Top Banner
www.palestine‐studies.org ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ، ﺍﻟ ﻣﺟﻠﺩ٩ ، ﺍﻟﻌﺩﺩ٣٥ ﺻﻳﻑ) ١٩٩٨ ، ﺹ( ٤٩ 1 : إﺳﺮاﺋﻴﻞ دوﻟﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن اﳌﻮاﻃﻨﻮن إﺛﻨﻴﺔ دوﻟﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻷﻗﻠﻴﺔ أزﻣﺔ روﺣﺎﻧﺎ ﻧﺪﻳﻢ أ ﻏﺎﻧﻢ ﺳﻌﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﳌﻌﺘﻤﺪ اﳌﺮﻛﺰي اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ إﻃﺎر ﺿﻤﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن، ﻳﻔﺘﺮض ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﻫﺬا، ﻳﻮﻣﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻣﺮت، إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﳌﻮﺟﻮدة اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ اﻷﻗﻠﻴﺔ أن إﺳﺮاﺋﻴﻞ، ﺗﻄﻮر ﺣﺮب ﻋﻘﺐ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ ﺗﻨﺺ. وﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺜﻴﺜﺔ١٩٤٨ اﻟﺼﺪﻣﺔ وﲡﺮﺑﺔ اﻷﻗﻠﻴﺔ ﺑﺪأت اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ، واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻨﺒﻰ ﺗﻔﻜﻚ ﻋﻦ ﳒﻤﺖ اﻟﺘﻲ اﻷوﻟﻴﺔ، ﻧﻄﻠﻖ وﻟﺬﻟﻚ. ﻛﺎﻓﺔ اﳊﻴﺎة ﳎﺎﻻت اﻟﺘﻄﻮر ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻣﺴﻠﻚ اﻟﺴﻴﺮ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺗﻨﺎ اﻟﺘﻲ اﻷﺑﺤﺎث اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﳌﻨﻬﺠﻴﺔ ﻋﻠﻰ إﺳﺮاﺋﻴﻞ، دوﻟﺔ ﻣﻮاﻃﻨﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ، وﻟﺖ." اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﺘﻄﻮرﻣﻨﻬﺠﻴﺔ" : اﺳﻢ اﻷﻗﻠﻴﺔ أن ﻫﻮ" اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﺘﻄﻮرﻣﻨﻬﺠﻴﺔ" أﺻﺤﺎب ﻟﺪى اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ اﻻدﻋﺎء إن وﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﻛﺪوﻟﺔ، ﺑﺈﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ: اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔﺎﻻت ا اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻋﻠﻰ وأوﺿﺎﻋﻬﺎ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ، اﻟﺸﻌﺐ أﺟﺰاء ﺑﺴﺎﺋﺮ ﺗﻄﻮر ﺑﻤﺴﺎر ﺗﻤﺮ اﻟﺪاﺧﻠﻲ، اﻟﺼﻌﻴﺪ. ﻳﻬﻮدﻳﺔ دوﻟﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ أﻗﻠﻴﺔ ﻛﻮﻧﻬﺎ اﻟﺬاﺗﻲ اﻟﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ إﱃ ﺳﻴﺆدي ﻃﺒﻴﻌﻲ اﻟﻀﻔﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻛﻴﺎن ﻳﻘﺎم ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ﻣﻌﺎﱂ وﺳﺘﺘﻮﺿﺢ ﺳﻴﺴﻠﻤﻮن إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ أن اﳌﻌﺎﱂ ﻫﺬه أﻫﻢ وﻣﻦ. ﻏﺰة وﻗﻄﺎع اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺪورﻫﻢ ﺑﺈﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﻢ ﺳﺘﺘﻤﻴﺰ وﺣﻴﻨﻬﺎ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ، اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﻬﺎﻣﺸﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻨﻴﺔ إﻃﺎر ﺿﻤﻦ إﺿﺎﻓﻴﺔً ﺣﻘﻮﻗﺎ ﻃﻠﺒﻬﻢ ﺧﻼﺻﺘﻬﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ"أﺳﺮﻟﺔ" ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﺼﺒﻐﺔ ﺗﻐﻴﻴﺮ إﱃ اﳊﺎﺟﺔ دون ﻣﻦ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ،. إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ واﻟﺴﻠﻮك اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﻋﻠﻰ ﺳﺘﺤﺚ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﳌﻨﻈﻤﺎت إن ذﻟﻚ، إﱃ إﺿﺎﻓﺔ. إﺳﺮاﺋﻴﻞ دوﻟﺔ اﻻﻧﺪﻣﺎج ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮب ﺑﺪوره ﺳﻴﺸﺠﻊ اﻟﺬي اﻷﻣﺮ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ،،" اﳌﺄزوم اﻟﺘﻄﻮرﻣﻨﻬﺠﻴﺔ" اﺳﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻨﻄﻠﻖ،ً ﺑﺪﻳﻼً ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻳﻠﻲ ﻓﻴﻤﺎ وﺳﻨﻌﺮض اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﺗﻄﻮر ﻟﻔﻬﻢ أن ﺑﻤﺎ: ﻫﻲ اﳌﻨﻬﺞ ﻫﺬا اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ واﻟﻔﺮﺿﻴﺔ. إﺳﺮاﺋﻴﻞ أﻫﺪاف ﺑﺨﺪﻣﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻬﺎفّ ﺗﻌﺮ إﺛﻨﻴﺔ،/ ﻳﻬﻮدﻳﺔ دوﻟﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ دوﻟﺔ . ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻫﺎرﻓﺮد، ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ، اﻟﺪراﺳﺎت ﻣﺮﻛﺰ . ﺣﻴﻔﺎ ﺣﻴﻔﺎ، ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، اﻟﻌﻠﻮم ﻗﺴﻢ ﺣﻔﻴﻔﺎ، ﻏﻔﻌﺎت اﻟﺴﻼم، دراﺳﺎت ﻣﻌﻬﺪ
28

١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

Jul 17, 2020

Download

Documents

dariahiddleston
Welcome message from author
This document is posted to help you gain knowledge. Please leave a comment to let me know what you think about it! Share it to your friends and learn new things together.
Transcript
Page 1: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

                www.palestine‐studies.org 

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد ال ،مجلة الدراسات الفلسطينية

 

1  

املواطنون الفلسطينيون يف دولة إسرائيل: أزمة األقلية القومية يف دولة إثنية

نديم روحانا

سعد غانمأ

يفترض الباحثون، ضمن إطار التحليل املركزي املعتمد يف العلوم االجتماعية يف إسرائيل، أن األقلية الفلسطينية املوجودة يف إسرائيل مرت، حتى يومنا هذا، بعملية

وجتربة الصدمة ١٩٤٨ثيثة وطبيعية. تنص الفرضية على أنه عقب حرب تطور حاألولية، التي جنمت عن تفكك النبى السياسية واالجتماعية الفلسطينية، بدأت األقلية الفلسطينية السير يف مسلك طبيعي من التطور يف جماالت احلياة كافة. ولذلك نطلق

ولت الفلسطينيين، مواطني دولة إسرائيل، على املنهجية األساسية يف األبحاث التي تنا اسم: "منهجية التطور الطبيعي".

إن االدعاء الرئيسي لدى أصحاب "منهجية التطور الطبيعي" هو أن األقلية العربية، يف اجملاالت األساسية الثالثة التالية: عالقتها بإسرائيل كدولة، وعالقتها

الصعيد الداخلي، تمر بمسار تطور بسائر أجزاء الشعب الفلسطيني، وأوضاعها علىطبيعي سيؤدي إىل حالة من الوعي الذاتي كونها أقلية فلسطينية يف دولة يهودية.

وستتوضح معامل هويتها الفلسطينية عندما يقام كيان سياسي فلسطيني يف الضفة الغربية وقطاع غزة. ومن أهم هذه املعامل أن الفلسطينيين يف إسرائيل سيسلمون

الهامشي يف احلركة الوطنية الفلسطينية، وحينها ستتميز عالقاتهم بإسرائيل بدورهمبعملية "أسرلة" تتمثل خالصتها يف طلبهم حقوقا إضافية ضمن إطار بنية الدولة

اليهودية لدولة إسرائيل. –القائمة، من دون احلاجة إىل تغيير الصبغة الصهيونية إضافة إىل ذلك، إن املنظمات السياسية ستحث على ترسيخ التعددية والسلوك الديمقراطي، األمر الذي سيشجع بدوره العرب على االندماج يف دولة إسرائيل.

وسنعرض فيما يلي منهجا بديال، سنطلق عليه اسم "منهجية التطور املأزوم"، يف إسرائيل. والفرضية الرئيسية يف هذا املنهج هي: بما أن لفهم تطور الفلسطينيين

دولة إسرائيل دولة يهودية/ إثنية، تعرف مسؤوليتها التاريخية بخدمة أهداف                                                             

  .مركز الدراسات الدولية، جامعة هارفرد، ماساتشوستس    .معهد دراسات السالم، غفعات حفيفا، قسم العلوم السياسية، جامعة حيفا، حيفا

Page 2: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

2  

ومصالح اليهود أوال، حتى لو كان ذلك على حساب مواطنيها الفلسطينيين، فإنها ب، األمر الذي قد يتطور إىلتدفع باألقلية الفلسطينية إىل حالة التأزم املتعدد اجلوان

أزمة خطرة، وذلك يف ظل استمرار أداء الدولة ملهماتها على أساس إثني، ويف ظل اإلسرائيلي وباإلشكاالت االجتماعية الداخلية يف –ظروف ترتبط بالصراع الفلسطيني

اجملتمع العربي نفسه.

إسرائيل كدولة إثنيةلقومية ملواطنيها فقط، أنها دولة ثنائية جند إسرائيل، فيما لو اعتبرنا البنية ا

مواطن غير يهودي (أكثر ٩٢٢٬٠٠٠، نحو ١٩٩٦القومية. إذ كان فيها يف نهاية سنة من جمموع عدد السكان، وذلك من دون %١٦٬٦منهم عرب)، يشكلون %٩٠من

املواطنين العرب يف القدس الشرقية وهضبة اجلوالن. وأكثر من نصفهم يبلغ من العمر ). وبحسب مكتب اإلحصاء املركزي، ١٩٩٧عاما فأقل (مكتب اإلحصاء املركزي، ١٩

نسمة. إن ١٬١٠٠٬٠٠٠، نحو ٢٠٠٣سيبلغ عدد املواطنين "غير اليهود"، يف سنة التكاثر الطبيعي لدى األقلية العربية أدى إىل نشوء مدن فلسطينية كبرى. وثمة بين

٤٧نسمة، ٥٠٠٠لغ عدد سكانها أكثر من جملسا حمليا يف إسرائيل لبلدات يب ١٢٤. ويبلغ عدد سكان نسمة. وحتظى ١٠٬٠٠٠بلدة أكثر من ٢١جملسا حمليا عربيا

مدينتان ١٩٤٨ثمانية جمالس منها بلقب مدينة، بينما كان هناك عقب حرب فلسطينيتان فقط (شفا عمرو والناصرة). وتشكل املدن العربية يف بعض املواقع يف

بلد منطقة جغرافية متواصلة قد تتطور بمرور الزمن لتشكل منطقة مشتركة أنحاء اليشكل فيها الفلسطينيون أغلبية ساحقة. ونقصد منطقة سخنين، ووادي عارة، ومنطقة

جمد الكروم. أضف إىل ذلك أن عدد الفلسطينيين الذين يقطنون باملدن اخملتلطة هو يف حيفا، واللد، والرملة، وتل أبيب. وقد بدأ بعض ازدياد مطرد، ونعني بهذه املدن: عكا، و

الفلسطينيين مؤخرا االنتقال للسكن يف مدن خططت، من البداية، لسكنى اليهود فقط، مثل: رحوفوت، وكرميئيل، والناصر العليا.

