بيعشلا للها دبع دلاخ .د .أ › books › 2019 › 012 › ar_alnizarat...بيعشلا للها دبع دلاخ .د ةيجرالخا تاقلاعلاو تاساردلا

أ. د. خالد عبد اهلل الشعيبإدارة الدراسات والعالقات اخلارجية

1441هـ/2019م

دولـة الكـــــويت

State of Kuwait

د. خالد عبد اهلل الشعيبإدارة الدراسات والعالقات اخلارجية

1441هـ/2019م

رسالة األمانة العامة لألوقاف هي نرش الثقافة الوقفية؛ لذا فكل إصداراهتا غري خمصصة للبيع

سلسلة الرسائل اجلامعية )2(

مجيع احلقوق حمفوظة

ح األمانة العامة لألوقاف 2019م

دولة الكويت

الدسمة - قطعة 6 - شارع محود عبد اهلل الرقبة

ص. ب 482 الصفاة 13005

هاتف 1804777 - فاكس 22542526www.awqaf.org.kw

الربيد اإللكرتوين لألمانة العامة لألوقاف[email protected]

الربيد اإللكرتوين إلدارة الدراسات والعالقات اخلارجية[email protected]

الطبعة الثانية 1441هـ/2019م

اآلراء الواردة يف هذا الكتاب تعرب عن وجهة نظر مؤلفها،وال تعرب بالرضورة عن اجتاهات تتبناها األمانة العامة لألوقاف.

فهرسة مكتبة الكويت الوطنية أثناء النرش

أودع بإدارة املعلومات والتوثيق باألمانة العامة لألوقافحتت رقم )21( بتاريخ )2019/5/1م(

ردمك: 978-99966-38-96-1

فهرس الموضوعات

3

فهرس الموضوعات

9* تصدير. ..................................................................

11* تقديم. ...................................................................

17* التمهيد. ..................................................................

: تعريف الوقف. ....................................................... 19أوالا

22ثانياا: حكمه وأدلة مرشوعيته وحكمته. .......................................

31ثالثاا: أركان الوقف ورشوطه. ................................................

* �لباب �لأول: تعريف �لنظارة وحقيقتها و�أق�شامها و�أركانها و�شروطها وحكمها 47وخ�شائ�شها. ...............................................................

49- �لف�سل �لأول: تعريف �لنظارة وم�سروعيتها وحقيقتها و�أق�سامها. ...........

49املبحث الأول: تعريف النظارة. .................................................

49- املطلب األول: تعريف النظارة لغة. ................................................ا. ........................................... 49- املطلب الثاين: تعريف النظارة اصطالحا

50املبحث الثاين: م�صروعية النظارة وحكم ن�صب الناظر. ...........................

52املبحث الثالث: حقيقة النظارة. ................................................

53- املطلب األول: النظارة عقد وكالة. ..........................................

54- املطلب الثاين: النظارة عقد إيصاء. ..........................................

55- املطلب الثالث: النظارة من الواليات. .......................................

56املبحث الرابع: اأق�صام النظارة. ................................................

56- املطلب األول: النظارة األصلية والنظارة املستفادة أو الفرعية. ...................

57- املطلب الثاين: النظارة العامة والنظارة اخلاصة. ................................

59- املطلب الثالث: النظارة املطلقة والنظارة املقيدة. ...............................

60- املطلب الرابع: النظارة الطبيعية والنظارة االعتبارية. ...........................

62- املطلب اخلامس: النظارة الفردية والنظارة اجلامعية. ............................

63- املطلب السادس: النظارة اإلرشافية والنظارة غري اإلرشافية. ....................

النظارة على الوقف

4

65- �لف�سل �لثاين: �أركان �لنظارة و�سروطها. ...................................

65املبحث الأول: مفو�ض النظارة. ................................................

65- املطلب األول: الواقف. ...................................................

67- املطلب الثاين: الويص. ....................................................

68- املطلب الثالث: املوقوف عليه. ..............................................

69- املطلب الرابع: القايض. ...................................................

72- املطلب اخلامس: مراتب املفوضني. .........................................

73املبحث الثاين: الناظر. .......................................................

73- املطلب األول: رشوط الناظر. ..............................................

85- املطلب الثاين: من تثبت له النظارة عىل الوقف؟ ...............................

105- املطلب الثالث: مراتب النظار. .............................................

109- املطلب الرابع: تعدد النظار. ...............................................

110- املطلب اخلامس: غيبة الناظر. ..............................................

110املبحث الثالث: ال�صيغة. ......................................................

112- املطلب األول: ألفاظ النظارة عىل الوقف. ....................................

119- املطلب الثاين: قبول الناظر. ................................................

122- املطلب الثالث: رشوط الصيغة. ............................................

125املبحث الرابع: املنظور عليه. ..................................................

126- �لف�سل �لثالث: حكم �لنظارة وحقوقها وخ�سائ�سها. .......................

126املبحث الأول: حكم النظارة وحقوقها. ..........................................

128املبحث الثاين: خ�صائ�ض النظارة. .............................................

131* �لباب �لثاين: وظيفة �لناظر. ............................................

135- �لف�سل �لأول: وظيفة �لناظر عند �لإطالق. ...............................

135املبحث الأول: الأعمال التي يجب على الناظر القيام بها. .........................

135- املطلب األول: حفظ الوقف. ..............................................

فهرس الموضوعات

5

147- املطلب الثاين: تنفيذ رشوط الواقف. ........................................

157- املطلب الثالث: استغالل الوقف. ...........................................

168- املطلب الرابع: حتصيل الغلة وحفظها. .......................................

168- املطلب اخلامس: أداء حقوق املستحقني. .....................................

176- املطلب السادس: التقرير يف الوظائف وحتديد أجور املوظفني وعزهلم. ............

187- املطلب السابع: حتري األحظ واألنفع للوقف. ................................

187املبحث الثاين: الأعمال التي يجب على الناظر المتناع عنها. .....................

187- املطلب األول: إبدال الوقف واستبداله. .....................................

198- املطلب الثاين: االستدانة عىل الوقف. ........................................

202- املطلب الثالث: تأجري الوقف ملدة طويلة. ....................................

212- املطلب الرابع: الترصف يف الوقف ترصف املالك. .............................

217- املطلب اخلامس: الزيادة يف عني الوقف. ......................................

218- املطلب السادس: إحداث الوظائف. ........................................

219املبحث الثالث: الأعمال اجلائزة لناظر الوقف. ..................................

219- املطلب األول: إقامة الناظر غريه يف نظارة الوقف. .............................

