١ ﺃﺤﻜـﺎﻡ ﻤﺴـﺄﻟﺔ ﻭﻫﻲ ﺃﻻ ﹰ، ﻭﺤﺩﻴﺜﺎ ﹰ ﻗﺩﻴﻤﺎ ﹰ ﺠﺩﻻ ﺃﺜﺎﺭﺕ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺩﺭﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻫﺫﻩ ﺘﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﺸـﺭﻴﻌﺔ ﺘﻌﺒﺩﻴﺔ ﻫﻰ ﺃﻡ ﻤﻌﻠﻠﺔ ﻫﻲ ﻫل ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ. ﻋﻨﻬﻡ ﻟﻠﺤﺭﺝ ﹰ ﻭﺩﻓﻌﺎ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺘﻭﺴﻌﺔ ﺠﺎﺀﺕ ﺇﻨﻤﺎ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻭﻗﺩﻤﺕ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ، ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺒﻴﻨﺕ. ﻓـﻰ ﻭﺃﺩﻟﺘﻬﻡ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﻨﺼﻭﺹ ﺘﻌﻠﻴل ﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﻤﺫﺍﻫﺏ ﻭﺸﺭﻭﻁﻬﺎ، ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺒﻴﻨﺕ ﻭﻜﺫﺍ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ. ABSTRACT This study addresses a question of high importance that has caused controversy in the past and recently, this question of does Islamic Asharia is devotional or reasoned. The study clarified the sections of legal prousions, and proved that Sharia is used to expansion the charge and pushed them and hardship. The study showed as well as the defination of perpecos (Allal) and conditions, and the view of sceientist in explanation of the issue of legal provisions and the texts of their cuidence of this issue. PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com
This document is posted to help you gain knowledge. Please leave a comment to let me know what you think about it! Share it to your friends and learn new things together.
Transcript
١
الشـريعة تتناول هذه الدراسة مسألة على درجة من األهمية أثارت جدال قديما وحديثا، أال وهي مسـألة أحكـام.اإلسالمية هل هي معللة أم هى تعبدية
.بينت الدراسة أقسام األحكام الشرعية، وقدمت األدلة على أن الشريعة إنما جاءت توسعة على المكلفين ودفعا للحرج عنهم
هـذه وكذا بينت الدراسة تعريف العلة وشروطها، ومذاهب العلماء في مسألة تعليل نصوص األحكام الشرعية وأدلتهم فـى . المسألة
ABSTRACT
This study addresses a question of high importance that has caused controversy in the past and recently, this question of does Islamic Asharia is devotional or reasoned.
The study clarified the sections of legal prousions, and proved that Sharia is used to expansion the charge and pushed them and hardship. The study showed as well as the defination of perpecos (Allal) and conditions, and the view of sceientist in explanation of the issue of legal provisions and the texts of their cuidence of this issue.
PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com
أحكام الشـريعة (تتناول هذه الدراسة موضوعا مهما هو شـريعة فبينت الدراسة التعريف بال). بين التعليل والتعبد
وكذا تم بيان أقسام . وأنها إنما وضعها اهللا رحمة بالناساألحكام الشرعية ومعنى الحكم، وأقسامه، وأن األحكام ما شرعت إال توسعة على المكلفين ودفعا لما يتوقـع مـن نزول الحرج بهم، كما تم أيضا تقديم األدلة على ذلـك،
والحكمة وبيان الفـرق كذلك بينت الدراسة تعريف العلةتناولـت . بينهما، وشروط العلة المتفق والمختلف عليها
الدراسة أيضا بيان أن األحكام الشرعية معللة وأن ذلـك منهج القرآن والسـنة، ومسـلك الصـحابة والتـابعين
.وتابعيهم، وبينت الدراسة أقوال العلماء في ذلك
يين فـي تعليـل وبينت الدراسة أيضا مذاهب األصـول وكذا بيان األدلة –رأي ابن حزم الظاهري –النصوص
وكذلك بينت الدراسة مذهب . التي استدل بها والرد عليهالجمهور وأقوالهم في مسائل تعليل نصـوص األحكـام
وبينت أن مذهبهم في ذلك هو . الشرعية، وأدلتهم في ذلكأثـر واشتملت الدراسة كـذلك علـى بيـان . الصواب
ثـم خاتمـة . االختالف في المسائل الفقهية بذكر بعضها .البحث وقائمة بالمصادر والمراجع
:الدراسة
تفضل اهللا سبحانه وتعالى على عباده بالخلق، ولم يتركهم .سدى، بل بعث إليهم بالرسل وأنزل لهم الكتاب
وهؤالء الرسل جميعهم جاءوا من عند اهللا بـدين واحـد الشريعة مـا : (متفقة في أصولها قال ابن األثيروشرائع
شرع لهم : سنه اهللا لعباده من الدين وافترضه عليهم، يقاليشرع شرعا فهو شارع، وقد شرع اهللا الدين شـرعا إذ
. )١()أظهره وبينه
:تعريف الشريعة
عبارة عن األحكام التـي :" عرف البعض الشريعة بأنها ليكونوا مؤمنين عاملين على ما يسـعدهم سنها اهللا لعباده
وأما شرع الدين فهو وضعه وإنزاله ". في الدنيا واآلخرة
وجلمن عند اهللا تعالى كما قال عز: M M L K J
Q P O NL )٢(.
فكل ما جاءت به الرسل من عند اهللا فهو متحد األصـل، منه ما يتعلق بمصلحة ثابتة ال تخضع لظروف الزمـان والمكان كوجوب اإليمان والصالة والعدل والصدق، ومنه ما يتعلق بمصلحة تخضع لظـروف الزمـان والمكـان واختالف األحوال، فهذه المصـلحة تختلـف بـاختالف
فاهللا سبحانه وتعالى لم يترك عباده سدى، بل أنعم عليهم بإرسال الرسل إليهم مبشرين ومنـذرين، بعد نعمة الخلق
وأنزل معهم الكتب المتضمنة لهداية العباد إلـى الحـق والخير والسعادة في الدارين، وجميـع األحكـام الكليـة والجزئية تهدف إلى تحقيق مصالحهم وقد اتفقـت كلمـة العلماء على أن أحكام اهللا تعالى قائمـة علـى رعايـة
.)١١(المصالح
نقسم األحكام الشرعية إلى أحكام معقولة المعنى سواء وت أكانت عبادية أو عادية، وأحكام غير معقولـة المعنـى
عبادية كانت أو عادية
وما ال يعقل معناه من األحكام يطلق عليه حكم ذو معنى تعبدي، نظرا لتوقف العقـل عـن إدراك ذاك المعنـى
عبديـة ال تـدرك، معان ت: فالمعاني إذن قسمان. الخاص .ومعان معقولة يمكن إدراكها
فان معقولية األحكام والمتمثلة في كونها أقـرب إلـى القبول وأبعد عن الحرج، أما كونها أقرب إلى القبـول،
المكلفين إلى اإليمان بجدواها فألن معقولية األحكام تدعوـ ي وعدالتها، إذ تنفي هذه المعقولية إمكان وقوع العبث ف
~ � ¡ ¢ £ M :قال تعالى. التشريع
§ ¦ ¥ ¤L)١٢ (.
