This document is posted to help you gain knowledge. Please leave a comment to let me know what you think about it! Share it to your friends and learn new things together.
Transcript
1
اإلماـ السجاد: الكتاب
اد جياد وأمجاداإلماـ السج الكتاب الذي أحرز الجائزة
التأييد فاىتدى بيا، وألفتو أوراد العبادة فأنس بصحبتيا وحالفتو وظائؼ الطاعة فتحمى بحميتيا، طالما اتخذ الميؿ مطية ركبيا لقطع طريؽ اآلخرة، وظمأ اليواجر دليبل استرشد بو في مفازة المسافرة، ولو
(.ف الباصرة، وثبت باآلثار المتواترة، وشيد لو أنو مف مموؾ اآلخرةالخوارؽ والكرامات ما شوىد باألعي مطالب السؤوؿ
2
(عميو السبلـ)معالـ الحياة العامة في عصر اإلماـ (:عميو السبلـ)عصر اإلماـ
باضطراب سياسي، واجتماعي، واقتصادي، ولـ يشيده ( عميو السبلـ)مني عصر اإلماـ زيف العابديف حف بالفتف الفظيعة واألحداث الجساـ مما جعمو يفقد روح االستقرار والطمأنينة فقد ش. عصر مف قبؿ
لقد أمعف الحكـ األموي في نشر الظمـ . ويعيش في دوامة مف القمؽ والقتؿ والتشريد والتجويعواالضطياد، فأرغـ الناس عمى ما يكرىوف حتى بات كؿ فرد منيـ يعيش عمى أعصابو لما يساوره مف
.الـ والمصائب التي ينتظرىا في كؿ حيفاليمـو واآلواألحداث السياسية التي ( عميو السبلـ)وسوؼ نوجز القوؿ عف معالـ الحياة العامة في عصر اإلماـ .داىمت المسمميف والتي عانوا منيا أمر الفتف وأخطر الخطوب
التي كانت تحيط كما نتحدث عف معالـ الحياة االقتصادية واالجتماعية، ذلؾ أف معرفة الظروؼ ىذهتعطينا وضوحا كامبل عف مواقؼ وأىداؼ وأحداث تعامؿ معيا اإلماـ في زمنو، ( عميو السبلـ)باإلماـ
.ومع أشخاص عاصرىـ سواء كانوا مموكا أو والة أو عمماء أو عامة الناس (.ـعميو السبل)إف المعرفة التفصيمية ليذه األمور تساعدنا كثيرا عمى فيـ شخصية اإلماـ
:األئمة الذيف عاصرىـعشر سنيف، ومع ( عميو السبلـ)ولو مف العمر سنتاف، واإلماـ الحسف ( عميو السبلـ)عاصر اإلماـ عمي
.عشر سنيف، وكاف عمره يقارب السبع والخمسيف سنة( عميو السبلـ)اإلماـ الحسيف فتح عينيو عمى صراعات المحف والحروب ومكابدة اإلماـ عمي ( عميو السبلـ)وىكذا نرى كيؼ أف اإلماـ
ضد معاوية الذي تمسؾ بكرسي الحكـ غاصبا معاندا؛ وكيؼ تقاعس أىؿ العراؽ عف ( عميو السبلـ) .حتى عقد الصمح مع معاوية مكرىا ( عميو السبلـ)مناصرة اإلماـ الحسف
في كرببلء، وأىؿ ( عميو السبلـ)ثـ شاىد اإلماـ بأـ عينيو، وىو في ريعاف شبابو مأساة أبيو الحسيف واحدا، ورأى سبي النساء إلى دمشؽ، وتحمؿ ثقؿ القيود ومجابية يزيد وعبيد اهلل بيتو، ورأى مقتميـ واحدا
.بف زياد، واألمة التي خذلتيـ وتفرجت عمى قتميـ ثـ عادت فبكت عمييـ نادمة تائبة :الحياة السياسية
3
ر ألواف مف القمؽ واالضطراب، فقد خيـ الذع( عميو السبلـ)ساد الحياة السياسية في عصر اإلماـ والخوؼ عمى الناس وفقدوا جميع أشكاؿ
. األمف واالستقرار، مما سبب تفكؾ المجتمع وشيوع األزمات السياسية الحادة، واندالع الثورات المتبلحقةوالسبب األوؿ واألخير في كؿ ىذه األحداث المؤلمة يعود إلى طبيعة الحكـ األموي والفساد الذي
:وقد صور ىذا الحكـ الفاسد أحد الشعراء فقاؿ. والةاستشرى في الببلد مف قبؿ المموؾ وال فنحف األكثروف حصى وماال... ... فدع عنؾ ادكارؾ آؿ سعدى نسوميـ المذلة والنكاال... ... ونحف المالكوف الناس قسرا
وما نألوىـ إال خباال... ... ونوردىـ حياض الخسؼ ذال والخطوب لمكثير مف المسمميف وأحدث ليـ الفتف والمصائب لقد سبب الحكـ األموي الكثير مف المصائب
:مف ىذه المظاىر البارزة ليذا الحكـ الظالـ. التي ألقتيـ في أدىى الشرور :الجور واالستبداد
لقد استبد األمويوف في حكميـ الشعوب اإلسبلمية وجاورا كثيرا، فمـ يكف ىناؾ قانوف تسير عميو الدولة، نما كاف حكما مزا وقد وصفو . حما يخضع لمشيئة مموكيـ ورغباتيـ، وأىواء وزرائيـ وعواطؼ والتيـوا
إف نظاـ الحكـ في عيد مموؾ األموييف لـ يكف إال ما نسميو في : )العبلمة الشيخ عبد اهلل العبليمي فقاؿنطؽ ، ىذا النظاـ الذي ييدر الدماء، ويرفع التعارؼ عمى الم(نظاـ األحكاـ العرفية)لغة العصر بػ
القانوني، وييدد كؿ امرئ في وجوده، وفي ىذا العصر إذا كاف يتخذ في ظروؼ استئنافية، ولحاالت قرار األمف، فقد كاف في العيد األموي ىذا النظاـ السائد، وفي الحؽ أنو ال خاصة يراد بيا اإلرىاب، وا
صر األموي سمطة قضائية يمكننا أف نسمي ىذا سمطة قضائية البتة، بؿ ننكر بكؿ قوة أف يكوف في العبالمعنى الصحيح إال في فترات ال تمبث حتى يكوف التبايف طاغيا، وأكبر الشواىد عمى ىذا أف الخميفة أو
حكومتو تأتي ما تيوى بدوف أف (...()تتخذ لمآتييا شكميات قانونية عمى األقؿ مما يشعر باحتراـ السمطة
زة في الحكـ األموي اتخذ فيو المموؾ منيجا خاصا، انيارت لقد أصبح االستبداد السياسي الظاىرة البار .بسببو قواعد العدؿ السياسي ومبادئ الحرية االجتماعية
:اإلرىاب والتجويع( عميو السبلـ)استخدـ معاوية أبشع أنواع القتؿ واإلرىاب فدس السـ في العسؿ وغيره، كما سـ الحسف
وشيعتيـ ( عمييـ السبلـ)يتوانى عف الفتؾ والقتؿ في أىؿ البيت ال .. إف هلل جنودا مف عسؿ: وكاف يقوؿ .وأنصارىـ
:كتب معاوية إلى عمالو كتابا واحدا إلى جميع البمداف
:القضاء عمى الحريات العامة -ج لقد قضي عمى الحريات العامة في العيود األموية ولـ يعد ليا أي
واقع الحياة، وبصورة خاصة حرية الرأي والقوؿ، فبات أي فرد مف المواطنيف ال يستطيع أف ظؿ عمى ، فكؿ مف يتظاىر (عمييـ السبلـ)يدلي برأيو، وبما يفكر بو وباألخص في ما يتعمؽ بالوالء ألىؿ البيت
الكوفة مجموعة مف وقد عمقت في الساحات العامة في . بحبيـ والوالء ليـ يتيـ بالكفر واإللحاد والزندقةجثث رجاؿ الفكر والعمـ في اإلسبلـ قد صمبوا أياما عمى األعمدة بسبب حبيـ لئلماـ أمير المؤمنيف
__________ وما ي الحديد صعف شرح نيج الببلغة البف أب/ ثورة الحسيف لمشيخ محمد ميدي شمس الديف( )
.بعدىا
بيف القبائؿ العربية حفاظا عمى ممكو وىي السياسة االستعمارية نفسيا، ( فرؽ تسد)اتبع معاوية سياسة والتي نفذىا وال يزاؿ ينفذىا االستعمار الغربي في ببلدنا، وىدؼ معاوية مف ىذه السياسة إلياء القبائؿ
بث معاوية روح البغضاء والنفرة بيف القبائؿ العربية فشغمت ىذه القبائؿ بأحقادىا الصغيرة عف مقارعة وشغؿ زعماء ىذه القبائؿ بالسعي عند المموؾ األموييف لموقيعة -الحكـ األموي–حقيقي خصميا ال
بأعدائيـ القبمييف، وفاز معاوية وخمفاؤه مف بعده، بكونو حكما بيف أعداء ىو الذي أشعؿ النيراف العدائية بينيـ مف حيث ال يشعروف، ووحدىـ في طاعتو مف حيث ال يدروف، وقد
إلى أف يقفوا دائما مع الحاكميف ضد الثائريف ليحافظوا عمى االمتيازات الممنوحة ليـ، دفعيـ ىذا الوضع فكانوا يقفوا في وجو كؿ محاولة تيدؼ إلى الثورة عمى النظاـ القائـ وينخذلوف عنيا بؿ ويتسابقوف في
(.()طة القائمةاستخداـ أقصى ما يممكوف مف نفوذ ودىاء في ىذا السبيؿ لمتأكيد عمى والئيـ التاـ لمسمإف } : وبدييي أف اإلسبلـ حارب العنصرية ببل ىوادة وجعميا نوعا مف أنواع الجاىمية فقد قاؿ اهلل تعالى
ال فرؽ بيف عربي وأعجمي إال (: )صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)وقاؿ رسوؿ اهلل { أكرميـ عند اهلل أتقاكـ (.بالتقوى، كمكـ آلدـ وآدـ مف تراب
__________ .ثورة الحسيف لمشيخ محمد ميدي شمس الديف، ص( )
يوف الشريعة اإلسبلمية وتنكروا لئلسبلـ فأقصوا جميع نظمو ومبادئو عف المسمميف، أىمؿ المموؾ األمو كاف األمويوف طغاة، مستبديف، النتياكيـ : )يقوؿ نيكمسوف. ولـ يعد ألحكاـ القرآف أي وجود في أجيزتيـ
(...()قوانيف اإلسبلـ وشرائعو، وامتيانيـ لمثمو العميا، ووطئيا بأقداميـمموكيـ بالكفر واإللحاد ودفنوا المبادئ اإلسبلمية ونظميا، فشربوا الخمر وعاثوا في لقد جاىر أكثر
لـ يكتؼ معاوية بأساليب التفرقة والقتؿ والترغيب والترىيب في القضاء عمى مناوئيو، فئلحكاـ سيطرتو استغؿ الجانب الديني استغبلال مشوىا ومنحرفا عـ .. ع الديني عمى حكموعمى الناس وإلضفاء الطاب
.ىدفو األصيؿ ومف ىذه األساليب اختبلؽ األحاديث واألساطير والبدع الغربية عف روح اإلسبلـإف معاوية وضع قوما مف الصحابة، وقوما مف التابعيف عمى رواية : ذكر شيخنا أبو جعفر اإلسكافي)
، تقضي الطعف فيو والبراءة منو، وجعؿ ليـ (عميو السبلـ)ة وقبيحة في عمي بف أبي طالب أخبار كاذب عمى ذلؾ جعبل
يرغب في مثمو فاختمقوا ما أرضاه ومنيـ أبو ىريرة، وعمرو بف العاص، والمغيرة بف شعبة، ومف التابعيف .عروة بف الزبير
إف اهلل ائتمف عمى وحيو (: عميو وآلو وسمـصمى اهلل)روى أبو ىريرة، شيخ المضيرة، عف رسوؿ اهلل ف النبي : ثبلثا خذ ىذا : ناوؿ معاوية سيما وقاؿ لو( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)أنا وجبرائيؿ ومعاوية، وا
(.أنا مدينة العمـ وعمي بابيا ومعاوية حمقتيا: )حتى تمقاني في الجنة؛ وحديث آخر زاد في آخرهمف رأى مف أميره شيئا يكرىو فميصبر عميو، فإف مف : )لتي تجور الظمـ منياثـ األحاديث المختمفة ا
(.()فارؽ الجماعة شبرا فمات إال ميتة جاىمية__________
عمى كتابة الوحي مف رب العالميف مثؿ ىذا اإلنساف الجاىمي البعيد كؿ البعد عف اإلسبلـ، والذي لـ يمج نما بقي مموثا بأفكاره الجاىمي وقد سخر . ة السوداءفي ضميره أي بصيص مف نور اليداية والحؽ، وا
المحدثيف التجار والمرتزقة المحدثيف التجار والمرتزقة مف وعاظ السبلطيف ليختمقوا لو األحاديث المزورة لكف مف يقرأ سيرتو بإمعاف وتجرد يجده إرىابيا محترفا ال عبلقة لو بالمثؿ . والمختمفة ليوىـ الناس بيا
7
.بيف الديف اإلسبلميالكريمة والصفات الخيرة، وال قرابة بينو و .مذىب الجبر: مف تمؾ البدع التي اخترعيا
ضفاء الشرعية عميو إذ أف شجع معاوية عمى نشر ىذا المذىب ألف ذلؾ يساعد عمى تدعيـ ممكو وا ف المموؾ واألمراء منصبوف مف قبؿ اهلل عمينا : فكرتو تقوؿ سواء –إف كؿ ما يحدث لنا ىو مف اهلل، وا
ن -رضينا أـ أبينا أنا مجبور عمى: نا مجبوروف في أفعالنا، فكاف الرجؿ منيـ يزني ويقوؿوا وىذا ما يعطي تبريرا مزيقا لكؿ أحكاـ الظمـ والجور .. أنا مجبور عمى ذلؾ: ويسرؽ ويقوؿ.. عممي
…والقتؿ التي كاف يستخدميا المموؾ األمويوف أمثاؿ معاوية بف أبي سفياف وابنو يزيد :سياسة التجييؿ -ز
جيؿ الناس لؤلمور يفقدىـ المقاييس التي يقيسوف بيا األشياء واألحداث، وىذا مما يفيد السمطة إف وىذه السياسة الغاشمة . الغاشمة، إذ يتيح ليا الفرصة بعدـ مراقبة الناس ليـ ومحاسبتيـ عمى أخطائيـ
حوا أحكاـ اهلل كما شجعت األموييف عمى نشر الجيؿ ولـ ييتموا بنشر العمـ بيف أفراد األمة، ولـ يوضفبرز األدعياء الجاىميوف … ىي عمى حقيقتيا بؿ حرفوىا واختمقوا األحاديث الموضوعية كما رأينا
:والمرتزقة المحترفوف، وتوارى العمماء والمؤمنوف عف الساحة وأصبح الوضع كما قاؿ أبو العبلء المعري
فاضؿووا أسفا يظير النقص ... فوا عجبا كـ يدعي الفضؿ ناقص تجاىمت حتى ظف أني جاىؿ... ولما رأيت الجيؿ في الناس فاشيا
ويا نفس جدي إف دىرؾ ىازؿ... ... فيا موت زر إف الحياة ذميمة لذلؾ نجد أف سوؽ الكذابيف والوضاعيف )… ىذه السياسة قد فعمت فعميا وأثرت تأثيرا كبيرا في األمة
يـ قد راج وصاروا ىـ أىؿ البيت عف الساحة وأجبروىـ وحتى بعض مف أسمـ مف أىؿ الكتاب أف سوقحتى لنجد اإلماـ السجاد يقوؿ في الصحيفة السجادية في دعاء لو خاص يـو الجمعة . عف التخمي عنيا
:وعرفةالميـ إف ىذا المقاـ لخمفائؾ وأصفيائؾ، ومواضع أمنائؾ في الدرجة الرفيعة التي اختصصتيـ بيا قد )
وتؾ وخمفاؤؾ مقيوريف مبتزيف يروف حكمؾ مبدال وكتابؾ منبوذا وفرائضؾ محرفة ابتزوىا حتى عاد صف عف
(.()جيات أشراعؾ، وسنف نبيؾ متروكةكؿ ىذه السياسات الخبيثة والمدبرة فعمت فعميا في المجتمع اإلسبلمي وضممت قطاعات واسعة مف
بالباطؿ وأثمرت سياسة معاوية حسب حتى التبست أمور كثيرة في أذىاف الناس، واختمط الحؽ . األمة .مخططيا وآتت أكميا
فقد عممت سياسة معاوية المالية وأسموبو الوحشي، الناس عمى الدجؿ والنفاؽ والسكوت عف الحؽ، )
8
والتظاىر بخبلؼ ما يعتقدوف توصبل إلى دنيا معاوية وتمسكا بروحيـ القبمية التي تفرض عمييـ أف وف ترو أو تفكير، وىذا الوضع الشاذ الذي فرض عمييـ، أف يخفوا دوما ما يتبعوا ساداتيـ القبمييف د
يعتقدونو حقا واقعا، وأف يتظاىروا بما تريده السمطة منيـ، ولد عندىـ ازدواج الشخصية، ىذا االزدواج موييف الذي يرجع إليو سر المأساة الدامية الطويمة األمد التي عاشيا الثائروف عمى حكاـ الجور مف األعميو )والعباسييف ومف تبلىـ مف الظالميف، وىذا االزدواج في الشخصية صورة الفرزدؽ لئلماـ الحسيف
(.()قموبيـ معؾ وسيوفيـ عميؾ: )حيف لقيو في بعض الطريؽ فسألو عف أىؿ الكوفة فقاؿ لو( السبلـ :الوضع النفسي لؤلمة
الحروب المتبلحقة خبلؿ سنوات تقريبا، حروب الجمؿ وصفيف والنيرواف، والحروب الخاطفة التي نشبت بيف القطع الشامية وبيف مراكز الحدود في العراؽ والحجاز واليمف بعد التحكيـ ولدت في نفوس أصحاب
ت عمييـ سنوات وىـ ال يضعوف سبلحيـ فقد مر . حنينا إلى السمـ واالستراحة( عميو السبلـ)اإلماـ عمي مف حرب إال ليشيروه في حرب أخرى
نما يحاربوف إخوانيـ وعشائرىـ وأصحابيـ إلى جانب ىذا كانوا ال يحاربوف جماعات غربية عنيـ، وا وال ريب أف مثؿ ىذا الشعور بدأ يظير بوضوح في آخر عيد اإلماـ . الذيف تربطيـ بيـ مودة ومعرفة
يـ باليزيمة أماـ مراوغة خصميـ في يـو التحكيـ، حيث اكتشؼ زعماء القبائؿ ومف عمي إثر إحساسإلييـ أف سياسة أمير المؤمنيف ال يمكف أف تمبي مطامحيـ التي تزكييا سياسة معاوية في دفع الماؿ
قطاع الواليات، فحاولوا إذكاء ىذا الشعور والتأكيد عميو نفوذىـ وقد ساعد عمى تأثير ىؤالء الزعماء و . وا في ألوساط المجتمع الروح القبمية التي استفحمت في عيد عثماف بعد أف أطمقت مف عقاليا بعد وفاة
:كما وصفو أحد الشعراءف ترشد غزية أرشد... نا إال مف غزية إف غوت وما أ غويت وا
وقد عبر الناس عف رغبتيـ في الدعة وكراىيتيـ لمقتاؿ بتثاقميـ عف الخروج لحرب الفرؽ السورية التي فمـ يستجيبوا إلماـ عمي حيف دعاىـ لمخروج ثانية إلى . كانت تغير عمى الحجاز واليمف وحدود العراؽ
:صفيفعف رغبتيـ في الدعة وكراىيتيـ لمقتاؿ بتثاقميـ عف الخروج لحرب الفرؽ السورية التي ولما عبر الناس
9
فمـ يستجيبوا لئلماـ عبي حيف دعاىـ لمخروج ثانية إلى . تعبر عمى تغير الحجاز واليمف وحدود العراؽ .صفيف
ىرة عمى أشدىا، وبويع لئلماـ الحسف بالخبلفة برزت ىذه الظا( عميو السبلـ)ولما استشيد اإلماـ عمي ثـ جيز . وخاصة عندما دعاىـ اإلماـ الحسف لمتجييز لحرب الشاـ، حيث كانت االستجابة باردة جدا
جيشا ضخما إال أنو كتب عميو اليزيمة قبؿ مبلقاة العدو وذلؾ بسبب التيارات المتعددة التي كانت بعضيـ خوارج يؤثروف قتاؿ معاوية بعضيـ شيعة لو وألبيو، و : خؼ معو أخبلط مف الناس)فقد . تتجاذبو
بكؿ حيمة، وبعضيـ أصحاب حيمة وطمع في الغنائـ، وبعضيـ شكاؾ وأصحاب عصبية اتبعوا رؤساء وحيف خطبيـ . وكاف ىؤالء قد باعوا أنفسيـ مف معاوية واعديف بأف يسمموه الحسف حيا أو ميتا (. قبائميـ
. بينما ىاجمتو طائفة تريد قتمو(البقية البقية)انب اإلماـ الحسف ليختبر مدى إخبلصيـ ىتفوا مف كؿ ج وفي
.الوقت نفسو أخذ الزعماء يتسمموف تحت جنح الميؿ بعشائرىـولما رأى اإلماـ الحسف، أماـ ىذا الوضع السيء، أف الظروؼ النفسية واالجتماعية في مجتمع العراؽ
الحرب ستكمفو استئصاؿ المخمصيف جعمت ىذا المجتمع عاجزا عف النيوض بتبعات القتاؿ، ورأى أف ىكذا كانت الحاؿ في . مف أتباعو بينما يتمتع معاوية بنصر حاسـ، حينئذ جنح إلى الصمح بشروطيا
وفيما بعدىا فقد ازدادت سوءا ( عميو السبلـ)عيد اإلماـ الحسف أما حالة الناس أثناء ثورة اإلماـ الحسيف :أو أصبح األمر أكثر حراجة
الناس : )وؼ قد أطبؽ عمى الناس، وقؿ الديانوف كما أشار إلى ذلؾ اإلماـ الحسيف بقولوفالذعر والخ (.عبيد الدنيا والديف لعؽ عمى ألسنتيـ يحوطونو ما درت معائشيـ فإذا محصورا بالببلء قؿ الديانوف
دمائو يقاتؿ مع قمة مف أىؿ بيتو وأصحابو حتى سقط شييدا مخضبا ب( عميو السبلـ)وظؿ الحسيف وحينما . الطاىرة عمى رماؿ كرببلء التي شيدت تمؾ المأساة الدموية التي لـ يشيد التاريخ فظاعتيا
مع أىؿ بيتو وأصحابو تصور األمويوف وعامة الناس أف أىؿ ( عميو السبلـ)استشيد اإلماـ الحسيف إلى جانب …ييف يرجونيـالبيت قد انتيى أمرىـ، وأفؿ نجمعيـ، فبل األمويوف يخافونيـ، وال غير األمو
عمييـ )ىذا لـ يجرأ أحد عمى االتصاؿ بيـ، والجيؿ المطبؽ باإلسبلـ، فكانت الردة عف أىؿ البيت وىذه ىي الوضعية االجتماعية والسياسية التي كاف يعيش في ظميا اإلماـ زيف . عامة وشاممة( السبلـ
ومع أبيو الحسيف ( عميو السبلـ)لحسف وقد عايشيا بوضوح كامؿ مع عمو ا(. عميو السبلـ)العابديف فكيؼ يتصرؼ؟ وكيؼ يتحرؾ؟ وكيؼ … واستمرت ىذه الظروؼ عمى أشدىا طواؿ حياتو( عميو السبلـ)
.تعامؿ مع المموؾ والوالة الظالميف؟ ىؿ يترؾ األمور عمى ما ىي؟ أـ يرفع السيؼ لمحرب؟
11
فع السيؼ في ذلؾ الوقت ولـ يجيز جيشا أنو لـ ير ( عميو السبلـ)المعروؼ عف اإلماـ زيف العابديف عدادىا لموقوؼ أماـ تمؾ لمقياـ بثورة، إنما اتجو اتجاىات أخرى كانت في نظره أجدى في بناء األمة وا
االنحرافات الخطيرة( عميو السبلـ)فما ىي األسباب التي دفعت اإلماـ . التي حدثت عمى نطاؽ الحكـ وفي داخؿ المجتمع
.القياـ بالثورة في ذلؾ الوقتإلى اإلمتناع عف :الوضع السياسي واالجتماعي لؤلمة
رأينا . لقد وصمت األمة إلى حالة مف اإلنيماؾ النفسي والجسدي بحيث ال يمكنيا القياـ بثورة شاممةكما رأينا كيؼ فعمت رشاوي معاوية فعميا (. عميو السبلـ)موقؼ المقاتميف المأساوي مف اإلماـ الحسف
حياء النزعات القبمية الجاىمية، أماـ : القبائؿ، أضؼ إلى ذلؾ بيف رؤساء التضميؿ الديني والسياسي وا ىذه األسباب وصمت األمة إلى حالة مف القعود واالسترخاء بحيث أصبحت غير مؤىمة لحمؿ الرسالة
لو دعا إلى الثورة؟( عميو السبلـ)وأداء األمانة، فكيؼ سيكوف موقؼ اإلماـ .ة حتما الخذالف والفشؿستكوف النتيج
:عدـ وجود قوة كافية ومؤىمة لمثورةعميو )وقد أكد . لـ تكف ىناؾ قوة كافية ناصرة ومؤيدة واعية ألىداؼ الثورة التي عمى اإلماـ القياـ بيا
وانتصر بيـ انتصارا باىرا بإذف اهلل فانتشروا في ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)وجد ىؤالء في عيد الرسوؿ يف الحنيؼ فوصموا إلى بقاع األرض ونشروا معيـ الرسالة اإلسبلمية ثمرة مف ثمار إخبلصيـ لمد
.الدرجات الرفيعة والصفات السامية النابعة مف روح اإلسبلـ العظيـ :االستفادة مف التجارب السابقة -ج
لقد تجرع اإلماـ الكثير مكف اآلالـ بسبب ما أصابو مف غـ وىـعمييـ )حسف الحوادث التي جرت عمى جده أمير المؤمنيف وعمى أبيو اإلماـ الحسيف وعمى عمو اإلماـ ال
، وقد رأى خذالف الناس عف نصرة أبيو وحيدا، فريدا، عطشانا عمى شط الفرات ىذه التجربة أثرت (السبلـفي نفسو وتعمـ منيا دروسا واقعية مؤلمة واستخمص عبرا كثيرة في معرفة نفوس الناس وأحواليـ
مف سبيؿ أفضؿ مما ( يـ السبلـعمي)عمي والحسف والحسيف : وأسموبيـ، ولـ يكف لؤلئمة المعصوميف …فعموه مع ىذه األمة، فاألساليب التي اتبعوىا والمواقؼ التي اتخذوىا مع الناس لؾ يكف أماميـ غيرىا
فشؿ الثورات التي قامت في عيد األموييف والعباسييف ىو المتتبع لمتاريخ يرى بوضوح أف مف أسباب .حدوثيا في وقت قوة الحكاـ والوالة ال في زمف ضعفيـ
في أوج قوتيـ في ممكيـ ويشيد التاريخ ( عميو السبلـ)لقد كاف المموؾ األمويوف ووالتيـ في عصر اإلماـ مر إلى رمي الكعبة بالمجانيؽ وسبي بأنيـ أشد الناس قسوة وانحرافا عف اإلسبلـ حيث وصؿ بيـ األ
يزيد بف معاوية ومعاوية : ومموؾ عصره ىـ(. صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)المدينة وقتؿ ريحانة رسوؿ اهلل الحجاج بف : ووالة عصره ىـ. بف يزيد ومرواف بف الحكـ، وعبد الممؾ بف مرواف والوليد بف عبد الممؾ
.شاـ بف إسماعيؿ والي المدينةيوسؼ الثقفي وعبيد اهلل بف زياد وىوكؿ ىؤالء كانوا مف الفاسقيف، والظالميف، ال يتورعوف عف ارتكاب الحراـ، ففي عيدىـ قتؿ أشرؼ الناس
أبي الضيـ سيد الشيداء، الحسيف بف عمي، وسبيت المدينة وىدمت الكعبة وىدمت الكعبة ورميت والحجاج بف . بلب وقرود ومنادمة عمى الشرابويزيد الخمير السكير كاف صاحب جوار وك. بالمجانيؽ
فمثميـ يجب أف تعد ( عميو السبلـ)مف النماذج العديدة مف المموؾ والوالة الذيف كاف قد عاصرىـ اإلماـ عميو )كافية ليقضي عمى طغيانيـ وجبروتيـ، وىذا ما لـ يكف متوافرا لئلماـ زيف العابديف ليـ العدة ال
(.السبلـ :الحياة االقتصادية في العصر األموي
13
تدىورا ( عميو السبلـ)تدىورت الحياة االقتصادية في العصر األموي، في حياة اإلماـ زيف العابديف ومضطربة إلى أبعد الحدود، فالزراعة التي كانت العمود الفقري في فظيعا، فكانت جميع مرافقيا مشمولة
صبلح ىماؿ الدولة لمشاريع الري، وا الببلد قد ضعفت كثيرا، وذلؾ بسبب الفتف واالضطرابات الداخمية، وا فنجـ عف كؿ ذلؾ ارتفعت أسعار السمع وخمت معظـ البيوت مف . األرض والنظر في حاجات المزارعيف
.، وأصبحت بطوف الناس خاوية وأجسادىـ عاريةحاجات الحياةوقد صور الشاعر ابف عبدؿ األسدي حالتو االقتصادية المزرية بقصيدة مدح بيا بعض نببلء الكوفة،
:طالبا منو أف يسعفو بما تدر بو كفو مف جميؿ فقاؿ بسجاؿ مف سبيؾ المعتـو... ... يا أبا طمحة الجواد أغثني
مفمس، قد عممت ذاؾ، قديـ... ... فإني فدنؾ نفسي –أحي نفسا عظيـ–أجره، إف فعمت ذاؾ ... ... أو تطوع لنا بسمؼ دقيؽ
ما قضى اهلل في طعاـ اليتيـ... ... فبل تقاعس عني –قد عممتـ وكتاب منمنـ كالوشـو... ... ليس لي غير جرة وأصيص
فكما نرى ىذا الشاعر البائس، نيشو الفقر والحرماف، وأماتو الجوع بطمب أف يسعفو ىذا الرجؿ الكريـ وكانت عامة الناس تعيش حياة بائسة ال تعرؼ السعة . بالطعاـ ليحيي نفسو مف براثف الفقر المدقع
.لى جيوب األموييف وعمبلئيـوالرخاء، ألف االقتصاد قد تحوؿ كمو إ :ترؼ المموؾ األموييف
والعرشي كأنيـ الدنانير ( )انغمس مموؾ األموييف بالنعـ والترؼ، فكاف فتيانيـ يرفموف بالقوىي (.)ما أخشنو: ، وكاف عمر بف عبد العزيز يمبس الثوب بأربعماية دينار ويقوؿ()اليرقمية
وقد ذكر المؤرخوف الكثير مف األخبار التي تدؿ عمى ترفيـ الكبير وتبلعبيـ (. )عدني بألفي درىـ .باقتصاد األمة وثرواتيا وبعدىـ عف تعاليـ اإلسبلـ السمحة العادلة
كما ناؿ مرة (. )فاألحوص، شاعرىـ، ناؿ مرة مائة ألؼ درىـ. العطاء ليقطعوا ألسنتيـ وينطقوا بفضميـ :أخرى عشرة آالؼ دينار، ويشير إلى ثرائو مف ىبات األموييف وعطاياىـ فقاؿ
ف بكفيو مفاتيح رحمة وغيث حيا يحيا بو الناس مرىما... ... وا ضائمو متممقا متكسبا، يناؿ يقوؿ الشاعر إف مف يتصؿ بالوليد ويكوف مف عمبلئو يخفي مساوءه وينشر ف
ومف الطبيعي أف نجد في كؿ . الغنى والثراء العريض، وأما مف ينصرؼ عنو، فإنو يناؿ الموت المعجؿعصر، وخاصة في عصر اإلرىاب والتجويع، مف يتممؽ لمسمطاف ليناؿ الحظوة عنده فيكذب ويخادع
روى أحد أساطيف األدب . واألخطؿ شاعر الببلط األموي، وبصورة خاصة شاعر عبد الممؾ بف مرواف( خؼ القطيف)يا دخؿ األخطؿ يوما عمى عبد الممؾ بف مرواف فمدحو بقصيدة عامرة األبيات مطمع: قاؿ
أتريد أف... ! ويحك: فأعجب بيا الممؾ األموي أيما إعجاب وقاؿ لؤلخطؿأكتفي بقوؿ أمير المؤمنيف، فخمع عميو وأمر بجفنة كانت بيف : أكتب إلى اآلفاؽ أنؾ أشعر العرب، فقاؿ
15
ف، ىذا أشعر ىذا شاعر أمير المؤمني: يديو فممئت لو دراىـ، ثـ أرسؿ معو غبلما فخرج بو وىو يقوؿ .العرب
قاؿ األخطؿ ىذه القصيدة في عبد الممؾ بف مرواف بعد فتحو العراؽ وانتصاره عمى مصعب بف الزبير، :وفرض عميو موقفو السياسي أف ييجو أعدائو بني أمية، فقاؿ
أظفره اهلل، فميينأ لو الظفر... ... إلى امرئ ال تعدينا نوافمو خميفة اهلل يستسقي بو المطر.. .الخائض الغمرة، الميموف طائره ما إف يوازى بأعمى نبتيا الشجر... في نبعة مف قريش يعصبوف بيا باء وأىؿ الفخر إف فخروا... تعمو اليضاب وحموا في أرومتيا أىؿ الر إذا ألمت بيـ مكروىة صبروا... حشد عمى الحؽ عيافو الخنا أنؼ
اس أحبلما إذا قدرواوأعظـ الن... شمس العداوة حتى يستقاد ليـ ال جد اال صغير، بعد، محتقر... ... أعطاىـ اهلل جدا ينصروف بو ، ىـ آووا، وىـ نصروا... ... بني أمية قد ناضمت دونكـ أبناء قـو
عميا معد، وكانوا طالما ىدروا... أفحمت عنكـ بني النجار قد عممت إف األموييف، حشد عمى الحؽ، وعداوتيـ قاسية : يقوؿ األخطؿ شاعر الببلط األموي المتكسب بشعره
وقد ناضؿ الشاعر دونيـ األنصار وىـ قبيمتا األوس والخزرج الذيف آووا النبي . عمى مف يتمرد عمييـ .محمدا في يثرب لما ىاجر مف مكة
مو ثـ يمننيـ ويقوؿ إنو بمدحيـ ىذا أسكت حساف بف ثابت إنو شاعر يبيع كبلمو بدنانير األموييف وى .ولـ يكتؼ بمدحيـ بؿ تكفؿ أيضا بيجاء أعدائيـ. الوحيد كسب الماؿ وال فرؽ عنده بيف الحؽ والباطؿ
ومف مدح المموؾ إلى مدح الوالة، إلى مدح أكثرىـ فجورا وظمما وغدرا، ىو الحجاج بف يوسؼ الذي سفؾ الدماء وقتؿ األحرار وىدـ
خير البرية لمذنوب غفور... ... أحيا اإللو لنا اإلماـ فإنو ظمـ تكاد بيا اليداة تجور... نور أضاء لنا الببلد وقد دجت
وأخو المكاـر بالفعاؿ فخور... ... الفاخروف بكؿ فعؿ صالح أحدا إذا نزلت عميؾ أمور... ... عدؿ بو فعميؾ بالحجاج ال ت
أف ابف يوسؼ حاـز منصور... ... ولقد عممت وأنت أعممنا بو منو يجيء بيا إليؾ بشير... ... وأخو الصفاء فما تزاؿ غنيمة
16
.وىذا أيضا شعر تكسبي ىـ صاحبو كسب الميؿ ونيؿ الجوائر السنية مف مموؾ بني أمية ووالتيـ :المطربيفىباتيـ لممغنيف و
كما أجزؿ األمويوف العطاء لمشعراء، فقد أغدقوا الجوائز عمى المغنيف الذيف توافدوا عمييـ مف شتى .البمداف
واستقدـ جميع مغني ومغنيات الحجاز (. )فقد أعطى الوليد بف يزيد معبدا المغني اثني عشر ألؼ دينارا يزيد بف عبد الممؾ معبد ومالؾ بف أبي السمح مف ىؤالء وفد عمى (. )وأغدؽ عمييـ الجوائز الكثيرة
كما ترى كانت تترفؽ ثروات األمةوذلؾ . مف أجؿ نزوات المموؾ الرخيصة ورغباتيـ الحقيرة اإلسبلمية عمى المغنيف والمطربيف والعابثيف
في وقت أخذ الفقر والبؤس فيو يشد عمى خناؽ المواطنيف، ولـ يعد لبلقتصاد اإلسبلمي أي وجود في وال يخفى أف ىذه صفات الحكـ الدكتاتوري الذي يسير وراء األىواء والعواطؼ وال . واقع الحياة العامة
قاؿ . شاع الغناء في المدينة المنورة حتى أصبحت مركزا لو ومقصدا لممغنيف والمغنيات مف شتى البمدافوقاؿ أبو يوسؼ ( )ينكره عالميـ، وال يدفعو عابدىـإف الغناء في المدينة ال : أبو الفرج الصفيانيما أعجب أمركـ يا أىؿ المدينة، في ىذه األغاني، ما منكـ شريؼ وال دنيء : لبعض أىالي المدينة
(.)يتحاشى عنياوكاف العقيؽ إذا ساؿ، وأخذ المغنوف يمقوف أغانييـ لـ يبؽ في المدينة مخبأة، وال شابة وال شاب، وال
ومف طريؼ ما ينقؿ أنو شيد عند عبد العزيز المخزومي، (. )رج ببصيره ويسمع الغناءكيؿ إال خقاضي يثرب دحماف المغني الشيير لرجؿ مف أىؿ المدينة عمى رجؿ مف أىؿ العراؽ فأجاز القاضي
رأينا غفر اهلل لنا ولؾ، و : إنو يغني ويعمـ الجواري الغناء، فقاؿ القاضي: شيادتو وعدلو، فقاؿ لو العراقي (.)يتغنى
17
كنت : وكاف فقيو المدينة مالؾ بف أنس لو معرفة تامة بالغناء، فقد روى حسيف بف دحماف األشقر، قاؿ :بالمدينة فخبل لي الطريؽ وسط النيار فجعمت أغني
(.)خزرا كأنيـ غصاب... ما باؿ أىمؾ يا رباب ذا وجو قد بدا تتبعو لحية حمرا: قاؿ يا فاسؽ أسأت التأدية، ومنعت : ء، فقاؿفإذا خوخة قد فتحت، وا
أصمحؾ اهلل مف أيف : القائمة وأذعت الفاحشة، ثـ اندفع يغني فظننت أف طويسا قد نشر بعينو، فقمت لوإف المغني إذا : نشأت وأنا غبلـ حدث أتبع المغنيف وآخذ عنيـ، فقالت لي أمي: لؾ ىذا الغناء؟ فقاؿ
وسواء أصحت ىذه الرواية أـ ال تصح، وسواء أوضعيا الحاقدوف عمى مالؾ أـ نقموىا لمحط مف شأنو، ي العالـ فإف الذي ال ريب فيو أف المدينة المنورة في العصر األموي كانت مركزا ميما مف مراكز الغناء ف
جعمت تغني عنده، وكاف إلى جانبو الذي باعيا، ف( حبابة)ويزيد بف عبد الممؾ اشترى المغنية والراقصة وقد نقؿ لنا . وىو مف أىؿ المدينة فعرض لحيتو إلى شمعة فاحترقت ولـ يحس بيا مف شدة الطرب
.المؤرخوف الكثير مف النوادر عف شدة تأثر أىؿ المدينة بالغناء والطرب :تعميـ الغناء في يثرب
والمغنيات وكف يقمف كانت يثرب في عيد األموييف تعج بالمغنييفومف المؤسؼ . بدور فعاؿ في تعميـ الغناء لمفتياف والفتيات، فانتشر الغناء وانتشر معو المجوف والفساد
صارت في العصر األموي مركزا لمحياة العابثة، وكاف ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)حقا أف مدينة النبي ة ومركزا ىاما لمتطور الفكري والحضاري في العالـ مف المؤمؿ أف تكوف مصدر إشعاع لمثقافة الديني
ال أف مموؾ بني أمية انتوعوا منيا ىذه الظاىرة الكريمة وأفقدوىا زعامتيا السياسية العربي واإلسبلمي، وا .واالجتماعية والدينية
ضاعة الوقت، ولماذا الحروب والقياـ بالثورة، ىكذا كاف يفكر الحكـ األموي .والرقص موجودة لمتميي وا ثورة التوابيف الذيف ندموا أشد الندـ عمى إال أنيـ توىموا ذلؾ حيث قامت الثورات مف كؿ جانب فكانت
أحسنت، أحسنت، ثـ نزع ثيابو، : فقاؿ لممغني. رخيـ، فطرب األمير األموي عمى غنائو حتى فقد صوابواركبيا بأبي : إلى أف أتوه بمثميا، ووىب لو ألؼ دينار، وحممو عمى بغمو، وقاؿ فألقاىا عميو،وبقي مجردا
(.)مف حرارة غنائؾ( المقمى)أنت، وانصرؼ، فقد تركتني عمى مثؿ ثـ استقدـ مغنيا آخر، عطردا، ولما سمع منو أحد أصواتو شؽ عميو حمة وشيء، ورمى في بنفسو في
كأني بؾ قد دخمت : أخرج كالميت سكرا، ولما أفاؽ قاؿ لعطردبركة مف خمر، فما زاؿ بيا حتى حتى دعاني أمير المؤمنيف، فدخمت عميو فاقترح عمي فغنيتو : المدينة، فقمت في مجالسيا وقعدت، وقمت
ومف مجانيـ أيضا يزيد بف عبد الممؾ، فقد طمب ابف عائشة فمما مثؿ عنده أمره بالغناء، فغناه صوتا ىكذا أشاع ىؤالء المموؾ الفسؽ (. )اسقنا بالسماء الرابعة: طرب منو حتى ألحد في طربو، وقاؿ لساقيو
في يثرب لمقضاء عمى قدسيتيا، وما تتمتع بو والفجور في جميع أنحاء العالـ اإلسبلمي وبصورة خاصة مف مكانة مرموقة في نفوس المسمميف لكنيـ فشموا ألف كممة اهلل ىي العميا وأنصار الحؽ ال ييزموف
ميما صادفوا مف ظمـ وجور وطغياف، بؿ حمدوا وجاىدوا وأعطوا دروسا في التضحية والفداء ما زالت .مشاعؿ مضيئة عمى دروب المجاىديف
عميو )أما ـ ىذه التيارات الفاسدة المدمرة لؤلخبلؽ والقيـ اإلنسانية، كاف موقؼ اإلماـ زيف العابديف يا أشعة مف روحو المقدسة التي تفيض بيا متسما بالقوة والصبلبة والجرأة، فقد سمط عمي( السبلـ
فيي بحؽ تربية أخبلقية واجتماعية وسياسية وروحية، وذلؾ بما حوتو مف وعظ . الصحيفة السجادةرشاد، وما اشتممت عميو مف قيـ اإلسبلـ وىدى أىؿ البيت (.عمييـ السبلـ)وا
ف ذلؾ التفسخ الجاىمي الذي أوجده لقد وقفت الصحيفة السجادية سدا منيعا لحماية اإلسبلـ وصيانتو مالحكـ األموي فقد نعت عمى األمة ما ىي فيو مف االنحطاط الفكري واالجتماعي ودعتيا إلى االنطبلؽ
.والتحرر مف ذؿ المعصية إلى عز الطاعة طاعة اهلل العمي القدير خالؽ الكوف وواىب الحياةصمى اهلل عميو )كي سيرة جده الرسوؿ األعظـ يضاؼ إلى الصحيفة السجادة سيرة اإلماـ التي كانت تح
.ومواقفو المحقة التي ترشد الضاؿ وتيدي الحائر إلى الطريؽ القويـ( وآلو وسمـلكف نظرا لمحالة السياسية واالجتماعية القمقة والمشحونة بالفتف والحروب والثورات التي كانت تحيط
ة، وبيف المموؾ واألمراء القساة، الجفاة، المنحرفيف عف باإلماـ زيف العابديف ووجوده بيف األمة المظموم( عميو السبلـ)اإلسبلـ والذيف يسوموف الناس أنواع الببلء، ففي خضـ ىذه التيارات كاف موقؼ األماـ
.صعبا جدا وحرجا لمغايةتباحة المدينة وىا ىي وقعة الحرة واس… ىا ىي واقعة كرببلء ماثمة أماـ عينيو بدمائيا ودموعيا وأحزانيا
وىكذا كاف أسموب الحكاـ . يعايش آالميا وأحزاف أىميا، وىا ىي الكعبة تضرب بالنار وبالمجانيؽوالمموؾ في عيده، أما أنصاره فبل يجد ليـ أثرا وال يجد الرجؿ الذي يقؼ معو في عيده، أما أنصاره فبل
.ى الشيادةيجد ليـ أثرا وال يجد الرجؿ الذي يقؼ معو موقفا مؤيدا حت
حقا لقد كاف موقؼ اإلماـ صعبا جدا حيث يضطر في كثير مف األحياف إلى المجوء إلى الكعبة فيتعمؽ صمى )كما كاف يمجأ في أحياف أخرى إلى قبر جده رسوؿ اهلل . بأستارىا ويدعو اهلل دعاء حارا خالصا