223- املطلب الثاين: استثامر ما فضل من غلة الوقف. ................................

227- املطلب الثالث: إجراء تغيري يف الوقف. ......................................

229- �لف�سل �لثاين: وظيفة �لناظر عند �لتقييد. ...............................

231املبحث الأول: �صورة التقييد يف وظيفة الناظر. ..................................

231املبحث الثاين: خمالفة الناظر يف النظارة املقيدة. ...............................

233* �لباب �لثالث: �أجر �لناظر. ...............................................

237- �لف�سل �لأول: م�سروعية �أجر �لناظر وماهيته وم�سدره. ....................

237املبحث الأول: م�صروعية اأجر الناظر. ...........................................

239املبحث الثاين: ماهية اأجر الناظر. .............................................

241املبحث الثالث: م�صدر اأجر الناظر. ............................................

النظارة على الوقف

6

243- �لف�سل �لثاين: من يقدر �أجر �لناظر. ......................................

243املبحث الأول: تقدير الواقف لأجر الناظر. ......................................

244- املطلب األول: التقدير املساوي ألجر املثل. ...................................

244- املطلب الثاين: التقدير األقل من أجر املثل. ...................................

245- املطلب الثالث: التقدير األكثر من أجر املثل. ..................................

247املبحث الثاين: تقدير القا�صي لأجر الناظر. ....................................

248- املطلب األول: احلاالت التي يقدر فيها القايض أجر الناظر. .....................

249- املطلب الثاين: مقدار األجر الذي يقدره القايض. ..............................

252- �لف�سل �لثالث: ��ستحقاق �لأجر. ..........................................

252املبحث الأول: �سروط ا�ستحقاق الناظر الأجر. ..................................

257املبحث الثاين: وقت ا�صتحقاق الأجر. ..........................................

ا. .......................... 257- املطلب األول: وقت استحقاق األجر إذا كان مقدرا

ا. ......................... 258- املطلب الثاين: وقت استحقاق األجر إذا مل يكن مقدرا

259املبحث الثالث: ما ل مينع ال�صتحقاق. .........................................

261* �لباب �لر�بع: مر�قبة �لناظر وحما�شبته وت�شمينه وعزله. ...............

265- �لف�سل �لأول: مر�قبة �أعمال �لناظر وحما�سبته. ...........................

265املبحث الأول: مراقبة اأعمال الناظر. ...........................................

267املبحث الثاين: حما�صبة الناظر. ...............................................

268- املطلب األول: حماسبة املستحقني الناظر. .....................................

269- املطلب الثاين: حماسبة القايض الناظر. ........................................

275- �لف�سل �لثاين: �سمان �لناظر. ............................................

276املبحث الأول: �صفة يد الناظر. ................................................

277املبحث الثاين: احلالت التي ي�صمن فيها الناظر. ................................

278- املطلب األول: التقصري والتفريط. ..........................................

284- املطلب الثاين: التعدي. ....................................................

فهرس الموضوعات

7

296- املطلب الثالث: األجري املشرتك. ............................................

297املبحث الثالث: احلالت التي ل ي�صمن فيها الناظر. ..............................

297- املطلب األول: عدم التقصري والتعدي. ......................................

298- املطلب الثاين: ما فعله الناظر بإذن القايض. ...................................

299- املطلب الثالث: اإلكراه. ...................................................

299- املطلب الرابع: ادعاء الناظر. ...............................................

301- �لف�سل �لثالث: عزل �لناظر. ..............................................

301املبحث الأول: العزل الق�صدي. ................................................

301- املطلب األول: عزل الناظر نفسه. ...........................................

307- املطلب الثاين: عزل مفوض النظارة الناظر. ...................................

321املبحث الثاين: العزل احلكمي. .................................................

325* اخلـامتــــة. .............................................................

331* قائمة املراجع. ...........................................................

جمال يف لألوقاف العامة األمانة عن الصادرة والدراسات الكتب قائمة *341الوقف والعمل اخلريي التطوعي. ..........................................

النظارة على الوقف

8

تصـدير

9

تصـديرضمن بدوره املندرج الوقف«، »مداد مرشوع إنجاز عىل لألوقاف العامة األمانة تعمل مرشوعات »الدولة املنسقة جلهود الدول اإلسالمية يف جمال الوقف« عىل مستوى العامل اإلسالمي، حيث اختريت دولة الكويت لتكون »الدولة املنسقة«؛ بموجب قرار املؤمتر السادس لوزراء أوقاف

الدول اإلسالمية، املنعقد بالعاصمة اإلندونيسية »جاكرتا« يف أكتوبر سنة 1997م.

وهذه املرشوعات هي:

الوقف، جمال يف اجلامعية والرسائل والدراسات واألبحاث الكتب لنرش »مداد« مرشوع -1وترمجتها وتوزيعها.

2- مرشوع دعم طلبة الدراسات العليا يف جمال الوقف.3- مرشوع مسابقة الكويت الدولية ألبحاث الوقف.

4- مرشوع »جملة أوقاف«.5- مرشوع منتدى قضايا الوقف الفقهية. 6- مرشوع مدونة أحكام الوقف الفقهية.

7- مرشوع »نامء« لتنمية املؤسسات الوقفية.8- مرشوع »قطاف« لنقل التجارب الوقفية وتبادهلا.

9- مرشوع القانون االسرتشادي للوقف.10- مرشوع بنك املعلومات الوقفية.

11- مرشوع كشافات أدبيات األوقاف.12- مرشوع مكنز علوم الوقف.

13- مرشوع قاموس مصطلحات الوقف.14- مرشوع معجم تراجم أعالم الوقف.

15- مرشوع أطلس األوقاف يف العامل اإلسالمي.16- مرشوع مسابقة الكويت الدولية لتأليف قصص األطفال.

النظارة على الوقف

10

وتقوم »األمانة العامة لألوقاف« بدولة الكويت بالتنسيق يف تنفيذ العديد من هذه املرشوعات

اإلسالمي واملعهد اإلسالمية، والشؤون األوقاف وزراء ملؤمتر التنفيذي املجلس من: كل مع

للبحوث والتدريب التابع للبنك اإلسالمي للتنمية.

الوعي بث إىل اهلادف الوقف« »مداد اجلامعية« ضمن مرشوع الرسائل وتندرج »سلسلة

الوقفي يف خمتلف أرجاء املجتمع. وهتدف هذه السلسلة إىل نرش الرسائل اجلامعية )ماجستري أو

دكتوراه( يف جمال الوقف والعمل اخلريي التطوعي؛ لتعريف عموم القراء باملسائل املتعلقة بقضايا

الوقف والعمل اخلريي التطوعي، وتشجيع البحث العلمي اجلاد واملتميز يف جمال الوقف والعمل

اخلريي التطوعي، والسعي لتعميم الفائدة املرجوة.