معقولـة ـم غائيـةفارتباط األحكام الشرعية غالبا بحكومدركة حافز للمكلفين على امتثال هذه األحكـام نظـرا لمعقوليتها، وتكوينها القناعات بجـدوى هـذا التشـريع
عد عن الحرج، فألنها تنفـي وأما كون معقولية األحكام أبصفة التحكم والتسلط عن هذه األحكام، وإنما مقصوده أن يتحقق سلطان التشريع في نفوسهم بالرغبة ال بـاإلكراه،
إذ قصـد : (واالختيار ال باالضطرار، يقـول الشـاطبي الشارع من المكلف أن يكون عبدا هللا اختيارا كمـا هـو
ولو كان التشريع تحكميا النتفـى )١٣()عبد له اضطرارا .، واختيارا يصدر عن قناعة ورضا كون تنفيذه طواعية
وأن كون األصل في األحكام الشرعية المعقولية ال يعني إهمال معنى التعبد فيها ، فاألحكـام الشـرعية معقولـة وتعبدية في آن واحد، وليس في هذا تناقض وال تعارض،
معقولة من جهة إمكانية الوقـوف علـى حكمـة إذ إنها إن : تشريعها في الغالب، وتعبدية من وجوه أخرى منهـا
على المكلف امتثال األمر الشرعي ، سواء أعقل معنـاه المقصود أم لم يعقله، وأنه إذا فهم لخطاب الشارع حكمة مستقلة في شرع الحكم، فال يلزم من ذلك أن ال يكون ثم
. )١٤(أخرى ومصلحة ثانية وثالثة وأكثرحكمة
وعلى ذلك فال يصح القطع بأن ال مصلحة للحكم إال مـا ظهر لنا ، إذ هو قطع على غيب بال دليل، وذلك غيـر جائز، فقد بقي لنا إمكان حكمة أخرى شرع لها الحكـم، فصرنا من تلك الجهة واقفين على التعبد ، رغم وقوفنـا
.على حكمة معقولة
:معنى الحكم
هو خطاب اهللا تعالى المتعلق بأفعال المكلفين باالقتضـاء وهـذا تعريـف جمهـور . )١٥(أو التخيير أو الوضع
فاآلية الكريمة نص صريح في إرادة اليسر باألمة ورفع وإرادة اليسـر تعبيـر عـن الحـرج . )٢٧(العسر عنها
.المرفوع في الشريعة جملة وتفصيال
لوال ان أشق على أمتي " : (عليه وسلمصلى اهللا "ويقول فيرشد هذا الحديث )٢٨()ألمرتهم بالسواك عند كل صالة
إلى قصد الشارع إلى رفع الحرج عن األمة مـن جهـة ترك اإللزام بما يكون مظنة إلدخال المشقة عليها، ومـن ذلك السواك، إذ ترك النبي صلى اهللا عليه وسلم األمر به
لى المكلفين ومراعاة لحالهم، وأبقى الحكم على تيسيرا ع .)٢٩(الندب دون الوجوب
كذلك نقل اإلمام الشاطبي اإلجماع على عدم وقوع الحرج في التكليف، وهذا دليل على عدم قصد الشارع إليه، ولو
.)٣٠(كان واقعا لحصل في الشريعة التناقض واالختالف
ن توجيه قصد الشارع إلى من خالل النصوص السابقة تبالتيسير ورفع الحرج عن المكلفين قوال وعمال من خالل األحكام العملية التي راعت ظروف المكلفين الطارئة، بما
نختم ذلك . يرفع عنهم المشقة أو يخفضها على أقل تقدير
الـذي )٣٨(المنضـبط )٣٧(الوصف الظـاهر : الثاني إما بجلـب . بتحقيق مصلحة الناس) ٣٩(يناسب الحكم
اإليجاب والقبـول مثل . النفع لهم أو دفع الشر عنهم
. ٦٤٨ص - ١جـ - أصول الفقھ اإلسالمي - وھبة الزحیلي )٣٥( . ٦٢ص - ٢جـ - قواعد األحكام - العز بن عبد السالم )٣٦( .الصفة الواضحة التي یمكن إدراكھا في المحل الذي ورد فیھ الحكم أي ) ٣٧( .أي الذي ینطبق على كل األفراد على حد سواء ) ٣٨( .أي ارتباط الحكم بھ محققا لمصلحة العباد غالبا ) ٣٩(
PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com
ذاتية لألفعـال قبـل ورود فيها بناء على تلك الصفات الالشرع، فذهب المعتزلة إلى أن األفعال في ذواتهـا مـع قطع النظر عن أوامر الشرع ونواهيه متصفة بالحسـن والقبح، وأرادوا بالقبح كون الفعل بحيث يستحق فاعلـه الذم عند الفعل، والحسن كونه بحيث ال يستحق فاعله ذلك
. والحسن تتفاوت مراتبـه ، ثم القبح هو معنى الحرمة، وقالوا في إمكان العقل أن يستقرئ الجزئيـات، ويحكـم حكما كليا، على بعض األفعال بالحسن أو القبح لما بـدا من نفعها أو ضررها لمعظم المجتمع الذي يصل إليه أثر
بعض الفعل حتى يصل به األمر إلى القطع بتلك الصفة ، لغرقىء، وإنقاذ ا، والوفااألفعال كحسن العدل، والصدق
.)٤٣(ومساعدة البائسين
وذهب المعتزلة كذلك إلى أن أوامر الشرع ونواهيه مـا هي إال كاشفات ال مثبتة، فوجوب الصالة وحرمة الزنـا مثال أمران ثابتان بأنفسهما، ال بسبب األمر والنهى، بـل
نسبوا األفعـال إلـى هما كاشفان عنهما ومؤكدان، وإذا ن زادوا في تعريف القبح استحقاق العقاب آجـال، المكلفي
ويذهب بعضـهم إلـى أن . وقيدوا استحقاق الذم بالعاجلاألفعال تتصف بصفة الحسن والقبح لالعتبـارات التـي
قال . ستقراء التام للجزئيات غير ممكنتقترن بها، ألن اال
كل حكم يعلم للفعل بضرورة العقل : (القاضي عبد الجبارع ألن السمع فيه تسابه ، فال وجه إلضافته إلى السمأو باك
، وإنما يضاف إلى ذلك فيما ال يعلم لـوال يرد إذا مؤكداويراد بالمعلوم بضرورة العقل مثل حسـن . )٤٤()السمع
اإليمان وقبح الكفر، ويراد بالمعلوم باكتسابه مثل حسـن ال الصدق المضر وقبح الكذب النافع، ويراد بما ال يعلم لو
.)٤٥(السمع كالعبادات
أما أهل السنة فذهبوا إلى ان األفعال ال حسن لها وال قبح ، وحسـنها نى ، بل قبحها كونها منهيـا عنهـا بذلك المع
نها الشرع ، بخالفه، وليس لها في نفسها صفة يكشف ع .بل هما مستفادان منه
يـه، فاألفعال ال تحسن وال تقبح إال بأمر الشـارع ونه وليس لها في ذاته ، وال ألمر خارج عنها صفة تكتسـب
فما حسنه الشارع بأمره فهـو . بها اسم الحسن أو القبح .)٤٦(الحسن ، وما قبحه بنهيه فهو القبيح وال دخل للعقل
تستعمل مرادفا لقصد الشارع أو مقصوده عنـد الفقهـاء . فال فرق بينهمـا فيقال هذا مقصوده كذا أو حكمته كذا
وهذا ما يتبادر إلى الذهن فالحكم مـرتبط بهـا، ألنهـا وأكد ذلك الشيخ بدران أبـو . الباعث على تشريع الحكم
على أن جمهور الفقهاء كانوا يذهبون في : (العينين فيقولاجتهاداتهم إلى أن ما شرعه اهللا من أحكام، لم يشرعه اهللا
ع مضرة عنهم ، فلهذا إال لمصلحة جلب منفعة لهم أو دفكانت تلك المصلحة هي الغاية المقصودة من التشـريع،