كاف موقؼ اإلماـ السجاد مف مموؾ عصره موقؼ الحاـز الحاسـ الذي ال يساـو وال يداىف في ديف اهلل … وفي شريعة اهلل، فمـ يتقرب مف المموؾ ولـ يمدحيـ، بؿ كاف موقفو الحذر منيـ والصبلبة تجاىيـ
وكاف أكثر مموؾ بني أمية احتكاكا بو . األحياف يسدي النصيحة ليـ خدمة لئلسبلـ والمسمميفوفي أكثر عشريف سنة اتبع خبلليا عبد الممؾ أساليب ( عميو السبلـ)عبد الممؾ بف مرواف وقد عاصر اإلماـ
:ممتوية عديدة .العجز -الترغيب، ج -الترىيب، ب
:الترىيب
21
.االعتقاؿ والتضييؽ واإلرىاب الجسدي: وب التيديد والترىيب منيااتبع عبد الممؾ مع اإلماـ أسميـو حممو عبد الممؾ بف مرواف مف المدينة إلى ( عميو السبلـ)شيدت عمي بف الحسيف : قاؿ الزىري
الشاـ، فأثقمو حديدا ووكؿ بو حفاظا في عدة وجمع فاستأذنيـ في التسميـ والتوديع لو فأذنوا فدخمت عميو، يا زىري أو تظف : وددت أني مكانؾ وأنت سالـ، فقاؿ: ياد في رجميو والغؿ في يديو فبكيت وقمتواألق
ف بمغ بؾ ومف أمثالؾ ليذكرني عذاب ىذا بما ترى عمي وفي عنقي يكريني؟ أما لو شئت ما كاف فإنو وا ا منزلتيف مف يا زىري ال حراث معيـ عمى ذ: اهلل، ثـ أخرج يديو مف الغؿ ورجميو مف القيد ثـ قاؿ
فما لبثنا إال أربع لياؿ حتى قدـ الموكموف يطمبونو بالمدينة: المدينة، قاؿ
إنا نراه متبوعا، إنو لنازؿ، ونحف حولو ال نناـ : فكنت فيمف سأليـ عنو، فقاؿ لي بعضيـ. فما وجدوهسألني عف عمي فقدمت بعد ذلؾ عمى عبد الممؾ ف. نرصده إذ أصبحنا فما وجدنا بيف محممو إال حديدة
ال : أقـ عندي، فقاؿ: إنو قد جاءني في يـو فقد األعواف فدخؿ عمي فقمت: بف الحسيف فأخبره فقاؿ :قاؿ الزىري. أحب، ثـ خرج فواهلل لقد امتؤل ثوبي منو خيفة
حبذا شغؿ مثمو فنعـ ما : حيث تظف أنو مشغوؿ بنفسو، فقاؿ( عميو السبلـ)ليس عمي بف الحسيف : فقمتاإلرىاب النفسي فأرسؿ الرسائؿ والكتب وبعث ( عميو السبلـ)وتابع عبد الممؾ مع اإلماـ (. ()شغؿ بو
بمغ عبد الممؾ أف سيؼ : )مف افتراءات عبد الممؾ عمى اإلماـ. لو الوفود يتوعده ويتيدده بقطع رزقوبى عميو، فكتب عبد عنده فبعث يستوىبو منو ويسألو الحاجة فأ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)رسوؿ اهلل
(:عميو السبلـ)الممؾ ييدده وأنو يقطع رزقو مف بيت الماؿ، فأجابو : وقاؿ جؿ ذكره. أما بعد فإف اهلل ضمف لممتقيف المخرج مف حيث يكرىوف، والرزؽ مف حيث ال يحتسبوف
(.)فانظر أينا بيذه اآلية{ ور .إف اهلل ال يحب كؿ خواف كؼ} . ، بؿ زادتو صبلبة وحزما والتجاءا إلى اهلل تعالى(عميو السبلـ)مع اإلماـ لـ تؤثر أساليب عبد الممؾ
لما ولي عبد الممؾ بف مرواف الخبلفة رد إلى عمي بف الحسيف : )روي عف عبد الممؾ بف عبد العزيز قاؿوصدقات أمير المؤمنيف عمي بف أبي ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)صدقات رسوؿ اهلل ( عميو السبلـ)
(.)وكانت مضمومتيف(. عميو السبلـ)طالب :العجز
التي اتبعيا عبد الممؾ مع اإلماـ ترىيبا وترغيبا لـ تجده نفعا، ولـ تغير موقفو، ذلؾ عرفنا إف األساليب أف روحيو
فمـ يبؽ لعبد الممؾ بف مرواف إال أف يترؾ اإلماـ وشأنو . أئمة اليدى ومواقفيـ ثابتة ومعروفة تجاه الحؽقاؿ أبو … وعدـ التعرض ليـ وشأنيـ( عميو السبلـ)بؿ أوصى والتو بترؾ أىؿ البيت . وال يتعرض لو
(:عميو السبلـ)عبد اهلل أما بعد فجنبني دماء : )لما ولي عبد الممؾ بف مرواف واستقامت لو األمور كتب إلى الحجاج بف يوسؼ
وكتب (. بني عبد المطمب فإني رأيت آؿ أبي سفياف لما ولغوا فييا لـ يمبثوا بعدىا إال قميبل والسبلـليو عمى الكوفةالكتاب سرا دوف أف .يعمـ بو أحد وأرسؿ بو مع البريد إلى الحجاج وا
وأخبر أف عبد الممؾ قد زيد في ممكو برىة مف دىره لكفو عف بني ىاشـ وأمر أف يكتب ذلؾ إلى عبد أتاه في منامو وأخبره بذلؾ، فكتب عمي بف ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)الممؾ ويخبره بأف رسوؿ اهلل
إلى عبد الممؾ بف( السبلـعميو )الحسيف (.()مرواف يخبره بذلؾ
:مع الحكاـ( عميو السبلـ)تعامؿ اإلماـ مع المموؾ ىو الحذر والحـز وعدـ المداىنة في ( عميو السبلـ)ورد معنا أف األسموب الذي اتبعو اإلماـ
في تقديـ ( لسبلـعميو ا)لكف حينما تكوف ىناؾ مصمحة إسبلمية ودفاع عف بيضة اإلسبلـ فبل يتوانى حيث كاف ( عميو السبلـ)المشورة أو النصيحة، كما كاف يفعؿ جده أمير المؤمنيف، عمي بف أبي طالب
لكف مصمحة . ابو بكر الصديؽ وعمر بف الخطاب مع غصبيـ لحقو: يقدـ الخبرة والمشورة لمخميفتيفؿ ليما المعضبلت في الحكـ وكاف يح. أىـ وأفضؿ مف كؿ مصمحة( عميو السبلـ)اإلسبلـ في نظره
.مثمرا جدا لـ أر مثؿ التقدـ في الدعاء، : كاف يقوؿ(: عميو السبلـ)عف عمر بف عمي، عف أبيو، عمي بف الحسيف
مف الدعاء حيث بمغو ( عميو السبلـ)و فإف العبد ليس تحضره اإلجابة في كؿ وقت وكاف مما حفظ عنرب كـ مف نعمة أنعمت بيا عمي قؿ عندىا شكري، وكـ مف بمية )توجو مسرؼ بف عقبة إلى المدينة
ابتميتني بيا قؿ لؾ عندىا صبري، فيا مف قؿ عند نعمتو شكري فمـ يحرمني، وقؿ عند ببلئو صبري فمـ ويا ذا النعماءيخذلني، يا ذا المعروؼ الذي ال ينقطع أبدا
صؿ عمى محمد وآؿ محمد وادفع عني شره فإني أذرأ بؾ في نحره وأستعيذ بؾ . التي ال تحصى عددا (.مف شره
24
فأتاه فمما صار إليو ( عميو السبلـ)فقدـ مسرؼ بف عقبة المدينة وكاف يقاؿ ال يريد غير عمي بف الحسيف :وقاؿ لو. قربو وأكرمو، وحباه ووصمو
انصرؼ : أسرجوا لو بغمتي وقاؿ لو: المؤمنيف ببرؾ وتمييزؾ مف غيرؾ فجزاه خيرا ثـ قاؿأوصاني أمير إلى أىمؾ فإني أرى أف قد أفزعناىـ وأتعبناؾ بمشيتؾ إلينا ولو كاف بأيدينا ما نقوى بو عمى صمتؾ بقدر
ال يمـز نفسو بالدعاء فقط بؿ يوصي اآلخريف مف أىؿ بيتو ( عميو السبلـ)وكاف اإلماـ زيف العابديف فكاف الدعاء . في شدة أو مصيبة وخاصتو، وأصحابو وشيعتو، يوصييـ بالتعرض لنفحات اهلل عند الوقوع
.عنده سبلحا ناجعا ضد الطغاة والظالميف والمنحرفيف عف اإلسبلـ مف مموؾ بني أمية ووالتيـ__________
.، صبحار األنوار، ج( )
أبرز الحسف بف الحسف بف : كتب الوليد بف عبد الممؾ إلى عاممو عمى المدينة صالح بف عبد اهلل المريصمى اهلل عميو وآلو )واضربو في مسجد رسوؿ اهلل -قد كاف محبوسا في حبسو–أبي طالب عمي بف
خمسمائة سوط، فأخرجو صالح إلى المسجد واجتمع الناس وصعد صالح المنبر يقرأ الكتاب ثـ ( وسمـالناس فأفرج ( عميو السبلـ)ينزؿ فيأمر بضرب الحسف، فبينما ىو يقرأ الكتاب إذ دخؿ عمي بف الحسيف
ما : يا بف عـ ادع اهلل بدعاء الكرب يفرج عنؾ، فقاؿ: عنو، لييبتو وتقاه حتى انتيى إلى الحسف، فقاؿ لو …قؿ وذكر الدعاء(: عميو السبلـ)ىو يا بف عـ؟ فقاؿ
وأقبؿ الحسف يكررىا فمما فرغ( عميو السبلـ)قاؿ وانصرؼ عمي بف الحسيف ى سجية رجؿ مظمـو أخروا أمره وأنا أراجع أمير المؤمنيف فيو، أر : صالح مف قراءة الكتاب ونزؿ قاؿ
(.)وكتب صالح إلى الوليد في ذلؾ، فكتب إليو الوليد وأطمقوويتفننوف في إيذائو، ( عميو السبلـ)والوالة كانوا يأتمروف بأمر المموؾ، فكانوا يؤذوف اإلماـ زيف العابديف
يـ، فأخرجوا مف إمارتيـ أو انتصر عمييـ غيرىـ وتمكف منيـ ثـ إذا انقمب الزماف عمييـ ودارت دائرت …وتيديدىـ
كاف ىشاـ بف إسماعيؿ يؤذي عمي بف الحسيف في إمارتو، فمما عزؿ أمر بو الوليد أف يتوقؼ لمناس )ما أخاؼ إال مف عمي بف الحسيف، فمر بو عمي بف الحسيف وقد وقؼ عند دار مرواف، فتقدـ إلى : فقاؿ
أنظر إلى ما أعجزؾ مف ماؿ تؤخذ بو (: عميو السبلـ)عرض أحد منكـ بكممة، وقاؿ لو خاصتو أال ي (.()اهلل أعمـ أيف يجعؿ رسالتو: فنادى ىشاـ. فعندنا ما يسعؾ فطب نفسا منا ومف كؿ مف يطيعنا
( )يـو الجمعة ويقاؿ يـو الخميس( عمييما السبلـ)جاء في بعض الروايات أف والدة عمي بف الحسيف (.)سنة ثماف وثبلثيف أو سبع وثبلثيف مف اليجرة( )ر شعبافبيف الخامس والعاشر مف شي
كيؼ آكؿ وقد قتؿ أبو عبد: وقد روى الرواة كثيرا عف حزنو وبكائو فكاف كمما قدـ لو طعاـ وشراب يقوؿ وكاف كمما اجتمع إليو جماعة أو وفد يردد . اهلل جائعا، وكيؼ أشرب وقد قتؿ أبو عبد اهلل عطشانا
(عمييـ السبلـ)وأحيانا يخرج إلى السوؽ فإذا رأي جزارا يريد أف يذبح شاة أو . تمؾ المأساة ويقص عمييـ مف أخبارىا
ـ يا بف رسوؿ اهلل إنا ال نذبح حيوانا حتى نسقيو نع: ىؿ سقيتيا الماء؟ فيقوؿ لو: غيرىا يدنو منو ويقوؿكاف يحاوؿ في أكثر مواقفو . لقد ذبح أبو عبد اهلل عطشانا : ولو قميبل مف الماء، فيبكي عند ذلؾ ويقوؿ
.اإلسبلمية في الحجاز والعراؽ وغيرىا لمثورة :إمامتو
لما ( عمييما السبلـ)إف الحسيف بف عمي : )قاؿ( عميو السبلـ)روى الكميني بإسناده عف أبي جعفر فدفع إلييا كتابا ممفوفا ووصية ( عميو السبلـ)طمة بنت الحسيف حضره الذي حضره دعا ابنتو الكبرى فا
مبطونا معيـ ال يروف إال أنو لما بو فدفعت فاطمة ( عمييما السبلـ)ظاىرة، وكاف عمي بف الحسيف ما في ذلؾ : قمت: قاؿ! ثـ صار ذلؾ الكتاب إلينا يا زياد( عميو السبلـ)الكتاب إلى عمي بف الحسيف
فيو واهلل ما يحتاج إليو ولد آدـ منذ خمؽ اهلل آدـ إلى أف تفنى الدنيا واهلل : مني اهلل فداؾ؟ قاؿالكتاب جع :كما روى المجمسي بإسناده عف محمد بف مسمـ قاؿ( )إف فيو الحدود حتى إف فيو أرش الخدش
__________ .وما بعد ، صالكافي، ج( )
إلى مف ( عمييـ السبلـ)عف خاتـ الحسيف بف عمي ( ـعميو السبل)سألت الصادؽ جعفر بف محمد )ليس كما قالوا، إف (: عميو السبلـ)صار، وذكرت لو إني سمعت أنو أخذ مف إصبعو فيما أخذ قاؿ
وجعؿ خاتمو في إصبعو وفوض إليو أمره كما ( عميو السبلـ)الحسيف أوصى إلى ابنو عمي بف الحسيف وفعمو أمير المؤمنيف بالحسف ( عميو السبلـ)بأمير المؤمنيف ( آلو وسمـصمى اهلل عميو و )فعمو رسوؿ اهلل
، ثـ صار ذلؾ الخاتـ إلى أبي بعد(عمييما السبلـ)، وفعمو الحسف بالحسيف (عمييما السبلـ)
27
لي أللبسو كؿ جمعة وأصمي بو، قاؿ محمد بف مسمـ فدخمت إليو يـو : أبيو، ومنو صار فيو عندي، وا ال إلو إال اهلل عدة : فمما فرغ مف الصبلة مد إلي يده فرأيت في إصبعو خاتما نقشوالجمعة وىو يصمي
(.)ىذا خاتـ جدي أبي عبد اهلل الحسيف بف عمي: فقاؿ. لمقاء اهلل :أوالده
أحد عشر . خمسة عشر بيف ذكر وأنثى( عميو السبلـ)روى الشيخ المفيد أف أوالد عمي زيف العابديف أمو فاطمة بنت اإلماـ (. بالباقر)أكبرىـ سنا وقدرا اإلماـ محمد بف عمي الممقب (. )ذكرا وأربع بنات
.الحسف والحسيف ومحمد الباقر وعبد اهلل وبو كانت تكنى: أولدت لو أربعة ىـ( عميو السبلـ)الحسف دما ومما يبدو أف أكبر أوالده محمد الباقر ولد لو سنة سبع وخمسيف ىجرية وكاف لو مف العمر عن
.في كرببلء ثبلث سنوات( عميو السبلـ)استشيد جده الحسيف .ولو مف الذكور أيضا زيد وعمر وأميما أـ ولد
وأما زيد بف عمي الشييد فقد نشأ في بيت اإلماـ زيف العابديف حفيد اإلماـ عمي بف أبي طالب باب مدينة فحفظو واتجو إلى الحديث الشريؼ تعمـ فيو القرآف الكريـ. ىذا البيت الذي يعد ميد العمـ والحكمة. العمـ
وبعد أف تركو. فتمقاه عف أبيو حتى أصبح بعد فترة واسع العمـ والمعرفةوالده في حدود الرابعة عشرة مف عمره تعيده أخوه اإلماـ الباقر فزوده بكؿ ما يحتاج مف الفقو والحديث
. لعمـ والحديث والحكمة والمعرفةوالتفسير حتى أصبح مف مشاىير عمماء عصره ومرجعا معروفا لرواد اسافر إلى البصرة عدة مرات وناظر عمماءىا ومنيـ واصؿ بف عطاء رأس المعتزلة يـو ذاؾ، ناظره في
.أصوؿ العقائدبمغني : وقد طمبو ىشاـ بف عبد الممؾ إلى الشاـ وكاف مجمسو حافبل بأعياف أىؿ الشاـ وخاصتو، فقاؿ لو
:ابف أمة، فأجابو زيد عمي عمى الفورأنؾ تؤىؿ نفسؾ لمخبلفة وأنت سماعيؿ ابف أمة ولـ يمنعو ذلؾ مف ويمؾ يا ىشاـ أمكاف أمي يضعني؟ واهلل لقد كاف اسحؽ ابف حرة وا أف بعثو اهلل نبيا وجعؿ مف نسمو سيد العرب والعجـ محمد بف عبد اهلل، إف األميات يا ىشاـ ال يقعدف
.ة نبيؾاتؽ اهلل في ذري، بالرجاؿ عف الغابات
28
ومثمؾ يا زيد يأمر مثمي بتقوى اهلل؟: فغضب ىشاـ وقاؿ .إنو ال يكبر أحد فوؽ أف يوصى بتقوى اهلل وال يصغر دوف أف يوصي بتقوى اهلل: فرد عميو زيد بقولو
ومضى زيد في طريقو إلى الكوفة ثـ إلى البصرة وأرسؿ رسائمو ورسمو إلى المدائف والموصؿ وغيرىما ي سواد العراؽ ومدنو ولما بمغ أمره ىشاـ بف عبد الممؾ أرسؿ إلى واليو عمى العراؽ وانتشرت دعوتو ف
يوسؼ بف عمر يأمره بمضايقة زيد ومطاردتو وحدثت معركة أصيب فييا زيد فدفنو أصحابو في مجرى أحدث قتمو استياء عاما في جميع المناطؽ اإلسبلمية . ماء حتى ال يصمب أو يحرؽ، لكف ذلؾ لـ يفده
:وممف تحدثت عنيـ كتب األنساب مف أوالد اإلماـ عمي زيف العابديف عبد اهلل بف عمي الممقب بالباىرأي : سألت أبا جعفر الباقر: روى بعضيـ قاؿ. كاف فاضبل فقييا روى ع آبائو وأجداده أحاديث كثيرة
. أما عبد اهلل فيدي التي أبطش بيا، وأما عمر فبصري الذي أبصر بو: ؾ أحب إليؾ وأفضؿ؟ فقاؿإخوانذا خاطبيـ الجاىموف قالوا وأما زيد فمساني الذي أنطؽ بو، وأما الحسيف فحميـ يمشي عمى األرض ىونا وا
فقد كاف ورعا جميبل وأما عمر(. )سبلما وكاف عبد اهلل يمي صدقات رسوؿ اهلل وصدقات أمير المؤمنيفواشترط عمى كؿ مف يبتاع ثمارىا أف يثمـ في الحائط ( عميو السبلـ)وسخيا كريما تولى صدقات جده
:ثممة لكي تأكؿ منيا المارة وال يرد أحدا عنيا، ويروى عنو أنو قاؿا فينا ما ليس بنا إف يعذبنا المفرط في حبنا كالمفرط في بغضنا أنزلونا بالمنزؿ الذي أنزلنا اهلل بو وال تقولو
روى التي أودعيا الحسيف عند خروجو مف المدينة إلى كرببلء وصيتو، كما( عميو السبلـ)بنت الحسيف عمييما )وقد عده الشيخ الطوسي في رجالو مف أصحاب الباقر والصادؽ . عف أخيو أبي جعفر الباقر
(.()السبلـواإلماـ محمد بف عمي زيف العابديف المعروؼ بالباقر عاش سبعة وخمسيف عاما أدرؾ فييا جده الحسيف
اد بعد جده خمسا وثبلثيف سنة وفي ولزمو نحوا مف أربع سنوات وعاش مع أبيو السج( عميو السبلـ)طفولتو كانت المحنة الكبرى التي حمت بأىؿ البيت في كرببلء واستشيد فييا جده الحسيف ومف معو مف
ايا والمصائب التي توالت عمى أىؿ بيتو مف قبؿ الحكاـ الطغاة الذيف مرارتيا وشاىد بعدىا جميع الرز تنكروا لمقيـ اإلسبلمية وعاثوا فسادا في الببلد ولـ يتركوا رذيمة واحدة إال مارسوىا بشتى أشكاليا
.ومظاىرىا، في قصورىـ الفخمة األنيقة ونوادييـ القذرة الفاجرةوقد عممتو األحداث ( عميو السبلـ)فساد وجد اإلماـ الباقر في ىذا الجو المشحوف بالظمـ والقير وال
الماضية مع آبائو وأجداده خذالف الناس لو في ساعة المحنة أف ينصرؼ عف السياسة ومشاكؿ السياسييف ومؤامراتيـ إلى خدمة اإلسبلـ ورعاية شؤوف المسمميف عف طريؽ الدفاع عف أصوؿ الديف
اظر الفرؽ التي انحرفت في تفكيرىا واتجاىاتيا عف الخط اإلسبلمي الحنيؼ ونشر تعاليمو وأحكامو فنلقد فرضت عميو مصمحة . الصحيح كمسألة الجبر واإلرجاء التي روجيا الحكاـ لمصالحيـ الشخصية
اإلسبلـ العميا أف ينصرؼ إلى الدفاع عف العقيدة اإلسبلمية فالتؼ حولو العديد مف العمماء والكثير مف .لحديث مف الشيعة وغيرىـطبلب العمـ وا
كاف عالما عابدا تقيا ثقة عند جميع المسمميف، روى عنو أبو حنيفة وغيره مف أئمة المذاىب (.)المعروفة
لقد أخبرني رسوؿ اهلل بأني سأبقى حتى أرى رجبل : جاء عف ابف جابر بف عبد اهلل األنصاري أنو قاؿسبلـ واسمو محمد يبقر العمـ بقرا، ويقوؿ الرواة إف جابر بف مف ولده أشبو الناس بو وأمرني أف أقرأه ال
عبد اهلل كاف آخر مف بقي مف أصحاب رسوؿ اهلل، وفي آخر أيامو كاف يصيح في مسجد رسوؿ اهلل يا صمى اهلل عميو وآلو )باقر عمـ آؿ بيت محمد، فمما رآه وقع عميو يقبؿ يديو وأبمغو تحية رسوؿ اهلل
ة لو، وأمو كانت آمنة بنت أبي مرة بف عروة بف مسعود الثقفي، وأميا األكبر مع أبيو في كرببلء، وال بقي .بنت أبي سفياف بف حرب
31
(.)أما عبد اهلل الرضيع فأمو الرباب بنت امرئ القيس وقد قتؿ أيضا مع أبيو وأخيو يـو الطؼ :أخواتو
فاطمة فأميا أـ سكينة وفاطمة، فسكينة أميا الرباب بنت امرئ القيس، وأما: وكاف لو أختاف أيضا .اسحاؽ بف طمحة بف عبيد اهلل
مع ابف أخيو( عميو السبلـ)فيكفي في جبللتيا كبلـ اإلماـ الحسيف أما سكينة فغالب عمييا : لما جاء إليو خاطبا إحدى ابنتيو( عميو السبلـ)الحسف بف اإلماـ الحسف
.ىػة سنة كانت وفاتيا في المدين( )االستغراؽ مع اهلل، فبل تصمح لرجؿ__________
لـ يبؽ لي سوى ىذا الطفؿ : نحو جماعة عمر بف سعد قائبل ليـ( عميو السبلـ)ولد حممو الحسيف ( )اسقوه، ومنيـ مف : الرضيع فاسقوه، فقد جؼ المبف مف ثدي أمو، فاختمؼ الجند فيما بينيـ، منيـ مف قاؿ
، فرماه حرممة بسيـ بنحره : ديال تسقوه فقاؿ ابف سعد لحرممة بف كاىؿ األس: قاؿ اقطع نزاع القـو: فذبحو، فبسط الحسيف سيد الشيداء كفو تحت نحر الطفؿ، فمما امتؤلت دما رمى بو نحو السماء وقاؿ
ثـ عاد بو إلى . الميـ ال يكف عميؾ أىوف مف فصيؿ ناقة صالح. رب ىوف عمي ما نزؿ بي أنو بعيف اهلل .ف أىؿ بيتوالمخيـ وقيؿ طرحو بيف القتمى م
.: اسعاؼ الراغبيف( )
مع ابف أخيو الحسف بف اإلماـ ( عميو السبلـ)أما أختيا فاطمة فيكفي في فضميا كبلـ اإلماـ الحسيف أما (: صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)أختار لؾ فاطمة فيي أكثر شبيا بأمي فاطمة بنت رسوؿ اهلل : الحسف
.ىػ عف أكثر مف سبعيف سنةوفاتيا في المدينة سنة ( )النيار في الديف فتقـو الميؿ كمو وتصـو إلى جنة المأوى
أجمع المؤرخوف . لقد أجيد اإلماـ نفسو إجيادا كبيرا وحمميا مف أمره رىقا مف كثرة عبادتو وعظيـ طاعتويجده وتخضعو قد قضى معظـ حياتو صائما نياره، قائما ليمو حتى وصؿ بعبادتو وت( عميو السبلـ)أنو
…إلى درجة الفناء الكامؿ في اهللوألىؿ ( عميو السبلـ)في الوقت نفسو كانت تبلحقو ذكريات كرببلء المؤلمة، وما جرى ألبيو سيد الشيداء
وىؿ بإمكانو أف ينسى كمما نظر إلى عماتو وأخواتو فيتذكر . البيت مف النكبات الكبيرة والخطوب المريرةكؿ ىذه الذكريات األليمة . أحرقوا البيوت: يمة إلى خيمة، ومنادي القـو يناديفرارىف يـو الطؼ مف خ
.تثير أشد الحزف في نفسو فيحزف ويذرؼ الدموع الحارةعميو )فقاؿ . إني أخاؼ عميؾ أف تكوف مف اليالكيف: لقد بكى عمى أبيو عشريف سنة حتى قاؿ لو مواله
مـ مف اهلل ما ال تعمموف إني لـ أذكر مصرع بني فاطمة إال إنما أشكو بثي وحزني إلى اهلل وأع(: السبلـ
31
(.)خنقتني العبرة ومف الطبيعي أف لذلؾ كمو أثرا مباشرا عمى صحتو التي أذابتيا ىذه
(.()ال راحة لي، وعمي بف الحسيف موجود في دار الدنيا: )روى الزىري أنو قاؿبأي طريقة، ولما آؿ إليو الممؾ ( عميو السبلـ)وقد صمـ ىذا الخبيث المجـر عمى اغتياؿ اإلماـ ، وقد تفاعؿ ()أمره أف يدسو لئلماـ ونفذ عاممو ذلؾوالسمطاف بعث سما قاتبل إلى عاممو في يثرب، و
السـ في بدف اإلماـ، فأخذ يعاني أشد اآلالـ وأقساىا، وبقي عمى فراش الموت عدة أياـ يشكو بمواه إلى يحمد ( عميو السبلـ)اهلل تعالى، ويدعو لنفسو بالمغفرة والرضواف، وقد تزاحـ الناس لتفقده وعيادتو، وىو
يو أفضؿ الثناء عمى ما رزقو مف الشيادة عمى يد شر البرية الظالميف الطغاة الذيف كاف اهلل ويثني عم .ىميـ الدنيا الفانية ومباىجيا البراقة الزائفة
:وصيتو لولده اإلماـ الباقرباإلمامة، كما عيد إليو أيضا بيذه ( عمييما السبلـ)عيد اإلماـ زيف العابديف إلى ولده محمد الباقر
يا بني أوصيؾ: )القيمة فقاؿ لو الوصيةيا بني إياؾ وظمـ مف ال يجد عميؾ ناصرا إال : بما أوصاني بو أبي حيف حضرتو الوفاة فقد قاؿ لي
(.()اهللإني حججت عمي ناقتي ىذه عشريف حجة لـ أقرعيا بسوط، فإذا أنفقت : وأوصاه أيضا بناقتو، فقاؿ لو
ما مف بعير يوقؼ : )قاؿ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)رسوؿ اهلل فادفنيا، ال تأكؿ لحميا السباع، فإف (.)ونفذ اإلماـ الوصية( عميو موقؼ عرفة سبع حجج إال جعمو اهلل مف نعـ الجنة، وبارؾ في نسمو
أف يتولى بنفسو غسمو وتكفينو وسائر شؤونو حتى يواريو في (: )عميو السبلـ)والوصية األخيرة قاؿ فييا (.مقره األخير
ا وثقؿ حالو مف تفاعؿ السـ في جسده الطاىر، وأخذ يعاني آالم( عميو السبلـ)اشتد المرض عمى اإلماـ مرىقة، فأخبر اإلماـ أىمو في غمس الميؿ أف سوؼ ينتقؿ إلى الفردوس األعمى، وأغمي عميو ثبلث
الحمد هلل الذي صدقنا (: )عميو السبلـ)ثـ قاؿ ( إنا فتحنا)وسورة ( الفاتحة)مرات، فمما أفاؽ فقرأ سورة (.()وعده، وأورثنا الجنة نتبوأ منيا حيث نشاء فنعـ أجر العالميف
كبار مبلئكة اهلل، وانت قمت روحو الطاىرة إلى خالقيا كما ترتفع أرواح األنبياء والمرسميف، تحفيا بإجبلؿ وا وألطافو تعالى لقد ارتفعت تمؾ الروح العظيمة إلى خالقيا بعد كفاح مرير وسمت بألطاؼ اهلل وتحيتو
يا وعبادتيا وتجردىا مف كؿ تاركة إضاءات منيرة عمى مفارؽ كؿ الدروب في ىذه الدنيا بعموميا ومعارف .نزعات الميوؿ الشخصية
طوؿ حياتو في سبيؿ اهلل فأحب في اهلل وأبغض( عميو السبلـ)لقد عمؿ اإلماـ .في اهلل وجاىد مف أجؿ رفع كممة اهلل بكؿ ما أوتي مف قوة مباركة وعطاء خير
جرى لئلماـ تشييع حافؿ لـ تشيد يثرب لو نظيرا، فقد شيعو جميع الناس مف قريب وبعيد، التفت حساس عميؽ بالخسارة الكبرىالجماىير حوؿ النعش الكريـ جازعيف في البكاء و . العويؿ بكؿ خشوع وا
ازدحـ . لقد فقدوا بموتو عبقرية كبرى وخيرا عميقا، فقدوا تمؾ الروحانية الشفافة التي لـ يخمؽ ليا مثيؿ
33
أىالي يثرب عمى الجثماف المقدس فالسعيد مف يحظى بحممو، وىذا أحد الفقياء السبعة في المدينة سعيد : وقد أنكر عميو ذلؾ حشـر مولى أشجع، فأجابو سعيد. بتشييع اإلماـ والصبلة عميوبف المسيب لـ يفز
وما (. )أصمي ركعتيف في المسجد أحب إلي مف أف أصمي عمى ىذا الرجؿ الصالح في البيت الصالحالذي يحمؿ ىدى األنبياء ( عميو السبلـ)نراه أنو اعتذار ميميؿ ذلؾ أف حضور تشييع جنازة اإلماـ
وصؿ الجثماف الطاىر إلى بقيع الغرقد وسط ىالة مف التكبير والتحميد، فحفروا لو قبرا بجوار فير عمو والذي استشيد ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)اإلماـ الحسف سيد شباب أىؿ الجنة وريحانة رسوؿ اهلل
(.إف هلل جنودا مف عسؿ)لطريقة نفسيا عمى يد معاوية بف أبي سفياف، صاحب القوؿ المأثور باوأنزؿ اإلماـ الباقر جثماف أبيو إلى المقر األخير وأنزؿ معو كنوز العمـ والبر والتقوى، وروحانية أجداده
.المتقيف عمييـ أفضؿ الصبلة والسبلـىرع الناس نحو اإلماـ الباقر يعزونو ويشاركونو ( عميو السبلـ)ف وبعد الفراغ مف دفف اإلماـ زيف العابدي
في لوعتو وأساه واإلماـ مع إخوتو وسائر بني ىاشـ يشكروف الجموع الغفيرة المعزية عمى مشاركتيـ في نا إليو راجعوف. الخطب الجمؿ والمصاب العظيـ الذي حؿ بيـ نا هلل وا وسيعمـ الذيف ظمموا أي } . وا
فالسجاد عمى . السجاد وذي الثفنات( عمييما السبلـ)قمنا إنو مف أشير ألقاب اإلماـ عمي بف الحسيف عنيا جده النبي وزف فعاؿ تعني كثرة السجود ألنو كاف يقضي معظـ أوقاتو في الصبلة التي قاؿ
.إنيا قرة عينو( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)المصطفى كاف ألبي : قاؿ( عميو السبلـ)وأما تسميتو بذي الثفنات، كما جاء في الكافي لمكميني، إف اإلماـ الباقر
وفي رواية الصدوؽ أنو كاف . في موضع سجوده آثار ثابتة يقطعيا في كؿ سنة مف طوؿ سجوده وكثرتو .عيا ويجميا وأوصى أف تدفف معو في قبرهيقط
ما ىذا الذي : كاف إذا توضأ لمصبلة يصفر لونو، فيقوؿ لو أىمو( عميو السبلـ)جاء في مصادر عدة أنو ؟: يعتادؾ عند الوضوء؟ فيقوؿ تدروف بيف يدي مف أريد أف أقـو
ذا قاـ إلى الصبلة أخذتو الرعدة، ويقوؿ .ناجيو فميذا تأخذني الرعدةأريد أف أقـو بيف يدي ربي وأ: وا يا بف رسوؿ اهلل النار، : ومرة وقع حريؽ في البيت الذي ىو فيو وكاف ساجدا في صبلتو فجعموا يقولوف
34
.نار اآلخرة: ما الذي ألياؾ عنيا؟ فقاؿ: فما رفع رأسو مف سجوده حتى أطفئت، فقيؿ لوكاف يصمي في اليـو والميمة ألؼ : افي قاؿأجمع الرواة عف كثرة عبادتو وصبلتو فجاء عف الكمينيفي الك
(.)ركعة حتى مات ولقب بزيف العابديف لكثرة عبادتو وحسنياكاف عمي بف الحسيف صموات اهلل : كاف أبي يقوؿ(: )عميو السبلـ)قاؿ أبو عبد اهلل . وعف خشوعو وتقاه
(.يح منوعمييما إذا قاـ في الصبلة كأنو ساؽ شجرة ال يتحرؾ منو شيء إال حركو الر __________
.باب الخشوع في الصبلة، ص( )
وبجديو عمي بف أبي طالب ( عميو السبلـ)ومف نظر إليو وىو يصمي يخالو شبييا بأبيو اإلماـ الحسيف رأيت عمي بف الحسيف : )قاؿ أبو حمزة الثمالي(. صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)والنبي محمد الرسوؿ األكـر
فسألتو : فمـ يسوه حتى فرغ مف صبلتو قاؿ: يصمي فسقط رداؤه عف أحد منكبو، قاؿ( ـعمييما السبل)ويحؾ أتدري بيف يدي مف كنت؟ إف العبد ال يقبؿ مف صبلتو إال ما أقبؿ عميو منيا : فقاؿ. عف ذلؾ
(.()بقمبو (:عميو السبلـ)وقاؿ اإلماـ الباقر
ؼ ركعة وكانت الريح تميمو بمنزلة السنبمة، وكانت لو كاف عمي بف الحسيف يصمي في اليـو والميمة أل)خمسمائة نخمة وكاف يصمي عند كؿ نخمة ركعتيف، وكاف إذا قاـ في صبلتو غشي لونو آخر، وقيامو في صبلتو قياـ عبد ذليؿ بيف يدي الممؾ الجميؿ، كانت أعضاؤه ترتعد مف خشية اهلل، وكاف يصمي صبلة
(.()بدا مودع يرى أنو ال يصمي بعدىا أ :وجاء في المصدر نفسو قاؿ
كاف اإلماـ السجاد خريطة فييا تربة الحسيف إذا قاـ في الصبلة تغير) (.()لونو فإذا سجد لـ يرفع رأسو حتى يرفض عرقا
(:عميو السبلـ)وقاؿ اإلماـ الصادؽ يبمغو أحد وقد اصفر لونو فإذا ىو قد بمغ مف العبادة ما لـ( عميو السبلـ)ولقد دخؿ أبو جعفر عمى أبيو )
. مف السير ورمضت عيناه مف البكاء ودبرت جبيتو مف السجود وورمت قدماه مف القياـ في الصبلةذا ىو يفكر فالتقيت : فقاؿ أبو جعفر: قاؿ فمـ أممؾ حيف رأيتو بتمؾ الحاؿ مف البكاء فبكيت رحمة لو وا
أمير )الصحؼ التي فييا عبادة عمي يا بني أعطني بعض تمؾ : إلى بعد ىنينة مف دخولي فقاؿمف يقوى عمى عبادة عمي بف أبي : فأعطيتو فقرأ فييا يسيرا ثـ تركيا مف يده تضجرا وقاؿ( المؤمنيف (.()طالب
فاستأذنو في الدخوؿ ( عميو السبلـ)فأتى جابر باب عمي بف الحسيف فرأى عمى الباب أبا جعفر الباقر وىو في محرابو قد أنضتو العبادة فنيض إليو ( عميو السبلـ)فدخؿ جابر عمى اإلماـ السجاد . وعمى أبي
يا بف رسوؿ اهلل أما عممت أف اهلل خمؽ الجنة : فقاؿ لو جابر. اإلماـ وسألو عف حالو وأجمسو إلى جنبوسؾ؟ فقاؿ عمي بف لكـ ولمف أحبكـ، وخمؽ النار لمف أبغضكـ وعاداكـ؟ فما ىذا الجيد الذي كمفتو نف
أما عممت أف رسوؿ اهلل قد غفر اهلل لو ما تقدـ مف ذنبو وما تأخر فمـ : يا صاحب رسوؿ اهلل: الحسيففقيؿ لو أتفعؿ ىذا وقد غفر اهلل لؾ . يدع االجتياد لو وتعبد بأبي ىو وأمي حتى انفتح الساؽ ووـر القدـ
.ما تقدـ مف ذنبؾ وما تأخرفمما نظر جابر إلى عمي بف الحسيف ال يقبؿ . أفبل أكوف عبدا شكورا (: و وسمـصمى اهلل عميو وآل)فقاؿ
البقيا عمى نفسؾ فإنؾ لمف أسرة بيـ : قوؿ مف يستميمو عف الجيد في القصد، قاؿ لو يا بف رسوؿ اهلل يستدفع الببلء ويستكشؼ
.الؤلواء وبيـ تستمطر السماء. منياج أبوي متأسيا بيما صموات اهلل عمييما حتى ألقاىمايا جابر ال أزاؿ عمى ( عميو السبلـ)فقاؿ
واهلل ما رؤي في أوالد األنبياء مثؿ عمي بف الحسيف إال يوسؼ بف : فأقبؿ جابر عمى مف حضر وقاؿف منيـ لمف يمؤل عدال ( عميو السبلـ)واهلل لذرية الحسيف . يعقوب أفضؿ مف ذرية يوسؼ بف يعقوب وا
(.)كما ممئت جورا د نرى أف مثؿ ىذه العبادة غريبة عمى الناس العادييف لكنيا ليست بغريبة أبدا عمى مثؿ أىؿ البيت ق
.العابديف الزاىديف والطاىريف المنتجبيف__________
.وبشارة المصطفى، ص. أمالي الشيخ الطوسي، ص( )
، وال بمتابعة ()والميمة ألؼ ركعةواإلماـ زيف العابديف ليس بحاجة إلى اإلطراء بكثرة صبلتو في اليـو نما ما (. ()ما فرشت لو فراشا بميؿ قط وال أتيتو بطعاـ في نيار قط: )صيامو الذي قالت عنو موالتو وا
كاف يقـو بيذه األعماؿ العبادية بحؽ اليقيف سواء مف ناحية النية ( عميو السبلـ)يجب معرفتو أنو عبادة، ال مف الخوؼ أو الرجاء كما سمؼ مثمو عف جده أمير المقصورة عمى تأىيؿ المولى سبحانو لم
ىو : ونوجز القوؿ. الصياـ مف أقوى الوسائؿ في رياضة النفس وتقوية اإلرادة وتعويد النفس عمى الصبرلذلؾ كاف مف أركاف الديف اإلسبلمي وطريقا مف طرؽ الوصوؿ . الرمز العممي بضبط النفس في ديف اهلل
يا أييا } : قاؿ سبحانو وتعالى. ر العممي عف أخذ المسمـ نفسو باإلسبلـإلى حقيقة التقوى التي ىي التعبي[. اآلية : البقرة]{ الذيف آمنوا كتب عميكـ الصياـ كما كتب عمى الذيف مف قبمكـ لعمكـ تتقوف عميو )قاؿ اإلماـ الصادؽ . واإلماـ زيف العابديف كاف شديد االجتياد في العبادة، نياره صائـ وليمو قائـ
كاف عمي بف الحسيف شديد االجتياد في العبادة، نياره صائـ وليمو قائـ، فأضر ذلؾ بجسمو (: )السبلـوأثناء صيامو كاف كريما جدا (. ()أتحبب إلى ربي لعمو يزلفني: فقاؿ! يا أبو كـ ىذا الدؤوب: فقمت لو
.كثير الصدقات (:عميو السبلـ)قاؿ اإلماـ الصادؽ أيضا
بف الحسيف إذا كاف اليـو الذي يصـو فيو يأمر بشاة فتذبح وتقطع أعضاؤىا وتطبخ فإذا إنو كاف عمي)ىاتوا القصاع، أغرفوا آلؿ : كاف عند المساء أكب عمى القدور حتى يجد ريح المرقة وىو صائـ ثـ يقوؿ
فبلف (.()حتى يأتي إلى آخر القدور، ثـ يؤتى بخبز وتمر فيكوف بذلؾ عشاؤه
كاف الناس ال يخرجوف مف مكة حتى يخرج عمي بف الحسيف فخرج وخرجت معو : )قاؿ سعيد بف المسيبحوا معو ففزعت فنزؿ في بعض المنازؿ فصمي ركعتيف سبح في سجوده فمـ يبؽ شجر وال مدر إال سب
(.ىذا التسبيح األعظـ: نعـ يا بف رسوؿ اهلل، قاؿ: يا سعيد فزعت؟ قمت: منو فرفع رأسو فقاؿأراد عمي بف الحسيف الخروج إلى الحج فاتخذت لو أختو سكينة زادا أنفقت عميو ألؼ : )وروى سفياف قاؿ
ني أللبسو كؿ بعد أبيو ومنو صار إلي فيو( عميو السبلـ)ثـ صار ذلؾ الخاتـ إلى أبي ( السبلـ عندي وا فدخمت إليو يـو الجمعة وىو يصمي، فمما فرغ مف الصبلة مد : جمعة وأصمي فيو قاؿ محمد بف مسمـىذا خاتـ جدي أبي عبد اهلل : ال إلو إال اهلل عدة لمقاء اهلل، فقاؿ: إلي يده فرأيت في إصبعو خاتما نقشو
(.()عميو السبلـ)الحسيف بف عمي لما حضره الذي( عميو السبلـ)إف الحسيف : قاؿ( عميو السبلـ)عفر الباقر وجاء عنـ أبي ج
حضره دعا ابنتو فاطمة الكبرى فدفع إلييا كتابا ممفوفا ووصية ظاىرة، وكاف عمي بف الحسيف مريضا ال لى ورجع أىؿ بيتو إلى المدينة دفعت فاطمة الكتاب إ( عميو السبلـ)يروف أنو يبقى فمما قتؿ الحسيف
(.)عمي بف الحسيف، ثـ صار ذلؾ الكتاب واهلل إلينا يا زيادإذ ( عمييما السبلـ)كنت عند الحسيف بف عمي : وروى الزىري عف عبيد اهلل بف عبد اهلل بف عتبة قاؿ
عؿ االسـ األعظـ وآثار العمي األعمى يقرؤؾ السبلـ ويقوؿ قد قضيت نبوتؾ واستكممت أيامؾ فاج: وقاؿني عمـ النبوة عند عمي بف أبي طالب فإني ال أترؾ األرض إال وفييا عبلـ يعرؼ بو طاعتي وواليتي وا لـ أقطع عمـ النبوة مف الغيب مف ذريتؾ كما لـ أقطعيا مف ذريات األنبياء الذيف كانوا بينؾ وبيف أبيؾ
الحسف والحسيف أوليـ ابف عمي : ف أبي طالب وىـآدـ ذكر أسماء األئمة القائميف باألمر بعد عمي ب(: عميو السبلـ)وقد سئؿ اإلماـ أبو جعفر الباقر بـ يعرؼ اإلماـ؟ قاؿ (. )وآخرىـ الحجة بف الحسف
يعرؼ بالنص عميو مف اهلل تعالى ونصبو عمما لمناس حتى يكوف عمييـ حجة وقد نصب رسوؿ اهلل عميا سمو وعينو ليـ وكذلؾ األئمة ينص الماضي مف يكوف بعده ويعرؼ اإلماـ وعرؼ الناس با( عميو السبلـ)
بأف يسأؿ فيجيب ويبتدئ إف سكت الناس عنو ويخبرىـ بما يكوف في غد بعيد واصؿ إليو مف رسوؿ اهلل (.)وذلؾ بما نزؿ بو جبرائيؿ مف أخبار الحوادث الكائنة إلى يـو القيامة( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)
عبد اهلل ولوالنا ما عرؼ وبعبادتنا . الثمار وجرت األنيار ونزؿ الغيث مف السماء ونبت عشب األرض (.()اهلل وأيـ اهلل لوال وصية سبقت وعيد أخذ عمينا لقمت قوال يعجب منو األولوف واآلخروف
ثـ إف اإلمامة خبلفة وىي مف المولى سبحانو وسر مف أسراره أوحى بيا إلى نبي األمة ليعرفيـ القائـ مف أودعيا الميتميف جؿ شأنو في ذرية الرسوؿ بعده ومف يجب الركوف إليو وأخذ معالـ الديف منو وقد
األعظـ بعد أف طيرىـ مف الرجس والريب وزكاىـ مف العيب وارتضاىـ أعبلما لعباده يسمكوف بيـ ألحب .كؿ ذلؾ لترفع الضغائف وتتممعرفة المعبود تعالى وتعقد صبلت التآخي وتتـ أنظمة الحياة. الطريؽ
