ا ا ل ا ق - Univ Oran 1 · 2016-05-24 · 4 ﺔﻣﺪﲞ ﺎﻨﺳﺎﺴﺣﺇ ﻮﻫ ﺮﺷﺎﺒﻣ ﰐﺍﺫ ﺐﺒﺳ ﻦﻋ ﺎﻌﺑﺎﻧ ﻥﺎﻛ ﻉﻮﺿﻮﳌﺍ

1

وآدا ا ا

وأط تما راهدة ا اوان ا :

"ا ا لق ا" -او ر-

: إشراف األستاذ : إعداد الطالبة الدكتور أمحد عزوز بن يامنة سامية

ا : أستاذ جامعة وهران سليمانرئيسا عشرايت أستاذ جامعة وهرانمدـأحمقررا عزوز

أستاذ جامعة وهران حبارمناقشا مـختار أستاذ جامعة تيزي وزوح ـصالمناقشا بلعيد أستاذ جامعة تلمسانحممد مناقشا عباس

جامعة األغواط-أ– أستاذ حماضر مسعود مناقشا صحراوي

1432-1433 اا ، 2011-2012

2

ا ا ا

ل: ﴿ وأ أ إ ام

ف م ة ا ءا ذ و سا حو إوف أ اء ﴾أ114(ا.(

3

مجيل أن يتسع عقل الباحث لفكر قدمي وآخر حديث، لكنه مجال مشروط باقتران هذا االتساع باالستيعاب والفهم؛ أي إدراك الفكرة القدمية واحلديثة مع فهمها ومعرفة السياق الذي

ا الطرح، نطرق فيه ويندرج هذا البحت ضمن هذ .أنتجت فيه، واألسس اليت انبنت عليها؛ وهي فكرة تناولتها الدراسات القدمية واحلديثة، ولكن بطروحات متنوعة "سياق احلال"موضوع

.وخمتلفة

يالحظ أنه جتاذبتها أطروحتان -على األقل يف البحوث احلديثة–واملتتبع هلذه الفكرة ، وأطروحة االحتواء؛ وجتسدت خمتلفتان؛ أطروحة اإلقصاء؛ ومتت ضمن النظريات اللسانية النسقية

ضمن البحوث التداولية، واليت انشغلت بقوة حول الفعل الكالمي، وكيفية إنتاجه وحتقيقه فعال أو : ومن هذا املنطلق جاءت هذه النقلة النوعية يف الدراسة اللسانية وفق هذه الدراسات؛ وهي. حدثا

ويف هذا اإلطار احتلت . ن دراسة السياقهنا ال ينفك ع" االستعمال"من البنية إىل االستعمال، و . مكانة مركزية ال ميكن إقصاؤها أو التقليل من أمهيتها" سياق احلال"مقولة

يف االجنازات التراثية؛ فإذا ما فتحنا خزانة التراث نلفي تويستشف املتأمل هلا أنها قد ترددتلقي وكيفيات تأليف الكالم حبسب طبيعة مباحث متنوعة حبثت يف معطياا انطالقا من املتكلم وامل

املوضوع وغاياته واألساليب التعبريية اليت قد يتخذها لتحقيق األغراض املعينة، وقد جتلت أفكاره ، واليت ترددت كثريا لدى علمائنا انطالقا من تأطري علمي "لكل مقام مقال"بقوة ضمن مقولة

. خاص

الدراسات املعاصرة فإننا نالحظ أنها احتلت مكانة خاصة ولكن إذا انتقلنا ذه الفكرة إىل" سياق احلال"حيث أصبح " نظرية األفعال الكالمية"ضمن البحوث التداولية، وباخلصوص يف

ومن هنا ظهرت طروحات حول . الكاشف اجلوهري الذي تتمظهر من خالله اإلجنازية املقصودة شيء ثانوي مقارنة بالفعل إليها على أساس أنها ينظر يعدهذه القضية يف ثوب جديد؛ حيث مل

.القويل؛ بل غدا من مشكالته وجمسداته، ولذا ال ميكن التغافل عنه يف الدراسة اللسانية

4

وال ننكر أن اختيار هذا املوضوع كان نابعا عن سبب ذايت مباشر هو إحساسنا خبدمة ه يتعلق بطرح له امتدادة وأنيف التراث الذي ما يزال حباجة إىل السواعد اليت البحث اللغوي، خاص

تكشف عنه وبالتايل بعث مساره اإلبداعي الذي سطره علماؤنا؛ وله حضور خاص يف الدراسات .الدراسة هلااملعاصرة، واليت ما تزال حتتاج إىل توضيح طبيعة

: وتنوعت منهاأما عن األسباب املوضوعية اليت جعلتنا ننتقي هذا املوضوع فقد تعددتالفعل "الوقوف على الرؤية املعاصرة اليت قدمها التداوليون هلذا املوضوع يف دراسة -، "كيف ننجز األشياء بالكالم"خصص له ثالثة فصول يف كتابه " Austinأوستني "، فـ"الكالمي

.طريهيف تأ" سياق احلال"وقد قدم فيها جمموعة من القضايا اجلوهرية اليت تبين أمهية يف ظل نظرية األفعال الكالمية، واليت ختتلف إىل " سياق احلال"الكشف عن طبيعة دراسة -

.حد كبري مع الدراسات النسقية السابقة من جهة، ومع الدراسات التراثية من جهة أخرى

أن هذا املوضوع يندرج ضمن تلك الدعوة اليت يدعو فيها أصحاا إىل ضرورة قراءة -لغوي بوسائل منهجية حديثة من أجل استنباط األسس املعرفية اليت انبىن عليها الفكر التراث ال

.املوروث، بالتايل املسامهة يف تفعيل البحث التداويل املعاصر وتطويره

بيان األسس املنهجية واملعرفية واللغوية اليت ارتكز عليها رواد نظرية األفعال الكالمية يف -هة، ومقارنتها مع ما قدمه علماؤنا من جهة أخرى، وكل ذلك من من ج" سياق احلال"دراسة

أجل حل اإلشكاليات اليت طرحتها هذه النظرية، وباخلصوص يف تأويل الفعل الكالمي وحتقيق .إجنازيته املنوطة به

يف تأطري الفعل الكالمي، " سياق احلال"ضبط املرجعية املعرفية اليت تولدت عنها قضية -ينه سواء عند التداوليني؛ واليت غذا الفلسفة الرباغماتية، أو عند علمائنا القدامى؛ واليت وتقدمي قوان

.تولدت عن املرجعية األخالقية املستمدة من التربية اإلسالمية

بقوة يف نظرية األفعال الكالمية مما دعانا أكثر لضبط ) سياق احلال(تردد هذه املقولة - .ل الفعل الكالمي أو تأويلهمقتضياا سواء يف تشكي

5

الوقوف على اإلشكاالت الكربى اليت ما تزال تعترض هذه الفكرة عند التداوليني، -فطبيعتها املتجددة واملتنوعة أشكلت عليهم تقنني اإلنتاج الكالمي ضمن قواعد خاصة، كما هو

.ن قواعد معينةاحلال يف الدراسات النسقية اليت استطاعت أن تضبط النسق اللغوي ضم

نكشف " -مقاربة تداولية-سياق احلال يف الفعل الكالمي "ولذلك جاء عنوان أطروحتنا فيه عن دور املعطيات غري اللغوية وأمهيتها يف تأطري الكالم، وبالتايل حتقيق األغراض اإلجنازية اليت

. يقوم عليها

أن تشرحه ه عام، حاولنابوج" السياق"ت موضوع ويف احلقيقة هناك دراسات سابقة تناولنظرية السياق بني القدماء ":وتبين عالقته بالكالم؛ مثل صنيع عبد النعيم خليل الذي ومسه بـ

، حيث عمد إىل تبين أصل السياق ومفهومه، وكذا عناصره، "واحملدثني دراسة لغوية حنوية دالليةد احملدثني واملعاصرين العرب مث تناول فيه نظرية السياق عند القدماء، وبعد ذلك طرحه عن

داللة السياق "ورسالة دكتوراه للباحث عبد الفتاح عبد العليم الربكاوي، وعنوا بـ. والغربيينمالينوفسكي " وقد تعرض فيها للبداية احلقيقية للسياق عند بني التراث وعلم اللغة احلديث،

Malinowski"م أهم األسس السياقية يف التراث العريب من خالل عالقتها بعلم األصوات ، مث قدوهو نفسه ما وجدناه ماثال يف رسالة دكتوراه للباحث ردة بن بردة بن ضيف اهللا . والنحو

. ، وقد أضاف إىل هذه األفكار عالقة علم النص بالسياق"داللة السياق"الطلحي املعنونة بـ

السياق وأثره ": ملوسومة بـكما عثرنا على رسالة دكتوراه للباحث إبراهيم حممود خليل اتطرق فيها إىل العالقة الوثيقة بني السياق ؛ "يف الدرس اللغوي دراسة يف ضوء علم اللغة احلديث

والدرس اللغوي؛ حبكم أنه أضحى من املرتكزات اليت عولت عليها كل املدارس اللغوية، كما عمد . والنحويإىل تبيان أثر السياق يف كل من البحث الصويت والداليل

نظرية السياق عند اللغويني والبالغيني "مث رسالة الباحث عبد القادر بوزبوجة املوسومة بـ .، واليت قدم فيها جهود اللغويني والنحويني والبالغيني يف السياق"العرب

واتضح لنا أن كل هذه البحوث حول السياق كانت يف جوهرها عامة، حىت وإن كانت سياق "ها، وهذا ما حفزنا أكثر للغوص يف عمق هذا املوضوع، متخصصني يف متقاربة فيما بين

6

فقط، وعند رواد نظرية األفعال الكالمية، وحنسب أن الدراسات فيها ما تزال حتتاج ملن " احلالوقد الحظت أن هذه النظرية قد طرحت املوضوع بطرح علمي خاص يغدو . يستوضحها أكثر

.الذي يتحقق من خالله الفعل الكالمي، وهذا هو متيز حبثنااملركز " سياق احلال"فيها

كيف يؤطر سياق احلال الفعل الكالمي : وهيإشكالية مركزيةويقوم هذا املوضوع على سواء يف إنتاجه أو تأويله أو إجنازيته؟ مث كيف نفيد من الطروحات اليت قدمها علماؤنا يف ذلك؟

:فرضيات منهاوهي إشكالية تقوم على جمموعة من ال .األساس الذي يقوم عليه الفعل الكالمي" سياق احلال"يعد - .تتنوع معطيات سياق احلال، لكنها تبقى يف جوهرها متعالقة مع الفعل القويل- .حتقيق القوة اإلجنازية مستمد من االنسجام بني اإلنتاج القويل وسياق احلال الذي يؤطره-

نوزع هرم البحث على أربعة فصول مصدرة مبقدمة، مث اقتضت منا طبيعة املوضوع أنوقد بصفة عامة، وحضوره املميز يف التراث اللغوي العريب من جهة، " السياق"متهيد وضحت فيه قيمة

. ويف الدراسات اللسانية املعاصرة من جهة أخرى

إىل مفهوم فيه ناقتطر، " مفاهيمه وإجراءاته" احلالسياق" فومسناه بـالفصل األولأما كمصطلح، أين أدركنا ذلك التنوع املفاهيمي الذي كان سائدا عند الباحثني، مث انتقلنا " السياق"

متكلم ومتلق، وكذا مالبسات : فضبطنا مفهومه ومكوناته األساسية من" سياق احلال"إىل مصطلحز ا؛ من دينامية حمركة وحاولنا استجالء جممل خصائصه اليت يتمي. الكالم، والزمان واملكان

وبعد ضبط مفهومه وطبيعته أبرزنا كيفية معاجلة العلماء له، انطالقا من التراث . وواقعية وغريمهاالعريب وبشكل مفصل عند كل من النحويني واللغويني، والبالغيني واملفسرين وعلماء األصول،

نا هذه املفاهيم مبا هو ماثل يف معززين كل هذا بالتمثيل والشواهد من أمات الكتب، مث قارب .الدراسات اللغوية الغربية مركزيني على احلقل التداويل

وقد بينا ضمن هذا الفصل أن العرب القدامى قد أولوه بعناية خاصة، واعتربوه قطب الرحى الذي يعول عليه يف صنعة الكالم، وكل ما يتصل به من ظروف ومالبسات وقت القول الفعلي؛

: فالكلمة ختضع لبعدين أساسيني. ل شخصية املتكلم والسامع وتكوينهما الثقايف، وغريمهامن مث

7

.البعد الواقعي اإلخباري الذي ستعمل فيه الكلمات: أوهلماالبعد السياقي هلا، ويرتبط بالتركيب واملعطيات االجتماعية والنفسية والثقافية اليت : ثانيهما

.تؤثر يف كل ذلكسياق " البحث عن هوية هذا املصطلح عرب جماالت كثرية، والحظنا أن مفهوم كما جلنا يف

كما أكدوا على فالنحاة ناقشوه وبينوا أمهيته يف أبواب حنوية متنوعة، قد تنوع وتعدد؛" احلال، "املقام"أما البالغيون فطرحوه ضمن مصطلحات خمتلفة منها . اران بعض الظواهر النحوية به

بكل معطياته أثناء األداء " سياق احلال" على ضرورة مراعاة اكما حثو ،"تضى احلالمق"وهو الضابط لنوعية األساليب الكالمية اليت قد تعتمد يف " احلال"حيث اتضح لنا أن .الكالمي

علماء التفسري قطب الرحى يف الكشف عن مرامي آي القرآن ومقاصده، اعتربه يف حني . التبليغأما . واليت قد تسهم يف إدراك البعد الداليل للقرآن الكرميطوه ربطا وثيقا بفكرة املناسبة،وقد رب

عند األصوليني فعد من املرجعيات األساسية اليت قد تعتمد يف ضبط األدلة ألصول األحكام .الفقهية

ية خاصة، مث قدمنا مفاهيم هذا املصطلح يف الدراسات احلديثة، واكتشفنا أنه حظي بعنا" Jakobsonجاكبسون "تبلورت أكثر مع بعض العلماء ضمن نظريات متنوعة، انطالقا من نظرية

، "Firthفريث "واالجتماعية لـ" Bloomfieldبلومفيلد "مرورا باملدرستني السلوكية لـرون فالتداوليون يفس اليت اتخذته موضوعا مركزيا هلا؛" Pragmatiqueالتداولية "ووصوال إىل

عملية إنتاج الكالم ويربطوا باملخاطب، واملتلقي الذي يفكك العبارة اللغوية ليصل إىل مقصد املتكلم، وبالتايل فإن عملية إنتاج الكالم وفهمه مرتبطة ارتباطا وثيقا بسياق احلال الذي يؤطر هذه

.العملية

كشفنا فيه عن ، "ل الكالميةسياق احلال ونظرية األفعا" فعنوناه بـ:الفصل الثاينأما املسرية التطورية لنظرية األفعال الكالمية؛ إذ يرجع الفضل يف بروزها على الساحة العلمية إىل

هذا التوصل إىل فهم أفضل لكيفية عمل الذهن يف تصوره للعامل حينما حاولوا ؛"فالسفة اللغة"ن فالسفة اللغة واجته يف اجتاه عكسي؛ بشكل عام، بيد أن الصورة توضحت أكثر مع تيار انبثق ع

اليت طرحت مجلة من القضايا، اعتمدا نظرية أفعال الكالم أثناء دراستها " لفلسفة التحليليةا"وهو

8

وارتكزنا أيضا يف . تقوم على التحليل املنطقي للعبارة واللغة بصورة عامةواليت للفعل الكالمي،أي القواعد اليت حتكم استعمال هذه العبارة أو تلك ؛"اديةقواعد االستعمال للغة الع"حتليلها على

. الذي تنتج فيه" سياق احلال"وهذا يدل على مدى اران اللغة بـ. حتت ظرف معني

هنا هو الذي يخرج اللغة من صوريتها، ويدخلها إىل اإلجراء، فتصبح جزءا " االستعمال"واقاته، ويقدم ا انيه، ويعتذر ا إن اقترف أخطاء، ويعد ا من الفرد املستعمل هلا؛ إذ يربم ا اتف

إذا أراد وعدا، ويتزوج ويطلق ا، ويشتري ويبيع، وغري ذلك؛ ولكن دائما يف ظروف استعماليه .معينة

ومن هنا تظهر طبيعة اللغة ضمن هذا الصنف من االستعمال؛ إذ ال تأخذ قيمتها ضمن هذا الذي تتحقق فيه، باعتباره املؤطر هلا من حيث إنتاجها من " سياق احلال" إال من الطرح التداويل

جهة، ومن حيث تأويلها من جهة أخرى، وهذا ما عول عليه رواد نظرية أفعال الكالم بدءا من وقد اعترب . وشروطه وأصنافه" الفعل الكالمي" مفاهيم دقيقة حول الذي بسط" Austinأوستني "

يف سياق حمدد، والذي ال تكون اللغة معه و ، من قبل متكلم حمدداتحققم الفوظمكالمي الفعل ال .جمرد أداة تواصلية؛ بل فعال اجتماعيا أو سلوكا فرديا أو مؤسساتيا

، مث "Austinأوستني "مث تطرقنا إىل أقسام الفعل الكالمي انطالقا من تصنيف رائدها Vanفان دايك " و"Wunderlich فوندرليش"ذلك بتقدمي آراء ، وعززنا "Searleسريل "تصنيف

dijk "أوركيوين "وOrecchioni "ريكانايت "وRécanati" مع حماولة تقدمي بعض املالحظات يف ، .رحاب اآلراء التراثية اليت ختدم هذا اال

وبعد ذلك خصصنا مبحثا للفعل الكالمي عند الدارسني العرب املعاصرين، قدمنا فيهااجلهود اليت طرحها بعض املفكرين احملدثني؛ وقد ركزنا على احملاولة القيمة اليت ذكرها الطبطبائي، واهودات الراقية اليت بسطها مسعود صحراوي، وبعد طرح بعض املالحظات يف ذلك استنبطنا

تصنيف الفعل معهما بعض اآلراء اليت حاولنا من خالهلا إجياد بعض احللول اليت ما زالت تطرح يف .اإلجنازي

9

أردنا ؛ "الفعل الكالمي التفاعل يف سياق احلال وقوانني" فدرسنا فيه :الفصل الثالثأما سياق "فيه بيان كيفيات إنتاج الفعل الكالمي من لدن املتكلم وعالقات كل ذلك مبا يقتضيه

الكالمي، وهذا استنادا على ما يف الفعل "التفاعل"، ولذلك عمدنا يف البداية إىل بيان طبيعة "احلال حول التفاعل القويل، وما يقتضيه من قدرات لغوية ومعرفية وأخرى "Van dijkفان دايك "قدمه

مث تناولنا اخلصائص اليت امناز ا التفاعل . إدراكية واجتماعية؛ وقد بينا ذلك مبخطط توضيحيوهي أن كل فعل : لك من مسلمة أساسيةالتواصلي يف ظل نظرية األفعال الكالمية منطلقة يف ذ

كالمي هو يف جوهره فعل تداويل حمدد بعالقة تفاعلية تتم بني ركين العملية التخاطبية، وهي مرهونة بأسس مرتبطة باستعماليه اللغة وتعدديتها وانسجامها من جهة، وبالدينامية والتضمني

، واليت "قوانني هذا التفاعل"م وهو تقدمي بعد ذلك انتقلنا إىل عنصر مه. واالقتضاء من جهة أخرىالضوابط اللغوية اليت يبيحها االستعمال اللغوي املعني من جهة، وما : تتعلق مببدأين رئيسيني ومها

وقد استندنا . يرتبط باتمع وأخالقياته من جهة أخرى، وكلها جمتمعة تضمن جناح الفعل الكالمييف مجلة من " Searleسريل "، وما وضحه أكثر تلميذه "Austinأوستني "يف ذلك إىل ما قدمه

وغريه يف ضروب من القوانني من جهة، وما قدمه " Griceغرايس "املبادئ، وما طرحه أيضا لغويونا العرب من أفكار من جهة أخرى، وقد اعتمدنا عليهم يف استنتاج القواعد اليت تنظم

قوة وضعفا جوهرية مفادها أن القوة اإلجنازية تظهرمث أيت هذا الفصل بفكرة. التفاعل الكالمي .انطالقا من جمموعة من اآلليات احلجاجية

طرحنا فيه ،"سياق احلال وفعل التأويل يف الفعل الكالمي" لـالفصل الرابعوكان طبيعة املعىن كيفيات تأويل الفعل الكالمي وعالقات سياق احلال بذلك، وقد شرحنا فيه بداية

سواء كانت هذه الداللة أين أوضحنا أمهية الداللة يف نظرية األفعال الكالمية ، "كالميللفعل المباشرة أو غري مباشرة، مث أبرزناها من خالهلا ارتباطها بفعل التأويل، والذي يتأسس على مجلة من

. ه وتعدديتهاملبادئ كان من أمهها اران هذا الفعل بفعل قويل، ومبقام ما يسهم مبعطياته يف إنتاجيتوعمدنا بعد ذلك إىل بيان خمتلف اآلليات واملؤشرات اليت تؤطر تأويل الفعل الكالمي، ووجدناها تتنوع يف ضبط قوى الفعل اإلجنازية؛ منها اآلليات اللغوية، واآلليات غري اللغوية؛ واليت تشمل

-املوقف العام الذي يقوم عليهاليت تقوم على ربط القول مبستدعيات -معظم العمليات االستداللية

10

غرايس "املوظفة من لدن املؤول ليحقق ا الفعل اإلجنازي املقصود، ودعمنا هذه األفكار مبا طرحه Grice ."ومبا أقره السكاكي.

مث انتقلنا إىل تبيين القوة اإلجنازية وعالقتها بالكفاءة التأويلية للمؤول، حيث تعترب هذه عاال يف تأويل الفعل الكالمي، وحددناها يف أربع كفاءات ارتبطت جوهريا األخرية مكونا ف

وبعد ذلك . الكفاءة اللسانية والسياقية احلالية واملوسوعية واالستداللية: بالكفاءة التداولية وهيتكلمنا عن تقسيم رواد األفعال الكالمية للقوة اإلجنازية إىل مباشرة وغري مباشرة، وبينا كيف أن

.تداعيات احلال جتعل اإلنسان يف معظم اتصاالته يلجأ إىل الفعل الكالمي غري املباشر

.وختمنا حبثنا خبامتة ضمناها جممل النتائج اليت خلصنا إليها من كل فصول البحث

أما منهجنا فكان يف معظم هذه الرسالة وصفيا قائما على وصف القضايا املختلفة ذات وقد عمدنا يف . ع، مث حتليلها ومناقشتها انطالقا مما قدمه املختصون يف ذلكالعالقة املباشرة باملوضو

بعض األحيان إىل مقارنة بعض األفكار التداولية احلديثة مبا ورد لدى علمائنا، والغاية هنا ليس إبراز فضل السبق يف ذلك؛ بل هي حماولة االستفادة من آراء علمائنا القدماء يف إثراء املسائل

، وضبط أمهيته وقيمته يف "سياق احلال" اليت تطرحها نظرية األفعال الكالمية يف تأطري الكربى .حتقيق القوة اإلجنازية املقصودة

وقد عمدنا يف هذه الرسالة إىل التمثيل انطالقا من القرآن الكرمي من جهة، وكالم العرب ث كنا منثل يف بعض األحيان وحاولنا التنويع يف املدونة األدبية حي. شعره ونثره من جهة أخرى

من التراث األديب، ويف أحايني أخرى من األدب احلديث؛ وقد أفدت هنا كثريا من آثار حممد والغاية من هذا التطبيق هو تقريب أفكار هذا املوضوع إىل القارئ العريب . البشري اإلبراهيمي

.انطالقا من ثقافتنا العربية

البحث، اعتمدنا على مرجعية علمية ثرية ومتخصصة أفدنا وحىت منيط اللثام عن جوهر هذا منها بقوة من أجل اإلحاطة بكل ما تقتضيه قضايا املوضوع، وقد تنوعت بني املصادر احلديثة

نظرية "باللغتني العربية والفرنسية " Austinواملصنفات القدمية، فمن األوىل نذكر كتاب أوستني وكتاب ،"Austin, Quand dire c’est faire، األشياء بالكالمأفعال الكالم العامة كيف ننجز

11

Searle" " Sens et expression études de théorie des actes deسريل "

langage"آفاق جديدة يف البحث "و. لفيليب بالنشيه" التداولية من أوستني إىل غوفمان"، وومن الثانية .ملسعود صحراوي" علماء العربالتداولية عند ال"حملمود أمحد حنلة، و" اللغوي املعاصر

.نشري إىل كتب النحاة والبالغيني وعلماء األصول وعلماء التفسري مما خيدم القضايا املطروحة

وقد واجهتنا أثناء إعداد هذا البحث جمموعة من الصعوبات؛ أمهها وأشكلها إشكالية بعض املصطلحات اليت تتعلق ذا املصطلح سواء يف اللغة األخرى حيث وجدنا صعوبة يف ترمجة

جاك "ويف معجم " Searle" "Sens et expressionسريل "املوضوع، وباخلصوص يف كتاب Anne Reboul" "Dictionnaire Encyclopédique deآن روبول "و" J.Moeschlerموشالر

pragmatique ." عوا يفترمجة املصطلحات وكذلك يف لغتنا العربية؛ إذ الحظنا أن دارسينا قد نواليت تولدت عن نظرية األفعال الكالمية، فلم نكد جند مصطلحا موحدا إطالقا، هذا األمر جعلنا

.حنتاط أكثر يف األخذ مبصطلح معني

ويف األخري إنه ليسعنا أن نتقدم بالشكر اجلزيل إىل أستاذنا املشرف األستاذ الدكتور أمحد ف معنا وقته وجهده الثمينني من أجل إخراجه يف أحسن عزوز الذي رعانا يف هذا العمل فصر

وأى حلة، فلم يبخل علينا مبالحظاته الدقيقة ونصائحه السديدة وآرائه النرية وتعديالته املستوفية، والشكر موصول . اجلزاء والثواب فيسر لنا الكثري من املعضالت اليت واجهتنا، نسأل اهللا له حسن

احلليم بن عيسى الذي صحح لنا الكثري من الفلتات اليت اكتنفت هذا العمل أيضا إىل الدكتور عبد هذا البحث حنو -قدر املستطاع-وخباصة يف كتابته األوىل، أشكره على تعنيفه لنا حىت نرقي

اليت مكنتنا من تصويب الكثري من املزالق اليت واملعرفيةاألحسن، وعلى توجيهاته اللغوية والتركيبية . نا عنهاغفل

وإنه ملن لدواعي الفخر واالعتزاز أن نسترشد ونستضيء أكثر من مالحظات السادة األساتذة أعضاء جلنة املناقشة، نشكرهم على اقتطاعهم من وقتهم وجهدهم لتصويب ما اعوج من

سجيل وال يفوتنا أن نشكر كذلك جامعتنا اليت يسرت وهيأت لنا الفرصة يف الت. هذه الرسالة .واملناقشة

12

ويف األخري نقول هذه حماولة بسيطة، وقد بذلنا جهدنا من أجل اإلحاطة جبميع مقتضيات املوضوع، فإن كنا قد وفقنا فهذا من اهللا تعاىل، وإن أخطأنا فحسبنا أننا اجتهدنا ونرضى باألجر

.الواحد، فالكمال للواحد الصمد

م2011 جوان 02: وهران يف يوم

بن يامنة سامية:الطالبة

13

يف الدراسات اللغوية القدمية واحلديثة يالحظ تنوعا بصفة عامة"السياق"إن املتأمل ملوضوع أنه قد جتاذبته مقولتان خمتلفتان كانتا دركيف املفاهيم والرؤى؛ ولكن إذا أردنا استجماعها فإننا ن

: يف خمتلف املواقف الكالمية ومهاتهنظام اللغوي وإفرازاتاملنطلق األساسي يف دراسة ال

وجيعلونه من املرتكزات واملؤطرات اليت يقوم " السياق"األوىل يعتمد فيها أصحاا على . اللغويستخدامعليها اال

ليس له حضور يف اللغة؛ إذ هو خارج عن طبيعتها " السياق"أما الثانية فريى فيها روادها أن تية والكتابية القابلة للقياس واملالحظة، وباخلصوص يف إطار التخصص الذي أصبحت متليه الصو

.اللسانيات

، وهـذا مـا هذا املعطـى ولكن القاسم املشترك بني هاتني املقولتني هو التأكيد على أمهية احملـدثني، نالحظه لدى النحاة والبالغيني واملفسرين واألصوليني والفالسفة، وحىت عند اللسانيني

لنشري هنا إىل قضية مهمة؛ وهي أن هوية هذا املصطلح تنوعت مـن . وباخلصوص عند التداوليني .جمال إىل آخر من جهة، كما أنها اختلفت بني التراثيني واملعاصرين من جهة أخرى

وبينوا قيمته يف أبواب حنوية متنوعة، قد نوضح ذلك مع سيبويه ناقشوهالنحاةفالكالم املستقيم "، وباخلصوص يف 1"باب االستقامة من الكالم واإلحالة"يف ) هـ180ت(

يف هذا الصنف مستمد من سياق املوقف، باعتبار " الكذب"؛ حيث نستشف أن مفهوم "الكذب .2»الكذب هو مفارقة االعتقاد للخارج«أن

بعض الظواهر النحوية به، اهتمام أكثر عند النحويني ملا حتدثوا عن اران" السياق"وقد نال املصدر ينتصب بالفعل وهو «): هـ643ت( ذلك يف باب املنصوبات؛ يقول ابن يعيش دركقد ن

ضرب : أحد املفعوالت، وقد حيذف فعله لدليل احلال عليه، وهو يف قولك على ثالثة أضرب منها

.1/25، 1 أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنرب، كتاب سيبويه، حتقيق عبد السالم هارون، بريوت دار اجليل، ط 1 .53، ص1/1998الرمحن، اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي، املغرب املركز الثقايف العريب، ط طه عبد 2

14

وضرب ال جيوز . ه، وإن شئت أضمرتهتحيذف فعله وجيوز ظهوره فأنت فيه باخليار إن شئت أظهرحنو قولك ملن لقيته وعليه وعثاء السفر ... لبتةأوضرب ليس له الفعل . استعمال فعله وال إظهاره

ومن ذلك إذا ... مقدم،ري؛ أي قدمت خ"خري مقدم"ومعه آلته فعلمت أنه آيب من سفره فقلت عرقوب ":ي قلتد وال يفعرأيت رجال ي ب، فهو مصدر ؛ أي وعدتين مواعيد عرقو"مواعيد

بعلم املخاطب واكتفاء، عنه مبا فيه من ذكر اخللفه ترك لفظه استغناءمنصوب بوعدتين؛ ولكن .حيث نالحظ ارتباط نصب بعض املصادر مبتعلقات استعمالية هلا عالقة بالسياق. 1»باملراد

صة ومميزة؛ كما شاع عندهم بأمهية خا2"املقام"أو " السياق"أما عند البالغيني فقد حظي فارتبط الدرس البالغي ككل به، قد نؤكد ذلك من مقولتهم اليت تكررت يف معظم املصنفات

، فهي من جوامع الكلم اليت 3"لكل كلمة مع صاحبتها مقام"، و"لكل مقام مقال"البالغية؛ وهي . تستجمع بدقة موضوع الدراسات البالغية

التنظري البالغي واألديب بشكل عام، نلمح ذلك وقد كانت هذه الفكرة املنطلق الرئيسي يفمتكن مبنهجية عقالنية ناضجة من متثل آراء السابقني من علماء «، حيث 4)هـ255ت(مع اجلاحظ

اليت متثل مسلكا من أبرز " نظرية املقامات"الشعر وجتريدها وسهرها ضمن نظرية متماسكة هي .5» واجلمالية بشكل عاماملسالك إىل اكتشاف خصائص نظريته األدبية

.1/113، )ت.د( ابن يعيش، شرح املفصل، القاهرة مكتبة املتنيب 1 .يف الفصل األول من الرسالة" واملقام" السياق" سنناقش طبيعة هذين املصطلحني 2رضي ( التاريخ األديب عند العرب يرتبط باحلطيئة الذي يقول يف أحد أبياته خماطبا عمر بن اخلطاب لعل أول ظهور هلذه العبارة يف 3

):اهللا عنه تحنن علي هداك املليك فإن لكل مقام مقـاال

، وردة اهللا بن 1/167/،1/2000الطربي، جامع البيان يف تأويل القرآن، حتقيق أمحد حممد شاكر، بريوت مؤسسة الرسالة، ط: ينظرجنوى حممود . ، و د68هـ، الد األول ص 1418ردة بن ضيف اهللا الطلحي، داللة السياق، رسالة دكتوراه، جامعة أم القرى، .185، ص1/2008صابر، دراسات أسلوبية وبالغية، اإلسكندرية دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، ط

بقوة وعدها األساس الذي تقوم عليه البالغة العربية، ينظر مثال البيان والتبيني، حتقيق وشرح عبد السالم " املقام"ناقش اجلاحظ فكرة 4 . ذلك يف الفصل األولوضح، وسن7/1998،1/136هارون، القاهرة مكتبة اخلاجني، ط

م، بريوت دار الغرب 13/سابع اهلجري أمحد الوردين، قضية اللفظ واملعىن ونظرية الشعر عند العرب من األصول إىل القرن ال 5 .765، الد الثاين ص1/2004اإلسالمي، ط

15

كانوا متقدمني " املقام"ويذكر متام حسان يف هذا السياق أن البالغيني عند اعترافهم بفكرة باعتبارمها أساسني متميزين " املقال"و" املقام"ألف سنة تقريبا على زمام؛ ألن االعتراف بفكريت

يت جاءت نتيجة ملغامرات العقل املعاصر من أسس حتليل املعىن يعترب اآلن يف الغرب من الكشوف ال .1يف دراسة اللغة

ألن ؛بكل معطياته أثناء األداء الكالمي" املقام"وقد دعا البالغيون إىل ضرورة مراعاة املعىن ليس يشرف بأن يكون من معاين اخلاصة، وكذلك ليس يتضع بأن يكون من معاين العامة، «

از املنفعة مع موافقة احلال، وما جيب لكل مقام من وإنما مدار الشرف على الصواب وإحر .2»املقال

باعتبارمها املصطلحني " املقام واحلال"، أو "السياق"وعلى هذا األساس ربطوا حد البالغة بـوالبالغة يف الكالم مطابقته ملقتضى «): هـ739ت(األكثر ترددا لدى البالغيني، يقول القزويين

.3»احلال مع فصاحته

زاين اأكثر يف البحث يف علم املعاين املرتبط يف جوهره به، يقول التفت" احلال"ضح أمهية وتت. 4»وهو علم يعرف به أحوال اللفظ العريب اليت ا يطابق مقتضى احلال«: يف تعريفه) هـ749ت(

.غهو الضابط لنوعية األساليب الكالمية اليت قد تعتمد يف التبلي" احلال"حيث يتبدى لنا أن

يف الكشف على مرامي القرآن من مجلة الركائز املهمةه عدوأما علماء التفسري فقد فإنها ترشد إىل تبيني امل، «": داللة السياق"يف ) هـ794ت(ومقاصده، يقول الزركشي

والقطع بعدم احتمال غري املراد، وختصيص العام وتقييد املطلق، وتنوع الداللة، وهو من أعظم الدالة على مراد املتكلم، فمن أمهله غلط يف نظريه، وغالط يف مناظراته، وانظر إىل قوله القرائن

.337، ص)ت.د( ينظر متام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، الدار البيضاء دار الثقافة 1 .1/136 اجلاحظ، البيان والتبيني، 2 .12 اإليضاح يف علوم البالغة، ص 3 .1/34، )ط.د(صر على تلخيص املفتاح، تركيا، مكتبة الصحابة لصاحبها حممد هادي املارديين زاين، شرح املختا التفت 4

16

ويف . 2» كيف جتد سياقه يدل على أنه الذليل احلقري،1﴾ذق إنك أنت العزيز الكرمي﴿: تعاىل .ذلك إشارة جلية إىل حاجة املفسر إىل املعرفة بالسياق ملعرفة القصد القرآين

": يف اختالف املقامات ووضع كل شيء يف موضع يالئمه"يقول الزركشي أيضا يف فصل ووأما بالنسبة إىل املقامات فانظر إىل مقام الترغيب وإىل مقام الترهيب؛ فمقام الترغيب كقوله «

ن اهللا يغفر الذنوب يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ال تقنطوا من رحمة اهللا إ﴿: تعاىلقيل كان سبب نزوهلا أنه أسلم عياش . جنده تأليفا لقلوب العباد، وترغيبا هلم يف اإلسالم،3﴾مجيعا

: وأما مقام الترهيب فهو مضاد له؛ كقوله تعاىل... ابن أيب ربيعة والوليد بن الوليد ونفر معهما﴿دعتيو ولهسرص اهللا وعي نمالدا فيهاوارا خن خلهدي هوددويدل على قصد جمرد ،4﴾ ح

للعموم؛ ألا " من"الترهيب بطالن النصوصية من ظاهرها على عدم املغفرة ألهل املعاصي؛ ألن ناسبة قد تساعد املفانطالقا من السياق تتحدد نوعية اخلطاب، مث إن معرفة . 5»...يف سياق الشرطومنه أحل علماء التفسري على معرفة أسباب الرتول . البعد الداليل لآليات القرآنيةأيضا يف إدراك

.لتفسري آيات الذكر احلكيم

أكثر عندما طرح فكرة عالقات املناسبة، " السياق) "هـ911ت(وقد شرح السيوطي املفاهيم اليت يف الصلة التناسبية اليت تكون بني سورتني، واليت تنطلق ابتداء منهقاصدا بذلك أمهيت

حتملها اآليات والسور وعالقات مضمون اآلية والسورة مع سابقتها، وهي اإلشارات اليت تكون سياق (واالعتبارات اخلارجية ) سياق النص(بعد حتليل اآليات والسور وفق االعتبارات النحوية

.6من أسباب الرتول وعالقة اخلطاب باملخاطب) املوقف

:ري بالنص باعتباره حيتاج إىل النظر يفومنه ندرك ارتباط التفس ).لغة العرب(داللة األلفاظ على املعاين -

).49( الدخان 1 .2/127، 2006 الربهان يف علوم القرآن، حتقيق حممد أيب الفضل إبراهيم، بريوت املكتبة العصرية، 2 ).53( الزمر 3 ).14( النساء 4 .79-2/78 الربهان يف علوم القرآن، 5 .2/24السيوطي، اإلتقان يف علوم القرآن، : ينظر 6

17

.مراعاة املتكلم بالقرآن- .مراعاة املرتل عليه- ).عليه(مراعاة املخاطب - .1مراعاة سياق الكالم-

.وهي كلها معطيات يتأسس عليها علم التفسري

ات األساسية اليت قد تعتمد يف ضبط األدلـة عند األصوليني فيعترب من املرجعي " السياق"أما فإنمـا «: الذي يقـول ) هـ210ت( الشافعي كالمضح ذلك من ويتألصول األحكام الفقهية،

اتـساع : خاطب اهللا بكتابه العرب بلساا على ما تعرف من معانيها، وكان مما تعرف من معانيها اهرا يراد به العام الظاهر، ويستغىن بأول هذا منه لساا، وأن فطرته أن خياطب بالشيء منه عاما ظ

. وعاما ظاهرا يراد به العام ويدخله اخلاص فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيـه . عن آخره فكل هذا موجـود . ه يراد به غري ظاهره وظاهرا يعرف يف سياقه أن . وعاما ظاهرا يراد به اخلاص

. 2»خرهعلمه يف أول الكالم أو وسطه أو آ

ويف هذا القول إشارة إىل طبع العربية املؤسس على اإلشارة والتلميح يف تـأليف الكـالم . ليها يف الكشف عن املعىنإوإدراكه، وهي كلها من معطيات السياق اليت قد يستند

لدى بعض العلماء القدامى هو تأكيـدهم " السياق"لعلنا ندرك مما بسطناه حول حضور و .يته يف تأطري اخلطاب اللغوي، فهو من مركباته اليت ال غىن عنها يف توضيح املعىنعلى قيمته وأمه

وإذا انتقلنا إىل الدراسات احلديثة فإننا سنجد هذا املوضوع قد حظي بعناية خاصة، تبلورت حينما بين يف خمططـه أن " Jakobsonجاكبسون "مع بعض العلماء ضمن نظريات متنوعة، مثل

.ة مرجعية متعلقة بالسياقللغة وظيف

.112ردة اهللا بن ردة بن ضيف اهللا الطلحي، داللة السياق، ص: ينظر 1، قد خصص فصال وضح فيه 52، ص1،ج)ت.د( الشافعي، الرسالة، حتقيق وشرح أمحد حممد شاكر، بريوت دار الكتب العلمية 2

.62ص" الصنف الذي يبني سياقه معناهباب"أمهية السياق بعنوان

18

الذي استطاع أن يلفت االنتباه إىل أمهية املقام واالستجابة اليت " Bloomfieldبلومفيلد " واملشهورة، واليت أبرز فيهـا أمهيـة " جاك وجيل "ويتضح ذلك من جتربة . 1يستدعيها من املستمع

وعلى هذا األسـاس . يل أيضاالظروف واملالبسات يف إنتاج احلدث اللغوي، ويف إدراك بعده الدال ـ املوقف أو املقام الذي يقوم فيه املتكلم بنطق كلمة أو مجلـة، «حينما أراد تعريف املعىن ربطه ب

يف " سياق املوقـف "، وهي إشارة إىل دور 2»ورد الفعل واالستجابة اليت يتطلبها ذلك من املستمع .حتديد املعىن

ـ وانطالقا من ربط اللغة بالطابع االجتم ، ونلمس ذلك مـع "السياق"اعي ظهر االهتمام بالذي " Malinowskiمالينوفسكي "املدرسة االجنليزية االجتماعية اليت تبنت هذه الفكرة، بداية مع

أن «ذكر أن الكالم املنطوق يكون له معىن فقط لو رأيناه يف السياق الذي يستخدم فيه، ومنه بين ملة اللغات امليتة، ترتع من سياق حاهلا؛ بل ينظـر إليهـا كمـا اللغات احلية جيب أال تعامل معا

حيث ندرك معه تركيـزه علـى . 3»...استخدمها أفراد للصيد أو احلرث أو البحث عن السمك .كونه احمليط احلي الذي يسهم يف تبيني املعىن" سياق املوقف"

األساسية فيمـا يتـصل املصطلح الذي يعبر عن آرائه «يعد " املقام"أو " السياق"ومصطلح أن "Malinowskiمالينوفـسكي " أبرز لذلكو. 4»بالطريقة اليت ينبغي أن تدرس ا معاين اللغة .معىن أي منطوق هو ما يقع يف موقف خاص

هذا األساس الذي يدرس من خالله اللغة انطالقا مـن املواقـف " Firthفريث "وقد تبنى نـماه أكثر حينما بلور املنهج الذي ينبغي االلتزام به يف دراسة الفعلية اليت تستعمل فيها، وطوره و

.اللغة، يتم ذلك وفق مستويات مضبوطة تشمل كل العناصر اللغوية

.295، ص1978 نايف خرما، أضواء على الدراسات اللغوية املعاصرة، الكويت عامل املعرفة، 1دراسة لغوية حنوية داللية، اإلسكندرية دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، – عبد النعيم خليل، نظرية السياق بني القدماء واحملدثني 2 .274ص، 1/2007ط .74 باملر، علم الداللة، ص 3 .320، ص)ت.د( حممد حسن عبد العزيز، مدخل إىل علم اللغة، بريوت دار الفكر العريب 4

19

جوليـان "أمهية خاصة عند حمللي اخلطاب، ويف هذا اإلطار يذكر " السياق"وأخذت فكرة ية حتليل سلسلة لغوية حتلـيال أن الفكرة القائلة بإمكان " G.Yuleجون يول "و" G.Brownبراون

ولذلك أولوه بعناية . 1 شك كبري كامال من غري مراعاة للسياق قد أصبحت يف السنني األخرية حمل .دراسة املقاصد خاصة فأضحى من مكونات حتليل اخلطاب من أجل

" Pragmatiqueالتداولية "األمهية الكربى ضمن علم خاص به هو " السياق"ولكن يأخذ خذته موضوعا مركزيا، حيث جاءت لتغطي بطريقة منهجية منظمة املساحة اليت كان يشار اليت ات

، وهي اليت أنتجت املقولة الشهرية يف البالغة "مقتضى احلال"إليها يف البالغة العربية القدمية بعبارة .2"لكل مقام مقال"العربية

يف فهم اجلمل " السياق"دور إىل أن األخذ بعني االعتبار " Sadockسيدوك "وههنا يشري فلو سلمنا بوجود بعض األوجه ملدلول مجلة . جعل دعاة التداولية يواجهون مشكال منهجيا حادا

ما يف مقام ما فهل هذه األوجه جزء من مدلول اجلملة حبكم معناها؟ أم هل جيب أن نصل إليها تعلقة به ذات الصلة باملقام وذلك بعد حبث ميكننا من استشفافها من بقية معىن اجلملة واحلقائق امل

.Grice"3 جرايس"بناء على قواعد

وكل هذا جعل التداوليني يفسرون عملية إنتاج الكالم ويربطوا باملخاطب، واملتلقي الذي يفكك الرسالة اللغوية ليصل إىل مقصد املتكلم، وبالتايل فإن عملية إنتاج الكالم وفهمه مرتبطة

املقام الذي يؤطر عملية إنتاج الكالم، وحماولة فهم تلك الصيغ الكالمية مرهونة ارتباطا وثيقا ب .4مبعرفة كل املالبسات والظروف اليت أحاطت ا

.32، ص1997منري التريكي، الرياض جامعة امللك سعود، .حممد لطفي الزليطي ود. ينظر براون ويول، حتليل اخلطاب، ترمجة د 1 .25، ص1/1996اخلطاب وعلم النص، القاهرة دار نوبار، طصالح فضل، بالغة ينظر 2 .44منري التريكي، ص.حممد لطفي الزليطي ود. ينظر براون ويول، حتليل اخلطاب، ترمجة د 3، 1993 ينظر حممد حممد يونس علي، وصف اللغة العربية دالليا يف ضوء مفهوم الداللة املركزيـة، ليبيـا دار الكتـب الوطنيـة، 4 .118ص

20

النحاة والبالغيني وعلماء التفسري وعلماء اللغة : ولكن مما قدمناه حول اهتمام الدارسنيسياق احلال بصفة "م للسياق بصفة عامة واحملدثني وصوال إىل التداوليني هو بيان طبيعة دراسته

؟"التداولية"كيف كانت؟ مث كيف متت النقلة النوعية ضمن العلم الذي اختص به؛ وهو فخاصة؛

21

وإاءا"ق ال": ا اول قمفهوم السيا-1

املفهوم اللغوي-أ املفهوم االصطالحي-ب

"سياق احلال"مفهوم -2 عناصر سياق احلال ومكوناته-3

املتكلم-أ املتلقي-ب مالبسات الكالم-ج الزمان واملكان-د

خصائص سياق احلال-4 الدينامية احملركة-أ

الواقعية-ب التبدل والتغري-ج

يف التراث العريب" سياق احلال"مفاهيم -5 سياق احلال لدى املفسرين-أ

سياق احلال لدى علماء األصول-ب ال عند النحاةسياق احل-ج سياق احلال عند اللغويني-د

هـ سياق احلال عند البالغيني سياق احلال عند الدارسني الغربيني-6 سياق احلال عند التداوليني-7

22

: وإاءا "ق ال: "ا اولباهتمام واسع لدى الدارسني القدامى منهم واحملدثني، فتنوعت " سياق احلال"حظي

املناهج اليت ابتغت حتليل املعىن من وجهات نظر يف النقطة األساس لتصورات حوله حيث ظلاوقد اتضحت مع جهود املفسرين والنحاة والبالغيني وعلماء األصول واللسانيني احملدثني، . متنوعة

.ولكنه تبلور أكثر كموضوع خاص ضمن احلقل التداويل

: اق-1

ل يف كيفيات تعامل العلماء بحوثيف ال" السياق"د مصطلح ترداللغوية احلديثة، واملتأم معه يالحظ أن منهم من مل يدخله ضمن الدراسة اللسانية، ولكن هناك من عده من األركان اليت ال ميكن التغافل عنها يف التحليل اللغوي، واتضحت هذه األمهية أكثر ضمن مباحث النظرية

.التداولية

لدى الدارسني؛ فمنهم من ربطه باحمليط اللغوي الذي حييط بالصوت ه عت مفاهيمد تنووقولكي نوضح ذلك ننطلق من . أو اللفظة، أو اجلملة، ومنهم من وصله بالوسط اخلارجي ككل

.املفهوم اللغوي

:ا اي-أ

السني «): هـ392ت(، يقول ابن فارس "سوق"يف أصله اللغوي إىل مادة " السياق"يعود ما استيق من : والسيقة. والواو والقاف أصل واحد، وهو حدو الشيء، يقال ساقه يسوقه سوقا

والسوق مشتقة من هذا، ملا يساق إليها من. ويقال سقت إىل امرأيت صداقها، وأسقته. الدواب . 1»كل شيء، واجلمع أسواق

.117ص/3، ج)سوق(، مادة )ت.د( معجم مقاييس اللغة، حتقيق وضبط عبد السالم هارون، القاهرة دار الفكر 1

23

اقا ساق اإلبل وغريها يسوقها سوقا سيووق الس«أنها من )هـ711ت(ويذكر ابن منظور ؛ قيل يف }وشهيد{ا سائق هعل نفس م كتاءجو {:وقوله تعاىلمبالغة؛ وهو سائق سواق شدد لل

سه يل الشهيد هو عملها نف، وقيها بعملهاالتفسري سائق يسوقها إىل حمشرها وشهيد يشهد عل خيرج رجل من قحطان يسوق ال تقوم الساعة حىت"ويف احلديث ... اقها فانساقتأساقها است

يرد نفس العصا استقامة الناس وانقيادهم إليه واتفاقهم علـيه، ومل؛ هو كناية عن"الناس بعصاهسفه م أن يف ذكرها داللة على عستـيالئه علـيهم وطاعتهم له إال الوإمنا ضرا مثال

يها الصداق وساق إل... وقد انساقت تساوقت اإلبل تساوقا إذا تتابعت... يهموخشونته علألن أصل الص أو دنانـري سياقا أساقه وإن كان دارهم هرداق عند العرب اإلبل، وهي اليت والـم

.1» الدرهم والدينار وغريمهاتساق فاستعمل ذلك يف

. تابعه وسايره وجاراه: سرده وسلسله وساوقه: ساق احلديث"وجاء يف املعجم الوسيط ... تسايرا أو تقارنا: وتساوق الشيئان. تتابعت وتزامحت يف السري: وتساوقت املاشية وحنوها

.2»تتابعه، وأسلوبه الذي جيري عليه: وسياق الكالم

التتابع واالستقامة واالنقياد "تقوم على " السياق"نستنتج من األقوال السابقة أن معاين وهي كلها مفاهيم حتضر بقوة يف اإلنتاج اللغوي باعتباره تتابعا وانقيادا لألصوات ؛"واالتفاق

والكلمات والعبارات، وفق ضوابط االستقامة اللغوية، وما ميليه التواضع واالتفاق بني أفراد .اجلماعة اللغوية املعينة

، أو "سياق املوضوع"أو " سياق العبارة"يف التعبري " سياق"خدامنا لكلمة فاست« ومن هنا استخدام جمازي يعود إىل املعىن األصلي من التتابع والسري والنظم؛ فكما تساق "سياق اجلملة"

وهذا هو وجه الشبه بني ،النوق والغنم يف قطيع واحد كذا تساق الكلمات يف مجل أو عبارات" سياق العبارة: "ومنه جاءت استعماالت من نوع. 3»ي والسياق مبعناه اللغويالسياق مبعناه احلس

."سوق" ابن منظور، لسان العرب، مادة 1 ).سوق(مادة جممع اللغة العربية بالقاهرة، املعجم الوسيط، 2 .27 لغوية حنوية داللية، ص عبد املنعم خليل، نظرية السياق بني القدماء واحملدثني دراسة 3

24

، وهي كلها استعماالت مؤسسة على ما "سياق احلال"؛ و"سياق املوضوع"و" سياق الكالم"و .متليه املفاهيم املذكورة

:ا ا-ب

لعل هذه «؛ و1سياقيذكر كثري من الباحثني أنه ليس من البسيط تقدمي تعريف دقيق للالصعوبة هي اليت جعلت الذين كتبوا يف هذا املوضوع يغضون الطرف عن تعريف السياق

ت إىل وهذه الصعوبة أد؛ 2»وينتقلون إىل تبيني أمهيته يف دراسة املعىن، وإظهار وظائفه وعناصرهد البحوث فيه، وتتنوع املقاربات حولهتتعد.

جيب أن نشري أوال إىل أنه عادة ما يستعمل لدى " ياقالس"لكن قبل الكشف عن مفهوم مبعىن " Con"الذي ينحدر من السابقة الالتينية " Contexte"دارسينا مقابال للمصطلح األجنيب

مث استعملت يف معىن " النسيج"الالتينية أيضا، واليت كانت تعين يف األصل " Text"و" مع"؛ أي تلك اموعة "النص" مث صارت تستعمل يف معىن الكلمات املصاحبة للمقطوعات املوسيقية،

مث ارتبط باملصطلح بعد التركيب املفهومان . 3املتراصة مكتوبة كانت أو مقروءةمن اجلمل :األساسيان التاليان

ويتعلق باحمليط اللغوي الذي تنتظم من خالله الكلمات، وجمموع : االستعمال األول-ة أو عبارة أو مجلة، واليت تأيت لتساعد يف بيان ما تعين هذه الكلمة األلفاظ اليت تسبق أو تلحق كلم

"Context السياق"كلمة «": Ullmannستيفن أوملان "يقول . أو العبارة أو اجلملة أو النص ككلقد استعملت حديثا يف عدة معان خمتلفة، واملعىن الوحيد الذي يهم مشكلتنا يف احلقيقة هو معناها

بأوسع معاين هذه العبارة، إن ،"النظم اللفظي للكلمة، وموقعها من ذلك النظم "التقليدي؛ أي

جون ليونز، اللغة واملعىن والسياق، ترمجة عباس صادق الوهاب، العراق دار الشؤون الثقافية العامة للطباعـة والنـشر، : ينظر مثال 1

ر منشورات وصالح الدين زرال، الظاهرة الداللية عند علماء العربية القدامى حىت القرن الرابع اهلجري، اجلزائ . 242، ص 1/1987ط .365، ص1/2008االختالف، ط

.54إبراهيم أصبان، السياق بني علماء الشريعة واملدارس اللغوية احلديثة، جملة اإلحياء، ص. د 2. 45، ص1/1991 ينظر عبد الفتاح عبد العليم الربكاوي، داللة السياق بني التراث وعلم اللغة احلديث، القاهرة دار املنار، ط 3

.68، ص1/1962ن، دور الكلمة يف اللغة، ترمجة كمال بشر، القاهرة دار غريب، طوستيفن أوملا

25

السياق على هذا التفسري ينبغي أن يشمل ال الكلمات واجلمل احلقيقية السابقة والالحقة فحسب؛ ن ورود وتوايل الكلمات أو أل ؛هنا هلا قيمتها" النظم"وكلمة . 1»بل والقطعة كلها والكتاب كله

مل أو الفقرات ال يتم جزافيا؛ بل يرن بضوابط تقوم على جمموعة من العالقات اليت يتنامى من اجل .خالهلا ما يسمى بالسياق اللغوي

جمموع املكونات الصوتية والصرفية والتركيبية اليت تتداخل " احمليط اللغوي"واملقصود بـ .وتنتظم من خالهلا الكلمات يف تشكيل اجلمل أو النص

، ويضم الظروف واملالبسات 2والذي تدقق ضمن الطرح التداويل: ستعمال الثايناال-": Jean Duboisجون ديبوا "الثقافية واالجتماعية والنفسية اليت حتيط باإلنتاج الكالمي، يقول

السياق هو جممل الشروط االجتماعية املتفق عليها اليت تؤخذ بعني االعتبار لدراسة العالقات «وهي املعطيات املشتركة بني املرسل واملرسل ... بني السلوك االجتماعي واستعمال اللغةاملوجودة

وقد شكل هذا املفهوم . 3»إليه والوضعية الثقافية والنفسية والتجارب واملعلومات الشائعة بينهما .النقطة األساسية يف الدراسات التداولية

ة وعالقاا النحوية ومفرداا املعجمية من حيث مبانيها الصرفي«يبدأ باللغة " السياق"فـوتشمل الدالالت بأنواعها من عرفية إىل عقلية إىل طبيعية، كما تشتمل على املقام مبا فيه من عناصر حسية ونفسية واجتماعية كالعادات والتقاليد ومأثورات التراث، وكذلك العناصر اجلغرافية

رائن حبق؛ ألن الفرق بني االستدالل ا على املعىن وبني و التارخيية مما جيعل قرينة السياق كربى القاالستدالل بالقرائن اللفظية النحوية كالبنية واإلعراب والربط والرتبة والتضام إخل هو فرق ما بني

.4»االعتداد حبرفية النص واالعتداد بروح النص

.68 دور الكلمة يف اللغة، ص 1

2 100 fiches pour comprendre la linguistique, Gilles Sioufi et Dan Van raemdonck, bréal, rosny 2 eme édition, P: 148. 3 Jean Dubois, Dictionnaire de linguistique et des sciences du langage, Larousse 2eme Edition, 1999, P116.

.1/173، 2/2000 متام حسان، البيان يف روائع القرآن دراسة لغوية وأسلوبية للنص القرآين، القاهرة عامل الكتب، ط 4

26

ات اللغوية وغري اللغوية يف بعده العام يقوم على تلك املعطي" السياق"ومنه نالحظ أن مفهوم وجيب أن نشري هنا إىل أن . اليت تتفاعل يف اإلنتاج اللغوي، واليت ترتبط فيما بينها ارتباطا وثيقا

يشكل نسقا من العناصر اليت متد ) سياق احلال( اللغوي وغري اللغوي ؛ذين النوعني" السياق" .الصحيحالدارس بكيفيات فهم اخلطاب اللغوي وتأويله التأويل

إن السياق هو اإلطار الذي تترتل من خالله اللغة حمل املوجودات : وذا قد نستنتج ونقولاجتماعية، نفسية، (الفعلية ضمن أحياز زمكانية حتتضنها، ومعطيات حالية متنوعة املوارد

.، تضبطها فتعطيها املعىن اخلاص ا...)ثقافية

2- "لق ا:"

نسترجع ما ذكرناه من قبل حينما ميزنا بني صنفني من " سياق احلال"فهوم لكي حندد م Contexte deسياق احلال "السياق؛ السياق اللغوي، والسياق غري اللغوي، أو ما قد يسمى بـ

situation"مالينوفسكي " الذي صاغه ري، وهو املصطلح الشهMalinowski " يف حبث بعنوان"The problem of meaning in primitive languages ." ولكن أول ما ظهر هذا املصطلح

" A.hokertهوكارت "عند الغربيني كان لدى األنثروبولوجيني، ويرجع أصل استعماله إىل جهود كما جاء ذكر هذا املصطلح أيضا ". The british gournal of psychology"يف حبث بعنوان

دراسات يف أسس "يف حبث بعنوان ) م1885(شر يف اية القرن التاسع ع" Wegnerوجنر"عند د فيه أن السياق هو األساس أو احمليط الذي تعتمد عليه احلقيقة يف ، والذي أك"حياة اللغة

.1توضيحها وفهمها

مالينوفسكي "مل يكن «: وجيب أن نذكر يف هذا املقام ما أورده متام حسان حينما قالMalinowski " وهو يصوغ مصطلحه الشهري"Contest of situation " ه مسبوق إىليعلم أن

إن الذين عرفوا هذا املفهوم قبله سجلوه يف كتب هلم . مفهوم هذا املصطلح بألف سنة أو ما فوقها، ولكن كتبهم هذه مل جتد من الدعاية على املستوى العاملي ما وجده "املقام"حتت اصطالح

، وعبد النعيم خليل، نظرية 252، ص 1999العريب، ينظر حممود السعران، علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، القاهرة دار الفكر 1

.81السياق بني القدماء واحملدثني دراسة لغوية حنوية داللية، ص

27

" سياق احلال"لية إىل أن مفهوم مصطلح ويف كل ذلك إشارة ج. 1»"مالينوفسكي"اصطالح .2وباخلصوص لدى البالغيني" املقام"موجود يف تراثنا ضمن مصطلح

تعين أكثر من اللغويات «" سياق احلال"أن فكرة " Malinowskiمالينوفسكي "وبين على وقد قصد ذا املصطلح أيضا الوقوف . والثقافة والبيئة وغريها من العناصر اللغوية امليتة

اجلانب اللغوي احلي مبعىن دراسة اللغة عن طريق املشاهدة واملالحظة للكالم املنطوق يف املوقف ، وأنه ال يتضمن عند االتصال اللغوي 3»الفعلي؛ إذ أن معىن الكلمات متأصل يف كفاءا العملية

.الكلمات فقط؛ بل الصالت والظروف اخلارجية اليت تسهم يف إنتاجية الكالم

؛ ويف ذلك "املسرح اللغوي أو املقام أو جمريات حال"وقد أطلق عليه كمال حممد بشر واملقام يف نظرنا ليس جمرد مكان يلقى «: إشارة إىل معطيات املوقف احلي اليت تؤطر الكالم، يقول

فهناك املوقف . فيه الكالم؛ وإنما هو إطار اجتماعي ذو عناصر متكاملة آخذ بعضها حبجز بعضوهناك كذلك ما يف املواقف من . ه مبن فيه من متكلمني وسامعني وعالقتهم بعضهم ببعضلك

وهناك كذلك ،األشياء واملوضوعات املختلفة اليت قد تفيد يف فهم الكالم، والوقوف على خواصه .4»الكالم نفسه

تاجه للكالم مبجريات إن مباشر، ويف ذلك ربط"املاجرى"أما حممود السعران فيسميه هو مجلة العناصر املكونة للموقف الكالمي أو " املاجرى"أو " سياق احلال"إن «: وتلقيه، يقول

.6"املاجريات"ويدرج متام حسان هذا املفهوم ضمن . 5»للحال الكالمية

ستعماالت العربية ترادفا بني مصطلحي اال الحظنا يف هوجيب أن نشري هنا أيضا إىل أن، ونعتقد أن هذا األمر ناتج عن الترمجات العربية للمصطلح االجنليزي "قامامل" و"سياق احلال"

.372 متام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، الدار البيضاء، دار الثقافة، ص 1 . من الرسالة48ينظر ص- 2 . 161مي خليل، الكلمة دراسة لغوية معجمية، صوينظر حل. 81 عبد النعيم خليل، املرجع نفسه، ص 3 .61 دراسات يف علم اللغة، القسم الثاين، ص 4 .252 حممود السعران، علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، ص 5 .262 و255 و251 و224 و195 ينظر مناهج البحث يف اللغة، ص 6

28

"Context of situation" ذلك مثال مع متام حسان الذي يضع هلذا املصطلح املقابل دركن؛ قد .2"سياق احلال"، أما حممود السعران فيستعمل 1"املقام"

مرتبط بكل املعطيات " Context of situation سياق احلال"لنا مما سبق أن مفهوم ويتجلىاخلارجية واملالبسات اليت ينتج يف رحاا الكالم، ويكون هلا تأثري يف نوعية القول من جهة، ويف

:تبليغ مقاصده من جهة أخرى، واليت تتمظهر من

شخصية املتكلم واملتلقي وتكوينهما الثقايف، وطبيعة العالقة اليت تكون بينهما باعتبارمها * .طريف العملية االتصالية

العوامل والظواهر االجتماعية والنفسية ذات العالقة باللغة والسلوك اللغوي ملن يشارك يف * .املوقف الكالمي؛ كمكان الكالم وزمانه أو غري ذلك من املعطيات اليت تؤثر يف جمريات الكالم

روب االستجابة، وكل كل ما يطرأ أثناء اإلنتاج الكالمي من انفعال أو أي ضرب من ض* .ما يتعلق باملوقف االتصايل أيا كانت درجة تعلقه

اآلثار الناجتة للحدث الكالمي عرب مسرح الكالم؛ كاالقتناع أو الغضب أو اإلغراء أو * .االبتهاج أو غري ذلك

يقوم على بيان أمهية العناصر غري اللغوية ودورها " سياق احلال"وذا يتضح أن جوهر الفعع من حال إىل آخرال يف إنتاج الكالم وتلقيه، باعتبار أن صور الكالم ختتلف وتتنو.

3- "لق ا "مو:

ضمن الطرح التداويل مفهوم متعدد املعطيات " سياق احلال"مما سبق ندرك أن مفهوم ب أن نشري هنا إىل أن وجي. والعناصر، واليت هلا عالقة مباشرة بأطراف العملية االتصالية ككل

.337اللغة العربية معناها ومبناها، صمتام حسان، 1الكشف " سياق احلال عند البالغيني"، وسنحاول يف املبحث اخلاص بـ252مود السعران، علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، ص حم 2

.والفرق بينهما" احلال" و"املقام" مصطلحي عن العالقة بني

29

علم اللغة النظامي السائد بادئ ذي بدء قد حيد هذه اإلشكالية الربامجاتية ألدوار املتكلمني «مكن جتاوزها يف املغري من ولكن أضحت هذه املعطيات يف ظل التناول التداويل . 1»والسامعني

.التحليل اللسانيايت

ذه املعطيات، وتربز دورها يف العملية اليت تدرس هو ،"نظرية السياق" ظهرت لذلكواملتكلم والسامع وتكوينهما الثقايف، ولغة التخاطب بينهما، والظواهر « وتعتين بـ،التبليغية

االجتماعية، والعادات والتقاليد، واألحداث املخزونة يف أذهان املتخاطبني ويف ذاكرة اتمع، ة واالقتصادية والطبعية حىت حالة اجلو واملناخ واملعتقدات والتصورات السائدة واألوضاع السياسي

إن كان هلا دخل يف الكالم، وميكن أن تضم حركات اجلسم من إشارة باألعضاء وتعبري باملالمح، وذا . وكل حركة عضوية أخرى من هز الرأس وقيام وقعود مما يعد قرائن حالية يف أثناء الكالم

ة املعىن بسبب ما متيزت به من عناية بالعناصر اللغوية وغري عدت هذه النظرية أفضل منهج لدراسفنظرية . 2»اللغوية، حىت أضحت نظرية ذات جدوى وتأثري يف دراسة املعىن وتفسري النصوص

، والغاية من كل السياق تدرس كل ما له عالقة باالتصال اللساين، سواء أكان لغويا أم غري لغوي . االستعمال اللغويذلك هو بيان تأثري معطياما يف

ويف رحاب هذا الطرح سنحاول استجالء العناصر غري اللغوية اليت تكتنف اإلنتاج اللغوي، ل اليت يذكر فيها أنها تشمل كل ما يتوافر يف وقد نستأنس بداية يف استنباطها مبقولة أمحد املتوك

أي ؛ التخابري القائم بينهماعالقة املتكلم باملخاطب وخاصة الوضع: موقف ختاطيب معني؛ وأمههاوزمان التخاطب ومكانه، واليت ل خمزنا ما منهما أثناء عملية التخاطب،جمموعة املعارف اليت تشكونوضح هذه العناصر انطالقا مما . 3"قرائن األحوال"و" مقتضى احلال"انضوت ضمن مصطلحي

:يلي

رة مؤسسة املختار للنشر زتسيسالف واورزنياك، مدخل إىل علم لغة النص مشكالت بناء النص، ترمجة سعيد حسن حبريى، القاه 1

واإلطار املتكلمي يف اللغويات املعاصرة إسهام يف استكشاف أصوله املعرفية، لعبد اإلله بوغابة، إشراف . 89، 1/2003والتوزيع، ط .78، ص1991أمحد العلوي، جامعة احلسن الثاين، الدار البيضاء، رسالة لنيل ديبلوم الدراسات العليا، .د

.84، ص1/2006در كرمي الزنكي، نظرية السياق دراسة أصولية، بريوت دار الكتب العلمية، طجنم الدين قا. د 2، 1/2006 ينظر، أمحد املتوكل، املنحى الوظيفي يف الفكر اللغوي العريب األصول واالمتدادات، الرباط منـشورات دار األمـان، ط 3

.172ص

30

: ا-أ

ل للسياق وأدواته وإجراءاته، قد كونه املفع املوقف الكالمي؛وهو العنصر األساسي يفيتبدى ذلك انطالقا من شخصيته وثقافته ومالحمه وصفاته وجنسه إن كان ذكرا أو أنثى، ونربة صوته باعتبار أن لكل متلفظ نطقا صوتيا خاصا مييزه عن غريه، ومكانته االجتماعية؛ فاستعماالت

وخمتلفة يف ،د تكون للكلمة داللتها اخلاصة عند شخص معيناللغة ختتلف باختالف متحدثيها؛ فق هلا دالالت كل شخص منا لديه جمموعة من الكلمات يشعر أن«بعدها املقصدي عند غريه، فـقد تستدعي يف ذهن البعض الرمحة واحلنان، بينما تثري يف " البيت"وارتباطات خاصة، فكلمة مثل

ينما قد تثري يف نفس شخص ثالث شيئا آخر مثل رؤية ابن ذهن آخرين معاين الشقاء والعذاب، بومعىن هذا أن ما حتويه أو تتضمنه الكلمة ال يرتبط . أو اجللوس يف حجرته اخلاصة أو مكتبه

مبستوى معني من االستعمال؛ بل على العكس قد خيتلف باختالف مستويات االستعمال من طبقة . 1»خر يف نطاق اللغة الواحدةإىل أخرى ومن بلد إىل آخر، ومن شخص إىل آ

؛ فقد تتنوع دالالا حبسب "الكرسي"واألمر نفسه قد نستخصله من استعماالت كلمة مقاصد املستخدمني هلا؛ فقد ترتبط لدى البعض بالعظمة واألبهة، وقد تتعلق لدى غريهم

.باملسؤولية الكربى اليت قد تلقى على عاتقهم، وغري ذلك

ختتلف من شخص إىل آخر، ومن موقف إىل غريه يؤمن ذلك السياق، فاستخدامات اللغة ه إذا عرف واحلال حال املتكلم واملستمع البد من اعتباره يف مجيع الكالم فإن«: يقول ابن تيمية

عرف؛ ألنفهم إذا لم يعرف عاداته يف خطابهاملتكلم فهم من معىن كالمه ما ال يواللفظ . ه بذلك يفمعرفة . 2» إذا عرف لغة املتكلم اليت ا يتكلم وهي عادته وعرفه اليت يعتادها يف خطابهإمنا يدل

.املتكلم وعاداته الكالمية قد تسهم يف فهم خطابه ومقاصده

مث إنه من الضروري أن تكون للمتكلم القدرة على التنويع يف الكالم حبسب أبعاده فاخلطيب من «: ا أو إمتاعا أو حىت غموضا، يقول ابن قتيبةاإلبالغية، والغايات اليت يبتغيها إفهام

.86دثني دراسة لغوية حنوية داللية، ص عبد النعيم خليل، نظرية السياق بني القدماء واحمل 1 .2/102 ابن تيمية، جمموع فتاوى ابن تيمية، 2

31

العرب إذا ارجتل كالما يف نكاح أو حمالة أو حتضيض أو صلح، أو ما أشبه ذلك مل يأت به من نفتر تارة إرادة : واد واحد؛ بل يفيختصر تارة إرادة التخفيف، ويطيل تارة إرادة اإلفهام، ويكرعض معانيه حىت يغمض على أكثر السامعني، ويكشف بعضها حىت يفهمه بعض التوكيد، ويخفي ب

وتكون عنايته بالكالم على حسب احلال، وقدر . األعجمني، ويشري إىل الشيء، ويكني عن الشيء . 1»احلفل وكثرة احلشد، وجاللة املقام

ب مقتضياته املستمدة يف ومنه البد للمتكلم أن ميتلك آليات التنويع يف اخلطاب اللغوي حبسفوندرليش "دعووي. الذي يستعمل فيه" سياق احلال"جوهرها يف ظل النظرية التداولية من

Wunderlich "كون لدى كل متواصل قدرات من النوع التايلت ألن:

، وعن العوامل املمكنة اليت ميكن استنباطها منه حىت "الواقع"جيب أن يكون لديه مفهوم عن - . يريد أن يتواصل حولهحيصر ما .جيب أن ينشئ اتصاال، وأن يستطيع حصره-جيب أن يستطيع اإلدراك وأن ميتلك ذاكرة وقدرة على التوقع أيضا بالنسبة لسياق الكالم -

.وسياق املوقف املستمرين .جيب أن يستطيع اخلوض يف أدوار اجتماعية اجتاه اآلخرين- .اعيةجيب أن يستطيع إعادة إنشاء شروط اجتم- .جيب أن يستطيع أن يتواصل عرب التواصل املعني-أن يقول من ذلك صيغا لغوية جديدة البناء، وميكن وجيب أن ينطق أبنية صوتية مناسبة، -

وال بد كذلك أن يدرك . التعبري عن مركب للفعل الكالمي، مكون من مضمون وقوة تواصليةقيقا لصيغ لغوية وتعبريا عن مركب للفعل وأن يستطيع فهمها باعتبارها حت،صوتيةالبنية األ

لغوية استخداما الوسائل غري ال و،صاحبةامللغوية الوسائل الوجيب أن يستطيع استخدام . الكالمي .2مناسبا وفهمها فهما مالئما

.17، ص2/2007إبراهيم مشس الدين، بريوت دار الكتب العلمية، ط.ل مشكل القرآن، حتقيق دي ابن قتيبة، تأو 1 .87د حسن حبريى، ص ينظر زتسيسالف واورزنياك، مدخل إىل علم النص مشكالت بناء النص، ترمجة سعي 2

32

ويف كل هذه الشروط املتنوعة والشاملة إشارة دقيقة إىل الشروط اللغوية وغري اللغوية اليت ال " G.Brownجوليان براون " عنها يف إنشاء الكالم وحىت يف تأويله، ولذلك حق لـميكن التغافل

أن يذكرا أن الفكرة القائلة بإمكان حتليل سلسلة لغوية حتليال كامال بدون " G.Yuleجون يول "و .1مراعاة للسياق قد أصبحت حمل شك كبري

: ا-ب

كيل الفعل االتصايل، فهو الذي يتلقى وهو الطرف الثاين الذي يسهم مع املتكلم يف تشوكونه خماطبا ال يعين أنه ليس له أثر أو دور يف بناء الكالم؛ بل حضوره . اخلطاب اللغوي ويؤوله

. وأخذه بعني االعتبار لدى املخاطب جيعل هذا األخري يعبر مبا يالئمه فيستجيب لتعبريه

مع اإلنتاج اللغوي، فيبذل جهده ليطلع على وعلى هذا األساس ال بد للمتلقي أن يتفاعلومثن «: يقول السكاكي. معناه، ويتفطن ملواضع احلسن فيه؛ فتمام الكالم من متام إصغائه وتأويله

الكالم أن يوىف من أبلغ اإلصغاء، وأحسن االستماع حقه، وأن يتلقى من القبول له واالهتزاز ن السامع عاملا جبهات حسن الكالم، ومعتقدا بأن بأكمل ما استحقه، وال يقع ذلك ما مل يك

املتكلم تعمدها يف تركيبه للكالم عن علم منه، فإن السامع إذا جهلها ال مييز بينه وبني ما دونه، م اعتقاده رمبا نسبه يف تركيبه ذاك إىل اخلطأ، وأنزل كالمه وكذلك من أساء باملتكل. ورمبا أنكره

الذي ال يتحقق إال إذا أصغى له " التبليغ"فقوام الكالم . 2»رجة النازلةمرتلة ما يليق به من الد .املخاطب واستجاب له، وبذل جهده للوصول إىل املراد

جوهر الكالم البليغ مثله مثل الدرة «وذا ال تظهر قيمة الكالم إال من املتلقي له باعتبار أن ، وال تشترى بثمنها، وال جتري يف مساومتها على الثمينة ال ترى درجتها تعلو، وال قيمتها تغلو

.3»سننها ما مل يكن املستخرج هلا بصريا بشأا، والراغب فيها خبريا مبكاا

.31 حتليل اخلطاب، ترمجة حممد لطفي الزليطي ومنري التريكي، ص 1 .127 السكاكي، مفتاح العلوم، ص 2 .127، صاملصدر نفسه السكاكي، 3

33

: ت ا-ج

واملقصود ا خمتلف املعطيات السياقية اليت يقوم عليها الكالم؛ االجتماعية والثقافية والنفسية كم يف صياغة القول وتأويله، وقد تبلورت عند البالغيني عندما وغريها من املالبسات اليت تتح

صنفوا الكالم حبسب مقاماته؛ وبينوا أن أشكال القول ختتلف حبسب املعطيات اخلارجية؛ طبيعة وغري ذلك من املالبسات اليت تؤثر تداعياا يف إنتاج ،املتكلم ونوعية املتلقي، وجنس اخلطاب

.لتايل جناحهالكالم وتأويله وبا

وقد اهتم بالغيونا بذلك، وأحلوا على ضرورة تكييف اخلطاب حبسب تداعيات املقام، ال خري يف كالم ال يدل على معناك، وال يشري إىل مغزاك، وإىل العمود الذي إليه «مؤكدين أنه

،قاصدهر عن موهي إشارة دقيقة إىل تأليف اخلطاب مبا يعب. 1»قصدت، والغرض الذي إليه نزعت .ق أغراضهوحيق

تؤثر خصوصياا االجتماعية والثقافية والنفسية يف طبيعة 2وقد بينوا أن املخاطبني طبقاتالكالم الذي ننتجه؛ ولذلك عابوا على املتكلمني عدم مراعام لذلك؛ وهذا ما رووه لذي الرمة

: أنشده قصيدتهحيث دخل على عبد امللك بن مروان فاستنشده شيئا من شعره، ف*كبسنا املاء يهك مننيال عا بم*

ما : وكانت بعني عبد امللك ريشة وهي تدمع أبدا، فتوهم أنه خاطبه أو عرض به، فقالفعدم مراعاة خصوصيات املتلقي جعلت . 3فمقته وأمر بإخراجه!! سؤالك عن هذا يا جاهل؟

خيتار «ا ابن رشيق املتكلم ألن يكون فطنا حذقا؛ إذ الشاعر يقع يف هذا املوقف احملرج، لذلك دعلألوقات ما يشاكلها، وينظر يف أحوال املخاطبني، فيقصد محابهم، ومييل إىل شهوام وإن

وهي دعوة صرحية إىل األخذ بعني . 4»خالفت شهوته، ويتفقد ما يكرهون مساعه فيتجنب ذكره

.1/116 اجلاحظ، البيان والتبيني، 1 .1/144 والتبيني، البيان". وكالم الناس يف طبقات كما أن الناس أنفسهم يف طبقات" يقول اجلاحظ 2 .1/223 ينظر ابن رشيق، العمدة 3 .1/223، عمدة ابن رشيق، ال 4

34

قيات اليت تتعلق بذلك، وهي متنوعة حبسب املتلقني من االعتبار من نتوجه إليه بالكالم واألخال .جهة، واحلال الذي جيري فيه اخلطاب من جهة أخرى

:ان وان-د

قد يبقى مفهوم السياق غري حمدد من غري تقييده بزمان ومكان معينني، فقد توجد جمموعة ال أعىن حالة ؛يها أوضاع خمصوصةمتناهية من السياقات املمكنة اليت يستطيع أحدنا أن يكون له ف

د السياق الواقعي بفترة من الزمان واملكان حبيث تتحقق النشاطات املشتركة ويتحد.سياق واقعيمن الوجهة املنطقية والفزيائية " هنا"الـو" اآلن"ب، واليت تستويف خواص لكل من املتكلم واملخاط

ر هذا املتغري أو أن حيدث أثره على أن يؤثوالسياق قد يتغري من حلظة إىل أخرى وجيب. املعرفية .1املوضوعات يف األحوال املتعاقبة من السياق، وأبرزها هو حال احلصول يف الوجود

مث إن ما هو صاحل هلذا الزمان أو املكان قد ال يكون يف زمان ومكان آخرين، ويف هذا تتغري حبسب « حبسب األغراض وف ختتلأن مواضعات الكالم" ابن سنان اخلفاجي"السياق يذكر

األزمنة والدول، فإن العادة القدمية قد هجرت ورفضت، واستجد الناس عادة بعد عادة، حىت إن الذي يستعمل اليوم يف الكتب غري ما كان يستعمل يف أيام أيب إسحاق الصايب، مع قرب زمانه

رسوما نوجب اقتفاءها؛ ألنا حنن يف منا، وإذا كان األمر على هذا جاريا فليس يصح لنا أن نضع ي ليس رمع، ول2»هذا الزمان قد غرينا الرسم املتقدم ملن قبلنا، وكذلك رمبا جرى األمر فيما بعدنا

دة مما رة ومتجد معطيات الزمان واملكان هلي متغيرمبا كما توقع صاحب سر الفصاحة؛ بل إن .يستدعي تكييف الكالم مبا يالئم ذلك

ب مهارة املتكلم، حيث جيب أن يكون قادرا على األمر يف توظيف معطياما يتطلليبقى .ظ ومعطياا اخلاصةاملراقبة والربط مبا تستدعيه عملية التلف

.259-258يك، النص والسياق، صا ينظر فان د 1 .248 سر الفصاحة، ص 2

35

4- "لق ا:"

لعلنا نكون قد الحظنا انطالقا من الكشف عن ماهية سياق احلال وعناصره كيف أن هذا د أدوارها إال أثناء اإلجناز الفعلي دينامية خاصة، ألن معطياته ال تتحداملعطى هو يف جوهره واملرتبطة على " سياق احلال"ح هذه الفكرة أكثر بالكشف عن خصائص للكالم، وميكن أن نوض

:اخلصوص مبا يلي

:ا ا-أ

ل بعداأللفاظ فتشكيتنامى احلدث الكالمي أثناء إنتاجه انطالقا من السياق، حيث تتواىل اما هو على األقل متوالية «ر حبسب احلال، فـمقصديا ما، يتطوليس السياق جمرد حالة لفظ، وإنوعلى ذلك . وفضال عن ذلك ال تظل املواقف متماثلة يف الزمان، وإنما تتغير. من أحوال اللفظ

داث هذا داال على حالة فكل سياق هو عبارة عن اجتاه جمرى األحداث، وقد يكون اجتاه األح .فهذه الديناميكية متنح اللفظ واقعية خاصة. 1»ابتدائية، وأحواال وسطى، وحالة ائية

:اا-ب

وهي صفة تابعة للخاصية السابقة، كما أنها تتغذى من طبيعة احمليط االجتماعي الذي لواقعي بفترة من الزمان واملكان يتحدد السياق ا«": Van dijkيك افان د"تستعمل فيه اللغة، يقول

" اآلن"ق النشاطات املشتركة لكل من املتكلم واملخاطب، وحبيث تستوىف خواص حبيث تتحقوكل سياق واقعي وكل جزء من أحواله الوسطى . من الوجهة املنطقية والفيزيائية واملعرفية" هنا"و

ويف املسلمات األساسية رى توجد له جمموعة من البدائل، وبعض هذه قد تكون معتادة فتسته غري االجتاهات التواصلية اخلاصة باألحداث، وبعضها اآلخر قد يكون ممكنا ومتخيال ولكن

. 258يك، النص والسياق استقصاء البحث يف اخلطاب الداليل والتداويل، ترمجة عبد القادر قنيين، صا فان د 1

36

فالواقعية هنا مرهونة باالستعمال الذي قد تكتسب طابعها اسد مبطابقتها للواقع أو . 1»معتاد .عدم مطابقتها حيث يفتح اال للخيال واملمكن

:اال و-ج

فالسياق ال جيري على منط واحد، وإنما ينمو ويتطور حبسب احلال الذي يكتنف اخلطاب يتغير السياق من حلظة ألخرى، وجيب أن يؤثر هذا «": Van dijkيك افان د"اللغوي، يقول

ه وهذا ما ندرك. 2»املتغري، أو أن حيدث أثره على املوضوعات يف األحوال املتعاقبة من السياق احلال االبتدائية ليست أكثر من تنامي اخلطاب الذي قد يكون بني شخصني معينني؛ باعتبار أن

.هي احلال الوسطية أو احلال النهائية يف إنشاء الكالم وتأويله

5- "لق ا "اث اا :

فهم التراكيب وهرية لدى علمائنا القدامى يف اجلفكرة البصفة عامة " سياق حال"لقد غدا اللغوية وبيان أبعادها التبليغية، فقد ورد مفهومه عند املفسرين واللغويني والنحاة وعلماء األصول؛ وحىت البالغيني أيضا حيث اتخذ معهم جمرى خاصا، قد نبين كل ذلك بالوقوف على نظرة كل

.فئة على حدة

:ق ال ى ا-أ

بصنفيه اللغوي وغري اللغوي، واعتربوه من أهم القرائن يف بيان اهتم املفسرون بالسياق فالتفسري لديهم يقوم على كشف معاين القرآن، وبيان املراد منه سواء ؛مقاصد آي الذكر احلكيم

وعليه فالوصول إىل . 3 بالوضع أو بقرائن األحوال ومعونة املقام، شرعيةمأكانت معان لغوية أ

.258، صلنص والسياقك، ايا فان د 1 .259يك، املصدر نفسه، صا فان د 2 .2/173إلتقان يف علوم القرآن، ا السيوطي، 3

37

فة على مدلوالت األلفاظ فحسب؛ بل هي مرتبطة أكثر بقرائن األحوال معاين القرآن ليست متوق . اليت تسهم أكثر يف بيان ذلك

من أسباب اخلطأ يف التفسري االكتفاء بدالالت اللفظ دون ربط ذلك وقد ذكر ابن تيمية أن القرآن قوم اعتقدوا معاين، مث أرادوا محل ألفاظ« هناك بالسياق ومستدعياته، وقد أشار إىل أن

د ما يسوغ أن يريده بكالمه من كان من الناطقني بلغة روا القرآن مبجروالثانية قوم فس. عليهافاألولون راعوا املعىن الذي . ب بهطكلم القرآن، واملرتل عليه واملخا متالعرب، من غري نظر إىل

ن راعوا جمرد اللفظ، رأوه من غري نظر إىل ما تستحقه ألفاظ القرآن من الداللة والبيان، واآلخرووقد . 1»م به ولسياق الكالموما جيوز عندهم أن يريد به العريب من غري نظر إىل ما يصلح للمتكل

.2» الداللة يف كل موضع حبسب سياقه، وما حيف به من القرائن اللفظية واحلاليةأن«تقرر لديه

تفريقا كان فهمهم الفرق،قوا بني ظاهر القرآن وباطنه فأن يفرإىل وقد دعاهم كل ذلك .3"املقامي"واملعىن " املقايل"منهم بني املعىن

قرائن "الذي أعطى أمهية كربى لـ) هـ505ت(وهذا ما نكتشفه مع اإلمام الغزايل يف الدرس اللساين احلديث، يف " سياق احلال"؛ أو ما يستجمع ضمن "قرائن األحوال"و" األقوال

: والقرينة إما لفظ مكشوف؛ كقوله تعاىل«: لقرآن الكرمي، يقولحتديد البعد اإلبالغي آلي اشر، وأما قرائن أحوال من إشارات ورموز وحركات ، واحلق هو الع4﴾وآتوا حقه يوم حصاده﴿

وسوابق ولواحق ال تدخل حتت احلصر والتخمني، خيتص بإدراكها املشاهد هلا، فينقلها املشاهدون لتابعني بألفاظ صرحية، أو مع قرائن من ذلك اجلنس، أو من جنس آخر حىت من الصحابة إىل ا

ويف هذا إشارة تنم عن اإلدراك العميق الذي . 5»توجب علما ضروريا بفهم املراد أو توجب ظنا .وعاه الغزايل للسياق احلال وأمهيته يف إدراك املقاصد

.191-13/190 ابن تيمية، جمموعة الفتاوى، 1 .6/12 ابن تيمية، املصدر نفسه، 2 .339 ينظر متام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، ص 3 ).141( األنعام 4 .3/31املستصفى، غزايل، ال 5

38

كل الظروف اخلارجية اليت ترتبط ترتبط لدى الغزايل ب"قرائن األحوال"وذا نستنتج أن رموز وإشارات وحركات « قد تتعلق بـ-كما يرى–بالقول فتصبح من جزئياته، وهي متعددة

من املتكلم، وتغيرات يف وجهه وأمور معلومة من عادته ومقاصده، وقرائن خمتلفة ال ميكن حصرها ل اخلجل، ووجل الوجل، وجنب يف جنس وال ضبطها بوصف؛ بل هي كالقرائن اليت يعلم ا خج

. أنه يريد التحية أو االستهزاء أو اللهو" السالم عليكم"اجلبان، وكما يعلم قصد املتكلم إذ قال فهم أنه يرد املاء العذب البارد " هات املاء"ومن مجلة القرائن فعل املتكلم؛ فإنه إذا قال على املائدة

.1»دون احلار املاحل

ها نا سنالحظ أنل عند مجلة القرائن اليت بسطها الغزايل يف توضيحه فإن تأمفنا وقفةولو توقتتطابق إىل حدد ذلك مما انتهى مه رواد األفعال الكالمية؛ قد نؤك كبري مع الطرح املعاصر الذي قد

ل للفع"سياق احلال"ر لنا من خالله تأطري القول؛ أي من املشهد احلي الذي أراد أن يصوإليهحينما أراد أن يبين كيفيات " Searleسريل "ري إنه املثال نفسه الذي استعان به معول. اإلجنازي

". امللحاته"بـل مث" املاءاته"ثل بـض أن ميولكن عوالوصول إىل القوة اإلجنازية املقصودة، خاطب لكي يصل إىل النتيجة ن فيه املراحل اليت قد يعمد إليها امل يبي دقيقاولذلك يقترح شرحا

.2انطالقا من التلفظ

ومن هذه النصوص نلمس ذلك الوعي العميق الذي وعاه علماء التفسري يف الوقوف على قد ال يسعفهم يف الكثري من ف ؛معاين القرآن الكرمي، حيث مل يكتفوا بالسياق اللغوي فحسب

أخذوا مبسرح اخلطاب اللغوي الذي وهلذا الكالمي املعين؛ أليفاألحيان يف التفسري الصحيح للتال تلقوا و﴿: اليت وردت يف قوله تعاىل" التهلكة"قد نوضح ذلك من لفظة . يتالءم معه ككل

)رضي اهللا عنه (بعث عمر بن اخلطاب: ، حيث روي عن املغرية قال3﴾بأيديكم إلى التهلكةألقى : جبيلة فقاتل فقتل، فأكثر الناس فيه يقولونجيشا فحاصروا أهل حصن، وتقدم رجل من

ومن ﴿: كذبوا؛ أليس اهللا عز وجل يقول: فقال" رضي اهللا عنه"بيده إىل التهلكة، فبلغ ذلك عمر

.3/229، صدر نفسه الغزايل، امل 1

2 Voir Searle, Sens et expression étude de théorie des actes de langage, P:88. ).194( البقرة 3

39

وبذلك نرى كيف أن عمر . 1﴾الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات اهللا واهللا رؤوف بالعبادصحح ما علق بأذهان الناس من معىن هذه اآلية، وذلك بوضعها يف سياقها، " اهللا عنهرضي"

لقد وردت هذه اآلية يف سياق معني ال . وأعطاهم أمنوذجا قويا وجا سليما يف فهم معاين اآليات ينبغي عزهلا عنه واالستدالل ا على ظاهر اللفظ؛ فإن االستدالل ا مقتبسة من القرآن الكرميإخراج هلا من سياقها الذي وردت فيه، وإكراه هلا على إفادة معىن ال تعنيه؛ فقد وردت مسبوقة

: بآيات يف القتال وعدم إمساك اليد عن اإلنفاق؛ ألن اإلمساك هو منتهى التهلكة، قال اهللا تعاىل. انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمنيوقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن﴿

الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم . متقنياعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع السننيحالم حبي وا إن اللهسنأحلكة وهففيه األمر باإلنفاق يف سبيل اهللا؛ أي يف 2﴾إلى الت ،

ض املنفقني أجرا طريقه الذي أمر أن يسلك فيه عن عدوه من املشركني جلهادهم، فإن اهللا يعو باملال والعتاد، جتهيز ويرزقهم عاجال فإن تركوا النفقة عرضوا اجلهاد للخطر؛ ألنه حيتاج إىل

ولذلك سمي البخل هالكا ولكة، وهو يف األصل انتهاء الشيء إىل الفساد، مث يأمر اهللا األمة .3باملزيد من البذل والعطاء

ت املنهج السياقي يف تفسري آي القرآن الكرمي و نستشف من هذا التوضيح حضور مقتضيارين، والقائم يف جوهره على عدم االكتفاء باملعىن املعجمي الذي تقتضيه الكلمة؛ بل لدى املفس

.يأخذ فيه أصحابه بكل معطيات السياق اللغوية وغري اللغوية يف ذلك

وممـا «: لتفسري يقول ولذلك دعا الطاهر بن عاشور إىل ضرورة األخذ مبعطيات املقام يف ا مقومات من مراعاة هي بالغية خصوصيات على الكالم ينظم أن يف املقام مراعاة أن له التنبيه جيب نفس تتساءل خصوصيات على القرآن من آية تشتمل فقد القرآن، إعجاز يف وخاصة الكالم بالغة وبة،مغـص أو متكلفة ا جاء رمبا هلا مقتضيات لتطلب فيتصدى يقتضيها وما دواعيها عن املفسر اليت باملقامات منوطة الواقع يف مقتضياا أن حال يف اآلية، ألفاظ مواقع إىل إال يلتفت مل ألنه ذلك

، 5/148، وينظر تفسري الرازي. 3/323، وينظر الطربي، تفسري الطربي جامع البيان عن تأويل آي القرآن، )207( البقرة 1 ).194-193( البقرة 2 .79عبد الرمحن بودرع أثر السياق يف فهم النص القرآين، جملة اإلحياء ص. ينظر د 3

40

حـزب إن ألا الشيطان حزب أولئك ﴿: اادلة سورة يف تعاىل قوله ذلك مثال اآلية، فيها نزلت ؛2﴾المفلحـون هم الله حزب إن ألا الله حزب أولئك ﴿ قوله مث ،1﴾نالخاسرو هم الشيطان

ـ قم بلطت إىل راملفس يوأفي اجلملتني كلتا افتتاح يف التنبيه حرف اجتالب مقتضى خيفى فقد هضت مبسمع نزلتا اآليتني أن قدرنا ذاإ ولكن باخلرب، لالهتمام التنبيه: يقول أن مثل عامة مبقتضيات ويأيت

املنافقني فريقي إيقاظ ملراعاة األوىل يف التنبيه حرف اختالف أن ناملع مجيعا واملؤمنني املنافقني من هم إذ ؛املؤمنني نظر يف الشيطان حزب من ليسوا همبأن يتظاهرون همألن ونلفاألو مجيعا، واملؤمنني

ألـم واهبن املؤمنون وهم الفريقني وثاين دخائلكم، عرفنا قد يقول اهللا فكأن باإلسالم يتظاهرون لكم عدو أيضا هم أعداءكم يتولون الذين فإن تيقظوا هلم يقول فكأنه اآلخرين دخائل عن غافلون

اآليـة يف التنبيـه حرف واجتالب !لكم عدو اهللا وعدو اهللا عدو والشيطان الشيطان حزب ألم إىل املسلمني وتنبيه النفاق، عن نفريعو فيها يرغبون هملعل املسلمني فضيلة إىل املنافقني لتنبيه الثانية

.3»فيحذروهم التوسم حق أحواهلم ليتومسوا مبفلحني فليسوا اهللا حزب من ليسوا فريقا حوهلم أن

ىل معرفة من دعوم الصرحية إ انطالقا"سياق احلال"وتظهر أمهية التركيز لديهم أكثر على معىن معرفة السبب هو معىن معرفة مقتضى «لآليات يف الفهم والتفسري، فـ" أسباب الرتول"

ومن ذلك معرفة عادات العرب يف أقواهلا وأفعاهلا وجماري أحواهلا حالة الترتيل، وإن مل يكن . احلال .5قصود باآلياتي الغفلة عن أسباب الترتيل إىل اخلروج عن املولذلك قد تؤد. 4»مث سبب خاص

أسباب الرتول دليل على مراد الكالم وحمددة له يف رفع اإلشكال وتبديد الشبه عن "فـقد ترتل اآليات « وفائدته أن حمل السبب ال جيوز إخراجه باالجتهاد واإلمجاع، فـ6"ظاهر النص

).19( اادلة 1

).22( اادلة 2 .111ص/1، ج1984 الطاهر بن عاشور، تفسري التحرير والتنوير، تونس الدار التونسية للنشر، 3 .3/311ت، الشاطيب، املوافقا 4 .3/313 ينظر الشاطيب، املصدر نفسه، 5 .73، ص1994د مصطفى السعدين، املدخل إىل بالغة النص، االسكندرية، توزيع منشأة املعارف، - 6

41

ن وحسن على األسباب خاصة، وتوضع كل واحدة منها مع ما يناسبها من اآلي رعاية لنظم القرآ . 1»السياق؛ فذلك الذي وضعت معه اآلية نازلة على سبب خاص للمناسبة

: فمعرفة سبب الرتول يزيل اإلشكال يف فهم آيات الذكر احلكيم، ومن ذلك قوله تعاىلحكي عن عثمان بن «فقد ، 2﴾ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا﴿اخلمر مباحة، وحيتجان ذه اآلية، وخفي : عون وعمرو بن معد يكرب أنهما كانا يقوالنمظ

: ملا نزل حترمي اخلمر، قالوا: عليهما سبب نزوهلا؛ فإنه يمنع من ذلك، وهو ما قاله احلسن وغريهليس على ": كيف بإخواننا الذين ماتوا وهي يف بطوم، وقد أخرب اهللا أا رجس؟ فأنزل اهللا تعاىل

احنات جالحملوا الصعوا ونآم الذي نزلت فيه ههنا هذه اآلية " سياق احلال"فمعرفة . 3»"الذين .هو الذي حيدد الفهم الصحيح هلا، فيزيل اإلشكال

حبون أن لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا وي﴿: وهذا ما نالحظه أيضا يف قوله تعاىلأليم ذابع ملهذاب والع ة منفازبم مهنبسحلوا فلا تفعي ا لموا بمدمححيث ال تكفي 4﴾ي ،

الذي ترتبط به؛ يقول " سياق احلال"الداللة اللغوية لفهم هذه اآلية من غري ربطها بـأخربنا أبو سعيد بن : عيد بن حممد الزاهد قالأخربنا س«: يف سبب الرتول) هـ468ت(الواحدي

حدثنا عبد الرزاق قال : حدثنا أبو األزهر قال: أخربنا أبو حامد بن الشرقي قال: محدون قال علقمة بن وقاص أخربه ألن مروان قال لرافع أخربين ابن أيب مليكة أن: أخربنا ابن جريج قال

مرؤ منا فرح مبا أتى وأحب أن حيمد مبا مل يفعل لئن كان ا: اذهب إىل ابن عباس وقل له: بوابه حيث يشري ضمن هذا التساؤل إىل 5»ما لكم وهلذا؟: بن أمجعني، فقال ابن عباسعذب، لنعذ

" صلى اهللا عليه وسلم"ما دعا النيب إن«: ته، وعليه يواصل ويقولغموض هذا التفسري وعدم دقإليه أخربوه عنه فيما فأروه أن قد استحمدوا ه، اليهود فسأهلم عن شيء فكتموه إياه وأخربوه بغري

وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب "سأهلم، وفرحوا مبا أتوا من كتمام إياه مث قرأ ابن عباس

.1/37 الزركشي، الربهان يف علوم القرآن، 1 ).93( املائدة 2 .196، وأسباب الرتول للواحدي، ص.2/97ثري، ، وينظر تفسري ابن ك1/37 الزركشي، الربهان يف علوم القرآن، 3 ).188( آل عمران 4وتفسري ابن كثري، . 88م، ص1988 الواحدي النيسابوري أبو احلسن علي بن أمحد، أسباب الرتول، بريوت، دار الفكر، 51/589.

42

الكالم، فندرك أمهية ربط القول بسياق احلال الذي يرد فيه، فهو من متممات . 2»1"لتبيننه للناس .فعن طريقه ميكن ضبط الداللة املقصودة اليت قد ال تبسط يف التركيب اللغوي

وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا ﴿: وكذلك قوله تعاىل حيث ال ميكن الوقوف على الفهم املالئم هلذه ،3﴾م تفلحونالبيوت من أبوابها واتقوا الله لعلك

اآلية دون الرجوع إىل السياق االجتماعي الذي يتمثل يف العادات والتقاليد االجتماعية السائدة يف .4اتمع اجلاهلي يف ذلك الوقت، واليت جاء القرآن الكرمي ليقومها ويضع األمور يف نصاا

الذي تعلق به، وال "سياق احلال"بقة ارتباط وثيق بني التركيب اللغوي وففي اآلية الساثنا حممد بن عبد األعلى حد«) هـ310ت(ميكن تفسري ذلك إال ما معا؛ حيث يقول الطربي

ناسا كانوا إذا أحرموا مل أن: مسعت داود، عن قيس بن حبتر:قالقال، حدثنا املعتمر بن سليمان، بابه، وال دارا من باا أو بيتا، فدخل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه يدخلوا حائطا من

فجاء فتسور احلائط، مث دخل على " رفاعة بن تابوت" :دارا، وكان رجل من األنصار يقال له خرج معه -من باب البيت: أو قال- فلما خرج من باب الدار. رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

يا رسول اهللا، : ما محلك على ذلك؟ قال: فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: رفاعة، قال! إني رجل أحمس: فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم! رأيتك خرجت منه، فخرجت منه

وليس الرب بأن تأتوا البيوت :"فأنزل اهللا تعاىل ذكره! إن تكن رجال أحمس، فإن ديننا واحد: فقال .فانطالقا من سبب نزول هذه اآلية بين املفسرون املقصود منها. 5»"امن ظهوره

اعتمادهم على املناسبات يف الفهم -"سياق احلال"دائما ضمن -ارتكزوا عليه أيضا ومما :والتفسري، وهذا ما وجدناه يف اآليتني التاليتني

).187( آل عمران 1 .29-1/28،واإلتقان، 3/300تحرير والتنوير، وينظر الطاهر بن عاشور، ال. 89-88 الواحدي، أسباب الرتول، ص 2 ).189( البقرة 3 .209عبد النعيم خليل، نظرية السياق بني القدماء واحملدثني دراسة لغوية حنوية داللية، ص: ينظر 4ر تفسري ابن وينظ. 3/556، 1/2000 الطربي، جامع البيان يف تأويل القرآن، حتقيق أمحد حممد شاكر، دمشق مؤسسة الرسالة، ط 5

.1/306كثري،

43

ير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خ﴿: األوىل يف قوله تعاىل-لكم رش وه1﴾و.

.2﴾فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثريا﴿: والثانية يف قوله جل جالله-كره الشيء أو حبه، لكنهما "حيث نالحظ أن اآليتني تعاجلان موضوعا واحدا؛ وهو

ملخاطبني كره " البقرة"مقام آية «يقت يف مقام حايل خمصوص؛ فـن؛ ألن كل واحدة سخمتلفتامعظمهم القتال وركن إىل السلم؛ كره هذا الفريق القتال على الرغم من أنه يف ظروف خمصوصة يقدرها أهل اخلربة واملسؤولية يكون خريا للمسلمني بسبب ما يعقبه من أمن واستقرار وإضعاف

وركن هذا الفريق أيضا إىل املساملة على الرغم مما تسفر عنه يف تقدير أهل اخلربة . أسهللعدو ولباقتضى هذا املقام احلايل أن ينبه الشارع . وأصحاب النظر املسؤول من ذل دائم وانكسار مستمر

احلكيم إىل أن املقياس يف التشريع ألمور احلرب والسلم هو جلب املصاحل ودرء املفاسد، لكن الفهو بيان " آية النساء"أما مقام ... كما تتالءم أو تتنافر مع هوى ورغبة وطبع هذه الفئة أو تلك

حال من حدث بينه وبني زوجته ما كرهه فيها حىت بدأت ختطر يف باله فكرة فراقها، وليس له مع احملبوبة مل يقتض املقام من الشارع أن يبني للمتلقني أن يف بعض األمور. ذلك ميل إىل غريها

وإمنا اقتضى هذا . شرورا حىت ال يفتح هلم باب التعلل مبا يأخذوا من الطرف الذي مييل إليه هواه .3»املقام من الشارع أن ينبه إىل ما تنطوي عليه كثري من املكروهات من اخلريات

ديهم ى لسم كذلك ما قد نالحظه مما ي"سياق احلال" إىل مراعاة ة املفسرينومن مظاهر دعو، وهذا ما بينه ابن كثري "رضي اهللا عنهم"؛ ويشمل ما أثر عن الصحابة "التفسري باملأثور"بـ

فإن قال قائل فما أحسن التفسري؟ إن أصح الطريق يف ذلك أن يفسر «: يف قوله) هـ774ت(سنة القرآن بالقرآن، فما أمجل يف مكان فإنه قد بسط يف موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بال

.4»فإا شارحة للقرآن وموضحة له

).216( البقرة 1 ).19( النساء 2 .85 إمساعيل احلسين، املقام واإلفادة من اخلطاب الشرعي، جملة اإلحياء، ص 3 .1/19 ابن كثري، تفسري ابن كثري، 4

44

إذا مل جند التفسري يف القرآن وال يف السنة رجعنا يف «: مث يعزز هذا الطرح أكثر حينما يقولذلك إىل أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك ملا شاهدوا من القرائن واألحوال اليت اختصوا ا، وملا

ل الصاحل، السيما علماؤهم وكرباؤهم كاألئمة األربعة هلم من الفهم التام، والعلم الصحيح والعم تفسري الصحايب الذي شهد أن« ويذكر السيوطي. 1»واخللفاء الراشدين واألئمة املهتدين املهديني

؛ ألنهم )رضوان اهللا عليهم(وإنما ارتبط التفسري بالصحابة . 2»الوحي والترتيل له حكم املرفوعواله، وأدركوا ظروف نزول آي القرآن الكرمي، وقد كانت شهدوا نزول الوحي، وحضروا أح

.هلذه الظروف الدور الكبري يف معرفة املقاصد املبتغاة من الذكر احلكيم

عن عروة قال سألت عائشة «بسنده ) هـ310ت(قد نوضح ذلك مبا أخرجه البخاري المروة من شعائر الله فمن حج إن الصفا و﴿: أرأيت قول اهللا تعاىل: فقلت هلا) رضي اهللا عنها(

ليمع اكرش ا فإن اللهريخ عطوت نما وبهم فطوه أن يليع احنفلا ج رمتاع أو تي3﴾الب ،أخيت، إن هذه لو بئس ما قلت يا ابن : فو اهللا ما على أحد جناح أن يطوف بالصفا واملروة؟ قال

يف األنصار؛ ، ولكنها أنزلت ﴾فلا جناح عليه أن يطوف بهما﴿كانت كما أولتها عليه كانت كانوا قبل أن يسلموا يهلون ملناة الطاغية اليت كانوا يعبدوا عند املشلل، فكان من أهل يتحرج أن

يا : عن ذلك قالوا" صلى اهللا عليه وسلم"موا سألوا رسول اهللا يطوف بالصفا واملروة، فلما أسلإن الصفا والمروة من ﴿: رسول اهللا إنا كنا نتحرج أن نطوف بني الصفا واملروة، فأنزل اهللا تعاىل

فليس الطواف بينهما، " صلى اهللا عليه وسلم"وقد سن رسول اهللا : ، قالت عائشة﴾شعائر اللهممن عايش الوحي، فهي عارفة " رضي اهللا عنها"فعائشة . 4»ألحد أن يترك الطواف بينهما

باألحوال اليت نزلت على أساسها هذه اآلية اليت تريد أن تثبت من خالهلا وجوب الطواف بالصفا .واملروة، وليس اإلباحية

.2/176وينظر السيوطي، اإلتقان يف علوم القرآن، . 1/3 ابن كثري، املصدر نفسه، 1 .2/176ان يف علوم القرآن، اإلتق 2 ).158( البقرة 3

، )1561(، كتاب احلج، حديث رقم 3/1987 البخاري، صحيح البخاري، حتقيق مصطفى ديب البغا، بريوت دار ابن كثري، ط 42/592.

45

رضي اهللا "رة عن أبيه وكذلك ما أخرجه اإلمام البخاري بسنده عن عبد الرمحن بن أيب بكبلى يا رسول : قالوا؟)ثالثا (ائرا أنبئكم بأكبر الكبلأ": "صلى اهللا عليه وسلم"قال النيب : قال" عنهفما : قال. ورأال وقول الز: وجلس وكان متكئا فقال. اإلشراك باهللا، وعقوق الوالدين: قال. اهللا

ا حهركرال يىزا تقلن :هتلي كت1﴾س.

عليه اهللا صلى "الرسول (املخاطب حال لنا تصور حالية قرائن احلديث هذا يف وردت حيثأال أنبئكم " عبارة أعاد" والسالم الصالة عليه "النيب أن الراوي نقل إذ املخاطبني؛ وحال ،")وسلم

ر الكبه مرات، ثالث" ائربأكبور: "قوله إىل جاء وملا متكئا، كان وأنل الزقوأال و "لجويف س ،كما ذكر أن املخاطبني . ره احلال إشارة إىل خطورة هذا األمر، والدليل على ذلك أنه كراهذ

ول هذا أحس ضح يف قوهلم اوار لنا كل هذه القرائن و". ليته سكت"ألمر، وهذا ما يتتصو .هذا احلديث، وكأنه مشهد حي" حال"،تصويرا دقيقا

؛ حيث "سياق احلال"نستخلص من كل هذه التوضيحات ارتكاز علماء التفسري على .الحظنا كيف أنهم حاولوا ربط كثري من اآليات باحلال الذي تعلقت به ضمن بيانات متنوعة

:لق ال ء ا-ب

اهتم علماء األصول بالسياق بصفة عامة، وأولوه عناية خاصة نظرا ألمهيته يف استنباط مقاصد القرآن الكرمي، وهذا من منطلق أن البحث األصويل هو حبث يف الدالالت اليت تستنبط من

دمقاص على باالطالع املتشبع العامل على«: يقول الطاهر بن عاشور. خالهلا األحكام الفقهية وتبشري وترهيب وترغيب موعظة مقام منها فإن خطاا مقامات بني يفرق أن وتصاريفها الشريعة تتجاذبه وال الالئق مورده إىل الشريعة نصوص من وارد كل فريد وحتقيق تعليم مقام ومنها وحتذير،

تلك دأح وأثبت املوصوف، أوصاف أثبت يف ورد مبا أحد حيتج فال املماذق جماذبة املتعارضات يكن مل جبميعها تارة وصف فإذا مجيعا، ا صفمت هو إذ عليه الثناء سياق يف تارة األوصاف

أخبار لنا عرضت فإذا لبقيتها، الواحد ذلك مساواة على داال منها بواحد أخرى تارة وصفه قةحقي كون على دليال تكن مل التحريض أو التحذير سياق يف واألعمال اإلميان بني مجعت شرعية

.2/939، )2510( البخاري، صحيح البخاري، كتاب الشهادات، حديث رقم 1

46

التعليم بسياق أو والنفي التفرقة بسياق حمتج حيتج فإمنا جمموعهما من ومقومة مركبة أحدمها الشريعة مبوارد وإحاطة تأمل قلة عن ناشئة سخيفة بقوله جيازف أن ملنتسب ينبغي فال والتبيني إىل ينظر إمنا بل اإلسالمية اجلامعة وانتقاض املسلمني مجهور تكفري إىل ويؤول غرضها عن وإغضاء

يف حكمه يكون بل شيء، وحضره أشياء عنه غابت ممن يكون ال حىت حميطة نظرة الشريعة مواردفقد كان " السياق"وطاملا أن احلكم الشرعي ال ينفك عن البحث يف . 1»احلي فتاة كحكم املسألة

اط الواضح الكشف عن هذا األساس من الضرورات اليت دققوا فيها نظرهم حىت يصلوا إىل االستنب .للمقاصد الشرعية املرادة

ولذا يشترط األصوليون على من يتصدى الستخراج األحكام الفقهية أمورا، ال ينبغي أن :يغفل عنها، وهي

.أال يغفل عن بعضه يف تفسري بعضه- .أال يغفل عن السنة يف تفسريه- .أن يعرف أسباب نزول اآليات- .أن يعرف النظم االجتماعية عند العرب-

، فال ينبغي ملن يتصدى لتفسري آية "املقام"فهذه العناصر األربعة ميكن اختصارها يف كلمة .2أن يغفل عن مقامها

إىل وجيب أن نذكر أوال أن تصور األصوليني للحاجة إىل السياق اختلف من مدرسة :3أخرى، وهذا انطالقا من اختالف تصورهم ملسألتني مها

هل الكلمات : ، فقد تنوعت يف أنهم"الوضع واالستعمال"للفظ بني إشكالية حقيقة معىن ا-أاليت تستخدم يف اللغة هلا أوضاع أصلية وراء االستعمال؟ فذكر بعضهم أن الوضع سابق على

.1/111 تفسري التحرير والتنوير، 1، وهادي ر، اللسانيات االجتماعية عند العرب، دار األمل للنشر والتوزيع، 348 ينظر متام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، ص 2 .170-169ص .91-90جنم الدين قادر كرمي الزنكي، نظرية السياق دراسة أصولية، ص: ينظر 3

47

االستعمال، وقال بعضهم إن االستعمال هو غاية الباحث عن املعىن، فعندما نريد حتديد معىن اللفظ .1 االستعمالفإننا ال ننظر إال إىل

إذا «، و"اللغة والكالم"وهذا التفريق يشبه إىل حد كبري الفرق الذي الحظه اللسانيون بني وازنا بني فكرة الكالم عند دي سوسري، وفكرة االستعمال يف الفكر األصويل اإلسالمي، فسنرى

وربط اللغة باالستعمال . 2»ةإمجاال تشاا بينهما؛ النتمائهما إىل استخدام اللغة يف املقامات الفعليهو امليدان األساسي الذي ركزت عليه الدراسات التداولية؛ حيث تتمظهر من خالله األفعال

.الكالمية كما سنوضح ذلك

فقد ذهب بعض األصوليني : إشكالية العالقة بني اللفظ واملعىن؛ أو فلسفة اللفظ واملعىن-بري عن املعىن الذهين ارد، الكائن يف ذهن املتكلم إىل أن اللفظ تعب) هـ606ت(منهم الرازي

الصادق على أفراد كثرية وصور خمتلفة يف التفاصيل متحدة يف املاهية، بدليل أن اللفظ إما مفرد أو مركب؛ فاللفظ املفرد قد يطلق على الشيء بناء على تصور عنه، مث يتراجع عنه املتكلم عند تغري

ا من بعيد وظنه حجرا أطلق عليه لفظ احلجر؛ فإن دنا وظنه فرسا أطلق التصور؛ كمن رأى شبحأما على . عليه اسم الفرس، فبان ذا أن إطالق اللفظ دائر على املعاين الذهنية دون اخلارجية

مستوى التركيب فإنه حيتمل الصدق والكذب، وهذا ال ميكن إال أن يكون اللفظ عبارة عما يف كانت " الصدق والكذب"وفكرة . 3ق والكذب ال جيتمع احتماهلما إال يف الذهنالذهن؛ ألن الصد

.هي أيضا النقطة اجلوهرية اليت ركزت عليها نظرية األفعال الكالمية

يف حني ذهب آخرون ومنهم أبو إسحاق الشريازي، واختاره السيوطي إىل أن اللفظ تعبري .4بإزاء املاهيات اخلارجية

-43لم التخاطب اإلسالمي دراسة لسانية ملناهج علماء األصول يف فهم النص، ص ينظر يف هذه القضية حممد حممد يونس علي، ع 172.