. ١٠١ص - ١٧جـ - المغني - القاضي عبد الجبار )٤٤(نقال عن المقاصد العامة للشریعة اإلسالمیة ، یوسف ٢١ص- المنتھى - ابن الحاجب )٤٥(
. ٤٠ص- العالم . ٢٣ص - أصول الفقھ - محمد الخضري )٤٦(
مة الحكم فهـي الباعـث علـى أما حك.. وتسمى حكمة ، والمصلحة التي قصدها الشارع مـن شـرعه تشريعه .)٤٧()الحكم
)٤٨(:
شـرع هو أن الحكمة هي المعنى المقصود مـن : األولالحكم، وذلك هو المصلحة التي قصد الشـارع بتشـريع الحكم جلبها أو تكميلها أو المفسدة التي قصـد الشـارع
.بتشريع الحكم درءها أو تقليلها
المعنى المناسب لتشـريع الحكـم أي المقتضـي : الثاني .لتشريعه
، أو مرا خفيا ال تدرك بحاسة ظـاهرة فالحكمة قد تكون أ يختلف باختالف األحوال أو باختالف أمرا غير منضبط
إباحة البيوع، حكمتها دفع الحـرج عـن : فمثال. الناس، فقـد تكـون س بسد حاجاتهم ، والحاجة أمر خفـي النا
المعاوضة بالبيع لحاجة أو لغير حاجة وإباحة الفطر في رمضان، حكمتها دفع المشقة، والمشقة تختلف بـاختالف
.األحوال والناس
حكمتها دفع المفسدة : قصر الصالة في السفر ومشروعية التي هي المشقة، غير أن هذه المشـقة أمـر اعتبـاري يختلف بالنسبة لألشخاص والظروف واألزمان واألماكن ، فال يمكن جعل السفر مناطا للحكم وهو الترخيص فـي قصر الصالة ، ولكن لما كان السفر مظنة هذه المشقة ،
منضبط ، جعل السفر علة إلباحة القصر وهو أمر ظاهر .كما هو علة إلباحة الفطر
هذه الحكمة والنظر إليها لعدم الحاجة إليها، ولما فيه من إن .زيادة الحرج بالبحث عن الحكمة، وعـن ضـابطها
التعليل بالحكمة المجردة إذا كانت خفية مضطربة ، مما يفضي إلى العسر والحرج في حق المكلف بالبحث عنها
M r :الحرج من في بقوله تعالى واإلطالع عليها و
v u t sw � ~ } | { z y x
¡¢ L )٥٠.(
، ق يتبين الفرق بـين الحكمـة والعلـة وبناء على ما سبفالحكمة هي الباعث على تشريع الحكم والغاية البعيـدة المقصودة منه، وهي المصلحة التي قصد الشارع بتشريع
ع ، أو المفسدة التي قصد الشـار الحكم تحقيقها أو تكميلها .بتشريع الحكم درؤها أو تقليلها
وأما العلة فهي األمر الظاهر المنضبط المعرف للحكـم الذي ينبني عليه الحكم وجودا وعدما ، ألن ربط الحكـم
فالسفر مثال علـة . به يحقق المقصود من تشريع الحكملجواز الفطر والقصر، وباعتبار أنـه وصـف ظـاهر منضبط علق الحكم به، غير إنه في الواقع هـو مظنـة
.)٥١(تحقق حكمة تشريع الحكم
وعلى أساس هذا المعنى لمصـطلح العلـة، تفـرع مصطلح التعليل بمعناه العـام وهـو تعليـل أحكـام
.)٥٢(الشريعة بجلب المصالح ودرء المفاسد
والتعليل في اصطالح علماء المنطـق تبيـين علـة تدل فيه بالعلة على المعلول الشيء ويطلق على ما يس
أن للعلة شروطا كثيرة اتفق العلماء على بعضها واختلفوا .في البعض اآلخر
أن تكون العلة ظاهرة جلية أي واضحة يمكن إدراكها . ١أن تكون بحيث يمكن التحقق من وجودها أو عدمها، أي
فإذا كان الوصـف . مدركة بحاسة من الحواس الظاهرة : خفيا فال يصح التعليل به، فمثال التراضي بين المتبايعين
ال يصح ان يكون علة لنقل الملكية في العوضـين؛ ألن التراضي أمر قلبي، ال يمكن إدراكه، وإنمـا يتعـين ان
لـذي تكون العلة في نقل الملكيات هي اإليجاب والقبول ا .هو مظنة التراضي
أن تكون العلة منضبطة لها حقيقة واحدة ال تختلـف . ٢باختالف األشخاص، وال باختالف األحوال، وال باختالف
ذهب األكثرون إلى امتناع تعليـل : قال اآلمدي. البيئاتأما االخـتالف . )٥٤(الحكم بالحكمة المجردة عن الضابطبر وصفا مضبوطا في اليسير فال اعتبار له مثاله القتل يعت
حرمان القاتل من الميـراث، فـيمكن ان يقـاس عليـه .الوصية
أن تكون هناك مناسبة أو مالئمة بين الحكم والوصف . ٣فالوصف المناسب هو ما ثبت مناسبته . الذي اعتبر علة
للحكم شرعا مثل القتل علة مناسبة لمنع الميراث، إذ إن والموروث، وان أساس الميراث صلة تربط بين الوارث
، الثمنية أي أنهما أثمان األشياء بالنقدية أوالذهب والفضة إلى منع التعليل بها )٦٠(وذهب األحناف. وكونهما نقدين
إذ ال فائدة من التعليل ألن أساس القياس هو العلـة، وال تصح العلة أساسا للقياس إال إذا كانت متعدية أي أمـرا
.غير خاص باألصل ويمكن وجوده في غيره
ع القياس وهـو محـل اتفـاق عنـد إن قصور العلة يمن الجميع، إال إن الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة التمسوا فائدة للتعليل بالعلة القاصرة غير فائـدة تعديـه الحكم، وهي أن التعليل بالعلة القاصرة يفيد المكلف فـي
وھي ما تجاوزت المحل الذي وجدت فیھ إلى غیره من المحالت : العلة المتعدیة ) ٥٥(
الذي وجدت فیھ ، سواء أكأنت وھي التي لم تتجاوز المحل: األخرى ، وعلة قاصرة .منصوصة أم مستنبطة
. ٢٠ص - مرجع سابق –، اإلحكام ٩٨ص - ٢جـ - المستصفى - الغزالي )٥٦( . ٢١٧ص - ٢جـ - شرح العضد على مختصر المنتھى) ٥٧( . ٩٨ص - مرجع سابق ، المستصفى ٢٠ص - مرجع سابق –اإلحكام ) ٥٨( . ٣١٦ص - ٢جـ - روضة الناظر - ابن قدامة )٥٩( . ١٥٨ص ٢جـ. أصول الفقھ ، السرخسي ) ٦٠(
PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com
يا على وجـه المصـلحة ووفـق معرفة كون الحكم مبنإلى قبوله ويكون التعليل باعثا ، فتكون النفس أميل الحكمة
على االمتثال والطاعة، وأيضا فان معرفة اقتصار الحكم على محمل النص وانتفائـه عـن غيـره مـن أعظـم
.)٦١(الفوائد
أال تكون العلة مثبتة حكما في الفرع يخالف النص أو .٥، ك فال عبرة بها وال التفات إليهااإلجماع ، فإن كانت كذل
نبنى عليها يعتبر قياسا فاسدا، يقول الكمال والقياس الذي إمن شروط العلة أال تخالف نصا ، بان تفيـد : ابن الهمام
اشتراك األوالد : ومثاله. )٦٢(في الفرع حكما يخالف نصافي البنوة يعتبر وصفا مناسبا للمسـاواة بـين الـذكور واإلناث في حصة اإلرث من والدهم، غير ان الشـارع
M e d c :وصـف بقولـه تعـالى ألغى هـذا ال
fg j i hL)٦٣( .