مع ذلك، فإن إسرائيل، وعلى الرغم من بنيتها الديموغرافية، تظل دولة إثنية ة الفوقية. لقد قامت إسرائيل كدولة للشعب اليهودي فقط. حينما يختص األمر بالبني

ولذلك عندما نستعمل تعبير "دولة يهودية" لوصفها، فإن هذا التعبير ال يقتصر على اجلانب الوصفي فقط، بمعنى أن إسرائيل ذات أغلبية يهودية أو بمعنى أن ثقافتها

ة فقط إىل أن اليهود مفضلون حتددها هذه األغلبية. إن هذا التعبير ال يستخدم لإلشار

Page 3: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

3  

على العرب يف عدد من قوانين الدولة وأنظمتها، بل يستخدم أيضا للقول إن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، بمعزل عن املواطنة أو اجلنسية. ولذلك فإن االندماج يف

هوية الدولة وتعريفها يتم من خالل االنتماء إىل الشعب اليهودي ال إىل جممل . أضف إىل مواطن يها. إن إسرائيل جتسد خصوصية عرقية نظريا وأيديولوجيا وتطبيقيا

ذلك أن القانون يرسخ اخلصوصية اإلثنية بصورة صريحة يف قوانين الدولة ، ١٩٨٥األساسية. فالتعديل الذي أجري يف القانون األساسي للكنيست، والذي أقر سنة

يهودي فقط، ويستثني بذلك مواطنيها العرب.يعرف دولة إسرائيل بأنها دولة للشعب اليف املقابل، هناك من يدعي أن إسرائيل دولة قومية، وأن الدول القومية

جميعها تفضل القوم املنسوب إليها. ولذلك فإن التمييز األفضل الذي يعطى لليهود على غير اليهود، واخلصوصية يف البنية الفوقية للدولة، يمكن اعتبارهما تفضيال

مبررا تمنحه الدولة القومية ألفرادها وتضن به على غيرهم. وكما تمنح الدول القومية أفرادها حقوقا إضافية، كذلك تفعل إسرائيل مع أبناء الشعب اليهودي. وإذا قبلنا

تعريف الدولة القومية الغربية الديمقراطية بأنها دولة لكل مواطنيها، فإن إسرائيل شكلين أساسيين: بما أن إسرائيل تعرف، رسميا من خالل تشذ عن هذا التعريف ب

القوانين األساسية، االنتماء اليهودي ال املواطنة اإلسرائيلية كمعيار لالنضواء حتت تعريف الدولة، فإنها ال تشمل يف تعريف هويتها املواطنين غير اليهود. ويف الوقت

من دون عالقة بااللتزام نفسه، تشمل يف تعريفها يهودا ليسوا مواطنين فيها،األيديولوجي، أو الصلة العاطفية، أو الوعي القومي، وحتى من دون رغبة هؤالء اليهود

يف أن يكونوا جزءا من الدولة. وكل ذلك استنادا إىل معيار واحد فقط هو التالؤم مع تعريف الدولة ملصطلح: "من هو اليهودي"، وهو تعريف مستمد من مبادىء دينية

دية.يهوتعرف إسرائيل نفسها بأنها دولة ديمقراطية. وفعال، تشكل الديمقراطية حجر

أساس يف الوعي السياسي الذاتي إلسرائيل. وما دام األمر يتعلق باملواطنين اليهود فإن إسرائيل حترص على إطار ديمقراطي ليبرايل، حتى لو كان هذا اإلطار يعاين

اإلسرائيلية املركب الشكلي وتقلل أهمية مركب بعض النواقص. تؤكد الديمقراطيةالقيم الليبرالية. وعندما يتعلق األمر باملواطنين العرب فإن إسرائيل تستخدم عددا

كبيرا من اإلجراءات الديمقراطية، إال إنها تنقض، بصورة صريحة عن طريق سلسلة أخرى اليهود على قوانين وتشريعات مركزية، مبدأ املساواة، وتفضل يف تشريعات

العرب، لكن بصورة غير مباشرة.

Page 4: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

4  

على وجه العموم، كان هناك، طوال أعوام كثيرة، جتاهل ملسألة التناقض بين الديمقراطية والبنية الفوقية للدولة اإلثنية. وعندما اتضح هذا التناقض جتاهل

ور ى تطاصحاب منهجية التطور الطبيعي اآلثار التي تنعكس نتيجة هذا التناقض علاألقلية العربية الفلسطينية، وعلى عالقاتها بالدولة. ويفترض هذا املنهج أنه بغض النظر عن املشكالت والتناقضات والتخبطات التي تواجهها األقلية الفلسطينية، إال

إنها يف نهاية األمر ليست سوى املشكالت نفسها التي تواجهها األقليات األخرى يف ية يف الغرب. ولكن إذا ما أخذنا يف احلسبان التناقضات بين دول ديمقراطية ليبرال

الديمقراطية والبنية اإلثنية لدولة كنقطة انطالق للتحليل، يصبح من الواضح أن األقلية العربية وجدت نفسها يف مشكلة صعبة، ومعقدة، ومتعددة اجلوانب. وهذه

ل وهي: اجملال الدراسة ستضع على احملك ثالثة جماالت منفردة لهذا اإلشكااإلسرائيلي الذي يتناول عالقات األقلية الفلسطينية بباقي أجزاء الشعب الفلسطيني، وباملؤسسات السياسية الفلسطينية؛ اجملال الداخلي الذي يتناول التطور االجتماعي

والسياسي داخل هذه األقلية. إن الفرضية األساسية، استنادا إىل التناقض بين بنية اإلثنية لدولة إسرائيل، كنقطة انطالق للبحث، هي أن األقلية الديمقراطية وال

الفلسطينية ال تمر بعملية "تطور طبيعي"، وإنما، على العكس، تمر بعدة إشكاالت قد تتطور فيما بعد إىل أزمة.

تفترض "منهجية األزمة" أن تطور األقلية الفلسطينية يف اجملاالت الثالثة، والفلسطيني، ترسمه تناقضات بنيوية تنبع، يف األساس، من الداخلي واإلسرائيلي

األيديولوجيا ومن بنية الدولة. ونتيجة ذلك تسير األقلية الفلسطينية يف اجتاه أزمة اجملاالت الثالثة. وتركز هذه الدراسة على عرض منهجية "األزمة".

ضائقة متعددة اجلوانب –منهجية األزمة

على النقيض من منهجية التطور الطبيعي، نقول إن الفلسطينيين يف إسرائيل يواجهون ضائقة بمعنيين: األول أن كل إمكانات اخليار املتاحة لهم يف عالقاتهم

بالدولة وبالشعب الفلسطيني ال يرضى بها معظم العرب؛ الثاين أنه ال توجد خيارات ردة يف احلسبان، يف املستقبل القريب.بديلة معقولة وا

إن أية أقلية قومية يف دولة إثنية جتابه إشكاالت سياسية ووجودية تنبع من البنية اإلثنية للدولة. فالدولة اإلثنية، من حيث تعريفها، تستثني اجلماعات اإلثنية

Page 5: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

5  

القومية والقومية، التي ال تنتمي إىل اجلماعة اإلثنية املتسلطة، من جممل األهدافللدولة، وتخص اجلماعة املتسلطة بمعاملة مميزة تقرها منظومة قوانين الدولة. إن

الوضع القاسي الناجم عن التمييز ضد جماعة إثنية منبعه الرفض االستراتيجي للدولة يف أن تستجيب ملطالب املساواة واالنتماء من خالل إطار مؤسسات الدولة. إن

ع أن تتمت –بطبيعة احلال –ن تكون جزءا من الدولة، وتطلب كل جماعة إثنية تسعى ألباملساواة وباالنتماء وبالهوية، كون هذه األمور حاجات إنسانية أساسية غير قابلة

للتفاوض، وليس يف اإلمكان جتاهلها أو كبتها بصورة مستديمة. كما تسعة كل أقلية وألن يتاح لها احلصول على قومية ألن تتمتع بفرص متساوية على جميع املستويات،

املوارد واملشاركة النسبية يف شؤون الدولة. وعلى هذا النمط، تطلب األقلية العربية كذلك احلصول على املساواة داخل إسرائيل. إن املطالبة باملساواة هي أحد املبادىء

لة، والقليلة التي جتمع عليها األحزاب العربية كافة. لكن بسبب الطبيعة اإلثنية للدونتيجة سياستها التي حتول، بواسطة القوانين األساسية، دون إمكان احلصول على

املساواة، تواجه األقلية العربية إشكاال وجوديا يتغلغل يف جماالت أخرى. ويشمل هذا اإلشكال جوانب متعددة من تطور األقلية الفلسطينية، وينسحب كذلك على عالقاتها

ورة وإن كان بص –يني، ويدفعها كما يدفع اجملتمع اليهودي بالدولة وبالشعب الفلسطإىل فحص نقدي للمكانة التي يجب أن تتمتع بها األقلية الفلسطينية، ولبنية –أقل

العالقات من جهتها حيال الدولة.سنتناول فيما يلي ضائقة األقلية العربية يف ثالثة جماالت: اجملال

واجملال الداخلي، وسنميز يف كل من هذه اجملاالت اإلسرائيلي، واجملال الفلسطيني، االستراتيجي. كما –العملي، واملستوى العام –بين مستويين: املستوى اليومي

سنستكشف كيف تنعكس هذه الضائقة على كل واحد من اجملاالت يف احلياة اليومية، يجاد حل وكيف تتحول إىل ضائقة على املستوى االستراتيجي، من دون أي إمكان إل

واضح يف إطار املعايير املوجودة داخل بنى القوى يف الدولة.