.44 حممد حممد يونس علي، املرجع نفسه، ص 2حممد أمحد جاد املوىل وعلي حممد البجاوي وحممد أبو الفضل إبراهيم، بريوت : ينظر السيوطي، املزهر يف علوم اللغة وأنواعها، حتقيق 3

.1/42، )ت.د(دار اجليل .1/42 السيوطي، املزهر يف علوم اللغة وأنواعها، 4

48

) هـ751ت( يف إطار هذه العالقة دائما، وابن القيم) هـ728ت(يمية بينما يذكر ابن تأيضا، أن التصورات الذهنية اردة ال وجود هلا إال يف الذهن، أما التعبري عن احلقائق فال يقع إال

فال يوجد يف اخلارج إنسان ال أبيض وال أسود وال أمحر، ال طويل . مقيدا مبا يف الواقع من قيودصري وال متوسط القامة، حبيث يكون جمرد ما صدق للماهية، وهي احليوان الناطق؛ بل مل جند وال ق

إنسانا إال وهو مقيد بشيء من تلك القيود، وهكذا األلفاظ؛ فال توجد قط كلمة ال اسم وال فعل ال مقدرا وال حرف إال مقيدة بقيود تزيل عنها اإلطالق، فاللفظ املطلق عن مجيع القيود ال يوجد إ

يف الذهن، وهذا ال حيتاج أهل اللغة إىل التعبري عنه؛ ألنهم إمنا حيتاجون إىل ما يوجد يف اخلارج، وإىل ما يوجد يف القلوب عادة، وليس فيهما تصور، جمرد عن القيود، وهو ما يسميه املناطقة

.1"احلد"بـ

من يرى أن الكالم تعبري«ي؛ فـو يتجلى من هاتني املسألتني دور السياق يف اإلنتاج اللغوعما يف اخلارج تكون احلاجة إىل السياق أمس؛ ألن السياق هو الذي حيدد املعىن الدقيق لكل حالة

أما من يؤمن بفكرة الوضع وأن اللغة تعبر عما يف . تقع يف اخلارج بواسطة القرائن املقالية واملقاميةضيق؛ ألن الكلمات اليت تقع يف سياق ما تعرب تعبريا أوليا عن الذهن فإن احلاجة إىل السياق عنده أ

معانيها املوضوعة هلا، وال يعدل عنها إال عندما يتعارض املعىن مع مبدأ صدق املتكلم أو إرادته، وحينئذ يكون السياق بواسطة القرائن املقالية واملقامية هو الذي حيدد تأويل اخلطاب؛ فلو قال

من ) أسد(، فإن مبدأ صدق املتكلم يخرج معىن كلمة )"املعركة( يف احلمام رأيت أسدا: "قائليف "ظاهره الذي يدل على احليوان املفترس إىل باطنه الذي هو الرجل الشجاع، وتكون قرينة

لتظهر حتمية االهتمام بالسياق لدى األصوليني ككل، . 2»مساعدة يف هذا التوجيه" احلمام نقف من خالله على طبيعة املعىن ومقاصده، يتم كل ذلك عن طريق ما باعتباره األساس الذي

.3"القرينة"يشيع لديهم أكثر مبصطلح

.4/204، وابن القيم، بدائع الفوائد، 9/48) ط.د(ابن تيمية، جمموع الفتاوى، مجع وترتيب عبد الرمحن بن حممد النجدي، : ينظر 1 .93 جنم الدين قادر كرمي الزنكي، نظرية السياق دراسة أصولية، ص 2

حممد حممد يونس على، علم التخاطـب اإلسـالمي، : ينظر. اء األصول القرينة للداللة على ما يفيده مصطلح السياق استعمل علم 3 .65ص

49

عند علماء األصول بكل املعطيات اللغوية وغري اللغوية اليت تسهم يف " القرينة"وتتعلق لك من نص ابن تشكيل العبارة اللغوية، وبالتايل تدخل يف بناء املعىن املقصود وتبليغه، ونكتشف ذ

، تارة يسكت ويقطع الكالم ويكون مراده معىن؛املتكلم بالكالم له حاالن«: تيمية الذي يقول فيه فيكون اللفظ ،درذا جإول يدل عليه اللفظ األلكالم بكالم آخر بغري املعىن الذيوتارة يصل ذلك ا

وحال يقرنه بزيادة لفظ .مساك وترك الصلة حال يقرنه املتكلم بالسكوت واإل؛ول له حاالناأل وىف كال احلالني قد ،راد معىن آخرأذا وصل إ و،راد معىنأمسك أذا إنه أ ومن عادة املتكلم ،آخر

باعتبارها جمال -" القرينة احلالية"ولنركز هنا بقوة على . 1»يبني مرادهتبني مراده وقرن لفظه مبا ح عن ذلك، حيث تعمل كما يرى ابن رح التخاطب الذي سيفص واليت هلا عالقة هنا مبس-حبثنا

.تيمية على تقييد وضبط اللفظ

هلا عالقة باملعطيات " قرائن وجودية"ومنه يتضح كيف أن القرائن قد تبسط يف القول ؛ لترتبط مبعطيات أخرى هلا "قرائن عدمية"، وقد ال تذكر فيه يتشكل منها الكالماللغوية اليت

كما يرى -، وهي ال تدخل )قرائن األحوال(لكشف عن املقصود ني على اععالقة باحلال الذي ي .2كها املشاهد هلاادرإ حتت احلصر والتخمني، خيتص ب-)هـ505ت(الغزايل

يف " قرائن األحوال"أمهية ) هـ660ت(وقد بين شيخ اإلسالم عز الدين بن عبد السالم يف ترتيل " عقد فصال لذلك مساه وقد. ها الفقهياستنباط األحكام فهي من القواعد اليت يقوم عل

، 3"داللة العادات وقرائن األحوال مرتلة صريح املقال يف ختصيص العموم وتقييد املطلق وغريمهامرتلة الصريح؛ ومن ذلك ترتيل الغلبة " القرينة احلالية"فأورد فيه جمموعة من األمثلة اليت نزل فيها

لق، فإنه يتقيد بثمن املثل وغالب نقد بلد البيع، التوكيل يف البيع املط«مرتلة صريح اللفظ؛ كـبع هذا بثمن مثله من نقد هذا البلد إن كان : فكأنه قال للوكيل. ترتيال للغلبة مرتلة صريح اللفظ

ه لو الرجل ومما يدل على ذلك أن. 4»له نقد واحد، أو من غالب نقد هذا البلد إن كان له نقود

.20/413 جمموع الفتاوى، 1 .1/400، )ت.د(املستصفى يف علم أصول الفقه، بريوت دار الفكر، الغزايل، 2عثمان مجعة ضمريية، دمشق .نزيه كمال محاد ود. يف إصالح األنام، حتقيق د عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم، قواعد اإلحكام 3

-225، قد أكد على أمهية هذه القرائن يف ضبط مقاصد التشريع مقدما لذلك ثالثة وعشرين مثاال، ص2/225،)ت.د(دار القلم، 237.

.2/225 عز الدين بن عبد السالم، املصدر نفسه، 4

50

، فباعها بعشرة دنانري، فإن أهل العرف يقطعون بأن هذا غري مراد وال "ري هذهبع دا"قال لوكيله .داخل حتت لفظه

، وضعه أن يكون خربا عن "أنت طالق"، و"أنت حر: وكذلك قوله«: ومما أورده أيضا قولهبتان إال مع آخر أمر حمقق ثابت من غري اللفظ، فصار بالعرف إنشاء للحرية والطالق، حبيث ال يث

، وهو توضيح فيه من الدقة إىل انتباه هذا الفقيه إىل طبيعة الفعل 1»...حرف من حروف الكلمةاإلجنازي الذي قد ال يتحقق بالعبارات اإلنشائية فحسب؛ بل قد يشيع يف العرف أن تتداول

.2عبارات خربية يف تركيبها لكنها إنشائية يف مقصدها

إن املساقات ختتلف «: الذي يقول) هـ790ت(مع الشاطيب " سياق احلال"ة وقد جتلت أمهيباختالف األحوال واألوقات والنوازل، وهذا معلوم يف علم املعاين والبيان، فالذي يكون على بال من املستمع واملتفهم وااللتفات يف أول الكالم وآخره، حبسب القضية وما اقتضاه احلال فيها ال

دون آخرها، وال يف آخرها دون أوهلا، فإن القضية وإن اشتملت على مجل فبعضها ينظر يف أوهلامتعلق بالبعض؛ ألنها قضية واحدة نازلة يف شيء واحد فال حميص للمتفهم عن رد آخر الكالم

. 3»على أوله، وأوله على آخره، وإذ ذاك حيصل مقصود الشارع يف فهم املكلف

ذلك إىل اختالف األحوال واألوقات والنوازل، ختتلف، مردفالسياقات يف اخلطاب القرآينااللتفات إىل أول الكالم وآخره حبسب القضية وما اقتضاه «والضابط الذي يلزم يف فهم ذلك هو

احلال فيها مما تبينه أسباب الرتول؛ فإن علم املعاين والبيان إنما مداره على معرفة مقتضيات فأجزاء القضية الواحدة وجملها متناثرة يف السورة الواحدة أو السور األحوال وأسباب الرتول؛

آخر الكالم على أو دة، ولكن بعضها متعلق ببعض، فالبد من رداملتعدله على آخره لفهم له، وأومقاصد الشارع مقرونا مبعرفة أحوال نزوله، أما إذا تفرق النظر يف األجزاء بسبب اجلهل بأسباب

.2/234م، املصدر نفسه، عز الدين بن عبد السال 1

إىل أشار إىل أنه قد يـشيع يف اللغـة " أوستني" وقد نالت هذه القضية االهتمام الواسع لدى رواد نظرية األفعال الكالمية، بدءا من 2 .استعمال العبارات الوصفية بتركيبها ولكنها إجنازية يف مقصدها، وهذا ما سنوضحه أكثر يف الفصل الثاين من الرسالة

.3/413، )ت.د( عبد اهللا دراز، مصر املكتبة التجارية الكربى، قيق املوافقات يف أصول الشريعة، حت 3

51

يتوصل إىل إدراك املقاصد على الوجه املراد، ويوقع هذا اجلهل يف الشبه ويورد النصوص الترتيل فال .1»الظاهرة مورد اإلمجال فيقع االختالف والرتاع

فيمكن على هذا األساس حتديد مقاصد الكالم من غري ربطه باحلال الذي احتواه بكل حال اخلطاب من ؛ مقتضيات األحوالمعرفةمعرفة الكالم إنما مداره «معطياته وعناصره، كون

إذ الكالم الواحد خيتلف فهمه حبسب ؛ب أو اجلميعب أو املخاطجهة نفس اخلطاب أو املخاط كاالستفهام لفظه واحد ويدخله معان أخر من تقرير ؛ذلكوحبسب غري ، وحبسب خماطبني،حالني

وال يدل على .جيز وأشباهها وكاألمر يدخله معىن اإلباحة والتهديد والتع،وتوبيخ وغري ذلك قرينة وليس كل حال ينقل وال كل.معناها املراد إال األمور اخلارجة وعمدا مقتضيات األحوال

وإذا فات نقل بعض القرائن الدالة فات فهم الكالم مجلة أو فهم شيء ،تقترن بنفس الكالم املنقول ،من املهمات يف فهم الكتاب بال بد ومعرفة األسباب رافعة لكل مشكل يف هذا النمط فهي .منه

.2»فة مقتضى احلالومعىن معرفة السبب هو معىن معر

حفظ الضروريات «و تتنوع مقتضيات األحكام الفقهية لدى الشاطيب، فإذا كانت ترجع بد من اعتبار حمل على وجه واحد ال ميكن بل الواحلاجيات والتكميليات فترتيل حفظها يف كل

فالبد من ربط األحكام .3» من اخلصوصيات اجلزئيةواألبواب وغري ذلكخصوصيات األحوال ومن أفىت الناس مبجرد «: الفقهية خبصوصيات الناس وعادام وعرفهم وأزمنتهم، يقول ابن القيم

املنقول يف الكتب على اختالف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأحواهلم فقد ضل وأضل، ين أعظم جناية من طبب الناس كلهم على اختالف بالدهم وعوائدهم وكانت جنايته على الد

. 4»وأزمنتهم وطبائعهم مبا يف كتاب من كتب الطب على أبدام

. أو غريمها" احليض"أو " البلوغ"ومما ميكن أن خيتلف حبسب العوائد واألمور اخلارجية مثال احليض أو بلوغ سن من حيتلم أو من حتالم أوه يعترب فيه عوائد الناس من االإنف«" البلوغ"فـ

ات املرأة أو قراباا أو حنو ذ وكذلك احليض يعترب فيه إما عوائد الناس بإطالق أو عوائد ل،حتيض

.75عبد الرمحن بودرع، أثر السياق يف فهم النص القرآين، جملة اإلحياء، ص. د 1 .3/347 الشاطيب، املوافقات يف أصول الشريعة، 2 .4/228 املوافقات يف أصول الشريعة، 3 .3/78، )ت.د( ابن القيم اجلوزية، إعالم املوقعني عن رب العاملني، حتقيق حممد حميي الدين عبد احلميد، بريوت دار الفكر 4

52

؛ أمور خارقة للعادةومنها ما يكون يف .نتقال ذلك اال، فيحكم هلم شرعا مبقتضى العادة يفذلككم عليه يترتل على مقتضى عادته اجلارية له كبعض الناس تصري له خوارق العادات عادة فإن احل

املتغوط كالبائل أو؛املطردة الدائمة بشرط أن تصري العادة األوىل الزائلة ال ترجع إال خبارقة أخرى فإنه إن مل يصر ، حكم العدمعتاد يف الناس بالنسبة إليه يفمن جرح حدث له حىت صار املخرج امل

فاملعترب فيها من جهة ، ومع ذلك،ختالف من هذهكون اال وقد ي.كذلك فاحلكم للعادة العامة الشرع إمنا جاء بأمور معتادة جارية على وعليها تترتل أحكامه ألن،الشرع أنفس تلك العاداته يتحدد حبسب البالغني وأحواهلم ولكن،فالبلوغ يف الشرع واحد. 1»أمور معتادة كما تقدم بيانه .ف من شخص إىل آخر، وكذلك يف احليض أو غريهوعوائدهم اليت تتنوع وختتل

الشرع موضوع «وليس اختالف اخلصوصيات هنا مبؤد إىل اختالف يف أصل اخلطاب؛ ألن اية من غريه دائم أبدي لو فرض بقاء الدنياعلى أن . والتكليف كذلك مل حيتج يف الشرع إىل

أصل شرعي حيكم به جعت كل عدة إىلمزيد، وإمنا معىن االختالف أن العوائد إذا اختلفت ر فإذا بلغ ، اخلطاب التكليفي مرتفع عن الصيب ما كان قبل البلوغ فإن؛ البلوغ مثال، كما يفعليها

، وإنما اخلطاب، ليس باختالف يف مث ثبوته بعده،وقع عليه التكليف فسقوط التكليف قبل البلوغ .رع هو املراد حبسب عوائد أفراد اتمعفقصد الشا. 2»ختالف يف العوائد والشواهدوقع اال

وأمهيته لدى علماء أصول الفقه يف استجالء " سياق احلال" من النماذج السابقة قيمة تتضحواملقاصد الشرعية، واملؤسسة يف جوهرها على ربط اخلطاب بتجلياته يف الواقع اخلارجي، مما جيعل

. التداوليةمباحث علم األصول تقترب أكثر من مباحث الدراسات

:ق ال اة-ج

ح ذلك ارتباط نشأة النحو العريب أمهية خاصة لدى النحاة، ويوض" سياق احلال"احتل باالستعمال احلي للغة، فمعظم الروايات اليت وردت يف ذلك تبين أن سوء ربط اإلنتاج الكالمي

.2/285 الشاطيب، املوافقات يف أصول الشريعة، 1 .2/285، صدر نفسه الشاطيب، امل 2

53

إىل وضع العلم الذي يبين ) هـ69ت( الدؤيل واحلال املعبر عنها هو الدافع الذي أدى بأيب األسود .كيفيات استعمال الكالم

التفت بعده النحاة إىل السياق اللغوي يف دراستهم النحوية، إدراكا منهم بأمهيته للوصول وإىل الوظيفة املرادة يف التركيب اللغوي، والذي ال يتوقف عند حدود العناصر اللغوية؛ بل يعتمد

فلم ينظروا إىل الكالم . 1 احمليط باجلملة وحال املتكلم واملخاطب وطبيعة املوضوعأيضا على املقامكما لو كان شكال منعزال عن الظروف اخلارجية اليت حتيط به؛ وإنما أخذوا مادم اللغوية على

كما أدركوا أن للكالم وظيفة ومعىن يف . أنها ضرب من النشاط اإلنساين الذي يتفاعل مع حميطهملية التواصل االجتماعي، هلما ارتباط وثيق بسياق احلال أو املقام وما فيه من شخوص وأحداث، ع

.2وقد متظهر ذلك كله يف دراسام

، حيث ظل يف كثري من األحيان يستمد "كتاب سيبويه"وقد نوضح ذلك انطالقا مما ورد يف من العرب من "و" مسعت من العرب "قواعده من استعماالت العرب، لذلك كرر يف غري مرة عبارة

، 5"وتقول يف كذا كذا"كما ظل يردد يف كتابه مقولة . 4"مسعنا عربيا موثوقا بعربيته"، و3"يقولاللغة يف التقعيد النحوي؛ من حيث " فعلية"وغريها من العبارات اليت توحي بأن سيبويه يتبنى نظرية

فسيبويه . 6ظاما مفترضا ال عالقة له بالتحقق الفعليهي استعمال فعلي للمتكلم العريب، وليست نظل يربط النحو باالستعمال الفعلي للغة، ندرك ذلك أكثر من األبواب النحوية اليت بقي يربط

.تعليالته مبعطياته، وهي يف جوهرها أسس تداولية

نبنت على واملتأمل يف بعض كتب النحو يالحظ أن هناك الكثري من القواعد النحوية اليت اقد نستهل ذلك مبا أورده اخلليل . ، وقد صور النحاة ذلك تصويرا دقيقا يف كالمهم"سياق احلال"

.205، ص2004دثني، اإلسكندرية دار الوفاء للطباعة والنشر ينظر نادية رمضان النجار، اللغة وأنظمتها بني القدماء واحمل 1 .66، ص1994، دار الثقافة العربية، )مدخل(كمال حممد بشر، علم اللغة االجتماعي : ينظر 2، 128، و123، و105، و2/39، و 388، و309، و302 وéé،270، و251، و86، و1/47: ينظر كتاب سيبويه مثال 3 ، 3/452 ،3/321، و 158، و150و

.152، و2/98، و 304، و1/53: ينظر كتاب سيبويه مثال 4 . وغريها40و36و34و33 و3/32ه، مثالاملصدر نفس ينظر 5 مقبول، األسس االبستمولوجية والتداولية للنظر النحـوي عنـد سـيبويه، سيوإدر. 81شوقي ضيف، املدارس النحوية، ص : ينظر 6

.389ص

54

على " الرجل الصاحل"نصبت . مررت بزيد الرجل الصاحل: "قوهلم«: الذي يقول) هـ175ت(وزعم "... هو"فخفضته، وإن شئت رفعته على إضمار " زيد"وإن شئت جعلته بدال من . املدح

، ﴾واملقيمني الصالة﴿: يونس النحوي أن نصب هذا احلرف على املدح يف سورة النساء :قال الشاعر. ﴾والصابرين في البأساء والضراءو﴿

ـمه مي الذينن قودعبر ال ياة وآفة اجلزدالع مس ــرعتبكـل م ازلنير كالناألز اقـدعم ـبنيوالطي

، وينشد على ثالثة "والطيبون"على املدح، ويروي بعضهم " الطيبني"و" النازلني"نصب :وقال األخطل. إذا طال كالم العرب بالرفع نصبوا، مث رجعوا إىل الرفع: أوجه، ويقول

ي واجدى النإذا أبد اء املؤمننيفسي فدنباسل ذكر مو قى به املطرستسخليفة اهللا ي هون طائروامليم رمالغ اخلائض

.1»على املدح والتعظيم" خليفة اهللا"و" امليمون"و" اخلائض"نصب حيث يستند اخلليل بن أمحد ضمن هذه األوجه االستعمالية على احلال بكل معطياته،

يبتغيها املتكلم حيث سيخالف يف احلركة اإلعرابية رفعا ونصبا وخفضا انطالقا من الغاية اليت 2.حبسب املقصد املبتغى

لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون ﴿: وقد وجه سيبويه اإلعراب يف قوله تعاىلمقيمني الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وال

، الذي 4 توجيها تداوليا مبنيا على سياق احلال3﴾واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيماائي مقام ثناء على املؤمنني، وهو ؛ فاملقام اإلنش" والمقيمني الصلاة: "يقتضيه السياق يف قوله تعاىل

.5إعراب كما يرى إدريس مقبول تداويل

.62-61، ص1/1985يدي، اجلمل يف النحو، حتقيق فخر الدين قباوة، بريوت مؤسسة الرسالة، ط اخلليل بن أمحد الفراه 1 .ده يدل على اإلخبارصمقففمقصد النصب هنا هو املدح، أما الرفع - 2 ).162( النساء 3 .2/62 ينظر كتاب سيبويه، 4 .290ي عند سيبويه، ص ينظر إدريس مقبول، األسس االبستمولوجية والتداولية للنظر النحو 5

55

: يقول" ما جيري من الشتم جمرى التعظيم وما أشبهه"وهذا ما بينه سيبويه أيضا يف باب . أتاين زيد الفاسق اخلبيث، مل يرد أن يكرره وال يعرفك شيئا تنكره، ولكنه شتمه بذلك: تقول«

خربا للمرأة، " احلمالة" مل جيعل وامرأته حمالة احلطب﴾﴿م قرأ هذا احلرف نصبا وبلغنا أن بعضهفاملخالفة . 1»شتما هلا، وإن كان فعال ال يستعمل إظهاره" أذكر محالة احلطب: ولكنه كأنه قال

، هي حتقيق 2ية الكرميةيف احلركة اإلعرابية أمارة بالوظيفة املرادة؛ ألن الغاية يف قراءة النصب يف اآل .الذم والشتم هلا

:3ومنه كذلك قول عروة الصعاليك العبسي سقوني اخلمر ثم تكنفوني عداة اهللا من كذب وزور

، ومنه نالحظ أن سيبويه قد 4»إنما شتمهم بشيء قد استقر عند املخاطبني«: يقول سيبويهإىل استحضار الشروط التداولية إلنتاج والكالم " عداة اهللا"عرابية لـاستند يف بيان الوظيفة اإل

.5وتأويله من ظروف املقام وعلم املخاطبني

يف " سياق احلال"واملالحظ مما سبق أن سيبويه وغريه من النحاة قد استحضروا عناصر طب والعالقة توضيح كيفيات اإلنتاج الكالمي وضبط مقاصده؛ إذ أحملوا إىل املخاطب واملخا

قد و .ولظ بالقبينهما، والسياق اخلارجي الذي جيري فيه الكالم، كما ذكروا أيضا أسباب التلفنستخلص ذلك من القضايا النحوية املتنوعة اليت ارتكز فيها النحاة على سياق املوقف اخلارجي،

البحث عن املعىن منها قضية احلذف والقسم واملنادى، وقضية البحث عن العامل يف النحو، أو .للتركيب اللغوي

.553ص/22، والقرطيب، اجلامع ألحكام القرآن، ج63وينظر اخلليل بن أمحد، اجلمل يف النحو، ص. 2/70 كتاب سيبويه 1 قرأ نافع وابن كثري ومحزة والكسائي وأبو عمرو ويعقوب وأبو جعفر وخلف بالرفع، وقرأ ابن أيب إسحاق وعيسى بن عمر بالنصب، 2

، 2/302، وابن اجلزري، النشر يف القراءات العشر، 718ص/24لطربي، جينظر تفسري ا .2/70 ينظر سيبويه، كتاب سيبويه، 3 .2/70 ينظر ، املصدر نفسه، 4. 2009 فاضل، املنحى الوظيفي التداويل يف الدرس النحوي منية اجلملة العربية منوذجا، رسالة ماجستري، جامعة مستغامن، ي حاج عل 5

.77ص

56

نوضح ذلك معه حيث أشار يف أبواب كثرية إىل دور املخاطب واملخاطب وحضور ما ينتصب من األمساء اليت أخذت "؛ فقد بين يف باب 1مستدعيات سياق احلال يف تشكيل الكالم

المه مبا يقتضيه احلال كيف يكيف املتكلم ك" من األفعال انتصاب الفعل استفهمت أو مل تستفهم، وكذلك إن أردت هذا املعىن "دا وقد سار الركباعقأقائما وقد قعد الناس، وأ: "ذلك قولك«و

وذلك . قاعدا علم اهللا وقد سار الركب، وقائما قد علم اهللا وقد قعد الناس: "ومل تستفهم، تقولأتقوم قائما وأتقعد "فكأنه لفظ بقوله هه قعود، فأراد أن ينبحال قيام أو حالأنه رأى رجال يف

ومثل ذلك ... وصار االسم بدال من اللفظ بالفعلاحلال مبا يرى من ه حذف استغناءولكن" ؟قاعدا استعاذة حىت صار مبرتلة حال شيئا يتقى فصار عند نفسه يف رأىكأنه " عائدا باهللا من شرها"

أعوذ : " فقال عائدا باهللا، كأنه قالاحلاليرى نفسه يف تلك قيام وقعود؛ ألنه حالالذي رآه يف فاحملذوف ضمن العبارات املذكورة ينوب عنه احلال املشاهدة لذلك استغىن . 2»...باهللا عائذا باهللا

.املتكلم على اللفظ به، ولكن من غري ضياع للفائدة املقصودة

راكيب اللغوية، وندرك ذلك مع تفسري الت يفأيضا منطلقا أساسيا" املخاطب"وقد شكل ذف من املستثىن ختفيفا واجتزئ بعلم املخاطب، وذلك قولك «يف ) هـ286ت(د املربباب ما ح

.3»أردت ليس غري ذلك" عندي درهم ليس غري"

الذي أشار إىل دور املخاطب يف غري مرة منها قوله) هـ316ت(اج وابن السر :ختصار يف كالم الفصحاء كثري موجود، إذا آنسوا بعلم واحملذوفات يف كالمهم كثرية، واال«

.4»املخاطب ما يعنون

قة يف تفسري الكالم، وبيان أن العبارة احملقاملرجعية اجلوهريةلديهم ميثل " علم املخاطب"فـوهذا العلم كذلك يؤمن له يف الوقت نفسه جهات فهم العبارات . قد ترتبط بتقدير آخر يفسرها

وحنو " رحم اهللا زيدا"و" غفر اهللا لزيد" تتفق يف الشكل وختتلف يف املعىن؛ فعندهم أن قولك اليت قد

.340، و258، و74، و1/47 ينظر كتاب سيبويه، 1 .341-1/340، املصدر نفسه سيبويه، 2 .4/429، ، 1994 املقتضب، حتقيق عبد اخلالق عضيمة، القاهرة 3 .2/341 ،)ت.د ( األصول يف النحو، حتقيق عبد احلسني الفتلي، بريوت مؤسسة الرسالة، 4

57

-فإن لفظه لفظ اخلرب ومعناه الطلب، وإنما كان كذلك لعلم السامع أنك ال خترب عن اهللا «ذلك، معناه إمنا لفظه لفظ رزق اهللا و" علم اهللا ألقومن: "كما أن قولك. وإمنا تسأله-عز وجل

.1»القسم

و إذا ما تأملنا هذا القول تداوليا سندرك أن املربد ذا التوضيح يثري قضية مهمة عدت من بني األفكار األساسية اليت قامت عليها نظرية األفعال الكالمية، وهي بيان كيف أن العبارات يف

"Austinأوستني "ومساها. بعض األحيان قد تكون بصيغتها خربية ولكن بوظيفتها اإلجنازية . 2"املغالطة الوصفية"

كمعطى يف إنتاج الكالم وتأويله حيضر يف تعليل بعض األوجه " احلال"واإلشارة إىل مفهوم ؛ "األمر"كـ، "األفعال الكالمية"التركيبية، وخباصة يف باب ما يسمى يف الدراسات التداولية بـ

، لذلك )املتلقي(واملأمور ) املتكلم(شاهدة بني اآلمر وهو من األفعال الكالمية اليت تقوم على امل أو م أو يشتذلك أنك رأيت رجال يضربو« :يقول سيبويه. حرصوا على ربط تفسريهم بذلك

أو ؛ أي أوقع عملك بزيد"زيدا" له بعمله، فقلت ظفليقتل، فاكتفيت مبا هو فيه من عمله أن ت ،: ه فقلتعطأو رأيت رجال حيدث حديثا فق". زيدا: "، فقلتأضرب شر الناس: رأيت رجال يقول

، فعلى ه أنه مستخبرمك، استغنيت عن الفعل بعلحديث: فقلت من سفرم رجلد، أو ق"كحديث" هذه األمثلة هو ارتباط البنية امللفوظة ، فلعل أهم شيء ندركه من3»هذا جيوز هذا وما أشبهه

صايل عامحهابسياق اترها ويوضيفس.

يف االتصال اللغوي، " األمر"فالنحاة يف هذه القول يقدمون لنا مشهدا حيا عن حتقيق فعل الذي يكشف كيف أنهم ارتكزوا على الظروف املرافقة للتلفظ " رأيت"وقد بينوا ذلك من قوهلم

.من أجل ضبط وظيفة التركيب اللغوي

باب ما يضمر فيه الفعل املستعمل إظهاره يف "ه يف وهذا ما يتضح أيضا فيما أورده سيبوي ، قاصدا يف هيئة احلاج، قولك إذا رأيت رجال متوجها وجهة احلاجوذلك«": األمر والنهي"غري

.324و2/130 املقتضب، 1 .14عبد القادر قنيين، ص.ستني، نظرية أفعال الكالم العامة كيف ننجز األشياء بالكالم، ترمجة د ينظر أو 2 .2/247 ، واألصول يف النحو، البن السراج، 3/267، وتكرر هذا القول يف املقتضب، للمربد، 1/253 كتاب سيبويه،3

58

أو ... "يريد مكة واهللا: " حيث زكنت أنه يريد مكة، كأنك قلت؛"مكة ورب الكعبة: "فقلتالقرطاس واهللا؛ أي يصيب القرطاس، وإذا مسعت : فقلترأيت رجال يسدد سهما قبل القرطاس

ولو رأيت ناسا ينظرون اهلالل . القرطاس واهللا؛ أي أصاب القرطاس: وقع السهم يف القرطاس قلتأو رأيت ضربا فقلت . اهلالل ورب الكعبة، أي أبصروا اهلالل: وأنت منهم بعيد فكبروا لقلت

ومثل ذلك أن ترى رجال يريد . أي يقع بعبد اهللا أو بعبد اهللا يكونعبد اهللا؛ : على وجه التفاؤل: زيدا، تريد: أن يوقع فعال، أو رأيته يف حال رجل قد أوقع فعال، أو أخربت عنه بفعل، فتقول

فمن األمثلة املذكورة نالحظ أن سيبويه شديد العناية والدقة يف .1»اضرب زيدا، أو أتضرب زيدا: رجم ذلك من خالل عباراتصيل التداولية الواقعية اليت تتحكم يف إنتاج الكالم، وقد تسرد التفا

رت مسرح احلال الذي وغريها من العبارات اليت صو..." مسعت... ، هيئة...، قاصدا...رأيت" .قامت عليه التراكيب املذكورة

لك على معرفة صورة شخص فصار آيةرأيتوذلك أنك «: ويظهر هذا األمر جليا يف قوله صوتا مسعتأو ". هذا عبد اهللا"، أو "ذاك عبد اهللا: "، كأنك قلت"عبد اهللا وريب: "الشخص فقلت

جسدا أو مسستأو ". زيد وريب: "فعرفت صاحب الصوت فصار آية لك على معرفته فقلترجل عن مشائل حدثتولو . العسل: أو ذقت طعاما فقلت. زيد، أو املسك: رحيا فقلتمشمت

مررت برجل راحم للمساكني بار : كأن رجال قال. عبد اهللا: فصار آية لك على معرفته لقلت :عند سيبويه، والقائم يف جوهره على ما يلي" سياق احلال"هذا هو . 2»فالن واهللا: بوالديه، فقلت

" مسست"و" أخربت"و" ينظرون"و" هيئة"و" مسعت"و" رأيت: "استخدامه لألفعال-. الذي ينتج فيه الكالم، فيصبح من جزئياته" احلال"اليت ترتبط بـ" حدثت"و" ذقت"و" مشمت"و

.فهي تعطينا صورة واضحة وحية عن شكل التواصل الذي جيري فيه الكالم .ارتكازه يف األمثلة املذكورة على وقائع موقفية يف استنباط القواعد النحوية وشرحها- احملذوف من الكالم احملقق، وهذا يؤكد قيام بعض القواعد اعتماده كذلك عليها يف تقدير -

.النحوية على معطيات سياق احلال اليت ال ميكن التقليل من قيمتها

.1/257 كتاب سيبويه، 1 .2/130، املصدر نفسه 2

59

يوقع أن ترى رجال يريد أن "ولنتأمل أيضا يف هذه املناسبة ما ذكره سيبويه حينما يقول ومنه أن ترى «: ، وقوله أيضا"عل، أو أخربت عنه بفأوقع فعال، أو رأيته يف حال رجل قد فعال

كل هذا أتفعلأكل هذا بخال؛ أي : فقد تقول" قد فعله"الرجل أو خترب عنه أنه قد أتى أمرا ".الفعل الكالمي"ويف ذلك كله إشارة إىل ما يسمى يف الدراسات التداولية بـ. 1»بخال

:التايلباملخطط " سياق احلال"ونستطيع أن نوضح تصور سيبويه لـ

المعرفة المتداولة

املوقف الكالمي

، وقد نؤكد ذلك أكثر "احلال"ومما سبق يظهر لنا أن النحاة قد ارتضوا ألنفسهم مصطلح ج مع سيبويه الذي صرح بذلك يف غري مناسبة يقول يف إحداها وهو يتحدث عن تكييف اإلنتا

: ومن ذلك أيضا أن ترى رجال قد أوقع أمرا أو تعرض له فتقول«: الكالمي مع احلال املعبر عنه؛ أي دنا من هذا األمر متعرضا ملن مل يعنه، وترك ذكر الفعل ملا يرى من "متعرضا لعنن لن يعنه"

بيع، فتدع حال مساومة وحال ، وذلك إن كنت يف"قدبيع امللطى ال عهد وال ع"ومثله . احلالضمن هذا التوضيح " احلال"حيث يصبح مفهوم مصطلح . 2»حلالأبايعك استغناء ملا فيه من ا

والتوضيحات السابقة يشمل جممل املعطيات الواقعية اليت تؤطر الفعل القويل فتصبح من متمماته .إنتاجا وتأويال

، "زيدا"تقول إذا رأيت رجال يف ذكر ضرب «:يقولوهذا ما نلحظه أيضا مع املربد أيضا مبا كان فيه من الذكر فعلى هذا إذا ذكر فعال " اضرب: "واستغنيت عن قولك" زيدا اضرب"تريد دالة مل يكن من اإلظهار بد حالفإن مل يكن ذكر وال ". نعم ضربا شديدا: ، قلت"ألضربن"فقال

.1/258، كتاب سيبويه سيبويه، 1 .1/115، وشرح ابن يعيش، 1/305وينظر . 1/272، كتاب سيبويه 2

السامع المتكلم حدث كالمي

60

األمر فتضمر وتصير املصدر بدال من اللفظ بالفعل، وإمنا يكون ذلك يف إال أن يكون موضع أمر خاصة؛ ألنهما ال يكونان إال بفعل، فتأمر باملصدر نكرة، ومعرفة باأللف والالم واإلضافة، النهيو

.1»ولذلك موضع آخر وهو أن يكون املصدر قد استعمل يف موضع الفعل حىت علم ما يراد به

الذي ترد فيه؛ فال ميكن تأويل "الاحل"ن الران بعض األحداث الكالمية بـويف ذلك بياالنصب مثال إال من املالبسالت اليت يذكر فيها، ويكثر هذا يف األحداث اليت تعاين وتعايش

.وتكون إلجناز فعل كالنهي واألمر والدعاء وغري ذلك

، 2"ادر املنصوبة بأفعال مضمرةاملص"واملفهوم نفسه حيضر عند ابن يعيش أثناء حديثه عن سياق "ومعظم التحليالت اليت ذكرها لتحليل التراكيب املدجمة ضمن هذا الفصل ظلت مرتبطة بـ

ومعطياته، وهي تصنف ضمن العبارات اإلجنازية باملصطلح التداويل، قد نوضح ذلك أكثر " احلال :بتقدمي هذه املصادر وهي

".خري مقدم"- ".مواعيد عرقوب"-، فقد ..."سقيا ورعيا وخيبة وجدعا وعقرا وبؤسا وبعدا وسحقا ومحدا وشكرا وعجبا"-

؛ واملعىن احذر احلذر، ومل "احلذر احلذر"استغنوا بذكر هذه املصادر عن ذكر الفعل، كما قالوا «قولك يذكروا احذر، فلما استغنوا بذكر هذه املصادر عن ذكر الفعل صار قولك سقيا ورعيا ك

سقاك اهللا، ورعاك اهللا فلو أظهرت الفعل صار كتكرار الفعل، ومن ذلك قولك للمدعو عليه .3»...خيبة وجدعا وعقرا وبؤسا وبعدا وسحقا"

ولعل أهم ما نستنتجه من هذه النماذج هو ارتباط اجلمل احملققة بقرائن حالية تفسرها؛ إذ ال غين عن اللفظ، وذلك أن املراد من اللفظ الداللة على قرائن األحوال قد ت«و. ميكن بترها عنها

املعىن، فإذا ظهر املعىن بقرينة حالية أو غريها مل حيتج إىل اللفظ املطابق، فإن أتى باللفظ املطابق

.3/267 املربد، املقتضب ، 1 .2/47، و126 و115، و1/113 ينظر شرح املفصل، 2 .1/114، شرح املفصل ابن يعيش، 3

61

فلما كان ،1»جاز وكان كالتأكيد، وإن مل يؤت به فلالستغناء عنه فلذلك جيوز حذف العامل . كلم واملتلقي حبسب ما تقتضيه العملية االتصالية ككل استغين عنهمعىن الفعل مدركا بني املت

" التسييق"ومما سبق نالحظ أيضا أن النحاة قد أخذوا مبا يصطلح عليه يف الطرح التداويل بـيف توضيح دالالت القول؛ أي ربط اإلنتاج القويل ككل باملعطيات اللسانية وغري اللسانية اليت

اللغة ليست حسابا منطقيا دقيقا، لكل كلمة معىن حمدد، «ظائف املقصودة، ألن تسهم يف ضبط الوولكل مجلة معىن حمدد، حبيث ميكنك االنتقال من مجلة إىل ما يلزم عنها من مجل حسب قواعد االستدالل املنطقي، لكن الكلمة الواحدة تتعدد معانيها بتعدد استخدامنا هلا يف احلياة اليومية،

يوضح ذلك العبارات اليت ذكرها . 2»د معاين اجلملة الواحدة حسب السياق الذي تذكر فيهوتعد .سيبويه؛ إذ ال ميكن عزهلا عن سياقها لتؤدي وظيفتها

وقد فسر النحاة كثريا من األقوال والعبارات انطالقا مما قد يتداول لدى املتلقي فيدخل ان البر قفيزين، وكان السمن منوين، فإنما ك: قول الناس«رات القول، ومن ذلك ضمن مؤط

استغنوا هاهنا عن ذكر الدرهم ملا يف صدورهم من علمه، وألن الدرهم هو الذي يسعر عليه، فكأم إمنا يسألون عن مثن الدرهم يف هذا املوضع، كما يقولون الرب بستني، وتركوا ذكر الكر

فلما شاع . 3»وبعلم املخاطب؛ ألن املخاطب قد علم ما يعيناستغناء مبا يف صدورهم من علمه، التراكيب التسعري بني املتكلم واملتلقي حذف ما يتعلق به لتداوله بينهما، وكل ذلك يدل كيف أن

.اللغوية قد يؤخذ يف بنائها ما هو معروف بني املتخاطبني فيعد من مقتضيات الداللة املقصودة

:ق ال ا-د

يف دراسام اللغوية من أجل حتديد دالالت " سياق احلال"اهتم اللغويون القدامى بـاملفردات وبيان كيفيات استعماهلا؛ فبحثهم القائم على مجع ألفاظ اللغة، واستجالء املعىن الذي قد

.1/125 ابن يعيش، املصدر نفسه، 1 .56غة، ص حممود فهمي زيدان، يف فلسفة الل 2 .120 و74و1/47وينظر . 1/393 كتاب سيبويه، 3

62

ور تدل عليه، وطبيعة هذا املعىن الذي يتحول من حال آلخر، جعلهم يقدمون آراء جليلة حول د .يف ضبط الدالالت" سياق احلال"

وإذا كان منهجهم القائم على مجع الكلمات العربية وضبط دالالا وفق طرق فنية مضبوطة قد ال جيعلهم يرتلون إىل سياق احلال الذي قد تستعمل فيه، فهذا ال يعين استبعادهم له يف

فهذا . ت اللغوية الصحيحةدراستهم؛ بل اعتمدوا عليه كأساس يف تفسري كثري من االستعماالمنها «: يشري إىل أنه أخذ العربية من أفواه العرب الذين شاهدهم يقول) هـ370ت(األزهري

تقييد نكت حفظتها ووعيتها من أفواه العرب الذين شاهدم وأقمت بني ظهرانيهم سنيات إذ در اليت مجعوها ال ينوب مناب كان ما أثبته كثري من أئمة أهل اللغة يف الكتب اليت ألفوها، والنوا

، ويف كل ذلك داللة على قيمة استقصاء املعاين من 1»املشاهدة وال يقوم مقام الدربة والعادةامظانها كما وردت عن أصحا.

ومن مظاهر التفام إىل سياق احلال إشارام املتعددة إىل استخدامات العرب لأللفاظ ، "علس" ترد فيه، ومن ذلك ما ذكره األزهري يف مادة انطالقا من السياق االجتماعي الذي

: وقال بشر،شجر مر: علالس«فـس ما لها فيهمف وبذات كه الحون الصومسليعقار و

وكانت العرب يف جاهليتها تأخذ حطب السلع والعشر يف ااعات وقحوط املطر فتوقر ولذلك ظل . 2»... مث تلعج النار فيها، يستمطرون بلهب النار املشبه بسنا الربقظهور البقر منها

، مباشرة من األعراب أو من الرواةاملعجميون األوائل يربطون دالالت املفردات انطالقا مما مسعوه . ، وغري ذلك"قال فالن"و" ومسعت"لذلك كثريا ما يقولون

نتج فيها القول يف ضبط الداللة ارجية اليت ي الظروف اخلأمهيةوقد أشار اللغويون إىل ، "شاهد احلال"اها ضمن مصطلح مستجمعا إي)هـ392ت(املقصودة، وهذا ما أكد عليه ابن جين

فأما جتوزهم يف تسميتهم االعتقادات واآلراء قوال فألن االعتقاد خيفى فال يعرف إال «: يقول

.6ص/1، ج)ت.د(عبد السالم هارون، مصر الدار القومية العربية لللطباعة، . األزهري، ذيب اللغة، تقدمي د 1 .98ص/2، ج)علس( ذيب اللغة، مادة 2

63

ويف ذلك إشارة إىل الظروف اخلارجية اليت . 1»"احلالشاهد "من : بالقول، أو مبا يقوم مقام القول . واليت تعد من مركباته، لذلك تبقى املقاصد مرهونة به،حتتضن الكالم

قد يسهم يف حتديد داللة الكلمة اليت قد تغيب " شاهد احلال"وقد تبدى له يف غري مرة أن عن كثري مما ) ابن السراج(كر وهلذا املوضع نفسه ما توقف أبو ب«: ذلك، يقول إىلعمن يفتقد

من ارتكاب طريق االشتقاق، واحتج أبو بكر عليه بأنه ال يؤمن ) الزجاج(أسرع إليه أبو إسحاق ومثل له . أن تكون هذه األلفاظ املنقولة إلينا قد كانت هلا أسباب مل نشاهدها، ومل ندر ما حديثها

من معىن ) ع ق ر( بكر فلو ذهبنا نشتق بقوهلم إذا رفع صوته، قال له أبو" ريتهقرفع ع"بقوهلم د األمر جدا؛ وإمنا هو أن رجال قطعت إحدى رجليه فرفعها ووضعها على األخرى، مث الصوت لبع

فقال أبو : قال أبو بكر. رفع عقريته؛ أي رجله املقعورة: نادى وصرخ بأعلى صوته فقال الناسم مل يصل وصل إليه عل األولأو ألن: حنو من هذاوهلذا قال سيبويه يف. لست أدفع هذا: إسحاق

فلو اعتمدنا يف املثال املذكور على . 2»إىل اآلخر، يعين ما حنن عليه من مشاهدة األحوال واألوائلسياق احلال"دنا الداللة املقصودة ذات الصلة بـالصيغة اللفظية ما حد ."

موعة من األلفاظ والتعبريات اللغوية يف وهذا ما جعل رمضان عبد التواب يذكر أن هناك جمالعربية تبدو ملن ال يعرف السبب يف منشئها، أو احلادثة التارخيية اليت أفرزا، أن مبعناها الذي

.3تستخدم فيه عادة منقطعة الصلة عن األصل االشتقاقي الذي أخذت منه

ةكالم ابن جين جيده حييل على أمرين يف غاية األمهيلل واملتأم: الذي يقال فيه الكالم يستطيع أن يدرك األسباب " سياق احلال"أن من يشهد : األول

.احلقيقية الرتباط األلفاظ مبعان معينة . 4للكلمات دالالت ال متت إىل أصل الداللة اللغوية ملادا" سياق احلال"قد يعطي : الثاين

يغيب عن غريه، ويتضح ذلك من تتوافر لديه من املعطيات ما قد " احلال"فمن شهد مسرح والذي يدل على أنهم قد أحسوا ما أحسسنا، وأرادوا وقصدوا ما نسبنا «: قول ابن جين أيضا

.1/66، وينظر 1/19 اخلصائص، 1 .، واملعروف أن الزجاج كان مسرفا يف االشتقاق، وابن السراج مقتصدا فيه1/66وينظر . 1/248، صدر نفسه ابن جين، امل 2 .155، ص1997رمضان عبد التواب، التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه، القاهرة مكتبة اخلاجني، . ينظر د 3 .129، ص1/2005 ينظر فريد عوض حيدر، فصول يف علم الداللة، القاهرة مكتبة اآلداب، ط 4

64

أحدمها حاضر معنا، واآلخر غائب عنا، إال أنه مع أدىن تأمل يف حكم : إليهم إرادته وقصده شيئانهده من أحوال العرب ووجوهها، وتضطر فالغائب ما كانت اجلماعة من علمائنا تشا. احلاضر معنا

من استخفافها شيئا أو استثقاله، وتقبله أو إنكاره، واألنس به : إىل معرفته من أغراضها وقصودهاأو االستيحاش منه، والرضا به، أو التعجب من قائله، وغري ذلك من األحوال الشاهدة بالقصود؛

ح يشري إىل أن الوصول إىل املعىن الكامل للكالم وهو ذا الشر. 1»بل احلالفة على ما يف النفوس :يستدعي شيئني متالزمني

عن طريق النقل الشفاهي أو " حيضر معنا" وهو الكالم الذي قد ؛"حاضر معنا: "أحدمها- .الكتايب

ويشمل الظروف اليت أنتج فيها الكالم من صاحبه ؛"الغائب عنا"وهو ما مساه : ثانيهما .لذلك ضرورية ولكن معرفته،ئب على كل من مل حيضر إنتاج القول مباشرةمباشرة، هلذا فهو غا

بالنسبة للكالم باحللف على الشيء؛ فكما أن احلالف يؤكد " داللة احلال"يشبه ابن جين وللمخاطبني على ما يف نفسه بالقسم، فال يتبادر إىل أذهام غري املعىن الذي أراده املخاطب،

؛ أو كما مساها القرائن احلالفة على ما يف النفوس، فإنها حتدد الداللة كذلك قرائن األحوال . املقصودة من الكالم اليت ال يفهم غريها السامع

:أال ترى إىل قوله«: ويوضح أكثر من الشاهد الذي أورده يقول سقاع أبعلي هذا بالرحى املت-وصكت وجهها بيمينها–تقول

من غري أن يذكر صك الوجه ألعلمنا " أبعلي هذا بالرحى املتقاعس: "فلو قال حاكيا عنهاعلم بذلك قوة " وصكت وجهها: "بذلك أنها كانت متعجبة منكرة، لكنه ملا حكى احلال فقال

هدا لكنت هذا مع أنك سامع حلكاية احلال غري مشاهد هلا، ولو شا. إنكارها وتعاظم الصورة هلا، ولو مل ينقل "ليس املخرب كاملعاين"ا أعرف، ولعظم احلال من نفس تلك املرأة أبني، وقد قيل

. 2»،مل نعرف به حقيقة تعاظم األمر هلا"وصكت وجهها: "إلينا هذا الشاعر حال هذه املرأة بقوله

.1/245اخلصائص، ابن جين، 1 .246-1/245، صدر نفسه ابن جين، امل 2

65

د ال تنجلي دالالته إال يف تشكيل الكالم، واليت ق" املشاهدة"أو " احلال"ومنه يتجلى لنا دور .باملعاينة اليت متكن املخاطب من الوقوف على إدراك املعاين املقصودة

: األسئلة التاليةانطالقا من" احلال املشاهدة"ونستطيع استجماع معطيات من املتكلم؟ وكيف هو كالمه صوتا وإلقاء؟ وكيف هي تصرفاته ومالحمه وإشاراته؟

.ها معطيات تعد من مشكالت الكالم ومتامهوكيف هو مظهره؟ وهي كل

وعلى هذا األساس يذكر ابن جين شرف املشاهدة واملعاينة للكالم اليت قد حتضر للدارسني فاحلمالون واحلماميون والساسة والوقادون، ومن يليهم ويعتد منهم، «: له، حيث يقول

رو من شعر الفرزدق إذا أخرب به عنه، ومل يستوضحون من مشاهدة األحوال ما ال حيصله أبو عمأو ال تعلم أن اإلنسان إذا عناه أمر فأراد أن يخاطب به صاحبه، وينعم تصويره له . يحضره ينشده

يا فالن أين أنت أرين وجهك، أقبل علي أحدثك، أما : يف نفسه استعطفه ليقبل عليه، فيقول له1»ل عليه وأصغى إليه، اندفع حيدثه أو يأمره أو ينهاه، أو حنو ذلكفإذا أقب. أنت حاضر يا هناه.

مه، وبالتايل يواجهه فيتأمله ويالحظ مالحمه، فاملشاهدة قد جتعل املتلقي يعاين من سيكللو كان «فـ. وحركاته، وإشاراته، وغريها من األمور اليت قد ال تتوافر للراوي الذي ينقل له اخلرب

ا عن مقابلة العني، جمزئا عنه ملا تكلف القائل، وال كلف صاحبه اإلقبال عليه، استماع األذن مغني :واإلصغاء إليه، وعلى ذلك قال

من العداوة أو ود إذا كانا العين تبدي الذي في نفس صاحبها :وقال اهلذيل

هم هم: -وأنكرت الوجوه– فقلت يا خويلد ال ترع : وقالوا2رفوني: وعلى ذلك قالوا. أفال ترى إىل اعتباره مبشاهدة الوجوه، وجعلها دليال على ما يف النفوس

أنا ال أحسن أن أكلم إنسانا يف : وقال يل بعض مشاخينا رمحه اهللا"... رب إشارة أبلغ من عبارة" .3»الظلمة

.1/246، خلصائص ابن جين، ا 1

أي هم الذين أخاف، وكان الشاعر قد وقع يف قوم من أعدائه فأظهروا لـه " هم هم"سكنوين، وقالوا ال بأس عليك، وقوله " رفوين " 2 . اهلامش1/247 ينظر ابن جين، اخلصائص،.هم الشر على الرغم مما أبدوه ففر منهماملالينة حىت يتمكنوا منه، ولكنه عرف من

.1/247، صدر نفسه ابن جين، امل 3

66

عد من اهتمامات الدرس التداويل، وهي تسبق عصرها ففي النص إشارات إىل أفكار تبقرون، حيث إن مشاهدة املتكلم ومراقبة حركاته ومالمح وجهه هي يف ذاا لغة ومعان تكميلية

أو " Kinesicsعلم الكرتياء "دقيقة للعملية التواصلية، وهي موضوع درس جديد اليوم يسمى بـ .1علم اإلشارات اجلسدية اردة

قد يفيد الدارس يف وكل ذلك يؤديه اإلنتاج الكالمي، ميكن أنفيما أمهية بالغة فللحالفليت شعري إذا شاهد «: إذ يقول؛، وقد عبر ابن جين عن قيمة ذلك تعبريا مشوقا ودقيقاتهدراس

أبو عمرو، وابن أيب إسحاق، ويونس، وعيسى بن عمر، واخلليل، وسيبويه، وأبو احلسن، وأبو األمحر، واألصمعي، ومن يف الطبقة والوقت من علماء البلدين، وجوه العرب فيما زيد، وخلف

تتعاطاه من كالمها، وتقصد له من أغراضها، أال تستفيد بتلك املشاهدة، وذلك احلضور ما ال تؤديه احلكايات، وال تضبطه الروايات، فتضطر إىل قصود العرب، وغوامض ما يف أنفسها، حىت لو

حالف على غرض دلته عليه إشارة ال عبارة، لكان عند نفسه وعند اجلميع من يحضر حلف منهمفالشك أن للحال وظيفة جوهرية قد ال . 2»حاله صادقا فيه، غري متهم الرأي والنحيزة والعقل

.تغين عنها الروايات واحلكايات

إذ هلا تأثري كبري، ؛يومنه يتبدى لنا مدى أمهية معطيات احلال يف دراسة اإلنتاج الكالمقد يبدو غريبا القول إن تأثري عناصر املوقف اخلارجي يف استعمال اللغة يبلغ سبعني يف املائة «ومن درجة تأثري الكالم يف مواقف اخلطاب، مرجعها إىل ما يكون من النظرات املتبادلة ) 70%(

فحسب إذا ) %30( ثالثني يف املائة عند احلديث، وأن قيمة الداللة التعبريية وتأثريها يتدنيان إىلويف كل ذلك إشارة بليغة إىل ما ميكن أن تؤديه قرائن . 3»اقتصر األمر على جمرد الكالم املنطوق .األحوال يف التبليغ مقارنة مع األلفاظ

وعدم االكتفاء بالسماع والدعوة إىل معرفة من يتكلم ومساته هي قضية مهمـة يف ضـبط عته وداللته، وحىت أمهيته ومدى فعاليته وتلقيه من لدن املتلقني؛ إذ يذكر القاضي نوعية الكالم وطبي

.312 ينظر إدريس مقبول، األسس االبستمولوجية والتداولية للنظر النحوي عند سيبويه، ص 1 .1/248 ابن جين، اخلصائص، 2 .215، ص1/1998 النحو العريب وتطبيقاا، األردن دار الفكر للطباعة والنشر، ط صاحب أبو جناح، دراسات يف نظرية 3

67

خيتلفون يف ذلك، وتتبـاين «وهو يتحدث عن التعبري الشعري أن الشعراء ) هـ392ت (اجلرجاينفيه أحواهلم؛ فريق شعر أحدهم، ويصلب شعر اآلخر، ويسهل لفظ أحدهم، ويتوعر منطق غريه،

... حبسب اختالف الطبائع، وتركيب اخللق، فإن سالسة اللفظ تتبع سـالمة الطبـع وإنما ذلك وأنت جتد ذلك يف أهل عصرك، وأبناء زمانك، وترى اجلايف اجللف منهم كز األلفـاظ، معقـد

ومـن . الكالم، وعر اخلطاب، حىت إنك رمبا وجدت ألفاظه يف صوته ونغمته، ويف جرسه وهلجته من بـدا جفـا ": "صلى اهللا عليه وسلم "حدث بعض ذلك، وألجله قال النيب شأن البداوة أن ت" ،

ورجز رؤبة ومها آهالن، ملالزمـة ،ولذلك جتد شعر عدي وهو جاهلي أسلس من شعر الفرزدق يطانه الريف وبعده عن جالفة البدو وجفاء األعراب، وترى رقة الشعر أكثر مـا إاحلاضرة و عدي

اف الطبع إىل ضنإن اتفقت لك الدماثة والصبابة و يم والغزل املتهالك، فإ تأتيك من قبل العاشق املت .1»ة من أطرافهاالغزل، فقد مجعت لك الرق

اخلليفة ) هـ249ت(ولعل ما تورده كتب التراث حول مدح الشاعر البدوي علي بن اجلهم :2يف بغداد بقوله

دللو كالكلب في حفاظك تأن ع اخلطوب وكالتس في قر3ي دليل على ذلك؛ إذ أدرك اخلليفة أثر البيئة والظروف االجتماعية على الشاعر، فتوصل إىل الداللة املقصودة، وكل ذلك يؤكد مدى تعالق معطيات سياق احلال املتعددة بالقول، حبيث ال

.ميكن أن نتغاضى عنها يف إدراك الداللة املقصودة

ات اللسانية احلديثة يف حتليل اخلطاب إىل ضرورة األخذ ببعض املبادئ ولذلك دعت الدراسفريك "و" Albertألربت "و" Laboveالبوف "األساسية اليت ال مناص منها؛ وممن دعا إل ذلك

Frake "سانكوف "وSankoff"ى إىل ذلك عنه البد أن يتساءل ملن يتصدحيث ذكروا أن ، :يفية إفراز املوضوع يف اخلطاب، وظروف فهم السامع هوية املخاطب، وموضوع خطابه، وك

، 1/1992أمحد عارف الزين، تونس دار املعارف ببطباعـة والنـشر، ط . القاضي اجلرجاين، الوساطة بني املتنيب وخصومه، حتقيق د 1

.29ص .169، ص1/2009 الكتب احلديث، ط، األردن عامل ينظر هادي ر، اللسانيات االجتماعية عند العرب 2كر هذا البيت نهذا البيت موجود يف حماضرات األبرار ومسامرات األخيار، البن عريب الصويف عبد الله بن سليم الرشيد، وفيه مقال ي 3

.58 ص،، ذو القعدة250قصة علي بن اجلهم مع املتوكل، جملة العربية، عدد :"ويقول أنه جمرد خرافة، وموسوم بـ

68

وتأويله، دخل هذه الظروف يف عالقة اخلطاب باللغة، وكيفية انعكاس العناصر غري اللغوية يف التنظيم اللغوي لعناصر اخلطاب، وغري ذلك مما يؤكد دور الفرد متكلما أو مستمعا يف العملية

ت الفرد اللغوية، ولذلك حبكم األدوار اليت يؤديها على املسرح االتصالية، فاللغة جمال إلبراز إمكانا .1اللغوي

-ا لق ا:

احملور الرئيس لدى البالغيني، فهو اجلوهر الذي انبنت على أساسه " سياق احلال"شكل يف خمتلف البالغة العربية؛ فلما كانت مؤسسة على اإلبالغ القائم على االستعمال الدقيق للغة

املقامات، ظهر هذا اال الذي يبحث فيه أصحابه يف األساليب اخلاصة يف استعمال اللغة، وتصنيفها حبسب متكنها يف التعبري عن املقاصد؛ تعبريا قد ال يقف عند حدود اإلفهام؛ فقد يروم

.اإلمتاع أو اإلقناع أيضا

قا من فطنتهم إىل أن اللغة ظاهرة عند البالغيني انطال" سياق احلال"وقد تبلورت مفاهيم هذه الثقافة يف مجلتها ميكن مها، وأنها شديدة االرتباط بثقافة الشعب الذي يتكلاجتماعية وأن

فمقام ؛"مقاما"حتليلها بواسطة حصر أنواع املواقف االجتماعية املختلفة اليت يسمون كال منها الدعاء أو االستعطاف أو التمين أو اهلجاء وهلم ومها خيتلفان عن مقام،الفخر يباين مقام املدح

ختتلف يف نظر البالغيني " املقال" صورة ألن؛"لكل مقام مقاال "كان من رأي البالغيني أن«و. جرا وهذا األسلوب أو ذاك من أساليب ، وما إذا كان يتطلب هذه الكلمة أو تلك،"املقام"حبسب

فهام وهلم جرا، ومن عبارام الشهرية يف هذا الصدد قوهلم احلقيقة أو ااز واإلخبار أو االستاألساس الذي قامت عليه البالغة العربية باعتبار " املقام"ليغدو . 2»"لكل كلمة مع صاحبتها مقام"ه ال تشكيل ملختلف أشكال الكالم من غري األخذ بعني االعتبار معطيات احلالأن.

.164 ينظر هادي ر، اللسانيات االجتماعية عند العرب، ص 1 .337 متام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، ص 2

69

ركزية يف البالغة؛ ألن البالغيني أدركوا أن االعتماد هذه امل" سياق احلال"وإنما كان لـ على التعبري اللغوي وحده يبقى غري كاف المتالك آليات البالغة من جهة، وللوصول إىل الفهم

.الصحيح للقول من جهة أخرى

، وأوىل "بليغا" حاول البالغيون شرح الكيفيات اليت متكن املتكلم من أن يكون لذلكوت اليت تقررت لديهم أنه ال يتصف ذه الصفة إال إذا ألف كالمه، وعبر عن مقصده، مبا املقررا

. كما شاع لدى املتأخرين منهم1"احلال"، أو "املقام"يتالءم مع

املعىن ليس يشرف بأن «الذي قرر أن ) هـ210ت(وقد نوضح ذلك مع بشر بن املعتمر يتضع بأن يكون من معاين العامة، وإنما مدار الشرف على يكون من معاين اخلاصة، وكذلك ليس

حيث نالحظ أن . 2»الصواب وإحراز املنفعة مع موافقة احلال، وما جيب لكل مقام من املقال، انطالقا من املتكلم الذي البد أن يراعي من خياطبه، حيث "احلال"بالغة الكالم تتحقق مع مراعاة

.يعة املتلقيستكون طبيعة متالئمة مع طب

الذي " احلال"و" التعبري"اليت يبتغيها املتكلم مرهونة خبلق املالءمة بني " املنفعة"مث إن إحراز هذه اليت ترددت يف البالغة العربية شكلت نقطة جوهرية يف " املنفعة"ولعمري إن فكرة . يقتضيه

.3"النفعية"التداولية، حىت إنه ليحلو للبعض ترمجتها بـ

تتحقق هذه املنفعة إال بإدراك دالالت القول، واملعرفة الواعية بأغراضه، وبالتايل القدرة ال ووقد ذكر هنا ابن سنان اخلفاجي أنه من الضروري خلق . هاعلى صياغة أشكال األقوال حبسب

ومن الصحة صحة األوصاف «: ، يقول"الغرض"املالءمة يف أشكال الشعر حبسب ما يقوم عليه راض، وهو أن يمدح اإلنسان مبا يليق به وال ينفر عنه، فيمدح اخلليفة بتأييد الدين وتقوية يف األغ

أمره، وحمبة الناس وطاعتهم، والتقى والورع، والرمحة والرأفة، وإقامة العدل وشرف احلسب،

وقد عقد مجيل عبد ايد فصال كامال . مقتضى احلال"أما عند املتأخرين فاستعملوا بكثرة " املقام" شاع عند املتقدمني مصطلح 1، )ما قبل السكاكي(غيني، ظهورها وتطورها؛ ورأى أا مرت مبرحلتني؛ مرحلة النشأة والتأصيل عند البال" مقتضى احلال"لفكرة

- 13، ص2000ينظر البالغة واالتصال، القاهرة، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، ). السكاكي وأتباعه(ومرحلة الضبط والتقعيد 60.

.1/136، 5/1975ارون، القاهرة مكتبة اخلاجني، ط اجلاحظ، البيان والتبيني، حتقيق، عبد السالم ه 2 .102، ص2/2000ميجان الرويلي وسعد البازغي، دليل الناقد األديب، الدار البيضاء املركز الثقايف العريب، ط: ينظر مثال 3

70

وميدح الوزير والكاتب بالعقل... وحسن السياسة والتدبري واالضطالع باألمور، واحللم والعفووميدح األمري وقائد اجليش بالشجاعة واملعرفة ... واحللم وسداد الرأي وحسن التدبري والبالغة

وكذلك يف غرض من األغراض الشعرية ... باحلرب وحسن النقيبة والظفر والصرب وسداد التدبري، وهي دعوة صرحية من أجل خلق املناسبة بني 1»من هجاء وفخر وعتاب ووصف وغري ذلك

.ا نريد التعبري عنهاألقوال وم

ط الكالم بـورأن «جعلت البالغيني يبحثون يف هذه العالقة داعني املتكلم لـ" احلال"ب، فيجعل لكل طبقة أقدار احلاالتوبني أقدار املستمعني، ويوازن بينها وبني أقدار املعاينيعرف

على أقدار املعاين، أقدار الكالممن ذلك مقاما، حتى يقسم " حالة"من ذلك كالما، ولكل فلنتأمل . 2»احلاالت، وأقدار املستمعني على أقدار تلك املقاماتويقسم أقدار املعاين على أقدار

؛ أي درجات متنوعة "أقدار"هذا القول املوجز والدقيق الذي أبرز فيه ابن املعتمر أن الكالم وتتحدد طبيعة هذه األقدار . واحدوكميات حمددة، ويف الوقت نفسه خمتلفة؛ أي ليست على منط

:لدى البالغيني انطالقا من جمموعة من املعطيات منها

فاملعاين اليت يعبر عنها املتكلم أمناط، تتنوع حبسب طبيعة املوضوع املعبر : أقدار املعاين-1القدرة اليت عنه، ولذا البد للمخاطب أن يصيب املعىن الذي يالئم املقصد الذي يبتغيه، وأن ميتلك

ومن وضع األلفاظ موضعها «: يقول ابن سنان. متكنه من التعبري عن مراده مبا يقتضيه هذا املقصدأال يعرب عن املدح باأللفاظ املستعملة يف الذم، وال يف الذم باأللفاظ املعروفة للمدح؛ بل يستعمل

فاظه، ويف موضع اهلزل يف مجيع األغراض األلفاظ الالئقة بذلك الغرض؛ يف موضع اجلد أل .3»ألفاظه

.247سر الفصاحة، صابن سنان اخلفاجي، 1 .، والتأكيد من عندنا1/144، بيان والتبيني اجلاحظ، ال 2 .153سر الفصاحة، صابن سنان اخلفاجي، 3

71

يكون معناك ظاهرا مكشوفا وقريبا معروفا، إما عند « هذه األمناط أن معولكن جيب فمهما تنوعت هذه . 1»اخلاصة إن كنت للخاصة قصدت، وإما عند العامة إن كنت للعامة أردت

.األمناط جيب أن تتسم بالوضوح حىت يتمكن منها املخاطب

املعاين غري حمددة تنوعت أمناط التعبري عنها؛ ولكن كل نوع حدد له البالغيون وملا كانت واعلم أن املعاين اليت تنشأ «: منطا كالميا مضبوطا، قد نوضح ذلك مع العسكري الذي يقول

الكتب فيها من األمر والنهي سبيلها أن تؤكد غاية التوكيد جبهة كيفية نظم الكالم، ال جبهة كثرة وسبيل ما يكتب به يف باب الشكر أن ال يقع فيه إسهاب فإن إسهاب التابع يف الشكر ... اللفظ

وسبيل ما يكتب به التابع إىل املتبوع يف معىن ... إذا رجع إىل خصوصية نوع من اإلبرام والتثقيل.. .االستعطاف ومسألة النظراء أن ال يكثر من شكاية احلال ورقتها واستالء اخلصاصة عليها

وسبيل ما يكتب به يف االعتذار من شيء أن يتجنب فيه اإلطناب واإلسهاب إىل إيراد النكت اليت ويف كل ذلك دليل على تنوع أشكال الكالم حبسب . 2»...يتوهم أا مقنعة يف إزالة املوجدة .طبيعة املعاين اليت نريد التعبري عنها

أن املتلقني ليسوا على مستوى واحد؛ بل ويف ذلك إشارة كذلك إىل : أقدار املستمعني-2فالواجب أن تقسم طبقات الكالم على طبقات الناس، فيخاطب السوقي «الناس طبقات، ولذا

بكالم السوقة، والبدوي بكالم البدو، وال يتجاوز به عما يعرفه إىل ما ال يعرفه، فتذهب فائدة .3»الكالم، وتعدم منفعة اخلطاب

أن «قدار هي اليت جتعل املتكلم يكيف كالمه حبسب طبيعة املتلقي؛ إذ ال بد ومعرفة هذه األتعرف مقدار املكتوب إليه من الرؤساء والنظراء والغلمان والوكالء، فتفرق بني من تكتب إليه

أنا "بصفة احلال وذكر السالمة، وبني من تكتب إليه بتركها إجالال وإعظاما، وبني من تكتب إليه " حنن"من كالم األخوان واألشباه، و" أنا"، فـ"حنن نفعل كذا"، وبني من تكتب إليه "كذاأفعل

.140، وينظر العسكري، الصناعتني، ص1/136، بيان والتبيني اجلاحظ، ال 1 .164-162الصناعتني، صالعسكري، 2 .35، صصدر نفسه العسكري، امل 3

72

فطبيعة املتلقي تفرض على املتكلم نوعا مضبوطا من الكالم، حيث سينوع . 1»...من كالم امللوك .فيه حبسب من يكلمه

. ه وأمناطه التعبرييةفال جيري الكالم على طريقة واحدة؛ بل تتعدد أشكال: أقدار الكالم-3" كالم احلاضرة"، و"كالم البدو"كالم السوقة، و"وقد أبرز البالغيون ذلك، وبينوا أن هناك

، وغريها من األصناف الكالمية اليت تتنوع حبسب طبقات املتلقني وكفاءام "كالم احلكام"واس، كما يفهم السوقي رطانة الوحشي من الكالم يفهمه الوحشي من الن«التداولية، باعتبار أن

اجلزل والسخيف، واملليح واحلسن، والقبيح "ولذلك تنوعت صفات الكالم فكان . 2»السوقي .3"والسمج، واخلفيف والثقيل، وكله عريب

وكل ذلك مرتبط باملتكلم؛ فال بد أن ينوع يف أمناط أقواله حبسب نوعية خماطبيه، يقول ابن وإذا احتجت إىل خماطبة امللوك والوزراء والعلماء «": الرسالة العذراء"يف ) هـ270ت(املدبر

والكتاب واخلطباء واألدباء والشعراء وأواسط الناس وسوقتهم، فخاطب كال على قدر أبهته .4»وجاللته، وعلوه وارتفاعه، وفطنته

أصناف وعلى هذا األساس كانت البالغة درجات حبيث تستدعي من املتكلم التنويع يف .الكالم حبسب طبيعة املخاطب واملقام الذي ينشأ فيه الكالم

فاحلال كذلك ليست واحدة؛ بل حاالت، كل حال هلا منط تعبريي : أقدار احلاالت-4ال «: معين، وهذا ما فسره السكاكي حينما أراد أن يبين مفاصل الكالم حبسب مقاماته، يقول

وتة؛ فمقام التشكر يباين مقام الشكاية، ومقام التهنئة يباين خيفى عليك أن مقامات الكالم متفامقام التعزية، ومقام املدح يباين مقام الذم، ومقام الترغيب يباين مقام الترهيب، ومقام اجلد يف

.180، صصناعتني العسكري، ال 1 .144ص/1 اجلاحظ، البيان والتبيني، ج 2 .1/144در نفسه، ج اجلاحظ، املص 3 .262 ص4، ج1997 ابن عبد ربه، العقد الفريد، حتقيق عبد ايد الترحيين، بريوت دار الكتب العلمية، 4

73

وكذا مقام الكالم مع الذكي يباين مقام الكالم مع الغيب، ولكل ... مجيع ذلك يباين مقام اهلزل .1»تضى اآلخرمن ذلك مقتضى غري مق

فحاالت الكالم خمتلفة حبسب مقاماا، ولذلك تنوعت أمناط الكالم، لكل منط .م تعبريية جيب مراعاا يف إنشاء الكالخصوصيات

ولذلك رأى البالغيون أنه ملا تعددت األحوال تنوعت من خالهلا مقتضياا التعبريية؛ م جتريده من مؤكدات احلكم، وإن كان إطالق احلكم فحسن الكال" مقتضى احلال"إن كان «فـ

خبالف ذلك فحسن الكالم حتليه بشيء من ذلك حبسب املقتضى ضعفا وقوة، " مقتضى احلال"طي ذكر املسند إليه فحسن الكالم تركه، وإن كان املقتضى إثباته على " مقتضى احلال"وإن كان

ملناسب، وكذا إن كان املقتضى وجه من الوجوه املذكورة فحسن الكالم وروده على االعتبار اترك املسند فحسن الكالم وروده عاريا عن ذكره، وإن كان املقتضى إثباته خمصصا بشيء من التخصيصات فحسن الكالم نظمه على الوجوه املناسبة من االعتبارات املقدمة ذكرها، وكذا إن

عها أو اإلطناب؛ أعين طي كان املقتضى عند انتظام اجلملة مع أخرى فصلها أو وصلها واإلجياز مفلما تنوعت األحوال تنوعت معها . 2»مجل عن البني وال طيها فحسن الكالم تأليفه مطابقا لذلك

من خلق التوافق واالنسجام مع نوعية القول اليت " حال"املقتضيات التعبريية، ولكن ال بد يف كل .تتطابق معه

ل ومقتضياا التعبريية؛ منطلقني يف ولذلك حرص البالغيون على استقصاء أصناف األحوا، ومنتهني عند "حال الكالم"، ومركزين على الكالم "حال املتكلم"ذلك من املتكلم ضمن وصف

". حال املتلقي"املخاطب

اشترط البالغيون أن تكون له القدرة على صياغة ) حال املخاطب(فعلى مستوى املتكلم عبر عنه من جهة أوىل، ومن يتوجه إليه بالكالم من جهة ثانية، التراكيب اليت توافق املقام امل

أول آلة البالغة اجتماع آلة البالغة، وذلك «وذكروا ههنا أن . والغرض أو املقصد من جهة ثالثة

.95مفتاح العلوم، صالسكاكي، 1 .95، صاملصدر نفسه السكاكي، 2

74

م سيد األمة بكالم األمة، أن يكون اخلطيب رابط اجلأش، ساكن اجلوارح، متخير اللفظ، ال يكلويكون يف قواه التصرف يف كل طبقة، وال يدقق املعاين كل التدقيق، وال . السوقةوال امللوك بكالم

ينقح األلفاظ كل التنقيح، ويصفيها كل التصفية، ويهذا كل التهذيب، وال يفعل ذلك حىت م للقدرة اليت متكنه من تكييف كالمه ضرورة امتالك املتكل. 1»يصادف حكيما، وفيلسوفا عظيما

خياطبه من جهة، واملقام من جهة أخرى، وإشارة دقيقة إىل الشروط اليت جيب أن حبسب من .يراعيها املتكلم يف إنتاج القول سواء اخلاصة باللغة، أو العامة اليت حتيط ا

وقد حث اجلاحظ املتكلم يف غري مرة أن تكون لديه القدرة على صوغ خطابه حبسب طبيعة ": اختيار األلفاظ وصوغ الكالم"من جهة أخرى، يقول يف باب الكالم من جهة، ومن خياطبه

وأرى أن ألفظ بألفاظ املتكلمني ما دمت خائضا يف صناعة الكالم مع خواص أهل الكالم، فإن «تهم علينهلم عين، وأخف ملؤ امتحان . ذلك أفهم عدولكل صناعة ألفاظ قد حصلت ألهلها ب

وقبيح باملتكلم أن . صناعتهم إال بعد أن كانت مشاكال بينها وبني تلك الصناعةسواها، فلم تلزق بيفتقر إىل ألفاظ املتكلمني يف خطبة أو رسالة، أو يف خماطبة العوام والتجار، أو يف خماطبة أهله

اظ ه من اخلطأ أن جيلب ألفوكذلك فإن. وعبده وأمته أو يف حديثه إذا حتدث، أو خربه إذا أخرب .2»ولكل مقام مقال، ولكل صناعة شكل. األعراب وألفاظ العوام وهو يف صناعة الكالم داخل

ويف هذا النص دعوة صرحية للمتكلم من أجل مراعاة حال من خياطبه؛ بأن يصنع خطابه ليست يف كالم غريهم مثل الكيفية «مبا يالئمه، فللمتكلمني مثال خطاب خاص يقوم على أوضاع

فمىت كلم به غريه كان املتكلم . واملائية والكمون والتولد واجلزء والطفرة وأشباه ذلكوالكمية لنا ولو تأم. 3»خمطئا ومن الصواب بعيدا، ومىت خرج عنها يف خطام كان يف الصناعة مقصرا

جيدا كالم قدامة بن جعفر؛ وباخلصوص ما استجمعه ضمن مصطلح أوضاع لالحظناه يؤسس ، "باب فيه أدب اجلدل"ه أورد هذا الكالم يف جدا يف أصول احلجاج وأدبه؛ ألنملبادئ هامة :بسط هذه املبادئ السبعة وهيبنوضح ذلك

.كيفية بناء الكالم: الكيفية-

.26-25، والعسكري، الصناعتني، ص92ص/1 اجلاحظ، البيان والتبيني، ج 1 .369-3/368 ج احليوان، 2 .134، ص1982 قدامة بن جعفر، نقد النثر، حتقيق طه حسني، بريوت دار الكتب العلمية، 3

75

.مقدار الكالم: الكمية- .ماهية الكالم: املائية- .إشارات وتضمينات الكالم: الكمون- .ما يتولد عن الكالم: التولد- .أجزاء الكالم: اجلزء- .1*ما قد يربط كالم بآخر: الطفرة-

قادرا على مجيع ضروبه، متمكنا من «إىل أن يكون " منجز الكالم" دعا البالغيون لذلكومجيع فنونه، ال يعتاص عليه قسم من مجيع أقسامه، فإن كان شاعرا تصرف يف وجوه الشعر مدحيه

وكذلك الكاتب رمبا تقدم يف ضرب ... أصنافهوهجائه ومراثيه، وصفاته ومفاخره وغري ذلك من .2»من الكتابة، وتأخر يف غريه، وسهل عليه نوع منها وعسر نوع آخر

وهذه املعرفة ال تتم كما يرى العسكري إال بالتوسع يف معرفة العربية، ومعرفة املقامات، وما ما مرتلة الكاتب يف : اينقال احلسن بن سهل لكاتبه احلر«وقد . 3يصلح لكل واحد منها من الكالم

أن يكون مطبوعا حمتنكا بالتجربة، عاملا حبالل الكتاب والسنة وحرامهما، : قوله وفعله؟ فقالوبالدهور يف تداوهلا وتصرفها، وبامللوك يف سريها وأيامها، مع براعة اللفظ وحسن التنسيق،

ها، ومبقاطع الكالم، وتأليف األوصال، مبشاكلة االستعارة، وشرح املعىن؛ حىت ينصب صور .4»ومبعرفة الفصل من الوصل؛ فإذا كان ذلك كذلك فهو كاتب جميد

وباملناسبة كل هذه التصورات هي يف صميمها طروحات تداولية؛ إذ تبلورت هذه األفكار ، واليت تعين املقدرة على استخدام اللغة "الكفاءة التداولية"يف هذا اال ضمن ما اصطلح عليه بـ

يف تسهم قد تنظريية مفاهيم ضمن بلورا إعادة إىل حتتاج قيمة بأفكار تراثنا غزارة مدى يعكس راق علمي حس عن ينم ذلك وكل* 1

.اللغوي الدرس تطوير .29عتني، ص العسكري، الصنا 2 .26، صصدر نفسهاملالعسكري، 3 .461 العسكري، املصدر نفسه، ص 4

76

تستدعي هذه الكفاءة من املتكلم أن يكون على دراية و. 1قاا الفعلية اليت تتجلى فيهايف سيا .باألحوال ومقتضياا التعبريية، فيوافق ويالئم بني الكالم ومالبساته اخلارجية

فقد الحظ البالغيون أن األحوال ختتلف، ولذلك فكل حال " حال الكالم"أما على مستوى مثال حال يقتضي إيراد الكالم على " املدح" على وجه خمصوص يليق به؛ فـيقتضي إيراد الكالم

حال يستدعي عدم " االعتذار"يقتضي اإلطالة والتكرير، و" حال" "اإلمحاد والثناء"وجه اإلطناب، واملبالغة وجتنب اإلطناب، وذكاء املخاطب حال يقتضي إيراد الكالم على وجه اإلجياز، وغري ذلك

.مقتضياا التعبريية اليت جيب أن ترتل يف الكالممن األحوال و

له خصوصياته التعبريية حبسب من نوجه إليه الكالم من جهة، " حال"ونشري هنا إىل أن كل من «أنه ) هـ466ت(يذكر ابن سنان اخلفاجي " املدح"فمثال يف . واملوضوع من جهة أخرى

نسان مبا يليق به، وال ينفر عنه، فيمدح الصحة صحة األوصاف يف األغراض، وهو أن يمدح اإلاخلليفة بتأييد الدين وتقوية أمره، وحمبة الناس وطاعتهم، والتقى والورع، والرمحة والرأفة، وإقامة العدل وشرف احلسب، وحسن السياسة والتدبري واالضطالع باألمور، واحللم والعفو، والعلم

احللم، وسداد الرأي وحسن التدبري والبالغة، وميدح الوزير والكاتب بالعقل و... وحفظ الشرعوميدح األمري وقائد اجليش بالشجاعة واملعرفة . وتثمري األموال والعدل والكرم، وما يليق ذا

وعلى هذا السبيل جيري . باحلرب، وحسن النقيبة والظفر والصرب وسداد التدبري، وما أشبه ذلكاألغراض الشعرية؛ من هجاء وفخر وعتاب وكذلك يف كل غرض من "... النسيب"األمر يف

. 2»ووصف وغري ذلك، حىت يكون كل شيء موضوعا يف املكان الذي يليق به

ويف هذا القول دعوة صرحية إىل أن لكل موضوع لغته حبسب من نوجه إليه الكالم، ومن فاظ اليت تعبر عنه واألل) حال الكالم(بني املوضوع " املناسبة"هذا املنطلق دعا البالغيون إىل خلق

.يف املقام املعني حىت يتمكن املخاطب من إدراك داللته

ينظر حممد حممد يونس علي، وصف اللغة العربية دالليا يف ضوء مفهوم الداللة املركزية، دراسة حول املعىن وظالل املعىن، ليبيا 1

.127، ص1993منشورات جامعة الفاتح، .247، ص1969 عبد املتعال الصعيدي، القاهرة مكتبة ومطبعة حممد علي صبيح وأوالده، سر الفصاحة، شرح وتصحيح 2

77

نظرية "يتفق هذا املقتضى البالغي يف جوهره مع البعد االستراتيجي التداويل الذي طرحته وولسن "و" Dan sperberسرببر "اليت بين فيها صاحباها " Théorie de la pertinenceاملالءمة

Deirdre wilson"" وهو حياول تأويله-أن القول املناسب هو الذي يكون فيه جهد املتلقي- .1أقل، وتضعف درجة املناسبة كلما كرب جهد التأويل

املخاطبني ليسوا سواء؛ ولذلك أن" حال املتلقي"وذكر البالغيون أيضا على مستوى لبعد التداويل يف هذا الطرح وههنا يظهر أيضا ا. اشترطوا أيضا املطابقة بني الكالم ومن يتلقاه

ف على منط واحد؛ بل يتنوع حبسب طبيعة املتلقي، وهذا ما الحظه باعتبار أن الكالم ال يؤلاجلاحظ حينما أشار إىل أن أصناف اخلطاب تتعداطبني، وقد استمده من اخلطاب د حبسب املخ

لعرب واألعراب أخرج الكالم مخرج ورأينا اهللا تبارك وتعاىل إذا خاطب ا«: إذ يقول؛القرآين مبسوطا وزاد يف اإلشارة والوحي واحلذف، وإذا خاطب بين إسرائيل أو حكى عنهم جعله

مع املتلقني وحذفاع تلميحا اخلطاب القرآين قد تنو هذا القول أنمنحيث ندرك . 2»...الكالم . مع بين إسرائيل وإطناباالعرب، وتبسيطا

رك البالغيون ذلك أحلوا على ضرورة خماطبة كل صنف من املتلقني حبسب كفاءم وملا أد . والتداوليةاللغوية

ويف الوقت نفسه اشترطوا شروطا على املتلقي حىت يتحقق التبليغ؛ منها حسن االستماع، ا والقدرة على فهم حمتوى الرسالة، وأن يكون عارفا جبهات حسن الكالم متبصرا ا، خبري

فيهتز للكالم يف إعطاء التركيب حقه يف معناه،مبواضعاا، يويف اإلصغاء حقه، ويبذل جهده ليطلع .ويتفطن إىل مواضع احلسن فيه البليغ،

سياق "وانطالقا من التوضيحات السابقة نالحظ كيف تدعو البالغة إىل استثمار اعتبارات أو املتلقي، أو الوقت أو املكان اللذين جيري فيهما املختلفة؛ سواء ما تعلق منها باملتكلم،" احلال

كلما قل اجلهد املعـريف "، وقد صاغ مبدأ عاما لذلك أكد فيه أنه 40مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، ص. ينظر د 1

كلما استدعى التعامل مع ملفوظ ما جهدا كـبريا كانـت مالءمتـه هذا امللفوظ، و" مالءمة"املبذول يف معاجلة امللفوظ ازدادت درجة ".ضعيفة

.94ص/1، ج1965، 2 احليوان، حتقيق عبد السالم هارون، مصر مطبعة مصطفى البايب احلليب وأوالده، ط 2

78

الكالم من امتالك آليات صناعة الكالم وتلقيه، وهو تصور تتالقى فيه إىل حد بعيد مع الطرح .1احلديث الذي قدمته الدراسات التداولية

عند " احلال"و" املقام"ولعلنا نكون قد الحظنا من النصوص السابقة تردد مصطلحي هل هناك فرق بينهما؟ أم مها مترادفان؟: البالغيني، ومنه قد نتساءل ونقول

مطالعتنا لبعض الكتب البالغية القدمية الحظنا أن البالغيني مل يتناولوا هذه القضية منمباشرة، إنما رددوا املصطلحني معا يف غري مرة، ومن غري حماولة واضحة ومباشرة منهم من أجل

وارتفاع شأن الكالم «: الذي يقولقة بينهما؛ قد نستأنس يف ذلك مع السكاكيبيان وجه العاليف باب احلسن والقبول واحنطاطه يف ذلك حبسب مصادفة الكالم ملا يليق به وهو الذي نسميه

.2»"مقتضى احلال"

وأما بالغة الكالم فهي مطابقته ملقتضى «: ونستوضح يف األمر أكثر مع القزويين الذي يقولومقتضى احلال خمتلف؛ فإن مقامات الكالم متفاوتة، فمقام التنكري يباين مقام . ال مع فصاحتهاحل

التعريف، ومقام اإلطالق يباين مقام التقييد، ومقام التقدمي يباين مقام التأخري، ومقام الذكر يباين ام اإلجياز مقام احلذف، ومقام القصر يباين مقام خالفه، ومقام الفصل يباين مقام الوصل، ومق

. 3»يباين مقام اإلطناب واملساواة، وكذا خطاب الذكي يباين خطاب الغيب

وإذا ما تأملنا املصطلحني، وحاولنا استنباط مفاهيمهما، فإننا نالحظ أن البالغيني قد وإنما مدار «: استخدمومها استخداما دقيقا منذ البداية، نستهل ذلك مع بشر بن املعتمر حينما قال

، حيث 4» من املقالمقام، وما جيب لكل احلالشرف على الصواب وإحراز املنفعة مع موافقة ال -وهو مصطلح تداويل بالطرح املعاصر–" املنفعة"نحس معه أنه كان دقيقا يف استعماهلما؛ فإحراز

الم، وما موافقة احلال؛ أي املوقف الفعلي الذي جيري فيه الك: ال يتم إال أخذنا بعني االعتبار . يستدعيه املقام؛ أي املستدعيات اليت يتطلبها الكالم املعني

.146، )ت.د( ينظر جورج يول، معرفة اللغة، ترمجة حممد فراح عبد احلافظ، اإلسكندرية دار الوفاء، 1 .95 مفتاح العلوم، ص 2 .12-11، ص)ت.د( القزويين، اإليضاح يف علوم البالغة، بريوت دار الكتب العلمية 3 .1/136 اجلاحظ، البيان والتبيني، 4

79

املوقف احلي الذي ينتج فيه الكالم، وما قد يطرحه من " احلال"ونعتقد مبدئيا أنه يريد بـفيشمل ما تقتضيه طبيعة موضوع الكالم " املقام"أما . اعتبارات طارئة ال بد أن تؤخذ بعني االعتبار

.من القول

آلة "ضمن مفاهيم معينة، يقول يف شرحه لـ" املقام"و" احلال"وقد ذكر اجلاحظ مصطلحي له وفقا، ويكون االسم له احلالومن علم حق املعىن أن يكون االسم له طبقا، وتلك «": البالغة

أول فاضال وال مفضوال، وال مقصرا وال مشتركا وال مضمنا، ويكون مع ذلك ذاكرا ملا عقد عليه املقاماتكالمه، ويكون تصفحه ملصادره، يف تصفحه ملوارده، ويكون لفظه مونقا، وهلول تلك

أن تكون للمتكلم القدرة على موافقة " آلة البالغة"ونعتقد أنه يريد أن يثبت أنه من . 1»معاودا .، انطالقا من املقام الذي هو فيهاالكالم للحال املعبر عنه

نده عام ثابت خبصوصياته؛ واليت تشمل أربعة أركان أساسية؛ املتكلم واملتلقي؛ ع" املقام"فـ .ويشترط فيهما شروط معينة جتعلهما يف النهاية منوذجيني، واملوضوع وطبيعة اللغة املستعملة

حبسب ما يطرأ على املقام املعني بكل مكوناته باإلضافة إىل الزمان ةفمتجدد" احلال"أما البد لك فيه من اإلطالة، فقدم مبقامفإن ابتليت «: الذي جيري فيه الكالم، يقول اجلاحظواملكان

وإياك . إحكام البلوغ يف طلب السالمة من اخلطل قبل التقدم يف إحكام البلوغ يف شرف التجويدروا خطيبا قط ويقال إنهم مل ي. أن تعدل بالسالمة شيئا؛ فإن قليال كافيا خري من كثري غري شاف

ها إىل أن يتوقح كان مستثقال مستصلفا أيام رياضته كلاملقاماتبلديا وهو يف أول تكلفه لتلك وتستجيب له املعاين، ويتمكن من األلفاظ إال شبيب بن شيبة فإنه كان قد ابتدأ حبالوة ورشاقة

ه غال يبلا غ بقليل الكالم مبل يموقفوسهولة وعذوبة، فلم يزل يزداد منها حىت صار يف كل قالوا وملا مات شبيب بن شيبة أتاهم صاحل املري يف بعض من أتاهم للتعزية . اخلطباء املصاقع بكثريه

. 2»رمحة اهللا على أديب امللوك، وجليس الفقراء، وأخى املساكني"فقال

.1/93البيان والتبيني، اجلاجظ، 1 .113-1/112املصدر نفسه، اجلاحظ، 2

80

من اإلصابة يف حيث البد ؛ويف ذلك إشارة إىل مقتضيات املقامات اليت تقتضي اإلطالةحتقيق ما يستدعيه املوضوع سواء من حيث طبيعة اخلطاب اللغوي أو الفكرة املعبر عنها، قبل

، ويف ذلك بيان يف أن كالمه "أديب وجليس"وقد قال . االنتباه إىل ما يتعلق باللسان الذي سيؤديه، )لغة أدبية؛ أي لغة راقية (من حيث طبيعة املتلقي، فمع امللوك كان أديبا" حال"كان موافقا لكل

.أما مع الفقراء فكان جليسا؛ أي لغة عادية بسيطة ولكنها حمققة ملتعة االسة

هنا يشمل طبيعة العرف الشائع، واإلطار املرجعي اللغوي والثقايف والفكري، " احلال"و .جيري فيه القولق األمر باملتكلم أو املتلقي أو املوضوع أو املكان والزمان الذي سواء تعل

، وندرك "احلال"الذي نعتقد أنه يريد به مفهوم " املوقف"مث إننا نالحظ أن اجلاحظ يستعمل ال خري يف كالم ال يدل على معناك، وال يشري إىل مغزاك، وإىل «هذا أكثر معه حينما أكد أنه

فإن مل السامع اإلطالة اليت : هفقيل ل: قال. العمود الذي إليه قصدت، والغرض الذي إليه نزعت حقه، وقمت بالذي جيب من سياسة ذلك مقام؟ إذا أعطيت كل املوقفذكرت أنها حق ذلك

، وأرضيت من املقامإذا أعطيت كل مقام حقه، وقمت بالذي جيب من سياسة ذلك : املوقف؟ قالتم ملا فاتك من رضا احلاسد والعدو ه ال يرضيهما شيء، وأما يعرف حقوق الكالم، فالفإن ،" املقام"، ويف ذلك توضيح لـ1»اجلاهل فلست منه وليس منك، ورضا مجيع الناس شيء لن تناله

-واضح -ناتهبكل مكو قحيث تكون مقتضياته واضحة ودقيقة ال تستدعي التصرف؛ أي له ح ذلك، والقول يف كل هذه يباين مقام اهلجاء أو األمر أو غري -مثال–متداول؛ فمقام الشكر

ب كالما خمصوصا فإن راعيناه فحىت وإن كنا يف مقام اإلطالة وأطلنا فتلك هي األغراض يتطل .ماعتسفيه املتلقي جاهال، أو ال يريد اال" موقف"البالغة، فهذا ال يؤثر إن كنا يف

ويف رحاب هذا التوضيح قد نكما رآها ) املقام واحلال(ق بني تداعيات املصطلحني فراإلمحاد «، حيث أشار إىل أن موضوعات )هـ395ت(ا ذكره العسكري مماجلاحظ وغريه

. واإلذمام والثناء والتقريظ والذم واالستصغار والعدل والتوبيخ، وسبيل ذلك أن تشبع الكالم فيه... صريويمد القول حسب ما يقتضيه آثار املكتوب إليه يف اإلحسان واإلساءة واالجتهاد والتق

وال حيسن منه أن يستعمل اإلكثار من ... وسبيل ما يكتب يف باب الشكر أال يقع فيه إسهاب

.1/116 اجلاحظ، البيان والتبيني، 1

81

، فمقامات كل 1»الثناء والدعاء أيضا، فإن ذلك فعل األباعد الذين مل تتقدم هلم وسائل من اخلدمةو اإلجياز، تقوم على خصوصيات معينة بإشباع الكالم فيها أ يف هذا القولاملوضوعات املذكورة

ميل فيها السامع، أو ال يريد ذلك، مما قد يدفعنا إىل التصرف مبا ميكننا " حال"لكن قد نكون يف .من موافقة هذا املوقف

وهذا التفريق حيضر أكثر مع البالغيني املتأخرين، وقد شعرنا أنهم أرادوا البحث أكثر فيما كثريا ما يستعملون هذا املصطلح مضافا إليه كلمة م املعين، ولذلك وجدناه" احلال"قد يتطلبه

فيأيت مضافا لكلمات أخرى تعبر عن " مقام"أما مصطلح ". مقتضى احلال"؛ فيقولون "مقتضى" .، وغري ذلك"مقام القصر"أو " مقام احلذف"أو " مقام التوكيد"خصوصية ما، فيقولون

كوم ربطوا هذا األخري باخلصوصيات ، "احلال"أعم من " املقام"مث الحظنا معهم أيضا أن . غري اللغوية اليت تدعو املتكلم ألن يأخذها بعني االعتبار يف تأليف كالمه

وهذا التفريق الحظناه مع شقد نربز ذلك مع التفتازاين الذي يقول2"التلخيص "احر ، :ه أصل املراد خصوصية ما، احلال هو األمر الداعي للمتكلم إىل أن يعترب مع الكالم الذي يؤدي ب«

" التأكيد"يقتضي تأكيد احلكم، و" حال"؛ مثال كون املخاطب منكرا للحكم "مقتضى احلال"وهو . 3»كالم مطابق ملقتضى احلال" أن"مؤكدا بـ" إن زيدا يف الدار: "مقتضى احلال، وقولك له

؛ "بقة احلال مع فصاحتهمطا"ونورد كذلك تعليق ابن يعقوب املغريب على عبارة القزويين .4»الذي هو أمر يقتضي أن يؤتى بالكالم على صفة خمصوصة تناسبه" احلال"مبعىن أن «أي

-162، ص)ت.د (2تني الكتابة والشعر، حتقيق علي حممد البجاوي وحممد أيب الفضل إبـراهيم، دار الفكـر ط العسكري، الصناع 1

163. الدين التفتازاين على تلخيص املفتاح للخطيب القزويين، ومواهب الفتاح يف شرح تلخيص تصر العالمة سعد خم: وهذه الشروح هي 2

ح يف شرح تلخيص املفتاح لبهاء الدين السبكي، وقد طبعت معا يف كتاب واحد يف أربعة املفتاح البن يعقوب املغريب، وعروس األفرا . جملدات، مصر مطبعة عيسى البايب احلليب وشركاه

.27، ص)ت.د( شرح املختصر على تلخيص املفتاح، تركيا مكتبة الصحابة، 3 .122ص/ 1صر مطبعة عيسى البايب احلليب وشركاه، ج مواهب الفتاح يف شرح تلخيص املفتاح، ضمن كتاب شروح التلخيص، م 4

82

طارئة تترتل يف الكالم حينما يستعمل املتكلم العناصر اللغوية اليت " احلال"فخصوصية هو تتبع خواص «: قالوا ولذلك ملا أراد علماء البالغة تعريف علم املعاين.يتمظهر من خالهلا القول

تراكيب الكالم يف اإلفادة، وما يتصل ا من استحسان وغريه، ليحترز بالوقوف عليها عن اخلطأ ، فغاية هذا العلم هو البحث يف مطابقة األساليب 1»يف تطبيق الكالم على ما يقتضي احلال ذكره

.اللغوية ملقتضيات األحوال اليت تتعلق ا

ذه املناسبة أن التعرض خلواص تراكيب الكالم حبسب مقتضيات وأوضح السكاكي يف هأحواهلا موقوف على التعرض لتراكيبه ضرورة، واتضح له أن أصل كالم العرب ينتظم ضمن

" الطلب"يشمل الكالم الذي حيتمل الصدق والكذب، أم " اخلرب"؛ فـ"الطلب"و" اخلرب"قسمي التصور تقتضي استعمال األلفاظ اليت تعرب بدقة فمقتضيات األحوال ضمن هذا . 2فال حيتمل ذلك

.و إنشاءأعن القصد املراد إخبارا

يظهر لنا أيضا ذلك التداخل يف استعماالته سفإنه إذا تأملنا األقوال السابقة فإنه " املقام"أما طلق مرات ليدل على لدى البالغيني املتأخمقام "و" مقام التشكر: "فيقولون" صفة حالية"رين، في

مقام "و" مقام الترغيب"و" مقام الذم"و" مقام املدح"و" مقام التعزية"و" مقام التهنئة"و" الشكاية .3"...مقام اهلزل"و" مقام اجلد"و" الترهيب

مقام : "؛ أي لما سيكون عليه الكالم؛ فيقولون"صفة كالمية"ويطلق يف أخرى ليدل على " مقام التأخري"و" مقام التقدمي"و" مقام التقييد"و" قمقام اإلطال"و" مقام التعريف"و" التنكري

" مقام الوصل"و" مقام الفصل"و" مقام خالفه"و" ومقام القصر" مقام احلذف"و" مقام الذكر"و .4"...مقام املساواة"و" مقام اإلطناب"و" مقام اإلجياز"و

.15، والقزويين، اإليضاح يف علوم البالغة املعاين والبيان والبديع، ص161 السكاكي، مفتاح العلوم، ص 1 .165-164 ينظر السكاكي، املصدر نفسه، ص 2 .95ص، املصدر نفسه ينظر السكاكي، 3، وبغية اإليضاح لتلخيص املفتاح يف علوم البالغة، عبد العال الصعيدي، 12-11غة، ص ينظر القزويين، اإليضاح يف علوم البال4

.21، ص1999القاهرة مكتبة اآلداب،

83

دققواحينما أيضا، ندرك ذلك مع بعض البالغيني " احلال"وهذا األمر الحظناه مع مصطلح إنه علم يعرف به أحوال اللفظ العريب اليت ا يطابق مقتضى : "فقالوا" علم املعاين"يف موضوعات

أحوال اإلسناد اإلخباري، أحوال املسند إليه، أحوال متعلقات : احلال، وينحصر يف مثانية أبواب .1..."الفعل

إنما " املقام"و" احلال"تغاير بني ألن ال«ومن هنا نكتشف التبعية بني تداعيات املصطلحني؛ حمال لورود الكالم فيه، ويف املقام كونه زماناهو حبسب االعتبار، وهو أن يتوهم يف احلال كونه

.الذي جيري فيه) احلال(؛ واملوقف )املقام ( الكالمالعالقة بني حمل، ومنه تتجلى 2»له

التغاير بينهما «، فـ)ال واملقاماحل( بني املصطلحني ويف هذا السياق أيضا يتضح التقاربوأيضا املقام يعترب فيه إضافته إىل . باعتبار توهم كونه زمانا له" مقام"اعتباري، فإن األمر الداعي

املقتضى؛ فيقال مقام التأكيد واإلطالق واحلذف واإلثبات، واحلال يضاف إىل املقتضى فيقال حال فاوت املقامات خيتلف مقتضيات املقام ضرورة أن فعند ت. اإلنكار وحال خلو الذهن، وغري ذلك

واختالفها عني اختالف مقتضيات . االعتبار الالئق ذا املقام غري االعتبار الالئق بذلك يتستدعيه احلال التالفعلي للمقام، وهنا نؤدي الكالم على ما " األداء"فالزمان يعين .3»األحوال

.قتضي مقتضيات تترتل يف الكالمت

توضيحات البالغيني املتقدمني وبعض املتأخرين إال منذا التفريق الذي استنتجناه ورغم هشيء واحد، وكذا " احلال"و" املقام"أن «أننا جند ابن يعقوب املغريب ال يرى فرقا بينهما، فأكد

ق بينهما يف احلقيقة؛ بل الفر" احلال"و" املقام"االعتبار ومقتضى احلال كما يأيت، وأنه ال فرق بني ونعتقد أن تداخل خصوصيات كل مقام باعتبارات احلال الذي حيقق فيه الكالم هو . 4»بالوهم

.الذي جعله ال يكاد يفصل بينهما

.37، ص)ت.د( القزويين، التلخيص يف علوم البالغة، ضبطه وشرحه عبد الرمحن الربقوقي، مصر دار الفكر العريب 1 .1/125 التلخيص، زاين، ضمن شروحا التفتازاين، خمتصر التفت 2 .25 التفتزاين، الشرح املطول، ص الدين سعد 3 .131، وينظر ص1/126 ابن يعقوب املغريب، مواهب الفتاح يف شرح تلخيص املفتاح، ضمن شروح التلخيص، 4

84

د الفرق بني االصطالحني؛ ونريد أن نوضح ولكننا بالرغم من هذا الرأي فإننا مازلنا نؤك استأنسنا من جديد مبقولة ابن املعتمر السابقة ماا نركبه إذ قدذلك أكثر انطالقا من التركيب الذي

، حيث يذكر كيف أن األحوال ختتلف حبسب 1""مقاما"من ذلك " حالة"ولكل : "حينما قالومن خالل حاالت إلقاء احلكم اليت وردت يف قول السكاكي السابق؛ واليت قد تكون . مقاماا

.نكرعلى ثالثة أصناف، خال الذهن، واملتردد، وامل

حال؛ مقامه عدم التأكيد، يقتضي إلقاء اخلرب من غري ) خال الذهن(فالصنف األول ).كالم غري مؤكد(مؤكدات

فمقامه استعمال بعض املؤكدات؛ إذ يقتضي إلقاء اخلرب ببعض ) املتردد(أما الصنف الثاين .املؤكدات

نوضح ذلك أكثر من .تاإلكثار من املؤكدا) املنكر(يف حني يقتضي حال الصنف الثالث :املخطط التايل

.الكالم غري املؤكد: خايل الذهن مقامه عدم التأكيد مقتضاه .استعمال بعض املؤكدات: املتردد مقامه التأكيد مقتضاه

. مقامه التأكيد مقتضاه اإلكثار من املؤكدات املنكر " املتلقي"د لنا من تفسريات ابن املعتمر والسكاكي أن سر تنوع األحوال مرده إىل وقد تأك

.بدرجة أوىل؛ إذ تتنوع املقتضيات التعبريية حبسب طبيعة املخاطب

" املقام" أجل التفريق بني مصطلحي مت مندأما عند الدارسني احملدثني فإن أهم حماولة قلقد «: طرحا آخر، يقولمقترحار البالغيني تصواهي حماولة متام حسان، اليت انتقد فيه" احلال"و

د النحاة ر على حنو ما ج جمردا منطيا قالبيا سكونيافهما" مقتضى احلال"أو " املقام"فهم البالغيون لكل كلمة مع صاحبها "و" لكل مقام مقال: " مث قالواأصل الوضع للحرف وللكلمة وللجملة،

مقامات الكالم متفاوتة؛ فمقام التنكري يباين مقتضى احلال خمتلف، فإنو": القزويينيقول ". مقامفهذه املقامات مناذج جمردة وأطر عامة، ..." مقام التعريف، ومقام اإلطالق يباين مقام التقييد

.1/144، البيان والتبينياجلاحظ، ينظر 1

الحال

85

ا السلوك احلي، ويصب يف قالبها، ذا يصبح املقام عند وأحوال ساكنة ذات مقتضيات يوزن، أما املتحرك النابض باحلياة فهو السلوك اليومي للفرد "Static"ه حال أو ألن؛البالغيني سكوين

هو -يف رأيه–فاملقام كما تصوره البالغيون . 1»الذي يسعى إىل مطابقة هذه القوالب الثقافيةيها احلال اليت جيري ستدعسه الكالم، وانطالقا من مقتضيات تعبريية تالقالب الذي جيري على أسا

.فيها

يتضمن الثبات والسكون "احلال"مفهوم « بعد ذلك فكرته حول املصطلحني؛ فقال قدملييشتمل " دوام احلال من احملال"ولعل القول املشهور . وعدم التحول إال إىل حال أخرى مغايرة متاما

" State"فاحلال تدل على . بثبات احلال وسكوا والتعزي باألصل يف حتوهلاعلى نوع من الضيق .2»أي سكوين" Static"ومن مث يكون مفهومها

املوقففالذي أقصده باملقام ليس إطارا وال قالبان وإما هو مجلة «: فيقول فيه" املقام"أما امع والكالم نفسه وغري ذلك مما له املتحرك االجتماعي الذي يعترب املتكلم جزءا منه، كما يعترب الس

، وذلك أمر يتخطى جمرد التفكري يف موقف منوذجي ليشمل كل "Speech event"اتصال بالتكلم وعلى الرغم . جوانب عملية االتصال من اإلنسان واتمع والتاريخ واجلغرافيا والغايات واملقاصد

ر به أصلح ما أعب" املقام"د أجد لفظ من هذا الفارق بني فهمي وفهم البالغيني للمصطلح الواح. 3»الذي يستعمله اللسانيون احملدثون" Context of situation"عما أفهمه من املصطلح احلديث

ذا التصور يضم كل مكونات العملية اإلبالغية؛ املتكلم واملتلقي والكالم والزمان " املقام"فـك، وهو يرادف يف رأيه ما يشيع يف الدراسات واملكان والظروف االجتماعية والثقافية وغري ذل

.ق فيه الكالم؛ ويتخصص باملوقف الذي يتحق"Context of situationسياق احلال "املعاصرة بـ

، قدم ثالث مالحظات 12-11 يف اإليضاح يف علوم البالغية ص، وبعد إيراده لقول القزويين، الوارد303حسان، األصول، ص متام 1

:وهي .فكرة معيارية؛ ألن مراعاا هي معيار البالغة" مقتضى احلال"أن - .أا هلذا السبب تسبق يف وجودها إنتاج الكالم ومساعه أو قراءته؛ ألا هي اليت يصاغ الكالم حبسبها-ينظر متام حسان، املصطلح البالغي القدمي يف ضوء البالغة احلديثة، جملة فصول، . يس واقعة عملية عنده إطار نوعي ول " املقام"أن فكرة -

.29، ص1987سبتمرب -، أبريل4و3الد السابع، العدد .29 متام حسان، املصطلح البالغي القدمي يف ضوء البالغة احلديثة، جملة فصول، ص 2 .351 العربية معناها ومبناها، ص، وينظر اللغة304 متام حسان، األصول، ص 3

86

دخل الكالم ضمن مفهوم املقاموحىت وإن كان متام حسان ضمن هذا الشرح ي،ه يف فإن البالغيني القدامى حيث جعلوا الكالم مناسبة أخرى قد استثناه، وهذا على عكس ما الحظناه عند

سياق "وهلذا السبب خيتلف املقام عما يعرف يف علم األسلوب باسم «: يقول. من مقتضياتهوهو يتكون من مجلة عناصر واقعية متزامنة؛ أحدها واقعة " Context of situationاملوقف

ل عن املقام ويقال حبسبه؛ إذ لكل أن املقال منفص" سياق املوقف"و" املقام"فالفرق بني ". املقال"ومع هذا لست أظن البالغيني حيجمون . مقام مقال، ولكن املقال جزء ال يتجزأ من سياق املوقف

.1»ليدلوا على واقعة تصادفهم ألا من نوع مقام ما" املقام"عن إطالق لفظ

النمط اليقف عند " Context of situationسياق احلال "ومنه نستخلص أن مفهوم املعني؛ بل يرن بالسلوك التعبريي نفسه الذي قد حيصل أثناء " املقام"التعبريي الذي قد يقتضيه

ماجيب أن "األداء اللغوي يف املوقف املعين؛ قد نوضح ذلك من التفريق الذي قد نالحظه بني لذلك جند ). الكالماحلال اليت جيرى فيها " (ما يقال فعال"، و)املقام؛ املوقف النموذجي" (يقال

اإلنسان يف بعض األحيان يقول حينما أكون يف مقام كذا جيب أن أقول كذا وكذا، لكن ما إن يقع يف ذلك املقام حىت يقول كالما آخر قد خيتلف متاما عما خطط له مسبقا، ونعتقد أن السبب

.ة عامةاألهم يف ذلك يعود إىل طبيعة املتلقي واملوقف الذي حيدث فيه االتصال بصف

6-ا ارا لق ا:

عند الغربيني وليد الدراسات " Contexte de situationسياق احلال "مل يكن البحث يف ولكن جيب أن نشري إىل صفة . اليونانيني واهلنود وغريمهاحبوثما متتد جذوره إىل احلديثة؛ وإن

خال أو عدم إدخال معطيات السياق اخلارجي يف م تتعلق بترددهم يف إدأعماهلعامة ظلت تطبع .دراسام اللسانية

ولإلفاضة يف ذلك أكثر نبدأ مع اهلنود حيث كانت دراستهم للغتهم تعتمد على األصوات املنطوقة واللغة املكتوبة دون االلتفات الكبري إىل الظروف واملالبسات اليت حتيط باحلدث اللغوي

.29 متام حسان، املصطلح البالغي القدمي يف ضوء البالغة احلديثة، جملة فصول، ص 1

87

ولكن رغم ذلك تفيدنا بعض احلقائق اعتمادهم على معطيات . 1وتساعد على وضوح الداللة :سياق احلال يف الكشف عن الدالالت، نوضح ذلك بتقدمي األفكار اآلتية

-النريوكتا" شرح ما حين2"ياسكا"ذكر أن ي Nirukita" الفيدا " كان حياول أن يقتبس منVedae "ي، ويتطرق إىل بعض األحداث ليوضح معاين الكلمات، ويربط الكلمة بأصلها االشتقاق

ومن املنطلق األخري ندرك مدى االرتكاز على معطيات سياق احلال يف . االجتماعية هلذه الكلمات .حتديد معاين الكلمات

يعتمد يف حتليله النحوي على معطيات اللغة احلقيقية احلية، مما يعين " Paniniبانيين "كان - .3نحوية للحدث اللغوييف ضبط القواعد ال" سياق احلال"توظيف

التقارب أو "و" االختصاص"و" التوقع"اجلملة النحوية عند اهلنود تلبي ثالثة احتياجات هي -مقترن مبا يتوقعه " التوقع"، وال تكون مقبولة إال بعد استيفائها هذه العناصر، وعنصر "التجاور

فاملعىن الذي يفهم منها " ادخل ":السامع حني يبدأ املخاطب مجلته بكلمته األوىل، فإذا قال شخص .4أو ما ميكن أن يكون حمال للدخول" احلجرة"يتطلب اإلدراك املفهوم من كلمة مثل

هامة وقيمة، ارتبطت باملتكلم " سياق احلال"أما عند اليونانيني فقد جاءت حبوثهم حول دراستهم مناتضح ذلك والسامع والزمان واملكان وخمتلف املالبسات اليت حتيط بالكالم، وقد

:لفني الشعر واخلطابة، نوضح هذا بتقدمي األفكار اآلتية

ارتأى أرسطو أن درجات تأثري الكالم ختتلف من حال إىل آخر، وذلك تبعا لألحوال اليت - الرأي كما فإن«": فوائد الكالم باآلراء أو األمثال"يكون عليها املتكلم والسامع؛ يقول يف باب

هم يذكرون ون أن كلية، فقد يفرحون إذا ذكرت اجلزئية على اجلهة الكلية، ويظنقضيةوصفنا ليس " كان تأذى جبريانه أو بأوالد فساق، فقد يرحب بقول القائل إنه إنحاجتهم، كما أن امرءا

جيب ليس يف الدنيا محاقة أكثر من النسل واألوالد، وهلذا: ، أو قول من يقول"أسوأ من اجلريان

.100-99عبد النعيم خليل، نظرية السياق بني القدماء واحملدثني، دراسة لغوية حنوية داللية، ص. د 1 .يف علم االشتقاق" Nirukitaالنريوكتا "م، وضع كتاب .سنة ق700رب من من اللغويني اهلنود القدامى، عاش قبل امليالد مبا يق 2 .62 ينظر أمحد خمتار عمر، البحث اللغوي عند اهلنود، ص 3 .89 أمحد خمتار عمر، املرجع نفسه، ص 4

88

فالقيمة التأثريية للقول تأخذ . 1»على اخلطيب أن يتجه إىل تعرف أحوال السامعني وآرائهم السابقة .حجمها انطالقا من العالقة االجتماعية بني طريف العملية التخاطبية

وأما املعرفة باملتكلم أي «": كيف نؤثر يف نفوس احلكام"وهذا ما برره حينما قال يف باب وأما املعرفة بالسامع بأية حال هو ففي احلكومات؛ ألنه . إنها تعني بزيادة عند التشاورامرئ هو ف

ليست أحكامها فيمن أحبوه ومن قلوه شيئا واحدا، وال يف من كانوا غضابا عليه، أو كافني عنه؛ .2»بل هي خمتلفة البتة، أو خمتلفة يف العدد واملبلغ

بة ختتلف من حال آلخر، ولذلك دعا اخلطيب ألن ينوع ذكر أرسطو أن أساليب املخاط-تناسب األسلوب "يف خطاباته حبسب من خياطبه شابا أو شيخا أو رجال أو امرأة، يقول يف باب

. مث إن السامع أبدا قد يشارك الذي يتكلم باألمليات، وإن مل يقل شيئا«": املوافق ملقتضى احلال يعجبون بالسامعني ويتملقوم، وذه احلال أيضا توجد ولذلك ما قد يكون كثري من الناس

.وحبسب الزمان واملكان ،3»اخللقيات

أما الزمان فيستوجب من اخلطيب أن يعرف الوقت املناسب يف اخلطاب، فيختار ما يالئمه ام فأما استعمال الشيء يف الوقت املوافق ومتيزه من غري املوافق، فإنه أمر ع«: من الكالم؛ يقول

.4»جلميع األنواع

وأكد أرسطو أيضا على ضرورة مطابقة األسلوب ملقتضى احلال من حيث املوضوع - .والغرض واملتلقني، وكل ما تقتضيه األحوال يف تشكيل أساليب القول

بين أرسطو يف غري مرة أن الكالم قد خيتلف حبسب طبيعة املخاطب من جهة، وطبيعة - أهل الريف هم وذلك أن«: ذلك دعا إىل مراعاة كل ذلك، يقولاملوضوع من جهة أخرى، ول

والتعبري بصورة عامة عن موضوع . أكثر الناس ميال إىل الكالم الرأيي، وال جيدون يف ذلك صعوبة

.148-147 أرسطو، اخلطابة، ص 1 .11-10، صصدر نفسه أرسطو، امل 2 .202، صاملصدر نفسه أرسطو، 3 .203سطو، املصدر السابق، ص أر 4

89

غري عام يصلح خصوصا إذا كنا نريد الشكوى أو املبالغة، وجيب السري هكذا إما عند االبتداء أو .1»بعد الفراغ من الربهنة

م له، ال تقف عند حدود قدأوضح أن فاعلية اإلقناع اليت جتعل املتلقي يصدق ويذعن ملا يو-فأما التصديقات اليت حنتال هلا بالكالم فإنها «: يقول،"سياق احلال"الكالم؛ بل قد تأخذ مبعطيات

سامع واستدراجه حنو فمنها ما يكون بكيفية املتكلم ومسته، ومنها ما يكون بتهيئة ال: أنواع ثالثةويف ذلك إشارة قيمة إىل اآلليات اللغوية وغري . 2»األمر، ومنها ما يكون بالكالم نفسه قبل التثبيت

وهو ما يسمى " أخالق القائل: "اللغوية اليت حتقق اإلقناع، واليت تتوقف على ثالثة أركان وهي، "Pathosالباتوس " وهو ما يسمى حبجة "تصيري السامع يف حالة نفسية ما"، و"Ethosاإليتوس "أي الكالم " Logosاللوغوس "وينعت حبجة " القول نفسه من حيث هو يثبت أو يبدو أنه يثبت"و

.3أو العقل

وقد شكلت يف الدراسات املعاصرة ،وقد حرص أرسطو على تقدمي مقتضيات هذه احلجج .موضوعا رحبا ضمن النظرية احلجاجية

منفعة الكالم املقنع إمنا تكون عند الفحص، واملقنعات «ه حينما يؤكد أن وهذا األمر يوضح فكرة نإري معول. 4»هن الاليت قد فحص عنهن، حىت ال حيتاج فيهن بعد ذلك إىل كلمة واحدة

.هي اللب الذي ركزت عليها النظرية التداولية" املنفعة"

سياق " أن دراسة -بنظرة سريعة-ننا نالحظ أما إذا انتقلنا إىل الدراسات اللسانية احلديثة فإ، ولكن هذا ال يعين عدم "الدراسات التداولية"مل تتم بطرح علمي متخصص إال ضمن " احلال

.االهتمام به يف غري هذه الدراسات

الذي انتبه إىل أمهية السياق حينما بين " De Saussureدي سوسري "ولتوضيح ذلك نبدأ بـهنا تعين سياقها الفعلي الذي تستعمل فيه، " اجتماعية اللغة" نظام اجتماعي؛ وأن اللغة يف حقيقتها

.145، صطابة أرسطو، اخل 1 .10 أرسطو، املصدر نفسه، ص 2 .28ص/1، ضمن كتاب احلجاج مفهومه وجماالته، ج)احلجاج(عبد اهللا صولة، البالغة العربية يف ضوء البالغة اجلديدة . ينظر د 3 .131ص، طابة أرسطو، اخل 4

90

هي اجلانب االجتماعي للسان تقع خارج الفرد الذي ال يستطيع أبدا أن خيلقها أو حيورها «فـوعلى الفرد أن . مبفرده، فال وجود للغة إال بنوع من االتفاق يتوصل إليها أعضاء جمتمع معني

معينة يتعلم فيها وظيفة اللغة، فالطفل يدرك هذه الوظيفة بصورة تدرجيية، واللغة شيء يقضي فترة متميز جدا، فإذا فقد املرء استخدام الكالم فإنه يبقى حمتفظا ا إذا كان يستطيع فهم اإلشارات

قق وربط اللغة باتمع هو يف جوهره ربط هلا بسياق استخدامها حيث حت. 1»الصوتية اليت يسمعها، حيث "De Saussureدي سوسري "الذي ذكره " الوظيفة"ولنركز ههنا على مصطلح . وظيفتها

إال باالستعمال -كما يذكر يف قوله-اليت ال يكتسبها الفرد " الوظيفة االتصالية"يظهر أنه يريد .الفعال هلا يف مواقف تواصلية خمتلفة

، ألن هذا "اللغة والكالم"رقة اليت أقامها بني يف املفا" سياق احلال"ويتبدى حضور معطيات األخري ال يتمظهر إال من السياقات الفعلية للقول حيث يرتبط مبواقف خاصة تعطي لكل منه بعدا

.إبالغيا ما خيتلف عن غريه

الذي ركز على اجلانب الشكلي " Bloomfieldبلومفيلد "ونذكر كذلك يف هذه املناسبة الذي " املعىن"حينما تكلم عن " املوقف"ن اللغة يف دراسته اللسانية، وقد تنبه إىل أو البنية الظاهرة م

إن املواقف اليت تدفع الناس «: جعله على صلة مبا حييط باملتكلم اخلارج يف نظره عن اللغة، يقولللكالم تشمل كل شيء وكل حدث يف هذا الكون، فإذا أردنا أن نعطي تعريفا دقيقا ملعىن أي

. كل من أشكال اللغة، جيب أن تتوفر لدينا معرفة علمية دقيقة عن كل شيء يف عامل املتكلمشفنحن نستطيع مثال أن نعرف معىن أحد . ولكن مدى املعرفة البشرية حمدود بالنسبة هلذا األمر

فة األشكال اللغوية بشكل دقيق عندما يتعلق األمر بإحدى املواد احملسوسة اليت توفرت لدينا املعر؛ ألا تتعلق "احلب و الكره"ولكن ليس لدينا طريقة لتعريف معاين كلمات مثل ... العلمية عنها

مبواقف مل تصنف تصنيفا علميا دقيقا، وأمثال هذه الكلمات تكون األغلبية العظمى من مفردات .2»اللغة

، 1988مالك يوسف املطليب، العراق بيت املوصل، .د: يوئيل يوسف عزيز، مراجعة.د: مجة دي سوسري، علم اللغة العام، تر 1 .Saussure, cours de linguistique générale, ENAG 2ème édition, 1994, P : 31: ، وينظر33ص .321، ص1978 نايف خرما، أضواء على الدراسات اللغوية املعاصرة، الكويت عامل املعرفة، 2

91

شكلي من وملا الحظ صعوبة ضبط هذا املعىن من جهة، وعدم متاشيه مع منهجه اللساين الجهة أخرى، مل يدخله يف دراساته اللسانية؛ فرأى أن قضية املعىن هي أضعف نقطة يف دراسة اللغة،

، وإنما نظرا الرتباطه بأمور 1ومل يقصد االنتقاص بوجه عام من دراسته، أو التقليل من شأنهيقبل إال من جهة، وعدم توافقه مع منهجه الذي ال ) مالبسات غري لغوية(خارجة عن اللغة

من جمال " سياق احلال"األشياء اسدة اليت تقبل املالحظة والقياس من جهة أخرى، مل جيعل قضية .االهتمامات اللسانية

وعلى هذا األساس مل يهتم أكثر باملعىن؛ ليس ألنه ال قيمة له؛ بل إلميان أصحاب هذه ة العلمية الدقيقة اليت ميكن أن ختضع النظرية بأن املعىن ال ميكن إخضاعه لنوع من الدراسة الوصفي

.2هلا األنظمة الظاهرة األخرى

مرتكزة على ما ميكن مشاهدته وقياسه، " Bloomfieldبلومفيلد "فالدراسة اللسانية عند نظريته السلوكية، فعند حتليله من، واليت تبلورت لديه "سياق احلال"وههنا تستحضر مفاهيم

تقوم على ثالثة عناصر متصلة باحلدث اللغوي وهي؛ السياق اخلاص للعملية الكالمية أوضح أنهاوقد وضح . باملتكلم، مث احلدث اللغوي نفسه الذي حيققه املتكلم، مث االستجابة من قبل السامع

اليت تفصح بشكل مباشر عن أمهية وقيمة " جتربة جاك وجيل"ذلك من خالل جتربته املشهورة :3نربز ذلك من الشكل التايل. لكالمسياق احلال يف اإلنتاج ا

، لكن رغم ذلك فإن ما "Bloomfieldبلومفيلد "عند " سياق احلال"وقد نكتشف قيمة يف حد ذاته؛ إذ مل يركز على األحداث السابقة له، وال األحداث النامجة عنه؛ " الكالم"يهمه هو

.ين ليست من اختصاص الدرس اللسا-وبكل بساطة-ألنها

.26، ص1/1988ظر أمحد خمتار عمر، علم الداللة، القاهرة عامل الكتب، ط ين 1، وعبد النعيم خليل، 25، وأمحد خمتار عمر، علم الداللة، ص 289 ينظر نايف خرما، أضواء على الدراسات اللغوية املعاصرة، ص 2

.273نظرية السياق بني القدماء واحملدثني، ص .275ية السياق بني القدماء واحملدثني، صعبد النعيم خليل، نظر. ينظر د 3

األحداث الفعلية اليت تسبق النطق الفعلي للكالم

األحداث الفعلية اليت تترتب عن العملية الكالمية

الكـالم

92

يف اإلنتاج الكالمي؛ فاألحرى أن يدخل " سياق احلال"ونالحظ يف رحاب هذا الطرح أمهية ولكن جيب أن نشري ". نظريته السياقية"ويف " Firthفريث "ضمن الدراسة اللسانية، وهذا ما مت مع

ذي أدخل ال" Malinowskiمالينوفسكي "أوال إىل أن البداية احلقيقية هلذه النظرية ترتبط جبهود يف الدراسة اللغوية انطالقا من اإلشكاالت الترمجية اليت صادفها يف جزر " سياق احلال"معطيات

1914(جنويب الباسفيك، فقد عايشها وهو يدرس ثقافتهم ما بني " Trobriandالتروبرياند "قاليد ، فاستنتج أن الترمجة تبقى عاجزة عن نقل املعىن ما مل يقترن كل ذلك بوصف ت)1918و

.1وثقافة اتمعات، وبالتايل اإلحاطة باملوقف

فاللغة يف نظره تبقى عاجزة عن تصوير املعىن الدقيق ما مل يؤخذ فيها بعني االعتبار املوقف ، وليس كأداة لالنعكاس؛ أي الذي تستعمل فيه، وعلى هذا األساس عاجل اللغة كصيغة من احلركة

.2اللغة يف حركتها

فطور نظريته السياقية، مع اإلشارة هنا إىل اختالف " Firthفريث "تائجه وقد استفاد من نجزءا من « يف هذا املوضوع كان "Malinowskiمالينوفسكي "النظرة بينهما؛ إذ ما وصل إليه

نظر إىل سياق احلال باعتباره من " Firthفريث "العملية االجتماعية الذي ميكن تأمله منفردا، لكن .3»ةأدوات عامل اللغ

مالينوفسكي "ونذكر أن .24، ص1977 ينظر عبده الراجحي، اللغة وعلوم اتمع، منشورات جامعة اإلسكندرية، 1

Malinowski " ه وأجاد لغتهم، وقد كانوا قوما بدائيني يعيشون على صيد األمساك، وقد قام بأحباث" تروبرياند"عاش مع أهل جزرامليدانية مستخدما لغتهم، فلما أراد نقل جوانب هذه الثقافة إىل اللغة اإلجنليزية وجد مشقة كربى يف ذلك؛ إذ كانت ثقافة هؤالء الناس ختتلف اختالفا واضحا عن ثقافة الغربيني، فحاول أن يقدم ترمجة حرفية تلتزم فجاءت غامضة غري مفهومة عند القارئ اإلجنليزي، فلم

ه مفرا من أن يزود النص املترجم بتعليقات مفصلة تضع النص يف بيئته الطبيعية احلية، فأحس باحلاجة امللحة إىل مصطلح يشمل جيد أمامسياق احلال "م مصطلح 1923السياق اللغوي امللفوظ ويشمل أيضا املوقف أو السياق غري اللغوي الذي قيل فيه النص، فصاغ سنة

Context of situation "عاد فرأى أن ذلك غري كاف؛ إذ البد من إيضاح ما وراء ذلك من جوانب ثقافية، فأضاف إىل ، لكنه : ينظر. ، ورأى أما الزمان للفهم الصحيح للنصوص اللغوية"Context of cultureسياق الثقافة "سياق احلال مصطلحا آخر هو

موجز تاريخ علم اللغة يف الغرب، ترمجة أمحد عوض، وروبرت،. 196-195جنوى حممود صابر، دراسات أسلوبية وبالغية، ص.د .261، ومتام حسان، مناهج البحث يف اللغة، ص349، ص1997الكويت عامل املعرفة،

.71 ينظر أمحد خمتار عمر، علم الداللة، ص 2 .71 باملر، علم الداللة إطار جديد، ص 3

93

داعيا يف الوقت نفسه يف دراسة املعىن،" سياق احلال"استعان بـ" Firthفريث "ونذكر أن فرأى أن املعىن . إىل جتاوز العالقة الثنائية يف حتليل املعىن اللغوي، القائمة على اللفظ وما تشري إليه

الصوتية مث كل مركب من جمموعة من الوظائف اللغوية، وأهم عناصر هذا الكل هو الوظيفة«ولكل وظيفة من هذه ". سياق احلال"املورفولوجية والنحوية والقاموسية والوظيفة الداللية لـ

مبكوناته كعنصر أساسي يف " سياق احلال"فيدخل . 1»الوظائف منهجه الذي يراعى يف دراستهالشاملة للمكونات التحليل اللغوي، باعتبار أن الوصول إىل دالالت القول ال تنكشف إال بالنظرة ا

.اللغوية وغري اللغوية

وهذا ما بينه يف أكثر من مناسبة حىت صار ال يرى أي منهج ميكن أن ندرس من خالله سياق احلال "يف لقد كان رأيي «: ؛ يقول"سياق احلال"احلدث اللغوي من غري األخذ بـ

Context of situation" -ه أعظم منهج ختطيطي ميكن تطبي-ومازالقه على األحداث اللغوية، أن :وهو يتمثل يف

.الصفات وثيقة الصلة باملشتركني أشخاص، شخصيات- .النشاط اللغوي للمشتركني- .النشاط غري اللغوي للمشتركني- .املوضوعات اليت هلا صلة باحلدث اللغوي- .2»أثر النشاط اللغوي يف املشتركني أو غريهم-

ملعطى أكثر حينما يبين أن الوصول إىل معىن أي عن حضور هذا ا" Firthفريث "ويكشف :نص لغوي يستلزم

أن حيلل النص اللغوي على املستويات اللغوية املختلفة، الصوتية والفونولوجية - .واملورفولوجية والنظمية واملعجمية

؛ شخصية املتكلم وشخصية السامع، ومجيع الظروف احمليطة "سياق احلال"أن يبني - .بالكالم

.ح نوع الوظيفة الكالمية؛ متن أو إغراء أو غري ذلك يوضأن-

.253 حممود السعران، علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، ص 1 .282 عبد النعيم خليل، نظرية السياق بني القدماء واحملدثني، دراسة لغوية حنوية داللية، ص 2

94

.1أن يذكر األثر الذي يتركه الكالم؛ ضحك، سخرية، تصديق، أو غري ذلك-

وقيمته يف الكشف عن البعد الداليل " Firthفريث "لدى " سياق احلال"ومنه نالحظ أمهية ت عليها الدراسات السابقة، وهلذا غدت للقول، والذي يتعدى حدود املكونات اللغوية اليت ركز

. املركز الذي يدور حوله علم الداللة" سياق احلال"فكرة

يف الدراسة " سياق احلال"وجيب أن نكشف هنا عن طبيعة هذه النظرية؛ ألن األخذ بـي اللغوية سنجده أيضا عند التداوليني، باعتبار أن الطرح السياقي عند فريث وأتباعه طرح داليل؛ أ

أما . غايته البحث يف الدالالت اليت قد تتنوع حبسب السياقات اليت تستعمل فيه الكلمات واجلملالطرح التداويل فال يقف عند هذا احلد؛ بل يكشف عن اآلثار النامجة عن هذه الدالالت، إنها

".إجنازية الفعل الكالمي"حبث يف

7-اوا لق ا:

بكل معطياته موضوعا رئيسا للدراسات التداولية، نربز ذلك انطالقا من " سياق احلال"شكل باللغة يف " "التداولية" ظلت ترتبط -دتوإن اختلفت وتعد–املفاهيم املتنوعة هلذا احلقل، واليت

، باعتبار أنها تقوم على 3"علم االستعمال اللغوي"، حىت استحسن البعض تسميتها بـ2"االستعمالعلم "ة يف التخاطب، ولذلك يصطلح عليها حممد حممد يونس علي مصطلح دراسة اللغ

.وهو مصطلح يرتكز على النشاط الذي يقوم به الفرد يف استعماله اللغوي ؛4"التخاطب

.253 ينظر حممود السعران، علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، 1

2 Voir Jacques Moeschler, Anne Reboul, Dictionnaire encyclopédique de pragmatique, Paris Edition de Seuil, P. 17, et Philippe Blanchet, La pragmatique d'austin à Goffman, Paris Bertrand-lacoste, 1995, P:8.