والصحيح : (اختلفوا في تعليل الحكم بعلتين، قال الغزالي عندنا جوازه ألن العلة الشرعية عالمة، وال يمتنع نصب عالمتين على شيء واحد ، فإن من لمس ومس وبال في
وضوؤه، ومن أرضعتها زوجة أخيك وقت واحد ينتقض وأختك حرمت عليك ألنك خالها وعمها، والنكـاح فعـل واحد، وال يمكن ان يحال إلى الخؤولة دون العمومـة أو بعكسه، وال يقال تحريمان وحكمان، بل تحريم لـه حـد
.) ٦٤()واحد وحقيقة واحدة
. ٣١٧ص - ، روضة الناظر مرجع سابق ٢٠ص - مرجع سابق –اإلحكام ) ٦١( . ٢٢ص ٤جـ - تیسیر التحریر - ابن الھمام ) ٦٢( ) .١١(سورة النساء اآلیة )٦٣( . ٣٤٢ص - المستصفي مرجع سابق )٦٤(
... وذكر صاحب مسلم الثبوت أنه قد منع التعليل بعلتين .)٦٥(الحق عند الجمهور جوازه:وقال
اختلفوا في العلة الواحدة الشرعية هل تكون علة لحكمين شرعيين أوال ؟
المختار جوازه ألن العلة بمعنى اإلمارة أو : (قال اآلمديإن العلة قد يعلـل بهـا : (وقال البيضاوي. )٦٦()الباعث
معلول واحد، وقد يعلل بها معلوالن متماثالن ، كالقتـل ادر من زيد أو عمرو فانه يوجب القصاص على كل الص
وقد يعلل بها معلوالن مختلفان كـالحيض . واحد منهما فانه علة لتحريم القـراءة ومـس المصـحف والصـوم
. )٦٧()والصالة
في جواز تعليل حكم األصل بعلة متـأخرة )٦٨(واختلفواعن ذلك الحكم في الوجود، وذلك كتعليل إثبات الواليـة
إن الوالية ، فلصغير الذي عرض له الجنونب على الأل .ثابتة قبل عرض الجنون
يعد تعليل األحكام هو مسلك نصوص القـرآن والسـنة، ومسلك الصحابة والتابعين وتابعيهم، على أن أحكـام اهللا معللة بمصالح العباد ولم يظهـر الخـالف فـي تعليـل
الثالث الهجري، النصوص بغرض التعدية إال في القرن عندما نادى داود بن علي األصفهاني إمـام الظاهريـة
هـ رحمه اهللا بمنع تعليل النصـوص ٢٧٠المتوفي سنة الشرعية ونادى بالعمل بالنص الشرعي وحده من غيـر
بحث عن علة الحكم، وبالتالي من غير تعدية له إلى غير .)٦٩(موضع النص
تعليالت القـرآن وقد أورد ابن القيم عشرات األمثلة من والقرآن وسنة رسول اهللا صلى اهللا عليه : (وقال. والسنة
وسلم مملوءان من تعليل األحكـام بـالحكم والمصـالح، وتعليل الخلق بهما، والتنبيه على وجوه الحكم التي ألجلها
ولو كـان . شرع تلك األحكام وألجلها خلق تلك األعيان، مائتين لسقناه نحو مائة موضع أو هذا في القرآن والسنة
.)٧٠()ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة
إن من سير أحوال الصحابة رضي : (يقول إمام الحرمين اهللا عليهم وهم القدوة واألسوة في النظر لم تـر لواحـد
ستشوار تمهيـد أصـل، واستشـاره منهم في مجالس االوقـال شـاه ولـي اهللا . )٧١()، ثم بناء الواقعة عليهمعنى
ولم يكن العمدة عنـد الصـحابة إال وجـدان : (الدهلويثم بعد ... االطمئنان من غير التفات إلى طرق االستدالل
وفاته صلى اهللا عليه وسلم تفرقوا في البالد وصار كـل واحد منهم مقتدى به في بلد من بالد اإلسـالم، فكثـرت الوقائع ودارت المسائل فاستفتوا فيها فأجاب كل واحـد
ا حفظه واستنبط، وإن لم يجد فيمـا حفظـه أو حسب ماستنبط ما يصلح للجواب، اجتهد برأيه وعرف العلة التي علق رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم الحكم عليهـا فـي منصوصاته فطرد الحكم حيثما وجدها، ال يألو جهدا في
. ١٢٥ص. العالم . ٦ص ١جـ - مرجع سابق - حجة اهللا البالغة )٧٢(
اهللا عليهم ثم سـار وهكذا كانت أحوال الصحابة رضوانالذين يلونهم ثم الذين يلونهم على منـوالهم فـي الفهـم واالستنباط، وتعليل النصوص الشرعية لغرض التعديـة كان أمرا مسلما وسائغا طيلـة القـرن األول والثـاني
.الهجري ولم يوجد من ينكر ذلك
وتعليل النصوص بغرض التعدية لم يظهر فيه خالف رن الثالث الهجري، وإن كان النظـام إال في أثناء الق
من المعتزلة أنكر القياس ولكن إنكاره لم يأخذ طـابع وقد وجد إنكار عليه من جميـع . المذهب الجماعي
.)٧٣(أئمة المعتزلة بعده وأنكروا عليه وردوا عليه
في ركود إلى ] الظاهري[بقي مذهب داود األصفهاني نـي هــ فع ٤٥٦أن جاء ابن حزم المتـوفي سـنة
بدراسته وتدريسه ثم تمكن فيه، فكتب كتابيه الشهيرين إن : وذكر صاحب جمع الجوامع) اإلحكام، والمحلى(
داود الظاهري يقول بالقياس الجلي بخالف ابن حزم .)٧٤(فانه يمنع جميع أنواع القياس
أما الشيعة اإلمامية ففرقوا بين القياس الذي تكون العلـة علته ثابتة بالنص، فـاألول فيه مستنبطة، والقياس الذي
أنكروه والثاني قالوا به على خالف بينهم فـي أن ذلـك قياس أو تعميم للنص بطريق الداللة اللفظية الحقيقيـة أو العرفية وبعضهم لم يفرق بين منصوص العلة ومستنبطها
.فكال النوعين مردود ال يؤخذ وال يعول عليه
صوص إال انهم ال فالشيعة اإلمامية مع قبولهم بتناهي النيرتبون على ذلك ضرورة االجتهاد بـالرأي، والقيـاس وتعليل النصوص، بل يرون أن وجود معصوم يمنحه اهللا
. ١١٨ص - ٢جـ - أصول الفقھ - السرخسي )٧٣( . ٢٤٢ص ٢جـ - جمع الجوامع ) ٧٤(
PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com
من غير أن يكون أحدهما مؤثرا فـي اآلخـر، وداعيـا .)٨١(إليه