:ي قاؿوجاء في المصدر نفسو عف الشيخ الطوسيا أبا : وقاؿ لو( عميو السبلـ)دعا أمير المؤمنيف عميا ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)وفي ليمة وفاتو )
وصيتو حتى انتيى إلى ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)الحسف أحضر صحيفة ودواء ثـ أممى رسوؿ اهلل ا فأنت يا عمي أوليـ سماؾ اهلل في يا عمي سيكوف مف بعدي اثنا عشر إمام: بياف الخمفاء مف بعده فقاؿ
سمائو عميا المرتضى وأمير المؤمنيف والصديؽ األكبر والفاروؽ األعظـ والمأموف فبل تصمح ىذه وأنت خمفتني عمى أمتي مف بعدي فإذا حضرتؾ الوفاة فسمميا إلى : األسماء ألحد غيرؾ إلى أف قاؿ ابني الحسف البر الوصوؿ فإذا
حضرتو الوفاة فميسمميا إلى ابني الحسيف الشيد الزكي المقتوؿ، فإذا حضرتو الوفاة فميسمميا إلى ابنو فإذا ( باقر العمـ)فإذا حضرتو الوفاة فميسمميا إلى ابنو محمد الباقر ( سيد العابديف ذي الثفنات)عمي
ة فميسمميا جعفر الصادؽ فإذا حضرتو الوفاة فميسمميا إلى ابنو موسى الكاظـ فإذا حضرتو حضرتو الوفاالوفاة فميسمميا إلى ابنو الرضا فإذا حضرتو الوفاة فميسمميا إلى ابنو محمد الثقة التقي فإذا حضرتو الوفاة
لفاضؿ فإذا حضرتو الوفاة فميسمميا إلى ابنو عمي الناصح فإذا حضرتو الوفاة فميسمميا إلى ابنو الحسف ا (.()فميسمميا إلى ابنو محمد المستحفظ مف آؿ محمد
إف الوصية أمر محتـو عمى كؿ مسمـ يوصي بيا قبؿ وفاتو ألشخاص أمناء يثؽ بيـ ويسجؿ كؿ ما ىو أولى بالمؤمنيف ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)والنبي . ييمو أمره لكي ينفذ بعد أـ يتوفاه اهلل عز وجؿ
ف أنفسيـ فيؿ يمكف أف تحضره الوفاة ويبقى ساكتا دوف أف يوصي أمر الخبلفة ألناس ثقاة عمماء موكمنا يعمـ مدى أىمية ىذه الرسالة ، أمناء ينفذوف الوصية بحذافيرىا كما نص عمييا خاتـ النبييف والرسؿ
لة اإلليية التي تصمح شؤوف إنيا الرسا. اإلنسانية العظيمة وأىمية نشرىا بيف عباد اهلل شرحيا وتعميمياواهلل سبحانو وتعالى أعمـ أيف يوضع رسالتو فقد . العباد في كؿ زماف ومكاف ومف جميع أمـ األرض
بكوكب وقاد... إال وجاء ... ... ما غاب عف أفؽ الشريعة كوكب مف حجة متستر أو باد... ... ... إف المييمف ليس يخمي أرضو يبقى بغير فؤادوالجسـ ال... ... ... لوال إماـ الحؽ ما بقي الورى
العمـ والعمماء سواء أكاف أحدىـ رفيعا في أعيف الناس أـ كاف غير رفيع ما داـ وكاف اإلماـ السجاد يقدر ذا دخؿ المسجد يتخطى الناس حتى يجمس إلى جانب رجؿ متواضع اسمو عنده عمـ ينتفع بو الناس، وا
غفر اهلل لؾ أنت سيد الناس تتخطى خمؽ اهلل وأىؿ العمـ : زيد بف أسمـ، فقاؿ لو نافع بف جبير عاتبا وكأنو ( العمـ يقصد حيث كاف(: )عميو السبلـ)وقريشا حتى تجمس مو ىذا العبد األسود، فقاؿ لو اإلماـ
واإلنساف في أي زماف ال ييمو ( الحكمة ضالة المؤمف أنى وجدىا أخذىا: )يقصد إلى الحكمة القائمة .القائؿ بقدر ما ييمو القوؿ الصادر عف أي لساف
اـ زيف العابديف قد انصرؼ إلى العبادةأجمع المؤرخوف عمى أف اإلم
43
__________ .، صأعياف الشيعة، ج( )
لى جانب انصرافو إلى . والعمـ والدراسة والتعميـ ألنو وجد في ذلؾ غذاء لروحو وسموة لقمبو وأنسا لنفسو وا .نشر العمـ والفقو كاف رحيما بالناس وجوادا سخيا وخموقا حميما
ما تجرعت جرعة أحب إلي مف جرعة غيظ ال أكافئ بيا صاحبيا، ووقؼ : )الكافي قاؿروى الكميني في قد سمعتـ : عميو رجؿ مف بني عمومتو فاسمعو كبلما مرا وشتمو، فمـ يكممو، فمما انصرؼ قاؿ لجمسائوف والكاظمي: ما قاؿ ىذا الرجؿ، وأنا أحب أف تبمغوا معي حتى تسمعوا ردي عميو، فمضوا معو وىو يقوؿ
فخرج الرجؿ متوثبا لمشر وىو ال يشؾ أنو إنما جاءه . الغيظ والعافيف عف الناس واهلل يحب المحسنيفيا أخي إنؾ كنت قد وقفت عمي آنفا : مكافيا لو عمى بعض ما كاف منو، فقاؿ لو اإلماـ زيف العابديف
ف كنت قد ق مت ما ليس في فغفر اهلل لؾ، وقمت ما قمت فإف كنت قد قمت ما في فأنا أستغفر اهلل منو، وا .لقد قمت ما ليس فيؾ وأنا أحؽ بو: فأقبؿ عميو الرجؿ معتذرا وقاؿ
خرج يوما مف المسجد فمقيو رجؿ فسبو وبالغ في سبو وأفرط، فعاد : )وقاؿ الرواة في مناقبو قاؿ الشبمنجينا أكثر، ألؾ حاجة نعينؾ ما ستر عنؾ مف أمر : إليو العبيد والموالي فكفيـ عنو وأقبؿ عميو وقاؿ لو
إف ىشاـ بف إسماعيؿ بتف ىشاـ بف الوليد المخزومي كاف : روى الواقدي قاؿ( بلـعميو الس )وعف كرمو واليا عمى المدينة لعبد الممؾ بف مرواف وقد أساء جوار اإلماـ ولحقو منو أذى شديد، فمما توفى عبد
عمي بف واهلل إني ال أخاؼ ال مف: الممؾ عزلو الوليد بف عبد الممؾ وأوقفو لمناس لكي يقصوا منو، فقاؿإف كاف : الحسيف، فمر عميو اإلماـ وسمـ عميو وأمر خاصتو أف ال يتعرض لو أحد بسوء، وأرسؿ لو
أعجزؾ ماؿ تؤخذ بو فعندنا ما يسعؾ ويسد حاجتؾ فطب نفسا منا ومف كؿ مف يطيعنا فقاؿ لو ىشاـ .اهلل أعمـ حيث يجعؿ رسالتو: بف إسماعيؿ
44
، يعامميـ حسب ما تممي عميو أخبلقو العالية وصفاتو النبيمة ىكذا كاف يعامؿ اإلماـ السجاد خصومومف ذلؾ ما صنعو مع مرواف بف الحكـ ألد أعداء أىؿ البيت وىو الذي أشار عمى . ومناقبو الكريمة
سيد الشيداء، وبقي إلى جانب معاوية يتتبع أىؿ البيت باإلساءة ( عميو السبلـ)الوليد بقتؿ اإلماـ الحسيف ومع كؿ ذلؾ فقد صنع معو كما صنع مع . ؿ بيـ وبشيعتيـ بكؿ ما لديو مف وسائؿ خبيثةواألذى وينك
وذلؾ يـو ثار أىؿ المدينة عمى . ىشاـ بف إسماعيؿ وبالغ باإلحساف إليو كما بالغ ىو باإلساءة إليوا دعاه األموييف وضيقوا عمييـ ولـ يعد ليـ ممجأ بيا فضاقت األمور بمرواف بف الحكـ إلى أبعد حد، مم
إلى استعطاؼ أبناء المياجريف واألنصار ألنو لـ يجد مف يحمي لو عياؿ األموييف ونساؤىـ ويمنع عنيـ الذي ضـ عياؿ ( عميو السبلـ)الثائروف المتربصيف الشر بيـ في كؿ حيف غير اإلماـ عمي بف الحسيف
.مرواف إلى عيالو وعامميـ بما كاف يعامؿ بو أسرتو وعيالو
لؾ غريبا وبعيدا عف أخبلقو الناس العادييف وطبائعيـ فميس بغريب وال بعيد عمى مف اختارىـ فإذا كاف ذاهلل وخصيـ بالكرامة والعصمة وجعميـ فوؽ مستوى البشر في مواىبيـ وأخبلقيـ وجميع صفاتيـ
ف أبي إف أخبلؽ اإلماـ السجاد مف أخبلؽ أبيو اإلماـ الحسيف وأخبلؽ جديو اإلماـ عمي ب. وأعماليـماـ المتقيف، ومحمد بف طالب، أمير المؤمنيف وا
عفا ( عميو السبلـ)فجده اإلماـ عمي (. صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)عبد اهلل خاتـ النبييف الرسوؿ األكـر عف مرواف الذي قاد الجيوش لحربو في البصرة فبعد أف ظفر بو ووقع أسيرا في قبضتو تركو وأطمؽ
سينضـ إلى معاوية ويحاربو في صفيف وبعد أف استتب األمر لمعاوية واختاره واليا سراحو مع عممو بأنوومع كؿ . وكانت مجزرة كرببلء مف أغمى أمانيو( عميو السبلـ)عمى المدينة كاف يؤذي اإلماـ الحسف
إذا ظفرت بعدوؾ : )ثـ قاؿ حكمتو. ىذه السيئات وىذه اإلساءات عفا عنو بعد أف وقع في قبضة يده (.فميكف العفو أحمى الظفريف
عفا عف رأس الشرؾ أبي سفياف بعد أف ظفر بو، كما ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)وجده األكـر رسوؿ اهلل عفا عف زوجتو ىند بنت عتبة وأحسف إلييا بعد عمميا الشنيع، عندما شقت بطف الحمزة البطؿ المؤمف
صمى اهلل عميو )وعفا . تيا إلى مكة تتشفى بالنظر إليياالصنديد واستخرجت كبده ونيشتيا بأسنانيا وحممأيضا عف والد مرواف الحكـ عندما ظفر بو في مكة وقد كاف يؤذيو ويسيء إليو بشتى أنواع ( وآلو وسمـصمى اهلل عميو )ولكف النبي . وبعد أف أظير اإلسبلـ بعد فتح مكة كاف يستيزئ بو ويفتري عميو. اإلساءة
كتفى بنفيو مع والده إلى الطائؼ كما عفا عف جميع مشركي مكة وجبابرتيـ الذيف وقفوا في ا( وآلو وسمـإذىبوا : )وجو الدعوة اإلسبلمية المباركة، وعف كؿ مف كاف يسيء إليو وقاؿ اإلماـ عندىا كممتو المشيورة
سبللة أىؿ البيت الذيف فيو مف. فميس غريبا إذا أحسف اإلماـ زيف العابديف لمف أساء إليو( فأنتـ الطمقاء
45
.أذىب اهلل عنيـ الرجس وطيرىـ تطييرا .فالروايات كثيرة ال تحصى نذكر بعضا منيا( عميو السبلـ)أما عف كرمو
في ( عميو السبلـ)روى الصدوؽ عف سفياف بف عيينة أف محمد بف شياب الزىري رأى عمي بف الحسيف أريد سفرا لو : يا بف رسوؿ اهلل ما ىذا؟ أجابو: فقاؿ لو. اعةليمة باردة وعمى ظيره دقيؽ يسعى بو إلى جم
فمما كاف بعد . عمى ما أرد عميو أسألؾ بحؽ اهلل لما مضيت لحاجتؾ وتركتنيمف سفري ويحسف ورودي (: عميو السبلـ)يا بف رسوؿ اهلل لست أرى لذلؾ السفر الذي ذكرتو أثرا، قاؿ : أياـ لقيو ابف شياب وقاؿ
بمى يا زىري ليس ىو كما ظننت ولكنو الموت ولو أستيد، إنما االستعداد لمموت تجنب الحراـ وبذؿ .الندى في الخير
وىكذا كاف يعمؿ دائما، يطرؽ بيوت الفقراء وىو مثميـ وأكثرىـ كانوا يقفوف عمى أبواب بيوتيـ ينتظروف .جاءنا صاحب الجراب: فإذا رأوه تباشروا بو وقالوا
( عميو السبلـ)وروى عنو أبو نعيـ أنو كانت بيوت في المدينة كثيرة تعيش مف صدقات عمي بف الحسيف تدري مف ىو فاعؿ الخير ىذا؟ فمماتوفاه اهلل فقدوا ما كاف يأتييـ فعمموا بأنو ىو الذي كاف يعيميـ، وال
روى الصدوؽ عف اإلماـ الباقر . ما فقدنا صدقة السر حتى فقدنا عمي بف الحسيف زيف العابديف: وقالواؿ زادي ليـو القيامة وال مرحبا بمف يحم: وكاف جاءه سائؿ يقوؿ. أنو كاف يعوؿ مائة بيت في المدينة
.يأكؿ طعاما حتى يتصدؽ بمثموإف عمي بف الحسيف إذا دخؿ شير رمضاف ال ( عميو السبلـ)وروى ابف طاووس عف اإلماـ الصادؽ
ذا أذنب عبد لو أو أمة يسجؿ ذلؾ عمييـ، فإذا كاف آخر ليمة مف شير يضرب عبدا لو وال أمة وا ربنا إنؾ : ثـ يقؼ بينيـ ويقوؿ… عمييـ سيئاتيـ فيترفوف بيا رمضاف دعاىـ وجمعيـ حولو ثـ يعرض
أمرتنا أف نعفو عمف ظممنا وقد عفونا كما أمرت فاعؼ عنا فإنؾ أولى بذلؾ منا ومف المأموريف ثـ يقبؿ فإذا كاف يـو العيد أجازىـ . لقد أعتقت رقابكـ طمعا في عفو اهلل وعتؽ رقبتي مف النار: عمييـ ويقوؿ :وكاف يقوؿ. نيـ وتغنييـ عما في أيدي الناسبجوائز تصو
إف هلل تعالى في كؿ ليمة مف شير رمضاف سبعيف ألؼ عتيؽ مف النار)ني ألحب أف يراني اهلل وقد أعتقت رقابا فإذا كاف آخر ليمة منو أعتؽ اهلل فييا مثمما أعتؽ في جميعو، وا
.في ممكي في دار الدنيا رجاء أف يعتؽ رقبتي مف النار ابتو وكراماتومي
46
كاف اإلماـ عمي زيف العابديف ميابا معظما عند الناس جميعا، لو مكانة خاصة في قموبيـ ومركز محتـو يدخؿ عمييـ ليجمونو ويحترمونو حتى الذيف يحقدوف . ومرموؽ عند الخمفاء والوالة مف أي فريؽ كاف
ر لو المكايد في الخفاء، فمما نظر إليو دخؿ مرة عمى عبد الممؾ بف مرواف وكاف حاقدا عميو يدب. عميومقببل وعميو ميابة أبيو وجديو، قاـ إليو وأجمسو إلى جنبو وأكرمو فسألو الناس كيؼ تـ لو ذلؾ وىـ
.لما رأيتو امتؤل قمبي رعبا : فقاؿ( عميو السبلـ)يعمموف ما يكف في قمبو مف حقد عمى اإلماـ لقد ممئ قمبي : المدينة فمما نظر إليو يتجمى ميابة وعظمة قاؿومرة أخرى دخؿ عمى مسمـ بف عقبة والي
.منو خيفةىذا التقدير لئلماـ السجاد يعود إلى ما تتحمى بو شخصيتو مف صفات خاصة مميزة، فعمـ غزير في
جميع العمـو والمعارؼ اإلنسانية وأخبلؽ كريمة ونبؿ وعفة وشيامة، وكـر وسخاء إلى كؿ معوز ومتاج يؽ، وشجاعة نادرة في أحرج المواقؼ وأصعبيا، وفقو وورع وتقى في سبيؿ اهلل، وصبر مف عدو وصد
جاء في رواية السبكي في . وال ريب أنو مف كاف مع اهلل فإف اهلل معو. وكظـ الغيظ مف أجؿ رضى اهللطبقات الشافعية أف ىشاـ بف عبد الممؾ حج في بعض السنيف فجيد أف يصؿ إلى الحجر األسود عند
طواؼ فمـ يقدر عميو مف كثرة الزحاـ فنصب لو مف كاف معو منبرا في ناحية مف نواحي الحـر وجمس الفي ىذه األثناء . عميو ينظر إلى الناس حتى يخؼ الزحاـ عف الحجر ليممسو، ووقؼ حولو أىؿ الشاـ
جا عمى حدوكاف مف أحسف الناس وجيا وأطيبيـ أر ( عميو السبلـ)أقبؿ اإلماـ عمي زيف العابديف تعبير السبكي فطاؼ في البيت فمما بمغ الحجر انفرج لو الناس عنو وأفسحوا لو المجاؿ ووقفوا إجبلال لو
.فمما مضى عنو عادوا إلى طوافيـ. وتعظيما حتى إذا استمـ الحجر وقبمو والناس ينظروف إلو واجميف
. ونفس ىشاـ تتحرؽ غيظا وحسدا ىذا وىشاـ بف عبد الممؾ ومف معو مف أىؿ الشاـ يروف كؿ ذلؾ فقاؿ . مف ىذا الذي قد ىابو الناس ىذه الميابة: التفت رجؿ مف أىؿ الشاـ وسأؿ ىشاـ بف عبد الممؾ
أنا أعرفو، فقاؿ : وكاف الفرزدؽ الشاعر حاضرا، فقاؿ. مخافة أف يرغب فيو أىؿ الشاـ!! ال أعرفو: ىشاـ :ؽ ومضى في وسط تمؾ الجموع المحتشدة يقوؿ عمى البدييةومف ىو يا أبا فراس؟ فقاؿ الفرزد: الشامي
ؼ الذي تتدافع فيو الجماىير مف كؿ حدب وصوب متسابقة لممس الحجر األسود شيئا في ذلؾ الموقوقؼ لو الناس إجبلال وتعظيما وأفرجوا لو الطريؽ ( عميو السبلـ)حتى إذا أقبؿ اإلماـ زيف العابديف
ولما قضى اإلماـ حاجتو وترؾ المكاف عاد الناس يتسابقوف ويتدافعوف؛ . واستمـ الحجر وقبمو بكؿ يسرىذا وأىؿ الشاـ بنظروف إلى ىذا المشيد الغريب وينتظروف مف يعرفيـ بذلؾ الشاب الذي ىابو الناس وعظموه بعد أف تجاىمو خميفتيـ وظير مخجوال أماـ أىؿ الشاـ، بعد أف كاف يزعـ ليـ أنو ىو وأسبلفو
48
.ية مف أبي فراساألمويوف ىـ آؿ الرسوؿ الذي أمر اهلل بمودتيـ وما كاف يتوقع ىذه الصفعة القو __________
.، صراجع طبقات الشافعية، ج( )
يقوؿ الرواة إف ىشاـ بف عبد الممؾ لما سمع ىذه القصيدة غضب عمى الفرزدؽ وأمر بحبسو بمكاف يدعى عسفاف، بيف مكة والمدينة وأوصى بالتضييؽ عميو، وأضاؼ الرواة أنو بما بمغ عمي بف الحسيف
إني لـ أقؿ ما قمت إال غضبا هلل تعالى ال : دينار فردىا الفرزدؽ وقاؿ لمرسوؿ امتداحو أرسؿ لو ألؼنحف أىؿ البيت إذا : وأرسؿ إليو( عميو السبلـ)فأعادىا اإلماـ إليو . لمعطاء وال آخذ عمى طاعة اهلل أجرا
بقصيدة قاؿ فقبميا الفرزدؽ وبقي في حبس ىشاـ مدة مف الزمف وأخيرا ىجاه. وىبنا شيئا ال نستعيده :فييا
إلييا قموب الناس تيوي منيبيا... ... أيحسبني بيف المدينة والتي وعينا لو حوالء باد عيونيا... ... يقمب رأسا لـ يكف رأس سيد
يقوؿ الرواة إنو لما بمغو ىجاء الفرزدؽ أمر بإخراجو مف السجف عمو يخرس لسانو ويكؼ عف (.)اليجاء
ة واسعة فمقد كاف في موقفو مع ىشاـ بف عبد الممؾ مف أفضؿ المجاىديف في فرحـ اهلل الفرزدؽ رحمأفضؿ المجاىديف في سبيؿ : )الذي قاؿ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)سبيؿ اهلل حسبما جاء عف رسوؿ اهلل
وىو مف األئمة المعصوميف الذيف كمفوا تكمينا شرعيا مف اهلل عز وجؿ لتقويـ اإلعوجاج ، وطيرىـ تطييرا ىـ في الدنيا واآلخرة ورفع الظمـ عف الناس مف قبؿ الطغاة والظالميف، وىداية الناس عامة إلى ما فيو خير
وخير مجتمعيـ ليعيشوا أمة كريمة حرة تأمر بالمعروؼ وتنيى عف المنكر وتنشر الرسالة اإلسبلمية كما أرادىا رب
.أجمعيف( عمييـ السبلـ)العالميف وكما نفذىا الرسوؿ األكـر والعترة الطاىرة مف بعده __________
.، صراجع أيضا األغاني، ج( )
طا اإلماـ زيف العابديف خطوة أبيو وجديو مف قبمو وتخمؽ بأخبلقيـ فساعد وضحى وجاىد وصبر لقد خرادة صمبة ونفس كريمة يحسف إلى الجميع حتى الذيف وتجرع كثيرا مف الويبلت والمحف بيمة عالية وا
إف عمي بف الحسيف إذا ( عميو السبلـ)روى ابف طاووس في اإلقباؿ بسند ينتيي إلى اإلماـ الصادؽ ذا أذنب عبد لو أو أمة يسجؿ ذلؾ عمييـ، فإذا كاف دخؿ شير رمضاف ال يضرب عبدا لو وال أمة وا
: ـ سيئاتيـ فيعترفوف بيا، فيقوؿ ليـآخر ليمة مف شير رمضاف دعاىـ وجمعيـ حولو، ثـ يعرض عمييقولوا يا عمي بف الحسيف إف ربؾ قد أحصى عميؾ كؿ ما عممت كما أحصيت عمينا كؿ ما عممنا، ولديو
كتاب ينطؽ عميؾ بالحؽ ال يغادر كبيرة وال صغيرة إال أحصاىا، وتجد كؿ ما عممت لو عممت لو اصفح يعؼ عنؾ المميؾ ويصفح وىو واقؼ بينيـ حاضرا كما وجدنا كؿ ما عممنا لديؾ حاضرا فاعؼ و
:يبكي ويقوؿربنا إنؾ أمرتنا أف نعفو عمف ظممنا وقد عفونا كما أمرت فاعؼ عنا فإنؾ أولى بذلؾ منا ومف )
لقد عفوت عنكـ فيؿ عفوتـ ما كاف مني إليكـ اذىبوا فقد أعتقت : )ثـ يقبؿ عمييـ ويقوؿ(. المأموريففإذا كاف يـو العيد أجازىـ بجوائز تصونيـ وتعينيـ عما ( وعتؽ رقبتي مف الناررقابكـ طمعا في عفو اهلل
.في أيدي الناسإف هلل تعالى في كؿ ليمة مف شير رمضاف سبعيف ألؼ عتيؽ مف النار، فإذا (: )عميو السبلـ)وكاف يقوؿ
ني ألحب أف يراني اهلل وقد أعتقت رقابا في كاف آخر ليمة منو أعتؽ اهلل فييا مثمما أعتؽ في جميعو، وا (.ممكي في دار الدنيا رجاء أف يعتؽ رقبتي مف النار :جاء في مطالب عف محمد بف طمحة الشافعي قاؿ
ذ الميؿ مطية ركبيا لقطع مفازة الساىرة وظمأ اليواجر دليبل استرشد بو في فتحمى بحميتيا، طالما اتخمغارة الشافرة، ولو مف الخوارؽ والكرامات ما شوىد باألعيف الباصرات وثبت باآلثار المتواترة وشيد لو
(.(.)أنو مف مموؾ اآلخرةإف عبد اهلل بف عمي بف الحسيف وعف سماحتو ونبمو وعمو أخبلقو جاء في الطبقات الكبرى البف سعد قاؿ
لما عزؿ الوليد بف عبد الممؾ ىشاـ بف إسماعيؿ عف والية المدينة وأوقفو الوليد إلة : قاؿ( عميو السبلـ)إف ىذا الرجؿ قد عزؿ وقد : الناس ليقتصوا منو، وكاف يسيء إلى أبي، جمعنا أبي عمي بف الحسيف وقاؿ
بسوء، فقمت يا أبت، واهلل إف أثره عندنا لسيء وما كنا نطمب إال أوقفو الوليد لمناس فبل يتعرض لو أحد
51
:قاؿ. مثؿ ىذا اليـو .يا بني نكمو إلى اهلل، فواهلل ما تعرض أحد بسوء مف آؿ الحسيف حتى تصـر أمره
ولـ يكتؼ السجاد بذلؾ بؿ أرسؿ إليو يعرض عميو مف ألمواؿ ما يسعو ويسد حاجتو، مع أنو كاف ال لى أصحابويخاؼ إال منو ذا كاف ذلؾ غريبا عف أخبلؽ الناس وطبائعيـ . لكثرة ما كاف يسيء إليو وا وا
حطوا، أمع المخفيف أجور أـ مع المثقميف أحط؟ ويمي كمما طاؿ عمري كثرت خطاياي ولـ : ولممثقميف :ثـ بكى وقاؿ( ا آف لي أف أستحي مف ربي؟أتب، أم
سبحانؾ تعصى كأنؾ ال ترى، وتحمـ كأنؾ لـ تعص، تتودد إلى خمقؾ بحسف الصنيع كأف بؾ الحاجة ) (.إلييـ، وأنت يا سيدي الغني عنيـ
ثـ خر إلى األرض ساجدا فدنوت منو وشمت رأسو ووضعتو عمى ركبتي وبكيت حتى جرت دموعي عمى أنا طاووس يا بف رسوؿ اهلل ما : فقمت( مف ذا الذي أشغمني عف ذكر ربي؟: )لسا وقاؿخده فاستوى جا
أبوؾ الحسيف بف عمي بف أبي ! ىذا الجزع والفزع؟ ونحف يمزمنا أف نفعؿ مثؿ ىذا ونحف عاصوف جافوفىييات ىييات يا طاووس دع عني حديث أبي : )طالب، وأمؾ فاطمة الزىراء، وجدؾ رسوؿ اهلل قاؿ
وجدي، خمؽ اهلل الجنة لمف أطاعو وأحسف ولو كاف عبدا حبشيا وخمؽ النار لمف عصاه ولو كاف وأميواهلل ال { فإذا نفخ في الصور فبل أنساب بينيـ يومئذ وال يتساءلوف } : قرشيا، أما سمعت قولو تعالى
(.لمسائميف، جئتؾ لتنظر إلي برحمتؾ يا أرحـ الراحميف
52
:ثـ أنشأ يقوؿ مع السقـيا كاشؼ الضر والبموى ... ... يا مف يجيب دعاء المضطر في الظمـ
وأنت وحدؾ يا قيـو لـ تنـ... ... قد ناـ وفدؾ حوؿ البيت قاطبة فارحـ بكائي بحؽ البيت والحـر... ... أدعوؾ يا رب دعاء قد أمرت بو فمف يجود عمى العاصيف بالنعـ... ... إف كاف عفوؾ ال يرجوه ذو سرؼ (.قاؿ فاقتفيتو فإذا ىو زيف العابديف
حوار فإذا مع نفسو حيث بخاطبيا كيؼ تركف إلى الدنيا ألـ تأخذ درسا مف الماضيف ( عميو السبلـ)ولو قبميا، فأيف أجدادنا وآباؤنا وأيف الذيف فجعوا ومضوا قبميا؟ أليس يكوف ليا بيـ عبرة؟
:في المناقب قاؿ( عميو السبلـ)روى الزىري عنو لى الدنيا ركونؾ؟ أ) ـ إلى الحياة سكونؾ؟ وا ما اعتبرت بمف مضى في أسبلفؾ؟ ومف وارتو يا نفس حتا
:األرض مف آالفؾ؟ ومف فجعت بو مف إخوانؾ؟ ثـ أنشد محاسنيا فييا بوالي دوائر... ... فيـ في بطوف األرض بعد ظيورىا وساقتيـ نحو المنايا المقادر... ... خمت دورىـ منيـ وأقوت عراصيـ
()ـ تحت التراب الحفائروضمتي... ... وخموا عف الدنيا وما جمعوا ليا :وجاء في حياة الحيواف لمدميري
لـ يكتؼ اإلماـ السجاد باإلحساف إلى مف كاف يسيء إليو بؿ كاف يطمب ليـ المغفرة مف اهلل سبحانو .وتعالى
الميـ إف أعتذر إليؾ مف مظمـو ظمـ بحضرتي فمـ أنصره، ومف معروؼ أسدي إلي فمـ : )قاؿ في ذلؾعيب مسمـ ظير لي فمـ أشكره ومف مسيء اعتذر إلي فمـ أعذره ومف ذي فاقو سألني فمـ أوفره ومف
أستره ومف كؿ إثـ عرض لي فمـ أىجره، واجعؿ ندامتي عمى ما وقعت فيو مف الزالت وعزمي عمى ترؾ
53
.ما يعرض لي مف السيئات توبة توجب لي محبتؾ يا محب التوابيف :وقاؿ أيضا مثؿ ذلؾ
سمعت بو مف العفو عنيـ الميـ وأيما عبد ناؿ مني ما حظرت عميو فاغفر لو ما ألـ بو مني واجعؿ ما وتبرعت بو مف الصدقة عمييـ في أزكى صدقات المتصدقيف وأعمى صبلت المتقربيف، وعوضني مف
.عفوي عنيـ عفوؾ حتى يسعد كؿ واحد منا بفضمؾ وينجو كؿ منا بمنؾومع كؿ ما قدـ وضحى وأعطى وأحسف يرى نفسو مقصرا في حقوؽ الناس، كاف صدره واسعا جدا
. ؿ ىفواتيـ ويتسع لكؿ انحرافاتيـ ويسامح ما كاف يتجمع في صدورىـ مف غش وطمع وحقديستوعب كيعامميـ بما عنده ىو وليس بما عندىـ إف البحر الكبير ال تعكر صفوه بضعة أنيار صغيرة تصب فيو،
وبائع . والجسر المتيف يتحمؿ الكثير مف األثقاؿ ميما كانت كبيرة ويبقى صامدا جامدا عمى مدى الدىور .العطر يتمذذ بما يحمؿ ويؤنس اآلخريف بروائح وروده الجميمة
.والنور الساطع يري صاحبو معالـ الطريؽ ويكشؼ المزالؽ والعثرات أماـ المشاة التائييفوالشجرة القوية العتيقة جذورىا ثابتة في األرض ال تؤثر فييا الرياح ميما كانت عنيفة، يراشقيا المارة
ومما يبلحظ (. عمييـ السبلـ)تجتمع األمة بأسرىا عمى أفضمية أحد كاجتماعيا عمى أفضمية أئمة اليدى موالييـ وىذا دليؿ واضح أف ما كتبو عنيـ كبار العمماء مف غير الشيعة أكثر مما كتبو عنيـ شيعتيـ و
بيف ظيراني األمة، حيث جعميـ ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)أنيـ مركز الثقؿ الذي تركو الرسوؿ األعظـ .عمى الناس( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)حكاما عمى العباد وخمفاء لو
اثنا عشر ( عميو السبلـ)ميدي وتختـ باإلماـ ال( عميو السبلـ)ىذه العترة الطاىرة تبدأ بأمير المؤمنيف وجدير بنا أف نرجع إلييـ آخذيف بتعاليميـ، متبعيف ألوامرىـ، لنحقؽ ما نصبوا إليو مف . خميفة معصوما .خير وسعادة
عمييما )وىذه مختارات مف كممات كبار العمماء في اإلماـ السجاد عمي بف العابديف بف اإلماـ الحسيف (.السبلـ
اإلماـ الرباني، والييكؿ النوراني، بدؿ األبداؿ وزاىد ( عميو السبلـ)فإنو : )األربميقاؿ عمي بف عيسى والكريـ ( )الوىاد، وقطب األقطاب، وعابد العباد، ونور مشكاة الرسالة دائرة اإلمامة، وابف الخيرتيف
54
.الطرفيف قرار القمب، وقرة العيف، عمي بف الحسيف__________
فخيرتو مف العرب : إف هلل تعالى مف عباده خيرتاف( )صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)لو لقو : ابف الخيرتيف( ) .، صوفيات األعياف، ج: راجع(. قريش، ومف العجـ فارس
األواه األواب، العامؿ بالسنة والكتاب، الناطؽ بالصواب، مبلـز : وما أدراؾ ما عمي بف الحسيفدرجات المعارؼ، فيومو يفوؽ عمى أمسو، المنفرد بمعارفو، المحراب، المؤثر عمى نفسو، المرتفع في
الذي فضؿ الخبلئؽ بتميده وطارفو، وحكـ في الشرؽ فتسنـ ذروتو، وخطر في مطارفو وأعجز بما حواه مف طيب المولد، وكـر المحتد، وزكاء األرومة، وطيارة الجرثومة، عجز عنو لساف واصفو، وتفرد في
(.)المبلئكة مف مواقفو، وأجرى مدامعو خوؼ ربوخمواتو بمناجاتو، فتعجبت (.)كاف مف أروع الناس وأعبدىـ وأتقاىـ هلل عز وجؿ، وكاف إذا مشى ال يخطر بيديو: وقاؿ الواقدي
واهلل ما رؤي في أوالدي األنبياء بمثؿ عمي بف الحسيف إال يوسؼ بف يعقوب / وقاؿ جابر األنصاريف منيـ لمف يمؤل واهلل لذرية عمي بف الحسي( عميو السبلـ) ف أفضؿ مف ذرية يوسؼ بف يعقوب، وا
(.)األرض عدال كما ممئت جورا قبسات مف مواعظو
في المواعظ التي تعد مف أعظـ األرصدة الروحية، ( عميو السبلـ)لئلماـ زيف العابديف جوالت ناجحات تردي في متاىات سحيقة مف ومف أنحج األدوية في معالجة األمراض النفسية التي تؤدي باإلنساف إلى ال
.مجاىؿ ىذه الحياةكثيرا بوعظ الناس وأثر عنو الكثير مف المواعظ التي وعظ بيا أصحابو وأىؿ ( عميو السبلـ)وقد اىتـ
عصره، وىي ال تزاؿ حية تحذر الناس مف الغرور والطيش وتدعوىـ إلى سموؾ السبيؿ الحؽ في حياتيـ .الفردية واالجتماعية
صبلحيا، وتوازف الشخصية اإلنسانية وازدىارىا، وغرس كما أثرت ع نو حكـ تيدؼ إلى تيذيب النفوس وا .النزاعات الكريمة التي تقضي عمى األنانية والحسد والبغي والشر والتعدي عمى حقوؽ اآلخريف
ساف ولو مواعظ ىامة تدعو إلى االتجاه إلى اهلل تعالى أنبؿ مقصد وأكـر ممجأ، رحماف رحيـ، ينجي اإلنمف كؿ إثـ وشر في ىذه الحياة الفانية، ويطمب إليو التزود إلى دار اآلخرة التي ىي المقر الدائـ لكؿ
.الخيريف مف عباد اهلل الصالحيف :وسوؼ نعرض لبعض ما روي عنو في ذلؾ
يا بف آدـ ال تزاؿ بخير ما كاف لؾ واعظ مف: )قاؿ عميو السبلـيا بف آدـ إنؾ ميت . ما كاف لؾ الخوؼ شعارا، والحزف لؾ دثارا نفسؾ، وما كانت المحاسبة مف ىمؾ، و
نيا يعظيا ويحاسبيا عمى كؿ ما اإلنساف ألف يقيـ في أعماؽ نفسو واعظا م( عميو السبلـ)يدعو اإلماـ يصدر منيا مف زالت وىفوات ذلؾ أنو مبعوث يـو القيامة، يـو الحساب، يـو ال ينفع ماؿ وال بنوف إال
وعمى . ما أتى اهلل مف قمب سميـ؛ حيث يحاسب كؿ إنساف عمى جميع ما اقترفو في حياتو مف إثـ وشرا، فيزجرىا عندما تيوي بو المزالؽ الرخيصة والنزاعات كؿ إنساف أف يحاسب نفسو فيجعؿ منيا رقيبا عميي
.الفاسدة التي تغرؽ صاحبيا في وحوؿ الحياة المادية، وعندىا يتزود بخير زاد إلى خير معادأحبكـ إلى اهلل (: )عميو السبلـ)ومف مواعظو القيمة ىذه الموعظة التي كاف يعظ بيا أصحابو قاؿ
ف أعظمكـ عند ا ف أنجاكـ مف عذاب اهلل أحسنكـ عمبل، وا هلل عمبل أعظمكـ في ما عند اهلل رغبة، وا ف أكرمكـ ف أرضاكـ عند اهلل أسبغكـ عمى عيالو، وا ف أقربكـ مف اهلل أوسعكـ خمقا، وا أشدكـ خشية هلل، وا
الصفات وأف يقوموا بذخائر األعماؿ ثـ دليـ عمى السبيؿ الذي ينجييـ مف عذاب اهلل في الدار اآلخرة :مف أجؿ ذلؾ عمييـ أف
.يتقنوا أعماليـ ويحسنوىا فعمى المؤمف إذا أراد عمبل أف يكممو ويتقنو ر، أما الرغبة إلىيرغبوف في ما عند اهلل وىي مف أعظـ الذخائ .غيره تعالى فإنيا تؤوؿ إلى الخيبة والخسراف
ال يخافوا إال اهلل وأف ال يخشوا إال ىو، فمف أراد النجاة عذابو تعالى عميو أف يشعر قمبو بالخشية مف .عوتو وجبللو، فيي تصد اإلنساف مف اقتراؼ الشر أو اإلثـ
ألخبلؽ يتميز اإلنساف عف غيره ومف فقد أخبلقو فقد أف يوسعوا أخبلقيـ تجاه اآلخريف ألف بحسف ا -د .إنسانيتو
يتوسعوا عمى عياليـ فينفقوا عمييـ مما كسبت أيدييـ رزقا حبلال، وىذا ما يوجب المحبة والمودة -ىػ .في بناء لمجتمع اإلنسانيواأللفة بيف أفراد األسرة، الخمية األولى
يتقوا اهلل، فتقواه تعالى ىي الميزاف األصيؿ في اإلسبلـ وقد دعانا اهلل في آيات كثيرة إلى التقوى -ح (.){ اتقوا اهلل إف كنتـ مؤمنيف } : قاؿ تعالى. التي ىي مف اإليماف
أف تكوف مكرما عند اهلل عميو فمف أراد { إف أكرمكـ عند اهلل أتقاكـ } : وجاء في القرآف الكريـ اآلية .بالتقوى فيي سفينة النجاة وجسر العبور إلى رضوانو عز وجؿ .ومف مواعظو القيمة ىذه الموعظة الشاممة لمواضيع عدة مؤثرة
ذا كانت طبيعة الدنيا مناصرة الرذائؿ ومعاكسة القوى الخيرة فاألجدر . إلى النار، النحرافيـ عف الحؽ وا .الزىد فييا، والتجافي عف شيواتيا والسعي لمظفر بنعيـ اآلخرة
الدنيا، وتجافى عف لذتيا، ورغب في دائـ نعيـ اآلخرة، وسعى ليا سعييا، وراقب الموت، وشنأ الحياة مع القـو الظالميف، فعند ذلؾ نظر إلى ما في الدنيا بعيف نيرة، حديدة النظر، وأبصر حوادث الفتف، وضبلؿ
البدع، وجور المموؾالظممة، فقد لعمري، استدبرتـ مف األمور الماضية في األياـ الخالية مف الفتف المتراكمة، واالنيماؾ فييا،
ما تستدلوف بو عمى تجنب الغواة وأىؿ البدع والبغي والفساد في األرض بغير الحؽ، فاستعينوا باهلل، (.مف طاعة مف اتبع وأطيعوارجعوا إلى طاعتو، وطاعة مف ىو أولى بالطاعة
ما كانت تواجيو األمة في عصره الكثير مف ألواف األسى المرير والفتف المذىمة، ( عميو السبلـ)أبدى
قبؿ الوقوؼ والمساءلة والعرض عمى رب وعميكـ سيد حاكـ غدا، وىو موقفكـ، ومسائمكـ، فأعدوا الجواب (.العالميف، يومئذ ال تكمـ نفس إال بإذنو
إلى طاعة اهلل تعالى، وطاعة أئمة الحؽ واليدى الذيف ييدوف الناس إلى ( عميو السبلـ)يدعو اإلماـ جميع ما الصراط المستقيـ وييدونيـ إلى سبؿ النجاة، والذيف يمثموف إرادة األمة ووعييا، ويحققوف ليا
إلى التمرد عمى أئمة الجور الظالميف ( عميو السبلـ)كما دعا . تصبو إليو مف العزة والحرية والكرامةوعدـ الركوف إلييـ أو التعاوف معيـ، ألف التعاوف كما أراده تعالى، ىو مع البررة األتقياء وليس مع
واعمموا أنو مف خالؼ أولياء اهلل، وداف بغير ديف اهلل، ولستبد بأمره دوف أمر ولي اهلل، ونار تميب، تأكؿ ابدنا، قد غابت عنيا أرواحيا، وغمبت عمييا شقوتيا، فيـ موتى ال يجدوف حر النار، فاعتبروا يا أولي
واعمموا أنكـ ال تخرجوف مف قدرة هلل إلى غير قدرتو، وسيرى اهلل األبصار، واحمدوا اهلل عمى ما ىداكـ، (.()عممكـ ثـ إليو تحشروف، فانتفعوا بالعظة، وتأدبوا بآداب الصالحيف
عمى تقوى اهلل وطاعتو ألنيما أساس سعادة اإلنساف في الدنيا واآلخرة فبيما ( عميو السبلـ)حث المؤمنيف يما بيفيستقيـ سموكو ويكوف محترما كر
.قومو، وعف طريقيما تزدىر حياتو ويكسب رضى اهلل تعالى وسعادتو التي ما بعدىا سعادةذلؾ أنيا لـ تقتصر عمى الدعوة إلى الزىد في ( عميو السبلـ)تعد ىذه الموعظة مف غرر مواعظ اإلماـ
نما كانت مف الوثائؽ االجتماعية والسياسية واألدبية .الدنيا والعمؿ لآلخرة، وا :ومف مواعظو أيضا (: عميو السبلـ)؟ فقاؿ (صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)كيؼ أصبحت يا بف رسوؿ اهلل : سألو رجؿ فقاؿ لو
ذا نظرنا إلى ما حولنا وجدنا أكثر إذا تأممنا مميا أبعاد الحياة رأيناىا محاطة بيذه األمور الثمانية، وا تفموف بمباىجيا وييتموف بزينتيا ومفاتنيا، لكنيـ لو تبصروا أكثر وأمعنوا الفكر لصمموا عمى الناس يح
ىـ، ولوجدوا لو كاف الناس يعرفوف جممة الحاؿ في صواب التبييف، ألعربوا عف كؿ ما يتمجمج في صدور )مف برد اليقيف ما يغنييـ عف المنازعة إلى كؿ حاؿ سوى حاليـ، وعمى أف إدراؾ ذلؾ كاف ال يعدميـ في
األياـ القمية العدة، والفكرة القصيرة المدة، ولكنيـ مف بني مغمور بالجيؿ ومفتوف بالعجب ومعدوؿ باليوى مف باب التثبيت، ومصروؼ بسوء
(.()العادة عف فضؿ التعميـلو أمعف اإلنساف النظر وأطاؿ التفكير في شؤوف ىذا الكوف آلمف إيمانا ال يخامره الشؾ بأف ىناؾ خالقا ذا آمف ذلؾ لوجد برد اليقيف في نفسو وعاش آمنا لمكوف ومدبرا لو يخضع كؿ شيء إلرادتو وقضائو، وا
األمد، ولكف ىؿ تعتبر؟ وأنى لو مطمئنا لكثير مف المشاكؿ والمصاعب التي تعترضو في حياتو القصيرة
61
.ذلؾ وىو يعيش في غمرة الجيؿ يضمو اليوى عف تعمـ الحقائؽ ويبعده عف الوصوؿ إلى الحؽ أنوار مف تعاليمو
بالكثير مف التعاليـ القيمة الرفيعة التي تدؿ عمى خبرة كاممة ( عميو السبلـ)أدلى اإلماـ زيف العابديف ونيا وشجونيا؛ كما يرشح مف تعاليمو الحكيمة خبرتو الواسعة بأحواؿ لواقع الحياة وعمؽ بعيد في شؤ
الناس وأمورىـ ومعاشيـ وكؿ ما يتعرضوف لو مف أمراض نفسية وسياسية ودينية وفيما يمي بعض ما أثر :عنو
التكبر ونعى ( عميو السبلـ)التكبر ظاىرة سيئة ألنيا باب لكؿ شر ومصدر لكؿ رذيمة لذلؾ ذـ اإلماـ عميو )يقوؿ . عمى المتكبر الذي ال يرى غيره يستحؽ الحياة، ومف ثـ يقـو بالظمـ واالعتداء عمى الناس
(.جيفة عجبت لممتكبر الفخور الذي كاف باألمس نطفة ثـ ىو غدا (: )السبلـفالمتكبر عمى الناس الفخور بنفسو، لو تأمؿ ذاتو قميبل ونظر إلى بداية تكوينو نطفة، ثـ إلى نياية
إف لـ (: )عميو السبلـ)ليتو تذكر قوؿ اإلماـ عمي ! مصيره، جيفة، لما تكبر عمى الناس بمالو أو بنيو وال تخزني} : اهلل عز وجؿأو تذكر قوؿ ( يكونوا إخوة لؾ في الديف فيـ أسوة لؾ في الخمؽ
(.){ يـو يبعثوف، يـو ال ينفع ماؿ وال بنوف وال تمش في األرض مرحا إنؾ لف } : المتكبروف صموا آذانيـ عف قوؿ اهلل تعالى رب العرش العظيـ
أي تمش في األرض مرحا إنؾ لف تخرؽ األرض بدوسؾ (. ){ تخرؽ األرض ولف تبمغ الجباؿ طوال !يما شمخت بأنفؾ، فإنؾ ضعيؼ وقصير قصير لف تبمغ الجباؿ طوال وشدة وطئؾ م
{ وال تصعر خدؾ لمناس وال تمشي في األرض مرحا إف اهلل ال يحب كؿ مختاؿ فخور }: قاؿ تعالى(.)