.17مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، ص. ينظر د 3 كما يفعل عدد من وليس بالتداولية أو النفعية أو الذرائعية،" علم التخاطب"بـ" Pragmatics"أفضل ترمجة مصطلح «: يقول 4

والواقع أن املصطلح األول يطلق على . شيء واحد" Pragmatism" و" Pragmatics" اللغويني العرب تومها منهم بأنهما ، وإذا نظرنا يف تراثنا "علم االستعمال"الدراسات اليت تعىن باملعىن يف السياقات الفعلية للكالم، وهو ما يتفق مع معناها احلريف وهو

يطلق على النشاط الذي يقوم به املتكلم يف عملية التخاطب، -الذي يقابل الوضع عادة–غي واألصويل فسنلحظ أن االستعمال البالوهو مصطلح . 4» من اخليارات اليت اطلعت عليها حىت اآلن-يف رأيي-أنسب " علم االتخاطب"بـ" Pragmatics"ولذا فإن ترمجة

= ، حممد حممد يونس علي، جملةأصول اجتاهات املدارس اللسانية احلديثة. فرد يف استعماله اللغوييرتكز على النشاط الذي يقوم به ال

95

" F.Récanatiوفرانسوا ريكانايت " M.Dillerماري ديري "وعلى هذا األساس أيضا عرف . 1» اخلطاب، شاهدة يف ذلك على مقدرا اخلطابيةدراسة استعمال اللغة يف «التداولية بأنها

؛ كونه املسرح الذي تتمظهر من خالله "السياق"الدراسة التداولية كل هذه التسميات بـ وتربط .2"السياقية"أن تسمى " Max blakماكس بالك " لذلك يستوجب األقوال واألفعال،

نا سنالحظ مرونة هذا احلقل واتساع فإن" السياق"وإذا ما حاولنا حصر جمال دراسة اللغة يف كيانا غامضا، أو قل جرابا جديدا «" Philippe Blanchetفيليب بالنشيه "جماله، حىت عدت لدى

توضع فيه األعمال اهلامشية اليت ال تنتمي إىل االختصاصات املؤسسية؛ هي اللسانيات وعلم حنو املشاكل اليت أثارا هذه ... ئلية إخلاالجتماع واألنثروبولوجيا وعلم النفس االجتماعي، والدال

ويف ذلك إشارة دقيقة إىل طبيعة الدراسة . 3»االختصاصات ومل تتوصل إىل معاجلتها بشكل مرض .التداولية اليت كانت غامضة جدا لدى الدارسني

ونظرا هلذه الطبيعة أيضا فقد وصفت هذه الدراسات بالقمامة، ووصفتها الباحثة الفرنسية بالنزل اإلسباين، فهي مستعدة الستقبال كل صنوف اإلشكاليات "G.Orcchioniركيوين أو"

.4مهما بدت متغايرة وغري منسجمة

فيه نوعا ما، باعتبار أن التداولية سرعان ما متيزت عن غريها، وازدهرت يف وهو كالم مبالغة اليت طرحتها يف الدرس اللساين موضوعاا وأدواا املنهجية التحليليمنوقت قصري، نربر ذلك

.املعاصر

، وينظر مقدمة يف علمي الداللة والتخاطب، حممد حممد يونس علي، 173، ص2003، سبتمرب 32، الد 1الفكر، العدد عامل=

.137، واملعىن وظالل املعىن، حممد حممد يونس علي، ص13ص .8، ص)ت.د(فرانسواز أرمينكو، املقاربة التداولية، ترمجة سعيد علوش، مركز اإلمناء القومي 1 .57 ينظر علي أيت أوشان، السياق والنص الشعري من البنية إىل القراءة، 2 .17، ص1/2007 التداولية من أوستني إىل غوفمان، ترمجة صابر احلباشة، سورية دار احلوار للنشر والتوزيع، ط 3حممد صالح إمساعيل بصل، حنو نظرية لسانية مسرحية، مسرح سعد اهللا ونوس منوذجا، بريوت دار الينابيع للطباعة والنشر . د 4

.167، ص1996والتوزيع،

96

ال «ككل، وترى أنه " السياق" يف مناسبة أخرى إىل أمهية تشريهذه الباحثة أيضاإن مث .1»ميكننا حتليل اإلرسالية دون االهتمام باملقام الذي تؤسس عليه، والنتائج اليت دف إليها

ل الذي طال هذا االختصاص فإننا نرجعها ولكن إذا ما أردنا معرفة األسباب يف هذا التداخالذي تدرسه التداولية؛ كونه متداخل املعطيات، ال يقف عند حد ما من جهة، " السياق"إىل طبيعة

ونظرا هلذه الطبيعة أقصي لدى . وال يقبل أن ينضوي ضمن قواعد جتريدية معينة من جهة أخرى .بعض اللسانيني من الدراسة اللسانية

أردنا بيان التقاطعات اليت قد نلفيها للتداولية مع ااالت اليت تتداخل معها يف ولكن إذا ما :دراساا، فإننا نربطها مبا يلي

ويشارك التداولية يف دراسة املعىن، ولكنه ال يقف عند حد هذا العلم؛ بل : علم الداللة- .يركز على املعىن واالستعمال

تداولية يف تبيني أثر العالقات االجتماعية بني املشاركني ويشارك ال: علم اللغة االجتماعي-يف الكالم واملوضوع الذي يدور حوله، ومرتبة كل متكلم والسامع وجنسه، وأثر السياق اللغوي

.يف اختيار السمات اللغوية وتنوعاا ويشترك معها يف االهتمام بقدرات املشاركني اليت تؤثر بدرجة ما يف: علم اللغة النفسي-

.أدائهم؛ كاالنتباه، والذاكرة والشخصية

يهتم أساسا بتحليل احلوار، ويقتسمان عددا من املفهومات الفلسفية : حتليل اخلطاب-واللغوية؛ كالطريقة اليت توزع ا املعلومات يف مجل أو نصوص، والعناصر اإلشارية واملبادئ

.2احلوارية

اولية على صلة ذه املفاهيم؛ إذ تعرف وانطالقا من هذا التداخل جاءت بعض حدود التدبأا الدراسة «وحتدد أيضا . 3»دراسة اللغة بوصفها ظاهرة خطابية وتواصلية واجتماعية«بكوا

.11، ص2007حممد نظيف، الدار البيضاء أفريقيا الشرق، . أوركيوين، فعل القول من الذاتية يف اللغة، ترمجة د 1 .11-10د أمحد حنلة، آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر، ص ينظر حممو 2 .19 فيليب بالنشيه، التداولية من أوستني إىل غوفمان، ص 3

97

ويف كل ذلك إشارة إىل ارتباط هذا . 1»العامة لكيفية تأثري السياق يف الطريقة نفسر ا اجلمليشمل عالوة على مالبسات املوقف كل ما له تأثري يف اال بدراسة السياق مبفهومه الواسع الذي .2احلدث اللغوي من عوامل حالية أو ماضوية

الذي " احلال"ويف ظل هذا احلد تظهر املساحة املتنوعة املشارب اليت تم ا التداولية ضمن قصد به ؛ وي"اال التداويل"يستعمل فيه الكالم، واليت بلورها طه عبد الرمحن ضمن ما مساه بـ

املشتركة بني املتكلم واملخاطب -القريب منها والبعيد–كل املقتضيات العقدية واملعرفية واللغوية « .3»واملقومة الستعمال املتكلم لقول من األقوال بوجه من الوجوه

من يتكلم؟ وإىل من يتكلم؟ ماذا : هذه املساحة قد تتداعى إشكاليات متنوعة منهاويف ظلبط حني نتكلم؟ ما هو مصدر التشويش واإليضاح؟ كيف نتكلم بشيء ونريد قول نقول بالض . وغريها من األسئلة اليت تتمخض عن اللغة يف االستعمال4شيء آخر؟

هذه اإلشكاالت حتاول أن تثريها التداولية ضمن مفاهيم خاصة، وطبيعي يف هذا اإلطار أن أن حينما ذكر" Morrisموريس "ا ذكره نربز طبيعة هذه الدراسة، وال بد هنا أن ننطلق مم

التداولية كانت يف بداية األمر إحدى الفروع املكونة للسيميولوجيا والنظرية العامة للعالمات؛ :وهي ترتكز على ثالثة مكونات

.وهو دراسة العالقات القائمة بني التعابري اللغوية بعضها ببعض): النحو(التركيب - .الرموز وعالقتها مبا تشري إليهويدرس : علم الداللة- .5تدرس املعىن يف األلفاظ اللغوية عند مستخدميها ومفسريها: التداولية-

متداخلة فيما بينها، إال أنه " Morrisموريس "وبالرغم من أن هذه التوجهات الثالثة يف نظر كال من الدراسة التركيبية تفترض اللسانيات التداولية مسبقا " السيميائيات"يقر أننا أثناء وصف

.137 حممد حممد يونس علي، املعىن وظالل املعىن، ص 1 .137 ينظر حممد حممد يونس علي، املرجع نفسه، ص 2طه عبد الرمحن، جتديـد . وينظر د . 28، ص 3/2007بيضاء املركز الثقايف العريب، ط وجتديد علم الكالم، الدار ال يف أصول احلوار 3

.243، ص2املنهج يف تقومي التراث، بريوت ط .5 ينظر فرانسواز أرمينكو، املقاربة التداولية، ص 4 .13 ينظر فرانسواز أرمينكو، املصدر نفسه، ص 5

98

والداللية؛ ألن املناقشة السديدة لعالقات األدلة مبؤوليها تستلزم معرفة عالقات األدلة بعضها .1ببعض، وكذا عالقة األدلة باألشياء اليت حييل عليها املؤولون

ا متجاوزة اللغوية، ولكن تدرسهعبارةتظل مرتبطة يف دراستها بال" التداولية"ومنه نرى أن لذلك عرف . مرتبطة أكثر من السياق الذي تستعمل فيهالطرح التقليدي كاشفة عن قواعد معينة

تقوم «: التركيبية والداللية، حيث يقولعداوهذه القواعد بشكل يوازي الق" Morrisموريس " الترابط بني القاعدات التركيبية بتحديد العالقات بني الدوال، وتقوم القاعدات الداللية بتثبيت

الدوال واملوضوعات، أما القاعدات الرباغماتية فتحدد الشروط اليت يكون فيها الدال عالمة بالنسبة وهكذا ميكننا وصف لغة ما بشكل شامل قائلني إن اللغة حبسب املفهوم السيميائي . للمتحدث

مها القاعدات التركيبية التام للجملة هي عبارة عن جمموع بني شخصني للدوال اليت ييسر استخدافالتداولية ذا املفهوم مكون من مكونات السيميولوجية، باعتبار أن . 2»والداللية والرباغماتية

ي حتكمه قواعد حنوية حتدد كيفية صياغة األقوال املقبولة، وضوابط داللية جتعل كالمالفعل الالشروط الالزمة اليت جتعل العبارة اللغوية األقوال مفهومة وقابلة للتفسري، وقواعد تداولية حتدد .ناجحة ومؤدية ملقاصد املتكلم يف املوقف التواصلي احملدد

د يعىن بدراسة كعلم حمد مضبوطة؛صبغة ختصصية" التداولية"لكن سرعان ما عرفت و كالمي وكيفية إنتاجه من لدن املتكلم، وفهمه من لدن املتلقي يف إطار موقف،"الفعل الكالمي"

وهذا التطور والتخصص يف الدراسة اللغوية التداولية كان بفضل علماء بارزين . ملموس وحمدد" Searleسريل "و" Austinأوستني "و" Barhil بارهيل"أفاضوا يف مباحث هذا احلقل؛ منهم

يم ، وغريهم من الدارسني الذين استطاعوا بلورة الدارسات التداولية ضمن مفاه"Griceوغرايس مبعطياته اخلارجية مركز استلهام ملختلف املوضوعات اليت تولدت عن " السياق" فيها متنوعة ظل .هذا احلقل

إىل ثالث " السياق" خمتلف االجتاهات التداولية انطالقا من "Hansonهانسن "وقد صنف :درجات

a&98=p?/ar/com.elchamal-aswat.www=245.نان قويدرش: بقلم ، يف الفكر األجنلوسكسوين التداولية 1

.168نعمان بوقرة، املدارس اللسانية املعاصرة، ص. د 2

99

Les symbolesالرموز اإلشارية"وتتمثل يف دراسة : تداولية الدرجة األوىل-

indexicaux"ويتجلى السياق ههنا يف االهتمام باملتخاطبني وحمددات الزمان واملكان ،. وتم بدراسة طريقة تعبري القضايا يف ارتباطها باجلملة املتلفظة، : تداولية الدرجة الثانية-

ال السياق وميتد السياق هنا إىل ما حيدس به املتخاطبون؛ إنه سياق األخبار واالعتقادات املتقامسة؛ .الذهين

وتتمثل يف نظرية أفعال الكالم، ويتعلق األمر فيها مبعرفة ما مت من : تداولية الدرجة الثالثة-. 1ههنا غين جدا ضمن هذه الدراسة" السياق"خالل استعمال بعض األشكال اللسانية، ومفهوم

ضمن نظريات خاصة باعتباره يسهم يف ضبط الكثري من القضايا اليت تقوم عليه، وقد تبلورتكنظرية األفعال الكالمية، ونظرية املالءمة، واالقتضاء، وقوانني اخلطاب، واستراجتيات اخلطاب،

.والنظرية احلجاجية، وغري ذلك

التداولية قد تقاطعت مع الدراسات اللسانية وجيب أن نشري يف ختام هذا الفصل إىل أن :السابقة قد نوضحها من اخلطاطة التالية

لكل درجة فصال وقد خصصت فرانسواز أرمينكو . 59 ينظر علي آيت أوشان، النص والسياق الشعري من البنية إىل القراءة، ص 1

.72-41خاصا ا، ينظر املقاربة التداولية، ص

داولیةالت

بلومفیلد الموقف االتصالي

جاكبسون نظریة التواصل

فیرث سیاق الحال

دي سوسیر

اللغة ظاھرة اجتماعیة

100

ما ا :ل اا ل ومق ا نشأة نظرية األفعال الكالمية وتطورها-1 وظيفة اللغة يف رحاب نظرية األفعال الكالمية-2 ماهية الفعل الكالمي-3 خصائص الفعل الكالمي-4

القصدية-أ املواضعة والتعاقد-ب ةاحلالي-ج

أصناف الفعل الكالمي-5 "Acte locutoire) "فعل القول(كالم فعل ال-أ

"Acte illocutoire ")الفعل املتضمن يف القول(الفعل اإلجنازي -ب "Acte perlocutoire ")الفعل التأثريي(الفعل الناتج عن القول -ج

أصناف القوى اإلجنازية-6 الفعل الكالمي عند الدارسني العرب املعاصرين-7

101

ما ق ا": ال "ل اا وم : يعد من أهم املعطيات اليت " سياق احلال"لعلنا نكون قد الحظنا من الفصل السابق كيف أن

ال ميكن التغافل عنها سواء يف بناء اإلنتاج اللغوي أو حىت يف تأويله، وعلى هذا األساس باتت ذا املستوى يف الدراحلاجة ماس اسة اللسانيةة إىل ضرورة االهتمام.

ل الفكرة املركزية شكقد " سياق احلال"وأدىن تأمل يف نظرية األفعال الكالمية يهدي إىل أن مبختلف تصوراا سواء يف بيان ماهية الفعل الكالمي نظرية ال هذههامناليت تبلورت واألساسية

نيأوست"يقول . لهوطبيعته وكيفيات إنتاجه، أو يف الكشف عن أصنافه وكيفيات تلقيه وتأويAustin" :»ي منظورا إليها من موقف أو مقام كالمي كلي هي مقولة فعل الكالم كجنس كلإن

.1»فقط الظاهرة الوحيدة اليت نسعى جهدنا لتوضيحها يف اية األمر

ولنوضح ذلك نعطي نظرة عامة حول نشأة هذه النظرية وطبيعتها، واملخاض الذي متخضت .عنه

:م ال ا ورمة -1

الذين أسهموا بشكل مباشر غة ية األفعال الكالمية بفالسفة اللترتبط البدايات األوىل لنظرا وتطول إىل فهم أفضل لكيفية «و. رهايف نشأافع الذي كان وراء دراستهم للغة هو التوصالد

.2»عمل الذهن يف تصوره للعامل

يغة الصورية للقضايا، كما استقرت عليه راسة يف بدايتها باتخاذها الصدوقد اتسمت هذه الر على ضوئها فس ت، منوذجا للغة اصطناعية صارمة وواضحة، مقترحةيف املنطق الرمزي احلديث

ومن .صف به هذه اللغات من أصناف الغموض اللغات الطبيعية بالرغم مما تتالتركيبات اللغوية يف

.184 أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة كيف ننجز األشياء بالكالم، ص1طالب سيد هاشم الطبطبائي، نظرية األفعال الكالمية بني فالسفة اللغة املعاصرين والبالغيني العرب، مطبوعات جامعة الكويت، 2

.20، ص1980 وينظر فهمي زيدان، يف فلسفة اللغة، بريوت دار النهضة العربية، .أ: ، ص1994

102

فيتغنشتاين " و،"Russelرسل " و،"Fregeفرجيه "ى هذا االجتاه النماذج املمثلة للتيار الذي تبنأبرز Wittgenstein"ها كتابه ثل يف مرحلته األوىل اليت مي"Tractaus Logico-Philosophicus."

ابق حيث عكف على ر آخر من فالسفة اللغة عكس االجتاه السابعد هذا االجتاه يأيت تيوغة جوهري هلا، هذه اللصف بهالذي تت الغموض أن أشكالا مؤكد ،)الطبيعية( العاديةغةسة اللدرا

فاللغة الطبيعية هي الوسيط . تغير موضوع البحث متثيله يف اللغات االصطناعية، وإالفال ميكن مع بين األمثل الذي اعتمده اإلنسان يف نقل أفكاره، وجتسيد قصده؛ أي لتحقيق الفهم واإلفهام

بيد أن دورها مل يقف عند هذا احلد؛ إذ مل تقتصر مهمتها على نقل اخلرب ووصف الواقع؛ . جنسهبل يوظفها أيضا لينجز أعماال ال يؤديها من دوا؛ إذن لم ال تكون هذه اللغة جبانبيها ميدان

!البحث؟

رحلته املتأخرة اليت يعبر عنها يف م" Wittgensteinفيتغنشتاين "ومن أبرز رواد هذا التيار مفهوم العقل "يف كتابه " Ryleرايل " و،"Philosophical Investigationsحبوث فلسفية "كتابه

Concept of Mind"،أوستني " وAustin " يف حماضراته اليت نشرت يف كتاب "How to do

things with words"1شهادة ميالد حقيقية لنظرية األ 2فعال الكالمية، والذي يعد.

وال مناص هنا من توضيح أكثر هلذا التيار الذي تولدت عنه هذه النظرية، والذي يندرج اليت تقوم على التحليل املنطقي للعبارة واللغة بصورة " الفلسفة التحليلية"ضمن ما يصطلح عليه بـ

املنهج الصحيح حلل، باعتبارهم رواد هذه الفلسفة، أن "أكسفورد"وقد ذكر هنا فالسفة . عامةوقد أوضحوا أيضا ). العادية(املشكالت الفلسفية البد أن يتضمن دراسة دقيقة ملنطق اللغة الطبيعية

على أنه الوظيفة النموذجية ) أو التقرير(كان الوضعيون املناطقة قد نظروا إىل الوصف «أنه إذا ن العبارة التقريرية قالبا تقد عليه عنوة كل اجلديرة بالبحث الفلسفي، وحاولوا بالتايل أن جيعلوا م

صور التعبري اللغوي حبجة أن هذه العبارة هي وحدها ذات املعىن وفقا ملبدأ إمكانية التحقق للمعىن، فإن فالسفة أكسفورد قد نظروا إىل الوصف بوصفه وظيفة واحدة من بني وظائف كثرية متنوعة

.1972 إىل الفرنسية عام ت، وترمج1962، ونشرت يف سنة 1955 وهي اثنتا عشرة حماضرة ألقاها يف جامعة هارفارد سنة 1

2 Voir: Catherine Orecchioni, Les actes de langages dans le discours théorie et fonctionnement, sous la direction de: Henri Mitterrand, Edition Nathan-VUEF, 2001, P : 5.

103

أغراض أخرى تستخدم من أجلها اللغة؛ فهناك السؤال واألمر للغة؛ إذ توجد إىل جانب الوصفاألمر الذي دفع فالسفة أكسفورد إىل البحث عن قواعد . والنهي والتعجب والرجاء وهلم جرا

االستعمال؛ أي القواعد اليت حتكم استعمال هذه العبارة أو تلك حتت هذا الظرف املعني أو .1»ذاك

" قواعد االستعمال"اس الذي أخذت به هذه الفلسفة، وهي وإذا أخذنا بعني االعتبار األسهنا هو الذي " االستعمال"و. الذي تنتج فيه" سياق احلال"فإننا سنالحظ مدى اران اللغة بـ

يخرج اللغة من صوريتها، ويدخلها يف اإلجراء واالستعمال، فتصبح جزءا من الفرد املستعمل هلا؛ ويقدم ا انيه، ويعتذر ا إن اقترف أخطاء، ويعد ا إذا أراد وعدا، ويتزوج إذ يربم ا اتفاقاته،

.ويطلق ا، ويشتري ويبيع، وغري ذلك؛ ولكن دائما يف ظروف استعمالية معينة

ومن هنا تظهر طبيعة اللغة ضمن هذا الصنف من االستعمال؛ إذ ال تأخذ قيمتها ضمن هذا الذي تتحقق فيه، باعتباره املؤطر هلا من حيث إنتاجها من " احلالسياق"الطرح التداويل إال من

.جهة، ومن حيث تأويلها من جهة أخرى

وعلى هذا األساس جنح رواد هذه الفلسفة حنو الواقع والوقائع بكل معطياما، وهلذا كان . باللغة العاديةعلى قناعة تامة بأن أفضل الطرق ملواجهة ذلك هي بأن يسترشد " Austinأوستني "

وقد دافع عن تصوره هذا، وبين أن هذه اللغة ليست لغة سخيفة كما قد حيلو للبعض االعتقاد .؛ بل إنها اللغة اليت تعبر بدقة وبفعالية عن كل جتاربنا وواقعنا2بذلك

الذي " Austinأوستني " ترتبط برائدها -كما يذكر معظم الدارسني-غري أن هذه النظرية .وشروطه وأصنافه" الفعل الكالمي"قدم مفاهيم دقيقة حول

.18 صالح إمساعيل عبد احلق، التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد، ص 1ت مركز اإلمناء القومي، ينظر جيل بالن، عندما يكون الكالم هو الفعل، ترمجة جورج كتورة، جملة العرب والفكر العاملي، بريو 2

.37، ص1989العدد اخلامس

104

ولكن قبل اإلفاضة يف كل ذلك ننطلق من املناخ الفكري الذي كان دافعا مباشرا يف ، واملتمثل أساسا يف عدم رضاه عن ما آل إليه اخلطاب الفلسفي احلديث على 1تقدميه هلذه النظرية

صف أعماهلم بأنها واهية مبتذلة، مث إنهم ينطلقون يف ، فقدم مالحظات الذعة ت2وجه اخلصوص .حبوثهم من أحكام جاهزة، مما جعل دراسام غري دقيقة

ويعود السر يف كل ذلك إىل اعتبار فالسفة الوضعية املنطقية مبثابة الوظيفة الوحيدة للغة هي " Austinأوستني "لك انتهج ولذ. ؛ أو إنها على األقل الوظيفة املشروعة فلسفيا للغة"الوصف"

" السياق"موقفا مضادا هلذا االجتاه الذي دأب فيه أصحابه أيضا على حتليل معىن اجلملة جمردة عن الذي ترد فيه، إضافة إىل ما وصفه باالستحواذ أو التسلط املنطقي القائل بأن اجلملة اخلربية هي

.3ل متفرعة عنهااجلملة املعيارية، وما عداها من اجلمل هي جمرد أشكا

وهلذا كانت العبارات األوىل اليت افتتح ا كتابه تدعو إىل أنه سيناقش ظاهرة واسعة فانطلق من الوهم الذي وقع . مل يولها أحد االهتمام الذي يليق ا-كما يقول–االنتشار، ولكن

شيء ما، وإما أن حالة" يصف"فيه الفالسفة حينما افترضوا أن شأن احلكم يف القضية إما أن .4مما يعين أن حكم القضية إما أن يكون صادقا أو كاذبا" يثبت واقعة عينية"

ويظهر أن صاحب هذا الرأي من البداية أراد أن يتجاوز ما كان سائدا يف الفكر الفلسفي آنذاك، والذي أعطيت فيه املكانة األوىل للجمل اليت حتكي وتصف الواقع على الشائعواللساين

جمرد -كما يرى املناطقة-حساب اجلمل اليت تنشئ الواقع أو دف إىل ذلك على األقل باعتبارها

؛ "نظرية"هل ترقى ألن تكون " Austinأوستني "حول قيمة األفكار واملفاهيم اليت قدمها " جون ليونز" يف احلقيقة قد تساءل 1

حياول فعال " Austinأوستني "ن ال غرابة يف أن ال جند صيغة حمددة متفق عليها لنظرية أفعال الكالم؛ بل ليس واضحا هل كا«: يقولجون ليونز، اللغة واملعىن » كما يفسره العديد من الذين تبنوا آراءه" نظرية"أن يكون نظرية ألفعال الكالم حسب مفهوم املصطلح

ة يف الطرح من مفاهيم وأفكار جديد" Austinأوستني "ويف احلقيقة ال ننكر ما قدمه . 291والسياق، ترمجة عباس صادق الوهاب، والتصور، وهي خمتلفة كل االختالف عما كان متداوال قبله يف اللسانيات البنيوية وحىت اللسانيات التوليدية التحويلية، وحنن نعلم جيدا

How to do things" أن صاحب هذه النظرية مل يؤلف كتابه مباشرة، بل جمعت حماضراته بعد وفاته، ونشرت ضمن كتابه with words" .

2 Voir, Austin, Quand dire c’est faire, traduction Gilles Lane, (Préface) P :9. .20، ص1980ينظر حممود فهمي زيدان، يف فلسفة اللغة، بريوت دار النهضة العربية، 3 .12عبد القادر قينيين، ص: ينظر أوستني، نظرية أفعال الكالم كيف ننجز األشياء بالكالم، ترمجة 4

105

أشباه إثباتات أو جمرد تعبريات انفعالية قد تصلح يف ميدان الشعر أو التعبري اخليايل بعامة، ولكنها ال مكن اعتبار الوظيفة غري املأنه منفاقترح طرحا جديدا بين فيه . 1تصلح لصياغة قضايا املنطق

شعاره املشهور يف معارضة هذه "Austinأوستني " أطلق لذلك، و"الوصف"الوحيدة للغة هي ، ليثبت أن القول هو بدون شك نقل "L'illision descriptiveالوهم الوصفي "الوظيفة؛ وهو

من كل ذلك حاول ف .2"فعل"معينة آلخرين حول موضوع ما نتكلم عنه، ولكنه أيضا ملعلومات الوجه "ن كان ، بعد أ، والذي متثله استعماالت معينة من اللغة من القول"الوجه اإلجنازي"إبراز

هو املسيطر يف الدراسات اللسانية والفلسفية، فأراد أن جيسد ذلك ابتداء من عنوان " اإلخباريكما - عنوان ينحو ، وهو"How to do things with wordsكيف ننجز األشياء بالكالم "كتابه : حنو الرتعة التطبيقية، وذلك انطالقا من تلك العناوين اليت تقوم على هذه الرتعة من مثل-نالحظ

كيف تكون " "كيف تراجع دروسك؟"و" كيف ختتار صديقك؟"و" كيف تبين شخصيتك؟" ".نظرية الفعل الكالمي"فجسد هذه الرتعة ضمن " ناجحا؟

يف اكتشاف "Austinأوستني "ل اللغوي الذي اعتمده وجيب أن نشري إىل أن التحلي :3األفعال الكالمية وتصنيفها يقوم على دعامتني منهجيتني أساسيتني

؛ وشكلت األساس الذي انبنت عليه نظرية األفعال الكالمية، وتتجلى انطالقا القصدية-أجيب أن ينظر «مي؛ إذ من الربط بني العبارات اللغوية وغرض املتكلم أو مقصده من الفعل الكال

السياق (إىل اإلجناز بوصفه جانبا قصديا لفعل كالمي يف سياق املوقف الكلي الربامجايت التواصلي فكل فعل كالمي يقوم على قصد معني وله تأثري ودور يف ضبط القوة . 4»)التواصلي-الربامجايت

.اإلجنازية املرادة

عبد الوهاب التازي، املغرب . ينظر إدريس سرحان، األمر والنهي يف نظرية األفعال الكالمية، أطروحة لنيل الدراسات العليا إشراف د 1

.12، ص1988جامعة فاس، 2 Voir: Charaudeau et Maingueneau ,Dictionnaire d'analyse du discours, Paris édition du seul, 2002, p: 16.

، وصالح 57، وحممود أمحد حنلة، آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر، ص 191ظر أيضا جون ليونز، اللغة واملعىن والسياق، ص وين . 135إمساعيل عبد احلق، التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد، ص

.69 صمسعود صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب،: ينظر د 3 .22-21 زتسيسالف واورزنياك، مدخل إىل علم النص مشكالت بناء النص، ترمجة سعيد حسن حبريى، ص 4

106

ن ه الفعل الكالمي؛ فعن طريقه يتبيولكن ترتبط هذه القصدية باحلال الذي يتشكل فيهل يقصد املتكلم النهي فقط أم التهديد أم التحذير أم غري ذلك " ال تأت"للمنطوق الواحد مثل

.من املقاصد اليت ال تنكشف إال باعتماد معطيات احلال ككل يف تعيني القوة اإلجنازية

بكل معطياته " سياق احلال"؛ أي السياق الذي جيري فيه القول؛ العام بأنواعهالسياق -ب أن األقوال تنتج ضمن سياقات حمددة، "Austinأوستني "وقد قرر . الثقافية واالجتماعية والنفسية

.فتضحى دالالا جزءا ال يتجزأ من هذه السياقات

ويف رحاب هذا التحول جيب أن نشري إىل تغير بؤرة الدرس اللساين؛ حبكم أن نظرية ية ال تعترب أن الوحدة األساسية للتواصل اإلنساين هي اجلملة، وال أي تعبري آخر؛ بل األفعال الكالم

.، وذلك انطالقا من موقف معني1بعض أمناط األفعال" إجناز"هي

فإنه جيب أن ننبه إىل " Austinأوستني "ولكن حىت وإن كان هذا الطرح قد تبلور مع له الفضل الكبري يف كل ذلك؛ إذ بين من قبله أن الذي كان" Wittgensteinفتجنشتاين "صنيع

اللغة قد تستخدم لوصف العامل من حولنا، وقد توظف أيضا لغري وصف وقائع العامل؛ كاألمر ألعاب "واالستفهام والشكر والتحية والدعاء وغريها من االستعماالت اليت أطلق عليها مصطلح

؛ ترى ما طبيعة هذه اللعبة؟ وما هي "لعبة"منها ، وأمسى كل استعمال "Language gamesاللغة ضوابطها؟

حنو االستعماالت " Wittgensteinفتجنشتاين " يتجه حسب" اللعبة اللغوية"فمفهوم اللغوية انطالقا من مقتضيات التواصل االجتماعي يف املقامات املختلفة، وعلى هذا األساس بين أن

حنن ال «؛ فـ)تطبيقها(علم قواعدها مبمارستها يف حد ذاا استعمال لغة شبيه بلعبة علينا أن نتنصبح ممتلكني للسان ما بداية بتعلم جمموعة وحيدة من القواعد الوصفية اليت تتحكم يف استعماله يف كل حالة، ولكن مبشاركتنا يف كثري من األلعاب اللغوية املختلفة اليت ترتبط كل واحدة منها

اللعبة "فـ. 2»ماعي خمصوص وحمدد، عرب مواضعات اجتماعية خمصوصةبصنف من السياق االجت

.60، ص)ت.د( ينظر فرانسواز أرمينكو، املقاربة التداولية، ترمجة سعيد علوش، مركز اإلمناء القومي 1 .77، ص1/2008ات والنشر، ط صابر حباشة، التداولية واحلجاج مداخل ونصوص، دمشق صفحات للدراس 2

107

الذي " سياق احلال"هي استعمال اللغة يف موقف حمدد، أما ضوابطها فهي مستمدة من " اللغوية .تستخدم فيه

قد منثل لذلك باأللعاب اللغوية املتنوعة اليت كان جينح إليها البشري اإلبراهيمي يف وصـف وأتباعه وأعماهلم الشنيعة واملخزية؛ انطالقا من توظيف األساليب امللفتة للنظـر، حال االستعمار

" علماء السنة "ومن ذلك قوله يف مجعية . واستعمال األلفاظ املستقاة من الثقافة االجتماعية البسيطة القصد ولو كان للسنة معان يضيع بينها «": مجعية العلماء املسلمني"اليت أسستها فرنسا لتضرب ا

وإننا لنعلم حقـا أن "... الكسكسية"أو " الدرمهية"وختتلف وجوه التأويل لقلنا هم علماء السنة ، وعامل مأجور، )مزور(شيخ : هذه الطائفة اليت مست نفسها علماء السنة ترجع يف أصوهلا إىل ثالثة

مـن مارسـها موا العلم بالكتاب والسنة وهدي الـسلف إىل سل: ونقول لكم ... وعامي مغرور بالبصرية النافذة، وتناوهلا بالذهن الوقاد والقرحية احلية، وأنفق فيها من عمره مثل ما أنفقتم يف اللهو

، ويف هذه العبارات الـساخرة 1»أكل هذا يف سبيل إشباع بطونكم؟ ... التطبيل والتزمري واللغو و اجلمعية اليت مهها األكرب ملء اجليـوب االستهزائية دعوة صرحية إىل عدم األخذ مبا قد تقدمه هذه

وهذه األلعاب مستمدة من ثقافة البيئة اللغوية اجلزائرية، وبذلك يكون هلا األثر والفعالية . والبطون .الكربى يف املتلقي املقصود؛ وهو الشعب اجلزائري بدرجة أوىل

تتنوع، غري أن يف غري مرة أن مناذج األلعاب اللغوية" Wittgensteinفتجنشتاين "وذكراملطر : "متظهراا ال تتم إال من استعماالا املختلفة حيث تتعني مقاصدها؛ يقول معلقا على قولنا

أليس غريبا أنين ال أستطيع بالضرورة أن أفكر أن املطر سيكف حىت دون املؤسسة اللغوية «": يرتلستطيع أن تنطق هذه األلفاظ وتقصدها وكل ما حييط ا؟ أتريد أن تقول إنه من الغريب أنك ت

؟ ويف كل ذلك تأكيد واضح على ضرورة ربط مقاصد اللغة بالسياقات 2»دون ما حييط ا .االجتماعية اليت تستعمل فيها العبارات اللغوية

.114-1/112 آثار اإلمام حممد البشري اإلبراهيمي، 1عبد الرزاق بنور، بريوت مركز دراسات الوحدة العربية، . لودفيك فتغنشتاين، حتقيقات فلسفية، ترمجة وتقدمي وتعليق د 2 .349، 1/2007ط

108

ويف رحاب هذا الطرح أراد الكشف عن املالمح الفعلية لإلنتاج اللغوي، ببيان كيفيات تعماالت اليت ال تصف وقائع العامل اخلارجي كاألمر واالستفهام والتحية توظيفه، ورصد بعض االس

والدعاء والشكر، حيث يكون كل استعمال من هذه االستعماالت مرتبطا مبواضعات وأعراف .ترتبط بصفة جوهرية بالسياق االجتماعي الذي تنتج فيه

" Wittgenstein فتجنشتاين"ولكن جيب أن نشري إىل الفرق الذي قد نالحظه بني عمل الذي حاول كما تذكر " Austinأوستني "هذا الذي كشف فيه عن دينامكية ألعاب اللغة، وصنيع

ولذلك فهي ترى . إىل هذا اال" ةنسقي" إدخال "Françoise Armingaudفرانسواز أرمينكو "ق األمر مبعرفة ما للعالقة بني العالمات ومؤوليها؛ ويتعلةنظرية أفعال اللغة تعد دراسة نسقي«أن

. 1»يقوم به مستعملو التأويل، وأي فعل ينجزون باستعماهلم لبعض العالمات

ضبط ودراسة لكيفيات إنتاج الفعل الكالمي : فمعناه" ةدراسة نسقي"وحينما نقول وشروطه من جهة، ومناقشة طرائق تأويله والكشف عن العالقة بني الفعل الكالمي وإجنازيته من

. وهذا ما سنوضحه أكثر حينما نصل إىل ماهية الفعل الكالميجهة أخرى،

هذا التصور انطلق من مالحظة مفادها أن هناك "Austinأوستني "ولكي يوضح ، وبالتايل إن اعتبار هذا النوع من "الصدق أو الكذب"ملفوظات ال ميكن احلكم عليها بـ

دا معلومة على صلة بالواقع، هو حكم حبكم عدم إفا) Non Sens(امللفوظات غري ذات معىن جيب مراجعته؛ إذ مل يكن هدف هذه امللفوظات إفادة معلومات عن الواقع؛ بل هي تصنع الواقع،

.2وال يتوجه هلا أساسا السؤال عن الصدق أو الكذب

فهذه النظرية ثارت على الفكرة القائلة إن وظيفة اللغة هي وصف العامل، وأن كل ن وظيفة اللغة هي التأثري على إ؛ فاحلقيقة "الصدق والكذب"تقريرية تقوم على ثنائية امللفوظات ال

.60 املقاربة التداولية، ص 1

2 Voir, Austin, Quand dire c’est faire, P :39.

109

امللفوظات هذهالواقع والسماح ملن ينتج امللفوظات إجناز هذا الفعل، ويف هذه احلالة ال ختضع .1لثنائية الصدق والكذب

حكم من فيما استإعادة النظر«إىل " Austinأوستني "دعا يف رحاب هذه القضية والتخمينات العتيقة املوجودة يف الفلسفة، وهي ختمينات وظنون تدعي أن التكلم بشيء ما، وعلى األقل يف مجيع احلاالت اليت تستحق االعتبار أي يف مجيع احلاالت املعتربة، هو دائما ليس إال إثبات

مشعور به، ومن دون ذلك الشيء وتقريره، واإلسناد إليه، ومن دون شك فإن هذا الظن زعم غري .2»شك فإنه ناتج عن التسرع

البداية بني من ميز فيه ولذلك حاول أن يتجاوز هذه املسألة، مقترحا تصورا آخر فحاول أن يربز ،Performative"3اإلجنازية "وامللفوظات " Constativeالوصفية "امللفوظات

عدما كان الوجه اإلخباري مسيطرا على حماضراته على الوجه اإلنشائي من اللغة، بمنويركز . 4الدراسات الفلسفية واللسانية

اإلنشاء "وليدقق يف حدPerformative " ن أنه اشتق من الفعلأنشأ "بيPerfom " وهوعلى أن إحداث التلفظ هو إجناز لفعل، ؛ ويدل "Actionاحلدث "فعل يستخدم عادة مع االسم

.5وإنشاء حلدث

1 Introduction à linguistique contemporaine, Jaque Moechler et Antonie Auchlin, Paris édition Armand colin, 2000, P:135.

.23 نظرية أفعال الكالم العامة كيف ننجز األشياء بالكالم، ص 2" Les Performatifs et Les Constatifs ارسونا حول مصطلحي يف احلقيقة بعد اطالعنا على املقابالت اليت قدمها د 3

وجدنا إشكالية كربى يف املقابل الذي نرتضيه هلما، لذلك قد يالحظ القارئ يف صفحات هذه الرسالة ترددنا بني املقترحات اليت عبد القادر قينيين يف ترمجة .وهو اقتراح د" اتاإلنشائي"يف مقابل " اإلخباريات"، أو "اإلجنازيات"التقريريات يف مقابل "قدمت؛ منها

صالح إمساعيل عبد احلق، التحليل .وهو اقتراح د" األدائيات"يف مقابل " التقريريات"، و12نظرية أفعال الكالم العامة، ص"كتاب حنو نظرية "ة يف نعمان بوقر.وهو اقتراح د" اإليقاعيات"يف مقابل " اإلخباريات"و. 138-137اللغوي عند مدرسة أكسفورد، ص

يف " الوصفية أو اإلثباتية"، و195، ص2006، جانفي 17جامعة اجلزائر، العدد " ، جملة اللغة واألدب"لسانية عربية لألفعال الكالمية ، وغري ذلك95يف كتاب يف اللسانيات التداولية للدكتور خليفة بوجادي، ص" األدائية أو اإلنشائية"مقابل

4 Voir Searle, Les actes de langage, P :7. .17 أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة كيف ننجز األشياء بالكالم، ص 5

110

وامللفوظات " Constativeالوصفية "امللفوظات املقصود بـ" Austinستني أو"وقد شرح إذا قام على وصف ) وصفيا" (إخباريا"؛ فذكر أن امللفوظ قد يسمى "Performativeاإلجنازية "

" إنشائيا"ويسمى ". جاء جون"الواقع كما هو، أو وصف حادثة من غري تغيري لألشياء، مثل .1يري األشياء أو الواقع كاألمر أو السؤالإذا قام على تغ) إجنازيا(

) هـ771ت(ذا الطرح أشار إليه ابن السبكي " اخلرب واإلنشاء"ولعمري إن التمييز بني فإن مدلوله " قم"، و"أنت طالق"وقد يقال اإلنشاء ما حيصل مدلوله يف اخلارج بالكالم حنو «: قال

غريه، واخلرب خالفه؛ أي ما كان مدلوله حاصال يف وهو إيقاع الطالق، وطلب القيام حيصل به ال بفإن مدلوله وهو قيام زيد " قام زيد"اخلارج قبل الكالم إما على سبيل الصدق أو الكذب حنو

حاصل قبل اإلخبار به يف اخلارج وهو حمتمل ألن يكون واقعا يف اخلارج فيكون هو صدقا وغري .2»واقع فيكون هو كذبا

نظرية الفعل " االفكرة األساسية اليت ترتكز عليهح نشري إىل أن ويف رحاب هذا التوضيليس هو أني أصف ) يف املناسبات املخصوصة بطبيعة األمور(أن التلفظ باجلمل « هي "الكالمي

حال قيامي بالفعل، وأنا أحتدث على هذا النحو، كما أنين ال أريد أن أثبت كوين قائما بذلك مث إن ما ذكرته هنا من العبارات املتلفظ ا ال . جلملة هو إجنازها وإنشاؤهاالفعل؛ بل إن النطق با

يدل شيء منه على التصديق وال على التكذيب؛ بل إني أوجب احلكم على هذا الشيء لبداهته كل التصورات واملفاهيم اليت قدمها يف إطار هذه النظرية كانت مؤسسة على ف الذ. 3»ووضوحه

الفعل الكالمي، يف"الصدق والكذب"وإقصاء مقولة ، "لقول هو اإلجناز"أي اهذه الفكرة؛ .)Happy and unhappy(واستبداهلا مبقولة النجاح أو عدمه

ينظر أوستني، . هذا الفرق، لكي يبني ماهية األفعال الكالمية وأصنافها وشروطها" Austinأوستني " من بداية كتابه أراد أن يربز 1

و 17، و12ص، 2/2008ترمجة عبد القادر قينيين، املغرب أفريقيا الشرق، طبالكالم، نظرية أفعال الكالم العامة، كيف ننجز األشياء :وينظر أيضا. غري ذلك

Ducrot, Nouveau dictionnaire encyclopédique des sciences du langage, P :781. ، 2000إلميان للطبع والنشر والتوزيع،حممد إبراهيم احلفناوي، جامعة األزهر مكتبة ا. السيوطي، شرح الكوكب الساطع، حتقيق د 2 .4/221وينظر الزركشي، البحر احمليط أصول الفقه، ج. 23ص/2ج .17 ترمجة عبد القادر قينيين، ص-كيف ننجز األشياء بالكالم– أوستني، نظرية أفعال الكالم 3

111

الذي حيدد قيمتها " سياق احلال"ال تتحقق إال من " اإلجنازية"ولكنه ظل يؤكد أن هذه إن مقولة فعل الكالم كجنس «: ألة، يقولونوعيتها، ولذلك وجه كل جهده إىل إبراز هذه املس

كلي منظورا إليها من موقف أو مقام كالمي كلي هي فقط الظاهرة الوحيدة اليت نسعى جهدنا .1»لتوضيحها يف اية األمر

العربية القدمية يف الدراسات هذه النظريةحضور مفاهيم ال ننكرويف هذا السياق جيب أن وباخلصوص الغربيني، يف غري موضع إىل أن األصول األوىل هلا ،ني؛ إذ يشري بعض الدارسأو غريها

، وغري "الصدق والكذب" و"اخلرب واإلنشاء"ترتبط بأرسطو، بفضل الدراسات اليت قدمها حول لكن ليس ... كل مجلة ذات داللة«يف الفصل األول من كتاب التأويل " أرسطو"فقد كتب . ذلك

فيها صدق أو كذب، ليس هناك من صدق أو كذب يف كل كل مجلة هي تقريرية إال تلك اليت شكل اجلوهر األساسي فهوم، وهذا امل2»اجلمل؛ فالدعاء مجلة لكنها ليست صادقة وال كاذبة

".التقريريات واألدائيات"نظريته حينما فرق بني " Austin أوستني"الذي بىن عليه

يضطر حينما "Austin أوستني" جاء به بني أفالطون وما هناك تقاطعاونشري أيضا إىل أن ، برغم أن تشكيلة الكلمات ةأفالطون إىل أن خيلص إىل أن الكلمة يف ذاا ليست بصادقة أو كاذب

.3قد تعين شيئا وال تدل على شيء، وحامل هذه املفارقة هو اجلملة وليست الكلمة

را واسعا يف الدراسات العربية، ويذكر بعض الدارسني العرب أن ملباحث هذه النظرية حضو ويكفي أن نشري إىل جهود البالغيني والنحاة والفالسفة واالجتهادات الدقيقة اليت قدمها علماء

؛ حيث مل 4غري أن البحث فيها مل يكن مقصودا دائما لذاته، ولكن كثريا ما قصد به غريه. األصوللم البالغة والفلسفة علوم أخرى كعلم النحو وعتكن مفاهيم هذه النظرية إال وسيلة خلدمة مفاهيم

.184، صنظرية أفعال الكالم أوستني، 1 www.lingua.friendemocracy.net، 2006ي نظرية أفعال الكالم، عادل الثامري، ما 2: ، ت01: ضاء، املغرب، طسعيد الغامني، املركز الثقايف العريب، الدار البي: بول ريكور، نظرية التأويل، اخلطاب وفائض املعىن، تر 3

.24 -23: ، ص2003، 8مـسعود صـحراوي، ص . التراث اللساين العريب، د ينظر التداولية عند العلماء العرب دراسة تداولية لظاهرة األفعال الكالمية يف 4

.ص د. ونظرية األفعال الكالمية بني فالسفة اللغة املعاصرين والبالغيني العرب، لطالب سيد هاشم الطبطبائي

112

، واملعطيات اليت 1"اخلرب واإلنشاء"وقد نفتتح هذه اجلهود بالتمييز الذي قدموه بني . وعلم األصولاستنبطوها لكل صنف، وأوضحوا أيضا طبيعة أساليبهما، مقدمني مقوالت هامة ودقيقة حول

.غاياما

على -فكار وعالقتها بنظرية األفعال الكالمية قد نستأنس ولنبين قيمة تلك املفاهيم واألأن الكالم إما خرب أو إنشاء؛ « مع ما ذكره البالغيون؛ إذ يذكر القزويين -سبيل التمثيل ال احلصر

حيث نالحظ أوال أن . 2»ألنه إن كان لنسبته خارج تطابقه أو ال تطابقه فخرب، وإال فإنشاء ؛ باعتبار أن مظاهر اللغة ال تتجسد إال عرب3وليس اللغة" الكالم"صطلح القزويين ذكر م

بالواقع؛ ) اخلرب واإلنشاء(مث ندرك معه أيضا أنه ربط صنفي الكالم . استعماالا يف املوقف املعني .فإن طابقه أومل يطابقه كان إخبارا، وإن مل يصلح له هذا احلكم كان إنشاء

؛ يقول 4يان املعايري اليت قد تعتمد يف ضبط هذا احلكم يف اإلخبارواختلف البالغيون يف بإن صدق اخلرب مطابقته للواقع، وكذبه عدمها، وقيل مطابقته العتقاد املخبر ولو خطأ، «: القزويين

، أو "ادةلكاذبون يف الشه"، ورد بأن املعىن ﴾إن املنافقني لكاذبون﴿: وعدمها؛ بدليل قوله تعاىلوهو قول يعكس تردد العلماء العرب يف احلكم على . 5»يف تسميتها، أو يف املشهود به يف زعمهم

:صدق اإلخبار وعدمه انطالقا من .مطابقته للواقع اخلارجي أو عدم مطابقته- ).احلكم الذهين(مطابقته العتقاد املخبر أو عدم مطابقته - .6عدم مطابقتهمامطابقة الواقع واالعتقاد مجيعا أو -

1مسعود .د: نظر ملعرفة األسس النظرية لبحث العرب لظواهر اخلرب واإلنشاء، ومعايري التمييز بني هذين األسلوبني عند العلماء العرب ي

. وما بعدها148، ص2004صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب، رسالة دكتوراه، جامعة باتنة، .38، ص)ت.د( القزويين اخلطيب، التلخيص يف علوم البالغة، ضبطه وشرحه عبد الرمحن الربقوقي، القاهرة دار الفكر العريب 2

.كما ورد يف القول ألن اللسانيات التداولية ركزت هي األخرى على القول ال اللغة" الكالم"كزنا على وإمنا ر 3 لالطالع على املعايري اليت اعتمد عليها بالغيونا يف متييز العلماء العرب بني اخلرب واإلنشاء، ينظر طالب سيد هاشم الطبطبائي، نظرية 4

مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، .، ود61-47عاصرين والبالغيني العرب، ص األفعال الكالمية فالسفة اللغة امل .83-58ص .39-38 القزويين، التلخيص يف علوم البالغة، ص 5 .41-39زاين، شرح املختصر، صا ينظر سعد الدين التفت 6

113

أعطى فروقا خاصة بني اخلرب واإلنشاء وهي قائمة على أربعة ) هـ684ت( ولكن القرايف :أوجه

أن اإلنشاء سبب ملدلوله، واخلرب ليس سببا ملدلوله، فإن العقود أسباب : الوجه األول .ملدلوالا ومتعلقاا خبالف اإلخبار

–لوهلا، واإلخبارات تتبع مدلوالا؛ فالطالق وامللك أن اإلنشاءات يتبعها مد: الوجه الثاينتبع لقيامه " قام زيد" يقعان بعد صدور صيغة الطالق والبيع، أما اخلرب فتابع ملخربه؛ فقولنا -مثال

تبع لتقرر قيامه " سيقوم الساعة"تبع لقيامه يف احلال، وقولنا " هو قائم"يف الزمان املاضي، وقولنا .قباليف االست

.أن اإلنشاء ال يقبل التصديق والتكذيب خبالف اخلرب: الوجه الثالثال يقع إال منقوال عن أصل الوضع يف صيغ العقود والطالق : أن اإلنشاء: الوجه الرابع

والعتاق وحنوها، وقد يقع إنشاء يف الوضع يف الوضع األول كاألوامر والنواهي؛ فإا تنشئ الطلب .1 األول، بينما اخلرب يكفي فيه الوضع األول يف مجيع صورهبالوضع اللغوي

.وهي لوازم تعين وختصص العبارات اإلنشائية عن غريها من العبارات اخلربية

ومهما اختلفت هذه املعايري فإننا نالحظ أن منها ما له عالقة بالوضع اللغوي، ومنها ما هو م ككل، سواء ما تعلق فيها باملخاطب أو الكالم الذي جيري فيه الكال" السياق"متصل مبعطيات .الذي يتم فيه االستعمال الكالمي" احلال"يف حد ذاته، أو

، وهو معيار "الصدق أو الكذب"فما ال ميكن أن ينطبق عليه معا " اإلنشاء"أما يف حكم ) هـ729ت(مبهم غري واضح املعامل كما يرى بعض العلماء؛ إذ يرفض حممد بن علي اجلرجاين

بأنه كالم ال يصح أن يقال إنه صادق أو كاذب، ويصف هذا التعريف بأنه " اإلنشاء"تعريف الكالم "وصفان خاصان بصنف من الكالم؛ وهو " الصدق والكذب"، باعتبار أن 2"ضعيف"

.102-1/101م، 1/2003سة الرسالة، طينظر شهاب الدين القرايف، الفروق، حتقيق عمر حسن القيام، بريوت مؤس- 1عبد القادر حسني، القاهرة دار ضة مصر . ينظر حممد بن علي بن حممد اجلرجاين، اإلشارات والتنبيهات يف علم البالغة، حتقيق د 2

.157، صمسعود صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب.، ود100،ص) ت.د(للطبع والنشر،

114

وأيضا أنه غري مفيد حلقيقة اإلنشاء ملن ... اإلنشاء أيضا حيتمل الصدق والكذب«، مث إن "اخلربياإلنشاء كالم لفظه سبب لنسبة غري مسبوق «مما يعين حمدودية هذا املعيار، فريى أن . 1»رادهاأ

وقولنا غري مسبوق بنسبة أخرى فصل خرج به اخلرب، فإن اخلرب وإن كان لفظه ... بنسبة أخرى، ليقترح هنا 2»سببا لنسبة أخرى هي صورة الكالم، لكنها مسبوقة بنسبة أخرى هي حكاية عنها

باللفظ الذي يحدث نسبة أخرى -كما ذكر صاحب القول-املرنة يف جوهرها " النسبة"عيار م .غري حمددة من قبل

أصحاب شروح التلخيص؛ ولنربزها أكثر نبدأ مبا ذكره قد وضح ودرس هذه الفكرة بدقةوسبته خارج أن الكالم إما خرب أو إنشاء؛ ألنه إما أن يكون لن«صاحب التلخيص أوال؛ إذ يرى

يف اخلرب " النسبة"فـ. 3»األول اخلرب، والثاين اإلنشاء. تطابقه أو ال تطابقه، أو ال يكون هلا خارجفتبقى مرهونة بالكالم الذي يقتضي " اإلنشاء" املطابقة أو عدم املطابقة للخارج، أما يف منتكون

كونه يغير الواقع من أجل خلق نسبة باإلجناز مطابقة مع اخلارج، ومن هنا تظهر فعالية اإلنشاء .معينة من الكالم إىل الواقع

انطالقا من املقارنة اليت عقدها بني الكالم ه ابن يعقوب املغريبأوردا مموهذا ما نستنبطه اخلربي والكالم اإلنشائي؛ إذ يرى أنه إن كان القصد من الكالم الداللة على أن تلك النسبة

الواقع ووقعت يف اخلارج بني معىن املسند واملسند إليه فذلك الكالم املفهومة منه حصلت يف. 4"إنشاء"، وإن كان القصد منه الداللة على أن اللفظ وجدت به تلك النسبة فالكالم "خرب"

؛ أي )فإنشاء(ال يقصد بالكالم حصول نسبة خارجية؛ بل قصد به كون نسبته توجد باللفظ «فـمثال، فإن نسبة البيع " قم" البيع وإنشاءعند قصد " بعت"كر إنشاء كقولك فالكالم املوصوف مبا ذ

إىل الفاعل إمنا وجدت باللفظ وكذا نسبة القيام للمخاطب على وجه األمر إمنا وجدت بنفس .5»التلفظ من غري قصد إىل أن إحدى النسبتني حاصلة اآلن أو يف املضي أو االستقبال

.100اإلشارات والتنبيهات يف علم البالغة، صلي بن حممد اجلرجاين، حممد بن ع 1 .100 حممد بن علي بن حممد اجلرجاين، املصدر نفسه، ص 2 .16، ص)ت.د( اإليضاح يف علوم البالغة املعاين والبيان والبديع، بريوت دار الكتب العلمية 3 .168ص/1، ج)ت.د(لفتاح يف شرح تلخيص املفتاح، مصر مطبعة عيسى البايب احلليب وشركاه مواهب ا: ينظر شروح التلخيص 4 .1/167 ابن يعقوب املغريب، املصدر نفسه، 5

115

" Austinأوستني "يسبق " اإلنشاء"و" اخلرب " ذي أراد لـولعمري إنه ذا املفهوم ال ".اإلخباريات واإلجنازيات"ورواد نظرية األفعال الكالمية حينما ميزوا بني " Searleسريل "و

ويف السياق نفسه تقريبا يرى السبكي أن الكالم إما أن حيصل للمخاطب من غري أن يستفاد ميكن علمه باملشاهدة، أو ال ميكن أن حيصل للمخاطب إال ، فإنه"زيد منطلق: "من املتكلم، مثل

.1"إنشاء"والثاين " خرب"، فاألول "ال تضرب"أو " اضرب"باالستفادة من املتكلم حنو

وقد ناقش مسعود صحراوي هذه اآلراء أكثر، وتبين له بعد استعراض بعض املعايري اليت :شاء أناعتمدت لدى علمائنا يف التمييز بني اخلرب واإلن

هو الكالم التام الذي قصد بنسبته الكالمية أن تطابق نسبته اخلارجية ال أن ": اخلرب"- .توجدهاهو الكالم التام الذي قصد بنسبته الكالمية أن توجد نسبته اخلارجية، ال أن ": اإلنشاء"- .2تطابقها

لواقع، وخلق النسبة عرب بالتأثري يف ا" اإلنشاء"ولكن ما يهمنا من هذه األفكار قضية ربط اإلنشاء ما احتد «: إحداث الكالم من متكلم معني ويف زمان ومكان معينني أيضا، يقول أبو حيان

وهو حد دقيق. 3»والعقود... قيامه بالذهن، وتلفظ به زمانا ووجودا كالطلب على أقسامه والنداءيف إطار زمكاين " تلفظا"، مث يجسد باعتباره تصورا يف الذهن" اإلنشاء"يطرح فكرة مهمة ملاهية

ملاهية " نظرية األفعال الكالمية" قدمته الذيوهذه الفكرة تتالقى يف جوهرها مع الطرح . معني .الفعل الكالمي كما سنوضح ذلك

على هذا الصنف " الصدق والكذب"ومن هنا تظهر حتمية طرح مقولة أخرى غري مقولة ما ال " اإلنشاء"ن العرب ذا األمر، وعلى هذا األساس قالوا يف من الكالم، وقد أحس البالغيو

.1/174عروس األفراح يف شرح تلخيص املفتاح، ج: ينظر شروح التلخيص 1، والتداولية عند 173ص) رسالة دكتوراه(ر والتراث العريب، مسعود صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاص. ينظر د 2

.72-71العلماء العرب، ص، 1987 أبو حيان األندلسي، ارتشاف الضرب عن لسان العرب، حتقيق مصطفى النحاس، القاهرة املكتبة األزهرية للتراث، 3 .421ص/1ج

116

أيضا، مما محله على " Austinأوستني"وهذا ما أحس به . جيوز أن يقال له أنت صادق أو كاذب .)Happy and unhappy(طرح فكرة النجاح و عدم النجاح

شكلت املنطلق الرئيسي " اتاإلنشائي"و" اإلخباريات"و نشري ههنا إىل أن فكرة التمييز بني إىل أن يتمعن أكثر " Austinأوستني"الذي انطلقت منه نظرية األفعال الكالمية، مما حفز رائدها

، )وقد تبين له بداية(، "اإلنشائيات"يف هذه القضية، ولذلك حاول أن يستنبط الصفات اليت تطبع غري مرة إىل إدخال تعديالت متعددة على ولكن سرعان ما صادفته إشكاليات متنوعة مما دعاه يف

ولكن نستطيع ". نظرية الفعل الكالمي"أفكاره إىل أن توصل إىل حد ما إىل جتسيد أفكاره ضمن :1أن نستجمع جمهوداته بتصنيفها إىل املراحل التالية

؛ ويراد ا "Constativeالوصفية " مرحلة تقسيم اجلمل إىل اجلملة :املرحلة األوىل- وال تقف لديه عند معىن الفعل؛ وإنما يراد منها ،Performative"2اإلنشائية "الوصف، واجلملة

تصف " الوصفية"فـ. واملناطقة الوضعانيني" Kantكانت "وهو تقسيم خمالف لتقسيم . "اإلجناز" : ، وحتتمل الصدق والكذب انطالقا من الواقع املوصوف، مثلا معيناواقع

."زيد متخلق"- ."رأيت زيدا اليوم"و- ".كتب زيد الدرس"و-

:ومن طبيعتها. فإننا ننجز ا أفعاال ما يف سياق معين) اإلجنازيات ("اإلنشائيات"أما

.أنها مجل تقال ال لوصف أو سرد أو تصوير أي شيء، فهي ليست صادقة أو كاذبة-أ عادة أنه قول ال يوصف؛ هذه األصناف من اجلمل هو جزء من القيام بفعلظتلف-ب

.شيء :قد منثل لذلك بالعبارات اآلتية

طالب سيد هاشم : ينظر. ر صحراوي ينتقد ذلك وجيعلها أربع يرى الدكتور هاشم الطبطبائي أا ثالث مراحل؛ بينما الدكتو 1

مسعود صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول .، د4الطبطبائي، نظرية األفعال الكالمية بني فالسفة اللغة املعاصرين والبالغيني العرب، ص .70بني الفكر املعاصر والتراث العريب، ص

. واحدة من مآثر أوستنيهو" Ayerآير " وهذا التمييز كما يذكر 2

117

".أعدك أين سآيت يوم غد"- ".آمرك أن تنتظرين حىت أحضر"-

: ؛ يقول"اإلجناز"؛ ألنه يدل على "Performativeاإلنشاء "وإنما قد ارتضى هذا املصطلح اللغة اإلجنليزية عادة ، وهو فعل يستخدم يف"Perfomأنشأ "من الفعل " اإلنشاء"ولقد اشتق لفظ «

أما يف .1»، ويدل على أن إحداث التلفظ هو إجناز لفعل، وإنشاء حلدث"Actionمع اسم احلدث هو األنسب من كل الترمجات املتداولة ملقابلة هذا " اإلنشاء"لغتنا العربية فنالحظ أن مصطلح

.وكمفهومالصنف من اجلمل؛ ألن له امتداد يف دراساتنا املوروثة كمصطلح

عن طبيعة هذين الصنفني، باعتبار أن املنطوق يف التقريريات "Austinأوستني "وقد كشف . يقوم على املطابقة مع الواقع، أما املنطوق يف اإلنشائيات فقائم على املالءمة بني القول وإجنازه

يها الفرد أن هناك جمموعة من الوسائل اللغوية اليت قد يرتكز عل" Austinأوستني "وذكر :للكشف عن أدائية العبارة منها

ي يأيت يف صورة معينة تكشف عن ذلك، مثل الصيغة شائفكل فعل إن: صيغة الفعل-أمث من أرجح معاين األمر "... . اهدأ"، "أخرج"، "أكتب"يف العربية " افعل"املشهورة لألمر؛ وهي

أو اإلباحة أو التهديد أو احلض أو التعارض (كونه جيعل من التلفظ بالصيغة داللة على الوجوب :؛ فإنه يفهم من السياق معاين متعددة"أغلق الباب"، وهكذا عندما نقول )على وجه من اإلضراب

"اإلنشاء"يدل هذا التكرار على أني آمرك بالقيام بالفعل املأمور به، و": أغلق الباب أغلق الباب"- .هنا دال على الوجوب

، واألمر هنا "أنصح لك أن تغلقه"وهنا يكون اإلنشاء مشاا لقويل ": اب كما أفعلأغلق الب"- .لإلرشاد

.واألمر هنا لإلباحة": أغلق الباب إن أحببت"- .ويشبه أن يكون األمر هنا داال بلفظه على الطلب": نعم إذن أغلقه"-

.17 ، ص-كيف ننجز األشياء بالكالم– أوستني، نظرية أفعال الكالم 1

118

.وتدل هذه الصيغة هنا على التهديد والوعيد": أغلقه لو استطعت- :صح أيضا أن نستعمل األفعال املساعدةوي

.وكأني هنا قلت لك أبيح لك أن تغلقه": جيوز أن تغلقه"- .وهذه الصيغة شبيهة باألمر واإلرشاد": جيب أن تغلقه"- .1وهذا النوع قريب من الوجوب": آمرك أن تغلقه"-

ودة من الفعل هو الذي حيدد اإلجنازية املقص"السياق"ومن الصور السابقة نالحظ أن الكالمي، حيث يستدعي كل قول نوعا معينا من اإلجناز، وال بد ههنا للمتلقي أن ميتلك الكفاءة

. نه مما هو مطلوب منه اليت متكالتداولية

قد ) النحاة والبالغيني وعلماء األصول(تراثنا دينا إىل أن علماءنا على وإلقاء نظرة عجلى اغ األمر اجتهدوا يف ضبط صيوأشكال النهي ووظائفه أيضا، وغري ذلك مع 2املختلفة ودالال ،

.االستفهام والعقد، وغريها من االستعماالت اليت تستدعي إجنازا معينا

ونقصد ا خمتلف التلوينات الصوتية اليت قد :طرق األداء الصويت للفعل الكالمي-بيف خصوصية ما؛ فالتشديد على دخله تكتنف احلدث الكالمي مما يضفي عليه صبغة مضبوطة ت

، هي كلها تلوينات صوتية تسهم تصويتالصوت وإيقاعه وتنغيمه بإمالته، وغري ذلك من فنون الاملطلوبة للفعل الكالمي؛ وستختلف حبسب اختالف نغمات الكالم "اإلجنازية"يف توضيح نوعية

األداء الصويت إال أنه أن هذه الوسائل برغم وضوحها يف" Austinأوستني "ويذكر . املنطوق .، انطالقا من اراا بسياق احلال الذي ترد فيه3يتعذر جتسيدها يف املكتوب

وهذا ما الحظه ابن جين يف خصائصه حيث أشار إىل هذه القضية، ومنه ما الحظه يف ؛ "مررت برجل أي رجل: "معىن التعجب استحال خربا، وذلك قولك إذا ضامه«فـ" االستفهام"

.99-98كيف ننجز األشياء بالكالم، ص– ينظر أوستني، نظرية أفعال الكالم 1 .فعل األمر، واملضارع املقترن بالالم، واملصدر، واسم فعل األمر: فاألمر له أربع صيغ2 .100كيف ننجز األشياء بالكالم، ص–، نظرية أفعال الكالم ينظر أوستني3

119

؛ ألن "مررت برجل أميا رجل"وكذلك . أنت اآلن خمرب بتناهي الرجل يف الفضل ولست مستفهماف .1»ما زائدة

:2عمر بن أيب ربيعة نستأنس ببيت األداء الصويت للفعل الكالمي قيمة أكثرنربزول عدد النجم واحلصى والتراب*** تحبها قلت بهرا : مث قالوا

:للمعطيات التخاطبية اآلتية يعود ذلك 3"حتبها؟" يريد وظيفة االستفهام يف فالشاعر ".قلت: " مث قوله،"قالوا "هذا ما يفصح عنه املؤشر التداويل يف حوار، وقولورود هذا ال-. بنغمة تصاعدية استفهامية" حتبها" السمة النطقية منالقيمة التنغيمية اليت ميكن مالمستها -

. ميكن رصده على املستوى اخلطي؛ بل يكون ظاهرا على املستوى األدائيوهو أمر ال .اجلواب بعد السؤال الذي يفيد أن الشاعر يريد أن يصف عظمة احلب الذي يكنه حملبوبته-

هذا عند أيب العباس ليس «يذكر أن ) هـ338ت(النحاس وجيب أن نشري هنا إىل أن ابن ويف ذلك إشارة إىل اران . 4»"أنت حتبها"لزام والتوبيخ، كأنه قال باستفهام، وإنما هو على اإل

. املقاصد حبسب الغايات اليت قد يبتغيها املتكلم

:5 قول الكميتيف كذلك تتجلى خاطبالتوأمهية وم تطرب بقا إىل البيض أطروا ا شوال لعببلعب ييي، وذو الش؟من!

لتظهر جبالء تام القيمة التعبريية للتنغيم باعتباره من السمات !؟6"أو ذو الشيب يلعب"يد الشاعر ير : قوله جل امسهأيضا يف لحظهوهذا ما ن. النطقية اليت تسهم يف توجيه القراءة الداللية املطلوبة

.3/269 اخلصائص، 1 .60 ديوان عمر بن أيب ربيعة، ص2، والسيوطي، شرح شواهد 21، ينظر ابن هشام، مغين اللبيب عن كتب األعاريب، ص "أنت حتبها" من النحاة من جعلها خربا، أي 3

.41-39املغين، ص .45، ص1/1985ح القصائد املشهورات املوسومة باملعلقات، بريوت، دار الكتب العلمية، ط ابن النحاس، شر4 .21 ابن هشام، مغين اللبيب عن كتب األعاريب، ص5 .1/281 ينظر ابن جين، اخلصائص، 6

120

﴿بت لك ل اللها أحم مرحت لم بيا النها أييحيمر غفور اللهو اجكوأز اتضرغي معلى 1﴾ت ، .2"تبتغي"االستفهام يف

واملقصود بالظرف هنا : الظروف وما تركب منها تركيبا إضافيا أو غري إضايف-جاستعمال ما يفيد يف بيان نوع احلدث من ناحية، وتأكيد حدوثه أو احتماليته من ناحية أخرى،

وغري ذلك من التركيبات اليت توظف يف " ا، على وجه التأكيد، على وجه املقصودحقا، حتم"مثل وهذا ما نالحظه يف اإلضافات . استعماالت اللغة العربية، واليت تقيد وتضبط جهة الفعل الكالمي

ها لفظا داال على اجلهة، مفيدا لالحتمال مع ورد؛ فقد ن"سأعمل"اليت قد نضيفها إىل مجلة ، وكل ذلك حبسب 3"سأعمل على وجه التأكيد"، أو "سأعمل جهد اإلمكان"ونقول واإلمكان، باعتبارها تسهم يف ضبط درجة وطبيعة اإلجنازية املتمخضة عن الفعل " عالقات السياق"ما تقتضيه

.الكالمي، باعتبار أن هناك فروقا بني كل استعمال، مما يعين اختالف إجنازيته أيضا

يف الفعل " الربط"صود ا توظيف احلروف واأللفاظ اليت تدل على واملق :أدوات الربط-دأستنتج "ويقصد به معىن " إذن"، و..."ازلت أحل على أنم"يف معىن " بالرغم من"الكالمي، من مثل

، وغريها من األدوات اليت ختصص إجنازية الفعل 4يف معىن قوة املعارضة" مع أن"، و..."أن .الكالمي

واملقصود ا احلركات واإلشارات غري :فظ بالكالم ومستتبعاتهما يصاحب التل-هـ ال ميكن جتاوزها يف "معطيات حالية" يف جوهرها وهياللسانية اليت قد يوظفها اإلنسان يف الكالم؛

، فتصبح من العناصر اليت ال غىن عنها يف حتقيق القوة اإلجنازية املطلوبةتأطري الفعل الكالمي، وحتريك األيدي، ورفع للكتف، وتقطيب للوجه وعبوسه، وغري ذلك، أو الغمز بالعني«كـ

، فلها أمهية كربى لدى املتلقي املنتبه الذي يستطيع تأويل كل حركة 5»أفعال طقوسية غري لفظية

).1( التحرمي 1 .138 ينظر عبد القادر عبد اجلليل، التنوعات اللغوية، ص 2 .101كيف ننجز األشياء بالكالم، –ة أفعال الكالم ينظر أوستني، نظري 3 .101 ينظر أوستني، املصدر نفسه، ص 4 .102-101، صاملصدر نفسه أوستني، 5

121

حبسب الداللة العرفية املتداولة يف البيئة االجتماعية املعينة، وكل ذلك حبسب السياق الذي تستعمل .سائطفيه هذه الو

إبالغية اإلشارة مبختلف احلركات اليت قد يرتكز عليها املتكلم اعتمادا على أعضاء ترتبط وجسمه املختلفة مبا يتالئم مع مدارج الكالم؛ أي القدرة على استعماهلا انطالقا مما متليه العناصر

نا الكالمية إىل اإلشارة مبا ولو تأملنا كالمنا فإننا نالحظ أننا كثريا ما نلجأ يف أفعال. املكونة للقول" الباب: "يسهم يف حتقيق الفعل اإلجنازي املطلوب؛ فقد نطلب من املتلقي اخلروج فنكتفي بقولنا

وقد نطلب من آخر أن يناولين ). اخلروج(مع اإلشارة باليد وإامها لتحقيق هذا الفعل اإلجنازي فيغدو هنا احلال هو الضابط للقوة " مالقل: "فنقول له مع اإلشارة إىل املطلوب" القلم"مثال

فلو مل نعتمد على اإلشارة ملا أدرك املتلقي ما املقصود فقد يظن أننا نريد اإلخبار . اإلجنازية املطلوبة .أو غري ذلك

: ويف القرآن الكرمي استعماالت كثرية قامت على اإلشارة يف ضبط املقاصد منها قوله تعاىل: ، فقبل حتقيق الفعل الكالمي1﴾ي صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيمفأقبلت امرأته ف﴿فصكت "الذي جاء يف صيغة إخبارية، متت اإلشارة إىل ما يتعلق به، متثلت يف " عجوز عقيم"

مجعت أصابعها فضربت جبينها : لطمت وجهها، وقال اآلخرون: قال ابن عباس«، "وجههالكن املراد . 2»ضرب الشيء بالشيء العريض: عجبا كعادة النساء إذا أنكرن شيئا، وأصل الصكت

أتلد عجوز «؛ "وقالت عجوز عقيم"هنا ما يتعلق بالصك وهو االستفهام اإلنكاري؛ فاملقصود يف ، وعين بالعقيم "عجوز عقيم"رفعت " أتلد"لداللة الكالم عليه، وبضمري " أتلد"وحذفت ! عقيم؟

ومنه نكتشف قيمة اإلشارة يف تشكيل الفعل الكالمي من جهة، ويف ضبط إجنازييته . 3»اليت ال تلد . من جهة أخرى، واليت قد ال تتحقق لو اعتمدنا مباشرة على القول فقط

).29( الذاريات 1، حتقيق حممد عبد اهللا النمر وعثمان مجعة ضمريية وسليمان مـسلم "معامل الترتيل "، تفسري البغوي )هـ516ت( ابن مسعود البغوي 2

.7/377هـ، ج1409رش، الرياض دار طيبة للنشر والتوزيع، احل، تفسري الطربي جامع البيان عن تأويل آي القرآن، حتقيق عبد اهللا بن عبد احملسن التركي، القـاهرة )هـ310ت( ابن جرير الطربي 3

.21/530،ج1/2001هجر للطباعة والنشر والتوزيع، ط

122

واإلشارة «: وقد أشار اجلاحظ إىل قيمة اإلشارة يف التبليغ، وترك األثر بصفة عامة، يقولوما أكثر ما تنوب عن اللفظ، وما . فظ شريكان، ونعم العون هي له، ونعم الترمجان هي عنهوالل

ويف اإلشارة بالطرف واحلاجب وغري ذلك من اجلوارح مرفق كبري ومعونة ... تغين عن اخلطولوال اإلشارة . حاضرة يف أمور يسترها بعض الناس من بعض، وخيفوا من اجلليس وغري اجلليس

فلإلشارة دور كبري يف ضبط . 1»تفاهم الناس معىن خاص اخلاص، وجلهلوا هذا الباب ألبتتةمل ياألبعاد الداللية املقصودة، واليت قد ال تبسط يف القول؛ بل يدركها املتلقي انطالقا من معرفته

.بذلك

ويضم هذا العنصر : مالبسات وأحوال التلفظ بالعبارة اخلاصة باملتكلم أو املتلقي-والثقافية، واالجتماعية، (املعطيات احلالية اخلاصة باملتكلم أو املتلقي يف إنتاج الفعل الكالمي وتلقيه

الذي تنطق فيه العبارة هو أهم معني لنا يف معرفة الغرض الذي " احلال"؛ فـ)والنفسية وغريهاإذا صدرتا من " ذهإني أوصي لك بساعيت ه"، و"سأموت يوما ما"كلم؛ فالعبارتان يبتغيه املت

، ومنه ال بد من خلق 2 فإن السياق يعمل على أن جيعل فهمنا هلا خمتلفاقويا، خماطب سليم البنية .االتساق بني املنطوقات األدائية واملواقف اليت تقال بشأا

اجلملة ذات (أكثر يف مفهوم اجلملة اليت تقبل الصدق والكذب " Austinأوستني "وقد دقق وحده كافيا لتمييز تلك اجلمل ) الصدق والكذب(؛ إذ مل يعد هذا املقياس لديه )خلربيةالصيغة ا

، فأورد مقياسا آخر يتعلق بتلك اجلمل اليت ال يراد ا الوصف؛ ، املختلفة مضمونااملتشاة صيغة ).اجلملة اإلنشائية(بل يراد ا الفعل

خلربية ومع ذلك ال تقبل صدقا وال ذات الصيغة ا(وللكشف عن طبيعة اجلمل اإلنشائية :توصل إىل معيارين أساسيني لتحديدها ومها) كذبا

.1/78البيان والتبيني، اجلاحظ، 1 .102كيف ننجز األشياء بالكالم، ص–ينظر أوستني، نظرية أفعال الكالم 2

123

اشتمال اجلملة على فعل بصيغة املضارع املعلوم للمتكلم املفرد ويدل على احلال، مثل -أقد يعدونك بأن "، أو "وعدوك بأن ينتظروك"، فهي تفيد اإلنشاء خبالف "أعدك أن أنتظرك"

.ال اإلنشائية) الوصفية(ا تدل على اخلربية فإنه" ينتظرونك

اشتمال اجلملة على فعل، أو ما يقوم مقامه، بصيغة املبين للمجهول بضمري املخاطب أو -بمبوجب هذا أنت "، أو "املسافرون منذرون بوجوب العبور بطريق اجلسر فقط"الغائب، مثل

.ينة؛ فالعبارة ههنا تكون يف العقود أو وثائق مع"مفوض بكذا . العباراتا الصنف منفهذان املعياران صرحيان للحكم على إنشائية هذ

أن تقسيم " Austinأوستني " إعادة النظر يف التقسيم السابق فقد تبين لـ:املرحلة الثانيةعلى أساس املعيار األول تقسيم غري جامع ) إجنازية( وإنشائية )تقريرية (اجلملة اخلربية إىل وصفية

؛ فهي تشتمل ..."سأكون هناك" فهناك مجل تشتمل على هذه الصيغة لكنها وصفية مثل وال مانع؛على فعل مضارع مسند لضمري املتكلم لكنها تدل على االستقبال، ومع ذلك فهي إنشائية؛ كأن

كما الحظ أن مجال أخرى قد متتثل لشروط املعيار األول ...". أعدك بأنين سأكون هناك"املراد ا ، وملا أريد ا ذلك فهي تقبل الصدق أو الكذب؛ "أنا أقرر أن األرض كروية"نها وصفية؛ مثل ولك

.أي مجلة خربية

قصور املعيار األول على أن يكون جامعا مانعا اقترح حال " Austinأوستني "وملا تبين لـ، ..."أكون هناكس" مثل "إنشائيات أولية": هلذا اإلشكال، فقسم اجلمل اإلنشائية إىل قسمني

...".أعدك بأنين سأكون هناك" مثل ؛"إنشائيات صرحية"و

إىل إجياد حلول لإلشكاليات السابقة؛ ومنها " Austinأوستني " وفيها توصل :املرحلة الثالثة :على اخلصوص

أنه أضاف شرطا آخر لضمان الفعالية للمعيارين السابقني، وهو شرط القيود املعجمية؛ -1وعد وسأل "األفعال الرئيسية للجملة جيب أن تكون منتمية إىل طبقة اإلنشائيات، مثل مبعىن أن

...".وحذر وأوعد

124

أن الشرط السابق البد أن يعمل مبعية املعيار األول الذي يتكون بدوره من شرطني -2 :مقترنني متالزمني

.أن يسند الفعل إىل ضمري املتكلم املفرد* .أن يكون زمنه احلال*

ني خيتل أحد هذه الشروط، ولو توافر الشرطان اآلخران تنقلب اجلملة من إنشائية إىل وحفوظيفة اللغة يف جمال الدراسات اللغوية ال تكمن يف التواصل أو التعبري عن الفكر؛ بل . 1وصفية

.هي فوق ذلك فعل وسلوك اجتماعي

أن عليه " Austinأوستني " وفيها رأى:التطبيق العام لألفعال الكالمية: املرحلة الرابعة، وما يتبع ذلك من تقسيم إىل "وصفية وإنشائية"الرجوع خطوة إىل الوراء قبل تقسيم اجلملة إىل

هي و ؛"إنشائيات أولية" و.هي اجلمل ذات الصيغة اخلربية واملعىن اإلنشائيو ؛"إنشائيات صرحية"ويف سعينا «: يقول. أخرىباقي اجلمل، سواء أكانت ذات صيغة خربية أم كانت ذات صيغة

الصرحية قد اتضح لنا اإلنشائية ) Verbs(لوضع برنامج وإثبات قائمة تشتمل على الصيغ الفعلية أنه ال يكون ذلك دائما سهال متيسرا حتى تتميز العبارات اإلنشائية عن اخلربية، وأنه بالتايل يكون

.2»لك املبادئ األساسية على قواعد متينةمن املناسب أن نرجع إىل الوراء قليال حىت نضع ت

وقد أخذ ذا التصور بعدما تبين له أن معظم املعايري اليت اشترطها للتمييز بني التقريريات .واإلنشائيات غري دقيقة؛ إذ قد توجد عبارات تقريرية يف صورا ولكنها إجنازية يف مقصدها

جابة عن إشكالية دقيقة تتعلق بالوجوه لإل" Austinأوستني "ويف رجوعه تلك اخلطوة سعى " كيف أن قول شيء ما هو األداء والتصرف واإلجناز؟"وهي : واملعاين اليت تتحصل من كالمنا

وبعبارة أخرى إن قولنا شيئا ما يعين أننا قد تصرفنا أو فعلنا شيئا ما، أو على وجه آخر إن النطق القول باإلجناز أو "ذا التساؤل املتعلق يف أساسه بربط وه. 3بشيء ما هو حصول تعلق املفعولية

" Austinأوستني "عند " نظرية أفعال الكالم"هو اجلوهر الذي قامت عليه " التصرف

. 75مسعود صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب، ص. د 1 .123كيف ننجز األشياء بالكالم، ص- أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة2 .123 أوستني، املصدر السابق، ص3

125

، وحاول أن يقدم إجابات عليه،2وقد طرحه يف حماضرته األوىل" اجعة السياقضرورة مر.1وأتباعهليت قدمها، أعاد طرحه من جديد يف احملاضرة ولكن بعدما أن اتضحت له عدم جدوى التصورات ا

.الثامنة، ومنها تتبلور أكثر فكرته األساسية حول طبيعة الفعل الكالمي وخصائصه وأصنافه

باملعىن " التكلم بشيء ما"إن فعل «: ولإلجابة عن هذا التساؤل قدم إجابة صرحية قال فيها، ومن "Locutionaryإجناز فعل الكالم "قب وهو الواسع هلذا املركب إمنا أمسيه؛ بل أمنحه هذا الل

هذا السياق فإن دراسة العبارات املتلفظ ا هي يف احلقيقة، ولنفس السبب دراسة أفعال الكالم، .3»وإن شئت قلت دراسة الوحدات الشاملة لعناصر التكلم اللغوي

بني مميزا فيها المية،نظرية شاملة لألفعال الك"Austinأوستني "وليطور نظريته أكثر، اقترحالفعل "وقبل بياا نشري إىل أنه بين يف غري موضع أن ". Locutionالقول "أفعال ثالثة ترتبط بـ

ميثل وحدة مركبة من ثالثة عناصر فعلية مرتبطة فيما بينها، وال ميكن فصل بعضها عن " الكالمي : وهذه العناصر أو األفعال هي،بعض

.)Acte locutoire عل اللغويالف(فعل القول : أوال

".Acte illocutoire الفعل اإلجنازي"الفعل املتضمن يف القول أو : ثانيا .Acte perlocutoire"4 الفعل التأثريي"الفعل الناتج عن القول : ثالثا

1 ة من حماضراته اليت احتواها كتابه صبأن غرضه متجه " كيف ننجز األشياء بالكالم -نظرية أفعال الكالم العامة "رح أوستني يف غري مر

.184 و133ينظر مثال ص. إىل هذه القضية .18كيف ننجز األشياء بالكالم، ص- أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة2 .124 أوستني، املصدر نفسه، ص3العمل القويل والعمل الالقويل، وعمل تأثري بالقول، يف "صابر احلباشة . تنوعت ترمجات هذه املصطلحات الثالثة، منها ترمجة د4

الفعل "بـ" Acte locutoire"ولعل من أغرا ترمجة طه عبد الرمحن الذي ترجم . 59التداولية من أوستني إىل غوفمان، ص؛ يف كتابه اللسان "الفعل التكليمي"بـ" Acte perlocutoire"، و"الفعل التكلمي"بـ" Acte illocutoire"، و"الكالمي

، فهي غريبة ألا ال تتماشى مع دالالت املصطلحات األجنبية، وما هو متداول لدى املترمجني، ولكنه أراد أن يشتق 260وامليزان، ص" الفعل اللغوي"ولقد آثرنا أن نستعمل لتسمية مستويات «: كل هذه املصطلحات يقول) م.ل.ك(من املادة املعجمية الواحدة

حرصا منا على استثمار خاصية االشتقاق اليت متتاز ا اللغة العربية حيث تستثمر املقابالت / ك،ل،م/مصطلحات مشتقة من نفس املادةود صحراوي أن هذه الترمجة غري مقنعة مسع.وقد ذكر يف هذه املناسبة د. اهلامش261اللسان وامليزان ص» األجنبية التركيب املزجي

وحنن نأخذ بالشائع لدى ). يف اهلامش (41متاما وبعيدة كل البعد عما أراده أوستني، ينظر كتابه التداولية عند العلماء العرب، ص، التداولية عند مسعود صحراوي.ينظر د. ، والفعل التأثريي)الفعل املتضمن يف القول(فعل القول، والفعل اإلجنازي : الدارسني هو

.97-96خليفة بوجادي يف اللسانيات التداولية، ص.، ود42-41العلماء العرب، ص

126

.وسنشرح ماهية هذه األصناف وطبيعتها يف هذا الفصل

، فإننا جيب أن " Austinأوستني"بـ ولكن إذا كانت هذه النظرية قد ارتبطت يف نشأا ، "Searleسريل "نشري إىل من كان هلم الفضل يف توضيحها وتطويرها أكثر وباخلصوص تلميذه

ريكانايت "و" Orecchioniأوركيوين "و" Van dijkيك افان د" و"Wunderlich فوندرليش"وRécanati."