فمن خالل النصوص السابقة التـي يوردهـا الـرازي صرح بها يتبين أنه ال ينكر تعليل األحكام بالمصلحة، وي
بل يقرره ويقول به وأنما الذي ينكره الرازي أن يكـون ارتباط األحكام بالمصلحة على جهة الوجوب والحتم كما قالت المعتزلة، فاهللا سبحانه وتعالى إذ يقيم مصالح العباد
م بأحكامه، فإنما يقيمها علـى جهـة التفضـل، ال الحـت واإللزام، بمعنى أنه ال يجب على اهللا سـبحانه وتعـالى
وانتهي الرازي إلى القـول . مراعاة المصالح في أحكامهبانعقاد اإلجماع على أن الشرائع مصالح، إما وجوبا كما
.)٨٢(هو قول المعتزلة أو تفضال كما هو قولنا
بل أن ابن القيم عد الرازي من المدافعين عن التعليل وقـد : يـاس فقال عند رده على منكري التعليل والق
اتفق جميع العلماء على أن أحكام اهللا سـبحانه وتعـالى مبنية على مراعاة مصالح العباد وقد اختلفوا في أنه هل
لنصوص الشرعية التعليـل أم التعبـد إلـى األصل في ا :مذهبين
: النص موجب إن األصل عدم التعليل ، ألنللحكم بطبيعته ال بعلته ، إذ أن العلل الشرعية ليست من مدلوالت النص ، وبالتعليل ينتقل الحكم من الصيغة إلى
جـاز العلة أو معنى الحكم ، كاالنتقال من الحقيقة إلى الموذلك ال يكون إال بدليل ، ألن معرفـة صـيغة الـنص تتوقف على السماع توقف معرفة الحقيقة عليه، ومعرفة المعنى الشرعي من النص ال تتوقف عليـه ، كمعرفـة
العمـل : وملخص هذا القول ان األصل هـو . المجازبصيغة النص دون معناه، فال يجوز ترك هـذا األصـل
ال يجوز ترك الحقيقـة إال بـدليل وتغييره إال بدليل كماوبالرجوع إلـى مـا قـرره . ل بهذا الرأي الظاهريةقا
نكرون أصل التعليل الظاهرية في هذه المسألة نجد أنهم ي، وبالنظر إلى األدلة التي استندوا إليها في جملة وتفصيال
دحض حجج الخصم يظهر لنا أنهـم يحملـون جمهـور .مونهم بما لم يلتزموهيقولوه ويلزاألصوليين ما لم
فابن حزم الظاهري الذي يحتج ويستدل على بطالن أصل إن العلة : تعليل الشريعة بالمصالح يقول في تعريفه للعلة .)٨٤(اسم لكل صفة توجب أمرا ما، إيجابا ضروريا
وبناءا على هذا التعريف للعلة ينكر على الجمهور قولهم هذا المدلول الذي حدده بتعليل الشريعة ، حيث أنها وفق
توجب أن يكون تعليل الشريعة أمرا ضروريا واجبا على قـال فـي . اهللا سبحانه، وتعالى اهللا عن ذلك علوا كبيرا
.١٢٨ص - ٨جـ - ابن حزم - اإلحكام) ٨٤(
أي من يقول بتعليل الشـريعة –فيخرج : (موضع آخر إلى ما ال يحل اعتقـاده مـن أن الشـرائع –وأحكامها
.)٨٥()اشرعها اهللا لعلل أوجبت عليه أن يشرعه
فابن حزم نحا بالمسألة عن جانبها األصولي ذلك أن العلة هي العلة العقلية التـي يقصـدها : التي عرفها ابن حزم
الفالسفة وهي ما يوجب الشيء لذاته ككون النـار علـة اإلحراق ، والثلج علة التبريد، وليست هي العلة الشرعية التي قصدها جمهور األصـوليين، بـل أن األصـوليين يؤكدون دائما على استبعاد أن يكون القول بالتعليل موجبا على اهللا أو ملزما له بأمر، بل تفضـال منـه سـبحانه
.وتعالى
) ٨٦(وكذلك عرف الجمهور العلة بأنها المعرفـة للحكـم
إلبعاد شبهة التأثير واإليجاب بذاتها، واحتياطا في تنزيه فإذا كان مراد ابن . اهللا تعالى عن كل ما ال يليق بجالله
حزم من نفي تعليل الشريعة تنزيه اهللا تعالى، فـالجميع .يتفق معه على هذا المفهوم
فعلماء السنة يقولون بعلل جعلية جعلها اهللا بمشـيئته، ال يلزمه منها شيء ومن هنا فهم يقولون برعاية المصـالح من اهللا تفضال وإحسانا، ال وجوبا وضرورة، فأما مفهوم
.ارهعلة عنده فالجميع متفق معه على انكال
وابن حزم الذي ينكر أن تكون أحكام الشريعة شـرعت لعلة لما يترتب على ذلك من محظور وفق المعنى الذي حدده لمصطلح العلة نجده ال يستبعد أن يكـون الحكـم الشرعي قد شرع لسبب، ويعني بالسبب كل أمـر فعـل
بر واالستنباط هناك أغراض يتوصل إليها عن طريق التد أو عن طريق االستقراء أو من التعليل العام
هو حصر هذه األغـراض فـي اآلخـرة، : والقيد الثانيأن يعتبر بهـا : فالغرض في بعض األحكام الشرعية هو
المعتبرون، وفي بعضها أن يدخل الجنة من شاء إدخالـه ثم أضاف . ) ٩٥(فيها وأن يدخل النار من شاء إدخاله فيها
وكل ما ذكرنا من غرضه تعالى في االعتبار، : موضحاومن إدخاله الجنة من شاء ، ومن إدخاله النار من شاء، وتسبيبه ما شاء لما شاء ، فكل ذلك أفعال مـن أفعالـه، وأحكام من أحكامه ، ال سبب لها أصال ، وال غرض له
M À :فيها البتة غير ظهورها وتكوينها فقط قال تعـالى
Ä Ã Â Á ÆÅL)ولوال انـه تعـالى . )٩٦نص على أنه أراد منا االعتبار وأراد إدخال الجنة مـن
، وأهم دليل استدل به ابن حزم فـي )٩٧(شاء ، ما قلنا به
M Ä Ã Â : إنكار التعليل هو اآلية الكريمـة Á À
Æ ÅL)فـأخبر اهللا تعـالى : يقول ابن حزم . )٩٨وإذا ). لم(يجري فيها بالفرق بيننا وبينه ، وأن أفعاله ال
لـم : لم يحل لنا أن نسأله عن شيء من أحكامه وأفعاله كان هذا؟ فقد بطلت األسباب جملة ، وسقطت العلل البتة، إال ما نص اهللا تعالى عليه انه فعل أمر كذا ألجل كـذا،
لم : وهذا أيضا مما ال يسأل عنه، فال يحل ألحد أن يقول حكم ولم يكن لغيره؟ ألن من فعـل كان هذا السبب لهذا ال
هذا السؤال فقد عصى اهللا وألحد في الدين ، وخالف قوله