ويرس األمانة العامة لألوقاف أن تقوم بنرش هذه السلسلة من الرسائل اجلامعية، وأن تضعها

ا ومؤسسات وهيئات. بني أيدي الباحثني واملهتمني واملعنيني بشؤون الوقف والعمل اخلريي، أفرادا

العلمي بغرض التحكيم أنه سبق حتكيم أصل هذه الرسالة، حيث عرضت عىل وننوه إىل

النرش، وفق اللوائح املعمول هبا يف األمانة العامة لألوقاف، وقد أجيزت للنرش بعد قيام الباحث

ا وحتريرها علميا. بالتعديالت املطلوبة، ومراجعتها لغوي

وتتناول هذه الرسالة التي بني أيدينا اجلوانب الفقهية املختلفة للناظر عىل الوقف، من حيث

وواجباته ووظيفته الناظر حقوق إىل التطرق يتم كام والرشوط، واألركان واألقسام التعريف

وما يمنع منه وطريقة حماسبته وعزله حالة التقصري، إضافة للكيفية الرشعية لتعامله مع رشوط

الواقف واستغالل الوقف وحتصيل الريع وأداء حقوق املستحقني، وختتتم بخالصة بأهم ما ورد

يف األطروحة من أحكام.

كلية املقارن، من الفقه )الدكتوراه( يف ختصص درجة الرسالة عىل وقد حصل أصل هذه

الرشيعة والقانون بجامعة األزهر بجمهورية مرص العربية سنة 2000م.

سائلني املوىل -عز وجل- أن يبارك يف هذا العمل، وجيعل فيه النفع اجلليل والفائدة العميمة.

األمانة العامة لألوقاف

تقـــــديم

11

تقــديمالعاملني، والصالة والسالم عىل سيدنا حممد سيد األولني واآلخرين، احلمد هلل رب

وعىل آله وأصحابه أمجعني، ومن تبع هداهم بإحسان إىل يوم الدين.

وبعد:

ا، للناس مجيعا منهج حياة لتكون الغراء أنزل رشيعته قد وتعاىل- اهلل -سبحانه فإن وتنظم عالقة الفرد بربه وأخيه اإلنسان وأرسته وجمتمعه.

فهي رشيعة كاملة متكاملة، كاملة من حيث إن مبادئها وأسسها استوعبت كل هذه تممت

وأ دينكم لكم كملت

أ العالقات ومل هتمل منها شيئاا. قال تعاىل: ﴿ٱلوم

عليكم نعمت ورضيت لكم ٱلسلم دينا﴾)1(.ومتكاملة من حيث إن كل عالقة مرتبطة باألخرى، وال تستقيم إحداها بغري األخرى،

ا. ا إال إذا أخذ هبا مجيعا فال يكون املسلم مسلاما حقوقد اقتىض كامل الرشيعة أن تأيت بالعبادات التي تنظم عالقة الفرد بربه، وباملعامالت التي الشخصية األحوال وبأحكام اإلنسان، بأخيه عالقته تنظم التي الرشعية واآلداب

تنظم عالقته بأرسته، وباألحكام السلطانية التي تنظم عالقته باجلامعة وويل األمر.هبا، املتعلقة الرشعية األحكام وبيان العالقات بدراسة هذه الفقه اختص علم وقد أثناء الفقهاء دأب فقد الفقهية، الدراسات يف رئيسة مقاسم العالقات هذه وأصبحت تصنيفهم لكتب الفقه عىل البدء بالعبادات ثم باملعامالت ثم باألحوال الشخصية، وبعضهم

يعكس فيأيت باألحوال الشخصية ثم املعامالت.الفقهاء إىل فيها؛ لذلك جلأ الواردة النصوص الرشعية بقلة املعامالت انفردت وقد

ا للحكم الرشعي. أدلة أخرى لتكون سنداالعباد املعامالت عىل مصلحة تبنى أحكام أن الشارع احلكيم قصد من ذلك ولعل

والعرف بام ال خيالف مبادئ الرشيعة العامة وقواعدها.العبادات أحكام ببيان اهتاممهم بقدر املعامالت أحكام ببيان فقهاؤها اهتم وقد

)1( سورة املائدة/3.

النظارة على الوقف

12

العقيل للدليل جماالا املعامالت أصبحت بل السلطانية، واألحكام الشخصية واألحوال أكثر من غريها.

كاملعاوضة خمتلفة جماميع إىل الفقهاء قسمها املعامالت موضوع الختالف ا ونظراوالتربعات والرشكات وغريها، ولكل جمموعة من هذه املجاميع خصائصها وأحكامها.

والوقف وإن كان يدخل ضمن عقود التربعات إال أنه ينفرد عنها بخاصية الديمومة، فهو تربع دائم وصدقة جارية غري مقطوعة، واقتضت هذه اخلصوصية أن تكون هناك والية عليه تصونه من العبث والضياع وتديره بصورة جتعله حيافظ عىل خصوصيته، وهذه الوالية

يسميها الفقهاء »النظارة عىل الوقف«.وقد اخرتت »النظارة عىل الوقف« موضوعا لنيل درجة )الدكتوراه( ملا يأيت:

1( ملا كان للوقف من دور مهم يف حياة املجتمع اإلسالمي يف العصور املختلفة، حيث كان ما والتي املختلفة، النواحي وتنميته يف كثري من املجتمع ازدهار للوقف دور كبري يف كان أن يقوم هبا إال بوجود نظارة واعية بصرية ترعى شئونه وحتافظ عليه وجتعله يؤدي

الدور الذي أراده له الواقف.2( إن أمهية الوقف ال تقترص عىل املجتمع وحده بل تتعداه إىل الواقف نفسه، الذي حيقق له الوقف األجر والثواب يف حياته وبعد مماته، وذلك استثناء من مبدأ انقطاع العمل باملوت.

