، واعطى احليوان طعامـا الثـارة جمـرى اللعـاب ، عد جهازا لذلك أف

قبـل ان يوضـع الطعـام يف فمـه ، ان اللعاب بدا يسيل مـن كلـب متمـرن او االحـساس بـاقتراب اخلـادم ، رد رؤية الطبق الذي فيـه الطعـام ، الفعلب

ال، او خطواتـه ، ومـن الواضـح ان رؤيـة الـشخص . الذي تعود احـضاره ،كما ينبهها وضـع الطعـام يف الفـم ، ميكن اعتبارها منبها طبيعا هلذه االستجابة

ـ ، بل ال بد ان تكون هذه االشياء ة يف جمـرى قد ارتبطـت باالسـتجابة الطبيعي .حىت استخدمت كعالمة مبدئية على املنبه الفعلي، التجربة الطويل

فعـال ، عنـد وضـع الطعـام يف الفـم ، وعلى هـذا يكـون افـراز اللعـاب واما افزاز اللعـاب عنـد اقتـراب اخلـادم او . يثريه منبه طبيعي ، منعكسا طبيعيا

يـستعمل ، ثـري بـسبب منبـه مـشروط أ، فهو فعل مـنعكس شـرطي ، رؤيته ملـا وجـدت ، ولـوال اشـراطه باملنبـه الطبيعـي ، كعالمة على املنبه الطبيعـي

.استجابة بسببه وجـد اول نظـام اشـاري لـدى الكـائن ، وبسبب عمليات اشـراط كهـذا

،يف االشـارة اىل املنبـه الطبيعـي ، تلعب فيه املنبـهات املـشروطة دورا ، احليـ . واستشارة االستجابة اليت يستحقها ،ام االشـاري الثـاين وبعد ذلك وجد النظ

باشـارات ثانويـة اىل ، الذي عوض فيه عن املنبهات الـشرطية يف النظـام االول يف جتـارب ، اليت اشرطت هذه االشـارات الثانويـة ـا ، تلك املنبهات الشرطية

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 338: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٣٨

،او الفعـل املـنعكس ، فاصبح من املمكن احلصول على االستجابة ، متكررة كما اتـاح النظـام االشـاري ، ا باالشارة االولية باالشارة الثانوية بسبب اشراطه

،بـسبب اشـراطها باملنبـه الطبيعـي ، احلصول عليها باالشارة االوليـة ، االول .وتعترب اللغة هي االشارات الثانوية يف النظام االشاري الثاين

،وقـد اسـتغلته الـسلوكية ). بـافلوف (هذه هي نظرية العامل الفيزيولوجي ،لية ال تعـدو ان تكـون عبـارة عـن افعـال منعكـسة فزعمت ان احلياة العق

وهكـذا . يثريهـا منبـه خـارجي ، فالتفكري يتركب من استجابات كالمية باطنة عنـد مساعـه خطـوات ، فسرت الفكرة كما تفسر عملية افزاز الكلـب لعابـه

وهـو خطـى ، فكما ان االفزاز رد الفعل الفيزيولـوجي ملنبـه شـرطي ، اخلادم كاللغـة الـيت ، و رد الفعل الفيزيولـوجي ملنبـه شـرطي كذلك الفكر ه ، اخلادم

.اشرطت باملنبه الطبيعي مثال علـى الفعـل املـنعكس ، ولكن من الواضح ان التجـارب الفيزيولوجيـة

،هـو حقيقـة االدراك ، ال ميكنها ان تربهن على ان الفعـل املـنعكس ، الشرطي راك حقيقـة وراء ما دام من اجلائز ان يكـون لـالد ، واحملتوى احلقيقي للعمليات

.حدود التجربةـ أاضف اىل ذلك ان السلوكية يف ر ن االفكـار اسـتجابات أيها هذا القائل ب

شرطية تقضي على نفسها وترتع القدرة على الكـشف عـن الواقـع والقيمـة يـضا أبـل مـن الـسلوكية ذاـا ، ال من سائر االفكار فحـسب ، املوضوعية

تفسري السلوكية للفكر االنـساين لـه ألن ،بوصفها فكرة ختضع للتفسري السلوكي ثره اخلطري يف نظرية املعرفة وتقدير قيمتـها ومـدى قـدرا علـى استكـشاف أ

فاملعرفة ـ كل معرفة ـ ال تعدو وفقـا للتفـسري الـسلوكي ان تكـون . الواقع استجابة حتمية ملنبه شرطي كـسيالن اللعـاب مـن فـم الكلـب يف جتـارب