فمن سأل اهللا عما يفعل فهـو ) لا يسأل عما يفعل(تعالى .)٩٩(فاسق
وفي موضع آخر ينتقد موقف القياسيين الباحثين عن لـم : وهم دائما يسألون ربهـم : (علل األحكام بقوله
نعوذ باهللا من ! كذا ؟ كانهم لم يقرءوا هذه اآلية فعلت إن القيـاس (وقال في موضع آخـر . )١٠٠()الخذالن
وتعليل األحكام دين إبليس وانه مخـالف لـدين اهللا . )١٠١()تعالى
وقد رد الشيخ محمد أبي زهرة على وجه استدالل ابـن : يقول أبو زهرة. حزم أنه خلط بين أفعال اهللا وأحكامه
ن اهللا سبحانه وتعالى ال يسأل عن أفعاله وال ذلك أل(... . يسأل عن أقواله ، ألنه ليس ألحد سلطان بجوار سلطانه
إنه مالك الملك ذو الجالل واإلكرام ، فلـيس ألحـد ان يستطيل فيسأل عن علة أفعاله تعالى ألنه الحكيم العلـيم الخبير ، ولكن هل يقتضي هذا النهي عن أن يبحث عـن
لشريعة ؟ إني أرى أن الفارق كبير بـين النصوص في األن : علة النصوص الشرعية وعلـة أفعـال اهللا تعـالى
البحث عن علة النصوص في الشريعة تعرف للمراد منها .)١٠٢()والمطلوب فيها
نذكر في القرآن كما يذكر ما لنا ال (اهللا عليه وسلم . )١١٣(؟ فانزل اهللا هذه اآليةالرجال
فهذا السؤال وان كان قد وجه مباشرة إلى رسـول اهللا ال هو في الحقيقة موجه إلى اهللا جل جالله ، ولهذا إلى اهللا، ف
تولى اهللا تعالى بنفسه الجواب عنه ، ولم يكن هذا السؤال وهذا يؤكد إن السؤال كان بريئا من . محل إنكار وال لوم
كل شبهة ، صادقا في تطلب العلم ، والفهم، مع الرضـا .والتسليم في جميع الحاالت
ن سؤال وسؤال فالسـؤال فخالصة القول هو أنه يفرق بي من أفعالـه، أو إلـى أي الموجه إلى اهللا أو إلى فعل أي
إذا كـان . قول من أقواله ، أو أي حكـم مـن أحكامـه االعتراض أو اإلنكـار، أو االسـتهزاء أو : الغرض منه
المحاسبة، فهو ضالل وكفر، ومن هذا البـاب السـؤال منع البحث الوارد في اآلية التي استدل بها ابن حزم على
.عن علل األحكام
وأما إذا كان السؤال صادرا عن إيمان تام باهللا وصـفاته الكمالية وبعدله وحكمته على الخصوص، تحدوه الرغبة في الفهم والتعلم ويدفعه التطلع والتشوف إلى مزيد مـن اإلطالع على حكم اهللا في تشريعه وتدبيره، فهذا سـؤال
، ؤال محمود غيـر مـذموم ر عليه، بل سمشروع ال غبا. )١١٤(وذلك في حدود الممكن وفي حدود األدب الـالزم
وكما سبق القول فان األسئلة من هذا القبيل صدرت عن .المصطفين األخيار، المقتدى بهم وبنهجهم
، إال ويجـوز اء على ذلك فليس هنالك حكم شـرعي وبنالتساؤل عن حكمته ، كما يجوز البحث عنها بكل ما هيأه
فإذا وصلنا إلى شـيء . لملنا من وسائل البحث والع اهللامما تشهد له األدلة المعتبرة قلنا به، وإن لم نصل، سلمنا
.بحكمة اهللا أيا كانت
وفي مجال الشريعة وأحكامها، ال بد لكي يتقـدم فقهنـا ن للشريعة ، من أن ننطلق ونحن على يقين واطمئنان بأ
عدل كلها، ورحمة كلها، (: هذه الشريعة كما قال ابن القيم: وكما قال القرطبـي . )١١٥()ومصالح كلها، وحكمة كلها
ال خالف بين العقالء أن شرائع األنبيـاء قصـد بهـا ( . )١١٦()مصالح الخلق الدينية والدنيوية
: هو مذهب جمهور العلماء فانهم متفقـونعلى القول بتعليل نصوص األحكام الشرعية ولهـم فـي
.قوال ذلك أ
: إن األصل في النصوص التعليل بكل وصف صالحإلضافة الحكم إليه حتى يوجد مانع عن التعليل بـبعض األحيان، ألن األدلة الشرعية دلت على حجية القياس، من غير تفرقة بين نص ونص، فيكون التعليل هو األصل، إذ ال يتأتى القياس إال بمعرفة المعنى الذي صلح علة مـن
ولما صار التعليل أصال، وال يمكن التعليل بجميع . صالناألوصاف ، لتأديه إلى انسداد باب القياس ومنعـه، وال التعليل ببعض األوصاف دون بعض، للجهالـة وعـدم جواز ترجيح الشيء بال مرجح، صارت األوصاف كلها صالحة للتعليل بها، أي صار كل وصف صالحا للتعليل
كمخالفة نص أو إجماع أو معارضة به، إال إذا وجد مانع .أوصاف
. ٣ص ٣جـ - مرجع سابق - إعالم الموقعین) ١١٥( . ٦٤ص ٢جـ - الجامع ألحكام القرأن - القرطبي )١١٦(
PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com
، فإن الحديث لما كان حجـة : الحديث وذلك مثل رواية ، وإجماع ال يثبت الحديث إال بنقل الرواة والعمل به واجبا
الرواة على رواية كل حديث متعذر فصارت رواية كـل عدل حجة ال تترك إال بمانع كمخالفة دليل قطعـي مـن
.)١١٧(سق الراوينص أو إجماع أو ظهور ف
األصل في النصوص التعليل بوصف أو كونهـامعللة ، لكن ال بد من دليل يميز الوصف الذي هو علـة
قال به . من بين سائر األوصاف في كونه متعلق الحكم .)١١٨( جمهور األصوليين من الشافعية وبعض األحناف
وعللوا ذلك أنه ال يمكن التعليل بجميع األوصاف وال بكلواحد منها، ألن بعض األوصاف قاصر يؤدي إلى منـع القياس ، وبعضها متعد يوجب التعدية إلى الفرع ، فوجب
.التعليل بالبعض
كما أن الصحابة أجمعوا على أن علة الحكم هو الـبعض بدليل اختالفهم في الفروع ، الختالفهم في العلة، فال بـد
عليـل له من مميز، أي دليـل يوجـب التمييـز، ألن الت بالمجهول باطل، والواحد مـن جملـة األوصـاف هـو
.)١١٩(المتيقن، فيحتاج إلى تمييزه وبيانه