: الضائقة على املستوى اإلسرائيلي أوال

أ) الصعيد اليوميعلى الرغم من أن اليهود والعرب يعترفون بمكانة العرب كمواطنين يف

ل هو األوإسرائيل، فإن الضائقة تنبع، على املستوى اليومي، من عدم التماثل املزدوج:

Page 6: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

6  

أن الطرفين على وعي، وإن كان متفاوتا، بوجود تمييز منهجي يف مستويات متعددة ملصلحة املواطنين اليهود، وهو تمييز تؤيده أغلبية اجلمهور اليهودي. أما عدم التماثل

الثاين فهو االختالف اجلوهري القائم يف عالقة اليهود والعرب برموز الدولة وقيمها. ذه الرموز، يف الواقع، وظيفتها املوحدة لكل املواطنين. يف احلالتين، وهكذا تفقد ه

وعلى الصعيد اليومي، تنبع هذه الضائقة من التمييز املستمر يف السياسة، ومن التنفيذ الذي يمارس يوميا على مستويات متعددة من التفاعل بين العرب واجلمهور

ئيل.اليهودي، وبين العرب ومؤسسات احلكم يف إسرايتم استثناء العرب بصورة منهجية من مراكز القوى السياسية واالجتماعية

واالقتصادية والعسكرية يف الدولة. ويف أحيان نادرة فقط يتوىل العرب مناصب رفيعة املستوى يف املكاتب احلكومية، أو يف املشاريع الصناعية، أو يف املشاريع

ك قط وزير عربي، أو مدير عام يف ديوان الزراعية التابعة للحكومة. ومل يكن هناحكومي، أو مدير لواء عربي، أو قاض يف حمكمة العدل العليا. ويف معظم دوائر وزارات

وكذلك هو احلال أيضا يف القطاع اخلاص الذي يشغل ١احلكومة ال جند عربيا واحدا.طالب وال فيه عدد قليل من العرب مناصب رفيعة املستوى. وألن معظم العرب ال ي

يسمح له باخلدمة العسكرية، فإنه ال يسمح له، بصورة منهجية، بالعمل يف الصناعات العسكرية الكبرى واملتطورة.

كما أن الثقافة والتراث العربيين الفلسطينيين ال يتمتعان بمقدار متكافىء من ة العربي الرعاية والتقدير من قبل املؤسسات املعنية بذلك. وعلى الرغم من أن اللغة

ذات مكانة رسمية إىل جانب اللغة العبرية، فإن هذه املكانة تظل حبرا على ورق وال . تضعف الدولة واجلمهور جند تطبيقا لها فعال، وعلى وجه العموم يتم جتاهلها تماما

اليهودي الثقافة والتراث العربيين والهوية الفلسطينية، ويف أحيان كثيرة يقومان تع اجلذور اليهودية يف البالد بالعناية واالهتمام، أما التاريخ العربي بقمعها، وتتم

فنصيبه التجاهل عن عمد. ومن األمثلة البارزة لذلك، مدى اهتمام املناهج التعليمية لليهود والعرب باللغة العبرية واألدب العبري من جهة، وقلة االهتمام باللغة العربية

والتاريخ العربي من جهة أخرى.                                                            

حتى يف املؤسسات األكاديمية اإلسرائيلية التي يتوقع أن جند فيها حرية أكبر ملشاركة العرب، ١ عدد احملاضرين العرب يف كل جامعات البلد الثالثين ال جند فيها أثرا لذلك. إذ ال يتجاوز

حماضرا، بين آالف احملاضرين. وقد عينت مؤخرا سكرتيرة عربية واحدة، من قبل حماضر عربي، وهي أول سكرتيرة ضمن طاقم السكرتارية يف جامعات البلد.

Page 7: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

7  

ويتم التمييز ضد العرب على صعيد الرموز والقيم السائدة يف الدولة ومؤسساتها أيضا. وقياسا باليهود الذين يرون يف رموز وقيم مؤسسات الدولة ملكا لهم، ويعتبرونهما جزءا من تراثهم ومصدرا للتعريف الذاتي، جند أن العرب يتنكرون

ليس يف قدرتهم تعريف أنفسهم على أساس للرموز اليهودية والصهيونية هذه. كما الكثير من رموز الدولة التي هم مواطنون فيها، ألن معظم هذه الرموز متأصل يف

التراث الديني واأليديولوجي لألغلبية.وتزداد الضائقة سوءا يف هذا اجملال نتيجة اخلالف الواضح بين اليهود

جتماعية والسياسية املهمة التي تتصل والعرب يف البلد يف كل ما يتعلق بالقضايا االبسياسة إسرائيل يف املنطقة، ويف سياستيها اخلارجية والداخلية. إن هذا اخلالف يزيد

يف حدة الشعور السائد لدى األقلية العربية بأن من الصعب الوصول إىل أرضية مشتركة مع اجلمهور اليهودي.

معاجلة قضايا العرب لقد تمت مأسسة التمييز بواسطة تفويض صالحيات وحتديد السياسة جتاههم إىل جهات أوكل إليها أمر االهتمام بهم، إما عن طريق جهاز

األمن الداخلي (الشاباك)، وذلك بصورة خفية، وإما عن طريق مكتب مستشار رئيس وذلك بصورة جلية، وإما عن طريق جلان موقتة ملهمات ٢احلكومة يف الشؤون العربية،

ويف كثير من األحيان، كانت نظرة أعضاء هذه اللجان إىل ٣وظيفة خاصة. حمددة ذاتاألقلية العربية تتم من خالل املنظور األمني، وكانوا يستندون يف احتماالت التهديد

األمني القائمة إىل اعتبارات إثنية فقط.إن أصحاب منهجية التطور الطبيعي يشيرون عادة إىل التحسن الذي طرأ يف

وام األخيرة يف جمال املوارد اخملصصة للعرب، كدليل على أن حكومة حزب العمل األعانتهجت سياسة تسعى ملعاجلة التمييز ١٩٩٦ – ١٩٩٢التي تولت احلكم يف الفترة

ضد العرب. وقد اعترف الكثيرون من الوزراء، ومن ضمنهم رئيسا هذه احلكومة (يتسحاق رابين وبعده شمعون بيرس)، بأن هناك سياسة تمييز وإهمال حيال

املواطنين العرب. إن هذا النهج يف تخصيص موارد كثيرة للعرب، يف رأي أصحاب

                                                            

ن بدال منه موظف ، وعي٢١٩٩ألغي مكتب "مستشار رئيس احلكومة يف الشؤون العربية" سنة ٢ يف مكتب رئيس احلكومة يحمل لقب: "مدير قسم األقليات".

كان معظم رؤساء وأعضاء هذه اللجان اخلاصة املتعددة، بصورة عامة، يهودا عاجلوا خمتلف ٣ القضايا العربية.

Page 8: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

8  

طور الطبيعي، ليس سوى عالمة على أن هناك استجابة لضائقة العرب، منهجية الت وأن الفجوة القائمة بين اجملموعتين العرقيتين يف الدولة سيتم ردمها بالتدريج.

لكن واقع أن الفلسطينيين يف إسرائيل جنحوا يف األعوام األخيرة يف طرح على جدول أعمال قضايا التمييز ضدهم على جدول األعمال العام، وبصورة ما

ربما يكون ضاعف من داللة هذه الضائقة بسبب عدم جدوى هذا "النجاح". ٤احلكومة،ومن وجهة نظر اجملتمع العربي كانت الظروف مواتية إليجاد تغيير يف منتهى

األهمية يف سياسة الدولة جتاهه. فمن ناحية شكلت األحزاب العربية يف الكنيست سنة " التي مكنت حكومة العمل من البقاء يف احلكم عن طريق ائتالف "الكتلة املانعة ١٩٩٢

عضو كنيست. ومن ناحية أخرى، أثارت االتفاقية بين إسرائيل ٦٠مكون من أقل من ، والسالم مع األردن بعد ذلك، لدى الكثيرين من العرب الشعور ١٩٩٣وم.ت.ف. سنة

تغيير جوهري يف السياسة بأن هناك يف عصر املصاحلة اإلقليمية احتماال إلجراءاملتبعة جتاههم. لكن على الرغم من ذلك، فإن التغييرات الفعلية جتاه األقلية العربية

يف كل ما يتعلق بتخصيص املوارد، وإتاحة فرص العمل، كانت حمدودة للغاية. وتلخص جمعية "سيكوي" التي تسعى لدمج العرب يف اجملتمع العام يف الدولة،

واة، هذا الوضع باختصار: "أقل مما يجب وأبطأ مما يجب."ولتعزيز املسالقد تم منح املزيد من امليزانيات، لكن على الرغم من ذلك، وباستثناء املساواة

يف خمصصات التأمين الوطني لألوالد من العرب واليهود. فإن هذا النهج مل يرافقه أي املتبع شرعية. كما أن ليس تغيير يف منظومة القوانين القائمة التي تعطي التمييز

هناك أي بادرة وعد تقطعه احلكومة ملواطنيها العرب بأنها تعتبرهم من اليوم فصاعدا مواطنين متساوين يف جميع النواحي. وكذلك ليس هناك بوادر نهج يشير إىل

نية إلغاء القوانين والتشريعات املعقدة التي تفضل بصورة خفية وجلية املواطنين ضافة إىل ذلك، مل تنتهج أية مؤسسة من املؤسسات احلكومية نهجا يشير إىل اليهود. إ

أن الدولة ستصبح يف املستقبل دولة مواطنيها العرب بالدرجة نفسها التي هي دولة مواطنيها اليهود.

                                                            

أجرت احلكومتان السابقتان، ومن ضمنهما حكومة الليكود برئاسة يتسحاق شمير، نقاشات ٤ رة بشأن تخصيص ميزانيات متساوية لألقلية العربية. وقد اتخذت حكومة حزب العمل التي كثي

يف واليهودية العربية امليزانيات بين باملساواة قرارا ،١٩٩٦ – ١٩٩٢تولت احلكم يف الفترة .تنفذ مل القرارات هذه لكن معدودة، أعوام خالل احمللية السلطات

Page 9: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

9  

خالصة األمر أن التغير البطيء، وإن كان ملموسا، يف توجه سياسة احلكومة ناع العرب بأن مشكالتهم اليومية ستحظى بحل قريب، بل السابقة مل يكن كافيا إلق

على العكس منذ لك، إذ ازدادت بين أوساط كثيرة يف اجملتمع العربي مشاعر الغبن. وإذا مل تتخذ احلكومة خطوات استراتيجية للرفع من مكانة العرب يف إسرائيل وبنائها

بإسرائيل على الصعيد على أسس من املساواة، ستزداد الضائقة على مستوى العالقةاليومي سوءا، فضال عن أن الضائقة على الصعيد اليومي تنطوي على ضائقة أشد

خطورة على الصعيد االستراتيجي.

ب) الصعيد االستراتيجيينبع جوهر الضائقة على الصعيد االستراتيجي، بصورة خاصة، من الطابع

الصهيوين للدولة الذي يجعل مسألة مساواة العرب هدفا غير قابل –اليهودي للتحقيق. إن إمكان انخراط العرب يف حياة اجملتمع والدولة بصورة فعلية على أساس

املساواة غير مقبول من الدولة نفسها. أضف إىل ذلك أن ليس يف قدرة العرب أن ية متشابكة يف الهوية اليهودية يتخذوا ألنفسهم هوية إسرائيلية تامة ألن هذه الهو

للدولة. ويزداد األمر خطورة نتيجة وجود مواقف متعددة من اإلجماع يف اجملتمعين العربي واليهودي على كيفية حل القضية الفلسطينية.