وبالتايل تصبح كـل معرفـة تعـبريا ، والربهان وليست نتيجة لالستدالل ، بافلوف والفكـرة ، عن وجود منبه شرطي هلا ال عن وجود مضموا يف الواقـع اخلـارجي

السلوكية نفسها ال تشذ عن هذه القاعدة العامة وال ختتلف عـن كـل االفكـار

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 339: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٣٩

ـ أاالخرى يف ت يأثرها بالتفسري السلوكي وسقوط قيمتها وعدم امكان دراستها ب .ن من االلوانلو

فلـيس االدراك والفكـر فعـال ، والواقع هو عكس ما رامته السلوكية متاما ـ كمـا ، نظـري افـزاز اللعـاب ، ينعكس عن منبـه شـرطي ، فيزيولوجيا زعمي يعـين شـيئا غـري جمـرد رد الفعـل ، بل نفس افزاز اللعاب هـذا ، السلوكيون

ملنبـه الـشرطي يعين ادراكا وهـذا االدراك هـو الـسبب يف اثـارة ا ، املنعكس فاالدراك هو احلقيقة الـيت تتبينـها وراء ردود فعـل املنبـه . لالستجابة املنعكسة

ونعـين ـذا ان افـزاز الكلـب ، وليس لونا من الوان تلك الـردود ، الشرطي كمـا تعتقـد ، يل حبـت آمل يكن جمـرد فعـل ، عند حدوث املنبه الشرطي ، لعابه

فخطـوات ، ول املنبـه الـشرطي بل كان نتيجة ادراك الكلـب مـدل ، السلوكية اصـبحت تـدل علـى ، باقتراا مع جميء الطعـام يف جتـارب متكـررة ، اخلادم فيفـرز لعابـه ، عنـد مساعهـا ، صبح الكلب يـدرك جمـيء الطعـام أو، جميئه

وكذلك الطفـل اذ يبـدو عليـه . استعدادا للموقف الذي يبشر به املنبه الشرطي ـ ، شيء من االرتياح اذا، بـل اخبـاره مبجيئهـا ، اعهعند يـؤ مرضـعته الرض

فان هذا االرتياح ليس جمـرد فعـل فيزيولـوجي يـنعكس . كان ميلك فهما لغويا بـل هـو منبثـق عـن ادراك الطفـل ، عن شيء خارجي ارتبط باملثري الطبيعي

ولـذا ، ويـشعر بارتيـاح ، اذ يستعد حينئـذ لالرتـضاع ، مدلول املنبه الشرطي ،االرتياح الذي يـثريه نفـس املنبـه الطبيعـي بني ، جند فرقا يف درجات االرتياح

،صـيل أجـل ان ذاك ارتيـاح أل، وبني االرتياح الذي تثريه املنبهات الـشرطية .مل والترقبوهذا ارتياح األ

وميكننا ان نربهن علميا على عدم كفاية التفسري الـسلوكي للـتفكري عـن اذ، فسساسها مـذهب اجلـشطالت يف علـم الـن أطريق التجارب اليت قام على

برهنت هذه التجارب على ان من املـستحيل ان نفـسر حقـائق االدراك علـى اساس سلوكي حبت وبوصفها جمرد استجابات للمنبـهات املاديـة الـيت يتلقـى

لكـي ، بـل جيـب ، الدماغ رسائلها يف صورة عدد من الدوافع العصبية املتفرقـة ه االجيـايب الفعـال ان نـؤمن بالعقـل ودور ، نفسر حقائق االدراك تفسريا كامال

خـذ االدراك أولن، وراء االنفعاالت واالستجابات العصبية اليت تثريهـا املنبـهات

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 340: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٤٠

لـوان االشـياء فقد اثبتت جتـارب اجلـشطالت ان رؤيتنـا أل ، احلسي مثال وخصائصها تعتمد اىل حد بعيد على املوقـف العـام الـذي جناـه يف ابـصارنا

فقـد نـرى اخلطـني متـوازيني او ، شـياء وعلى االرضية اليت حتيط بتلـك اال نواجههـا كموقـف وكـل متـرابط ، متساويني ضمن جمموعة مـن اخلطـوط

نمث نرامها ضـمن جمموعـة اخـرى غـري متـوازيني او متـساويني أل ، االجزاء ،اختلـف عـن املوقـف الـسابق ، املوقف العام الذي يواجهه ادراكنا البـصري