فالمتكبر يكرىو عباد اهلل في الدنيا ويكرىو اهلل في اآلخرة، فيو خاسر الداريف لذلؾ عد التكبر في اإلسبلـ .مف الصفات الذميمة التي تفسد المجتمع اإلنساني وتورث الفرقة والبغضاء
والبعض اآلخر يرتكبوف األخطاء الكبيرة والذنوب الفادحة ثـ يفتخروف بما كسبت أيدييـ مف اآلثاـ .ويتباىوف بذنوبيـ ببل خجؿ وال حياء
ناس ليـ ىؤالء قد يكونوف مف أصحاب السمطة أو الجاه أو أصحاب الثروات الطائمة فبل يأبيوف النتقاد اللى خدماتيـ إننا نجد منيـ الكثير ، وال يحترموف حقوؽ غيرىـ، ألنيـ ينوىموف أف المجتمع بحاجة إلييـ وا
وقد نجد حوليـ . في حياتنا اليـو مف الذيف خدميـ الحظ وتسمموا مناصب عالية في ىذا الزماف البائسيـ سوى مصالحيـ الشخصية ولذاتيـ أنصارا يحفوف بيـ ويستروف عمييـ عيوبيـ، وىـ مف طينتيـ ال ييم
.القريبة المناؿىؤالء الفئة المخربة في المجتمع، حذرىـ اإلماـ مف االبتياج بذنوبيـ ألف االبتياج بالذنب أعظـ مف
إلى تعداد الذنوب التي توجب سخط اهلل وعذابو فحذر منيا ( عميو السبلـ)وبعد ىذا التحذير عمد ، ركوبوالذنوب التي تغير النعـ البغي عمى (: )عميو السبلـ)قاؿ . مة مف دينو وآخرتوليكوف اإلنساف في سبل
} : الناس، والزواؿ عف العادة في الخير، واصطناع المعروؼ، وكفراف النعـ وترؾ الشكر، قاؿ اهلل تعالىر النعـ فالبغي عمى الناس مف الذنوب التي تغي(. ){ إف اهلل ال يغير ما بقـو حتى يغيروا ما بأنفسيـ
والذنوب التي تورث الندـ، قتؿ النفس التي حـر اهلل، قاؿ تعالى في قصة قتؿ قابيؿ ألخيو ىابيؿ وعجزه (.){ فأصبح مف النادميف } : عف دفنو
لقد ترؾ صمة القرابة والرحـ طمعا بيذه الدنيا الفانية وترؾ الوصية ورد المظالـ وترؾ الصبلة ومنع الزكاة (.فبلت ساعة مندـ)حتى يحضر الموت
توجب انحراؼ اإلنساف في سموكو وتبعده عف خالقو، وما ينتج عف ذلؾ مف آثار وضيعة ومضاعفات .سيئة في الدنيا واآلخرة
__________ .معاني األخبار لمصدوؽ، ص( )
ية النفسية والسموؾ االجتماعي وتنظيـ والحقيقة أف ىذا الحديث وأمثالو ىو مف المناجـ الخصبة في التربصابة اليدؼ الذي يرمي إليو . الحياة في توازنيا وعدالتيا ثـ استكماؿ الموضوع في شتى جوانبو وا
صبلح المجتمع، سيما وأف اإلماـ عاش في عصر تسوده االنحرافات وتحقيؽ الغاية في إصبلح الفرد وا موف طغاة ال يفقيوف مف الديف إال اسمو وال يعرفوف مف في الديف واألخبلؽ واآلداب، ويسوسو حكاـ ظال
(.عميو السبلـ)أفسده األمويوف في رسالة جده يريد أـ يكمؿ الطريؽ الذي رسمو والده سيد الشيداء :العدالة
يف أمر الـز وضروري في نظر اإلماـ السجاد وفي أيامنا ىذه يرى اإلنساف نفسو في إف اكتشاؼ المؤمنخضـ معارؾ طاحنة تخوضيا الحركات والتيارات السياسية واالجتماعية متآمرة عمى اإلسبلـ حيث تسير
.بطرؽ خبيثة أقؿ ما تتصؼ بو المـؤ والدىاء ىا ونقاءىافي ىذا العالـ اليـو تفتقد الشخصية اإلنسانية صفاء
في أيامنا ىذه أصبحت المسؤولية ثقيمة عمى عاتؽ المؤمنيف الرسالييف حيث أضحى أوؿ ىميـ معرفة حيطوف بيـ معرفة كاممة حتى تتوافر الثقة فيما بينيـ ثـ بعد ذلؾ يستطيعوف أف مف يحيطوف معرفة مف ي
خبلص …يعمموا ويجاىدوا في سبيؿ اهلل بكؿ ثقة وطمأنينة وا فكيؼ يمكف أف نتعرؼ عمى المؤمنيف المخمصيف؟ وكيؼ نكتشؼ المندسيف المشبوىيف؟ ىذا ما يبينو لنا
ديثو التالي حيث يوضح لنا فيو العبلمات المميزة لمف آمف في ح( عميو السبلـ)اإلماـ زيف العابديف .واعتقد باإلسبلـ :قاؿ عميو السبلـ
إذا رأيتـ الرجؿ قد حسف سمعتو، وىديو، وتمادى في منطقو، وتخاضع في حركاتو، فرويدا ال يغرنكـ، )قمبو، فنصب الديف فما أكثر مف يعجزه تناوؿ الدنيا، وركوب الحراـ منيا، لضعؼ بنيتو وميانتو، وجبف
ذا وجدتموه يعؼ عف الماؿ فخا لو، فيو ال يزاؿ يختؿ الناس بظاىره فإف تمكف مف حراـ اقتحمو، وا ف كثر، ويحمؿ الحراـ فرويدا ال يغرنكـ، فإف شيوات الخمؽ مختمفة، فما أكثر مف يتأبى عف الحراـ وا
ؾ فرويدا ال يغرنكـ حتى تنظروا عقدة عقمو، نفسو عمى شوىاء قبيحة فيأتي منيا محرما، فإذا رأيتموه كذلفما أكثر مف ترؾ ذلؾ أجمع ثـ ال يرجع إلى عقؿ متيف، فيكوف ما يفسده بجيمو أكثر مما يصمحو
فإذا وجدتـ عقمو متينا فرويدا ال يغرنكـ حتى تنظروا أيكوف ىراه عمى عقمو أـ يكوف عقمو عمى … بعقموويرى أف لذة ! وزىده فييا؟ فإف في الناس مف يترؾ الدنيا لمدنيا ىواه؟ وكيؼ محبتو لمرياسة الباطمة
إلى أبعد غايات الخسارة، ويمد بو بعد طمبو لما ال يقدرباطمو في طغيانو، فيو يحؿ ما حـر اهلل، ويحـر ما أحؿ اهلل ال يبالي ما فات مف دينو إذا سممت لو الرياسة
واه تبعا ألمر اهلل، وقواه مبذولة في قضاء اهلل، يرى الذؿ مع الحؽ ولكف الرجؿ كؿ الرجؿ الذي جعؿ ىأقرب إلى عز األبد مع العز في الباطؿ، ويعمـ أف قميؿ ما يحتممو مف ضرائيا يؤدي إلى دواـ النعيـ في
ف كثيرا ما يمحقو مف سرائيا إف اتبع ىواه يؤدي بو إلى عذاب ال انقطاع لو، وال دار ال تبيد، وال تنفد، وا لى ربكـ توسموا بو، فإنو ال ترد لو دعوة، وال يخيب مف زواؿ، فذلؾ الرجؿ تمسكوا بو، واتقدوا بسنتو، وا
..(.طمبو
استيدؼ ىذا الحديث معرفة العدالة التي تعد مف أجؿ الممكات النفسية ألف بيا يتحرر اإلنساف مف أعمى الدرجات وأنبميا، وبذلؾ لـ يعد أوضار المادة ومفريات النفس وشيواتيا، ويسمو فوؽ الطيف إلى
عميو أي سمطاف مف النزاعات الفاسدة كما يستيدؼ أيضا أف معرفة الرجؿ العادؿ الكامؿ في ورعو مف ىذه الصفات . وتقواه ينبغي أف تستند إلى امتحاف دقيؽ وخبرة شاممة ال إلى نظرة خاطفة ورأي سريع
:التي نستشفيا مف خبلؿ ىذا الحديث .ليس دليبل كافيا عمى العدالة والتقوى واألناقة في المظير ليست دليبل عمى حسف الجوىر: سمتحسف ال
ألنو قد يكوف خداعا ورياء، واتخذ الديف . وىذا ال يعد دليبل كافيا عمى عدالة المسمـ: إضيار اإلصبلح .ر الوسائؿ األخرىوسيمة لنيؿ مآربو وتحقيؽ أطماعو وشيواتو بعد أف عجز عف الظفر بيا بسائ
وىذا أيضا ليس دليبل عمى التقوى، فقد يرغـ نفسو عمى ذلؾ ويحمميا : االمتناع عف الماؿ الحراـ -ج عمى تحقيؽ أغراضو الشخصية التي ال
(.)صمة بالديف أصبل :أما الوسائؿ التي يستكشؼ بيا كماؿ الورع والثقة في الديف فيي
امؿ لطاعتو تعالى حيث توجو جميع طاقات المؤمف لمحصوؿ عمى مرضاة اتباع أوامر اهلل، واالنقياد الكيماف .اهلل والتقرب إليو، فالرجؿ العادؿ ىو العبد الصالح التقي الذي تنبعث عدالتو عف فكر وتأمؿ وا
.الزىد في طمب اإلمامرات الباطمة ألف ذلؾ مف أوثؽ الدالالت عمى العدالة والتقوى .تو وىواهأف تغمب عقؿ اإلنساف شيوا
(.)يعتبر ىذا الحديث مف أرقى مراتب العدالة في الفقو والمرجعية فما ىي صفات المؤمف وما ىي صفات المنافؽ؟
(...()حب الدنيا رأس كؿ خطيئة، والدنيا دنيا ببلء… حب الدنيا فقاؿ األنبياء والعمماء بعد معرفة ذلؾفاألخطار التي يمنى بيا . تحؼ بنا وتتممكنا حبنا لمدنيا وتيالكنا عمى مفاتنيا ومغرياتياالحقيقة التي
اإلنساف مف سبب تيالكو عمى الدنيا التي تجر لو الكثير مف المعاصي واآلثاـ، فنتخبط في شر عظيـ، وفتف
:يرة التي منيامف حب الدنيا وآفاتيا الكث( عميو السبلـ)لذلؾ حذرنا اإلماـ . كبيرة وببلء خطيرويعني الكبلـ : حب الكبلـ -حب الراحة، -حب الرياسة، -حب النساء، -الحسد، -التكبر،
: حب الثروة -يعني العمو عمى اآلخريف والتكبر، : حب العمو -فيما ال يعني اإلنساف وال ييمو، .تجميع الماؿ وتكديسو بأي طريقة
__________ .ذـ الدنياباب : أصوؿ الكافي( )
ىذه اآلفات الفردية واالجتماعية قد جعمت اإلنساف يسمؾ طرقات خطرة، ومنعطفات أغرقتو في بؤرة مف .اآلثاـ، وأعمت بصيرتو عف رؤية الحؽ، فبات غريبا عف اإلسبلـ، منبوذا في مجتمعو وبيف قومو
(...()وأعظمياأف الدنيا سجف المؤمف وجنة الكافر، ( سبلـعميو ال)وردت أحاديث كثيرة متواترة عف األئمة المعصوميف
فإذا حؿ الموت بالمؤمف فإنو يرى األمر طبيعيا، ويجد بذلؾ الراحة الكبرى ألنو ينتقؿ إلى نعيـ اآلخرة، .إلى جنة عدف، يتبوأ الفردوس حيث يشاء
67
وأما الكافر فإذا حؿ الموت بو فإنو يرى نفسو في ضيؽ شديد ويواجو .وخوؼ ألنو ينتقؿ مف الجنة إلى سجف موحش وعذاب دائـ الموت بحسرات وآالـ
الزىد عشرة أشياء، فأعمى درجة الزىد أدنى : )عف الزىد فأجاب( عميو السبلـ)سئؿ اإلماـ زيف العابديف ف ()درجة الورع، وأعمى درجة الورع أدنى درجة اليقيف، وأعمى درجة اليقيف أدنى درجة الرضا ، أال وا
(.){ لكيبل تأسوا عمى ما فاتكـ وال تفرحوا بما آتاكـ } : كتاب اهلل قولو تعالىالزىد في آية مف حفؿ ىذا الحديث بحقائؽ ىامة مف المعرفة التي تنور عقؿ اإلنساف وتشرح صدره لمتمقي وفيـ معاني
:الحياة عمى حقيقتيا، بعض ىذه الحقائؽ العرفانيةورع عف محاـر اهلل الناشئ عف ضبط النفس، والسيطرة إف أسمى درجة الزىد ال تعادؿ أدنى درجة مف ال
.عمييا .وأرقى درجة مف الورع ىي أدنى درجة مف اليقيف باهلل تعالى الذي ىو مف أسمى مراحؿ اإليماف
.وأعمى مرتبة مف اليقيف ىي أدنى درجة مف الرضا بما قسـ اهلل تعالى فإنو جوىر اإليماف -ج__________
حقيقة الزىد حوتو اآلية الكريمة التي حذرت مف الحسرة واألسى عمى ما يفوت اإلنساف مف المنافع -دفي دار الدنيا، كما حذرت مف الفرح واالبتياج بما يكسبو اإلنساف ويظفر مف ممذات ىذه الحياة ومفاتنيا
.المادية، التي تؤوؿ إلى تراب :الحب في اهلل -
المسمميف عامة إلى التحاب والمودة فيما بينيـ خالصة لوجو اهلل تعالى ال ( عميو السبلـ)دعا اإلماـ (:عميو السبلـ)قاؿ. يشوبيا شائبة مف شؤوف المادة التي ال تمبث أف تزوؿ وتتبلشى بوقت قريب
أيف المتحابوف في اهلل؟ فيقـو عنؽ مف : يف نادى مناد يسمعو الناس يقوؿإذا جمع اهلل األوليف واآلخر )إذىبوا إلى الجنة بغير حساب، فتتمقاىـ المبلئكة ويسألونيـ عف العمؿ الذي جازوا بو : الناس، فيقاؿ ليـ
كنا نحب في: وأي شيء كاف أعماليـ؟ فيقولوف: نحف المتحابوف في اهلل، فيقولوف: إلى الجنة، فيقولوف (.نعـ أجر العالميف: اهلل ونبغض في اهلل فيقولوف ليـ
إف الحب في اهلل ىو الحب األصيؿ وىدفو في الحياة ىو اليدؼ الشريؼ والمحب في اهلل عبد صالح يحب في اإلنساف العمؿ الصالح فبل يأبو لمصمحة دنيوية رخيصة وال لغاية شخصية دنيئة ييدؼ مف
.ورائيا تحقيؽ أطماعو الخاصة
68
لبغض في اهلل ىو كذلؾ، بغض لبلنحراؼ عف الحؽ وبغض لمجيؿ والضبللة، وبغض لمظمـ واوالمبغض في اهلل غايتو التقويـ واإلصبلح حتى تستقيـ األمور المحقؽ وتنشر العدالة رايتيا . والظبلمة
.عمى كافة الربوع اإلسبلميةف ويوحد صفوفيـ ضد أعداء اهلل، مف ىنا كاف الحب في اهلل عامبل موحدا يجمع بيف قموب المؤمني
(.()الرجؿ قومو ولكف العصبية أف يعيف قومو عمى الظمـ العصبية أف يحبالعصبية ىي التي فرقت بيف العرب في الماضي وما زالت موجودة عند العرب وعند غيرىـ في عصرنا
الحاضر، عند الدوؿ التي تسمي نفسيا .متحضرة حيث نجدىا بأبشع صورىا وأشكاليا
البيض والسود فصاحب البشرة السوداء محرـو ممف كافة ففي أمريكا مثبل تمثمت العصبية البغيضة بيف وكؿ ذنبو أف خمقو وشكمو . حقوقو التي يتمتع بيا المواطف األمريكي اآلخر صاحب البشرة البيضاء
يختمفاف عف خمؽ وشكؿ المواطف األمريكي األبيض كؿ ذلؾ بسبب العصبية البغيضة التي ال تقيـ وزنا .و وحريتولئلنساف في إنسانيتو وكرامت
أيف ىؤالء مف تعاليـ اإلسبلـ اإلنسانية النبيمة؟ أيف ىؤالء مف األخوة التي نادى بيا اإلسبلـ وطبقيا المسمموف المؤمنوف؟ يعتمد اإلسبلـ في ميزانو العادؿ عمى مقياس تشريعي إليي يقدر ما لممخموؽ مف
.يتيا كاممة غير منقوصةحقوؽ فردية ال ينازعو فييا منازع، ويفرض عميو واجبات عميو تأد (.){ إنما المؤمنوف إخوة فأصمحوا بيف أخويكـ } : قاؿ اهلل تعالى في كتابو العزيز
فالتقوى في اإلسبلـ ( ال فرؽ بيف عربي وأعجمي وال بيف أسود وأبيض إال بالتقوى: )وقاؿ الرسوؿ األكـر
69
.ىي الميزاف فقط__________
.كشؼ الغمة، ص( ) .، اآليةالحجرات( )
فإف لـ …: )في وصيتو لمالؾ األشتر قبؿ أف يتجو واليا عمى مصر( عميو السبلـ)وقاؿ أمير المؤمنيف (.يكونوا إخوة لؾ في الديف فيـ أسوة لؾ في الخمؽ
فقد رفض (. عمييما السبلـ)واإلماـ زيف العابديف ىو حفيد أمير المؤمنيف سار عمى خطى أبيو وجده .تفرؽ بيف الناس وتوىف العبلقات االجتماعية في المجتمع الواحدالعصبية ألنيا
أما العصبية لقومو عندما يعينيـ عمى الظمـ فيبعدىـ عنو ويمنعيـلكف إذا أحبيـ فيذا ليس مف العصبية في شيء ألف بالمحبة تعمر األوطاف ويسعد . ليكونوا مف الظالميف
.بنو اإلنساف ويعيش كؿ فرد وجماعة بسمـ وأمافما مف عمؿ بعد معرفة (: عميو السبلـ)أي األعماؿ أفضؿ عند اهلل تعالى؟ فقاؿ (: عميو السبلـ)وسئؿ
د وىو معصية ابف آدـ حيث حسد أخاه فقتمو، فتشعب مف ذلؾ حب النساء، وحب الدنيا، وحب والحسالرئاسة، وحب الراحة، وحب الكبلـ، وحب العمو، وحب الثروة، فصرف سبع خصاؿ فاجتمعف كميف في
ودنيا حب الدنيا رأس كؿ خطيئة، والدنيا دنيا ببلغ: حب الدنيا، فقاؿ األنبياء والعمماء بعد معرفة ذلؾ (.()ممعونة
والمراد مف حب الدنيا االنغماس فييا والتميي بممذاتيا عف عبادة اهلل تعالى؛ عمما أف فييا ما يحصؿ بو مرضاة اهلل عز وجؿ ويبمغ بو إلى اآلخرة وتدفع بو الضرورة والكفاؼ لكؿ مف عمؿ عمبل متقنا صالحا
.يفيد نفسو ويفيد اآلخريف .ا عندما تبعد اإلنساف عف نيؿ السعادة وكسب الرحمات اإللييةوالمراد مف لعف الدني
وما أكثر الذيف يحبوف الدنيا في أيامنا ىذه فانغمسوا بممذاتيا ونسوا نعـ اهلل، وجمعوا الماؿ وبنوا الدور .والقصور وعاشوا ليوميـ فإذا أتت ساعتيـ ندموا وتحسروا، والت ساعة مندـ
__________ ، صأصوؿ الكافي ف( ) وأئمتنا لعمي محمد عمي دخيؿ، . ي باب ذـ الدنيا وزيف العابديف لممقـر
.ص
71
.األخذ بالجوىر وليس بحسف المنظرإذا رأيتـ الرجؿ قد حسف سمتو وىديو وتمادى في منطقو وتخاضع : فأجاب( عميو السبلـ)سئؿ عف ذلؾ
نيا وركوب الحراـ منيا لضعؼ نيتو وميانتو في حركاتو فرويدا ال يغرنكـ فما أكثر مف يعجزه تناوؿ الدذا وجبف قمبو، فنصب الديف فخا ليا فيو ال يزاؿ يختؿ الناس بظاىرة فإف تمكف مف حراـ اقتحمو، وا وجدتموه يعؼ عف الماؿ الحراـ فرويدا ال يغرنكـ فإف شيوات الخمؽ مختمفة فما أكثر مف يتأبى عف
ف كثر ويحمؿ عمى نفسو شوىاء .قبيحة فيأبى فييا محرما الحراـ وا فإذا رأيتموه كذلؾ فرويدا ال يغرنكـ حتى تنظروا عقدة عقمو فما أكثر مف ترؾ ذلؾ أجمع ثـ ال يرجع إلى
.عقؿ متيف فيكوف ما يفسده بجيمو أكثر مما يصمحو بعقموقمو عمى ىواه فإذا وجدتـ عقمو متينا فرويدا ال يغرنكـ حتى تنظروا أيكوف ىواه عمى عقمو أـ يكوف ع
وكيؼ محبتو لمرياسة الباطمة وزىده فييا فإف في الناس مف يترؾ الدنيا لمدنيا ويرى أف لذة الرياسة : الباطمة أفضؿ مف رياسة األمواؿ والنعـ المباحة المحممة، فيترؾ ذلؾ أجمع طمبا لمرياسة حتى إذا قيؿ لو
د فيو يخبط خبط عشواء يقوده أوؿ باطمو إلى أبعد فحسبو جينـ وبئس الميا! اتؽ اهلل، أخذتو العزة باإلثـغايات الخسارة يمد بو طمبو لما ال يقدر في طغيانو، فيو يحؿ ما حـر اهلل ويحـر ما أحؿ اهلل ال يبالي ما فات مف دينو إذا سممت لو الرياسة التي شقي مف أجميا فأولئؾ الذيف غضب اهلل عمييـ ولعنيـ وأعد ليـ
الذؿ مع الحؽ أقرب إلى عز األبد الرجؿ الذي جعؿ ىواه تبعا ألمر اهلل وقواه مبذولة في قضاء اهلل يرىمع العز في الباطؿ ويعمـ أف قميؿ ما يحتممو مف ضرائيا يؤديو إلى دواـ النعيـ في دار ال تبيد وال تنفد
ف كثيرا ما يمحقو وا يا زىري عميؾ ألف تجعؿ . يا زىري مف لـ يكف عقمو مف أكمؿ ما فيو كاف ىبلكو مف أيسر ما فيو
.فسرىف لي جعمت فداؾ: قمتفصياـ شير رمضاف، وصياـ شيريف متتابعيف لمف أفطر يوما مف شير : أما الواجب(: و السبلـعمي)قاؿ
ومف } : وصياـ شيريف متتابعيف في قتؿ الخطأ لمف يجد العتؽ واجب، قاؿ عز وجؿ . رمضاف متعمدا توبة مف فمف لـ يجد فصياـ شيريف متتابعيف…قتؿ مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسممة إلى أىمو
وصياـ شيريف متتابعيف في كفارة الظيار لمف لـ يجد العتؽ واجب، قاؿ اهلل تبارؾ [. :النساء]{ .. اهللوالذيف يظاىروف مف نسائيـ ثـ يعودوف لما قالوا فتحرير رقبة مف قبؿ أف يتماسا ذلكـ } : وتعالى
ياـ في كفارة اليميف واجب لمف لـ يجد وصياـ ثبلثة أ[. :المجادلة]{ توعظوف بو واهلل بما تعمموف خبير { فمف لـ يجد فصياـ ثبلثة أياـ ذلؾ كفارة أيمانكـ إذا حمفتـ } : إال طعاـ، قاؿ اهلل تبارؾ وتعالى
.كؿ ذلؾ متتابع وليس بمتفرؽ[. :المائدة]ى مف بو أذ، فمف كاف منكـ مريضا أ} : قاؿ اهلل تبارؾ وتعالى. وصياـ أذى الحمؽ واجب، حمؽ الرأس
ف صاـ ثبلثا [. :البقرة]{ رأسو ففدية مف صياـ أو صدقة أو نسؾ .وصاحبيا فييا بالخيار وا فمف تمتع بالعمرة إلى الحج فما } : قاؿ اهلل تبارؾ وتعالى. وصـو دـ المتعة واجب لمف لـ يجد اليدي
72
: البقرة]{ عشرة كاممة استيسر مف اليدي فمف لـ يجد فصياـ ثبلثة أياـ في الحج وسبعة إذا رجعتـ تمؾ.]
.مف سرائيا إف اتبع ىواه يؤديو إلى العذاب
:عف يـو القيامة فقاؿ( عميو السبلـ)وسئؿ -إذا كاف يـو القيامة جمع اهلل األوليف واآلخريف، وجمع ما خمؽ في صعيد واحد، ثـ نزلت مبلئكة السماء )
ار، ثـ نزلت مبلئكة السماء الثانية فأحاطوا الدنيا وأحاطت بيـ صفا، وضرب حوليـ سرادؽ مف النيالسرادؽ، ثـ ضرب حوليـ سرادؽ مف نار، ثـ نزلت مبلئكة السماء الثالثة فأحاطوا بالسرادؽ، ثـ ضرب : حوليـ سرادؽ مف نار، حتى عد مبلئكة سبع سماوات وسبع سرادقات، وصعؽ الرجؿ فمما أفاؽ قيؿ لو
يا بف رسوؿ اهلل فأيف عمي وشيعتو؟ (.()عمى كثباف المسؾ يؤتوف بالطعاـ والشراب، ال يحزنيـ ذلؾ: اؿق
فإنو يؤمر الصبي إذا راىؽ بالصـو تأديبا وليس بفرض، وكذلؾ مف فطر لعمة مف : وأما صـو التأديبيار ثـ قوي بعد ذلؾ أمر باإلمساؾ بقية يومو تأديبا وليس بفرض وكذلؾ المسافر إذا أكؿ مف أوؿ أوؿ الن
النيار ثـ قدـ أىمو أمر باإلمساؾ بقية يومو تأديبا وليس بفرض؟ .فمف أكؿ أو شرب أو تقيأ مف غير تعمد فقد أباح اهلل ذلؾ لو وأجزأ عنو صومو: وأما صـو اإلباحة، وقاؿ قوـ : وقاؿ قـو. يصـو: فإف العامة اختمفت فيو، فقاؿ قـو: المرضوأما صـو السفر و : ال يصـو
ف شاء فطر يفطر في الحاليف جميعا فإف صاـ في السفر أو في حاؿ : وأما نحف فنقوؿ. إف شاء صاـ وا .]
ف فمف كاف منكـ مريضا أو عمى سفر فعدة م} : المرض فعميو القضاء في ذلؾ ألف اهلل عز وجؿ يقوؿ [.:البقرة(]){ أياـ أخر
اجب فبل بقتمو، وحياة ليذا الجاني الذي أراد أف يقتؿ، وحياة لغيرىما مف الناس إذا عمموا أف القصاص و .يجسروف عمى القتؿ مخافة القصاص
.لعمكـ ترجعوف إلى الخط السميـ وتتقوف اهلل تعالى: لعمكـ تتقوف. يا ذوي العقوؿ( يا أولي األلباب)
75
عف رجؿ ضرب امرأة برجمو فطرحت ما ( عمييـ السبلـ)سألت عمي بف الحسيف : قاؿ سعيد بف المسيب .في بطنيا ميتا
إذا كاف نطفة فإف عميو عشريف دينارا، وىي التي وقعت في الرحـ، واستقرت فيو (:عميو السبلـ)فقاؿ .أربعيف يوما
ف طرحت وىو عمقة، فإف عميو أربعيف دينارا، وىي التي وقعت في الرحـ واستقرت فيو ثمانيف يوما .وا ف طرحتو مضغة فإف عميو ستيف دينارا، وىي التي وقعت في الرحـ واستقرت فيو ما .ئة وعشريف يوما وا
ف طرحتو وىو نسمة مخمقة، لو لحـ وعظـ، مرتؿ الجوارح وقد نفخ فيو روح الحياة والبقاء، فإف عميو وا (.)دية كاممةجميع األحواؿ التي يمر بيا الجنيف مف النطفة إلى الوالدة ولـ يترؾ واحدة منيا، ( عميو السبلـ)لقد ذكر
. ينسىوال غزو فيو إماـ معصـو ال يسيى وال مف أعظـ الناس خطرا؟(: عميو السبلـ)وسئؿ (.)مف لـ ير الدنيا خطرا لنفسو: فقاؿ
صدر اإلسبلـ، كغيرىا مف الحكـ، دليؿ واضح عمى رقي عقيمة العمماء، أوصياء عمى األمة والحكمة في اإلسبلمية وأمناء عمى مسيرتيا في طريؽ الخير والصبلح، وال سيما األئمة المعصوميف أئمة اليدى
حيح الذيف أخذوا عمى عاتقيـ مسؤولية نشر الدعوة اإلسبلمية وتقويـ االنحراؼ لتسير في الطريؽ الص :والعمماء الحكماء ىـ ورثة األنبياء منيـ اإلماـ زيف العابديف. الذي رسمو الرسوؿ األعظـ
بداع في العطاء، وىي تحكي ( عميو السبلـ)تدؿ حكـ اإلماـ عمى أصالة في الرأي، وتطور في الفكر، وا نما خبلصة التجارب التي ظفر بيا اإلماـ في حياتو، وال تقتصر عمى جانب خاص مف جوان ب الحياة وا
الحكيـ بعمؽ وشموؿ إلى جميع شؤوف ( عميو السبلـ)لقد نظر اإلماـ . كانت شاممة لجميع مناحيياوىذه بعض ما أثر عنو مف غرر حكمو الحية . اإلنساف فوضع الحموؿ الحاسمة لجميع قضاياه وشؤونو
(:السبلـ عميو)قاؿ . الخالدة التي يفيد منيا كؿ إنساف في حياتو الخاصة والعامة
(.()مف كرمت عميو نفسو ىانت عميو الدنيا)حكمو رائعة تحكي واقع األحرار في كؿ زماف الذيف ىانت عمييـ الدنيا مف أجؿ عزتيـ وكرامتيـ، نفوسيـ أبية ومواقفيـ شريفة، فمـ يخضعوا لمذؿ واليواف ولـ يسكتوا عف الظمـ والطغياف بؿ قاوموا بكؿ ما لدييـ
وا بأغمى ما عندىـ بالماؿ والبنيف واألنفس، وكاف عمى رأسيـ أبو األحرار وسيد الشيداء مف قوة، وجاىدالذي كرمت عميو نفسو فاستياف الدنيا وما عمييا، ولـ يصانع الظالميف، ( عميو السبلـ)اإلماـ الحسيف
.القمب السماوي ليعبر الضفة قبالة والده أمير المؤمنيف، فريد الدىور في حب الحؽ األعمىلقد قدـ اإلماـ الحسيف منيجا جديدا في ممارسة الحياة، منيج النضاؿ الشريؼ مف أجؿ صوف حياة
.اإلنساف
77
ماـ السجاد مضى عمى خط أبيو يناضؿ مف أجؿ الحؽ، ويقوؿ كما قاؿ أخو األوس البف عمو واإل :أيف تذىب فإنؾ مقتوؿ، فقاؿ: قاؿ لو( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)عندما لقيو وىو يريد نصرة رسوؿ اهلل إذا ما نوى خيرا وجاىد مسمما ... ... سأمضي وما بالموت عار عمى الفتى
وخالؼ مثبورا وفارؽ مجرما... ... ال صالحيف بنفسو وواسى رجاف مت لـ ألـ ()كفى بؾ ذال أف تعيش وترغما... ... فإف عشت لـ أندـ وا
:قولو( عميو السبلـ)ومف حكمو (.()…ضؿ مف ليس لو حميـ يرشده، وذؿ مف ليس لو سفيو يعضده)
قد يتعثر اإلنساف في خطاه إذا لـ يكف لو حميـ يرشده في المعضبلت التي تعترضو في حياتو، فيتعثر .في خطاه وينزلؽ في متاىات سحيقة، وقد يذؿ إذا لـ يكف لو سفيو يذب عنو ويعضده
(.ويؿ لمف غمبت آحاده أعشاره(: )عميو السبلـ)وقاؿ مف } : أما سمعت اهلل عز وجؿ يقوؿ (: )عميو السبلـ)سئؿ اإلماـ الصادؽ عف معنى ىذا الحديث فقاؿ
(.){ جاء بالحسنة فمو عشر أمثاليا، ومف جاء بالسيئة فبل يجزى إال مثميا كتبت لو واحدة، فنعود باهلل ممف فالحسنة الواحدة مف عمميا كتبت لو عشرا، والسيئة الواحدة إذا عمميا
(.)يرتكب في يـو واحد عشر سيئات وال تكوف لو حسنة واحدة فتغمب سيئاتو حسناتوطمب الحوائج إلى الناس مذلة لمحياة ومذىبة لمحياء، واستخفاؼ بالوقار، وىو (: )عميو السبلـ)وقاؿ
(.)(…الفقر الحاضر وقمة طمب الحوائج مف الناس ىو الغني الحاضرإف طمب ما في أيدي الناس خضوع ليـ مما يوجب الذؿ واليواف وذىاب الحياء، وىو دليؿ ضعؼ في نفس السائؿ أما اإلنساف العزيز ىو الذي يصوف نفسو وكرامتو وال يطمب حاجاتو إال مف ربو فيو يرزؽ
حساف، . تصؼ ىذه الكممة واقع الكريـ والمئيـ فالكريـ يفرح ويبتيج بما يسديو إلى الناس مف فضؿ وا أما المئيـ الذي ال فضؿ عنده . إحساف بالماؿ أو اليد أو المساف، ذلؾ أف اليد العميا خير مف اليد السفمى
ألمواؿ واألمتعة فقط التي سرعاف ما تتحوؿمف ىذا فإنو يفخر بما يممكو مف ا__________
78
.األنعاـ، اآلية( ) .معاني األخبار لمشيخ الصدوؽ مخطوط في مكتبة السيد الحكيـ، زيف العابديف لمقرشي، ص ( ) .زيف العابديف لمقرشي، ص( ) .المصدر نفسو( )
عمؿ الصالح والكممة الطيبة واإلحساف إلى اآلخريف فالذي يبقى ويدـو ىو ال. إلى تراب بعد قميؿ أو كثيرمف قمب طيب وروح فاضمة ونفس خيرة، أما الماؿ والمتاع فيو غرض زائؿ، عمره قصير، يؤوؿ أمره
.ى عمييا المجتمعات في األمـ الراقيةاعتبره الديف اإلسبلمي أساسا ثابتا مف الفضائؿ التي تبنيا أييا الذيف آمنوا اتقوا اهلل وقولوا قوال سديدا } : لذلؾ دعا اهلل المؤمنيف لمتخمؽ بو فقاؿ سبحانو مخاطبيـ
}(.) صمى اهلل عميو وآلو )وقد دعانا الرسوؿ الكريـ إلى قوؿ الصدؽ جميع أعمالنا وأقوالنا وتصرفاتنا فقاؿ
ف البر ييدي إلى الجنة وما يزاؿ الرجؿ يصدؽ ع(: )وسمـ ميكـ بالصدؽ فإف الصدؽ ييدي إلى البر وا ف الفجور ياكـ والكذب فإف الكذب ييدي إلى الفجور وا ويتحرى الصدؽ حتى يكتب عند اهلل صديقا، وا
:الشعراء وقاؿ أحد(. ()ييدي إلى النار وما يزاؿ الرجؿ يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند اهلل كذابا والكذب في أفعالنا أفعى لنا... ... الصدؽ في أقوالنا أقوى لنا وأفضؿ ما تحدث بو القرآف الكريـ عف. وخير خواتيـ األمور الوفاء
فقاؿ . يا صفة األنبياء صموات اهلل عمييـ أجمعيفكما نوه القرآف الكريـ بسمو فضيمة الوفاء حيف جعمبراىيـ الذي وفى } : تعالى في سورة النجـ [.اآلية ]{ وا
ولموفاء شأف يذكر وخبر يؤثر عند أئمة ىذه األمة وأعبلميا المؤمنيف الصادقيف أمثاؿ أمير المؤمنيف مسمما نفسو لمموت في أي ( وسمـصمى اهلل عميو وآلو )عمي بف أبي طالب الذي ناـ في فراش الرسوؿ
لحظة يياجـ بيا أعداء الرسوؿ منزلو غير آبو بما سيحدث ولو كاف الموت، الموت في سبيؿ إنقاذ .إنو الفداء الصادؽ والوفاء المخمص. رسوؿ اهلل
ف عمـ إف الوفاء توأـ الصدؽ، وال أعمـ جنة أوفى منو، وال يغدر م(: )عميو السبلـ)قاؿ أمير المؤمنيف كيؼ المرجع، ولقد أصبحنا في زماف قد اتخذ أكثر أىمو الغدر كيسا، ونسبيـ أىؿ الجيؿ إلى حسف
ؿ القمب وجو الحيمة ودونو مانع مف أمر اهلل ونييو فيدعيا رأي . الحيمة ما ليـ قاتميـ اهلل؟ قد يرى الحو (.)(عيف بعد القدرة عمييا وينتيز فرصتيا مف ال حريجة لو في الديف
وصفو تعالى :قاؿ تعالى(. )لمكممة الطيبة والكممة الخبيثة
ومثؿ كممة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت مف فوؽ …ألـ تر كيؼ ضرب اهلل مثبل كممة طيبة كشجرة طيبة} ـ بو اإلنساف وذلؾ فيما يرجع إلى تدبير فاإلسبلـ حدد الكبلـ المسموح بو الذي يتكم(. ){ األرض
أما الكبلـ الذي ييدؼ منو صاحبو إلى ترويج . شؤونو في معامبلتو، وسائر أغراضو األخرى المباحة .الباطؿ وقوؿ الزور فإنو حراـ ببل ريب ويحاسب عميو
فمماذا الحسد والتحاسد، فكؿ إنساف وما تكسب يداه وكؿ فرد وما يحقؽ بفضؿ فكره وجيده واجتياده مف فمف أراد السعادة فميسع إلييا فبل عوائؽ تحوؿ بينو وبينيا إذا ما صمـ . ىنا كاف التفاضؿ بيف بني البشر
ليو النشور فامشوا في مناكبيا} بنية طيبة وقمب سميـ وفي موضع آخر مف (. ){ وكموا ف رزقو وا قؿ أعوذ برب الفمؽ مف شر ما خمؽ } : القرآف الكريـ أمر اهلل باالستعاذة باهلل مف الحاسد قاؿ سبحانو
والحقيقة أف الحاسد يستثير منا الشفقة لما (. ){ ومف شر النفاثات في العقد ومف شر حاسد إذا حسد فيو قمؽ دائما ال يستمذ بطعـ العيش، . ني الذي ىو أشد وطأة عميو مف األلـ الجسدييبلقيو مف ألـ نفسا
، غريب بيف اناس، منعزؿ عف األحباب واألصحاب، وىؿ تحمو الحياة بدونيـ؟ !.وال يستمتع بمذة النـو :ءقاؿ أحد الشعرا. والحسد ال يؤثر إال في أصحابو كالنار تأكؿ بعضيا البعض إف لـ تجد ما تأكمو
فإف صبرؾ فاتمو... ... إصبر عمى حسد الحسود إف لـ تجد ما تأكمو... ... ... فالنار تأكؿ بعضيا
فعمى اإلنساف أف يستمتع بما يصادفو في حياتو مف مسرات ويؤدي العمؿ الذي يجب عميو أداؤه بجد تقاف دوف أي مقارنة بينو وبيف مف ىو أسعد منو حظا، بؿ عميو أف ينظر إلى م ف ىو دونو ليدرؾ وا
إذا نظر أحدكـ إلى مف (: )صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)وفي ىذا المجاؿ قاؿ رسوؿ اهلل. فضؿ اهلل عميووعميو أف يدعو (. ()فضؿ عميو في الماؿ والخمؽ فمينظر إلى مف ىو أسفؿ منو ممف فضؿ عميو
:فيقوؿركني أتيـ أخصامي بأنيـ خونة ألنيـ ساعدني عمى أف أرى الناحية األخرى مف الصورة وال تت: يا رب
.اختمفوا معي في الرأي .وعممني أف أحاسب نفسي كما أحاسب الناس.. عممني أف أحب الناس كما أحب نفسي: يا ربعممني أف التسامح ىو أكبر مراتب القوة، وأف حب االنتقاـ ىو أوؿ مظاىر الضعؼ، إنؾ سميع : يا رب
82
.مجيب__________
.ية الممؾ، اآل( ) .سورة الفمؽ( ) .رواه البخاري( )
ف التواضع ال (: )صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)وقاؿ إف العفو ال يزيد العبد إال عزا، فاعفوا يعزكـ اهلل، وا ف الصدقة ال تزيد الماؿ إال إنماء فتصدقوا يزدكـ اهلل (.يزيد العبد إال رفعة فتواضعوا يرفعكـ اهلل، وا
رأس الخير التواضع وىو أف ترضى مف : )في التواضع فقاؿ( عميو السبلـ)حمد وسئؿ جعفر بف م المجمس بدوف شرفؾ، وأف تسمـ عمى مف لقيت،
ذا أعطيتني قوة ال تطفئ سراج : )أدعو اهلل تعالى فأقوؿ يا رب إذا أعطيتني ماال ال تأخذ سعادتي، وا ذا أعطيتني تواضعا ال ت .أخذ اعتزازي بكرامتيبصيرتي، وا
__________ .نياية األرب لمنويري( )
83
.العقد الفريد، ج( ) .عيوف األخبار لمدنيوي، ص( )
(.()ال حسب لقرشي وال عربي إال بالتواضع(: عميو السبلـ)وقاؿ -صف صاحبيا مف األخبلؽ اإلسبلمية الفاضمة التواضع فيو كما نعمـ مف القرآف الكريـ، نعمة سماوية تح
ألف المتواضع يكوف قد أرضى ربو سبحانو . بالجبللة والوقار، وتجنبو الوقوع في المزالؽ واألخطاروتعالى وأرضى عباده عز وجؿ، فكثر محبوه، وقؿ مبغضوه، وارتاحت نفسو، وصفا عيشو، واستراح مف
الحاضر، بزعميـ أف التفكير في اختيار صدور المجالس كما يفعؿ أىؿ الكبر والخيبلء في عصرنا ىؤالء قد نسوا أنو ال رافع لمف وضعو اهلل سبحانو، وال . عنواف الشخص بمجمسو وليس بتقدير جمسائو لو
و أف يكوف كطيعا لو صادقا صالحا، برا بو فالبر تحفة كبيرة، ألف اهلل أوصى االبف إنو يوصي أحد أبنائعميو )فيو يقوؿ { وبالوالديف إحسانا } : بأبيو، ولـ يوص األب بابنو ولعمو بذلؾ يشير إلى اآلية الكريمة
بالبر فإنو تحفة يا بني إف اهلل رضيني لؾ ولـ يرضؾ لي، فأوصاؾ بي ولـ يوصني بؾ عميؾ (: السبلـ .كبيرةمف ىـ : يا بني أنظر خمسة فبل تصاحبيـ وال تحادثيـ وال ترافقيـ في طريؽ، فقاؿ(: )عميو السبلـ)وقاؿ
ياؾ : يا أبتاه؟ فقاؿ إياؾ ومصاحبة الكذاب فيو بمنزلة السراب يقرب لؾ البعيد ويبعد لؾ القريب، وا . يطمع فييا وال يناليا: وما دونيا؟ قاؿ: اؿ لو ولدهومصاحبة الفاسؽ فإنو يبيعؾ بأكمة وما دونيا، فق
ياؾ ومصاحبة األحمؽ فإنو يريد أف ياؾ ومصاحبة البخيؿ فإنو يخذلؾ فيما أنت أحوج ما تكوف إليو؛ وا وا ياؾ ومصاحبة القاطع لرحمو فإني وجدتو ممعونا في كتاب اهلل. ينفعؾ فيضرؾ (.وا
اإلصبلحية االجتماعية كيفية المصاحبة وكيفية التعاطي مع في حكمو( عميو السبلـ)يحدد لنا اإلماـ شريحة معينة مف الناس كالكذاب والفاسؽ والبخيؿ واألحمؽ والقاطع لرحمو، حيث ينيى أبناءه عف
ألنو يجد الكذاب كالسراب يقرب البعيد ويبعد . مصاحبة مثؿ أولئؾ الناس أو محادثتيـ أو مرافقتيـ والبخيؿ يخذؿ صاحبو. بو بأكمة وما دونياالقريب، والفاسؽ يبيع صاح
بينما القاطع لرحمو يجده . وىو بأمس الحاجة إليو، أما األحمؽ فإنو يضر بصاحبو وىو يريد منفعتو .اإلماـ ممعونا في كتاب اهلل
__________ .نياية األرب لمنويري( )
يحصف المرء نفسو مف كؿ شائبة، قد حدد دور ىذه المصاحبة حتى( عميو السبلـ)وفي ىذا يكوف اإلماـ فاالبتعاد عف مثؿ ىؤالء . وحتى ال يترؾ مجاال ألصابع االتياـ بأف تشير نحوه قاصده إياه بما ليس فيو
الحؽ والعدؿ والوفاء تشترؾ فييا األدياف السماوية جميعيا ألنيا قواـ الحياة : ىذه القواسـ الثبلثة .االجتماعية وقد رفع شعارىا جميع األنبياء والمرسميف
:نجيؿمف حكـ اإلمكتوب في اإلنجيؿ، ال تطمبوا عمـ ما ال تعمموف، وال معمموا إال بما : )ألصحابو( عميو السبلـ)قاؿ
(.()عممتـ، فإف العمـ إذا لـ يعمؿ بو لـ يزد صاحبو إال كفرا، ولـ يزد مف اهلل إال بعدا نو ليس مف الحؽ في ال نفع لعمـ محصور في صدر صاحبو، وال نفع لماؿ مخزوف في خزانة مالكو، وا
: وما بف رسوؿ اهلل؟ قاؿ: فقاؿ لو طاووس اليماني: عبلمات المؤمف حمس(: )عميو السبلـ)قاؿ اإلماـ الورع في الخموة، والصدقة في القمة، والصبر عند المصيبة، والحمـ عند الغضب، والصدؽ عند
(...()إيماف لمف ال صبر لوال بد لكؿ إنساف مف أف يصادؼ في حياتو خطوبا كثيرة وأحداثا صعبة تداىمو في كؿ حيف فعميو أف
ذلؾ مف جوىر يتذرع بالصبر عمى ىذه المكاره ويرجئ األمور إلى اهلل تعالى، راضيا بما قسـ لو ألف .اإليماف
وما مف خطب جمؿ إال وحمو بيد اهلل . الصبر مفتاح الفرج: وقاؿ الحكماء مف صبر ظفر، وقالوا أيضا .فالمؤمف يقتنع بما يصيبو مف محف ومصائب ويصبر حتى بإرادة العمس القدير. تعالى :القناعة
87
(...()أغنى الناسمف قنع بما قسـ اهلل فيو مف : )في القناعة( عميو السبلـ)قاؿ القناعة في اإلسبلـ مف أسمى الصفات اإلنسانية، والرجؿ القنوع يستريح مف ىمـو الدنيا ويرجئيا إلى اهلل
.عز وجؿ والقناعة كنز ال يفنى، ومف قنع بما قسـ اهلل ىو مف أغنى الناس وأعظميـ راحة وأقميـ ىما مف ىذه الشريحة . أعطي مف قوة لبلستزادة واإلفادةلكف ىناؾ مف ال يقنع بما وصؿ إليو بؿ يجد بكؿ ما
وقد وصفيـ أمير المؤمنيف اإلماـ . االجتماعية طبلب العمـ وطبلب الماؿ فيـ دائما في طمب الزيادة (.منيوماف ال يشبعاف طالب عمـ وطالب ماؿ: )فقاؿ( عميو السبلـ)عمي بف أبي طالب
وقد ورث . كاف اإلماـ زيف العابديف مف أوسع الناس عمما، ومف أكثرىـ دراسة في جميع العمـو والفنوفونشروىا في جميع (صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)ىذه العمـو عف آبائو الذيف ورثوا عمـو النبي المصطفى
( عميو السبلـ)فعمـو اإلماـ السجاد . أنحاء األرض فكانت نورا ييتدي بيا جميع الناس مف قريب وبعيدوسوؼ نعرض (. )وقد روى العمماء والرواة عنو ما ال يحصى مف العمـو. تعد امتدادا ذاتيا لعمـو آبائو
شغوفا بتبلوة القرآف الكريـ ألنو يجد فيو متعة خاصة ال تعد ليا ( عميو السبلـ)كاف اإلماـ السجاد لو مات مف بيف المشرؽ والمغرب ما استوحشت بعد أف يكوف القرآف (: )عميو السبلـ)قاؿ . أيمتعة (.()معي
مف أحسف الناس صوتا في تبلوة القرآف الكريـ فبل يكاد( السبلـ عميو)كما كاف (.()إف السقائيف الذيف يمروف ببابو كانوا يقفوف الستماع صوتو: )يسمعو أحد إال ويتأثر بو، يقوؿ الرواة
نما كاف يتمو آياتو( عميو السبلـ)وال ريب أف اإلماـ السجاد بتدبر لـ يقرأ القرآف الكريـ قراءة عابرة، وا معاف، ويتأمؿ تأمبل ىادئا بما انطوت عميو مف كنوز الحكمة وأنوار المعرفة عميو )وىو القائؿ . وا
.لترفعنا فوؽ مف لـ يطؽ حمموموبنا لو حممة، وعرفتنا برحمتؾ شرفو وفضمو، فصؿ عمى محمد الخطيب بو، وعمى الميـ فكما جعمت ق
آلو الخزاف لو، واجعمنا ممف يعترؼ بأنو مف عندؾ حتى ال يعارضنا الشؾ في تصديقو، وال يختمجنا (.()الزيع عف قصد طريقو
ز وجؿ أنزؿ كتابو ىذا نورا إف اهلل ع(: عميو السبلـ)تحدث سميؿ النبوة عف القرآف المعجزة الكبرى فقاؿ ييدي بو الضاليف إلى الصراط المستقيـ ويوضح بو القصد لكؿ المؤمنيف ويرشد بو الحائريف إلى سواء
.السبيؿكما جعمو سبحانو وتعالى مييمنا عمى جميع الكتب التي أنزليا عمى أنبيائو المرسميف وما حدث فييا مف
ويأخذ الصدقات، إني ضامف عمى ربي تعالى أف الصدقة ال تقع في يد العبد حتى (: عميو السبلـ)قاؿ .ليس مف شيء إال وكؿ بو ممؾ، إال الصدقة فإنيا تقع في يد اهلل: وكاف يقوؿ…تقع في يد الرب تعالى
السمـ ىو [. اآلية: البقرة]{ ادخموا في السمـ كافة } : كريمةعف تفسير اآلية ال( عميو السبلـ)وسئؿ وال ريب أف عيد أمير المؤمنيف، باب (. ()عميو السبلـ)والية اإلماـ عمي بف أبي طالب أمير المؤمنيف
مدينة العمـ، ىو السمـ الحقيقي الذي ينعـ الناس في ظبللو باألمف والرخاء والعدؿ واالستقرار، ولو أف لما أصابيـ أي مكروه ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)بعد وفاة النبي ( عميو السبلـ)سمميف دانوا بعيده الم
لكف أكثر المسمميف آثروا . ولما داىمتيـ أية أزمات في حياتيـ السياسية واالجتماعية والدينية والقضائية .الحياة الدنيا وعزتيـ المناصب حتى حدث ما حدث
يا معشر الخبلئؽ أنصتوا، واسمعوا منادي الجبار، فيسمع آخرىـ كما يسمع أوليـ، فتخشع قموبيـ، ىذا : وتضطرب فرائضيـ، ويرفعوف رؤوسيـ إلى ناحية الصوت ميطعيف إلى الداعي، ويقوؿ الكافريف
يجور، أحكـ اليـو بينكـ أنا اهلل ال إلو إال أنا، أنا الحكـ الذي ال : يـو عسير فيأتي النداء مف قبؿ الجباربعدلي وقسطي، وال يظمـ اليـو عندي أحد آخذ لمضعيؼ مف القوي، ولصاحب المظممة بالقصاص مف
وال أحد عنده مظممة ييبيا لصاحبيا، . الحسنات والسيئات، وأثيب عمى اليبات وال يجوز ىذه العقبة ظالـكـ عند مف ظممكـ بيا في الدنيا، وأنا شاىدكـ إال وأثيبو عمييا، وآخذ لو بيا عند الحساب واطمبوا مظالم
(.()وكفى بي شييدا بصورة شاممة أىواؿ يـو القيامة بكؿ ما فييا مف مخاؼ وكؿ ما يعاني ( عميو السبلـ)ثـ يعرض اإلماـ
.فييا اإلنساف مف إرىاؽ كبير وخطوب فادحةشريؾ لو، وال يؤده حفظ شيء، وال الصمد الذي ال: فقاؿ( الصمد)عف معنى كممة ( عميو السبلـ)وسئؿ
(.()يعزب عنو شيء واشتروا بثمف} : عف تفسير اآلية الكريمة( عميو السبلـ)وسئؿ