كدولة للشعب اليهودي، سواء يف أهدافها، أو ١٩٤٨لقد أقيمت إسرائيل سنة بع من هذه األهداف. ويف الوقت نفسه، جتاهلت رموزها، أو خطوطها السياسية التي تن

أن ما تبقى من الشعب الفلسطيني على أرضه يشكل أقلية قومية. إن الهدف األساسي وجتاهل الصفة القومية لألقلية الفلسطينية معا تم التعبير عنهما جمددا من خالل

دار يف ، ومن خالل النقاش الذي١٩٨٥تعديل القانون األساسي للكنيست يف سنة الكنيست بشأن التعديل املقترح. لقد اقترح هذا التعديل منع أي حزب من املشاركة يف

االنتخابات للكنيست "إذا كان يتنكر بصورة خفية أو بصورة جلية لوجود دولة إسرائيل كدولة الشعب اليهودي." أما عضو الكنيست ماتي بيليد، من احلركة التقدمية

اقترح إجراء التعديل على النحو التايل: "إذا كان احلزب ينكر للسالم واملساواة، فقد دولة إسرائيل كدولة للشعب اليهودي ودولة مواطنيها." وقد تم رفض اقتراح بيليد

بأغلبية ساحقة، وأقر القانون الذي يقضي بأنه كي يسمح حلزب باملشاركة يف ديل اليهودي. ومعنى التع االنتخابات للكنيست فعليه االعتراف بإسرائيل كدولة الشعب

هو أن الدولة تتنكر يف منظور القانون للمواطنين العرب كأفراد وكجماعة. باإلضافة

Page 10: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

10  

إىل ذلك، ينص القانون على أنه ينبغي للمواطنين العرب الذين يرغبون يف خوض االنتخابات للكنيست (يف الدولة التي هم مواطنون فيها)، االمتناع من طرح مطلبهم

سرائيل أن تكون دولة كل مواطنيها. ونتيجة لذلك، فإن الفلسطينيين يف أن على إ كيف –إسرائيل يعيشون وضعا مبهما يف كل ما يتعلق بمغزى االنتماء إىل الدولة

يستطيعون أن يكونوا مواطنين مثل املواطنين اليهود؟ وما هو االحتمال لتحقيق املساواة يف دولة تعرف نفسها بهذه الصورة؟

ن تعديل القانون األساسي للكنيست ليس سوى مثال من سلسلة قوانين تمنح إ اليهود تمييزا واضحا من العرب عن طريق استخدام مصطلح "يهودي". ونقصد

القوانين التي تتناول عددا من القضايا املركزية مثل: الهجرة؛ نيل حق املواطنة؛ للجمهور. إضافة إىل وجود منظومة ملكية األراضي؛ عدد كبير من املوارد التي تمنح

كاملة من القوانين املعقدة التي تفضل املواطنين اليهود من دون استخدام مصطلح "يهودي" بصورة مباشرة، وإنما من خالل التمييز من قبل املؤسسات.

إن اجلزء األكبر من اجلمهور اليهودي واجلمهور العربي، سواء يف اجملتمع أو بحقيقة أن العرب مواطنون يف الدولة، ويعي أيضا أن هناك تمييزا بين الزعماء، يقر

قائما بين املواطنين العرب واليهود. وتستند سياسة التمييز إىل التوجه الرسمي ملؤسسات احلكم، وتتمتع بتأييد الرأي العام اليهودي. يتألف تبرير هذه السياسة وما

من عدة نقاط تتلخص فيما يلي: تتمتع به من تأييد لدى الرأي العام اليهودي إن العرب أقلية معادية ويجب وضعها حتت املراقبة. -١ .١٩٤٨على العرب أن يكونوا شاكرين للتقدم الذي حصلوا عليه منذ سنة -٢صهيونية، وعلى –إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، وهي دولة يهودية -٣

العرب أن يقنعوا باحلقوق احملدودة لكل فرد وأال يطالبوا باالعتراف بهم كأقلية قومية.

إن العرب أقلية ال صلة لها بالشعب الفلسطيني. -٤ على العرب قبول حقيقة وجودهم خارج أطر السلطة وصنع القرارات يف الدولة. -٥

يف الكنيست وخارجه هذه التبريرات يرفضها معظم العرب، ويمارس نضاال لتغيير هذا التوجه ولتغيير السياسة الناجمة عنه.

إضافة إىل ذلك، هنالك فجوة هائلة بين العرب واليهود، سواء يف أوساط اجلمهور أو القيادة، يف إدراك كل منهما حلقيقة جوهر الصراع فيما بينهما، وأسبابه،

Page 11: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

11  

هناك خالل بين اليهود والعرب فيما ومسيرة تطوره، واحللو املرغوب فيها إلنهائه. ويتعلق بمسألة احلق التاريخي يف األرض. وتوجد لدى العرب واليهود صيغتان خمتلفتان إليضاح أسباب الصراع. وال يتسع اجملال هنا للخوض يف أمور هذا

اخلالف، ونكتفي بالنسبة إىل احللول بالقول إن احلل املقبول من العرب هو إرجاع إىل الدول العربية، وإقامة دولة فلسطينية يف ١٩٦٧بية التي احتلت سنة األراضي العر

جميع أنحاء الضفة الغربية، بما يف ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة.إذا، فإن الوضع اخلطر للمواطنين العرب متأصل على الصعيد االستراتيجي يف

ن للتوصل إىل منح البنية القانونية املوجودة، ويتمثل جوهره يف عدم وجود إمكاالعرب املساواة كأفراد أو كجماعة، يف ضوء موقفهم السياسي وآرائهم التي تتناقض

كليا مع آراء اجلمهور اليهودي يف كل ما يتعلق بالقضايا السياسية املهمة. ويتضح للمواطنين العرب يف معظمهم أن من املتعذر عليهم احلصول على املساواة، سواء لهم

القادمة إذا ظلت الدولة على بنيتها احلالية، وأنهم لن يكونوا مواطنين أو لألجيال متساوين يف وطن واحد مشترك. إن الدولة التي يعيشون فيها ليست معرفة كدولة لكل

مواطنيها، واألبعاد السياسية والنفسية لهذه الضائقة شديدة األثر كما سنثبت فيما بعد.

ريب أي تغيير، سواء أكان كبيرا أم صغيرا، من الصعب أن نرى يف املستقبل الققد يؤدي إىل بعض األمل بأن يقدروا على تخليص أنفسهم من هذا اإلشكال. إن حكومة

العمل التي كانت أكثر احلكومات املتعاقبة على إسرائيل استجابة ملطالب العرب، أال يتطلع ، مل تبق أي جمال للشك يف أنه يجب١٩٩٦ – ١٩٩٢والتي حكمت يف الفترة

العرب إىل تغيير ملموس فيما يتعلق بالطابع اليهودي وباقتصار الدولة على اليهود. الصهيوين للدولة نتيجة تنازل –بل على العكس من ذلك، فقد تعمق الطابع اليهودي

إسرائيل عن بعض املناطق وما ستتنازل عنه يف املستقبل من أجل إقامة العالقات الدول العربية ومع الشعب الفلسطيني. وقد عرض اليسار السلمية املرجوة مع

اإلسرائيلي مسألة تعزيز الهوية اليهودية والطابع اليهودي للدولة بصفتها املكسب الكامن والدافع إىل التسوية التاريخية مع الفلسطينيين.

Page 12: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

12  

ثانيا: الضائقة على املستوى الفلسطيني

د قيام دولة إسرائيل هي جزء ال إن مشكلة العرب يف إسرائيل التي بدأت بعيتجزأ من القضية الفلسطينية بمفهومها الواسع. لقد كانت منظومة العالقات بين الفلسطينيين يف إسرائيل وبين الشعب الفلسطيني ومؤسساته دائما ذات حساسية

بالنسبة إليهم كأفراد وكمجموعة. وإذا أخذنا بعين االعتبار تاريخ العداء بين احلركة صهيونية واحلركة الوطنية الفلسطينية وجدنا أن الهوية الفلسطينية للعرب يف ال

إسرائيل كانت دوما مصدر تهديد بالنسبة إىل السلطات وإىل اجلمهور اليهودي الواسع يف إسرائيل. وبما أن م.ت.ف. اعتبرت تنظيما إرهابيا فإن كل صلة بينها وبين

للقانون. وعلى الرغم من أن بعض الفلسطينيين مواطني إسرائيل كانت تعتبر خمالفة ، فإن العملية ١٩٩٣يف إسرائيل أقام عالقات بـ م.ت.ف. قبل توقيع اتفاق أوسلو سنة

السلمية أتاحت إقامة عالقات وثيقة أكثر مع الفلسطينيين يف الضفة الغربية وقطاع غزة، ومع السلطة الفلسطينية.

بين م.ت.ف. والفلسطينيين يف إسرائيل، تتمثل الضائقة، على صعيد العالقات يف الفجوة بين الوعي الذاتي لكونهم فلسطينيين وبين االنتماء إىل الشعب الفلسطيني

بقيادة م.ت.ف. وعلى الرغم من أن م.ت.ف. تعتبر لدى الشعب الفلسطيني، بمن يف ذلك حد، ال يزعم أالعرب يف إسرائيل، املمثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فإنه مل

. لذلك منظمة التحرير وال العرب يف إسرائيل، أن املنظمة تمثل العرب يف إسرائيل أيضامل تكتمل قط صيغة االستنتاج القياسي: (أ) م.ت.ف. هي املمثل الشرعي والوحيد

للشعب الفلسطيني. (ب) العرب يف إسرائيل هم جزء ال يتجزأ من الشعب الفلسطيني. (ج) ن م.ت.ف. تمثل العرب يف إسرائيل. وبعد أن بدأت إسرائيل املفاوضات وبالتايل، فإ

العلنية مع م.ت.ف. برزت من جديد مسألة العالقات بين العرب يف إسرائيل واحلركة . الوطنية الفلسطينية كأمر مركب أكثر مما كان متوقعا

أ) على الصعيد اليوميعلى الرغم من أن مكانة تنبع الضائقة يف احلياة اليومية من عدة عوامل.

العرب يف إسرائيل هي جزء من القضية الفلسطينية، فإن العملية السلمية بين إسرائيل وم.ت.ف. جتاهلت تماما هذا اجلانب. إن هذا التجاهل يكمل النهج الذي اعتمدته

م.ت.ف. جتاه الفلسطينيين يف إسرائيل طوال السنين، والذي يعبر عن مدى التفاعل بين الطرفين. إذ إن العرب يف إسرائيل مل يكونوا شركاء يف إقامة املؤسسات املتدين

Page 13: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

13  

الوطنية والسياسية للفلسطينيين التي أنشئت يف املهجر خالل الستينات. كما أن احلركة الوطنية الفلسطينية مل تر يف همومهم الوطنية موضوعا رئيسيا على جدول

مع كل ضائقة حمتملة لألقلية العربية يف األعمال الوطني. وتعاملت إسرائيل دائماإسرائيل على أنها مسألة إسرائيلية داخلية، وحذت حذوها م.ت.ف. التي مل تطرح

قضايا تتعلق بالعرب يف إسرائيل على طاولة املفاوضات مع إسرائيل. كما أن املواطنين العرب يف إسرائيل مل يمارسوا ضغطا من أجل اتخاذ خطوات كهذه، ربما

نهم أدركوا أن أي خطوة يف مثل هذه احلساسية قد تؤدي إىل تعطيل العملية السلمية ألبرمتها ومس عالقاتهم بالدولة. إن هذا االتفاق الضمني بين كل األطراف: م.ت.ف.