ـ ونـدرك االجـزاء بابـصارنا ، لوهذا يوضح ان ادراكنا ينصب اوال على الك ولذا خيتلف ادراكنا احلـسي للجـزء بـاختالف الكـل او ، ضمن ادراكنا للكل

فهناك اذن نظام للعالقـات بـني االشـياء يفرزهـا اىل ، اموع الذي يندرج فيه جماميع وحيدد لكل شيء موضعه من جمموعته اخلاصة ويطـور نظرتنـا اليـه تبعـا

وادراكنا لالشـياء ضـمن هـذا النظـام ال يقبـل ،للمجموعة اليت ينتمي اليها وال ميكن القول بانه استجابة ماديـة وحالـة جـسمية ناشـئة ، التفسري السلوكي

اذ لو كان حالة جسمية وظاهرة مادية منبثقـة عـن الـدماغ ملـا ، من منبه خاص بصارنا ككل منظم تـرتبط اجـزاؤه ارتباطـا خاصـا أاتيح لنا ان ندرك االشياء ب

ـ ـ حىت ان مجيـع مـا ألن ادراكنا هلا خيتلف اذا ابصرناها ضمن عالقات اخرى لف من جمموعة من الرسـائل تـرد اىل املـخ مـن أيصل اىل الدماغ يف االدراك يت

خمتلف اعضاء اجلسم جمزأة ضمن عدد من الـدوافع العـصبية املتفرقـة فكيـف ان ينـصب اتيح لنا ان ندرك نظام العالقات بني االشياء وكيف اتـيح لـالدراك

وال على الكل فال ندرك االشياء اال ضـمن كـل متـرابط بـدال عـن ادراك أ ذلك كله لـو مل يكـن هنـاك أمكن كيف، االشياء متفرقة كما تنتقل اىل الدماغ

وبكلمـة ، دور اجيايب فعال للعقل وراء االنفعاالت واحلـاالت اجلـسمية اـزأة ئل متفرقـة وهـي ان االشياء اخلارجيـة قـد تقـذف الـدماغ برسـا ، اخرى

وقـد حيلـو للـسلوكية ان ، استجاباتنا للمنبهات اخلارجية يف عرف الـسلوكية تقول ان هذه االستجابات والرسائل املادية اليت متر يف االعـصاب اىل املـخ هـي

ولكن ماذا تقـول عـن ادراكنـا لنظـام مـن ، وحدها احملتوى احلقيقي الدراكنا ، بالكل املوحـد وفقـا لتلـك العالقـات والأالعالقات بني االشياء جيعلنا حنس

مع ان النظام العالقات هذا ليس شيئا ماديا ليثري انفعاال ماديـا يف جـسم املفكـر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 341: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٤١

،فال ميكننا ان نفسر ادراكنا هلـذا النظـام ، واستجابة او حالة جسمية معينة .سلوكي حبت أساس وبالتايل ادراكنا لالشياء ضمنه على

:ورتبت عليه) بافلوف(ت بنظريات واما املاركسية فقد اخذ نـه حـصيلة يتطور طبقا للظروف اخلارجيـة وذلـك أل ، ان الشعور : والأ

.االعمال املنعكسة الشرطية اليت تثريها املنبهات اخلارجية :قال جورج بوليتزير

ــت [ ــة اثب ــذه الطريق ــافلوف(و ــدد ) ب ــا حي ــاأان م ساســسان ــعور االن ــضوي ، ش ــازه الع ــيس جه ــدده ... ل ــل حي ــىب عل

ــع ــك اتم ــس ذل ــسان ، عك ــه االن ــيش في ــذي يع ــة، ال واملعرفــه ــا من ــصل عليه ــيت حي ــاة . ال ــة للحي ــالظروف االجتماعي ــي ، ف ه

.)١(]املنظم احلقيقي للحياة العضوية الذهنية الـذي نقـل البـشر ، كانت هي احلدث االساسـي ، ان والدة اللغة : ثانيا

ا تـنجم عـن منبـه خـارجي امن، فكرة الشيء يف الذهن ألن ،اىل مرحلة الفكر مـا مل تقـم ، فلم يكن من املمكن ان توجد لالنسان فكرة عـن شـيء ، شرطي

.داة كاللغة بدور املنبه الشرطيأ :قال ستالني

ـ [ قبــل ان نعــرب ، يت يف روح االنــسانأيقــال ان االفكــار تـ اال. واـــا تولـــد دون ادوات اللغـــة، عـــن نفـــسها يف احلـــديث