الوقف، وذلك الناظر عىل وقفهم حني الواقفني حريصني عىل تسمية لذلك نرى أغلب ا ملا يمثله الوقف عندهم من أمهية، وحرصهم عىل أن يتوىل نظارته من يثقون به ممن نظرا

يعمل عىل احلفاظ عىل وقفهم وتنميته.3( عدم إقبال الناس يف العرص احلديث عىل الوقف وتراجعهم عام كانوا عليه يف عصور اإلسالم املختلفة؛ بسبب سوء إدارة الوقف وإمهاله وعدم التزام كثري من النظار برشوط وويل النظار التزم لو ليكون ذلك كان وما حق، بغري الوقف أموال وأكلهم الواقف

األمر باألحكام الرشعية التي وضعها الفقهاء يف نظارة الوقف.فلهذه األسباب ولغريها كان اختياري هلذا املوضوع؛ كي أوضح الكثري من األحكام التي قد جيهلها الناظر، أو يغفلها القايض أو احلاكم لردع اعتداء الناظر أو تقصريه، فيزول

السبب الذي أحجم الناس عن الوقف من أجله.

تقـــــديم

13

راجياا أن تكون هذه الدراسة من األسباب التي تعيد للوقف دوره وفعاليته يف املجتمع.التي املصاعب وأهم وعقبات، مصاعب من ختلو ال جادة دراسة كل أن شك وال

واجهتني أثناء إعداد الرسالة ما يأيت:مصنفاهتم يف بالتفصيل النظارة أحكام الفقهية املذاهب فقهاء من كثري تناول عدم )1الفقهية املعتمدة حيث اكتفوا بذكر بعض األحكام الرئيسة فيها؛ مما اضطرين إىل الرجوع

إىل كتب النوازل والفتاوى للوقوف عىل بقية األحكام.2( تفاوت املذاهب الفقهية يف ذكر أحكام النظارة، فبعض املذاهب كاملذهب احلنفي أورد أخرى مذاهب نجد حني يف أحكامها، استوعب حتى بالنظارة تتعلق كثرية ا فروعا

كاملالكية والشافعية واحلنابلة أقل منه يف إيراد الفروع يف املوضوع ذاته.وأقل من هؤالء الزيدية واإلمامية، لذا سوف يالحظ القارئ أنه يف بعض املسائل ال استنباط والتنقيب ويف البحث بذلنا جهدنا يف قد كنا املذاهب، وإن لبعض أقوال توجد

القول من قواعد املذهب أو خترجيه عىل فروع أخرى)1(.وقد اتبعت يف إعداد الرسالة املنهج اآليت:

1( رست عىل طريقة االجتاهات يف عرض اآلراء الفقهية فإذا ما اتفق أكثر من مذهب يف مسألة مجعتها يف قول، وال خيفى ما يف هذه الطريقة من صعوبة عىل الباحث وسهولة عىل القارئ.

2( عزوت األقوال إىل مصادرها من الكتب املعتمدة يف كل مذهب.3( اتبعت كل قول بدليله إن وجد مع بيان وجه الداللة إن كان الدليل نقليا.

4( مناقشة األدلة وبيان ما ترجح عندي من األقوال.ا 5( قمت بتخريج األحاديث من مصادرها األصلية، مع بيان درجة احلديث إن كان خمرجا

يف غري الصحيحني.6( ترمجت للفقهاء الذين وردت أسامؤهم يف الرسالة عند ذكر االسم ألول مرة ثم أحلت إليه.بعض يف أحياناا ترد قد التي الغريبة، واأللفاظ الفقهية املصطلحات بتعريف قمت )7

النصوص الفقهية.

)1( مل يتكلم اإلباضية عىل أحكام النظارة؛ ألهنم ال يرون مرشوعية الوقف )انظر: رشح كتاب النيل وشفاء العليل، 453/12، ط دار الفتح، بريوت، 1972م، واإليضاح، 225/8، ط وزارة الرتاث القومي والثقافة بسلطنة عامن، 1983م.

ومل يذكر ابن حزم يف كتابه »املحىل« أحكام النظارة )انظر: املحىل، 175/9 وما بعدها، ط املنريية، 1351هـ(.

النظارة على الوقف

14

معلومات، من فيها ورد ما إىل القارئ ترشد الرسالة آخر يف عامة فهارس عملت )8وهي مخسة فهارس: فهرس لآليات، وفهرس لألحاديث واآلثار، وفهرس للرتاجم،

وفهرس للمراجع، وفهرس للموضوعات.وقد قسمت الرسالة إىل: متهيد وأربعة أبواب وخامتة.

- ففي التمهيد عرفت الوقف مع بيان حكمه وأركانه ورشطه.وأركاهنا وأقسامها وحقيقتها، النظارة تعريف بعنوان: وهو األول الباب وقسمت -

ورشوطها وحكمها وخصائصها- إىل ثالثة فصول.* تكلمت يف الفصل األول عن تعريف النظارة ومرشوعيتها وحقيقتها وأقسامها، يف أربعة

مباحث، وذلك عىل النحو اآليت:املبحث األول يف تعريف النظارة.

املبحث الثاين يف مرشوعية النظارة وحكم نصب الناظر.املبحث الثالث يف حقيقة النظارة.

املبحث الرابع يف أقسام النظارة.* وتكلمت يف الفصل الثاين عن أركان النظارة ورشوطها يف أربعة مباحث:

املبحث األول يف مفوض النظارة. والثاين يف الناظر. والثالث يف الصيغة. والرابع يف املنظور عليه.

* وتناولت يف الفصل الثالث حكم النظارة وحقوقها وخصائصها يف مبحثني:املبحث األول يف حكم النظارة وحقوقها. والثاين يف خصائص النظارة.

- وقسمت الباب الثاين الذي حيمل عنوان: »وظيفة الناظر« إىل فصلني.* تكلمت يف الفصل األول يف وظيفة الناظر عند اإلطالق يف ثالثة مباحث:

املبحث األول يف األعامل التي جيب عىل الناظر القيام هبا.املبحث الثاين يف األعامل التي جيب عىل الناظر االمتناع عنها.

املبحث الثالث يف األعامل اجلائزة لناظر الوقف.* وحتدثت يف الفصل الثاين يف وظيفة الناظر عند التقييد يف مبحثني:

املبحث األول يف صور التقييد يف وظيفة الناظر. والثاين يف خمالفة الناظر يف النظارة املقيدة.

تقـــــديم

15

- وقسمت الباب الثالث الذي حيمل عنوان: »أجر الناظر« إىل ثالثة فصول:* تناولت يف الفصل األول مرشوعية أجر الناظر وماهيته ومصدره يف ثالثة مباحث:

املبحث األول يف مرشوعية أجر الناظر.املبحث الثاين يف ماهية أجر الناظر.

املبحث الثالث يف مصدر أجر الناظر.* وحتدثت يف الفصل الثاين حول من يقدر أجر الناظر يف مبحثني:

املبحث األول يف تقدير الواقف ألجر الناظر.املبحث الثاين يف تقدير القايض ألجر الناظر.