وإسرائيل والفلسطينيين يف إسرائيل، حول هذه اجملموعة ومشكالتها إىل جزء خاف وأصبح من الواضح تماما للعرب يف إسرائيل أن عن العيان على الصعيد الفلسطيني.

مشكالتهم مع الدولة هي مشكالت خاصة بالعرب كأقلية وتتعلق بهم فقط.من ناحية أخرى، لوحظ مع مرور السنين تدخال متزايدا للقيادة الفلسطينية يف

شؤون الفلسطينيين من مواطني إسرائيل. بدأ هذا األمر عندما كانت م.ت.ف. بحاجة إىل اعتراف متبادل من جانب إسرائيل، وخصوصا بعد مؤتمر مدريد الذي عقد سنة

، حينما طلبت م.ت.ف. أن تكون شريكة شرعية يف املفاوضات مع إسرائيل. ١٩٩١" ملصلحة ٤٨وبصورة عكسية حاولت قيادة م.ت.ف. أن تستغل إسرائيلية "عرب

املقربين من حزب العمل على أهداف املنظمة. ولذلك شجعت املنظمة الزعماء العرب دعم احلزب يف االنتخابات أو االئتالف احلكومي. لقد عارض هذا التوجه أكثر من قوة

وطنية واحد بين الفلسطينيين يف إسرائيل رأت يف فلسطينيتها بالذات مصدرا أيديولوجيا حلركتها السياسية. مثال واضح لهذا التوجه لدى م.ت.ف. كان الضغط

ه املنظمة على زعماء احلركة التقدمية للسالم كي يتعاونوا مع احلزب الذي مارست، وذلك من أجل دعم االئتالف املرجو مع ١٩٩٢الديمقراطي العربي يف انتخابات سنة

حزب العمل. لقد فهم الكثيرون خطوة املنظمة هذه كرغبة من جانب م.ت.ف. يف إسرائيل ملصلحة األهداف التضحية بمصالح بعض العناصر الوطنية بين العرب يف

السياسية اخلاصة باملنظمة. وهذا ما تتبعه القيادة الفلسطينية اليوم أيضا بعد إقامة السلطة الفلسطينية يف الضفة الغربية وقطاع غزة. إذ بدأت القيادة الفلسطينية تشجيع

، لصالت وطيدة أكثر ببعض العناصر احملافظة والتقليدية من الفلسطينيين يف إسرائيربما بسبب االعتبارات االنتخابية واالئتالفية نفسها، وبالتأكيد ليس اكتراثا للمصالح

احلقيقية للفلسطينيين يف إسرائيل.

Page 14: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

14  

اتضح تعبير آخر عن الوضع املتأزم للعرب يف إسرائيل على هذا الصعيد عندما لقلق ل أصبح بعض اخلطوات الالديمقراطية التي اتخذتها السلطة الفلسطينية مصدرا

لدى الكثيرين ممن كانوا يأملون بأن تقوم السياسة الفلسطينية على قيم وممارسات ديمقراطية، بعكس األنظمة القائمة يف معظم أرجاء العامل العربي. ولألمر أهمية خاصة ألن الكثيرين من الفلسطينيين يستخدمون الديمقراطية استخداما مكثفا

يهم على الصعيد املبدئي والسياسي واخللقي حينما باعتبارها أهم وسيلة متاحة لديطالبون بتغيير األسلوب اإلسرائيلي إىل أسلوب ديمقراطي أكثر شموال وأكثر مساواة.

وهم يعلمون أن كثيرين من اإلسرائيليين سيجدون صعوبة يف االقتناع بعدالة م اورة القيمطالبتهم بالديمقراطية الكاملة، بينما تنقض الدولة الفلسطينية اجمل

الديمقراطية األساسية. إن هذه األسس للوضع القائم تعكس ضائقة أكثر عمقا على الصعيد االستراتيجي فيما يتعلق بالعالقات بين العرب يف إسرائيل واحلركة الوطنية

الفلسطينية بصورة عامة.

ب) على الصعيد االستراتيجيد أمامهم أي إمكان عملي يوجمع مرور الوقت، اتضح للعرب يف إسرائيل أنه ال

ألن يكونوا جزءا من احلركة الوطنية الفلسطينية يف الظروف الراهنة، على أساس املساواة مع الفئات الفلسطينية األخرى. لقد تطور مركز احلركة الوطنية الفلسطينية

يف الشتات، ثم يف الضفة الغربية ويف قطاع غزة، حيث أنشىء وتطور خمتلف ابعة للحركة الوطنية الفلسطينية. أما الفلسطينيون يف إسرائيل فقد كانوا املؤسسات الت

على هامش هذه التطورات. إن السلطة الفلسطينية يف الضفة الغربية ويف قطاع غزة ستشكل، عمليا، قيادة الكيان السياسي يف الضفة والقطاع، الذي من احملتمل أن يكون

ين يف العودة إىل الوطن. هناك، يف حدود السلطة ملجأ للفلسطينيين يف الشتات الراغبالفلسطينية، سينشأ املركز السياسي للفلسطينيين، كما ستواصل احلركة الوطنية

تطورها وإنشاء مؤسساتها يف هذا اإلطار. وحيال ذلك ستشتد أزمة الفلسطينيين يف يف إقامة إسرائيل، إذ لن يتمكنوا من أن يصبحوا جزءا من هذا املركز، أو شركاء

املؤسسات الوطنية. وقد يصح االفتراض أن احلركة الوطنية الفلسطينية ومركز الكيان الفلسطيني لن يشاءا، هما أيضا، استيعاب الفلسطينيين يف إسرائيل شركاء متساوين

يف احلركة الوطنية الفلسطينية، حتى لو مل يكن ذلك إال خشية تعقيد العالقات بين هذا إسرائيل، علما بأن كال من األغلبية اليهودية ومؤسسات الدولة الكيان ودولة

Page 15: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

15  

ستعارض هذه اخلطوة. وسيواصل الفلسطينيون يف إسرائيل، إذا، العيش يف فلسطين التاريخية، وسيبقون على هامش التطورات الفلسطينية املركزية، ولن يكون لهم من

ن كي يتمكنوا من التغلب مناص يف هذه الظروف إال إعادة صوغ هويتهم كفلسطينيي على هذه الضائقة.

ثالثا: الضائقة على الصعيد الداخلي للعرب يف إسرائيل

على الصعيد الداخل تتغلغل الضائقة يف احلياة االجتماعية والسياسية واالقتصادية والثقافية لألقلية العربية، وأيضا يف هويتها اجلماعية. ويتداخل يف هذا

العام للضائقة. ويجد كل من عالمات –ن اليومي واالستراتيجي البعد املستوياالضائقة التي سنتناولها فيما بعد تعبيرا له يف كال املستويين. ومع ذلك، ومن باب

احملافظة على االستمرارية، حاولنا التمييز، وإن كان ذلك مفتعال، يف وصفنا لكل ظاهرة يف املستوى الذي تبرز فيه عن اآلخر.

ائقة تعبيرا لها يف التباين بين التزايد السكاين ففي احلياة اليومية جتد الض وتوسع أماكن وجوده، وبين التمثيل الضئيل للعرب يف تركيبة القوى يف الدولة،

وأيضا يف وجود قيادات سياسية وىل عهدها، ويف ضعف التطور االقتصادي للوسط ية، مشكلة الهو العربي. أما على الصعيد االستراتيجي فتجد الضائقة تعبيرا لها يف

ويف تغير ثقايف واجتماعي عشوائي، ويف تضاربات جوهرية ترافق عملية الدمقرطة، ويف انعدام رؤية متفق عليها ملستقبل جماعي.

أ) على الصعيد اليوميإن التغيرات االجتماعية والديموغرافية اجلمة التي مر بها العرب يف إسرائيل

ا زيادة ملحوظة يف مدى تأثيرهم يف مكانتهم يف وتوسع دائرة معيشتهم ال ترافقهالدولة. إن تعداد الفلسطينيين يف إسرائيل سيتعدى املليون نسمة يف نهاية القرن

احلايل، وهو عدد ذو أهمية سيكولوجية عميقة، على الرغم من أن مكانتهم ما زالت . وعلى هامشية، وتأثيرهم يف جمرى احلياة السياسية يف إسرائيل ما زال معدو ما

الرغم من ثقلهم الديموغرايف، فإنهم ال يزالون خارج اجملتمع اإلسرائيلي كما يراه اجلمهور اليهودي والدولة.

Page 16: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

16  

إن غياب قيادة وطنية منتخبة للجمهور الفلسطيني هو عالمة مميزة أخرى على ضائقتهم. ففي اخلمسينات والستينات، حظر احلكم العسكري على اجلمهور

انتخاب ممثليه بحرية. وحتى نهاية الثمانينات، استخدمت قوانين الطوارئ العربية إلفشال قيام أي قيادة قومية متعارف عليها. وكما سبق أن ذكرنا، فإنه منذ تعديل

، يخاطر أي حزب ينادي باملساواة التامة ١٩٨٥القانون األساسي للكنيست يف سنة انون فيما إذا قرر خوض االنتخابات للعرب يف األمور اجلوهرية بإخراجه على الق

للكنيست. وأحد أبعاد هذا الوضع هو التصويت العربي املشتت يف االنتخابات، الذي من أصوات العرب. وعلى %٢٣كان من نتائجه أن أي حزب عربي مل يحظ بأكثر من

ليا عالصعيد الوطني، فإن الهيئة املمثلة الوحيدة للجمهور العربي هي جلنة املتابعة اللشؤون املواطنين العرب. لقد قادت اللجنة اجلهود السياسية للعرب ابتداء من

عند إعالن إضراب عام يف حزيران/يونيو ١٩٨٧السبعينات، وبلغ نشاكها ذروته سنة إعالنا لـ"يوم املساواة"، ويف كانون الثاين/يناير إعالنا لـ"يوم السالم". وقد رمى

ر عن اإلجماع الوطني العربي فيما يتعلق بمساواة مكانة اإلضراب األول إىل التعبيالعرب يف إسرائيل. أما اإلضراب الثاين فكان هدفه اإلعراب عن الدعم العربي إلقامة دولة فلسطينية يف الضفة الغربية وقطاع غزة. ومنذ ذلك الوقت، تداعت مكانة جلنة

العربي وأعضائها لها، وذلك يف املتابعة بالتدريج، وفقدت الكثير من مساندة اجلمهور األساس بسبب انعدام جناعتها الداخلية وصراع القوى بين خمتلف الفئات

األيديولوجية املمثلة فيها. ومل تقم جلنة املتابعة بأي دور ذي أهمية يف التسعينات، . وكانت إحدى الصعوبات اجلوهرية يف عمل اللجنة وقد نحتها مؤسسات الدولة جانبا

جلمهور العربي مل ينتخبها ديمقراطيا كي تمثله على املستوى الوطني. ويعتمد أن اعمودها الفقري على رؤساء السلطات احمللية العربة، الذين يتم انتخابهم بانتخابات

حملية. إضافة إىل ذلك، فإن االنتخابات للسلطات احمللية وإن كانت جتري بطريقة ب األحيان، على الروابط العائلية والدينية.ديمقراطية، إال إنها تعتمد، يف أغل

وأخيرا، مل يحدث تطور اقتصادي كبير يف الوسط العربي، إذ فقد هذا الوسط األسس الزراعية نتيجة سلسلة من مصادرات األراضي التي نقلت إىل الوسط اليهودي.