( )مبلئمة لطباعكـ، موافقو ألجسادكـ، ولـ يجعميا شديدة الحمأ لقد جعؿ اهلل تعالى األرض: قاؿوالحرارة فتحرقكـ، وال شديدة البرودة فتجمدكـ، وال شديدة طيب الريح فتصدع ىاماتكـ، وال شديدة النتف
، وال شديدة الميف كالماء، فتغرقكـ، وال شديدة الصبلبة فتمتنع عميكـ في دروكـ وأبنيتكـ، ()فتعطبكـموتاكـ، ولكنو عز وجؿ جعؿ فييا مف المتانة ما تنتقوف بو، وتتماسكوف، وتتماسؾ عمييا أبدانكـ وقبور
وبنيانكـ، وجعؿ فييا ما تنقاد بو لدوركـ، وقبوركـ، وكثير مف منافعكـ، فمذلؾ جعؿ األرض فراشا لكـ، ثـ مسيا وقمرىا ونجوميا ، أي سقفا مف فوقكـ، محفوظا يدير فييا ش{ والسماء بناء } قاؿ عز وجؿ
فبل } يعني مما يخرجو مف األرض رزقا لكـ { فأخرج مف الثمرات رزقا لكـ } : لمنافعكـ، ثـ قاؿ عز وجؿ .أي أشباىا وأمثاال مف األصناـ التي ال تعقؿ وال تسمع وال تبصر وال تقدر عمى شيء{ تجعموا هلل أندادا
ف ىذه النعـ الجميمة التي أنعميا عميكـ ربكـ تبارؾ أنيا ال تقدر عمى شيء م{ وأنتـ تعمموف } (.)وتعالى
بأروع أدلة التوحيد، فأعطيت ( عميو السبلـ)حفمت ىذه القطعة الكريمة مف كبلـ اإلماـ زيف العابديف صورة مشرقة كاممة مف سر خمؽ اهلل لؤلرض، فقد خمقيا سبحانو بكيفية رائعة فميست صمبة وال شديدة
…يسيؿ عمى اإلنساف العيش عمييا واالنتفاع بخيراتيا التي ال تحصىالميف وذلؾ ل
92
إف األرض بما فييا مف العجائب كالجباؿ واألودية والبحار واألنيار والمعادف المختمفة األنواع وغير إنا كؿ شيء خمقناه } : ذلؾ، مف أعظـ األدلة وأوضحيا عمى وجود الخالؽ العظيـ الحكيـ، قاؿ تعالى
[.اآلية: قمرال]{ بقدر __________
.شدة حرارة الشمس: الحمأ( ) .أي تيمككـ: تعطبكـ( ) .، صعيوف أخبار الرضا، ج( )
عمى عظمة الخالؽ سبحانو وتعالى بخمقو السماء وما تحوي مف شمس ( عميو السبلـ)كما استدؿ اإلماـ عمـ ما ألشعة الشمس مف أثر بالغ في وكمنا ي. وقمر وسائر الكواكب التي تنير ىذه األرض بأنوارىا
وما ألشعة القمر مف أثر عمى البحار في مدىا وجزرىا، وكذلؾ الحاؿ بالنسبة . تكويف الحياة النباتيةلسائر الكواكب فإف ألشعتيا ىي أيضا األثر التاـ في منح الحياة العامة لجميع الموجودات الحيوانية
ىذه الظواىر الكونية لـ تكتسؼ إال في ىذه العصور الحديثة إال والنباتية في األرض وما نمفت إليو أفألمح إلييا في كبلمو، فكاف ببل ريب ىو وأبناؤه وآباؤه المعصوموف ( عميو السبلـ)أف اإلماـ زيف العابديف
.الرواد األوائؿ الذيف رفعوا راية العمـ وساىموا مساىمة فعالة في تكويف الحضارة اإلنسانيةإلى العناية اإلليية في سقوط المطر وكيؼ يتساقط بصورة رتيبة وفي ( عميو السبلـ)إلماـ ثـ أشار ا
خراج الثمرات والطيبات ولو ىطمت ىذه األمطار دفعة واحدة . أوقات خاصة، وذلؾ إلحياء األرض، وا ف مف شيء إال عندنا خزائنو وما ننزلو إال بقدر معمـو} : قاؿ تعالى. ألىمؾ الحرث والنسؿ (.){ وا
األدلة المحسوسة عمى وجود الخالؽ الحكيـ دعا إلى عبادتو سبحانو ( عميو السبلـ)بعدما أقاـ اإلماـ وتعالى ونبذ األصناـ واألوىاـ التي تشؿ الفكر وتعيؽ حركة الوعي وتفقد أي قدرة عمى تصريؼ شؤوف
دارة ىذا الكوف إدارة حكيمة عادلة .الحياة وا والذيف في } : عف الحؽ المعمـو الذي ورد في قولو تعالى( عميو السبلـ)عابديف سأؿ رجؿ اإلماـ زيف ال
يصؿ بو رحما، ويقوي بو ضعيفا ويحمؿ لو كمو أو (:عميو السبلـ)فما يصنع بو؟ فقاؿ : فقاؿ لو الرجؿ .يصؿ أخا لو في اهلل، أو لنائبة تنوبو
__________ .الحجر، اآلية( ) .المعارج، اآلية( )
93
(.)اهلل أعمـ حيث يجعؿ رسالتو في مف يشاء: بير الرجؿ مف عمـ اإلماـ وراح يقوؿ لو :في رحاب الحديث الشريؼ
ث الشريؼ مف أىمية كبرى في العمـو اإلسبلمية فيو يعرض بصورة موضوعية وشاممة ال يخفى ما لمحديلتفصيؿ األحكاـ الشرعية الواردة في القرآف الكريـ، كما يعرض لمعظـ الفقو اإلسبلمي فيذكر الواجب
. والحراـ والمستحب والمكروه والممنوع والمباح ويوضح عموميات كتاب اهلل ومطمقاتو فيقيدىا ويخصصياإلى جانب ذلؾ يتناوؿ الحديث الشريؼ آداب السموؾ وقواعد األخبلؽ وكؿ ما يسعد اإلنساف في حياتو
.الشخصية وعبلقاتو االجتماعيةكاف مف أعظـ الرواة أىميـ في اإلسبلـ، ورواياتو ليا أىمية خاصة ( عميو السبلـ)واإلماـ زيف العابديف
أصح األسانيد : قاؿ أبو بكر بف أبي شيبة. الزىري عنوعند عمماء الحديث وبصورة خاصة ما يرويو وقد روى مجموعة كبيرة. الزىري عف عمي بف الحسيف عف أبيو عف عمي بف أبي طالب
(.()اإليماف قوؿ وعمؿ: )قاؿ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)أف رسوؿ اهلل ( عميو السبلـ)روى اإلماـ نما ىو عمؿ وجياد يترجـ ما ال يخفى أف اإليماف باهلل تعالى وبرسمو ليس ظاىرة لفظية يردده المساف وا
. واتحاد القوؿ بالعمؿ أمر ضروري في نجاح الحياة وتطورىا. استقر في دخائؿ النفس مف إيماف عميؽعندما يتحد القوؿ بالعمؿ ينجباف صبيا يسميانو : لمدكتور أسعد عمي قولو( ألنؾ حبيبتي)جاء في كتاب
أمر . القوؿ بالعمؿ يرزقاف بنتا يسميانيا الوفاء، ويمعب الجميع لعبة أظنيا الحريةوعندما يتحد . الصدؽ .ميـ جدا أف يؤمف اإلنساف واألمر األىـ أف يترجـ ىذا اإليماف إلى عمؿ
:فاإليماف يترجـ بثبلثة أركاف .اإلقرار بالمساف الذي يترجـ ما انطبع في أعماؽ النفس: األوؿالشيء الذي آمف بو معرفة تفصيمية فإذا لـ تكف ىناؾ معرفة، فإف اإليماف ( )أف يعرؼ القمب: والثاني
والذي نفسي بيده ما جمع : )قاؿ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)أف رسوؿ اهلل ( عميو السبلـ)وروى اإلماـ العمـ مع الحمـ مف الصفات األصمية التي تتغذى بيا ( ()شيء إلى شيء أفضؿ مف حمـ إلى عمـ
.نساف فتنمو وتتطور وتزدىرشخصية اإلفالعصر الجاىميف سمي كذلؾ ألنو . والعمـ مف الحمـ صنواف متبلزماف ال يفيد الواحد منيما دوف اآلخر
يفتقد إلى الحمـ، فقد كاف النزؽ والطيش والحمؽ تسيطر جميعيا عمى عامة الجاىمييف، كما كانت ولما بزغ نور اإلسبلـ أنقذىـ مف . والروية الحروب تشتعؿ ألتفو األسباب، كؿ ذلؾ لعدـ وجود الحمـ
عف عمره فيما أفناه، وعف : أربع ال تزوؿ قدـ عبد يـو القيامة حتى يسأؿ عف: )قاؿ( عميو وآلو وسمـ (...()شبابو فيما أببله، وعف مالو مف أيف اكتسبو، وفيما أنفقو، وعف حبنا أىؿ البيت
حفؿ ىذا الحديث الشريؼ بعدة أمور تحذر اإلنساف قبؿ أف يدركو مبلؾ الموت ويبدأ بالندـ وتصعيد .الحسرات
__________ .، ص، جوتاريخ بغداد. المصدر نفسو، ص( ) .القمب يعني العقؿ( ) .الخصاؿ، ص( ) .المصدر نفسو، ص( )
فاإلنساف يسأؿ أماـ اهلل تعالى في يـو حشره، يـو الحساب عف أياـ عمره كيؼ قضاىا، فيؿ أفناىا في زاءه طاعة اهلل ورضوانو حتى يثاب عمى ذلؾ، أـ أنو أنفقيا في اقتراؼ المنكرات وفي معصية اهلل ليناؿ ج
(.()مف قولو، وأنصؼ الناس مف نفسو( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)دعا اإلسبلـ إلى التخمؽ باألخبلؽ الحسنة وااللتزاـ بالصفات النبيمة والنبي
:دعا المسمميف إلى االتصاؼ بمحاسف الصفات فأوجز في ىذا الحديث الشريؼ أمورا عدة .ؽ الحسنةالتخمؽ باألخبل
.طيارة النفس والضمير .التحمي بالفضائؿ النبيمة واآلداب العالية -ج
__________ .، صأصوؿ الكافي، ج( )
.حفظ المساف وعدـ الخوض في توافو األمور -ىػ .إنصاؼ الناس بالحؽ والعدؿ ولو عمى نفسو -ح
صمى اهلل )عف رسوؿ اهلل ( السبلـ عميو)واألحاديث التي تحض عمى مكاـر األخبلؽ كثيرة منيا قولو (.()ما يوضع في ميزاف امرئ يـو القيامة أفضؿ مف حسف الخمؽ(: )عميو وآلو وسمـ
إف التحمي بمكاـر األخبلؽ مف أفضؿ ما يممكو اإلنساف في حياتو، فصاحب الخمؽ الحسف يمتمؾ محبة في اآلخرة فإنو يدخر خير زاد ليـو وكذلؾ. اآلخريف وتعمو قيمتو بيف الناس أجمعيف في ىذه الدنيا
فطالما استعبد اإلنساف إحساف... ... أحسف إلى الناس تستعبد قموبيـ عميو )المؤمنيف إلى بعضيـ البعض وتمتف الروابط االجتماعية بينيـ ما رواه ومف األحاديث التي تشد
فالمؤمف عميو أف يساعد أخاه المؤمف فيؤنسو ويساعده ويخفؼ عنو مصائبو ويشاركو في كؿ ما يحتاج دخاؿ البيجة إليو، ألف الرابط بينيـ ىو اإليماف، واألخوة في اإليماف تستدعي المساعدة والمشاركة وا
فينيئا لكؿ مف استطاع مساعدة اآلخريف مف إخوانو في الديف . والسرور إلى قموب جميع المؤمنيف .فيكسب محبة الدنيا وسعادة اآلخرة :وقاؿ عميو السبلـ في تمجيد العقؿ
إف اهلل عز وجؿ : )قاؿ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)عف آبائو أف رسوؿ اهلل بسنده( عميو السبلـ)روى خمؽ العقؿ مف نور مخزوف مكنوف، في سابؽ عممو الذي لـ يطمع عميو نبي مرسؿ، وال ممؾ مقرب،
وال يخفى أف وجود العقؿ، ىذه اليبة اإلليية العظيمة، ىو شرط مف شروط التكميؼ في اإلسبلـ، فالفاقد إذا أخذ ما وىب سقط ما : )قاؿ بعض الحكماء. عقمو ىو كالحيواف األبكـ ال يصح أف يتوجو لو التكميؼ
مدعاة إلى الفوز بأسمى الدرجات في الفردوس األعمى، ومحبتيـ ( عمييـ السبلـ)إف محبة أىؿ البيت تعني محبة الحؽ في سبيؿ اهلل، ومحبة الخير مف أجؿ خير عباد اهلل، ومحبة الصبلح مف أجؿ كسب
.رضا اهللفبغضيـ يعني الحؽ والبعد عف خط . يمكة والتردي في أسفؿ درؾ الناركما أف بغضيـ مف أساب ال
وخط الدعوة اإلسبلمية التي أوكموا بنشرىا والوقوؼ في وجو كؿ ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)رسوؿ اهلل .مف عرقؿ مسيرتيا__________
.زيف العابديف لمقرشي، ص( )
الزائد . ستة لعنيـ اهلل وكؿ نبي مجاب(: )اهلل عميو وآلو وسمـصمى )قاؿ رسوؿ اهلل ( عميو السبلـ)وقاؿ في كتاب اهلل، والمكذب بقدر اهلل، والتارؾ لسنتي، والمستحيؿ مف عترتي ما حـر اهلل، والمتسمط
مف ىؤالء كاف حكاـ األموييف . المنحرفوف عف الحؽ، والرافضوف لكؿ ما سنو اهلل في شريعتو العادلة
99
الذيف ناصبوا العداء ألىؿ البيت، لمعترة الطاىرة، ونشروا الفساد في الببلد والجور والطغياف في بقاع زالة القوة المجاىدة التي تصدت لردع الظمـ ورد كيد لكنيـ لـ يستطيعوا إ. األرض طفاء الشعمة المنيرة وا شييد كرببلء الذي ( عميو السبلـ)والشاىد الواضح عمى ذلؾ ىو سيد الشيداء اإلماـ الحسيف . الظالميف
ما خرجت ال أشرا وال : وىو القائؿ. ضحى بنفسو ودمو الطاىر مف أجؿ إحقاؽ الحؽ وتقومي االعوجاجنما خرجت مف أجؿ اإلصبلح في أمة جديب .طرا وا
وىذا حديث شريؼ مف أغنى األحاديث النبوية التي ضمت كنوز العمـ الخيرة والحكمة اليادية والعرفاف .الجميؿ
__________ .الخصاؿ، ص( )
: قاؿ( لو وسمـصمى اهلل عميو وآ)حدثني أبي أف جده رسوؿ اهلل ( عميو السبلـ)قاؿ اإلماـ زيف العابديف ، وأتقى ) أعبد الناس مف أقاـ الفرائض، وأسخى الناس مف أدى الزكاة، وأزىد الناس مف اجتنب المحاـر
الناس مف قاؿ بالحؽ في ما لو وما عميو، وأعدؿ الناس مف رضى لمناس بما يرضى لنفسو، وأكيس مف العقاب، ويرجو الثواب، الناس مف كاف أشد ذكرا لمموت، وأغبط الناس مف كاف تحت التراب قد أ
وأعقؿ الناس مف يتعظ بغير الدنيا مف حاؿ إلى حاؿ، وأعظـ الناس في الدنيا خطرا مف لـ يجعؿ لمدنيا خطرا، وأعمـ الناس مف جمع عمـ الناس إلى عممو، وأشجع الناس مف غمب ىواه، وأكثر الناس قيمة
احة البخيؿ، وأبخؿ الناس مف بخؿ بما افترض اهلل أكثرىـ عمما، وأقؿ الناس لذة الحسود، وأقؿ الناس ر عميو، وأولى الناس بالحؽ أعمميـ، وأقؿ الناس حرمة الفاسؽ، وأقؿ الناس وفاء المموؾ، وأقؿ الناس صديقا المموؾ، وأفقر الناس الطماع، وأغنى الناس مف لـ يكف لمحرص أسيرا، وأفضؿ الناس إيمانا
بل أتقاىـ، وأعظـ الناس حذرا مف ترؾ ما ال يعنيو، وأروع الناس مف ترؾ أحسيـ خمقا، وأكثر الناس عقف كاف محقا، وأقؿ الناس مروءة مف كاف كاذبا، وأشقى الناس المموؾ، وأمقت الناس المتكبر، المراء، وا
وأشد الناس اجتيادا مف ترؾراـ الناس وأعقؿ الناس أشدىـ الذنوب، وأحمـ الناس مف فر مف جياؿ الناس، وأسعد الناس مف خالؼ ك
مداراة لمناس، وأولى الناس بالتيمة مف جالس أىؿ التيمة، وأعتى الناس مف قتؿ غير قاتمو أو ضرب غير ضاربو، وأولى الناس بالعفو أقدرىـ عمة العقوبة، وأحؽ الناس بالذنب السفيو، المغتاب، وأذؿ الناس
أصمح الناس أصمحيـ لمناس، وخير الناس مف انتفع بو مف أىاف الناس، وأحـز الناس أكظميـ لمغيظ، و (.()الناس
__________ .زيف العابديف لمقرشي، ص( )
111
كما ترى ىذا الحديث الشريؼ يمقي أضواء عمى طبائع الناس واتجاىاتيـ وميوليـ ومنازعيـ، وقد وضع فيو منجـ ثميف مف . االجتماعيةالمناىج الحية لئلصبلح الشامؿ لمعديد مف القضايا النفسية والتربوية و
.مناجـ المعرفة جامعة أىؿ البيت
وجامعة أىؿ البيت كانت تجمع بيف . الجامعة ىي مكاف تجمع الطبلب لتناوؿ العـ بشتى أصنافو وأنواعوالحيف واآلخر المئات واآلالؼ مف مختمؼ العمـو وشتى األقطار لدراسة الفقو والحديث والمغة والتفسير
وقد أسسيا اإلماـ محمد الباقر حتى نمت وتكاممت في عيد ولده جعفر الصادؽ حيث باتت . والفمسفةفتدفؽ إلييا الطبلب مف الحجاز والكوفة والبصرة وواسط . تضـ آالؼ العمماء في مختمؼ المواضيع
وقد أحصيت مؤلفات المتخرجيف مف تمؾ الجامعة فبمغت . وتخرج منيا كبار العمماء والمحدثيف والرواةستة آالؼ كتاب منيا أربعمائة كانت تعرؼ باألصوؿ عمى لساف محدثي الشيعة، ولعؿ أكثر محتويات
(.)الكافي ومف ال يحضره الفقيو والوافي واالستبصار مأخوذة منيا: الكتب األربعةا وما نمفت إليو أف الميمة التي قاـ بيا اإلماماف الباقر والصادؽ في قياـ جامعة أىؿ البيت ىامة جد
لكف الظروؼ التي تييأت لئلماميف المذكوريف لـ تتييأ ( عميو السبلـ)وتعني كؿ فرد مف أئمة الشيعة ذلؾ أف الفترة الزمنية التي قضاىا اإلماـ الباقر قد رافقتيا ( عميو السبلـ)لغيرىما مف األئمة اآلخريف
أحسوابوادر نقمة عارمة مف مختمؼ األقطار عمى سياسة األموييف فالجميع بسوء صنيعيـ وأرادوا التخمص منيـ وبصورة خاصة ظمميـ لمعموييف الذي كاف سبلحا قويا بيد خصوميـ
وىذا ما دعاىـ ليكونوا أكثر اعتداال مما كانوا عميو باألمس ولما جاء عيد اإلماـ . الطامعيف بالحكـارة مف اليزائـ التي تمحؽ بيا مف الصادؽ كانت الدولة األموية تمفظ أنفاسيا األخيرة وتعاني أشد المر
وقد تـ ، ألداء رسالتيما( عميو السبلـ)في ظؿ ىذه الظروؼ الخاصة انطمؽ اإلماماف الباقر والصادؽ عيد غمرتو الكوارث ودوختو اليزائـ، وعيد ظيرت فيو تباشير النصر وزىو : عيديف ليما ذلؾ بيف
ىذه الظروؼ ىيأت . فقامت الحكومة الجديدة عمى أكتاؼ العموييف وبمساندة الفرس. السيطرة عمى الحكـ .لئلماميف فرصة ذىبية لـ تتييأ لغيرىما مف أئمة أىؿ البيت
اسييف وتسمموا زماـ الحكـ تستروا بظؿ أىؿ البيت وشيعتيـ ثـ لما استتب األمر لمعب! لكف يا لؤلسؼظيروا عمى حقيقتيـ فغدروا بأنصارىـ ومثموا أبشع األدوار وأقبح المؤامرات التي فعميا األمويوف حتى قاؿ
:أحد الشعراء
111
وليت عدؿ بني العباس في النار... ... يا ليت جور بني مرواف داـ لنا حيط باألموييف واألخطار المحدقة بيـ مف كؿ جانب سمحت لجامعة أىؿ البيت إف المشاكؿ التي كانت ت
أف تنمو وتتوسع حتى أصبحت تضـ أكثر مف أربعة أالؼ طالب، لكف ذلؾ حدث بعد أف مضى عمى المسمميف أكثر مف قرف ال عيد ليـ بفقو يختص بأىؿ البيت حتى أف الرواة كانوا ال يتجرأوف أف يجيروا
ذلؾ أف األموييف في عز سمطانيـ كانوا . ما كاف يروى عف طريؽ الكتابة في الغالب بحديث ليـ سوى .ينكموف بيـ وبكؿ مف يتيـ بالوالء ليـ، جاديف في القضاء عمى كؿ آثارىـ
أف ينصرفوا إلى( عميو السبلـ)وما نمفت إليو أنو لو أتيح لؤلئمة بعد اإلماـ عمي اقر والصادؽ لكاف فقو أىؿ البيت ىو الفقو السائد والمعموؿ بو عند الناحية التي اتجو ليا اإلماماف الب
ذلؾ أف فقو اإلماـ عمي بف أبي طالب ىو الينبوع األصيؿ والغزير وقد كاف صاحب . عامة المسمميفالرأي األوؿ واألخير في الفقو والقضاء ببل منازع ولكف خصومو عمموا بكؿ ما عندىـ مف وسائؿ لطمس
.نائو مف بعده وكؿ مف ينسب إلييـ رأيا أو يروي عنيـ حديثا آثاره وآثار أب
لقد شاء اهلل لجامعة أىؿ البيت أف تعيش آمنة مطمئنة ولو لفترة يسيرة مف الزمف، تمؾ الفترة التي ال تعد شيئا ممحوظا بالنسبة لما تركتو مف اآلثار في شرؽ الببلد وغربيا، فترة ال تتجاوز ثمث قرف مف الزمف
.يبا تقر كما شاء اهلل سبحانو وتعالى لمذىب أىؿ البيت وفقييـ، فقو اإلماـ عمي بف أبي طالب، الذي أخذه عف الرسوؿ مباشرة ببل واسطة، أف ينسبا إلى حفيدة اإلماـ جعفر الصادؽ الذي اشترؾ مع أبيو في تأسيس
ال يعني أف جميعا صموات اهلل وىذا (. عمييما السبلـ)تمؾ الجامعة المباركة ثـ استقؿ بيا بعد وفاتو (.صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)عمييـ يعمموف بتعاليـ القرآف الكريـ، وسيرة الرسوؿ األعظـ
قد ذىب بعض العمماء إلى أنيا شرط في صحة العمؿ، ال في قبولو، كشرائط الواجبات اإلسبلمية، و .الصحة في الواجبات
:جاء في أحكاـ القرآف لمجصاص__________
.اإلماـ زيف العابديف، ص( )
قؿ ال } : عف القربى في اآلية الكريمة( عميو السبلـ)سألت اإلماـ زيف العابديف : قاؿ سعيد بف جبيرفاهلل سبحانو وتعالى قربيـ منو (. )ىي قرابتنا أىؿ البيت(. ){ عميو أجرا إال المودة في القربى أسألكـ
في حديث آخر ما يظفر بو محبو أىؿ البيت ( عميو السبلـ)ألنو يعمـ أيف يضع رسالتو، وقد ذكر اإلماـ : عة عائديف إياه قالوا لومف األجر الجزيؿ في دار اآلخرة ودار الدنيا، فقد وفد عميو جماعة مف الشي
؟(كيؼ أصبحت يا بف رسوؿ اهلل): وكيؼ أصبحتـ أنتـ جميعا فانبروا قائميف. في عافية، واهلل المحمود عمى ذلؾ: )فأجابيـ اإلماـ بمطؼ
..(.أصبحنا واهلل لؾ محبيف)ظبل ظميبل، يـو ال ظؿ مف أحبنا هلل أدخمو اهلل : )فبشرىـ بما يظرفوف بو مف الجزاء األوفى عند اهلل قائبل
إال ظمو ومف أحبنا يريد مكافأتنا كافأه اهلل عنا الجنة، ومف أحبنا لغرض دنياه آتاه اهلل رزقو مف حيث ال (...()يحتسب
:المحبة إلى ثبلثة أقساـ عند محبي أىؿ البيت( عميو السبلـ)قسـ اإلماـ ..مف أحب أىؿ البيت هلل
هلل وليس ألمر آخر، وأىؿ البيت المجاىدوف في سبيؿ اهلل، الذيف ضحوا المحبة الحقيقة النبيمة تكوف بكؿ ما عندىـ مف قوة مف أجؿ رفع كممة اهلل ومف أجؿ نشر رسالة اهلل مف واجب المؤمنيف أف يحبوىـ
كيؼ نحب أىؿ البيت مكافأة ليـ؟ لقد قدموا لنا ولمناس جميعا خدمات جمى في جميع مجاالت الحياة ء كممة اهلل أخرجوا الناس مف الظممة إلى النور، مف فبنشرىـ الرسالة اإلسبلمية وجيادىـ مف أجؿ إعبل
فعمى المؤمنيف أف . ظبلمة الجاىمية وظمـ الجاىميف إلى نور اليداية والحياة اإلنسانية الحرة الكريمةأحيوا ذكرنا رحـ اهلل مف : جاء في الحديث الشريؼ. يقدموا ليـ مكافأة عرفانا بجميميـ وذلؾ بإحياء ذكرىـ
إف إحياء ذكرىـ إحياء الحؽ وتذكير الناس بالجياد في سبيؿ اهلل، وتمقينيـ دروسا في . أحيا ذكرنا .ىؤالء يكافئيـ اهلل بالجنة. التضحية والعطاء والعمؿ الصالح في حياتيـ الدنيا واآلخرة
..ومف أحبيـ لغرض دنياه -ج .مف حيث ال يحتسب حتى الذي يحبيـ مف أجؿ مصالحو الشخصية وتحقيؽ أغراض دنيوية يرزقو اهلل
نما اهلل فرضيا عمى جميع المسم وال ريب أف السبب في ذلؾ عظيـ اتصاؿ أمير المؤمنيف باهلل . ميفوا :قاؿ الجاحظ. تعالى ومواىبو المتعددة وعبقريتو إذ ليس في المسمميف مف يدانيو في مآثره وفضائمو
114
ال يعمـ رجؿ في األرض متى ذكر السبؽ في اإلسبلـ والتقدـ فيو، ومتى ذكرت النجدة والذب عف )لفقو في الديف، ومتى ذكر الزىد في الدنيا ومتى ذكر اإلعطاء في الماعوف، كاف اإلسبلـ، ومتى ذكر ا
:قبؿ المجزرةـ القاسية نشأ اإلماـ زيف العابديف في بيت النبوة، بيت الوحي الذي تحمؿ المحف المتتالية واآلال
في طفولتو المبكرة محنة جده ( عميو السبلـ)استقبؿ اإلماـ . والمصائب المؤلمة وكميا كانت في سبيؿ اهللوىو يتخبط بدمو في مسجد الكوفة بعد أف طعنو بخنجر مسمـو ابف ممجـ ( عميو السبلـ)أمير المؤمنيف
.لعنو اهللمفظ كبده مف السـ الذي دسو إليو معاوية بف أبي وبعدىا في سف الشباب عاش محنة عمو الحسف وىو ي
وتجرع في شبابو أيضا، وىو طريح الفراش مف مرض فتؾ بو آنذاؾ، مصرع أبيو اإلماـ (. )سفياف .سيد الشيداء، ومصرع إخوتو وبني عمومتو( عميو السبلـ)الحسيف
__________ .ينابيع المودة، الباب( ) .صثمار القموب لمثعالبي، ( )إف : )أمو ىند آكمة األكباد وقد استعمؿ معاوية السـ في العسؿ مع كثير مف خصومو، وىو القائؿ( )
(.هلل جنودا مف عسؿ
كما شاىد بأـ عينو سبي عماتو وأخواتو مف كرببلء إلى الكوفة ومنيا إلى الشاـ، ورأى رؤوس األىؿ .ـو الذي استشيد مف أجؿ إحقاؽ الحؽواألصحاب الشيداء عمى الرماح يتقدميا رأس أبيو المظم
:أثناء المجزرةبطؼ كرببلء وقد أنيكو المرض، روى عنو أبو ( عميو السبلـ)كاف عمي بف الحسيف أكبر ولد أبيو، معو
إني لجالس في تمؾ العيشة التي قتؿ أبي في صبيحتيا وعندي عمتي زينب (: ))مخنؼ أنو قاؿمولى أبي ذر الغفاري يعالج لو سيفو ويصمحو وسمعتو ( جوف)ه تمرضني، اعتزؿ أبي في خباء لو وعند
:يقوؿ كـ لؾ باإلشراؽ واألصيؿ... ... يا دىر أؼ لؾ مف خميؿ والدىر ال يقنع بالبديؿ... ... مف صاحب وطالب قتيؿ
ما أقرب الوعد مف الرحيؿ... ... وكؿ حي سالؾ سبيؿ العبرة، ولزمت السكوت وأيقنت أف الببلء واقع ال لما سمعت ىذه الكممات المؤثرة في نفسي خنقتني
115
فإنيا لما سمعت ما سمعت لـ تممؾ نفسيا أف وثبت تجر ذيميا ( عميو السبلـ)أما عمتي زينب . محالة، ماتت أمي فاطمة وأبي : حتى انتيت إليو ونادت بأعمى صوتيا واثكبله ليت الموت أعدمني الحياة اليـو
يا أخية ال يذىبف بحممؾ : فنظر إلييا أبي وقاؿ. لماضيف وثماؿ الباقيفعمي وأخي الحسف يا خميفة ا .الشيطاف وأوصاىا بالصبر وحفظ العياؿ
وفي المحظات األخيرة مف حياة أبيو دخؿ عميو وأوصاه قبيؿ وفاتو بوصاياه وسممو مواريث النبوة وكانت عميا حيف وفاتو وبما أوصى بو يا بني أوصيؾ بما أوصى بو جدؾ رسوؿ اهلل : )آخر وصية أوصاه بيا
جدؾعمي عمؾ الحسف وبما أوصاني بو عمؾ، إياؾ وظمـ مف ال يجد عميؾ ناصرا إال اهلل، ثـ ودعو ومضى
.إلى المعركة األخيرة التي قتؿ فييا__________
.راجع طبقات ابف سعد( )
الوداع األخير لؤلخوات واألىؿ فيا ليا مف ساعة محزنة مؤلمة، ويا لو مف وداع تتفطر لو القموب إنو وداع الحياة الفانية ولقاء الحياة األبدية الباقية في جنة الخمد مع . وابنو الوحيد الذي لـ يبؽ غيره مف نسمو
ولما دخؿ الكوفة بعد ذلؾ، بعد . وعمي بف الحسيف ىو الذي ىو الذي دفف أباه والقتمى مف أىمو وأنصارهأف نفض يديو مف تراب الشيداء األبرار، ومعو عماتو وأخواتو اجتمع عمييـ الناس فياليـ ذلؾ المشيد
البكاء أومأ إلى الناس أف يسكتوا ثـ وقؼ وقد أنيكو وجعموا يبكوف وينوحوف ويندبوف، ولما أجيشوا ب :ثـ قاؿ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)المرض فحمد اهلل وأثنى عميو وذكر النبي
أييا الناس مف عرفني فقد عرفني ومف لـ يعرفني فأنا أعرفو بنفسي، أنا عمي بف الحسيف بف عمي بف وانتيت مالو وسبي عيالو، أنا ابف المذبوح بشط أبي طالب، أنا ابف مف انتيؾ حريمو وسمب نعيمو
ومضى يذكر أىؿ الكوفة بكتبيـ ومواعيدىـ وبما ارتكبوه . الفرات، أنا ابف مف قتؿ صبرا وكفى بذلؾ فخرا .مف الفظائع حتى ضج الناس بالبكاء والعويؿ
أبؾ جرأة عمى رد جوابي، وأمر : فغضب ابف زياد وقاؿ. اهلل يتوفى األنفس حيف موتيا: فقاؿ اإلماـيا بف زياد حسبؾ مف دمائنا ما سفكت واهلل ال : تو وقالتجبلوزتو بقتمو، فتعمقت بو عمتو زينب واعتنق
أفارقو فإف أردت
116
ثـ كتب يزيد بف معاوية إلى عبيد اهلل بف زياد يأمره بإرساؿ رأس . قتمو فاقتمني معو، فرؽ ليا وتركوالحسيف ورؤوس القتمى مع السبايا إلى الشاـ، أرسميـ إليو مع مخفر بف ثعمبة العائدي وشمر بف ذي
وش، وجماعة مف جنده، وكاف كما يصفو الرواة مقيدا بالحديد، ولما بمغوا بيـ الشاـ خرج أىميا إلى الج :جاء في البحار عف سيؿ بف سعد الساعدي أنو قاؿ. استقباليـ بأبيى مظاىر الزينة والفرح
عمؽ أىميا خرجت إلى بيت المقدس، فمما توسطت الشاـ فإذا بمدينة مطردة األنيار كثيرة األشجار وقد الستور والحجب وىـ فرحوف، والنساء تمعب بالدفوؼ والطبوؿ، فقمت في نفسي أرى ألىؿ الشاـ عيدا ال
يا شيخ نظنؾ غريبا، فقمت : يا قـو ألكـ بالشاـ عيد ال نعرفو، فقالوا: نعرفو، فأقبمت عمى القـو وقمت ليـبف سعد الساعدي وقد رأيت رسوؿ اهلل سيؿ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)ليـ أنا صاحب رسوؿ اهلل
يا سيؿ ما أعجبؾ إف السماء لتمطر دما واألرض لتنخسؼ بأىميا، فقمت ليـ ولـ : وسمعت حديثو، فقالواواعجباه رأس : ىذا رأس الحسيف بف عمي ييدي مف أرض العراؽ إلى يزيد بف معاوية، فقمت: فقالوا: ذاؾ
باب يدخؿ؟ فأشاروا إلى باب يقاؿ لو باب الساعات، فبينما الحسيف والناس يفرحوف كما أرى، مف أي نا بالرايات يتمو بعضيا بعضا، وفارس بيده رمح منزوع السناف عميو رأس الحسيف نحف في الحديث وا
ووراءه نسوة عمى جماؿ ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)مف أشبو الناس وجيا برسوؿ اهلل ( عميو السبلـ)ألؾ حاجة : فقمت ليا. أنا سكينة بنت الحسيف: مف أنت؟ قالت: ف أوالىف وقمتبغير وطاء فدنوت م
يا سيؿ قؿ لصاحب ىذا الرأس أف يتقدـ أمامنا : إلي؟ أنا سيؿ بف سعد ممف رأى جدؾ رسوؿ اهلل، قالتففعؿ وتـ لو ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)حتى يشتغؿ الناس بالنظر إليو عف النظر إلى حـر رسوؿ اهلل
أنشدؾ اهلل يا يزيد ما ظنؾ برسوؿ اهلل لو رآنا عمى مثؿ ىذه الحالة، فمـ يبؽ : فقاؿ لو عمي بف الحسيف أحد ممف
.كاف حاضرا إال بكىأبوؾ قطع وحمي وجيؿ حقي ونازعني سمطاني فصنع اهلل بو ما : فت يزيد إلى عمي بف الحسيف وقاؿالت
ما أصاب مف مصيبة في األرض وال في أنفسكـ إال في كتاب مف قبؿ : قد رأيت، فقاؿ عمي بف الحسيفال يجب كؿ مختاؿ أف نبرأىا إف ذلؾ عمى اهلل يسير لكيبل تأسوا عمى ما فاتكـ وال تفرحوا بما آتاكـ واهلل
قؿ لو ما أصابكـ مف مصيبة فبما : فقاؿ لو يزيد. فمـ يدر خالد ما يقوؿ: فخور، فقاؿ يزيد البنو خالد .كسبت أيديكـ ويعفو عف كثيريا بف معاوية وىند وصخر لـ تزؿ النبوة واألمرة آلبائي وأجدادي مف قبؿ أف : فقاؿ لو اإلماـ زيف العابديف
صمى اهلل عميو )عمي بف أبي طالب في بدر وأحد واألحزاب في يده راية رسوؿ اهلل تولد، ولقد كاف جدي
117
وأبوؾ وجدؾ في أيدييـ راية الكفار، ويمؾ يا يزيد لو تدري ما صنعت وما الذي ارتكبت مف ( وآلو وسمـإذا اجتمع أبي وأىؿ بيتو ليربت في الجباؿ وافترشت الرماد ودعوت بالويؿ والثبور أبشر بالخزي والندامة
.الناس ليـو الحساب
وروى الرواة أف يزيد بف معاوية أمر أحد أنصاره مف المرتزقة عنده أف يصعد المنبر ويناؿ مف عمي والحسيف والحسف ويثني عمى معاوية فصعد الخطيب المنبر وأفاض في ذلؾ عمى معاوية وناؿ مف عمي
ويمؾ أييا المتكمـ أتشتري مرضاة المخموؽ : اد، فقاؿ لو اإلماـ السج(عميو السبلـ)والحسف والحسيف أتسمح لي أف أصعد ىذه وأتكمـ بكممات : بسخط الخالؽ فتبوأ مقعدؾ مف النار، ثـ التفت إلى يزيد وقاؿ
إئذف لو يا : فقاؿ لو مف في المجمس. فييا هلل رضا وليؤالء الجموس أجر وثواب، فمـ يأذف لو يزيد بذلؾإذا صعد المنبر ال ينزؿ إال بفضيحتي وفضيحة آؿ أبي : مييـ يزيد بقولوأمير لنسمع ما يقوؿ، فرد ع
. إنو مف أىؿ بيت زقوا العمـ زقا : وما قدر ما يحسف ىذا الغبلـ، فقاؿ كما يزعـ الرواة: سفياف، فقيؿ لو :فمـ يزالوا حتى أذف لو فصعد المنبر وجمد اهلل وأثنى عميو وقاؿ
العمـ والحمـ والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة : أعطينا. نا بسبعأييا الناس لقد أعطينا ستا وفضممنا، والصديؽ منا، والطيار منا، وأسد اهلل وأسد ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)وفضمنا بأف النبي المختار
أنا ابف مكة ومنى، أنا ابف . رفني ومف لـ يعرفني أنبأتو بحسبي ونسبيآييا الناس مف غرفتي فقد ع)زمـز والصفا، أنا ابف مف حمؿ الركف بأطراؼ الردى، أنا ابف خير مف ائتزر وارتدى أنا ابف مف طاؼ وسعى، أنا ابف خير مف حج البيت الحراـ ولبى، أنا ابف مف حمؿ عمى البراؽ في اليوا، أنا ابف مف
المسجد الحراـ إلى المسجد الحراـ إلى المسجد األقصى، أنا ابف مف سعى بو جبريؿ إلى أسرى بو مفسدرة المنتيى، أنا ابف مف دنا فتدلى فكاف قاب قوسيف أو أدنى، أنا ابف مف صمى بمبلئكة السما، أنا ابف
لخمؽ أوحى الجميؿ ما أوحى، أنا ابف محمد المصطفى وعمي المرتضى، أنا ابف مف ضرب خراطيـ اال إلو إال اهلل، أنا ابف مف ضرب بيف يدي رسوؿ اهلل بسيفيف وبايع البيعتيف وطعف برحميف : حتى قالوا
مآثر … ولـ يزؿ يقوؿ ويعدد أنا أنا… وىاجر اليجرتيف وقاتؿ ببدر وحنيف ولـ يكفر باهلل طرفو عيفجرى في طؼ كرببلء حتى ضج جديو رسولو اهلل وأمير المؤمنيف وأبيو أبي عبد اهلل الحسيف ويذكر ما
الناس جميعا بالبكاء والنحيب حتى خشي يزيد أف ينتقص أىؿ الشاـ عميو فأمر المؤذف باألذاف ليقطع ال شيء أكبر مف اهلل، ولما (: عميو السبلـ)اهلل أكبر قاؿ عمي : فمما قاؿ المؤذف. حديث اإلماـ السجاد
: شيد بيا لحمي ودمي وبشري وشعري، ولما قاؿ(: ميو السبلـع)أشيد أف ال إلو إال اهلل، قاؿ اإلماـ : قاؿمحمد ىذا جدي أـ جدؾ، : أشيد أف محمدا رسوؿ اهلل، التفت عمي بف الحسيف إلى يزيد بف معاوية وقاؿ
يا سبحاف : فقاؿ الييودي( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)جده وأبيو فأخبره بنسبو حتى انتيى إلى رسوؿ اهلل ا موسى بف عمراف اهلل لقد قتمتـ ابف بنت نبيكـ بيذه السرعة بئس ما خمفتموه في ذريتو، واهلل لو ترؾ فين
:بعد المجزرةيروي الرواة أف يزيد بف معاوية خير اإلماـ زيف العابديف بيف البقاء في الشاـ أو الرجوع إلى المدينة
جوع إلييا ألف لو فييا ذكريات ال يمكف أف تمحى مف ذاكرتو ومف ذاكرة التاريخ عرج الموكب فاختار الر عمى كرببلء وكاف فييا جابر بف عبد اهلل األنصاري وجماعة مف بني ىاشـ قد شدوا الرحاؿ لزيارة قبر
ي جوار كرببلء مف اإلماـ الحسيف فتبلقى الجميع بالبكاء والعويؿ وأقاموا المأتـ واجتمع إلييـ مف كاف ف .القبائؿ النازلة عمى الفرات، وبعد أياـ مضى الموكب في طريقو إلى المدينة
:اإلماـ زيف العابديف في المدينة. كانت المدينة تترقب أنباء سبط رسوؿ اهلل بفارغ الصبر عندما خرج إلى الكوفة ممبيا نداء شيعتو ىناؾ
إف عمي بف الحسيف قد قدـ إليكـ مع عماتو وأخوتو، إذا : ولكف الذي راعيا وأخذ منيا صوت مناد ينادي. يا ترى أيف اإلماـ الحسيف؟ وأيف النجـو الزاىرة والصحبة الطاىرة مف بني الزىراء وآؿ عبد المطمب
في كؿ األرجاء حتى بمغ سفح أحد، ثـ ارتد إلى البقيع فقباء، وما لبث أف تبلشى ( النعي)انتشر الخبر وأىؿ . ف وعويؿ النائحات، لـ تبؽ مخدرة في المدينة إال خرجت مف خدرىا نائحة معولةمع صراخ النائحي
.الركب الحزيف يشاىدوف الجموع التي خرجت الستقبالوحزنت مدينة الرسوؿ حزنا عميقا عمى العترة الطاىرة وأقامت أياما بميالييا تشيد المأتـ الرىيب ال يعكر
.لثكالى يسعيف كؿ يـو إلى القبور فيبكي ليف األصدقاء واألعداءصفوىا سوى اليتامى واألرامؿ وا
عبد اهلل وعثماف وجعفرا : كانت تخرج إلى البقيع لتبكي أبناءىا األربعة( عميو السبلـ)زوج اإلماـ عمي .وتندبيـ بندبة حزينة تحرؽ قمب كؿ مف سمعيا، حتى قمب مرواف بف الحكـ، عدو الطالبييف. والعباس .عادت بعد مصرع أبييا إلى المدينة وبقيت تنوح وتبكي سنة حتى ضعفت وماتتوالرباب
وأما السيدة زينب بطمة كرببلء فدموعيا غزيرة جدا ألف الييب في قمبيا أطفأ تمؾ الدموع فيبت تطمب ب ثأرا، ألف ىذا الدـ المسفوح ال ينبغي أف يضيع ىدرا كاف وجودىا في المدينة كافيا ألف يميب القمو
119
المؤمنة بالحؽ عمى الشيداء، ويؤلب عمى حكـ الطغاة وجورىـ، وىذا ما ضايؽ الحكاـ األموييف، فكتبوا .إلى والييـ في المدينة
نيا فصيحة عاقمة لبيبة، وقد عزمت ىي ومف معيا عمى ) إف وجودىا بيف أىؿ المدينة مييج لمخواطر وا د أف يفرؽ البقية الباقية مف آؿ البيت في األقطار عندىا أمره الطاغية يزي( القياـ لؤلخذ بثأر الحسيف
:بالخبر قالت غاضبة( عمييا السبلـ)ولما عممت (. )واألمصاروقد عمـ واهلل ما صار إلينا قتؿ خيرنا وسيؽ الباقوف كما تساؽ األنعاـ وحممنا عمى األقتاب فواهلل ال )
ف أريقت دماؤنا (.خرجنا وا ماـ الشاىديف سوى عاـ ونصؼ ( بلـعميو الس )لـ تعش السيدة زينب بعد مقتؿ أخييا الحسيف الشييد وا
لقد ظف . العاـ، لكنيا استطاعت في ىذه الفترة القصيرة أف تقمؽ مضاجع األموييف وتغير مجرى التاريخ حكاـ بني أمية أف
ى تتبدؿ مقتؿ الحسيف يسدؿ الستار عمى الفصؿ األخير عمى المسرحية الكرببلئية وما نحسبو يسدؿ حت !األرض ومف عمييا
الحؽ، كممة العودة إلى المنبع، مثمما تئف األوتار والنايات وتصفر العبلئـ الشمس حداء الصيرورة، وىو .والجماؿ األعظـ والجبلؿ المطمؽفي الوقت ذاتو نشيد الحب األكبر
كممة الحسيف الشاىدة الممتزمة تقوؿ الموت البطولي كما لـ تقمو شيادة في تاريخ األرض، ألنيا عبارة جده الرسوؿ األعظـ التي كتبيا مف فوج القرآف وسوؼ تبقى ما بقي أنبؿ إنساف، وال يستطيع أف يخفييا
.ميما تصنعوا في الظمـ والبيتاف أو يغير مجراىا بنو مرواف أو بنو سفياف :خطبتو في المدينة
إف اهلل ولو الحمد ابتبلنا بمصائب جميمة وثممة في اإلسبلـ عظيمة قتؿ أبو عبد اهلل وسبي : تابع قائبل .نساؤه وصبيتو وداروا برأسو في البمداف مف فوؽ عامؿ السناف، وىذه الرزية التي ال مثميا رزية
و أـ أي فؤاد ال يحزف مف أجمو، أـ أي عيف منكـ تحبس أييا الناس فأي الرجاالت منكـ يسروف بعد قتمدمعيا وتضف عف أنيما ليا وأي قمب ال يتصدع لقتمو، وأي فؤاد ال يحف إليو، وأي سمع يسمع ىذه
أييا الناس أصبحنا مطروديف مشرديف مذوديف شاسعيف عف . الثممة التي ثممت في اإلسبلـ وال يصـمكروه ارتكبناه وال ثممة في اإلسبلـ ثممناىا ما سمعنا بيذا في آبائنا األبصار مف غير جـر اجترمناه وال
تقدـ إلييـ في قتالنا كما يقدـ ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)األوليف إف ىذا إال اختبلؽ، واهلل لو أف النبي نا إليو راجعوف مف مصيبة ما أعظميا وأوجعيا إلييـ في الوصاية بنا لما زادوا عمى ما فعموا بنا فإنا هلل وا
.وأفظعيا وأمرىا وأفدحيا فعند اهلل نحتسب ما أصابنا وما بمغ منا إنو عزيز ذو انتقاـعندما سمع الجماىير خطابو ىذا أثر في نفوسيـ إلى حد بعيد فارتج المكاف بالبكاء والعويؿ وشعر
ضمائرىـ اليامدة روح مما أثار في . المسمموف بتمؾ الصدمة العنيفة التي أصابت اإلسبلـ في الصميـالنضاؿ والدفاع عف الحؽ الميدور، ودب في نفوسيـ الشعور باإلثـ والتقصير، فمـ السكوت عف كرامتيـ التي أصبحت تداس تحت أقداـ يزيد الفاجر والمجـر بعد أف أقدـ عمى قتؿ سبط الرسوؿ وريحانتو وسبى
.نسائوة الثقفي فقد استماتوا ألخذ ثأر الدـ الميدور وذلؾ مف ىنا كانت ثورة التوابيف والمختار بف أبي عبيد
ثـ استمرت الثورات تقودىا روح . لمتكفير عف تخاذليـ عف نصرة اإلماـ الحسيف والخضوع لمظالميف .كرببلئية حطمت عروش األموييف الطغاة وقامت بعدىا دولة العباسييف
فشرع يبكي عمى أبيو المظمـو وعمى أخوتو . عف شؤوف الناس ولـ يكف يعنيو شيء مف الدنيا ومف فييا .وعمومتو الشيداء حتى عده المحدثوف البكائيف
لظروؼ ال تسمح لو بأخذ الثأر وقد شاىد تمؾ فماذا يعمؿ؟ أيأخذ بالثأر، أـ يصبر وفي العيف قذى؟ إف االمصيبة الفادحة والمؤلمة في كرببلء، وأدرؾ أف وقعة الطؼ الدامية قد كفتو أعباء الحرب بإظيارىا
وىنا بعد أف تحمؿ أعباء الخبلفة اإلليية مف أبيو وأصبح حجة عمى . ضبلؿ األموييف وظمميـ وطغيانيـ .ضجيج ليحفظ دمو الذكي ودـ شيعتو األبرارخمقو، آثر االعتزاؿ والبعد عف ال
111
آدـ، ويعقوب، : البكاؤوف حمسة: )قاؿ( عميو السبلـ)روى الشيخ الصدوؽ بإسناده عف أبي عبد اهلل (.عمييـ السبلـ)وعمي بف الحسيف ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)وفاطمة بنت محمد
.ديةفأما آدـ فبكى عمى الجنة حتى صار في خديو أمثاؿ األو تاهلل تفتئ تذكر يوسؼ حتى تكوف : )وأما يعقوب فبكى عمى يوسؼ حتى ذىب بصره وحتى قيؿ لو
(.حرضا أو تكوف مف اليالكيفإما أف تبكي الميؿ وتسكت بالنيار، : وأما يوسؼ فبكى عمى يعقوب حتى تأذى بو أىؿ السجف فقالوا لو
ما أف تبكي النيار وتسكت بالميؿ فصالحيـ عمى واحدة .منيما وا قد آذيتنا بكثرة بكائؾ فكانت : وأما فاطمة فبكت عمى رسوؿ اهلل حتى تأذى بيا أىؿ المدينة، فقالوا ليا
.تخرج إلى مقابر الشيداء فتبكي حتى تنقضي حاجتيا: وأما عمي بف الحسيف فبكى عمى أبيو عشريف سنة ما وضع بيف يديو طعاـ إال بكى حتى قاؿ لو مواله
ويحؾ إف يعقوب النبي كاف لو اثنا عشر ابنا فغيب اهلل عنو واحدا : ينقضي فقاؿ لو أما آف لحزنؾ أف منيـ فابيضت عيناه مف كثرة بكائو عميو وشاب رأسو وأحدب ظيره مف الحزف
وابنو حي في دار الدنيا وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمي وسبعة عشر رجبل مف أىؿ بيتي مضرجيف .حزنيبدمائيـ حولي فكيؼ ينقضي
ال يترؾ مناسبة إال ويذكر فييا ما جرى ألبيو واسرتو في كرببلء، وأحيانا كاف يبحث ( عميو السبلـ)وكاف عف المناسبة ليحدث بما جرى ألىؿ بيتو، فيذىب إلى سوؽ الجزاريف في المدينة ويقؼ معيـ يسأليـ عما