ــ ــذا خط ــاأان ه ــا كا، متام ــارفمهم ــت االفك ــ، ن ــيت ت يت يف روحأالــسان ــى ، االن ــه اال عل ــد او توج ــن ان تول ــال ميك ــاس ف ادوات أس

.)٢(]فاللغة هي الواقع املباشر للفكر... اللغة

.٧٩ ـ ٧٨ املادية واملثالية يف الفلسفة ص ـ 1 .٧٧ يف الفلسفة ص املادية واملثاليةـ 2

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 342: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٤٢

ليـة يف االدراك وال نقـر اآل ، ينيأوحنن خنتلف عن املاركسية يف كـال الـر عـن احملـيط ،فليست االفكار واالدراكات جمرد ردود فعـل منعكـسة ، البشريـ ، كما تدعي السلوكية، اخلارجي ـ حصيلة تلك الردود احملـددة أيضا وليست .واملتطورة بتبعها كما تعتقد املاركسية، من قبلها

خـذان أفي، يلتقي زيد وعمرو يوم الـسبت : لة يف املثال التايل أولنوضح املس صـباح انتظـرين يف : فيقـول زيـد لعمـرو ، مث حياوالن االفتراق ، باحلديث مدة

وينـصرف كـل منـهما اىل حياتـه . ويفترقان بعد ذلك . تية يف بيتك اجلمعة اآل فيـستذكر كـل مـن ، ومتر االيام حىت حيني املوعد احملـدد للزيـارة ، االعتيادية

فيبقـى عمـرو ، خرويدرك موقفه بصورة خمتلفة عن ادراك اآل ، الشخصني موعده فمـا هـو املنبـه الـشرطي . يارتهوخيرج زيد من بيته متوجها اىل ز ، يف بيته ينتظر

يـام علـى أبعـد مـرور عـدة ، ثار فيهما االدراكني املختلفني أالذي ، اخلارجي واذا كـان الكـالم الـسابق كافيـا ! ويف هذه الساعة بالـذات؟ ، امليعاد السابق

وملـاذا ال ! ن مجيع احاديثهما الـيت تبادالهـا؟ فلماذا ال يتذكران اآل ، نللتنبيه اآل ختـرج مـن : خـر آومثـال ! اديث بدور التنبيـه واالسـتثارة؟ تقوم تلك االح

عازمـا علـى وضـعها يف صـندوق ، وقد وضعت رسـالة يف حقيبتـك ، البيت ،فتـصادف يف طريقـك صـندوقا للربيـد ، نت تتجه حنـو املدرسـة أو، الربيد

مث قـد متـر بعـد . فتـضعه فيـه ، فتدرك فورا ان الكتاب ال بد من وضعه فيـه فمـا هـو املنبـه ، فال تسترعي انتباهك مطلقـا ، ربيدذلك على عدة صناديق لل

وقد تقـول ان املـثري هـو رؤيـة ! املثري الدراك عند رؤية اول صندوق للربيد ؟ .فهـو منبـه شـرطي ، باعتبار انك اشـرطته باملنبـه الطبيعـي ، الصندوق نفسه

وملـاذا زال االشـراط فـورا ! ولكن كيف نفسر غفلتنا عن الصناديق االخـرى؟ !ء حاجتنا ؟مبجرد قضا

ولـيس ، تعرف ان الفكرة نشاط اجيـايب فعـال للـنفس ، ففي ضوء االمثلة كمـا ، كما انه ليس هو الواقـع املباشـر للعلـة ، رهن ردود الفعل الفيزيولوجية

وليـست هـي املكونـة لتلـك ، داة لتبادل االفكار أبل اللغة ، زعمت املاركسية ،للفـظ املناسـب لـه ولذا قد نفكر يف شيء ونفـتش طـويال عـن ا ، االفكار

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 343: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٤٣

يف نفس الوقت الذي تتكلم فيـه عـن ، وقد نفكر يف موضوع ، للتعبري به عنه .خرآموضوع

بنقـد ) اقتـصادنا (وقد قمنا يف دراستنا املوسعة للمادية التارخيية يف كتـاب ركسية عن االدراك البشري من ناحية عالقتـه بـالظروف مستوعب لنظريات املا

كمـا تناولنـا ، الظـروف االقتـصادية أساس وتفسريه على االجتماعية واملادية جـل وأل. ي املاركسي القائل بانبثاق الفكر من اللغة وارتباطـه ـا أالر، بتفصيل

هذا نكتفي هنا مبا جاء يف الطبعة االوىل من هـذا الكتـاب اسـتغناء بدارسـتنا املوسعة يف احللقة الثانية ـ اقتصادنا ـ