هذه النظرية، وتقدمي الكثري الفضل الكبري يف توضيح مسائل" Searleسريل "وقد كان لـ، وأن يضفي عليها طابعا " Austinأوستني"من اإلضافات هلا؛ إذ استطاع أن حيتوي فكر أستاذه

مرحلة النضج والضبط -كما يرى بعض العلماء-تطوريا، حيث تعرف هذه النظرية معه ، وأن يدخل فيها يذهب إىل أبعد مما ذهب إليه يف نظرية فعل القول«؛ إذ حاول أن 1املنهجي

: ، فقال" Strawson نستروس"و" Griceغرايس "و" wittgensteinفيتغنشتاين "حتليالت ، والتحكم ذا السلوك يفهمه "التكلم بلغة يعين االلتزام بشكل من السلوك حمكوم بقواعد"

ا عناصر اللغة، انعكاسيا املتكلم قبل إنشاء أية معايري من شأا التثبت من التمييزات اليت تعرضهتثبت، " (Illocutionالالتصييغ "هذا النوع من العمل الذي هو فعل القول ليس فعال كامال إال يف

هكذا يتضمن فعل القول مسلسال من األعمال تتوافق مع القواعد )... استجوب، حتكم، وعد .2»جتعلها مكونة فعال كأشكال سلوك

الفعل الكالمي انطالقا من إثارته للسؤال وقد أوضح طبيعة هذه القواعد اليت تتحكم يف، فأجاب Pourquoi étudier les actes de langage"3ملاذا ندرس األفعال الكالمية؟: "اآليت

بساطة بكل هو الكالمية، األفعال على الدراسة هذه ترتكز أجله من الذي اهلدف« :بداية بقوله اللساين واصلالت ووحدة. لسانية طبيعة ذات عاالأف يتضمن لسانية طبيعة ذو تواصل كل: اآليتك

، وجيفري ليش وجيين توماس، اللغة واملعـىن والـسياق، 55اللغوي املعاصر، ص ينظر حممود أمحد حنلة، آفاق جديدة يف البحث 1

.177الرباغماتية، ضمن كتاب املوسوعة اللغوية، لكولنج، ص، مركز اإلمناء القومي، 1989 بول ريكور، فلسفة اللغة، ترمجة حممد علي مقلد، جملة العرب والفكر العاملي، العدد الثامن خريف 2 .19-18ص

3 Voir, John searle, Les actes de langage essai de philosophie, du langage, paris, hermann, 1972, P :52.

127

أو الرموز، من املتوالية تنتجه ما ولكن اجلملة، أو الكلمة، أو الرمز، -عموما نعتقد كما- ليست مرتبطا يبقى ذلك كل ولكن .1»الكالمي الفعل فيه يتحقق الذي الوقت يف اجلمل أو الكلمات، .املرادة وإجنازيته لكالميا الفعل طبيعة تضبط سياقية مبعطيات

استفاد فيها من اهلفوات اليت وقع فيها أستاذه رة لألفعال الكالميةومنه دعا إىل نظرية متطو االلتباسات اليت بقيت عالقة مع التحليل األوستيين، الكثري منلأزا، فعدل و"Austinأوستني "

.مستفيدا يف ذلك أيضا من آراء غريه من فالسفة اللغة

يف أفعال الكالم هو جممل أرائه يف " Searleسريل "الطرح الفلسفي الذي يقوم عليه حبث وفلسفة العقل، فقد ذكر أن هناك متاثال شديدا بني البىن العقلية والبىن اللغوية، أو بني أبنية األفعال

ري؛ أن هذا التماثل ضروذكر، و"Etats intentionnelsاحلاالت القصدية "الكالمية وبنية فامللفوظ الوصفي تعبري عن اعتقاد، واألمر تعبري عن رغبة، والوعد تعبري عن نية، وما إىل ذلك،

. البحث اللساين التداويلوأثرتأثرت " مباحث ومقوالت وظواهر"وقد متخض عن ذلك

الذي أفاد من مقوالت "Wunderlich فوندرليش"وقد تطورت هذه النظرية أيضا مع ، ولكنه اهتم أكثر باملتكلم واملتلقي ودورمها يف إنتاج الفعل "Searleسريل " و" Austinأوستني"

:الكالمي وتلقيه، ولذلك قدم نوعني أساسيني من التفريق مها .التفريق بني الفهم والقبول من جانب املتلقي- .التفريق بني التوصيل وحتقيق اهلدف من جانب املتكلم-

ة ردود الفعل املمكنة عند السامع فإذا مل يفهم فإنه سيطلب فالفرق يف األول يتضح مبساعدمن املتكلم أن يعلل لكالمه، وعندما يفهم ويقبل فإنه سيعلن أنه مستعد إلجناز احلدث، أو ينجزه

وذه املوافقة من من قبل السامع يوصف الفعل الكالمي بالنجاح، ويوسم أنه قد أجنز . بالفعل .2ن توصيله املراد للسامع، وأن هدفه حتقق باإلجنازبالفعل، ويتأكد املتكلم م

1 Voir, John Searle, Ibid, P52.

ردة اهللا بن ردة بن ضيف اهللا الطلحي، داللة السياق، رسالة دكتوراه، إشراف عبد الفتاح عبد العلمي الربكاوي، جامعة أم . ينظر د 2 .194هـ، ص1418القرى،

128

ويتجلى عمله يف استثمار ، يف نظرية األفعال الكالمية "Van Dijkيك افان د"وتوسع ، لذلك حاول 1"النص كفعل كالمي"يف حتليل النص ضمن ما مساه بـ" الفعل الكالمي"مقوالت

ويرى يف . 2حسبالنصوص، وليس باجلمل فأن جيذب االنتباه إىل السمات التداولية اخلاصة برحاب هذا املسألة أنه ال يكفي أن ندرس النصوص من جهة بنياا فحسب؛ بل ندرسها أيضا من

ما " نص"اليت قد خيتص ا " احملتويات"و" األشكال"جهة وظيفتها، باعتبار أننا ال نسعى إىل معرفة يت ميكن أن ينجزها هذا النص بفضل الشكل فحسب؛ بل نروم أيضا معرفة الوظائف احملتملة ال

.3واحملتوى اخلاص اللذين يتمتع ما

فإذا «: ، يقول"السياق"و" النص"ولذلك حاول أن يربز بصفة دقيقة طبيعة العالقة بني ضح آنفا هو كما و" السياق"مناقشة منهجية فإن " السياق"و" النص"أردنا أن نناقش العالقات بني

، ولكن ما عناصر املوقف اليت جيب "موقفا اتصاليا"ق عليه بصورة حدسية لن نطجتريد ملا ميكن أفقط العناصر اليت حتدد : أن ندرجها هنا يف مفهومنا عن السياق؟ بادئ األمر تعد اإلجابة بسيطة

وهكذا . قبول املنطوقات اللغوية أو عدم قبوهلا، أو إصابتها أو إخفاقها، أو كفايتها أو عدم كفايتهاق األمر مع الربامجاتية بالترابط بني بنية النص وعناصر املوقف االتصايل الذي يرتبط به على حنو ليتع

فهذه العناصر تنتظم ضمن عالقات متداخلة مع . 4»منهجي؛ إذ تشكل هذه العناصر معا السياقميكن التقليل من وهذه القواعد التداولية ال . بنية النص، وهلا دور هام يف خلق الفعالية املبتغاة للنص

الشرح. أمهيتها؛ إذ تتمتع بالسمات نفسها اليت للقواعد النحوية والداللية

يف تشكيل " السياق التداويل"أمهية " Van Dijkيك افان د"وانطالقا من هذه العالقة بين ثر ضمن سياق االتصال ال تتأ" بنية النص"النص وتأويله بوصفه متوالية من أفعال الكالم، وذكر أن

مبعرفة الفرد أو مقاصده أو بوظائف النص يف تأثريها يف مواقف أفراد آخرين وسلوكهم، «فقط

فكر العـاملي، مركـز اإلمنـاء يك، النص بناه ووظائفه مقدمة أولية لعلم النص، ترمجة جورج أيب صاحل، جملة العرب وال ا ينظر فان د 1 .69، ص1989القومي، العدد اخلامس

يك، النص بنياته ووظائفه مدخل أويل إىل علم النص، ضمن كتاب نظرية األدب يف القرن العشرين، ترمجة وإعداد افان د : ينظر2علم النص، املغرب املركز الثقايف منذر عياشي، العالماتية و.، ود118، ص2005حممد العمري، الدار البيضاء أفريقيا الشرق، .د

.171، ص1/2004العريب، ط .66يك، النص بنياته ووظائفه مدخل أويل إىل علم النص، صا فان د3 . 116سعيد حسن حبريى، ص.يك، علم النص مدخل متداخل االختصاصات، ترمجة دا فان د4

129

. إنتاج النصمنفإن مجاعات ومؤسسات وطبقات تتواصل أيضا تواصال مجاعيا أو عرب أفرادها أينا وقد ر. سلوكه اللغويمنويربز كذلك مكان الفرد ودوره ووظيفته يف هذه األبنية االجتماعية

أن الفرد جيب أن يتصرف من خالل سلطة أو وظيفة حمددة أيضا إلجناز أحداث لغوية معينة؛ مثل ، واليت "سياق احلال"ويف كل ذلك إشارة دقيقة إىل تنوع معطيات . 1»القاضي أو الراهب أو املدير

.تضفي على كل معطى صبغة خاصة تسهم يف حتديد إجنازية األفعال الكالمية للنص

يحلل ، مثلما"متوالية من أفعال الكالم"ه على أن" النص"ومن املمكن يف هذا اإلطار حتليل تداولية ألفعال الكالم كما أدخلت " أبنية كربى"، وأنه ميكن إدخال "متوالية من اجلمل"على أنه

فعل "أو " يلكالمي إمجا فعل"أبنية كربى ملضمون النص؛ بل ميكن النظر إىل النص عنده على أنه .2من أفعال الكالم" لغوي كبري

بل ميكن أن تعمل إذا ما استعملت«ولذلك ليست النصوص جمرد إنتاجات بسيطة للغة؛ ولذلك فالتداوليات تدرس الشروط اليت يلزم . من أفعال اللغة" متتاليات"يف سياق مناسب كـ

ومعىن هذا أن التحليل النصي ضمن . 3»حتققها إذا ما أردنا حتقيق متوالية مقبولة من أفعال اللغة .هذا الطرح ال يبتغي حمتواه فحسب؛ بل يبغي وظيفته أيضا

أفكارا أخرى تشرح أكثر طبيعة " V.Dijkفان دايك "باإلضافة إىل هذا التصور قدم حيث ناقش وقدم " اخلطابتداولية"األفعال الكالمية وتأويلها وأصنافها، وباخلصوص ضمن

اخلطاب التداويل من مثل الترابط واالتساق وتوزيع املعلومات اولية اليت يقوم عليهااخلصائص التد، وحاول أن يركز على مدى مالءمتها لغاية 4واجلمل، وترتيب متوالياا مما له شأن يف اخلطاب

:القيام بإجناز متواليات قوى أفعال الكالم؛ منها

.27، صعلم النص مدخل متداخل االختصاصاتيك، ا فان د 1 .66حممد العمري، ص.يك، النص بنياته ووظائفه مدخل أويل إىل علم النص، ترمجة وإعداد دا فان د ينظر 2 .76يك، املصدر نفسه، صا فان د 3 .276يك، النص والسياق، صا ينظر فان د 4

130

قوم بأفعال كالمية، وهي أفعال نما إنددنطق بنصوص معينة يف سياق حم نعندما- .1اجتماعية تنتج يف سياقات من التفاعل التواصلي، وهذا التفاعل يندرج يف مقامات اجتماعية

Vanفان دايك "إجنازية األفعال الكالمية مرهونة بالسياق الذي تسعمل فيه، يقول -

dijk :"»رجا عن السياق احملدد ال توجد فائدة يف التكلم عن ضروب إجناز قوى أفعال الكالم خاحتديدا اجتماعيا؛ أي السياق الذي يكون فيه املخاطب حاضرا، والذي حيدث فيه تغيري ما على

ويف كل ذلك إشارة . 2»املخاطب طبقا ألغراض ومقاصد املتكلم مع شرط التواضع واالتفاق .ادقيقة إىل طبيعة القوة اإلجنازية املقصودة اليت ال تتحدد إال حبال استعماهل

أفعال "؛ فـ"أفعال كالم بسيطة"، و"أفعال كالم مركبة"تقسيمه ألفعال الكالم إىل -طة، ذات القصد الواحد؛ والفعل ما تركبت وتوالت فيها جمموعة من األفعال البسي" الكالم املركبة

هنا ونتائج األفعال البسيطة ه. 3ق أثرا واحدا حلال إجناز واحدةاإلجنازي البسيط هو ما أنتج وحقبناء مرتل ما «تدخل حتت جمال قصد كلي واحد مما حيققه حصول الفعل املركب يف مشوليته؛ فـ

هو فعل مركب؛ إذ يتكون من مجلة أفعال، كل واحد منها ميكن أن ينجز بنجاح، أو قد يفشل، إال أا أفعال مقصود ا كل جزء من أجزاء حتقق اخلطة أو التصميم؛ فالفعل املركب يكون

بناء الفعل املركب مرهون بالتخطيط العام الذي ينبين معىن هذا أن. 4»ا إذا حتقق تصميمهناجح .ا ما وفق عالقات مضبوطة، يضمن إجنازيته املقصودةعليه، مما يستدعي تصميم

الفعل املساعد هو كل فعل تقصد نتيجته «؛ و"األفعال اإلضافية املساعدة"تقدميه ملصطلح - فعل مركب مما تكون بعض أجزائه أفعاال وكل). أصلي( رئيسي كشرط كاف لنجاح فعلوأجزاء األفعال املتعلقة باألفعال املركبة جيوز أيضا أن تكون شروطا . مساعدة يسمى بالفعل املعقد

؛ "الفعل املساعد"و" الفعل اجلزئي الرئيسي"ليطرح أيضا متييزا أخر بني . 5»ملا يعقب من أفعاليأيت " الفعل املساعد"، بينما جيعل جزء الفعل وحده ناجحا وضروريا هو ماباعتبار أن هذا األخري

.87 ينظر على آيت أوشان، السياق والنص الشعري من البنية إىل القراءة، ص 1 .266، ص فان دايك، النص والسياق 2 .239، صصدر نفسه امل فان دايك،: ينظر 3 .87على آيت أوشان، السياق والنص الشعري من البنية إىل القراءة، ص 4 .240، صالنص والسياقيك، ا فان د 5

131

الشخص غري) املساعد(ليسهم يف إجناح الفعل الرئيسي، ولذا قد يؤدى بواسطة شخص آخر بناء اجلدار من املرتل الذي يعد فعال جزئيا بسيطا، ولكن خليط اإلمسنت : ومثال ذلك. األصلي

ويعين هذا . 1ه جيوز استعمال احلجارة كأسس، أو أن تكون اجلدران خشبيةفعل مساعد باعتبار أن .، وجيب أن يظهر كل ذلك يف التصميم)املرتل(أن بناء اجلدار جزء رئيسي من الفعل املركب

أن حتقيق النجاح يف األفعال الكالمية مرهون بشروط "Van dijk يكافان د"تأكيد -املعطيات " املعرفة واالعتقادات"وتتيح . يتحرك فيها الفاعل اليتمعينة، ترتبط خبصائص العامل

األساسية اليت تبني للفاعل كيفيات التعامل مع العامل؛ أي كما ينبغي أن يكون عليه أو أن يصري .2 والفعل كحدث واقعي؛ أي الرغبات واإلرادات،هنا العالقة بني الفعل كمعتقدوقد شرح . إليه

والقائم يف جوهره على تكييف الفعل الكالمي، ومبثل هذا شرحه ملنطق إجناز الفعل،-التكييف ميكن أن حتدد مسلمات منطق إجناز الفعل وقواعد اشتقاقه حىت نتمكن من االستدالل

.3على مربهنات تتعلق ببنية إجناز الفعل ومتواليته

كل متوالية من أفعال سياق احلال هو الدينامية احملركة ملتوالية األفعال الكالمية باعتبار أن-وجيب أن نضيف هنا حال . ابتدائية، مث أحواال متنامية وحالة ائية الكالم إنما تتأسس على حالة

.التكلم، وحال املخاطب يف هذه الدينامية

ليست مسألة توزيع املعلومات يف اخلطاب مسألة داللية فقط؛ بل هي قضية تداولية أيضا - عملية إجناز الفعل املشترك لإليقاع التواصلي، وتتوقف هذه التراتبية على تتنامى انطالقا منتتواىل و

.4 وعلى اعتقاداتنا اخلاصة، ومبعرفة شركائنا يف التحاور،ما نعرفه وما نصدقه

ألدوات الربط املختلفة الدور الكبري يف خلق العالقات التداولية بني متواليات األفعال -" مبا أن"و" ألن"و" من أجل ذلك"االستنتاجية والوصلية من حنو الكالمية؛ كالروابط العلية و

.241-240، صالنص والسياقيك، ا ينظر فان د 1 .242، صدر نفسه امل فان دايك، ينظر 2 .248سه، صيك، املصدر نفا ينظر فان د 3 .276، صصدر نفسهيك، املا ينظر فان د 4

132

؛ فاالستعمال الغالب حلرف الوصل يتوسط اجلمل مما جيعله رابطا "الواو"، و"لغاية أن"و" إذن"ودالليا على وجه احلصر، ويف هذه األحوال ينبغي أن يكون ترتيب القضية يوازي ضروب الترتيب

ال إين ال أحتاج إىل : "وهذا ما نالحظه مثال يف قولنا. لألحداثالزمانية والعلية أو الشرطية ".الكتاب األكثر رواجا يف هذا الشهر وأيضا أرجو أال تكلمين يف التلفون يف الشهر القادم

ويف كل . 1لوصل وربط أفعال الكالم املختلفة من القبول والرفض" الواو"حيث استعملت مية وتراتبيتها، واليت تنظمها أدوات الربط يف انطالقا من ذلك إشارة إىل طبيعة األفعال الكال

جنازيتها املخصوصة وفق الشروط الداللية والشروط التداولية باعتبار أن كل فعل كالمي يف إاخلطاب اللغوي املضبوط يهيئ وجود شرط الفعل الكالمي التايل له انطالقا من احلال الذي تعرب

.ا من جهة أخرىعنه من جهة، ومن الغرض الكلي هل

العالقات التفريق بني االستعمال الداليل للروابط واالستعمال التداويل ، فاألول يشري إىل أماالتداولية أنها بالنسبة للسياق بني الوقائع، والثاين إىل العالقات بني األفعال الكالمية، ومييز الروابط

.مي أمهية خاصة بالنسبة للموقف الفعليالكال االتصايل تستخدم بشكل منطي عندما يكون للفعل

باإلضافة إىل علماء آخرين كان هلم الدور الكبري يف تطوير هذه النظرية من مثل أعمال انطالقا من اكتشاف «؛ فـ)1981" (امللفوظات اإلنشائية"يف كتابه " F.Récanatiريكانايت "امللفوظات ذات القوة الالقولية " يتريكانا"للقوة الالقولية املاثلة يف كل ملفوظ مييز " أوستني"

عن ) الذي ميكن أن يكون يف حد ذاته أمرا أو نصيحة أو التماسا" أخرج"مثل (الصرحية هذا الصنف الثاين من امللفوظات "... آمرك باخلروج(امللفوظات ذات القوة الالقولية الصرحية مثل

، "إنشائية" "ريكانايت"اليت يسميها حيث يصرح الفعل بالقوة الالقولية هو من صنف امللفوظات فليست إنشائية ألن !") أخرق("أما سائر امللفوظات غري احملتوية على فعل حنو الشتائم يف العادة

وكل ذلك فتح األفاق أكثر من أجل ضبط طبيعة القوة اإلجنازية . 2»قوا الالقولية تظل ضمنية .اليت قد تبسط يف الفعل الكالمي يف السياق املعني

.282، صالنص والسياقيك، ا ينظر فان د 1 .168 ص،باشةاحلصابر ترمجة فيليب بالنشيه، التداولية من أوستني إىل غوفمان، 2

133

2-ل اا ب مر ا وظ:

ةعلى وجه العموم؛ حيث أضحت وسيلسعت وظيفة اللغة يف ظل الدرس التداويل لقد ات منولعلنا نكون قد الحظنا . للتأثري يف العامل وتغيري السلوك اإلنساين من خالل مواقف معينة

يف ظل هذه " اللغة"ة وتطورها كيف أن وظيفة الطرح السابق حول نشأة نظرية األفعال الكالميالوظيفة (النظرية مل تعد مرنة بنقل احلقائق أو تصوير الواقع أو التعبري عن الفكر واملشاعر

؛ وإنما هي مؤسسة تتكفل بتحويل األقوال اليت قد تنتج يف سياقات حالية معينة إىل )اإلخباريةال " أقبل هذه املرأة زوجة يل"يقول املتكلم يف ظروف معينة ذات صبغة اجتماعية؛ فحينما " أفعال"

، وكذلك "الزواج"يكون قد نطق بعبارات لغوية فحسب؛ بل يكون قد أجنز فعال اجتماعيا هو مدركة «فلم تعد اللغة . األمر يف الطالق أو البيع أو الوعد أو غري ذلك من األفعال االجتماعية

تخاطبني عن أفكارهم وحىت لنقل املعلومات، ولكن كنشاط يغري حالة على أنها وسيلة لتعبري امل . 1»بتعريف اآلخر بنية تداولية

من النسق إىل الفعل يف إطار ةوعلى هذا األساس كانت هذه النقلة النوعية يف دراسة اللغما جيب أن «: ، يقول"Austinوقد أكد على ذلك أوستني . معطيات غري لغوية تسهم يف ذلك

.2»بل التلفظ بالعبارة وإصدارها" Sentenceالعبارة "ه ليس هو ندرس

ضح الطبيعة اإلجنازية للغة ضمن هذه الوظيفة اليت تقوم على حتقيق قصد قائم على ومنه تت وقائعهي أفعال مشخصة، وبالتايل ) اإلجنازية(التمريرية األفعال التعبريية و«وقائع معينة باعتبار أن

ها ينطوي على قصد التعرف على ما وجدت من أجله؛ أي التحديد الفردي حبيث إن القصد فياته إال >وللقصد جانب نفسي ال جيربه ب... إخل..واإلسناد الكلي واحلكم واألمر والرغبة والوعد

.3»إخل.. التزام، وهي اإلثبات اعتقاد، ويف الرغبة مطلب-مثال-املتكلم، يف الوعد

.159، ص2010 العدد الثاين شتاء مانقينو، مفاهيم تداولية، ترمجة مىن بدري، جملة معامل، الس األعلى للغة العربية اجلزائر، 1 .174كيف ننجز األشياء بالكالم، ص-أوستني، نظرية أفعال الكالم 2 .47سعيد الغامني، ص.اخلطاب وفائض املعىن، ترمجة د– نظرية التأويل 3

134

الذي ظل يؤكد يف " Austinأوستني "اد هذه النظرية، منهم وقد أكد على هذه الوظيفة رو .1"التلفظ مبلفوظ معين هو عني القيام بالفعل "غري مرة أن

وربط اللغة بسياق االستعمال وفق مقاصد القول وغاياته القائمة على التأثري هو الذي مكن طرح يقوم على الرغبة يف التأثري، للغة هذه الوظيفة، باعتبار أن التعامل مع اللغة ضمن هذا ال

.وبالتايل حتويل األقوال إىل أفعال

نريد "وربط اللغة بالفعل له أصوله وامتداداته يف استعماالتنا اللغوية اليومية، وتترمجه مقولة وحىت يف القرآن . 3»أما بعد فعظ الناس بفعلك، وال تعظهم بقولك«قال أعرايب . 2"أفعاال ال أقواال

يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما ال ﴿: الكرمي هناك دعوة صرحية إىل ربط القول بالفعل قال تعاىل :5وقال زياد األعجم. 4﴾تفعلون كبر مقتا عند اهللا أن تقولوا ما ال تفعلون

ما تقولله درك من فتى لو كنت تفعلل ال خير في كذب اجلوا د وحبذا صدق البخيل

وهذه الوظيفة تستحضر املخاطب يف العملية التلفظية، باعتبار أن إجنازية الفعل الكالمي مرهونة به، ولذلك حياول املتكلم بكل ما أويت من كفاءة تداولية أن حيقق هذه الوظيفة، واليت

ا، ين يكيف أفعاله الكالمية حبسب أصناف الذين خياطبهم؛ وهذا التأقلم ليس اصطناعتدعوه ألالحظ الواحد منا خياطب الصغري مبا ال خياطب به الكبري صياغة ومضمونا، وتراه أيضا تلذلك

خياطب الرجل مبا قد ال خياطب به املرأة، وتراه خياطب من يسموه يف منازل اتمع مبا ال خياطب . 6من يدنوهبه

1 Quand dire c’est faire, P :41.

". الدليل، وإن العربة باملسميات ال باألمساء، وباألفعال ال بـاألقوال أما إن احلق ال يثبت بالدعوى ولكن ب" ويقول البشري اإلبراهيمي 2، دار الغـرب اإلسـالمي، )1940-1929(أمحد طالب اإلبراهيمـي .ينظر آثار اإلمام حممد البشري اإلبراهيمي، مجع وتقدمي جنله د

.1/113، 1/1997ط .185 العسكري، الصناعتني، ص 3 ).61( الصف 4 .208-1/207عبد ربه، العقد الفريد، ينظر ابن 5 .397م، ص1996حامد صاحل خلف الربيعي، مقاييس البالغة بني األدباء والعلماء، السعودية جامعة أم القرى، . ينظر د 6

135

هذا من جهة ومن جهة أخرى البد أيضا أن يستحضر مقتضيات احلال مبا يدعوه إىل خلق .املالءمة بني الفعل القويل والقوة اإلجنازية املبتغاة

3-وط ا ا :

الفعل الكالمي "يعدActe de parole " أحد املفاهيم األساسية اليت قامت علها نظريةالذي " Austinأوستني "ال الكالمية، ويعود الفضل يف التنظري له ودراسته إىل الفيلسوف األفع

استطاع أن يقدم مفاهيم دقيقة حول طبيعته، وخصائصه، ومكوناته، وأبعاده اإلجنازية، وأصنافه، " Goffmanغوفمان "و" Recanatiريكانيت "و" Searleسريل "مث طوره علماء آخرون مثل

.وغريهم" Habermasهابرماس "و" Orecchioni أوركيوين"و

إىل أن هذا املصطلح كان مستعمال من قبل لغويني بنائيني أمثال " Searleسريل "ويشري يف العقد الثالث من القرن العشرين، غري أن معناه احلديث من إبداع " Bloomfieldبلومفيلد " .Austin"1أوستني "

قلقا وحرية بالنسبة " Austinأوستني "لذي ذكره ا" Speech acts"وقد أثار مصطلح " أفعال اللغةActes de langage"للترمجات املوازية له يف اللغة الفرنسية؛ إذ تعددت بني

ديكرو "وقد انتبه ". أفعال اخلطاب Actes de discours"، و" أفعال الكالمActes de parole"وO.Ducrot " أفعال الكالم "لح على مقابلته بـمحل هذا املصط«إىل ذلك، فذكر أنLes actes de parole " سريل "سيضطرنا إىل نوع من التناقض على اعتبار أنSearle " نفسه جيعل هذا الفعل

، فإن "Actes de langageأفعال اللسان "نفسه جزءا من اللسان إذا محلناه على مقابلته بـ Actesأفعال اللغة "ى إال أن حنمله على مقابلته بـوال يبق. مقابلته ذا ستكون تافهة وغري مرضية

de langage"ب املصطلح من الوقوع يف النسقية السوسورية2»، وهذا جين.

، 1/1993صالح إمساعيل عبد احلق، التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد، بريوت دار التنوير للطباعة والنشر، ط. ينظر د 1 .184ص

58n/net.aljabriabed.fikrwanakd.www التلفظ واإلجناز، عبد السالم إمساعيلي علوي، 2

136

يعد «: قولههر جليا يف ظ وي،هذا االختالف والتضليل" J.Lyonsجون ليونز "وقد الحظريا لذلك اجلزء من إطالق يف الواقع مضلال حبد ذاته، فهو يعطي وزنا كب" فعل الكالم"مصطلح

الوحدات الكالمية الذي يؤدي إىل نقشها يف الوسط املادي الصويت بغض النظر عن االعتبارات وطاملا أن ". فعل الكالم"فيعترب أفضل بكثري من املصطلح " فعل لغوي"لح أما مصط. األخرى

أوستني"ي أضفاه عليه يستخدم على نطاق واسع يف معناه التقين الذ" فعل الكالم"املصطلح Austin "1»فلن أحاول استبداله.

Acteالفعل الكالمي "فاملصطلح الذي شاع بني املختصني، وضبط أكثر يف هذا احلقل هو

de parole"، سريل " وباخلصوص لدىSearle " الذي حاول حتديده أكثر ضمن الطرحلية العربية، باعتبار أنها تم بالكالم وهذا املصطلح هو الذي شاع يف الدراسات التداو.2التداويل .ال باللغة

ال يقف عند حدود املظهر ) الفعل الكالمي(وجيب أن نشري هنا إىل أن هذا املصطلح .الصويت املادي؛ بل يشمل املنجز الصويت واملنجز الكتايب

ذلك إىل بتعريفات خمتلفة، ويعود " الفعل الكالمي"أما يف املفهوم االصطالحي فقد حدد الفعل املؤسس «بأنه " Austinأوستني " عرفه فقد. املرجعيات املتنوعة اليت انطلق منها الدارسون

فالفعل الكالمي هو امللفوظ املتحقق من قبل متكلم . 3»من قبل متكلم يتمتع بصالحيات معينةبل فعال اجتماعيا أو سلوكا يف سياق حمدد، والذي ال تكون اللغة معه جمرد أداة تواصلية؛ و ،حمدد

.فرديا أو مؤسساتيا

الذي تقوم عليه هذه النظرية " Acteالفعل "يف مصطلح " Austinأوستني "وقد دقق أكثر مادي فيزيائي نقوم بإجنازه، ونعتربه متمايزا عن "حدث" على أنه "الفعل"وحنن نتصور «: فقال

صابر.وينظر د. 189، ص1/1987 اللغة واملعىن والسياق، ترمجة، عباس صادق الوهاب، العراق دار الشؤون الثقافية العامة، ط 1

.76احلباشة، التداولية واحلجاج مداخل ونصوص، ص2 Les actes de langage, Searle, P: 11.

.83مسعود صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب، ص. د 3

137

فجوهر الفعل .1» أيضا عن آثاره ونتائجهيزااضروب التواضع والتواطؤ يف كيفية الوقوع، ومتم ومنه نالحظ الطبيعة الذي يؤديه املتكلم مبجرد تلفظه مبلفوظات معينة؛" اإلجناز"الكالمي هو

العملية اإلجنازية اليت تطبع الفعل الكالمي، واليت جتعله يتجاوز حدود البنية اللغوية اليت توقفت . البنيويةعندها النظرية اللسانية

واملقصود به الوحدة الصغرى اليت بفضلها «: بقوله" D.Maingueneauمانڤونو "عرفه وظ إن املتلف. بني، غايته تغيري حال املخاط...)أمر، طلب، تصريح، وعد(حتقق اللغة فعال بعينه

ال ميكنه تأويل هذا الفعل إال إذا اعترف بالطابع القصدي لفعل " Coénonciateur" املشارك .2»ملتلفظا

الذي يعين يف أساسه "احلدث"ـب" الفعل الكالمي"فقد ربط حدV.Dijk " فان دايك "أما فقط؛ فيزيولوجية أو ممارسةهذه يف كونه إجنازا" احلدثية"أو " الفعلية"وال تكمن طبيعته . 3"التغيري"

ه فضال عن ذلك سلوكالتواصلية، رب العملية لغوي، أو ممارسة يستطيع املتكلم جتسيدها عبل ألن وما نعنيه «": V.Dijkفان دايك "يقول . 4فال خيتلف الفعل اللغوي عن باقي األفعال غري اللغوية

بقولنا إننا نفعل شيئا ما مىت صغنا عبارة معينة هو أننا نقوم بإجناز فعل اجتماعي؛ كأن نعد وعدا ، ويطلق عليه على "أفعال الكالم"ليه ما، ونطلب وننصح، وغري ذلك مما شاع وذاع أنه يطلق ع

ه يوجد بون شاسع بني حال ". قوة فعل الكالم"حنو أخصومن الواضح عالوة على ذلك أن. 5»إصدار بعض األصوات من ناحية أوىل، وبني القيام بإجناز فعل جمتمعي معقد من ناحية ثانية

ي إىل النمط اإلجنازمي؛ بل يتعداهال يقف عند حدود النطق الكال" الفعل الكالمي" أن رىومنه ن .الذي يبتغيه املتكلم من املتلقي

غالبا ما يؤخذ مفهوم الفعل اإلجنازي يف عالقته الوثيقة «: وقد أبرز أكثر هذا املفهوم فقالفالفعل هو كل : وقد يكشف تعريف موجز بديهي للفظ الفعل هذه العالقة". احلدث"مع مفهوم

.138كيف ننجز األشياء بالكالم، ص- أوستني، نظرية أفعال الكالم 1 .7لتحليل اخلطاب، ترمجة حممد حيياتن، ص املصطلحات املفاتيح 2 .228 ينظر النص والسياق، ص 3 . 58n/net.aljabriabed.fikrwanakd.wwwعبد السالم إمساعيلي علوي، التلفظ واإلجناز، : ينظر4

.263النص والسياق، صفان دايك، 5

138

ومقتضى املفهوم األساسي يف تعريف معىن احلدث هو ... ئن اإلنساينحدث حاصل بواسطة الكاالتغري، وجيوز أن ينظر إىل هذا التغري كعالقة بين، أو عملية جارية حول العوامل املمكنة؛ أي يف

األحوال أو بني /وبوجه خاص فإن كل تغيري يستلزم اختالفا بني العوامل. حالة أو شأن من الشؤون .1»املواقف

، حيث "الفعل الكالمي"اليت يقوم عليها مفهوم " احلدثية"وجيب أن نربز هنا هذه الطبيعة فان "من استعارة الوجهة الزمنية ليدقق ذلك، نوضح هذا األمر أكثر مع " سياق احلال"يقوم مفهوم

؛ أي التغير من "التغيري"ينسحب على " حادثة" أيضا حينما يذكر أن مصطلح "V.Dijkدايك من البديهي أن التغري للحال «، و"حال املخرج"و" حال املدخل"إىل أخرى، ويطلق عليهما " حال"

وميكن أن تتم . هو وظيفة خاصة بالزمن؛ فاحلال املخرج حلدث ما تقع أبعد من حال املدخلعلى مراحل متتالية خمتلفة؛ أي عرب عدد من األحوال الوسطى اليت تستمر فترة " احلال"تغريات

بوجه خاص " احلال"وأما إذا ما أريد أن يشار إىل تلك السلسلة املتصلة من تغريات . نية حمددةزممنط " متطر"ولذا فإن . دون أن يراعى حال املدخل أو حال املخرج املعينة فإنه يتحدث عن عمليات

.2»حدث" توقفت عن أن متطر"أو " شرعت يف أن متطر"حمدد عملية بينما

فعل الكالمي مرهونة ذه التراتبية واالنتقال من حال املدخل إىل حال ال" حدثية"فـ .املخرج؛ انطالقا من مقصد وعمل معينني

يف البالغة العربية، ألن " اإلنشاء"األساس الذي قام عليه مفهوم " احلدثية"تعد فكرة ولضرب مثال يف الصيغه ال يقصد ا حكاية شيء؛ بل املقصود ا إحداث مدلوالا وهو طلب ا

.3وإجياده بذلك اللفظ حبيث ال حيصل ذلك املعىن بدون اللفظ" اضربوا"

ومن الضروري أن نشري إىل البنية اإلجنازية العميقة للفعل الكالمي، فنحن بتحقيقه ننصح ، يتم ذلك بالتعبري باجلملة يف سلسلة فونيتيكية ...)، اعتذارأمر، وعد(باإلحالة على حدث ما،

الفعل الكالمي لربط العبارة اللغوية حبدث ذي " إجنازية"وية وداللية، لتتحقق بعد ذلك صرفية وحن

.228، صالنص والسياقيك، اد فان 1 .120يك، علم النص مدخل متداخل االختصاصات، ترمجة وتعليق سعيد حسن حبريى، صا فان د 2 .166 ينظر حاشية الدسوقي على شرح السعد، ضمن كتاب شروح التلخيص، ص 3

139

- "Searle سريل" و""Austinأوستني "كما يرى –ويف هذا اإلطار يتخذ الكالم . غاية معينةواملؤثرة ينقله من الظواهر الصوتية اليت ال أثر هلا يف العامل اخلارجي، إىل الظواهر الفاعلة جمرى آخر

، بعد أن كان الوجه "Performatifاإلنشائي "يف الواقع، وذا يربز الوجه اآلخر للغة؛ وهو الوجه .1مسيطرا على الدراسات الفلسفية واللسانية" Constatifاإلخباري "

؛ النقلة النوعية يف اللسانيات التداولية اليت جتاوزت يف دراسة اإلنتاج اللغويتتجلىومنه أصبحت واليت إىل البحث يف اآلثار االجتماعية واإلجنازية للغة، ،ة الصوتية والنحوية والدالليةالبني

يف ظل هذا التحول فضاء لإلجناز واملمارسة والفعل، حيث األمر والنهي واالستفهام والتهديدسقية للعالقة بني نظرية أفعال اللغة تعد دراسة ن« فـلذاو. وغريها مما ميثل إجنازات لغويةوالوعد

العالمات ومؤوليها، ويتعلق األمر مبعرفة ما يقوم به مستعملو التأويل، وأي فعل ينجزون .2»باستعماهلم لبعض العالمات

لعلنا نستطيع يف رحاب املفاهيم املقدمة أن نقول إن الفعل الكالمي هو الفعل التلفظي . سياق حمددالذي ينتجه املتكلم من أجل إجناز ما، وفق

4-ا ا : الكالميةفعال األي نشري إىل أن نظرية كالمقبل احلديث عن السمات اليت تطبع الفعل ال

تنطلق من أن الوحدة الدنيا للتواصل اإلنساين ليست هي اجلملة، وال أي تعبري آخر؛ بل هي ة االهتمام يف ظل هذه النظرية منومنه نالحظ انتقال بؤر ،3استكمال إجناز بعض أمناط األفعال

:اجلملة إىل اإلجناز اللغوي يف ظل خصائص مضبوطة تقوم على

1 Les actes de langage, Searle, Paris édition Hermann,1972, p11.

.60مينكو، املقاربة التداولية، ص فرانسواز أر 2 .60 السابق، ص 3

140

:ا-أ

القصدية "تعدIntentionnalité" أوستني " من املفاهيم األساسية اليت أدخلهاAustin " فإن«: بيان أمهيتهايقول يف . 1 يف حتليل الفعل الكالمي، وتصنيف القوى املتضمنة يف القولوأتباعه

مسألة األغراض واملقاصد يف التلفظ بالعبارة وما حيتف ا من سياق قرائن األحوال هي مسألة هلا .2»خطرها وشأا

املراد منه،"املقصد"ي باعتبار أنه ال يكون ناجحا إال إذا حقق كالموهي أساس الفعل ال الفعلية تصبح غري حقيقية، وال ميكن أن إذا مل يتحقق شرط القصد يف الكالم فإن نتيجته«و

يف الربط بني التراكيب اللغوية ومراعاة غرض «تجلى باخلصوص يو. 3»تسمى حينئذ بفعل للكالماملتكلم واملقصد العام من اخلطاب، يف شبكة مفاهيمية مستوفية للبعد التداويل للغة؛ إذ هي املسلمة

فالفعل . 4»كالم واالخنراط يف أي مشروع تواصلي لغوياألساسية اليت حتدد شروط احلق يف الى يف املقام األول من التغيرات احلاصلة يف ي ال يكون موفقا إال إذا حقق مقصده، ويتجلكالمال

بني التركيب اللغوي والغاية منه، املخاطب ذاته، وهو يتطلب من املخاطب القدرة على املالءمة .5لم مبقاصد القول حىت يوفق يف حتقيق األغراض املطلوبةويستدعي منه هذا األمر الع

وإدخاله ضمن الدرس التداويل " Husserlمن هويعود إىل الفلسفة الظاهراتية مع هوسرل " Intentionnalitéالقصدية " مبدأ 1

..قد أثرى هذا احلقل أكثر .178 أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة كيف ننجز األشياء بالكالم، ص 2

، 1/2009عمارة ناصر، الفلسفة والبالغة مقاربة حجاجية للخطاب الفلسفي، اجلزائر منشورات االختالف، وبريوت الدار العربية للعلوم، ط. د 3 .71ص . 70-69مسعود صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب، ص. د 4حسن التأيت والسياسة، -بعد اجلد الذي هو الغاية، وفيه وحده الكفاية –ما حيتاج إليه الشاعر «أن ويذكر ابن رشيق يف هذا السياق 5

وعلم مقاصد القول؛ فإن نسب ذل وخضع، وإن مدح أطرى وأمسع، وإن هجا أخل وأوجع، وإن فخر خب ووضع، وإن عاتب خفض ابـن . »اطب كائنا من كان؛ ليدخل إليه من بابه، ويداخله يف ثيابـه ورفع، وإن استعطف حن ورجع، ولكن غايته معرفة أغراض املخ

فاملعرفة مبقاصد . 1/199، )ت.د(رشيق، العمدة يف حماسن الشعر وآدابه ونقده، حتقيق حممد حميي الدين عبد احلميد، بريوت دار اجليل . القول متكن صاحبها من إنتاج العبارات اللغوية اليت حتمل غاياته

141

وتقتضي املقصدية أيضا الوضوح من جهة، وتقامسها بني طريف التخاطب من جهة أخرى، لكي نوضح أمهية ذلك منثل باإلجنازية املختلفة اليت اجنرت عن اختالف املقاصد فيما ذكره ابن عبد

:خيلية على احلجاج فأنشدتهدخلت ليلى األ«ربه حيث أورد أنه إذا ورد احلجاج أرضا مريضة تتبع أقـصى دائها فشفاها

شفاها من الداء العضال الذي بها غالم إذا هز القناة سقاهايا غالم : ليه قالفلما كان يف الغد دخلت ع... مهام: فقال هلا ال تقويل غالم، ولكن قويل

قالت األمري . إنما أمر لك بشاء: قال قائل. أيها األمري أحسبها أدما: قالت". أعطها مخسمائة"باإلام يف الفعل . 1»أكرم من ذلك، فجعلها إبال على استحياء، وإمنا كان أمر هلا بشاء أوال

لتخاطب؛ ألن احلجاج ينوي ، وعدم االشتراك يف مقصده بني طريف ا"أعطها مخسمائة"الكالمي .كان هلا ما أرادتف" أحسبها أدما"ة فقالت يليخالشاء ولكن مل يذكرها، فاستغلت ذلك ليلى األ

يف الفعل الكالمي يف الطرح التداويل ال يقوم على اإلنتاج " املقصد"ضح لنا أن حتقيق ومنه يت ومتكن املتكلم يف تبليغه من جهة، اللغوي فحسب؛ بل تنظمه جمموعة من املبادئ اليت تسهم

فاملفهوم اخلاص بنظرية «. ه من إدراكه من جهة أخرىسعفوتؤمن للمتلقي سريورات التأويل اليت تالفعل الكالمي للفعل اإلجنازي؛ إذ تربط فيه اجلانب املقصدي باجلانب العريف ألفعال لغوية بعضها

.2»ببعض على حنو مماثل

هي اليت حتدد شروط " Patrick Charaudeauباتريك شارودو "ى وهذه املبادئ كما ير :احلق يف الكالم، وتقوم يف جوهرها على ثالثة مبادئ

فكل فعل كالمي هو فعل تفاعلي بني ": Principe d’interactionمبدأ التفاعل - .املتخاطبني .أي املالءمة بني القول ومقاصده": Principe de pertinenceمبدأ احلصافة -

لقصة مذكورة يف األمايل، أليب علـي القـايل البيض من اإلبل، وهي أكرمها، وا " األدم"الرمح، و " القناة"و. 1/273لفريد، العقد ا 1

.89-1/86بصيغى أخرى، ينظر كالوس برينكر، التحليل اللغوي لنص،مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج، ترمجة سعيد حسن حبريي، القاهرة مؤسـسة املختـار 2 .122،ص2005|1شر والتوزيع،طللن

142

فكل فعل كالمي فعل تفاعلي يندرج يف إطار التأثر بني املتخاطبني، وهذا : مبدأ التأثر-الفعل الكالمي ومبدأ التأثر هذا كذلك ال ميكنهما االشتغال إال مىت اعترف املتخاطبون بعضهم

.1ببعض من حيث أن بعضهم موجود إزاء البعض اآلخر، أو وفق مبدأ احلصافة

:اا وا-ب

املتكلم ينظم ما هو جاهز داخل «ويكونان بني أفراد البيئة اللغوية االجتماعية املعينة؛ فـقدرته التواصلية انسجاما مع نظام العالقات االجتماعية، مبا خيوله هذا النظام من حريات، ويفرضه

جمموع من قيود وإرغامات، وعليه إن أي إنتاج أو حتقيق ناجح للفعل جيب أن يعتمد علىالتعاقدات االجتماعية، ولعل فكرة التعاقد هذه تقتضي أن يكون لألفراد املنتمني لنفس مجاعة الفعل

فنجاح الفعل اللغوي . 2»االجتماعي قابلية للتفاهم حول العروض اللغوية املمكنة هلذا الفعلنة، والتعاقد املتداول فق عليها بني أفراد اجلماعة املتكلمة للغة املمرهون كذلك باملواضعة املتعي

.بينهم، ومن ذلك ميكن إجناز الفعل املضبوط يف السياق التواصلي املعين

فلإلجنازيات يف اللغة صيغ وضعية هي اليت حتدد كيفيات حتقيق القول ومقاصده؛ فمن أشهد بكذا : أن الشهادة تصح باملضارع دون املاضي واسم الفاعل، فيقول الشاهد«املعروف

شهدت بكذا، أو أنا شاهد بكذا مل يقبل منه، والبيع يصح باملاضي دون : دك أيدك اهللا، ولو قالعنبائعك بكذا مل ينعقد البيع عند من يعتقد : أبيعك بكذا أو قال: املضارع عكس الشهادة؛ فلو قال

أنت "اعل حنو طلقتك ثالثا واسم الف"وإنشاء الطالق يقع باملاضي حنو ... على مراعاة األلفاظفاملواضعات اللغوية هي اليت حتدد كيفيات إنتاج الفعل الكالمي . 3»طالق ثالثا دون املضارع

.وإجنازياته

ينظر لوبيز ألنسو وأسري دي أملوس، لسانيات اخلطاب حوار مع باتريك شارودو، ترمجة حممد حيياتن، جملة اللغة العربية الصادرة عن 1

.241، ص1999الس األعلى للغة العربية، العدد الثاين، 58n/net.aljabriabed.fikrwanakd.www التلفظ واإلجناز، عبد السالم إمساعيلي علوي، 2

.156-1/155 القرايف، الفروق، 3

143

:"Situationalité ا"-ج

يتم ذلك باالنسجام بني املتكلم واإلنتاج اللغوي من اجتماعي، فعل سياقيفالفعل الكالمي قولفال. م واملخاطب من جهة ثالثةقامي من جهة ثانية، واملتكلجهة أوىل، واملتكلم والسياق امل

مراعاة يتطلب من املستعمل له إلجناز اإلخبار أو التعجب أو االستفهام مماالواحد قد نستعملهي يقوم على االنسجام بني السياق املقايل كالمومنه نالحظ أن الفعل ال. ستعمل فيهي اليت األحوال

.ايل من جهة أخرى، وهذا ما سنوضحه بعد حنياحلمن جهة والسياق

النجاح التداويل الذي يتم منوانطالقا من هذه اخلصائص ميكن للفعل اللغوي أن حيقق .خلق الفعالية فيه

ننطلق من املالحظة اليت أبداها "الفعل الكالمي"وقيمته يف " احلال" أمهية لكي نبينو يف الواقع، أنشما تليت ال تصف واقعة ما أو خترب عنها، وإن، وختص تلك اجلمل ا"Austinأوستني "

أو صدقها؛ فهما صفتان حلكم على الواقع واإلخبار عنه، ال راجعة كذاوهي ذا ال ميكن ماجلمل "ومن هذه املالحظة ابتدع مصطلحا جديدا هلذا النوع من اجلمل هي .إجنازه وإيقاعه

Lesريات أو الوصفيات اخب، يف مقابل اإلLes performatives"1اإلنشائية أو اإلنشائيات Constatives."

إذا مل يسع إال " خربيا"أن امللفوظ يسمى " Ducrotديكرو "ويذكر يف هذه املناسبة إذا كان موجها " إنشائيا"وقد يسمى . بدون أن يدعى تغيري الواقع"جاء جون"لوصف حادثة مثل

االكتفاء بصيغة القول اليت قد تكون إخبارية يف منطها التعبريي ؛ أي من غري 2إىل تغيري الواقع .ولكنها إجنازية يف حمتواها القضوي، وكل ذلك مرهون باحلال الذي تنتج فيه

:طبيعة هذا الصنف ينطلق من األمثلة اآلتية" Austinأوستني "ولكي يبين ".نعم أقبل أن تكون هذه املرأة زوجيت الشرعية"-

1 Austin, Quand dire c’est faire, trad par G,lane, p: 39. 2 Nouveau dictionnaire encyclopédique des sciences du langage, p: 781.

144

-ذه العبارة عادة حينما تكسر القارورة "امللكة إليزابيث"ه الباخرة ي هذأمس كما ينطق ، .على هيكل الباخرة عند تدشينها

.1"أراهنك بستة دراهم على أن السماء ستمطر غدا"-

فاملنطوق األول يتم ومن هنا نالحظ اللحمة بني الفعل اإلجنازي واحلال الذي يؤدى فيه؛ يف حالاء مراسيم الزواج، أما الثاين فيتحقق أثناء تسمية األشياء، والثالث أدحالظ به يف التلف

:ها مع ذلكفهذه املنطوقات ليست خالية من املعىن؛ بل تدل عليه، غري أن. املراهنة

صادقة "أي شيء على اإلطالق، أو تقرره أو تثبته، وليست أيضا منطوقات " تصف"ال -أ ".أو كاذبة

جلملة أداء لفعل أو جزءا من أدائه، ومن ناحية أخرى ال يوصف بصورة يعترب النطق با-ب2ه قول لشيء ماعادية على أن.

ليس هو أني ) يف املناسبات املخصوصة بطبيعة األمور(ظ باجلملة التلف«ليتضح لديه أن ث على هذا النحو، كما أنقائما ي ال أريد أن أثبت كوينأصف حال قيامي بالفعل، وأنا أحتد

النطق باجلملة هو إجنازها وإنشاؤها، مث ما ذكرته هنا من العبارات املتلفظ ا بذلك الفعل؛ بل إنفبماذا نسمي مجلة من هذا النوع أو عبارة ... ال يدل شيء منه على التصديق وال على التكذيب

. 3»"ة أو عبارة إنشائيةمجلة إجنازي"متلفظ ا من هذا القبيل؟ إني أقترح أن أطلق عليها مصطلح ذو طابع عملي إجنازي يستمد ذلك من استعماله من جهة ومن تلقيه وتأويله من فالفعل الكالمي

.جهة أخرى

ترمجة عبد القادر قنيين، الدار البيضاء أفريقيا الشرق، -كيف ننجز األشياء بالكالم– أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة : ينظر 1 .16، ص2/2008ط

وجيفري .138صالح إمساعيل عبد احلق، التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد، ص .، ود15أوستني، املصدر نفسه، ص: ينظر 2حمي الدين .، ضمن كتاب املوسوعة اللغوية، كولنج، ترمجة د )املعىن يف السياق (الرباغماتية : س، اللغة واملعىن والسياق وجيين توما ليتش و

.175هـ، الد األول، ص1421عبد اهللا احلميدان، الرياض جامعة امللك سعود، .محيدي ود .17 أوستني، املصدر نفسه، ص 3

145

يف تشكيل الفعل الكالمي، وبيان إجنازيته " سياق احلال"ولعلنا نالحظ من القول نفسه أمهية قد يتراءى يل أن أفترض أن : "رؤ فيقولاملنوطة به، قد ندرك ذلك االعتراض الذي قد يقدمه ام

الزواج هو ببساطة النطق بكلمات قليلة، أو النطق بعبارة ما يعين املراهنة، أو أنين ميكن أن أسري فهذا االعتراض مردود عليه؛ ألن ". جبوار مبين قيد اإلنشاء وأمسيه كما حيلو يل بكلمات معينة

طوق منطوقا إجنازيا ناجحا ال بد أن يتم النطق به يف يؤكد أنه لكي يكون املن" Austinأوستني " .1، أو يف موقف حمدد"ظروف مالئمة"

أو " الفعل"وإذا كانت الكثري من الدراسات املتوافرة بني أيدينا تذكر أن ربط اللغة بـ، "Austinأوستني "الذي يستعمل فيه الكالم، يعود إىل " سياق احلال"، وفق "العمل"أو" اإلجناز"رؤية اللغة «؛ إذ يرى أن "Malinowskiمالينوفسكي "إننا نعتقد أن هذه الفكرة تعود إىل ف

كوسيلة لنقل األفكار من رأس املتكلم إىل رأس السامع ليست خرافة مضللة، فالتكلم السيما يف ط بشري ، فاللغة باستعماالا البدائية حلقة اتصال يف نشا"عمال"؛ بل "قوال"الثقافات البدائية ليس

.2»مجاعي، إنها منط من العمل، وليست أداة للتأمل

مثاال حيا عن بعثة صيد يف قبيلة " Malinowskiمالينوفسكي "وليشرح ذلك أكثر يورد يتم توجيه جمموعة من قوارب الصيد وتنظيم حركتها باستمرار عن طريق «: فيقول" تروبرباند"

األمساك تعين إعادة تنظيم مجيع حركات القوارب الكالم، فالصرخة اليت تعلن عن وجود كمية من .3»من جديد

إعادة تنظيم مجيع "فالصرخة مل تقف عند حدود اإلخبار؛ بل نتج عنها فعل كالمي وهو ، باعتبار أن ما يقوله "تغيري الواقع"فالكالم أدى هنا إىل ". حركات القوارب من جديد

ال ألن العبارة «ب إعادة تنظيم حركات القوارب، حني يلمح كمية من األمساك يسبالتروبرياندي ينطقها هي أداة لتحديد مواقع القوارب كما هي حال املطرقة اليت تدق املسامري؛ بل ألن العبارة

.141لتحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد، صدصالح إمساعيل عبد احلق، ا: ينظر 1 .238حممد زياد كبة، ص. جفري سامسون، مدارس اللسانيات التسابق والتطور، ترمجة د 2 .238، صاملصدر نفسه جفري سامسون، 3

146

، يبدو أنه مناسب هلم يف ضوء تلك املعلومة فيقومون بعملخترب اآلخرين عن مكان السمك، .1»اجلديدة

أوستني " فيه يفترضنستأنس باملثال الذي للفعل الكالمي"سياق احلال"ولنبين تأطري Austin" »ه قبل اكتشاف أسترالياأنفإذا عثرنا ،"أن مجيع أنواع البجع أبيض): "س(عى مثال اد

إنه ليس من !؟؟ وهل إثباته اآلن كاذب)س (نيدفع أسود يف أستراليا، فهل مت تبعد ذلك على جببجع يف كل إني مل أحتدث عن ال: "، فقد يعيد النظر يف إثباته ويرد عليناالضروري أن نعتقد ذلك

مكان على وجه اإلطالق؛ مثال مل أصدر إثباتا ذا الصدد على إمكان وجود البجع يف كوكب فإن مسألة املرجع تتعلق مبا يكون لنا من معرفة وقت إصدار النطق وإذن،"املريخ"مارس .2»بالعبارة

بل يتعلق مبا ميكن أن ننجزه من ؛إلثبات أو كذبه ال يتعلق فقط بدالالت األلفاظفصدق ا .ويف ظروف خمصوصة، أي يف املكان والزمان املعينني من متكلم ومتلقي خمصوصني،أفعال

أن حاجب بن زرارة وفد على كسرى «وقد نستأنس أكثر مبا أورده ابن عبد ربه أن يذكر : ال، قال: أسيد العرب أنت؟ قال: " العراق فأستأذن عليه فأوصل إليه فقالملا منع متيما من ريف

: من أنت؟ قال: قال. مث أذن له فدخل. ال: فسيد بين أبيك أنت؟ قال: قال. ال: فسيد مضر؟ قالال، حىت اقتصرت بك : أسيد العرب أنت؟ فقلت: أليس قد أوصلت إليك: قال" !سيد العرب"

أيها امللك مل أكن كذلك حىت دخلت عليك، فلما دخلت : ال؟ قال له: على بين أبيك، فقلتفاملتفلظ يف حال يريد إثبات أنه . 3»املئوا فاه درا!" زه: "عليك صرت سيد العرب، قال كسرى

ى ولذلك ملا سئل خارج القصر نفى ذلك، ولكن ملا دخله حيث املكان الذي يقتض" سيد العرب" .ذلك أثبت مقصده

.239ص، جفري سامسون، مدارس اللسانيات التسابق والتطور 1 .180-179 أوستني، كيف ننجز األشياء بالكالم، ص 2 .مبعىن أحسنت، وهي دليل على اإلعجاب" زه"، و287-1/286 ابن عبد ربه، العقد الفريد، 3

147

أوستني "ونعرف مبقتضياته يف نظرية أفعال الكالم ننطلق مما بسطه " احلال"لنفسر أكثر أمهية Austin "عدا ما تكلم عنه يف 1حول ذلك، حيث خصص ثالث حماضرات متتابعة هلذه املسألة ،

".سياق احلال"ثنايا الكتاب ككل، مما يدل على اران هذه النظرية ككل بـ

يف الفعل الكالمي هو " احلال"ونعتقد أن السر الذي جعله خيصص كل هذا الكالم حول إدراكه أمهية هذا املعطى مبختلف معطياته يف خلق اإلجنازية املطلوبة للفعل الكالمي املعني، فال

.تتحقق اإلجنازية املقصودة إال انطالقا من املالبسات احلالية اليت تكشف عن ذلك

5-ف اأا :

يف ذلك، " سياق احلال"، وأمهية )الفعل املتضمن يف القول(لنوضح أصناف الفعل اإلجنازي صنيفات يف نظريته، والذي تبلورت عنه الت"Austinأوستني "ننطلق من اإلشكال الذي انطلق منه

وبعبارة ؟واإلجناز كيف أن قول شيء ما هو األداء والتصرف: وهو؛املعروفة للفعل الكالميأخرى إن قولنا شيئا ما يعين أننا قد تصرفنا أو فعلنا شيئا ما، أو على وجه آخر إن النطق بشيء ما

وقد الحظنا يف الصفحات السابقة أنه حاول أن جييب عن هذه . 2هو حصول تعلق املفعوليةكونات أساسية تدخل القضايا انطالقا من اجتهادات مضبوطة إىل أن ميز يف رأي أخري بني ثالثة م

: وهييف تشكيل الفعل الكالمي

:( Acte locutoire"3 ال( ا "-أ

معىن "إطالق األلفاظ يف مجل مفيدة ذات بناء حنوي سليم مع حتديد ما هلا من «وهو Sens " ومشار إليهRéférence" ه وإن أعطى معىن ذلكوهذا الفعل يقع دائما مع كل قول، لكن ،ميكن أن نفهم " إنها ستمطر" فإنه ال يزال غري كاف إلدراكنا أبعاد هذا القول، فمثال قولنا القول

.71-23، صكيف ننجز األشياء بالكالم ينظر أوستني، 1 .123، صاملصدر نفسه ينظر أوستني، 2، وترمجه 68 والنص الشعري، صيف السياق" فعل التلفظ"يت أوشان آ؛ إذ ترمجه علي "Acte locutoire" تنوعت الترمجات 3

يف " فعل القول"أمحد املتوكل بـ.، وترمجه د70يف آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر، ص" الفعل اللفظي"حممود أمحد حنلة .، وغري ذلك20اللسانيات الوظيفية مدخل نظري، ص"

148

عواقب اخلروج يف "معناه كامال، ومع ذلك ال ندري أهو خرب بأنها ستمطر، أو هو حتذير من منه فالفعل الكالمي مؤلف بالضرورة مما تتألف . 1»، أو غري ذلك"حبمل املظلة"، أو أمر "رحلة

: البنية اللغوية؛ فهو

عينة من خمارج امل اللغة إصدار أصواتوهو جمرد :"Acte Phonétique فعل تصوييت"- هل سكون اجلو مجيال غدا؟: مثل األصوات املركبة لقولنا. صوتية معلومة

وهو تأليف األصوات واأللفاظ على أحناء خمصوصة، :"Acte phatique فعل تركييبو-ما مبعجم معني ومرتبطة به، وخاضعة لقواعد النحو والتركيب؛ وهي القواعد متصلة على حنو

)هل سيكون اجلو مجيال غدا؟(الفونولوجية واملعجمية والتركيبية الضابطة للمثال السابق

نه مرتبط مبعان ومرجعيات معينة، ويذكر أي أ؛"Acte Rhétique )إحايل(فعل داليل "و-ذاتيهما قد قصد ما يف ) التسمية واإلحالة املرجعية(ملعىن واملرجع أن ا «"Austinأوستني "هنا

أي املعىن واملرجع الذي . 2»هذا املوضع أفعال تابعة لإلجناز حال إيقاع وحصول الفعل اخلطايب حتيل عليه مجلة هل سيكون اجلو مجيال غدا؟

هو فعل املنجز بالقول، و:Acte illocutoire"3 )ا ا ال(ا ازي -ب: "Austinأوستني " يقول وهذا الصنف من األفعال الكالمية هو املقصود من النظرية برمتها،

وغرضنا من هذه احملاضرات متجه باألساس إىل أن نتمكن من حصر املقولة الثانية الوسطى؛ وهي «وجد ميل عام ثابت قار إىل طي ويف الفلسفة ي. قوة فعل الكالم، ومقابلتها مع املقولتني األخرتني

ولذلك اقترح تسمية .4»ها متمايزة عنهماذكر هذه املقولة الوسطى لفائدة األخرتني مع أن ، أو "األفعال املتضمنة يف القول"أو " القوى اإلجنازية"الوظائف اللسانية الثاوية خلف هذه األفعال

.8ب، طالب سيد هاشم الطبطبائي، ص نظرية األفعال الكالمية بني فالسفة اللغة املعاصرين والبالغيني العر 1 .127 أوستني، كيف ننجز األشياء بالكالم، ص 2

، 202ص" العقل واللغـة واتمـع "سعيد الغامني يف ترمجة كتاب جون سريل . تنوعت املقابالت ههنا كذلك؛ لعل أغرا ترمجة د 3 .قصود الذي تبتغيه هذه النظرية، ونعتقد أنه مصطلح يبتعد عن امل"الفعل التمريري"والذي ارتضى مصطلح

.202أيضا يف العقل واللغة واتمع، ص" سريل"وهذا ما أكد عليه . 133 أوستني، كيف ننجز األشياء بالكالم، ص 4

149

الذي يتبع 2"العمل"أو " التصرف" أو "علالف"فاملقصود من هذا املستوى هو ذلك . 1"اإلجنازيات" .إصدار تأكيدات أو حتذيرات أو وعود أو أمر أو غري ذلكأو قوال ما؛ مثل السؤال،

بتحقيقنا للفعل التلفظي سنكون أيضا أكثر ويذكر أن"Austinأوستني "ويشرح هنا :ناويتبين ذلك من أن. منجزين لبعض ما تناوله كالمنا، وما مل يتناوله

.قد نكون سائلني أو جميبني عن سؤالنا- .قد نتناول يف خربنا أو حتذيرنا أو طمأنتنا لآلخر غري ما طلب منا- .قد نصدر حكما تشريعيا أو نعلن عن إرادتنا- .قد ننطق جبملة يفهم منها أكثر ما أردنا- .قد نكون واضعني لتسمية ما أو مستأنفني أو منتقدين- .3... نعرف أو أن مناثلحيدث أن نصف أو أن-

إىل أنه من طبيعة هذا الفعل أنه يرتبط بثالثة معطيات أيضا"Austinأوستني "وقد نبه هنا :حتدده وهي

أقبل "أنه يرتبط بفعل منجز ضمن القول نفسه، وليس بفعل ناتج عن القول، فعندما أقول - .هفأنا أجنز وأنفذ فعل القبول ذات" هذه املرأة زوجة يل

. "...آمر"أو " أعد"أو " أطلب"ميكن توضيح هذا الفعل بصيغة إنشائية تفصح عنه؛ مثل -يرتبط أيضا بالصيغة االتفاقية بني طريف العملية الكالمية، واليت متنح القول القوة اإلجنازية - .املقصودة

) من يف القولالفعل املتض(والفعل الثاين ) فعل القول(والفرق الذي نالحظه بني الفعل األول وهذا األمر . هو أن الثاين يتضمن القيام بفعل ضمن قول شيء، أما األول فهو جمرد قول شيء

اليت للقول، فقد نقول " Forceالقوة "الزائد الذي نالحظه يف املستوى الثاين هو املسمى بـا ، ويف غريمه"ذيرقوة التح"، ويف أخرى "قوة اخلرب"لتكون هلا يف موضع معين ..." سأكون هناك"

. 76مسعود صحراوي، ص. األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب، د 1

2 Quand dire c’est faire, P :113. .129-128 ينظر أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة، كيف ننجز األشياء بالكالم، ص 3

150

. اليت ترد فيها تتنوع حبسب املقاصد والسياقات قد اليت"القوى"، وغري ذلك من "قوة األمر"خباصة، ويف نظرية األفعال الكالمية " Austinأوستني "ونعتقد أن هذا األمر له أمهيته الكربى لدى

ذا األساس؛ وهو كيف ميكن بصفة عامة؛ بل قد نقول غري مبالغني إن جوهر هذه النظرية يتعلققد تتعدى حدود املعىن احلريف املعزول عن السياق ) قصد(للعبارة اللغوية أن حتمل قوة إجنازية

.1احملدد

الذي نتكلم فيه؛ باعتبار أن "سياق احلال"ـ الفعل الكالمي ترتبط ب"إجنازية"معىن هذا أن و، وحتديده هنا مرتبط )قولاستعماالت ال(عينة يتعدد بتعدد طرق استخدام العبارة املقد" القصد"

.باحلال احملددة اليت تسهم يف الكشف عن اإلجناز املطلوب

املقصودة للفعل الكالمي أكثر " اإلجنازية"وقيمته يف حتقيق " سياق احلال"ولنوضح أمهية ديكرو "حيث يذكر " هل سيكون اجلو مجيال غدا؟"نسترجع املثال األول الذي ذكرناه وهو

Oswald Ducrot "ه ال يعىن سوى التعبري عن شك أو قلقه لو اعتربنا هذا االستفهام بالغيا فإنأن .أما لو كان موجها لسامعني معينني، فإنه سيأخذ قيمة أخرى؛ إذ سيصبح سؤاال، ويصبح متلقوه

يف إطار وهذه اخلصائص اليت يأخذها التلفظ حينما يتحقق. ملزمني بتقدمي بعض اإلجابات .Illocutionnaires"2األفعال اإلجنازية ""Austinأوستني "عالقات اخلطاب يسميها

ما زال عاما؛ ألنه قد يؤدي إىل " Oswald Ducrotديكرو "إال أن هذا التحديد كما يذكر وعليه فهذه . اعتبار كل العالقات بني املتحاورين يف وضعيات التخاطب على أنها أفعاال إجنازية

ال تقوم إال إذا قامت من لدن متكلم معين يعبر عن رغبته يف احلصول على ) اإلجنازية(األخرية وقد يتلقى املتكلم ههنا . جواب من لدن مستمع معني؛ ألنه يدخل يف عالقة تضطره للجواب

أو فقد يذكر املتلقي أنه ال يعرف شيئا، قد يطلب منه أن يترصد األحوال اجلوية، : أجوبة خمتلفة .يستدعي من املتلقي أن فهم القوة اإلجنازية املرادة، مما 3غري ذلك

صالح إمساعيل عبد احلق حينما ذكر أن هذا التمييز بني املعىن والقوة يعد املوضـوع األساسـي . قد نستأنس يف رأينا هذا مبا ذكره د 1

ألمر كما ذهب بعض الباحثني إىل أن متييز أوستني بني املنطوقـات ، وليس ا "كيف نصنع األشياء بالكلمات "واملبحث الرئيسي لكتاب .194ينظر التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد، ص. األدائية واملنطوقات التقريرية هو املوضوع األساسي للكتاب املذكور

2 Voir : Searle, Les actes de langage, P :15. Préface. 3 Voir, Ibid., P :15.

151

ال تعين أن أي قول " القول هو اإلجناز"وهذا ما أوضحه رواد هذا النظرية باعتبار أن مقولة يتراءى يل أن أفترض أن الزواج هو : من اجلائز أن يعترض امرؤ بقوله«قد ينتج عنه إجناز ما؛ فـ

بكلمات قليلة، أو إن النطق بعبارة ما يعين املراهنة، أو أنين ميكن أن أسري جبوار مبىن ببساطة النطق أوستني "غري أن هذا االعتراض مردود عليه ألن . قيد اإلنشاء وأمسيه كما حيلو يل بكلمات معينة

Austin " ه لكي يكون املنطوق منطوقا أدائيا ناجحا ال بد أن يتم النطق به يفظروف"يؤكد أن . 1»"معينة

يف بلورة مفاهيم هذه القضية ككل؛ وهذا ما ناقشه " سياق احلال"لتتجلى هنا أمهية أن النطق باأللفاظ يشكل يف العادة أمرا مهما؛ بل احلدث الرئيسي حينما ذكر " Austinأوستني "

بعد أن ولكن ي. يف إجناز الفعل؛ كالرهان أو غري ذلك، وهذا هو القصد من اإلجناز يف كل تلفظلنقل بوجه "و. يكون العنصر الوحيد الضروري حىت جيوز أن نعترب أن الفعل كان يف حال إجناز

إنه من الضروري ودائما أن تكون املناسبات اليت حصل فيها التلفظ بالعبارة هي ظروفا : عام ففعل القول شيء أساسي، ولكن قيمته. 2"مناسبة خمصوصة على وجه ما، أو على وجوه كثرية

. مرهونة باإلجنازية املقصودة

إىل ما ميكن أن حتتمله العبارة من معان وفحوى "Austinأوستني "ويف هذا السياق أشار الكالم، فإذا كان للكالم وظائف متعددة، أو طرق خمتلفة نستعمله فيها، وحصل تنوع كبري يف

، وهكذا "استخدام الفعل فيه "إجياد فعلنا على وجه ما، فالبد أن تتنوع الطرق واملعىن الذي يقصدخيتلف الشأن حينما يقع التحذير أو جمرد التنبيه أو إصدار األمر،كما خيتلف حينما نكون آمرين

. 3بوعد على وجه معني، أو نكون فقط مصرحني بإرادتنا على هذا النحو أو ذاك وقس على ذلكي املعطى األساسي الذي تنجلي بكل معطياته الذي يتحقق فيه الفعل الكالم" احلال"ليغدو ههنا

.من خالله اإلجنازية املقصودة

.141ح إمساعيل عبد احلق، التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد، صصال. د 1 .19 ينظر أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة، ترمجة عبد القادر قنيين، 2 .129 ينظر أوستني، املصدر نفسه، ص 3

152

على حتصيل ) املخاطب(محل اآلخر « يف غري مرة إىل "Austinأوستني "ولذلك دعا وعلى ذلك فإن إجناز قوة فعل الكالم يتضمن الوصول إضافة إىل . الداللة، وفهم قوة العبارة

ويف كل ذلك إشارة دقيقة إىل دور . 1»الغرضسكون النفس واطمئناا وإىل حسن الفهم وتصور املتلقي حىت تتحقق اإلجنازية املطلوبة للفعل الكالمي، فال بد أن يتمتع بالكفاءة التداولية اليت متكنه

.من ذلك واليت تتعدى حدود املعرفة اللغوية

أن تتوافر"Austinأوستني "ولكي يشرح كيفية حتقيق القوة املتضمنة يف القول يشترط :منها" القوة"جمموعة من الشروط التكوينية اليت تسهم يف تشكيل هذه

ه ال ميكن حتقيق القوة املتضمنة يف القول من مرتبط بأداء فعل القول أوال، ألنالشرط األول-إن النطق باأللفاظ يشكل يف العادة أمرا مهما بل «: "Austinأوستني "غري تأدية فعل القول؛ يقول

وهذا هو القصد من اإلنشاء يف كل ) كالرهان أو ما شئت(ي يف إجناز الفعل احلدث الرئيسكثريا من قوى أفعال الكالم ال ميكن تأديتها وإجنازها «: ويقول أيضا يف مناسبة أخرى. 2»تلفظ

فلتحقيق الوعد أو التهنئة أو الزواج أو الطالق وغري ذلك ال بد من نطق فعل . 3»إال بقولنا شيئا ما .ذي حيقق هذه املقاصدالقول ال

ولكن هذا ال يعين عدم وجود إشارات قد يقوم ا املتكلم من غري فعل القوة وحيقق ا حنن نستطيع أن نصل إىل غرضنا بدون عبارة ما أو بدون فعل «القوة اإلجنازية املطلوبة، فـ

منها على فمثال توجد إشارات وعالمات دالة على السخط كأن نضع يدنا أو جزءا ... كالميناحية من وجهنا تعبريا عن السخط، وعند البعض يتم ذلك بوضع أصبع ما يف املنخر، وغري ذلك

.4»من اإلشارات، وكثري من احلاالت يكون فيها قذف شيء ما داال على الغضب

قد يتهدد رافع السيف والسوط فيكون زاجرا، ومانعا رادعا، «ذكر اجلاحظ ههنا أنه وقد :وقد قال الشاعر يف دالالت اإلشارة... وعيدا وحتذيراويكون

.147كيف ننجز األشياء بالكالم، ص أوستني، 1 .123وينظر ص. 19 أوستني، املصدر نفسه، ص 2 .151، صاملصدر نفسه أوستني، 3 .150-149 أوستني، املصدر نفسه، ص 4

153

أشارت بطرف العين خيفة أهلها إشارة مذعور ولم تتكلم .1»فأيقنت أن الطرف قد قال مرحبا وأهال وسهال باحلبيب املتيم

ة إىل الفعل الكالمي الذي قد يتم باإلشارة يف داللة الترهيب يف إشارة ففي البيتني إشار .العني

هو أن نعرف ما إذا كانت "Austinأوستني "ولكن يبقى األهم يف كل ذلك كما يذكر .2اإلجابات وضروب اللزوم املتقاربة ميكن أن تؤدى على خري وجه ممكن

فالنطق باللفظ ليس هو فيه الفعل الكالمي، الشرط الثاين ويتعلق باملناسبة اليت قد يحقق-بوجه عام إنه من «العنصر الوحيد الضروري حىت نعترب أن الفعل كان يف حال إجناز، ولذا فلنقل

الضروري ودائما أن تكون املناسبات اليت حصل فيها التلفظ بالعبارة هي ظروف مناسبة خمصوصة اآلن هي اليت حتدد مبعطياا السياقية طبيعة اإلجنازية فاملناسبة . 3»على وجه ما أو على وجوه كثرية

.املقصودة

وجيب أن . فلكي تكون العبارات صادقة ال بد أن تتعالق مبناسبتها، وبالتايل ضمان إجنازيتهاال تتعلق بدالالت األلفاظ؛ بل ترتبط مبا ) ويقابلها الكذب(هنا " الصدق"نشري هنا إىل أن مقولة

؛ فالفعل الكالمي "النجاح وعدمه"ليطرح مقولة . 4 من أفعال يف ظروف خمصوصةميكن أن ننجزه .يكون ناجحا إذا حقق إجنازيته املقصودة، ويكون غري ناجح إذا جانب إجنازيته

يف هذا السياق بني معىن الفعل القويل وقوة الفعل اإلجنازي، وقد " Austinأوستني "وقد ميز ن األمثلة اليت قد تتعدد قواها اإلجنازية، ولعل أفضل مثال يوضح جمموعة مانطالقا منبين ذلك

هو ما حيتفظ به منذ بداية البحث ويستشهد به " القوة اإلجنازية"و" املعىن القويل"هذا التقابل بني ، فعلى الرغم من "ه سيهجم عليكإن: "كلما اقتضى السياق ذلك وهو رمبا قد يقول لك شخص

.219، وينظر ص1/78 البيان والتبيني، 1 .150 أوستني، املصدر نفسه، ص 2 .19، صنظرية أفعال الكالم أوستني، 3 .181 ينظر أوستني، املصدر نفسه، ص 4

154

أنه ال نعرف القوة املقصودة فيه، فليس واضحا ما إذا كنت أقصد إثبات وضوح املعىن القويل إال . 1وغري ذلك) إنشاء(، أو توجيه حتذير )اخلرب(حكم

ـ مثل هـذه الوظـائف «وهلذا قد تتعدد أشكال اإلفصاح عن خمتلف الوظائف اإلجنازية، ف، ..."أتعهد مبقتضى هذا"يل األدائية قد تكون صرحية بصورة واضحة متاما عندما نقول عبارة من قب

أو أن هذه الوظائف قد تعتمد على السياق يف احلصول على معناها اخلاص، كما أن ما يفصل مثل الـيت " Illocutionary forceهذه الوظائف عن العبارات احلقيقة هو القصد أو قوة تغيري الكالم

.2»تصاحب سياق مثل هذه الوظائف

عندما ننجز فعل كالم ما فنحن بالضرورة نستعمل «نا أن"Austinأوستني "وقد بين ،و لكن ذه املناسبة على كم وجه نكون بالضبط مستخدمني له؟ وإذا كان "Speechالكالم "

للكالم وظائف متعددة أو طرق نستعمله فيها، وحصل تنوع كبري يف إجياد فعلنا على وجه ما ". استخدام الفعل فيه"ع الطرق واملعىن الذي يقصد وكان لنا أن نقول يف كل مناسبة البد أن تتنو

وهكذا خيتلف الشأن حينما يقع التحذير أو جمرد التنبيه أو إصدار األمر، كما خيتلف حينما نكون آمرين بوعد على وجه معني أو نكون فقط مصرحني بإرادتنا على هذه النحو أو ذاك، وقس على

.3»ذلك

ة إىل الوظائف املختلفة الذين أشاروا بدق العربيع النحاةهنا من العودة إىل صنوال مندوحة ع االستعمايل للفعل انطالقا من ذلك كشف عنيها الكالم الواحد، قد ناليت قد يؤدالتنو

ع يف القوة اإلجنازية مظاهر التنوف. أو النصب" زيد"بالرفع يف " كيف أنت وزيد؟: "الكالمي موقوف على -برأيي–اإلعراب ذا الشكل هو«ة اإلعرابية، كون نفسرها انطالقا من هذه املخالف

. مبدأ اقتصادي كبري، فربما حبركة النصب أو الرفع نستطيع أن نوفر جهدا كبريا من أجل اإلبانة

.128كيف ننجز األشياء بالكالم، صتني، ينظر أوس 1، 1989صربي حممد حسن، اململكة العربيـة الـسعودية، دار املـريخ .د: كريستوفر نوريس، التفكيكية النظرية واملمارسة، ترمجة 2

.231ص .129 ص-كيف ننجز األشياء بالكالم– نظرية أفعال الكالم العامة 3

155

نشرح ذلك أكثر قد . 1»فلو مل يكن اإلعراب بعالمته هذه لتداخلت املعاين فيما بينها واختلطت :ا يليمم

" كيف أنت وزيد؟: " عن االثنني، نقول"االستخبار" القوة اإلجنازيةطلبفإذا أردنا *وهو وجه " ما أنت وما زيد؟"حممول على بنية أصلية يفسرها التقدير " زيد"بالرفع، فاملعطوف

كيف أنت وزيد : "ومما يقوي ذلك أننا نستطيع اإلطناب يف هذا العطف؛ أي أن نقول. 2حسن .إرادة االستخبار عنهم مجيعاعلى " وعمرو وبكر؟

كيف أنت : " نقول؛"السؤال عن صلة االثنني فقط"القوة اإلجنازية معرفةوإذا ابتغينا*والقول يف . بالنصب، غري أن حتقيق هذه الوظيفة يبقى مرتبطا مبا هو جدير باالستخبار" وزيدا؟

ندرك هذا أكثر من قول أسامة بن . الربط بينهمامنهذه احلالة ال يتعدامها؛ ألن السؤال يتحقق :3احلارث اهلذيل

يبرح بالذكر الضابط فما أنا والسير يف متلف عنصرين بالنصب على إرادة املعية؛ ألن الشاعر يريد االستنكار والتعجب، وهذا املعىن يتحقق بال

. ؛ ألنه ال يؤدي يف هذه احلالة البعد اإلبالغي املرادني معا، وال يؤديه أن يأيت االسم مرفوعااللغويومما يقوى . وبالتايل يلتبس املعىن املراد،بطل االستفهام" املعية"كما أنه إذا بطلت يف هذه احلالة

.4هذا أن االسم يف البيت من متام احلديث، وليس مبتحدث عنه وبذلك التزم فيه النصب

قف عند حدود اللفظ وعالقاا ي اإلجنازية للفعل الكالمي ال قوة الومنه يتضح لنا أن ضبطتصل أيضا بالعالقات اإلبالغية املقصودة، واليت ترتبط باملتكلم واملتلقي يالتركيبة فحسب؛ بل .وموضوع الكالم ككل

.49، ص2001عمار ساسي، اللسان العريب وقضايا العصر، اجلزائر دار املعارف،. د1 .1/302 ينظر كتاب سيبويه، 2 .2/507، )ت.د( ينظر أبو سعيد السكري، شرح أشعار اهلذليني، حتقيق عبد الستار أمحد فراج، القاهرة، مكتبة دار العروبة، 3 .254، ص 1998 ينظر عبد احلليم بن عيسى، الوظائف النحوية ألحرف العلة يف العربية، رسالة ماجستري، جامعة تلمسان،4

156

وهذا ما نوضحه أيضا من التعدد يف القوة املتضمنة يف القول اليت قد نرصدها يف قول العرب :، حيث قد تكتنفه القوى اإلجنازية التالية1"ال تأكل السمك وتشرب اللنب "

؛ ويتم ذلك بالرفع 2"ولك شرب اللنب"النهي عن األول وإباحة الثاين؛ واملعىن إرادة قوة * . ؛ ألنه مل يتوجه إليه النهي"تشرب"برفع " السمك وتشرب اللنبال تأكل"إلفادة االستئناف؛ أي

السمك وتشرب ال تأكل" بالنصب يف التركيبني معا؛ أي ؛ عدم اجلمع بينهما قوةإرادة*، فالنهي ههنا ليس مرتبطا بكل احلاالت؛ بل هو 3"ال جتمع بني السمك واللنب"؛ ألن املعىن "اللنب

.مقيد باملعية اليت تكون يف الوقت الواحد

ال تأكل"لفعلني يف النهي؛ أي النهي فقط، باجلزم على إفادة اإلشراك بني ا قوةإرادة*القبلية " الواو "، والنهي ضمن هذه احلالة غري مفيد؛ ألنه جيوز يف متبوع "السمك وتشرب اللنب .4أو البعدية أو املصاحبة

؛ وليس معناه ربط األلفاظ بسياقها )بالطرح التداويل" (Contextualisationالتسييق "ليبقى ا املقامي، هو املعني األساسي على ضبط القوى اإلجنازية املقصودة اللغوي فحسب، بل حىت سياقه

.يف مثل هذه األقوال

إذا مل يسمع «الشرط الثالث إذعان املتلقي للفعل القويل جبدية وتفعيل لفعل الفهم؛ فـ-خماطيب ما أخربته به، أو أنه مل حيمل كالمي حممل اجلد وعلى وجهه مل يصح أن نقول إين قد

إذن البد أن حيدث أثر وتأثري ما على املخاطب حىت تتحقق قوة فعل الكالم، وتكون و. حذرتهولكن كيف يبلغ هذا األثر على أحسن وجه؟ وكيف . قيمة العبارة به واصلة إىل تأدية املقصود

ميكن أن نقيس وأن حندد هذا األثر؟ وبوجه عام يكافئ مقياس وحتديد األثر محل اآلخر

.2/357، وابن عقيل، شرح ابن عقيل، 2/25، واملربد، املقتضب، ج3/43ظر سيبويه،كتاب سيبويه، ين1 . .555 ينظر ابن هشام، مغين اللبيب عن كتب األعاريب، ص 2 .3/43 ينظر سيبويه، كتاب سيبويه، 3اللغوية، رسالة دكتـوراه جامعـة تلمـسان، دراسة تركيبية للبنية – ينظر عبد احلليم بن عيسى، اخلفة والسهولة يف احلدث اللساين 4

.181، ص2004

157

إنه سيهجم "يف " التحذير"فالفعل اإلجنازي . 1» الداللة وفهم قوة العبارةعلى حتصيل) املخاطب( .جيب على املتلقي أن يأخذه على حممل اجلد حىت ينجح الفعل الكالمي" عليك

ليس من الضروري أن يبايل املستمع بالتحذير فعال؛ ألنه رمبا يظل غري مقتنع بأن «ولكن ب عليه أن يدرك أن املتكلم قصد مبنطوقه أن حيذره، ولكن جي. الثور على وشك أن يهجم بالفعل

فليس ضروريا أن يبايل أو ال يبايل . 2»وجيب عليه أن يدرك أن املنطوق قد نطق به على أنه حتذير ".التحذير"املتلقي مما تلقاه؛ بل األهم أن يدرك أن القوة املتضمنة يف القول هي

املتكلم واملتلقي، فالفعل اإلجنازي فعل عريف قائم رتباطه بالعرف الشائع بنيا: الشرط الرابعأوستني "، يقول فاق واملواضعةعلى االتAustin" :» جيب أن نالحظ أن قوة فعل الكالم هي فعل

فكما أنه للفعل . 3»اتفاقي مننب على التواطؤ واملواضعة؛ إنه فعل مؤدى ومنجز طبقا للتواضعيب عناصره، كذلك األمر بالنسبة للفعل اإلجنازي؛ إذ له القويل أعراف مضبوطة يف صياغته وترت

أفعال كالمية "ننجز أيضا قوى «أعرافه الشائعة يف اجلماعة اللغوية املعينة، عن طرقها Illocutionary acts " كاإلخبار أو إصدار األمر أو التحذير أو مباشرة األمور وغري ذلك، أعين

.4»وقوا وقيمتهاضروب العبارات اليت هلا صفة املواضعة

فهذه العرفية تنظم عالقات املتكلم باملتلقي حىت تتحقق اإلجنازية املقصودة، باعتبار أن كل يستطيع املتكلم أن يفهم السامع «إجناز يقوم على عرف يفصح عنه؛ وهي شرط أساسي لكي

.5»مبنطوق حمدد، ماذا يريد منه

.147كيف ننجز األشياء بالكالم، ص– أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة 1

ويف هذا السياق دعا البالغيون املتلقـي إىل حـسن . 197صالح إمساعيل عبد احلق، التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد، ص. د 2حسبك من حظ البالغة أن ال يؤتى السامع من سوء إفهـام النـاطق، وال «: صد القول، يقول العسكري االستماع حىت يقف على مقا

األدب . »تعلم حسن االستماع كما تتعلم حسن الكـالم «: ويقول ابن املقفع . 22الصناعتني، ص . »يؤتى الناطق من سوء فهم السامع .180، ص3/1964 بريوت منشورات مكتبة البيان، طيوسف أبو حلفة،: الصغري واألدب الكبري ورسالة الصحافة، تح

.136كيف ننجز األشياء بالكالم، ص– نظرية أفعال الكالم العامة 3 .141 أوستني، املصدر نفسه، ص 4 .111سعيد حسن حبريى، ص. كالوس برينكر، التحليل اللغوي للنص مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج، ترمجة د 5

158

، فبين يف رح أكثر إجنازية الفعل الكالميعلى قيمة هذا العرف لش"Searleسريل "د وقد أك أنه من غري املمكن أن ينحصر ويقوم "Les actes de langageأفعال الكالم "غري مرة من كتابه

مفهوم الفعل الكالمي على مراد املتكلم فحسب؛ بل هو مرتبط أيضا بالعرف اللغوي واالجتماعي ولكي يوضح ذلك ضرب مثاال لذلك يقول فيه؛ فلنتخيل . الذي يتقامسه أفراد البيئة اللغوية املعينة

أنين جندي أمريكي يف احلرب العاملية الثانية، وأن اجلنود اإليطاليني قد اعتقلوين، ولنفترض أنين أردت أن يعتقدوا أنين جندي أملاين لكي يطلقوا سراحي، فمطلوب أن أفصح عن ذلك باللغة

لألسف ال أجيد اللغتني، فحاولت أن أراوغهم ليعتقدوا أنين جندي األملانية أو اإليطالية، لكن وأملاين فاستخدمت مجلة أملانية هي البيت األول من قصيدة حفظتها عن ظهر قلب من درس تعلمته

أنا "اليت تعين بالنسبة إيل " kennst du das land, wo die zitronen büben"عن األملانية؛ وهي .ي بأنه ليس فيهم من يتقن اللغة األملانية، ثقة من"ضابط أملاين

ه، ولكن سراحلكي يطلق" إنين ضابط أملاين: "فقصد املتكلم من هذه اجلملة أنه يقولهل تعرف البلد الذي يزهر فيه الليمون : " ذلك، بل تعين علىانية ال تدلمل املنطوق ا يف األاجلملة

Connais tu le pays ou fleurissent les citronniers?"افق ال تتو-كما نرى–وهي مجلة ؛ . الذي نريد استعماهلا فيه احلالسياقمع

وهذا دليل واضح على أنه ال يكفي قصد املتكلم يف الفعل الكالمي؛ بل البد من األخذ هذا اإلطار ويف. بعني االعتبار العرف اللغوي واالجتماعي الذي تقتضيه اللغة املعينة يف استعماالا

وحنن نريد " اجلو بارد ":الذي يذكر أنه قد نقول" Wittgensteinفيتغنشتاين "يستشهد بقول ، 1 احلال املستعمل فيه، والذي يستحيل معرفته مبعزل عن سياق"وحنقق املقصد" اجلو حار"معىن .اصدها اليت تنظم استعماالت اللغة ومق"ة واالجتماعيةف اللغوياعراأل"تشكل ومنه ت

كل فعل ن طبيعة قواعد تأسيسية تبيSearle "سريل "ل هذه األعراف كما يرى وتشكإجنازي بالنسبة للفعل القويل املعني؛ فبالنسبة للفعل الكالمي للطلب يعد املنطوق حماولة من املتكلم

الكالمي وبالنسبة للفعل". أطلب منك أن تأتين غدا"حلمل املخاطبني على أداء فعل معني مثل للنصح يعد املنطوق تأكيدا من املتكلم حيال املخاطب بأن فعال مستقبليا حمددا سيكون يف صاحل

1 Voir Searle, Les actes de Langage, p:84-85.

159

وبالنسبة للفعل الكالمي للوعد يعد ". أنصحك بأن تذهب إىل الطبيب"املخاطب متاما، مثال ا وعد به، مثل املنطوق بالنسبة للمتواصلني قبول املتكلم بااللتزام حيال املخاطب بتنفيذ مضمون م

وبالنسبة لألفعال الكالمية للزعم والتقرير والتوكيد يعد املنطوق تأكيدا من ".أعدك بأن آيت غدا"أزعم أن املنتج س جيد بصفة "املتكلم جتاه املخاطب بأن القول املعين ميثل حاال حقيقية، مثل

هذا املنطوق هو فكل فعل إجنازي يقوم على فعل قويل ما يكشف عن طبيعته، . 1»"...خاصة .الذي حيدد انطالقا من التواضع والتواطؤ يف اجلماعة اللغوية املعينة عرفية القوة اإلجنازية

هذه األعراف اليت تفصح عنها األفعال القولية هي اليت تنظم العالقات االجتماعية بني ما ومكونا عن طريق األفراد؛ إذ هناك أنواع كثرية جدا من املعاملة اإلنسانية تتضمن كالما حمكو

ومن مث . باإلضافة إىل األعراف اليت حتكم منطوقاتنا،ه أعراف رمسيةما ميكن إدراكه بيسر على أن تكون منطوقة -يف حلظة مالئمة–يلفظها رئيس احمللفني يف احملكمة " مذنب" حقيقة أن كلمة فإن

ة إجراءات عرفية يف احلكم إىل احملكمة؛ وكون هذا كذلك هو يقينا مسألمن حيث هو رفع لمتعدي على لة رمسيةايف مبار لو قال احلكم قيمةعرفالوبصورة مماثلة فإن ملسألة . القانونهكذا األمر مع خمتلف القوى اإلجنازية و .لالعبله يؤدي بذلك فعل اإلخراج فإن" أخرج "منافسه

، أو )ونية أو غري ذلك أو جلسات قانيف ممارسة لعبة مثال(اليت تنظمها األعراف القانونية .االجتماعية املنبثقة من السنن والتقاليد اليت قد تنظم شؤون أسرة أو قبيلة أو جمموعة بشرية ما

ويتعلق بالفعل الذي قد :Acte perlocutoire )ا اي(ا ا ال -جع وقع القول، أو يف اآلثار اليت حنققه بواسطة قولنا لشيء ما، وحتقيقنا للفعل اإلجنازي، ويظهر م

.حيدثها القول على املخاطب، بتعديل أنظمته املعرفية أو عاداته السلوكية

أنه مع القيام بفعل القول، وما يصحبه من فعل متضمن يف القول " Austinأوستني "ويرى تب عليه أحيانا أو فأن نقول شيئا ما قد يتر. البد أيضا من أن ننجز نوعا آخر من األفعال«) القوة(

وإجناز فعل من ... يف العادة حدوث بعض اآلثار على إحساسات املخاطب وأفكاره أو تصرفاته

.112سعيد حسن حبريى، ص. ينظر كالوس برينكر، التحليل اللغوي للنص مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج، ترمجة د 1

160

هذا النوع ميكن أن نسميه بإجناز ما ترتب عن فعل الكالم وما لزم عنه، وهو بالضبط مصطلحنا .Perlocutionary"«1الزم فعل الكالم "

ضيح يشري إىل اآلثار الناجتة عن الفعل الكالمي، واليت ضمن هذا التو" Austinأوستني "فـ، الترهيب، اإلقناع، التضليل، اإلرشاد، التثبيط: ومن أمثلة تلك اآلثار. تتنوع حبسب أغراضه

: قد نوضح ذلك أكثر من املثال اآليت. وغري ذلك... اإلكراه ".أخرج من البيت"-

ن قد حقق الفعل الكالمي بكل مستوياته الثالثة، قد فاملتكلم ملا حيقق هذه العبارة فإنه يكو : الصياغة اإلجرائية التاليةمننبينه

قاصدا بذلك استعمال فعل " أخرج من البيت "إنه قال يل بأن: أو فعل القول) أ(فعل -أ . على حقيقتهروجاخل

.اخلروج من البيتلقد حضين أو نصح يل أو أمرين ب: أو قوة فعل القول) ب(فعل -ب .خرج من البيتأنه أقنعين أو محلين على أن أ: أو الزم فعل القول) ج(فعل -ج

فاملتكلم يف املستوى األول حقق فعال كالميا، وبه يكون حمققا للفعل اإلجنازي املتمثل يف ، ويترتب عن ذلك أنه أحدث يف نفسي اقتناعا، وهو بذلك قد حقق الفعل التأثريي اخلروجاألمر ب ).ج(و ممثل يف الصيغة اإلجرائية كما ه

يف قوله ) عليه السالم(مع سيدنا موسى ) عليه السالم(ر ضوقد منثل لذلك يف حوار اخل) اخلضر عليه السالم(حيث نالحظ أن املتكلم ، 2﴾قال إنك لن تستطيع معي صبرا﴿: تعاىل

ته الثالثة، قد نوضح ذلك منل الكالمي بكل مستويابتحقيقه هذه العبارة فإنه يكون قد حقق الفع :الصياغة اإلجرائية التالية

".إنك لن تستطيع معي صبرا": "عليه السالم"قال ملوسى : القولفعل-أ .لن يستطيع الصرب معه" عليه السالم"لقد احتج على كون موسى : قوة فعل القول-ب

.131كيف ننجز األشياء بالكالم، ص- نظرية أفعال الكالم العامة 1 ).67( الكهف 2

161

.نبهه إىل نتائج وعواقب فعلهلقد منعه و: الزم فعل القول-ج

الفعل ( إىل ضرورة التفريق بني ما ننجز من فعل وحنققه "Austinأوستني "وقد دعا كون هذا األخري مفهوما من اخلارج «، من حيث )الفعل التأثريي(وبني آثاره ونتائجه ) اإلجنازي

ومن . مترتبا عن فعل الكالمومن قرائن األحوال، ونتيجة آلثارها، مث إنه يف ذاته ليس نتيجة والناحية أخرى يتعني اآلن أن نشري إىل أن فعل الكالم من حيث هو متمايز عن الزم فعل الكالم يرتبط على وجه ما حبدوث بعض اآلثار؛ ألنه لو مل حتصل بعض اآلثار تامة اإلجناز مل تكن قوة

... ك كذلك مل يقع الفعل على وجههفعل الكالم مناسبة لالعتبار ومقبولة، وبالتايل لو مل يكن ذلوإذن البد أن حيدث أثر وتأثري ما على املخاطب حىت تتحقق قوة فعل الكالم وتكون قيمة العبارة

.1»به واصلة إىل تأدية املقصود

ينبغي أال بني «، ولذا "الفعل الناتج عنه"و" الفعل املتضمن يف القول"ومنه يتضح الفرق بني ، وبني حدوث النتائج؛ إذ أن قوة فعل الكالم يسري أثرها وحيدث مفعوهلا "لهسريان األثر ومفعو"

وشتان بني سريان األثر وحصول النتائج وحدوثها على ترتب وقوع أمور . على بعض الوجوه . 2»بشكل عادي كاحلال مثال يف تغيري جمرى األحداث الطبيعية

ل املتضمنة يف القول قصدية، أما إىل أن األفعا" Searleسريل "ويف هذا اإلطار أشار األفعال التأثريية ال جيب أن تؤدي قصديا بالضرورة؛ قد تقنع شخصا بشيء ما، أو تدفعه إىل فعل «

وكون األفعال التمريرية هي قصدية يف اجلوهر، . شيء أو تزعجه أو حتريه دون أن تقصد ذلكهنا إشارة دقيقة إىل أنه قد تتحقق بعض و. 3»بينما األفعال التأثريية قد تكون وقد ال تكون قصدية

.التأثريات اليت قد ال يقصدها املتكلم، رمبا قد تنتج عن سوء تأويل الفعل اإلجنازي

يف الوقت نفسه إىل العالقة اليت تربط بني القوة املتضمنة يف" Austinأوستني " حمـوقد لتربط فيها قوى أفعال الكالم بآثاره إذن توجد ثالثة طرق «: القول، واآلثار الناجتة عنه، يقول

ونتائجه فمنها سكون النفس وطمأنينتها إىل الفهم، ومنها سريان املفعول وأثره، ومنها تلمس

.147ف ننجز األشياء بالكالم، ص أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة كي 1 .147 أوستني، املصدر نفسه، ص 2 .203 العقل واللغة واتمع، ترمجة سعيد الغامني، ص 3

162

ففي هذا القول إشارة مهمة إىل مبادئ عرفية تواضعية مهمة خارجة عن فعل الكالم . 1»اإلجابة .فعل الكالمي وتأدية مقصدهيف حد ذاته لترتبط باملتكلم واملتلقي أيضا يف إنتاج ال

ومن هذا التوضيح ككل نالحظ أن الفعل الكالمي الكامل يتكون من فعل القول، والفعل . )الفعل التأثريي (، والفعل الناتج عن القول)الفعل اإلجنازي (املتضمن يف القول

لألفعال " Austinأوستني " أستاذه أعاد النظر يف التقسيم اليت قدمه"Searleسريل "ولكن فرجيه "مما كان قد أصبح شائعا عند عدة فالسفة أمثال «ومستفيدا الكالمية مقترحا تصورا آخر،

Frege "هري "وHare " ومينونجMeinong" فعل النمط " يف حتليل الفعل املتضمن يف القول إىلType act "فعل احملتوى "وContent act ." يم ضمن فعله سريل هو استيعاب هذه التقسيوكل ما

فعل القضية "نظرية األفعال الكالمية، وذلك بأن مييز بني الفعل املتضمن يف القول عن Propositional act"«2.

الذي قدمه حول الفعل الكالمي؛ إذ وزعه بني يف التمييز نستطيع أن نبين إسهامه هذاو .ي، والفعل التأثرييفعل القول، والفعل القضوي، والفعل اإلجناز: أربعة أفعال لغوية هي

.ويتمثل يف النطق الصويت لأللفاظ على نسق حنوي ومعجمي صحيح: فعل القول-1

وهو احلمولة الداللية اإلحالية املباشرة اليت حتملها : فعل القضية أو الفعل القضوي-2 الداللة اإلحالية" (فعل القول"اجلملة، وهو مأخوذ من املعجم يف العادة، وهو معادل ملفهوم

".قضية"، وتعين )ض(اليت ترمجت بـ) P(بـ" Searleسريل "، ويرمز هلا )املباشرة

ويتعلق بالطاقة اإلجنازية اليت يتضمنها ): القوة اإلجنازية(فعل القوة املتضمنة يف القول -3وفعل القوة هو الفعل . واالستخبار أو الوعد أو الوعيد، وغري ذلكأالفعل الكالمي؛ كاإلخبار

).ق(الذي ترجم يف العربية بـ) F(ي احلقيقي، ويرمز له بالرمز الكالم

.148 أوستني، املصدر نفسه، ص 1كـز باريس مر /، بريوت 1992، 99-98 طالب سيد هاشم الطبطبائي، نظرية األفعال الكالمية، جملة الفكر العريب املعاصر، العدد 2

.67اإلمناء القومي، ص

163

، واليت ترمجت يف العربية P (F(فاحملتوى القضوي لكل امللفوظات اإلجنازية يرمز إليها بـ .1)ض(ق : بـ

األمثلة األربعة التالية اليت حتمل حمتوى قضويا " Searleسريل " ذلك قدم كشف عنولكي ي : يف قوا اإلجنازية وهيواحدا لكنها ختتلف

".جون يدخن كثريا"- "هل يدخن جون كثريا؟"- ".دخن كثريا جون"- !"كم إن جون يدخن كثريا"-

اإلخبار واالستفهام واألمر والتعجب، : حيث ختتلف القوى اإلجنازية يف هذه األقوال بنيوحمموهلا " جون" واحدة موضوعها على الرغم من أن احملتوى القضوي واحد؛ إذ يعبر عن قضية

.2"التدخني"

".Austinأوستني "وال خيتلف مفهومه عن التصور الذي قدمه أستاذة : الفعل التأثريي-4

سريل "ي كما تصورها كالم على ما سبق ميكن أن نعيد صياغة تركيبة الفعل الوبناءSearle "كما يلي:

.أن تتكلم؛ أي أنك حتقق الفعل التلفظي- .أن تسند الكلمات إىل بعضها وحتيل على مراجعها، يعين أنك حتقق الفعل القضوي-الفعل الكالمي (ق فعل القوة قأن خترب أو دد أو تعد أو تستنكر أو تستفهم؛ أي أن حت- ).احلقيقي

.الفعل التأثريي، ولكن ليس له أمهية كبرية عنده-

. 84مسعود صحراوي، ص. األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب، د1

2 Voir : Les actes de Langage, Searle, P :60.

164

سريل"ى هذا التعديل الذي أتى به لقد أد Searle " فعل "و" فعل القضية"إىل التفريق بني :؛ إذ ميكن للفعل القضوي الواحد أن يظهر مع حتقيق أفعال إجنازية خمتلفة قد منثل لذلك بـ"القوة

".خرج زيد"-أ ".هل خرج زيد"-ب ".ليخرج زيد"-ج

ناتج عن إسناد) محولة داللية مباشرة واحدة(فهذه امللفوظات ذات فعل قضوي واحد ، إال أنها رغم قيامها على الفعل القضوي نفسه إال أن قواها اإلجنازية خمتلفة؛ "زيد"اخلروج لـ

وهذا يعين أن . األمر) ج(االستفهام، ويف ) ب(هي اإلخبار، وهي يف ) أ(حيث القوة اإلجنازية يف قيق كل واحد منها حتقيق هذه امللفوظات معناه حتقيق ثالثة أفعال إجنازية خمتلفة حيث يتكرر مع حت

.حتقيق الفعل القضوي نفسه

سهم يف بيان القوة اإلجنازية، ميكن أن نالحظ ذلك يف اليت ت ؤشراتاملكيب االترقد تتوافر و" الم األمر"مؤشرا للقوة اإلجنازية، واألمر نفسه مع " هل"حيث متثل أداة االستفهام ) ب(اجلملة

يطرد ظهورها مع كل استعمال لغوي؛ إذ ميكن أن تضمر دون غري أن هذه املؤشرات ال). ج(يف :مثل) فعل القول(أن تظهر يف بنية امللفوظ

.؛ حيث تكون القوة اإلجنازية هي اإلخبار فقط"سوف أحضر غدا"- .؛ حيث تكون القوة اإلجنازية هي الوعد"سوف أحضر غدا"- .تهديد؛ حيث تكون القوة اإلجنازية هي ال"سوف أحضر غدا"-

: ، لكنها خمتلفة من حيث القوة اإلجنازية"اإلتيان"فعل هو فلهذه اجلمل فعل قضوي واحد، ومن اإلخبار إىل الوعد مث التهديد، وغريها من القوى اإلجنازية اليت ميكن حتقيقها يف السياقات

.الكالمية املختلفة

165

، ومنه نالحظ أن متييز "القضيةفعل "ومعىن هذا أن الفعل املتضمن يف القول يزيد بدرجة عن األول عن الثاين متييز حقيقي، ومها يف الوقت نفسه متالزمان؛ فال وجود لفعل متضمن يف القول

.من دون وجود فعل القضية

أن ينتبه إىل قضية مهمة جدا يف هذه النظرية؛ إذ "Searleسريل "ويف هذا السياق استطاع قد تنجز أكثر من قوة إجنازية؛ قد تفصح عن واحدة منها بطريقة اتضح له أن هناك أفعاال كالمية

مباشرة، وقد تدل على أخرى بطريقة غري مباشرة، ينتقل من األوىل إىل األخرى عرب سلسلة من .االستدالالت

6-زى اف اأ:

للفعل الثالثةأن موضوع البحث األساسي من األقسام" Austinأوستني "قد الحظ ل؛ إذ يعتربه الفعل )الفعل املتضمن يف القول" (الفعل اإلجنازي" هو الفعل الثاين؛ أي كالميال

وقد قام . ؛ فهو اال الوحيد الذي يستحق البحث والدراسةهالكالمي احلقيقي، أو جوهرالقوة "بدراسته وحبثه، من أجل إجياد منهج معين يف تصنيف األفعال الكالمية، فاعتمد على

اليت تصاحب املعىن الصريح للفعل التلفظي، ومنه استطاع أن يقدم " Force Illocutoireازية اإلجن :تصنيفا لألفعال اإلجنازية يقوم على ما يلي

وهي عبارة عن إطالق أحكام أو قرارات قضائية على واقع ":Verdictifsاحلكميات "-1: لى بداهة، أو أسباب وجيهة، مثلما، أو شخص معين، أو قيمة معينة، وتتأسس يف جوهرها ع

".برأ ووعد ووصف وحلل وقدر وقيم وحكم وفسر وقوم وطبع وصنف ورتب وأثبت"

وتقوم يف أساسها على استعمال احلق أو السلطة ): التمرسية (":Exercitifsاألمريات "-2أمر وى وحرم وأعلن أو ما إليها بإصدار أوامر لصاحل أو ضد سلسلة أفعال، مثل عين واستقال و

.وأغلق ونبه وطالب) عن بداية جلسة(

وهي إما التزام بأداء فعل ما، ) Commissifsأو التكليف ": (Promissifsالوعديات "-3 .أو إفصاح عن نية، مثل وعد ونذر وأقسم وراهن والتزم وضمن

166

خرين، وهي إظهار مشاعر نفسية إزاء ما حيدث لآل": Comportatifsالسلوكيات "-4شكر وهنأ وعزى ورحب واعتذر وانتقد : وتندرج حتت باب السلوك واألعراف االجتماعية؛ مثل

.وبارك

وهي عبارة عن ألفاظ تستعمل لشرح احلالة اليت ): العرضية (":Expositifsالتبيينيات "-5م وبسط يضع املتكلم نفسه فيها من أجل إيضاح شيء ما يف حماوراته وحماجاته، بعرض املفاهي

مراجع، مثل أكد وأنكر وأجاب واعترض ووهب ومثل ذكر املواضيع، واستعمال كلمات، و .1وفسر ونقل أقواال وبرهن ووصف وشرح

وليست ) Verbes(هي أللفاظ األفعال " Austinأوستني "واملالحظ على األمثلة اليت قدمها يف؛ إذ هناك تداخل بني األفعال يف لط يف التصناخلوقد تسبب ذلك يف ). Actes(لألفعال ذاا

". التبيينيات"وأخرى يف " احلكميات"مرة يف " وصف"األمثلة اليت أتى ا؛ وهذا ما نالحظه يف وهو االحتكام إىل " Austinأوستني "ولعل ذلك يكون ناجتا عن ارتباك مصدر املنهج الذي اتبعه

أوستني "ويف هذه املناسبة نشري إىل أن . غويةاملعاين اردة لألفعال كما تقدمها املعاجم اللAustin "ذا التصنيف ه غري راضح بأن2نفسه صر.

للفعل الكالمي، وعلى الرغم من أنه مل " Austinأوستني "هذا هو التصور العام الذي قدمه ا اعتربه يكن كافيا لوضع نظرية دقيقة ومتكاملة ألفعال الكالم، إال أنه استطاع أن يتحدى م

مغالطة وصفية يف دراسة اللغة، فأضحت املفاهيم األساسية اليت قدمها نقطة االنطالق الرئيسية من فعل القول، " الفعل اإلجنازي"، أراد فيها التركيز على لدراسة من نوع خاص للدراسة اللغوية

.غريمهاو" Wunderlichفوندرليش "و" Searleسريل "وهذا ما تبلور أكثر مع أتباعه مثل

لألفعال اإلجنازية، مل يقدم على " Austinأوستني " أن تصنيف "Searleسريل "فقد الحظ املعىن "أسس مضبوطة مبا تقتضيه هذه القوى، وقد بدا واعيا ذا األمر لذلك اقترح يف كتابه

عطيات تصنيفا آخر مبنيا على معايري أخرى خارجة عن إطار امل" Sens et expressionوالعبارة

قاربة التداوليـة، وفرانسواز أرمينيكو، امل، 187-186كيف ننجز األشياء بالكالم، ص -ينظر أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة 1 .77مسعود صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب، ص.، ود62ص

.186كيف ننجز األشياء بالكالم، ص - ينظر أوستني نظرية أفعال الكالم العامة2

167

االختالفات اليت قد تكون بني خاللمنوقد بناه ، "سياق احلال"اللغوية، تتعالق أكثر مع معطيات لالختالفات الداللية ميكن ) Dimensions(هناك ويف رأيي اثنا عشر بعدا «القوى اإلجنازية، يقول

: 2، وهذه األبعاد هي1»أن جتعل األفعال اإلجنازية ختتلف الواحدة عن األخرى

من الفعل اإلجنازي، ففي األمر مثال يكون اهلدف هو االختالف يف اهلدف أو الغرض -1واهلدف أو الغرض من الوصف هو متثيل لشيء ما سواء . حماولة التأثري يف املتلقي ليقوم بفعل ما

أما اهلدف من الوعد فهو إلزام املرسل نفسه بفعل شيء . أكان صادقا أم كاذبا دقيقا أم غري دقيق .ام

واهلدف أو الغرض ألي منط من فعل القول مرتبط باهلدف اإلجنازي، وهو جزء من القوة اإلجنازية ولكنه ليس مطابقا هلا، فمثال اهلدف اإلجنازي للرجاء هو نفسه اهلدف اإلجنازي لألمر؛

لف عن القوة اإلجنازية ختتولكن من املؤكد أن. كالمها يستدعيان من املرسل إليه القيام بشيء ماوميكن القول بوجه عام إن القوة اإلجنازية نتاج لعدد من العناصر؛ وليس اهلدف اإلجنازي . ذلك

.3إال واحدا منها، ولذلك فإنين أعتقد أنه األكثر أمهية

؛ ويتعلق "Les mots et le monde"االختالف يف اجتاه املطابقة بني الكلمات والعامل -2) وبتعبري دقيق حمتواها القضوي( لبعض اإلجنازيات بإرجاع الكلمات األمر هنا باهلدف اإلجنازي

إىل العامل ومدى مالءمتها له، يف حني هناك إجنازيات أخرى يتحقق هدفها اإلجنازي بالنظر إىل .مالءمة العامل للكلمات

" يثبت أو يشرح أو خيرب أو يطالب أن: "االختالف يف احلالة النفسية املعبر عنها، فالذي-3يأمر أو يطالب أو : "يعبر عن إميانه بالقوى اإلجنازية اليت تقتضيها هذه األفعال، وكذلك الذي

.يعبر عن أسفه على ما بدر منه" يعتذر"يعبر عن رغبة من أن ينجز السامع الفعل، والذي " يرجو

1 Searle, Sens et expression étude de théorie des actes de langage, P:40. 2 Voir Searle, Ibid, P:40-46. وقد استعنا يف الترمجة بالترمجة الواردة هلذه األبعاد يف كتاب آفاق جديدة يف البحث اللغوي

.66-63سعيد علوش يف كتاب املقاربة التداولية، لفرانسواز أرمينيكو، ص.، وترمجة د77املعاصر، للدكتور حممود أمحد حنلة، ص 3 Voir, Searle, Ibid, P:40-41.

168

موقف جتاه ويعرب املتكلم على العموم، يف القيام بكل فعل إجناز ميتلك مضمونا قضويا، عن .هذا األخري سواء كان خملصا أم ال

االختالف يف القوة أو الدرجة يف تقدمي اهلدف اإلجنازي مثل ما نالحظه يف امللفوظني -4 :اآلتيني

، "أقترح أن نذهب إىل السينما"- أصر على ذهابنا إىل السينما،"و-

. دميهماإذ هلما اهلدف اإلجنازي نفسه، لكنهما خيتلفان يف درجة أو شدة تق

االختالف يف مرتلة املتكلم واملؤهالت اليت قد متيزه عن املتلقي يف الوقت الذي ينتج فيه -5 من جندي أن ينظف سالحه -يف ثكنة عسكرية–القوة اإلجنازية للملفوظ؛ فلو طلب الضابط

كان أمرا، ولكن إذا طلب اجلندي من الضابط أن يفعل ذلك كان هذا جمرد اقتراح أو رجاء، .إذا هناك فرق بني األمر وااللتماس كفعلني كالميني خمتلفني. وليس أمرا

االختالف يف الطريقة اليت يرتبط ا القول باهتمامات املتكلم والسامع؛ مثل االختالف -6هذا احلد يعد من أمناط الشرط التمهيدي يف . الذي قد يكون بني املدح والرثاء، أو التهنئة والتعزية

.ال الكالميةحتليل األفع

االختالف املتصل مع سائر عناصر اخلطاب والسياق الذي يقع فيه؛ لنأخذ على سبيل -7؛ إذ تتصل هذه امللفوظات بكل العناصر "أجيب، أو أستدل، أو أستنتج، أو أعترض على: "املثال

.اليت تسهم يف إنتاجها، ومع السياق الذي ترد فيه

احملدد مبؤشر القوة " Contenu propositionnelاحملتوى القضوي "االختالف يف -8اإلجنازية؛ كاالختالف بني اإلخبار والتوقع؛ فاألول يكون عن أمر ماض أو حاضر، أما الثاين

.فيكون ألمر يف املستقبل

االختالف بني أفعال قد تكون دائما أفعاال كالمية، وأخرى ميكن أن تكون منجزة -9أنا أصنف "مثال ميكن أن تصنف األشياء وأنت تقول . ككأفعال كالمية لكن ليس بالضرورة كذل

169

، لكنك قد ال حتتاج إىل قول أي شيء لتصنيف األشياء؛ إذ يكفي أن )"ب(و) أ(هذه األشياء إىل يف ) ب(، وما هو من النوع )أ(يف الصندوق املخصص لـ) أ(تضع ما هو منها من النوع

أنا "دير القيمة أو تشخيص احلالة كذلك ميكن أن تقول عن تق). ب(الصندوق املخصص لـ .لكن من املمكن أن تقدر أو تشخص دون أن تقول شيئا على اإلطالق" أشخص"أو " أقدر

Uneمؤسسة فوق لسانية "االختالف بني أفعال كالمية يتطلب أداؤها أن تنتمي إىل -10

institution extra-linguistique "فعال كالمية كثرية وأخرى ال يتطلب إمتامها ذلك؛ إذ هناك أهلا القدرة على حتقيق اإلجناز املقصود؛ وهي على ) عرف غري لغوي(تتطلب مؤسسة فوق لسانية

العموم ما كان خاضعا يف إجنازه من الفعل حلالة يطلب فيها املتكلم من السامع عمل شيء يف ، إعالن الزواج )مأجر(، جترمي ارم )حرم(؛ مثل أفعال التحرمي )العرف(إطار هذه املؤسسة

؛ فالتحرمي له مؤسسته الشرعية اليت توضحه، وكذلك الزواج ال جيوز إال يف إطار )...تزوج(أما أفعال أخرى من مثل الوعد أو اإلخبار فمثلها ال حيتاج . مؤسسة تقره وتشرعه، واحلرب أيضا

.إال إىل العرف اللغوي

" Le verbe illocutoireازي فعلها اإلجن"االختالف بني األفعال اليت يكون لـ-11أكد، وعد، أمر، "، وأخرى ليس هلا ذلك؛ مثل أفعال "Un usage performatif"استعمال أدائي

أو " بعتك: "إال بالقول فنقول" أنذر"، أو "باع"استنتج، ولكن ال ميكن أن ننجز فعل البيع ".Des performatifsأدائية "، فاألفعال اإلجنازية ليست كلها "أنذرتك"

للفعل اإلجنازي؛ فبعض " L'accomplissementاألداء "اختالف األسلوب أثناء -12يف أداء الفعل اإلجنازي، كاالختالف بني " style particulierاألفعال اإلجنازية هلا أسلوب خاص

Leاحملتوى القضوي "و" Le but illocutoireاهلدف اإلجنازي "اإلعالن واإلسرار؛ إذ خيتلفان يف

contenu propositionnel"ولكن دائما يف أسلوب أداء فعليهما اإلجنازي ،.

ألن األفعال ) البينية" (االختالف "فكل هذه األبعاد كما نالحظ يريد صاحبها إثبات فيما بينها وتتنوع حبسب طبيعتها املستمدة يف جوهرها من " ختتلف"اإلجنازية ليست واحدة؛ بل

واليت تؤطر كل فعل كالمي، باعتبار أن االكتفاء جبانب واحد فقط ككل، " سياق احلال"معطيات

170

قد ال يسعفنا يف حتديد القوة ") Austinأوستني "كما قد نالحظ على تصنيف (كاجلانب اللغوي .اإلجنازية املبتغاة للفعل الكالمي املعني

جنازية واألفعال لألفعال اإل" Austinأوستني "وانطالقا من األبعاد، وبعد تأمله لتصنيف من التصنيف له جمموعة من املآخذ؛ لعلاأن هذ" Searleسريل "الواردة حتت كل صنف الحظ

ولكن ؛" cutoireso illactesDesاألفعال اإلجنازية "أمهها أن تقسيمه مل يكن بناء على ما تقتضيه نات يف القول املتضم«، فـ" illocutoiresverbesDes األلفاظ اإلجنازية "انطالقا من

)Illocutions ( ا تسمى هذه هي أجزاء من اللغة ال من لغة معينة، بينما ألفاظ األفعال اليت املأخذ األهم هو أنه مل يقم مث إن. 1»املتضمنات يف اللغات املختلفة هي أجزاء خاصة بلغات معينة

.2على أساس أو جمموعة من األسس الواضحة واملتناسقة

يطرح ستة مآخذ بارزة، " أوستني"إن تصنيف «: ثر يف خالصة قال فيهاحها أكوقد وض" Actes) األداءات(األفعال "و" Verbesاألفعال "وهي حبسب أمهيتها؛ هناك اختالف بني

إجنازية، مث األنواع املذكورة بينها هوة واسعة، مث " Des verbesأفعاال "فاألفعال ليست مجيعها مدجمة يف نوع ال " Des verbesاألفعال " املتجانسة، مث الكثري من هناك الكثري من األنواع غري

.3»توافق املعىن العام له، ويف األخري األمر املهم ليس هناك أساس متناسق يف الترتيب

ها مستمدة من معطيات م تصنيفا أكثر دقة اعتمد على ثالثة أسس منهجية؛ وهي كلوليقد : الكالمي؛ وهيالذي جيري فيه الفعل" سياق احلال"

الغرض اإلجنازي، وهذا اجلزء من القوة املتضمنة يف القول هو اجلزء اجلوهري الذي به -1ما يريد املتكلم أن (وهو القصد التواصلي الذي يبتغيه املتكلم مبنطوقه . يتم جناح الفعل اإلجنازي

.5"بشيء ما" س"احلصول على قيام "، مثل 4)ينجزه مبنطوقه

.71 طالب هاشم طبطبائي، نظرية األفعال الكالمية، ص 1

2 Voir, Searle, Ibid, P:48-49, نقصد باألفعال هنا الفعل مبعناه املعجمي الذي هو قسيم االسم واحلرف. 3 Searle, Sens et expression, P51.

.133سعيد حسن حبريى، ص.واملناهج، ترمجة د ينظر كالوس برينكر، التحليل اللغوي للنص مدخل إىل املفاهيم األساسية 4 .63صابر احلباشة، ص. ينظر فليب بالنشيه، التداولية من أوستني إىل غوفمان، ترمجة د 5

171

ة، وهو أساس ثان مضاف إىل األساس األول باإلمكان االستناد إليه يف اجتاه املطابق-2وهو النحو الذي يرتبط به احملتوى مع العامل؛ أي الشيء املعرب . التمييز بني أقسام األفعال اإلجنازية

الغرض املتضمن يف القول ألية قوة متضمنة يف القول يقوم دائما «عنه ومقتضياته اإلجنازية؛ فـفهناك عدد حمدود من الطرق اليت يتم ا ربط احملتوى "... العامل"توى القضوي بـبربط احمل

:وهذه االجتاهات هي. 1»، نسمي كال منها اجتاه املطابقة"العامل"القضوي بـ

؛ ويتحقق النجاح يف حالة تطابق احملتوى القضوي مع اجتاه املطابقة من القول إىل العامل-أبسهم متجه " Searleسريل " التأكيد واإلنكار والوصف، ويرمز هلا حاصل مستقل يف العامل، مثل

.إىل األسفل ، وهو خاص بالتقريريات

ويتحقق جناح املطابقة بتغري العامل ليطابق احملتوى : اجتاه املطابقة من العامل إىل القول-ب األعلى ، القضوي للمتضمن يف القول، مثل القسم والوعد والطلب، ويرمز هلا بسهم متجه إىل

.وهو خاص بالتوجيهيات وااللتزاميات

يتحقق النجاح يف املطابقة بتغري العامل ليطابق احملتوى القضوي : اجتاه املطابقة املزدوج-ج" Searleسريل "بتمثيل العامل على أنه تغري على هذا النحو، مثل االستقالة واإلقالة، ويرمز هلا

.ص باإليقاعياتبسهمني متعاكسني عموديا ، وهو خا

ال توجد مشكلة يف جناح حتقق املطابقة بني احملتوى القضوي اجتاه املطابقة الفارغ؛-دوالعامل؛ ألنه عموما يقع القول مع افتراض حصول املطابقة، مثل الشكر والتهنئة، ويرمز له

.2¢باموعة الفارغة

.شرط اإلخالص-3

وقد جعل تصنيفه هو. الفعل الكالميل اليت تؤطر مرتبطة مبعطيات احلا-كما نرى-ا هوكل :اآلخر يف مخسة أصناف هي

.111مسعود صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب، ص. د 1

2 Voir Searle et Vandervecken, P:53, وينظر 72اشم طبطبائي، نظرية األفعال الكالمية، صطالب ه.عن د ،. 90-89مسعود صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب، ص.د

172

واهلدف أو الغرض من هذا النوع يرتبط مبسؤولية املتكلم :Assertifs"1اإلخباريات -1وهي تصف كيف هي ، )الغرض التقريري(حول حقيقة االقتراح املعبر عنه ) وبدرجات متفاوتة(

، واجتاه املطابقة "Le vrai et le fauxالصدق والكذب "ف كلها حتتمل وأفعال هذا الصن. األشياءوال يوجد شرط عام للمحتوى يف التقريريات، والشرط املعد جلميع «. فيها من الكلمات إىل العامل

التقريريات هو حيازة املتكلم على شواهد أو أسس أو مربرات ترجح أو تؤكد صدق احملتوى ويتضمن هذا الصنف معظم . 2»اليت تعبر عنها التقريريات هي االعتقادالقضوي، واحلالة النفسية

.Verdictifs"3وكثريا من أفعال اإلحكام " Austinأوستني "عند " Expositifsأفعال اإليضاح "

يرتكز اهلدف اإلجنازي هلذه األفعال على العمل الذي و: "Directifsالتوجيهيات "-2من جانب املتكلم لفعل شيء ما من املستمع، وهي ما ) تفاوتةبدرجات م(يتكون من حماوالت

حماولة املتكلم توجيه املخاطب إىل يسعى فيها إىل القيام بأشياء لآلخرين؛ فالغرض اإلجنازي هو ، وشرط "Du monde aux motsالعامل إىل الكلمات "واجتاه املطابقة فيها من . فعل شيء ما

ادة أو الرغبة الصادقة، والفعل القضوي فيها هو دائما فعل السامع اإلخالص فيها يتمثل يف اإلرسأل، طلب، أمر، اعترض، استعطف، : واألفعال اليت تدل على هذا الصنف هي. شيئا يف املستقبل

عند " Exercitifsالقرارات "دافع، التمس، توسل، دعا، مسح، نصح، حتدى، وكثري من أفعال ".محل املخاطب على القيام بفعل ما"فأساسها . 4الصنفتدخل يف هذا " Austinأوستني "

مسعود صـحراوي يف .، ود72، ص"نظرية األفعال الكالمية"طالب هاشم طبطبائي، يف .د: مثل" التقريريات" هناك من ترمجها بـ 1

حتليـل اخلطـاب "يف " أفعال اإلثبـات "عمر بلخري .، ومساها د 93ص" املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب األفعال "أمحـد .، ومساهـا د 66يف املقاربة التداولية، ص" التأكيدات"سعيد علوش بـ.، وترمجها د160املسرحي يف ضوء النظرية التداولية، ص

ـ 21انيات الوظيفية، ص يف اللس " أفعال احلكمية "املتوكل ، 73يف آفاق جديدة يف نظرية النحو الوظيفي، ص " القوى اخلربية "، وينعتها ب .وغري ذلك

.72طالب هاشم طبطبائي، نظرية األفعال الكالمية، ص. د 23 Voir Searle, sens et expression, P:53. 4 Voir Ibid, P53.