إنا ال نذبح أبو عبد اهلل غريبا عطشانا :إذا كانوا يسقوف الشاه ماء قبؿ ذبحيا، وعندما يسمعيـ يقولوف .فيبكوف لبكائو حتى ترتفع األصوات بالنحيب
لقد قتؿ أبو عبد اهلل غريبا : كاف إذا رأى غريبا في الطريؽ دعاه إلى ضيافتو وطعامو، ثـ يبكي ويقوؿيو في السنيف إلى غير ذلؾ مف المواقؼ التي كاف يقفيا بعد مقتؿ أب. جائعا عطشانا في طؼ كرببلء
كما . األولى وذلؾ ليشحف النفوس بالحقد عمى الظالميف ويييئيا لمثورة عندما يحيف الوقت المناسبىذا الموف مف الحزف المتواصؿ . في ىذا النوع مف التحرؾ السياسي( عمييا السبلـ)ساىمت عمتو زينب
إثر ذلؾ خيـ . وجبلوزتو المجرميف يثير عواطؼ الجماىير ويغضبيا ويدب فييا النقمة عمى يزيد الطاغيةعمى المدينة جو مف القمؽ ينذر بتفجير الموقؼ بيف حيف وآخر لقد استطاع اإلماـ زيف العابديف وعمتو
وفي رواية أخرى رواىا سفياف بف عيينة عف الزىري، يبيف فييا اإلماـ لمزىري أحكاـ اهلل ويفصميا لو مف ذلؾ القوؿ في الصـو أقسامو والواجب منو وغير الواجب وكؿ ما يتعمؽ . بصورة واضحة كاممة
.وقد ورد تفصيؿ ذلؾ باب سابؽ. بأحوالو
113
:األمة مف( عميو السبلـ)موقؼ اإلماـ اىتماما واسعا كبيرا بشؤوف أمتو فاتبع أساليب متنوعة وذلؾ حسب الظروؼ ( عميو السبلـ)اىتـ اإلماـ
عميو )فكاف . لماديةاىتـ اإلماـ بكؿ ما تحتاج إليو األمة اإلسبلمية في حياتيا المعنوية كما في حياتيا ا… يتفقد شؤوف الفقراء والمساكيف ألنو كاف يحبيـ ويشفؽ عمييـ فيجالسيـ ويستمع إلى مشاكميـ( السبلـ
وكاف يخرج ليبل يحمؿ عمى ظيره الغذاء والطعاـ والطحيف وكؿ ما تحتاج إليو العائمة، وقد غطى وجيو وقد ترؾ ىذا العمؿ آثارا عمى ظيره، … طييـ رزؽ اهلللئبل يعرفو أحد، فيطرؽ باب المساكيف بابا بابا ويع
اكتشؼ بعدفكاف اإلماـ بيذا العمؿ يعيش الياجس الروحي مع األمة (. عميو السبلـ)وفاتو حيف غسموه وكفنوه
مف (: )صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)ويستشعر المسؤولية الكبرى تجاىميا إذعانا منو لحديث جده رسوؿ اهلل لما مات عمي بف الحسيف : وعف عمر بف ثابت قاؿ… (ييتـ بشؤوف المسمميف فميس بمسمـ أصبح ولـ
كاف يجمؿ جرب الدقيؽ ليبل عمى : ما ىذا؟ فقالوا: فغسموه جعموا ينظروف إلى آثار سود في ظيره فقالوا (.()ظيره يعطيو فقراء أىؿ المدينة
يقوت مائة أىؿ بيت بالمدينة، وكانوا ( السبلـ عميو)كاف عمي بف الحسيف : وعف شبيبة بف نعامة قاؿ …يعيشوف وال يدروف مف أيف كاف معاشيـ فمما مات عمي بف الحسيف فقدوا ما كانوا يؤتوف بالميؿ
:مواجية المشبية والممحديف__________
.، صاإلرشاد لممفيد، ج( )
ألمة اإلسبلمية تصدى أيضا لبلنحراؼ لبلنحراؼ األخبلؽ لدى ا( عميو السبلـ)وكما تصدى اإلماـ العقائدي والفكري الذي طرأ عمى فكر بعض قطاعات األمة مف فئات خبيثة منحرفة عف الخط اإلسبلمي
يقاـو ىذا االنحراؼ بكؿ ما يممؾ مف جيود حتى وصؿ بو الحد إلى االرتياع ( عميو السبلـ)كاف . السميـصمى اهلل عميو وآلو )في مسجد رسوؿ اهلل ( عميو السبلـ)فنراه . مف ىذه االنحرافات في الفكر والعقيدة
ذات يـو إذ سمع قوما يشبيوف اهلل بخمقو ففزع لذلؾ وارتاع، ونيض حتى أتى قبر رسوؿ اهلل ( وسمـ :فوقؼ عنده ورفع صوتو يناجي ربو ومما قالو في مناجاتو( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)يئة جبللؾ فجيموؾ وقدروؾ بالتقدير عمى غير ما أتت بو شبيوؾ، وأنا إليي إليي بدت قدرتؾ ولـ تبد ى)
مف الذيف يالتشبيو طمبوؾ، ليس كمثمؾ إليي ولـ يدركوؾ فظاىر ما بيـ مف نعمة دليميـ عميؾ لو عرفوؾ وفي خمقؾ يا إليي مندوحة عف أف يناولوؾ بؿ سووؾ بخمقؾ فمف
114
(.()ربا فبذلؾ وصفوؾ فتعاليت ياآليي عما بو المشبيوف نعتوؾ واتخذوا بعض آياتؾ. ثـ لـ يعرفوؾلقد حارب اإلماـ زيف العابديف المشبية والممحديف بالدعاء، ىذا األسموب الذي ىو الصفة المميزة لو في
، وىو المفضؿ والمؤثر أكثر في التبميغ وقد استعممو النبي ()تمؾ الظروؼ ىو أسموب غير مباشرفي تذكير قومو بانحرافيـ عف عبادة الو الواحد األحد الفرد الصمد، فعبدوا ( عميو السبلـ)يؿ إبراىيـ الخم
:الشمس والقمر والنجـو التي سرعاف ما تزوؿ وتأفؿىذا ربي، فمما رأى الشمس بازغة قاؿ ىذا ربي ىذا أكبر فمما أفمت : فمما جف عميو الميؿ رأى كوكبا قاؿ}
ا تشركوف إني وجيت لمذي فطر السماوات واألرض حنيفا وما أنا مف المشركيف قاؿ يا قـو إني بريء مم [.-: األنعاـ]{ :التربية والتثقيؼ -ج
في مسيرتو الحياتية في تبميغ األمة اإلسبلمية، اتخذ اإلماـ السجاد جانب الموعظة واإلرشاد ركنا أساسيا فنراه تارة يمقي الخطب والمواعظ بصورة عامة، وتارة أخرى نجده يخصص جمسات خاصة ومواعيد ثابتة ألصحابو يوجييـ ويؤىميـ ويربييـ لتحمؿ األمانة، والتكميؼ الشرعي، والتزاـ المسؤولية االجتماعية، فكاف
يـو جمعة يوعظيـ ويذكرىـ ويبمغيـ ما ىـ عميو قادموف، وما ىـ عنو لو موعد مع أصحابو في كؿ أسموب الدعاء استخداما ناجحا في تربية األمة وتوجيييا ( عميو السبلـ)وقد استخدـ اإلماـ . مسؤولوف
الوجيات الصحيحة في األخبلؽ واالجتماع والسياسة والديف، وسوؼ نعرض في فصؿ الحؽ أثر الدعاء .مة وتثقيفيافي تربية األ
(:عميو السبلـ)تحديد العبلقة مو أىؿ البيت -دفبعضيـ أبغضيـ حتى عدىـ مف ( عميو السبلـ)اختمؼ الناس في حبيـ وفي بغضيـ ألىؿ البيت
عميو )الخوارج، والبعض اآلخر أحبيـ حتى ألييـ، وقد تعرض أمير المؤمنيف اإلماـ عمي بف أبي طالب أشيد أنؾ : ت، فكاف يخطب بيف الجموع التي تجتمع تحت منبره وتسمع ما يقوؿلمثؿ ىذه الحاال( السبلـ
.دراسات في نيج الببلغة لمشيخ محمد ميدي شمس الديف( )
115
. رض؟ وحذرىـ مف النارويروى أنو مر بجماعة كانوا يأكموف في شير رمضاف، فسأليـ أعف سفر أـ موقد شاىد اإلماـ … أنا عبد مف عبيد اهلل: أندخؿ النار وأنت وأنت، فنزؿ عف دابتو وسجد وقاؿ: فأجابوه
فئة مف شيعتو قد أوغموا في حبيـ حتى أخرجيـ عف الصراط السوي وعف ( عميو السبلـ)زيف العابديف إلى غمو ثـ تأليو وبالتالي إضفاء صفات ( بلـعميو الس )فتحوؿ الحب ألىؿ البيت . خط اإلسبلـ السميـ
فما كاف مف اإلماـ إال أف يقاوميـ بحـز ويجابييـ بكؿ ما يممؾ مف . عمييـ ما أنزؿ اهلل بيا مف سمطافأساليب، فأفيميـ وأرشدىـ بأف عمميـ ىذا ىو انحراؼ عف اإلسبلـ وبعيد كؿ البعد عف خط أىؿ البيت
أي أحبونا حبا يكوف موافقا لقانوف (. ()أحبونا حب اإلسبلـ، فما زاؿ حبكـ لنا حتى صار شينا عمينا)وال يخرجكـ عنو، وال زاؿ حبكـ لنا حتى أفرطتـ وقمتـ فينا ما ال نرضى بو، فصرتـ شينا وعيبا اإلسبلـ
.عمينا، حيث يعيبوننا الناس بما تنسبوف إلينايا معشر أىؿ العراؽ، يا معشر أىؿ الكوفة، : قاؿ( عميو السبلـ)عف عمي بف الحسيف )وفي رواية أخرى
فكبلـ اإلماـ واضح تماـ الوضوح في الطمب مف الشيعة (. ()فوؽ حقنا أحبونا حب اإلسبلـ وال ترفعوناحب اإلسبلـ بحيث ال يخرجيـ ىذا الحب عف إطار اإلسبلـ، وعف ( عميو السبلـ)أف يحبوا أىؿ البيت
صورة اإليماف، وحدود الشريعة اإلسبلمية ومف يخرج عف ىذه الحدود فقد خرج بطبيعة الحاؿ عف .اإلسبلـ شعره .الشعر إبراز العواطؼ النبيمة بطريؽ الخياؿ: بعض الحكماء الشعر فقالوا عرؼ
فكـ مف عزيز لممييف صاغر... ... عنا كؿ ذي عز لعزة وجيو
117
لعزة ذي العرش المموؾ الجبابر... لقد خضعت واستسممت وتضاءلت ره لمناس عامة مف الدنيا ومكائدىا، وما نصت لمناس مف مصائبيا، وتحمت تحذي( عميو السبلـ)ويتابع
:ليـ مف زينتيا وأظيرت ليـ مف بيجتيا ومف شيواتيا وأخفت عنيـ مف مكائدىا وقواتميا إلى دفعيا داع وبالزىد آمر... ... وفي دوف ما عينت مف فجعاتيا
ؾ الدار عامرفعما قميؿ يتر ... ... ... فجد وال تغفؿ وكف متيقظا وأنت إلى دار اإلقامة صائر... ... ... فشمر وال تفتر فعمرؾ زائؿ ف نمت منيا غبو لؾ ضائر... ... وال تطمب الدنيا فإف نعيميا وا
وما داـ المبيب عمى ثقة مف زواؿ الدنيا وفنائيا، فمماذا يحرص عمييا ويطمع في بقائيا، وكيؼ تناـ عينو !!لممات في جميع أمورهوتسكف نفسو وىو يتوقع ا وتشغمنا المذات عما نحاذر... ... إال لو، ولكنا نغر نفوسنا
بموقؼ عدؿ يـو تبمى السرائر... وكيؼ يمذ العيش مف ىو موقف نما سدى ما لنا بعد الممات مصادر... ... كأنا نرى أف ال نشور، وا
مؼ ويتحسر عمى ما فاتو مف دنياه، فيشرع وبعد الوقوع في الخطايا وانغماسو في الرزايا يبكي عمى ما س :باالستغفار حيف ال ينجيو ال استغفار وال اعتذار مف ىوؿ المنية ونزوؿ البمية
وأبمس لما أعجزتو المقادر... ... أحاطت بو أحزانو وىمومو وليس لو مما يحاذر ناصر... فميس لو مف كربة الموت فارج رددىا منو الميا والحناجرت... ... وقد جشأت خوؼ المنية نفسو
فتذكر أييا اإلنساف الحالة التي أنت صائر إلييا ال محالة، فإنؾ منقوؿ إلى دار البمى ومدفوع إلى ىوؿ :ما ترى
واألجداد، ألـ تر كيؼ فعؿ ربؾ بعاد إـر ذات العماد؟ وكؿ ابف أنثى لمحياة مفارؽ... ... تعز فكؿ لممنية ذائؽ
تناىبو ساعاتيا والدقائؽ... ... فعمر الفتى لمحادثات دريئة وتطرفنا بالحادثات الطوارؽ... ... د بعد واحد كذا نتفانا واح
جموع آلجاؿ البرية الحؽ... وفيـ وحتى ـ الشكاوية والردى لمف ضمنتو غربيا والمشارؽ... فكؿ ابف أنثى ىالؾ وابف ىالؾ وال بد مف اتياف ما ىو سابؽ... ... فبل بد مف إدراؾ ما ىو كائف
كؿ } اليواف، وقد نطؽ القرآف بالبياف الواضح في سورة الرحمف، فما لئلنساف والخمود إلى دار األحزاف و .{ مف عمييا فاف ويبقى وجو ربؾ ذو الجبلؿ واإلكراـ
، والصحة إلى السقـ، والوجود إلى العدـ، فمماذا التيمفت والندـ وقد خمت مف قبمنا األمـ :فالشباب لميـر ميقة راشؽوسيـ المنايا لمخ... ... أترجو نجاة مف حياة سقيمة ومف دوف ما تيواه تأتي العوائؽ... ... سرورؾ موصوؿ بفقداف لذة وفي ضمنيا لمراغبيف البوائؽ... ... وحبؾ لمدنيا غرور وباطؿ
فأيف السمؼ الماضوف وأيف األىموف واألقربوف، وأيف األنبياء المرسموف فقد طحنتيـ المنوف، وفقدتيـ نا إلييـ صائروف نا إليو راجعوف فإنا هلل. العيوف وا .وا
ولو عمر اإلنساف ما ذو شارؽ... ... فما ىذه دار المقامة فاعممف ألمواؿ، أيف مموؾ الفراعنة واألكاسرة فتأمؿ وتبصر واسأؿ أيف مف بنى القصور وىـز الجيوش وجمع ا
والغساسنة؟ وال رفعت أعبلميـ والمناجؽ... ... كأف لـ يكونوا أىؿ عز ومنعة
وال أخذت منيـ بعيد مواثؽ... ... وال سكنوا تمؾ القصور التي بنوا سحر ويتعبد يطوؼ بالبيت مف العشاء إلى ال( عميو السبلـ)رأيت زيف العابديف : وروى طاووس الفقيو قاؿ
إذا قيؿ لممخفيف جوزوا ولممثقميف حطوا أمع المخفيف أجوز أـ مع المثقميف أحط؟ ويمي كمما …: )ثـ قاؿ :طاؿ عمري كثرت خطاياي ولـ أتب أما آف لي أف أستحي مف ربي؟ ثـ أنشأ يقوؿ
وما في الورى خمؽ جنى كجنايتي... ... ة أتيت بأعماؿ قباح ردي وحدث عبد اهلل بف المبارؾ أنو في بعض السنيف يساير الحاج إذ
: مع مف قطعت البر؟ فقاؿ: رأى صبيا سباعيا أو ثمانيا يسير في ناحية الحاج ببل زاد وال راحمة فقاؿ لوواه وراحمتو رجبله وقصده إلى مواله بأف زاده تق: مع الباري جؿ شأنو، فسألو عف راحمتو وزاده فأجابو
يجرعيا في األناـ كاظمنا... ... نحف بنو المصطفى ذوو غصص أولنا مبتمى وآخرنا... ... ... عظيمة في األناـ محنتنا ونحف أعيادنا مآتمنا... ... ... يفرح ىذا الورى بعيدىـ
يأمف طوؿ الزماف خائفنا... ... وما والناس في األمف والسرور ػطائؿ بيف األناـ آفتنا... ... وما خصصنا بو مف الشرؼ الػ
(.)جاحدنا حقنا وغاصبنا... ... ... يحكـ فينا والحكـ فيو لنا ف لـ تفعؿ } : ذكر األلوسي في روح المعاني عند قولو تعالى يا أييا الرسوؿ بمغ ما أنزؿ إليؾ مف ربؾ وا
غت رسالتو واهلل يعصمؾ مففما بمعمـ األسرار والحقيقة ثـ قاؿ أشار إلى ىذا رئيس العارفيف (. ){ الناس إف اهلل ال ييدي القـو الكافريف
:عمي زيف العابديف حيث قاؿ كيبل يرى الحؽ ذو جيؿ فيفتننا... ... إني ألكتـ مف عممي جواىره وأوصى قبمو الحسنا إلى الحسيف... ... وقد تقدـ في ىذا أبو الحسف
لقيؿ لي أنت ممف يعبد الوثنا... ... فرب جوىر عمـ لو أبوح بو ()يروف أقبح ما يأتونو حسنا... والستحؿ رجاؿ مسمموف دمي
كنت أطوؼ ليمة بالبيت الحراـ فإذا شاب ظريؼ : وذكر ابف شير آشوب في المناقب أف األصمعي قاؿ :عميو ذؤابتاف وىو متعمؽ بأستار الكعبة ويقوؿ نامت العيوف إلى أف قاؿ
يا كاشؼ الضر والبموى مع السقـ... ... يا مف يجيب دعاء المضطر في الظمـ وأنت وحدؾ يا قيـو لـ تنـ... ... قد ناـ وفدؾ حوؿ البيت قاطبة فارحـ بكائي بحؽ البيت والحـر... ... أدعوؾ ربي دعاء قد أمرت بو
()فمف يجود عمى العاصيف بالنعـ... ... إف كاف عفوؾ ال يرجوه ذو سرؼ :مخاطبا الحكاـ الظالميف( عميو السبلـ)وقاؿ
إذ ميز الصحاح مف المراض... ... لكـ ما تدعوف بغير حؽ كما عرؼ السواد مف البياض... ... عرفتـ حقنا فجحدتمونا ()وقاضيا اإللو فنعـ قاض... ... كتاب اهلل شاىدنا عميكـ
.، صبحار األنوار، ج( ) (.عميو السبلـ)ىذه األبيات نسبيا السيد حسف النوري في الصحيفة السجادية الرابعة إلى اإلماـ ( )
وأىؿ األرض ما عرفوا دوائي... ... لقد ضاقت عمي األرض طرا ـ، ويا رجائيبعفوؾ يا عظي... ... فخذ بيدي إني مستجير حيائي منؾ أكثر مف خطائي... ... أتيتؾ باكيا فارحـ بكائي
ولي داء وأنت دواء دائي... ... ولي ىـ وأنت لكشؼ ىمي رجائي أف تحقؽ لي رجائي... ... وأيقظني الرجاء فقمت ربي فإني في ببلء مف ببلء... ... تفضؿ سيدي بالعفو عني
:والثانية وجئت بابؾ يا ربي بحاجاتي... ... حاجاتي إليؾ يا رب قد وجيت
يا عالـ السر عبلـ الخفيات... ... أنت العميـ بما يحوي الضمير بو سواؾ يا رب مف قاض لحاجاتي... ... اقض الحوائج لي ربي فمست أرى
يف وىكذا كما ترى اختبلؿ الوزف والركة في المعنى والنظـ ظاىرة بوضوح، والذي أراه أف كبل المقطوعت، إذ كيؼ تنسب لئلماـ مثؿ (عميو السبلـ)وما يشبييما مف الشعر الركيؾ مف الموضوعات عمى اإلماـ
ىذه األبيات المفككة الركيكة التي تخمو مف أية مسحة أدبية أو ببلغية، وىو صاحب الشأف األدبي ي مثؿ فصاحتيا الرفيع يكفيو فخرا أنو صاحب الصحيفة السجادية التي لـ يؤثر في الكبلـ العرب
.وببلغتياكما نسب إلى اإلماـ زيف العابديف ديواف شعر حافؿ بالنصائح والمواعظ وتوجد منو نسخة مخطوطة في
ىػ مكتبة اإلماـ أمير المؤمنيف بخط السيد أحمد بف الحسيف الجزائري، وقع الفراغ مف كتابتيا سنة (.ىػ)د اهلل الشوشتري المتوفى سنة وقد استنسخيا عف نسخة بخط السيد محمد بف السيد عب
وقاؿ في وقد نشر الدكتور حسيف عمي محفوظ في مجمة الببلغ العدد الثامف مف السنة األولى ص :تقديمو لو
بيتا مف الشعر جمعيا شيخنا المرحـو محمد عمي التبريزي ( عميو السبلـ)ينسب إلى السجاد )ىػ وىو القسـ تاب التحفة الميدية المطبوع في تبريز سنة مف ك( ىػ)المدرس المتوفى سنة
الدر المنثور، وقد أىدى إلي صديقنا الباحث الفاضؿ الكريـ : الثاني مف ديواف المعصوميف الذي سماهمكتوبة في أوائؿ القرف الثالث عشر ( عميو السبلـ)مرتضى المدرس نسخة خطية مف شرح ديواف السجاد
ذا وعة مف بحر الوافر ذوات خمسة أبيات مرتبة عمى اليجاء عدتيا مقط اليجري فيو بيتا، وا
122
صح أف ينسب شيء مف الشعر إلى اإلماـ فالظف كؿ الظف أف في المضاميف إليو مف المنظـو ما ىو ..(.قيد كمماتو، ونظـ معانيو، واتباع منيجو، ودليؿ سيرتو، واقتداء بيداه
نما ( عميو السبلـ)نسبة ىذا الديواف إلى اإلماـ زيف العابديف وال يخالني الشؾ في عدـ صحة ال لمعانيو وا والذي يطالع. لركاكة ألفاظو وضعؼ صياغتو
لئلماـ ما أثر عنو مف غرر الحكـ واآلداب يجد أف اإلماـ قد استعمؿ أفصح األلفاظ وأبمغيا، وأعذب .مف أفصح بمغاء األمة العربية عمى اإلطبلؽ( عميو السبلـ)فقد كاف . األسموب وأكثره جاذبية لمقارئ
نما نظمو بعض المعجبيف بمواعظو وحكمو ( عميو السبلـ)وما أذىب إليو أنو ليس مف نظـ اإلماـ وا لكف ىذا الناظـ ال يجيد النظـ، فقد صاغ أغمب األبيات بألفاظ ركيكة تخمو مف حسف . ونسبو إليو
.الديباجة وجماؿ األسموبـ زيف العابديف المخطوطة ذكر الدكتور حسيف عمي محقوظ أف لماـ مصاحؼ تنسب إلى ومف آثار اإلما
(.)خطو الشريؼ توجد في مكاتب شيراز وقزويف وأصفياف ومشيد التكافؿ االجتماعي
يحث أصحابو وشيعتو عمى المواساة فيما بينيـ واإلحساف إلى اآلخريف ألف ( عميو السبلـ)كاف اإلماـ وحدتيـ واجتماع كممتيـ، وقد أثر عنو وعف األئمة األطيار الكثير مف النصائح ذلؾ خير ضماف ل
(:عميو السبلـ)قاؿ : الرفيعة في ىذا الشأف وىذه بعض منيا__________
.مجمة الببلغ العدد السابع السنة األولى، ص( )
الو عنو كربو يـو مف قضى ألخيو حاجة قضى اهلل لو مائة حاجة، ومف نفس عف أخيو كربو نفس )القيامة بالغا ما بمغت، ومف أعانو عمى ظالـ لو، أعانو اهلل عمى إجازة الصراطؾ عند دحض األقداـ،
صمى اهلل )ومف سعى لو في حاجة حتى قضاىا لو فسر بقضائيا، كاف كإدخاؿ السرور عمى رسوؿ اهلل ، ومف أطعمو مف جوع أطعمو اهلل ، ومف سقاه مف ظمأ، سقاه اهلل مف الرحيؽ الم(عميو وآلو وسمـ ختـو
مف ثمار الجنة، ومف كساه مف عري، كساه اهلل مف استبرؽ وحرير،ومف كساه مف غير عري لـ يزؿ في ضماف اهلل ما داـ عمى
المكسي مف الثوب سمؾ، ومف كفاه ما أىمو أخدمو اهلل مف الوالداف، ومف حممو عمى راحمة بعثو اهلل يـو ف نوؽ الجنة يباىي بو المبلئكة، ومف كفنو عند موتو كساه اهلل يـو ولدتو أمو إلى يـو القيامة عمى ناقة م
يموت، ومف زوجو زوجة يأنس بيا، ويسكف إلييا آنسو اهلل في قبره بصورة أحب أىمو إليو، ومف عاده في تو واهلل لقضاء حاج.. طبت، وطابت لؾ الجنة: مرضو حفتو المبلئكة تدعو لو حتى ينصرؼ، وتقوؿ
(.()…أحب إلى اهلل مف صياـ شيريف متتابعيف باعتكافيما في الشير الحراـ
123
يحفؿ ىذا الحديث بتعاليـ إنسانية رفيعة المستوى تدعو المسمميف إلى التعاوف والتضامف والمحبة، مما بناء ويعتبر ىذا الحديث وأمثالو مف العناصر الرئيسية في. يمتف أواصر المودة والرحمة والتعاطؼ بينيـ
التكافؿ االجتماعي الذي أسسو اإلسبلـ، فالمسمـ أخ المسمـ يشعر معو في أفراحو ويساعده في أتراحو .ويعمؿ مف أجؿ سعادتو بكؿ ما يستطيع بالماؿ أو اليد أو المساف وىو أضعؼ اإليماف
:في المؤاساة واإلحساف لضماف وحدة المسمميف( عميو السبلـ)وقاؿ __________
(...()فعصاني، وأطاع غيري، فوكمتو إلى عممو، وعزتي وجبللي ال غفرت لو أبدا في ىذا الحديث تأكيد صريح عمى عاتؽ كؿ مسمـ تجاه إخوانو في اإليماف، فعميو أف يشعر معيـ في
.يـ ومصائبيـ وحرمانيـ في مجتمعيـ الظالـ الذي كاف يحكمو حكاـ طغاةمحنمف العناصر الرئيسية ( عميو السبلـ)كما يمكف أف نعد ىذا الحديث وأمثالو مما أثر عف أئمة أىؿ البيت
في بناء التكافؿ االجتماعي الذي أسسو اإلسبلـ، ليقضي بصورة جازمة عمى الفقر والحرماف في .سبلميالمجتمع اإل
__________ .والقصور يعني في الجنة. ، صتفسير البرىاف، ج( ) .-راجع سورة إبراىيـ، اآلية( )
يرىـ إذا ما ولـ يكتؼ اإلسبلـ بحث المسمميف عمى مساعدة إخوانيـ في الديف، بؿ يحاسبيـ عمى تقصمف أطعـ مؤمنا حتى يشبع، لـ يدر أحد مف خمؽ اهلل (: )عميو السبلـ)قاؿ اإلماـ زيف العابديف . حصؿ
ما لو مف األجر في اآلخرة ال ممؾ مقرب، وال نبي مرسؿ إال اهلل رب (:عميو السبلـ)وأضاؼ .. العالميف
أو إطعاـ في يـو ذي مسغبة يتيما ذا } : عالىمف موجبات المغفرة إطعاـ المسمـ السغباف، ثـ تبل قولو ت) (.){ أو مسكينا متربة . مقربة
إف إطعاـ الجائع ودفع السغب عنو ضرورة إسبلمية ممحة يسأؿ عنيا اإلنساف المسمـ ويحاسب عمييا، .وبصورة خاصة إذا كاف الفقير بحاجة ماسة إلى الطعاـ
يف أفراد المجتمع وتحيي في نفوسيـ المحبة، مصدر كؿ فمساعدة المعوزيف توطد العبلقات االجتماعية بثـ يمكف اعتبار ما ينفؽ عمى المحتاجيف في ىذا المجاؿ مف الصدقات والصدقة زكاة وىي . خير وعطاء
ركف أساسي مف فروع الديف اإلسبلمي، مف ىنا كاف الواجب الشرعي يقضي عمى المسمميف المؤمنيف .مساعدة إخوانيـ وقضاء حوائجيـ
، وأيما مؤمف كسى مؤمنا مف عري، لـ يزؿ في ستر اهلل وحفظو ما بقيت منو خرقو (...()المختـوسمميف وتضامنيـ صفا واحدا لدرء الظمـ عنيـ والوقوؼ في يحرص اإلسبلـ كؿ الحرص عمى شد أزر الم
وجو الظالميف، والمنحرفيف، وليس ليـ ذلؾ إال بمساعدتيـ لبعضيـ البعض وسد حاجات إخوانيـ في .اإليماف ميما كانت المساعدات بسيطة
:صمة الرحـ__________
.الجائع: والسغباف . --البمد اآلية ( )، وقد قامت لمحسيف بف سعيد األىوازي مف مخطوطات السيد الحكيـ تسمسؿ المؤمف، ص( )
، ىػ وقد ورد الحديث تحت رقـ سنة ( عج)بتحقيقو ونشره مدرسة اإلماـ الميدي في قـ .راجع زيف العابديف لمقرشي، ص. ص
125
يعتيا وذلؾ لما يترتب عمييا دعا اإلسبلـ إلى صمة األرحاـ وحث المسمميف عمى العمـ بيا وحذر مف قطعميو )مف التواصؿ والمحبة إذا وصمت، ومف المضاعفات السيئة إذا قطعت، واإلماـ زيف العابديف
مف سره أف يمد اهلل في عمره، وأف يبسط لو في رزقو، فميصؿ : )حث عمى صمة األرحاـ فقاؿ( السبلـصؿ مف وصمني، واقطع مف قطعني، فالرجؿ يا رب: رحمو، فإف الرحـ ليا لساف يـو القيامة ذلؽ تقوؿ
(...()ليرى بسبيؿ خير إذا أتتو الرحـ التي قطعتيا فتيوي بو إلى سفؿ قعر في النارفي الحث عمى صمة األرحاـ، فالذي يصؿ ( عمييـ السبلـ)لقد تواترت األخبار عف األئمة المعصوميف
لجزيؿ في الدار اآلخرة، وصمة األرحاـ توجب رحمو يمد اهلل في عمره، ويزيد في رزقو ويكسب األجر ا .تماسؾ المجتمع وشيوع المحبة والمودة والصفاء بيف المسمميف، وذلؾ مف أىـ ما يدعو إليو اإلسبلـ
إف ىذه المبادئ اإلنسانية الرفيعة التي دعا إلييا اإلسبلـ ورفع شعارىا تمثؿ الجوىر الحقيقي لو، ولو يـ ألصبحوا سادة األمـ وقادة الشعوب ولساد األمف واألماف والسمـ طبقيا المسمموف عمى واقع حيات
.والسبلـ عمى الدنيا بأسرىااإلسبلـ ديف إنساني يراعي مصالح اإلنساف في كؿ مكاف ليعيش عيشة حرة كريمة، ويعمؿ عمى تنوير
؟ وىؿ يعمقوا فيؿ يفقو المسمموف جوىر إسبلميـ . بصائر الناس ليكسبوا أجر الداريف الدنيا واآلخرة اليـوأف بعدىـ عف الوحدة اإلسبلمية يعني بعدىـ عف الخط اإلسبلمي الذي رسمو ليـ النبي األكـر في
دعونو المباركة؟ إف عزة المسمميف تكمف في تعاونيـ عمى البر والتقوى، وفي تآلفيـ ورص صفوفيـ صفا واحدا ليستطيعوا
عامة، وىذا أمر سيؿ جدا لو تنازلوا عف حبيـ لممنصب الوقوؼ في وجو أعداء اهلل وأعداء اإلنسانية .وتعمقيـ في ىذه الدنيا الفانية
اهلل، ونتبادؿ كنا نتزاور في اهلل، ونتجالس في: عما استحقوا ذلؾ، وما مجاورتيـ هلل عز وجؿ؟ فيقولوف (...()ادخموا الجنة فنعـ أجر العامميف: في اهلل، فيقولوف
في ىذا الحديث الشريؼ المسمميف خاصة إلى إسداء المعروؼ إلى الناس ( عميو السبلـ)يدعو اإلماـ عامة والتحمي بمكاـر األخبلؽ التي توجب رفع مستوى اإلنساف إلى أرفع الدرجات، وبموغو ذروة الشرؼ
كنتـ خير أمة أخرجت لمناس} : قاؿ اهلل تعالى. كماؿ التي أرادىا لو رب العالميفوالواألمر بالمعروؼ حث عميو اإلماـ زيف (. ){ .. تأمروف بالمعروؼ وتنيوف عف المنكر وتؤمنوف باهلل
(:عميو السبلـ)العابديف فقاؿ __________
.، صتاريخ البعقوبي، ج( ) . آؿ عمراف، اآلية( )
ما : التارؾ لؤلمر بالمعروؼ والنيي عف المنكر كنابذ كتاب اهلل وراء ظيره، إال أف يتقي تقاه فقيؿ لو)فكما نرى أف األمر بالمعروؼ والنيي عف (. ..()يخاؼ جبارا أف يفرط عميو، أو أف يطغى: تقاتو؟ قاؿ
إيجابية وذلؾ مف أجؿ أف تسود العدالة المنكر مف المبادئ اإلسبلمية البارزة التي تبناىا اإلسبلـ بصورةاالجتماعية بيف الناس، ويزوؿ الظمـ والطغياف عف عباده اهلل، فبل يبقى منكر وال اعتداء عمى واقع الحياة
.عمى ضرورتو ولزومو( عمييـ السبلـ)وقد تواترت األخبار عف أئمة اليدى . العامة بيف البشرشروط القياـ بيذا الواجب اإلسبلمي الخطيرة والياـ في بناء مجتمع وقد ذكر الفقياء في رسالتيـ العممية
.إسبلمي عظيـ يعيش موفور الكرامة عزيز الجانب مؤلفات اإلماـ زيف العابديف عميو السبلـ
.والمعرفة والحكمة في الببلد اإلسبلمية وغير اإلسبلميةنما تناولت جميع أنواع العمـو وما نمفت إليو أف مؤلفاتيـ وسائر بحوثيـ لـ تقتصر عمى عمـ خاص، وا
فقد ألفوا في عمـو . ي حياتو الخاصة والعامة والتي تفيده في دنياه وآخرتوالتي يحتاج إلييا اإلنساف، فالفقو، والتفسير، والحديث، واألصوؿ، والصرؼ والنحو، والكبلـ، والفمسفة والحساب، والتاريخ : كثيرة منيا
…والفمؾ
127
__________ .طبقات ابف سعد، ص( )
لى جانب ىذه العمـو وضعوا قواعد ىامة في األ خبلؽ اإلنسانية، وآداب السموؾ الفردية واالجتماعية وا وكاف أوؿ الرواد الذي سبؽ في ىذا المضمار رائد األمة الفكرية والعممية . وأصوؿ التربية الوطنية
الذي فتؽ أبواب العمـو العقمية والنقمية ( عميو السبلـ)واألدبية اإلماـ أمير المؤمنيف عمي بف أبي طالب إف اإلماـ أمير المؤمنيف -يقوؿ العبلمة المعروؼ عباس العقاد . أصوليا وقواعدىاوالتربوية وأسس
دا ، فقد كانت مؤلفاتو نموذجا فري(عميو السبلـ)ومف الذيف ألفوا مف األئمة الطاىريف اإلماـ زيف العابديف .لتطور الفكر اإلسبلمي وتقدـ الحركة العممية والثقافية في العالـ العربي
الصحيفة السجاديةىي مف ذخائر التراث اإلسبلمي، ومف مناجـ المباحث الببلغية واألخبلقية والتربوية واألدبية في اإلسبلـ
نجيؿ (.)أىؿ البيت وزبور آؿ محمد ونظرا ألىميتيا فقد سماىا كبار رجاؿ الفكر والعمـ، بأخت القرآف وا ومما زاد في أىميتيا أنيا جاءت في عصر طغت فيو األحداث الرىيبة في السياسة التي أحالت حياة
شراقو، فالتكتؿ الحزبي المسمميف إلى جحيـ مظمـ ليس فيو أي بصيص نور مف ىدي اإلسبلـ وا ث اختفى أي ظؿ لروحانية والسياسي الذي سعى وراءه أصحاب المصالح واألطماع الشخصية حي
.اإلسبلـ وتعاليمو السمحة وآدابو اإلنسانية وحكمو الخالدةلقد فتحت الصحيفة السجادية آفاقا جديدة لموعي الديني، كاف المسمموف قد فقدوه، ودعت إلى التبتؿ
ائؿ الروحي والصفاء النفسي والطيارة والتجرد مف األنانية ونبذ الجشع والطمع وغير ذلؾ مف الرذوالنزاعات الشريرة التي نيى عنيا اإلسبلـ، كما دعت الصحيفة إلى االتصاؿ باهلل تعالى خالؽ الكوف
.وواىب الحياة ومصدر الخير والحؽ والجماؿ سبحانو وتعالى أحسف الخالقيف__________
.عبقرية اإلماـ عمي لمعقاد( ) .، صتصانيؼ الشيعة، جعف الذريعة في . حياة اإلماـ زيف العابديف، ص( )
في صحيفتو ىذه بكثير مف البحوث الكبلمية التي انتيؿ منيا عمماء الكبلـ والفبلسفة المسمموف في ما .كتبوه عف واجد الوجود
الخضوع أماـ اهلل تعالى، وبذلؾ قد امتازت عمى بقية أدعية األئمة الطاىريف بما فييا احتوت عمى كماؿظيار التذلؿ هلل تعالى إف اهلل تعالى قد خص كؿ : )قاؿ الفاضؿ األصفياني. مف أفانيف التضرعات وا
عميو)واحد منيـ بمزية وخصوصية ال توجد في غيره، كالشجاعة في أمير المؤمنيف وابنو الحسيف ال سيما أدعية الصحيفة الكاممة، المعروفة ( عميو السبلـ)والرقة والتفجع في أدعية زيف العابديف ( السبلـ
(.()بيف أصحابنا اإلمامية بزبور آؿ محمد، وأخرى بإنجيؿ أىؿ البيتفاإلنساف ميما كثرت ذنوبو . لقد فتحت أبواب األمؿ والرجاء برحمة اهلل تعالى التي وسعت كؿ شيء
.عظمت خطاياه ال ينبغي لو أف يقنط مف رحمة اهلل تعالى، وعفوه وكرموو إليي وعزتؾ وجبللؾ، لئف طالبتني بذنوبي ألطالبنؾ بعفوؾ، ولئف طالبتني (: )عميو السبلـ)يقوؿ اإلماـ
(.…بمؤمي ألطالبنؾ بكرمؾوالفضائؿ النفسية أكثر ما ورد مف أدعية في الصحيفة يصمح برامج لؤلخبلؽ الروحية وآداب السموؾ
.التي يسمو بيا اإلنساف عف معالـ المادةالميـ وامزج (: )عميو السبلـ)احتوت عمى حقائؽ عممية لـ تكف معروفة في عصره، نذكر منيا قولو
(.…مياىيـ بالوباء وأطعمتيـ باألدواء__________
.-الصحيفة الخامسة السجادية، ص( )
إلى حقيقة عممية اكتشفت في العصور األخيرة، وىي أف جرائيـ الوباء ( ـعميو السبل)لقد أشار ىنا إنما تأتي عف طريؽ الماء، فيو الذي يتموث بجراثيميا كما أف جراثيـ ىذا الوباء ( الكوليرا)المعروفة بػ
ة لـ ىذه الحقيق. تنتقؿ إلى األطعمة فإذا أكميا اإلنساف وىي مموثة بتمؾ الجراثيـ فإنو يصاب بيذا الداء .تعرؼ إال في ىذا العصر
إنيا تمثؿ فمسفة الدعاء الذي ىو معراج المؤمف إلى اهلل والبالغ بو إلى أرقى مراتب الكماؿ، إذ ليس شيء في ىذه الحياة ما ىو أسمى مف االتصاؿ باهلل تعالى خالؽ الكوف، وواىب الحياة إلى النفوس الحائرة
ؿ بعد القنوط أف الدعاء الخالص ليسمو باإلنساف إلى عالـ التي تشعر بالطمأنينة بعد القمؽ، وباألم .الممكوت
تعتبر الصحيفة السجادية ثورة عمى الفساد واالنحبلؿ الذي كاف سائدا في ذلؾ العصر بسبب السياسة
129
فجاءت الصحيفة ثورة عمى الجمود والتخمؼ . األموية التي أشاعت المجوف والفساد والتحمؿ بيف المسمميف .ط في العصر األمويواالنحطا
فبل نجد كبلما عربيا بعد القرآف الكريـ ونيج . لقد بمغت أرقى مراتب الفصاحة والببلغة في المغة العربية (.عميو السبلـ)الببلغة ما ىو أبمغ وأفصح مف أدعية اإلماـ زيف العابديف
__________ ص.مجمة الببلغ العدد السادس مف السنة األولى، ( )
بالصحيفة السجادية، فقد واظب جميع وقد اىتمت األوساط اإلسبلمية وغير اإلسبلمية اىتماما بالغا العمماء المسمميف الصالحيف عمى الدعاء بيا في غمس الميؿ وفي وضح النيار متضرعيف بيا إلى اهلل
.تعالىنما تعدت إلى غيره مف شعوب العالـ فترجمت إلى أكثر المغات ولـ يقتصر عمى العالـ العربي فقط وا
.ارسية واأللمانية وغيرىااألجنبية، كالفرنسية واإلنكميزية والفومما يدؿ عمى مدى أىميتيا أف الخطاطيف في مختمؼ العصور اإلسبلمية انبروا إلى كتابتيا بخط أثري
كما عكؼ العمماء عمى . في منتيى الروعة وقد حفمت بيا الكثير مف خزائف المخطوطات اإلسبلميةيضاح مقاصدىا وشرحيا موا بيذه الميمة زاد عددىـ عمى السبعيف والعمماء الذيف قا. دراسة الصحيفة وا
في ( عميو السبلـ)فقد أطنب . األطناب واإليجاز حيث تدعو الحاجةومف مظاىر الروعة الببلغية فييا وصؼ الجنة وما فييا مف نعـ وترؼ، وقصور جميمة كؿ ذلؾ بسبب تشويؽ الناس إلييا وترغيبيـ
كما أطنب في التيويؿ مف النار وقساوة العذاب وذلؾ. بأعماؿ البر والخير ليفوزوا بنعيميابعادىـ عف ارتكاب المنكراتلزجر الناس عف اقتراؼ الموبقا . وىو بيذا يجاري أسموب القرآف الكريـ. ت وا
.وقد نص عمماء الببلغة عمى أف األطناب في ذلؾ مف أرقى مراتب الببلغة وأروع صورىا مف فوح القرآف وبوح فكره
131
…رسالة الحقوؽمواىب خيرة ونزعات إنيا كريمة ليفيـ اإلنساف نفسو وما فطرت عميو مف! وما أدراؾ ما رسالة الحقوؽ
ىي لعمري سجؿ المعرفة بكؿ أنواعيا الدينية والعممية والفمسفية تفيد جميع الناس في كسب . إنسانيةعموميـ ومعارفيـ وتقويـ أخبلقيـ وسموكيـ وتعمؿ عمى تطوير مجتمعيـ في سائر منازعيـ االجتماعية
لصالحة والطاقات ومشاعره وسموكو فتطمؽ روحو مف عقاب األوىاـ والترىات، وتوجو نفسو إلى األعماؿ االبناءة وكأنيا تربط ربطا محكما بيف نواميس الكوف الطبيعية ومنازع الفطرة البشرية في انسجاـ تاـ
.وتناسؽ كريـوال يخفى أف العمؿ برسالة الحقوؽ ييدي المسمـ المؤمف إلى عبادة اهلل متى توجو العبد إلى ربو سبحانو
(.ة إلى العروة الوثقى ال انفصاـ ليامشدود)وتعالى، فيي كما وصفيا الفقياء ورسالة الحقوؽ منارة مضيئة تيدي الفرد إلى الطريؽ القويـ فتوقظ ضميره وتحيي شعوره بالعقيدة
اإلسبلمية الواضحة التي ال غموض فييا وال تعقيد، كما أنيا تيدي الناس الذي يعمموف بيا إلى الخير ومات مف شتى األلواف واألجناس فتوطد العبلقات االجتماعية بينيـ العاـ سواء أكانوا شعوبا أـ دوال أـ حك
عمى أسس ثابتة ال تتأثر باألعراض الشخصية وال تكيؿ مع الرأي واليوى، وال غرو فيي مستقاة مف (.ال يأتيو الباطؿ مف بيف يديو وال مف خمفو)المنبع اإلليي األصيؿ مف كتاب اهلل الصامت الذي
رساالت ومصدر البطوالت ومميمة الحضارات تكوف لمحاكـ أساس عدلو في حكمو، رسالة الحقوؽ أـ ال. ولمعمؿ أساس صدقو في عممو، ولممسمـ طمأنينة وإليمانا، ولممؤمف بيجة ورضا ولؤلمة نورا وحقا وعدال وحسبيا قيمة وفخرا أف غارس بذرتيا ىو مف وحي الرسالة وعنصر الرحمة ومعدف العمـ والحكمة، مف
..سبللة أىؿ البيت الذيف أذىب اهلل عنيـ الرجس وطيرىـ تطييرا
الذي ال ينحصر في ىذه الرسالة فحسب فالمجاؿ متسع كثيرا لكؿ عالـ أراد أف يعب مف كثرة عممولقد ترؾ لئلنسانية تراثا خالدا وبحرا زاخرا . معارفو المختمفة ولكؿ باحث أحب أف يقتبس مف حكمو وأدبو
النفوس بعد موتيا بشتى العمـو والمعارؼ التي تفيد اإلنساف في دنياه وآخرتو، وىي أشبو بالغيث تحيي وتبعث عمى طاعة اهلل والبعد عف معصيتو؛ وبمقدار ما يبمغ اإلنساف مف عمـو اإلماـ زيف العابديف يبمغ
131
.حدا بعيدا مف العظمة مع الخالديف :روى أبو حمزة الثمالي قاؿ
فقاؿ( عميو السبلـ)دخؿ قاض مف قضاة أىؿ الكوفة عمى عمي بف الحسيف )وجيمنا بينيـ وبيف القرى التي باركنا فييا قرى } : أخبرني عف قوؿ اهلل عز وجؿ! داؾجعمني اهلل ف: لو
ما يقوؿ الناس فييا (: عميو السبلـ)، قاؿ لو { ظاىرة وقدرنا فييا السير سيروا فييا ليالي وأياما آمنيف : فما ىو؟ قاؿ: ؿوىؿ رأيت السرؽ في موضع أكثر منو بمكة؟ قا: فقاؿ. إنيا مكة: يقولوف: قبمكـ؟ قاؿ
وكأيف مف قرية } : أو ما تسمع إلى قولو عز وجؿ: وأيف ذلؾ في كتاب اهلل؟ فقاؿ: إنما عنى الرجاؿ، قاؿواسأؿ القرية التي كنا فييا والعير } : وقاؿ{ وتمؾ القرى أىمكناىـ } : وقاؿ{ عتت عف أمر ربيا ورسمو
! جعمت فداؾ: وتبل عميو آيات بيذا المعنى قاؿ: ير؟ قاؿأفيسأؿ القرية أو الرجاؿ أو الع{ التي أقبمنا فييا آمنيف مف : قاؿ{ سيروا فييا ليالي وأياما آمنيف } : أو ما تسمع إلى قولو: نحف ىـ، فقاؿ: فمف ىـ؟ قاؿ
(.()الزيغ__________
.،صاالحتجاج، ج( )
وأىؿ التقى والديف جاىدوا في اهلل حؽ فاهلل سبحانو أعمـ أيف يضع رسالتو فأىؿ البيت أىؿ العمـ والمعرفة .جياده وعمموا عمى نشر العمـو الدينية واألدبية والفمسفية والعممية بكؿ ما زودىـ سبحانو بيا مف طاقات .واإلماـ السجاد ورث العمـ بكؿ أنواعو وألوانو عف أبيو وجديو فحفظ كتاب اهلل وتفقو فيو وعمؿ عمى نشره
اشترى مف المؤمنيف أنفسيـ وأمواليـ بأف ليـ الجنة يقاتموف في سبيؿ اهلل فيقتموف ويقتموف وعدا عميو حقا ي التوراة واإلنجيؿ والقرآف ومف أوفى بعيده مف اهلل فاستبشروا ببيعكـ الذي بايعتـ بو وذلؾ ىو الفوز ف
إذا رأينا ىؤالء الذي ىذه صفتيـ فالجياد معيـ أفضؿ مف : فقاؿ عمي بف الحسيف[ :التوبة]{ العظيـ (.الحج
عميو )سكوت أييما أفضؿ؟ فقاؿ سئؿ اإلماـ زيف العابديف عف الكبلـ وال: )وجاء في المصدر نفسووكيؼ ذلؾ يا : قيؿ. لكؿ واحد منيما آفات، فإذا سمما مف اآلفات، فالكبلـ أفضؿ مف السكوت(: السبلـ
ألف اهلل عز وجؿ ما بعث األنبياء واألوصياء بالسكوت، وال استوجب والية اهلل : ابف رسوؿ اهلل؟ قاؿسخط اهلل بالسكوت إنما ذلؾ كمو بالكبلـ وما كنت بالسكوت، وال توقيت النار بالسكوت، وال تجنب
(.()ألعدؿ القمر بالشمس إنؾ تصؼ فضؿ السكوت بالكبلـ ولست تصؼ فضؿ الكبلـ بالسكوتفكانت ىذه الدرر الثمينة، رسالة الحقوؽ التي رسـ فييا معالـ الشخصية ( عميو السبلـ)وتكمـ اإلماـ
132
… حقوؽ الجوارح مف المساف والسمع والبصر واليد والرجؿ الصالحة التي ينشدىا اإلسبلـ لقد وضعتإلى حقوؽ األرحاـ مف األب واألـ … إلى حقوؽ المعمـ والسمطاف والمالؾ… إلى الصبلة والصـو والحج
…واألخ__________
.المصدر السابؽ، ص( )
ؿ في تأديتيا لنعالج عمى كما رسمت أيضا حقوؽ أىؿ اإلسبلـ وأىؿ الذمة وطمب إلينا حؽ رعايتيا والعملقد أرادنا عناصر … ضوئيا مشاكمنا الخاصة والعامة وما يعتور طريقنا مف ىفوات وأخطاء وتقصير
عميو )وقد كتب ىذه الرسالة الذىبية . إنسانية صالحة تحب الخير لمجميع وتعمؿ بو وتنبذ الشر وتتجنبوبير ثقة اإلسبلـ ثابت بف أبي صفية، المعروؼ وأتحؼ بيا بعض أصحابو، وقد رواىا العالـ الك( السبلـ
خماد الثورات بالماؿ ينثره عمى الناس فينشغموف بو عنو لؾ ما مف ذ. وكثيرا ما كاف يرد أذى األحزاب وا فاحتاؿ في استحضاره إلى ديوانو وقتمو . فعمو مع جماعة عمرو بف سعيد األشدؽ لما طمع بالشاـ دونو
غدرا، ولما عمـ أصحابو بمقتمو تجميروا حوؿ دار الخبلفة مطالبيف بدـ زعيميـ، خاؼ عبد الممؾ العاقبة
133
بد العزيز ذلؾ، وجعؿ يمقي فأمر أف يرمى برأس عمرو إلى الناس ومعو الماؿ الكثير، فنفذ ابنو ع (.)فمما رأى الناس الرأس واألمواؿ انشغموا باألمواؿ وتفرقوا. باألمواؿ عمى الجماىير المحتشدة
لقد استخدموا الماؿ والنساء وبذلوا عمى تمؾ المجالس والميالي الساىرة بسخاء، ولـ يكف يدعوىـ إلى ىذا السموؾ المنحرؼ واالستيتار
نما كاف ىدفيـ مف وراء ذلؾ إماتة الروح اإلسبلمية الصحيحة في نفوس الفاضح حبيـ لممذا تيـ فقط، وا الناس ليبعدىـ عف الديف اإلسبلمي وعف رسالة األنبياء المرسميف فبل ييميـ بعد ىذا أمر الخبلفة والمطالبة برفع الظمـ واالستيتار فالماؿ ميسور أماـ فراغ الشباب والجواري ودور الميسر منتشرة
.تستيوييـ لمتميي وقتؿ الوقت ىدرا لقد ىيأوا األذىاف أيضا إلى قبوؿ الرأي القائؿ بأف الخبلفة ليست إال ممكا كالقيصرية والكسروية، وأف اهلل
.تعالى لـ ينص عمى إماـ بعينو كما يرى كثير مف المسمميف__________