ـ روف املاديـة ـ اذن ـ ال حتـدد افكـار النـاس فاحلياة االجتماعية والظ .لية ـ عن طريق املنبهات اخلارجيةآومشاعرهم ـ بصورة

فكاره تكييفا اختياريا بالبيئة واحمليط كمـا نـادت أنعم ان االنسان قد يكيف ثرا بنظريـة التطـور عنـد ال مـارك يف أبذلك املدرسة الوظيفية يف علم النفس ت

كـذلك االمـر ، ئن احلي يتكيف عضويا تبعـا حمليطـه فكما ان الكا ، البيولوجيا .يف حياته الفكرية

:ولكنا جيب ان نعلم الـيت وظيفتـها تنظـيم ، ان هذا التكيف يوجد يف االفكـار العمليـة : والأ

الـيت وظيفتـها ، مليـة أوال ميكـن ان يوجـد يف االفكـار الت ، احلياة اخلارجية وغريمهـا مـن االفكـار ، ياضـية او الر، فاملبادىء املنطقيـة . الكشف عن الواقع

واال، وال تتكيـف مبقتـضيات البيئـة االجتماعيـة ، تنبع مـن العقـل ، مليةأالت اذ لـو كانـت ، يف كـل حقيقـة ، لكان مصري ذلك اىل الشك الفلسفي املطلـق

مل يـؤمن علـى ، وتتغري تبعـا هلـا ، تتكيف بعوامل احمليط ، ملية مجيعا أاالفكار الت .والتبدلأي فكرة حقيقة من التغري

لـيس آليـا ، مبقتضيات البيئـة وظروفهـا ، ان تكيف االفكار العملية : ثانيا تـسوقه اىل جعـل ، من دوافع اراديـة يف االنـسان أينش، بل هو تكيف اختياري

وبذلك يزول التعارض ـ متاما ـ بـني املدرسـة ، النظام املنسجم مع حميطه وبيئته

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 344: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٤٤

.النفسواملدرسة الغرضية يف علم ، الوظيفية يف ضـوء ، طبيعـة هـذا التكيـف وحـدوده ، )جمتمعنا(وسوف ندرس يف

النـه مـن القـضايا الرئيـسية يف دراسـة ، عن اتمع والدولة ، مفاهيم االسالم كـل النـواحي الـيت ، ويف تلك الدراسـة سنـستويف بتفـصيل . اتمع وحتليله

.اختصرنا احلديث عنها يف حبث االدراك هذا .مد هللا رب العاملنيخر دعوانا ان احلآو

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 345: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٤٥

○ الفهرس ○ الصفحة املوضوع

٧ .......................................................كلمــة املؤلــف ــد ١١. .................................................................متهي

ـ االجتـاه الرأمساليـة لة االجتماعية ـ املذاهب االجتماعية ـ الدميقراطيـة أاملس ـ مآسـي النظـام الرأمساليـة ـ موضـع االخـالق مـن الرأمساليةاملادي يف

الرأمسايل ـ االشتراكية والشيوعية ـ التعليل الصحيح للمشكلة ـ كيف تعـاجل . الديناملشكلة؟ ـ رسالة

١

نظرية املعرفة ٥١.......................................... ـ املصدر االساسي للمعرفة ١

ــي ــصدره األساس ــصور وم ٥٢..................................... الت ٥٣......................... نظريات االستذكار االفالطونيـة – ١ ــة – ٢ ٥٤............................ ..... النظريـــات العقليـ ٥٧.......................................... النظرية احلـسية – ٣ ٦١.......................................... نظرية االنتـزاع – ٤ ٦٣.................................... التصديق ومصدره االساسي ٦٣......................................... . ـ املذهب العقلـي ١ ٦٦........................................ ـ املذهب التجـرييب ٢ ٧٩.......................................... املاركسية والتجربـة ٨٢..................................... التجربة والكيان الفلـسفي ٩٠...................................... سة الوضعية والفلسفة املدر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 346: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٤٦

٩٥..... .......................................... ـ قيمـة املعرفـة ٢ــان ١ ٩٧.......................................... ـ آراء اليون ٩٨......... ..................................... ـ الـديكارت ٢