ربي. وسط العهذا إضافة إىل أن الدولة مل تشجع أو تبادر إىل تطوير بنية صناعية يف النتيجة لذلك يسافر الكثيرون من العمال العرب يوميا للعمل يف املدن اليهودية. وتدل البحوث التي أجريت يف األعوام األخيرة فيما يتعلق بالتطور االقتصادي على وجود

تقدم ما يف هذا الشأن، إال إن الهوة العميقة بين الوسطين آخذة يف التوسع. إن أسباب

Page 17: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

17  

القتصادية والتي يغذي الواحد منها اآلخر هي غياب بنية زراعية أو صناعية املشكلة ا داخلية واالعتماد املطلق على الوسط اليهودي الناجم عن هذا الغياب.

لقد ارتفع املستوى املعيشي للعرب بصورة مستمرة على مر السنين، لكن الهوة فمعدل دخل العائلة العربية يفبينهم وبين الوسط اليهودي ما زالت عميقة ومل تقلص.

، ١٩٨٥من معدل دخل العائلة اليهودية. ويف سنة ٪٧٧كان بنسبة ١٩٨٠سنة . كما أن نسبة ٪٧٢على ١٩٩٣واستقرت يف سنة ٪٧٠انخفضت هذه النسبة إىل

ضعف ٢٦’٢بلغت ١٩٩٣العائالت العربية التي عاشت حتت خط الفقر يف سنة ة كون العائالت العربية أكبر من العائالت اليهودية بمعدل العائالت اليهودية. وحقيق

يفوق ضعفين، تزيد يف أثر هذا الفارق اإلحصائي.

ب) على الصعيد االستراتيجيلقد تم حتليل أزمة الهوية اجلماعية للمواطنين العرب يف دراسات سابقة. وإذا

وسياسية، فإن ال الهوية عرفنا الهوية بأنها تتضمن انتماء عاطفيا وجوانب اجتماعيةاإلسرائيلية وال الهوية الفلسطينية للمواطنين العرب ستكون متكاملة وتامة يف ظل

الظروف الراهنة. وهي هي خالصة أزمة الهوية اجلماعية للمواطنين العرب.يتفق معظم الباحثين على أن املركب الفلسطيني يف هوية العرب يف إسرائيل

كن ليس يف قدرة هذا املركب أن يكون تاما ما دامت احلركة راسخ وبارز وغالب. لالوطنية الفلسطينية تنشىء وطنا فلسطينيا يف مكال آخر. إن قوة املركب اإلسرائيلي

يف هوية العرب موضوع جدال يف أدبيات البحث. إن الفلسطينيين يف إسرائيل، بحسب اإلسرائيلية مبتورة إذا اعتبرنا أن التعريف الرسمي، مواطنون يف الدولة، لكن هويتهم

خالصة الهوية اجلماعية هي الشعور باالنتماء والتأييد العاطفي. إن اإلشكال يف هذا الوضع ال يكمن يف التضاد بين الهويتين الكاملتين، اإلسرائيلية والفلسطينية، وإنما

يف النقص اجلاري بصورة خمتلفة يف الهويتين.ئقة التي تزداد يوما بعد آخر يف القيم التربوية تتصل أزمة الهوية بالضا

واالجتماعية، على األقل بين أوساط النخبة من املواطنين العرب. لقد وجد منعزلين رغم أنفهم عن الثقافة الفلسطينية ١٩٤٨الفلسطينيون أنفسهم عقب حرب

بقة الوسطىوعن العامل العربي. وأدت احلرب كذلك إىل هدم تام ملراكزهم املدنية، وللطوالنخبة التي كان يف قدرتها مواصلة تنمية الثقافة العربية الفلسطينية. ظل السكان العرب حتت هذه الظروف بال بنية حتتية قادرة على تنمية واستحداث ثقافة عربية،

Page 18: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

18  

وبال قنوات تصلهم بالثقافة العربية األم. لقد فتحت الكوة األوىل على العامل العربي ، لكن على الرغم من ذلك فإن الثقافة ١٩٦٧العربية أمام إسرائيل سنة بعد الهزيمة

الفلسطينية التي كانت تسودها شعارات مقاومة وحماربة إسرائيل ظلت حمظورة. وعندما فتحت، بمرور الزمن، قنوات على العامل العربي، يف إثر اتفاقية السالم املبرمة

لعربي يعاين أزمة ثقافية مصيرية. لقد مع مصر، ومع األردن فيما بعد، كان العامل اقدمت إسرائيل يف مقابل ذلك مؤسسات ونشاطات ثقافية، لكن بما أن هذه املؤسسات

صهيونية، ظل للعرب إمكان تبني القشور اخلارجية –تسودها شعارات يهودية للثقافة اإلسرائيلية الغربية من دون صلة بجذورهم األصلية اخلاصة بهم.

إال إن الديمقراطية اإلسرائيلية، على الرغم من نواقصها، تركت أثرها يف آراء ها تأوساط واسعة يف اجلماعة الفلسطينية، يف كل ما يتعلق بالديمقراطية وبتجرب

وقيمها اخلاصة. لكن التحوالت الديمقراطية األساسية طرأت على صعيد اإلجراءات اخلارجية؛ أي يف اخلضوع للقواعد واإلجراءات الديمقراطية من دون حتول متزامن يف

منظومة القيم املساندة للقواعد املعلنة. لقد حظيت اإلجراءات الديمقراطية التي اسعة يف اجملتمع، وساندتها حتوالت يف اجملتمع فرضتها الدولة بتقدير أوساط و

الفلسطيني، مثل مستوى أرفع من التعليم، وتصدع البنية األبوية للعائلة، وزيادة نسبة النساء العامالت.

ومع ذلك، هناك عالمات قوية على أن القيم الديمقراطية مل تستوعب بدرجة يم، التي من شأنها أن تمنح كافية يف اجملتمع الواسع. فلقد قاومت منظومة الق

املمارسة الديمقراطية دعما اجتماعيا، أية تغيرات جذرية. ولذلك، تبرز أحيانا ظواهر تنقض القواعد الديمقراطية التي مصدرها قيم طائفية وغير ديمقراطية. ولعل أفضل

لمثال لهذه التناقضات هو االنتخابات التمهيدية التي يقوم بها الكثير من احلمائالنتخاب مرشح عائلي للسلطة احمللية، التي ما زالت تسيطر عليها والءات عائلية

وطائفية. وخالصة التناقض أن مؤسسات الدولة عاجزة عن تشجيع قيم ديمقراطية حقيقية ألن هذه القيم تتناقش مع بنية الدولة ذاتها التي ال تتيح مساواة تامة بين

ستطيع األقلية العربية أن تقاوم البنية اإلثنية العرب واليهود. ويف الوقت نفسه، ت للدولة فقط من خالل استيعاب عميق للقيم الديمقراطية.

وتتجلى الضائقة كذلك يف غياب رؤية واضحة ملستقبل العرب يف إسرائيل بين إسرائيل ١٩٩٣كجماعة. فالعملية السلمية، التي بدأت يف أوسلو سنة

العرب يف إسرائيل، باإلضافة إىل أن الفلسطينيين والفلسطينيين، ما زالت تتجاهل

Page 19: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

19  

أنفسهم مل يقوموا بأي تفحص جذري ملستقبلهم مع األخذ يف احلسبان املعطيات احلديثة للعالقات بين إسرائيل والفلسطينيين. وباستثناء أفراد قليلين، مل يقترح زعماء

ة للعالقات بين األقلي األحزاب املتعددة وال النخبة العربية املثقفة رؤية مستقبليةالعربية والدولة التي أنشئت لتكون دولة الشعب اليهودي، أو لعالقة هذه األقلية

بالدولة الفلسطينية التي ما زالت يف طور التكوين.

عوامل أخرى تساهم يف الضائقة

يف اإلمكان تفسير األبعاد املتعددة لضائقة العرب يف إسرائيل يف ضوء يف دولة إثنية. ونحن نذهب إىل أن البنية اإلثنية والدستورية مكانتهم كأقلية

والسياسية والثقافية إلسرائيل هي التي تدفع األقلية العربية إىل ضائقة يف كل اجملاالت التي وضعناها حتى اآلن.

باإلضافة إىل البنية اإلثنية للدولة هناك عامالن إضافيان يساهمان، ولربما ة لدى العرب وهما: البنية الداخلية لألقلية، والصراع العربي يوضحان، ماهية الضائق

اإلسرائيلي، اللذان سنعاجلهما باقتضاب. –

أ) عوامل داخليةعلى الرغم من التحوالت التي طرأت على اجملتمع العربي يف إسرائيل، فقد ظل

ية هناك بنى مهمة قاومت كل تغيير اجتماعي أو سياسي. فال تزال البنية االجتماعاملتفسخة، بما يف ذلك العائلة والطائفة، قادرة بصورة كبيرة على تفسير السلوك

االجتماعي والسياسي للعرب. وهنالك ما يشير إىل أن الدولة شجعت، بتدخلها النشيط وسياستها، على تفسخ اجملتمع إىل عائالت وطوائف ومناطق؛ أي أن سياسة الدولة

ع البنية االجتماعية القائمة، على عرقلة التطور اإلثنية عملت، جنبا إىل جنب م االجتماعي والسياسي اجملرد من الوالءات التقليدية.

ليس يف قدرة القيم االجتماعية والسياسية النابعة من البنية االجتماعية املتفسخة إيجاد بيئة حتفز على نمو جمتمع ديمقراطي معاصر. فالوالء للحمولة

والتمييز بين اجلنسين، كلها تتجلى بصورة سافرة يف السياسة واالعتبارات الطائفية احمللية يف معظم القرى واملدن العربية.