.نفسو، ص( )
ماـ السجاد أف يداوي ىذه النفوس لتتخمص مف أمراضيا في وسط ىذا المجتمع المريض كاف ال بد لئلوتعرؼ حدودىا وترجع إلى األخبلؽ اإلسبلمية السامية التي تعيد لؤلمة تعاليـ اإلسبلـ القومية والسممية التي كاد األمويوف أف يقضوا عمى معظميا بأعماليـ الباطمة وآرائيـ الفاسدة وتصرفاتيـ التي ال تميؽ
األمـ تعرؼ مكانتيا السامية بيف الدوؿ المتحضرة أجؿ لقد تفسخت األخبلؽ وتردت بأمة مرموقة بيف حتى أصبحت تيدد بخطر عظيـ األمر الذي دعا الغيارى عمى الديف أف ييتموا االىتماـ الكبير لصد
ىذا التيار الجارؼ، ومف أحرى بأىؿ البيت الذيف اختارىـ سبحانو وتعالى لردع الظمـ عف أعناؽ :قاؿ محمد صادؽ الصدر. فيف، وىداية الناس إلى الحياة الحرة الكريمةالمستضع
لدوافع التي دفعت اإلماـ السجاد إلى كتابة ىذه الرسالة الخالدة ونشرىا فيي دوافع إنسانية أممتيا أما القد تعمـ مف أبيو . عميو الظروؼ السياسية والتدىور األخبلقي والفساد المستشري في البنية الحاكمة
نما ليصمح رسالة جدهال أشرا وال بطرا و )سيد الشيداء الذي خرج ( عميو السبلـ)اإلماـ الحسيف النبي ( ا (.صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)المصطفى
:وىذا عرض موجز لمحقوؽ (:حؽ اهلل)أوؿ ىذه الحقوؽ التي بمغت خمسيف حقا
فأما حؽ اهلل األكبر عميؾ فإنؾ تعبده ال تشرؾ بو شيئا، فإف فعمت ذلؾ (: )عميو السبلـ)قاؿ اإلماـ (.كفيؾ أمر الدنيا واآلخرة، ويحفظ لؾ ما تحب منيمابإخبلص جعؿ لؾ عمى نفسو أف ي
إف مف أعظـ حقوؽ اهلل تعالى عمى عباده أف يعبدوه بإخبلص، وال يشركوا بعبادتو أحدا، ال إلو إال اهلل محمد رسوؿ اهلل، الرفض المطمؽ لكؿ األلية التي صنعتيا األيدي البشرية والعقوؿ الضالة، وبمقدار ىذا
وجو لئلثبات، فاهلل واحد أحد في ذاتو، واحد أحد في صفاتو،الرفض يتأكد الت .{ ليس كمثمو شيء وىو المطيؼ الخبير } : واحد أحد في خصائصو
التوحيد باهلل وعدـ الشرؾ بو أساس مف األسس التي ال تقبؿ المساومة وقد حسـ القرآف الكريـ ىذه (.){ إف اهلل ال يغفر أف يشرؾ بو وغفر ما دوف ذلؾ لمف يشاء } : القضية فقاؿ تعالى__________
.آؿ عمراف، اآلية( ) .النساء، اآلية ( )
135
واإلماـ زيف العابديف جعؿ في ىذه الرسالة أكبر حقوؽ اهلل عمى اإلنساف أف يعبده وال يشرؾ بو شيئا، وفي مقابؿ ىذه العبادة فإخبلص تكوف كفاية اهلل لو ألمري الدنيا واآلخرة، ففي الدنيا يشعر بالسعادة
حاب اهلل يفوز بالخمود األبدي ورضواف اهلل أكبر ما يتوؽ النفسية واالطمئناف القمبي في اآلخرة، وفي ر .إليو اإلنساف ويسعى مف أجمو
:حؽ النفس -مف عرؼ نفسو فقد عرؼ ربو–حقوؽ الجوارح لى سمعؾ حقو ) وأما حؽ نفسؾ عميؾ فأف تستوفييا في طاعة اهلل عز وجؿ فتؤدي إلى لسانؾ حقو وا
إلى إصبلح النفس البشرية إصبلحا ربانيا شامبل كي تؤدي دورىا ( عميو السبلـ)تركزت دعوة اإلماـ عانة عباد اهلل ألف منيا المنطؽ لعممية اإلصبلح الشاممة فمتى صمحت المطموب في طاعة اهلل تعالى وا
ألف يقؼ اإلنساف موقؼ الحذر ( عميو السبلـ)ولذا ورد الحث مف اإلماـ . غيرىا واستقاـالنفس صمح واليقظة، والمراقب والمحاسب يترصدىا في ميوليا وحركاتيا فيحاسبيا في كؿ خطوة مف خطواتيا ليحمميا
الشريؼ عندما وىذا ما عناه النبي األكـر في حديثو . عمى الحؽ في طاعة اهلل تعالى ويدفعيا نحو الخيرمرحبا بقـو (: صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)أرسؿ سرية مف الجيش إلى القتاؿ في سبيؿ اهلل، ولما رجعوا قاؿ
يا رسوؿ اهلل ما الجياد األكبر؟: فقيؿ. قضوا الجياد األصغر وبقي عمييـ الجياد األكبرومعنى جياد النفس أف يمزميا المرء . جياد النفس: الجياد األكبر(: صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)فقاؿ
بأحكاـ اإلسبلـ فبل ينحرؼ لميؿ أو ىوى وال يميؿ لمصمحة شخصية ذاتية عمى حساب الديف فيضعؼ وذكر اإلماـ أف لكؿ جارحة في . أماـ المحرمات، ويتياوف بترؾ الواجبات فيجعؿ لمشيطاف عمييا سبيبل
.بدف اإلنساف حقا عميو فبدأ بالمساف آلة النطؽ :حؽ المساف
جماعو إال لموضع ) وأما حؽ الساف فإكرامو عف الخنى، وتعويده عمى الخير، وحممو عمى األدب، وا عفاؤه عف الفضوؿ الشنعة القمية الفائدة التي ال يؤمف ضررىا مع قمة الحجة والمنفعة لمديف والدنيا، وا
ف سيرتو في لسانو، وال قوة إال باهلل عائدتيا وبعد شاىد العقؿ والدليؿ عميو، وتزيف العاقؿ بعقمو وحس (.العمي العظيـ
مف المعروؼ أف المساف آلة النطؽ والمترجـ عف العقؿ ىو مف أىـ الجوارح في بدف اإلنساف، كما أنو مف أخطرىا عمى حياتو، سبلح ذو حديف، بأحدىما نساىـ في توفير السعادة لنا ولمجتمعنا وباآلخر
ألـ تر كيؼ ضرب اهلل مثبل كممة طيبة كشجرة طيبة أصميا ثابت وفرعيا في السماء تؤتي أكميا كؿ } ومثؿ كممة خبيثة كشجرة خبيثة احتثت مف . حيف بإذف ربيا ويضرب اهلل األمثاؿ لمناس لعميـ يتذكروف
ت اهلل الذيف آمنوا بالقوؿ الثابت في الحياة الدنيا وفي اآلخرة، ويضؿ اهلل فوؽ األرض ما ليا مف قرار، يثب (.){ الظالميف ويفعؿ اهلل ما يشاء
لزامو بمراعة األمور التالية ليعزز ( عميو السبلـ)لقد دعا اإلماـ الحكيـ اإلنساف إلى السيطرة عمى لسانو وا :مكانتو ويرفع مف شأنو
.ألنيا توجب ميانة اإلنساف -اءأي الفحش–البعد عف الخنى .حممة عمى التكمـ بالكبلـ الطيب الذي يرفع إلى اهلل تعالى
.إمساكو عف الكبلـ إال لموضع الحاجة مف أمور الديف والدنيا -ج .تعويده عمى مقالة الخير وما ينفع الناس -د .رإبعاده عف الخوض في فضوؿ القوؿ الذي ال يعود عميو وعمى الناس بالخي -ىػ
__________ .-إبراىيـ، اآلية ( )
قوؿ معروؼ ومغفرة خير مف صدقة يتبعيا أذى واهلل } : والكممة الطيبة في اإلسبلـ صدقة، قاؿ تعالى (.){ غني حميـ :حؽ السمع
وأما حؽ السمع فتنزييو عف أف تجعمو طريقا إلى قمبؾ إال لفوىة)كريما، فإنو باب الكبلـ إلى القمب، يؤدي إليو ضروب كريمة تحدث في قمبؾ خيرا، أو تكسب خمقا
(.…المعاني عمى ما فييا مف خير أو شر وال قوة إال باهللجياز السمع ىو التركيب البديع لئلنساف أبدعيا اهلل تعالى كي يصؿ بيا إلى مرضاتو فيسمع بيا
مات إلى الدماغ فيبذؿ كياف إنيا الجياز الذي ينقؿ المعمو . المسموح وكؿ ما يصمح النفس وييذبيااإلنساف ويحولو مف حالة إلى حالة فإذا سمع فكرة رسالية قيمة وتفاعؿ معيا تحولو إلى إنساف صالح
أما إذا سمع فكرة ىدامة مموثة باإللحاد فقد تحولو إلى مجـر يعمؿ المحرمات . يحب الخير ويعمؿ بوفسديف في األرض منعيا اإلسبلـ وحرميا ألنيا فمجالس االنحبلؿ الخمقي والم. دوف أي رادع أو وازع
ولذا نيى اهلل عف ذلؾ بقولو . ستنقؿ إلى القمب عف طريؽ األذف ما يفسد خمؽ اإلنساف ويجره إلى الياويةوقد نزؿ عميكـ في الكتاب أف إذا سمعتـ آيات اهلل يكفر بيا ويستيزأ بيا فبل تقعدوا حتى } : تعالى
137
(.){ ذا مثميـ إف اهلل جامع المنافقيف والكافريف في جينـ جميعا يخوضوا في حديث غيره إنكـ إربنا إننا سمعنا مناديا : كما أف اهلل مدح الذيف يستمعوف إلى دعاة الخير والمحبة واإليماف قاؿ تعالى
(.){ … ينادي لئليماف أف آمنوا بربكـ فآمناؿ الحقيقة ميما كانت قاسية ومرة مف أي إنساف فعمينا جميعا أف نصغي إلى كممة الحؽ ونعمؿ بيا ونقب
وأف نجعؿ الجياز السمعي بريدا صالحا لنقؿ اآلداب الكريمة والفضائؿ الحسنة والمزايا. وفي أي زماف .الحميدة لتكوف مف صفاتنا وخصائصنا
وأما حؽ بصرؾ فغضو عما ال يحؿ لؾ، وترؾ ابتذالو إال لموضع عبرة تستقبؿ بيا بصرا أو تستفيد بيا ) .{ عمما فإف البصر باب االعتبار
إف لمبصر حقا عمى اإلنساف، وىو حجة عمى النظر إلى ما حرمو اهلل الذي ىو مفتاح الولوج في اقتراؼ .بصره عما ال يحؿ لواآلثاـ، فينبغي لممسمـ أف يغض
قاؿ . واإلنساف مسؤوؿ أماـ الباري عز وجؿ عف بصره إذا انطمؽ في غير رحابو وحدوده المسموح بيا (.){ إف السمع والبصر والفؤاد كؿ أولئؾ كاف عنو مسؤوال } : تعالى
ماضيف وتأمؿ والفائدة التي يستفيدىا اإلنساف مف نعمة البصر يعود إليو بالذات فإذا نظر إلى آثار الكيؼ كانت معيشتيـ وأحواليـ وأخذ مف ذلؾ كمو العبرة والعظة يكوف نظره نعمة لو يستفيد منيا في
.تصحيح مساره في الداريف الدنيا واآلخرةأما إذا استعمؿ بصره في الحراـ والمنكرات فإف اإلسبلـ يعد ذلؾ خيانة ليذه األمانة وانحرافا عف الخط
فينبغي . أورثت صاحبيا حسرة دائمة ألنيا استعممت في غير المجاؿ المسموح بيا السميـ، فكـ مف نظرة. لممسمـ أف يغض بصره عما ال يحؿ لو وعميو أف يستفيد ببصره عمما ييذب بو نفسو، وينفع بو مجتمعو
. والمؤمنوف يعرفوف أف ىذه األرجؿ ستشيد عمييـ يـو الحساب إذا انحرفوا عف الخط اإلسبلمي السميـ (.){ اليـو نختـ عمى أفواىيـ وتكممنا أيدييـ وتشيد أرجميـ بما كانوا يكسبوف : قاؿ تعالى
.ا عف معاصي اهللفينيئا لمف عرؼ مواقع أقدامو أيف تقع فاختار ليا طاعة اهلل وابتعد بي :حؽ اليديف
وأما حؽ يدؿ فأف ال تبسطيا إلى ما ال يحؿ لؾ، فتناؿ بما تبسطيا إليو مف اهلل العقوبة في اآلجؿ ومف )الناس بمساف البلئمة في العاجؿ وال تقبضيا مما افترض اهلل عمييا ولكف توقرىا بقبضيا عف كثير مما ال
يا، فإذا ىي قد عقمت وشرفت في العاجؿ ووجب ليا حسف يحؿ ليا، وبسطيا إلى كثير مما ليس عمي (.…الثواب مف اهلل في اآلجؿ
لميديف وما عمييما مف حقوؽ، فمف حقيا أف ال يبسطيما في ما حرمو اهلل ( عميو السبلـ)وعرض اإلماـ ده أمواؿ الغير سمي عند اهلل والناس سارقا ويترتب عميو آثار الفعؿ الشنيع فيقاـ فمف امتدت ي. تعالى
.عميو الحد في تشريع اهلل وتأخذه أعيف الناس باالزدراء والتصغير ألنو وسـ بميسـ السارؽ الوضيعوليس . لمثؿومف امتدت يده إلى أجساد الغير اعتداء منو واعتداء بقوتو يؤدب في قانوف اإلسبلـ المثؿ با
في قانوف اإلسبلـ التسمط عمى الضعفاء فالكؿ سواسية أماـ العدالة اإلسبلمية وصاحب الحؽ ىو سيد الموقؼ فاليد يجب أف تكوف في إطار المحدد ليا وىذا ما بينو اإلماـ في رسالتو الخالدة، حيث يعاقب
يد جعؿ ليا حقا أف ال تبسط إلى ما المعتدي مف اهلل في اآلجؿ ومف الناس بالبلئمة في العاجؿ، وىذه ال ال يحؿ ليا وال يجوز
.ليا أف تقبض عف إعطاء الحؽ إلى أصحابو وال تقـو بمساعدة المساكيف وقضاء حاجة المحتاجيفالميـ ساعدني لتكوف يدي أمنية عفيفة في الدنيا ال تيمؿ ما عمييا مف الواجبات لتناؿ شرؼ العاجؿ
.ةوثواب اآلجؿ في الدار اآلخر :حؽ البطف
وأما حؽ بطنؾ فأف ال تجعمو وعاء لقميؿ، وال لكثير، وأف تقتصد لو في الحبلؿ، وال تخرجو مف حد )التقوية إلى حد التيويف، وذىاب المروءة، وضبطو إذا ىـ بالجوع والظمأ فإف الشبع المنتيي بصاحبو إلى
، وأف الري ال منتيي بصاحبو إلى السكر مسخفة التخـ مكسمة، ومثبطة، ومقطعة عف كؿ بر وكـر (...()ومجيمة ومذىبة لممروة
:في ىذه الفقرات بحقوؽ البطف عمى اإلنساف وىي عديدة منيا( عميو السبلـ)يدلي اإلماـ أف ال نجعؿ البطف وعاء لمحراـ فنتعدى بماؿ مغصوب حراـ وما ينتج عف ذلؾ مف مضاعفات سيئة مما
.ريؽ القويـيؤدي بنا إلى االنحراؼ عف الط__________
ما : مثبطة. ما يدعو إلى الكسؿ:المكسمة. ثقؿ تسببو كثرة األكؿ: والتخمة. اعتدؿ: اقتصد في األمر( ) .يعوؽ ويشغؿ
االعتداؿ في األكؿ وعدـ اإلسراؼ في تناوؿ العديد مف المآكؿ الدسمة والمتنوعة حتى اإلصابة بالتخمة، لطعاـ الحبلؿ، ألف التخمة تسبب اإلصابة بالكسؿ واالبتعاد عف البر فعمى المسمـ االقتصاد في تناوؿ ا
؛ كما أنيا تعطؿ جميع القوى العقيمة، باإلضافة إلى ما تحدثو مف أضرار صحية كاإلصابة بضغط والكـر .الدـ والسمنة ومرض السكر وغير ذلؾ مف األمراض األخرى
.ؿ يبيحيا لممسمميف دوف إفراط وال تبذيرواإلسبلـ لـ يحـر الطيبات إذا كانت مف باب الحبلؿ بإف شيوة البطف إذا أرسؿ ليا العناف فإنيا تقود صاحبيا إلى ارتكاب الموبقات وتفتح أمامو شيوة الجنس
141
والسبؽ وىاتاف الشيوتاف الطعاـ والجنس يستتبعيا الرغبة في تحصيؿ الماؿ والبحث عنو بشتى الطرؽ .لحبلؿدوف االلتفات إلى الحراـ منو أو ا
وندرؾ األبعاد . مف ىنا نستطيع أف نقدر حكمة الصـو التي بينيا اإلسبلـ عمى لساف األئمة المعصوميفالحقيقية التي تجعؿ الصائـ رقيؽ الشعور مرىؼ الحس تجاه الفقراء والمعوزيف فيخفؼ عنيـ آالميـ
.ويغدؽ عمييـ مف يده الكريمة ال يريد منيـ ال جزاء وال شكورا لمسمـ ال ييتـ بطعامو إال ليقوى بو عمى الحياة والعمؿ في خدمة نفسو وخدمة عباد اهلل ونشر ثـ إف ا
أما الممحد أو الكافر ال ييمو سوى بطنو وما يتغذى بو مف . العدؿ والحكمة في التوجو إلى اهلل تعالىإف اهلل يدخؿ الذيف } : ولذلؾ نرى كيؼ ذـ اهلل الكافريف وشبييـ باألنعاـ قاؿ تعالى. أشيى المأكوالت
و أف واإلسبلـ أحؿ لئلنساف الكثير مف الطيبات وحـر عميو الخبائث ووضع لو حدودا مرسومة ال يجوز لخبللو بالروح . يتعداىا والذي حرمو اإلسبلـ مف األطعمة واألشربة فإنما حرمو أما لخبثو أو إلفساده وا
اإلنسانية فأكؿ الميتة ولحـ الخنزير وشرب الخمر وأنواع المسكرات والمخدرات كميا مف المحرمات التي .تتفزز النفس منيا لما تجر عمى صاحبيا مف الضرر والميانة
:جحؽ الفر وأما حؽ فرجؾ فحفظو مما ال يحؿ لؾ، واالستعانة عميو بغض البصر، فإنو مف أعواف األعواف، وكثرة )
(.…ذكر الموت، والتيدد لنفسؾ باهلل، والتخويؼ ليا بو، وباهلل العصمة والتأييد، وال حوؿ وال قوة إال بوس مف اقتراؼ الزنا والفحشاء، الحياة الجنسية في اإلسبلـ تتركز عمى العفة والفضيمة، وصيانة النف
غض البصر عف المحاـر ألف النظر ىو العامؿ األوؿ لموقوع في الحراـ، وقد عبروا عنو في بعض .العيفاألخبار بزنى
اإلكثار مف ذكر الموت، ذلؾ أنو يزىد اإلنساف في طمب الممذات ويطفئ مف جذوتو حب الشيوات، كما .أف ذكر الموت يقضي عمى ىيجاف الشيوة الجنسية
.التخويؼ مف عقاب اهلل العظيـ فإنو مف عوامؿ القضاء عمى جريمة الزنا -جذلؾ يفوت الكثير مف المنافع التي ال يمكف تحقيقيا واإلسبلـ ال يريد القضاء عمى الشيوة الجنسية ألف
141
بدونيا فإذا ماتت غريزة الجنس في اإلنساف انقرضت السبللة البشرية وانعداـ الوجود اإلنساني وانتيى .دور اإلنساف كخميفة اهلل عمى األرض عمارة ورقيا وحضارة
العتداؿ إذا أرادت الخروج عما لكف اإلسبلـ يعمد إلى تيذيب ىذه الشيوة وضبطيا وردىا إلى حد ا .وضعت مف أجمو، وقد تبمغ ذروتيا في سف المراىقة
إف العبلقة غير الشرعية بيف الرجؿ والمرأة منعيا اإلسبلـ وعاقب
عمييا كما حاربت ىذه العبلقة كؿ األدياف وعدتيا مف أكبر الخطايا وأعظميا لما في ىذا التعدي مف .مى الفرد وعمى المجتمعظمـ وما لو مف انعكاسات سيئة ع
ينكح إال زانية أو مشركة والزانية ال ينكحيا إال زاف أو الزاني ال} : وقاؿ تعالى أيضا (. ){ وساء سبيبل (.){ مشرؾ وحـر ذلؾ عمى المؤمنيف
ولما كاف الزنى مف المحرمات فقد فتح اإلسبلـ أماـ اإلنساف سبيبل شرعيا محببا رغب فيو ودعا إليو أساسو وينشأ منو أسرة المسمميف إلى ممارستو أال وىو الزواج الشرعي الذي يمتقي الرجؿ والمرأة عمى
فالمسمـ مطالب . شرعية طاىرة وىذا أشرؼ حؿ جعمو اإلسبلـ مف أجؿ القضاء عمى الرذيمة واالنحراؼأماـ اهلل وأماـ الناس بحفظ فرجو عما ال يحؿ لو وقد مدح اهلل الحافظيف لفروجيـ وقرنيـ بالمسمميف
يدي اهلل، فإذا عممت ذلؾ كنت خميقا فأما حؽ الصبلة فأف تعمـ أنيا وفادة إلى اهلل، وأنؾ قائـ بيا بيف )أف تقـو فييا مقاـ الذليؿ، الراغب، الراىب، الخائؼ، الراجي، المسكيف، المتضرع، المعظـ مف كاف بيف يديو، بالسكوف واإلطراؽ وخشوع األطراؼ، وليف الجناح، وحسف المناجاة لو في نفسو، والطمب إليو في
..(.ستيمكتيا ذنوبؾ وال قوة إال باهللفكاؾ رقبتؾ التي أحاطت بو خطيئتؾ، واىذه صورة الصبلة كما يريدىا اهلل وكما يحب أف يكوف عمييا صاحبيا، صورة العبد الكادح إلى ربو،
صورة توحي بعظمة . الوافد عميو، صورة اإلنساف الضعيؼ الصغير، يقؼ بيف يدي اهلل العزيز الكبيرإنيا لقاء الشوؽ والمحبة يعترؼ المصمي لخالؽ . وع والخشوعالباري عز وجؿ فييا التوبة واإلنابة والخض
وأما حؽ الصـو فأف تعمـ أنو حجاب ضربو اهلل عمى لسانؾ وسمعؾ وبصرؾ وفرجؾ وبطنؾ ليسترؾ بو )فإف سكنت أطرافؾ في حجبيا رجوت أف ( ()الصـو جنة مف النار)نار وىكذا جاء في الحديث مف ال
ف أنت تركتيا تضطرب في حجابيا وترفع جنبات الحجاب، فتطمع عمى ما ليس ليا تكوف محجوبا وا و، وال قوة بالنظرة الداعية لمشيوة والقوة الخارجة عف حد التقية هلل، لـ تأمف أف تخرؽ الحجاب، وتخرج من
..(.إال باهللالصـو ىو مف العبادات الميمة في اإلسبلـ، ىو رياضة روحية يتجرد اإلنساف فيو مف كؿ شيوات الدنيا
.ليحمؽ في أجواء مف الصفاء والروحانيةتتجسد في الصـو المساواة بيف جميع المسمميف يجمعيـ شير رمضاف المبارؾ ويوحد نفوسيـ
. االمتناع عف الطعاـ والشراب فحسب بؿ ىناؾ وراء ذلؾ ما ىو أعمؽ وأدؽومشاعرىـ، وىو ال يعني فعمى الصائـ أف يمسؾ لسانو عف الكذب وقو الباطؿ، ويمسؾ سمعو عف سماع الغيبة، وفرجو مما ال
143
أما . مف النار ومنجى مف عذاب اهلل وعقابو( جنة)يحؿ لو، وبطنو عف تناوؿ الحراـ، وبيذا يكوف الصـو ىذه الجوارح واألعضاء وظائفيا الشرعية وانحرفت عف خطيا السوي فإنيا توصؿ بصاحبيا إذا تعدت
.إلى ما ال تحمد عقباه :حؽ الصدقة
وأما حؽ الصدقة فأف تعمـ أنيا ذخرؾ عند ربؾ، ووديعتؾ التي ال)ت جديرا تحتاج إلى األشياد، فإذا عممت ذلؾ، كنت بما استودعتو سرا أوثؽ بما استودعتو عبلنية، وكن
أف تكوف أسررت إليو أمرا أعمنتو وكاف األمر بينؾ وبينو فييا سرا عمى كؿ حاؿ، ولـ تستظير عميو فيما استودعتو منيا بأشياد األسماع واألبصار عميو بيا كأنيا أوثؽ في نفسؾ ال كأنؾ ال تثؽ بو في تأدية
.وديعتؾ إليوبيا لـ تأمف أف تكوف مثؿ تيجيف حالؾ منيا إلى مف ثـ لـ تمنف بيا عمى أحد ألنيا لؾ فإذا امتننت
مننت بيا عميو ألف ذلؾ دليبل عمى أنؾ لـ ترد نفسؾ بيا ولو أردت نفسؾ بيا لـ تمتف بيا عمى أحد وال ..(.قوة إال باهلل
__________ .أي وقاية مف النار: جنة( )
إذا عاش مع الناس بحاجاتيـ وقضاياىـ لقد رغب اإلسبلـ بكؿ الصدقات واليبات والتبرعات والمسمـ والعطاء إذا خرج عف نفس طيبة يتحسس . وتفاعؿ معيـ عاطفيا وعمميا سوؼ يتحوؿ إلى عنصر عطاء
بآالـ الناس وينفس عنيـ كربتيـ ويرفع عنيـ عوزىـ سوؼ يتحوؿ العمؿ إلى عبادة تعادؿ الصبلة .والصـو
عند اهلل لممتصدؽ وىو إنما يقدميا لنفسو، فإنو يجدىا لذلؾ أكد اإلماـ عمى الصدقة واعتبرىا ذخرا عمى ضرورة إعطاء الصدقة في ( عميو السبلـ)كما أكد اإلماـ . حاضرة يـو ال ينفع فيو ال ماؿ وال بنوف
السر، وأف تكوف خالية مف المف ألف ثوابيا يعود عمى منفقيا وال يضيع عند اهلل تعالى وىي ال تحتاج إلى الوثائؽ وكمما كانت سرا كانت أكثر ثوابا وأبعد عف الظيور والكبرياء، أما إذا إلى األشياد وال
أعطيت جيارا وأماـ المؤل مف الناس فإنيا تخرج عف ىدفيا المحدد ليا وىو التوجو نحو اهلل والتماس ال أذى ليـ أجرىـ الذيف ينفقوف أمواليـ في سبيؿ اهلل ثـ ال يتبعوف ما أنفقوا منا و } : قاؿ تعالى. رضاه
(.){ عند ربيـ وال خوؼ عمييـ وال ىـ يحزنوف يعوؿ مائة بيت في يثرب، وىـ ال يعمموف ( عميو السبلـ)ونظرا ألىمية الصدقة في السر فقد مكاف اإلماـ
.مف ىو الذي يعيميـ :حؽ اليدي
144
تريد عيوف الناظريف دونو، وأما حؽ اليدي فأف تخمص بيا اإلرادة إلى ربؾ والتعرض لرحمتو وقبولو وال)فإذا كنت كذلؾ لـ تكف متكمفا وال متصنعا وكنت إنما تقصد إلى اهلل واعمـ أف اهلل يراد باليسير وال يراد
ألف الكمفة ( )بالعسير كما أراد يخمقو التيسير، ولـ يرد بيـ التعسير، وكذلؾ التذلؿ أولى بؾ مف التدىقفلتذلؿ والتمسكف فبل كمفة فييما، وال مؤونة عمييما، ألنيما الخمقة، وىما والمؤونة في المتدىقنيف، فأما ا
(.…موجوداف في الطبيعة وال قوة إال باهلل__________
.البقرة، اآلية ( ) .التكبر والنجبر: التدىقف( )
مف اليدي مف فريضة الحج تمتاز بطابعيا السياسي العبادي وىو ما يذبحو حجاج بيت اهلل الحراـ عمى أف يكوف خالصا لوجو اهلل تعالى غير ( عميو السبلـ)األنعاـ في مكة أو في منى وقد أكد اإلماـ
مشفوع بأي سبب آخر ومظاىر فاسدة كالرياء وطمب السمعة ألف اهلل تعالى يتقرب إليو باليسير مف .األعماؿ ال بالعسير وبالتذلؿ ال بالتكبر
لو فتنة، وأنو ابتمى فيؾ، بما جعمو اهلل لو عميؾ مف فأما حؽ سائسؾ بالسمطاف فأف تعمـ أنؾ جعمت)وقد بسطت يده عميؾ فتكوف سبب ىبلؾ ( )السمطاف، وأف تخمص لو في النصيحة، وأف ال تماحكو
الناس بوحي اهلل المتجسد فيروب وفتح الببلد ونظـ الجيش وحكـ القرآف والسنة وكاف الحاكـ المطمؽ الذي نفذ ىذه األحكاـ فأعمف الح
وألنو كاف يعمـ أف اهلل سبحانو سيختاره إلى جواره . في الحدود وىكذا كانت السمطة بيده وال يجوز مخالفتوكما اختار األنبياء مف قبمو أبمغ األمة عف الخميفة بعده وعينو باسمو وأشار إليو بأوصافو فكاف اإلماـ
. نص عميو صريحا بأمر مكف اهلل في حديث المنزلة وحديث الدار( ـعميو السبل)عمي بف أبي طالب (...()وما محمد إال رسوؿ قد خمت مف قبمو الرسؿ أفإف مات أو قتؿ انقمبتـ عمى أعقابكـ} : قاؿ تعالى
صمى اهلل عميو وآلو )في حديث الغدير الذي بمغو النبي ( عميو السبلـ)وقد تأكد حديث تعييف اإلماـ عمي لؤلمة في حجة الوداع ثـ تتابعت السمسمة الطاىرة مف أىؿ البيت فكانوا اثنا عشر إماما مع اإلماـ ( مـوس
آخرىـ اإلماـ الحجة محمد ابف الحسف العسكري الذي شاءت حكمة اهلل أف يغيب (. عمييـ السبلـ)عمي ف كاف حاضرا في األمصار فيو كاف الحاكـ وىناؾ شروط ومواصفات مف اجتمعت . عف األبصار وا :وأىـ ىذه الشروط. الذي يقـو في تدبير شؤوف األمة اإلسبلمية
و عمى نفسؾ في ما ال غنى بؾ عنو، بأف تفرغ لو عقمؾ، وتحضره فيمؾ، وتذكي لو قمبؾ، وتجمي لبصرؾ، بترؾ المذات ونقص الشيوات، وأف تعمـ أنؾ في ما ألقى إليؾ رسولو إلى مف لقيؾ مف أىؿ
.حسف االستماع لمحاضراتو واإلقباؿ عمييا بجدية واىتماـجبلء البصر ومف ذكاء القمب وا الطبيعي أف طالب العمـ إذا لـ يقبؿ عمى تفريغ العقؿ وتحضير الفيـ وا .معممو برغبة واىتماـ فإنو ال يستفيد في مدرستو أو جامعتو
. ترؾ المذات واالبتعاد عف الشيوات ألنيما شرطاف أساسياف في تحصيؿ العمـو عامة، والدينية خاصة
147
.فطالب المذات ال يحصؿ غالبا عمى شيء مف العمـوالعمـو والمعارؼ التي تمقاىا عف أستاذه ألف ذلؾ واجب شرعي عميو في عمى المتعمـ أف ينشر جميع
.استمرار رسالة العمـ ونشره بيف جميع الناسىذه األصوؿ التربوية التي دعا إلييا اإلماـ تمثؿ التربية السميمة التي يجب عمى طبلبنا اليـو االقتداء بيا
ة كؿ خير وصبلح وتعاليـ اإلسبلـ العظيـ الذي دخؿ إلى ألنيا تعاليـ عممائنا األبرار الذيف قدموا لمبشريالقمب والروح فقمب الموازيف وغير المفاىيـ الجاىمية ونقؿ الناس مف الظبلـ إلى النور فصاغيـ صياغة
.ربانية خالصة :حؽ المالؾ -
مؾ طاعتو وأما حؽ سائسؾ بالممؾ فنحو مف سائسؾ بالسمطاف إال أف ىذا يممؾ ما ال يممكو ذاؾ، تمز )في ما دؽ وجؿ منؾ إال أف تخرجؾ مف وجوب حؽ اهلل، ويحوؿ بينؾ وبيف حقو وحقوؽ الخمؽ، فإذا
..(.قضيتو رجعت إلى حقو، فتشاغمت بو، وال قوة إال باهللبالرؽ وعمموا كؿ ما لدييـ عمى فؾ رقاب العبيد، ولو أنيـ تولوا قيادة ( عمييـ السبلـ)اىتـ أىؿ البيت
. مباشرة لقضوا عمى الرؽ بشتى صوره ولـ يبؽ أي أثر لو( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)لنبي األمة بعد ا .تمشيا مع خط اإلسبلـ في تحبيذ العتؽ أعتؽ األلوؼ مف العبيد( عميو السبلـ)واإلماـ زيف العابديف
(.)أعتؽ مائة ألؼإنو : فيو يشتري العبيد ال لحاجة بو إلييـ ولكف ليعتقيـ، وقالوا: )قاؿ سيد األىؿعمى إنقاذ اإلنساف مف العبودية وعامؿ األرقاء كما يعامؿ أبناءه بالمطؼ ( عميو السبلـ)لقد عمؿ اإلماـ
إف لـ يكونوا إخوة : )والرحمة والميف فمـ يجعؿ الرؽ يحمؿ العبودية والذؿ، عمبل بقوؿ جده أمير المؤمنيف (.لؾ في الديف فيـ أسوة لؾ في الخمؽ
لى حؽ المالؾ عمى رقو، فأوجب طاعتو إال أف تدعو مواله إلى ‘( عميو السبلـ)رض اإلمامؾ وقد تع .معصية اهلل فبل طاعة لو
وأما حؽ رعيتؾ بالعمـ فأف تعمـ أف اهلل قد جعمؾ ليـ في ما آتاؾ مف العمـ، ووالؾ مف خزانة الحكمة )فإف أحسنت فيما والؾ اهلل مف ذلؾ، وقمت بو ليـ مقاـ الخازف الشفيؽ الناصح لمواله في عبده، الصابر
ي يديو، كنت راشدا، وكنت لذلؾ آمبل المحتسب الذي إذا رأى ذا حاجة أخرج لو مف األمواؿ التي فال كنت لو خائنا ولخمقو ظالما، ولسمبو عزه متعرضا (.معتقدا، وا
149
وقد رفع اهلل المؤمنيف . حث اإلسبلـ عمى العمـ ودعا إليو وأمر بطمبو ولو كاف في أبعد الببلد وأقصاىاالذيف أوتوا العمـ درجات واهلل بما تعمموف يرفع اهلل الذيف آمنوا منكـ و …} : قاؿ تعالى. والمتعمميف درجات
(.){ خبير ما أخذ اهلل عمى أىؿ الجيؿ أف يتعمموا حتى أخذ عمى أىؿ : )قاؿ( عميو السبلـ)وعف أمير المؤمنيف
فنشر العمـ أمر ضروري وواجب عمى المعمميف وذلؾ حتى يقضى عمى الجيؿ وتمنع (. العمـ أف يعمموا البدع
.وكما أخذ اهلل عمى الجاىؿ أف يتعمـ أخذ عمى العالـ أف يبذؿ عممو. الحياة وتستقيـ األمور فيإف اهلل سبحانو وتعالى بما أعطاؾ : يوجو حديثو إلى المعمـ فيقوؿ لو( عميو السبلـ)واإلماـ زيف العابديف
العمـ مف العمـ جعمؾ محط حاجة طبلبو فإف أحسنت فيما توليت وقمت بما يدعوؾ إليو الواجب مف نشر وبذلو لممتعمميف، فاهلل تعالى فيما رزؽ العمماء مف العمـ والحكمة، قد جعميـ خزنة عمييا، فإف بذلوه إلى
ال كانوا خائنيف وظالميف وتعرضوا لنقمة اهلل وسخطو .الناس فقد قاموا بواجبيـ وأدوا رسالتيـ وا :حؽ الممموكة أو حؽ رعيتؾ بممؾ النكاح
ف كاف حقؾ عمييا أغمظ، وطاعتؾ بيا ألـز فيما أحببت وكرىت، ما لـ تكف معصية، فإف ليا حؽ بيا، وا الرحمة، والمؤانسة، وموضع السكوف إلييا قضاء المذة التي ال بد مف قضائيا، وذلؾ عظيـ وال قوة إال
..(.باهللأوصى اإلسبلـ بالزواج الشرعي وحدد مواصفات المرأة ومواصفات الرجؿ كي يستمر الزواج ويعطي
وانكحوا األيامى منكـ والصالحيف مف عبادكـ } : قاؿ تعالى ففي مقاـ الدعوة إليو. ثماره التي يرغبيامائكـ إف يكونوا فقراء يغنييـ اهلل مف فضمو واهلل واسع عميـ (.){ وا
ومف آياتو أف خمؽ لكـ مف أنفسكـ أزواجا لتسكنوا إلييا وجعؿ بينكـ مودة ورحمة إف } : وقاؿ تعالى أيضا في ذلؾ آليات لقـو
لتحفظو فيو، وتسير فيو بسيرتو فتطعمو مما تأكؿ، وتمبسو مما تمبس، وال تكمفو مما ال واستودعؾ إياه ..(.يطيؽ، فإف كرىتو خرجت إلى اهلل منو، واستبدلت بو، ولـ تعذب خمؽ اهلل، وال قوة إال اهلل
و األوؿ ممؾ اليميف ىـ العبيد واإلماء الذيف تحت يد إخوانيـ مف بني البشر، وقد جيد اإلسبلـ منذ يومخراجيـ مف ذؿ الرؽ والعبودية إلى عز االنطبلؽ والحرية .في سبيؿ تحريرىـ وا
وىذا اإلماـ زيف العابديف ما مف سنة إال وكاف يعتؽ فييا في آخر ليمة مف شير رمضاف الكثير مف .تمثؿ موقفا رائعا مف مواقفو( عميو السبلـ)وىذه الوصية منو . العبيد
إلى الممموؾ نظرة رحيمة مستمدة مف جوىر اإلسبلـ وواقعو، فالممموؾ ( و السبلـعمي)لقد نظر اإلماـ كالحر ىو مف صنع اهلل، خمؽ لو السمع والبصر، وأجرى لو الرزؽ كما صنع ذلؾ لمحر، فميس لممالؾ
إياه وليعمـ المالؾ أف اهلل سبحانو سخره لو وائتمنو عميو واستودعو . أف يتكبر عميو، أو يحممو فوؽ طاقتووىذه لفتة . فحؽ لو أف يحفظ األمانة والوديعو فميطعمو مما يأكؿ وليمبسو مما يمبس وال يعذب خمؽ اهلل
.كريمة مف اإلماـ كي يعود المالؾ إلى ضميره وعقمو حقوؽ الرحـ
.يتأذى أو يتضرر وليدىاوبعد الحمؿ والخروج إلى عالـ النور لـ تكتؼ األـ الحنوف عف تقديـ عطاياىا بؿ سمكت مسمؾ اإليثار بأجمؿ صوره وأجميا، فبذلت جميع طاقاتيا لمحفاظ عميو والسير عمى راحتو إلى أف يكبر ويأخذ طريقو
ع الولد إلى شكرىا عمى ما في الحياة واإلماـ زيف العابديف في رسالتو الكريمة شرح واقع الحاؿ عندىا ودفووصينا اإلنساف بوالديو حممتو } : قاؿ تعالى. قدمتو مف جميؿ وىذه كانت وصية اهلل في كتابو الكريـ
(.){ أمو وىنا عمى وىف وفصالو في عاميف أف اشكر لي ولوالديؾ إلي المصير __________
.مواظبة ومستمرة: موبمة( ) .يحيط بوما يحتوي الشيء و : الحواء( ) .لقماف، اآلية ( )
ذا قدـ ليا جميع الخدمات والمبرات لما أدى أبسط سيء مف ما أعجز اإلنساف عف أداء حقوؽ أمو، وا (.فيا رضا اهلل ورضا الوالديف)حقوقيا
:حؽ األب وأما حؽ أبيؾ فتعمـ أنو أصمؾ، وأنؾ فرعو، وأنؾ لواله لـ تكف)
ـ أف أباؾ أصؿ النعمة عميؾ فيو، واحمد اهلل واشكره عمى قدر فميما رأيت في نفسؾ ما يعجبؾ فاعم ..(.ذلؾ، وال قوة إال باهلل
152
فاألب . أولى اإلسبلـ ركنا األسرة اىتماما كبيرا، وأما حؽ األب عمى الولد فيو كبير أيضا كحؽ األـ .أجؿ إسعاد أوالدهيسعى في تحصيؿ لقمة العيش لو وألسرتو فيبذؿ جيدا كبيرا يتحمؿ مشقات كثيرة مف
.األب يمثؿ األصؿ واالبف يمثؿ الفرع، وال وجود لمفرع دوف األصؿ ألنو السبب في وجوده ونموه وازدىارهوما نراه اليـو أف الفرع قد يطغى عمى األصؿ، فيرى االبف نفسو أكبر مف أبيو وأكثر فيما وتطورا
(.){ جناح الذؿ مف الرحمة وقؿ رب ارحميما كما ربياني صغيرا واإلسبلـ دعا إلى تمتيف روابط الرحـ بيف أفراد األسرة الواحدة فالولد البار يقـو بأداء حؽ الوالديف
نما المعاممة بالعطؼ والرقة ويطيعيما ويوفر ليما كؿ أس باب الرضا فبل يفحش في الكبلـ ليـ وال يغمظ وا وخفض الجناح والكبلـ الطيب ولئف كانت الكممة الطيبة صدقة فإنيا في حؽ الوالديف أكبر مف الصدقة
، أف شيخا قاؿ أبياتا يعتب فييا ص ورد في أحكاـ القرآف ألبي بكر ابف عربي األندلسي ج. وأنبؿ :وىي( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)مى ولده قرأىا عمى النبي ع
__________ .اإلسراء، اآلية( )
تعؿ بما أحنى عميؾ وتنيؿ... غذوتؾ مولودا وقد كنت يافعا لسقمؾ إال ساىرا أتمممؿ... ... إذا ليمة ضافتؾ بالسقـ لـ أبت ني تيمؿطرقت بو دوني فعي... كأني أنا المطروؽ دونؾ بالذي نا لتعمـ أف الموت وقت مؤجؿ... تخاؼ الردى نفسي عميؾ وا إليؾ مدى ما فيؾ كنت أؤمؿ... ... فمما بمغت السف والغاية التي كأنؾ أنت المنعـ المتفضؿ... ... جعمت جزائي غمظة وفظاظة فعمت كما الجار المجاور يفعؿ... ... فميتؾ إذ لـ ترع حؽ أبوتي
وأما حؽ ولدؾ فتعمـ أنو منؾ، ومضاؼ إليؾ، في عاجؿ الدنيا بخيره وشره، وأنؾ مسؤوؿ عما وليتو مف )عمؿ حسف األدب، والداللة عمى ربو، والمعونة عمى طاعتو فيؾ وفي نفسو فمثاب عمى ذلؾ، ومعاقب، فا
في أمره عمؿ المتزيف بحسف أثره عميو في عاجؿ الدنيا المعذور إلى ربو في ما بينو وبينو بحسف القياـ
153
..(.عميو، واألخذ لو منو وال قوة إال باهلل(: عمييما السبلـ)قاؿ أمير المؤمنيف في وصيتو البنو الحسف . الولد قطعة مف الكبد بؿ ىو الكبد كمو
كمي، حتى كأف شيئا لو أصابؾ أصابني وكأف الموت لو أتاؾ أتاني، ووجدتؾ بعضي بؿ وجدتؾ)والولد ىو امتداد لحياة أبيو، واستمرار لوجوده ىو بعضو بؿ ( فعناني مف أمرؾ ما يعنيني مف أمر نفسي
. ىو كمو، مف ىذا المنطمؽ يبادر األب إلى الحفاظ عمى أوالده فيقـو بإعالتيـ مف مأكؿ ومطعـ وكساءمؿ ىو جزء كبير مف الواجبات المطموبة مف الوالد، ولـ يقتصر واجبو عند ىذا الحد مف وىذا الع
الواجبات المادية بؿ عميو واجب أكبر في تربية أوالده تربية إسبلمية فاضمة، فيغرس في أعماقو النزعات الكريمة، ويعوده عمى العادات الحسنة
يـ الذي يممؾ كؿ شيء وبذلؾ يكوف قد أدى واجبو نحو ويجنبو الرذائؿ ويقيـ لو األدلة عمى الخالؽ العظف أخفؽ فيو مسؤوؿ أماـ اهلل أسرتو ونحو مجتمعو فاألسرة الصالحة لبنة في بناء مجتمع صالح وا
.تعالى، ومعاقب عمى ذلؾواإلماـ زيف العابديف يبيف أف القضية ليست نتاج فحسب بؿ ىي مسؤولية وحساب فالولد يعيد وجود أبيو
ف كاف شقيا طالحا نسب أليو أيضا فاإلماـ فإف ك ( عميو السبلـ)اف صالحا برا تقيا نسب إلى أبيو، وا يستثير في الوالد مكامف العز ويحرؾ في نفسو حب االستمرارية في الحياة فإف أحسف تربيتو يكوف قد
اإلسبلـ كديف إنساني اجتماعي جاء ليشد أواصر القربى ويقوي العبلقة بيف اإلنساف وأخيو اإلنساف، فميما تباعدت الببلد ونأت الديار نجد المسمـ العربي يفرح فشرع قانوف األخوة اإلسبلمية، األخوة في اهلل،
لمقاء أخيو اليندي أو اإليراني أو المصري أو السوري أو العراقي أونما المؤمنوف )وذلؾ تحت ظبلؿ األخوة اإلسبلمية . أو أي أخ مف بمد عربي مسمـ آخر… الجزائري وا
(.إخوةة النسب فإنيما تتآلفاف وتتسانداف في طريؽ الحؽ واإليماف، ىذه األخوة تتوثؽ أكثر إذا انضمت إلييا أخو
.لكف أخوة النسب ال يقيـ ليا اإلسبلـ وزنا إذا لـ تكف ضمف الخط اإلسبلمي وفي طريؽ تقوى اهلل__________
154
(.لمظمـ لخمؽ اهلل: )ورد في نسخة أخرى( ) .أفضؿ وأولى: أثر عندؾ( )
يمقيننا درسا مف دروس اإلسبلـ في التربية االجتماعية فبمغت أنظارنا ( ـعميو السبل)واإلماـ زيف العابديف أف األخ يد ألخيو وعز ومنعة وقوة لو، ىو سنده في المممات وشريكو في السراء والضراء ولو مف الحقوؽ
وأما حؽ المنعـ عميؾ بالوالء فتعمـ أنو أنفؽ فيؾ مالو، وأخرجؾ مف ذؿ حؽ الرؽ ووحشتو إلى عز )مف أسر الممكة وفؾ عنؾ حمؽ العبودية، وأوجدؾ رائحة العز، وأخرجؾ مف سجف الحرية وأنسيا، وأطمقؾ
القير، ودفع عنؾ العسر، وبسط لؾ لساف اإلنصاؼ، وأباحؾ الدنيا، فممكؾ نفسؾ، وحؿ أسرؾ، وفرغؾ لعبادة ربؾ، واحتمؿ بذلؾ التقصير في مالو، فتعمـ أنو أولى الخمؽ بؾ بعد أولي رحمؾ في حياتؾ
وموتؾ، (.ؽ الخمؽ بنصرؾ ومعونتؾ ومكاقأتؾ في ذات اهلل فبل تؤثر عميو نفسؾ ما احتاج إليؾوأح
كاف الرؽ سائدا في المجتمع الجاىمي ولما جاء اإلسبلمي عمد إلى ترغيب الناس في تحرير العبيد بشتى وتخميصيـ مف نير االستعباد، وقد شجع النبي األكـر واألئمة األطيار مف بعده عمى تحرير الرقيؽ
يحررىـ لوجو اهلل، فكاف إحدى خصائصو عتقو لمعبيد حيث كاف يشترييـ ويقـو بتعميميـ وتيذيبيـ ثـ .العبد عنده ال يستقر أكثر مف ستة أشير إلى سنة
إف ىذا التصرؼ العظيـ ينطمؽ مف قاعدة أساسية وىي إرادة الحرية لجميع الناس وينسجـ مع نظرة اإلسبلـ إلى كوف الناس أحرارا والرؽ حالة طارئة يجب أف تزوؿ، وقد جعؿ تحرير العبيد كفارة لبعض
155
.الذنوبفعمى اإلنساف الذي عادت إليو حريتو أف يشعر بيذه النعمة الكبيرة التي تمت عمى يد ىذا المنعـ الذي
وليعمـ أف تحريره نعمة تفرض عميو الشعور بأف ىذا المنعـ ىو أولى الناس . أطمؽ سراحو وأعتؽ رقبتونفسؾ وفرغؾ بعبادة ربؾ بو بعد أىمو وأرحامو في حياتو وموتو، ألنو أطمقؾ مف سجف العبودية وممكؾ
.واحتمؿ ذلؾ التقصير في مالو لذلؾ ال تؤثر عميو نفسؾ ما احتاج إليؾ :حؽ المولى
وأما حؽ موالؾ، الجارية عميو نعمتؾ، فأف تعمـ أف اهلل جعمؾ حامية عميو، وواقية وناصرا، ومعقبل، )وف في ذلؾ ثواب منو في اآلجؿ وجعمو لؾ وسيمة، وسببا بينؾ وبينو، فالحري أف يحجبؾ عف النار فيك ويحكـ لؾ بميراثو في العاجؿ إذا لـ يكف لو رحـ مكافأة لما أنفقتو مف
مالؾ عميو وقمت بو مف حقو بعد إنفاؽ مالؾ، فإف لـ تخفو خيؼ عميؾ أف ال يطيب لؾ ميراثو، وال قوة ..(.إال باهلل
وقاموا بو فإف اهلل يجازييـ عمى ذلؾ ويجعؿ إحسانيـ إلييـ وقاية ليـ مف النار في اآلخرة لما يحققونو مف .أجر وثواب
:معروؼحؽ صاحب الوأما حؽ ذي المعروؼ عميؾ، فأف تشكره وتذكر معروفو وتنتشر لو المقالو الحسنة وتخمص لو الدعاء )
ثـ إف أمكف مكافأتو بالفعؿ . فيما بينؾ وبيف اهلل سبحانو، فإنؾ إذا فيمت ذلؾ كنت قد شكرتو سرا وعبلنيةال كنت مرصدا لو موطنا نفسؾ عمييا (...()كافأتو وا
روؼ رجؿ خير طابت نفسو وسخت كفو حتى أصبح فعؿ الخير سجية مف سجاياه، يبادر إلى فاعؿ المع .يقـو بعممو ىذا وىو يشعر بمذة وارتياح نفسي. فعمو عندما يعمـ بو دوف سؤاؿ وال التماس طمب
وحسف ىذا المعروؼ أف يبقى طي الكتماف ال يعرؼ بو إال صاحبو أما إذا أراد صاحب المعروؼ أف يرة بمعروفو طمعا بتحقيؽ مصالح شخصيتو ومآرب خاصة فإنو ال يستحؽ المدح وال الثناء يكسب ش
يا أييا الذيف آمنوا ال تبطموا صدقاتكـ بالمف واألذى } : قاؿ تعالى. ويذىب معروفو باطبل ميما كاف كبيرا يو تراب فأصابو وابؿ كالذي ينفؽ مالو رئاء الناس وال يؤمف باهلل واليـو اآلخر فمثمو كمثؿ صنواف عم
فتركو صمدا (.){ ال يقدروف عمى شيء مما كسبوا
أما إذا كانت نفوس أىؿ الخير طاىرة تريد الخير لوجو اهلل تعالى فعمى المحسف
156
أما إذا كانت نفوس أىؿ الخير طاىرة تريد الخير لوجو اهلل تعالى فعمى المحسف ليو تقديـ الشكر ليـ .حتى يتسابؽ أىؿ الخير إلى الخيرات فيما بينيـ ونشره بيف أفراد المجتمع
ثـ مف واجب المحسف إليو أيضا المبادرة بالدعاء إلى مف أحسف إليو اعترافا منو بالجميؿ ثـ يترقب .الفرص المناسبة ليرد ليـ إحسانيـ وجميميـ عند استطاعتو
__________ .الضمير في عمييا عائد إلى المكافأة( ) .آلية البقرة، ا( )
:حؽ المؤذفوأما حؽ المؤذف فأف تعمـ أنو مذكرؾ بربؾ، وداعيؾ إلى حظؾ، وأفضؿ أعوانؾ عمى قضاء الفريضة )
ف كنت في بيتؾ متيما لذلؾ، لـ تكف التي افترضيا اهلل عميؾ، فتشكره عمى ذلؾ شكرؾ لممحسف إليؾ وا ييا فأحسف صحبة نعمة اهلل بحمد اهلل عمييا هلل متيما في أمره، وعممت أنو نعمة مف اهلل عميؾ، ال شؾ ف