173

أنه ال يضيف عن تعريف " Searleسريل " ويصرح ":Promissifsااللتزاميات "-3ألفعال التعهد، فهي أفعال إجنازية يكون فيها اهلدف اإلجنازي إجبار املتكلم " Austinأوستني " .1نتعهد فيها بالقيام بأشياء لآلخريني، على تبين تصرف ثابت مستقبل) وبدرجات متفاوتة أيضا(

واجتاه املطابقة يف هذه األفعال من العامل إىل الكلمات، وشرط اإلخالص هو القصد، ظاهر أن اجتاه املطابقة يف «واحملتوى القضوي فيها دائما فعل املتكلم شيئا يف املستقبل، و واحد؟ واجلواب أن ذلك غري االلتزاميات والتوجيهيات واحد؛ فهل يسوغ ذلك ضمهما يف قسم

. أحدمها أن املرجع يف االلتزاميات هو املتكلم، أما يف التوجيهيات فهو املخاطب: ممكن لسببني، 2»والثاين أن املتكلم يف االلتزاميات ال حياول التأثري يف السامع، ويف التوجيهيات حياول التأثري فيه

التوجيهيات، ففي األفعال األوىل يكون التركيز ومن ههنا يظهر الفرق الواضح بني االلتزاميات و .على املتكلم أما يف الثانية فاملستهدف فيها هو السامع

التعبري عن احلالة والغرض اإلجنازي هلذا الصنف هو :Expressifs"3التعبرييات "-4 ومن. ، وتتعلق حبالة أشياء حمددة يف املضمون القضويالنفسية املخصوصة ضمن شرط اإلخالص

، ففي التعبرييات "شكر، هنأ، اعتذر، قدم التعازي، حزن، رحب: "مناذج األفعال التعبريية نذكروال وجود ألثر املطابقة بني العامل والكلمات القتضاء حقيقة القضية . نعرب عن أحاسيسنا وواقعنا

.املعرب عنها فقط

العامل حبيث يطابق إحداث تغيري يفوالغرض منها : Déclarations"4اإليقاعيات "-5ويتم ذلك باالستناد إىل مؤسسة . العامل احملتوى القضوي مبجرد اإلنشاء الناجح للفعل الكالمي

غري لغوية حبيث تعترب هذه املؤسسة عن األداء الناجح لذلك الفعل الكالمي إحداثا للتغيري

1 Voir Searle, sens et expression, P: 54.

.78حممود أمحد حنلة، آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر، ص. د 2 .73ينظر نظرية األفعال الكالمية، ص". البوحيات"طالب هاشم طبطبائي بـ. ترمجها د 3ـ . ترمجها د 4 " ملعاصرآفاق جديدة يف البحث اللغوي ا "حممود أمحد حنلة يف . ، وترمجها د "اإلدالءات"سعيد علوش يف املقاربة التداولية ب

طالب هاشم طبطبائي، يف نظرية األفعال الكالمية بني فالسفة اللغة املعاصرين والبالغيني العـرب .، وترمجها د 98ص" اإلعالنيات"بـ .، وغري ذلك"اإليقاعيات"، بـ94مسعود صحراوي يف األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب ص .، ود31ص

174

عن غريها من األفعال الكالمية املطلوب، واجتاه املطابقة هو االجتاه املزدوج؛ إذ تتميز اإليقاعيات . بأن أداءها بنجاح يكفي لتحقيق املطابقة بني القول والعامل

وأما احلالة النفسية اليت تعرب عنها اإليقاعيات فهي االعتقاد بوقوع الفعل ناجحا والرغبة يف .1وقوعه ناجحا، ويتوافق االعتقاد والرغبة مع القصد يف حتقيق الغرض املتضمن يف القول

فندرليش "وقد قدم الدارسون هلذه التصنيفات أيضا انتقادات متنوعة، منها انتقادات Wunderlich"ريكانايت "، وRécanati "هابرماس "وHebermas "ولكن ما يف هذا . 2وغريهم

السياق هو طبيعة التصنيفات اليت قدموها لألفعال اإلجنازية واملؤسسة يف جوهرها على العالقة بني ككل " سياق احلال"لقضوي والقوة اإلجنازية، مث إنها مستمدة يف جوهرها من معطيات احملتوى ا

يف " Searleسريل "يف تصنيف القوى اإلجنازية وباخلصوص إذا استحضرنا الشروط اليت أقرها ضبط هذه القوى، فهو ينظر إىل القول وعالقاته مبنتجه ومتلقيه والعامل الذي جيري فيه هذا القول

الفعل الكالمي ومالبساته غري (حكم فيه عناصر تداولية تسهم يف إنتاجه وحتقيق مقصده الذي تت :ميكن توضيح كل ذلك باالستنتاجات اآلتية). اللغوية

على ما -وهو األساس الذي يتأسس عليه الفعل الكالمي-ال يقوم الغرض اإلجنازي - .لقول بعناصر السياق ككليقتضيه احملتوى القضوي فحسب؛ بل يقوم أيضا على عالقات ا

خمتلف األغراض اإلجنازية تقوم على العالقات بني التمثالت الذهنية والنفسية للمتكلم -والواقع الذي ينتج فيه القول، وقد تبلورت هذه املقولة أكثر من خالل ...) االعتقاد، اإلخالص(

.اجتاهات املطابقة املختلفة يف هذه التصنيفات بني القول والعامل

غري ملزم؛ فمن األوىل من األفعال الكالمية ما هو إلزامي، ومنها ما هو أقل إلزاما أو-اليت تتدخل يف حتقيقها مؤسسات؛ وهي أفعال ترتبط غالبا بالبيع أو " Déclarationsاإليقاعيات "

.72 هاشم طبطبائي، نظرية األفعال الكالمية، صطالب. ينظر د 1 قد ال تقتضي طبيعة دراستنا عرض هذه التصنيفات ككل بقدر ما يهم عالقة سياق احلال ذه التصنيفات حيـث يكفينـا منـوذج 2-161تداولية، ص عمر بلخري، حتليل اخلطاب املسرحي يف ضوء النظرية ال .د: ولالطالع على هذه التصنيفات ينظر ". وسريل" أوستني"

.27، واجلياليل دالش، مدخل إىل اللسانيات التداولية، ص162

175

الشراء أو الزواج أو الطالق وغري ذلك، ومن الثانية فيشمل بقية األصناف، وهو كثري يف .ستعمال اليومي للمتخاطبني؛ كالوعد والنداء وغريمهااال

الوعد والنصح واألمر والطلب، "بقي أن نشري إىل أن أمناط الفعل الكالمي املختلفة كـوغريها من األمناط تقوم على جمموعة من املؤشرات اللغوية وغري اللغوية اليت تؤمن سريوراا،

.ي منط التخاطب الذي يتم فيه أمنوتتضح أكثر

7-ب اا ارا ا ا: جمهوداتلقد استقطبت نظرية األفعال الكالمية اهتمام الدارسني العرب املعاصرين فقدموا

، مقترحني يف بعض متنوعة من أجل شرحها وبيان مقاصدها، وتقدمي البدائل املصطلحية هلا .األحيان بعض الطروحات اجلديدة

م فيها أصحاا قراءة جتديدية ملا آلت إليه هذه املناسبة على احملاوالت اليت قدنركز يفوس طالب سيد هاشم الطبطبائي يف جنزهانظرية األفعال الكالمية، وقد نشري إىل الدراسة املهمة اليت أ

ت بادرا إذ يعد من امل"نظرية األفعال الكالمية بني فالسفة اللغة املعاصرين والبالغيني العرب"صنيعه العربية األوىل يف هذا اال؛ إذ يعود إليه الفضل يف توضيح املفاهيم األساسية اليت متخضت عن هذه النظرية يف رحاب التفكري العريب املوروث انطالقا من جهد الفالسفة والبالغيني والنحاة

.وعلماء األصول حمالة منه للوصل إىل آراء مبتكرة يف ذلك

ل يف بيان كيف أن هناك إشكاالت كثرية طرحت يف نظرية األفعال وجهده األساسي متثها العلماء العرب قدميا، وباخلصوص علماء األصول حيث أن أثارالكالمية املعاصرة كان قد

يبينون بصيغة أكثر دقة طبيعة الفعل الكالمي اليت تطبيقام وتعاملهم مع االستعمال اللغوي جعلهملصيغة اللغوية، وقد كشفوا الفروق بني األفعال اإلجنازية واالختالفات ال تتوقف عند حدود ا

.الدقيقة اليت قد تالحظ فيما بينها

من إبراز أهم اإلضافات اليت أضفاها على هذه انطالقاهذه القضاياح وميكن أن نوض : ومن ذلك؛النظرية

176

أكثر عند مقابلتها بالفعل اليت قد تتضحاملعنيمالحظته الدقيقة حول طبيعة الفعل الكالمي -فاندرفكن "و" Searleسريل " "Austin أوستني"، وهو أمر مل يتعرض له املطلقالكالمي

Vanderveken"قد يشتبه الفعل املعني كاألمر بالفعل الكالمي املطلق وهو القدر «: ، يقولللفعل الكالمي (جلنس املشترك بني كل األفعال الكالمية، فلنميزمها بأخذ العالقة بينهما؛ عالقة ا

" Searleسريل "فيقال عندئذ إن التحديد الذي يقدمه )... للفعل الكالمي املعني(بالنوع ) املطلق... ليس جتديدا جلنس الفعل املتضمن يف القول بل هو حتديد لنوعه" Vandervekenفاندرفكن "و

م ما يف هذه النظرية؛ بل ولعل عدم االلتفات إىل حتديد الفعل الذي هو كاجلنس انصراف عن أهوهو تفريق دقيق . 1» عمل الفيلسوف هو بنظرنا هذا املبحثإن أقرب مباحث هذه النظرية إىل

.يقتضي األخذ بعني االعتبار خصوصيات الفعل الكالمي، والفعل اإلجنازي الذي قد تفيده

قا من التعاريف اليت ، فانطال"اإلنشاء"اقتراحاته يف بيان طبيعة النسبة اخلارجية اليت يقتضيها -اخلرب ما قصد بنسبته الكالمية «قدمها علماؤنا العرب للخرب واإلنشاء توصل إىل نتيجة مفادها أن

اإلنشاء ما قصد بنسبته الكالمية أن توجد نسبته . أن تطابق نسبته اخلارجية ال أن توجدها، 3اليت ذكرها الدسوقي" ةالنسبة اخلارجي"، وقد ركز على مفهوم 2»اخلارجية، ال أن تطابقها

، نقترح أن تسمى تلك النسبة "شرط الصراحة" "Searleسريل "هي نفسها ما اعتربه «: فقالطبيعيا "وملا كانت النسبة األخرى ال توجد وجودا ". النسبة النفسية"أو " النسبة اخلارجية النفسية"

Physical " نفسيا "أوPsychological " تمع نقترح أن بل كان وجودها اعتبارامن اعتبارات ا. 4»"النسبة االعتبارية"أو " النسبة اخلارجية االعتبارية"أو " النسبة اخلارجية االجتماعية"يطلق عليها

وهو تفريق دقيق بني طبيعة اإلخبار يف اخلرب، وطبيعة اإلجناز الذي يقتضيه اإلنشاء؛ إذ هناك النسبة النسبة اخلارجية "وهنا نضيف إليه يف . ارجية املوجدة الحقااخلارجية املوجودة مسبقا، والنسبة اخل

.مل يقتضيه سياق احلال حيث تتدخل معطياته يف ضبط طبيعة هذه النسبة" املوجدة

.69، و25 الطبطبائي، نظرية األفعال الكالمية بني فالسفة اللغة املعاصرين والبالغيني العرب، ص 1

حاشية الدسوقي على شرح وقد استنبط هذه النتيجة انطالقا من التعريف الذي قدمه الدسوقي يف. 61 الطبطبائي، املرجع نفسه، ص 2 .1/166السعد، ضمن شروح التلخيص، طبع مبطبعة عيسى البايب احلليب وشركاه مبصر،

.1/166 الدسوقي، حاشية الدسوقي على شرح السعد، 3 .63 الطبطبائي، نظرية األفعال الكالمية بني فالسفة اللغة املعاصرين والبالغيني العرب، ص 4

177

-مت حول بعد تأمن له أن " األفعال املتضمنة يف القول"له ملختلف العروض اليت قدتبي وقد بسط ذلك يف كتابه املشترك مع ،"Searleسريل "العرض الرائع والناجح هو بال شك صنيع

ولكن رغم ذلك يرى أنه يوجد يف هذا العرض مواضع للنظر . Vanderveken"1فاندرفكن "الغرض "وهو املختص بتحليل " Searleسريل "واملراجعة، وركز على اجلانب املركزي من نظرية

يف حتقيق الغرض صاحب هذه النظرية ، وانطلق من األساس الذي أخذ به2"املتضمن يف القول : ، لكن أوقعه يف مشكالت متنوعة منها3"اجتاه املطابقة"للفعل املتضمن يف القول وهي فكرة

. تقدمي توضيح هلا" سريل"ال تتصف بالتناظرية، وهذا يستوجب من " املطابقة"فكرة *ات بعضها عن بعض؛ إذ اجتاه املطابقة من العامل إىل القول مل مييز األمريات عن الوعدي*

أصبحت هناك أغراض مشتركة يف اجتاه املطابقة مما يضعف من قيمتها يف حتديد عدد األغراض .املتضمنة يف القول

؛ فعدم الفعل ال يعترب نوعا من .من الصعب أن نعترب عدم املطابقة نوعا من املطابقة-* .الفعل

.حيتاج اجتاه املطابقة املزدوج إىل توضيح أكثر-*سريل "قد أفضى به هذه املالحظات إىل دعوته الصرحية من أجل إعادة النظر يف فكرة وSearle "فاندرفكن "وVanderveken " القاضية باالستعانة باجتاهات املطابقة يف إضفاء الصرامة

ويف رحاب هذه املشكالت حاول الطبطبائي تقدمي . 4على التقسيم اخلماسي للفعل الإلجنازيكون الغرض : قترحا حتديدا معدال يف حتديد القوى املتضمنة يف القول على أساسبعض احللول، م

سريل "، وقد أوضح الطبطبائي أن مركز النظرية لدى "Foundations of illocutionary logic" عنوان الكتاب 1

Searle " إن هذا التحليل هو األساس لكل من"مكونات القوة املتضمنة يف القول"هو حتليل ، : حتصيل مفهوم واضح ألية قوة متضمنة يف القول- .طبيعيةتقدمي تقسيم تام للقوى املتضمنة يف القول للغات ال-ينظر . حتديد قيم الصحة والبطالن والنجاح ألي فرد معني من أفراد هذه القوى باالستناد إىل حمصلة ما توفر وما مل يتوفر هذه األجزاء-

.120الطبطبائي، نظرية األفعال الكالمية بني فالسفة اللغة املعاصرين والبالغيني العرب، صيف حتليله للفعل الكالمي؛ باعتبار أن جناح كل فعل إجنازي مرهون " سريل"لطرح الذي قدمه هو أساس ا" الغرض املتضمن يف القول " 2

بغرضه؛ فالوعد غرضه إلزام املتلفظ نفسه بعمل شيء، واألمر غرضه محل املخاطب على عمل شيء، وهكذا مع بقية أصـناف الفعـل .الكالمي

. من الرسالة134-133 ينظر ص 3 .126-124ة األفعال الكالمية بني فالسفة اللغة املعاصرين والبالغيني العرب، ص ينظر الطبطبائي، نظري 4

178

هو بذاته حتقيق مطابقة؛ أو كونه يئة لفعل الحق مرتبط تتحقق به املطابقة، واجتاه املطابقة، والعامل الذي ترتبط به القوة، وصورة احملتوى القضوي للقوة، وبناء على ذلك اقترح التصنيف

:اآليت

والغرض منها أن حتقق بذاا املطابقة من القول إألى العامل بدون شروط يف : لتقريرياتا-1 .العامل الذي ترتبط به، ويف احملتوى القضوي

الغرض منها أن يئ لفعل الحق به تتحقق املطابقة من العامل إىل القول، : الوعديات-2ال عن حتقيق املطابقة، وال شرو يف بتعيني احملتوى القضوي الذي تطابقه، ويكون املتكلم مسؤو

.العامل الذي ترتبط به

الغرض منها أن يئ لفعل الحق به، تتحقق املطابقة من العامل إىل القول : األمريات-3 .وتعيني املخاطب مسؤوال عن حتقيق املطابقة، وال شروط يف العامل الذي ترتبط به

قة من العامل إىل القول، وال يكون هذا الغرض منها أن حتقق بذاا املطاب: اإليقاعيات-4 .العامل إال اعتباريا

: وتنقسم إىل): التعبرييات" (Expressifsالبوحيات -5

متثل األفعال االجتماعية اليت تالزمها انفعاالت نفسية، ويكون : البوحيات االجتماعية-أالغرض منها أن . رةالفعل املتضمن يف القول هو املوجد هلا، وتكون موجهة إىل خماطب بالضرو

.حتقق بذاا املطابقة من العامل إىل القول، توجد أفعاال ذات آثار لياقية

، ال ميثل الفعل املتضمن يف القول إال الكشف عنها، وال تكون :البوحيات النفسية-ب .1موجهة إىل خماطب بالضرورة

.165-164 الطبطبائي، نظرية األفعال الكالمية بني فالسفة اللغة املعاصرين والبالغيني العرب، ص 1

179

قول إىل العامل، ومن العامل من ال(وهنا نسجل عليه مأخذا باعتبار أن مفهوم املطابقة املزدوج البوحيات "الذي اقترحه ليحتوي أصناف األفعال املتضمنة يف القول ال يستوعب ) إىل القول

.، واليت نعتقد أنه باإلمكان أن تنضوي ضمن املطابقة من العامل إىل القول أيضا"النفسية

أوستني "يت قدمها باإلضافة إىل استنتاجات دقيقة قدمها بعدما أن ناقش التصنيفات الAustin" سريل "، وبعدهSearle " لألفعال اإلجنازية، والذي استند على فكرة املطابقة القائمة على

أربعة اجتاهات يف ذلك، ليتضح له أنه بعد مناقشة آراء علمائنا يف هذه القضية اتضحت له على أساس ما قدمه يف األفعال الكالمية" Searleسريل "إمكانية بناء نظرية موازية لنظرية «

العلماء اإلسالميون يف ااالت ذات الصلة، وإن نظرية كهذه ستتفق يف خطوطها العريضة مع ويف ذلك . 1»لكنها ستخالفها يف تفصيالت أساسية" Searleسريل "اخلطوط العريضة لنظرية

.ا يعطيها قيمتها العلميةإشارة إىل غىن التراث العريب باألفكار النرية اليت ال تزال إىل مقاربتها مب

ونشري يف هذه املناسبة أيضا إىل الدراسة الرائدة اليت اجتهد فيها مسعود صحراوي، واليت استثمروا بقوة «اعتمد فيها هو اآلخر على التراثيني؛ ومنهم على اخلصوص علماء األصول الذين

وقاموا بنفس الصنيع مع ،"أفعال كالمية منبثقة"يف استنباط ظواهر جديدة أو " اخلرب"ظاهرة ، فاستنبطوا منها وفرعوا عنها ظواهر وأفعاال كالمية جديدة منبثقة عن األصلية، "اإلنشاء"ظاهرة

ويف كل ذلك إشارة مميزة إىل ثراء العمل األصويل وغناه يف دراسام . 2»قلما جندها عند غريهم تصل يف أمهيتها إىل قيمة النتائج اليت اللغوية، واليت انبثقت عنها أفكارا قيمة يف كل املستويات

.توصلت إليها الدراسات املعاصرة

ويف رحاب هذه الغاية استنطق األفكار الدقيقة اليت قدمها علماء األصول يف دراسام لباب أفعاال كالمية جديدة بانتهاج النهج التداويل، وحتديدا «، فاتضح له أنهم استنبطوا "اخلرب واإلنشاء"

اء البحث يف املقاصد واألغراض اليت يؤول على أساسها كل من األمر والنهي وغريمها من من جروعلى دقة االستنتاج اهلام الذي توصل إليه مسعود صحراوي يف منهج . 3»األساليب اإلنشائية

.167 الطبطبائي، نظرية األفعال الكالمية بني فالسفة اللغة املعاصرين والبالغيني العرب،ص 1 .147مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، ص. د 2 .148مسعود صحراوي، املرجع نفسه، ص. د 3

180

؛ إذ1"تداويل"األصوليني يف دراسة الفعل الكالمي إال أننا قد ال نوافقه على وصف منهجهم بأنه نعتقد أن هذا احلكم يضيق اال عليهم أكثر؛ واألضحى أن نبقي منهجهم كما أرادوه هم

.بأنفسهم إنه منهج فقهي أصويل

ولكي يربز ذلك ارتكز على املفاهيم القيمة اليت قدمها علماء األصول ملختلف األقسام اليت هو : والنهي. الدعاء إىل الفعل: مرحقيقة األ«بينوها لإلنشاء؛ منها تعريفهم لألمر والنهي؛ فـ

استدعاء الفعل «هو " األمر"والحظ أن مجهور األصوليني متفقون على أن . 2»الدعاء إىل الكفاستدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سيبل «فهو " النهي"، أما 3»بالقول ممن هو دونه

. 4»الوجوب

صنيف الذي قدمه رواد األفعال الكالمية ويف رحاب هذا املفهوم الدقيق الذي يقترب من الت؛ يصل إىل نتيجة يؤكد من خالهلا أن هناك "Searleسريل "و" Austin أوستني"املعاصرين كـ

على الرغم من الشبه الشديد بني اصطالح «: فرقا بني التصنيفني العريب التراثي والغريب؛ يقولفإننا نرى أن اخلالف ليس " ن يف القولالفعل املتضم"العلماء العرب وبني اصطالح املعاصرين

األفعال املستدعاة "بسيطا أو سطحيا؛ ألنه قد ميكن من تفريع صنف آخر من األفعال الكالمية هو وانطالقا من هذا االقتراح قدم اخلطاطة . 5»"األفعال املتضمنة يف القول"يضاف إىل " بالقول :6التالية

رمبا قد نتساءل أكثر يف هذا السياق ونقول ما فائدة أن نقوم بإسقاط املناهج الغربية يف استنطاق تراثنا يف خمتلف جماالته ونقـول يف 1

أعتقد أن األحرى أن نقارب هذا التراث من أجل مواصـلة ! تفكيكي أو سيميائي أو غري ذلك؟ النهاية إن منهجهم أسلويب أو بنيوي أو املسرية اإلبداعية اليت أوجدوها وبالتايل املسامهة الفعالة يف ترقية هذا الفكر من جهة، ورمبا تقدمي اجلديد ملختلف اإلشكاالت اليت تطرح

.يف الدراسات املعاصرة من جهة أخرىوالتعريف نفسه ذكره الزركشي حيث صحح التعاريف السابقة حـول . 26حلرمني أبو املعايل اجلويين، الكافية يف اجلدل، ص إمام ا 2

. »أنه اللفظ الدال على طلب فعل غري كف بالوضع، فخرج النهي، فإنه طلب فعل أيضا ولكن هو كـف : والصحيح فيه «: األمر فقال . 2/245البحر احمليط يف أصول الفقه،

.1/191، 1988عبد ايد تركي، دار الغرب اإلسالمي . إبراهيم الشريازي، شرح اللمع يف أصول الفقه، حتقيق د 3 .2/293 إبراهيم الشريازي، املصدر نفسه، 4

خالد ميالد، يف.مسعود صحراوي أن هذا التقسيم هو صنيع د.، ويشري د149 مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، ص 5 .كتابه اإلنشاء يف العربية بني التركيب والداللة دراسة حنوية تداولية

.150مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، ص. ينظر د 6

181

: حلقيقة رغم هذه احملاولة اجلادة من جهتنيويف ا .قراءته القيمة والدقيقة لظاهرة األفعال الكالمية يف التراث: األول .استنباطاته وتطبيقاته الدقيقة اليت استوحاها من التراث األصويل والنحوي والبالغي: الثانية

وعلماء نظرية " ل سري"و" أوستني "فإن ما استنبطه مع األصوليني ال خيتلف عما قدمه ، ولكن جيب أن نرجع األمور إىل "الفعل املتضمن يف القول"األفعال الكالمية يف حديثهم عن

. أصحاا، فعلماء األصول كان هلم فضل السبق يف بناء هذه الظاهرةيشري إىل " الفعل املستدعى بالقول"ففعل األمر والنهي واالستخبار الذين وضعهم ضمن

ي الذي يقتضيه احملتوى القضوي، واألمر نفسه مع ألفاظ العقود واملعاهدات اليت الفعل اإلجناز، فاالختالف بينهما اختالف يف طبيعة الفعل "الفعل املتضمن يف القول"وضعها ضمن صنف

ونعتقد أنه حىت ولو أراد الفرق الذي ابتغاه فإنه جيب أن يعممه ليشمل .اإلجنازي يف القسمني فقط . باعتبار أن طبيعة الفعل الكالمي ختتلف من فعل إىل آخر كل على حدة،ازيةجناإلكل األفعال

فالفعل املستدعى بالقول هو األمر أو «: وقد بين وائل محدوش طبيعة هذا الفرق فقال، والفعل املتضمن يف القول هو ألفاظ العقود واملعاهدات، واألحكام ...النهي أو االستخبار

ق بينهما أن الفعل املستدعى يبني طبيعة الفعل ودرجة طلبه من كونه أمرا أو ، والفار...القضائية . 1»يف حني أن الفعل املتضمن يف القول هو نفس الفعل من غري بيان درجة طلبه... يا

www.lingua.friendemocracy.net ،محدوشوائل التصنيف، وحماولة يف.. دراسة يف املنهج: التداولية 1

الفعل الكالمي الكامل

فعل القول

األمر (الفعل المستدعى بالقول ...)والنھي، واالستخبار

ألفاظ (الفعل المتضمن في القول ...)العقود والمعاھدات

الفعل الناتج عن القول

182

وانطالقا من مبدأ املقاصد واملعاين حاول أن يقترح تصنيفا لألفعال الكالمية؛ استجمعهما ألسلوب اإلنشاء ميزة عند األصوليني باعتباره ألصق «؛ يقول"املنع"و" اإلذن: "ضمن صنفني

باألوامر والنواهي الشرعية، لذلك أدت تطبيقات أسلوب األمر والنهي خصوصا إىل تشقيق فروع : فنشأت مفاهيم وأفعال كالمية أخرى مثل" األفعال الكالمية"كالمية منبثقة تندرج ضمن

: ولكن ما جيمع هذه األصناف، يف رأينا، صنفان مها. هة والترتيهالوجوب، اإلباحة، احلرمة، الكرا، وأورد بعد ذلك تصور العلماء العرب هلما 1»يف حالة النهي" املنع"يف حالة األمر، و" اإلذن"

اإلباحة واإلذن، واألمر، واملنع، والتعجب، واالستفهام وألفاظ العقود واملعاهدات، : فذكر أفعال . البيع، بالعرض والتوضيح والتطبيق واالستنتاجوصيغ الطالق، وألفاظ

باألفكار األساسية اليت قامت عليها الراقيوهو تقسيم مهم وجاد ينم عن وعي الباحثنظرية األفعال الكالمية من جهة، وإملامه الواسع بالرؤى اليت احتواها التراث العريب من جهة

مل ينطلق الباحث من التصنيف الذي توصل إليه لكن نعتقد أنه حيتاج إىل تدقيق أكثر؛ إذ. أخرى؟ أم "األفعال املستدعاة بالقول"حىت يبين لنا طبيعة التصنيف الذي قدمه؛ هل هو تصنيف لـ

.؟ باعتبار أن الفرق بينهما كما ذكر ليس بسيطا"األفعال املتضمنة يف القول"لـ املفاهيم األساسية اليت تأسست باإلضافة إىل جمهودات أخرى حاول فيها أصحاا توضيح

عليها نظرية األفعال الكالمية وشرحها انطالقا من الطروحات القيمة اليت قدمها علماؤنا؛ النحاة ، وعمل صالح 2منهم والفالسفة وعلماء البالغة وعلماء األصول، ومن ذلك صنيع أمحد املتوكل

.، وغريمها3إمساعيل عبد احلق على ما هو مبسوط يف كتب علماء األصول والنحو والفلسفة ومعظمها تؤسس دراساا

.والبالغة

.151، والتداولية عند العلماء العرب، ص232مسعود صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب، ص.ينظر د 1

.وغريمها" العربية الوظيفيحنو اللغة "، وكتابه "اللسانيات الوظيفية مدخل نظري: " ميكن أن نشري يف هذه املناسبة إىل كتابه 2 ".نظرية املعىن يف فلسفة بول غرايس"، و"التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد" قد نذكر كتابه 3

183

ا ا :ا امل وق ا ا ا

يف الفعل الكالمي" التفاعل"طبيعة -1 يف رحاب نظرية األفعال الكالميةخصائص التفاعل التواصلي-2

استعمالية اللغة-أ اتقاسيتعدد ال-ب نسجاماال-ج الدينامية-د

التضمني واالقتضاء-هـ قوانني التفاعل يف الفعل الكالمي-3

"Austinأوستني " عند الفعل اإلجنازي حتقيقشروط-أ "Searleسريل " عند الفعل اإلجنازي حتقيقشروط-ب ":Griceغرايس "شروط التخاطب عند -ج :أدب االسةقواعد -د

عل الكالمي يف الف واإلضمارقوانني التفاعل-4 التفاعل واحلجاج يف الفعل الكالمي-5

184

ا ا :ا ا ا امل وق ا على التفاعل حيث ال ميكن أن تتحقق أبعاده اإلجنازية مـن غـري " الفعل الكالمي "يقوم

ألدوار بينهما من جهة، وبالتـايل دخول املتكلم واملتلقي يف عالقة ختاطبية معينة تعمل على حتديد ا فالعربة ليس ما تقدمه اللغة من معلومات بني شركاء اخلطاب؛ بل . ضبط املقاصد من جهة أخرى

ما ميكن أن تؤديه مبستوياا املختلفة الصوتية والصرفية والتركيبية واألسلوبية يف تـشكيل القـوة ناملتضمنة يف القول انطالقا من موقف تواصلي معي.

غري أن عملية التخاطب ال تقوم على اإلنتاج اللغوي فحسب؛ بل ترتبط بكل املعطيات اليت على قوانني غري رتكز أن أي تواصل لغوي بصفة عامة ي على أساس قد يقتضيها التفاعل الكالمي،

. تسهم بفعالية يف ضبط املقـصد ولغوية حتكم زمن وقوع الفعل الكالمي ومكانه وطبيعة مؤطريه، إىل ضرورة إعادة إدماج اخلـارج لـساين يف " Orecchioniأوركيوين "ومن هذا املنطلق دعت

الدارسة اللغوية، حيث يستحيل يف بعض األحيان الوصف املناسب لألداء الكالمي دون االهتمام . 1باحمليط غري الكالمي

المي وحتقيـق وقد الحظ أصحاب نظرية األفعال الكالمية أنه ال ميكن تشكيل الفعل الك بكل " التفاعل"لذلك شكل . قوته اإلجنازية من غري األخذ بعني االعتبار عالقات التخاطب ككل

سـريل " انتقـد بدأومن هذا امل ". لية الفعل الكالمي عف"تداعياته األساس الذي تتجلى من خالله Searle " وريكنايتRecanati " ل البىن النحوية العميقة، فهذا األخري حتليل اإلجنازيات الذي يتوس

خطأ املصادرة على أن النحو يتمتع باالستقالل عن عمل القـول " Searleسريل "يرتكب حسب "L'acte d'énonciation"ه مل يهتم بـالتفاعل "، كما أنL'interaction " القـائم بـني الوقـائع

نشري هنا أيضا إىل أن إدراج السياق بوجه عام يعد من أهم املعطيات اليت قـام عليهـا وقد .11 فعل القول من الذاتية يف اللغة، ص 1

عبـد القـادر .ينظـر د . ر الدعوات اليت قام ا بعض العلماء يف حتليل النص األديب منهم باختني ومانقونو وغريمها حتليل األديب يف إطا 17بوزيده، مالحظات ومقارنة بني بعض االجتاهات التداولية باختني ومانقونو منوذجا، جملة اللغة واألدب، جامعـة اجلزائـر، العـدد

.38، ص2006جانفي

185

جمال التفاعل بعناية إىل األخذ وهي دعوة صرحية . 1والقواعد يف املقام الذي يتواصل فيه املتكلمون . ككل يف حتليل الفعل الكالمي وبيان إجنازيته املطلوبة

ونشري يف هذا السياق إىل أن جمال التخاطب يتطلب من املتكلم أن خيتار من العناصر اللغوية تـضي منـه والبنيات التركيبية ما حيقق له القول املطلوب، باإلضافة إىل مستدعيات احلال اليت تق

ومعىن هذا أن هناك قوانني تـؤمن إجـراءات الفعـل . تكييف قوله مبا حيقق اإلجنازية املقصودة وقد الحظ رواد نظرية األفعال الكالمية ذلك، فناقشوا هذه الـضوابط وبينـوا أثرهـا . الكالمي

.وأمهيتها يف إنتاجية الفعل الكالمي وحتقيق مقاصده

حبكم أنـه ال ، إىل الصبغة املعقدة اليت تطبع التخاطب الكالمي ولكن قبل إثراء ذلك نلمح وعناصر " سياق احلال "جيري دائما وفق القوانني املرسومة له؛ بل قد يتغير ويتنوع حبسب تداعيات

فقد ختتلف اخلطط من جمال آلخر، وقد تتغير وتتبدل حتت ضـغط ظـروف «التفاعل ككل، لذا طاب وتعدد الذوات باإلضافة إىل تنوع طرق التدليل والتبليـغ يـسمح كما أن تكوثر اخل . معينة

فهناك خطاب يعمد فيه صاحبه إىل التعاون مع اآلخر للوصـول . بتعددية اخلطاب وآليات مقاربته إىل احلقيقة يف األمر املنظور فيه، وآخر نرمي من خالله إلزام اخلصم وإفحامـه، وثالـث يبتغـي

د يتطلب تضافر العديد من العلوم بغية الكشف عن مقومات خمتلف أمنـاط وهو تعد . تغليطه، إخل . 2»التفاكر والتناظر

ومن هنا تظهر طبيعة التخاطب اللغوي ككل، واليت جتعله يتنوع ويتكـوثر يف متظهراتـه الذي جيري فيه، وتتجلى أيضا طبيعة الضوابط اليت قد تتحكم يف جتـسيد " احلال"حبسب ما ميليه

الفعل الكالمي، واليت قد ال تبقى يف حدود نظامية اللغة يف حد ذاا؛ بل قد ترن بضوابط أخرى .غري لغوية

كما ،.SEARLE, SENS ET EXPRESSION, P:217 و ،58ص غوفمان، إىل أوستني من التداولية بالنشيه، فيليب ، ينظر 1

االعتبار بعني األخذ إىل فدعت التركييب، اللغوي بالشكل يكتفون الذين الباحثني "ROBIN LAKOFF اليكوف روبني" أيضا انتقدت .97 اخلطاب، استراتيجيات الشهري، ظافر بن اهلادي عبد.د ينظر .التداولية املعطيات

.11، ص2004حسان الباهي، احلوار ومنهجية التفكري النقدي، الدار البيضاء أفريقيا الشرق، . د 2

186

من بني النظريات اليت درست العالقة بني الفعل والتخاطب من " نظرية أفعال الكالم"وتعدقونو مان"ويشري . يف حتقيق اإلجنازية املطلوبة" سياق احلال"أجل الكشف عن تأثري

Maingueneau "إن إشكالية أفعال الكالم كغريها من جمموع التيارات التداولية«: إىل ذلك بقوله إىل حد أن هذا امللمح " L'interaction discursiveالتفاعل اخلطايب "تويل دورا أساسيا لـ

كة على أنها مدر أن اللغة مل تعدو. يكفي، بالنسبة للبعض، لتسجيل حبث ضمن املدار التداويلر حالة بتعريف وسيلة لتعبري املتخاطبني عن أفكارهم وحىت لنقل املعلومات، ولكن كنشاط يغي

قائم على مبادئ " Rituelطقس "ومنذ احلني الذي اعتربت فيه التداولية كـ. اآلخر بنية تداوليةل اخلطاب هي املتلفظ؛ بل تعاون بني املشاركني يف العملية التلفظية، ولن تصبح اهليئة الدالة يف جما

املتلفظ "و" Allocutaireواملخاطب " Locuteurاملتكلم "الزوج الذي يتكون من Enonciateur " واملتلفظ املشاركCo-énonciateur"«1. فالفعل الكالمي فعل تفاعلي ينقل

.اللغة من وظيفة التعبري إىل وظيفة اإلجناز انطالقا من مبادئ تفاعلية معينة

: ا ا" ا" ط-1

وال يتحقق إال من خـالل وجـود ،هو األساس الذي يقوم عليه الفعل الكالمي " التفاعل" ه قوال حنو متلق ما لتحقيق مقصد معيمتكلم يوج عـة تـضمن سـريورات ن وفق تداعيات متنو

لـسفة التحليليـة حبثـت أن الف" Van Dijkيك افان د"وقد الحظ . االتصال وأشكال التفاهم... بشكل منظم إال بالكاد " التفاعل"، ومع ذلك مل يعاجل "احلدث"باستفاضة إىل حد ما مفهوم «

فسمة التفاعل اآلن هي أن أشخاصا عدة جمتمعني أو منفصلني يف الوقت ذاته أو بـشكل متـوال الذي تقوم عليه نظرية 3ويف كل ذلك إشارة إىل األساس الثاين . 2»ينجزون حدثا أو عدة أحداث

؛ وهـو "احلـدث "األفعال الكالمية، والذي مل ينل االهتمام الكبري كما هو احلـال يف مفهـوم

. 159، ص2010 مانقينو، مفاهيم تداولية، ترمجة مىن بدري، جملة معامل، الس األعلى للغة العربية اجلزائر، العدد الثـاين شـتاء 1

,Maingueneau, Pragmatique pour le discours littéraire, Paris Armand colin, 2005وينظـر P:16.

.347يك، علم النص مدخل متداخل االختصاصات، صا فان د 2من خـالل " احلدث"ويشمل مفهوم تغري الشيء من حال إىل حال أخرى يف زمن معني، ويتجلى هذا " احلدث" األساس األول هو 3

.خاطبنيبني املت" التفاعل"

187

، ولذلك حاول بعض الدارسني احملدثني بيان ماهيته وأثر جمرياتـه يف تـشكيل الفعـل "التفاعل" .الكالمي وحىت يف تأويله

ـ إىل اللس " التفاعل"يف احلقيقة البحث يف يعود و " Firthفـريث "انيني االجتمـاعيني كـحيث انتقد بعـضهم اللـسانيات التوليديـة " Hymesهاميز " و "Malinowskiمالينوفسكي "و

التحويلية؛ ألنها عكفت على دراسة اللغة املنوال بعيدا عن اللغة االجتماعية، وحددوا اهلدف مـن ا ينتجه املتكلمون يف مكـان وزمـان هذا االجتاه يف دراسة اللغة يف حميطها االجتماعي، وحتليل م

حمددين، وبطريقة معينة وألغراض معروفة، وبذلك شكل الكالم وحدة التحليل لـديهم، ولـيس " Searleسـريل "و "Austinأوسـتني "وقد تطورت هذه البحوث أكثر مـع أعمـال . اجلملة

.1وغريمها

على املعامالت املتنوعة الـيت تنـتظم ونعتقد أن طبيعة الفعل الكالمي االجتماعية والقائمة يف نظريـة األفعـال امهم" التفاعل"وتتجلى أكثر ضمن نظامية اللغة بني الناس هي اليت جعلت

طبيعة القوى اإلجنازية كالتهديد أو الرجاء أو السؤال أو الوعـد أو الـشكوى أو كونالكالمية، اثا اجتماعية بني املشاركني يف ذلـك، وضـمن األمر أو االلتماس أو العقد أو غريها تقتضي أحد

.أدبيات وأخالقيات معينة مستمدة من العالقات القائمة بني أفراد البيئة اللغوية املعينة

عـامل " بل هو ؛فالفعل الكالمي ليس جمرد نقل للمعلومات واألخبار إىل املخاطبني فحسب لبشرية بكـل زمخهـا الثقـايف ومحولتـها ، وتربز من خالله أمهية العالقات ا "يتفاعل فيه الناس

أنها ليست جمرد سنن، أو جمرد -حسب هذا الوعي -األصل يف اللغة «االجتماعية والنفسية؛ ألن ، متتزج بصورة كبرية مع حيـاة النـاس هي لعب أداة للتواصل كما كان قد عرفها سوسري؛ بل

لفهم الكـثري -خالل عملية حتليل التلفظ –ه اليومية، وهذا البعد التداويل يف اللغة جيب استحضار .2»)اللغوي(من القضايا املرتبطة بالنشاط التلفظي

.112خليفة بوجادي، يف اللسانيات التداولية، ص. ينظر د 1 .41، ص1/2009عبد الواسع احلمريي، ما اخلطاب وكيف حنلله، بريوت املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط. د 2

188

كما أننا ما إن ندخل يف استخدام اللغة حىت جند أنفسنا سواء بطريقة مباشرة أو غري مباشرة عيـة بكـل معطياتـه اللغويـة واالجتما " التفاعل"؛ وهنا يتدخل منطق هذا "التفاعل"يف عملية

.واألخالقية والنفسية، فيفرض قيوده العالئقية يف عملية التخاطب

أن العالقات بني أحداث التتابع املتفاعـل «" Van Dijkيك ادفان "ويذكر يف هذا اإلطار ميكن أن تكون شديدة االختالف كما رأينا، فإذا روعي الزمن فيمكن أن تتداخل إىل حد ما أو ال

ا روعي االرتباط الشرطي فيمكن أن تكون أحداث ما شروط أو نتـائج وإذا م . تتداخل أو تتابع .1»أحداث أخرى بقدر كبري بدرجة أو أخرى

ضمن هذا الطرح يشمل الفعل التكلمي والعالقات اليت تنظم جمرياته؛ عالقات " التفاعل"فـ وإذا . عنـه األشخاص والزمن واملكان واملوضوع وغري ذلك، باإلضافة إىل األحداث اليت تنجـر

استحضرنا مفهوم الفعل الكالمي فإننا نالحظ أنه يعترب األساس الذي يقوم عليه، ألن إجنازيتـه ال تتحقق إال بوجود متحاورين جيسدان هذه الفعلية، وبالتايل تفرض معطياته سلطتها يف إنتاجية هذا

.الفعل وإجنازيته

التفاعل حقا، وليس جمرد حضور ألناس لكي حيصل «أنه " Maingueneauمانقونو "ويرى يتكلمون؛ البد من توافر عدد من الشروط، جيب على املتكلمني قبول حـد أدىن مـن املعـايري املشتركة واالخنراط يف التبادل واالضطالع باملشاركة بإنتاج دالئل تسمح باستمراره، وهذا مـع

ويف كل ذلك إشارة . 2»م على الكالم واحلركات إخل العلم بأن املتكلمني عليهم أن ينسقوا تداوهل إىل الطبيعة املركبة للتفاعل الذي ال يبقى يف حدود التعالق اللغوي؛ بل يرن أيضا بعالقات أخرى

.تقتضي األخذ ا يف التبادل الكالمي

أن املتكلم واملخاطب يتوافران على " Van dijkيك ادفان "القويل حسب " التفاعل"ويفيد عدد من املعلومات التداولية اليت تؤمن هلما إجراءاته؛ فعند قول املتكلم شيئا ما للمخاطب يهـدف إىل إحداث تغيري يف معلوماته، ولكي يبلغ فعال ما وجب أن يكون املتكلم قاصدا؛ البد أن يتـوافر

.350علم متداخل االختصاصات، صفان دايك، 1 .68حممد حيياتن، ص.رمجة د املصطلحات املفاتيح لتحليل اخلطاب، ت 2

189

عل املتلقي يغير معلوماته على إطار ذهين يتعلق بالتغيري اخلاص الذي يرومه، والذي من شأنه أن جي .التداولية

:1وقد منثل منوذج التفاعل القويل كما يلي

املعلومات التداولية املعلومات التداولية

املخاطب يؤول م يصوغاملتكل

يقدم يعيد

الشكل نالحظ أن قوانني تكوين العبارات ال تقف عند حدود القواعد الـصوتية هذا ومنوالصرفية والتركيبية والداللية؛ بل إن طبيعة التفاعل الكالمي الدينامية تستدعي األخذ يف احلسبان

مباشرة بعناصر االتصال من جهة، وتـداعيات سـياق تتصل ،ات ومعطيات أخرى يف ذلك قدرضمن أصناف متعددة عدها أساسية ألمهيتـها " Dijkيك اد"وقد حددها . احلال من جهة أخرى

وهذه القـدرات . يف التواصل اللغوي، واليت ميكن إدماجها ضمن منوذج خاص لالستعمال اللغوي :هي

وهي القدرة اليت متكن مستعمل اللغة من إنتاج وتأويل العبـارة اللغويـة : غويةالقدرة الل - .املعقدة واملتنوعة تنوع املقامات التواصلية

وتفيد أن املتكلم يستطيع اشتقاق مجلة من املعارف بواسطة قواعد التعليل : القدرة املعرفية - .احملكومة مببادئ النطق االحتمايل واالستنباطي

عرفة من إدراكاته املن املتكلم قادر على إدراك احمليط واستنباط وتفيد أ : درة اإلدراكية الق- .واستثمارها يف إنتاج العبارات اللغوية وتأويلها

، رسالة لنيل ديبلوم الدراسات -إسهام يف استكشاف أصوله املعرفية– ينظر عبد اإلله بوغابة، اإلطار املتكلمي يف اللغويات املعاصرة 1

.155، ص1991أمحد العلوي، الدار البيضاء، جامعة احلسن الثاين، .العليا، إشراف د

تأویل قصد

190

وتعين أن املتكلم ال يعرف ماذا يقول فحسب؛ بل يعرف أيضا كيف : القدرة االجتماعية - .1ت اليت متكنه من بلوغ مقاصده التواصليةيقول شيئا حملاوره، كما يعرف بدقة املقاما

ح تفاعالت هذه القدرات يف تكوين الفعل الكالمي يف املخطط اآليتوميكن أن نوض:

وتتفاعل هذه القدرات فيما بينها يف إنتاج العبارات اللغوية وتأويلها، ومن هنا نرى أمهيـة

طري التفاعل الكالمي ككل، ولكن على مستوى الفعل الكالمي تكون يف تأ " سياق احلال "ضوابط .ة أفعال الكالم أمهية خاصةيذات أمهية أكثر، لذلك أوالها رواد نظر

إىل أن جوهر حتقيق املقاصد املطلوبة يف الفعل الكالمـي مرهـون أشاروا طارويف هذا اإل على حنو أفضل؛ أي إن كان يريد مبنطوقـه ما يفعله املتكلم «بالسياق الذي تتحقق فيه؛ إذ يوضح

هولـدكروفت "كمـا يقـول –ومن الضروري أن يكون السياق . التهديد أو التحذير أو حنومها Holdcroft"- على النحو الذي يراه فيه املتكلم؛ فمثال ينبغي للمتكلم أن يكون يف موقع السلطة

املالحظة حىت يصبح منطوقـه تبليغـا وينبغي له أن ميتلك موقع . حىت يصبح منطوقه طلبا حقيقيا

.156، ص-إسهام يف استكشاف أصوله املعرفية–طار املتكلمي يف اللغويات املعاصرة ينظر عبد اإلله بوغابة، اإل 1

االستعمال اللغوي

القدرة اإلدراكیة

القدرة االجتماعیة

القدرة المعرفیة

القدرة اللغویة

191

-وهي من معطيـات احلـال –ويف ذلك إشارة جلية إىل العالقات االجتماعية . 1»حقيقيا وهكذا .ودورها يف حتقيق القوة اإلجنازية املطلوبة

مـن " التفاعل الكالمـي "ومن هنا نستطيع أن نكشف عن طبيعة التعالقات اليت يقتضيها : مية، واليت ترتبط مبكونني تداوليني أساسينيمنظور نظرية األفعال الكال

؛ وله صلة بكيفيات تشكيل الفعل الكالمي لتحقيق مقصده املراد من ون األول معريف املك-ويقوم علـى الكفايـة اللـسانية . جهة، ومبا ميكن من إشراك املتلقي فيه إجيابيا من جهة أخرى

ـ ؛فه حبسب ما يقتضيه احلال ككل والتداولية اليت تسهم يف إنتاج الكالم وتكيي قـول "كـل « فEnoncé " نتج يف حميط تداويل حمدد الـذي ميكـن أن نـسميه بالتـأطريه مفترض فيه أني"Le

cadrage) " يفرض منطقه يف تشكيل الفعل " احمليط التداويل "وهذا . 2»)جمموع املصاف االنتقائيةح الفعل الكالمي يف كل تبادل لساين فعاليته مبـا الكالمي وتأويله، مث إن هذا التأطري هو الذي مين

.ميكنه من حتقيق املقاصد املطلوبة

-؛ ويرتبط بكيفيات التواصل بني منتج الفعل الكالمـي ومتلقيـه، ن الثاين تواصلي املكو نتج فيه، وهنا تتداعى جمموعة من الضوابط غري اللغوية؛ منها عالقة وعالقة كل ذلك باحلال الذي ي

ي الذي يتلقى هذا الفعل، وباقي املعطيات االجتماعية والثقافيـة وباملتلق ،م بالفعل الكالمي تكلامل .واملؤسساتية وحىت األخالقية مبا يسهم من خلق االنضباط والفعالية يف التواصل احلواري

هذه املناسبة إىل أن التواصل احلواري يفـرض شـروطا، وتنقـسم يف ويشري حممد نظيف :ب دورها الكرونولوجي إىل ثالث مراحلحبس

وهو سابق على اإلرسالية الكالمية؛ وميثل جمموع املعارف احملفوظة اليت : الشرط املعريف -أ ان املعريف الذي يـستقي منـه تكون حاضرة يف كل حلظة يف انتظار التفعيل، وميكن اعتبارها اخلز

. اخلطاب مضامينهم الكالميةنتجوم

.288، ص2005/ 1حممد العبد، النص واخلطاب واالتصال، القاهرة األكادميية احلديثة للكتاب اجلامعي،ط. د1، 2010 الدار البيضاء أفريقيـا الـشرق، حممد نظيف، احلوار وخصائص التفاعل التواصلي دراسة تطبيقية يف اللسانيات التداولية، . د 2

.57ص

192

ل املستويات السياقية يستدعي تدخ وواملتزامن مع اإلرسالية احلوارية؛ : الشرط املقامي -ب ا خاصة مقام التواصل؛ أي الظروف الزمانية واملكانية بكل مكوإىل املناسـبات العامـة إضافة،نا

.للتبادل الكالمي

وهو شرط موجود بالقوة لدى املتكلم بشكل سابق عن اإلرسـال : الشرط القصدي -جويتمظهر يف الكالم مبكوناته الظاهرة واملضمرة، إال أن متظهر هذا الشرط لدى املتلقـي احلواري،

؛ أي بعد اإلرسال احلواري، وذلك بوساطة التأثريات االستجابية سواء باإلذعـان أو يكون بعديا .1الرفض أو غريمها

أوسـتني "وهذه التعالقات هي اليت جعلت رواد هذه النظرية يبحثون يف مستلزماا مـع Austin "سريل "وSearle " وغرايسGrice "سرببر وولسن "وSperber et Wilson "وغريهم.

2-ل اا ب مر اا ا :

ه فعل تواصلي يتأسـس علـى العالقـة جوهرهو يف تبين لنا قبل حني أن الفعل الكالمي التخاطبية، ومن هنا تتجلى اخلصائص اليت قد يقتـضيها هـذا التفاعلية اليت تتم بني ركين العملية

:التفاعل يف حتقيق الفعل اإلجنازي للغة، وقد نردها إىل ما يلي

م واملتتابع وفـق ؛ واليت تقوم على إخراج اللغة من املفهوم إىل الفعل املنظ ا ا -أ شارل موريس "ويذكر هنا . نتنام كالمي معيMoris "استعمال اللغة عموما يطـرح شـيئني أن

:مهمني1-داالتصال املضمر مع اآلخر يف مقام تواصلي حمد. .مرجعية االستعمال ذاته-2

وهاتان السمتان تقتضيان تفعيل خمتلف اآلليات اللغوية اليت قـد تـستوجب التـصريح أو د مرجع العالمات مبا يستدعيه االستعمال بوجه عامالتلميح، كما تقي .

.57-56حممد نظيف، احلوار وخصائص التفاعل التواصلي دراسة تطبيقية يف اللسانيات التداولية، ص. ينظر د 1

193

اإلجنازية املطلوبة، واليت تقتضي توظيـف القـول ته قيمة الفعل القويل يف حتقيق قو كمنوت ال يـدل علـى يف كالم ال خري «: بكيفية معينة، وقد نستأنس هنا مبقولة اجلاحظ اليت يقول فيها

.1»معناك، وال يشري إىل مغزاك، وإىل العمود الذي إليه قصدت، والغرض الذي إليه نزعت

اخلاصية تقوم أيضا على توظيف خمتلف اآلليات اليت تسهم يف حتقيق اإلجنازية املرادة؛ وهذه مثـل التـشبيه واـاز : مثل القياس واالستقراء واالستنباط، واآلليات البالغية :اآلليات املنطقية

ـ ايب واالستعارة بغايات حجاجية استداللية ألهداف إقناعية أو تفسريية دف حتقيق التفاعل اإلجي .2بني طريف العملية التفاعلية

ذا تظهر قيمة التفاعل التداويل باعتباره حتاورا فعو اال يقوم على تأمني أشكال الفعـل ورد .الفعل بني طريف التخاطب

الفعل الكالمي تبقى منوطة يف مقاصدها بـسياق احلـال استعماليةف: د ات -ب .إلجنازية حبسب حاالت االستعمالالذي ترد فيه، فقد تتنوع أبعاده ا

والبد هنا من التأكيد على الدوافع االجتماعية والثقافية بصفة عامة اليت تـسهم يف تـأطري التفاعل الكالمي، واليت قد تغير يف مسارات القوة اإلجنازية حبسب املبتغيـات املطلوبـة، ليبقـى

للمضامني املتعددة اليت قد تكتنف الفعل األمهية الكربى يف تقدمي التفسري املطلوب " سياق حال "لـن، وبالتايل ضمان االستجابات الناجحة املطلوبةالكالمي املعي.

وقد نربز أمهية ذلك من خالل تنوع املقامات االجتماعية؛ إذ هلا دور كـبري يف التفاعـل إىل حد ما ملعايري إنها لتخضع وهذه األوضاع، يف املقام األول، هي أوضاع منوذجية، «و. الكالمي

ه توجد أوضاع ذات طبيعة عامـة أو خاصـة، مؤسـساتية أو غـري وهكذا فإن . تعود باستمرار ،مثال هذه األوضـاع هـي العائلـة : وفيها تأخذ بعض العبارات قيمة فعل اللسان مؤسساتية،

،يف الـسجن و، وعند الطبيب، ويف صالة احملكمة، ويف املقهى ، ويف احلافلة ، ويف الشارع ،والفطورويصنف املشاركون يف هذه األوضاع عموما يف فئات، وذلك مـن خـالل دورهـم . إىل آخره

.115ص/1 اجلاحظ، البيان والتبيني، ج 1 .40 ينظر حممد نظيف، احلوار وخصائص التفاعل التواصلي، ص 2

194

أب، أم، طفل، صديق، راكب، زبون، سجني، متهم، حمكوم، أستاذ، إىل (ووظيفتهم أو مكانتهم .1»)آخره

يـة فتداعيات كل هذه األصناف تؤثر وتسهم يف اختيار نوعية الفعل الكالمي وطبيعته القول ـ كل فئة من املشاركني جمموعة حمددة نسبيا من األفعال املمكنة، وذلك إزاء وضـع «باعتبار أن ل

، فبنية الوضع االجتماعي حتدد املميزات اليت تطبع األفعال الكالمية، ففي بعض األحيان 2»منوذجي . وغري ذلك والتعنيف،تكون اللباقة، ويف أخرى تكون الشدة

الذي قد يتحقق بطريقـة غـري "األمر"لى سبيل التمثيل ال احلصر بفعل ذلك ع ربزوقد ن أو ملن له فضل أو قيمة كاألستاذ أو املدير أو األب فقد يـتم ،هناه إىل من ال نعرفه مباشرة لو وج

وقد يتحقق بطريقة و هل ميكن أن تعطيين الكرسي؟ هل ميكن أن تعطيين طبشور؟ " مثل بااللتماس ".أعطيين الكرسي"، و"أعطيين الطبشور ": الزميل أو الطالب فنقولخ أو األمباشرة إىل

وهنا نشري إىل أن ضمان النجاح للفعل اإلجنازي مرتبط مبراعاة هذه الضوابط اللغوية مـن موا الكثري من وقد الحظ بالغيونا أمهية ذلك فقد . االجتماعية من جهة ثانية املعطيات جهة أوىل، و

اك مما يكره، فكتب عصمنا اهللا وإي : حبة له أقد كتب بعضهم إىل «و. ضبط ذلك التوضيحات اليت ت ويف هذا املثال إشـارة جليـة إىل . 3» أبدا الطبع؛ لو استجيب لك دعوتك مل نلتق يا غليظ : إليه

. اإلجنازية املرادةضرورة مراعاة الفعل القويل مبا تقتضيه القوة

- موالذي يس : ا فـان "ن، ويذكر تدعي االرتباط بني أحداث الفعل الكالمي املعيأن التتابعات التفاعلية جيب أن تفي بقيود متاسك معينة، فـال تـشكل كـل «" Van dijkيك اد

وهذا التماسك هو الذي يضمن تنامي . 4»سلسلة عشوائية من أحداث األشخاص خمتلفني تفاعال

منـذر عياشـي، .العالماتية وعلم النص، ترمجـة د : ووظائف مدخل أويل إىل علم النص، مترجم يف كتابيك، النص بىنا فان د 1 .184-183ص .184يك، املصدر نفسه، صا فان د 2 .165 العسكري، الصناعتني، ص 3 .352علم النص مدخل متداخل االختصاصات، صفان دايك، 4

195

املقاصدية من جهة أخرى، مما خيلق االنسجام والتوافق نهالتفاعل احلواري من جهة، وتطور مضامي .بني أطراف التخاطب

الية يف الفعل الكالمي انطالقـا فالتفاعل التواصلي دينامي يقوم على خلق الفع : ا-دمن تبادل األدوار بني طرفيه، مما يستدعي تفعيل جمموعة من املعطيات اللغوية وغري اللغويـة الـيت

.جاح يف سريورات التخاطبتضمن الن

فـان "تغذي هذه الدينامية خمتلف املعطيات اليت تكتنف الفعل الكالمي ككل، يقـول وها أدوار وأفعال كالمية فحسب؛ بل تتـضمن أيـضا ال تحدد حمادثة ما بأنVan dijk :"»يك اد الكالمية ويف التفاعـل آخر، وأحداثا أخرى تؤثر يف التوجه والتفسري الصحيحني لألفعال " عمال"

حبـث، (االتصال املرئي : وقد ذكر عدد منها مع اخلواص العامة لألحاديث والتفاعالت . االتصايلضحك، وابتسام بشماته، وغضب وانشراح الصدر، (، وحركات وتعبريات الوجه )تشبث، جتنب

ناق والربت وما أشـبه ، واإلبقاء على مسافة أو االقتراب بشدة، واإلمساك والع )وتساؤل، وحبلقة أمهية كربى يف تشكيل -بصفة عامة -قة مبسرح القول وهلذه األحداث واإلشارات املتعل . 1»ذلك

.الفعل الكالمي وتأويله، فهي تؤكد التماسك األفقي للتواصل الكالمي

وألمهية هذه امليزات وقيمتها يف تشكيل القوة اإلجنازية للفعل الكالمي أوالها رواد نظريـة .األفعال الكالمية أمهية خاصة تبلورت أكثر ضمن قوانني خاصة

ومها من اآلليات اإلحيائية اليت قد جينح إليهما املتكلم من أجـل : ا واء -هـ" Implicatureالتـضمني "بني «ويشري حممد نظيف إىل الفرق . حتقيق القوة اإلجنازية غري املباشرة

العالقة التضمينية بني ملفوظني تعين أنه من املتناقض تأكيـد األول كون Prépositionاالقتضاء "و. 2»وإنكار الثاين، بينما العالقة االقتضائية بني ملفوظني تعين أن صدق األخري شرط لصدق األول

وتقتضي هذه اآلليات تنشيط قوى االستدالل والتوقع من أجل تفعيل العمليـة التأويليـة للفعـل .احهاالكالمي وضمان جن

.390ات، صعلم النص مدخل متداخل االختصاصفان دايك، 1 .45احلوار والتفاعل التواصلي دراسة تطبيقية يف اللسانيات التداولية، صحممد نظيف، 2

196

إحدى نتائج حكم احملادثـة طقـوس «أن " Philippe Blanchetفيليب بالنشيه "ويذكر التفاعل الرئيسية هو وضع مفهوم الضمين موضع البداهة، وهو مفهوم يـشمل يف الوقـت ذاتـه

إن أي تواصل يكون تصرحييا بشكل جزئي ويكون ضمينا "... االستلزام"و" غري الصريح "مفهومي وغالبا ما يبدو يف الواقـع . وكل داللة تنشأ يف قسم منها عن معطيات ضمنية ،يضابشكل جزئي أ

ويف ذلك إشارة دقيقة إىل االعتماد الطبيعي يف حتقيق . 1»نصيب الضمين أوفر من نصيب التصرحيي .الت القوة اإلجنازية املقصودةكش فتصبح معطياته من م"التضمني"القول على

م قد جينح إىل التضمني أو االقتضاء حبسب ما يقتـضيه أن املتكل كم حبوقد تتعدد الغايات ؛ حيث ال يتعدى املعىن اللساين حدود مـا "ه منتصف النهار إن: "وطبيعة املتلقي؛ فقد يقول " املقام"

الذي ينتج فيه هذا القول؛ فقد " سياق احلال"ع حبسب تشري إليه الساعة، أما داللتها اإلجنازية فتتنو ولكن ال نصرح ا إن كانت الغاية عدم جتريح املتلقي، أو انتهى ؛على أنه حان وقت املغادرة تدل

د يف هذا الـسياق ابـن تيميـة أن وقد أك . وقت االستقبال، أو حان وقت الغذاء، أو غري ذلك ت لتبقى معطيا . 2»الداللة يف كل موضع حبسب سياقه، وما حيف به من القرائن اللفظية واحلالية «

.املوقف ككل احملددة للداللة املبتغاة يف كل استعمال

3-ا ا ا ام:

ألنها ال تتحقق إال من خالل التفاعل الكالمي الذي يتم بني ؛األفعال اإلجنازية أفعال سياقية قيـق قوتـه أمهية كربى يف تشكيل الفعل الكالمـي وحت " التفاعل"طريف العملية التخاطبية، وهلذا

اإلجنازية، ولذا فإن عدم مراعاة مبادئه سواء ما تعلق منها باملؤشرات اللغوية أو املقام االسـتعمايل .قد يؤدي إىل توليد فعل إجنازي الحن؛ أو غري ناجح باصطالح هذه النظرية

يل بكل معطياتـه يف تـشك " التفاعل التخاطيب "وقد الحظ رواد نظرية أفعال الكالم قيمة الفعل الكالمي وحتقيق إجنازيته، ولذلك أولوه أمهية خاصة فبسطوا وبينوا الشروط والقوانني الـيت

، "Searleسريل "وتلميذه " Austin أوستني"وقد اتضح ذلك من خالل جهود . حيقق ا مقصده

.144 ص ترمجة صابر احلباشة، فيليب بالنشيه، التداولية من أوسنت إىل غوفمان، 1 .14/238 جمموعة الفتاوى، 2

197

وغريهم، " Orecchioneأوريكيوين "و"Sperber et Wilsonسرببر وولسن "و" Griceغرايس "وليس لـك احلـق يف أن "«": Austinأوستني "يقول . وحىت اجتهادات علمائنا كطه عبد الرمحن

مما هو مكافئ لقول القائل بأنك لست يف وضع أو مركز يسمح لك بأن تفعـل " توجه إيل أمرك .1»ذلك

اران إجنازية " كيف ننجز األشياء بالكالم؟ "ويف هذا السياق الحظ يف غري مرة من كتابه ويف احلالة املخصوصة بالوعـد «: ل الكالمي مبجموعة من القوانني؛ قد منثل لذلك أيضا بقوله الفع

والتعهد فما هو شائع يف سائر اإلنشاءات والعبارات اإلجنازية حيسن أن يكون للـشخص امللتـزم لك ولقيمة ذ . 2»...أسلوب يف النطق بالتعهد بأن ينوي قصدا ما، ويف حالتنا مثال بأن يفي بوعده

.خصص ثالث حماضرات غري ما كتب يف احملاضرات األخرى

ال تنطبق مع هذا " الصدق والكذب" أن مقولة "Austinأوستني " وعلى هذا األساس رأىحبسب حتقيق قصدية الفعل الكالمي أو " النجاح واإلخفاق"االستعمال فاقترح مقولة الصنف من .عدم حتقيقه

ها لتشمل تلك اد مقتضيات الضوابط اللغوية؛ بل تتعدال تقف هذه القوانني عند حدووأفعاله، واليت جتعله حيتكم إليها يف اتصاله اللغويبين عليها اإلنسان املعطيات غري اللغوية اليت ي

رغم ذلك فهي غري منعزلة عن القواعد اللغوية؛ بل تستمد تنظيمها منها، لكن و. ية املختلفةكالمالموعة من القوانني املكملة للقواعد التركيبية الداللية، تستمد وجودها هي جم«: يقول عمر بلخري

ل اإلنسان عليه من قدرات ذهنية استنتاجية، وتتحكم هذه القواعد يف لعبة من اتمع، ومما جبالتبادل الكالمي بني األشخاص عن طريق حتديدها لألدوار، ويف إبراز البعد التباديل احلواري

واهلدف الرئيسي هلذه القواعد هو متكني . مرتلة الشخص حني تناوله للكالمللخطاب، وكذام من صياغة أقواله اليت قد متنعه بعض األحوال عن التصريح ا، أو أن يرغب يف صياغتها املتكل

.172نظرية أفعال الكالم، صأوستني، 1 .23 ص،أوستني، املصدر نفسه 2

198

على منط يكون أكثر إبالغا وأحسن تأدية وأكثر إقناعا، ليتمكن املستمع يف األخري من إدراك ما مل .1»املتكلم يف اإلفصاح عنهيرغب

ن بالضوابط اللغوية اليت يبيحها االستعمال اللغوي املعي أن هذه القوانني تتعلقستشفومنه ند ه وحتد، تشكل يف أساسها معطيات توج من جهة أخرى باتمع وأخالقياتهمن جهة، كما ترتبط إىل البحث يف هذه القوانني والضوابط ذلك العلماء وقد دعا كل. حيققه املتكلمطبيعة الكالم الذي

.اليت من شأا أن تضمن النجاح للفعل الكالمي

قد منثل للتوضيح أمهيتها بقصة أوردها ابن عبد ربه عن احلجاج الذي قرأ سورة هودبالضم " عمل" يدر كيف يقرأ ؛ فلم2﴾ك إنه عمل غير صالحقال يا نوح إنه ليس من أهل﴿«

إيتين بقارئ، فأتى به وقد ارتفع احلجاج عن : بالفتح، فبعث حرسيا فقال" عمل"والتنوين، أو فيم : جملسه، فحبسه ونسيه حىت عرض احلجاج حبسه بعد ستة أشهر، فلما انتهى إليه قال له

يف خطأ "فلم يقل القارئ . 3»بإطالقه فأمر !"أصلح اهللا األمري يف ابن نوح: "حبست؟ قال، وإنما بالتضمني الذي يوحي على املقصد املراد، والغاية هي احترام ذي السلطان، "األمري

، واليت تقتضي األخذ بعني "Austinأوستني "بتصنيف " Expositifsالتبيينيات " فاستعمل املتكلم .4االعتبار طبيعة من نوجه إليه الفعل الكالمي

كان احلسن اللؤلؤي ليلة عند املأمون «س ما رواه يف موقف آخر يقول فيه أنه وهذا عك" !فانتبهنعست يا أمري املؤمنني : "ن حيدثه، فقال لهسبالرقة وهو يسامره، إذ نعس املأمون واحل

وهو من ، !"بهفانت"بالفعل الكالمي املباشر يف . 5» بيدهذيا غالم خ!" سوقي ورب الكعبة: فقال ، ومن دون مراعاة لطبيعة املتلقي؛ وهو"Austinأوستني "بتصنيف " Exercitifsاألمريات "صنف

.100-99حتليل اخلطاب املسرحي يف ضوء النظرية التداولية، صعمر بلخري، 1 ).46( هود 2 .5/295العقد الفريد، ابن عبد ربه، 3

وال يكلم سـيد األمـة « وقد أشار البالغيون إىل ضرورة التأدب يف خماطبة سيد األمة وذوي السلطان بصفة عامة يقول العسكري 4لكل : ال امللوك بكالم السوقة؛ ألن ذلك جهل باملقامات، وما يصلح يف كل واحد منهما من الكالم، وأحسن الذي قال بكالم األمة، و

.33الصناعتني، ص. »مقام مقال .2/323 ابن عبد ربه، العقد الفريد، 5

199

مثليف" Comportatifsالسلوكيات "واألحرى استعمال . السلطان، فاجنرت عنه عواقب وخيمة .هذه املواقف

:"Austinأوستني " عند الفعل اإلجنازي حتقيقشروط-أ

أن إجنازية العبارة اللغوية مرهونة مبجموعة من الشروط؛ ولكي " Austinتني أوس"الحظ ثالثة فصول؛ األول مس صحها ويربز قيمتها يف كل ذلك خصشروط مطابقة مقتضى : "اهيوض

، أما الثاين والثالث فناقش فيهما ما ينتج لو خولفت الشروط املقدمة؛ فعنون "احلال يف اإلنشاءاخلروج عن "، ووسم الثالث "روج عن مطابقة مقتضى احلال عدم توخي قصد النظماخل"الثاين

عالوة على التلفظ بالكالم «وقد ذكر أنه . 1"مطابقة مقتضى احلال الشطط يف صالحية االستعمالهناك بوجه عام كثري من الشروط ينبغي أن جيري فيها اعتبار حسن ... الذي حيدث بالتأليف

له اعتبارا صحيحا إن أردنا أن حيصل لنا النجاح والتوفيق يف تأدية الفعل أحسن الكالم وقبو .2»أداء

ا املوجه لإلجنازية املطلوبة، وأوىل كوولذلك حاول الكشف عن طبيعة هذه الشروط ه ال املقررت لديه أنإن التلفظ بالعبارة مل يكن يف احلقيقة فصيحا : جيوز أن نقول«رات اليت تقر

وهلذا السبب . "Un-happy"فقط؛ بل غري مطابق ملقتضى احلال، أو على خالف مقتضى احلال فنحن نطلق على املذهب القائل بإمكان اختالل نظم الكالم وعدم االحتراز عن اخلطأ عند اعتبار

.3»"مطابقة مقتضى احلال"مناسبة التلفظ بالعبارات مذهب عدم

متحيص دقيق ومفصل يف الفعل الكالمي استغرق بعد" Austinأوستني "وقد اتضح لـصعوبة احلسم يف املعايري اليت بوساطتها " كيف ننجز األشياء بالكالم؟"ثالثة فصول من كتابه

يصدق على اخلرب كما يصدق " مطابقة احلال"نستطيع متييز اإلنشاء عن اخلرب، فتبين له أن معيار ية وال املعجمية حتسم فيما إذا كان التعبري إخبارا أو إنشاء؛ إذ على اإلنشاء، وأنه ال املعايري النحو

ليس من السهل يف معظم احلاالت أن نتأكد من أن التعبري املتلفظ به خالصا لإلنشاء، ليبقى السياق

.71-23 ينظر أوستني، نظرية أفعال الكالم كيف ننجز األشياء بالكالم، ص 1 .25، صملصدر نفسها أوستني، 2 .25 أوستني، املصدر نفسه، ص 3

200

ظ كفيال ذه املهمة، ذلك أنه حىت التعابري اإلنشائية الصرحية يف ظاهرها ويف صورا املقامي للتلفينبغي أن « فقرر أن ما نستعمله من ألفاظ ،به األمر معها فيما إذا كانت لإلنشاء هي أم لإلخباريشت

نرجع يف بيان معانيها ولغاية تأويلها إىل سياق الكالم ومقتضى احلال الذي وقع فيه تبادل .1»التخاطب اللساين أو وروده فيه على وجه خمصوص

وما يقتضيه من شروط يف تشكيل الفعل ،" احلالسياق"ولذلك الحظناه يؤكد على أمهية الفعل "يف مقابل مقولة " الفعل اإلجنازي"الكالمي وتأويله التأويل املناسب، واستحضر هنا مقولة

؛ فهذا األخري قد يوصف بالصدق أو الكذب، أما األول فال يقتضي ذلك؛ بل يوصف "اإلخبارين عتنبالنجاح إن وافق ما يقتضيه سياق احلال، ويبالقدح أو الطعن أو االنتقاد إن مل يوافقه، وبي

.2"مقولة اخلروج عن مقتضى احلال"ذلك ضمن شروط ستة بلورها ضمن

ثالثة أمناط كل منط يضم شرطني، نوضحها من خالل ما ضمنوقد صنف هذه الشروط :3يلي

مث أن يقوم عريف معني، دة، وله أثر وجود إجراء عريف مقبول يف البيئة الكالمية احملد-1-أدة، باعتبار أنه إذا دين يف ظروف حمددة من قبل أشخاص حمدحمد فظ بكلماتهذا العرف على التل

مل يوجد إجراء عريف مقبول ذو أثر معلوم، أو إذا مل تنطق الكلمات على النحو الصحيح املفهوم ء غري مؤهل للقيام به، أو كانت الذي ينعقد به اإلجراء، أو إذا كان الشخص الذي يتوىل اإلجرا

ىالظروف غري مالئمة فإن الفعل ال يؤد.

د، وأن تكون الظروف مناسبة ينبغي أن يكون األشخاص مناسبني هلذا اإلجراء احملد-2-أ .أيضا

.ينبغي على مجيع املشاركني يف اإلجراء املعين أن ينفذوه تنفيذا صحيحا-1-ب .جراء كامال وتاما من لدن املشاركنيينبغي أن يؤدى هذا اإل-2-ب

.130، ص-كيف ننجز األشياء بالكالم– أوستني، نظرية أفعال الكالم 1 .39، صاملصدر نفسه ينظر أوستني، 2، 143-142صالح إمساعيل عبد احلق، التحليل اللغوي عند مدرسـة أكـسفورد، ص .، ود 26 ينظر أوستني، املصدر نفسه، ص 3

.65-64مود أمحد حنلة، آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر، صحم.ود

201

ملا كان اإلجراء يؤديه أشخاص ذوو أفكار معينة ومشاعر فإن على املشارك فيه أن -1-جوجب «": Austinأوستني "يكون لديه تلك األفكار واملشاعر اليت يتطلبها اإلجراء املعني، يقول

هو من له يف ،تكم إليه عند إثارته احملأن يكون الشخص املشارك يف هذا النهج، وبالطريق األويل وأن يكون للمشاركني القصد والنية يف أن ،الواقع تلك اإلحساسات وذلك التفكري وتلك النوايا

وأنت ال تنوي اإلتيان، " أعدك بأن آيت"فإن قلت لشخص ما . 1»هم أنفسهم ذلك السلوك يتعيبواوهذا يعين . ذا النجاح فقد أسأت أداء الفعل وأنت ال تشعر ،"أهنئك ذا النجاح"أو إذا قلت له

.أنه البد من صدق املشاعر واألفكار بني منتج الفعل الكالمي ومتلقيه

أن يلزم املشاركون أنفسهم واقعيا مبا يترتب عن السلوك من عواقب ونتائج، فإن -2-جأت أداء مث سلكت معه بعد ذلك سلوك غري البائع فقد أس"ك سياريتتعب" :خص ماقلت لش

.الفعل

واملتأمل هلذه الشروط يالحظ أن منها ما هو عام تفرضه القيود االجتماعية بني املتشاركني يف الفعل الكالمي، ومنها ما هو خاص ويتعلق باملتكلم واملتلقي أيضا ومدى توافرمها على الرتاهة

اليت واجهتها نظرية األفعال ةوهنا ندرك مدى الصعوب. 2نهما من إجناح التفاعلوالصدق مبا ميك .الكالمية يف وصف هذه القضية وضبطها

د على قيمة هذه الشروط ويبين فعاليتها يف حتقيق يؤك" Austinأوستني "الحظنا ولذلك ؛ كأن "أ وب" من القواعد احملصورة يف النمطني نا بواحدةللخالنجاح للفعل الكالمي، ولكن إذا أ

أو إذا مل نكن يف وضع يبيح لنا أن ننجز الفعل؛ ألننا ح، على وجه غري صحيننطق مثال بالصياغة املوظف املتعهد هو الذي يدير مراسيم مثال سبق لنا أن تزوجنا وهذا على العرف املسيحي، أو ألن

املسؤول، إذا أخللنا يف مجيع هذه احلاالت مل يعترب الفعل املتحدث عنه، احلفل بدال من رئيسه فإن " ج"بينما يف احلالتني من النمط . شيء منهاج مثال، منجزا على اإلطالق، وكأنه مل يقعكالزو

عندما أعد بشيء ما وأنا أنوي «الفعل قد حدث إجنازه ولكنه منجز عن على حنو غري خملص؛ فـ

.56نظرية أفعال الكالم العامة، صأوستني، 1المية تقر بوجود حاالت سلوكية تتصل بالسلوك اللغوي لألفراد، وحاالت ذهنيـة باعتبـار أن لذلك يالحظ أن نظرية األفعال الك 2

ينظر ملزيد من اإليضاح آن روبول وجاك موشالر، التداولية اليوم علم جديـد يف التواصـل، . املقاصد اليت يعرب عنها هي حاالت ذهنية .42سيف الدين دغفوس وحممد الشيباين، ص.ترمجة د

202

فالعهد مرهون بإخالص النية والوفاء . 1»...عدم الوفاء بوعدي، فإين أكون قد تعهدت ولكن .ذهبتنفي

االختالالت اليت قد متس الشروط املبسوطة يف األمناط " Austinأوستني "ناقشوقد وحنن هنا حنتاج إىل ألفاظ لندل ا على «: ضمن مصطلحات خاصة، يقول" جوب وأ "الثالثة

هذا التمييز األويل يف عموميته؛ وبوجه عام فإننا نسمي ضروب عدم مطابقة مقتضى احلال مما حيث إن الفعل مل يتم إجنازه، وإن كانت -" 2-ب"إىل " 1-أ"للقواعد األربعة من حصل خمالفا

، ومن ناحية "Misfiresعدم توخي قصد النظم " بـ-الصياغة اللفظية متعينة لتأدية على خري وجهعلى سائر ضروب عدم " Abusesالقدح يف صالحية االستعمال "ثانية وجب أن نطلق مصطلح

فاالختالالت األوىل حتدث حينما ال نتوخى قصد النظم، . 2»إجناز الفعل تامااملطابقة حيث يكون ، وكل ذلك يسبب اخلروج عن املطلوبأما الثانية فتحصل حينما ال تتوافق األقوال مع اإلجراء

).عدم مطابقة مقتضى احلال(مقتضى احلال

على شق من ميكن أن نطلق «ووضح أكثر هذا التمييز من خالل كل منط، فذكر أنه القدح يف مسلك "مفهوم " أ"مصطلح عدم مطابقة مقتضى احلال كجزء أول من احلرف

عدم مناسبة التطبيق "على وجه معقول " أ"ونستطيع أن نسمي اجلزء الثاين من احلرف ". االحتكامMisappliccations "ولكن ال ميكن تطبيقه بالنظر إىل أثر ،حينما يكون النهج اإلجرائي موجودا

عدم " نقترح معه قدو. 3»ين مل أوفق يف إجياد مصطلح جيد للشق األولنيتنا وقصدنا، على أن . عليها الفعل الكالمي هنا مرتبط مبا ميليه الواقع من الشروط اليت ينبين"العرف"؛ و"مناسبة العرف

نأيضا؛ ويعين هذا أ" عرفية"ليست قصدية فحسب؛ بل «وهذا يؤكد أن األفعال الكالمية األفعال اللغوية تنجز داخل اجلماعة اللغوية وفق قواعد قد تعلمها كل شريك لغوي يف عملية

ميتلك شركاء االتصال إذن معرفة مشتركة عن . ما تاما بدرجة أكثر أو أقلتكيفه االجتماعي تعل

.27، ص-كيف ننجز األشياء بالكالم– أوستني، نظرية أفعال الكالم 1لمصطلحات املذكورة، فالدكتور صالح إمساعيل عبـد احلـق ، واختلفت الترمجات يف اللغة العربية ل 27 أوستني، املصدر نفسه، ص 2

ـ " خالل"يقترح مصطلح ـ " مساوئ االستعمال "ومصطلح " Misfires"مقابال ل ينظر التحليل اللغوي عنـد ". Abuses"مقابال ل .143مدرسة أكسفورد، ص

.29، ص-كيف ننجز األشياء بالكالم– أوستني، نظرية أفعال الكالم 3

203

ن وميك. أي الشروط ووفق أي قواعد ميكن أن تجرى أفعال لغوية معينة يف مواقف التواصل على تلك القواعد والشروط السارية عرفيا عن منطوق أو نص ما إىل للمتلقي أن يهتدي بناء

عد خربا أم سؤاال أم طريقة الفهم اليت يطمح إليها الباث؛ أي يعرف ماذا ينبغي أن يعداملنطوق أي .1»إخل...أمرا

فيذكر أنه " ب"يف النمط الثاين الذي يشمل شرطي احلرف " Austinأوستني "مث يواصل هي أنه على الرغم من أن اإلجراء " ب"فإن حاالت عدم املطابقة يف " أ"على خالف احلاالت يف

نا رمبا قد ال نؤدي شعائر اإلجناز بالصحة والتمام اليت تقتضيها، ويسمي قد يكون مالئما فإن، ويكون الفعل "Misexcutionsاإلجنازات السيئة "هذه املخالفة باسم " Austinأوستني "

اإلجنازي ههنا غري ناجح عن طريق األخطاء أو الوقفات املفاجئة يف إدارة املراسم اليت حيدث من اسم " 2-ب"، ويف "Flawsاألخطاء "اسم " 1-ب"ويصطلح على املخالفات يف . خالهلا الفعل

:2وقد نستوضح ذلك من خالل املخطط التايل". Hitchesالقوادح "

.110كر، التحليل اللغوي للنص مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج، ص كالوس برين 1 .144إمساعيل عبد احلق، التحليل اللغوي عند مدرسة أوكسفورد، ص.، ود29 ينظر أوستني املصدر نفسه، ص 2

204

يف مفاهيم املقوالت اليت تفيد عدم مطابقة مقتضى احلال، " Austinأوستني "وقد فصل

دقق ؛"عدم توخي قصد النظم"فخصص احملاضرة الثالثة من مصنفه للمفاهيم اليت تقتضيها مقولة متعارف "ة على مفهوم ، وركز يف البداي"ب"و" أ"قة بالنمط فيها الكالم يف الشروط األربعة املتعل

Tobe accepted " ه قد ال يراعى حينما ال نأخذ بعني االعتبار العرف العام الذي جيري فيهن أنفبينه لكاليت قد ينطق ا الفرد املسيحي وليس املسلم، " قكإنين أطل"الفعل اإلجنازي، وقد مثل جبملة

أما ما يتعلق بالشرط . ذا اإلجراء ألن الزواج ال ينفصم ألنه ال اعتراف ؛ال حيقق النجاح املطلوبأجل تنفيذ القائم على املالءمة بني األشخاص املعنيني والظروف يف حالة معينة من " 2-أ"الثاين يف

كأن ؛تحقق هذه القاعدةت عدم مطابقة مقتضى احلال قد تكون حني ال اإلجراء احملدد فيذكر أنين إن"فتقول " أمحد"ىل اختيار رفيق من أجل لعبة من اللعب فتختار تكون يف موقف يدعوك إ

، فعدم مطابقة مقتضى احلال متت هنا "ي لست العباإن"فريد عليك صارخا " اخترتك يا أمحد؛ اباعتبار أن املتكلم مل يوفق يف اختيار من يرافقه يف لعبته، فاملوقف هنا بال شك غري مالئم متام

الخروج عن مطابقة مقتضى الحال

أ وب عدم توخي قصد النظم

أثر النیة في الفعل حاصل ولكنھ ( )عدیم األثر

ج القدح في صالحیة االستعمال

فعل ذو مظھر صوري ولكن لھ تخلف اإلنجاز

"أ"القدح في مسلك

االحتكام

2-ج ؟

"ب"عیب إجراءات التنفیذ واألداء

فعل فیھ عیب في اإلجراء صور في األداءوق

1-ج الخلو من الصدق

2-ب 1-ب 2-أ 1-أ

قوادح أخطاءعدم مناسبة التطبیق ؟

205

يف " أمحد"ي اتفاق مبوجبه يصح أن خنتار األشخاص الذين ال يلعبون، وإما ألن ألنه ال يوجد أ . 1هذه املالبسات واألوضاع مل يكن حمال مناسبا جيري عليه االختيار

فالنطق كان صحيحا وسليما بيد أن األشخاص الذين قاموا بتنفيذه كانوا غري مالئمني، ور هلذا الفعل العبا، وكذلك بالنسبة لآلمر ال يكون ولذا يكون االختيار ناجحا حينما يكون املأم

.على وضعه إال إذا متتع بسلطة أو له صفه اآلمر

، واليت قد "ب"وناقش أيضا ضروب عدم مطابقة مقتضى احلال ضمن شروط النمط الثاين فقد يكون «تنتج نقص اإلجراءات التنفيذية وقصور األداء، ويرجع معظمها إىل الصيغ الفاسدة؛

نهج املتبع مناسبا لألشخاص واألوضاع ولكن أداءه وتنجيزه مل يكن صحيحا على الوجه الأحتداك أن يكون "وأنا أملك مرتلني، أو عندما أقول " عندي يف مرتيل"كأن أقول مثال ... املطلوب

جتة فاملخالفة هنا نا. 2»بينما قد انتظم منه يف الواقع أكثر من واحد" اليوم سباق رهان اخليل جاريا .عن عدم املطابقة بني القول ومقتضياته الواقعية، لذلك كان الفعل غري ناجح

والذي يوجب على مجيع املشاركني ؛)2-ب(يف الشرط الثاين " Austinأوستني "ودقق يف اإلجراء أن يقوموا بتنفيذه تنفيذا كامال، فيذكر أن اإلخفاقات قد حتدث إثر الوقفات املفاجئة،

ال " عدمية األثر إذا صرخت املرأة ، تكونصرح بالزواج عندما أ"جابيت بالقبولإ"كأن تكون " إين أفتح املكتبة"وكما قد يفشل مسعاي يف تدشني مكتبة على وجه رمسي إذا قلت ". أريده

.3ولكن املفتاح حينذاك انكسر يف القفل

احلال الناجتة عن عدم وقد خصص احملاضرة الرابعة من مصنفه ملظاهر عدم مطابقة مقتضى يدخل فيه ضروب «، و"الشطط يف صالحية االستعمال"ضمن " ج"مراعاة شرطي النمط الثالث

أو التمهيد لإلخالل باألمر وتعييبه " Infractionاخلروقات "و" Insinceritiesعدم الصدق " كان ال تزال ، وقد ننعت هذا التنجيز بكونه ليس باطال وال الغيا وإن"Breaches"واإلخالل به

.149ة أوكسفورد، صإمساعيل عبد احلق، التحليل اللغوي عند مدرس.، ود43 ينظر أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة، ص 1 .51 ينظر أوستني، املصدر نفسه، ص 2 .52 ينظر أوستني، املصدر السابق، ص 3

206

فهذا النمط يستدعي الشعور باإلحساسات نفسها بني طريف اإلجناز . 1»مناسبة االعتبار غري مقبولةمن غري أن أشعر بأي نوع من الفرح " ئكين أهنإن"الكالمي، فإن قلت لشخص جنح يف االمتحان

ال آخر إلنسان وكذلك األمر إن قلت يف ح". مطابقة مقتضى احلال"والسرور فهذا خروج عن أو بأي نوع من املشاركة ، من غري أن أشعر بأي نوع من التعاطف؛"إنين أعزيك"فقد عزيزا عليه

ففي احلالتني تم حتقيق الفعل الكالمي على وجهه، ولكن التنجيز يف هاتني احلالتني . الوجدانية .مشوب بسوء اإلحساس وعدم الصدق

إىل "Austinأوستني "ضمن النمط الثالث أشار " الضروب عدم مطابقة احل"و يف بيان االختالالت اليت قد تكون على مستوى التفكري، وحتدث حاالا حينما ال يكون فيها لدى األشخاص املشاركني يف اإلجراء أفكار واحدة وصادقة فتتولد عنها أحكام ناقصة، كقويل لك

كما قد . ريق األمثل لك واملوصل إىل قصدكوأنا ال أعتقد أن هذا هو الط" إين أنصح لك ذا"أن هذا الرجل ليس متهما، فأنا أبرئ ساحته وأخلي سبيله مع أين أعلم علم اليقني أنه "أصرح

. مرتكب للجرمية

ففي كل هذه األفعال قد مت إجناز الكالم يف النصح واحلكم، ولكنها غري ناجحة النعدام .الصدق فيها

فعال اليت قد حتدث عن سوء النوايا، وأمثلتها كثرية يف جمتمعنا واألمر نفسه حيصل يف األمن غري صدق للنوايا فتحصل األقوال وتنعدم " إني أراهنك"، و"إني أعدك"كأن يقول القائل

.األفعال

إني أرحب "وكذلك احلال يف حالة اإلخالل بالشرط الثاين من هذا النمط كأن أقول الترحيب، فيكون هذا القول قد اأؤدي من املعامالت ما يثبت هذ، ولكنين بعد ذلك ال "بك

.استعمل بطريقة سيئة لعدم اإلخالص يف النية

وهي كلها حاالت تعد من مساوئ االستعمال الناجتة عن عدم اإلخالص للمقاصد اليت .تقتضيها األقوال

.55، ص-نجز األشياء بالكالمكيف ن–نظرية أفعال الكالم أوستني، 1

207

نالحظ أن إجنازية " Austinأوستني "وأدىن تأمل يف خمتلف أمناط االختالالت اليت ذكرها الفعل الكالمي ال تقف عند حدود السالمة أو الصحة اللغوية؛ بل هي مرهونة أكثر مبعطيات

وقد . الصدقأو املعامالت يف النيات أو املقاصد أو األفكار أون إ؛عةدة واملتنواملتعد" سياق احلال"من «: ية الفعل اإلجنازي وحتقيقه، يقولنظرا ألمهيته يف تأد" الصدق"ركز على املعطى األخري

احلديث قد جرنا إىل القول بأنه لكي تكون العبارة اإلجنازية مطابقة ملقتضى احلال الواضح أن، وقد تظهر هذه "To be trueالصدق "ينبغي أن يكون إثبات احلكم يف القضية موصوفا بـ

ولذلك أوالها أمهية خاصة فحاول . 1»...النتيجة اليت عثر عليها البحث تافهة يف بادئ الرأي :توضيحها أكثر فطرح سؤالني مهمني ومها

أي شيء هو إثبات احلكم يف القضية وكيف ينبغي أن يكون صادقا؟-1 بصدد العالقة املوجودة بني العبارة اإلنشائية وصدق الذا بوهل نستطيع أن نقول شيئا -2

2إثبات احلكم؟

وقد الذي يقتضيه الفعل اإلجنازي، "الصدق" طبيعة قشحاول أن جييب عن ذلك فناقد و، )أعتذر(ظ بالعبارة ، وطرح فكرة جوهرية تتعلق بالعالقة بني التلف"أعتذر ":انطلق من مثال قولنا

أن «وبني كوين يف حال االعتذار؛ أي كيفية مطابقة مقتضى احلال هلذه العبارة اإلنشائية، فقرر ، )أعتذر(ي يف حصول االعتذار مرهون مبناسبة قبول التلفظ بالعبارة بلوغ قصدي منه وجناح مسعا

وتلك إحدى الطرق اليت تتيح لنا أن نعلل للفارق بني اإلنشاء واخلرب، وهو ذاته متييز وفصل لإلجناز همة إىل مويف كل ذلك إشارة . 3»عن الكالم، والقول عن الفعل، والتلفظ بالكالم وصدور الفعل

. وليس بالقول وحده، املرتبطة يف جوهرها بالفعل الذي ينتج عن القول املعنيطبيعة الصدق

ولذلك يكون االعتذار ناجحا إذا حتقق من لدن املتكلم للمتلقي، وإال فال ينعت صاحبه إذ يسمى من -كما يرى الزركشي–" الوعد"وكذلك يف . لفبالكذب إن مل حيققه؛ بل هو مخ

. 4مل يف بالوعد خملفا ال كاذبا

.62كيف ننجز األشياء بالكالم، ص– أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة 1 .63 أوستني، املصدر نفسه، ص 2 .65 أوستني، املصدر نفسه، ص 3 .219ص/4 ينظر الزركشي، البحر يف أصول الفقه، ج 4

208

ولعه التوضيح والتمثيل نفسه الذي أشار إليه مأوستني "ري إنAustin "ن أن عدم حينما بي عدم صدق حتقق الوعد، ما دام ن ثبوت احلكم أشبه ما يكون؛ بل هو عيInsinverity صدقء الوعد وإصدار احلكم مها معا طريقان يراد ما غرض واحد، وهو أن كل من استعملها إعطا

وكل ذلك يدل على مدى . 1البد وأن يكون له قصد ما، وأن يكون بطريق األويل فكر يف قصده .الرقي الفكري الذي قامت عليه حضارتنا العربية

":Searleل "و ا ازي -ب

أيضا أن حتقيق الفعل اإلجنازي مرهون بشروط يقتضيها التفاعل "Searleسريل " بين ،حماوال بيان قصورها من جهة" Austin أوستني"الكالمي، وقد انطلق يف ذلك مما قدمه أستاذه

ومقترحا شروطا أخرى تشرح تداعيات التخاطب اليت قد تسهم يف تشكيل القوة اإلجنازية قت يف الفعل الكالمي ، إذا حتق"شروط املالءمة أو االستخدام" مساها ؛رىاملقصودة من جهة أخ

طبقها على التحية واالستفهام والتحذير والتهنئة، وقد نوضح ذلك أكثر معه من ،كان ناجحا ".الوعد"خالل فعل

ق القوة اإلجنازية املقصودة،صال الكالمي بوجه عام، وحتقواقترح تسعة شروط حتكم االت ر متكلويذكر أنع(يف حضور مستمع ما ) ج(جبملة ما ) م(م ه حني يعب ( ه ينبئ املستمعفإن)ع (

:2قصده بواسطة املنطوق احلريف الصحيح، الصادقة والتامة، فقط إذا توافرت الشروط التالية

مرتبط بكيفية إنشاء الكالم، أما " املدخل"فمصطلح : شروط املدخل واملخرج العادية-1ق باملتلقي، وهذا يقتضي أن يكونا متمكنني من اللغة املتواصل ا فيما بينهما، ومن فيتعل" ملخرجا"

). الرتاهة(غري وجود لعوائق االتصال، وأن يكونا جديين يف كالمهما من غري الدخول يف التمثيل .وتتصل هذه الشروط مبقام التواصل ككل

.68كيف ننجز األشياء بالكالم، ص– ينظر أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة 1

2 Voir, John Searle, Les Actes de langage, P:98-103. زتسيسالف واورزنياك، مـدخل إىل علـم : وينظر، 34وآن روبول وجاك موشالر، التداولية اليوم، ترمجة سيف الدين دغفوس وحممد الشيباين، ص . 24ء النص، ص النص مشكالت بنا

.85-84حممود أمحد حنلة، آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر، ص.ود

209

، فلألفعال اإلجنازية مضمون )ق(لم عن القضية يعبر املتك) ج(يف منطوق اجلملة -2 .دائما" بشيء"، فالوعد ليس فعال مكتفيا بذاته؛ إذ يعد املرء )قضية(موضوعي

ه ال تتعلق األفعال التعبري عن قضية متكلم خيرب املتلقي بفعل مستقبلي، باعتبار أنيف -3ففي حال . معينة للقضايا اليت تتبعهاد أوجه اإلجناز مسات ما حتدة، وإناإلجنازية بقضايا جزافي

املتكلم بأفعال تقع يف دعمثال جيب أن يدل احملتوى القضوي على املستقبل؛ إذ ال ي" الوعد"عاملاضي، وال ميكن له أيضا أن يبذاته(اإلنسان يعد بامسه ف ؛ شخصا آخر سيفعل شيئا بأند.(

شروط احملتوى القضوي "اين والثالث على مقتضيات الشرطني الث" Searleسريل "ويطلق Contenu propositionnel ."

يفترض املتكلم أن املتلقي يريد أن يقوم بالفعل، وأن يصدق افتراض املتكلم حبيث أن -4 املتكلم ؛املتلقي راغبا فعال يف ذلك، وهذا ما يشري إىل التفاهم اإلجيايب بني طريف التفاعل يكون

. رء ال يعد بشيء يتمناه السامعواملتلقي باعتبار أن امل

سينفذ الفعل يف السري ) م(واملتلقي أيضا أن ) م(ليس من الواضح بالنسبة للمتكلم -5العادي للوقائع؛ ويسري ذلك على عامة األفعال اإلجنازية؛ فلو طلبنا من شخص ما لفعل أمر ما

فإن املتكلم ال يعد " الوعد "أما. أو يكون يف حال فعله فإن طليب ليس له أي غرضنواضح لديه .بأشياء حاصلة أو بديهية؛ فاملوعود شيء غري حاصل ومفاجئ للمتلقي

شروط التمهيد "على مقتضيات النمطني الرابع واخلامس " Searleسريل "ويطلق Conditions préliminaires."

المي يشعر أن ق الفعل الكالقدرة على أن يحدث الفعل؛ أي عندما حيق) م(م للمتكل-6له القدرة على إجناز قوته اإلجنازية، فالوعد مثال ال يكون خملصا إال حني يكون لدى املتكلم القصد

La condition deشرط اإلخالص " "Searleسريل "ويسمي ذلك . حقيقة لعمل املوعود به

sincérité."

210

الشرط يتضمن االلتزام االلتزام بامللفوظ لتنفيذ الفعل؛ وهذا) م(يوجد يف قصد املتكلم -7. املنطوق وعدا على اإلطالقي حالة عدم وجود التزام بتنفيذ املوعود به ال يكون مبا وعد به، فف

ألنه يلزم املتكلم تلفظه القيام بالفعل ؛ "La condition essentielleالشرط اجلوهري "ويسمى .اصة؛ فكل فعل كالمي يفضي إىل تأسيس عالقات التزام خمناط التلفظ

ظه، أن يدرك املتلقي أن املتكلم ملزم بالقيام بالفعل من خالل تلف )م( يقصد املتكلم -8 .اإلدراك من قبل مستمع قائم على معرفته مبعىن تلفظ املتكلم وأن يكون هذا

ظ التلفن أنظ ا بني املتكلم واملتلقي، واليت تبيشرط القواعد الداللية للغة املتلف-9 .، واليت تقتضي مراعاا يف كل ذلك8 إىل 1صادق انطالقا من الشروط املبسوطة من صحيح و

سريل "ـضح لفاتSearle " أن حتقيق الفعل اإلجنازي ال يتم إال مبراعاة قواعد التفاعل منبس مما حيول دون حتقيق املقصد ي إىل اللالشرط األول إىل الشرط التاسع، وأي خرق هلا قد يؤد

.ىاملبتغ

ميكن «و. متثل هذه القواعد شروط جناح التفاعل الكالمي ملختلف أمناط األفعال الكالميةأن تفترض بشكل مكمل قاعدتان ذواتا منط " الوعد"بناء على حتليل شروط التوفيق بالنسبة لـ

عين اليت ت" القاعدة القضوية"وينبغي أن تذكر يف املوضع األول . تأسيسي جلميع األفعال الكالميةأما القاعدة الثانية فيمكن أن تعد القاعدة . أن كل فعل كالمي جيب أن يرتبط مبضامني قضوية

. الفارقة اليت تعين االختالف فعال للفعل الكالمي الـمعني يف مقابل كل أفعال الكالم األخرىهكذا و. اليت سبق ذكرها7 و6 و5 و4 و3ويف حال الوعد تتشكل القاعدة الفارقة من الشروط

: فالسمات اإلجبارية للوعد اليت تكون الفارق اجلوهري له تتضح يف الوصف املوجز التايل، وإجيابية موضوع الوعد حسب التقدير الضمين )3شرط(املوعود به ) احلال(مستقبلية املوضوع

، وإخالص مقصد)5شرط(، وعدم بديهية احملتوى املوعود به )4شرط(املتفق عليه شريكا للتواصل .1»)7شرط(، وااللتزام من طرف املتكلم )6شرط(املتكلم

.28سعيد حسن حبريى، ص. زتسيسالف واورزنياك، مدخل إىل علم النص مشكالت بناء النص، ترمجة د 1

211

وكل ذلك يعطي األمهية الكربى لتحقيق الفعل اإلجنازي لطبيعة الفعل القضوي من جهة، وعلى هذا األساس . ولتداعيات التفاعل الكالمي بطرفيه وموضوعه وأغراضه من جهة أخرى

مي ال يقف عند حدود املنطوقات الفعلية؛ استخالص الفعل اإلجنازي للفعل الكالنالحظ كيف أن .تعالق أيضا مبعطيات التفاعل الكالمي ككليبل

":Griceا" و اط -ج

نجاح للفعل المبادئ حتكم التفاعل الكالمي تضمن أن هناك "Griceغرايس "الحظ والت حمددة؛ وإنما هو لفاظ معينة مرتبة على مدلأل جمرد نطق هذا األخري ليس كونالكالمي،

أن حقيقة منهيتضحو. محله على إجناز معين من أجل ن لدن املتكلم للتوجه إىل املتلقيإرادة مق من العالقة التخاطبية اليت تنتظم من خالهلا األلفاظ وفق ما تقتضيه إجراءات تتحقيالكالمالفعل

. الذي ينبين عليه الكالم من جهة أخرىي من جهة، واملقصدم واملتلقالتخاطب بني املتكل

املبين على نقل الفائدة " التبليغ"س على هذه العالقة تتأسأن أوضح طه عبد الرمحنوقد: يقول إذ؛باالعتماد على قوانني تنظم ذلك" اإلظهار واإلضمار"املخصوصة، واليت قد يزدوج فيها

يف إلقاء األقوال وإتيان األفعال، لزم أن تنضبط وملا كان التخاطب يقتضي اشتراك جانبني عاقلني«قواعد "، نسميها بـ"فائدا التواصلية"هذه األقوال بقواعد حتدد وجوه فائدا اإلخبارية أو قل

موضوع للداللة على التواصل اخلاص باإلنسان، كما لزم أن " التبليغ"، علما بأن مصطلح "التبليغيها بـ" التعاملية"د وجوه استقامتها األخالقية، أو قل تنضبط هذه األفعال بقواعد حتدقواعد "نسم

ق من قم حيوقد حاول العلماء الكشف عن هذه القوانني والقواعد اليت جتعل املتكل. 1»"التهذيبضمن ما " Griceغرايس " وقد صاغها حتقيقه من القوى اإلجنازية، ما يود خالله فعله التلفظي

."احملادثةأحكام "يسمى بـ

ل الفكرة األساسية هلذه الطقوس يف أن املتخاطبين يف أي تفاعل كالمي إنما يتقامسان وتتمث ضمن مبدأ عام مساه "Griceغرايس "وقد صاغها . هدفا مشتركا وهو خلق الفعالية للتواصل

.237ان وامليزان أو التكوثر العقلي، ص اللس 1

212

وهو .2"منهليكن انتهاضك للتخاطب على الوجه الذي يقتضيه الغرض "، وصيغته 1"مبدأ التعاون"د الفرضية األساسية فيما مفاده أن التفاعالت احلوارية تبلغ مقاصدها مبقتضى التعاون حد«مبدأ

القائم بني أطراف احلوار، وهذا ما يتطلب أن يكشف املتحاورين عن مقاصدهم أو على األقل ني يف النشاط ملشارك املبدأ يستوجب من ا، فبهذا نستشف أن هذا3»التوجه العام هلذه املقاصد

ع أن يسهم كل واحد منهم يف احملادثة بكيفية عقالنية ومتعاونة يف توق؛ إذ يهالكالمي أن حيترمو :، انطالقا من أربع قواعدإنتاج الكالم وتأويله

: تستلزم أن:قاعدة الكم-1 .تكون إفادة املخاطب على قدر حاجته- .أن ال تتعدى اإلفادة القدر املطلوب-

لقاعدة هي الفكرة األساسية اليت انبنت عليها البالغة العربية اليت دعت إىل وهذه اأن يكون الكالم بقدر احلاجة، ال زائدا عنها لئال يكون عبثا، وال ناقصا عنها لئال خيل «ضرورة

.؛ أي البد من تكييف الكالم حبسب املطلوب4»بالغرض وهو اإلفصاح والبيان

:ملتكلم وتقتضي من ا:قاعدة النوع-2 .أن يكون صادقا فيما يقوله- .دليلأن ال يقول ما ليس عليه -

ل ما يعتقد أنه غري صحيح أو ليس وفتستوجب هذه القاعدة على املتكلم أن ال يقحسن "ل دائما للسامع، وهذا ما يعرف بـعنده بينة، وبالتايل ينتقي األلفاظ الصائبة، ويعل

.5"التصرف

".املنطق والتخاطب"، وشرحه أكثر يف مقالته الشهرية "حماضرات يف التخاطب" ذكره ألول مرة يف دروسه 1 .238 طه عبد الرمحن، اللسان وامليزان، ص 2 .98، ص1/2011، طمنشورات االختالف اجلزائر العياشي أدراوي، االستلزام احلواري يف التداول اللساين،3

.42 السيد أمحد اهلامشي، جواهر البالغة، ص 4 ينظر حممد الكساس، علل اللسان وأمراض اللغة رؤية لغوية إكلينكيـة وانعكاسـاا االجتماعيـة، بـريوت املكتبـة العـصرية، 5 .122، ص1/1998ط

213

وتستدعي من املتكلم أن جيعل كالمه مناسبا وذا عالقة ):اسبةاملن(قاعدة العالقة -3 .باملوضوع واملقام معا

جوهرية عند دارسينا ككل، والذين أكدوا علي قيمتها يف تأليف الكالم " املناسبة"وفكرة : نوعانهيو .1وتبليغ مقاصده

،مناسبة يف املعاين- ؛ ومناسبة يف األلفاظ-

لا ﴿: ملتكلم مبعىن مث يتمم كالمه يناسبه معىن دون لفظ، كقوله تعاىلاملعنوية أن يبتدئ ا«فـبريالخ اللطيف وهو ارصالأب ركدي وهو ارصالأب ركهدم نفي ، فإن2﴾تاهللا سبحانه وتعاىل ملا قد

؛ إذ معترف العادة خطابا للسامع مبا يفهم" وهو اللطيف"إدراك األبصار له عطف على ذلك قوله فاملناسبة هنا مبنية على اتساق الدالالت اليت تتشكل منها . 3»أن كل لطيف ال تدركه األبصار

.مقاصد القول

توخي اإلتيان بكلمات متزنات وهي على ضربني؛ تامة وغري « فهي "املناسبة اللفظية"أما ت مبقفاة، فالتقفية غري الزمة تامة، فالتامة أن تكون الكلمات مع االتزان مقفاة، وأخرى ليس

بل . ق والقرآن المجيد﴿: ومن الشواهد املناسبة اليت ليست تامة يف الكتاب العزيز. للمناسبةجيبء عيذا شون هفقال الكافر مهمن ذرنم ماءهوا أن ججبومن الشواهد التامة قوله ﴾ع ،

، "أعيذكما بكلمات اهللا التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عني المة" "صلى اهللا عليه وسلم"، وهي القياس ملكان املناسبة اللفظية "ملمة"ومل يقل " المة" "صلى اهللا عليه وسلم"فقال النيب

فاملناسبة اللفظية ترتبط بالشكل اللفظي الذي يتشكل من خالله الفعل القويل، والذي قد . 4»التامة .تلقي أكثر حنو القصد املراديستميل امل

بدوي طبانة، مصر دار ضة مصر للطبع .أمحد احلويف ود.يه د ينظر ابن األثري، املثل السائر يف أدب الكاتب والشاعر، قدمه وعلق عل 1

.297ص/4، ج2والنشر، ط ).103( األنعام 2

بدوي طبانة، .وينظر د. 307، ص1/2006أمحد مطلوب، معجم املصطلحات البالغية وتطورها، الدار العربية للموسوعات، ط. د 3 .874-873، الد الثاين، ص1/1977داب، طلس كلية اآلبالغة العربية، منشورات جامعة طرامعجم الب

.309-308أمحد مطلوب، املرجع نفسه، ص. د 4

214

:م وتتطلب من املتكل):طريقةال(قاعدة الكيف -4 اإلجياز واإلفصاح- االحتراز من الغموض وااللتباسو- .1ترتيب الكالم وتنسيقهو-

تنطلق من الفعل القويل وتربطه مبعطياته ، متداخلة يف أصلها-كما نالحظ– وهذه القواعدقيق الفعل كالمي حتتفاعلمتثل ضوابط تضمن ألي وهي .مقصدهاحلالية اليت تسهم يف بناء

الذي يستوجب التعبري بفعل القول الذي يقتضي ذلك، " العقد"قد منثل لذلك بفعل . اإلجنازيوهي قواعد تصور ما جيب أن . بصدق ووضوح وبينة وإجياز وتنسيق مبا يستدعيه احلال ككل

لنجاح الفعلي يف حتقيق القوى اإلجنازية اليت نبتغيها من أفعالنا يكون عليه التخاطب إذا ما أردنا ا ).اإلخباريات أيضا( بصفة عامة هاالكالمية بصفة خاصة، وباقي أصناف

ويستمد مبدأ التعاون فعاليته من القوة املعرفية واالستداللية اليت تشتغل من خالهلا قوى نظرية "ن التعاون أيضا ما يعرف بـمويتض«": M.corballisمايكل كورباليس "العقل، يقول

وهي تشري إىل القدرة على فهم عقول اآلخرين أو رؤية العامل من منظور شخصي آخر، ؛"العقلنا إذا شاركنا اآلخرين مشاعرهم ومعرفتهم يزداد احتمال أن فإن. وهذا يهيئ أساسا للتعاون

.2»نساعدهم

بيان كيفيات تأليف الكالم بصفة عامة، وحتضر هذه مقوالت هذا املبدأ لدى علمائنا يف وقد ناقش البالغيون ذلك أكثر ضمن مباحث متنوعة منها مبحث اإلجياز يف الكالم أو املساواة أو

اإلطناب بالغة والتطويل عي؛ ألن التطويل مبرتلة سلوك ما يبعد «اإلطناب، وعابوا التطويل؛ فـ

وآن روبول وجاك . 96عبد اهلادي بن ظافر الشهري، استراتيجيات اخلطاب، ص.، ود238 ينظر طه عبد الرمحن، اللسان وامليزان، 1

صالح إمساعيل، نظرية املعىن يف فلسفة بول غـرايس، .، د 57، ص سيف الدين دغفوس وحممد الشيباين : موشالر، التداولية اليوم، ترمجة .87ص .107، ص2006 مايكل كورباليس، يف نشأة اللغة من إشارة اليد إىل نطق الفم، ترمجة حممود ماجد عمر، الكويت عامل املعرفة، 2

215

ولكن ظلوا . 1»سلوك طريق بعيد نزه حيتوي على زيادة فائدةجهال مبا يقرب، واإلطناب مبرتلة .مصرين على ضرورة موافقة الكالم مبا يقتضيه املوضوع واحلال

ودعوا إىل الوضوح واالبتعاد عن اللبس والغموض ميا ميكن املتلقي من الوقوف على :2املقصود، قد منثل لذلك ببيت جرير يوم الرحيل فعلت ما لم أفعل آخر عهدكم لو كنت أعلم أن

فالبيت مبهم وغري واضح حيث ال يدري السامع إىل أي شيء أشار من أفعاله يف قوله ؛ أراد أن يبكي إذا رحلوا، أو يهيم على وجهه من الغم الذي حلقه، أو يتبعهم "فعلت ما لم أفعل"

أو مينعهم من املضي على عزمة الرحيل، أو يأخذ منهم شيئا يتذكرهم به، أو يدفع إذا ساروا، الشاعر مل ولكن. 3إليهم شيئا يتذكرونه به، أو غري ذلك مما جيوز أن يفعله العاشق عند فراق أحبته

.يفصح عن مقصده، مما يشكل ذلك على املتلقي، ففي ذلك خرق لقاعدة الكيفوإذا الضرورة إىل سوق خرب واقتصاص كالم، «: قول العسكريودعوا إىل الصدق ي

باعه فتحتاج إىل أن تتوخى فيه الصدق، ويتحرى احلق؛ فإن الكالم حينئذ ميلكك وحيوجك إىل اتومن هنا تربز أمهية قاعدة الصدق يف التفاعل الكالمي، باعتبارها تستميل املتلقي . 4»واالنقياد له

ق الشاعر وصد،لقصافه ذا اخلوهنا نشري إىل أن من همة العريب ات. االقتناعوتدعوه أكثر للفهم و :5إذ قال

ال يكذب املرء إال من مهانته أو عادة السوء أو من قلة األدبء في جدة املررائحة من كذب ريدي خويف لعبلجيفة الكلب عن

ومن هنا تظهر أمهية هذه القواعد اليت تكشف عن كيفيات االستعمال الكالمي، وبالتايل ي باملخاطب إىل توظيف آليات قد يؤدهاأي انتهاك لقاعدة منولكن . خلق الفعالية املقصودة

حينما يسأله"عمرو"أخرى من أجل الوقوف على املقصد من القول، قد منثل لذلك جبواب

.197 العسكري، الصناعتني، ص 1 .39 ينظر العسكري، املصدر نفسه، ص 2 .39، صصدر نفسهري، امل ينظر العسك 3 .153 العسكري، املصدر نفسه، ص 4 .99، ص1/1986فهمي سعد، بريوت عامل الكتب، ط. ينظر أبو الطيب بن حيىي الوشاء، الظرف والظرفاء، حتقيق د 5

216

؛ حيث نالحظ أن "يف ناحية قريبة من هنا: "فيجيب عمرو" هل تعرف أين يسكن بكر؟: ""زيد"هنا أن يوظف "زيد"ولكن بإمكان . اإلجابة قد انتهكت قاعدة الكم اليت تتطلب التحديد أكثر

وهذه اآلليات . "بكر" ال يعرف بدقة مسكن "عمرو"آليات استنتاجية أخرى يدرك من خالهلا أن متفرقة عن منطق احملادثة، فعن طريقها حياول -"Griceغرايس "كما الحظ –هي يف أساسها

.الفرد الوقوف على املعاين الضمنية اليت يقتضيها القول

قيل لبعضهم لم «فهذه القاعدة تستدعي التعبري مبا حيتوي املقصد وال يزيد عنه فيغمض، وقد وهو فعل إجنازي مت بطريقة غري . 1»القالدة ما أحاط بالعنقحسبك من : ال تطيل الشعر؟ فقال

.مباشرة تتضمن الدعوة إىل ضرورة تكييف اإلنتاج الكالمي مبا يوافق املوضوع

من بين غالمريين غعمل خيد«: الذي قال2وقد نستأنس أكثر مع قصة املغرية بن شعبة لك فيها، فقلت ريأيها األمري ال خ: ألتزوجها فقال منهم احلرث بن كعب، فإني ذكرت امرأة

ختربين أنك مـلأ: "ه، وقلتتمجها الفىت، فلها، فأعرض عنها فتزو يقبلرأيت رجال: ولم؟ قال، فطبيعة املقصد الذي ابتغاه الفىت جعلته حيترم 3»لهانعم رأيت أباها يقب: قال! رأيت رجال يقبلها؟

دق، ويكيف معه من التلفظات ما يعدد يف املقاصد بينه وبني املغرية الذي فاته املعىن قانون الص .املراد

ها قواعد منوذجية عامة؛ ألنها تصف إال أن رغم دقة هذه القواعد وقيمتها علىولذلك نقولتداعيات كيفيات التبليغ من غري أن توضح وتأخذ يف احلسبان مجيع معطيات التفاعل الكالمي و

قد يدعونا يف حاالت ما إىل اختراق قاعدة الكم اليت قد مما؛فاملتلقي مثال أصناف، "سياق احلال"يلجئون إىل ف ، ذوي سوء النية-"Orecchioneأوركيوين "كما تقول -توافق غريه، وباخلصوص

.56ص/4 ج، ينظر ابن عبد ربه، العقد الفريد،2/184وابن قتيبة، عيون األخبار، . 46، و ص189 العسكري، الصناعتني، ص 1

املغرية بن شعبة، ومعاوية، وعمرو بن العاص، والسائب بن األقـرع، وكلـهم : وهو كما يقال داهية من دهاة العرب األربعة وهم 2 .2/463ينظر إبراهيم مشس الدين، قصص العرب، . ولدوا بالطائف

، وإبراهيم مشس الدين، قـصص العـرب، 2/200، 1996/ 2 ابن قتيبة الدنوري، عيون األخبار، القاهرة دار الكتب املصرية، ط 3 .272 وص267ص/2ج

217

ون على غرار التفاعل يف فيها درجة التعامث إن هناك تبادالت تقل. مناورات هدفها العرقلة واإلهلاء .1 والذي يتجاوز التبادالت اهلادئة وحىت االندماجية،املناظرة واجلدل

تعلق كما يرى طه عبد الرمحن باجلانب وي عتراض من صنف آخر، إىل ا األمرو يدخلنا هذا . يف عملية التخاطب، والذي يقتضي ضوابط معينة2التهذييب من املخاطبة

يف الرئيسي، واليت كانت املنطلق"Griceغرايس "علماء قواعد تأمل الكثري من القد والتقعيد لكيفيات التخاطب، فانطلقوا منها ونقدوها وقدموا بديال عنها مبا يضبط حبسبهم العالقات

ة يأكثر على أمهية اجلوانب االجتماعية والنفسية يف العملية التفاعلزوا ورك،3أكثر بني املتفاعلني :ككل؛ ومن ذلك

: مبدأ بديهية املالءمة-

أن ، والحظا"Grice غرايس"من قواعد " Sperber وسرببر Wilsonولسون "انطلق فيه ب أن تكفي لتنوب عن جمموع القواعد؛ عن قاعدة الكم اليت تتطلPertinence"4املناسبة "قاعدة

على القائل أن يعتقد قاعدة النوع اليت تفرض وئل كما مناسبا من املضمون، حتتوي مسامهة القا وأن تكون له أسباب معقولة ليعتقد يف ذلك، وعن قاعدة الكيف اليت تفرض أن ،فيما يقوله

نتحدث بوضوح وبطريقة ال لب5 فيهاس.