لقد ساهمت البنية االجتماعية املبتورة للمجتمع العربي يف إسرائيل بعد سنة ، كبقايا من اجملتمع الفلسطيني، باعتبارها عائدة لبقايا أكثر أجزاء هذا ١٩٤٨

Page 20: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

20  

فا، يف نصيبها يف التطور االجتماعي املشوه. إن الوقت الطويل الذي اجملتمع فقرا وشظاحتاج إليه اجملتمع إلنشاء طبقة وسطى صغيرة منه، تقوم على أصحاب املهن احلرة،

وكذلك التفاعل احملدد مع العامل العربي، وسياسة الدولة التي مل تشجع أي تعبير م حملية أصيلة. وقد سد هذا الفراغ حضاري أصيل للفلسطينيين؛ كل ذلك عرقل نمو قي بتبني الكثير من ظواهر اجملتمع الغربي السطحية.

إن الصعوبة يف صوغ الشكل املطلوب للعالقات بالدولة، والفجوات السياسية واالجتماعية، والفشل يف استيعاب القيم الديمقراطية بصورة تامة، واألزمة الثقافية

نتيجة البنية الداخلية للمجتمع. ولكن ما أدى إىل هذا نفسها، ازدادت جميعها خطورة الواقع اإلشكايل هو التفاعل بين هذه العوامل والسياسة اإلثنية.

اإلسرائيلية –ب) عوامل تتعلق بالصراع العربي كمان التطور االجتماعي والثقايف والسياسي للمجتمع الفلسطيني قبل سنة يتم من خالل التفاعل املشترك مع اجملتمعات العربية األخرى. فلقد تأثر ١٩٤٨

اجملتمع الفلسطيني كثيرا بالبيئة العربية الواسعة، ولعله تأثر أكثر من أي جمتمع ع املركزي لفلسطين يف العامل العربي. وقد غذت الثقافة عربي آخر، وذلك بسبب املوق

العربية الثقافة الفلسطينية، وكانت األوىل مصدرا للقيم االجتماعية والثقافية والسياسية. أما بالنسبة إىل املواطنين الفلسطينيين يف إسرائيل، فقد انقطع التواصل

.١٩٤٨بين فلسطين والعامل العربي بصورة فجائية سنة جرى التطور االجتماعي والثقايف للعرب بمعزل عن العامل العربي، وبتأثير

االقتصادية –اإلسرائيلي. وعرقلت املكانة االجتماعية –كبير من اجملتمع اليهودي املتدنية للعرب أي تطور حقيقي يف احلياة الثقافية. وقد أدت العزلة عن العامل العربي

ة والتأثر بالتغيرات االجتماعية والثقافية احلقيقية إىل القضاء على إمكان املتابع التي حدثت يف اجملتمعات العربية.

لقد حول الصراع بين إسرائيل والعامل العربي بشأن مستقبل فلسطين مسألة مكانة العرب يف إسرائيل إىل مسألة هامشية لدى كل األطراف. واستحوذت على

يهودي وحماية الدولة اليهودية، وشغلت اهتمام إسرائيل ضرورة بناء اجملتمع الاألقلية العربية يف إسرائيل حيزا ضئيال من الفكر السياسي الذي يتناول الصراع. وقد أعطى الفلسطينيون يف إسرائيل أنفسهم حل القضية الفلسطينية املستقبلي األولوية،

خل وذلك على حساب مسألة مكانتهم داخل إسرائيل. وظل نضالهم السياسي دا

Page 21: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

21  

إسرائيل مسألة هامشية قياسا بمطالبتهم بإقامة دولة فلسطينية يف الضفة الغربية وقطاع غزة. وعلى ما يبدو ليس يف قدرتهم صوغ عالقاتهم بدولة إسرائيل قبل صوغ

اتفاق ملزم مع الفلسطينيين.اإلسرائيلي اخملاوف األمنية لدى إسرائيل من املواطنين –أثار الصراع العربي

العرب، لكن إسرائيل استخدمت هذه اخملاوف األمنية احلقيقية لتغطية سياسة السيطرة والتمييز ونقل موارد العرب إىل سيطرة يهودية. وقد حالت ضخامة اخملاوف األمنية

د بأن مصدر الكثير من لدى اجلمهور اليهودي دون إقناع العرب للمواطنين اليهواخلطوط السياسية للدولة هو السياسة اإلثنية، ال الدواعي األمنية. وساهمت هذه

الصعوبات يف تعميق اإلحساس بالضائقة لدى العرب. وسواء كانت هذه اخملازف حقيقية أو أنها استخدمت كتبريرات، إال إن اخملاوف األمنية لدى الدولة واجلمهور

ور العرب يف جماالت حياتية كثيرة.اليهودي عرقلت تط

من ضائقة إىل أزمة

إن ضائقة الفلسطينيين يف إسرائيل بكل جوانبها قد تتطور، عمليا، يف عدة اجتاهات: يف اجتاه ضائقة مزمنة، أو يف اجتاه انفراج متدرج، أو يف اجتاه أزمة. وكما

إسرائيل هي جزء ال ذكرنا أعاله، يذهب بعض الباحثين إىل أن صعوبات العرب يف يتجزأ من مكانتهم كأقلية يف دولة إثنية، وأن مكانتهم غير املتساوية هي أمر حتمي

ومزمن يف إطار ما يسميه أولئك الباحثون "الديمقراطية اإلثنية"، أي أن عدم املساواة مع حتسين ظروفهم قدر اإلمكان يف إطار الدولة اليهودية هما إحدى السمات املميزة

نتهم يف الديمقراطية املمكنة التي تقدمها إسرائيل. بينما يذهب باحثون آخرون ملكاإىل أن التحسن املتدرج يف الظروف احلياتية للعرب سيؤدي إىل انفراج، بالتدريج، يف ضائقتهم من خالل تكوين ديمقراطية مشاركة بصورة بطيئة. ووفقا لهذا الزعم، فإن

العرب باملساواة وتستجيب ملطالبهم اجلماعية، وال الدولة سترضخ بالتدريج، ملطالبسيما يف ضوء أهميتهم املتزايدة يف االنتخابات. وهكذا سيتمتع العرب، بصورة

متدرجة، بكامل املساواة يف احلقوق أفرادا وجماعة.ويف رأينا أن اإلمكان احملتمل بين سائر اإلمكانات، على املدى البعيد، هو

زمة، وذلك إذا ما أخذنا يف االعتبار التطورات يف إسرائيل، وعلى تكور يف اجتاه األالساحة الفلسطينية، وعلى الصعيد الداخلي للعرب يف إسرائيل. وسيحفز على تفاقم

Page 22: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

22  

هذه الضائقة عمليات أوجدتها اتفاقية السالم بين إسرائيل والفلسطينيين. على صعيد وف االقتصادية ومستوى اخلدمات العالقات بالدولة، قد تقوم الدولة بتحسين الظر

احلكومية املتاحة للعرب، وقد يحظى هذا التحسين بالتعزيز مدفوعا باملطالب التي تصدر عن اجملموعة نفسها نتيجة ازدياد أهمية العرب يف االنتخابات، وكذلك من

خالل استمرار عملية السالم يف املنطقة. وعلى الرغم من ذلك، فإن زيادة املوارد ب وحتسين مستوى اخلدمات كانا وال يزاالن موجهين نحجو رفاهية الفرد، ال نحو للعر

مستوى احلقوق اجلماعية القومية يف دولة ثنائية القومية. قد يرتفع مستوى املعيشة، وربما تمنح ميزانيات أخرى إلقامة بنى حتتية يف السلطات احمللية، لكن هذه

سرائيل كدولة إثنية. وهكذا، على سبيل املثال، التحسينات لن تغير جوهر العالقات بإفإن الضرورات األساسية يف الهوية واألمن واملساواة لن تتحقق، وستبقى هوية

الدولة إثنية بصورة قطعية، ولن يتم ضمان األمن اجلماعي للعرب بإعطاء حقوق نية. وهذا جماعية تمنحها الدولة ذاتها، ولن يتم إحراز املساواة يف دولة ذات بنية إث

النهج قد يؤدي، فعال، إىل زيادة الشعور بالتأزم يف العالقات بالدولة، إال إذا كان يف القومية تستطيع أن ترضى بمكانة متدنية –قدرتنا االعتقاد أن اجلماعات اإلثنية

دائمة يتم فيها حتسين الظروف الفردية وتهضم فيها احلقوق اجلماعية.قات باحلركة الوطنية الفلسطينية فإن هذه، على ما يبدو، أما بالنسبة إىل العال

نقلت مركز الثقل يف السياسة الفلسطينية إىل الضفة الغربية وقطاع غزة، مع اهتمام ضئيل للغاية باجلماعات الفلسطينية األخرى. إن عملية بناء الدولة التي جتري يف

لذلك، تتركز على السكان الضفة الغربية وقطاع غزة، واجلهود الهائلة املطلوبة الفلسطينيين يف الضفة والقطاع، وتتجاهل جماعات فلسطينية أخرى، ومن ضمنها

العرب يف إسرائيل. ويبدو أن الدور التاريخي للحركة الوطنية الفلسطينية أعيد تعريفه بحيث ال يبقى جماال للفلسطينيين يف إسرائيل. وهناك عناصر يف م.ت.ف. والسلطة

ية معنيون بأن يحظوا بدعم العرب يف إسرائيل، لكن بصفتهم مواطنين الفلسطينإسرائيليين، ال بصفتهم فلسطينيين. قد يستمر هذا النهج على األرجح ألن مستقبل الدولة الفلسطينية سيظل منوطا بإسرائيل، ولذلك سيظل الفلسطينيون يف الضفة

دافهم السياسية. إن الضائقة والقطاع بحاحة إىل دعم العرب يف إسرائيل لتحقيق أهعلى هذا املستوى ستتمخض عن أزمة يف العالقة باحلركة الوطنية الفلسطينية. وحتى

لو وافقت الدولة على قبول العرب كمواطنين متساوين، فإنهم سيضطرون إىل تعريف هويتهم الفلسطينية من جديد وذلك من خالل تأكيد أهمية األبعاد التاريخية والثقافية

Page 23: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

23  

قليص أهمية املستقبل السياسي املشترك مع سائر الفلسطينيين. لكن إذا وصلت وتالعالقات بالدولة إىل طريق مسدود، فإنهم قد يضطرون إىل تعريف هويتهم

الفلسطينية من جديد وإىل تأكيد وجود مستقبل سياسي مشترك مع سائر الفلسطينيين . ويف هذه احلالة، سيواجهون معارضة من احلركة الوطنية الفلسطينية تأكيدا قويا

التي تكثف جهودها يف بناء الدولة يف املناطق اخملصصة لذلك، كما تقتضي االتفاقيات مع إسرائيل.