١٠٢........................................... ـ جون لـوك ٣ ــاليون ٤ ١٠٤............................................. ـ املث ١١٥....................................... أ ـ املثالية الفلـسفية ١٢٢..................... .................ب ـ املثالية الفيزيائيـة ١٢٣............................... الـشك احلـديث ـ أنصار ٥ ١٢٥............................................. ـ النــسبيون ٦ ١٢٦........................................... أ ـ نسبية كانـت ١٣٣.......................... ..............ب ـ النسبية الذاتيـة ــي ــشك العلم ١٣٤............................................ ال ١٤١..................................... نظرية املعرفة يف فلـسفتنا ــة ١٤٥.......................................... النــسبية التطوريــة ــة واملثالي ١٤٥....................................... ...التجرب ١٥٢..................................... التجربة والشيء يف ذاتـه ١٥٩................................ احلركة الديالكتيكية يف الفكـر ١٦٣.................................. أ ـ تطور احلقيقة وحركتها ١٦٩.............................. جتماع احلقيقة واخلطـأ ب ـ ا ١٧٥........................... التعديالت العلمية واحلقائق املطلقـة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 347: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٤٧

٢

املفهوم الفلسفي للعامل الصفحة املوضوع

١٧٩...................................................... املفهوم الفلسفي ١٨٠.............................................. تصحيح اخطاء

١٨٣.......................................... ايضاح عدة نقاط ١٨٧........................... االجتاه الديالكتيكي للمفهوم املادي

١٩١.................. ........................ الديالكتيك أو اجلدل ل ١٩٧.......................................... ـ حركة التطور ١

٢١٩....................................... ـ تناقضات التطور ٢ ٢٢٣............................... أ ـ ما هو مبدأ عدم التناقض؟ ٢٢٥........................ ة التناقض؟ ب ـ كيف فهمت املاركسي ٢٣٧.......................... اهلدف السياسي من احلركة التناقضية ٢٤١........................................ ـ قفزات التطور ٣ ٢٥١........................................ ـ االرتباط العام ٤ ٢٥٥................................ ول االرتباط العام نقطتان ح

٢٦١.......................................................... مبدأ العلية ٢٦١................................ العلية وموضوعية االحساس ٢٦٣............. ......................العلية والنظريات العلمية ٢٦٥.......................................... العلية واالستدالل ٢٦٦..................................... امليكانيكية والديناميكية ٢٦٨.................................... مبدأ العلية وامليكروفيزياء

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 348: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٤٨

الــصفحة املوضوع

٢٧٢.................................... ملاذا حتتاج االشياء اىل علة ٢٧٢.......................................... أ ـ نظرية الوجـود ٢٧٤......................................... ب ـ نظرية احلدوث ٢٧٤.......... دي ج و د ـ نظرية االمكان الذايت واالمكان الوجـو ٢٧٧................................. التأرجح بني التناقض والعليـة ٢٧٩.................................... التعاصر بني العلة واملعلول ٢٧٩.......................................... املناقــشة الكالميــة ٢٨٠.................................... ......املعارضة امليكانيكية

ــادة أو اهللا ٢٨٥.......................................................... امل ٢٨٦...................................... املادة على ضوء الفيزياء ٢٩١ ..................................... نتائج الفيزيـاء احلديثـة ٢٩٢.................................... النتيجة الفلسفية من ذلك ــريبيني ــع التجـ ٢٩٤...................................... مـ ٢٩٥....................................... مـــع الـــديالكتيك ــسفة ــادة والفل ٢٩٧.......................................... امل ٣٠٢..................................... اجلزء والفيزياء والكيمياء

ــسفة ــزء والفل ٣٠٤.......................................... اجل ٣٠٥.......................................... النتيجــة الفلــسفية ــة ــادة واحلرك ٣٠٦.......... ................................املــدان ــادة والوج ٣٠٨.......................................... امل ٣٠٩.......................................... املادة والفيزيولوجيا ٣١٠.......................................... املـادة والبيولوجيـا ٣١٢.............................. ............املادة وعلم الوراثـة ٣١٣.......................................... املادة وعلم الـنفس ٣١٩............................................................... االدراك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 349: فلسفتنا السيد محمد باقر الصدر

٣٤٩

الــصفحة املوضوع ٣٢٢................ .........االدراك يف مستوى الفيزياء والكيمياء ٣٢٢............................. االدراك يف مستوى الفيزيولوجيـا ــسية ــوث النف ٣٢٤............................. االدراك يف البحــسفي ــه الفل ٣٢٨............................. االدراك يف مفهومــسان ــب الروحــي يف االن ٣٣٤................... ..........اجلانــشرطي واالدراك ــنعكس ال ٣٣٦............................. امل ٣٤٥.......................................................... الفهـــرس

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com