إن األصل في النصوص التعليل ، وأنه ال بد من، ال بد قبـل ميز الوصف الذي هو علة ، ومع ذلكدليل ي
التعليل والتمييز، من دليل يدل على أن النص الذي يراد ، )١٢٠(وإلى هذا الرأي ذهب الحنفية .استخراج علته معلل
أن الظاهر هو أن األصل في النصوص التعليـل، إنمـا
، شرح التلویح على التنقیح ٢٩٣ص ٣جـ. كشف األسرار على أصول البزدوي ) ١١٧( ٢٠ص ٢جـ - مرجع سابق–الموقعین ، إعالم ٦٤ص ٢جـ.ي انلصدر الشریعة والتفتاز
. ١٠٣ص - مرجع سابق- ، أصول الفقھ اإلسالمي . ٦٤ص ٢جـ. ، شرح التلویح ٢٩٥ص ٢جـ - كشف األسرار) ١١٨( .المرجع نفسھ ) ١١٩(- ٢جـ - أصول الفقھ- ، السرخسي ٢٠ص ٢جـ - مرجع سابق –إعالم الموقعین ) ١٢٠(
١١٨ص
يصلح للدفع دون اإللزام ولذلك نحتاج قبل الشروع فـي التعليل إلى إقامة الدليل على كون األصل أي النص الذي يراد تعليله معلل في الحال ، وليس بمقتصر على مورده
ك مثال استصحاب الحال، وذل. بل يعدي حكمه إلى غيرهفانه لما كان ثابتا بطريق الظاهر صح حجـة دافعـة ال ملزمة ، حتى ان حياة المفقود لما كانت ثابتـة بطريـق االستصحاب تجعل حجة لدفع االستحقاق ، حتى ال يورث ماله ، وال يصلح سببا لالستحقاق حتى لو مات قريبه ال
. )١٢١(يرثه المفقود ، الحتمال الموت
فالجمهور يلحقون الالحق من الوقائع بالسابق منهـا عن طريق القياس فيما ال نظير منصـوص عليـه، فالقياس عندهم هو أول طريق يلجأ إليه المجتهد فيما
.ال نص فيه
أما موقف من ال يرى تعليل النصوص والقياس مـن الوقائع المستجدة، فانه ال يتركها سدى ، بل يقولـون
لجميع السـابق والالحـق مـن ان النصوص شاملة الوقائع واألحداث بطريق عموميات األسماء اللغويـة
.)١٢٢(من غير احتياج إلى استنباط أو قياس
هر ومسلك الجمهور أسلم وأضبط من مسلك أهل الظا، وأحداث ولقـد وردت في استيعاب ما جد من وقائع
أدلة كثيرة ترشد إلى ان الشارع قد أقام شرعه لتحقيق ح ودفع المفاسد ، واعتبر إقامة المصلحة علة المصال
إلنشاء الحكم ، وال أدل على ذلك من بيانه سـبحانه نهـا لغاية إرسال الرسل وتشريع األحكام التي عبر ع
واستدل الجمهور فيما ذهبوا إليه بأدلة كثيرة نـذكر :بعض منها
.)١٢٣(M b a d cL :قوله تعالى
فالرحمة التي جعلت علة لرسالة النبي صلى اهللا عليه وسلم ال يمكن ان تقوم أو تتحقق إال إذا كانت الشريعة نفسها مقيمة لما يحقق مصلحة المكلفين على الجملـة ومانعة لما يلحق الفساد بهم، إذ ال تتصور الرحمـة بحال إذا لم تكفل الشريعة إقامـة المصـالح ومنـع
.المفاسد
فصارت إقامة المصالح ومنع المفاسد من مقتضـيات . الرحمة ولوازمها ، بحيث ال تتحقق واقعا إال بهما
ونلحظ هنا ان الرحمة كما أريد لها ان تكـون فـي جميع األحوال وعمومها بحيث ال تقتصر على الدنيا دون اآلخرة ، فكذلك أريد ان تكون شاملة للبشـرية
لتفيد ) العالمين(العموم جمعاء، ولهذا استعملت صيغةاستغراق المرسل إليهم وعمومهم، فهي رسالة تقـيم مصلحة االنسانية قاطبة في جميع أحوالها وأزمانهـا
n m l k j i h g f eo L فعلل حكم توزيع المال على هذه المصارف حتى . ) ١٣٥(
وغيـر . ال يكون المال متداوال بين األغنياء دون الفقراء .ذلك من األدلة الكثيرة التي جاءت على هذا المنوال
:نوعان، واالستقراء استقراء تصرفات الشارع: ثانيا
، استقراء األحكام التي عرفت عللهـا : النوع األول وهذا االستقراء في الواقع يؤول إلى اسـتقراء تلـك
، فان باستقراء العلل العلل المثبتة بطريق مسالك العلة .)١٣٦(يحصل العلم بمقاصد الشارع بسهولة
هو استقراء أدلة أحكام اشتركت في غايـة : النوع الثاني . )١٣٧(واحدة وباعث واحد
االهتداء بالصحابة رضوان اهللا عليهم ، واالقتداء : ثالثا بهم في فهم األحكام من الكتاب والسنة وتطبيقهـا علـى
م من صدق اإليمان، وفصاحة الوقائع، وذلك لما توفر فيه، ومشاهدتهم لمن كلف القرآناللسان، ومعاصرتهم لنزول
. )١٣٨(ببيان القرآن، بأفعاله وأقواله وتقريراته
وقد كانت الصحابة أفهم األمـة لمـراد : (يقول ابن القيمندنون حول معرفة مـراده، نبيها واتبع له، وإنما كانوا يد
) .٧(اآلیة - شرسورة الح) ١٣٥( مثل النھي عن نكاح المرأة على عمتھا أو خالتھا ألنھ جالب للقطیعة) ١٣٦(مثل النھي عن االحتكار علتھ إقالل السلع من األسواق وكذلك بیع الطعام بالطعام ) ١٣٧(
فأن رواج الطعام وتیسیر تناولھ ، مقصد من مقاصد . نسیئة ، والنھي عن بیع حاضر لباد .الشارع
. ١١٩ص - مرجع سابق–المقاصد العامة ) ١٣٨(
PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com
، ولم يكن أحد منهم يظهر له مراد رسـول اهللا ومقصوده .)١٣٩( )إلى غيره البتة صلى اهللا عليه وسلم ثم يعدل عنه
فقد فهموا من مصادر التشريع وموارده، ومداخل أحكامه ومخارجه ومجاريه، ومباعثه أن رسـول اهللا صـلى اهللا عليه وسلم كان يتبع المعاني ويتبع األحكـام واألسـباب المتقاضية لها من وجوه المصالح، فلـم يعولـوا علـى
.)١٤٠( المعاني إال لذلك
و األصل ، وبيان المعاني الشـرعية تعليل األحكام إذن هقـال . التي تظهر ارتباط الشريعة بالمصلحة هو األساس
أن أئمة الفقه مجمعة على أن : وأما اإلجماع فهو: اآلمديبحكم االتفـاق ... أحكام اهللا ال تخلوا من حكمة مقصودة