* وتناولت يف الفصل الثالث موضوع استحقاق األجر يف ثالثة مباحث:املبحث األول يف رشوط استحقاق الناظر األجر.

املبحث الثاين يف وقت استحقاقه األجر.

املبحث الثالث فيام ال يمنع االستحقاق.* وقسمت الباب الرابع الذي حيمل عنوان: »مراقبة الناظر وحماسبته وتضمينه وعزله« إىل

ثالثة فصول:* تكلمت يف الفصل األول عن مراقبة أعامل الناظر وحماسبته يف مبحثني:

املبحث األول يف مراقبة أعامل الناظر.املبحث الثاين يف حماسبة الناظر.

* وحتدثت يف الفصل الثاين عن ضامن الناظر يف ثالثة مباحث:املبحث األول يف صفة يد الناظر.

املبحث الثاين يف احلاالت التي يضمن فيها الناظر.املبحث الثالث يف احلاالت التي ال يضمن فيها الناظر.* وتناولت يف الفصل الثالث عزل الناظر يف مبحثني:

املبحث األول يف العزل القصدي ويشمل عزل الناظر نفسه، وعزل مفوض النظارة الناظر.املبحث الثاين يف العزل احلكمي.

* ويف اخلامتة بينت أهم النتائج التي توصلت إليها يف هذه الدراسة.

النظارة على الوقف

16

التمهيديف تعريف �لوقف

وحكمه و�أركانه و�سروطه

النظارة على الوقف

18

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

19

أول: تعريف الوقف:أ( تعريف الوقف لغة:

الوقف يف اللغة مصدر الفعل وقف، ويطلق يف اللغة عىل معان منها:ا فهو واقف: دام قائام)1(. ا ووقوفا 1- خالف اجللوس، يقال: وقف باملكان وقفا

ا: حبسها)2(. 2- احلبس: يقال: وقف األرض عىل املساكني وللمساكني وقفاالسوار ما كان، واجلمع بل)3( والعاج)4(، وقيل: هو الذ السوار من السوار: قيل: هو -3

ا إذا جعلت يف يدهيا الوقف، أي: السوار)5(. وقوف، يقال: وقفت املرأة توقيفابل وغريمها، وأكثر ما يكون من الذبل)6(. 4- اخللخال: إذا كان من يشء من الفضة والذ

5- ما يستدبر بحافة الرتس من قرن أو حديد وشبهه)7(.وال يقال يف يشء مما سبق أوقف فهي لغة رديئة، إال أهنم يقولون للذي يكون يف يشء

ثم ينزع عنه قد أوقف)8(.فيه- كان الذي األمر عن أوقف -أي سكت، وأوقف: املحيط: القاموس يف جاء

أمسك وأقلع، وليس يف فصيح الكالم أوقف إال هلذا املعنى)9(.ب( تعريف الوقف اصطالحا:

اختلف الفقهاء يف تعريفه:ولو باملنفعة والتصدق الواقف ملك حكم عىل العني »حبس بأنه: احلنفية فعرفه أ- يف ولو باملنفعة والتصدق تعاىل اهلل ملك حكم عىل العني »حبس هو أو اجلملة«. يف

)1( القاموس املحيط 205/3، ط مطبعة السعادة بمرص؛ ولسان العرب 359/9، ط دار صادر، بريوت.)2( املرجع السابق.

بل: يشء كالعاج، وهو ظهر السلحفاة البحرية يتخذ منه السوار )انظر: خمتار الصحاح 220، ط دار الكتاب العريب - )3( الذبريوت، 1967م(.

)4( العاج: عظم الفيل، الواحدة عاجة، )انظر: خمتار الصحاح 460(.)5( القاموس املحيط يف رشحه تاج العروس 268/6، ط دار صادر، بريوت، 1966م، ولسان العرب 361/9، ومعجم

مقاييس اللغة 135/6، ط عيسى احللبي، 1371هـ.)6( لسان العرب 361/9.

)7( القاموس املحيط 205/3، ولسان العرب 362/9.)8( معجم مقاييس اللغة 135/6، ولسان العرب 360/9، والصحاح 1440/4هـ، ط دار الكتاب العريب بمرص.

)9( القاموس املحيط 205/3.

النظارة على الوقف

20

اجلملة«)1(.وعرفه شمس األئمة الرسخيس)2( بأنه: »عبارة عن حبس اململوك عن التمليك من الغري«)3(.ا بقاؤه يف ملك معطيه ولو ب- وعرفه املالكية بأنه: »إعطاء منفعة يشء مدة وجوده الزماا«)4(. ا بقاؤه يف ملك معطيه ولو تقديرا ا، أو هو ما أعطيت منفعته مدة وجوده الزما تقديراأو هو »إعطاء املنافع عىل سبيل التأبيد«)5(. أو هو »جعل منفعة مملوك ولو بأجرة أو غلته

ملستحق بصيغة مدة ما يراه املحبس«)6(.أو هو »عطية مؤبدة املنفعة«)7(. بأنه: هو »أن حيبس األصل ويسبل الشافعية ج- وعرفه برشوط معروفة«)8(. أو هو »حبس مال يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه بقطع الترصف

يف رقبته عىل مرصف مباح«)9(.

الواقف عن أبو حنيفة من عدم زوال ملك اإلمام إليه ما ذهب مع يتفق األول والتعريف احلنفية، تعريف معظم )1( هذا قوله ابن عابدين: قال الوقف. الواقف عن الصاحبان من زوال ملك إليه ما ذهب يتفق مع الثاين والتعريف الوقف، )ولو يف اجلملة( ليدخل فيه الوقف عىل نفسه ثم عىل الفقراء، وكذا الوقف عىل األغنياء ثم الفقراء، فلو وقف عىل األغنياء وحدهم مل جيز ألنه ليس بقربة، أما لو جعل آخره للفقراء فإنه يكون قربة يف اجلملة )انظر: الدر املختار مع حاشية ابن عابدين 357/3، ط بوالق، 1272هـ، واهلداية مع رشح فتح القدير 419/5، ط امليمنية، 1306هـ، كنز احلقائق مع ط بعدها، وما 663/1 األهنر جممع رشحه مع األبحر ملتقى 1313هـ، األمريية، ط ،325/3 احلقائق تبيني رشحه

املطبعة العثامنية، 1327هـ، االختيار لتعليل املختار 40/3، ط دار املعرفة.)2( الرسخيس )؟ - 483هـ( هو حممد بن أمحد بن أيب سهل، أبو بكر الرسخيس، شمس األئمة، أحد األئمة الكبار عند احلنفية، كان حجة متكلاما أصوليا، لزم شمس األئمة احللواين حتى خترج عليه وصار أنظر أهل زمانه، أمىل كتابه »املبسوط« من حفظه وهو يف السجن بأوزجند. من تصانيفه: »املبسوط« يف الفقه، رشح فيه كتاب الكايف للحاكم الشهيد، الذي مجع فيه كتب »ظاهر الرواية« لإلمام حممد بن احلسن، و»رشح السري الكبري« لإلمام حممد بن احلسن ]الفوائد البهية ص 158، ط

دار املعرفة، واجلواهر املضية 78/3 ط هجرة، 1993م[.)3( املبسوط، 27/12، ط مطبعة السعادة بمرص، 1331هـ.