بني القول والقوة اإلجنازية املقصودة "املالءمة"وعلى هذا األساس يقتضي هذا املبدأ خلق .ضمن شروط معينة تضمن النجاح لذلك

.350ص ينظر، أوركيوين، املضمر، ترمجة ريتا خاطر، 1 .239طه عبد الرمحن، اللسان وامليزان، ص. ينظر د 2

أن جيعل عددا معينا من الذي من شأنه" املبدأ املثايل"نفسه يقر بأن مبدأ التعاون يشكل نوعا من " Griceغرايس " وهنا نشري إىل أن 3من منطلق أن مثة مبادئ أخرى ميكن أن تؤمن إجراءات " ميكن إضافة املزيد منها "القواعد التحادثية احملددة أكثر مشولية، وبالتايل يقر أنه

.356 و346ينظر أوريكيوين، املضمر، ص. التفاعل مثل القواعد الغريسية، ويف كتاب املضمر ألركيـوين ترمجـت 274 و82ص" املناسبة، والعالقة" اليوم ترمجت بـ اختلقت الترمجات، يف كتاب التداولية 4ه ، على الرغم من أن33، ص"عندما نتواصل نغري" يف كتابه"اإلصابية"عبد السالم عشري مصطلح كتور دال، ويقترح 351، ص "املالءمة"

.69 يف كتابه الكفايات التواصلية، ص"املالءمة"يستعمل مصطلح .82 ينظر آن روبول وجاك موشالر، التداولية اليوم، ص 5

218

-بمبدأ التأد :

، وتدعو فيه إىل األخذ "بمنطق التأد"يف مقاهلا " Robin Lakoffروبني اليكوف "أوردته ويقتضي هذا املبدأ أن يلتزم كل من املتكلم . بعني االعتبار قواعد التهذيب أثناء التخاطب

ال يقل عما يف الكالم من ضوابط التهذيب ما تحقيق الغاية اليت من أجلها دخالبواملخاطب أغلق الباب "، و"أغلق الباب: "قولناب منثل قدولنكتشف قيمة ذلك. 1يلتزمان به من ضوابط التبليغ

".لو مسحت أغلق الباب" و"من فضلك

:عن هذا املبدأ ثالث قواعد وهي" Lakoffاليكوف "وقد فرعت ".ال تفرض نفسك على املخاطب"ومقتضاها : قاعدة التعفف* ".لتجعل خماطبك خيتار بنفسه"ومقتضاها : قاعدة التشكك* .2"لتظهر الود للمخاطب"ومقتضاها : قاعدة التودد*

وأدىن تأمل هلذه القواعد جيعلنا نالحظ أن جوهرها قائم على ضرورة مراعاة العالقة التخاطبية بني املتكلم واملخاطب وفق ما تقتضيه العالقات االجتماعية واملعطيات النفسية، فهي

–ف والتهذيب يف تشكيل الفعل الكالمي وحتقيق قوته اإلجنازية، واليت تستدعي تدعو إىل التعف . استعمال العبارات غري املباشرة؛ وكل ذلك حبسب ما يقتضيه احلال-أثناء الطلب مثال

منثل لذلك بعدم مراعاة املسافات، واليت تقتضي بسط االحترام بني طريف التخاطب، ميكنو :تأنس هنا مبا استثقله عبد امللك بن مروان يف تلك املواجهة اليت ابتدأه ا جرير حني أنشدهقد نسو

؟احوالرك ببح صم هيةشاح ع صري غكادؤ فمو أحصتأ ، وكان الشاعر خياطـب نفـسه بيـد أن "ك يا ابن الفاعلة بل فؤاد "فقال له عبد امللك

إىل ذلـك، مرب املسافة القائمة بينهما، وإن مل ي املخاطب أفضى إىل عدم حتس لضمري هاستخدام3 وما قد ينعكس على نفسه من ظالل معان سلبية،ط يف عدم مراعاته مقام اخلليفةفتور .

.240طه عبد الرمحن، اللسان وامليزان، ص. ينظر د 1 .241-240طه عبد الرمحن، املرجع نفسه، ص. ينظر د 2، 1/222 ،5/1981 ينظر ابن رشيق، العمدة يف حماسن الشعر وآدابه ونقده، حتقيق حميي الدين عبد احلميد، بريوت دار اجليل، ط 3 .203-202جنوى حممود صابر، دراسات أسلوبية وبالغية، ص.ود

219

د ، وقد أك مباشره ه إليه الكالم فال نستعمل معه ضمري املخاطب وجنفاألحرى مراعاة من وأال يعطي خسيس الناس رفيع «؛ ودعا إىل مراعاة قدر الكاتب واملكتوب إليه على ذلك ابن قتيبة،

الكالم، وال رفيع الناس خسيس الكالم، فإني رأيت الكتاب قد تركوا تفقد هذا مـن أنفـسهم، فإن رأيـت "وبني من يكتب إليه " فرأيك يف كذا "وخلطوا فيه، فليس يفرقون بني من يكتب إليه

إمنا يكتب ا إىل األكفاء واملتساوين وال جيـوز أن يكتـب ـا إىل الرؤسـاء " رأيك"و" كذاوبني مـن " وأنا فعلت ذلك "وال يفرقون بني من يكتب إليه ... واألستاذين؛ ألن فيها معىن األمر

ا من كالم امللوك ال يكتب ا عن نفسه إال آمر أو ناه؛ أل " حنن"و" وحنن فعلنا ذلك "يكتب إليه ـ . 1»والعلماء ومنـه . 2»من كـالم امللـوك " حنن"من كالم اإلخوان واألشباه و " أنا"«ولذلك ف

نستشف أن مراعاة قواعد مبدأ التأدب تسهم يف حتقيق القوة اإلجنازية املقصودة، وبالتايل تقويـة .يت تستدعي التأدب أكثر وخباصة يف العالقات الرمسية ال،العالقات والروابط بني أطراف اخلطاب

فقواعد هذا املبدأ تقوم على مراعاة من نتوجه إليه بالفعل الكالمي، قصد استلطافه وقد يتحقق ذلك باستخدام . كنه من االخنراط اإلجيايب يف التفاعل الكالميميواستدراجه مبا

ا ؛حات الفعليةامللموغريها من " لو أذنتأعتقد، أتوقع، من فضلك، ولو مسحت، " ومن أهم أدوا . األلفاظ اليت تشعر املخاطب بالرضا واالرتياح مبا يضمن النجاح للفعل الكالمي

وهذا ما الحظه بالغيونا إذ دعوا إىل مراعاة املخاطبني من حيث طبقام، وطبيعة اللغة اليت .3قد تستعمل يف كل طبقة، فاختراقها قد يضيع الغرض املقصود

.18، ص)ت.د(ابن قتيبة، أدب الكاتب، حققه وعلق على حواشيه حممد الدايل، دمشق مؤسسة الرسالة، 1 .165 العسكري، الصناعتني، ص 2

أقدار املعاين ويوازن بينها وبني أقدار املستمعني وبـني أن يعرف « وهذا ما أشر إليه اجلاحظ على سبيل املثال، حيث دعا املتكلم إىل 3أقدار املستمعني وبني أقدار احلاالت، فيجعل لكل طبقة من ذلك كالما، ولكل حالة من ذلك مقاما، حىت يقسم أقدار الكلمات علـى

، 139-1/138البيـان التبـيني، . »االتأقدار املعاين، ويقسم أقدار املعاين على أقدار املقامات وأقدار املستمعني على أقدار تلك احل 25ص" يف بالغة اخلطاب اإلقنـاعي "حممد العمري يف كتابه .، وقد تناوهلا بعض احملدثني منهم د 35وينظر العسكري، الصناعتني، ص

.22مجيل عبد ايد، البالغة واالتصال، ص.وما بعدها، ود

220

:جهاوتمبدأ ال-

الكليات يف "يف عملهما املشترك " Lenvinsen وليفنسون Brown براون"قدمه . ، أرادا من خالله ضبط عالقة التواجه بني طريف التخاطب"ظاهرة التأدب: االستعماالت اللغوية

. 2، والثاين مفهوم التهديد1ويرتكز هذا املبدأ على مفهومني أساسيني؛ أحدمها مفهوم الوجهيستوجب من املتكلم أن يصون وجه غريه، باعتبار أن يف صيانة وجه غريه صيانة فاملفهوم األول

دان أنه كلما بذل املتكلم جهدا أكرب يف العمل على صون الوجه، بدا وكأنه يسعى ويؤك. لوجهه ؤديوهو مبدأ أخالقي غايته ضمان سريورات التفاعل مبا ي. 3بات وجه املستمعإىل إرضاء متطل

قيق القوة اإلجنازية املطلوبة، خاصة وحنن نعلم أنه بقدر ما تستميل املتلقي بقولك املهذب حتإىل . والراقي بقدر ما حتقق أغراضك

وقال املنصور «: وقد منثل لذلك بتداعيات التواجه يف احملاورة اليت أوردها ابن قتيبة؛ إذ قالسل فليس ميكنك : بقيك اهللا يا أمري املؤمنني؛ قالي: سل حاجتك، فقال: لرجل أحمد منه أمرا

فواهللا ال أستقصر عمرك وال أرهب بخلك وال ! ولم يا أمري املؤمنني؟: ذلك يف كل وقت؛ فقالأغتنم مالك، وإن سؤالك لزين، وإن عطاءك لشرف، وما على أحد بذل وجهك إلك نقص وال

حيث يتبدى لنا كيف أن تقدمي األفعال الكالمية يف املوقف املعني . 4»ىت ملئ فوه دراشين، فأمر ح .ا ال ميكن حتقيقه لو مل نراع ذلكمبق املبتغيات ي حتق يؤدي إىلمبا تعمل على صيانة الوجه قد

:الوجه إىل قسمني" Lenvinsen وليفنسون Brown براون"ويقسم

قد نلحـظ . هو رغبة اإلنسان يف أن ال يعترض اآلخرون على أفعاله و: الوجه الدافع -1 ملا أقام معاوية اخلطباء لبيعة يزيد «قوة هذا الوجه يف املخاطبة التالية حول بيعة يزيد بن معاوية؛ إذ

أي ال حيترم غريه ويقوم بأفعال خمتلفة بدون مراعاة " فالن ليس له وجه "ل، فنقول يشيع يف استعماالتنا اليومية كناية الوجه على األفعا 1

عبارة عن الذات اليت يدعيها املرء لنفسه واليت يريد أن تتحدد ـا قيمتـه "ويف هذا السياق يعرف طه عبد الرمحن الوجه بأنه . اآلخرينال تقبـل حبـديثك "ولذلك قيل " الوجه" ال ميكن أن تتحقق إال مبقابلة مث إن فعالية التخاطب . 243اللسان وامليزان، ص ". االجتماعية

. 1/307ينظر ابن قتيبة، عيون األخبار، ". على من ال يقبل عليك بوجهه .243 ينظر طه عبد الرمحن، اللسان وامليزان، ص 2 .506 ينظر أوريكيوين، املضمر، ص 3 .128-3/127عيون األخبار، ابن قتيبة، 4

221

هذا أمري املؤمنني، وأشار بيده إىل معاوية، فإن مات فهذا، وأشار : قام رجل من ذي الكالع فقال :فمن أىب فهذا، وأشار إىل السيف، مث قالإىل يزيد،

ـزيدا ينائسفس لكهاري فإن يمة اخلليفة ال ناويـعم بدفارقه احلدفي م كمحال تهه جليقاء عالش غلب ن1»فم.

الـسيف مري وابنه معا، وإال حيل ويف كل ذلك إشارة إىل عدم االعتراض على قرارات وأفعال األ .حمل ذلك

وهو رغبة كل واحد يف أن تكون إرادته حمترمة على األقل من البعض : الوجه اجلالب-2 :، وتتجلى أكثر يف معظم استعماالتنا لألفعال الكالمية، وخباصة حينما نقول مثال لآلخر2اآلخر

"! هل كنت ترضى هذا الفعل؟؛ضع نفسك يف مكاين"

ؤثر يهدد الوجه وي املفهوم الثاين فريى من خالله الباحثان أن من األفعال الكالمية ما أمافيه، وخصوصا تلك األفعال اليت تتعارض طبيعتها مع إرادات طرفي اخلطاب، ولذلك ميكن

سل إليه تصنيف األفعال اليت دد الوجه السليب، وتلك اليت دد الوجه اإلجيايب حبسب املرسل واملر :وفق ما يلي

يهدد الوجه الدافع كل تلك األفعال اليت ال حيترم فيها :د املرسل إليهاألفعال اليت د-أ :منها يعترضها؛ أن وحياول ،املرسل حرية املرسل إليه

كاألوامر املستقبل؛ يف األفعال بعض إجناز إليه املرسل من تطلب اليت الكالمية األفعال-1 .باإلحجام أو باإلقدام إما عليه ضغطا متارس ألنها والتحذير، والتهديد قتراحاتواال والنصائح

بعنوان "البصائر" يف رنش فيما اإلبراهيمي البشري قدمها اليت الكالمية باألفعال لذلك منثل قد

ومل ءأعضا مسيناكم حني لنا امسحوا :السادة أيها« :قال "اجلزائري بالس املسلمني األعضاء إىل"

هذا إىل ا تذرعتم اليت الوسيلة يعرف عاقل وكل احلقيقة؛ على يكذب ال ممن فإننا نوابا نسمكم

.310-1/309ن رشيق القريواين، العمدة، اب 1 .103عبد اهلادي بن ظافر الشهري، استراتيجيات اخلطاب، ص.، ود408 ينظر أوركيوين، املضمر،ص 2

222

هيكل منها تألف أعضاء أنتم وإمنا الناس؛ يعرفها اليت النيابة مبعىن نوابا يسميكم أن يستحي املنصب،

منها لألمة وال لكم ليس ومصلحة ،غريب وعامل بعيد، معىن إال بينها جيمع ال األجزاء متجانس غري

وما وحقيقتها، معناها الوظيفة من ولكم وحروفها، لفظها النيابة من لكم موظفون، أنتم وإمنا :شيء

االستهزاء نربة نلمس حيث .1»اسيرالك هذه يف البقاء بطول فأبشروا بالعصي االنتخابات دامت

هؤالء احترام بعدم تومئ واليت املقطع، هذا يف سوطةاملب ) األوامر( الكالمية األفعال كل يف والسخرية .للحرية عاملتطل اجلزائري الشعب وليس ومواليهم، أنفسهم إال لونميث ال الذين املوظفني

والوعد، العرض مثل دينا، باعتبارها املستقبل يف إجيابية فعل ردة منه تتطلب اليت األفعال-2 اإلبراهيمي البشري دائما طلبه مبا ذلك يف نستأنس .برفضه أو ذلك بقبول إما إحراجا له تسبب فهي يف تذكروها مل إن النهايات، يف عليكم أمتكم حقوق فاذكروا...« :قال حيث النواب هؤالء من

تغفر لعلها املصاحل اقتسام عند واذكروها املقدمات، يف أغفلتموها وإن النتائج يف واذكروها البدايات، ببعض القيام -ساخرة بنربة- النواب من تطلب كالمية أفعاال قدم حيث ،2»ئاتالسي بعض لكم

.فيهم ثقته وضع الذي للشعب وفاء األعمال

أعماهلا فرنسا على فيها ينكر نيفرنسيال راءوزال أحد ألقاها اليت بالكلمة أيضا لذلك منثل وقد

وإذا احلق، لصوت االستماع يقع مل فإذا ارذح :وشدة بصراحة لفرنسا سنقول" :فيها يقول الرببرية

؛3..."تونس ومثل مراكش مثل قريبا تغدو سوف اجلزائر فإن العدل سياسة األقطار هذه يف تسد مل حامية أنها فيه تدعي الذي اجلالب وجهها ويهدد أعماهلا على فرنسا حيرج الذي التحذير فعل وفيها

ناأن ريب ال" قبيل من يكون الذي الرد يتوقع املرسل جعل الذي هو الوجه وهذا .وراعيتها اجلزائر أنكم :اإلنقاذ عمليات يف السرعة بوجوب وننادي اخلطر صيحة نصيح عندما لنا يقول من سنجد .4"الصاحلني الفرنسيني من لستم

.3/185 آثار حممد البشري اإلبراهيمي، 1 .3/187املصدر نفسه، حممد البشري اإلبراهيمي، 2 .م1954كلمة ألقيت يف أوت . 4/351 ينظر آثار حممد البشري اإلبراهيمي، 3 .4/351، املصدر نفسه ينظر 4

223

إما اداالعتق إىل يدعوه مبا ممتلكاته بعض يف أو إليه، املرسل أطماع عن تعبر اليت األفعال-3

،السالبة العواطف وتعبريات واإلعجاب، احلسد وتعبريات املدح منها إياه؛ منحها أو محايتها بوجوب .اوغريمه والغضب البغض على الدالة تلك مثل

بن امللك عبد وغضب اجاحلج أطماع عن رتعب اليت عةاملتنو اإلجنازية األفعال ذلك ومن جزت حىت فيها وعلوت فطغيت، األمور بك طمت عبد فإنك بعد أما« :قوله يف ذلك من مروان غمزات كبعض ألغمزنك الطائف زبيب بعجم املستفرمة بن يا اهللا وآمي طورك، وعدوت قدرك، إذ بالطائف؛ آبائك مكاسب اذكر أمك، وجعاء يف منها تدخل ركضة وألركظنك للثعالب، الليوث الرجلني، وأصلك العينني، أخفس عبد من اهللا لعنة فعليك ...أكتافهم على احلجارة ينفلون كانوا

فلما مالك، بن سنبأ فعله وما احلجاج مطامع مروان بن امللك عبد ذكر حيث ،1»اجلاعرتني ممسوح .2أراد ما له فكان منه ويعتذر يستلطفه وكتب ذلك عن تراجع ذلك وصله

املرسل اكتراث عدم على تدل اليت األفعال فتشمل اجلالب الوجه دد اليت األفعال أما :ومنها رغباته أو مبشاعره

واملعارضة، والنقد، االستهجان، تعبريات مثل أفعاله؛ لبعض السلبية التقييمات-1 أو أفعاله أو إليه املرسل رغبات لبعض احترامه عدم أو حبه عدم عن ذا املرسل يعبر إذ والسخرية؛

املرسل ا يشري إذ التحدي، أو املوافقة، عدم أو االعتراض، تعبريات أيضا ومنها .الشخصية خصاله .خطئه أو ضالله إىل

علم ملا جنده إىل )وجهه اهللا كرم( طالب أيب بن علي ساقها اليت الكالمية األفعال ذلك ومن من الدنيا ياةباحل أرضيتم عتابكم، مست لقد لكم أف" :يقول وأصحابه معاوية مواجهة يف خبذالم من كأنكم أعينكم دارت عدوكم جهاد إىل دعوتكم إذا !خلفا؟ العز من وبالذل !عوضا؟ اآلخرة

.5/298 ابن عبد ربه، العقد الفريد، 1 .299-5/298 ينظر ابن عبد ربه، املصدر نفسه، 2

224

باحلياة رضوا الذين املخاطبني لوجه اإلنكار هي هنا املقصودة اإلجنازية فالقوة ،1..."غمرة يف املوت

.الذل أشكال وكل الدنيا

احلجاج إىل يكتب كان الذي امللك عبد بن سليمان كتبه تابك على احلجاج رد أيضا ومنه تكرس استهجانية بتعبريات احلجاج فكاتبه فيها، له ينظر فال كتبا امللك عبد بن الوليد أخيه أيام يف

مبا مولع احلق، حجاب عين مهتوك امرؤ يأن تذكر إيل كتبت إنك« :فقال له احترامه وعدم سخريته

لو ...اهللا حبق مستخف حلظي، تارك منافعي، عن منصرف ،يل ال عليعك يرمإن بيحديث لص

،السن ذرعك، وحداثة عقلك، بقلة تسن رقباهللا بقضاء انتصرت أفال !أبوك فلله ...غريك فيك وي

ومل تدبريك، عنه وسترت عدوك، وأمنت غيظك وأمت رجائك، دون اهللا ورجاء قضائك، دون

عن تكشف كالمية أفعال كلها وهي .2»!...مكايدته؟ من تلتمس ما مكايدتك من فيلتمس تنبهه

.له االكتراث وعدم اآلخر وجه مراعاة عدم مدى

عدم أو إخافته مثل اجلالب إليه املرسل بوجه املرسل اكتراث عدم عن تعبر اليت األفعال-2 املرسل تباهي أو سارة، غري بأخبار إعالمه أو أمامه، تهجنةاملس املوضوعات ببعض التلفظ أو توقريه،

إذ ؛"خطبته يف عليه ومعترض الرشيد" عن ربه عبد ابن يرويه ما ذلك ومن .إليه املرسل أمام يسره مبا

ال ما تقولوا أن اهللا عند مقتا كبر﴿ :فقال مبكة خيطب وهو الرشيد هارون إىل رجل قام« أنه هارون فأخرب !املوت املوت ويقول كله الليل يئن فكان سوط، مائة هبضرب به فأمر ،3﴾ونتفعل

ذلك يف يوقره ومل امللك، وجه الرجل هذا يصن مل فلما .4»فأحله فاستحله إليه فأرسل صاحل، رجل .بعقابه أمر ذلك يتطلب الذي املوقف

األقصى باملغرب االستعمارية املدرسة مذةتال من لتلميذ اإلبراهيمي ساقه ما كذلك ومنه مل لو وإنه املشخصة، وحقيقته وسره االستعمار روح أنا« :وقال ة،فبله أساتذته وجوه يف برع الذي ،عبدا لكم أكن سيدا فأجعلوين ...بذاته قائما استعمارا وحدي لكنت استعمار الدنيا يف يكن

. 59-60ج البالغة، ص 1 .5/301 ابن عبد ربه، العقد الفريد، 2 ).3( الصف 3 .1/51 العقد الفريد، 4

225

.1»البوابري متأل بطوابري، منهم آلتينكم مث ردما، العرب وبني برالرب بني لكم أجعل بقوة وأعينوين .لآلخر واستصغار مباهاة فيها يوقره، وال إليه باملرسل صاحبها فيها يبايل ال كالمية أفعال كلها وهي طوابري،" اللفظي التوازي هذا على قائم كالمي لعب يف ذلك يصور أن اإلبراهيمي استطاع وقد

".بوابري

وتضم األفعال اليت دد وجه املرسل؛ الوجه الدافع والوجه :األفعال اليت دد املرسل-بالتعبري عن الشكر؛ قبول شكر املرسل إليه، أو ): الدافع(اجلالب؛ فمن األفعال اليت دد األول

األفعال اليت ومن. اعتذاراته، وقبول عرض املرسل إليه، وعدم الرغبة بقطع الوعد، أو التقدم بعرض .2دد وجه املرسل اجلالب؛ االعتذارات، وقبول املدح، والندم، واإلقرار بالذنب

يقتضي استعمال بعض " مبدأ التواجه"واملتأمل هلذه احلاالت يستنتج كيف أن حفظ االستراتيجيات اليت تسهم يف ضمان النجاح للفعل الكالمي واملستمدة يف جوهرها من طبيعة

استعمال األفعال الكالمية اليت نتجنب من خالهلا ما يهدد تستوجب و،ة بني طريف التخاطبالعالقويف هذا اإلطار . الوجه كأن يغضبه أو يسبب له اإلحراج أو يزرع فيه الشك أو التردد وغري ذلك

يراه مخس استراتيجيات ينتقي منها املتكلم ما " Lenvinsen وليفنسون Brown براون"اقترح :مالئما لقوله ذي الصيغة التهديدية وهي

.استراتيجية التصريح-12-ب اإلجيايباستراتيجية التأد 3-ب السليباستراتيجية التأد استراتيجية التلميح-4 .3استراتيجية الصمت-5

: هذه االستراتيجاتستدعي؛ فقد ت"طلب اخلروج"وقد منثل لذلك بالفعل الكالمي

!".إبليس ينهى عن املنكر"م بعنوان 1951، وهو مقال نشر يف جريدة البصائر سنة 464ائر، ص اإلبراهيمي، عيون البص 1 .105-104عبد اهلادي بن ظافر الشهري، استراتيجيات اخلطاب، ص. ينظر د 2 .105صاملرجع نفسه، عبد اهلادي بن ظافر الشهري، . ينظر د 3

226

لكالمي املباشر دون االستعانة بأي صيغة لغوية تلطف األثر التصريح بالفعل ا-1 ".أخرج"التهديدي، كأن يقول املتكلم

استراتيجية التأدب اإلجيايب باستعمال صيغة لغوية حتفظ الوجه الدافع للمستمع، كأن -2 ".هل لك أن خترج"يقول املتكلم

اليت حتفظ الوجه اجلالب هلذا استراتيجية التأدب السليب؛ ويتم بتوظيف الصيغ اللغوية-3 ".املعذرة فأنا أود أن خترج لدي ارتباط اآلن"املستمع؛ كأن يقول املتكلم

استراتيجية التلميح، وتستدعي من املتكلم استعمال الفعل الكالمي غري املباشر اعتمادا -4 ".تأخر الوقت"، "لدي موعد اآلن"على تداعيات سياق احلال كأن يقول

جية الصمت وفيها ميتنع املتكلم عن أن يطلب من املستمع اخلروج ألن يف هذا استراتي-5 .الطلب إحراج لوجه املتكلم أو وجه املتلقي فاملوقف حمرج

ككل؛ واليت ترتبط " سياق احلال"ليبقى أساس االختيار بني هذه احلاالت مرهونا مبعطيات :بثالثة متغيرات سياقية

).العالقة التماثلية( التخاطب البعد االجتماعي بني طريف-1 .عالقة السلطة بينهما-2قد ترتبط . 1القيود اليت تفرضها ثقافة معينة على املتكلم، ونوعية تلك القيود وطبيعتها-3

.بعادات أو تقاليد أو طقوس معينة قد تشيع يف البيئة اللغوية املعينة

جيات؛ بل يتم حتديد طبيعة ولكن هذا ال يعين االختيار االعتباطي بني هذه االستراتيالصياغة اللغوية انطالقا من هذه املتغيرات، واليت تشترط يف أساسها أن يتمتع املتكلم بالكفاءة

.التداولية اليت متكنه من االنتقاء الناجح والفعال ملا حيقق الفعل اإلجنازي املقصود

ى به املتكلم حىت حيفظ وجهه، وقد نستأنس ههنا مع اجلاحظ الذي حدد ما جيب أن يتحل حبديثك لبقال ت: ، يقول"يههتش ي الن مكامع طمعط تال: "حدثنا غيالن بن جرير قال«: إذ يقول

.106عبد اهلادي بن ظافر الشهري، ص. ينظر د 1

227

دث الناس ما حدجوك بأبصارهم، ح"وقال عبد اهللا بن مسعود . على من ال يقبل عليه بوجههوهي دعوة صرحية . 1»بصارهم، وإذا رأيت منهم فترة فأمسكوأذنوا لك بأمساعهم، وحلظوك بأ

.إىل مراعاة آداب التخاطب واالستماع واإلنصات خللق النجاح للتواصل بصفة عامة

الوليد بن عبد امللك ورجل معترض عليه يف خطبته حيث مل يراع "قد منثل لذلك مبحاورة ؛ إذ يذكر ابن عبد )وجه املتلقي(يت دد الوجه الدافع ، فاستعمل األفعال الكالمية ال"مبدأ التواجه"

جلس الوليد بن عبد امللك على املنرب يوم اجلمعة حىت اصفرت الشمس، فقام إليه رجل «ربه أنه صدقت، ومن قال مثل : رك، قاليا أمري املؤمنني إن الوقت ال ينتظرك، وإن الرب ال يعذ: فقال

أقرب احلرس يقوم إليه فيضرب ن م،قامك من ها هناقوم مثل م فال ينبغي له أن يمقالتك .2»عنقه؟

بتوظيف استراتيجية التأدب السليب؛ يدل على ذلك استعمال الفعل الكالمي غري املباشر ؛ والذي يقصد من خالله طلب إاء اخلطبة؛ فقد "إن الوقت ال ينتظرك، وإن الرب ال يعذرك"

تأخديد ر الوقت، ولكن من وجه الوليد بن عبد امللك؛ فهو احلاكم، وال جيوز اوانتقاص ايف ذلك احتمال اإلهانة يف هذا املوقف ألنه ال مربر له، فعالقة احلاكم باحملكوم الطاعة، وهذا ما جعل أمري

.املؤمنني يطلب قطع عنقه

يل الفعل الكالمي وإذا كان الوجه يبدي بعض املالمح اليت قد تسهم يف بيان كيفيات تشككون مة أو املتلقية، يق إجنازيته فإن هذا يبقى غري كاف يف بيان صدق النيات والذات املتكلوحتق

التأدب الظاهر يف لغة التخاطب قد ال يؤشر بصدق عن النوايا احلقيقة للمتكلم اجتاه املخاطب، مما ".مبدأ التأدب األقصى"أدى إىل ظهور

.104-1/103احظ، البيان والتبيني، اجل 1قام رجل إىل هارون الرشيد «واألمر نفسه نالحظه يف قصة الرشيد ومعترض عليه يف خطبته؛ إذ . 1/51 ابن عبد ربه، العقد الفريد، 2

فضرب مائة سوط، فكان يئن الليـل كلـه ، فأمر به)3(الصف " كبر مقتا عند اهللا أن تقولوا ما ال تفعلون : "وهو خيطب مبكة، فقال .1/51املصدر نفسه، . »فأخرب هارون أنه رجل صاحل، فأرسل إليه فاستحله فأحله. املوت! املوت: ويقول

228

-ألقصىب امبدأ التأد:

أقر بأمهيته ف، "Grice جرايس"ـالذي انطلق من مبدأ التعاون ل" Leechليتش "وصاحبه .يف التخاطب اللغوي من جهة، وأضاف عليه بعض املعطيات االجتماعية والنفسية من جهة أخرى

ب التأد" ( من الكالم غري املؤدبللق" وهي ؛وقد صاغ مبدأه انطالقا من صورتني؛ إحدامها سلبية ).التأدب األقصى" (ؤدب من الكالم املرثأك" وهي ؛، وثانيهما إجيابية)النسيب

قواعد ذات صبغة ثنائية ستبده ، فقي"التأدب األقصى"على " Leechليتش " وقد ركز :وهي

:قاعدة اللباقة؛ وصورتاها-1 .قلل من خسارة الغري* .أكثر من ربح الغري*

: مها وصورتاها:قاعدة السخاء-2 .قلل من ربح الذات* .أكثر من خسارة الذات*

: وصورتاها:قاعدة االستحسان-3 .قلل من ذم الغري* .ر من مدح الغريثكأ*

: وصورتاها مها:قاعدة التواضع-4 .قلل من مدح الذات* .ر من ذم الذاتثكأ*

:وصورتاها مها: قاعدة االتفاق-5 .قلل من اختالف الذات والغري* .أكثر من اتفاق الذات والغري*

229

:وصورتاها مها: قاعدة التعاطف-6 .قلل من تنافر الذات والغري* .1أكثر من تعاطف الذات والغري*

من أدبيات الذات املتكلمة، واليت يربطها نالحظه من هذه القواعد هو طبيعتها املستمدةما وساب الذات؛ ألنها الضمان األكثر فعالية يف بضرورة إيثار الغري واستمالته على ح" Leechليتش "

:فقد نقول" األمر"قد منثل لدور هذه القواعد يف و،جناح الفعل الكالمي ."أعطيين القلم"-أ

."ريد أن تعطيين القلمأ"-ب ."هل بإمكانك أن تعطيين القلم"-ج ."ليتك تعطيين القلم"-د

مما قد يولد إحجام املخاطب طريقة مباشرةفاجلملة األوىل ال تأخذ باللباقة حيث مت األمر ب ق طلب القلم، يف حني جند يف اجلملة الثانية شيئا من اللباقة؛ إذ حتقعلى حتقيق الفعل املطلوب

أما الثالثة فهي أكثر لباقة من . باجلملة اخلربية اليت تترك للمخاطب االختيار يف إجناز ما طلب منهيف حني ". ال"و" نعم"ستفهام يترك للمجيب حرية االختيار بني السابقتني؛ ألنها جاءت يف شكل ا

من اجلمل السابقة؛ ألنها تظهر عدم طمع املتكلم يف وقوع وتأدباة أكثر لباقةكانت اجلملة الرابع، ولكن هذا ما يدفع أكثر )فعل العطاء(ق إجناز الفعل ي حتقيفاملطلوب، مما ال يؤدي إىل التنازع

.قيق املطلوباملتلقي إىل حت

وقد انتقد طه عبد الرمحن هذه القواعد وأظهر أنه يشوا امليل إىل التظاهر والرتعة إىل الغرضية مبقتضى أمرين اثنني؛ أحدمها اخلاصية الالتناظرية ملفهوم التأدب األقصى، باعتبار أن كل

الربح واخلسارة ملفهوم اللباقة والثانية خاصية . ما حسن يف حق أحد املتخاطبين قبح يف حق اآلخرمنه بالتعامل " املعاملة التجارية" والذي جيعل العمل التهذييب للتخاطب عمال أشبه بـ،والسخاء

منه، والذي يكون قد وقع " خدمة"األخالقي، فيكون الذي يطلب من غريه أمرا كمن حصل على

مقاربة لغويـة –عبد اهلادي بن ظافر الشهري، استراتيجيات اخلطاب .، و د247-246 ينظر طه عبد الرمحن، اللسان وامليزان، ص 1 .112-111 ص-تداولية

230

نيعفا عنه هذا الغري كان عفوه مبرتلة االعتذار، حىت إذا منه أذى لغريه يكون كمن كان عليه د .1إلغاء هذا الدين

ومن هنا تظهر حمدودية هذا املبدأ الذي يشجع على التظاهر ومراعاة املصاحل على حساب .اجلانب األخالقي

:مبدأ التصديق-

، "مبدأ التصديق" استلهمه من التراث اإلسالمي، ومساه ، وقدطه عبد الرمحنصاحبه ووقد صاغ هذا املبدأ ". تصديق العمل للكالم"، و"مطابقة القول للفعل: "تلفة منهاويتخذ صورا خم

:2، وبناه على عنصرين أساسيني"ال تقل لغريك قوال ال يصدقه فعلك: "يف مقولة .ق باجلانب التبليغي من املخاطبة؛ ويتعل"نقل القول: "أحدمها .؛ باجلانب التهذيبـي منها"تطبيق القول: "ثانيهما

:ويتفرع عن مبدأ التصديق يف جانبه التبليغي قواعد مضبوطة، وهي .ينبغي للكالم أن يكون لداع يدعو إليه؛ إما يف اجتالب نفع أو دفع ضرر-أ

.ينبغي أن يأيت املتكلم به يف موضعه ويتوخى به إصابة فرصته-ب .ينبغي أن يقتصر من الكالم على قدر حاجته-ج .3الذي به يتكلمجيب أن يتخير اللفظ -د

لنا هذه القواعد فإننا نالحظها مستوحاة من املبادئ اليت ذكرناها آنفا؛ إذ يأخذ وإذا ما تأمعت عنه، ، واملبادئ األخرى اليت تفرGrice"غرايس "طه عبد الرمحن مببدأ التعاون الذي أقره

ى الفعل الكالمي صبغة ه أعطاها مسات خاصة تقتضيها الثقافة اإلسالمية، واليت تضفي علولكن .مميزة، وهي قائمة يف جوهرها على الصدق واإلخالص والتجرد من األغراض الشخصية

.249-248طه عبد الرمحن، اللسان وامليزان، ص. ينظر د 1 .249 صرجع نفسه،امل طه عبد الرمحن،. د ينظر 2 .249، صاملصدر نفسهطه عبد الرمحن، .ينظر د 3

231

ع عنه يف جانبه التهذيبـي قواعد تتفر" مبدأ التصديق "وقد أشار طه عبد الرمحن إىل أناطب قواعد التخب وهي متعلقة يف أساسها ، من التراث اإلسالمي هي األخرىخاصة مستوحاة

: وهي ثالث،املعلومة ".لتتفقد قصدك يف كل قول تلقي به إىل الغري: "قاعدة القصد-أ

".لتكن صادقا فيما تنقله إىل غريك: "قاعدة الصدق-ب .1"لتكن يف توددك للغري متجردا عن أغراضك: "قاعدة اإلخالص-ج

باإلنسان إىل السلوك وكل هذه القواعد نابعة من مبادئ التخلق االجتماعية، واليت ترتقيالراخلييتحقو، والفعمن جهة، وإتباعه بالعمل ب فيهق ذلك انطالقا من حسن الكالم والتأد

حتسني األداء الكالمي والرقي به حنو تأدية السلوك ذلك من أجل وكل ،املناسب من جهة أخرى .احلسن املبين على حسن القول والفعل معا

واليت تقتضي ربط املستوى التبليغي باملستوى ؛"قاعدة القصد"نكتشف ذلك انطالقا من التهذييب للمخاطبة من جهة، وإمكانية تعدي الداللة الظاهرية لفعل القول من خالل املعطيات

.املقالية واحلالية اليت تسهم يف ضبط القصد املراد من جهة أخرى

قتضي ربط القول بالعمل واإلخالص ، وهي القاعدة املميزة هلذا املبدأ، فت"قاعدة الصدق"أما مىت حتقق املتكلم بالصدق يف اخلرب والصدق يف العمل والصدق يف مطابقة قوله لفعله انفتح «فيه، و

باب التواصل الصادق بينه وبني املخاطب وتزايدت أسباب التقارب بينهما، واندفع كل منهما يف رتبطة بفعل القول؛ بل أساسها العمل الذي لتبقى األمهية ههنا ليست م. 2»طلب التقرب من اآلخر

.يقوم عليه القول

فتقوم على التنافس يف األخالق، فتورث تقربا صادقا وخالصا بني " اإلخالص"أما قاعدة .طريف التخاطب من أجل حتقيق الفعالية يف ذلك

.250، صلسان وامليزانطه عبد الرمحن، ال.نظر د ي 1 .252، صاملصدر نفسه طه عبد الرمحن، 2

232

ي بالصيغة القولية لفعل الكالملية اعفواملتأمل لطبيعة هذه القواعد كلها يالحظ أنها تربط اليت يتحقق ا، وخمتلف املعطيات االجتماعية واألخالقية واملعرفية اليت تسهم يف تكوين القوة

.اإلجنازية املعينة، وهي متثل يف أساسها قرائن تسهم يف حتديد وضبط القوة اإلجنازية

:أدب االسةقواعد -د

الراقية واملهمة اليت بسطها علماؤنا حول من املبادئمناهاستلهاقد هي من استخالصنا، وواجتماعية و ثقافية، واليت تقوم على قواعد قولية وضوابط أخرىوأدبيات احملاورةكيفيات االسة

:وقد جاءت مبسوطة يف جمالني أساسيني. وأخالقية تنظم إجراءات التفاعل اللساين

ط عقد الس االجتماعية والثقافية، ، وقد تناولت شرو1يتعلق بكتب جمالس األدباء: األول .وأدبياته وحقوقه وفضله

، واليت صورت كيفيات املناظرة 2 آداب املناظرة واجلدل ومباحثيشمل مصنفات: الثاينوآداا ومقتضياا التعبريية واملعرفية واألخالقية واالجتماعية، وتكلمت عن أقسام السؤال

فيه أنه يشيع إىلونشري ضمن هذا اال. عتراض واالستداللواجلواب وأصناف األدلة ووجوه االواليت تقوم على ، "Austinأوستني " بتصنيف "Expositifsالتبيينية "توظيف األفعال الكالمية

استعمال األلفاظ لشرح احلالة اليت يضع املتكلم نفسه فيها من أجل إيضاح شيء ما يف حماوراته

:ماؤنا يف هذا السياق مؤلفات متنوعة حول آداب االسة، منها وقد ألف عل 1 ).هـ463ت(أدب االسة ومحد اللسان، للحافظ أيب عمر يوسف بن عبد اهللا املعروف بابن عبد الرب - .جة االس وأنس االس، أليب عمر يوسف بن عبد الرب القرطيب- ).هـ340ت(سحاق الزجاجي جمالس العلماء، أليب القاسم عبد الرمحن بن أ- .227ص،1/1987أمحد شاكر، القاهرة منشورات مكتبة السنة، ط.، لباب اآلداب، حتقيق د)هـ584ت(األمري أسامة بن منقذ - : وقد حبث يف ذلك علماء األصول والفالسفة وعلماء األدب، ومن املصنفات املؤلفة يف ذلك 2 ).هـ474ت(ليد الباجي كتاب املنهاج يف ترتيب احلجاج، أليب الو- ).هـ478ت(الكافية يف اجلدل، للجويين -

.باإلضافة إىل املباحث الكثرية املتعلقة ذه القضية واملبثوثة يف كتب أصول الفقه والفالسفة

233

ط املواضيع والتأكيد والربهان عليها، من أجل جعل اآلخر يذعن وحماجاته، بعرض املفاهيم وبس .1آلرائه

وقد منثل فيما يتعلق باال األول مبا أكد عليه أبو حيان التوحيدي إذ قبل أن يشرع يف تاقت «: مها فقالتقدمي جمالس لياليه مع السلطان الوزير ابن سعدان كشف عن الضوابط اليت تنظ

للمحادثة والتأنيس ألتعرف منك أشياء كثرية خمتلفة تردد يف نفسي على مر نفسي إىل حضوركالزمان، ال أحصيها لك يف هذا الوقت، لكين أنثرها يف الس بعد الس على قدر ما يسنح عخاطرك وحاضر علمك، ود مرض، فأجبين عن ذلك باسترسال وسكون بال، مللء فيك وجعوي

نعفاء، وال عنك تفنالض نبج نبجالبغداديني، مع عفو لفظك، وزائد رأيك، وربح ذهنك، وال ت تتأطر تأطر األغبياء، واجزم إذا قلت، وبالغ إذا وصفت، واصدق إذا أسندت، وافصل إذا

:ولحكمت، إال إذا عرض لك ما يوجب توقفا أو اديا، وما أحسن ما قال األع هتكمه شيمة يف حالظن حقدـال تافصل وإند

وقاف ة ويف اعتراض الشكهشب لقهت ضي إذا لممي عه منك يف جوابك عما أسألك عنه على صدقك وكن على بصرية أين سأستدل مما أمس...

عباراته حتيل على ذا القول فإننا سنالحظ أن؛ وإذا تأملنا ه2»وخالفه، وعلى حتريفك وقرافه :جمموعة من القوانني اليت تنظم االسة منها

. عدم التكلف والتصنع؛" بالوسكون فأجبين عن ذلك باسترسال"- . الطبع دون التطبع؛"مللء فيك وجم خاطرك وحاضر علمك "-مبا يقتضيه الكالم، واالبتعاد عن أشكال االستطراد ؛ االلتزام "ودع عنك تفنن البغداديني"-

ابن عبد الرب عقد بابا حول هذه القضية ويف هذه املناسبة نشري إىل أن. واخلروج من فن إىل آخر أورد فيه أقوال احلكماء والشعراء اليت تؤكد على ضرورة التأكد مما ؛"ذم العي وحشو الكالم"

منه قول الشاعرر فيه أكثر، ونريد قوله، والتدب: أقلل كالمك واستعذ من شره إن البالء ببعضه مقرون

لتداوليـة، وفرانسواز أرمينيكو، املقاربـة ا ، 187-186كيف ننجز األشياء بالكالم، ص -ينظر أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة 1

.77مسعود صحراوي، األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتراث العريب، ص.، ود62ص أبو حيان التوحيدي، اإلمتاع واملؤانسة، صححه وضبطه وشرح غريبه أمحد أمني وأمحد الزين، دار مكتبة احلياة للطباعـة والنـشر 2

.20-1/19، )ت.د(والتوزيع

234

واحفظ لسانك واحتفظ من عيه حتى يكون كأنه مسجون ما موزونإن الكالم عليك: لسان وقل لهلوكل فؤادك با

.1فزناه وليك محكما في قلة إن البالغة في القليل تكون

تستدعي ) Austin"2أوستني " بتصنيف Exercitifsاألمريات (ها أفعال كالمية وهي كل .قوى إجنازية قائمة على محل املتكلم على جعل العقل سلطان اللسان وقوامه

؛ أي بتقدمي العبارات الرقيقة، والرأي "و لفظك، وزائد رأيك، وربح ذهنكمع عف"- .املستويف، وعصارة جتربتك

؛ "وال تجبن جبن الضعفاء، وال تتأطر تأطر األغبياء، واجزم إذا قلت، وبالغ إذا وصفت"- .أي كن قويا حليما ذكيا، متأكدا من قولك، ومبالغا إن أردت الوصف

ال "؛ أي كن صادقا فيما تزعم وتقول، وصدق قول أحد احلكماء "صدق إذا أسندتوا"- .3"ال، وال خيالف لسانك ما يف قلبك، وال قولك فعلكنعاطى ما ال تت وال ت،تقول ما ال تعلم

،؛ كن فاصال يف رأيك"وافصل إذا حكمت، إال إذا عرض لك ما يوجب توقفا أو اديا"- . مواصال غري متردد إال يف األمور اليت تستدعي التأكد

توضح صور بناء الكالم وتناميه، كما االسة بني املتكلمني، أدبياتوكلها أدبيات تنظم .وتؤمن إجراءاته الفعلية

دار مـصر حلـيب، مسـري .د حتقيق ذلك، وغري اإلعراب وتعليم العي وذم البيان وفضل اللسان ومحد االسة أدب ،الرب ينظر ابن عبد 1

.92-90ص ،1/1989ط والتوزيع، للنشر للتراث الصحابة .187-186كيف ننجز األشياء بالكالم، ص -ينظر أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة 2 .228 ص، لباب اآلداب،)هـ584ت(ذ األمري أسامة بن منق 3

235

الـذي عقـده " آداب املناظرة واجلـدل " قد نؤكد على مبحث 1ويف جمال املناظرة واجلدل يقـول اجلـويين . بيان ما جيب أن يتحلى به املتناظران لضمان سريورات التناظر واادلة العلماء ل

؛ فإن األدب يف احملافظة من كل واحد من املتجادلني على أدب اجلدل وأحسن شيء يف اجلدال «ومعظـم . كل شيء حليته، فاألدب يف اجلدل يزين صاحبه، وترك األدب فيه يزري به ويـشينه

استعمال ما خيتص ا، واالشتغال مبا يعود نفعه إىل تقوميها واإلعراض عما : يف كل صناعة األدب من عوامل جناح اادلة التمكن من آدابه، والعمل بقواعدها وفق سريورات . 2»ال يعود بنفع إليها

.ختاطبية معينة

ملا كـان «: يقول فيه " اجلدل"وقد أكد على ذلك ابن خلدون يف فصل من مقدمته بعنوان باب املناظرة يف الرد والقبول متسعا، وكل واحد من املتناظرين يف االستدالل واجلواب يرسل عنانه يف االحتجاج، ومنه ما يكون صوابا، ومنه ما يكون خطأ، فاحتاج األئمة إىل أن يـضعوا آدابـا

املـستدل وايـب، وأحكاما يقف املتناظران عند حدودها يف الرد والقبول، وكيف يكون حال ،هه أو معارضـت وحيث يسوغ له أن يكون مستدال، وكيف يكون خمصوصا منقطعا وحمل اعتراض

بالقواعـد مـن ه معرفةإن: ولذلك قيل فيه. االستدالل الكالموأين جيب عليه السكوت وخلصمه ن ذلك الرأي يف الفقه أو أو هدمه كا رأي احلدود واآلداب يف االستدالل اليت يتوصل ا إىل حفظ

ويف ذلك إشارة إىل طبيعة املناظرة القائمة على تقدمي احلجة والرد عليها جعلتها تقوم على . 3»غريه .ةصوصأدبيات خم

منها مـا " ذكر ما يتأدب به املناظر "وقد فصل يف هذه الضوابط أبو الوليد الباجي يف باب عرفية واللغوية واملنطقية واملوسوعية مبـا بكفاءة املناظر امل يتعلق باهليئة واألخالق، ومنها ما له صلة

هـاأنتم ﴿: يقول تعاىل ليبقى األساس هو اجلانب املعريف يف هذا اال، له إلجراءات املناظرة، هيؤ

تقوم املناظرة واادلة أيضا على التبادل الكالمي ميارسهما املتكلم مع اآلخرين دفاعا عن معتقداته وأفكاره من أجل تفنيد رأي املتلقي 1

". س كل حجـاج جـدال أو معارضته وبالتايل إقناعه، وهناك من فرق بينهما فقال إن احلجاج أوسع من اجلدال فكل جدل حجاج ولي .20-11، ص2/2007عبد اهللا صولة، احلجاج يف القرآن من خالل أهم خصائصه األسلوبية، بريوت دار الفارايب، ط. د: ينظر

.324 الكافية يف اجلدل، ص 2 .506، ص)ت.د(ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، بريوت دار اجليل، 3

236

به علم لكم سا ليون فيماجحت فلم به علم ا لكمفيم متجاجلاء حؤلـا ه مـتأنو لمعي اللهو .1﴾تعلمون

: التاليةقواعدوقد نوضح هذه اآلداب أكثر من خالل ال وأساسها تقوى اهللا، وقصد احلق والعمل به من دون مباهاة أو مفاخرة، جبد : القاعدة األوىل

قوى اهللا عز وجل ليزكو ينبغي للمناظر أن يقدم على جدله ت «: واجتهاد، يقول أبو الوليد الباجي مث يسأله املعونة والتوفيق "... صلى اهللا عليه وسلم "نظره، حيمد اهللا عز وجل، ويصلي على رسوله

لنفسه على طلب احلق وتوفيقه إلدراكه، ويقصد بنظره طلب احلق والوكالة عليه ليدرك مقصوده نظر على جد واجتهاد ويفرغ له قلبه، ويدخل يف ال ...وجيوز أجره، وال يقصد به املباهاة واملفاخرة

وهي قاعدة أخالقية جتعل املنـاظر . 2»ويبذل له وسعه؛ ألن ذلك كله يعينه على إدراك ما يقصده . للحق وإذعاناأكثر موضوعية

ها املعرفة باملوضوع ومقتضياته، وبالتايل الكالم فيما له عالقة مباشرة وقوام: القاعدة الثانية على ما مل يقع له العلم به من جهته، وال يتكلم «اض املستهدفة؛ فال يتكلم املناظر باملقصود واألغر

إال على املقصود من كالمه، وال يتعرض ملا ال يقصده مما جرى يف خالله، فإن الكالم على مـا مل ن فالبد من االلتزام باملوضوع املعين ومعطياته، واالبتعاد ع . 3»يقصده عدول عن الغرض املطلوب

.املقاصد غري املرادة لكي ال تحال املناظرة عن غاياا

ـ : ةلثالقاعدة الثا ال يستدل إال «أن يأيت املتكلم من احلجج مبا له عالقة مباشرة باملوضوع، فبدليل قد وقف عليه وخربه وامتحنه قبل ذلك، وعرف صحته وسالمته ألنه رمبا يستدل مبا مل ميعن

يظفر به خصمه ويبني انقطاعه؛ وجيتهد يف االختصار فإن الزلل مقرون فيه يف تأمله وال تصحيحه، ف والبد هنا من االستدالل بأقوى احلجج مهما كانت طبيعة الـسائل؛ فاالسـتخفاف . 4»باإلكثار

ي إىل غلبة اخلصمبطبيعة املناظر قد يؤد.

).66( آل عمران 1 .7، ص3/2001هاج يف ترتيب احلجاج، حتقيق عبد ايد تركي، دار الغرب اإلسالمي، ط أبو الوليد الباجي، املن2 .10، صصدر نفسه الباجي، املأبو الوليد 3 .10أبو الوليد الباجي، املصدر نفسه، ص 4

237

ـ ه اختصارا قد ي التحرز عن إطالة الكالم يف غري فائدة، وعن اختصار : ةرابعالقاعدة ال لخـ ألنه رمبا تورد ... ال تورد يف كل موضع من الكالم إال قدر ما يحتاج إليه «بفهم املقصود منه، ف

ههنا كالما ال حتتاج إليه فيفسده اخلصم عليك يف غري موضعه فيصعب عليك العود إليه يف موضع القضية املطروحـة مـن جهـة؛ دوكل ذلك يستدعي من املناظر إيراد الكالم على ق . 1»احلاجة

فاإلطناب يف بعض القضايا اهلامشية للموضوع قد يفتح أقواسا خمتلفة قد ال جيد هلا املناظر سـبيال .للخروج منها

أال يتعرض أحد املتناظرين لكالم اآلخر حىت يفهم مراده من كالمه، وأن : ةامسالقاعدة اخل وهـي . كالمه، وال يقطع عليه كالمه قبل أن يتمه ينتظر كل واحد منهما صاحبه حىت يفرغ من

.دعوة صرحية إىل تكريس مبدأ التأدب

أن يتجنب املتكلم املناظرة مع من هو من أهل املهابة العظيمة واالحترام : سةداسلقاعدة ال اتنع ويف الوقت نفسه أن مي. العظيم؛ كيال تدهشه وتذهله جاللة خصمه عن القيام حبجته كما ينبغي

وإيـاك والكـالم يف «: عن املنظرات اليت ليس فيها إقبال واستماع من لدن املتلقي، يقول اجلويين يبة فإنك عند ذلك يف حراسة الروح على شغل من حراسة املذهب ونـصرة هـجمالس اخلوف وال

مرتلته ورتبته؛ وجتنب جملس صدر ال يسوي بني اخلصوم يف اإلقبال واالستماع وإنزال كل . الدين فإن الكالم بني يدي مثله سخف ودناءة واحتمال الذل والصغار إذا رضيت به ومـورث الغـم

وتوق يف الكالم جملس صدر هيبته تقطع خاطرك وتكدر قرحيتـك؛ فلـن . والغضب إذا مل ترض .2»اب خابجتتمع اهليبة وصحة القرحية يف قلب مبحال؛ ألن اهليبة مقرونة باخليبة، وله قيل من ه

. ه يـورث احلـدة والـضجر عدم رفع الصوت فوق مقدار احلاجة؛ ألن : ةبعالقاعدة السا ر وااللتزام بالتواضع مما يؤدي إىل االنقياد للحق واالعتراف به، ويزرع الثقة بالنفس، وهنـا حيـذ

اضرين يف كالمك على من تظن أنه معك أو يستحسن كالمك يف مجلة احل «اجلويين من االعتماد

.319، ص1/1999الكافية يف اجلدل، وضع حواشيه خليل املنصور، بريوت دار الكتب العلمية، ط اجلويين، 1 .323، صصدر نفسهين، املاجلوي 2

238

وكـل . 1»فربما تبين لك خالفه فيضعف ذهنك وخاطرك ويذهب عنك كثري مما ال تستغين عنه .هذا يكسب املتحدث شخصيته املميزة ورأيه اخلاص الذي يدافع عنه

عـاء أو داحترام سريورات املناظرة ونظامها باحلفاظ على أدوار منشطيها ا : ةثامنعدة ال القاى عن هذه املرتبة إىل غريها، ومرتبـة عي التأسيس والبناء، فال يتعد ن مرتبة املد اعتراضا، بأن تكو

ايب أن يبين مذهبه الذي سئل عنه على أساس قومي وأصول حق«ومن . املعترض الدفع واإلبطال وحق السائل ومرتبته يف سؤاله إن رام تصحيحا أن يكشف عن عجز . صحيحة من األدلة وغريها

وأن بيان عجزه عن اخلروج مما ألزمه مما له من القول . ن بناء مذهبه على أصل صحيح املسؤول م وإن . الفاسد، ومىت مت للسائل هذا فقد استعلى، وبكفيه عن االشتغال بأمر زائد يدل على انقطاعه

مت للمجيب مبا أقام من الربهان على ما ادعاه تعجيز السائل عن القدح فيما أقام بنقض أو معارضة ويف كل ذلك تأكيد على مراعـاة . 2»...أو اشتراك فيما أقام فقد استعلى ايب وانقطع السائل

أدبيات املناظرة مبا يبين أدوار املتناظرين وطبيعة خطابام، وبالتايل احملافظة على الغرض العام الذي ، ومعرفة كيفية البناء على ال سبيل إىل هذه احملافظة إال مبعرفة ما هو األصل «تقوم عليه املناظرة، و

وال . ذلك األصل والفصل بني أصل حيتاج إليه لنفسه، وما حيتاج إليه لغريه ليلحق كل فرع بأصله واملعرفة بكيفيات بناء املناظرة ومبادئها يسهم يف . 3»سبيل إىل ذلك إال بعد معرفة حقائق األصول

. مي مبا خيدم األغراض املقصودةخلق النظام الذي حيفظ هلا سريورا مبا يضمن له التنا

أن يراعي املناظر املوقف املالئم للمناظرة انطالقا من حالتـه النفـسية، مث : ةتاسعالقاعدة ال حال اخلوف والغـضب، وال يف « وشخصيته وأخالقه، فال يناظر يف طابطبيعة من يوجه إليه اخل

وال حبضرة من يـزري بكالمـه؛ ألن ر فيها طبعه، وال يتكلم يف جملس تأخذه فيه هيبة حال يتغي ، من ال ينصف من نفسه، وال من عادته التفظيـع، ذلك كله يشغل اخلاطر ويقطع املادة، وال يناظر

فإنه ال يستفيد بكالمه فائدة، فإن ظهر له من خصمه شيء من ذلك اه عنه بلطف ورفق، فـإن كالمه، ومل يقابله يف أفعاله، وإذا بان له اللطف يف األمور أنفع والرفق أجنع، فإن مل ينته أعرض عن

.319، صلكافية يف اجلدل اجلويين، ا1 .324، صصدر نفسه اجلويين، امل2 .325، صاملصدر نفسه اجلويين، 3

239

وكل هذا يشري إىل ضرورة امـتالك . 1»احلق أذعن له وانقاد إليه، فإن الغرض بالنظر إصابة احلق باإلضافة إىل ذلك إذا ظهر احلـق . املناظر للفطنة واحلكمة مبا ميكنه من التعاطي البناء مع املناظرة

.يد اخلصم ولو كان على ،انقاد له املناظر

اعتماد القول املهذب البعيد كل البعد عن أشكال التجريح أو االسـتهزاء :العاشرةالقاعدة وقد دعـا اجلـويين إىل . 3﴾وجادلهم بالتي هي أحسن ﴿: ؛ قال تعاىل 2أو السخرية أو االحتقار

خصمك إن كـان ممـن اك واستصغار من تناظره واالستهزاء به كائنا ما كان؛ ألن وإي«: ذلك. 4» وال جيمل بـك إال منـاظرة الـنظري للـنظري ،فهو نظريك : املفترض عليك يف الدين مناظرته

فاستصغار املناظر قد يؤدي إىل عدم اجلد واالجتهاد يف القيام حبجته، فيكون ذلك سـببا لغلبـة :كما قال الشاعر القرن احلقري أشنع من غلبة القرن العظيم،اخلصم الضعيف له، وغلبة

ـلوأو ه بنو عبد املـداننخؤولت امشي ليتي ب يانلتب انموا برظانوا فالعن تكلى وقلا أي مل عانهل

. 5"لو ذات سوار لطمتين"وعن حامت الطائي ملا لطمته عجوز قبيحة قال الوقت نفسه على املناظر جتنب من لـيس أهـال للمنـاظرة، ويف : عشرة ةاديالقاعدة احل

كالم املتعنت ومن ال يقصد مرضاة اهللا يف تعرف احلق واحلقيقة مبـا تقولـه «واملتعنت أيضا؛ ألن وإن مل تعلمه كذلك حىت فاحتته بالكالم مث علمته عليـه ... يورث املباهاة والضجر وحزن القلب

رته، فإن رأيت نصرة دين اهللا سبحانه يف اإلمساك عنـه زدت يف وجب عليك اإلمساك عن مناظ فالتعنت صورة من صور التعصب والتزمت وإلغاء اآلخر، ويف كل . 6»احلد وبالغت يف التحرز عنه

يقـول أحـد . ذلك احنراف عن طبيعة املناظرة األساسية القائمة على احملاورة البناءة واملوضوعية :7الفضالء

.10أبو الوليد الباجي، املنهاج يف ترتيب احلجاج، ص 1 .364، ص2007/ 8 القلم، ط ينظر عبد الرمحن حسن حنبكة امليداين، ضوابط املعرفة وأصول االستدالل واملناظرة، دمشق دار2

).16( النحل 3 .319 اجلويين، الكافية يف اجلدل، ص 4، حتقيق سعد بن عبد العزيز العريفي، إشراف بكر بن عبـد آداب البحث واملناظرة، حممد األمني بن حممد املختار اجلكين الشنقيطي، 5

.275-2/274) ت.د(اهللا بوزيد، دار علم الفوائد للنشر والتوزيع .320اجلويين، الكافية يف اجلدل، ص 6 .231، ص1/2005 ينظر أبو الطيب مولود السريري السوسي، مناظرات وحماورات فقهية وأصولية، بريوت دار الكتب العلمية، ط7

240

عن مأخذ الدليل ال التعنت ن تسأل للتثبت ولك أ

على املناظر جتنب احليل مما يلبس املناظرة وخيرجهـا عـن آداـا : ثانية عشرة القاعدة ال أن احليـل يف املنـاظرة «، وذكر فيه "يف بيان حيل املتناظرين "وقد عقد اجلويين فصال . وأغراضها

وهي قاعدة . 1»ور، جيب االجتناب عنه، وهو من دأب أهل الفسوق يف املناظرة لقطع اخلصم حمظ وقد ركـز . أخالقية كذلك تدعو املتكلم إىل عدم التضليل وبالتايل إخراج الكالم عن مغزاه العام

:على احليل اآلتية

جتعـل ق يف العبارات مبا يؤدي إىل االلتباس واإلام، وهي من حيل املتناظرين الـيت التعم-أاملتلقي ال يدرك مقاصد الكالم؛ فإذا أراد أن يتكلم على كالم املناظر أو حيكي شيئا منه للكـالم

فهذه املراوغة قـد تزيـغ . 2مل أقل هكذا ومل أرد ما حتكيه، أو يقول مل نفهم ما قلت : عليه يقول .املناظرة عن مقاصدها، وتبدد جهود املتناظرين

ـ عدم التزام اخلصم مبق -ب يتكلم فيها مبا ال يتعلق باملقصود ومبا «اصد املناظرة ومقتضياا، فهو موضع النكتة يف اإللزام؛ ويكثر العبارات املستحسنة ويورد الفصاحات البليغة فيما ال يتعلـق

ر عبارات اإللزام ويقبحها ويوهم السامعني بتحسني العبارة والفصاحة بفائدة املسألة واإللزام، ويغي :صم مل يتكلم مبا فيه حتصيل، ويريهم مبا يكثر من العبارات وأنواع الفصاحات أنه جمرد فيما أن اخل

فقد ذكرنا أن : يقول مستظهر على خصمه قصدا منه جبميعها التزوير واهلروب من موضع اإللزام فإيهام اخلصم واهلروب عن موضع اإللزام للمناظرة خروج عـن . 3»الوجه قطع مكاملته ما أمكنه

.آداا وبالتايل ضياع ملقاصدها

.326، صكافية يف اجلدلجلويين، ال ا1 .326، صصدر نفسهاجلويين، امل 2 .327، صصدر نفسهاجلويين، امل 3

241

على املسؤول فيخرجه عن جوابـه إىل «تغيري الكالم عن موضعه؛ فقد حيتال السائل -جـغريه، فإذا مل ينتبه كل واحد منهما لذلك عن صاحبه مل تظهر صحة اجلواب وال الفساد، فيحصل

.ويف هذا صرف للتخاطب عن مقاصده احلقيقية. 1»الكالم بال فائدة

دها اخلصم مع خصمه من أجل غاية ما؛ قد تكـون نتيجـة ها من احليل اليت قد يتعم وغريضعفه؛ أو من أجل استفزازه وبالتايل غلبته، أو لفت نظر الس أو غري ذلك من احليـل املخـل

.آلداب املناظرة

اح عن احلق ولكن ويف الوقت نفسه نبه العلماء إىل حيل مباحة بني املتناظرين طاملا أنها ال ترت ومن احليل ما يباح للمناظر، وهو أن يتوجه بعـض «: الذي قد تقوم عليه املناظرة، يقول اجلويين

ويـرى أنـه . وجوه األسئلة على كالمه فال حيضره اجلواب، فيحتال يف التغافل عن ذلك السؤال ل الفالين فقد تركنا أما الفص : تناسى ذلك وجييب عن غريه من األسئلة حىت إذا ظهر له جوابه قال

فيكون هذا مباحا إذا كانت النوبة ذات أسئلة، فإن مل يكن وجه إال ذلك السؤال . جوابه ونذكره مل أفهم هذا السؤال فيستعيده، ال يزال ويقول : فالوجه أن حيتال ويقول . الواحد فال حيضره جوابه

توفيق إن مل يكن ما ألـزم حقـا ال يقع يل هذا الفصل، ويتدبر هو يف خالل ذلك فيخطر له مع ال وال جيوز قبل حضور اجلواب . جوابه؟ وإن كان فال تنفعه احليلة يف املوضع الذي يلزمه فيه االنقياد

أن يسرع يف الكالم عليه، فإنه خيرج كالمه إذ ذاك شبه الوسواس ويظهر انقطاعه علـى أقـبح لكن طاملا ال تزحيها عن مقاصدها وال تتجاوز فهذه احليل قد تؤثر يف جمرى املناظرة، و . 2»الوجوه

ولكن تبقى كفاءة املناظر يف كل ذلك مطلوبة حىت يتمكن من التعاطي مـع . أدبياا فهي مباحة .خمتلف املستجدات اليت تقتضيها جمريات املناظرة

يكاد " Griceغرايس "ويف رحاب هذه القواعد نشري إىل أن مبدأ التعاون الذي أشار إليه ون صوريا؛ كون املتناظرين يعمدان إىل خرق قواعد هذا املبدأ، ولكن دائما وفق ضوابط يك

حوارية واستداللية تضمن سريورات التبادل الكالمي بغية الكشف عن احلقيقة، وانطالقا من .تبصري اآلخر وإقناعه ا

.327، صكافية يف اجلدللااجلويين، 1

.331-330، صاملصدر نفسه اجلويين، 2

242

ات اادلة باعتبار أن ولكن مازلنا نؤكد على قيمة هذه املبادئ اهلامة اليت بسطت لتنظم أدبيحتقيق الكثري من األفعال الكالمية يقتضي إقناع املتلقي وفق منطية ختاطبية معينة حتقق القوة اإلجنازية

.املطلوبة، وهذا ما قد نالحظه يف معظم حمادثاتنا اليومية

: ا ا ام ا وار-4

جتعله ال جيري على طريقة ليت يقوم عليها الفعل الكالمي ية ادينامال" التفاعل" طبيعة إن الكالم؛ فقد ينساق فيهالذي " سياق احلال"معينة؛ بل قد جتعل صوره تتنوع حبسب تداعيات

حيقق املتكلم القوة اإلجنازية مبا يقوم عليه الفعل القويل مباشرة، وقد يعمد إىل التضمني؛ أي إىل .1لميحية معينةتكييفه وفق استراجتيات ت

أنه كان من إحدى نتائج حكم احملادثة " Philippe Blanchetفيليب بالنشيه "ويذكر مث إن املتلفظ قد ينشئ الدالالت . موضع البداهة" الضمين"وطقوس التفاعل الرئيسية وضع مفهوم

، ولكن يف ظل احترام بتصرفه يف االستدالالت السياقية واملنطقية واالجتماعية واللسانية والثقافيةفاملؤمن لسريورات التضمني يف الفعل الكالمي . 2حكم املخاطبة اليت تعد ضرورية ملثل هذه العملية

. استغالل قوانني التفاعل مبا يسهم يف حتقيق القوة اإلجنازية املطلوبة

ته انتباه رواد األفعال الكالمية مما دعاهم إىل الكشف عن طبيع3"املضمر"وقد شديف أكثر من مرة، وأوضح أن الصيغة " Austinأوستني "وكيفيات حتقيقه وقيمته؛ حيث أشار إليه

قد تدل على كثري من املعاين -مثال–اللغوية الواحدة قد تدل على أكثر من إجناز؛ فصيغة األمر قد تنقل والوجوه؛ كالوجوب واإلباحة والندب والطلب والتهديد واإلرشاد والدعاء واإلنذار، و

لو أنك سلمت شيئا إىل أحد من «هذه الصيغة فتدل على الشرط أو التعارض أو التعريف، فـوقولك . واإلجارة، والوديعةوالعارية،كان كالمك هذا حمتمال للهبة، " خذه"الناس قائال له

ويشري يف هذا السياق الدكتور حممد العبد إىل أن مبحث التعديل أو التكييف يف الفعل الكالمي يعد من أثـرى احلقـول البحـث 1

.298 واخلطاب واالتصال، صينظر النص. وأكثرها فائدة يف تداولية أفعال الكالم يف النظرية اللسانية املعاصرة بعامة .144 التداولية من أوستني إىل غوفمان، ص 2ـ . اختلف املقابل الفرنسي للمصطلح املضمر، إذ جيعله د 3 ، يف كتاب التداولية من أوستني "Sous-entendu"صابر احلباشة مقابال ل

.14ألوريكيوين، ص" املضمر "ريتا خاطر يف كتاب.يف ترمجة د" L'implicite"، يف حني يقابل 147إىل غوفمان، ص

243

فإنه ..." سأكون"وهكذا عندما أقول ... قد يحمل على الوعد أو التنبؤ باملستقبل" سأكون هناك"ميكن أن نوضح قولنا بأننا إمنا نقصد التنبؤ، ومن أجل ذلك نضيف بعضا من الظروف املركبة، أو

كما ميكن أن نوضح كالمنا ". على وجه االحتمال"أو " من دون شك"ما يقوم مقامها من حنو وكذلك " اجازم"أو " يقينا"أيضا إذا أردنا باإلفصاح عن قصدنا ونيتنا على خري وجه، فنضيف

وأحيانا قد نكتفي " وعد صدق"احلال حينما نعد غرينا فنحن نضطر إىل أن نزيد تأكيدا لوعدنا .1»سأعمل كل ما يف وسعي"بالتعبري املتداول

فقد حيمل القول ما يفصح عن إجنازيته الصرحية انطالقا من ملحقات لغوية حتدد ذلك، ومنه " من دون شك"بإضافة املؤشر " ر غدا من دون شكسأحض"، و"سأحضر غدا"الفرق بني قولنا

.إلبعاد كل أشكال الشك الذي قد يراود املتلقي حول الفعل اإلجنازي املقصود

سياقي الشرط ال يشكلإذ يرى أن الضمين" Searleسريل "وقد وضح هذه النظرة أكثر 2"مفهوما"بل " ضمنيا"ه ال يسميه لنجاح الفعل الكالمي، لكن.

" مبدأ التعاون"انطالقا مما صاغه ضمن " املضمر"على " Griceغرايس " اشتغل أكثر وقد .الشهري، وقد بلور مظاهره أكثر ضمن االختراقات اليت قد تتجاوز القوانني اليت تتعلق ذا املبدأ

القول "، و"أن تقول وأال تقول "من خالل كتابيه " Ducrotديكرو "ويتضح أكثر عند القوة "، حيث حاول أن جيعله من مفهوم "الضمين"وناقشه عندما أراد أن يبين مفهوم ، "واملقول

". Searleسريل "و" Austin أوستني"متجاوزا بذلك احلد الذي شاع عند " املتضمنة يف القول. ؛ فاألول يظهر يف امللفوظ، أما الثاين فيقتضيه امللفوظ"املضمر "و" املقتضى "وهو يشمل لديه

، ومضمره "سكني"مقتضاه أن للمتكلم " سكيين السوسري الظريف ال يفي بالغرض"ثال فقولنا م .3أنه يريد مساعدة؛ وقد مت ذلك عرب تأويل التلفظ على أساس بعض القواعد التفاعلية

.103-102 أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة، ص 1

2 Voir, Philippe Blanchet, La pragmatique d'austin à Goffman, P:91. 3 Voir Ibid, 104, 164 ص، ترمجة صابر احلباشة،ينظر فيليب بالنشيه، التداولية من أوسنت إىل غوفمانو.

244

يف الفعل الكالمي فإننا نرى أن " املضمر"وإذا ما أردنا الكشف عن تداعيات توظيف ؛ فقد "إنه منتصف النهار"يتنوع حبسب معطيات سياق احلال، فإذا قلنا مثال طبيعته التفاعلية جتعله

يعين هذا القول أنه حان وقت االنصراف، أو انتهى الوقت، أو حان وقت الغذاء، أو حان وقت .1القيلولة، وغري ذلك من األفعال اإلجنازية اليت ختتلف باختالف السياقات اليت قد ترد فيها

ضمني احلواري يف عالقته املرجعية بوقائع احلال من جهة، ووصوله إىل وتكمن قيمة الت : املتلقي من جهة أخرى، وهذا يتطلب شيئني

االمتثال للمبادئ األساسية للحوار من طرف املتكلم؛ وذلك لكي يرتبط التضمني : أوال .مبرجعية صادقة، ويكون واقع احلال الذي خيلقه ليس مغلوطا

اور للمضمون الذي آل التضمني احلواري إما بالتصديق أو اإلذعان، وهو امتثال احمل: وثانيا .2ما يعين إشباع التضمني احلواري بسلوك موازي من طرف احملاور

ل لذلك بالفعل املضمر فيما وقع بني احلجاج وأحد األعراب؛ إذ يروى أن احلجاج قد منث من يأكل معي، فرتل ببعض املياه بني مكة واملدينة ودعا بالغذ«حج اء، وقال لرسوله اذهب وحتر

ائت األمري، : فذهب الرسول وأرسل بنظره حنو اجلبل فإذا براع بني مشلتني نائم برجله، وقال لهدعاين من هو : اغسل يدك وتغذ معي يا أعرايب، فقال األعرايب: فلما متثل بني يديه قال له احلجاج

اهللا تعاىل دعاين : هو الذي دعاك وهو خري مين؟ فقال األعرايبمن : اجخري منك فأجبته، قال احلجنعم صمت ليوم أشد حرا : يف هذا احلر الشديد؟ فقال األعرايب: إىل الصيام فصمت، قال احلجاج

مليس : إن ضمنت يل البقاء إىل غد، قال احلجاج: غدا، فقال األعرايبمنه، قال احلجاج أفطر وصذلك ألنه طعام : كيف تسألين عاجال بآجل ال تقدر عليه، قال احلجاج: ذلك إلي، فقال األعرايب

بإضمار فعل الرفض والتعليل له من . 3»واهللا ال تطيبه ولكن طيبته العافية: طيب، فقال األعرايب

تصبح من العبثية كل حماولة تصنيف للضمنيات تصنيفا استقصائيا دقيقـا، «ه أنPhilippe blanchet "ليب بالنشيه ف" ويذكر 1وهي إشارة إىل تعدد . »وهذا املوقف نعثر عليه بكثرة عند تداوليي اللغة العادية . وذلك نظرا إىل تعدد املعطيات الضمينة املمكنة وتنوعها

فليب بالنشيه، التداولية مـن أوسـنت إىل : ينظر. عمل يف اللغة واليت قد ال حتصى ضمن ظواهر خمصوصةأصناف الضمينات اليت قد تست .150صابر احلباشة، ص.غوفمان، ترمجة د

.45حممد نظيف، احلوار وخصائص التفاعل التواصلي دراسة تطبيقية يف اللسانيات التداولية، ص. ينظر د 2 .392-4/391 إبراهيم مشس الدين، قصص العرب، 3

245

بداية التخاطب إىل ايته انطالقا من اإلميان القوي الذي امتاز به هذا األعرايب مبا جعله يقنع .احلجاج

ذاتيجعلهاف، املنوطة ايف حتقيق القوة اإلجنازية إذ يعطيها القوة " املضمر"ومنه تظهر قيمة ، قد نلمح ذلك بشكل جلي يف الوصايا املهمة اليت قدمها البشري اإلبراهيمي للشباب أكثرفعالية

وينمي ال تعتمدوا على حفظ املتون وحدها؛ بل احفظوا كل ما يقوي مادتكم اللغوية،«: قالفالتكرار يف الفعل الكالمي األخري . 1»!والقرآن القرآنثروتكم الفكرية، ويغذي ملكتكم البيانية،

احفظوا القرآن، واعملوا به، "أكثر قوة يف التأكيد على القوة اإلجنازية املقصودة، واليت قد تكون ".وتفقهوا فيه

الكالمية هو لم اللجوء إىل لكن يبقى السؤال املهم الذي طرحه رواد نظرية األفعالاستعمال القول املضمر؟ ولو استحضرنا املبادئ اليت أقرها العلماء للتخاطب فإننا سنالحظ أن معظم قوانينها تؤكد على ضرورة التعاون من أجل خلق الفعالية للقوة اإلجنازية املرادة، وللمحافظة

انطالقا من استراتيجيات خمتلفة جتعله ال يوظف على ذلك قد جينح املتكلم إىل استعمال املضمرالفعل الكالمي املباشر، واليت تتحكم فيها معطيات احلال اليت ينشأ فيها الفعل الكالمي، وتندرج

:ضمن ثالثة متغيرات" Lenvinsen وليفنسون Brown براون"كما يرى .األلفة بينهما يف واقع احلياةدرجة العالقة االجتماعية بني املتكلم واملتلقي؛ أي درجة -1 .العالقة السلطوية بينهما-2 .2القيود اليت تفرضها ثقافة معينة على اخلطاب، ونوعية تلك القيود-3

فهذه املعطيات تدفع املتكلم إىل عدم التصريح بالقول الذي يومئ إىل القوة اإلجنازية . ويكون لدواع متنوعة، اإلضمار بديال لهصبحاملقصودة؛ في

من املسوغات األساسية اليت تدعو املرسل إىل ذلك، وهذا ما " التأدب يف القول"ويغدو Laالتأدب "الذي بين كيف أن " Searleسريل "أكد عليه رواد نظرية األفعال الكالمية منهم

".إىل أبنائي الطلبة"، يف نص بعنوان 218 الشيخ حممد البشري اإلبراهيمي، عيون البصائر، ص 1 .377-376عبد اهلادي بن ظافر الشهري، استراتيجيات اخلطاب مقاربة لغوية تداولية، ص. ينظر د 2

246

politesse "يلق ، وقد انط1 يف استعمال القول غري املباشر-إن مل يكن الوحيد- األساس األويل عد :يف ذلك من أمثلة متنوعة منها

"هل ميكن أنت تقدم يل امللح؟"- "هل ميكن أن تعريين القلم؟"-

وهذا ما يشيع يف حمادثاتنا بكثرة حيث نستعمل الكثري من الطلبات اليت ال نؤدي فيها ال للرفضالطلب املباشر حىت نضمن حتقيق القوة اإلجنازية املرادة، حىت إن املتلقي قد يكون له ا،

سريل "وهنا يؤكد . ه فيستجيب لألمر املطلوب منهيولكن انطالقا من هذه االستراتيجية قد يغير رأSearle " مرة أخرى أن"ب التأدLa politesse " هو الدافع األكثر قوة الستعمال الطلبات غري .2املباشرة

أو تكريسا ،ت االجتماعية أو مراعاة العالقا، منها احلياء؛ويكون ذلك لدواع خمتلفة": Orecchioneأوريكيوين "تقول . أو غري ذلك، أو لترك الفاحش من القول،الحترام الذات

ق باللياقة عن استعمال العبارة املباشرة، فيلجأ إذا إىل الصيغة املضمرة م ألسباب تتعليعجز املتكل«ية إحباط بعض الرقابات ذات الطابع ن، وذلك بغلتذليل عقبة وجود بعض احملرمات يف جمتمع معي

األخالقي أو السياسي أو القانوين، واالحتيال على قانون الصمت الذي حيضر التحدث عن بعض ويف كل ذلك إشارة إىل الدوافع اليت جتعل املتكلم يعمد إىل التلميح انطالقا . 3»األغراض اخلطابية

واليت تقتضي منه تشكيل . األقوال غري املباشرةمن هذه االستراتيجية، واليت تدعوه إىل استعمال العبارات اليت قد حتقق اإلجنازية املطلوبة، انطالقا من العالقة اليت يوجدها بني القول امللفوظ

.واملقصد املبتغى

:ويف هذا السياق نرى أن البناء اللغوي الذي يشكله املخاطب قد يندرج ضمن صنفني

1 Voir John Searle, Sens et expression, P:90. 2 Voir Ibid, P:92.

.498ريكيوين، املضمر، ص أو 3

247

، فيعمد إىل آليات لغوية معينة منها الكناية 1د بتوليدها لغوياأن يبدع يف داللته على القص-أوخمتلف أشكال ااز، وختتلف أشكاهلا حبسب الكفاءة اللغوية والتداولية للمتكلم مما ميكنه من

قد منثل لذلك بالفعل الكالمي االستفهامي الذي . استمالة املتلقي، وبالتايل حتقيق املقصد املراديمي يف وصف حال االستعمار الذي يظهر ما ال يبطن فساق ذلك يف تركيب مبدع اعتمده اإلبراهيعمد إىل احلقائق واملعاين بوسائل املنوم والساحر فيمسخها ويغريها، هل مث ...«: فقال يف وصفه

بنربة ساخرة يف القوة اإلجنازية املبسوطة يف الفعل الكالمي االستفهامي 2"رأيت اجلوزة املؤوفة؟ وهي صورة بيانية عن حال االستعمار ورجال الدين الذين وظفهم؛ "أيت اجلوزة املؤوفة؟هل ر"

إن رأيتها رأيت ظاهرا مجيال، وقشرة صلبة، مث «؛ أي اليت أصابتها آفة، "اجلوزة املؤوفة"فهو مثل تشترى، تكسرها فتجد خنالة مما أسأر الدود، أو سوادا مما فعل املاء املتسرب، وهي مع ذلك جوزة

.3»ويدفع فيها الثمن، وتقدم تكرمة للضيف، وذلك شأن االستعمار يف رجال الدين منا

توظيف العبارات اللغوية احملفوظة مبا يتفق مع املقصد املراد، ويكون لتداول املعىن بني -بثال وأقوال طريف التكلم املؤمن لذلك، ومنه استعمال اآليات القرآنية واألحاديث النبوية واألم

قد منثل بالقوة . 4الكتاب والعلماء وأبيات الشعراء وكالم املشاهري وحىت كالم اآلباء واألجداد: اإلجنازية اليت أراد أن يصورها البشري اإلبراهيمي عن ضعفاء الدين الذين ال خيشون اهللا حيث قال

، فواهللا لكأن هذه اجلملة "ال تنقضي عجائبه"وصدق اهللا وصدق رسوله الذي وصف القرآن بأنه « من هذه اآلية، ذا األسلوب، املفيد للحصر بأبلغ صيغة، نزلت اليوم، ﴾ولم يخش إال اهللا﴿

وهاجة بأنوار الرسالة، مطلولة بأنداء الوحي، لتكون حجتنا القاطعة على هذا النمط من عمار أن هذه اآلية أبلغ يف وصف حال وهو يقر، 5»املساجد الذين خيشون املخلوق، وال خيشون اهللا

أنصفونا «: هؤالء األئمة احلكوميني من أفعاهلم وتصرفام، ولذلك تعجب من هذه الوضعية وقال

.380عبد اهلادي بن ظافر الشهري، استراتيجيات اخلطاب مقاربة لغوية تداولية، ص. ينظر د 1 .205 الشيخ حممد البشري اإلبراهيمي، عيون البصائر، ص 2 .205 الشيخ حممد البشري اإلبراهيمي، املصدر نفسه، ص 3

ت احملفوظة اليت نستعملها يف تواصلنا اليومي واليت قد نوظفها يف بعض األحيان ألا أبلـغ حنفظ عن آبائنا وأجدادنا الكثري من العبارا 4، وغريها من "البعد يجيب السالم "يف حتقيق القوة اإلجنازية املقصودة؛ فقد نقول مثال ألبنائنا حينما نريد منهم البقاء بعيدا عن الشبهات

. ا من القوة اإلقناعية أكثر من القول املباشرالعبارات احملفوظة واليت قد يكون هلوهذا املقطع هو من نص وجهه اإلبراهيمي إىل هؤالء األئمة احلكوميني الذين عينهم . 204 حممد البشري اإلبراهيمي، عيون البصائر، 5

".كلمتنا عن األئمة"االستعمار على املساجد، بعنوان

248

،"للبايليك"ويقرأ احلزب " للبايليك"أيكون شفيعا للمسلمني عند ربهم من يصلي : ولو مرة واحدة1»!د على أبواب احلكام لغري حاجة؟ويترد.

ومن هنا تربز قيمة املثل يف التشكيل القويل من جهة، ويف فعاليته يف حتقيق القوة اإلجنازية أن التحدث باألمثال أكثر " Orecchioneأوريكيوين "وترى هنا . املقصودة من جهة أخرى

.2ذيبا يف االتصال اللغوي

طرقا عرفية للتأدب معينة تكاد تكون بطبيعتهاأن هناك صيغا" Searleسريل "وقد ذكر يف إجناز الطلب غري املباشر، ختتلف من لغة إىل أخرى، وانطالقا من البيئة اللغوية اليت ينتمي إليها

Pouvez-vous, pourriez-vous, je"أطراف التخاطب، ففي الفرنسية يشيع استعمال صيغ

voudrais que... "من فضلك، إن كان "ت أما يف لغتنا العربية فقد نستعمل عبارا. 3وغريها اليت تفصح عن 4بإمكانك، لو مسحت، إن استطعت، بصدق، وغريها من املؤشرات اللغوية

بالتأد.

وهذا ما يشيع يف طلباتنا اليومية وخباصة حينما نرجو حتقيق الفعل املراد، ففي حماوراتنا مثال :كثريا ما نقول

.اطب؛ حينما يقاطعنا املخ"دعين أكمل حديثيلو مسحت "-د أكثر من أجل جعل املخاطب يأيت يف املوعد حينما نتود" احترم املوعدمن فضلك"-

.احملدد .؛ حينما نريد احلصول على هدية ما" اجلب يل عند عودتك هديةإن استطعت"-

.205ر، ص حممد البشري اإلبراهيمي، عيون البصائ 1 .504أوريكيوين، املضمر، ص" ينظر 2

3 Voir John Searle, Sens et expression, P:92. ينظـر آفـاق ". سريل"وقد ناقشها حبسب أصناف األفعال الكالمية اليت اقترحها " ظروف القوى اإلجنازية"أمحد املتوكل . يسميها د 4

.75-74جديدة يف نظرية النحو الوظيفي، ص

249

، واليت قد تصحب يف سياقات ما "لو مسحت، من فضلك، إن استطعت"فاملؤشرات القولية ل مدى التأدب الذي يريده املتكلم، وهو إشعار عن قصده؛ ألنه ال يريد إحراجه بنغمة هادئة، ميث

.وحيافظ على ماء وجهه، مث إنها تزيد يف درجة إذعان املتلقي للقوة اإلجنازية

هو الداعي األساسي إىل استعمال اإلضمار يف الفعل الكالمي، فإن " التأدب"وإن كان التملص والتهرب من مسؤولية "فظ ال يعمد إىل التصريح منها؛ هناك دواعي أخرى قد جتعل املتل

، رغبة منه يف تعددية التأويل مبا ميكنه ترك الفرصة لنفسه من إنكار القصد املعني إن 1"اخلطاب :الحظ أنه يورطه، ويشيع هذا فيما يلي

تداوالتنا يف املواقف املتوترة اليت قد تكون بني أطراف اخلطاب، وهذا ما نالحظه يف-، انطالقا من املساحة القصدية اليت يفتحها "ما أردت هذامل أقصد هذا، وإن"اليومية، فنرد ونقول

.عمدا املخاطب حىت جيد لنفسه الفرصة ليؤكد وينفي ما يراه مناسبا له

ويف اخلطاب السياسي الذي يقوم فيه الفعل الكالمي على احتماالت خمتلفة؛ لكنها ليست - مثل مقولة االستعمار اليت ظل. ؛ ألنه بإمكانه التملص منها مبا قد يراه مناسبا لذلك2للمتكلمملزمة

ا اإلجنازية اليت قد يبتغيها هي "اإلسالم جزائري"دها وهي أن يردال تتصل بغريك من "؛ فقوزمن بني ، وفعال هي غاية كان يعمل هلا االستعمار جبميع الوسائل ليفصل على مر ال"املسلمني

.3مسلمي اجلزائر وبقية املسلمني

ويف املواقف اليت قد تتناىف مع أخالقيات اتمع، كطلب الرشوة مثال؛ إذ كثريا ما يلجأ - أعط"؛ فقوا اإلجنازية املقصودة "قضيتك حتل لو يكون هناك مال"املتكلم إىل اإلضمار كأن يقول

".الرشوة

.372عبد اهلادي بن ظافر الشهري، استراتيجيات اخلطاب مقاربة لغوية تداولية، ص. ينظر د 1 .607، و373، صاملرجع نفسهعبد اهلادي بن ظافر الشهري، . ينظر د 2 .3/63 ينظر اإلبراهيمي، آثار اإلمام حممد البشري اإلبراهيمي، 3

250

ع حبسب املوقف الذي جيري فيه التفاعل الكالمي، نووباإلضافة إىل مسوغات أخرى قد تتيف الفعل الكالمي كوا أكثر قوة يف حتقيق القوة " املضمرات"ولكن ما زلنا نؤكد على قيمة

.اإلجنازية املقصودة

5-ا ا جوا ا:

قف عند حدود ما حتقيقه ال يكل فعل كالمي منوط بغرض ما كما بينا من قبل، وأكيد أنقد يقتضيه املكون اللساين املنوط بالقصد املراد؛ بل يتعدى ذلك ليتعلق بتداعيات التفاعل الكالمي

فمن املالحظ أن حتقيق الفعل اإلجنازي يبقى مرتبطا يف بعض األحيان مبدى تأثريه يف املتلقي . ككلما قد يدعو املتكلم حينما يريد الوعد أو ، وهذا )الفعل التأثريي(مبا جيعله ينخرط يف القصد املراد

العرض أو االلتماس أو التهديد أو القدح قد يوظف من اآلليات احلجاجية ما حيقق له ذلك؛ ففعل ، باإلضافة امللحق "سآيت غدا واهللا: "مثال قد يؤديه مع املتلقي الشاك مقترنا بقسم فيقول" الوعد"

. اإلجنازي الوعديتأكيدا على الفعل " واهللا"القسمي

يف أساسه هو تقدمي احلجج واألدلة اليت تسهم يف إجناز " Argumentationاحلجاج "و، انطالقا من تقنيات مضبوطة، وبناء معني يتسم باملنطقية، 1تسلسالت استنتاجية داخل اخلطاب

.2وتشكيل لغوي خمصوص

نظرية األفعال الكالمية؛ والذي انبثق يف جوهره من داخل ،وهنا نركز على احلجاج اللغوي : من انطالقا"Searleسريل "و" Austinأوستني "بتطوير أفكار " Dicrotديكرو "حيث قام

".فعل احلجاج"و" فعل االقتضاء"إضافة فعلني لغويني، ومها -1

.16، ص1/2006مدة يف الطبع، ط ينظر أبو بكر العزاوي، اللغة واحلجاج، الدار البيضاء الع 1

توملني وكريز (، واحلجاج املنطقي )بريلمان وتتيكاه وغريمها(احلجاج البالغي : ويف هذا السياق مييز العلماء يف النظرية احلجاجية بني 2ات البالغية واملنطقية حممد طروس، النظرية احلجاجية من خالل الدراس .ينظر د . ، واحلجاج اللغوي لديكرو وأنسكومرب وغريمها )وغريمها

.13-12، ص1/2005واللسانية، الدار البيضاء دار الثقافة، ط

251

فعل لغوي موجه إىل إحداث حتويالت «بأنه " L'illocutoireاإلجناز "إعادة تعريف -2والطبيعة القانونية لإلجنازية مستمدة . 1»أي جمموعة من احلقوق والواجباتذات طبيعة قانونية؛

.هنا من الفعل التلفظي ومعطيات سياق احلال الذي ينتج فيه

مؤسس على بنية األقوال اللغوية، وتسلسلها داخل ) اللساين(واحلجاج ضمن هذا الطرح دية يف حتديد العالقات احلجاجية بني وتكمن مسته القص. اخلطاب وتدرجها انطالقا من سياق معني

األقوال ونتائجها، أما قيمته فترتكز يف أساسه على القوة املضاعفة اليت مينحها املتلفظ لفعله .الكالمي

وهنا نشري إىل أنه حينما يعمد املخاطب إىل تقوية منطوقه اإلجنازي، فإنه يدلل بذلك على الذي ورد " أين املفر؟"قد منثل لذلك بالفعل الكالمي . الوعيه باملقصد وتقديره ملقتضيات األحو

وغريها 2"البحر من ورائكم، والعدو أمامكم: "يف خماطبة طارق بن زياد؛ حيث دلل عليه بقوله .من األفعال الكالمية الواردة يف خطبته املشهورة والقائمة على جمموعة من احلجج

بني امتالك احلجة وبني صنعها مبا خيدم الفعل ق يف هذا السيا"Jakobsجاكوبس "وقد ميز إذا كان امتالك احلجة نشاطا لغويا، مكونا من أفعال لغوية؛ فإن صنع احلجة يعين «الكالمي؛ فـ

إجناز نوع خاص من األفعال اللغوية وفق جمموعة من شروط اإلجناز؛ أي الفعل اللغوي ال ينجز .3»ه احلوارية صادقةمبشروعية ومالءمة إال إذا كانت اقتضاءات

التحاجج طبيعته جماالته وظائفه وضوابطه، الدار البيضاء مطبعة النجـاح " أبو بكر العزاوي، احلجاج واملعىن احلجاجي، ضمن كتاب 1

.56، ص1/2006اجلديدة، طوهذه . 1/240، 1988ح الطيب من غصن الرطيب، حتقيق إحسان عباس، بريوت دار صادر، املقري التلمساين أمحد بن حممد، نف 2

الذي وردت فيه أنه ملا بلغ طارقا دنو لذريق ملك األندلس وجيشه " سياق احلال"العبارات هي من خطبة طارق بن زياد املشهورة، و . جلهادالذي بلغ سبعني ألف فارس قام يف أصحابه وحثهم ورغبهم على ا

.128 حممد طروس، النظرية احلجاجية من خالل الدراسات البالغية واملنطقية واللسانية، ص 3

252

متدارك لدى " سياق حال"وفاتح األندلس استطاع أن يصوغ أفعاله الكالمية انطالقا من ت فعاليات اخلطبة من اقتضاءات مـ، شكلت ون1جنده؛ شكلت معطياته مبادئ حجاجية بينهما

املعىن أن Eemeren"2إميرين "وهنا يرى . ومضمنات شكلت املرجعية االستداللية للمتلقنيالتواصلي للفعل الكالمي ال خيضع فقط للخصائص الصورية للعبارة، ولكن خيضع أيضا وبكيفية أولية للسياق والوضعية اللذين أجنزا فيهما، ويف هذا املستوى التفاعلي يرتبط احلجاج باألفعال

نشرح ذلك أكثر بتوضيح. 3الكالمية داخل احلدث اللغوي املكون لسياق الفعل التواصلي :تداعيات التفاعل الكالمي اليت ألقيت فيها اخلطبة

فاملتكلم بليغ فطن وحذق؛ فقد راعى حال خماطبيه وأخذها بعني االعتبار يف تأليف أفعاله -؛ وفطنته جعلته يقدم هذه اخلطبة يف الوقت املناسب؛ إذ بعدما أن أحس باخلطر وقلق 4كالمية

.اهلمميرفع زائم وجنده سارع إىل تدبيج خطبته مبا يقوي الع

طبيعة األفعال الكالمية املكونة خلطابه، واحلجج املبسوطة فيه، واليت يفوهذا ما نلمسه يف حتقيق L'orientation"5التوجيه "قيمة " Ducrotديكرو "وقد بين ". وجهته احلجاجية"ختدم

ا الوجهة الوحيدة تفرض على املخاطب منطا من النتائج باعتباره«غاية اخلطاب احلجاجي، واليت

جمموعة املسلمات واألفكار واملعتقدات املشتركة بني أفراد جمموعة لغوية معينـة، والكـل "هي " Les topoisاملبادئ احلجاجية " 1

احلجاج مفهومه وجماالته دراسات نظرية وتطبيقيـة "ضمن كتاب " حلجاج يف اللغة ا"ينظر أبو بكر العزاوي، ". يسلم بصدقها وبصحتها .1/66، 2010حافظ إمساعيلي علوي، األردن عامل الكتب احلديث، .يف البالغة اجلديدة، إعداد وتقدمي د

مية، وقد صاغ ذلـك ضـمن من العلماء املعاصرين الذين نظروا إىل احلجاج من زاوية نظرية األفعال الكال" Eemerenإميرين " 2 .118حممد طروس، النظرية احلجاجية، ص.ينظر د". نظرية احلجاج اجلديل"منوذج أطلق عليه اسم

واحلدث اللغوي قد يكون خطبة أو رسالة أو مداخلة يف مؤمتر، أو منـاظرة، أو . 120حممد طروس، النظرية احلجاجية، ص. ينظر د 3 .لواقعية ملستعملي اللغة، أو غري ذلكإنتاجا لغويا مرتبطا بسياق احلياة ا

.1/223ينظر العمدة، ". من ينظر إىل أحوال املخاطبني" وقد ذكر ابن رشيق أن املتكلم البليغ 4التوجيه احلجاجي نتيجة لفعل يوجه العبارة حجاجيا ويفرض على املتلقي إجراء تأويليا دقيقا، والنتيجة أحد العناصر احملـددة لفعـل "5

طه عبـد الـرمحن .وهو كما يرى د. 113ينظر حممد طروس، النطرية احلجاجية، ص ". الذي يوجه العبارة خلدمة نتيجة معينة احلجاجإقامة الدليل على الدعوى بالبناء على فعل التوجيه الذي خيتص به املستدل، علما بأن التوجيه هو هنا فعل إيصال املستدل حلجتـه إىل "

.227اللسان وامليزان، ص". غريه

253

وقد حرص املتلفظ على الوصول إىل هذه الغاية من خالل . 1»اليت ميكن للمخاطب أن يسري فيه .التراتبية احلجاجية اليت تبناها، واليت تصل باجلند إىل االقتناع باجلهاد

الذي قدمت فيه هذه األفعال الكالمية فترتبط بذلك املوقف الذي " سياق احلال"أما -ول فيه طارق بن زياد بعدما أن واجه العدو يف مكان ال مفر منه سوى اجلهاد استنفار القلوب حا

ة هذا املقام االنفعايل، مما جعله حيرص كل احلرص والعقول واألجساد إىل ذلك، وقد وعى بشد .على إقناع جنده ومحلهم على املواجهة اليت ال مفر منها

اليت استمد منها املخاطب بنيته ية املقدمات الواقعوقف هذا املوقد شكلت مكونات .احلجاجية، فاستطاع ربط العقول ا مبا يوجه العملية االستداللية للمتلقني حنو اهلدف املنشود

افتراضات على قام وقد مشتركة لغة من انطالقا اللغوي اخلطاب ولد السياق هذا ويفة معرفية أساسية يف بنائه وتشكيل بنيته شكلت مرجعيوضمنية صرحية للقول ومتضمنات مسبقة،

.احلجاجية

والحظنا أنه من هذا املقام استعمل طارق بن زياد عبارات وصيغا وعوامل وروابط أضفت السمة احلجاجية على احلدث اللغوي بصفة عامة، وكل ذلك من أجل دفع املتلقي ألن جييب أو

إىل أننا انطالقا "Armingaudأرمينكو " ويف هذا اإلطار تشري. يستخلص أو يتأكد أو غري ذلكتعابري إجنازية موجهة إىل ربط قول ما بباقي اخلطاب، وبكل السياق «من سياق ما جند يف اخلطاب

وتأيت هذه التعابري لتربط القول باألقوال ". اعترض"و" استنبط"و" أجيب"من هنا نعثر على . احمليطويف هذا اإلطار التفاعلي . 2»ن هذه األقوال تأكيدية عامةالسابقة وأحيانا باألقوال الالحقة؛ إذ إ

. واليت تدعو املتلقي ليستجيب ملا هو مطلوب منه،تتمظهر الفعالية احلجاجية

سامية الدريدي، احلجاج يف الشعر العريب القدمي من اجلاهلية إىل القرن الثاين للهجرة بنيته وأساليبه، األردن عامل الكتب احلديث، . د 1 .23، ص1/2008ط .65 فرانسواز أرمينكو، املقاربة التداولية، ص 2

254

، وقد فقدوا 1كما قال مخاطبهم" يف هذه اجلزيرة أضيع من األيتام"أما املخاطبون فهم -وشكلت هذه املعطيات املرجعية . اللجاج ومل، وقد قلقت نفوسهم، وسيطر عليهم الشكاأل

.املعرفية اليت بىن املتلفظ على أساسها منظومته احلجاجية

أما كالمه فموجز راق بليغ على درجة عالية من الدقة والبيان يف اختيار لفظه وتنسيق -التحم ما حبب إىل النفوس، واتصل باألذهان، و«عباراته، وقد ذكر اجلاحظ أن أجود اللفظ

حيبون البيان والطالقة «، وأكد أن العرب 2»بالعقول، وهشت إليه األمساع، وارتاحت له القلوبوالتحبري والبالغة والتخلص والرشاقة، فإنهم كانوا يكرهون السالطة واهلذر والتكلف واإلسهاب

ق العقول باملقصد املراد، وكل ذلك من أجل جلب النفوس واستمالتها، وزيادة تعل. 3»واإلكثار .واألخذ مبجامع القلوب، وبالتايل حتقيق مرامي اإلقناع

ن هو يف أساسه استنتاج وهنا نقول إن حصول االقتناع يف النهاية بالفعل اإلجنازي املعيح من البداية إىل ـة إجنازات مطروحة، وهذا ما سعى إليها طارق بن زياد إذ لواختيار له من عدم

م جمموعة من غايته قدققه لكي حي اإلجنازية املقصودة ضمن إجنازات احتمالية تكتنفها، لكنالقوةرت يف متلقيه وجعلتهم يذعنون للدعوى األفعال الكالمية اليت ختدم ذلك وفق تراتبية حجاجية أث

يف هذه اجلزيرة أضيع من ليس لكم واهللا إال الصدق والصبر، واعلموا أنكم: "، فقال4املقصودة رزموفورة، وأنتم ال و هاتكم جبيشه وأسلحته، وأقووداستقبلكم ع قدة اللئام، وبأداأليتام، يف ملكم إال سيوفكم، وال أقوات إال ما تستخلصونه من أيدي عدوكم، وإن امتدت بكم األيام على

هبت رحيكم، وتعوضت القلوب من رعبها منكم اجلراءة عليكم، افتقاركم ومل تنجزوا لكم أمرا ذفادفعوا عن أنفسكم خذالن هذه العاقبة من أمركم مبناجزة هذا الطاغية، فقد ألقت به إليكم مدينته احلصينة، وإن انتهاز الفرصة فيه ملمكن إن مسحتم ألنفسكم باملوت، وإني مل أحذركم أمرا

واعلموا . ، وال محلتكم على خطة أرخص متاع فيها النفوس إال وأنا أبدأ بنفسيأنا عنه بنجوة

.1/240 ينظر املقري، نفح الطيب، 1 .2/8 اجلاحظ، البيان والتبيني، 2 .1/191، صدر نفسه اجلاحظ، امل 3

، واملقدمات أو تقرير املعطيات، والتربير، والدعامة، ومؤشـر احلـال، )النتيجة(الدعوى : يبىن اخلطاب احلجاجي علو مكونات ستة 4ومه وجماالتـه، احلجاج مفه "حممد العبد، النص احلجاجي دراسة يف وسائل اإلقناع، ضمن كتاب .ينظر د . والتحفظات أو االحتياطات

.5ص

255

وقد وزعها . إىل اية اخلطبة1..."أنكم إن صربمت على األشق قليال استمتعتم باألرفه األلذ طويال" ازي اإلمجايلالفعل اإلجن"ورتبها ومناها ونسقها وفق استراتيجية تفاعلية مقصودة، غايتها خدمة

.اجلهاد محل اجلند علىوهو، Van Dijk"2يك افان د"كما يسميه

من هذا التفاعل منت عالقات احلجاجية من بدايتها إىل ايتها وفق قواعد ومبادئ سااتأسو .مادية وسيكولوجية مقبولة لدى املتلقي تدفعه الستنتاج مراد القول ككل واالقتناع به يف النهاية

الدليل على ذلك اقتناع اجلند وإقباهلم على وه العالقات الدعوى املقصودة؛ وحققت هذقد قطعنا اآلمال مما : "اجلهاد وانتصارهم الباهر يف ذلك، وقد قالوا بعدما أن استمعوا للخطبة

.3"خيالف ما عزمت عليه، فاحضر إليه فإننا معك وبني يديك

ية ما ال ميكن أن تتحقق لو اكتفى طارق بن زياد وهلذه األفعال الكالمية من القيمة احلجاجوهنا نشري . 4؛ أو غريها من العبارات اإلخبارية"عدتهوه أمامكم بعدده حاربوا عدوكم إن"بقوله

ال ينجز وظيفته احلجاجية إال إذا ارتبط يف «ة كونه إىل طبيعة الفعل الكالمي احلجاجي املركبأي أن ... خرى بسيطة أو مركبة تعبر عن وجهة نظر معينةمستوى اجلملة أو العبارة بإجنازات أ

الفعل اللغوي احلجاجي يتكون من أفعال إجنازية أقل تركيبا، تلتقي مجيعها يف خدمة وجهة نظر فعل كالمي غري مباشر حييل على " أين املفر؟: "فقول املتلفظ. 5»ق احلجاج بدوامعينة ال يتحق

ة منها؛ عليكم البقاء، ال مكان للفرار، واجهوا عدوكم، امحوا أكثر من قوة إجنازية حجاجيأنفسكم، وغريها من اإلجنازات اليت قد تستخلص خلدمة الدعوى األساسية للحدث اللغوي ككل

.وهو محل اجلند على اجلهاد

وهنا تتدخل كفاءة املتكلم التداولية واحلجاجية مبا ميكنه من خلق الفعل القويل احملقق صده، حيث تدعوه إىل استعمال العبارات اليت تسهم يف تكوين القوة اإلجنازية ذات الفعالية؛ ملقا

.241-1/240 املقري، نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب، 1 .66حممد العمري، ص.يك، النص بنياته ووظائفه مدخل أويل إىل علم النص، ترمجة وإعداد دا ينظر فان د 2 .1/242 املقري، نفح الطيب، 3ينظـر . العالقة القائمة بني احملتوى اإلخباري للقول وقيمته احلجاجيـة وهذا ما تركز عليه النظرية احلجاجية اليت حتاول الكشف عن 4 .1/69أبو بكر العزاوي، املرجع نفسه، .د

.120حممد طروس، النظرية احلجاجية، ص. د 5

256

قد منثل لذلك باألفعال . الذي حيري فيه الكالم" سياق احلال"واملؤسسة يف جوهرها على ما ميليه سقط اإلناء بينما هو يصب املاء على يديه إذ «الكالمية احلجاجية اليت أجاب ا خادم املأمون؛ فـ

قد : "، قال﴾والكاظمني الغيظيا أمري املؤمنني إن اهللا يقول ﴿: من يده، فاغتاظ املأمون عليه، فقالواهللا يحب ﴿: قال. ، قال قد عفوت عنك﴾اس النن عنيوالعاف﴿: قال". كظمت غيظي عنك

سنني1»"اذهب فأنت حر: "، قال﴾املح .

تقوم على أفعال كالمية خمصوصة، لكن اخلادم وظفها بطريقة حجاجية فاآليات املذكورةالعام الذي جرت فيه احملاورة، مبا جعل املتلقي يذعن هلا، " سياق احلال"استغل فيها معطيات

ويقتنع بالقوى اإلجنازية اإلمجالية املبتغاة؛ وهي كلها مستمدة مما ال ينطق عن اهلوى؛ فاألوىل تفيد ها ختدم القوة اإلجنازية وكل."طلب اإلحسان" والثالثة ،"طلب العفو" والثانية ،"كظم الغيظ"

.ذلكعلى واحلال يف كل ذلك يستدعي التدليل . وهي حصوله على العفو والعتق،النهائية

، حبذا "Searleسريل "بتصنيف " األفعال التعبريية"ولكن يف حال االعتذار، ويندرج ضمن فإن إتيان املعتذر من باب االحتجاج «: يف بعض املواقف، يقول ابن رشيقلو نتجنب التدليل

وإقامة الدليل خطأ، السيما مع امللوك وذوي السلطان، وحقه أن يلطف برهانه مدجما يف التضرع ويف ذلك إشارة إىل جتنب . 2»فأما مع اإلخوان فتلك طريقة أخرى... والدخول حتت عفو امللك

ذار مع ذوي السلطان، أما يف احلاالت العادية فإنه قد يتحقق بطريقة ضمنية التدليل يف االعتأعتذر فالطرقات يف هذه الصبيحة كانت أكثر : "وحجاجية؛ إذ كثريا ما نتأخر عن زمالئنا فنقول

.؛ بالتربير يف حتقيق الفعل اإلجنازي االعتذاري"ازدحاما

.2/60 ابن عبد ربه، العقد الفريد، 1 .2/176 ابن رشيق، العمدة، 2

257

اا ا : وا ل وق اا ا

للفعل الكالمي "املعىن"طبيعة -1 طبيعة فعل التأويل يف الفعل الكالمي-2 ومؤشراته آليات تأويل الفعل الكالمي-3

اآلليات اللغوية-أ اآلليات غري اللغوية-ب

االستلزام احلواري-أوال "Présuppositionاالفتراض املسبق "-ثانيا

ويليةوة اإلجنازية والكفاءة التأالق-4 الكفاءة اللسانية-أ

حالية-الكفاءة السياق-ب النية والقصد-أوال ني االعتبار من نوجه إليه الفعل الكالميخذ بعاأل-ثانيا املوضوع-ثالثا املكان والزمان-رابعا

الكفاءة املوسوعية-ج ةالكفاءة االستداللي-د

ة والقوة اإلجنازية غري املباشرةالقوة اإلجنازية املباشر-5

258

اا ا :ا ا وا ل وق ا

األساس الذي تقوم عليه عملية التخاطب بوجه عام، فدينامية اللغة " فعل التأويل"يعد مرهونة به، وقد أحس العلماء بقيمة ذلك وطرحوا أسئلة متنوعة حول طبيعة هذا الفعل، وهذا ما

حينما تساءل عن الكيفية اليت ميكن ا أن يكون اخلطاب " Paul Ricœur بول ريكور"نلحظه عندسواء أكان إجنازيا أو تقريريا، وسواء أكان فعل بيان شيء ما، أو أمرا أو طلبا أو رغبة أو وعدا أو حتذيرا أن ينقل أو يفهم؟ أو بعبارة دقيقة هل ميكن لنا أن ننقل الفعل الكالمي وكأنه فعل

1إجنازي؟

يغدو من أهم املقومات " الفعل الكالمي"ل اإلفاضة يف هذه األسئلة نشري إىل أن تأويل قبيقول . باعتبار أن الغاية هنا هي متكن املتلقي من إدراك القوة اإلجنازية املرادةعليها،اليت يقوم

سكون وعلى ذلك فإن إجناز قوة فعل الكالم يتضمن الوصول إضافة إىل«": Austinأوستني " .Uptake"«2"النفس واطمئناا إىل حسن الفهم وتصور الغرض

عندما أتكلم أحاول إيصال بعض األشياء إىل خماطيب بدعوته إىل «": Searleسريل "ويقول وأحتصل على األثر املنتظر عندما أدعوه إىل معرفة . التعرف على مقصدي من توصيل تلك األشياء

له، وعندما يتعرف خماطيب على املقصد املراد تتحقق النتيجة على غرضي من تقدمي هذا األثرألحد ما، حيث إن مقصدي " صباح اخلري"قد أوضح ذلك مبثال بسيط وهو قويل ... العموم

وهو تأكيد على طبيعة املقصد للفعل الكالمي الذي ال . 3»يتحقق عندما يعلم خماطيب أنين أحييه .حلريف للفعل القويل، ليتعلق أكثر باألثر التداويل للملفوظيبقى يف حدود املعىن ا

أن إدراك هذا التأويل ال يتوقف عند حدود الصيغة "أمحد املتوكل "ويف هذا السياق يذكر Vanيك افان د"د عليه الصورية فحسب؛ بل يتعدى ذلك لريتبط حباالت استعماهلا، وهذا ما أك

.46-45سعيد الغامني، ص. داخلطاب وفائض املعىن، ترمجة– ينظر نظرية التأويل 1 .147 أوستني، نظرية األفعال العامة، ص 2

3 Searle, Les actes de langage, P:83-84.

259

dijk "عال ال ميكن أن تالحظ أو تعرف أو توصف إال عن طريق تأويل حينما ذكر أن ضروب األف .1أحوال تنجيز الفعل

يالحظ يف كثري من األحوال أن معىن مجل «: ؛ إذ يقولأمحد املتوكلوهذا ما وضحه اللغات الطبيعية إذا روعي ارتباطها مبقامات إجنازها، ال ينحصر فيما تدل عليه صيغها الصورية من

ويعين هذا . إىل غري ذلك من الصيغ املعتمدة يف تصنيف اجلمل" نداء"و" ي"و" مرأ"و" استفهام"بالنسبة للوصف اللغوي أن التأويل الداليل الكايف جلمل اللغات الطبيعية يصبح متعذرا إذا اكتفي

فاالكتفاء بالتأليف اللغوي ال يكشف عن التأويل الدقيق له؛ إذ ال. 2»فيه مبعلومات الصيغة وحدهاككل، واليت تسهم بفعالية يف الكشف عن التأويل " سياق احلال"بد من اإلفادة من معطيات

.املقصود

بول "وهنا نشري إىل طبيعة القصد يف الفعل الكالمي، والذي يرتبط بالوقائع املشخصة، يقول ، وبالتايل هي أفعال مشخصة) اإلجنازية(فاألفعال التعبريية والتمريرية «": Paul Ricœur ريكور

جدت من أجله؛ أي التحديد وقائع حبيث إن القصد فيها ينطوي على قصد التعرف على ما ووكل ذلك يدعو إىل الوقوف على . 3»إخل..الفردي واإلسناد الكلي واحلكم واألمر والرغبة والوعد

.هذا القصد انطالقا مما ميليه سياق االستعمال الكالمي ككل

ليس من شك يف أن «ف املباشر واليسري على القصد املطلوب؛ إذ لكن هذا ال يعين الوقوالسبب الرئيس أن . بآخر من احتمال سوء فهم فعل خربي) إجنازي(احتمال خلط فعل متريري

لغوية متداخلة بالعالمات اللغوية، وهذه العوامل اليت تضم خلجات الوجه واإلمياء -الوقائع الال؛ ألنها ال تعتمد على وحدات منفصلة، وبالتايل فشفراا أكثر ونربة الصوت أصعب على التأويل

.4»مرونة ويسهل إخفاؤها وتلفيقها

.246 ينظر النص والسياق استقصاء البحث يف اخلطاب الداليل والتداويل، ص 1 .93 دراسات يف حنو اللغة العربية الوظيفي، ص 2 .47سعيد الغامني، ص.عىن، ترمجة داخلطاب وفائض امل– نظرية التأويل 3 .46اخلطاب وفائض املعىن، ص– نظرية التأويل 4

260

يقوم على كيفية فهو ،للفعل الكالمي املعين" التأويل املقصود"ومن هنا تتبدى إشكالية كما تساءل رواد نظرية األفعال–مضبوطة تقتضي تداعي جمموعة من الضوابط؛ ومنه قد نتساءل

كيف يتم إعطاء التأويل املقصود للفعل الكالمي املعين؟ مث يف حالة تضمني أو : ونقول-الكالميةاقتضاء قوة إجنازية غري مباشرة ما انطالقا من معطيات أخرى تقتضيها الصيغة اللغوية كيف يتم

الوصول إىل ذلك؟ وما طبيعة العالقة بني املعىن الصريح واملعىن املستلزم من القول؟

وأحسوا بقيمتها لتحقيق القوة ،لقد انتبه رواد نظرية األفعال الكالمية إىل هذه اإلشكالياتلديهم يف هذا السياق هو أن الوصول إىل أهم األسس اليت تأسستاإلجنازية املقصودة، ولعل

.املقصد املعين ال يقف عند الفعل القويل؛ بل يرن مبعطيات أخرى تسهم يف الكشف عن ذلك

1- ط"ا "ا :

أمهية خاصة يف نظرية األفعال الكالمية، ولكن عدت يف " الداللة"أو " املعىن"احتلت قضية استعصى على التداوليات الوقوف على « اليت واجهتها؛ فقد ياالوقت نفسه من أصعب القضا

جلوهري األول الذي أثارته فلسفة اللغة، هو السؤال ا" سؤال املعىن"و. 1»التمييز بني الداللة واملعىن ".طبيعة الفعل اإلجنازي"و" عالقة اللغة بالواقع"باإلضافة إىل تساؤهلا عن

كيف نصل من "سؤاال واحدا بعينه؛ وهو " Searleسريل "وتشكل هذه األسئلة حبسب يها العقل القصدية الصوت إىل منط الفعل اإلجنازي؟ وهو إشكال متعلق لديه بالكيفية اليت يفرض ف

ها املعاينعلى األصوات والعالمات، وبالتايل يبل . هر لديه مبدئيا أن املعىن هو خاصية حتووقد تقراملنطوقات اردة إىل أفعال إجنازية، واألفعال اإلجنازية ذات معىن بداللة خاصة جدا للكلمة، وهذا

.2الرتباط بالواقعالنمط من املعنوية هو الذي ميكن اللغة من ا

ويف هذا السياق انتقد ذلك الطرح الذي ربط داللة الكلمات مبعانيها احلرفية فحسب، .للجملة" Le sens littéralاملعىن احلريف "وعقد فصال لذلك شرح فيه أوال طبيعة

أمحد يوسف، سيميائيات التواصل وفعالية احلوار املفاهيم واآلليات، جامعة وهران، منـشورات خمتـرب الـسيميائيات وحتليـل . د 1

.104، ص1/2004اخلطابات، ط .205-204سعيد الغامني، ص.مجة د ينظر سريل، العقل واللغة واتمع، تر 2

261

السياق الفارغ "أو " Le contexte zéroالسياق الصفر " وهو املعىن الذي ينتمي إليها يف Le contexte nul" ده معاين الكلمات أو املورفيمات املتتالية، واليت نظمتها القواعدوحتد ،

التركيبية، واجلملة ذا التصور قد يكون هلا أكثر من معىن حريف، أو معناها احلريف فارغ "Défectueux ou initerprétable ."ز بدقة بني املعىن احلريف جلملة ما، وما وعليه ينبغي أن مني

؛ ألن معىن التلفظ عند املتكلم قد خيتلف مام عندما ينطق ا إلجناز فعل كالميتعنيه عند املتكلريد منه الداللة نثل لذلك بالقول االستعاري حيث قد منبطرق متنوعة عن املعىن احلريف للجملة، قد

ا ما نالحظه بصفة عامة يف وهذ.1العكسية اليت يقتضيها املعىن احلريف كما هو احلال يف التهكم .األفعال الكالمية غري املباشرة، حيث تفترق داللة التلفظ بطرق خمتلفة عن املعىن احلريف للجملة

Unحشو "هو " معىن حريف للجملة"يف تعبرينا " حريف"ن كلمة أ "Searleسريل "ويرى

pléonasme"،والداللة االستعارية، ؛ ألن أشكال الداللة األخرى من مثل الداللة التهكمية والدالالت يف األفعال الكالمية غري املباشرة ليست خصائص للجمل البتة؛ ولكنها خصائص

.2للمتكلم املتلفظ ا

ليتضح لديه كيف أن األفعال الكالمية ال تكتمل بالكلمات فحسب؛ بل باملتكلمني الذين .3يتلفظون ا

ظ بوجه عام بني طرفيه، ة من سياق التلفمستمدSearle "سريل "فداللة الفعل الكالمي عند نطالقا من وعليه ففهم القول من جهة املتلقي ملا يقوله املتكلم يرتبط بالوقوف على مقاصده ا

:؛ واليت تعمل وفق ما يليالتواصل املتداول بينها .فهم مجلة هو الوقوف على داللتها-1 .ن شروط استعماهلا والغرض من توظيفهاقة بالقواعد اليت تبيداللة اجلملة متعل-2 :منها التدليل انطالقا منتلفظ مجلة نريد -3 .الذي حيمل املتلقي على معرفة أن هناك مواقف حمددة لالستعمال حمددة بقواعد القصد-أ

ينظر السيد أمحد اهلامشي، جواهر البالغة، . وهو املعبر عنه يف البالغة العربية بتأكيد املدح مبا يشبه الذم، وتأكيد الذم مبا يشبه املدح 1

.278-277، ص1/2010القاهرة دار ابن اجلوزي، ط2 Voir John Searle, Sens et expression, P:167-168. 3 Voir John Searle, Les actes de langage, P:66.