..(.عمى كؿ حاؿ، وال قوة إال باهللنشيد مف أناشيد السماء يرتمو المؤمنوف عمى ىذه األرض المباركة فينعش قموبيـ المفعمة .. اهلل أكبر
.باإليماف ويحرؾ فييا الصمة باهلل تعالى .وزالت دوؿ الجباريف الفاسديف إلى غير رجعةبيذا النشيد الرباني تحطمت عروش السبلطيف الظالميف
بيذا النشيد السماوي نشط المجاىدوف األبطاؿ وأحرزوا االنتصارات الباىرة، وفتحوا الفتوحات الزاىرة، .وأرشدوا الناس إلى الحياة الحرة الكريمة
شيادة وجدانية تتجسد في رفض كؿ اآللية( أشيد أف ال إلو إال اهلل) .هلل الواحد األحد ولو الحكـ والمحيي والمميتالبشرية ما عدا ا
المصمي إلى أرقى درجات الكماؿ والفضيمة، وىي التي تنيي عف الصبلة التي ترفع ب: حي عمى الصبلة .الفحشاء والمنكر وتبني اإلنساف ليعيش عزيزا كريما عظيما
.تجعؿ المسمـ يتفاعؿ مع أحكاـ اهلل وتشد عزيمتو إلى المسيرة الحياتية الكريمة: حي عمى خير العمؿ تعالى والمحرؾ ليذا اإلنساف نحو الصبلة فحؽ لو والرافع ليذا النشيد السماوي ىو المؤذف المذكر باهلل
إلى المسمميف ليحسنوا إلى الذي يعمميـ ( عميو السبلـ)ىذه ىي وصية اإلماـ .. أف يشكر ويحسف إليو .بدخوؿ وقت الصبلة وىي مف أىـ الفرائض الدينية في اإلسبلـ
:حؽ إماـ الجماعة
157
سفارة في ما بينؾ وبيـ اهلل، والوفادة إلى ربؾ، وتكمـ وأما حؽ إمامؾ في صبلتؾ فأف تعمـ أنو تقمد ال)عنؾ ولـ تتكمـ عنو، ودعا لؾ ولـ تدع لو، وطمب فيؾ ولـ تطمب فيو، وكفاؾ ىـ المقاـ بيف يدي اهلل،
ف كاف آثما لـ تكف والمسألة لو فيؾ، ولـ تكفو ذلؾ، فإف كاف في شيء مف ذلؾ تقصير كاف بو دونؾ، وا لؾ عميو فضؿ، فوقى نفسؾ بنفسو، ووقى صبلتؾ بصبلتو فتشكر لو عمى ذلؾ، وال شريكو فيو، ولـ يكف ..(.حوؿ وال قوة إال باهلل
.صبلة الجماعة فييا أجر كبير وسر دقيؽ وبالخصوص إذا كانت خمؼ إماـ اكتممت فيو شروط اإلمامةآخر ميما كاف المساواة بيف المسمميف فبل يفضؿ شخص عمى: وصبلة الجماعة ليا دالئؿ عدة منيا
.مركزه وظروفو، فمف سبؽ إلى المكاف يكوف أحؽ بووتدؿ أيضا عمى وحدة المسمميف في الكممة والموقؼ، فالجميع ينضموف تحت لواء التوحيد هلل والطاعة
كما أنيا تدؿ عمى حسف النظاـ في اإلسبلـ، فالصفوؼ كميا ( صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)لرسوؿ اهلل والجميع يثقوف بعدالتو وتقواه والتزامو . د ينوب عنيـ في قراءة الفاتحة والسورة ويبمغ مرادىـخمؼ إماـ واح .بمنيج اإلسبلـ
وقد . وإلماـ الجماعة فضؿ كبير عمى المؤمنيف بو، وذلؾ لما يترتب مف الثواب الجزيؿ عمى الجماعةيف جماعة ازداد ثوابيـ وتضاعؼ تضافرت األخبار باستحباب صبلة الجماعة وأنو كمما ازداد عدد المصم
ومف المعمـو أف ما يظفر بو المأمـو مف الثواب الجزيؿ إنما ىو بسبب إماـ الجماعة الذي تقمد . أجرىـالسفارة في ما بيف المأمـو وبيف يدي اهلل يخاطبو فيو مندوب عف المصميف يحمؿ أفكارىـ ومشاعرىـ
ماـ عنيـ أعباء القراءة في حيف أف المأمـو لـ ينب عنو وبذلؾ فقد تحمؿ اإل. بيف يدي اهلل يخاطبو عنيـفي ( عميو السبلـ)وليذه الجية وغيرىا فحؽ لو الشكر وىذا ما أشار إليو اإلماـ زيف العابديف . بشيء
رسالتو الكريمة ىذه ذلؾ إف قصر أثـ ىو دونؾ ولحقتو جريرة ذنبو دونؾ فبصبلتو وقى صبلتؾ وبنفسو .فيو المسؤوؿ والمحاسب عنؾ فحؽ لو الشكر والثناءوقى نفسؾ مف النار
:حؽ الجميسوأما حؽ الجميس فأف تميف لو كنفؾ وتطيب لو جانبؾ وتنصفو في مجاراة المفظ وال تعرقو في نزع المحظ )
إذ لحظت وتقصد في المفظ إلىف كاف الجال ف كنت الجميس إليو كنت في القياـ عنو بالخيار، وا س إليؾ كاف إفيامو إذا نطقت، وا
ياأييا الذيف آمنوا إذا قيؿ لكـ } : ميما كاف ضيؽ المكاف ليشعروه بالتقدير واالحتراـ عمبل بقوؿ اهلل تعالى (...()تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح اهلل لكـ
158
__________ .المجادلة، اآلية ( )
صمى اهلل عميو وآلو )ومف أدب الداخؿ إلى المجمس أف يجمس حيث يجد فراغا مبلئما طبقا لقوؿ الرسوؿ سيـ ومف أدب الجالسيف بعضيـ مع بعض أف يشعروا أنف( إجمس حيث انتيى بؾ المجمس(: )وسمـ
باحتراـ بعضيـ البعض فبل يتكمـ أحدىـ بخشف الكبلـ أو وىو غير ممتفت إلى مخاطبو أو بعبارات ألف المجالس في اإلسبلـ ليا آدابيا واحتراميا، واإلماـ زيف العابديف يتحفنا مف ىذه اآلداب بما . نابية :يمي
.أف ينصفو إذا خاض معو الحديث وال يظير االستعبلء عميو .أف ال يبالغ كثيرا في أمره
.أف يقتصد بإفيامو عندما يوجو إليو الكبلـذا جاء بعده فيو بالخيار في الم عميو )قاؿ اإلماـ . قاـإذا جاء قبمو فعميو االستئذاف منو إذا أراد القياـ وا
ف كاف الجالس إليؾ كاف بالخيار وال تقـو (: )السبلـ ف كنت الجميس إليو كنت في القياـ عنو بالخيار وا وا (.إال بإذنو
ما نمفت إليو أف ىذه اآلداب لو طبقيا المسمموف عمى واقع حياتيـ .وتباعد بيف جماعاتيـ لسادت المحبة والوئاـ في ما بينيـ وزالت الحزازات التي تفرؽ بينيـ
:حؽ الجاروأما حؽ الجار فحفظو غائبا، وكرامتو شاىدا، ونصرتو ومعونتو في الحاليف جميعا، ال تتبع لو عورة، )
وال تبحث لو عف سوءة لتعرفيا، فإف عرفتيا منو عف غير إرادة منؾ وال تكمؼ، كنت لما عممت حصنا عنو لـ تتصؿ إليو النطوائو عميؾ، ال تستمع إليو مف حيث ال حصينا، وسترا ستيرا، لو بحثت األلسنة
تقيؿ عثرتو وتغفر زلتو، وال تدخر حممؾ عنو إذا جيؿ . يعمـ، ال تسممو عند شديدة، وال تحسده عند نعمةعميؾ، وال تخرج أف تكوف سمما لو، ترد عنو الشتيمة، وتبطؿ فيو كيد حامؿ النصيحة، وتعاشره معاشرة
..(.حوؿ وال قوة إال باهللكريمة، وال
اىتـ اإلسبلـ بالجار اىتماما بالغا وجعؿ حقوقا كثيرة تنطمؽ مف حب التعاوف بيف اإلنساف وأخيو واعبدوا اهلل وال تشركوا بو شيئا وبالوالديف } : قاؿ تعالى. واهلل تعالى أوصى باإلحساف إلى الجار. اإلنساف
(.){ كيف والجار ذي القربى والجار الجنب إحسانا وبذي القربى واليتامى والمسا
.فبل يستغؿ غيابو لمنيؿ منو واالعتداء عمى كرامتوأف يحفظ الجار جاره في حاؿ غيابو، .أف يكرمو في حاؿ حضوره وينصره ويعينو في حاؿ غيابو
ف عرؼ أف ال يتتبع أي عورة أو منتقصة لو وال يبحث لو عف سوءة وعميو أف يحفظ لو حريمو ومعايبو وا .بشيء مف ذلؾ ستره ضمف أسراره
وال يجوز لو أف يسترؽ السمع ليأخذ منو ما ال يرضى، ألف أف ال يستمع لحديثو اختيارا بدوف عممواإلسبلـ يريد مف الجار أف يمتنع عف كؿ ما يعكر صفو الود والوفاؽ ويمتقي المسمـ مع المسمـ بقمب
ألف ذلؾ يفرؽ بيف الناس واإلسبلـ يدعو . طاىر ووجو باسـ دوف أف يكوف ىناؾ أي حذر يسيء الظف .الصفوؼإلى اإللفة والتضامف ورص
__________ .النساء، اآلية ( )
ومف حؽ الجار أف ال يسمـ جاره عندما تنزؿ بو شدة أو تمـ بو مصيبة بؿ عميو أف يعينو بنفسو ومالو ذا حصمت لو نعمة فميفرح معو وال يحسده عمييا .وما ممكت يداه وا
.الحمـ عنو إذا بدرت منو بادرة سوء، وعدـ مقابمتو بالمثؿ .تمو أو يذكره بسوءصد مف يش
باء فيصفح عنو إذا زؿ أو أخطأ ويحمـ عميو حتى يرجع إلى رشده، وال يصدؽ أية يعيش معو بترفع وا .وشاية أو كممة سوء ممف يريد أف يمقي بينيما العداوة والبغضاء لقد دعانا اإلماـ زيف العابديف لنتمسؾ بتعاليـ الديف اإلسبلمي
نجد دعوة في العالـ تتبنى ما تبناه اإلسبلـ في حؽ الجار وال نظف أف العظيـ وشريعتو الكريمة حيث ال
ال فبل أقؿ مف اإلنصاؼ، وأف تكرمو ) وأما حؽ الصاحب فأف تصحبو بالفضؿ ما وجدت إليو سبيبل وا ي ما بينؾ وبينو إلى مكرمة، فإف سبقؾ كافأتو، وال كما يكرمؾ، ونحفظو كما يحفظؾ، وال يسبقؾ ف
تقتصر بو عما يستحؽ مف المودة تمـز نفسؾ نصيحتو وحياطتو، ومعاضدتو عمى طاعة ربو ومعونتو عمى نفسو في ما ال ييـ بو مف معصية ربو ثـ تكوف عميو رحمة، وال تكوف عميو عذابا، وال قوة إال
..(.باهللتعارفا عابرا وجاذبيا بؿ ليا حقوقيا التي يجب مراعاتيا عمى كؿ صاحب ليست الصحبة في اإلسبلـ
قؿ لي : فالصاحب يكتسب مف صاحبو عاداتو وأخبلقو، وتقاليده وأفكاره، وكما قاؿ المثؿ. تجاه صاحبو .مف تعاشر أقؿ لؾ مف أنت
وعمى اإلنساف أف . وقد أمر اإلسبلـ باختيار األصحاب الذيف يقربونو مف اهلل ويعينونو عند الضيؽال تصحب (: )عميو السبلـ)قاؿ أمير المؤمنيف . يتميؿ في اتخاذ الصديؽ كما عميو أف يتميؿ في تركو
نفي عنو خيانتو في ما عز وىاف فإنو بمغنا إف يد اهلل عمى الشريكيف دوف مناظرتو، وتحفظ عميو مالو، وت (.ما لـ يتخاونا، وال قوة إال باهلل
.لقد أباح اإلسبلـ الشركة في العقود وعمؿ بيا المسمموف وقد حدد الفقياء شروطيا وذكروا موانعياالتقي، الورع الذي يخاؼ اهلل واختيار الشريؾ أمر ىاـ ذلؾ أف العاقؿ يعرؼ كيؼ يختار الشريؾ األميف
فإذا كاف الشريؾ بيذه المواصفات مف األمانة والعفة والنزاىة عندئذ يأتي دور التربية اإلسبلمية التي تنبو تحدث عف صفات الشريؾ ( عميو السبلـ)واإلماـ زيف العابديف . الشيؾ كيؼ يجب أف يعامؿ شريكو
161
:وواجباتو تجاه الشريؾ اآلخر منياذا حضر معو عميو أف يساويو بنفسو فبل إذا غاب عميو أف يكفيو في عممو وينوب عنو في أداء حقو وا .يتميزعنو
فبل يمضي رأيا دوف رأيو وال ينفذ ما يريده دوف عممو، بؿ عميو مشاورتو وأخذ رأيو فيما يقدـ عميو مف .عمؿ يكوف مشتركا بينيما حتى يتحمؿ مسؤولية كاممة نحو مالو
ـ التكافؤ بيف في دواـ الشركة، وما نجده مف االختبلؼ بيف الشركاء إنما كاف في أكثر األحياف نتيجة عدالشريكيف، ففي حيف يكوف أحدىما مؤمنا يكوف اآلخر مستيترا أو فاسقا، أو أنو مستبد برأيو فبل يعطي
لما وقع ( عميو السبلـ)ولو عمؿ الشركاء بنصائح اإلماـ زيف العابديف . لشريكو الفرصة لمتعبير عف رأيو .الخبلؼ بينيـ ولنجحوا في شركتيـ وحققوا ىدفيـ
عف حقائقو، وال تجعمو إذا كاف مف اهلل إال إليو، وسببا إلى اهلل، وال تؤثر بو عمى نفسؾ مف لعمو ال ربؾ، فتكوف معينا لو عمى ذلؾ، يحمدؾ، وبالحري أف ال يحسف خبلفتو في تركتؾ وال يعمؿ فيو بطاعة
وبما أحدث في مالؾ، أحسف نظرا لنفسو فيعمؿ بطاعة ربو فيذىب بالغنيمة، وتبوء باإلثـ والحسرة (.والندامة مع التبعة، وال قوة إال باهلل
ىو وسيمة قضاء حاجات اإلنساف وليس . ال يخفى ما لمماؿ مف دور ىاـ في ترفيو اإلنساف وسعادتودا بذاتو واإلسبلـ ال يدعو الناس إلى االبتعاد عف لذات الحياة وال يحارب الماؿ، فاهلل جعمو ىدفا مقصو
.{ الماؿ والبنوف زينة الحياة الدنيا } . والبنيف زينة حياة اإلنسافلكف الماؿ سبلح ذو . كما أنو يكره الفقر والمسكنة ويجعؿ اليد العميا خير مف اليد السفمى التي تمتد لتأخذ
فصاحبو يمكف أف يسعد بو ويمد اإلنسانية بأروع المشاريع، . ديف ويعود نفعو أو ضرره لجية استعمالوح كما يمكنو أف يحوؿ ىذا الماؿ إلى سيؼ قاطع يحوؿ سعادة اإلنساف إلى شقاء
، وما نراه اليـو مف أكثر المتموليف الذيف أمدىـ اهلل بالماؿ، يحولوف ىذا الماؿ إلى معصية اهلل. ودمارحيث يستعممونو في سائر المحرمات كالخمر والقمار والربا وحفبلت الميو وغير ذلؾ مف األعماؿ المنكرة
.التي مجيا اإلسبلـ وعاقب عميياواإلسبلـ يشجع عمى إنفاؽ الماؿ في سبيؿ اهلل، فيصرؼ عمى الفقراء والمحتاجيف ويتصدؽ بو عمى
162
الذيف ينفقوف أمواليـ } : وذلؾ عمبل بقوؿ اهلل عز وجؿ. فالمعوزيف مف إخواننا المسمميف وغير المسممي (.){ … في سبيؿ اهلل ثـ ال يتبعوف ما أنفقوا منا وال أذى ليـ أجرىـ عند ربيـ
قاؿ . والذي ينفؽ الماؿ بيذه الطريقة في سبيؿ اهلل ال منا وال أذى يكسب رضا اهلل وتعود الفائدة عميو{ .. ؤلنفسكـ وما تنفقوف إال ابتغاء وجو اهلل وما تنفقوا مف خير يوؼ إليكـوما تنفقوا مف خير ف} : تعالى
(.) وال يخفى أف صمة الناس بالماؿ والتصدؽ عمييـ مف أبرز مصاديؽ اإلحساف الذي يتبرع بو اإلنساف بو
..ليس ىذا طمب الدنيا ىذا طمب اآلخرة: قاؿ اإلماـفإف صمة الناس بالماؿ والتصدؽ عمييـ أبرز مصاديؽ اإلحساف المحض الذي يتبرع بو اإلنساف عمى
.لمحتاجيفالفقراء وا واإلسبلـ يريد أف يكوف الماؿ الذي يجنيو اإلنساف مف الطرؽ الشرعية
مف ىنا يوضح . المحممة، لذلؾ وضع طرقا الكتساب الماؿ إذا تجاوزىا اإلنساف لـ يكف الماؿ شرعيا فؽ في ين( وأما حؽ ىذا الماؿ فأف ال نأخذه إال مف حمو: )حيث بقوؿ( عميو السبلـ)اإلماـ زيف العابديف
الوسائؿ المحممة والمشاريع الخيرية التي يثاب عمييا كإنشاء المستشفيات ومعاىد التعميـ وتأسيس .المكتبات العامة وما شابو ذلؾ مف المشاريع التي تفيد كافة الناس
__________ .البقرة، اآلية ( ) .البقرة، اآلية ( )
فقوه في طاعة اهلل فقد كسبوا رضى اهلل دونو وذىبوا بالغنيمة أما إذا جمعو صاحبو وادخره لورثتو، فإف أنف أنفقوا في معصية اهلل فإثمو عميو إعانتو إياىـ عمى المعاصي والحراـ، وباء ىو بالحسرة والخسراف .وا
وال تؤثر بو عمى نفسؾ مف لعمو ال يحمدؾ وبالحري أف (: )عميو السبلـ)مف ىنا قاؿ اإلماـ زيف العابديف (...()سف خبلفتو في تركؾ وال يعمؿ فيو بطاعة ربؾ فتكوف معينا لو عمى ذلؾال يح
جاء اإلسبلـ ونظـ كؿ ما يحتاجو اإلنساف في حياتو الدنيا تنظيما شامبل ليكوف جسر عبور سميـ لو إلى بلت واستوعب جميع ما يجري في الحياة مف أبواب التجارة كالبيع ىذا التنظيـ شمؿ جميع المعام. اآلخرة
، وأبواب اإلجارة والسبؽ والرماية،’والشراء، وأبواب الزراعة والجعاؿ .وأبواب الشركة والمضاربة والوديعة، إلى آخر أبواب المعامبلت
__________ .كسبو وطرؽ إنفاقوراجع نيج الببلغة ألمير المؤمنيف ىناؾ بحث عف الماؿ في طرؽ ( )
ىذه المعامبلت نظميا اإلسبلـ حسب األصوؿ ىادفا منيا تمتيف العبلقات بيف المسمميف وتوثيؽ الروابط االجتماعية مف ىذه المعامبلت كاف القرض وىو مف األمور المستحبة التي نادى بيا اإلسبلـ بعد أف
تعالى يوطد الصمة بيف األخوة ويزرع المحبة والقرض قربة إلى اهلل. حـر الربا وكؿ ما يسمب الفقير مالووالقارض . في قموبيـ ألنو يفؾ أسر المحتاج وينقذه مف ضيؽ يضنيو ويغنيو عف أرباب الماؿ المستغميف
بؿ . أعطى لممستقرض فرصة واسعة حتى يؤدي دينو فمـ يحصرة بأجؿ معيف أو يضغط عميو في الوفاءأما إذا لـ يتوفر ماؿ القرض فعمى أربابو أف يراعوا . في األداء عميو أف يرد المعروؼ لصاحبو وال يسوؼ
ف كاف ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} : قاؿ تعالى. أحواؿ المستقرض حتى تتسير األمور (...()وا وقد أشار اإلماـ زيف العابديف أف عمى المستديف أف يتمطؼ إلى أرباب الماؿ ويقابميـ بالكممة الطيبة
ف كنت : )ثـ يتابع الوجو اآلخر( فإف كنت موسرا أوفيتو وكفيتو ولـ ترده وتمطمو) ويردىـ ردا جميبل وا ذا لـ يسمؾ الدائف ىذا السبيؿ فإف ذلؾ لـؤ. إف لـ ترضو بأداء الديف( معسرا أرضيتو بحسف القوؿ .وا
:حؽ الخميطتعمؿ في انتقاصو عمؿ العدو وأما حؽ الخميط فأف ال تغره وال تغشو وال تكذبو وال تغفمو وال تخدعو وال)
ف اطمأف إليؾ استقصيت عمى نفسؾ وعممت أف غبف المسترسؿ ربا، وال الذي ال يبقى عمى صاحبو وا ..(.قوة إال باهلل
الخميط كالشريؾ والجميس وليس عابر سبيؿ فعميؾ أف تحافظ عميو__________
.البقرة، اآلية( )
فالغش لعامة الناس أمر سيء ومرذوؿ فكيؼ ( مف غشنا فميس منا) وال تغشو عمبل بقوؿ الرسوؿ األعظـومف شروط المخالطة أف . بو لمخميط كما ال يجوز لؾ تكذيبو ألف ذلؾ يعد مف الطعف فيو وعدـ الثقة
164
ال كاف الخميط منحرفا يكوف الخميط قوي اإليماف، صادؽ الميجة محبا لمحؽ ممتزما بأوامر اهلل تعالى؛ وا يئا ال يقيـ وزنا لديف أو إيماف، فالبعد عنو خير مف االقتراف بو، ألف مف يكوف مسمكو كذلؾ عف الحؽ س
قاؿ . فإنو يضؿ صاحبو ويحرفو عف جادة االستقامة والقرآف الكريـ لمذيف يتخذوف خميبل غير صالحليتني لـ أتخذ ويـو يعض الظالـ عمى يديو يقوؿ يا ليتني اتخذت مع الرسوؿ سبيبل يا ويمتي} : تعالى
(.){ فبلنا خميبل لقد أضمني الذكر بعد إذ جاءني وكاف الشيطاف لئلنساف خذوال يحذرنا مف اتخاذ المغفؿ والمخادع خميبل ويطمب إلينا أف ال نعيبو وال ( عميو السبلـ)واإلماـ زيف العابديف
لعدو ىو الذي يتحيف الفرص ننقصو ألف ذلؾ ليس مف فعؿ الخمطاء بؿ ىو مف فعؿ األعداء، ألف ا .لمنيؿ مف عدوه :حؽ الخصـ
وأما حؽ الخصـ المدعي عميؾ فإف كاف ما يدعيو عميؾ حقا لـ تتفسخ في حجتو ولـ تعمؿ في إبطاؿ )دعوتو وكنت خصـ نفسؾ لو والحاكـ عمييا والشاىد لو بحقو دوف شيادة الشيود فإف ذلؾ حؽ اهلل عميؾ
ف كاف ما يدعيو باطبل رف قت بو وردعتو وناشدتو بدينو وكسرت حدتو عنؾ بذكر اهلل وألقيت حشو وا الكبلـ ولغطو الذي ال يرد عنؾ عادية عدوؾ بؿ تبوء بإثمو وبو يشحد عميؾ سيؼ عداوتو ألف لفظة
..(.السوء تبعث الشر والخير مقمعة لمشر وال حوؿ وال قوة إال باهلل ع في العالـ فأيف ىيالنظـ اإلسبلمية مف أرقى ما جاءت بو الشرائ
__________ .الفرقاف، اآلية ( )
القوانيف الوضعية المنحرفة مف القوانيف اإلليية المنزىة؟ وقد تعرض األئمة الصالحيف والفقياء العالميف واإلماـ . لمقضاء فحمموا مسائمو وحددوا مواصفات القاضي وآدابو وبينوا المنيج الذي يكوف عميو القضاء
بديف يريد في رسالتو ىذه أف يدخؿ إلى أعماؽ النفس ليحررىا مف الشذوذ ويعود بيا طاعة اهلل زيف العافإف كانت صادقة مف صاحبيا فعميو أف ال يبطميا . فيذكر اإلنساف الذي أقيمت عميو الدعوة. ورسولو
يخاصميا إف كما عميو أف يحاسب نفسو في ىذا الموقع ف. ويبطؿ الحؽ الذي تعمؽ بيا، فيرده إلى أىموجنحت بو عف الحؽ فيحكـ بالحؽ دوف أف ينظر إلى الشيداء كي يدلوا بشياداتيـ عميو، ألف ذلؾ ىو
أما إذا أراد أف يأخذ أمواؿ الناس بالباطؿ مف . حؽ اهلل وال يجوز لممسمـ أف ينقض حقا مف حقوؽ اهللذلؾ أف كؿ حؽ . الضاؿخبلؿ فصاحة لسانو فإنو سيحاسب عمى فعمو الشنيع ويعاقب عمى تصرفو
إف مف يأكؿ أمواؿ الناس . يأخذه مف الناس في غير موضعو إنما ىو قطعة مف النار تحرقو يـو القيامةبالباطؿ إنما يجني عمى نفسو ألنو سوؼ يقؼ أماـ حاكـ عادؿ ال يحتاج إلى بينة أو شيود، ألنو يعمـ
موجية ضدؾ باطمة فاإلسبلـ يأمر أف يرده ما في السرائر وما تكنو الصدور أما إذا كانت الدعوى ال
165
بالرفؽ والموعظة الحسنة التي ترده إلى دينو وتحرؾ فيو إيمانو الذي يربطو بخالقو، وال يجب أف تستعمؿ .المغط والمجاج ألف ذلؾ ال ينفع وال يقطع الدعوى مف مجارييا بؿ ربما يجني عمى الشريؼ الشر والغـ
:حؽ المدعى عميوـ المدعى عميو، فإف كاف ما تدعيو حقا أجممت في مقاولتو بمخرج الدعوى، فإف لمدعوى وأما حؽ الخص)
لقد شدد اإلسبلـ عمى منع الترافع إلى الظممة الذيف انحرفوا عف العدؿ والحؽ وسمكوا طرقا فاسدة يتبرأ إياكـ بعضكـ بعضا إلى أىؿ الجور ولكف انظروا : قاؿ( عميو السبلـ)وعف اإلماـ الصادؽ . منيا الديف
(.ـ فإني قد جعمتو فتحاكموا إليوإلى رجؿ منكـ يعمـ شيئا مف قضايانا فاجعموه حكما بينكفإذا كاف . يعطينا درسا مفيدا في كيفية الترافع وكيؼ نقدـ حجتنا( عميو السبلـ)واإلماـ زيف العابديف
المدعي عمىحؽ في دعواه، فأوصاه أف يتجنب الكممات النابية مع خصمو، بؿ يقابمو بالبياف الواضح ميو تجنب القيؿ والقاؿ ألنيما ال يجدياف شيئا، وال يرجعاف حقا بؿ والحجة الظاىرة والكممة الطيبة، كما ع
.ربما يذىب ذلؾ بالحؽ ويضيع ويخرج عف اليدؼ الرئيسي الذي مف أجمو كانت الدعوة :حؽ المستشير
وأما حؽ المستشير فإف حضرؾ لو وجو رأي جيدت لو في النصيحة وأشرت عميو بما تعمـ أنؾ لو كنت )ف الغمظ يوحش موضع مكانو عممت بو و ذلؾ ليكف منؾ في رحمة وليف فإف المبف يؤنس الوحشة وا
ف لـ يحضرؾ لو رأي، وعرفت لو مف يثؽ برأيو، وترضى بو لنفسؾ دلمتو عميو، وأرشدتو إليو . األنس وا ..(.خيرا ولـ تدخره نصحا وال حوؿ وال قوة إال باهلل( )فكنت لـ تألو
وعف األئمة المعصوميف الحث عمى االستشارة وعدـ ( وآلو وسمـصمى اهلل عميو )ورد عف النبي .فعمى المستشير أف يقؼ عمى عقوؿ اآلخريف ليدرؾ وجوه الحسف والقبح فييا. االستقبللية في الرأي
(.ما ندـ مف استشار وال خاب مف استخار(: )صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)ورد عف النبي مف استبد برأيو ىمؾ ومف شاور الرجاؿ شاركيا في (: )عميو السبلـ)وقاؿ اإلماـ عمي بف أبي طالب
الديني، أف يكوف ممتزما إسبلميا، ورعا تقيا حتى ال يقوده انحرافو إلى مخالفة االلتزاـ : والشرط الثاني .الحؽ والصواب .المعرفة والخبرة: والشرط الثالث
أما إذا فقدت ىذه الشروط . فإذا اجتمعت فيو ىذه الشروط حؽ لو أف يستشار وحؽ لمناس أف يسمعوا لو .فإف االستشارة قد تسبب الضرر
يطمب مف المستشير عمى المشير أف يؤدي نصيحتو لو بمطؼ وليف ( عميو السبلـ)العابديف واإلماـ زيف ف عرؼ مف يثؽ برأيو فميدلو عميو، ال شدة فيو، ألف الشدة تنفر منيا الطباع وتستوحش منيا القموب، وا
.ويرشده لو وبيذا يكوف قد أدى واجبو اتجاىو وأسدى إليو خيرا ومعروفا :حؽ المشير
ما حؽ المشير عميؾ فبل تتيمو فيما ال يوافقؾ عميو مف رأيو إذا أشار عميؾ فإنما ىي اآلراء وتصرؼ وأ)الناس فييا واختبلفيـ فكف عميو في رأيو بالخيار إذا اتيمت رأيو، فأما تيمتو فبل تجوز لؾ إذا كاف عندؾ
جو مشورتو، فإذا وافقؾ ممف يستحؽ المشاورة وال تدع شكره عمى ما بدا لؾ مف أشخاص رأيو وحسف و ..(.حمدت اهلل، وقبمت ذلؾ مف أخيؾ بالشكر، واإلرصاد بالمكافأة في مثميا إف فزع إليؾ، وال قوة إال باهللمف اآلداب اإلسبلمية التي يعمميا اإلسبلـ التباعو، أدب المشاورة والوقوؼ عمى آراء اآلخريف في
ذي يجعؿ لئلنساف االستقبللية في الرأي واالعتداؿ القضايا التي يبغي حميا، فاإلسبلـ في الوقت ال بالنفس يأمره
.أف يقرف رأيو برأي غيره ثـ يوازف بيف كؿ ىذه اآلراء ليرى وجو الصوابوالعاقؿ يختار أسمـ الطرؽ وأنفعيا وىذا ما يحصؿ عند الذيف يممكوف التجارب في الحياة والممارسة في
ذا أما حؽ المشير . حؿ مشاكؿ الناس عامة عمى المستشير فبل يتيمو في رأيو وال يزىد في نصيحتو وا ذا تطابؽ الرأياف فيجب أف يحمد اهلل ويقبؿ رأيو مقرونا بالشكر، اتيمو في رأيو فإنو غير ممـز باألخذ بو وا
.كما عميو أف يرد ىذا الموقؼ بموقؼ مماثؿ لو فتشير عميو إذا فزع إليؾ :حؽ المستنصح
إف حقو أف تؤدي إليو النصيحة عمى الحؽ الذي ترى لو أنو يحمؿ، ويخرج وأما حؽ المستنصح ف)المخرج الذي يميف عمى مسامعو، وتكممو مف الكبلـ بما يطيقو عقمو، فإف لكؿ عقؿ طبقة مف الكبلـ
..(.يعرفو ويجتنبو، وليكف مذىبؾ الرحمة، وال قوة إال باهللصح كيؼ يكوف األسموب الذي تصاغ بو النصيحة؟ يريد اإلماـ زيف العابديف أف يعطي درسا لممستن
وكيؼ يكوف الحديث؟ فيطمب إلينا أف نقابؿ المستنصح بمر الحؽ والصراحة القاسية إذا لـز األمر وال نسايره بما يتفؽ مع حاجاتو ورغباتو وكؿ شخص ولو أسموبو الذي يجب أف نتعامؿ معو، فالعالـ لو
167
والعامؿ لو أسموبو واألمي لو أسموبو واألستاذ لو أسموبو والتمميذ لو أسموبو الخاص بو والجاىؿ لو أسموبو .أسموبو فكؿ واحد مف ىؤالء لو خطابو الخاص يخاطب بو
: وكما قاؿ الرسوؿ األعظـ. ثـ إف مف حؽ طالب النصيحة أف تؤدى إليو بما يستطيع حممو وتقبمووب مرف وسمس لئبل يشؽ عمى والنصيحة يجب أف تقدـ بأسم. خاطبوا الناس عمى قدر عقوليـ
وكـ مف نصيحة رفضت ألنيا لـ تستوؼ شروطيا الموضوعية وكـ . المستنصح ذلؾ فيرفض النصيحة مف رجؿ صالح مخمص أصيب بخيبة أمؿ فر رد النصائح
التي أسدى بيا إلى اآلخريف وذلؾ لقساوتو وعدـ دراستو لحالة الطرؼ اآلخر فتذىب عندىا نصيحتو .أدراج الرياح
:ؽ الناصحح، وتفتح لو سمعؾ، حتى تفيـ عنو ()وأما حؽ الناصح فأف تميف لو جناحؾ، ثـ تشرئب لو قمبؾ)
الناصح ىو إنساف حكيـ صقمت فكره التجارب وأكسبتو األياـ خبرة واسعة أما لتجربة قاـ بيا بنفسو أو عمى السامع أف يصغي إليو ألنو يحمؿ لو اإلخبلص فمف حقو . لخبرة اكتسبيا مف ناصحيف مخمصيف
ومف حؽ الناصح أيضا عمى المستنصح أ، يكوف معو ليف الجانب . ويمقنو لباب الود الذي فيو نجابةمتواضعا، فيتوجو إليو بقمب متفتح يستمع الحديث ويحممو بوعي ودقة فبل يحوج الناصح إلى اإلعادة
السمع والقمب ينظر فيما يعرض عميو مف النصيحة فيقوميا بإمعاف وبعد االستماع الجيد ب. والتكرارويحمميا بموضوعية، فإف رأى وجو الصواب قد اكتمؿ فيو معالـ الصحة فذلؾ توفيؽ مف اهلل تعالى، يجب
.أف يحمده عميو ويقبمو منو ثـ يقبؿ النصيحة ويحفظيافإف كاف ممف يتيـ عنو أما لدينو أو أمانتو وأما إذا عرضيا عمى نفسو وحمميا ولـ يجدىا موافقة لمصواب
نما قد أخطأ عف غير خبلصو لو فيجب عندىا أف يرحمو ويستر عميو، ذلؾ أنو لـ يقصر اتجاىؾ وا وا عمد ففسر
.األمر تفسيرا مخالفا لمواقعميؾ أما إذا كاف متيما عندؾ ألنو لـ يستقص كؿ جوانب الموضوع أو أنو ال يريد لؾ الخير والفبلح فع
.أف تيممو وال تعبأ بشيء مف أمره بؿ تكمو إلى اهلل فيو الذي يتولى الحساب
168
:حؽ الكبيرجبلؿ إسبلمو) إذا كاف مف أىؿ الفضؿ في اإلسبلـ بتقديمو فيو، . وأما حؽ الكبير فإف حقو توقير سنو، وا
ف جيؿ عميؾ وال تستجيمو( )وترؾ مقابمتو عند الخصاـ وال تسبقو إلى طريؽ، وال تؤمو في طريؽ ، وا ..(.تحممت وأكرمتو بحؽ إسبلمو مع سنو، فإنما ىي حؽ السف بقدر اإلسبلـ، وال قوة إال باهلل
لقد سف اإلسبلـ آدابا اجتماعية رائعة ال تقاس وال مف أي وجو باآلداب التي أفرزتيا الحضارة المادية، قدير فاحتراـ الشيخ الكبير واجب وذلؾ مف أجؿ بناء مجتمع أصيؿ تسود فيو المحبة واالحتراـ والت
عميو )أما مظاىر تكريمو فقد عرضيا عمينا اإلماـ . احترامو إذا كاف مف أىؿ الفضؿ والسابقة في اإلسبلـ :وىي( السبلـ
__________ .أي ال تتقدمو: ال تؤمو في طريؽ( )
.ترؾ مقابمتو عند الخصاـ وفي المسائؿ التي توجب الجدؿ .يؽ فبل يسبقو أو يتقدـ عميوإذا سار معو في كر
.إذا خفي عمى الشيخ بعض المسائؿ فبل يظير جيمو فيياذا اعتدى عميو الشيخ فميتحممو ويكرمو مف أجؿ إسبلمو وكبر سنو .وا
توطد( عميو السبلـ)ىذه اآلداب التي دعا إلييا اإلسبلـ ونفذىا أئمة اليدى تطير نفوسيـ، إنيا آداب إنسانية يمدح فاعميا في العبلقات االجتماعية بيف الناس وتصفي قموبيـ و
.الدنيا ويؤجر ويثاب في اآلخرة :حؽ التصغير
وأما حؽ الصغير فرحمتو، وتثقيفو، وتعميمو، والعفو عنو، والستر عميو، والرفؽ بو، والمعونة لو، والستر ) (...()أدنى لرشدهعمى جرائر حداثتو، فإنيا سبب لمتوبة والمداراة لو، وترؾ مماحكتو فإف ذلؾ
الطفولة صورة مبلئكية في الطيارة والبراءة وقد تظير في عينيو الصافيتيف وفي حركاتو العفوية وفي والطفؿ كالعجيف بيف يدي مربيو يستطيعاف صوغو رجبل صالحا . جوارحو الناصعة؛ وفي كمماتو البيضاء
.ويدافع عنو في كؿ آف عظيما وبعيدا عف كؿ سوء وغش، رجبل عقائديا يؤثر الحؽأما إذا أىمؿ الولداف تربية ولدىما فسوؼ تسود الصفحة البيضاء وتتحوؿ القوة اإليجابية إلى قوة سمبية
.تخرب وتيدـ وتعتدي عمى اآلخريف بغير حؽإنما قمب الحدث (: )عمييما السبلـ)قاؿ سيد البمغاء والحكماء أمير المؤمنيف في وصيتو لولده الحسف
(.ض الخالية ما ألقي فييا مف شيء إال قبمتوكاألر واإلسبلـ يعتبر الطفؿ أمانة بيف يدي والديو كما يعتبره أمانة في يد المجتمع المتمثؿ بالشارع والمدرسة
169
عميو )والجامعة فعمى ىذه العناصر جميعا رحمة ىذا الطفؿ الطري العود وقد أعمف اإلماـ زيف العابديف :عمى الكبير التي تعد مف ركائز التربية اإلسبلمية وىيحقوؽ الصغير ( السبلـ
رحمة الصغير والعطؼ عميو وعدـ استعماؿ الشدة والقسوة ألنيما يخمقاف فيو العقدة النفسية ويوجباف .انحرافو عف الخط السميـ
__________ .المخاصمة ببل وجو: الذنب أو الخطأ والمماحكة: الجريرة( )
.آفاؽ المعرفة أماـ عينيوتعميمو وتثقيفو وفتح عانتو في كؿ ما يحتاج إليو .الرفؽ بو وا .الستر عمى جرائر حداثتو وعدـ نشرىا
.مداراتو وترؾ مخاصمتو ألف ذلؾ أفضؿ لرشدهصبلح المجتمع ( عميو السبلـ)ىذه األصوؿ التربوية التي أعمنيا اإلماـ توجب صبلح النشء وتيذيبيـ وا
.فضؿوترقيتو إلى األكمؿ واأل :حؽ السائؿ
وأما حؽ السائؿ فإعطاؤه إذا تييأت صدقة، وقدرت عمى سد حاجتو، والدعاء لو في ما نزؿ بو، )ف شككت في صدقو، وسبقت إليو التيمة، ولـ تعـز عمى ذلؾ لـ تأمف مف أف والمعارفة لو عمى طمبتو، وا
إلى ربؾ، تركتو بستره يكوف مف كيد الشيطاف أراد أف يصدؾ عف حظؾ ويحوؿ بينؾ وبيف التقرب ف غمبت نفسؾ في أمره، وأعطيتو عمى ما عرض في نفسؾ منو، فإف ذلؾ مف عـز . ورددتو ردا جميبل وا
..(.األمورفي الواقع السؤاؿ ذؿ ولـ يسمح بو اإلسبلـ إال في أوقات الضرورة التي يتوقؼ عمييا حفظ النفس مف
واإلسبلـ دعا إلى العمؿ الجاد والكفاح . ؽ أحد عمييايد المسمـ عزيزة مترفعة تأبى أف يتصد. اليبلؾوالمسمـ الكريـ يكسب قوتو بعرؽ جبينو وكد يمينو . الشريؼ وعد الكاد عمى عيالو كالمجاىد في سبيؿ اهللوال يخفى أف األرزاؽ بيد اهلل يرزؽ بيد اهلل يرزؽ . مف صنوؼ الموارد المحممة التي تؤمف العيش الرغيد
حساب ولكف عمى اإلنساف السعي والتحصيؿ والعمؿ الجاد، وبعد ذلؾ يأتي دور اهلل عز مف يشاء وبغير .وجؿ في اإلنجاح والتوفيؽ
وفي ىذا قاؿ أمير المؤمنيف . وعمى المؤمف أف يسأؿ مؤمنا مثمو ألف السؤاؿ إلى غير أىمو مذلة وميانة (.فانظر عند مف تقطره ماء وجيؾ جامد يقطره السؤاؿ: )مخاطبا المؤمف( عميو السبلـ)
171
بعمـ المسؤوؿ كيؼ يجب أف يتعامؿ مع السائؿ، يعممو كيؼ يواجو ( عميو السبلـ)واإلماـ زيف العابديف وأما إذا شؾ المسؤوؿ في . وأما حؽ السائؿ فإعطاؤه إذا تييأت صدقة: المواقؼ بنفس راضية فيقوؿ
اية والكممة الطيبة، فمعؿ الوسوسة والشؾ إنما ىما صدؽ السائؿ فبل يقابمو بالجفاء بؿ يعاممو بالعقؿ والرو ذا لـ يستطيع مقاومتو وحاؿ بينو مف الشيطاف الذي يوسوس في صده ويمنعو عـ ممارسة الخير وفعمو وا
و ما أعطى بالشكر لو والمعرفة لفضمو وطمب وجو العذر في وأما حؽ المسؤوؿ فحقو إف أعطي قبؿ من)ف كاف ظالما فإف ف ليس التثريب في مالو، وا منعو وأحسف بو الظف وأعمـ أنو إف منع فمالو منع، وا
..(.اإلنساف لظمـو كفاريتعرض اإلماـ ىنا إلى حؽ المسؤوؿ الذي أعطى وبذؿ ووىب والذي يمر بأشكاؿ مختمفة ووجوه متعددة فتارة غني مترؼ وأخرى فقير مسكيف، وتارة كريـ سخي وأخرى بخيؿ غني والمسؤوؿ يعطي عف طواعية
فمف أوليات حقوؽ . ويشعر مع المحتاج ىمومو وآالمو ويمد يده ليقدـ ما منحو اهلل مف خير وعطاءذا منعو فميحسف .الظف بو السائؿ أف يقابؿ المسؤوؿ بالشكر والدعاء لو فيما إذا أكرمو وأعطاه، وا
أما اإلنساف القادر الذي يمنع السائؿ مع القدرة عمى عطائو فإنما يحجب مالو عف نفسو ويحرميا منو .ألف اهلل قد أعد لممتصدقيف الثواب الجزيؿ واألجر العميـ
:حؽ مف سرؾ اهلل بوى ذلؾ بقدرة في وأما حؽ مف سرؾ اهلل بو وعمى يديو، فإف كاف تعمدىا لؾ حمدت اهلل أوال ثـ شكرتو عم)
ف لـ يكف تعمدىا حمدت اهلل موضع الجزاء، وكافأتو عمى فضؿ االبتداء، وأرصدت لو المكافأة، وا ، وأحببت ىذا إذا كاف سببا مف أسباب نعـ اهلل عميؾ، وترجو لو ()وشكرتو، وعممت أنو منو، توحدؾ بيا
ف كاف لـ ..(.يعتمد، وال قوة إال باهلل بعد ذلؾ خيرا، فإف أسباب النعـ بركة حيث ما كانت، وا __________
.اختصؾ بيا: توحدؾ بيا( )
إف المسمـ الذي يمتـز باألخبلؽ اإلسبلمية يعيش مع الناس بأخبلؽ الرسؿ المصمحيف واألئمة الطاىريف، ذالليـ .فيصفح عنيـ زالتيـ ويستر عوراتيـ، ويبتسـ في وجوىيـ، ويتواضع ليـ ويتجنب إىانتيـ وا
زيف العابديف يرتفع بنفسية المسمـ عف اإلساءة إلى أخيو المسمـ ليدخؿ في عداد العامميف عمى واإلماـمسرتو وانشراحو ومف يبادر إلى إدخاؿ السرور عمى قموب الناس ىو مف خيار الناس فقد أسدى إلى
السرور يجب أف يتخذ الطريؽ الشرعي المباح دوف ما يكوف محرما كما ىو الحاؿ عند بعض المتياونيف .بالديف والمستيزئيف بغيرىـ
ذا جاءت مسرتؾ عف يديو صدفة فإف اهلل أما إذا أقدـ مف سرؾ هلل مختارا فعميؾ شكر ه عمى ىذه النعمة وا تعالى ىو الذي مف عميؾ بمثؿ ىذه النعمة وعميؾ أف ترجو لو الخير ألنيا عمى أي حاؿ صدرت عنو
وأما مف أساء القضاء عمى يديو بفعؿ أو قوؿ فإف كاف تعمدىا كاف العفو أولى بؾ، لما فيو مف القمع )ولمف انتصر بعد ظممو فأولئؾ ما عمييـ مف } : وحسف األدب مع كثير أمثالو مف الخمؽ فإف اهلل يقوؿ
ف عاقبتـ فع} : وقاؿ تعالى أيضا (. ){ إلى قولو مف عـز األمور … سبيؿ اقبوا بمثؿ ما عوقبتـ بو، وا (.){ ولئف صبرتـ ليو خير الصابريف
إذا جاروا عمى أحد بقوؿ أو فعؿ، وكاف ذلؾ عف : لمقضاة فيقوؿ( عميو السبلـ)وىنا يتعرض اإلماـ عمد، فاألولى الصفح والعفو عنيـ عمبل باآلداب اإلسبلمية العالية التي حثت عمى العفو عف المسيء
.إلساءة منيـ عف خطأ فبل ينبغي مؤاختيـ ألنيـ لـ يتعمدوا الظمـ والجورأما إذا صدرت ا__________
منيـ عمى إحسانو ويشجعو عمى ىذه الظاىرة الكريمة التي تعود فائدتيا عمى أف يشكر كؿ محسف .المجتمع بأسره
.أف يعمؿ عمى نصرتيـ عندما تدعو الحاجة إلى الدفاع عف حقيـأف يحتـر الجميع ويعطي كؿ واحد منيـ قدره فينزؿ كبيرىـ بمنزلة والده، وصغيرىـ بمنزلة ولده، وأوسطيـ
.بمنزلة أخيو__________
.اإلسراء، اآلية ( ) .البقرة، اآلية ( )
وال ريب لو أف كؿ مسمـ طبؽ ىذه الحقوؽ عمى واقع حياتو لكانوا يدا واحدة قوية تجاىد في سبيؿ الحؽ .وتنتصر بإذف اهلل تعالى ولما وصمنا إلى ما وصمنا إليو اليـو مف التفرقة والتخاذؿ والخسراف
:حؽ أىؿ الذمةأىؿ الذمة فالحكـ أف تقبؿ منيـ ما قبؿ اهلل، وتفي بما جعؿ اهلل ليـ مف ذمتو وعيده، وتكميـ وأما حؽ)
إليو في ما طمبوا مف أنفسكـ وأجروا عميو، وتحكـ فييـ بما حكـ اهلل بو عمى نفسؾ في ما جرى بينؾ صمى )د رسوؿ اهلل وبينيـ مف معاممة، وليكف بينؾ وبيف ظمميـ مف رعاية ذمة اهلل، والوفاء بعيده، وعي
فيذه خمسوف حقا محيطا بؾ، ال تخرج منيا في حاؿ مف األحواؿ يجب عميؾ رعايتيا والعمؿ في ..(.ى ذلؾ وال قوة إال باهلل، والحمد هلل رب العالميفتأديتيا، واالستعانة باهلل جؿ ثناؤه عم
لقد رعى اإلسبلـ أىؿ الذمة، الييود والنصارى، مف الذيف دخموا في ذمة اإلسبلـ فعامميـ بالحسنى كما عامؿ سائر المسمميف فمارسوا حرياتيـ الفكرية والعممية والدينية وعاشوا بأمف ورخاء واستقرار ضمف
وبموجب ىذا العيد أصبحوا . في عيد مع اإلسبلـ عندما أرادوا أف يبقوا عمى دينيـشروط معينة ودخموا :ومف واجباتيـ. أىؿ ذمة تجري عمييـ أحكاـ معينة
173
دفع الجزية ويرجع تقديرىا لئلماـ وىي عبارة عف قدر معيف مف الماؿ يدفعو الييودي والنصراني عف .ء والصبياف والعاجزيف والمجانيفنفسو في ظؿ حماية اإلسبلـ لو وىي تسقط عف النسا
أف ال يقوموا بأي عمؿ ينافي األماف لمدولة اإلسبلمية مثؿ إمداد المشركيف أو العـز عمى حرب المسمميف .ألف ذلؾ كاف نقيض العيد ويخالفو
.حؽىذه ىي رسالة الحقوؽ الخالدة التي حبرىا قمـ اإلماـ السجاد مف فوح القرآف وبوح فكره وأفاض بيا عمى
ستبداد المموؾ القساة ومترديات الجاىمية األمة اإلسبلمية التي كابد في إنقاذىا مف جور الحكاـ الطغاة وا .األولى
معالـ الشخصية اإلنسانية الصالحة التي يتبناىا اإلسبلـ ( عميو السبلـ)في ىذه الرسالة رسـ اإلماـ ويفتخر بيا كؿ مسمـ لما مف فوائد خاصة بكؿ إنساف ومنافع عامة إلصبلح المجتمع مف االنحرافات
رجاعو إلى الخط اإلسبلمي السميـ الذي رسمو جده المصطفى الرسوؿ األعظـ األخبلقية والدينية وا (.صمى اهلل عميو وآلو وسمـ)
إنيا رسالة يتيمة في موضوعيا وفريدة في أسموبيا تضمنت حقوؽ المسمميف كما تناولت حقوؽ أىؿ ليا اإلماـ أف الذمة بموضوعية كاممة واآلداب اإلسبلمية شاممة واألخبلؽ اإلنسانية عامة يريد مف خبل
يساىـ في صنع الشخصية اإلسبلمية السميمة التي تعمؿ في سبيؿ اهلل وتحب وتبغض في اهلل وتساعد .ببل أذى أو مف عباد اهلل
فعمى جميع المسمميف رعاية ىذه الرسالة العظيمة والعمؿ في تأديتيا ليعالجوا عمى ضوئيا جميع ما يعترض حياتيـ مف مشاكؿ وأزمات ويعيشوا
.………………………………………………………أفضؿ األعماؿ عند اهلل ... .………………………………………………………………حقيقة الموت ... ..……………………………………………………………………الزىد ... .………………………………………………………………الحب في اهلل ...
:مف غرر أجوبتو ..…………………………………………………………………العصبية ... ..……………………………………………………………أفضؿ األعماؿ ... ..……………………………………………………………األخذ بالجوىر ... …………………………………………………………………امة يـو القي... ..………………………………………………مف أبويو ( ص)ما أوتيتـ النبي ... …………………………………………………مف الغالب؟ : بعد وقعة كرببلء... ..………………………………………………كيؼ أصبحت يا بف رسوؿ اهلل ... ………………………………………………………سؤاؿ الزىري المغمـو ... ..………………………………………………………………أوجو الصـو ... ………………………………………………………ولكـ في القصاص حياة ...
:تحؼ مف بعض عمومو ..……………………………………………………في رحاب القرآف الكريـ ... ..…………………………………………………في رحاب الحديث الشريؼ ... ……………………………………………………………جامعة أىؿ البيت ... ..…………………………………………………………الوالء ألىؿ البيت ... .…………………………………………………اسة أىؿ البيت عمى الناس سي...
:أثر مجزرة كرببلء عمى اإلماـ السجاد .………………………………………………………………قبؿ المجزرة ... ………………………………………………………………أثناء المجزرة ... .………………………………………………………………بعد المجزرة ... ..………………………………………………نة اإلماـ زيف العابديف في المدي... ..…………………………………………………………خطبيتو في المدينة ...