)4( هذا تعريف ابن عرفة. انظر: رشح اخلريش عىل خمترص خليل 78/7، ط األمريية ببوالق، 1317هـ؛ ومواهب اجلليل لرشح خمترص خليل 18/6، ط مكتبة النجاح - ليبيا.

)5( هذا تعريف ابن عبد السالم، انظر: مواهب اجلليل 18/6، وكفاية الطالب الرباين لرسالة ابن أيب زيد القريواين 20/2، ط مصطفى احللبي، 1938م.

)6( هذا تعريف الدردير، انظر: الرشح الصغري عىل أقرب املسالك إىل مذهب اإلمام مالك مع حاشية الصاوي 98/4، دار املعارف - القاهرة.

)7( هذا تعريف املاوردي، انظر: احلاوي الكبري 368/9، ط دار الفكر، 1994م.)8( هذا تعريف النووي، انظر: هتذيب األسامء واللغات 194/4، ط املنريية.

)9( هذا تعريف الشيخ زكريا األنصاري. انظر: رشح املنهج مع حاشية اجلمل 576/3، ط املكتبة التجارية الكربى بالقاهرة، 1357هـ، وحتفة املحتاج 235/6، ط امليمنية، 1315هـ، وحاشية القليويب عىل رشح املحىل 97/3، ط عيسى احللبي،

وهناية املحتاج 358/5، ط مصطفى احللبي، 1967م، ومغني املحتاج 376/2، ط مصطفى احللبي، 1958م.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

21

أو هو »حتبيس مالك مطلق الثمرة«)1(. بأنه: »حتبيس األصل وتسبيل احلنابلة د- وعرفه الترصف ماله املنتفع به مع بقاء عينه بقطع ترصف الواقف وغريه يف رقبته، يرصف ريعه

ا إىل اهلل تعاىل«)2(. إىل جهة بر تقرباهـ- وعرفه الزيدية بأنه: »حبس خمصوص عىل وجه خمصوص بنية القربة«. أو هو حبس

خمصوص من شخص خمصوص يف عني خمصوصة عىل وجه خمصوص بنية القربة«)3(.و- وعرفه اإلمامية بأنه: »حتبيس األصل وإطالق املنفعة«)4(. وعرف بعضهم الوقف بأنه:

»الصدقة اجلارية«)5(.واعرتض هذا التعريف بأنه غري مانع، حيث إنه صادق عىل نذر الصدقة والوصية هبا)6(.

ز- وعرفه اإلباضية بأنه: »وقف مال يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه بقطع ترصف الواقف ا إىل اهلل تعاىل«)7(. وغريه يف رقبته لرصف منافعه يف جهة خري تقربا

التعريف املختار:نالحظ مما سبق أن فقهاء املذاهب عرفوا الوقف بأكثر من تعريف يف داخل املذهب

الواحد إال الظاهرية فلم يعرفوه)8(.واملختار عندي من هذه التعاريف هو »حتبيس األصل وتسبيل املنفعة« ملا يأيت:

أ- ألن املعرف لليشء هو الذي يسلتزم تصوره تصور ذلك اليشء وامتيازه عن كل ما عداه، واملراد بالتصور هنا التصور بكنه احلقيقة وليس املراد بتصور اليشء تصوره بوجه ما،

)1( هذا تعريف ابن قدامة، انظر: املغني 184/8، ط هجر، 1992م.منتهى رشح وانظر السلفية، املطبعة ط ،185 ص املقنع، أحكام حترير يف املشبع التنقيح انظر: املرداوي، تعريف هذا )2(اإلرادات 489/2، ط عامل الكتب، وكشاف القناع 240/4، ط دار الفكر، بريوت، 1982م، واملطلع عىل أبواب املقنع

ص 285، ط املكتب اإلسالمي، 1965م.بالقاهرة، حجازي مطبعة ط ،458/3 األطهار األئمة فقه يف األزهار لكامئم املدرار الغيث من املنتزع األزهار رشح )3(

1357هـ.)4( املبسوط يف فقه اإلمامية أليب جعفر الطويس 286/3، ط دار الكتاب اإلسالمي - بريوت، واللمعة الدمشقية مع رشحها واحلرام احلالل مسائل يف اإلسالم ورشائع 1992م، بريوت، العريب، الرتاث إحياء دار ط ،163/3 البهية الروضة الرضوية املطبعة العالمة 2/9، ط قواعد الكرامة يف رشح ومفتاح النجف، 1969م، اآلداب يف مطبعة 211/2، ط

بالقاهرة 1324هـ.)5( مفتاح الكرامة 2/9، والروضة البهية 163/3.

)6( مفتاح الكرامة 2/9.)7( رشح كتاب النيل وشفاء العليل 453/12-454، ط دار الفتح، بريوت، 1972م.

)8( انظر: املحىل البن حزم، 175/9.

النظارة على الوقف

22

والتعريف املختار حيقق ذلك، أما التعاريف األخرى فقد أدخل أصحاهبا فيها رشوط الوقف، وهي أمور زائدة عىل حقيقة الوقف ففي ذكرها تطويل للوقف من غري حاجة.

بن لعمر -ملسو هيلع هللا ىلص- النبي قول وهو النبوي، للفظ موافقة التعريف هذا ألفاظ وألن ب- اخلطاب ريض اهلل عنه: »إن شئت حبست أصلها وتصدقت هبا«)1(.

ثانيا: حكمه وأدلة مرشوعيته وحكمته:أ( حكمه وأدلة مرشوعيته:

اختلف الفقهاء يف مرشوعية الوقف عىل قولني:* القول األول: جلمهور الفقهاء )املالكية)2( والشافعية)3( واحلنابلة)4( والظاهرية)5( والزيدية)6( واإلمامية)7( ومجهور احلنفية)8((، وهو أن الوقف مرشوع عىل سبيل الندب واالستحباب.