262

.القصد يدعو املتلقي على معرفة ما جيب معرفته-ب .القصد احملدد هو أيضا حمدد بقواعد-ج

) أ( تؤمن واسطة معينة لتؤدي قصد املتكلم الذي يراعي املعطيات املبسوطة يف اجلملة-4 .1ويعرف املتلقي قصد املتكلم أيضا بالقواعد اليت تنتظم من خالهلا عناصر اجلملة). ج(و) ب(و

أن نقول : مبينا" Griceغرايس "إىل تصحيح حتليل " Searleسريل "وقد دعا هذا التوضيح ، يعين )ه يريد حرفيا ما يقولأي إن(لتحقيق قصد للداللة؛ ) ج(يتلفظ باجلملة ) ماملتكل) (م(إن :املتكلم تلفظ اجلملة وأن: أن

أن ) م(املتلقي ) يعرف، يخطر(م ، يقصد الغرض ليعل)ج(بتلفظه للجملة ) م(املتكلم -أنسمي هذا األثر (ت قد حتقق) أو بعض تلك القواعد) (ج(الوضعية املخصوصة بقواعد اجلملة

).ال.أ(األثر الالقويل " .مبعرفة قصد الداللة) ال.أ(ه إنشاء األثر الالقويل يقصد عرب تلفظ) م(-باليت تنتظم ) أو ببعض القواعد(ق مبوجب معرفة املتلقي بالقواعد يتحق) م(مقصد املتكلم -ج

.2من خالهلا العناصر اللسانية

الكالمية أن طبيعة الداللة اليت تقوم عليها القوة اإلجنازية ومنه اتضح لرواد نظرية األفعال معىن اجلملة «مستمدة من االستعمال، ولذلك ميزوا بني معىن اجلملة وداللة منطوق املتكلم، فـ

؛ أي معاين الكلمات وكيفيات تركيبها يف التأليف اللغوي 3»هو بالكامل مسألة أعراف اللغة .املعني

ألنك ال تستطيع أن تقول أي «فترتبط مبقصد ما ضمن حدود معينة؛ " مداللة املتكل"أما ومعىن ذلك أن هناك ضوابط تضبط كيفيات طرح املقصد يف . 4»شيء وتعين كل ما حيلو لك

.1ومن هنا تربز صعوبات االنتقال من معىن التلفظ احلريف إىل داللته املقصودة. الفعل القويل املعني

1 Voir John Searle, Les actes de langage, P:89. 2 Ibid, P:90-91.

.206سعيد الغامني، ص. سريل، العقل واللغة واتمع، ترمجة د 3 .206ص سريل، املصدر نفسه، 4

263

هي ال تنطوي على جمرد معىن «م، وأساسه منطويا على قصدية املتكلولكن يبقى املعىن يف وحني يؤدي املتكلم فعال كالميا ... لغوي تقليدي فحسب؛ بل على معىن يقصده املتكلم أيضا

وهنا إشارة دقيقة إىل طبيعة املعىن لالستعمال اللفظ يف . 2»فإنه يفرض قصديته على هذه الرموزم ال مبعناه املعجمي، وهو تفريق ، واليت تقتضي تقييد اللفظ بقصد املتكلنظرية األفعال الكالمية

.جوهري للمعىن يف الطرح الداليل ويف التناول التداويل

، "بني داللة اللفظ والداللة باللفظ"وقد دقق يف هذا التفريق علماء األصول حينما ميزوا فتقوم " الداللة باللفظ"ذي يفهمه السامع، أما تقتضي املعىن املتصور ال" داللة اللفظ"باعتبار أن

داللة اللفظ فهم السامع من كالم املتكلم «أن ) هـ684ت(وقد ذكر القرايف . على قصد املتكلموالداللة باللفظ هي استعمال اللفظ إما يف موضوعه وهو ... كمال املسمى أو جزأه أو الزمه

أن هذه صفة للمتكلم وألفاظه قائمة : ق بينهماوالفر. احلقيقة أو يف غري موضوعه وهو اازوهي إشارة إىل الكيفيات . 3»باللسان وقصبة الرئة، وتلك صفة للسامع وعلم أو ظن قائم بالقلب

اليت قد جينح إليها املتكلم يف تأليف كالمه، واليت قد يتجاوز ا الداللة الظاهرة لريبطها مبتعلقاا .املستمدة من االستعمال

حرمت ﴿: ، وقوله جل جالله4﴾حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم﴿: ذلك قوله تعاىلومن إن التحرمي والتحليل إنما «، فاملقصود ليس الذوات؛ بل 5﴾م ولحم اخلنزيردعليكم امليتة وال

هي حرام مبا هي : أن يقولالعريف ة ال ميكن حتسن إضافتهما لغة لألفعال دون األعيان؛ فذات امليتذات، بل فعل يتعلق ا، وهو املناسب هلا، كاألكل للميتة، والدم وحلم اخلرتير، والشرب للخمر،

6»واالستمتاع لألمهات ومن ذكر معهن.

.95، ص1/2009عبد القادر قنيين، الرباط دار األمان، ط.، ترمجة د)السيمانطيقا( ينظر راث كيمبسون، نظرية علم الداللة 1 .208 سريل، العقل واللغة واتمع، ص 2

، وينظر نفائس األصـول يف 28-26، ص2004 القرايف، شرح تنقيح الفصول يف اختصار احملصول يف األصول، بريوت دار الفكر 3خ علي حممد معوض والدكتور عبد الفتاح أبو سنه، مكة املكرمـة مكتبـة نـزار شرح احملصول،حتقيق الشيخ عادل عبد املوجود والشي

. 565ص/2ت، ج.مصطفى الباز، د ).23( النساء 4 ).3( املائدة 5 .377ص/1، ج2003 القرايف، الفروق، حتقيق عمر حسن القيام، بريوت مؤسسة الرسالة، 6

264

ليبقى أساس الفعل الكالمي ليس هو معرفة معاين الكلمات أو دالالت اجلمل فحسب؛ بل إجنازه أو دوره اإلجنازي " مقصد الفعل الكالمي"ويفهم حتت . ط األمر ههنا باملقصد املراديرتب

زيتسيسالف واورزنياك "كما يطرحه –وهو : واملتحقق، ومن هنا يطرح السؤال التايلد املقصوZ.Wawrzyniak"-ث إليهم مقاصد املتكلمني؟م املتحدفه1 كيف ي

ر من الضروري أن نسترجع ما قلناه حول وظيفة اللغة ضمن لكي نثري هذه اإلشكالية أكثهذه النظرية حبكم أن الفعل الكالمي هنا ينقل املعىن من الوظيفية التبليغية إىل الوظيفة اإلجنازية

؛ومعىن هذا أن فعل التأويل ال يبقى يف حدود الصيغة اللغوية. ف فيهانطالقا من املوقف الذي يوظالعالقات بني فعل القول ومقامه، وهذا ما ياق احلال الذي يكتنفه، وبربط بل يتسع ليشمل س

حه انطالقا من بيان طبيعة التأويل يف الفعل الكالمينوض.

2-ا ا وا ط:

األساس الذي يكشف من خالله عن القوة اإلجنازية، ويتأسس انطالقا " فعل التأويل"يعد دة هيمن مبادئ حمد:

.قيام الفعل الكالمي على حمتوى قضوي معني مقدما للفهم والتأويل-ارانه بفعل قويل معني، ومبقام ما يسهم مبعطياته يف إنتاجيته، وكل ذلك يعد مؤشرات -

.لتأمني فعل التأويل .قد ينبئ هذا احملتوى على املقصد مباشرة، وقد يومئ إليه وفق ضوابط استداللية معينة -

الفعل الكالمي؛ إذ يبتغي فيه املؤول الكشف ظل هذه املبادئ تتجلى طبيعة التأويل يف ويف . عن احملتوى القضوي الذي يقوم عليه انطالقا من مقدمات معينة يقتضيها القول والسياق معا

ول عليها إثر وضمن هذا الطرح جيب أن نشري إىل أنه ال تقبل الصيغة املنطقية اليت يتم احلصعملية التأويل اللغوي؛ فهذه الصيغة ليست قضوية متاما، ولكي تصبح كذلك ينبغي إخضاعها

.24حسن حبريى، ص مدخل إىل علم النص مشكالت بناء النص، ترمجة سعيد 1

265

وتدور هذه العمليات على ". عمليات إثراء الصيغة املنطقية"لعمليات تداولية يطلق عليها اسم : 1بابمسألتني أساسينت؛ لبس األقوال وإسناد املراجع، وميكن أن ينتج اللبس عن عدة أس

قد يكون معجميا باعتبار أنه قد يكون للكلمة الواحدة دالالت خمتلفة مما قد يتعدد -تطلق على مجعك وإياه صلب «اليت " أخي"؛ فقد تدل كلمة "هذا أخي"التأويل، فعندما نقول

رياضة النفس «؛ فاألدب يدل على "هذا أدب منك"، أو 2»والصديق... واحد أو بطن أو مها معاومجلة ما ينبغي لدى الصناعة أو الفن أن يتمسك به، كأدب . ليم والتهذيب على ما ينبغيبالتع

وكل ما أنتجه العقل اإلنساين من ضروب . واجلميل من النظم والنثر. القاضي وأدب الكاتبد التأويلي الناتج عن االلتباس املعجمي مما قد ال يشكل يف ومن هنا يظهر هذا التعد. 3»املعرفة .ملقصودضبط ا

هذا الشاعر "قد يكون تركيبيا؛ إذ ميكن أن يوافق القول الواحد مجال خمتلفة؛ فعندما نقول -، ويتكون اخلرب )املبتدأ" (هذا"خربا السم اإلشارة " الشاعر تأبط شرا"ميكن اعتبار «؛ إذ "تأبط شرا

اسم " تأبط شرا"يراد بـوميكن أال . الذي ورد اسم علم" تأبط شرا"وبدل ) الشاعر(من مبدل منه مفعوال به " شرا"؛ وهو فعل ماض فاعله مقدر، و"تأبط"العلم؛ إذ ورد مجلة صغرى تتركب من

فلدينا مجلتان خمتلفتان هلما داللتان ". هذا الشاعر"خربا ملبتدأ هو " تأبط شرا"حبيث يكون قولنا زين يف الوقت نفسه وحبسب املقتضى د بني تأويلني خمتلفني وجائفالتركيب اللغوي ترد. 4»خمتلفتان .من ذلك

، وله صلة باإلحالة اليت يقوم عليه القول املعني، ومن ذلك اإلحالة تداولياسبقد يكون الل- :5الضمريية يف قول معاوية بن مالك

إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا .على السماء أم النبات" رعيناه"ويلي يف الضمري يف بالتعدد التأ

.98-96 ينظر التداولية اليوم، ص 1 .1/39، )أخو( املعجم الوسيط، مادة 2 .1/39، )أدب( املصدر نفسه، مادة 3 .97 آن روبول وجاك موشالر، التداولية اليوم، ص 4 .265، ص1/2010 طالسيد أمحد اهلامشي، جواهر البالغة، القاهرة دار ابن اجلوزي للطبع والنشر والتوزيع،. ينظر د 5

266

قد يكون اللبس سياقيا؛ ويتحقق حبسب طبيعة املتلقي وثقافته ومرتلته، وهذا ما قد نلحظه -حكي عن احلجاج «اليت تعددت تأويالا حبسب متلقيها؛ إذ " حكاية احلجاج وصبيان الليل"يف

جده بعد العشاء ضرب عنقه، فطاف ليلة فوجد ثالثة أمر صاحب حراسته أن يطوف بالليل فمن ومن أنتم حىت خالفتم األمري؟ فقال : صبيان يتمايلون وعليهم أثر الشراب، فأحاط م وقال هلم

:األول اهماشهها وومزخ مني ما بهاب لق دانت الرنن مبا انأيه بتأتمغالرو اغهي صفة ر أيذ مخنال مهما ونم داه

:وقال الثاين. ه من أقارب أمري املؤمننيلعل: فأمسك عن قتله وقال ودعر قدره وإن نزلت يوما فسوف تهل الدزنا يي لذ النبا انأ

ترى النل أفواجا إاسى ضءوم فهار ننهقم ـوديام حوهلا وقع :وقال الثالث. لعله من أشراف العرب: فأمسك عن قتله وقال

الصفوف بعزمه وقومها بالسيف حىت استقامتاض الذي خنبا انأ ركاباه ال تنفك رجاله منهما إذا اخليل يف يوم الكريهة ولت

وهي كلها تأويالت أولية ناجتة عن . 1»ه من شجعان العرب لعل:فأمسك عن قتله وقالالعرف العام الذي تنتظم من خالله عالقات األمري برعيته حيث ال يطال األمر عند احلارس

.ههنا أقارب األمري وال أشراف العرب وال شجعام) العقاب املفروض(

جاج نفسه؛ وهذا خمالف ملا يقتضيه التأويل املقصود باعتبار أنه حينما وصل اخلرب إىل احلضح أن هناك مقاصد أخرى؛ فإذا األول ابنحجامانكشف حاهلم وات ،ال والثالث والثاين ابنفو

السياق الثقايف ملعطيات هذه يف احلسبانابن حائك، وهذا ما قد يفصح عنه التأويل لو أخذنا .املهن

.21، ص1/2000عبد اهللا إبراهيم، التلقي والسياق الثقايف، بريوت دار الكتاب اجلديد املتحدة، ط. د 1

267

ه بالغة بليغ فرد رد الداهية ال تفوته أو تتجاوز1ولكن احلجاج وهو رأس البالغة والبديهةفقال قولة فتحت تأويالت متنوعة، وباخلصوص لدى أعضاء جملسه؛ إذ ملا تعجب لفصاحة الصبيان

علموا أوالدكم األدب فواهللا لوال فصاحتهم لضربت : "قال لسه بفعل كالمي أمري تقريري :، مث أطلقهم وأنشد"أعناقهم

بس الننوده عمح ميكنبا يغدب أستكا شئت ونن ابن مـك 2يب أان كولق ينى مـت الفسيا لا ذنا أ هولق ينى مـتإن الف

فاحلجاج يف هذا السياق يوجه فعال كالميا إىل الس من جهة، فيؤولونه بتأويل سطحي أخرى فيؤولونه بتأويل آخر هم أدرى به باعتبار أنه يتشارك معهم أويل، ويتلقاه الصبيان من جهة

يف وضاعة النسب واالنتماء، فعهد إىل هذا الترميز القويل الذي ميكن ضبط مقاصده إال معرفة .السياق الثقايف الذي يكتنفه

فالسياق الثقايف واالجتماعي للصبيان واحلجاج من جهة خيتلف عن السياق الثقايف للحارس كما –والس من جهة أخرى، وكل ذلك فتح ونوع كيفيات التأويل مما يعين أن قوانني التأويل

. ختتلف من حال إىل آخر ويف اتمع الواحد-الحظنا مع قوانني التفاعل أيضا

ومن خالل أشكال هذه التأويالت طبيعة التأويل اليت تبين كيف أن القوة اإلجنازية يف مجل ومنه . يعية قد تتعدد وتتنوع مبا قد يفتح أشكال اللبس والغموض يف تقصي املقصوداللغة الطب

هناك معىن للمنطوق، ومعىن آخر للناطق، وهناك معىن نالحظ أن فعل التأويل قد يتعدد باعتبار أن .3)أو ال خيضع للزمن(يف مناسبة، وهناك معىن خالد

ل الذي حيقق النجاح يف الفعل الكالمي؟ وإن ومنه قد نتساءل ونقول كيف يتم تأويل األقوادت التأويالت أيها املقصود؟ وما الضوابط اليت حتكم ذلك؟ وهنا نشري إىل أن تأويل الفعل تعد

وذكر صاحل بن سليمان عن عتبة بن عمر بن عبد الرمحن بـن «: وهذه الشهادة تداولتها املصادر القدمية، وقد أشار إليها اجلاحظ قال 1

عقوهلما كانت اج بن يوسف وإياس بن معاوية، فإن الناس إال قريبا بعضها من بعض، إال ما كان من احلج احلارث قال ما رأيت عقول .301و 1/100البيان والتبيني، . »ترجح على عقول الناس كثريا

.22عبد اهللا إبراهيم، التلقي والسياق الثقايف، ص. ينظر د 2، 2005فة بول جرايس، القاهرة الدار املصرية السعودية للطباعة والنـشر والتوزيـع، صالح إمساعيل، نظرية املعىن يف فلس. ينظر د 3 .43ص

268

رات تسهم يف خلق الفعالية من أجل ضبط وانطالقا من مؤش،الكالمي ال يتم إال وفق آليات معينة .القوة اإلجنازية املقصودة

3-و تآاو ا ا :

قضية الكشف عن اآلليات اليت تسهم يف حتقيق القوة اإلجنازية من أهم اإلشكاليات تعد من و. قرحية التداوليني من أجل طرح الكيفيات اليت تؤطر الفعل التأويلي-ومازالت–اليت أثارت

كل اللفظي وتوسيعه ليشمل هذا السياق هو عدم االكتفاء بالشيف بني الضوابط اليت ضبطوهامالبسات سياق احلال ككل، باعتبار أن الفعل الكالمي ال ميكن أن جيري على صيغة واحدة من

.جهة، وال ميكن عزله عن سياقات استعماله من جهة أخرى

نتظم انطالقا من عبارات األفعال الكالمية تإىل أن " Austinأوستني "ويف هذا السياق يشري فنحن نستطيع أن نصيغ اإلنشاء دون استخدام ألفاظ«: يقولحية فيه أو غري صرحية،مشعرة به صر

: مشعرة باملقصود صرحية فيه؛ ومن ذلك

" ثور خطري"، وبدل "منعرج"قد نستغين عنه لضيق املقام " خطري منعرج "أنه بدال من )1 ".ثور"نكتفي بكتابة

ويف مكان " يراد منك"ن جند عبارة ميكن أ" قد أمرت بكذا"كما أنه يف مكان عبارة )2 ).I shall...سيكون من (جيوز االعتماد بدون التصريح على جزء العبارة ..." أعد بأن"

وقد نصادف ألفاظا صرحية مشعره باملقصود، مستوعبة للمراد، دون أن تكون العبارة )ب :املتلفظ ا إنشائية، ومن ذلك

وكذلك ."ينبغي تغيري"ت قد يصرح متفرج قائال إنه يف لعبة من ألعاب الكرة كالكريكي)1أو بصريح العبارة " خارج عن شرط اللعب" أو أنه ،"ه خمالفإن ":وباملثل قد جيوز أن نتلفظ بعبارة

ظ ذه ه ال حق يل يف أتلف ألن؛، ولكن كالمي هذا ال أثر له"إنه خمالف خارج عن شرط اللعب" .األحكام

269

Youتأذن "وكذلك " You promisedوعدت " "Locutions"ويف مثل هذا الكالم ) 2

authorize "ذا اللفظ اإلنشاء؛ ألن ه يقع1»ه ليس مستعمالوغريها؛ فإن .

ويف كل ذلك إشارة إىل أن اإلجنازيات قد ال تقع بصريح الفعل الذي يدل عليها؛ بل قد Wilsonولسون "ب مقاربة ر يف رحاث أكطرح هذا الويتضح. تتم بأشكال تعبريية غري مباشرة

؛ إذ يؤكدان أن التأويل اللساين املعتمد على املنظومة اللسانية، والذي يكشف "Sperberوسرببر عن الصيغة املنطقية للقول، ال يكفي لتحديد ما يقال، فطبيعة الفعل الكالمي التداولية جتعله

وهذا ما أفضى ما . حتديد املراديتجاوزه؛ إذ ينبغي إثراؤه بوساطة عمليات تداولية للتوصل إىل : إىل التمييز بني

للقول وهو ما نتمكن منه يف اية عملية التأويل احلاصلة بوساطة " الصيغة املنطقية"- .املنظومة اللسانية

؛ وهو ما نتمكن منه يف اية العملية التأويلية التداولية اخلاصة بإثراء "الشكل القضوي"- .2الصيغة املنطقية

قد . ، وما ميكن تبليغه بصيغة ضمنية)التنصيص(و متييز يف أساسه بني ما يتم تبليغه نصا وهقد يطلب األب من ابنه وهو يغادر البيت صباحا بارتداء معطفه، فيجيب : منثل لذلك باحلالة التالية

ة للقول، ؛ إذ هناك فرق بني التأويل اللساين الذي متليه الصيغة املنطقي"ال أشعر بالربد"االبن .والتأويل التداويل الذي يقتضيه احلال وهو رفض ارتداء املعطف

على وجه " سياق احلال"ويف هذا السياق أشار دارسونا إىل دور السياق ككل ومعطيات اخلصوص يف الوصول إىل املقاصد الكامنة وراء الصياغات اللغوية باعتبار أن االعتماد على العبارة

: عملية إدراكية ال متكن املؤول من إصابة التأويل املبتغى، يقول املتوكلاللغوية وحدها يف أيةيالحظ يف كثري من األحوال أن معىن مجل اللغات الطبيعية إذا روعي ارتباطها ملقامات إجنازها ال «

إىل غري ذلك من " نداء"و" ي"و" أمر"و" استفهام"ينحصر فيما تدل عليه صيغها الصورية من

.81-80 أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة، ص 1 .100-99 ينظر آن روبول وجاك موشالر، التداولية اليوم، ص 2

270

ويعين هذا، بالنسبة للوصف اللغوي، أن التأويل الداليل الكايف . ملعتمدة يف تصنيف اجلملالصيغ ا .1»جلمل اللغات الطبيعية يصبح متعذرا إذا اكتفي فيه مبعلومات الصيغة وحدها

ن مبؤشفكل هذه الدالالت ال ترتبط بصيغتها فحسب؛ بل ترني على ضبط عرات أخرى تح ذلك من خالل ما يليقواها اإلجنازية، نوض:

:ات ا-أ

ألن اإلفصاح عنها هو الذي ؛وتشمل الصيغ اللغوية املوضوعة للداللة على إجنازيات معينةإىل أن تأدية القوة اإلجنازية املعينة " Austinأوستني "أشار هنا وقد . يفضي إىل حتقيق ما تقوم عليه

. 2فهم له، وأي فعل مفعول يقصدامللتأدية الفعل و" مفيدقول"م أن يفصح عن تستدعي من املتكل، 3وهذا ما دعاه يف حماضرته األخرية إىل حماولة ضبط قائمة الصيغ اللغوية اليت حتدد اإلجنازية املعينة

".هو أن تفعل كذا... أن تقول كذا"وهي مؤسسه دائما على مقولة

هلـا صـيغها "Verdictifsكميات احل"فـفلكل فعل إجنازي صيغة لغوية صرحية تقتضيه؛ الـسلوكيات "و "Promissifsالوعديات "، و "Exercitifsاألمريات "وكذلك احلال مع ،اخلاصة

Comportatifs"التبيينيات "، وExpositifs"ق الفعل اإلجنازي املراد؛ إذ لكل صنف ألفاظ حتق.

الصيغ اللفظية الصرحية يتأسس من -مثال–والتأويل الكالمي ينطلق من ذلك؛ فمعرفة األمر :اليت تدل عليه، وهي

.صيغة فعل األمر- .4﴾وبالوالدين إحسانا ﴿: املصدر الدال عليه، كقوله تعاىل-

.93أمحد املتوكل، دراسات يف حنو اللغة العربية الوظيفي، ص. د 1 .95ستني، نظرية األفعال العامة، صأو ينظر 2

والحظ أنه عمل متواصل وشاق، والحظنا أنه مما أشكل عليه هو طبيعة التصنيف هنا، هل يقدم تصنيفا لألفعال الكالمية انطالقا من 3 .185أوستني، نظرية األفعال العامة، صينظر . صيغها اللغوية أم من قواها اإلجنازية

).83( سورة البقرة 4

271

، وقوله جـل 1﴾فتحرير رقبة ﴿: املصدر اعول جزاء الشرط حبرف الفاء، كقوله تعاىل - .2﴾فضرب الرقاب﴿: جالله

".أنت مأمور باخلروج"ل عليه مباشرة، مثل االسم الدا- .الفعل املضارع املسبوق بالم األمر- ".دونك"اسم الفعل الدال عليه مثل - .ألفاظ خمصوصة هلا داللة على الوجوب مثل ينبغي، جيب، البد من-: صيغ اإلخبار الصادرة عن مرسل ذي سلطة، من مثل ما قد يقدمه األستاذ لطلبته فيقول -

".ب الراسبون ينتظرون يف القاعة والراسبون خيرجونالطال" .3﴾كتب عليكم الصيام ﴿: الصيغ الصرفية مثل الفعل املبين للمجهول، مثل- ".إىل املسجد"شبه اجلملة؛ كأن يكون موعد صالة معينة فيقول األب البنه -

ز أكثر من الدالالت اليت يفيدها الفعل القويل ككل، ب مث يتعز رات غري اللغويـة اقي املؤش . . وكذلك احلال مع خمتلف القوى اإلجنازية، واليت تقوم على صيغ لغوية خاصة

وهذه الصيغ هي اليت تشكل ما يسمى بالصيغ املباشرة للقول، أو ما يسميه علماء األصول .4بعبارة النص

يها حبسب مستلزمات وهنا نشري إىل أن الصيغة الواحدة يف حد ذاا قد تتعدد معانصيغة األمر قد تدل على كثري من املعاين والوجوه؛ «": Austinأوستني "االستعمال؛ يقول

اذهب (كالوجوب واإلباحة والندب والطلب والتهديد واإلرشاد والدعاء والنداء واإلنذار .." .وليكن كذا"، وقد تنقل هذه الصيغة فتدل على الشرط أو التعارض أو التعريف )وستعلم

).92( سورة النساء 1 ).4( سورة حممد 2 ).183( سورة البقرة 3

داللة العبارة، وداللة واإلشارة، وداللة الـنص وداللـة : قسم علماء األصول طرق داللة األلفاظ على األحكام إىل أربعة أقسام هي 4داللة املنطـوق : اللة اللفظ على املعىن إىل قسمني أساسيني أما املتكلمون فتنقسم لديهم د . االقتضاء، وهذا التقسيم يشيع عند األحناف

حممـد إبـراهيم . ينظر حسني علي جفتجي، طرق داللة األلفاظ على األحكام املتفق عليها عند األصوليني، إشراف د . وداللة املفهوم .31-30، ص1981اخلضراوي، رسالة ماجستري، جامعة امللك عبد العزيز،

272

كان كالمك هذا حمتمال للهبة " خذه"ولو أنك سلمت شيئا إىل أحد من الناس قائال له . وغريها .1»...والعارية واإلجارة والوديعة

ترد لستة عشر " افعل"هذا التنوع يف القوة اإلجنازية؛ فصيغة إىل و قد أشار علماء األصول :2معىن

.3﴾يموا الصلاةوأق﴿: قوله تعاىل مثل:األول لإلجياب- والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم ﴿: كقوله جل جاللهالثاين للندب-

.4﴾فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا .5﴾واستشهدوا شهيدين من رجالكم﴿ : كقوله تعاىلالثالث اإلرشاد- .6﴾كلوا من طيبات ما رزقناكم﴿ : مثل قوله جل جاللهباحةالرابع اإل-

قوله و.7﴾اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصري﴿ : كقوله تبارك وتعاىلاخلامس التهديد .8﴾ مصريكم إلى الناروجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن﴿ :تعاىل

.9﴾وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا﴿ : كقوله تعاىلالسادس االمتنان- .10﴾ادخلوها بسلام آمنني﴿ :، قال جل جاللهالسابع اإلكرام- .11﴾اسئنيفقلنا لهم كونوا قردة خ﴿ : كقوله جل وعالالثامن التسخري-

.103-102ل الكالم العامة، ص أوستني، نظرية أفعا 1ويـذكر الزركـشي أن . 2/245، )ت.د( األسنوي، اية السول يف شرح منهاج األصول للقاضي البيضاوي، بريوت عامل الكتب 2ط وأقسام األوامر كثرية ال تكـاد تنـضب "، قدمها ودعمها بأمثلة من القرآن الكرمي، إىل أن قال "ترد لنيف وثالثني معىن " افعل"صيغة "

.2/357ينظر البحر احمليط يف أصول الفقه، ". كثرة، وكلها تعرف مبخارج الكالم وسياقه، وبالدالئل اليت يقوم عليها ).56( النور 3 )33( النور 4 ).282( البقرة 5 ).57( البقرة 6 ).40( فصلت 7 ).30( إبراهيم 8 ).88( املائدة 9

).46( احلجر 10 ).65( البقرة 11

273

وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة ﴿ : مثل قوله تعاىلالتاسع التعجيز- .1﴾من مثله

.2﴾ذق إنك أنت العزيز الكرمي﴿ : كقوله تعاىلالعاشر اإلهانة-صبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما فا﴿ : كقوله جل جاللهاحلادي عشر التسوية-

.3﴾تجزون ما كنتم تعملونقال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في ﴿ : مثل قوله تعاىلالثاين عشر الدعاء-تكمح4﴾ر.

- اجنليأال أيها الليل الطويل أال–: كقول الشاعرالثالث عشر التمين-قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه ﴿: كقوله تعاىلالرابع عن عشر االحتقار-

.5﴾من سحرهم أنها تسعى .6﴾وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون﴿ : كقوله تعاىلاخلامس عشر التكوين- ."اصنع ما شئت" مثللسادس عشر اخلربا-

وكل هذه الدالالت مستمدة من االستعمال ومكوناته، مما يستدعي من مؤول الفعل .الكالمي اإلملام ا

وباإلضافة إىل الصيغ اللغوية الصرحية هناك مؤشرات لغوية تسهم يف حتديد التأويل اإلجنازي ، القوة اإلجنازية املقصودة من هذا األمـر 7﴾ بسلام آمننيدخلوهاا﴿: املقصود؛ يف مثل قوله تعاىل

.يدل على ذلك" بسالم آمنني"، واملؤشر "اإلكرام"هي

).23(بقرة ال 1 ).4916( الدخان 2 ).16(الطور 3 ).151(األعراف 4 ).66( طه 5 ).47(وآل عمران ) 117(البقرة 6 ).46( سورة احلجر 7

274

واملرتبطة يف أساسها مبا يشيع فيها، نوضح ذلك ،وتضبط هذه املؤشرات استعماالت اللغة :من خالل ما يلي

ظ القويل من باب ضبطه وحتديد وجهته؛ لفشيوع بعض املفردات الصيغية واستعماهلا يف الت-من "، و..."بالتأكيد"، و..."البد من"، ..."ينبغي عليك: "فقد يشيع يف عربيتنا مثال استعمال

تسمى هذه «و. وغريها من العبارات اليت تعين القوة اإلجنازية وحتددها..." حتما"و..." املمكن". مؤشرات اإلجناز"أو " مؤشرات منط الفعل الكالمي"الوسائل اللغوية املؤشرة إىل الفعل وغريها

ولذا تكون على سبيل املثال أدوات .حكمةة مبل املؤشرات اللغوية يف الغالب عالقات غ بنيوتقوماملسماة الدور (حسما من النمط املتحقق للجملة بالنسبة للوظيفة التواصلية ملنطوق مامعينة أكثر

فعالية هذه الصيغ يف التأويل من االختالف يف تأويل الفعل اإلجنازي الوعدي نونبي. 1»)اإلجنازي :يف األمثلة التالية

."سأحضر غدا"- ."سأحضر غدا حتما"- ."من املمكن أن أحضر غدا"-ظ رات الوظيفية اليت قد تستعمل يف التلفويقصد ا تلك املؤش : الوظيفيةاألدواتاستعمال -

:دة يف اللغة العربية، وهذا ما ميكن اكتشافه يف قولناازية، وهي متعدلتقييد القوة اإلجن-"لتحقيق األمر مباشرة" النافذةأغلق. .، الرجاء"أال أغلقت النافذة"- .االلتماس" هل ميكن أن تغلق النافذة؟"-

فاالختالف التأويلي ضمن هذه االستعماالت راجع إىل اختالف وظائف األدوات املستعملة .افيه

، وأشاروا إىل أمهيتها يف 2وقد الحظ علماؤنا قيمة هذه املؤشرات يف حتقيق مقاصد الكالمباب يف نقض األوضاع إذا ضامها "ضبط القوة اإلجنازية للقول ومن ذلك ما يذكره ابن جين يف

.116 كالوس برينكر، التحليل اللغوي للنص، ص 1فاضـل، بـريوت دار الكتـب العلميـة، ينظر يف ذلك املرادي، اجلىن الداين يف حروف املعاين، حتقيق فخر الدين قباوة وحممد ندمي 2 .19، ص1/1992ط

275

ي ومن ذلك لفظ الواجب إذا حلقته مهزة التقرير عاد نفيا، وإذا حلقت لفظ النف«؛ "طارئ عليها ن﴿آاهللا آذ؛ أي ما قلت هلم، وقوله نت قلت للناس﴾أ﴿أعاد إجيابا، وذلك كقول اهللا سبحانه

﴾وأما دخوهلا على النفي فكقوله عز وجل . ؛ أي مل يأذن لكملكم﴾بكمت برأي أنا ؛﴿ألس : كذلك، وقول جرير

*-ألستم خري من ركب املطايا-*كان اإلنكار كذلك ألن منكر الشيء إمنا غرضه أن حييله إىل عكسه ماأي أنتم كذلك، وإن

.1»وضده، فلذلك استحال به اإلجياب نفيا، والنفي إجياب

ومنه نالحظ أمهية حروف املعاين يف حتقيق األفعال اإلجنازية املرادة، واليت تقتضي من املؤول .مراعاا حبسب تداعيات السياق الذي تستعمل فيه

: اات-ب

وتشمل خمتلف العمليات االستداللية اليت قد يوظفها املؤول لتحقيق الفعل اإلجنازي عرفة امل وال تغين. املقصود، وهي تقوم على ربط القول مبستدعيات املوقف العام الذي يقوم عليه

ن مدار األمر ينصب أنظمتها املعروفة املتلقي يف معرفة قصد املتكلم مبعزل عن السياق؛ ألواللغة ب معرفة على ماذا يعين املتكلم بقوله ال ماذا تعنيه اللغة، حىت لو كان كالما واضحا يف لغته؛ ألن

.2قصد املتكلم هو الفارق يف بيان معناه

غرايس "ص وقد خصGrice " حيزا واسعا للظواهر االستداللية بعدما أن أمهلها منظروارتكز بدرجة كبرية على إمكانيتني مل ينصفهما هؤالء األفعال الكالمية، وفضال عن ذلك

القدرة وبين أن. القدرة على اكتساب حاالت ذهنية، والقدرة على نسبتها إىل اآلخرين: املنظرون

.3/269 اخلصائص، 1

2 Voir Sperber et Wilson, La pertinence communication et cognition, paris éditions de minuit 1989, P:56.

276

ولذلك . 1على تأويل األقوال بكيفية تامة ومرضية رهن اتني القدرتني، وخصوصا بالقدرة الثانية .م هو منوال استداليل مضبوط بقواعد احملادثةفاملنوال الذي طرحه لفعل الفه

عن نسق االستدالل " Griceغرايس "وختتلف طبيعة االستدالل التداويل الذي طرحه املنطقي الذي تولى املنطق األرسطي استخراجه وبيانه ضمن صيغه الرياضية الربهانية اخلالصة؛ إنه

ول من جهة، ومن عالقاته بكل معطيات ة من القاستدالل قائم على توظيف فرضيات مستمدعملية منطقية لربط " Philippe blanchet فيليب بالنشيه"وهو كما يرى . احلال من جهة أخرى

هو أن حنسب " أن نستدل. "املعطيات امللفوظة والسياقية واحملادثية والتداولية من أجل إنشاء الداللةقع مفهوم االستدالل أساسا من جهة املتقبل غري وي... وأن نستنتج انطالقا من عناصر دالة متعددة

ليس جمرد تفكيك وال هو منبت عن الباث مبا أن الداللة هي حصيلة تلفظ ) أي االستدالل(أنه وميكن لنا أن نوضح طبيعة االستدالل التداويل من خالل صنفني أساسيني . 2»مشترك يف السياق

Implicatures االستلزام احلواري" المية؛ ومهااعتىن بتوضيحهما رواد نظرية األفعال الك

conversationnelles "االفتراض السابق "وPrésupposition."

اري-أوا اا :

قصد؛ قال وما ي، حماوال التفريق بني ما يGrice"غرايس "ه االستدالليةئصاغ مبادوقد طالقا من العمل التأويلي الذي يقوم به والرابط بينهما تؤمنه إجراءات االستلزام احلواري ان

Implicatures conventionnellesاستلزام عريف "والحظ أن مثة نوعان من االستلزام؛ . 3املؤول؛ فاألول يتعلق بالدالالت اليت تستمد "Implicatures conversationnellesاستلزام حواري "و"

غري بتغري احلاالت واألقوال واألحوال؛ ومن من معاين الكلمات وشكل تواليها يف اجلمل، وال تتيف العربية اليت تستلزم دوما أن يكون ما بعدها خمالفا ملا يتوقعه السامع، ومنه " لكن"ذلك اللفظ

هم لهم لكن الذين اتقوا رب.أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار﴿: قوله تعاىل

.52 التداولية اليوم، ص 1 .153 التداولية من أوستني إىل غوفمان، ص 2

ينظـر . يعد من أهم اإلشكاالت اليت تستدعي من نظرية اللغوية معاجلتـها " االستلزام اخلطايب " أند املتوكل إىلويشري الدكتور أمح 3 .93دراسات يف حنو اللغة العربية الوظيفي، ص

277

وصف حلال الكفار يف النار، أما ما بعدها فهو ذكر ملقام " لكن"فما قبل ؛1﴾غرف من فوقهاأما االستلزام احلواري فهو . 2املؤمنني، وناسب االستدراك هنا إذ هو واقع بني الكافرين واملؤمنني

ال يكتفى فيه بالداللة الوضعية اليت تقوم ؛ ف3مفهوم تداويل يتغير بتغري أحوال إنتاج العبارة اللغوية .4عليها العبارة؛ بل يتعلق باملواقف اليت تسهم يف حتديد ما يقصد

التفريق بني مستدعيات هذين الصنفني بالكشف عن خصائصهما " Griceغرايس "وحاول :5حول طبيعة الداللة املستنبطة، فوضحها انطالقا مما يلي

االستلزام احلواريImplicatures conversationnelles"

االستلزام العريف

Implicatures conventionnelles "

"Calculablesحسايب "- "Annulablesميكن إلغاؤها "- "Non détachablesغري ارتباطي "- " Non conventionnellesغري عريف - Dépendantes deارتباطه بالتلفظ "-

l'énonciation" "Indéterminéesغري منته "-

"Non calculablesغري حسايب "- "Non annulablesال ميكن إلغاؤها "- "Détachablesارتباطي "- "Conventionnelleعريف "- Indépendantes deإقصاء التلفظ "-

l'énonciation" "Déterminéesمنته "-

ل الوصول إىل تشري إىل أن االستلزام يقوم على خطوات حمسوبة من أجفاخلاصية األوىلصلى اهللا عليه "التأويل املالئم للفعل القويل؛ وقد منثل لذلك بقول ابن الزبعرى وهو يعتذر للنيب

:6ويستعطفه" وسلم

).20-19( سورة الزمر 1 .7/405، تفسري البحر احمليط، )هـ745ت( ينظر أبو حيان األندلسي 2

3 Voir Jacques Moechler et Anne Reboul, dictionnaire encyclopédique de pragmatique, P: 252.

.129، ص1/2005أمحد الصمعي، بريوت املنظمة العربية للترمجة، ط. ينظر أمربتو إيكو، السيميائية وفلسفة اللغة، ترمجة د 45 Voir Jacques Moechler et Anne Reboul, dictionnaire encyclopédique de pragmatique, P:255.

.464 ينظر العسكري، الصناعتني، ص 6

278

فضيلة عن ذنوب قد خلت واقبل تضرع مستضيف تائبفخذ ال

" صلى اهللا عليه وسلم"ر خياطب الرسول عاحيث ندرك يف عملية تأويلية متصاعدة أن الشه إىل ما هو ه موج ألن؛ الفعل الكالمي ليس أمرامن باب االعتذار واالستعطاف؛ ومعىن هذا أن

حتقيق ذلك يستدعي توظيف األلفاظ والعبارات اليت تؤكد القوة اإلجنازية املطلوبة أعلى، مث إنستضيف أن يضاف، وإذا أضيف فمن حقه أن من حق امل«؛ و"مستضيفا"لذلك جعل الشاعر نفسه

وجعل العفو عنه مع هذه األحوال فضيلة، فجمع يف هذا البيت مجيع ما حيتاج إليه يف ... يصان .1»طلب العفو

حضور قول آخر حيول دون فتقتضي إمكانية إلغاء االستلزام يف ظلاخلاصية الثانيةأما كنت عند «: ل لذلك مبا رواه األصمعي إذ قالقد منثو حصول استلزام آخر؛بالتايل حتقيقه و

:الرشيد إذ دخل عليه إسحاق بن إبراهيم املوصلي فأنشده وآمرة بالبخل قلت لها اقصري فليس إلى ما تأمرين سبيل

يلفعالي فعال املكثرين تجمال ومالي كما قد تعلمني قل فكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ورأي أمري املؤمنني مجيل

يا غالم ! ما أحسن أصوهلا وأبين فصوهلا، وأقل فضولها! هللا در أبيات تأتنا ا: فقال الرشيدك واهللا يا ألن كالم: ولم؟ قال: قال! واهللا ال أخذت منها درمها واحدا: قال. عشرين ألفاهطعأ

ه أصيد فعلمت واهللا أن: قال األصمعي. أعطوه أربعني ألفا: قال! أمري املؤمنني خري من شعري .2»لدراهم امللوك مين

ل لالستلزام الذي حتيل عليه األفعال الكالمية يف هذه األبيات تفيد كيف أن االستلزام فاملتأمحيول دون حتقيقه االستلزام املستنتج من البيت " لها اقصريوآمرة بالبخل قلت: "املبسوط يف قوله

عطاء األمريه لن يكون خبيال ومقصرا يف ظلاآلخري الذي يدل أن ."

.464، صصناعتني العسكري، ال 1 .1/217، )ت.د(مفيد قميحة، بريوت دار الكتب العلمية، . ابن عبد ربه، العقد الفريد، حتقيق د 2

279

واهللا ما "وكذلك يف احلوار الذي مت بني الشاعر واخلليفة الرشيد؛ فاملستلزم من الكالم األول ألن "أخذ املال؛ وهذا ما استلزمه القول املوايل ليس معناه أنه يرفض ! أخذت منها درمها واحدا

،، وقد قبل الشاعر األربعني"أعطوه أربعني: قال! كالمك واهللا يا أمري املؤمنني خري من شعري ".فعلمت واهللا أنه أصيد لدراهم امللوك مين"وهذا ما استلزمه قول األصمعي

وإال صار امللفوظ متناقضا وغري وهذا على عكس االستلزام الوضعي حيث ال ميكن إلغاؤه .1مقبول

عدم انفصال االستلزام عن احملتوى الداليل ملا يقال فال اخلاصية الثالثةحني تقتضي يف ينقطع حىت ولو استبدل بالكلمة أو العبارة ترادفه؛ وهي خاصية متيز االستلزام احلواري عن غريه

ح ذلك من خالل نوضPrésupposition"، ابق االفتراض الس"من أنواع االستدالل التداويل كـ : بني أخويناحلوار التايل

.ال أريدك أن تتسلل إىل غرفيت على هذا النحو- .أنا ال أتسلل ولكن أمشي على أطراف أصابعي خشية أن أحدث ضوضاء-

فعلى الرغم من تغير الصياغة بني القولني فإن االستلزام احلواري القاضي بعدم الرضا عن .2ذا السلوك ما يزال قائماه

االستلزام أما، فتفيد أن االستلزام العريف خاضع للتواضع واالتفاقاخلاصية الرابعةأما إذ يرتبط بالسياقات اليت قد حتتضنه، ولذا ال يكتفي بالداللة التواضعية ؛ فيخرج عن ذلكاحلواري

ازية، واليت تربط كما توضحه فحسب؛ بل يأخذ مبا ميليه االستعمال ككل يف ضبط القوة اإلجن . بالتلفظاخلاصية اخلامسة

إىل أن االستلزام يتغير بتغير السياقات اليت قد يتردد فيها اخلاصية السادسة يف حني تشري : التعبري الواحد؛ فقد نسأل تلميذا الحظنا عليه عالمات اجلد، وقد جنح يف االمتحان، ونقول له

زعر خمتـار، جامعـة مـستغامن، ينظر اهلواري بلقندوز، حتليل اخلطاب يف ضوء الدرس األصويل، رسالة ماجستري إشراف الدكتور ل 1

.96، ص2009 .39حممود أمحد حنلة، آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر، ص. ينظر د 2

280

نا يستلزم عنه التشجيع والرضا عليه، لكن األمر خيتلف لو سألنا تلميذا كم عمرك؟ فالعلم بالعمر هآخر كثري الشغب، وتبدو عليه املالمح أنه كبريا يف السن، فيستلزم العلم بالسن يف هذا احلال مؤاخذته ولومه كونه كبري يف السن ويقوم ذه السلوكات غري املرضية، واألمر خيتلف كذلك لو

ال نفسه تبدو عليه مالمح التعب فيستلزم العلم بالسن يف هذا احلال هو التشجيع سألنا شيخا السؤويف كل ذلك إشارة جلية إىل تنوع أشكال االستلزام حبسب احلال الذي . وحىت اإلعجاب

فاملفهوم الذي قد يعرب عليه هذا القول عام يبقى يف حاجة ماسة إىل . يستعمل فيه القول الواحد .معني حىت تتعني قوته اإلجنازيةضرورة ربطه بسياق

" مبدأ التعاون"مستمد من قواعد " Griceغرايس "ومصدر االستلزام احلواري كما يرى ل اليقظ إىل البحث عن القوة اإلجنازية املقصودة؛ وقد اليت قدمناها من قبل، ألن خرقها يدعو املؤو

الله يهدي للحق أفمن من يهدي إلى الحق قل قل هل من شركائكم﴿: منثل لذلك بقوله تعاىلقأح قدي إلى الحهيهلا ي نأم عبتون أن يكمحت فكي ا لكمى فمدهي إلا أن يحيث 1﴾د ،

وميكن . م من شركاء من يهدي إىل احلقأنه ليس هل " قل الله يهدي للحق"يستلزم اجلواب يف :متثيلها فيما يلي

من ال يهدي للحق ليس له احلق أن يتبع من يهدي للحق أحق أن يتبع املشركون ال يهدون للحق اهللا يهدي إىل احلق

إذن ليس هلم احلق ألن يتبعوا إذن فاهللا أحق أن يتبع

روع السكاكي حول هذه الظاهرة توصل ويف مقاربة علمية دقيقة قدمها أمحد املتوكل ملشعلى أساس أنها تتولد عن خرق ألحد " االستلزام احلواري"إىل أن صاحب املفتاح حلل ظاهرة

.2شروط إجراء معاين الطلب اخلمسة إثر إجراء هذه املعاين يف مقامات غري مطابقة

التمين، : اكي وهيولتوضيح ذلك ننطلق من معاين الطلب األصلية اليت أشار إليها السك، وبعد ذلك خصص لكل فعل إجنازي بابا خاصا فسن الشروط 1واالستفهام واألمر والنهي والنداء

).35( يونس 1 .100 دراسات يف حنو اللغة العربية الوظيفي، ص، ينظر أمحد املتوكل 2

281

ر يف طرح مث قر. اليت تؤطر هذه األبواب؛ أي اليت جتريها على أصلها؛ أي أفعاهلا اإلجنازية اخلاصةذه األفعال اإلجنازية قد خترج عن علمي يقترب كثري مما توصلت إليه نظرية األفعال الكالمية أن هفنقول مىت امتنع إجراء هذه «: أصليتها لتفيد قوى إجنازية أخرى بعد خرق لشروطها، يقول

امتنع " ليتك حتدثين: "األبواب على األصل تولد منها ما ناسب املقام، كما إذا قلت ملن مهك مههاحبك غري مطموع يف حصوله، إجراء التمين واحلال ما ذكر على أصله فتطلب احلديث من ص

هل يل من شفيع يف مقام ال يسع إمكان : أو كما إذا قلت. وولد مبعونة قرينة احلال معىن السؤالالتصديق بوجود الشفيع امتنع إجراء االستفهام على أصله وولد مبعونة قرائن األحوال معىن التمين،

من تقدير غري " لو"ول الوقوع فيما يفيد بالنصب طالبا حلص" لو يأتيين زيد فيحدثين: وكذا لو قلتبالنصب " لعلي سأحج فأزورك: "الواقع واقعا ولد التمين وسبب توليد لعل معىن التمين يف قوهلم

أمل أؤدب فالنا؟ امتنع أن تطلب "أو كما قلت ملن يسئ األدب ... هو بعد املرجو عن احلصول والزجر، أو كما إذا قلت ملن بعثت إىل مهم العلم بتأديبك فالنا، وهو حاصل، وتولد منه الوعيد

امتنع الذهاب عن توجه االستفهام إليه لكونه معلوم احلال " أما ذهبت بعد؟"وأنت تراه عندك وتولد منه االستبطاء " أما يتيسر لك الذهاب؟"واستدعى شيئا جمهول احلال مما يالبس الذهاب مثل

امتنعت معرفتك به عن " أال أعرفك؟"عرفه أو كما إذا قلت ملن يتصلف وأنت ت. والتخصيص .2»...وتولد اإلنكار والتعجب والتعجيب" أتظنين ال أعرفك؟"االستفهام وتوجه إىل مثل

ومعىن هذا أن هناك قوى إجنازية حرفية ومتثل األصول، وقوى إجنازية مستلزمة عن هذه تأويل القوة اإلجنازية الفرعية للمقام ل الفروع، والحظنا أنه أعطى األمهية الكربى لاألصول ومتث

بكل مستتدعياته؛ إذ تتحقق حينما ميتنع إجراء معاين الطلب األصلية على أصلها، فترتبط وفق رات مقامية معينة بإجنازيات خمصوصة كاإلنكار والتوبيخ والتعجب والوعيد والزجرمؤش.

إال وفق عالقات قائمة الفرعية اإلجنازيةوال يتم االنتقال من القوة اإلجنازية األصلية إىل القوةعلى خرق الشروط األصلية اليت تقوم عليها القوى األصلية من جهة، ومستمدة من معطيات املقام

يستدعي أن ميكن أعم من قولنـا يـستدعي أن ال وقد جعل الطلب نوعني؛ نوع ال يستدعي يف مطلوبه إمكان احلصول، وقولنا ال 1 .302ينظر مفتاح العلوم، حتقيق نعيم زرزور، ص. ونوع يستدعي فيه إمكان احلصول. ميكن

.305-304 السكاكي، مفتاح العلوم، تح نعيم زرزور، ص 2

282

من جهة أخرى، يتم ذلك انطالقا من البحث يف طبيعة العالقة بني الفعل القويل ومكونات سياق .احلال الذي ينتج فيه

ة يف تأويل القو" قرائن األحوال"األمهية الكربى ملا مساه ونلمح مع السكاكي إعطاءه بدور هام يف «اإلجنازية، مع اإلشارة ههنا أيضا إىل أن العناصر املقامية الصرفة املدركة حسيا تقوم

تأويل العبارات اللغوية حبيث يستند املخاطب يف إعطائه العبارة التأويل املالئم إىل ما يدركه حسيا أثناء التواصل إضافة إىل ما حتمله العبارة من مؤشرات لغوية؛ بل إن ) ا يسمعه مثالما يراه وم(

إسهام املؤشرات ) يف مواقف تواصلية خاصة(إسهام املؤشرات املقامية يفوق يف بعض األحيان فللوسائط احلالية أمهية خاصة يف مثل هذه . 1»اللغوية ذاا فيما خيص تأويل القوى اإلجنازية

.الت يف تأويل القوة اإلجنازية املقصودةاحلا

ملبدأ اخلرق أن " Griceغرايس "وبين املتوكل بعد مقارنة بني حتليل السكاكي وحتليل :اقتراحات صاحب املفتاح متتاز

بدقتها،: أوال .بقدرا التنبؤية: وثانيا

قال من معىن إىل آخر ى خرقها إىل االنتمتتاز بالدقة ألن الشروط املؤد«: ل ذلك فيقولويعلشروط م فصيلة معينة من اجلمل، وهي اجلمل الطلبية؛ بل م كل معىن بعينه من معاين الطلب اخلمسة، وهذه الدرجة من الدقة ال جندها، فيما نظن، يف اقتراحات جرايس اليت ركز فيها وغم ما

ليت ال تصلح بالتايل إال لوصف نطمح إليه من عموم على قواعد اخلطاب املتعلقة باجلمل اخلربية، واومتتاز بقدرة معينة على التنبؤ من . االستلزام الناتج عن خرق قاعدة من قواعد اخلطاب اإلخباري

حيث إا متكن انطالقا من ربط اخلرق بامتناع إجراء املعىن األصلي من اجلزم حبصول االستلزام آخر مناسب للمقام، ومتكن بالتايل من أي حبصول االنتقال القطعي من املعىن األصلي إىل معىن

.46-45، ص1993م اإلنسانية، أمحد املتوكل، آفاق جديدة يف نظرية النحو الوظيفي، الرباط منشورات كلية اآلداب والعلو 1

283

االستلزام اليت تشكل بالنسبة جلرايس إحدى خصائص االستلزام واليت جيب " إلغاء"تاليف إمكانية .1»اعتبارها من قوادح التقعيد هلذه الظاهرة

و نشري هنا، بكل موضوعية، إىل أن املتأمل للتحليل الذي قدمه السكاكي لوصف ظاهرة من املعىن األصلي إىل املعىن احلريف يالحظ أنه قد قام على ضبط آليات االنتقال من القوة االنتقال

اإلجنازية األصلية غري املرادة يف مقامات معينة إىل القوة اإلجنازية الفرعية املرادة؛ إذ ما يف النص وز الداللة األصلية السابق يعطينا املالبسات اليت ينتج فيها القول، مث يبين كيف تخرق وتتجا

". وتولد منه... امتنع "تترجم ذلك عبارةألخرى مرادة

امتنع ايء عن " أجئتين؟: أو كما إذا قلت ملن جاءك«: مع قوله أكثروقد نستأنس هناافعله، امتنع : أو كما إذا قلت ملن يدعي أمرا ليس يف وسعه. االستفهام وولد مبعونة القرينة التقرير

لوب باألمر، حصول ذلك األمر يف اخلارج حبكمك عليه بامتناعه، وتوجه إىل أن يكون املطأو كما قلت لعبد شتم مواله، . مطلوب ممكن احلصول مثل بيان عجزه، وتولد التعجيز والتحدي

اشتم موالك، امتنع أن يكون املراد األمر : وأنك أدبته حق التأديب، أو أوعدته على ذلك أبلغ إبعاداعرف الزم الشتم، وتولد منه "ل ما ذكر، وتوجه مبعونة قرينة احلال إىل حنو بالشتم، واحلا

دقيق ملنهج السكاكي ضمن هذه الظاهرة والقائم على توضيحويف كل ذلك . 2»...التهديداستنباط كيفيات خرق القواعد األصلية ملختلف أبواب الطلب مبا يولد وفق قرائن حالية مضبوطة

. ية املرادةالقوة اإلجنازية الفرع

:ومنه نستشف أن مبدأ االنتقال التأويلي تم وفق مرحلتنيمع املقام املنتج فيه الفعل ) األصلية(عدم تطابق القوة اإلجنازية احلرفية : املرحلة األوىل-

.القويلرات حالية تولد قوة إجنازية مقصودة وتالئم املقام، وتكون وجود مؤش: املرحلة الثانية- .ن خرق شرط من الشروط اليت تقرها الفعل اإلجنازي املعنيناجتة ع

.101 أمحد املتوكل، دراسات يف حنو اللغة العربية الوظيفي، ص 1 .306-305 السكاكي، مفتاح العلوم، ص 2

284

أو كما قلت ملن بعثت إىل «وهذا ما قد نستنبطه من أحد األمثلة اليت ذكرها من مثل قوله امتنع الذهاب عن توجه االستفهام إليه لكونه معلوم" أما ذهبت بعد؟: " وأنت تراه عندكةمهم

أما يتيسر لك الذهاب؟ وتولد منه : يالبس الذهاب، مثلاحلال، واستدعى شيئا جمهول احلال ممافأدىن تأمل لطبيعة االستلزام الذي طرحه السكاكي يرشدنا إىل التأكيد . 1»االستبطاء والتخصيص

:على ما يلي

وأنت تراه ةكما قلت ملن بعثت إىل مهم"له قوله حتديد مناسبة الفعل القويل، وميث-أشار إىل أنه من األفضل أن نفسر معىن إذ " Griceغرايس "وهذا الطرح حيضر عند ". عندك

وبعبارة . املنطوق الكامل يف مناسبة حمددة قبل أن حناول تفسري املنطوق الكامل على حنو خالدأخرى إن حتليل معىن املنطوق يف مناسبة يسبق املعىن املعياري للمنطوق؛ فاملعىن املعياري أو اخلالد

ندما يكون اهتمامنا هو اللغة، ولكن ليس كل املعىن حيدث يف اللغة، يكتسب عناية خاصة عفاملقصد قد يتجاوز معىن املنطوق لريتبط . 2فخارج اللغة يكون املعىن خاصية للمنطوق يف مناسبة

.باحلال الذي ينتج فيه

داولة بني خرق قاعدة االستفهام هنا باعتبار أن القوة اإلجنازية احلرفية غري مرادة ألنها مت-طريفي االستفهام، وبالتايل تأيت حتمية التأويل والبحث فيما يتعلق بالذهاب، وميثله قوله

؛ ويبقى األمر هنا يف حدود ما تبيحه عالقات "واستدعى شيئا جمهول احلال مما يالبس الذهاب" قرائن" السكاكي يرتكز على ما مساه ونالحظ كيف أن. الذهاب مع معطيات احلال ككل

قد حتققنا وبطرق «: أيضا حينما قال"Austinأوستني "، وهو يف ذلك يلتقي مع ما سنه"األحوال" يف بيان معانيها ولغاية تأويلها"بعضها أفضل من بعض بأن ما نستعمله من ألفاظ ينبغي أن نرجع

لى وجه إىل سياق الكالم ومقتضى احلال الذي وقع فيه تبادل التخاطب اللساين أو وروده فيه ع؛ فاملقصود ما يقتضيه الفعل يف احلال املعينة، باعتبار أن "مقتضى احلال"وحينما يقول . 3»خمصوص

هناك عالقة بني العبارة اإلجنازية واإلجناز يف حد ذاته؛ مما يستدعي يف الفعل التأويلي املعني

.305، صمفتاح العلوم السكاكي، 1 .43صالح إمساعيل، نظرية املعىن يف فلسفة بول جرايس، ص. ينظر د 2 .130 أوستني، نظرية األفعال العامة، ص 3

285

به عالقات القوة اإلجنازية الصيغة اللغوية اليت تفيد ذلك من جهة، وأخذ األمر مبا تتطل مناالنطالق .املقصودة من جهة أخرى

االستبطاء "الكشف عن عالقات الذهاب مع معطيات احلال يولد القوة اإلجنازية املطلوبة - ".والتخصيص

ولكن، وكما قال أمحد املتوكل نفسه، يبقى االقتراح اهلام الذي اقترحه السكاكي خاصا توعب كل ما تقتضيه اخلروقات اليت قد ال تبقى يف حدود هذا باألقوال الطلبية فقط؛ أي أنه ال يس

الصنف من اجلمل، وخباصة وحنن نعلم أن هناك إنشائيات أخرى مل يذكرها صاحب املفتاح، ها، وكل ذلك االستلزام قد ميسوهناك مجل إخبارية يف صيغتها وإجنازية يف داللتها مما يعين أن

.يشمل كل اإلجنازياتيدعونا ألن نوسع هذا املشروع ل

م-" اض ااPrésupposition :"

قد يتلفظ املتكلم بأقوال يعتمد فيها على ؛ فوله دور كبري يف العملية التأويلية للفعل الكالمي، فقولك 1افتراضات متداولة لدى املتلقي، وهي تشكل خلفية التبليغ لنجاح العملية التواصلية

م بصحة وجود فعل كالمي يفترض سلفا أن نسل" هال ناولتين امللح ":ة الطعاملصديقك على طاول مثة سبب لطلب امللح، وكل ذلك موصول بسياق احلال الذي ينتج فيه هذا امللح على الطاولة، وأن

.يهالقول وعالقات طرف

لكشف ولالفتراض املسبق دور هام جدا يف تأطري االستعمال اللغوي من جهة أوىل، ويف اعن خمتلف التأويالت وسريوراته اليت قد تتعلق به من جهة ثانية؛ فقد يسأل أستاذ يريد التأكد من

يف : كيف استطعت الغش؟ فقد جييب ويقول: حصول غش يف االمتحان فيبادر الطالب ويقول لهالقا من هذا وانط. اون احلارس، فهو بذلك يؤكد االفتراض املسبق أنه قد قام بعملية الغشظل

1 Oswald Ducrot, le dire et le dit, Paris édition de minuit, 1989, P:33.

286

هل توقفت عن "املعطى نشري إىل أن يف احملاكم األوروبية واألمريكية مينع أن يسأل سؤال من حنو .1بيح ضرب الزوجةه يتضمن افتراضا سابقا بأن احملكمة تألن" ضرب زوجتك؟

أن أوائل العقد السابع من القرن العشرين بعدما ويعود االهتمام مبفهوم االفتراض املسبق إىل .أصبح الطرح التداويل بديال عن الطرح الداليل واملؤسس على الصدق والكذب يف تناول املعىن

ويف هذا السياق حاول بعض الباحثني التفريق بني االفتراض املسبق الداليل أو املنطقي، واالفتراض لالزم أن صادقة كان من ا) أ(املسبق التداويل؛ فاألول مشروط بالصدق بني قضيتني؛ فإذا كانت

وكان هذا القول " إن املرأة اليت تزوجها زيد كانت أرملة"صادقة، فإذا قلنا مثال ) ب(تكون ه مفترض صادقا أيضا؛ إذ إن" زيد تزوج أرملة" أي مطابقا للواقع لزم أن يكون القول ؛صادقاة ميكن أن أما االفتراض التداويل السابق فال دخل له بالصدق والكذب؛ فالقضية األساسي. سلفا

سياريت "مث قلت " سياريت جديدة ":تنفى دون أن يؤثر ذلك يف االفتراض السابق؛ فإذا قلت مثال ال ، وهو أن لك سيارة، االفتراض السابق فعلى الرغم من التناقض يف القولني فإن؛"ليست جديدة

.2يزال قائما يف احلالني

الصدق والكذب اليت ة حتتضنه مقولوهو طرح دقيق حول طبيعة االفتراض التداويل الذي الل عليها الطرح الداليل؛ بل يتعدى األمر ذلك يف رحاب الدراسة التداولية ليتعلق مبقوالت يعو

أخرى يغذيها منطق اللغة الطبيعي الذي يستمد جناحه من التعبريات اللغوية من جهة، ومن .االستدالالت التداولية من جهة أخرى

لنفي أو الشك أو غريها تسهم بفعالية كربى يف ضبط القوة اإلجنازية فأدوات الشرط أو ا؛ فنفي االقتضاء الذي يقتضيه النفي "لن أضربك ولو حضر سكان املريخ: "املقصودة؛ فلو قلنا مثال

وهنا تربز قيمة هذه االختبارات اللغوية يف ضبط . يف اجلملة األوىل، يؤكده الشرط يف اجلملة الثانية . ات املسبقة ونتائجها واليت تقتضيها بعض املؤشرات اللغويةاالفتراض

.28حممود أمحد حنلة، آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر، ص. ينظر د 1 .28-27 ينظر حممود أمحد حنلة، املرجع نفسه، ص 2

287

قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء ﴿: وقد نوضح قيمة ذلك أكثر من خالل قوله تعاىلفلا " يف "ال"ر ، فاالفتراض الذي يقوم عليه النفي الذي يفيده املؤش1﴾حتى أحدث لك منه ذكرا

ر ، وبانتهاء الغاية اليت يدل عليها املؤش"فإن اتبعتني"يف " نإ"مرتبط بالشرط الذي تفيده " تسألني ".حتى أحدث لك منه ذكرا"يف " حىت"

ل ما يستحق من الدراسة؛ إذ مل يظفر وقد ذهب بعض الدارسني إىل أن هذا األمر مل ينعة تربز أضربه وأمهيته شاملة ومستوفية لقضاياه، فحاولوا بيان أمهيته انطالقا من أمثلة متنوبدراسة

:قد نوضح ذلك من خالل األمثلة اآلتية، 2يف ضبط مقاصد العبارات اللغوية .اغتيل زيد)أ

.قتل زيد)بأ(يف اجلملة " اغتيل"ر الفعلي فاستعمال املؤش (كان "زيدا"ن ن افتراضا مسبقا بأيتضم

).ب(ر الفعلي يف اجلملة قه املؤششخصية بارزة، لكن هذا االفتراض ال حيق فت عن التدخني؟هل توق)أ

ف عن التدخني؟هل حاولت أن تتوق)بيتضمن افتراضا مسبقا بأن املخاطب كانت له ) أ(يف اجلملة " توقفت عن"فاستخدام املؤشر

وهذا .ذلكمة اليت متكنه من وهو يف احلاالت املتقدلتدخني، من أجل التوقف عن احماوالتاليت تتضمن افتراضا مسبقا بأن هناك احتمال بأن املتلقي قد ) ب(االفتراض غري متحقق يف اجلملة

.قام أو مل يقم مبحاولة اإلقالع عن التدخني .مل يتمكن أحد من حل املسألة حىت زيد)أ

.ة ال زيد وال عمرومل يتمكن أحد من حل املسأل)ب

طالب ممتاز " زيدا"يتضمن افتراضا مسبقا بأن ) أ(يف اجلملة " حىت"فاستخدام املؤشر ومتفوب(يف اجلملة " الواو" مقارنة مع أقرانه، وهذا غري متحقق يف توظيف حرف العطف ق.(

).70( الكهف 1

ات ومنطق اللغة الطبيعي، ترمجة عبد القادر قنيين، حيـث أشـار إىل أمهيـة ينظر يف هذا السياق جورج اليكوف يف كتابه اللساني 2 . وما بعدها57ص. املقوالت اللغوية يف ضبط مقاصد اجلمل

288

الظاهرة يقوم هدي إىل التأكيد أن فعل التأويل ضمن هذهيل يف األمثلة السابقة وأدىن تأم املخاطب كثريا ما ينطلق يف عباراته ف ؛نه معطيات التخاطبعلى اإلجراء املعريف اللغوي الذي تؤم

نه من توظيفها يف استنباط املقصد املراد، يتم ذلك اعتمادا من معطيات متداولة لدى املتلقي مبا ميك .ليها اللغة املعينةرات اللغوية اليت تقوم عيها املؤش تؤدلمحات ماعلى م

؛ بل يرتبط )االقتضاء اللغوي(ولكن جيب أن نشري إىل أن األمر ال يقف عند هذا احلد يف أفعاله الكالمية تكلمنه االستعمال اللغوي؛ فكثريا ما يعمد املباإلجراء املعريف التداويل الذي يؤم

ل قد منث. طالقا من تداعيات سياق احلال ان متعلقاتهإىل جتاوز ما قد يقتضيه احلدث املعني فينتقل إىلقال ﴿: ، قال تعاىل"عليه السالم"ر مع اخلض" عليه السالم"لذلك مبا اقتضاه احلوار يف قصة موسى

قال لا . قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا. أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرافانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت . تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا

، 1﴾تطيع معي صبراقال ألم أقل لك إنك لن تس. نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكراه ال يريد اجلواب عن تساؤالت موسى يف هذه اآليات يقتضي بأن" عليه السالم"ر ضفجواب اخل

.ق أكثر مبا يبتغيه املتكلم االقتضاء يتجاوز معىن القول ليتعل، ومعىن هذا أن"عليه السالم"

وما ،يقتضيه املتكلمإىل التمييز بني ما " Griceغرايس "وهذا التصور هو الذي دعا :ح ذلك من خالل حوار بني طالب وزميله يقوالن فيه، قد نوض2يه التعبريستدعي

هل تستطيع الذهاب معي هذا املساء إىل السينما؟-)أ( .أريد مراجعة دروسي- )ب(

ه ال ميكنه الذهاب إىل السينما، وهذا املعىن إضايف يتجاوز املعىن يقتضي بأن) ب(فجواب كتفى فيه االفتراض شيء يعنيه املتكلم، وال يومنه نالحظ أن. املبسوط يف مجلة اجلواباحلريف

.باملعىن احلريف للقول

ز يف مكونات االفتراض املسبق بني ثالثة عناصر أساسيةومن هذا التحليل ميكن أن مني: -راته اللغويةاملعىن املبسوط يف القول ومؤش.

).75-71( الكهف 1 .80صالح إمساعيل، نظرية املعىن يف فلسفة بول جرايس، ص. ينظر د 2

289

.لالداللة اليت يقتضيها القو- .املقصد الذي يريده املتكلم واملرتبط بالقول من جهة، وتداعيات التواصل من جهة أخرى-

4-وءة اوا زة اا:

الفعل التأويلي يف نظرية األفعال الكالمية فعل استداليل يقوم على توظيف اآلليات اللغوية غمربز "ويشري يف هذا السياق . قصودةوغري اللغوية من أجل الوقوف على القوة اإلجنازية امل

Gumperz " التأويل"«إىل أن L'interprétation" ،يف وضعية كل ملفوظ يتعلق دائما باالستدالل نه أ؛ أي "Assertif إخباريا" وليس "Conjecturel ختميين" فهو إذن .ويقوم على مقتضيات

صدق إال بالعالقة مع افتراضات يقتضي حماوالت تقومي كما يقتضي قصد التواصل، وقصد ال يحتليل الفعل القويل " الفعل االستداليل"ويقتضي هذا . 1»أساسية أخرى ال بقيمة احلقيقة املطلقة

:الذي يرد فيه أو يقتضيه، بالكشف عن" سياق احلال"انطالقا من . النمط القويل املستعمل واالختيارات اللفظية اليت وظفها املتكلم- . استعمل ا املتكلم قولهالطريقة اليت- .استراتيجيات التفاعل مع املتلقي؛ ومبادئ التخاطب معه- .املؤشرات اللغوية وغري اللغوية اليت تسهم يف تنامي الفعل الكالمي-كيف ختتلف توجهات القوة اإلجنازية، واليت قد ترتد إىل تداخل املقاصد، أو اختالف -

.ري ذلكاملستوى بني طريف التواصل، أو غ

ألفعال " Austinأوستني "أنه يتضح من عرض " راث كيمبسون "يذكر يف هذا السياق ويتوقف تعيني قوة فعل الكالم ومجيع «لعملية التواصل أنه " Griceغرايس "الكالم وتوضيح

أصناف اللزوم من خطاب ما يقصد تبليغه وتأديته على اقتسام االفتراضات واالشتراك فيها من لدن املتكلم واملستمع، وبالضبط يتوقف هذا التعيني على جمموعة االفتراضات اليت يعتقدها املتكلم

وهكذا يبدو أن قوة فعل الكالم من كل عبارة متلفظ ا ميكن أن ينظر . ويشترك فيها معه املستمعات وهي إشارة جلية إىل أمهية العملي. 2»...إليها كما لو كانت جزءا من اقتضاء خطاب كلي

1 Philipe Blanchet, La pragmatique d'austin à goffman, P:61.

.107عبد القادر قنيين، ص.، ترمجة د)السيمانطيقا( راث كيمبسون، نظرية علم الداللة 2

290

االستداللية اليت يقوم ا املتلقي إلدراك املقصد املراد، واليت تقتضي تفعيل جمموعة من اآلليات اليت .متكنه من ذلك

ومنه اتضح لرواد النظرية التداولية أن قضية تأويل الفعل الكالمي واستنباط قوته اإلجنازية نا فاعال؛ بل ذلك، فهذه األخرية تعترب مكو من املؤول كفاءة تأويلية متكنه منستدعياملقصودة ت

تتألف القدرة التواصلية « إذ ؛تكاد تشكل النسق الذي تكونه جمموعة من األنساق، وهي متآلفةلدى مستعمل اللغة الطبيعية من مخس ملكات على األقل، وهي امللكة اللغوية وامللكة املنطقية،

.1»وامللكة املعرفية وامللكة االجتماعية

وتعد الكفاءة التواصلية أساس الفعل الكالمي، وتكوينها وتوسعها يف حياة اإلنسان يقدم لذا هلا الدور األساسي يف تأمني خمتلف أشكال و، 2الوسائل الكربى للتفاعل بني بين البشر

أن الكفاية التواصلية هي «؛ إذ رأى Hymes"3 هاميس"ث عنها هو أول من حتدو. التواصلبالقواعد النفسية والثقافية واالجتماعية اليت تتحكم يف استعمال الكالم يف إطار جمتمع املعرفة

. 4»معني

باملعرفة الشاملة «فالتمكن من معرفة اللغة ليس كافيا المتالك هذه الكفاية؛ بل هو مرهون يه املواقف باملقام الذي جتري فيه اللغة لكي يتمكن املتكلم من تنويع أساليب كالمه وفق ما تقتض

. 5»والوضعيات التواصلية يف اتمع

، وجند على رأسهم اجلاحظ حينما قال "البالغة"ولعل هذا ما استجمعه بالغيونا يف مصطلح البالغة اسم جامع ملعان كثرية يف وجوه كثرية، فمنها ما «: هلاعلى لسان ابن املقفع يف تعريفه

يكون يف ماع، ومنها ما يكون يف اإلشارة، ومنها مايكون يف االست يكون يف السكوت، ومنها ما

.57 عبد اهلادي ظافر الشهري، استراتيجيات اخلطاب، ص 1ار محو احلاج ذهبية، قوانني اخلطاب يف التواصل اخلطايب، جملة اخلطاب، منشورات خمرب حتليل اخلطاب، جامعة تيـزي وزو، د . ينظر د 2

.222، ص2007األمل للطباعة والنشر والتوزيع، العدد الثاين، ماي .1971 تطرق إليها يف مقال نشر له سنة 3 .88، ص1/2003 هادي ر، الكفايات التواصلية االتصالية، دراسات يف اللغة واإلعالم، األردن، دار الفكر، ط 4 .88 ينظر املرجع نفسه، ص 5

291

، فاجلاحظ يؤكد على أمهية املعرفة 1»االحتجاج، ومنها ما يكون جوابا، ومنها ما يكون ابتداءق البالغة لدى املتكلم واملتلقي وعمق التأثري لكي تتحق، وكذا إجادة االستماع،مبواطن السكوت

.على السواء

كل ملكة من هذه امللكات اخلمسة، « :حيث أقر بأن" Van dijkيك افان د"وهذا ما بينه ختتص بقالب ينتمي إليها مما ينتج عنه مخسة من القوالب وهي القالب اللغوي، القالب املعريف،

.2»القالب االجتماعي، القالب املنطقي، والقالب اإلدراكي

الكالم يف البيئة اللغوية املعينة؛ فاملعرفة بتأويل الفعل الكالمي تقتضي معرفة تداعيات تداولسع من خالل معطيات أخرى متليها خصوصيات التفاعل واليت تنطلق من املعرفة اللغوية البحتة، وتت

.االجتماعية والثقافية والنفسية

طبيعة حول" Orecchionieأوريكيوين "وقبل اإلفاضة يف هذا التصور نستأنس مبا قدمته انت املسألة أن يؤول املرء قوال ما يعين ببساطة، أك«: ، تقول"فعل التأويل"التعقيد الذي يقوم عليه

املتنوعة على خمتلف العناصر الدالة املدرجة " كفاءاته"ق بتأويل حمتواه البين أو املضمر، أن يطبق تتعلولكن ما إن . دأإنه أمر بسيط من حيث املب. يف املتتالية، حىت يتمكن من استخراج مدلوالت منها

نتجاوز الشق النظري يف حماولة لتحديد طبيعة العمليات التأويلية املنجزة على الصعيد احلسي، حىت ال تتالشى بالتأكيد هذه البساطة، فنخوض يف أغمار آلية هي مبنتهى التعقيد حيث تتدخل فيها

ا وكيفية تدخلها بالدقة جمتمعة يف آن واحد، كفاءات غري متجانسة تتصف مسألة حتديد جماال طبيعة العملية التأويلية للفعل الكالمي املركبة، واليت ال تبقى، وبالتأكيد، يف منهضحوتت. 3»البالغة

الكفاءة "، و"الكفاءة األلسنية اللغوية: "حدود املعرفة اللغوية، ولذلك ميزت بني أربع كفاءات .4" البالغية التداولية التواصليةالكفاءة"، و"الكفاءة املنطقية"، و"املوسوعية

.116 ، 115، ص1ني، جط، البيان والتبيح اجلا 1 .57 عبد اهلادي ظافر الشهري ، استراتيجيات اخلطاب ص 2 .283 أوريكيوين، املضمر، ص 3

بعدما أن انتقدت خمطط جاكبسون التواصلي قد أدخلت " أوريكيوين"ونشري ههنا إىل أن . 283 ينظر أوريكيوين، املصدر نفسه، ص 4فعـل : ينظر أوريكيوين . اج الكالم على مستوى املرسل، أو يف تأويله على مستوى املستقبل هذه الكفاءات ضمن خطاطتها سواء يف إنت

.26-25القول من الذاتية يف اللغة، ترمجة حممد نظيف، ص

292

وميكن أن نصنف الكفاءات املطلوبة يف التأويل، وحىت يف اإلنتاج الكالمي، انسجاما مع ، وبغري هذا االعتبار )غري لغوية(وتداولية ) لغوية(لسانية : مؤشرات التأويل وآلياته، إىل صنفني

.1ينضاف إليهما صنف ثالث وهو الكفاءة االستداللية

يقتضي حتصيل جمموعة من وإدراكاقد أشار علماؤنا إىل أن التمكن من اللغة استعماالوأن اللغات كلها ملكات شبيهة «): هـ808ت( يف قول ابن خلدون جلياضحامللكات، وتت

بالصناعة؛ إذ هي ملكات يف اللسان للعبارة عن املعاين وجودا وقصورها، وليس ذلك بالنظر إىل ت وإنما هو بالنظر إىل التراكيب، فإذا حصلت امللكة التامة يف تركيب األفراد املفردة للتعبري املفردا

عن املعاين املقصودة، ومراعاة التأليف الذي يطبق الكالم على مقتضى احلال، بلغ املتكلم حينئذ . 2»الغاية من إفادة مقصودة للسامع وهذا هو معىن البالغة

: من املخطط اآليتهذه الكفاءات وفعاليتها يف تفعيل الكفاءة التأويليةطبيعة وميكن أن نبين

، 148 ينظر عبد السالم إمساعيل علوي، يف تداوليات التأويل، جملة الفكر العـريب املعاصـر، مركـز اإلمنـاء القـومي، العـدد 1

.109، ص149،2009 ..476،ص1، ط1993املقدمة، لبنان، دار الكتب العلمية، - 2

داوليةالكفاءة الت

الكفاءة اللسانیة

الكفاءة یةاالستدالل

الكفاءة التأويلية

-الكفاءة السیاق حالیة

الكفاءة الموسوعیة

293

:اءة ام-أ

القدرة الظاهرة على استعمال اللغة للتعبري عن فكرة «تعترب هذه الكفاءة من منظورها العام اإلمتاع أو موقف أو شعور بأحسن صورة وأجود عبارة، وذلك بتوظيف كل ما حيمل على

واإلقناع؛ أي حسن استعمال األدوات والكلمات والتراكيب واألساليب والتحويالت وفقا ملا نفسية، اجتماعية، سياسية، ايديولوجية، ثقافية (يتطلبه املوقف الكالمي على خلفيات تداولية

طالقا من موقف انمتنح املتكلم القدرة على إنتاج القول مبا يؤدي املقاصد املطلوبةوهي ، 1»وغريها .معين

بعد اجلد –أول ما حيتاج إليه الشاعر «: لاقفق ذا التصور، ابن رشيق إىل ما يتعلوقد أشار ؛ فإذا نسب ذل علم مقاصد القولي والسياسة، و حسن التأن-الذي هو الغاية وفيه وحده الكفاية

خب ووضع، وإن عاتب وخضع، وإن مدح أطرى وأمسع، وإن هجا أخل وأوجع، وإن فخرخفض ورفع، وإن استعطف حن ورجع، ولتكن غايتك معرفة أغراض املخاطب كائنا من كان،

وهي دعوة صرحية إىل ضرورة معرفة جهات إنتاج . 2»...ليدخل إليه من بابه، ويداخله يف ثيابه .الكالمي مبا يوافق املوضوع، ويتالءم مع املتلقي

م أن تكون له القدرة على اختيار الصيغ اللغوية، ي من املتكلفهذه الكفاءة اللسانية تستدعوتوظيف املؤشرات اليت متكنه من حتقيق القوة اإلجنازية املقصودة؛ فاستعمال املصدر يف األمر مثال

أن الفعل على أساس، 3﴾وبالوالدين إحسانا ﴿خيتلف عن استعمال الفعل، ومن ذلك قوله تعاىل . داللة على املقصود منه بالفعلقوىر أازي باملصداإلجن

ا من منظورها التداويل وعالقتها بالعملية التأويلية اخلاصة باملؤول؛ فهي الكفاءة اليت ختول أم 4:ن ومهاان أساسياوجب فيه شرطتسي والذي ،تأويل ما يستقبله من املرسل للمؤول

.78، ص2007 1 عبد السالم عشري، الكفايات التواصلية ، اللغة وتقنيات التعبري و التواصل، منشورات، توب ايدسيون، ط 1 .1/199 العمدة يف حماسن الشعر وآدابه ونقده، 2 ).83( سورة البقرة 3 .109 السالم امساعيلي علوي، يف تداوليات التأويل، ص عبد. ينظر د 4

294

اجلانب الصريف، والصويت، والتركييب (ستعملة ل أن يكون عاملا باللغة املعلى املؤو-أزه أبو هالل العسكري ، مما يسمح له باكتشاف مؤشرات التأويل اللساين، وهذا ما عز)واملعجمي

ومعرفة املقامات، ... من متام آالت البالغة التوسع يف معرفة العربية، ووجوه االستعمال هلا «:بقوله .1»لكالموما يصلح يف كل واحد منها من ا

، ولكل صيغة امث جيب أن يعلم املؤول أن لكل خاصية تنغيمية أو تطريزية معىن خاص-ب، ولكل وحدة صرفية داللية معجمية، وأن تركيب هذه الوحدات إنما ة معينداللةصرفية معينة

.يكون حبسب األساليب، ولكل أسلوب خصائصه

الن للمؤول معارف معيارية، كما ميثالن بيد أن هذين الشرطني غري كافيني، فهما ميثن هذه الكفاءة معرفية وضعية معيارية تساعد املؤول على إوميكن القول .للمرسل معارف تأسيسية

. وهلذا البد من كفاءات أخرى. 2ارتياد التأويل، إال أنها غري كافية

:)) اءة ا-ب

تتم ويل للفعل الكالمي؛ فبمعرفة مالبسات الفعل القويلوهي الدعامة األساسية إلقامة أي تأمتثلها معارفنا املوازية املكتسبة لتو التخاطب، ومتثلها انطباعاتنا حول «و. عملية الفهم والتأويل

حميطنا لتخاطيب، وتأثري حميطنا هذا فينا بأشيائه ومواقعها، وبشخوصه وسلوكاا، وبأزمنة وقائعه لقول يف التأويل التداويل ليس جمرد مجل معزولة عن سياقها؛ بل ال يكاد ينفصل فا. 3»وأمكنتها

.عنه

ال ميكن ضمن نظرية األفعال الكالمية عزل إذ ؛ولذلك فهذه الكفاءة امتداد للكفاءة اللسانيةالفعل الكالمي عن سياقه الذي حيتضنه؛ بل ال يتحقق الفعل اإلجنازي من غري قيامه على مسرح

كما تساعدنا «ولذلك . ما؛ ينشئ فيه املتكلم كالمه، ويتلقاه املتلقي، فتتم القوة اإلجنازيةختاطيبالكفاءة اللسانية على حتديد مؤشرات التأويل اللسانية، فكذلك حنتاج إىل كفاءة سياقية الكتشاف

.27الصناعتني، ص 1 .110عبد السالم إمساعيلي علوي، يف تداوليات التأويل، ص. ينظر د 2 .110عبد السالم إمساعيلي علوي، املرجع نفسه، ص. ينظر د. د 3

295

و إىل مؤشرات أخرى تتعلق باألنا واألنت وهيئات احلضور يف الزمان واملكان، وهي مؤشرات تدع .1»التأويل كلما بعثت على إحلاق متغريات قصدية

تتعلق بقدرما على متثل العناصر و ،خر يتعلق باملتكلم واملتلقي على السواءآوهنا يظهر أمر السياقية وبلورا يف فعل القول فيحمل القصد املطلوب، وهنا قد تطرح جمموعة من اآلليات

.ح أو التلميح أو غري ذلكاللغوية واليت قد تقوم على التصري

ولذلك قد ال نغايل إن قلنا إن جوهر الفعل اإلجنازي يقوم على مدى خلق املالءمة بني ويف . الذي ينتج فيه، وكل ذلك من أجل تأمني التأويل الناجح له" سياق احلال"الفعل الكالمي و

يتجزأ من السياق الذي ترد يذهب بعض األلسنيني إىل اعتبار معاين الكلمات جزءا ال«هذا اإلطار . 2»فيه، واملقام أو الظروف احمليطة بزمان هذه الكلمات ومكاا

وهنا تتداعى جمموعة من الشروط البد من االنطالق منها خللق النجاح للفعل الكالمي من :أبرزها

:النية والقصد-أوالقوم القصدية علـى الفعل القويل، وت بسببهفأساس الفعل الكالمي هو القصد الذي ينتظم

االعتقاد املعني الذي تنتظم من خالله اإلجراءات اإلجنازية، تتحول إىل كلمات ومجل وعالمـات ورموز إذا ما أحسن النطق ا، وال تنطوي على جمرد معىن لغوي تقليدي فحسب؛ بل على معىن

يقصده املتكلم أيضا، ولذلك فحني يقول املتكلم شيئا ويعىن آخر فإن ي فعال قصديا، ويكون ه يؤد .3إنتاجه األصوات جزءا من شروط إشباع هذا القصد يف صنع املنطوق

.110عبد السالم إمساعيلي علوي، يف تداوليات التأويل، ص. د 1 .57، ص1/1990موريس أبو ناصر، إشارة اللغة وداللة الكالم، بريوت منشورات خمتارات، ط 2 .208-207 ينظر سريل العقل واللغة واتمع، ص 3

296

لنجاح الفعل الكالمي قيامه على النية والقـصد " Austinأوستني "ويف هذا السياق اشترط فما هو شائع يف سائر اإلنشاءات والعبارات اإلجنازية حيسن أن يكون للـشخص امللتـزم «يقول

.1» ماانطق بالتعهد بأن ينوي قصدأسلوب يف ال

م يف استخدام بـؤرة ولكي نعرف قصد الفعل الكالمي؛ البد أن نعرف مدى جدية املتكل فه لكي خيدم غرضه، ومن القوانني الـيت الفعل الكالمي انطالقا من الكلمة أو التركيب الذي وظ

ما مل يوجههـا زوج ا إجنازيته ال ميكن أن تتحقق " طالقأنت "عبارةفال. ميليها سياق احلال ككل نمسلم معي،انطالقا من مسببات معينة، و ولزوجة مسلمة معينة،د ويف موقف حمد.

:مراعاة املتلقي-ثانيا

ن وقد يكون مصرحا به أو جمرد تلميح، أو يكفنستطيع أن ننوع يف طبيعة الفعل الكالمي، وهذا ما . ا أو استهزاء، أو غري ذلكأكثر تأدبا أو يطغى عليه اجلانب العنفي، أو يكون جدي

فصل الدين عن احلكومة، أو فصل "نالحظه بصورة جلية يف مقال البشري االبراهيمي املعنون بـواليت اختلفت حبسب املخاطب، فحينما يقصد رجال الدين " !رمضان واألعياد عن قاضي اجلزائر

عنيف واالستهزاء، وملا يريد أعالم الذين عينهم االستعمار على الشعب اجلزائري يعمد إىل التهذه أهدافنا نسدد إليها سهام «:اجلمعية األفاضل يستعمل اجلد والتأكيد؛ ومن األوىل قوله

التجريح، وهي مبادئ ظهرت مبظهر رجال أو رجال صيرم قابلية االستعمال مبادئ؛ ولكن ما وإن شأم !... اروا وتظلموا وتأملوا؟صاحوا وناحوا، وثاروا وخ"باهلم كلما مسهم النقد حبرارته

. 2»يا رب ال ال: أدعو عليه وقلبي يقول: يف التظلم منا شأن القائل

وكأن هذا القاضي «: ومنه كذلك حكايته على لسان قاضي األهلة الذي عينه االستعمار على األهلة فلأقل مادمت أحكم: وقال... ه رقي أسباب السماء بسلم أننعلى األهلة واألعياد ظ

-باألمانة–هلا كوين فتكون، وال تكوين فال تكون، وما دام املرصد طوع إشاريت، واإلذاعة تؤدي ... عباريت، فآلخذ من هنا، وأضع ههنا، وألخرج عن طاعة اخلارج، فهنا املح وهناك املارج

.22 أوستني، نظرية أفعال الكالم، ص 1خل حـىت يف الـدين اإلسـالمي ، واملقال يربز كيف أن االستعمار قد تد3/113 اإلبراهيمي، آثار اإلمام حممد البشري اإلبراهيمي، 2

.ونصب قضاة من صنعه ال يقولون إال ما يرضيه، ووصل م األمر حىت يف جلنة األهلة اخلاصة بالصيام واإلفطار

297

أهوما الوفاء بوعده، وأجلهما ما قالت وجاءت الليلة املوعودة، فكان القاضي بني عاملني، ، بأفعال قولية استهزائية مدعمة بأمثال تضرب بقواها التأكيدية يف الذاكرة اجلمعية اليت1»...حذام

تفيد كيف أن هذا القاضي ال قول وال فعل له؛ بل إن األمر حىت يف الصيام أو اإلفطار من .االستعمار

: ؛ يقول العلماء املسلمني ختتلف ملا خياطب علماء مجعيةولكن أغراض األفعال اإلجنازيةال يغلق ويف هذا العام جاءت ليلة الثالثني من شعبان، فباتت مجعية العلماء مرابطة مبركزها الذي «

، تتلقى األخبار وتوزعها، وباتت األمة متصلة ا، اتصال من يهمه األمر حىت تغلق مراكز التلفونحت األمة صائمة يف شبه إمجاع على الثبوت، وعلى إهلام واحد من احلق، ال مبن يعنيه األمر، وأصب

، باستعمال الصيغة اإلخبارية لكنها إجنازية يف غرضها؛ إذ تفيد أن أعضاء 2»يد هلذه اللجنة فيهن وتبصقرار فردي اغتراريب قاعدته إمجاع األمة ال ،راجلمعية مل يقرروا الصيام إال بعد تبي.

:وضوعامل-ثالثا

يكون وعدا أو التماسا أو وعيدا أو أمرا أو عقدا أو إنكارا أو وقد ، يتعلق مبضمون التواصل، وقد )القوة اإلجنازية احلرفية(وقد يقال املضمون كليا . ديدا انطالقا مما متليه طبيعة املوضوع

اكتساب آليات التصريح إن كان إىل، مما يدعو املتكلم)القوة اإلجنازية غري املباشرة(ق بالتلميح حيقومما يقتضي من املتلقي . يف املوقف الذي يستدعي ذلك، أو اإلضمار حبسب األغراض املقصودة

، وحىت السياقي مبا يتالئم مع "Décodage"أيضا التمكن من آليات حل الترميز اللساين للقول .هذين الصنفني

:املكان والزمان-رابعا

صلي الذي ينجز فيه الفعل الكالمي، ويعكسان األحداث واملشهد وهلما صلة باملوقف التواومعطياما تسهم يف تكوين احمليط املعريف الذي يتشكل من خالله . احلي الذي جيري فيه الكالم

وهنا نشري إىل قضية . الفعل الكالمي من جهة، وتتحقق القوة اإلجنازية املقصودة من جهة أخرى

.3/115، ر اإلمام حممد البشري اإلبراهيميآثا اإلبراهيمي، 1 .3/114 اإلبراهيمي، املصدر نفسه، 2

298

اق احلال على هذا احمليط جعله معطى متعدد االحتماالت مما يطرح مهمة جدا وهي أن انفتاح سي .إشكالية اختيار وتقدمي التأويل املالئم للفعل الكالمي

صبيان الليل"مه احلارس لقصة ولكي نربز قيمة ذلك نسترجع التأويل األويل الذي قد "اج أيضا، تواصلوا بأقوال حتمل يف مقابل تأويل احلجاج، حيث الحظنا أن الصبية، واحلج1السابقة

تأويالت متنوعة؛ غذا اختالف املرجعيات اليت تتعلق ذه األقوال مقارنة مع احلارس من جهة .ومع حاشية احلجاج من جهة أخرى

املبدأ الذي يسمح «ولتفسري هذه القضية قد نبدأ مبا تقتضيه على مستوى املتكلم؛ فـ؛ وهو مبدأ جيعل املتكلم خيتار من بني املعلومات "أ اإلصابيةمبد"باختيار التأويل املناسب هو

املتعددة جمموعة من الفرضيات اليت تقتضي أن يكون فعله التواصلي مصحوبا بضمانة اإلصابية أو .2»املالءمة

وأما على مستوى املتلقي فإن هذا املبدأ يبقى منوطا بشروط تقتضيها فطنته وذكاؤه وبديهته بالغيون، حىت يتمكن من إصابة القوة اإلجنازية املقصودة، وهذا ما توافر لدى كما يسميها ال

".صبيان الليل"ذكائه وضع اليد على املراد يف قصة واحلجاج حيث استطاع بفطنته

-ءة اا:

إنتاج نه من ؛ وتتصل باملعرفة العامة اليت تتوافر لدى املتكلم؛ واليت متك"الثقافية"وقد تسمى ه من إجياد التأويل املناسب للفعل سعفالفعل القويل مبا حيمل مقصده من جهة، واملتلقي حيث ت

يها وهي تعكس ثقافة الفرد ومدى نضجه ودقة تفكريه وخربته، تغذ. الكالمي من جهة أخرىورون عندما ال يشترك الناس الذين يتحا«فـ ؛وهلا قيمتها يف ذلك. البيئة اليت ينشأ فيهل الفرد

إن هذا . الفهم املتبادل يكون صعبانفس الثقافة ونفس املعرفة ونفس القيم ونفس املسلمات، فإنالفهم يكون ممكنا من خالل التفاوض بشأن املعىن، ولكي تتفاوض مع أحدهم بشأن املعىن عليك

تاج إىل أن تعي االختالفات يف اخللفيات وحتترمها، وتعلم مىت تكون تلك االختالفات مهمة، وحت

. من الرسالة254ينظر ص 1 .36م عشري، عندما نتواصل نغري، ص عبد السال 2

299

ما يكفي من التنوع الثقايف والتجربة الشخصية كي تعي بوجود رؤى خمتلفة للعامل، وتعرف ما هي .1»طبيعتها احملتملة

لكها تأنها ترتبط مبجموعة املعارف الضمنية اليت مي" Orecchionieأوريكيوين "وترى التأويل والتقييم حول العامل املتكلم واملستقبل عن العامل واأليديولوجية، إنها جمموعة أنظمة

.2املرجعي الذي تتداخل مع الكفاءة اللسانية للعالقات اليت هي حمدودة أكثر منها غامضة

وتظهر فعاليتها حينما يتمكن املتكلم من تكييف فعله الكالمي تصرحيا أو تلميحا حبسب آلياا ضمن معطيات تداعيات السياق، وملا يرتاد املتلقي أي عمل تأويلي انطالقا من تفعيل

.خمصوصة

أنه إذا كانت الكفاءة األلسنية تسمح باستخراج " Orecchionieأوريكيوين "ذكروتاملعلومات الضمتعربية، فإن الكفاءة املوسوعية متثل خزانا رحبا يضم معلومات خارجية تعبريية

ت العامل املرجعي وتأويالته أدائية تتناول السياق، أو جمموعة معارف ومعتقدات ونظام متثيال، "Axiomes de croyancesبديهيات االعتقاد "وتقومياته، ونطلق عليها تبعا للظروف اسم

. Informations préalables"3املعلومات املسبقة "، و"Bagage cognitifاملعارف اإلدراكية "و .عني انطالقا من سياق معنيها املتلقي يف تأويل القول املعلي رتكزوهي تشكل معلومات خلفية ي

كذلك من موقف آلخر، تنوعهذه املعلومات من شخص إىل آخر، مث إن تفعيلها يختتلف و، ويف تأويل احلجاج نفسه الذي "صبيان الليل"وهذا ما الحظناه مع حارس احلجاج يف حكاية

يد التأويالت املمكنة ولذلك يكون هلذه الكفاءة تأثريها الكبري يف حتد. اختلف عن تأويل سابقه . أو اختالفهاللقول املعني

:ومن أهم مميزات هذه الكفاءة ما يلي

.216عبد ايد جحفة، ص. جورج اليكوف ومارك جونسن، االستعارات اليت حنيا ا، ترمجة د 1 .24 فعل القول من الذاتية يف اللغة، ص 2 .285-284 ينظر أوركيوين، املضمر، ص 3

300

يستحيل سردها بكاملها دفعة واحدة نظرا لتفاوت «اختالفها من شخص آلخر؛ حبيث -1درجاا ومكوناا من فرد آلخر، وخاصة كلما ابتعدت املسافة بني األفراد عمرا وثقافة وحضارة

. وكل ذلك قد يؤدي إىل اختالف التأويل بني املتلقني للقول الواحد.1»...وجنسا

حبسب طبقات الناس وما يتبع ذلك من فروق ف ختتل؛اءة املوسوعية مستوياتالكف-2انطالقا من البيئة اجلغرافية واحلياة الثقافية واألخالقية، وطبيعة التعامالت اليومية، وحبسب طبيعة

ومن هنا نالحظ أن هذه الكفاءة ال تكتسب من تلقاء نفسها، بل تنمى . التفكري وبناء الشخصية .انطالقا من تعامالت الفرد مع احمليط العام الذي ينتمي إليه

بتغير الواقع تتغير الثقافات والعلوم «أنها متنوعة ومتغيرة بتغير الواقع، و-3 املفاهيم اليت كان يفهمها القدماء فالكثري من... واأليديولوجيات، وكل ذلك يؤثر على الفهم

ر فهمها اليوم، ومن ذلك ما يتعلق باألحكام الشرعية، مثل مفهوم القوة بصورة معينة قد تغير وحكم رباط اخليل، واعتبارات توزيع الغنائم والرق وما إليها، وكل ذلك نتج بفعل تغي

املباشر؛ بل قد خيتلف باختالف فالفهم ليس واحدا وباخلصوص يف الفعل الكالمي غري. 2»الواقع .املتلقني وثقافتهم، والزمان واملكان، وغري ذلك

ل ن معطياتنا املعرفية املوسوعية ميكن أن متثألوهناك عالقة بني الكفاءتني احلالية واملوسوعية ياقية ما يعد مقوما من مقومات كفاءتنا السإنمث ،تراكما للمعطيات اليت توافرت لكفاءتنا احلالية

احلالية اآلن يصبح بعد ذلك جتربة ومقوما من مقومات كفاءتنا املوسوعية، واليت تقوم على ما أتت .3 كفاءتنا السياقية احلالية تقوم على ما توفره التجربة اآلنيةعليه التجارب املاضية؛ إال أن

.111صأوركيوين، املضمر، 1، 2010 منطقية تعىن ببحث آليات فهم النص الديين وقبلياته، الدار البيضاء أفريقيـا الـشرق، حييي حممد، منطق فهم النص دراسة 2 .140ص .110 عبد السالم إمساعيل علوي، يف تداوليات التأويل، ص 3

301

: اءة ا-د

ال تستطيع اللغات الطبيعية ترميز مجيع «ه نأل ؛ال يبقى عمل املؤول يف حدود القول فحسباألفكار اليت تدور يف خلد اإلنسان، لذلك تلجأ إىل االستدالل واالستنتاج واستحضار السياق

ب يف اآلن نفسه حل العقد مع االستدالل انطالقا من األقوال اليت تعترب يف أغلبها خطاطات تتطلشري يشتغل يف الواقع بآليتني الواحدة تكمل فالذهن الب. لضمان فهمها على الوجه املطلوب

، وال تقف آليات 1»األخرى؛ األوىل تعتمد على حل الترميز، والثانية تقوم على االستداللاالستدالل عند املعطيات اللغوية؛ بل تنتعش أكثر ببقية املعطيات اليت يقوم عليها سياق احلال

.ككل

طلب إيصاله بالقول ليس مضمونه؛ بل فترض ضمن نظرية األفعال الكالميوهلذا ية أن ما يإرادته القائمة على حل عقده ترميزيا لسانيا واستدالليا انطالقا من مؤشرات لغوية يطرحها القائل

رها القول والسياق انطالقا من دالالت سع ويشمل كل اإلمكانات اليت يوففيجعل فعل التأويل يتمه معطيات سياق وما تثريه من تطلعات وتوقعات، وما تقد،ءااالكلمات وطريقة تركيبها وإحيا

.احلال، وكل ذلك يف تفاعل مع اإلمكانات املتاحة لدى املؤول

حيث ت على مستوى احلارس جرالعملية االستداللية اليت " صبيان الليل"وقد الحظنا مع ج، والغاية من كل تأويل هو اقامت على افتراضات واعتقادات خمتلفة عن تلك اليت اعتمدها احلج

نا تظهر صعوبة تقنني هذا من ه. لك انطالقا من معطيات خاصةتأكيد هذه االفتراضات أو تإن درجة تقنني القواعد املؤلفة هلذه الكفاءة هي جدOrecchionie :"» أوريكيوين "الفعل، تقول

، وإاميته تتجلى من 2»" مبهمامنطقا"متغرية؛ كما أن املنطق الطبيعي هو يف مجلته ويف خصوصيته كان واحدا لكنه مل تفعل فيه قوى املنطق " صبيان الليل"خالل تعدده وتنوعه؛ فالفعل قويل يف قصة

ونعتقد أن السر يف ذلك . بل اختلفت بني تأويل احلارس وتأويل احلجاج؛الطبيعي بطريقة موحدة .، واليت ختتلف اختالفا بينا بينهما)فيةالثقا(يرتبط بصفة مباشرة بالكفاءة املوسوعية

.43 عبد السالم عشري، عندما نتواصل نغري، ص 1 .284 املضمر، ص 2

302

ل إىل التأويل املطلوب يف وصلتتجلى فعالية هذه الكفاءة من القدرة على خلق الفرضية اليت تن عادة من جمموع الفرضيات املعبر عنها سياق فهم قول ما يتكو« وهنا نشري إىل أن .السياق املعني

أو اخلطاب، فالسياق ليس هو األقوال السابقة أو اللحظية بأقوال سابقة هي جزء من نفس احلواره يشمل كل الذاكرة املوسوعية، غري أن النشاط الذهين يف حلظة تأويل القول يفرض فقط، ولكن

لذلك ... السياق املالئمئالسامع أو القار/حدودا على أصناف السياقات املمكنة فيختار املؤولا فالناس ميلكون فرضيات يتصوروا عن األشياء واألحداث واألشخاص واملواقف اليت يواجهو

، وتعمل هذه الكفاءة على إعطاء 1»راط دون أن يتقامسوا نفس الفرضيات حول هذه األشياءباطا من السياق الذي جيري فيه عتماد وا،املتلقي القدرة على طرح الفرضية اليت تالئم املقصد املعني

.التواصل

إىل أنه انطالقا " الكفاءة التداولية"الل عرضنا لألصناف اليت تقوم عليها وبقي أن نشري من خمن هذه الكفاءة قد يتصرف املتكلم يف بعض املواقف يف استعمال بعض أصناف األفعال الكالمية؛

ويعمد إىل القوة اإلجنازية ، فيصرح يف مقام التصريح؛"سياق احلال" وحبسب ، مبا يشاءهافينوع في .باشرة إن استدعى منه األمر ذلكغري امل

نا سنالحظ أن التفاعل الكالمي ولو استحضرنا مبادئ التأدب اليت أشرنا إليها من قبل فإنالناجح واملؤدب يستلزم كفاءة تداولية راقية، فقد متكن ممتلكها بقوة من توظيف األفعال

من غري املناسب أن ينجز املتكلم مجل خذ أولوية، فيجعل التوجيهية؛ ألن حاجتها إىل التأدب يت". أنا آمرك بأن تغادر القاعة"، أو باألدائيات الصرحية مثل "غادر القاعة"األمر بشكل مباشر مثل

يف إجناز " التأدب"وهلذا فإنه يلزمنا البحث عن وسائل غري مباشرة إلجناز األفعال، ولذا يتضح أن .2يسي الستعمال األفعال غري املباشرةاألفعال التوجيهية هو الدافع الرئ

يكتسب كفاءته التداولية؛ واليت قد ترادف أيضا سليقته، من ونشري هنا أيضا إىل أن الفرد ث، ومن معايشته لرواج اخلطابات، ويف إطار التحدخالل ممارسته للتحدائية ثات املتنوعة والال

.76عبد السالم عشري، الكفايات التواصلية، ص. د 1

2 John Searle, Sens et expression, P:77.

303

بكل مظاهرها وأشكال تنظيمها الثقايف داخل احلركة الكونية للخطاب اللفظي وغري اللفظي .واالجتماعي والسياسي واالقتصادي اليت يتاح له املسامهة فيها

رومن هنا فاملتكلم ال يستبطن هذه الكفاءة يف شكلها امن «ما يتم ذلك د والصوري؛ وإنة متنوخالل أحاديث حيه ليس حاسوبا له درة وهادفة؛ ألنعة ومتغيخل وخومبا أن .جر

م كيفية ربط الدوال باملدلوالت، أو األصوات باملعاين، وهي جهاز تعمل بل وتنظ" األدلوجة"تراقب وتتحكم يف : م يف تكوين السالئق بأذهان الفردها تتحك فإن،مؤسس لالوعي الذات الفردية

. املعجمية والنحوية قيودا على تكون سليقتهفارضة... كيفية استبطان الفرد لتلك السليقة اخلاصة .1»هكذا إذن تتكون يف إطار التنشئة اتمعية للفرد كسليقة عامة متحكمة يف السالئق اخلاصة

واختيار الفعل الكالمي الدقيق للمحتوى اإلبالغي املعني، وللموقف احملدد من جهة، وفعل أخرى، هو املسمى الوقوف على املقصد الدقيق هلذا الفعل اللغوي من لدن املتلقي له من جهة

؛ إذومن هنا تظهر قيمتها وأمهيتها يف تأطري الفعل الكالمي". األدلوجة"لدى حممد البكري بـتتحكم يف كل مقامات التحدث، لكي ال يقول املتكلم إال ما هو مباح، وما جيب أن يقال، وال

فيزمان ون لذلك مكانها هذا اجلهاز األدلوجي أو ذاك؛ ألهم إال وفق قواعد الفهم اليت يسن . تضبطهما العالقات اتمعية وشروط اإلنتاج

ن الذات النموذجية أدلوجيا من املالءمة بني ما القدرة األدلوجية هي اليت متك«ومنه فـيقتضيه املقام والظروف، وبني املقال إنتاجا وفهما، حىت ال يقول سوى ما جيب وينبغي أن يقال

وبعبارة أخرى إن األدلوجة تكبت القدرات اإلجنازية للمتكلم، . ددمن مكان معني ويف مقام حمثي وفق مكانه يف العائلة أو يف املدرسة أو يف السوق أو يف العمل إخلوتقنويف . 2»ن دوره التحد

املتكلم واملتلقي أيضا على متكنضح من كل ذلك إشارة إىل طبيعة هذه القدرة وفعاليتها اليت تت .ق القوة اإلجنازية املقصودة وبسط اآلليات االستداللية فيه مبا حتق،ل الكالميتشكيل الفع

.54، ص1992، 99-98حممد البكري، اخلطاب واألدلوجة، جملة الفكر العريب املعاصر، بريوت مركز اإلمناء القومي، العدد . د 1 .قصودةيتعلق ذه الكفاية اليت متكن املتكلم من خلق املالءمة بني القول واألفكار واألغراض امل" األدلوجة"ومصطلح

.54حممد البكري، اخلطاب واألدلوجة، ص. د 2

304

:اة از اة واة از اة-5

تبين لرواد نظرية األفعال الكالمية أن الفعل اإلجنازي منوط بألفاظ معينة وذات مرجعيات تدعي االستخدام املباشر لألفعال اليت تدل على ذلك، يس-مثال– فاألمر ؛خاصة تدل على ذلك

.وكذلك احلال مع الوعد أو العقد أو االعتذار أو التهديد أو غريها من القوى اإلجنازية

ولكن قد ال جيري الفعل الكالمي على هذا الطرح يف كل احلاالت؛ بل قد نعدل إىل ما دالالت إجنازية نحقق لداللة اللفظ احلرفية قد نتجاوز يف بعض احلاالت يكافئ ذلك من األقوال؛ ف

: فاهتدى إىل تقسيم األفعال الكالمية إىل1هذه القضية" Searleسريل "وقد الحظ . أخرى .األفعال الكالمية املباشرة- .2األفعال الكالمية غري املباشرة-

ها احلريف عن املعىن وليقرر أن األفعال الكالمية ال ميكن أن تؤدى دائما بنطق مجل يعبر معناالذي يقصده املتكلم؛ إذ ميكن للمرء أن حيقق إجنازياته انطالقا من حاالت أخرى خيتلف فيها معىن القول نسقيا عن املعىن الذي يقصده، قد تضم حىت االستعارة والكناية والسخرية والتهكم

.3والتهويل والتهوين

حظ أن مجل اللغات الطبيعية ميكن يف أيضا حيث ال" Griceغرايس "وهذا ما نلفيه مع .4)أو معناها احلريف(بعض املقامات أن تدل على معىن غري املعىن الذي يوحي به حمتواها القضوي

؛ إذ "احلجاج وليلى األخيلية"قد منثل لذلك بالفعل الكالمي الوارد يف احملاورة اليت متت بني إخلاف النجـوم، : "ما أتى بك؟ فقالت: "فقال هلا«ى جملسه يروى أنها بعد االستئذان دخلت عل

املشكلة اليت تعترضنا يف األفعال الكالمية غري املباشـرة «: ، يقول"املعىن والعبارة"ذلك يف الفصل الثاين من كتابه " سريل" وقد ناقش 1

االعتماد على مبدأ التعاون احلواري بني طـريف فبين أنه باإلمكان جتاوزها ب » هي كيف ميكن للمتلفظ أن يقول شيئا، ويريد شيئا آخر؟ العملية التواصلية، وما عند املتلقي من علم جبوانب املوضوع، ومبا أمساه أيضا باستراتيجية االستنتاج عند السامع واليت متكنه من الوصول

.John Searle, Sens et expression, P:72 ينظر .إىل املراد .220واتمع، ص ينظر سريل، العقل واللغة 2 .220 ينظر سريل، املصدر نفسه، ص 3 .22 ينظر أمحد املتوكل، اللسانيات الوظيفية، ص 4

305

فداهللا الر دعا بلن تكند، وة اجلهشدد، ورالب وم، وكلبيي قلـت يف : مث قالت "... وقلة الغإن :، فأنشدت تقول"هاتي: "؛ قال"األمري قوال

نها الــ ـمنايا بكف اهللا حيث تراهاأحجاج ال يفلل سالحك إطي الععال ت اججاة ـأحاصاهنعطي للعصاة ما وال اهللا ياهنم اجط احلـجبة إذا هريضضا مأر عبتا تفاها فشائهى دأقص

ال الذي بـشضاء العالد ا منـافاه ها غالم إذا هز القناة سقاهـساهوا فراـقاهشاهال حاء رجال حيث ماله دمب سجا بشر

د لها قبل النزول قراهـاـبة أعـع احلجاج رز كتيـإذا سمـأعمومة فارسيسا مله ـاة بـداهرون صلبحال يدي رجأي ون مثله ببحر وال أرض يجف ثراهـاـما ولد األبكار والعـف

... غريهـا ! قاتلها اهللا : اجقال احلج مذ دخلت العراق مث ... واهللا ما أصاب صفيت شاعر عطقا"يقول لك األمري : ، فذهب ا فقال له "اهع لسان طقا: "يا غالم اذهب إىل فالن فقل له : قال

اقطـع "؛ أي بالفهم الظاهري واملباشر للفعل الكالمـي 1»فأمر بإحضار احلجام : ، قال "اهانسلمن غري تدبر للقوة اإلجنازية غري املباشرة اليت يقتضيها الفعل القويل، واليت متكنـت منـها "لساا

.الشاعرة

أمـا ! ثكلتك أمـك «: هذا اإلخالل باملبتغى من قول احلجاج قالت للمأمور وملا تبين هلا ، وهي القوة اإلجنازية املقصودة فعال، لذلك ملا 2»مسعت ما قال؛ إنما أمرك أن تقطع لساين بالصلة

اج سوء الفهم هذا عن مأموره لعبقطع لسانه، وقال«م احلج هاا: "استشاط غضبا، وهمددفلما " ر إذ ؛ ومنه يظهر الفرق بني ما يقال وما يقصد.3»"كاد وأمانة اهللا يقطع مقولي : "دخلت عليه قالت

. ليس كل ما يقصد قد يعبر عنه حرفيا

، 184-3/182،وينظر إبراهيم مشس الدين، قـصص العـرب، 87-1/86 أبو علي إمساعيل بن القاسم القايل البغدادي، األمايل، 1 .الصوت تسمعه من بعيد" الرز"و .1/87صدر نفسه، أبو علي القايل، امل2 .1/87 أبو علي القايل، املصدر نفسه، 3

306

إخالف النجوم، وقلة الغيـوم، وكلـب "مه احلجاج منذ بداية احملاورة يف قوهلا هوهذا ما ف مة تبتغي كرم احلاكم من هـذه احملتويـات ، فاملتكل"دة اجلهد، وكنت لنا بعد اهللا الرفد البرد، وش .القضوية

أن املرسل يتواصل باألفعال الكالمية غري املباشرة مع املرسل إليه " Searle سريل"وقد ذكر وغـري منها شتركة اللغوية االعتماد على خلفيتهم املعرفية امل ببأكثر مما يتكلم به يف الواقع، وذلك

وهذا ما نالحظه يف . 1 باإلضافة إىل توظيف املرسل إليه لقدراته العامة العقلية واالستنتاجية ،اللغويةاستعماالتنا العادية حيث نستحسن التعبري غري املباشر عن املقاصد، وحىت يف األدب حيث يتحقق

.فيه اإلمتاع باخلروج عن املألوف

ما هي امليكانيزمات اليت تؤطر مـا : يات من نوع خاص؛ من أبرزها ولكن بدت له إشكال 2نريد أن نقوله وتضمن الفهم املقصود للفعل الكالمي؟

فأكيد أن للمعطيات اللغوية دورا كبريا يف احتواء الضمين الذي قد تومئ إلية العبارة، ولكننا مستمدة من اخللفية املعرفيـة -لسابقكما الحظنا يف القول ا –نعتقد أن جوهر هذه امليكانيزمات

مفتوح يوم "الثقافية اليت تشيع يف البيئة اللغوية املعينة، فحينما نقرأ الفتة أمام متجر مكتوب عليها ؛ فإننا نفهم بطريقة غري مباشرة أن املتجر مفتوح طوال األسبوع حىت يوم اجلمعة، يف حني "اجلمعة

.هم منه أنه مفتوح يوم اجلمعة فقطيف بيئة أخرى غري عربية مثال قد يف

ولكن ما زلنا نؤكد على القيمة التداولية للفعل الكالمي غري املباشر، واليت قد ال حيملها الفعل الكالمي املباشر، فهو أبلغ وأبرز وأقوى يف تأدية القوة اإلجنازية املرادة، قد منثل يف أدبنا

: 3قول األخطل يف بين يربوع رهط جرير قالته العرب؛ وهو العريب مبا رواه العلماء بأنه أهجى بيت ارى النلي عولب: مأمهوا لالبهم قلاف كيضستنبح األا اذم إوق

؛ ألنه حيقق الغرض )وهو من األمريات ("بولي على النار"بالفعل الكالمي غري املباشر يف : ألنه قد مجع فيه ضروبا من اهلجاء«): هـ456ت(يقول ابن رشيق القريواين املبتغى بدقة؛

1 John Searle, Sens et expression, P : 73. 2 Voir Ibid, P:92.

.2/175، وابن رشيق القريواين، العمدة يف حماسن الشعر وآدابه ونقده، 2/195 ينظر ابن قتيبة، عيون األخبار، 3

307

فنسبهم إىل البخل بوقود النار لئال يهتدي ا الضيفان، مث البخل بإيقادها إىل السائرين والسابلة، ورماهم بالبخل باحلطب، وأخرب عن قلتها وأن بولة تطفئها، وجعلها بولة عجوز، وهي أقل من

الشابة، ووصفهم بامتهان أمهم وابتذاهلا يف مثل هذا احلال، يدل بذلك على العقوق بولة واالستخفاف، وعلى أن ال خادم هلم، وأخرب يف أضعاف ذلك ببخلهم باملاء، وقال حممد بن

إنه رماهم يف هذا البيت باوسية؛ ألن اوس ال ترى إطفاء النار : احلسني بن عبد اهللا األنصاريوقد نضيف حىت قلة نارهم . 1» وال أدري أنا كيف هذا البول ماء غري أنه جنس قذرباملاء،

ومنه تتجلى . امشئزاز النفسإىل ارة شتمكن العجوز أن تقترب منها، ويف كل ذلك إتوضعفها حىت .فعالية الفعل الكالمي غري املباشر، واليت قد ال تتحقق لو استعملنا الفعل الكالمي املباشر

طبيعة الفعل الكالمي غري املباشر وآليات تأويله ينطلق من " Searleسريل "ين ولكي يبهل ميكن أن تقدم يل امللح؟ ليطلب " ب"لـ" أ"مثال بسيط، ويذكر فيه أنه على الطاولة قد يقول

يطلب منه تقدمي " أ"أن " ب"منه أن يقدم له امللح؛ ولكن السؤال الذي يطرح هو كيف يفهم ولذلك يقترح شرحا يكشف . وال يريد منه أن يسأله إن كانت له القدرة على تقدمي امللحامللح،

لكي يصل إىل النتيجة انطالقا من التلفظ، واليت تتضح من " ب"فيه عن املراحل اليت قد يعمد إليها :2خالل ما يلي

. حول إمكانية تقدمي امللحم طرح علي سؤاالاملتكل: املرحلة األوىل ).مبادئ االستلزام التحاوري(أعتقد أن التلفظ له موضوع وهدف : املرحلة الثانيةتوظيف (ق لنا اهلدف نظريا إلمكانية تقدمي امللح اإلطار العام لتلفظنا ال حيق: املرحلة الثالثة

).القدرة االستدالليةهي املرحلة اليت تقودنا من احملتمل أن تكون اإلجابة عن السؤال بالقبول، و: املرحلة الرابعة

ليست املهمةهاإىل املرحلة اخلامسة، ولكن .