وعلى الصعيد الداخلي، سيحفز التحسن يف مستوى املعيشة على عملية التحديث على املستوى الفردي، وهي عملية ملحوظة بصورة كبيرة يف امليدان وقد

ظل عملية سطحية. ويف الوقت نفسه، وإذا ما أخذنا يف االعتبار العالقات املتبادلة تواملتزايدة مع األغلبية اليهودية يف ظل ظروف سياسية واجتماعية حمسنة، فإن بعض األوساط العربية يف إسرائيل سيتبنى الكثير من عناصر الثقافة اإلسرائيلية وجزءا من

احلياة، وال سيما يف أوساط اجليل الناشئ. لكن بما أن القيم االجتماعية وأنماط الثقافة اإلسرائيلية ممتزجة باأليديولوجيا اإلثنية للدولة، وفيها العربي هو شريك

مقبول على مضض، فإن التماهي مع هذه الثقافة واستيعاب قيمها هما أمر غير ممكن ا صهيونية ليس يف قدرتها ألن الثقافة التي تسودها أفكار إثنية يهودية وأيديولوجي

أن تكون بديلة من ثقافة داخلية حقيقية وأصيلة. باإلضافة إىل ذلك، فإن احلداثة الفردية، التي تولدها ظروف حمسنة وصالت باجملتمع اإلسرائيلي، تستحدث يف حد

ذاتها قوى يف قدرتها أن حتل حمل القيم املركزية التقليدية التي ترتبط باحلمولة ء الديني والعالقات بين اجلنسين. فيجب أال نأمل بأن ترافق التغير احلثيث وباالنتما

على أرض الواقع تغيرات مماثلة يف أسس القيم االجتماعية. ويف الواقع، إذا ظل احلراك السياسي للعرب يف إسرائيل مغلقا بسبب بنية الدولة اإلثنية، فقد تستمر الروابط

تشكيل قوالب سهلة للتنافس يف موارد السلطة احمللية العائلية واالنتماء الديني يف كما كان األمر عليه إىل اليوم. وعلى هذا النمط سيزداد التنافر بين احلداثة السطحية وبين القيم التقليدية. وحتسن الظروف االقتصادية واحلداثة الشخصية لن ترافقهما

السيطرة على القضايا اجلماعية املهمة.إن ضائقة العرب يف إسرائيل يف جوانبها املتعددة، وال سيما وخالصة القول:

على صعيد العالقات بالدولة، قد تتفاقم وتنمو فتصبح أزمة. وهذا ربما يدفع إىل إدراج البنية اإلثنية للدولة يف رأس جدول األعمال السياسي للعرب يف إسرائيل. ويف

Page 24: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

24  

ة الدولة كدولة إثنية، هذه النقطة ستكون هناك حاجة إىل التفاوض بشأن طبيع وبشأن جوهر العالقات بها.

يبقى السؤال املركزي: ما هي السبل املمكنة للخروج من هذه األزمة السياسية اإلسرائيلي، –الوجودية؟ إذا ما طرحنا هذا السؤال يف سياق الصراع الفلسطيني

ألزمة وسبل وأخذنا التطورات األخيرة يف احلسبان، فقد يكون من املفيد ربط هذه ا اخلروج منها باحللول االستراتيجية املمكنة للقضية الفلسطينية.

ويف هذا السياق، يجب مالحظة أن حل الدولتين يعمق أزمة العرب يف إسرائيل، بينما قد تقدم حلول أخرى خمرجا من هذه األزمة. فمثال، ربما تقدم الدولة ثنائية

ين التاريخية حلوال مقبولة للخروج من هذا القومية أو الدولة العلمانية يف فلسطيف اجتاه –حتى مؤخرا –املأزق، إال إن من الواضح أن الواقع السياسي كان يسير

الدولتين.لكن يبدو أن نوع الدولة الذي قد تأتي به العملية السلمية احلالية لن يكون

حا شتات. وأصبح واضمقبوال من أكثرية الشعب الفلسطيني يف الضفة والقطاع ويف الأن صعوبة الفصل بين إسرائيل واملناطق احملتلة تزداد باستمرار، ويف ميزان القوى

احلايل ربما تقود املفاوضات إىل حل يتراوح بين دويلة ممسوخة تفتقد إىل املقومات . األساسية للدولة احلديث وبين مناطق حكم ذات مكتظة سكانيا وحماصرة جغرافيا

بح حل الدولة ثنائية القومية هو البديل املمكن الوحيد يف ضوء أزمة هذه لذلك قد يصاحلركة. ويف ضوء األزمة التي ستواجهها احلركة الوطنية الفلسطينية، يف حالة سقوط

إمكان قيام دولة فلسطينية مستقلة تتمتع باملقومات احلقيقية لالستقالل والسيادة لتجمعات الفلسطينية املتعددة يف مصلحة على األراضي الفلسطينية، قد تتالقى ا

استراتيجية مشتركة تأخذ يف حساباتها حل الدولة ثنائية القومية كحل استراتيجي بعيد املدى يجب أن يفكر كل الفلسطينيين فيه بصورة جدية.

املراجع

باللغة العبرية مكانتهم والسياسة ). "مستأجرون ثانويون: العرب يف إسرائيل، ١٩٩٢بنزيمان، ع. وع. منصور (

جتاههم". القدس: كيتر.

Page 25: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

25  

). "احلكم احمللي لدى العرب يف إسرائيل". غفعات حفيفا: ١٩٩٠احلاج، ماجد وهنري روزنفلد ( معهد دراسات السالم.

). "تفرقة على أساس االنتماء القومي يف اجملتمع اإلسرائيلي". أطروحة لشهادة ١٩٨٧حلبي، أ. ( حلقوق، القدس: اجلامعة العبرية.اللقب الثاين، مدرسة ا

). "تطور االقتصاد يف املدينة العربية"، يف "تقرير سنوي عن التقدم: مساواة ١٩٩٤خمايسي، ر. ( ودمج". إعداد أ. هارئيفن. القدس: سيكوي.

). "عالقات العرب واليهود يف إسرائيل يف عهد السالم". مقال ضمن ١٩٩٥سموحا، سامي ("، العدد اخلاص من "همزراح هيحداش". إعداد: ي. ٢١يف إسرائيل نحو القرن الـ "املواطنون العرب

.١٢٢ – ١١٧لنداو، و أ. غانم و أ. هارئيفن. القدس: مطبعة ماغنس، ص ). "معلومات مقارنة بين العرب واليهود يف إسرائيل". القدس: سيكوي.١٩٩٦غانم، أ. (

). "العرب يف إسرائيل: بحث سياسي". وزارة الدفاع.١٩٧١لنداو، ي. م. ( : أبعاد سياسية". تل أبيب: عام ١٩٩١ – ١٩٦٧). "األقلية العربية يف إسرائيل، ١٩٩٣( ____

عوفيد. ). "تقرير سنوي عن التقدم: مساواة ودمج". القدس: سيكوي.١٩٩٤(هارئيفن، أ.

، ٨ – ٧عربي، العدد –). "أنا إسرائيلي". "مفغاش"، مسرح ثقايف عبري ١٩٨٧يهوشوع، أ. ب. ( .١٩٨٧خريف

باللغة اإلنكليزيةAl-Haj, M. Education Empowerment, and Control: The Case of the Arabs in Israel.

Albany, NY: State University of New York Press.

Connet, W. (1994). Ethnonationalism: The Quest for Understanding. New Jersey:

Princeton University Press.

Ghanem, A. (1998). “The Limits of Parliamentary Politics: the Arab Minority in Israel

and the 1992 and 1996 Elections.” Israeli Affairs, Vol. 4, No. 2 (Winter), pp. 69-

90.

Ginat, J (1989). “Israeli Arabs: Some Recent Social and Political Trends.” Asian and

African Studies 23, 2 & 3, pp. 183-204.

Page 26: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

26  

Haidar, A. (1991). Social Welfare Services for Israel’s Arab Population. Boulder,

Colo.: Westview Press.

Jiryis, S. (1976). The Arabs in Israel. New York: Minority Review Press.

Khalidi, R. J. (1988). The Arab Economy in Israel. London: Croom Helm.

Kretzmer, D. (1990). The Legal Status of the Arabs in Israel. Boulder, Colo.:

Westview Press.

Lewin-Epstein, N. and M. Semyonov (1993). The Arab Minority in Israel’s Economy:

Patterns of Ethnic Inequality. Boulder, Colo,: Westview Press.

Lustick, I. (1980). Arabs in the Jewish State: Isralel’s Control of a National Minority.

Austin, Texas: University of Texas Press.

Peres, Y. (1970). “Modernization and Nationalism in the Identity of the Israeli

Arabs.”

The Middle East Journal 24, pp. 479-492.

Reiss, N. (1991) The Health Care of the Arabs in Israel. Boulder, Colo.: Westview

Press.

Rouhana, N. N. (1993). “Accentuated Indentities in Protracted Conflicts: The

Collective Identity of the Palestinian Citizens in Israel.” Asian and African Studies 27,

pp. 97-127.

_____ (1997). Identities in Conflict: Palestinian Citizens in an Ethnic Jewish State.

New Haven: Yale University Press.

Rouhana, N. N. and A. Ghanem (1993). “The Democratization of a Traditional

Minority in an Ethnic Democracy: The Palestinians in Israel.” In Democracy, Peace

and the Israeli-Palestinian Conflict. Eds. E. Kaufman S. Abed and R. Rothsein.

Boulder, Colo.: Lynne Rienner Publishers.

Smooha, S. (1989). Arabs and Jews in Israel: Conflicting and Shared Attitudes in a

Divided Society. Vol. 1. San Francisco: Westview Press.

_____ (1990). “Minority Status in an Ethnic Democracy: The Status of the Arab

Minority in Israel.” Ethnic and Racial Studies 13, 3 pp. 389-413.

Page 27: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

٤٩)، ص ١٩٩٨(صيف ٣٥، العدد ٩مجلد المجلة الدراسات الفلسطينية دراسات  

27  

_____ (1992). Arabs and Jews in Israel: Change and Continuity in Mutual

Intolerance. Vol. 2 San Francisco: Westview Press.

_____ and D. Peretz (1993). “Israel’s 1992 Elections: Are the Critical?” The Middle

East Journal 47, 3, pp. 444-463.

Yiftachel, O. (1996). “The Political Geography of Ethnic Protest: Nationalism,

Deprivation, and Regionalism among Arabs in Israel.” Transactions 22, 1.

Page 28: ١٩٤٨ . : ﻰﻠﻋ ﻢﻫروﺪﺑ ﻦﻴﻴﻨﻴﻄﺴﻠﻔﻟا...٤٩ ﺹ ،(١٩٩٨ ﻑﻳﺻ) ٣٥ ﺩﺩﻌﻟﺍ ،٩ ﺩﻠﺟﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻳﻁﺳﻠﻔﻟﺍ

 

  

وال الفلسطينية، الدراسات لةجمل حمفوظة التوزيع وإعادة النشر حقوق جميع الفلسطينية، الدراسات جملة البــــريدي العنوان إىل الكتابة عبر وذلك رئيس حترير اجمللة من بإذن إال إلكترونيا توزيعها أو نشرها يمكن

majallat@palestine‐studies.org :التالــــــي :املصدر ذكر يرجى االستخدام وعند الفردي لالستخدام طبعها أو املقالة هذه حتميل يمكن

http://www.palestine‐studies.org/ar/mdf