واستدلوا عىل ذلك بالكتاب والسنة وعمل الصحابة:.)9(﴾ ا تبون تنفقوا مم 1( أما الكتاب فقول اهلل تعاىل: ﴿لن تنالوا ٱلب حت

ووجه الداللة: أن اهلل -تعاىل- يأمر عباده باإلنفاق من أنفس أمواهلم ويعلق دخوهلم اجلنة عىل ذلك، والوقف يدخل يف عموم اإلنفاق، بل إن بعض الصحابة -ريض اهلل تعاىل- عنهم- فهم من هذه اآلية األمر بالوقف. فقد روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن ﴾ جاء أبو طلحة ا تبون تنفقوا مم مالك ريض اهلل عنه قال: »ملا نزلت ﴿لن تنالوا ٱلب حتإىل رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- فقال: يا رسول اهلل يقول اهلل تبارك وتعاىل يف كتابه: ﴿لن تنالوا ٱلب ﴾ وإن أحب أموايل إيل بريحاء -قال: وكانت حديقة كان رسول ا تبون مم تنفقوا حتاهلل ملسو هيلع هللا ىلص يدخلها ويستظل هبا ويرشب من مائها- فهي إىل اهلل عز وجل وإىل رسوله ملسو هيلع هللا ىلص:

)1( حديث: »إن شئت حبست أصلها ...«، أخرجه البخاري يف كتاب الرشوط باب الرشوط يف الوقف )صحيح البخاري الوقف )صحيح مسلم 1255/3- باب الوصية كتاب بريوت(. ومسلم يف - العريب الرتاث إحياء دار 285/2، ط

1256، ط عيسى احللبي، 1955م(.)2( الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 75/4، ط عيسى احللبي.

)3( هناية املحتاج 358/5، ط مصطفى احللبي، 1967م.)4( املغني البن قدامة 184/8، ط هجر، 1992م.

)5( املحىل البن حزم 175/9، ط املنريية، 1351هـ.)6( البحر الزخار 146/4، ط مطبعة السنة املحمدية، 1949م.

)7( مفتاح الكرامة يف رشح قواعد العالمة 3/9، ط املطبعة الرضوية بالقاهرة، 1324هـ.)8( اهلداية مع رشوحها 416/5، ط املطبعة امليمنية، 1306هـ، واالختيار لتعليل املختار 40/3، ط دار املعرفة بريوت، 1975م.

)9( سورة آل عمران/92.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

23

ه وذخره، فضعها -أي: رسول اهلل- حيث أراك اهلل، فقال رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص: »بخ يا أرجو برأبا طلحة، ذلك مال رابح قبلناه منك ورددناه عليك فاجعله يف األقربني«، فتصدق به أبو

طلحة عىل ذوي رمحه«)1(.2( وأما السنة فأحاديث كثرية، منها ما يأيت:

أ( ما رواه البخاري وغريه من حديث عمرو بن احلارث قال: »ما ترك رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص عند ا ا وال أمة وال شيئاا إال بغلته البيضاء وسالحه وأرضا ا، وال عبدا ا وال دينارا موته درمهاجعلها صدقة«)2(. ووجه الداللة: أن النبي -ملسو هيلع هللا ىلص- قد سبل األرض يف حياته وجعلها

ا فدل ذلك عىل مرشوعية الوقف)3(. وقفاب( ما رواه البيهقي من حديث عائشة ريض اهلل عنها: »أن رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- جعل سبع

حيطان له باملدينة صدقة عىل بني عبد املطلب وبني هاشم«)4(.وهذا احلديث نص يف مرشوعية الوقف لفعله ملسو هيلع هللا ىلص.

مناقشة هذه األدلة:اعرتض احلنفية عىل هذا احلديث والذي قبله، بأن وقف رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- إنام جاز ألن ا عن فرائض اهلل عز وجل، ووقفه -ملسو هيلع هللا ىلص- مل يقع املانع من جواز الوقف هو وقوعه حبسا

ا عن فرائض اهلل تعاىل، لقوله ملسو هيلع هللا ىلص: »إنا معارش األنبياء ال نورث ما تركناه صدقة«)5(. حبسا

)1( أخرجه البخاري يف كتاب الوصايا، باب من تصدق عىل وكيله ثم رد الوكيل إىل )صحيح البخاري 292/2-293، ط دار إحياء الرتاث العريب - بريوت(. ومسلم يف كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة عىل األقربني والزوج واألوالد

والوالدين ولو كانوا مرشكني )صحيح مسلم 693/2، ط عيسى احللبي، 1955م بتحقيق حممد فؤاد عبد الباقي(.)2( حديث: »ما ترك رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- عند موته ...«، أخرجه البخاري يف كتاب الوصايا، باب الوصايا، وقول النبي ملسو هيلع هللا ىلص: »وصية الرجل مكتوبة عنده«، )صحيح البخاري 286/2، ط دار إحياء الرتاث العريب - بريوت(. والنسائي يف كتاب األحباس )سنن النسائي 229/6، ط دار البشائر اإلسالمية - بريوت، 1986م، بتحقيق: عبد الفتاح أبو غدة(. والدار قطني يف كتاب األحباس )سنن الدار قطني 185/4، ط دار املحاسن بالقاهرة، 1966م، بتحقيق: السيد عبد اهلل هاشم

يامين(، واللفظ للبخاري.)3( انظر: فتح الباري رشح صحيح البخاري 360/5، ط السلفية.

)السنن املحرمات الصدقات باب الوقف، كتاب يف البيهقي أخرجه »... حيطان سبع جعل اهلل رسول »أن حديث: )4(الكربى، 160/6، ط جملس دائرة املعارف العثامنية بحيدر أباد - اهلند، 1352هـ(. ويف إسناده احلسن ابن زياد اهلمداين،

وهو جمهول وبقية رجاله ثقات.)5( بدائع الصنائع 219/6، وحديث: »إنا معارش األنبياء ...«، أخرجه البخاري يف كتاب الفرائض، باب قول النبي ملسو هيلع هللا ىلص: »ال نورث ما تركناه صدقة«، من غري لفظ »إنا معارش األنبياء« )صحيح البخاري 236/4(. والنسائي يف كتاب قسم الفيء

)سنن النسائي 136/7(.