ظه ليس تساؤال؛ فقد يكون هناك هدف إجنازي آخر من احملتمل أن تلف: املرحلة اخلامسة "ما هو إذا؟"فـ؛ )وهو استنتاج ناتج من املراحل السابقة(

.2/175نقده، العمدة يف حماسن الشعر وآدابه و 1

2 Voir, Searle, Sens et expression , P:88.

308

" Directifالتوجيهية "إلجنازية واحدة من الشروط األولية لكل األفعال ا: املرحلة السادسةله اإلمكانية إلجناز الفعل املقصود انطالقا من الشروط اليت يقتضيها احملتوى القضوي ) أ(تفيد أن

).نظرية األفعال الكالمية(

الشرط األويل اللتماس إذا اإلجابة املؤكدة على السؤال تقتضي أن:املرحلة السابعة ).6و1استنتاج من املرحلة (ت مقنعة يل املتكلم أن أعطيه امللح أصبح

حنن يف مقام تناول الطعام، وشيء عادي أن يتواجد امللح على الطاولة؛ إذا : املرحلة الثامنة .باإلمكان تقدميه من فرد آلخر

يوجد إذا ترميز مقبول انطالقا من شرط أويل معني يفيد احتمال حمدد : املرحلة التاسعة ).8و7استنتاج من ( الطلب املقدم وهو تقدمي امللح انطالقا من) هدف مضبوط(

ي بأن ه يطلب منوهذا يعين غياب بقية األهداف اإلجنازية املمكنة؛ إن: املرحلة العاشرة1)9و5استنتاج من املرحلة (م له امللح أقد.

ري وهو حتليل يشرح اآلليات اللسانية وغري اللسانية اليت يؤول من خالهلا الفعل الكالمي غاملباشر، وهي مرتبطة كما نالحظ بقدرة املتكلم واملتلقي أيضا من توظيف املعارف وتفعيل

ه قد أنSearle "سريل "ولكن الحظ . االستدالالت اليت متكن من فهم التأويل اإلجنازي املقصود .تطرح ههنا جمموعة من اإلشكاليات

قصد وطبقات املعىن املتعددة بني جوهر هذه اإلشكالية املسافة بني القول وامل«ولكن يبقى م ال يقول ما يعنيه يف كل ن، فاملتكلم يف السياق املعيمعىن قضوي حريف والفعل الذي ينجزه املتكل

وإذا كانت األفعال اإلجنازية اإلعالنية واالستفهامية واألمرية . مناسبات املنطوق على حنو مباشرالسؤال والطلب، فإن هذا ال يعين وجود تناظر كلي بني للتبليغ و-على الترتيب–تستعمل عادة إذا مل يقيد السياق –ميكن " أنت آت غدا: " الفعل اإلجنازي اإلعالنمثال ذلك أن. الفعل ووظيفته

1 Voir John Searle, Sens et expression, P:88-89.

309

أنت آت : أنت آت غدا، أو استفهام: ميكن أن يفسر بأنه تبليغ-اخلاص اللغوي وغري اللغوي .1»"أنت آت غدا"غدا؟ أو طلب

إشارة جلية إىل تعددية حتقيق األفعال اإلجنازية انطالقا من قول خمصوص؛ فيفيد أكثر وهي ، وقدرة املتكلم على جتسيدها يف فعل "سياق احلال"لكن يبقى الفيصل هنا لـ. من فعل إجنازي

يف تداولية أفعال «ه ونشري هنا إىل أن. القول من جهة، وقدرة املستمع على متثلها من جهة أخرى: لكالم كان توليد قوة املنطوق اإلجنازية مظهرا من مظاهر االختالف بني اثنني من مؤسسيها ومهاا

أن قوة املنطوق اإلجنازية حتقيق ملقصد املتكلم حتقيقا " Austinأوستني "أوستني وسريل؛ يرى . 2»يرى أن حاصل تفسري املستمع للمنطوق" سريل"ناجحا، ولكن

بكل بساطة أن املتكلم يتواصل يف األفعال الكالمية غري "Searleسريل "وقد افترض املباشرة مع املتلقي بناء على خلفيات تواصلية مشتركة لغوية وغري لغوية، وانطالقا من القدرات

، فهذه القدرات املعرفية هي اليت يأخذها بعني االعتبار املتكلم يف 3العامة االستداللية للمستمع . جهة، ومتكن املتلقي من حتقيق القوة اإلجنازية املقصودة من جهة أخرىتشكيل القول املعني من

ال معىن «؛ واليت ترى أنه "التداولية املعرفية"وهذه الفكرة هي اليت فتحت اال لظهور فر داخل نفس اإلطار النظري على نظرية معرفية اإلعطاء تفسري تداويل الستعمال اللغة إذا مل نتو

تعلق باملعطيات الداخلية الذاكرة، اخللفية، اجلوانب النفسية، السياقات والظروف، تتناول كل ما ياختيار ما يأخذ باهتمام املخاطب وما يثري فيه من مشاعر ومعتقدات وما جتره من تعديالت على

التداولية املعرفية تعاجل املعلومات انطالقا من جمموع التضمينات املستنتجة من ... مستويات خمتلفةوتفاعل معطيات هذا . 4»األقوال؛ أي املعارف اليت هي خارج اللغة لكنها مستنتجة من اللغةنه من الوقوف على التأويل اجلانب املعريف هو الذي يدعم القدرة االستنتاجية للمتلقي مبا ميك

.املقصود للفعل الكالمي

.289 حممد العبد، النص واخلطاب واالتصال، ص 1 .288، صرجع نفسهمد العبد، امل حم 2

3 Voir, John Searle, P:73. .70-69ة وتقنيات التعبري والتواصل، صعبد السالم عشري، الكفايات التواصلية اللغ. د 4

310

باعتبار أن القدرات وهنا ندعو إىل ضرورة األخذ بعني االعتبار من نوجه إليه الكالم . 1اللغوية واالستداللية والتداولية بصفة عامة دراجات، حىت نضمن النجاح للفعل الكالمي

اإلشارة إىل الفروق اليت قد تالحظ بني القوة اإلجنازية املباشرة والقوة اإلجنازية غري جتدر و :2املباشرة، واليت تتضح مما يلي

للعبارات اللغوية يف خمتلف املقامات اليت ميكن ملباشرة مالزمة تبقى القوة اإلجنازية ا: أوالل لذلك قد منث. استعماهلاأحوالفتتغير بتغري ) الضمينة(أن ترد فيها؛ أما القوة اإلجنازية غري املباشرة

؛ "السؤال" املقامات هي خمتلففالقوة املباشرة املصاحبة هلا يف" هل تصاحبين إىل اجلامعة؟"جبملة ا القوة اإلجنازية غري املباشرة فقد تتنوع حبسب مبتغيات املتلفظ، وحبسب عالقات سياق احلال أم

. أو غري ذلكككل، فقد تشري إىل االلتماس، أو اإلنكار انطالقا من شروط مقامية معينة

، تأخذ القوة اإلجنازية غري املباشرة وضعا ثانويا بالنسبة للقوة اإلجنازية املباشرة: ثانياتلغى فيكتفى بالداللة األصلية؛ فلذلك قد يتسارع تأويل املتلقي للمثال السابق على ولذلك قد

ا مه جمرد استفسار عن إمكانية أو عدم إمكانية مصاحبيت إىل اجلامعة، ويف هذا السياق أساس أن .3السابقة" صبيان الليل "حكاية يف اج احلجارسحل احلريففهمالزلنا نستحضر

أن القوة اإلجنازية غري املباشرة ال يتوصل إليها إال عرب عمليات ذهنية استداللية :ثالثاتتفاوت من حيث البساطة والتعقيد، يف حني تستمد القوة اإلجنازية املباشرة من القول مباشرة،

. وهي بسيطة إذ تبقى يف حدود السياق الصفر للتلفظ

الداللة الظاهرة عدىة اإلجنازية املضمرة اليت تتفأساس الفعل الكالمي غري املباشر هو القوح به لقول لترتبط مبقصد آخر غري معلن مباشرة انطالقا من ترميز معني، وإنما يرتبط باملعىن املصرل

. عن طريق مبادئ ما البد من االستعانة ا ملعرفة ذلك

اخلصائص . »فقد وجب أن خياطب كل إنسان منهم مبا يعتاده ويأنس به، ليكون هلم سهم منه، وحصة فيه«: يقول ابن جين 11/67. للغـوي حممود أمحد حنلة، آفاق جديـدة يف البحـث ا .، ود23-22 ينظر أمحد املتوكل، آفاق جديدة يف نظرية النحو الوظيفي، ص 2

.83املعاصر، ص . من الرسالة254صينظر 3

311

ضمن مقولة إشكالية الترميز وفك الترميز املزدوجة هذه" Searleسريل "وقد طرح Sens etاملعىن والعبارة "، خمصصا هلا فصال كامال من كتابه "La métaphoreاالستعارة "

expression"ه كثريا ما ال يتطابق ،، فكانت لديه من املشكالت األساسية اليت واجهتهذلك أن .معىن املتكلم مع معىن الفعل القويل

ما هي االستعارة؟ وكيف ميكن أن نعبر : هاوإلثراء ذلك انطلق من جمموعة من األسئلة منبالقول االستعاري بدل استعمال القول احلريف عما نريد التعبري عنه؟ كيف تعمل املتلفظات

روا االستعارية؟ مبعىن كيف ميكن للمتكلمني أن يتواصلوا مع املتلقني بالقول االستعاري دون أن يعب أن تكون بعض االستعارات وافية بالغرض وبعضها اآلخر مباشرة عما يريدون التعبري عنه؟ ما معىن

. 1غري واف به؟ وغري ذلك

وأوضح بداية أنه من املهم التأكيد أن مشكلة االستعارة تتعلق بالعالقات اليت تكون بني والحظ أن معظم . معىن الكلمة أو اجلملة من جهة، ومعىن املتكلم أو معىن امللفوظ من جهة أخرى

Le sensاملعىن االستعاري "و" Le sens littéralاملعىن احلريف "تبوا يف ذلك مييزون بني الذين ك

métaphorique "ث عن املعىن االستعاري لكلمة أو تعبري أو مجلة، . للجملةولكن عندما نتحدلتعبري أو ظ به املتكلم ليعين شيئا يبدأ مبا تعنيه حقا الكلمة أو افإننا نتحدث عما ميكن أن يتلف

نا نتحدث عن املقاصد احملتملة للمتلفظ، وحىت عندما نناقش مجلة فارغة املعىن اجلملة؛ لذلك فإن Les idéesاألفكار اخلضراء عدمية اللون تنام بغضب " "Chomskyتشومسكي "مثل مجلة

vertes incolores dorment furieusement"نا ميكن أن نعطيها تأويال استعارياوما نعنيه .، فإن من هذا املثال هو كيف للمتكلم أن ينطق مجلة، ويعين ا شيئا ما من الزاوية االستعارية؛ بينما

Leمعىن منطوق املتكلم "وهلذا يقترح أن يكون هناك تفريق بني . من الزاوية احلرفيةتكون لغوا

sens de l'énonciation du locuteur "معىن الكلمة أو اجلملة "وLe sens du mot ou de la

phrase"؛ العالقة بينهما ليست عشوائية؛ على أن يكون املعىن االستعاري مرتبطا باألول، مث إن .Systématique"2مة منظ"بل هي عالقة

1 Voir John Searle, Sens et expression, P:121. 2 Voir, Ibid, P:122-123.=

312

وملا كان املتكلم يتواصل باستعمال املنطوقات االستعارية أو التهكمية أو األفعال الكالمية رف على املبادئ اليت متكنه من قول شيء ما، والداللة على أكثر من ذلك؛ غري املباشرة البد أن يتع

على أن تكون متداولة لدى املتلقي حىت يتعرف على ما يريده املخاطب؛ وهي مبادئ متكن األول . من تشكيل املتلفظات االستعارية، وتؤمن للثاين إجراءات فهمها

يف هذه املناسبة هي حماولة حتديد املبادئ اليت تربط " Searleسريل "واملهمة اليت اشتغل ا ؛ )sens métaphorique(للجملة مبعىن املنطوق االستعاري ) Le sens littéral(املعىن احلريف

كون املعرفة على استخدام املنطوقات االستعارية وفهمها، أعمق من املعرفة على فهم املعاين احلرفية ، وملا "التأويل االستعاري"و" التأويل احلريف"طرح إشكالية التأويلني وهنا ت. للكلمات أو اجلمل

كان اهتمامه الرئيسي يتمحور حول التأويل الثاين حاول أن يقترب أكثر من هذه اإلشكالية : وصاغها ضمن جمموعة من األسئلة من أبرزها

-ن للمتلقي فهمه؟ما هي املبادئ اليت متكن املتكلم من صياغة املعىن االستعاري وتؤم كيف حندد هذه املبادئ يف ضوء اختالف املنطوق االستعاري عن بقية املنطوقات اليت ال -

1يتطابق فيها معىن املتكلم مع املعىن احلريف؟

ببيان طبيعة املعىن احلريف من أجل مقارنتها مع املعىن " Searleسريل "إلثراء ذلك بدأ و :ألمثلة التاليةاالستعاري، منطلقا يف ذلك من ا

"سايل طويلة"-1 "القطة فوق احلصرية"-2 "بدأت احلرارة تشتد هنا"-3

ضرب أنت تصل منه إىل الغرض بداللة اللفـظ وحـده، وذلـك إذا : الكالم على ضربني «: وقد ناقش اجلرجاين هذه القضية؛ يقول =

. وعلى هذا القياس " عمرو منطلق "، وباالنطالق عن عمرو فقلت "خرج زيد "روج على احلقيقة فقلت قصدت أن خترب عن زيد مثال باخل وضرب آخر أنت ال تصل منه إىل الغرض بداللة اللفظ وحده ولكن يدلك اللفظ على معناه الذي يقتضيه موضوعه يف اللغـة مث جتـد

وإذا قد عرفت هذه اجلملة فهـا هنـا ... مر على الكناية واالستعارة والتمثيل لذلك املعىن داللة ثانية تصل ا إىل الغرض ومدار هذا األ ؛ تعين باملعىن املفهوم من ظاهر اللفظ والذي تصل إليه بغري واسطة، ومبعىن املعـىن أن "معىن املعىن "و" املعىن"عبارة خمتصرة وهي أن تقول

.251-250دالئل اإلعجاز، ص. »لذي فسرت لكتعقل من اللفظ معىن مث يفضي بك ذلك املعىن إىل معىن آخر كا1 Voir John Searle, Ibid P:123.

313

وقد الحظ أن يف كل حالة من هذه احلاالت اليت حتدد املعىن احلريف هناك جمموعة من الشروط احلقائقية، وانطالقا من سياق معني، مث كل مثال حيمل عالمة مرجعية كالزمن احلاضر، أو

هذه تدرك و. 1"احلصرية"و" القطة"د مثل و حال الوصف يف السياق حمدن، أ"فوق"و" هنا"املؤشر كلها يف ضبط التأويل احلريف الذي تقوم عليه تسهم العناصر السياقية يف البنية الداللية للجملة؛ و

.اجلملة يف هذا احلد

ث نقاط أساسية فخلص يف األخري إىل توضيحه ضمن ثال أكثروحاول حتليل املعىن احلريف :هيو

يف املنطوق احلريف فإن املتكلم يعين ما يقول؛ وبذلك يتطابق معىن اجلملة احلريف ومعىن - .منطوق الكلمة

حيدد فقط جمموعة من الشروط احلقائقية املرتبطة -عموما–إن املعىن احلريف للجملة - .داليل للجملةمبجموعة من االفتراضات املسبقة اليت تعد جزءا من احملتوى ال

.2دور أساسي يف أي تأويل للمحمول احلريفب قومفكرة املشاة ت-

فاملعىن احلريف يتطابق فيه معىن اجلملة مع معىن املنطوق؛ لكن هناك حاالت ال يتطابقان قد نالحظ ذلك يف املثال الثالث؛ إذ ميكن أن خنرب به شخصا ما يف سياق معني على شدة احلرارة يف

؛ لكن يف حاالت أخرى قد يفيد قوة إجنازية خمصوصة؛ فحينما نكون يف )معىن حريف(د مكان حمدوقد يعين هذا ). منطوق غري حريف(غلقت أبواا ونوافذها قد يدل على طلب فتح النافذة غرفة أ

وقد يدل يف سياق آخر حتاوري على شدة ). معىن كمي(التعبري يف موقف استهزائي شدة الربودة ).منطوق استعاري(اش واجلدال النق

ليتضح كيف أن املنطوق غري احلريف يتعدى حدود املعىن الداليل ليتعلق بالطرح التداويل، مبا أن تأويل االستعارة ووظيفتها يقومان على بنية موسوعية ال على بنية قاموسية فإن ذلك «و

1 Voir, John Searle, Ibid P:124. 2 Voir, John Searle, Ibid P:125-126, سعد سليمان محودة، التفكري االستعاري .أمحد حسن صربة ود.وينظر أيضا د

.61، ص2002عية، والدراسات البالغية، اإلسكندرية دار املعرفة اجلام

314

عينة واستبعاد أخرى كانت حاضرة، وذلك في األقوال االستعارية من شحنها بدالالت مميكن مؤليف وسم وختصيص اإلطار العام للمنطوق " السياق"ويف ذلك إشارة إىل دور . 1»تبعا للسياق

االستعاري، والذي تتفاعل فيه عالقات حقائق املصرح به ومعطيات امللمح إليه ذي الصلة بواقع املنطوق االستعاري عن غريه هي عالقات على أن ما مييز العالقات يف .احلال الذي يستعمل فيه

.املشاة اليت تكون بني طريف املصرح به وامللمح إليه

؛ انطالقا من فعل "فعل التأويل"والبد من اإلشارة إىل أن خلق هذه العالقات يقوم على لى املتكلم الذي ينتقي القول االستعاري املعني انطالقا من حمتوى قضوي ما من جهة، واعتمادا ع

سياق حمدد من جهة أخرى، ووصوال إىل تلقي املخاطب؛ والذي يقوم على اكتشاف العالقة وفعالية األقوال االستعارية تتمظهر من . املقصودة بني املنطوق احلريف واملنطوق االستعاري املقصود

وهذا ما . وبخالل جناح هذه العالقات، وبالتايل دفع املخاطب إىل حتقيق الفعل اإلجنازي املطل ق القول االستعاري هذه الفعالية؟كيف حيق: ونقول: جيعلنا نعيد طرح السؤال

أكيد أنه ال ميكن ضبط ذلك إال إذا عرفنا كيفيات إنتاج الفعل االستعاري من لدن املتكلم ن أنه لو استطعنا الوصول إىل املبادئ اليت متك" Searleسريل "ويذكر . وتأويله من طرف املتلقي

السامع من فهم املنطوقات االستعارية، فإننا نكون قد قطعنا شوطا مهما من أجل فهم الكيفية اليت متكن املتكلم من إنتاجها؛ ذلك أنهما جيب أن يشتركا يف جمموعة من املبادئ العامة اليت تؤطر

بع ثالث فإنه البد أن يت؛"سايل كتلة ثلج"ولنفترض أن املخاطب استمع إىل منطوق من مثل . ذلك :2خطوات لفهم املنطوق االستعاري

جيب أن ميتلك االستراتيجية اليت متكنه من حتديد ما إذا كان عليه البحث : اخلطوة األوىل .يف التأويل االستعاري للملفوط

عندما يقرر البحث يف التفسري االستعاري البد أن ميتلك جمموعة من : اخلطوة الثانية ).املعىن االستعاري" (ع"تراتيجيات أو املبادئ حلساب القيم احملتملة لـاالس

حممد ولد األمني الطبلة، حجاجية التأويل يف البالغة املعاصرة، طرابلس املركز العاملي للدراسات وأحبـاث الكتـاب األخـضر، . د 1

.50، ص1/2004ط2 Voir John Searle, Sens et expression, P:152-153.

315

جيب عليه أن يتوافر على جمموعة من االستراتيجيات أو املبادئ اليت تسعفه : اخلطوة الثالثةاليت استخدمها املتكلم " ع"؛ لكي يتمكن من حصر جمال )املعىن االستعاري" (ع"من ضبط نطاق

).نطوق احلريفامل" (س"لتأكيد

هو األساس الذي حيتضنه؛ " القول االستعاري"الذي يستعمل فيه " سياق احلال"ونرى أن فيكشف عن تداعيات تشكيله من لدن املتكلم، ويوفر معطيات تأويله من طرف املتلقي، فيكسب

محن وههنا يشري طه عبد الر. األلفاظ دالالت استعارية جديدة تكشف عن طبيعة املعىن املقصود، تضبط اشتغال 1إىل أن هناك ثالثة مبادئ ميثل كل منها مظهرا من املظاهر الداللية لالستعارة

العالقات االستعارية بني املعىن احلريف واملعىن االستعاري، وقد اعتمد يف ذلك على تفسريات :اجلرجاين، وهي

ملستعار منه واملستعار له ؛ ومقتضاه أن املستعري يبلغ بالتشابه بني امبدأ ترجيح املطابقة-عمليات "يتم ذلك بـ. 2درجة ينتفي معها االختالف والتفاوت بينهما حىت يصريا شيئا واحدا

تقوم على إسقاط اسم املستعار له واالقتصار " العمليات التعبريية"؛ فـ"تعبريية وتفكريية خمصوصةكر على اجلامع بني املستعار له تركيز الف" العمليات التفكريية"على ذكر املستعار منه، وتقتضي

.املستعار منه، وإطراح ما عداه من األوصاف

؛ ويستدعي أن املنطوق االستعاري ليس يف اللفظ املقتضى املعنوي ومبدأ ترجيح املعىن-بقدر ما هو يف املعىن، ودور املتلقي هو الوصول إليه طبقا للخطوات استداللية معينة، إما بلزوم

.الظاهر أو بلزوم بعيد يقتضي وسائط داللية أخرى تزيد أو تنقصقريب من املعىن

على أن القول متعلق بعضه ترجيح النظم؛ ويقوم مبدأ ترجيح النظم واملقتضى النظمي-ب بوجه خمصوص؛ إذ ببعض، ومرت»ما تدل على املعىن بوضع خمصوص وترتيب العبارة إن

.306-305ي، طه عبد الرمحن، اللسان وامليزان أو التكوثر العقل. ينظر د 1

، 324 أسرار البالغـة ص ينظر. وقد ذكر اجلرجاين أن من شرط املستعار أن حيصل للمستعري منافعه على احلد الذي حيصل للمالك 2 .277وينظر العسكري، الصناعتني،

316

وال يستقيم إحكام هذا التعلق . 1» تلك الداللةخمصوص، فإن بدل ذلك الوضع والترتيب زالتي أمرينوضبط هذا الترتيب إال بتوخ:

النطق؛ ليس الغرض بنظم الكلم أن توالت ألفاظها يف« إذ ؛ي مقتضيات العقلتوخ: أوهلما وهذه املقتضيات هي .2»تالقت معانيها على الوجه الذي اقتضاه العقلبل أن تناسقت داللتها و

أن " Searleسريل "ويف هذا السياق يرى . م عمليات الفعل التأويلي للمدلول االستعارياليت تنظاملبدأ األساس الذي تعمل من خالله االستعارات هو أن منطوق التعبري مع معناه احلريف، والشروط

اجلزء احلقائقية املالئمة يستطيع أن يستدعي إىل العقل معىن آخر وشروطا حقائقية مالئمة أخرى، واألصعب يف نظرية االستعارة هو شرح املبادئ اليت يستطيع منطوق التعبري طبقا هلا أن يستدعي إىل

.3العقل استعاريا جمموعة من الشروط احلقائقية املختلفة عن تلك اليت حتددت يف معناه احلريف

لقول قوانني النحو وقوامها النظر يف أسباب التفاضل التعبريي والتبليغي ل: ثانيهما .االستعاري، فضال عن قيامه بشرائط السالمة التركيبية

معناه أطلعنا «، فـ4﴾وكذلك أعثرنا عليهم﴿: أمهية ذلك من قوله تعاىلكشف عنقد نها تتضمن غفلة القوم عنهم حىت اطلعوا عليهم، وأصله أن من عثر واالستعارة أبلغ؛ ألن. عليهم

فتداعيات . 5»ه حىت يعرفه، فاستعري اإلعثار مكان التبيني واإلظهاربشيء وهو غافل نظر إلي ".أطلعنا أو أظهرنا أو غري ذلك"بدل " أعثرنا"التفاضل ههنا تستدعي توظيف

تشكل الفكرة األساسية اليت ينبين على أساسها فعل إنتاج " االستبدال"ولإلشارة فإن فكرة بؤرة االستعارة تستخدم لتوصيل «من جهة أخرى، كون القول االستعاري من جهة، وفعل تأويله ووظيفة القارئ أن يقلب ) L(بـ) M( املؤلف يستبدل ذمعىن ميكن أن يتم التعبري عنه حرفيا؛ إوفهم االستعارة يشبه فك ) L(كمفتاح للمعىن احلريف ) M(االستبدال باستخدام املعىن االستعاري

.179 حازم القرطاجين، منهاج البلغاء وسراج األدباء، ص 1 .66-65 صدالئل اإلعجاز، ، اجلرجاين 2

3 Voir John Searle, Sens et expression, P:125. أمحد حسن صربه، التفكري االستعاري والدراسات .وينظر د.64البالغية، ص

).21( الكهف 4 .275ص العسكري، الصناعتني، 5

317

ري لطبيعة العالقة اليت تتم بني املعىن احلريف واملعىن ويف كل ذلك تفس. 1»الشفرة أو حل اللغز .االستعاري والقائمة يف أساسها على فكرة املشاة

فيقتضي ربط املخبر عنه واملخبر به، بإضافة عنصر ثالث مهم وهو املقتضى النظمي أما الداللة التداولية اليت ويف هذه اإلضافة نقل للقول االستعاري من الداللة اردة إىل". ذات املخبر"

.2"مقتضيات مقام الكالم"تتوخى

وأدىن تأمل يف هذه املبادئ فإنها دينا يف ضبط طبيعة التأويل الذي يستدعيه القول على العالقات اليت تتم بني القول واملعىن احلريف -"Searleسريل "بتصوير -االستعاري؛ والقائم

، لكن "س هي ص"ن ينطق أ ميكن للمتكلم ية اليتكيفالىل شرح واملعىن االستعاري، واليت تدعونا إ ."س هي ع"عىن املراد حتقيقه يف ذلك هو امل

قد منثل لذلك من التعابري االستعارية املبسوطة يف وصف اإلبراهيمي لـسجايا االسـتعمار، مـن عمـل االستعمار كله رجـس «: حيث يدعو الشعب اجلزائري إىل الفطنة من ذلك فيقول

الشيطان، يلتقي القائمون به على سجايا خبيثة، وغرائز شرهة، ونظـرات عميقـة إىل وسـائل االفتراس، وإخضاع الفرائس، وأهم تلك الوسائل قتل املعنويات وختذير اإلحساسات الروحيـة؛ ولكن هناك تفاوتا بني استعمار واستعمار؛ فاستعمار يباشر وسائله باحلقد ويشرا معاين االنتقام،

. 3»وآخر يباشرها بنوع من التسامح واللني

القصد فيه ال يقف عند حدود املنطوق احلـريف املباشـر ) س(وهي كلها أقوال استعارية : قائمة يف أساسها على قوتني إجنازيتني) ع(؛ بل يتعدى ذلك لريتبط مبقاصد أخرى )ص(

.80سعد سليمان محودة، التفكري االستعاري والدراسات البالغية، ص.أمحد حسن صربه ود. د 1 .306 اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي، طه عبد الرمحن،. ينظر د 2 .3/105 اإلبراهيمي، آثار اإلمام حممد البشري اإلبراهيمي، 3

318

نة العامل ومعلمته وناشرة لـواء ها ممد متتاز بادعاء أن «تكذيب من يدعي أن فرنسا : مهاأوال، وهو املقصد الذي ميكن للمتلقي يستحضره انطالقا من معرفته الواقعية، انطالقا من 1»احلرية فيه

.األفعال الشنيعة اليت قام ا االستعمار

أن ينتبه إىل أمور دينه ودنياه بكفاءاته وأعالمـه على لشعب اجلزائري ل هتأكيد: ايتهمثانومواهبـهم «: -كما يقول اإلبراهيمـي –الغرية على وطنهم، بعدما أن رمى االستعمار الذين هلم

ويصل املخاطب إىل هـذا . 2»بالتعطيل، وعقوهلم باخلمود، وأذهام بالركود، وأفكارهم بالعقم سمات البارزة اليت تقتضيها املشبهات اليت شبه ا االسـتعمار الاالستنتاج بعدما أن يتعرف على

؛ فأكيد أن أفعاله ال تكون إال شريرة؛ وذلك ما يـستدعي مـن "شيطان، مفترس، حقود ": فهو هـذا هـو املتلقي بعدما أن يدرك ذلك أن تكون له ردة فعل حىت ينجد نفسه وأهله؛ ونعتقد أن

.الفعل اإلجنازي الذي قصده اإلبراهيمي من هذه األقوال االستعارية

مبادئ تأويل القول -"Searleسريل "كما يرى - وعلى أساس هذه العالقات تتشكل : ، واليت تتضح حبسب طبيعة العالقة بني املعىن احلريف واملعىن االستعاري3االستعاري

من حيث التحديد، وإذا أثرت ) ص هي ع(يضم األشياء اليت تكون فيها : املبدأ األول" االستعمار رجس: "مثل، )ص(ستكون واحدة من اخلصائص البارزة لـ) ع(االستعارة فإن

؛ ألن الرجس من الشيطان من حيث التحديد؛ "االستعمار مؤذ ال خري فيه "فسوف تؤخذ على أن .إذ يتميز بذلك

من حيث االحتمال، ولو أثرت ) ص هي ع(األشياء اليت تكون فيها : املبدأ الثايناالستعمار "فلو قلنا ، )ص(سوف تكون خاصية مميزة أو معروفة لـ) ع(االستعارة فإن خاصية

. االستعمار ال رمحة له، مبطش باإلنسان، وغري ذلكفهو قول استعاري يثبت أن" مفترس

.3/103 ، اإلبراهيمي، آثار اإلمام حممد البشري اإلبراهيمي 1 .3/97 اإلبراهيمي، املصدر نفسه، 2

3 Voir, John Searle, Sens et expression, P:156-159. أمحد حسن صربه . الترمجة على ترمجة دوقد اعتمدنا يف. 72-68وسعد سليمان محودة، التفكري االستعاري والدراسات البالغية، ص

319

" االستعمار شيطان"هذان املبدآن املنطوق االستعاري بالتشبيهات احلرفية يربط وروقات نا سنالحظ فولو ربطنا هذا املبدأ بالذي سيليه فإن. وغري ذلك" االستعمار حيوان مفترس"و

ع(ه به يف املشب.(

من حيث القول أو االعتقاد حىت لو ) ص هي ع(األشياء اليت تكون فيها : املبدأ الثالث؛ فهذه األشياء ميكن أن 1"سام غوريال: "مثل) ص(حالة كاذبة لـ) ع (ي أنعرف املتكلم واملتلق

الغوريال يف أن يعيانواملستمع، ميال للعنف وغري ذلك، حىت وإن كان املتكلم ه حقري، مؤذتعين أن احلقيقة كائنات حذرة وجبانة وحساسة، لكن أجياال من التصورات األسطورية حول الغوريال

ن يعرفان أن هذه انت االستعارة من العمل، حىت وإن كان املتحاورصاغت هذه التداعيات اليت مك .االعتقادات كاذبة

، )ص(ق بـوال تشبه األشياء اليت تتعل) ع ليست ص(األشياء اليت تكون فيها : املبدأ الرابعنا نستطيع ولكن هناك حقيقة حول حساسيتها، سواء ما إذا كانت حساسية ثقافية أو طبيعية، إن

مثل لو قلنا)ص(يستدعي إىل عقولنا مسات ) ع(ل رابط جيعل نطق ختي ،: "سايل كتلة ثلج"- "أنا يف حالة مزاجية سوداء"- "ماري حلوة"- .وحنن يف انتظار الطائرة" تزحف، تتمطط، تنطلق، تسرع"كانت الساعات "-

غاضب ) أنا(إذ تثري هذه اجلمل جمموعة من احلساسيات؛ فسايل غري عاطفية، واملتكلم وحمبط، وماري رقيقة وحساسة، والساعات تبدو يف حاالت خمتلفة من الدوران وحنن يف انتظار

هذه التداعيات متيل إىل ائمة على تشبيهات حرفية، ونالحظ أنفهذه االستعارات غري ق. الطائرةأن تكون مقاسة؛ عالقة درجات احلرارة مع جماالت العواطف، ودرجات السرعة مع دوران

.الوقت وهكذا

Richard est un"وهو " سريل"سعد سليمان محودة كمقابل للتمثيل الذي اقترحه .أمحد حسن صربه ود. وهذا ما يقترحه د 1

ours mal léché ."69اسات البالغية، صينظر التفكري االستعاري والدر.

320

ها تشبهها، غري ، وال يعتقد أن)ع(ليست مثل موضوعات ) ص(موضوعات : املبدأ اخلامسأصبحت : " ترقيةفقد ميكنين أن أقول لشخص نال) ع(يشبه شرط وجود ) ص( شرط وجود أن

ه أصبح مثل األرستقراطي؛ بل حالته اجلديدة قد أصبحت ؛ إذ ال أعين شخصيا أن"أرستقراطيا .شبيهة حبال األرستقراطي

يف املعىن، ني، أو متشاتنيمتماثلت) ع(و) ص(هناك حاالت تكون فيها : املبدأ السادس، مثال )س( يف تطبيقها، وال تطبق حرفيا على حمصورة،)ص(وهي عادة ،لكن تكون واحدة منهما

: نستخدمها استعاريا يف أنمع األثواب، ولكن نستطيع" Décatiبايل "حنن نستعمل حرفيا .1"هذه املرأة بالية"- ".هذا الس النيايب بال"- ".عقله بال"-

ن باب التأكيد أن هذا األشياء أصبحت وهي أقوال استعارية كثريا ما تشيع يف استعماالتنا م . فقد جتاوزها الزمن؛ وبالتايل نفعايال جتد

ها وهو وهو مبدأ غري مستقل عن املبادئ األخرى؛ بل هو مرتبط ا كل: املبدأ السابعها ؛ ولكن)س هي ص(أسلوب من أساليب تطبيقها على حاالت بسيطة ال حتتوي على الشكل

ستعارات ذات أشكال تركيبية مثل تلك اليت حتتوي على فعل أو صفة استعارات عالئقية، أو ا :ل االستعارات العالئقية من مثلولنتأم. إسناد

"سام يلتهم كتابه"- "السفينة تشق عباب البحر"- "واشنطن هي أب هذه البلد"-

تعالق ا منطوقات تففي كل حالة من هذه احلاالت لدينا منطوق حريف لعبارات امسية عارية أخرى ليس بالضرورة أن تتوافق معها يف ذلك؛ بل كان يف املثال األول والثاين مجلة فعلية است

إذا استهلكت بقدر كبري فأصبحت ال تقدر على أمور بيتها، وليس هلا القدرة على التأقلم مع " امرأة ماضية" ونستعمل يف عاميتنا مجلة 1

.املستجدات

321

س هي (ومهمة املستمع ليست االنتقال من . ي، ولكن يف الثالث كان منطوقا امسيافعلها متعد، )1س ع يف تعالقه ب س(إىل ) 1س ص فيتعالقه بـ س(؛ بل االنتقال من )س هي ع(إىل ) ص مبادئنا التشبيهية على سبيل املثال يف احلالة همة األخرية ختتلف شكليا عن املهمة األوىل؛ ألنوامل

لكن يف احلالة )ع(وأعين ) ص(و) س(نا من إجياد السمة اليت متتلكها كل من األوىل سوف متكن ،األخرية فإناليت ختتلف ) ع(ة ه سيجد العالقه لن يستطيع إجياد العالقة بينهما، وبدال من ذلك فإن .1، لكن تشبهها من بعض اجلوانب)ص(عن العالقة

ه وفق تفسريه لالستعارة الذي اقترحه، فإنها أنSearle "سريل "ويذكر فيه : املبدأ الثامنه حالة من حاالت ر ااز املرسل وجماز الكلية على أنعندما نفس" علم املصطلح"ستصبح قضية

س (ويعين أن ) س هي ص(نوع مستقل من اازات؛ فعندما يقول املرء االستعارة، أو على أنه عالقة "أو " عالقة اجلزء بالكل"ميكن أن تتداعيا بواسطة عالقات مثل ) ع(و) ص(فإن ) هي ع

فإن -كما يف االستعارة–، يف كل حالة "عالقة املالبس مبن يرتديها"أو حىت " الشكل باملضمونمن خالل مبدأ ترابط ) ع( يوصل احملتوى الداليل للمصطلح) ص( حاحملتوى الداليل للمصطل

. بينهما

ي أميل إىل معاجلة مبادئ االستعارة شديدة االختالف فإنأنه مبا أن " Searleسريل "ويذكر ها لقائمة املبادئ ءااز املرسل وجماز الكلية كحالة من حاالت االستعارة، ولذلك أضيف مباد

، وإىل الفرع "التاج"ه سبيل املثال أستطيع أن نشري إىل العرش الربيطاين على أناالستعارية، فعلىبوساطة استخدام مبادئ منسقة من ) البيت األبيض(ه التنفيذي حلكومة الواليات املتحدة على أن

عاء أنالتداعي، ومع ذلك فإن اده مسألة هذه األنواع يف حاالت خاصة من االستعارة يبدو يل أن

لة من الطريقني مجيعا وذلك أن وقد يتصور أن يدخل ااز اجلم«: ا تناول أشكال تشكيل ااز يقولمن وقد طرق ذلك اجلرجاين حي 1

يشبه معنى مبعنى وصفة بصفة، فيستعار هلذه اسم تلك، مث تثبت فعال ملا ال يصح الفعل منه، أو فعل تلك الصفة فيكون أيـضا يف كـل جعل األنس واملسرة احلاصـلة يريد آنستين وسرتين وحنوه، فقد " أحيتين رؤيتك "واحد من اإلثبات واملثبت جماز، كقول الرجل لصاحبه

جعل الفتنة هالكا على ااز، مث أثبت " أهلك الناس الدينار والدرهم "ونوع منه ... بالرؤية حياة أوال، مث جعل الرؤية فاعلة لتلك احلياة .372أسرار البالغة، ص. »اهلالك فعال للدينار والدرهم وليس مم يفعالن، فاعرفه

322

د أتباع مذهب الصفاء اللغوي مذهب الصفاء اللغوي، فصل مبادئ االستعارة عن اصطالح، ولو أي .1املبادئ اليت حتكم ااز املرسل وااز الكلية

ضبط طبيعة معىن القول االستعاري املميزة " Searleسريل "ها منحاولها مبادئ وهي كلول شرحها يف اية الفصل الذي خصصه عن غريها من املنطوقات غري احلرفية، واليت حا

م بعض املبادئ واخلطوات اليت لالستعارة، حيث أراد الفصل بني أصناف املعاين غري احلرفية، ويقدعت بنيتتحكم يف تأويله، واليت تنو:

.املنطوق االستعاري؛ وفعله التأويل القائم على املبادئ الثمانية السابقة-يف التأويل؛ وذلك كأن يكسر " Oppositeالنقيض "على مبدأ القائم ومنطوق املفارقة؛ -

يا له من فعل : " الفعل بصيغة تأنيبية قائمة على النقيض فنقولإنسان مزهرية مثينة فقد يكون رد، )معىن املتكلم(املعىن املقصود ) احلريف(، حيث يناقض يف هذا السياق املعىن احلقيقي "رائع قمت به

".الذم مبا يشبه املدح"و" املدح مبا يشبه الذم"لغتنا العربية وهو يشبه ما يسمى يف

ويضم كل احلاالت اليت قد ،الفعل الكالمي غري املباشر وهو أوسع من الصنفني السابقني- بل حيتوي جممل األغراض اليت قد تستعمل على ؛ال يبقى فيها املقصد يف حدود املعىن احلريف للقول

، ويضم "هل ميكن أن تناولين امللح"ذا ما شرحناه من قبل ضمن مثال وه،أساسها خمتلف التعابرييف لغتنا العربية الكناية والتورية، وخمتلف األساليب الطلبية اليت قد خترج عن معانيها األصلية إلفادة

.أغراض أخرى يدل عليها سياق الكالم

هذا السياق تساءلت ليبقى السؤال املهم عن املغزى من استعمال املنطوق غري احلريف، ويفعن الداعي الذي قد جيعل املتكلم جينح إىل اإلضمار بصفة عامة؛ " Orecchioneأوركيوين "

الذي حيول دون أن نتكلم بشكل مباشر، فيكون ذلك أسهل على اجلميع؟ فإن ما السر: وقالتومبوازاة ذلك يف حال كان ؟ "د"، لم ننطق باجلميلة الثانية "ج"كنا نرمي إىل قول اجلميلة األوىل ؟"د"لم نقرأ فيه معىن اجلميلة الثانية " ج"القول يتحدث عن اجلميلة األوىل

1 Voir, John Searle, Sens et expression, P: 159.

323

اليت أثرناها من قبل فإننا سنالحظ أن الفعل " قوانني التفاعل"وإذا أخذنا بعني االعتبار ، تقول "قانون الصدق"و" قانون الوضوح"الكالمي غري املباشر هو يف أساسه اختراق هلا، وخباصة

ال خيلو األمر من بعض املفارقة هنا؛ ألن الصيغ غري املباشرة اليت «": Orecchioneأوركيوين "تتطلب فائضا من العمل اإلنتاجي والتأويلي تتعارض مع مبدأ بذل أقل جهد ممكن، وألنها تنتهك

. 1»أيضا وبصورة دائمة قاعدة الصيغة

تستدعي أن نستعمل الصيغة املباشرة ذات - االستعمالوهو األصل يف–فضوابط الوضوح الداللة احلرفية على املقصود، لكننا قد نلجأ إىل الصيغة غري املباشرة؛ ألنها قد تكون يف بعض

قد منثل لذلك مبا ذكره ابن عبد . املواقف األكثر داللة، واألقوى تأثريا، واألدق يف حتقيق الغرض: ووقفت امرأة على قس بن سعد بن عبادة فقالت«وامرأة؛ إذ قال ربه حول قس بن ساعدة

. 2»امألوا هلا بيتا خبزا وحلما ومسنا! ما أحسن هذه الكناية: أشكو إليك قلة اجلرذان، قال؛ بل "أشكو إليك فقري"مل تعمد إىل القول املباشر " أشكو إليك قلة اجلرذان: "فاملتكلمة يف قوهلا

عمال فعل قويل انتهكت فيه قاعدة الوضوح، متجاوزة الصيغة املباشرة، وكان حققت مبتغاها باستمث إن املؤول مل يبق يف حدود املعىن الداليل؛ بل جتاوز ذلك . ذلك أبلغ وأدق وأمتع من التصريح

إىل املعىن التداويل الذي يقتضيه سياق االستعمال، كما أن إجابته عكست مدى التأثر الذي أحس .استحسانا ملا مسع!" ما أحسن هذه الكناية"داية به فقال ب

اعلم أن «: إىل ابن عباس وهو عامله بالبصرة" كرم اهللا وجهه"ومن ذلك أيضا كتاب علي البصرة مهبط إبليس ومغرس الفنت، فحادث أهلها باإلحسان إليهم، واحلل عقدة اخلوف عن

متيم وغلظتك علهيم، وإن بين متيم مل يغب منهم جنم إال طلع قلوم، وقد بلغين تنمرك على بين فحادث : "وهي أقوال استعارية قائمة على قوى إجنازية غري مباشرة، فالفعل الكالمي. 3»هلم آخر

يدل بطريقة غري مباشرة على ضرورة تقدمي القول الطيب الذي يستلطف به أهل " أهلها باإلحسانيرتبط بقوة " واحلل عقدة اخلوف عن قلوم"وقوله . ال اإلحسان إليهم أيضاالبصرة وتنتج عنه أفع

.إجنازية غري مباشرة تدل على األنس ألهل البصرة وتقرير خواطرهم

.493 أوركيوين، املضمر، ترمجة ريتا خاطر، ص 1 .1/216 ابن عبد ربه، العقد الفريد، 2 .219ص/1، ج)ت.د( حييي بن محزة العلوي، الطراز، القاهرة دار الكتب اخلديوية، 3

324

أما حنن «": علماء السنة"ومنه قول اإلبراهيمي يف رده على بعض الناس وقد مسوا أنفسهم وأهلها والدنيا لكم تبع رهبناكم وأمركم إىل إقبال، فواهللا ما نباليكم جمتمعني وال متفرقني وما

من خفاياكم وخباياكم وزواياكم ضجت الدنيالكم شيع، فكيف نرهبكم وأمركم إىل إدبار وقد وهي تعبريات استعارية . 1» إىل عالم الغيوب؟اشتكت منكم اجليوبوبالياكم ورزاياكم؟ وكم

.ا أمناء ملا تقتضيه السنةساخرة واستهزائية من هؤالء الذين مل يكونو

ومن هنا تظهر فعالية الفعل الكالمي غري املباشر؛ إذ ميتلك من املرونة ما جيعله ينفتح على ة والتعظيم والتفخيم والتهويل والتحسني واالختصار التأويل فيتصف خبصائص عديدة منها الدق

. أغراضهوغريها، مما جتعل املتكلم له رغبة الشديدة يف استعماله لتحقيق

غري أن انتهاك قانون الوضوح يف الصيغة اللغوية هنا ال يتم إال وفق معطيات تضمن التأويل املقصود؛ وقد الحظ بالغيونا ذلك، ولذلك استحسنوا ااز عن احلقيقة بشرط أن تكون هناك

والتعريض ،صاح الكناية أبلغ من اإلفقد أمجع اجلميع على أن«: يقول اجلرجاين. 2بينة على املراد ذلك وإن ااز أبدا أبلغ من احلقيقة إال أن وأن، وفضال لالستعارة مزية وأن،أوقع من التصريح

ه ال تطمئن نفس العاقل يف كل ما يطلب العلم به حىت يبلغ فيه غايتهكان معلوما على اجلملة فإن، فنحن وإن كنا ،ة ومكان مسألة وحىت ال يبقى عليه موضع شبه،وحىت يغلغل الفكر إىل زواياه

ك إذا قلت نعلم أن"ى ملعناك" الرمادهو طويل النجاد وهو جموأنبل من أن تدع الكناية ، كان أ رأيت " كان لكالمك مزية ال تكون إذا قلت "رأيت أسدا" وكذا إذا قلت .وتصرح بالذي تريد

فأشكال ااز أبلغ .3»ه ذلك هو يف معىن الشجاعة ويف قوة القلب وشدة البطش وأشبا"رجالها تلفت انتباه املتلقي مبا يدفعه إىل تأمل ذلك، وبالتايل وأدق وأقوى يف الداللة من احلقيقة؛ ألن

.حتقيق األغراض اليت تقوم عليها

:إن نسبة القوم إىل السنة كنسبة عمرو الذي قال فيه الشاعر«م ، يقول فيه1/113 اإلبراهيمي، آثار اإلمام حممد البشري اإلبراهيمي، 1 !أرفق بعمرو إذا حركت نسبته فإنه عريب من قوارير

ال جرم أم سنيون من قوارير، لكننا ال نرفق م على النحو الذي دعا ذلك الشاعر اهلازئ، فإن عمرو مل يضر أحدا بادعائه النسبة إننا لنعلم حقا أن هذه !! فمن الرفق باألمة وم أن نكسر القوارير فينكسر معها الضالل واإلضالل: بل أضلواالعربية، وهؤالء أضروا

.1/113. »شيخ مزور وعامل مأجور وعامي مغرور: الطائفة اليت مست نفسها علماء السنة ترجع يف أصوهلا إىل ثالثة .2/133 ينظر شرح املختصر، لسعد الدين التفتازاين، 2 .82 اجلرجاين، دالئل اإلعجاز، ص 3

325

يوم يكشف عن﴿: ولنوضح قيمة ذلك نستأنس مبا ذكره العسكري يف قوله تعاىليوم يكشف عن شدة " وأحسن وأدخل مما قصد له من قوله لو قال هذا أبلغ«: ، يقول1﴾ساق

مشر عن ساقك فيه، "، وإن كان املعنيان واحدا؛ أال ترى أنك تقول ملن حتتاج إىل اجلد "األمر ر ؛ فقد يؤث2»"جد يف أمرك"فيكون هذا القول منك أوكد يف نفسه من قولك " واشدد حيازميك له

مشر عن "قه املنطوق احلريف؛ ففعالية الفعل اإلجنازي يف سياقات ما أكثر مما حيقالقول االستعاري يف تظهر من خالل التعبري االستعاري، واليت قد ال تتحقق لو " ساقك فيه، واشدد حيازميك له

.استعملنا هلا القول احلقيقي

للفعل الكالمي غري املباشر ومن كل األمثلة السابقة نالحظ كيف أنه على املتكلم أال جينح ، وتقتضى )القدرة اإلملاحية(إىل القوة اإلجنازية املرادة " اإلملاح"إال إذا كانت له القدرة على

تركيب األلفاظ وبسط العالقات اليت من شأا أن توحي على املقصود، وهي ذات طبيعة تداولية .بالغية اتصالية

أكثر " Insinuationاإلملاح "ن استعمال شروط إىل أ" Quintilianكانتيليان "وقد أشار : إننا نستعملها هلدف ثالثي«: إثارة لالهتمام؛ ألنها تعىن مبجمل الصيغ املضمرة، وهو يقول عنها

حني حتول أصول اللياقة : أوال حني تساورنا الشكوك حول وجوب التعبري بصراحة أم ال، مث ثانيا بلوغ هدف األناقة فحسب، وألن للحداثة والتنوع سحرا بقصد: دون الكالم املباشر، وأخريا

ويف كل ذلك إشارة إىل األسباب اليت جتعل املتكلم يلجأ إىل . 3»يفوق سحر عالقة الوقائع املباشرة .؛ واملرتبطة يف أساسها مبعطيات سياق احلال ككل)استعمال املضمر(الصيغة الكالمية غري املباشرة

مع عماله يف مكتبه إىل أن حيني وقت -مثال–مثل أن يكون املدير قد نوضح فعاليتها من ".انصرفوا"، فقواعد اللباقة هنا تستدعي منه أال يقول "لدي اآلن ارتباطات: "انصرافه فيقول

).42( القلم 1وهذه األمثلة ما تزال شائعة يف عاميتنا ونستعملها بقوة حينما نريد أن نؤكد على ضرورة أن يكون . 274 العسكري، الصناعتني، ص 2

.املخاطب على قد ما سينجزه .497 أوركيوين، املضمر، ص 3

326

منا، واليت تعين بالصيغة اخلربية لباقة" ساعتك مجيلة ":ناائصدقحد أومنه كذلك قولنا أل .ا؟ فالغاية هنا هي احلصول عليهاهل ميكن أن تعطيين إياه"

أمهية هذه الشروط أكثر من تفعيل القوة االستداللية للمتلقي مبا يدعوه للبحث عن تظهر و .التأويل املناسب انطالقا من العالقات اليت تستدعيها مؤلفات الكالم

327

ان الفعل الكالمـي بـسياق لعل أهم شيء نكون قد توصلنا إليه من هذه الدراسة هو ار

وهو ليس قواعـد أو . احلال، حيث عد لدى رواد نظرية األفعال الكالمي من مشكالته وجمسداته مضبوطة؛ شأا شأن القوانني الصوتية أو النحوية؛ بل يقوم على ضـوابط معيارية جمموعة قوانني

ح إال بتجسيدها يف موقف حـي، من نوع خاص تغذيها جمموعة من املعطيات اخلاصة اليت ال تتضوهلا صلة يف جوهرها مبكان اإلنتاج الكالمي وزمانه وظروف إنتاجه، وطبيعـة منتجـه ومتلقيـه ومستوياما االجتماعية والثقافية والنفسية، وعالقات االستعمال اللغوي اليت قد تقتضي اجلـد أو

، وما قد يتعالق مع الفعل القويل مـن اهلزل، التصريح أو املراوغة، وطبيعة املوضوع املتحدث عنه . حركات وإشارات يف ذلك

: إىل جمموعة من النتائج وهي كاآليت بعد البحث يف قضايا هذا املوضوع خلصناقدو

1-ـ تدتعد ه تـردد مفهومـه بـني حيث الحظنا أن " سياق احلال " املصطلحات املتعلقة ب .وغري ذلك" احلال"قام وامل"و" سياق املوقف"، و"السياق غري اللغوي: "مصطلح

" احلـال "و" املقام" مفهوم -القدامى منهم على وجه اخلصوص -تداخل لدى الدارسني -2ضمن مفاهيم متنوعة، ولكن نستطيع أن نقول أن املصطلح األول شاع عند املتقدمني، أما الثـاين

.فتردد أكثر عند املتأخرين

إىل درجة أن يـصعب التفريـق " قامامل"و" احلال"وقد تداخل لدى البالغيني مصطلحا -3، "مقـام القـصر " "مقام التوكيد"بينهما، فأطلقا يف بعض األحيان ليدال على خصوصيات الكالم

".حال اجلد" "مقام أو حال التشكر"وأطلقا ليدال على صفة حالية؛ مثل

حال عند البالغيني العرب أساس من أساسيات البالغة العربية، ينطلق من " سياق احلال "-4أما عند التداوليني فيـستوعب باإلضـافة إىل ذلـك . املتخاطبني، ليعم مالبسات اخلطاب ككل

.مستدعيات املكان والزمان وطبيعة القول وما ميكن أن حيققه من إجنازية معينة

328

عند الغربيني قائما على الصحة الكالمية من جهـة أوىل، " سياق احلال "إذا كان مفهوم -5انطالقا من مطابقة الكالم الصحيح للموقف اخلارجي الذي يقال فيه من جهـة والصحة اخلارجية

ثانية، فإن املفهوم العريب يتجاوز حدود الصحة اللغوية واخلارجية لريتبط أكثر بـالقيم اجلماليـة والفنية اليت تعطي الكالم رونقا وجاذبية، فهو عندهم عنصر من املنظومة البالغية، يف حني هو عند

.ني الزم للصحة الكالميةالغربي

الحظنا انطالقا من الشروط اليت أقرها رواد نظرية األفعال الكالميـة لتحقيـق الفعـل -6يف إطار معطيات اـال الـذي جيـري فيـه " سياق احلال "اإلجنازي أم أرادوا حتديد مفهوم

حتوائهـا وتقنينـها، التخاطب، ولكن طبيعة هذه املعطيات املرنة واملتغرية جعلتهم يضطربون يف ا .وهذا على عكس ما نراه يف القوانني اليت تقتضيها املستويات اللغوية

األفعال الكالمية أفعال قصدية؛ غري أن قصديتها ال تتعني إال من سياق احلال الذي تـرد -7 .فيه، وكل ذلك يكرس االرتباط الوثيق بني الفعل الكالمي والواقع

ورواد نظريـة األفعـال " Austinأوستني "هي من إبداع " اإلجنازيات"مهما قيل بأن -8الكالمية، فإننا نؤكد على حضورها كمصطلح ومفهوم يف التراث العـريب، وباخلـصوص عنـد

" اخلـرب "البالغيني املتأخرين؛ نقصد شراح التلخيص الذين كان هلم الفضل الكبري يف بلورة نظرية . على حدةتهع، وحتديد خصوصيات كل صنف وطبي"اإلنشاء"و

ـ -9 الذي يعد املرجعية الذي تـستمد " سياق احلال "تبقى إجنازية الفعل الكالمي مرهونة ب .من خالله القوة اإلجنازية املعينة مشروعيتها من جهة، وحدثتيها من جهة أخرى

10- ع الثقايف واالجتماعي تتنوع قوانني تأويل الفعل الكالمي والسر يف ذلك يعود إىل التنولذي يطبع أفراد البيئة اللغوية املعينة؛ إذا ال ميكن أن يكون هلم نفس الكفاءة التداولية ألن هـذه ا

األخرية قد ختتلف حبسب طبيعة املتكلم واملتلقي على السواء ومستواهم البالغـي واالجتمـاعي .والثقايف أيضا

329

ـ -11 ني اجلمـل أساس البحث يف نظرية األفعال الكالمية كان قائمـا علـى التمييـز بـ ، غري أن )اإلنشائية(واجلمل اإلجنازية ) اإلخبارية(التقريرية رات هذا التمييز ال يقف عنـد املؤش

تعلق بقصد القول حىت وإن كانت صيغة القول خربيةيى األمر ذلك لاللغوية؛ بل يتعد.

ىل يف هذا التمييـز يعـود إ " Austinأوستني "نعتقد أن سبب اإلشكال الذي وقع فيه -12بقائه يف داللة املستوى اللغوي الذي يقوم عليه القول، وهذا األثر كان واضحا يف تصنيفه لألفعال

.اإلجنازية

يف الفعل الكالمي من البحث يف الصيغة التركيبة " Austinأوستني "تطور البحث بعد -13 مبعطيـات اسـتعمالية واليت قد ترتبط ،ومعناها إىل دراسة املقصد وقيمته يف حتقيق القوة اإلجنازية

. تسهم يف ذلك

ومنـهما تتنـامى ؛قتضي وجود واقعتني؛ التكلم والسماع تالتفاعل يف جوهره واقعة -14؛ وتداعيات هذا التفاعل هي اليت تتحكم يف طبيعـة أشكال التخاطب والتفاهم بني طريف التواصل

.ة مباشرة أو غري مباشرةالفعل الكالمي وطرائق حتقيقه إن بطريقة مؤدبة أو غريها، أو بطريق

قوم على ضربني مـن املبـادئ؛ مبـادئ والذي ي ؛هو التفاعل أساس الفعل الكالمي -15 تقتـضي أخالقيـات وأخرى تعاملية تقتضيها كيفيات اإلنتاج اللغوي وحتميله مقاصده، تواصلية

.معينة لتحقيق القوة اإلجنازية املطلوبة

16- ا بقيت تـراهن علـى عت مبادئ التخاطب مهما اختلفت وتنواليت أقرها العلماء فإضرورة خلق التفاعل اجلاد واإلجيايب الذي من شأنه خلق التعاون بني طريف التواصل، والذي يؤدي

.إىل خلق جمال تفاعلي مشترك بني املتخاطبني

إن هذه القواعد حاولت أن خترج الدراسة اللسانية من التحليل الشكلي الداخلي للغة -17التحليل اخلارجي لألفعال الكالمية؛ كأقوال هلا صالت وثيقة مبعطياا احلالية املتعددة، والـيت إىل

تسهم بسمة تكاملية ومنسجمة يف بناء الفعل الكالمي وخلق القوة اإلجنازية املطلوبة، ولـذلك ال .ميكن الفصل بني الفعل القويل والسياق الذي حيتضنه

330

وأصول املناظرة واجلدل قد صورت بدقة آداب التخاطب نعتقد أن كتب أدب االسة -18ومقتضياته التعبريية والتفاعلية اليت يقتضيها املوضوع من جهة ومكونات التواصل بصفة عامة مـن جهة أخرى، وهذه القضية حتتاج إىل دراسات متخصصة لتميط اللثام عن األصول املعرفية واللغوية

.رةاليت تقوم عليها االسة واملناظ

انفتاح الفعل الكالمي وارتباطه بسياق احلال جعله ينفتح أيضا على التأويل؛ إذ الحظنا -19كيف أن هناك أفعاال كالمية قد تتعدد قواها اإلجنازية يف احلال الواحدة، فقولنا بعد انتهاء زيـارة

قاصد اليت يبيحها ؛ قد تفيد الثناء وقد تفيد الوعد وقد تفيد الرجاء وغريها من امل "سأعود"الصديق .هذا الفعل القويل

أدى ارتباط الفعل الكالمي بسياق احلال إىل مشكلة تأويلية مستعصية؛ حيث أحسسنا -20مع رواد نظرية األفعال الكالمية وعيهم ذه اإلشكالية لذلك قدموا بعض الطروحات اليت تـؤطر

. يف تقنينها ضمن قواعد مضبوطة، ونعتقد أن طبيعة معطياته املتعددة واملتنوعة قد صعبتذلك

استطاع رواد نظرية األفعال الكالمية ضبط العمليات االستداللية اليت ميكن أن تنـتظم -21من خالهلا عمليات إدراك القوة اإلجنازية املقصودة، وقد اتضح أا ختتلف عن االستدالل الرياضي

منه الفرضيات اللغوية واحلالة ذات الذي يشيع يف املنطق األرسطي؛ إنه استدالل من نوع خاص تؤ .الصلة املباشرة مبكونات التفاعل الكالمي ككل

22- مها السكاكي لتفسري وتأطري اخلروقات اليت قد تصيب أبواب تعد االقتراحات اليت قد مة ودقيقة الستلهام مشروع هام يدعو الباحثني إىل ضرورة توسيعه ليشمل كـل الطلب أفكارا قي . اإلجنازيةأصناف األفعال

اتضح لنا من األمثلة اليت قدمناها حول أشكال االستلزام واإلضمار يف الفعل الكالمي -23أن تأويل االستلزام ثابت تقتضيه األعراف التخاطبية اللغوية وغري اللغوية احملددة سلفا، أما تأويـل

.املضمر فمتغري ومتجدد حبسب طبيعة املتلقي وثقافته

331

دات رواد نظرية األفعال الكالمية من أجل تقنني ضـوابط احلـال يف ومهما تنوعت اجتها تشكيل القوة اإلجنازية وحتقيقها فإن األمر ما يزال حيتاج إىل دراسات واسعة علها تنـتج نظريـة

.أعمق يف ذلك

وأخريا هذه حماولة متواضعة منا سعينا من خالهلا تقدمي ما يتعلق باملوضوع، وصـدق قـول :قاء الرندي إذ قالالشاعر أيب الب

يش إنسانيب العط بن إذا ما مت نقصان فال يغر شيءلكل

332

رس اا : ادر واا اس -1 .القرآن الكرمي برواية اإلمام ورش عن اإلمام نافع*وسوعة تراثية جامعة، بـريوت دار الكتـب العلميـة، إبراهيم مشس الدين، قصص العرب م -1 .1/2002ط .م2007اإلبراهيمي، عيون البصائر، اجلزائر شركة دار األمة للطباعة والنشر والتوزيع، -2بـدوي .أمحد احلويف ود .ابن األثري، املثل السائر يف أدب الكاتب والشاعر، قدمه وعلق عليه د -3

)ت.د (2لنشر، ططبانة، مصر دار ضة مصر للطبع وا .1/2006أبو بكر العزاوي، اللغة واحلجاج، الدار البيضاء العمدة يف الطبع، ط-4أبو حيان األندلسي، ارتشاف الضرب عن لسان العرب، حتقيق مصطفى النحـاس، القـاهرة -5

.1987املكتبة األزهرية للتراث، به أمحد أمني وأمحد الزين، أبو حيان التوحيدي، اإلمتاع واملؤانسة، صححه وضبطه وشرح غري -6

).ت.د(دار مكتبة احلياة للطباعة والنشر والتوزيع أبو سعيد السكري، شرح أشعار اهلذليني، حتقيق عبد الستار أمحد فراج، القاهرة، مكتبـة دار -7

).ت.د(العروبة، ـ .أبو الطيب بن حيىي الوشاء، الظرف والظرفاء، حتقيق د -8 ب، فهمي سعد، بريوت عـامل الكت .1/1986طأبو الطيب مولود السريري السوسي، مناظرات وحماورات فقهية وأصولية، بريوت دار الكتب -9

.1/2005العلمية، طأبو الوليد الباجي، املنهاج يف ترتيب احلجاج، ، حتقيق عبـد ايـد تركـي، دار الغـرب -10

.3/2001اإلسالمي، طري االسـتعاري والدراسـات البالغيـة، سعد سليمان محودة، التفك .أمحد حسن صربة ود -11

.م2002اإلسكندرية دار املعرفة اجلامعية، أمحد املتوكل، آفاق جديدة يف نظرية النحو الوظيفي، الرباط منشورات كلية اآلداب والعلوم -12

.1993اإلنسانية،

333

.1989أمحد املتوكل، اللسانيات الوظيفية مدخل نظري، الرباط منشورات عكاظ، -13د املتوكل، املنحى الوظيفي يف الفكر اللغوي العريب األصـول واالمتـدادات، الربـاط أمح-14

.1/2006منشورات دار األمان، ط .1985أمحد املتوكل، الوظائف التداولية، الدار البيضاء دار الثقافة مطبعة النجاح اجلديدة -15 العرب، بريوت دار الثقافـة أمحد خمتار عمر، البحث اللغوي عند اهلنود وأثره على اللغويني -16

1972. .1/1988أمحد خمتار عمر، علم الداللة، القاهرة عامل الكتب، ط-17أمحد مطلوب، معجم املصطلحات البالغيـة وتطورهـا، الـدار العربيـة للموسـوعات، -18 .1/2006ط

ـ -19 سابع أمحد الوردين، قضية اللفظ واملعىن ونظرية الشعر عند العرب من األصول إىل القرن ال .1/2004م، بريوت دار الغرب اإلسالمي، ط13/اهلجري

أمحد يوسف، سيميائيات التواصل وفعالية احلوار املفـاهيم واآلليـات، جامعـة وهـران، -20 .1/2004منشورات خمترب السيميائيات وحتليل اخلطابات، ط

ألردن عـامل إدريس مقبول، األسس االبستمولوجية والتداولية للنظر النحوي عند سيبويه، ا -21 .1/2007الكتب احلديث، ط

عبد الرمحن بدوي، الكويت وكالة املطبوعات وبريوت .أرسطو، اخلطابة، حققه وعلق عليه د -22 .1979دار القلم،

عبد السالم هارون، مصر الدار القومية العربية لللطباعـة، .األزهري، ذيب اللغة، تقدمي د -23 ).ت.د(

شرح منهاج األصول للقاضي البيضاوي، بريوت عـامل الكتـب األسنوي، اية السول يف -24 ).ت.د(

أمحد الصمعي، بـريوت مركـز دراسـات .أمربتو إيكو، السيميائية وفلسفة اللغة، ترمجة د -25 .م1/2005الوحدة القومية، ط

أمحد شاكر، القاهرة منشورات .، لباب اآلداب، حتقيق د)هـ584ت(األمري أسامة بن منقذ -26 .1/1987نة، طمكتبة الس

334

األنباري أبو الربكات عبد الرمحن بن حممد بن أيب سعيد، أسرار العربية، حتقيق حممد جـة -27 ).ت.د(البيطار، مطبوعات امع العلمي العريب بدمشق

سـيف الـدين .آن روبول وجاك موشالر، التداولية اليوم علم جديد يف التواصل، ترمجة د -28 .م1/2003وت املنظمة العربية للترمجة، طدغفوس وحممد الشيباين، بري

ترمجة عبد القادر قينـيين، أوستني، نظرية أفعال الكالم العامة، كيف ننجز األشياء بالكالم، -29 .2/2008املغرب أفريقيا الشرق، ط

حممد نظيف، الـدار البيـضاء أفريقيـا .أوركيوين، فعل القول من الذاتية يف اللغة، ترمجة د -30 .2007الشرق،

.1/2008أوريكيوين، املضمر، ترمجة ريتا خاطر، بريوت املنظمة العربية للترمجة، ط-31أوزوالد ديكرو وجان ماري سشايفر، القاموس املوسوعي اجلديد لعلوم اللسان، ترمجة منذر -32

.2/2007عياشي، الدار البيضاء املركز الثقايف العريب، ط .1985ة، القاهرة اجلامعة املستنصرية، باملر، علم الداللة، ترمجة جميد املاشط-33 . 3/1987البخاري، صحيح البخاري، حتقيق مصطفى ديب البغا، بريوت دار ابن كثري، ط-34 .م1/1977بدوي طبانة، معجم البالغة العربية، منشورات جامعة طرابلس كلية اآلداب، ط-35نري التريكي، الرياض جامعة م.حممد لطفي الزليطي ود .براون ويول، حتليل اخلطاب، ترمجة د -36

.1997امللك سعود، ، حتقيق حممد عبد اهللا النمر "معامل الترتيل "، تفسري البغوي )هـ516ت(ابن مسعود البغوي -37

.هـ1409وعثمان مجعة ضمريية وسليمان مسلم احلرش، الرياض دار طيبة للنشر والتوزيع، سعيد الغامني، املركز الثقايف العريب، : ، تر بول ريكور، نظرية التأويل، اخلطاب وفائض املعىن -38

.1/2003الدار البيضاء، املغرب، طالتفتازاين، شرح املختصر على تلخيص املفتاح، تركيا، مكتبة الصحابة لصاحبها حممد هادي -39

).ط.د(املارديين مبطبعة التفتازاين، خمتصر التفتازاين على تلخيص املفتاح، ضمن شروح التلخيص، مصر طبع -40

).ت.د(عيسى البايب احلليب وشركاه، متام حسان، األصول دراسة إبستيمولوجية للفكر اللغوي عند العرب، القاهرة عامل الكتب، -41

.م2009

335

متام حسان، البيان يف روائع القرآن دراسة لغوية وأسلوبية للنص القـرآين، القـاهرة عـامل -42 .2/2000الكتب، ط

).ت.د(حث يف اللغة، الدار البيضاء أفريقيا الشرق متام حسان، مناهج الب-43 .2001متام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، الدار البيضاء دار الثقافة، طبعة -44 ).ط.د(ابن تيمية، جمموع الفتاوى، مجع وترتيب عبد الرمحن بن حممد النجدي، -45رون، القـاهرة مكتبـة اخلـاجني، اجلاحظ، البيان والتبيني، حتقيق وشرح عبد السالم هـا -46 .7/1998ط

اجلاحظ، احليوان حتقيق عبد السالم هارون، مصر مطبعة مصطفى البـايب احللـيب وأوالده، -47 .1965، 2ط

قاسم املقداد، دمشق منشورات احتاد الكتـاب العـرب، .جان سريفوين، امللفوظية، ترمجة د -481998.

).ت.د(بريوت دار املعرفة اجلرجاين عبد القاهر، أسرار البالغة، -49 .1991اجلرجاين عبد القاهر، دالئل اإلعجاز، اجلزائر سلسلة األنيس -50ابن اجلزري، النشر يف القراءات العشر النشر يف القراءات العشر، أشرف علـى تـصحيحه -51

).ت.د(ومراجعته علي حممد الضباع، بريوت، دار الكتب العلمية حممد زياد كبـة، الريـاض .انيات التسابق والتطور، ترمجة د جفري سامسون، مدارس اللس -52

.هـ1417جامعة امللك سعود، .2000مجيل عبد ايد، البالغة واالتصال، القاهرة، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، -53 ).ت.د(علي حممد النجار، بريوت، املكتبة العلمية، : ابن جين، اخلصائص، تح-54الدار البيـضاء اللسانيات ومنطق اللغة الطبيعي، ترمجة عبد القادر قنيين، جورج اليكوف، -55

.2008أفريقيا الشرق، عبد ايد جحفة، الدار .جورج اليكوف ومارك جونسن، االستعارات اليت حنيا ا، ترمجة د -56

.1/1996البيضاء دار توبقال للنشر، ط ).ت.د( احلافظ، اإلسكندرية دار الوفاء، جورج يول، معرفة اللغة، ترمجة حممد فراح عبد-57جون ليونز، اللغة واملعىن والسياق، ترمجة عباس صادق الوهاب، العراق دار الشؤون الثقافية -58

. 1/1987العامة للطباعة والنشر، ط

336

اجلويين، الكافية يف اجلدل، وضع حواشيه خليل املنصور، بـريوت دار الكتـب العلميـة، -59 .1/1999ط

حممـد حييـاتن، اجلزائـر ديـوان .اليل دالش، مدخل إىل اللسانيات التداولية، ترمجة د اجلي-60 .1992املطبوعات اجلزائرية،

حازم القرطاجين، منهاج البلغاء وسراج األدباء، تقدمي وحتقيق حممد احلبيب بـن خوجـة، -61 .1966تونس دار الكتب الشرقية

ته دراسات نظريـة وتطبيقيـة يف البالغـة حافظ إمساعيلي علوي، احلجاج مفهومه وجماال -62 .2010اجلديدة، األردن عامل الكتب احلديث،

حامد صاحل خلف الربيعي، مقاييس البالغة بني األدباء والعلماء، السعودية جامعة أم القرى، -63 م1996

.2004حسان الباهي، احلوار ومنهجية التفكري النقدي، الدار البيضاء أفريقيا الشرق، -64 .1998، دار املعرفة اجلامعية، -دراسة لغوية معجمية–الكلمة حلمي خليل، -65 ).ت.د(ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، بريوت دار اجليل، -66 .م1/2009خليفة بوجادي، اللسانيات التداولية، اجلزائر بيت احلكمة للنشر والتوزيع، ط-67قيق فخر الدين قبـاوة، بـريوت مؤسـسة اخلليل بن أمحد الفراهيدي، اجلمل يف النحو، حت -68

.1/1985الرسالة، طالدسوقي،حاشية الدسوقي على شرح السعد، ضمن شروح التلخيص، طبع مبطبعة عيـسى -69

).ت.د(البايب احلليب وشركاه مبصر حممـد حييـاتن، اجلزائـر .دومينيك مانقانو، املصطلحات املفاتيح لتحليل اخلطاب، ترمجة د -70

.1/2005ف، طمنشورات االختالمالـك يوسـف .د: يوئيل يوسف عزيز، مراجعـة .د: دي سوسري، علم اللغة العام، ترمجة -71

.1988املطليب، العراق بيت املوصل، عبد القادر قنيين، الربـاط دار .، ترمجة د )السيمانطيقا(راث كيمبسون، نظرية علم الداللة -72

.1/2009األمان، ط ).ت.د (3ازي، بريوت، دار إحياء التراث العريب، طالرازي فخر الدين، تفسري الر-73

337

رمضان عبد التواب، التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه، القـاهرة مكتبـة اخلـاجني، -741997.

موجز تاريخ علم اللغة يف الغرب، ترمجة أمحد عـوض، الكويـت عـامل املعرفـة، روبرت،-75 .م1997

غة النص مشكالت بناء النص، ترمجة سعيد حسن زتسيسالف واورزنياك، مدخل إىل علم ل -76 .1/2003حبريى، القاهرة مؤسسة املختار للنشر والتوزيع، ط

الزركشي، البحر احمليط أصول الفقه، حتقيق الشيخ عبد القادر عبد اهللا العاين، الكويت دار -77 .2/1992الصفوة للطباعة والنشر والتوزيع، ط

رآن، حتقيق حممد أيب الفضل إبراهيم، بريوت املكتبة العصرية، الزركشي، الربهان يف علوم الق -782006.

سامية الدريدي، احلجاج يف الشعر العريب القدمي من اجلاهلية إىل القرن الثاين للهجرة بنيتـه -79 .1/2008وأساليبه، األردن عامل الكتب احلديث، ط

ضمن شروح التلخيص، مصر السبكي اء الدين، عروس األفراح يف شرح تلخيص املفتاح، -80 ).ت.د(مطبعة عيسى البايب احلليب وشركاه

.1/1962ستيفن أوملان، دور الكلمة يف اللغة، ترمجة كمال بشر، القاهرة دار غريب، ط-81ابن السراج، األصول يف النحو، حتقيق عبد احلسني الفتلي، بريوت مؤسسة الرسـالة، -82 .1985/ 1ط

).ت.د(بعة عيسى البايب احلليب وشركاه السعد، الشرح املطول، مط-83السكاكي أبو يعقوب، مفتاح العلوم، ضبطه وعلق عليه نعيم زرزور، بـريوت دار الكتـب -84

.1/1987العلمية طابن سنان اخلفاجي، سر الفصاحة، شرح وتصحيح عبد املتعال الصعيدي، القـاهرة مكتبـة -85

.1969ومطبعة حممد علي صبيح وأوالده، ه أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنرب، كتاب سيبويه، حتقيق عبد السالم هارون، بريوت سيبوي-86

).ت.د (1دار اجليل، ط .1/2010 طالسيد أمحد اهلامشي، جواهر البالغة، القاهرة دار ابن اجلوزي،-87

338

اجلزائر منشورات االختالف والـدار سعيد الغامني، .سريل، العقل واللغة واتمع، ترمجة د -88 . م1/2006بيضاء املركز الثقايف العريب، وبريوت الدار العريب للعلوم، طال

).ت.د(السيوطي، اإلتقان يف علوم القرآن، بريوت دار ومكتبة اهلالل -89حممد أمحد جاد املوىل وعلي حممد البجاوي : السيوطي، املزهر يف علوم اللغة وأنواعها، حتقيق -90

).ت.د(ار اجليل وحممد أبو الفضل إبراهيم، بريوت دحممد إبراهيم احلفناوي، جامعة األزهر مكتبـة .السيوطي، شرح الكوكب الساطع، حتقيق د -91

. م2000اإلميان للطبع والنشر والتوزيع، حممد حميي الدين عبد احلميد، بريوت، املكتبة العصرية قيقالسيوطي، شرح شواهد املغين، حت -92

).ت.د( ).ت.د( وشرح أمحد حممد شاكر، بريوت دار الكتب العلمية الشافعي، الرسالة، حتقيق-93

الشاطيب، املوافقات يف أصول الشريعة، تح عبد اهللا دراز، مصر املكتبة التجاريـة الكـربى، -94 ).ت.د(

. 2/1972شوقي ضيف، املدارس النحوية، مصر دار املعارف، ط-95، حققه وقدم له ووضع فهارسـه فقه يف أصول ال الشريازي أبو إسحاق إبراهيم، شرح اللمع -96

.م1/1988عبد ايد تركي، بريوت دار الغرب اإلسالمي، ط.د، حتقيق سعد بـن آداب البحث واملناظرة، الشنقيطي حممد األمني بن حممد املختار اجلكين، -97

).ت.د(عبد العزيز العريفي، إشراف بكر بن عبد اهللا بوزيد، دار علم الفوائد للنشر والتوزيع صابر حباشة، التداولية واحلجاج مداخل ونصوص، دمشق صفحات للدراسـات والنـشر، -98 .1/2008ط

صاحب أبو جناح، دراسات يف نظرية النحو العريب وتطبيقاا، األردن دار الفكر للطباعـة -99 .1/1998والنشر، ط

ر التنـوير صالح إمساعيل عبد احلق، التحليل اللغوي عند فالسفة أوكسفورد، بريوت دا -100 .1/1993للطباعة والنشر، ط

صالح إمساعيل، نظرية املعىن يف فلسفة بول جرايس، القاهرة الـدار املـصرية الـسعودية -101 .2005للطباعة والنشر والتوزيع،

339

صالح الدين زرال، الظاهرة الداللية عند علماء العربية القدامى حىت القرن الرابع اهلجري، -102 .1/2008ختالف، طاجلزائر منشورات اال

.25، ص1/1996صالح فضل، بالغة اخلطاب وعلم النص، القاهرة دار نوبار، ط-103طالب سيد هاشم الطبطبائي، نظرية األفعال الكالمية بـني فالسـفة اللغـة املعاصـرين -104

. 1994والبالغيني العرب، مطبوعات جامعة الكويت، .1984ير، تونس الدار التونسية للنشر، الطاهر بن عاشور، تفسري التحرير والتنو-105الطربي، جامع البيان يف تأويل القرآن، حتقيق أمحد حممد شاكر، بريوت مؤسسة الرسالة، -106

. 1/2000ططه عبد الرمحن، اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي، املغـرب املركـز الثقـايف العـريب، -107

.1/1998ط ).ت.د(، 2يف تقومي التراث، بريوت ططه عبد الرمحن، جتديد املنهج -108طه عبد الرمحن، يف أصول احلوار وجتديد علم الكالم، الدار البيضاء املركز الثقايف العريب، -109

. 3/2007ط ذلك، وغري اإلعراب وتعليم العي وذم البيان وفضل اللسان ومحد االسة أدب ،ابن عبد الرب -110 .1/1989ط والتوزيع، للنشر للتراث ةالصحاب دار مصر حليب، مسري.د حتقيقابن عبد ربه، العقد الفريد، حتقيق عبد ايد الترحيين، بـريوت دار الكتـب العلميـة، -111

1997. عبد الرمحن حسن حنبكة امليداين، ضوابط املعرفة وأصول االستدالل واملناظرة، دمشق دار -112

.2007/ 8القلم، طين، ضوابط املعرفة وأصول االستدالل واملناظرة، دمشق دار عبد الرمحن حسن حنبكة امليدا -113

.2007/ 8القلم، ط .م2006عبد السالم عشري، عندما نتواصل نغري، الدار البيضاء أفريقيا الشرق، -114 .1/2007، طTop éditionعبد السالم عشري، الكفايات التواصلية، منشورات -115لخيص املفتاح يف علوم البالغة، ، القـاهرة مكتبـة عبد العال الصعيدي، بغية اإليضاح لت -116

.1999اآلداب،

340

عبد الفتاح عبد العليم الربكاوي، داللة السياق بني التراث وعلم اللغة احلديث، القاهرة دار -117 . 1/1991املنار، ط

.1997/ 1عبد القادر عبد اجلليل، التنوعات اللغوية، األردن، دار الصفاء، ط-118دراسة لغويـة حنويـة دالليـة، –يم خليل، نظرية السياق بني القدماء واحملدثني عبد النع -119

.1/2007اإلسكندرية دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، طعبد اللطيف بن إشو، القراءة التداولية للنص األديب من املعرفة إىل التدبري الديـداكتيكي، -120

.2005مراكش األكادميية اجلهوية للتربية والتكوين، عبد اهللا إبراهيم، التلقي والسياق الثقـايف، بـريوت دار الكتـاب اجلديـد املتحـدة، -121

.1/2000ط، ضمن كتاب احلجـاج )احلجاج(عبد اهللا صولة، البالغة العربية يف ضوء البالغة اجلديدة -123

ـ ديث، مفهومه وجماالته دراسات نظرية وتطبيقية يف البالغة اجلديدة، األردن علـم الكتـب احل .1/2010ط

عبد اهللا صولة، احلجاج يف القرآن من خالل أهم خصائصه األسلوبية، بريوت دار الفارايب، -124 .2/2007ط

عبد اهلادي بن ظافر الشهري، استراتيجيات اخلطاب مقاربة لغوية تداوليـة، بـريوت دار -125 .م1/2004الكتاب اجلديد املتحدة ط

126-1977تمع، منشورات جامعة اإلسكندرية، عبده الراجحي، اللغة وعلوم ا. عبد الواسع احلمريي، ما اخلطاب وكيف حنلله، بريوت املؤسـسة اجلامعيـة للدراسـات -127

.1/2009والنشر والتوزيع، طاحلجاج مفهومه وجماالتـه دراسـات "ضمن كتاب " احلجاج يف اللغة "العزاوي أبو بكر، -128

حافظ إمساعيلي علوي، األردن عامل الكتـب .، إعداد وتقدمي د "نظرية وتطبيقية يف البالغة اجلديدة .م2010احلديث،

التحاجج طبيعته جماالته وظائفه "العزاوي أبو بكر، احلجاج واملعىن احلجاجي، ضمن كتاب -129 .1/2006وضوابطه، الدار البيضاء مطبعة النجاح اجلديدة، ط

. 1/2010ة الرحاب احلديثة، طالعزاوي أبو بكر، اخلطاب واحلجاج، بريوت مؤسس-130 .1/2006العزاوي أبو بكر، اللغة واحلجاج، الدار البيضاء العمدة يف الطبع، ط-131

341

نزيه كمال .عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم، قواعد اإلحكام يف إصالح األنام، حتقيق د -132 ).ت.د(عثمان مجعة ضمريية، دمشق دار القلم، .محاد ود

علي حممد البجاوي وحممد أبو . و هالل، الصناعتني الكتابة والشعر، حتقيق د العسكري أب -133 ).ت.د(2الفضل إبراهيم، دار الفكر العريب، ط

).ت.د(ل، ي حنا الفاخوري، بريوت، دار اجلقيقابن عقيل اء الدين، شرح ابن عقيل، حت-134 ).ت.د(،العلوي حييي بن محزة، الطراز، القاهرة دار الكتب اخلديوية-135علي آيت أوشان، السياق والنص الشعري من البنية إىل القراءة، الدار البيضاء دار الثقافـة -136

).ت.د(عمارة ناصر، الفلسفة والبالغة مقاربة حجاجية للخطاب الفلسفي، اجلزائـر منـشورات -137

.1/2009االختالف، وبريوت الدار العربية للعلوم، ط .2001يب وقضايا العصر، اجلزائر دار املعارف،عمار ساسي، اللسان العر-137 .1992/ 1عمر بن أيب ربيعة، ديوان عمر بن أيب ربيعة، بريوت، دار صادر، ط-138عمر بلخري، حتليل اخلطاب املسرحي يف ضوء النظريـة التداوليـة، اجلزائـر منـشورات -139

.1/2003االختالف، طلتـداول اللساين،منـشورات االخـتالف، العياشي أدراوي، االسـتلزام احلـواري يف ا -140

.1،2011طمحزة بن زهري حافظ، .الغزايل أبو حامد، املستصفى يف علم أصول الفقه، دراسة وحتقيق د -141

).ت.ط، د.د(املدينة املنورة ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، حتقيق وضبط عبد السالم هارون، القـاهرة دار الفكـر -142

).ت.د(لنص بنياته ووظائفه مدخل أويل إىل علم النص، ضمن كتاب نظرية األدب يف يك، ا افان د -143

.،2005حممد العمري، الدار البيضاء أفريقيا الشرق، .القرن العشرين، ترمجة وإعداد ديك، النص والسياق استقصاء البحث يف اخلطاب الداليل والتداويل، ترمجـة عبـد افان د -144

.2000ريقيا الشرق، القادر قنيين، الدار البيضاء أفسعيد حسن حبريى، .يك، علم النص مدخل متداخل االختصاصات، ترمجة وتعليق د افان د -145

.2/2005القاهرة دار القاهرة، ط

342

).ت.د(فرانسواز أرمينكو، املقاربة التداولية، ترمجة سعيد علوش، مركز اإلمناء القومي -146 .1/2005اهرة مكتبة اآلداب، طفريد عوض حيدر، فصول يف علم الداللة، الق-147 .1980فهمي زيدان، يف فلسفة اللغة، بريوت دار النهضة العربية، -148فيليب بالنشيه، التداولية من أوستني إىل غوفمان، ترمجة صابر احلباشة، سورية دار احلوار -149

.1/2007للنشر والتوزيع، ط ).ت.د(ايل، بريوت دار الكتب العلمية القايل أبو علي إمساعيل بن القاسم البغدادي، األم-150أمحد عارف الزين، تـونس دار .القاضي اجلرجاين، الوساطة بني املتنيب وخصومه، حتقيق د -152

.1/1992املعارف للطباعة والنشر، طابن قتيبة، أدب الكاتب، حققه وعلق على حواشيه حممد الدايل، دمشق مؤسسة الرسـالة، -153

).ت.د(إبراهيم مشس الدين، بريوت دار الكتب العلمية، .أويل مشكل القرآن، حتقيق د ابن قتيبة، ت -154

.2/2007ط .1996/ 2ابن قتيبة الدنوري، عيون األخبار، القاهرة دار الكتب املصرية، ط-155 .1982قدامة بن جعفر، نقد النثر، حتقيق طه حسني، بريوت دار الكتب العلمية، -156 تنقيح الفصول يف اختصار احملصول يف األصول، بـريوت دار القرايف شهاب الدين، شرح -157 .م2004الفكر القرايف شهاب الدين، الفروق، حتقيق عمر حسن القيـام، بـريوت مؤسـسة الرسـالة، -158

.م1/2003طالقرايف، نفائس األصول يف شرح احملصول،حتقيق الشيخ عادل عبد املوجود والشيخ علـي -160

).ت.د( الفتاح أبو سنه، مكة املكرمة مكتبة نزار مصطفى الباز، حممد معوض والدكتور عبدعبد العليم الربدوين، بريوت، دار إحياء التراث : القرطيب، اجلامع ألحكام القرآن، ، تح-161

.1966العريب، ).ت.د(القزويين اخلطيب، اإليضاح يف علوم البالغة، بريوت دار الكتب العلمية -162، التلخيص يف علوم البالغة، ضبطه وشرحه عبد الرمحن الربقوقي، القاهرة القزويين اخلطيب -163

).ت.د(دار الفكر العريب

343

عبـد ابن رشيق، العمدة يف حماسن الشعر وآدابه ونقده، حتقيق حممد حميي الدين القريواين -164 .1/1997، )ت.د(احلميد، بريوت دار اجليل

رب العاملني، حتقيق حممد حميي الدين عبد احلميـد، ابن القيم اجلوزية، إعالم املوقعني عن -165 ).ت.د(بريوت دار الفكر

ابن القيم اجلوزية، بدائع الفوائد، ضبط نصه و خرج آياته أمحد عبد السالم، لبنـان، دار -166 .1994/ 1الكتب العلمية، ط

لفيحاء، والرياض، ابن كثري، تفسري ابن كثري، قدم له عبد القادر األرنائوط، دمشق، دار ا -167 .1994/ 1دار السالم، ط

صربي حممد حسن، اململكـة .د: كريستوفر نوريس، التفكيكية النظرية واملمارسة، ترمجة -168 .1989العربية السعودية، دار املريخ

كالوس برينكر، التحليل اللغوي لنص مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج، ترمجة سعيد -169 .2005|1رة مؤسسة املختار للنشر والتوزيع،طحسن حبريي، القاه

.1969 القاهرة، دار املعارف، دراسات يف علم اللغة، القسم الثاين،كمال حممد بشر، -170 .1994، دار الثقافة العربية، )مدخل(كمال حممد بشر، علم اللغة االجتماعي -171 اهللا احلميدان، الرياض جامعة عبد.حمي الدين محيدي ود.كولنج، املوسوعة اللغوية، ترمجة د-172

.هـ1421امللك سعود، عبد الرزاق بنور، بـريوت .لودفيك فتغنشتاين، حتقيقات فلسفية، ترمجة وتقدمي وتعليق د -172

.1/2007مركز دراسات الوحدة العربية، طمايكل كورباليس، يف نشأة اللغة من إشارة اليد إىل نطق الفم، ترمجة حممود ماجد عمـر، -173

.2006ويت عامل املعرفة، الك املقتضب، حتقيق حممد عبد اخلالق عضيمة، جلنة إحياء التراث اإلسالمي، القـاهرة املربد،-174

.م1994 .م1994مصر وزارة التربية والتعليم، جممع اللغة العربية، املعجم الوسيط، -175ـ -176 ر منـشورات حممد األخضر الصبيحي، مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقـه، اجلزائ

.م1/2008االختالف، وبريوت الدار العربية للعلوم، ط

344

أمحـد .حممد البشري اإلبراهيمي، آثار اإلمام حممد البشري اإلبراهيمي، مجع وتقدمي جنله د -177 .1/1997، دار الغرب اإلسالمي، ط)1940-1929(طالب اإلبراهيمي

عبـد .يهات يف علم البالغة، حتقيـق د حممد بن علي بن حممد اجلرجاين، اإلشارات والتنب -178 ).ت.د(القادر حسني، القاهرة دار ضة مصر للطبع والنشر،

).ت.د(حممد حسن عبد العزيز، مدخل إىل علم اللغة، بريوت دار الفكر العريب -179حممد صالح إمساعيل بصل، حنو نظرية لسانية مسرحية، مسرح سعد اهللا ونوس منوذجـا، -180

.1996ابيع للطباعة والنشر والتوزيع، بريوت دار الينحممد طروس، النظرية احلجاجية من خالل الدراسات البالغية واملنطقية واللسانية، الـدار -181

.1/2005البيضاء دار الثقافة، ط/ 1حممد العبد، النص واخلطاب واالتصال، القاهرة األكادميية احلديثة للكتاب اجلـامعي،ط -182

2005. احلجـاج مفهومـه "، النص احلجاجي دراسة يف وسائل اإلقناع، ضمن كتاب حممد العبد -183

حافظ إمساعيلي علـوي، .، إعداد وتقدمي د " دراسات نظرية وتطبيقية يف البالغة اجلديدة وجماالته .م2010األردن عامل الكتب احلديث،

.1/1986حممد العمري، بالغة اخلطاب اإلقناعي، الدار البيضاء دار الثقافة، ط-184حممد الكساس، علل اللسان وأمراض اللغة رؤية لغوية إكلينكية وانعكاساا االجتماعيـة، -185

.1/1998بريوت املكتبة العصرية، طحممد حممد يونس علي، مقدمة يف علمي الداللة والتخاطب، بريوت دار الكتاب اجلديـد -186

.م1/2004املتحدة، طاملعىن أنظمة الداللة يف العربية، دار املدار اإلسالمي، حممد حممد يونس علي، املعىن وظالل -187

.م2/2007طحممد حممد يونس علي، وصف اللغة العربية دالليا يف ضوء مفهوم الداللة املركزية، دراسة -188

.1993حول املعىن وظالل املعىن، ليبيا منشورات جامعة الفاتح، دراسة تطبيقية يف اللسانيات التداولية، حممد نظيف، احلوار وخصائص التفاعل التواصلي، -189

.م2010الدار البيضاء أفريقيا الشرق،

345

حممد ولد األمني الطبلة، حجاجية التأويل يف الباالغة املعاصرة، طرابلس املركـز العـاملي -190 .1/2004للدراسات وأحباث الكتاب األخضر، ط

، اإلسـكندرية دار املعرفـة حممود أمحد حنلة، آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصـر -191 .م2002اجلامعية،

.1999حممود السعران، علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، القاهرة دار الفكر العريب، -192 .20، ص1980حممود فهمي زيدان، يف فلسفة اللغة، بريوت دار النهضة العربية، -193ن قباوة وحممد ندمي فاضل، بريوت املرادي، اجلىن الداين يف حروف املعاين، حتقيق فخر الدي -194

.1/1992دار الكتب العلمية، طمسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب دراسة تداولية لظاهرة األفعال الكالمية يف -195

.م1/2005التراث اللساين العريب، بريوت دار الطليعة للطباعة والنشر، طب من غصن الرطيب، حتقيق إحسان عبـاس، أمحد بن حممد، نفح الطي املقري التلمساين -196

.1988بريوت دار صادر، يوسف أبو حلفة، بريوت : ابن املقفع، األدب الصغري واألدب الكبري ورسالة الصحافة، تح -197

.3/1964منشورات مكتبة البيان، ط .1/2004منذر عياشي، العالماتية وعلم النص، املغرب املركز الثقايف العريب، ط-198 ).ت.د( منظور، لسان العرب، بريوت دار صادر ابن-199 .1/1990موريس أبو ناصر، إشارة اللغة وداللة الكالم، بريوت منشورات خمتارات، ط-201ميجان الرويلي وسعد البازغي، دليل الناقد األديب، الدار البيضاء املركز الثقـايف العـريب، -202

.2/2000طا بني القدماء واحملدثني، اإلسكندرية دار الوفاء للطباعة نادية رمضان النجار، اللغة وأنظمته -203

.2004والنشر .1978نايف خرما، أضواء على الدراسات اللغوية املعاصرة، الكويت عامل املعرفة، -204جنم الدين قادر كرمي الزنكي، نظرية السياق دراسة أصولية، بريوت دار الكتب العلميـة، -205

.1/2006طابر، دراسات أسلوبية وبالغية، اإلسكندرية دار الوفـاء لـدنيا الطباعـة جنوى حممود ص -206

.1/2008والنشر، ط

346

ابن النحاس، شرح القصائد املشهورات املوسومة باملعلقات، بريوت، دار الكتب العلميـة، -207 .1/1985ط

).ت.د(يع نعمان بوقرة، املدارس اللسانية املعاصرة، مكتبة اآلداب للطباعة والنشر والتوز-208هادي ر، الكفايات التواصلية االتصالية، دراسات يف اللغة واإلعالم، األردن، دار الفكر، -209

.م2003 1ط .1/2009هادي ر، اللسانيات االجتماعية عند العرب، األردن عامل الكتب احلديث ط-210 ي الـدين عبـد ابن هشام، مغين اللبيب عن كتب األعاريب، ابن هشام، حتقيق حممد حمي -211

).ت.د(احلميد، بريوت، املكتبة العصرية .1987الواحدي، أسباب الرتول، القاهرة عامل الكتب -212حييي حممد، منطق فهم النص دراسة منطقية تعىن ببحث آليات فهم النص الديين وقبلياته، -213

.2010الدار البيضاء أفريقيا الشرق، ح يف شرح تلخيص املفتاح، ضـمن كتـاب شـروح ابن يعقوب املغريب، مواهب الفتا -214

).ت.د(التلخيص،مصر طبع مبطبعة عيسى البايب احلليب وشركاه ).ت.د(ابن يعيش، شرح املفصل، القاهرة مكتبة املتنيب -215

:اا اس ادر و-21-100 fiches pour comprendre la linguistique, Gilles Sioufi et Dan Van raemdonck, bréal, rosny 2 eme édition. 2-Catherine Orecchioni, Les actes de langages dans le discours théorie et fonctionnement, sous la direction de: Henri Mitterrand, Edition Nathan-VUEF, 2001. 3-Charaudeau et Maingueneau ,Dictionnaire d'analyse du discours, Paris édition du seul, 2002. 4-Jacques Moeschler, Anne Reboul, Dictionnaire encyclopédique de pragmatique, Paris Edition de Seuil. 5-Jaque Moechler et Antonie Auchlin, Introduction à linguistique contemporaine, , Paris édition Armand colin, 2000. 6-Jean Dubois, Dictionnaire de linguistique et des sciences du langage, Larousse 2eme Edition, 1999. 7-John Austin, Quand dire c’est faire, traduction Gilles Lane, Paris édition du seuil, 1970. 8-John Searle, Les actes de langage essai de philosophie, du langage, paris, hermann, 1972.

347

9-Searle, Sens et expression études de théorie des actes de langage, Paris les éditions de minuit,1982. 10-Maingueneau, Pragmatique pour le discours littéraire, Paris Armand colin, 2005. 11-Oswald Ducrot, le dire et le dit, Paris édition de minuit, 1989. 12-Saussure, cours de linguistique générale, ENAG 2ème édition, 1994. 13-Sperber et Wilson, La pertinence communication et cognition, paris éditions de minuit 1989.

:اتس -3دارس اللغوية احلديثة، جملة اإلحياء جملة فـصلية إبراهيم أصبان، السياق بني علماء الشريعة وامل -1

م، الربـاط 2007يوليوز /هـ1428 مجادى الثانية 25تصدرها الرابطة احملمدية للعلماء، العدد .دار أيب رقراق

جملة فصلية تصدرها الرابطة إمساعيل احلسين، املقام واإلفادة من اخلطاب الشرعي، جملة اإلحياء -2 .م، الرباط دار أيب رقراق2007يوليوز /هـ1428 مجادى الثانية 25عدد احملمدية للعلماء، ال

بول ريكور، فلسفة اللغة، ترمجة حممد علي مقلد، جملة العرب والفكر العاملي، العدد الثامن -3 .، مركز اإلمناء القومي1989خريف

لد السابع، متام حسان، املصطلح البالغي القدمي يف ضوء البالغة احلديثة، جملة فصول، ا-4 .1987سبتمرب -، أبريل4و3العدد

جيل بالن، عندما يكون الكالم هو الفعل، ترمجة جورج كتورة، جملة العرب والفكر العاملي، -5 .1989بريوت مركز اإلمناء القومي، العدد اخلامس

يـل محو احلاج ذهبية، قوانني اخلطاب يف التواصل اخلطايب، جملة اخلطاب، منشورات خمرب حتل -6 .2007العدد الثاين، ماي اخلطاب، جامعة تيزي وزو، دار األمل للطباعة والنشر والتوزيع،

دومينيك مانقينو، مفاهيم تداولية، ترمجة مىن بدري، جملة معامل، الس األعلى للغة العربيـة -7 .م2010اجلزائر، العدد الثاين شتاء

-98مية، جملة الفكر العريب املعاصر، العدد طالب سيد هاشم الطبطبائي، نظرية األفعال الكال -8 .باريس مركز اإلمناء القومي/، بريوت1992، 99

عبد السالم إمساعيل علوي، يف تداوليات التأويل، جملة الفكر العريب املعاصر، مركـز اإلمنـاء -9 .2009، 149-148القومي، العدد

348

جملة فـصلية تـصدرها ة اإلحياء عبد الرمحن بودرع أثر السياق يف فهم النص القرآين، جمل -10م، الربـاط دار أيب 2007يوليوز /هـ1428 مجادى الثانية 25الرابطة احملمدية للعلماء، العدد

.رقراقعبد القادر بوزيده، مالحظات ومقارنة بني بعض االجتاهات التداولية بـاختني ومـانقونو -11

.2006في جان17منوذجا، جملة اللغة واألدب، جامعة اجلزائر، العدد فان دايك، النص بناه ووظائفه مقدمة أولية لعلم النص، ترمجة جورج أيب صاحل، جملة العرب -12

.1989والفكر العاملي، مركز اإلمناء القومي، العدد اخلامس لوبيز ألنسو وأسري دي أملوس، لسانيات اخلطاب حوار مع باتريك شارودو، ترمجـة حممـد -13

.1999ة الصادرة عن الس األعلى للغة العربية، العدد الثاين، حيياتن، جملة اللغة العربيحممد البكري، اخلطاب واألدلوجة، جملة الفكر العريب املعاصر، بريوت مركز اإلمناء القومي، -14

.م1992، 99-98العدد حممد حممد يونس علي، أصول اجتاهات املدارس اللسانية احلديثة، ، جملـة عـامل الفكـر، -15

. 2003، سبتمرب 32، الد 1العددجامعـة " ، جملة اللغـة واألدب "حنو نظرية لسانية عربية لألفعال الكالمية "نعمان بوقرة يف -16

2006، جانفي 17اجلزائر، العدد

:ا اس -4إدريس سرحان، األمر والنهي يف نظرية األفعال الكالمية، أطروحة لنيل الدراسـات العليـا -1

.1988عبد الوهاب التازي، املغرب جامعة فاس، .ف دإشرا فاضل، املنحى الوظيفي التداويل يف الدرس النحوي منية اجلملة العربيـة منوذجـا، يحاج عل -2

.2009رسالة ماجستري، جامعة مستغامن، حسني علي جفتجي، طرق داللة األلفاظ على األحكام املتفق عليها عند األصوليني، إشـراف -3 .1981 إبراهيم اخلضراوي، رسالة ماجستري، جامعة امللك عبد العزيز، حممد. دردة اهللا بن ردة بن ضيف اهللا الطلحي، داللة السياق، رسالة دكتوراه، جامعـة أم القـرى، -4

.هـ1418

349

عبد اإلله بوغابة، اإلطار املتكلمي يف اللغويات املعاصرة إسهام يف استكشاف أصوله املعرفيـة، -5د العلوي، جامعة احلسن الثاين، الدار البيضاء، رسالة لنيل ديبلوم الدراسات العليـا، أمح.إشراف د 1991.

إشـراف عبد احلليم بن عيسى، الوظائف النحوية ألحرف العلة يف العربية، رسالة ماجستري، -6 .م1998 ، معهد اللغة واألدب العريب جامعة تلمسانالدكتور عبد اجلليل مرتاض

األفعال املتضمنة يف القول بني الفكر املعاصر والتـراث العـريب، رسـالة مسعود صحراوي، -7 .2003دكتوراه، جامعة باتنة، إشراف الدكتور عبد اهللا العشي، جامعة باتنة،

اهلواري بلقندوز، حتليل اخلطاب يف ضوء الدرس األصويل، رسالة ماجستري إشراف الـدكتور -8 .2009لزعر خمتار، جامعة مستغامن،

5-س امما ث: :يف الفكر األجنلوسكسوين التداولية،شنان قويدر -

.245=a&98=p?/ar/com.elchamal-aswat.www

: التلفظ واإلجناز،،عبد السالم إمساعيلي علوي -www.fikrwanakd.aljabriabed.net/n58

:2006 نظرية أفعال الكالم، ، ماي ،عادل الثامري- net.friendemocracy.lingua.www

350

س ات الصفحةاملوضوع

أ.............................................................................................................................مقدمة 1............................................................................................................................متهـيد

...................................................................... 10ق ال وإاءا: ا اول 10 ........................................................................................................مفهوم السياق-1

10..........................................................................................املفهوم اللغوي-أ 12............................................................................... املفهوم االصطالحي-ب

14...................................................................................................مفهوم سياق احلال-2 16....................................................................................عناصر سياق احلال ومكوناته-3

18.....................................................................................................املتكلم-أ 20...................................................................................................املتلقي-ب 21.................................................................................... مالبسات الكالم-ج 22........................................................................................ الزمان واملكان-د

23.............................................................................................. خصائص سياق احلال-4 23....................................................................................... الدينامية احملركة-أ

23................................................................................................ الواقعية-ب 24........................................................................................ التبدل والتغري-ج

24 .................................................................... يف التراث العريب" سياق احلال"مفاهيم -5 24 ...................................................................... سياق احلال لدى املفسرين-أ

33 ......................................................... سياق احلال لدى علماء األصول-ب 40 ......................................................................... سياق احلال عند النحاة-ج 49 ........................................................................ اللغوينيسياق احلال عند -د

56...................................................................... هـ سياق احلال عند البالغيني

351

74...........................................................................سياق احلال عند الدارسني الغربيني -6 82...................................................................................... سياق احلال عند التداوليني-7

ما ا :ل اا ل ومق ا .........................................................89 89 ..................................................................... نشأة نظرية األفعال الكالمية وتطورها-1 121........................................................ وظيفة اللغة يف رحاب نظرية األفعال الكالمية-2 123............................................................................................ ماهية الفعل الكالمي-3 127....................................................................................... خصائص الفعل الكالمي-4

128 .............................................................................................. القصدية-أ 130................................................................................ املواضعة والتعاقد-ب 131................................................................................................ احلالية-ج

135......................................................................................... أصناف الفعل الكالمي-5 Acte locutoire ".......................... ...............135) "فعل القول(فعل الكالم -أ

Acte illocutoire"........ ......136 ")ولالفعل املتضمن يف الق(الفعل اإلجنازي -ب Acte perlocutoire"...............147 ")الفعل التأثريي(الفعل الناتج عن القول -ج

153..........................................................................................أصناف القوى اإلجنازية-6 163 ..................................................... الدارسني العرب املعاصرينالفعل الكالمي عند-7

ا ا :ا ا ا امل وق ا...................... 172 174 .........................................................................يف الفعل الكالمي" التفاعل"طبيعة -1 180 .................................. يف رحاب نظرية األفعال الكالميةخصائص التفاعل التواصلي-2

180 ...........................................................................................استعمالية اللغة-أ 181 ........................................................................................اتقاسيتعدد ال-ب 182 .................................................................................................نسجاماال-ج 183 ...................................................................................................الدينامية-د

183 .................................................................................التضمني واالقتضاء-هـ

352

184...........................................................................قوانني التفاعل يف الفعل الكالمي-3 Austin"...................................... 187أوستني " عند الفعل اإلجنازي حتقيقشروط-أ

Searle"...................................... 196سريل " عند الفعل اإلجنازي حتقيقشروط-ب Grice:" ................................................... 199غرايس "شروط التخاطب عند -ج

230 ............................................................ يف الفعل الكالمي واإلضمارقوانني التفاعل-4 238 .......................................................................التفاعل واحلجاج يف الفعل الكالمي-5

.................................... 246ق ال و او ا ا :ا اا 248 ................................................................................للفعل الكالمي "املعىن"طبيعة -1 252 ......................................................................طبيعة فعل التأويل يف الفعل الكالمي-2 256 ................................................................... ومؤشراتهآليات تأويل الفعل الكالمي-3

258................. ..........................................................................اآلليات اللغوية-أ 263 ....................................................................................اآلليات غري اللغوية-ب

264 .........................................................................االستلزام احلواري-أوال Présupposition"............................................. 273االفتراض املسبق "-ثانيا

277 ...........................................................................وة اإلجنازية والكفاءة التأويليةالق-4 281 ...........................................................................................الكفاءة اللسانية-أ

282 ...............................................................................حالية-الكفاءة السياق-ب 283 ............................................................................النية والقصد-أوال 284 .........................ني االعتبار من نوجه إليه الفعل الكالميخذ بعاأل-ثانيا 285 ..................................................................................املوضوع-ثالثا 285 ........................................................................املكان والزمان-رابعا

286 .......................................................................................الكفاءة املوسوعية-ج 289 ......................................................................................ةالكفاءة االستداللي-د

292 .................................................ة والقوة اإلجنازية غري املباشرةرالقوة اإلجنازية املباش-5

353

...................................................................................................................... 315 320 ............................................................................فهرس املصادر واملراجع العربية -1 334 ..........................................................................فهرس املصادر واملراجع األجنبية -2 335 .....................................................................................................فهرس االت-3 336 ........................................................................................فهرس الرسائل اجلامعية-4 337 .................................................................................فهرس البحوث يف األنترنيت-5

338.....................................................................................................فهرس املوضوعات