.)١٤١( والوقوع من غير وجوب، كقول أصحابنا
على المسألة السابقة التي ومن المسائل الفقهية التي تنبني اختلف فيها رأي الظاهرية مع الجمهور في مسائل كثيرة
: نذكر منها على سبيل المثال
ذهب الظاهرية إلى أن البائل في الماء الراكد، الـذي ال أما . يجري يحرم عليه الوضوء بذلك الماء واالغتسال به
إذا بال في إناء ثم صبه في ماء راكد ، أو بال في شـط نهر، ثم جرى البول في النهر، يجوز له ان يتوضأ هـو
لو بال : (قال ابن حزم. منه النه ما بال فيه، بل في غيرهفي ماء جار ثم أغلق صببه فركد جـاز لـه الوضـوء
ودلـيلهم . )١٤٢()واالغتسال منه ألنه لم يبل في ماء راكد
. ٢٦٥ص ١جـ - إعالم الموقعین- ابن القیم )١٣٩(مرجع ، نقال عن مقاصد الشریعة ١٣٧ص - مرجع سابق –حجة اهللا البالغة ) ١٤٠(
. ١٢١ص - سابق . ٢٨٥ص - مرجع سابق –اإلحكام ) ١٤١( . ٢٣ص ١جـ - بدایة المجتھد - ، ابن رشد ٢١٠ص ١جـ - المحلى - ابن حزم )١٤٢(
ال يبـولن :(في ذلك قول الرسول صلى اهللا عليه وسـلم .)١٤٣()ء الدائم ثم يتوضأ منهأحدكم في الما
إلى عدم إثبات الخيـار بتصـرية )١٤٤(ذهب الظاهرية البقرة، ألن الحديث ورد في اإلبل والغنم ، قال صلى اهللا
ال تصروا اإلبل والغنم فمن ابتاعها بعـد، : (عليه وسلم وبما أن الحديث وارد في اإلبل . )١٤٥()فأنه بخير النظرين
ا عداها بخالفهما، ألن الحكم والغنم فذاك داللة على أن م. )١٤٦(ثبت فيهما بالنص، والقياس ال تثبت بـه األحكـام
وهذا إهمال للمعاني يجافي روح الشريعة ومقاصـده إذ العلة هي الضرر الالحق بالمشتري، وهذا أمـر يشـمل
.اإلبل والغنم وغيرها من األنعام
وقف الظاهرية عند األصناف الستة التي ورد بها الحديث الربا، وأنكروا استنباط أي معنى أو علة يعدي الحكم في
فالحديث قد ورد في البر . )١٤٧(إلى غيرها من األصناف، قالوا كل ما عدا عير والتمر والملح والذهب والفضةوالش
.فهو على اإلباحة هذه األصناف
بينما ذهب جمهور الفقهاء إلى علة التحريم ، ولم يقفـوا بينما ذهب جمهور . اإلباحةعند تلك األصناف فهو على
الفقهاء إلى علة التحريم ، ولم يقفوا عند تلك األصـناف الستة التي ورد فيها الحديث ، بل عملوا على اسـتخراج
ها نـص، علة تنتظم تلك األصناف وغيرها مما لم يرد ب .تطبيقا للنص في أوسع مدى
) .٩٦(، ومسلم برقم ) ٢٣٩(أخرجھ البخاري برقم ) ١٤٣( - مرحع سابق–المغني . قال بذلك داود الظاھري كما نقل ابن قدامة عنھ ذلك ) ١٤٤(
لتي لم يأخذ أصحابها بمعـاني ومن المسائل المعاصرة امثل ما ذهب إليه . النصوص وانما وقفوا عند ظواهرها
بعض المعاصرين من حرمة التصـوير الفوتـوغرافي، مستندين في قولهم هذا على النصوص العامة الواردة في وعيد المصورين ، وحملهم هذه األلفـاظ العامـة علـى
من تلك عمومها اللغوي دون بحث عن معناها الشرعي ،
.١٢٤ص ٤جـ- المغني - ، ابن قدامة ١٤٦ص ٦جـ - فتح القدیر - ابن الھمام )١٤٨( .١٢٩ص ٢جـ - بدایة المجتھد - ابن رشد )١٤٩( . ٤٤٣ص ٩جـ - المجموع - النووي )١٥٠( ).١١٩٩(، ومسلم برقم ) ٣٣١٥(أخرجھ البخاري برقم ) ١٥١( . ٤٤٨ص ٢جـ - بدایة المجتھد - ابن رشد )١٥٢(
إن أصحاب هـذه ( النصوص قوله صلى اهللا عليه وسلم )١٥٣()الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم أحيوا ما خلقتم
أشد الناس عذابا يوم القيامة :(وقوله صلى اهللا عليه وسلمفأخذا بعموم هـذا اللفـظ واسـتدالال . )١٥٤()المصورون
وعلى بعمومه اللغوي، قالوا بتحريم جميع أنواع التصويرأي وجه كان، بل يجب إتالف الصور وطمسها وإخـالء
.)١٥٥(البيوت منها
فمن قالوا بحرمة التصوير وقفوا على ظواهر األلفاظ ولم يلتفتوا إلى معنى النهي والحكمة منه، فالنهي متوجه إلى
قـال . التصوير الذي فيه مضاهاة لفعل الخالق جل وعالحال ، ألن فيه فصنعته حرام بكل : النووي في التصوير
لتلك العلة اسـتثنى مـن . )١٥٦(مضاهاة لخلق اهللا تعالىالتصوير المحرم تصوير الشجر والجبال وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان، ذلك أن مثل هذه بعيدة عن معنى المضاهاة والتعظيم التي جعلت مناطا للتحريم، ومعنـى
والتصوير الفوتوغرافي عبارة عن حبس الظـل . للنهيالوسائط المعلومة ألرباب هذه الصناعة ، وإذا كان قـد ب
أطلق عليه لفظ مصور فهو أبعد ما يكون عـن حقيقـة المضاهاة المقصودة من النهي عن التصوير، واأللفـاظ تفهم على ضوء معانيها وعللها، فالتصوير الفوتوغرافي غير مشمول بذاك النهي، لعدم تحقق العلة، إذ ال يتخـذ
لمضاهاة أو المشاركة للخـالق سـبحانه، ذاك التصوير ل. خاصة إذا كان التصوير لمعاملة رسمية أو غاية معنوية
على أن حكم التصوير الوارد في النص قد يشمل حاالت من الصور الفوتوغرافية إذا تحقق فيهـا معنـى النهـي
) .٦١٠٩(حدیث رقم - ٥٣٣ص ١جـ- فتح الباري - ني ابن حجر العسقال )١٥٣( ) .٢١٠٦(صحیح مسلم ، برقم ) ١٥٤(التبصیر بتحریم أنواع التصویر ، مجلة كلیة - ھـ ١٤٠٠- ناصالح الفوز. أنظر د) ١٥٥(
. ٥ص - ني اأصول الدین ، جامعة محمد بن سعود ، العدد الث . ٨١ص ١٤جـ. ح النووي على مسلم شر) ١٥٦(
PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com