النظارة على الوقف

24

ج( كام استدلوا عىل املرشوعية بام رواه البخاري ومسلم من حديث عبد اهلل بن عمر، ريض يا النبي -ملسو هيلع هللا ىلص- يستأمره فيها، فقال: ا بخيرب، فأتى اهلل عنهام قال: »أصاب عمر أرضاا بخيرب مل أصب ماالا قط أنفس عندي منه فام تأمرين به؟ قال: رسول اهلل إين أصبت أرضا»إن شئت حبست أصلها وتصدقت هبا«، قال: وتصدق هبا عمر أنه ال يباع أصلها وال يبتاع وال يورث وال يوهب، قال فتصدق عمر يف الفقراء ويف القربى ويف الرقاب ويف سبيل اهلل وابن السبيل والضيف، ال جناح عىل من وليها أن يأكل منها باملعروف ويطعم

ا غري متمول فيه«)1(. صديقادليل عىل صحة احلديث بقوله: يف هذا احلديث الداللة من النووي)2( وجه وحكى أصل الوقف وأنه خمالف لشوائب اجلاهلية، وهذا مذهبنا ومذهب اجلامهري ... وفيه

فضيلة الوقف وهي الصدقة اجلارية)3(.د( وبام رواه مسلم وأبو داود والرتمذي من حديث أيب هريرة -ريض اهلل عنه- أن رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص قال: »إذا مات اإلنسان انقطع عنه عمله إال من ثالثة: إال من صدقة جارية أو

علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له«)4(.قال النووي: الصدقة اجلارية هي الوقف، ويف احلديث دليل عىل صحة أصل الوقف

وعظيم ثوابه)5(.ا بخيرب ...«، أخرجه البخاري يف كتاب الرشوط، باب الرشوط يف الوقف )صحيح البخاري )1( حديث: »أصاب عمر أرضا285/2، ط دار إحياء الرتاث العريب - بريوت(. ومسلم يف كتاب الوصية، باب الوقف )صحيح مسلم، 1255/3-

1256، ط عيسى احللبي، 1955م(، واللفظ ملسلم. وقوله: )غري متمول( حال من قوله )من وليها( أي أكله وطعامه ال يكون عىل وجه التمول، بل ال يتجاوز املعتاد. )انظر: عمدة القاري رشح صحيح البخاري للعيني، 24/14، ط املنريية(.)2( النووي )631-676هـ( هو حييى بن رشف بن مري بن حسن النووي، أبو زكريا، حميي الدين، من أهل نوى من قرى والتابعني الصحابة وأقوال بالعربية عاملاا ا حمدثا له ا حمررا وأصوله الشافعي ملذهب حافظاا كان دمشق، جنويب حوران املغريب الدين إسحاق الفقه عن كامل أخذ أيب شامة، بعد موت احلديث األرشفية دار العلامء ووفاقهم، ويل واختالف وشمس الدين عبد الرمحن بن نوح املقديس وغريهم، وأخذ أصول الفقه عن القايض أيب الفتح التفلييس، وأخذ احلديث »الروضة«، تصانيفه: من ا. وتصحيحا ا رشحا املشايخ عىل ا درسا عرش اثني يوم كل يقرأ كان احلفاظ، من مجاعة عن و»املنهاج«، و«رشح املهذب« ومل يكمله وكلها يف الفقه، و»املنهاج يف رشح صحيح مسلم«، و»كتاب األذكار« وغريها

]طبقات الشافعية البن قايض شهبة 153/2، ط عامل الكتب، 1987م، واألعالم، 149/8[.)3( رشح صحيح مسلم للنووي 86/11، ط املطبعة املرصية باألزهر، 1930م.

)4( حديث: »إذا مات اإلنسان ...«، أخرجه مسلم يف كتاب الوصية، باب ما يلحق اإلنسان من الثواب بعد وفاته )صحيح مسلم 1255/3، ط عيسى احللبي، 1955م(.وأبو داود يف كتاب الوصايا، باب فيام جاء يف الصدقة عن امليت )سنن أيب داود 106/2، ط مصطفى احللبي، 1952م(. والرتمذي يف كتاب األحكام، باب يف الوقف )سنن الرتمذي 660/3، ط

مصطفى احللبي، 1937م، بتحقيق: حممد فؤاد عبد الباقي(.)5( رشح صحيح مسلم للنووي 85/11، ط املطبعة املرصية باألزهر، 1930م، وانظر: مغنى املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ

املنهاج 367/2، ط مصطفى احللبي، 1958م، وهناية املحتاج، 359/5، ط مصطفى احللبي، 1967م.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

25

3( أما عمل الصحابة فقد وقف كثري منهم فدل ذلك عىل مرشوعية الوقف)1(، قال جابر ريض اهلل عنه: مل يكن أحد من أصحاب النبي -ملسو هيلع هللا ىلص- ذا مقدرة إال وقف)2(.

وقد أول احلنفية أوقاف الصحابة ريض اهلل عنهم بأن ما كان منها يف زمن رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص ا عن فرائض اهلل تعاىل، وما كان احتمل أهنا كانت قبل نزول سورة النساء فلم تقع حبسابعد وفاته عليه الصالة والسالم احتمل أن ورثتهم أمضوها باإلجازة وهذا هو الظاهر)3(.

أن عنهم- اهلل -ريض عباس وابن وعيل مسعود كابن الصحابة بعض نقل عن وقد مرشوعية الوقف خاصة بالسالح والكراع فقط دون غريمها من األشياء، مستدلني عىل

ذلك بام صح عن النبي -ملسو هيلع هللا ىلص- أنه كان جيعل ما فضل من قوته يف السالح والكراع)4(.* القول الثاين: للقايض رشيح)5( وأيب حنيفة)6( يف قول)7(، واإلباضية)8(، وهو أن الوقف

غري مرشوع. قال اإلمام أمحد)9(: وهذا مذهب أهل الكوفة)10(.

)1( االختيار لتعليل املختار 40/3، ط دار املعرفة، 1975م، وتبيني احلقائق 325/3، ط بوالق، 1313هـ، واملغني 186/8، ط هجرة 1992م، ومفتاح الكرامة 3/9، ط املطبعة الرضوية بالقاهرة 1324هـ، ورشح األزهار 458/3، ط مطبعة

حجازي بالقاهرة، 1357هـ.)2( املغني البن قدامة 185/8، ط هجر، 1992م.

)3( بدائع الصنائع، 219/6.)4( املحىل البن حزم 175/9، ط املطبعة املنريية، 1351هـ.

)5( القايض رشيح )؟-78هـ( هو رشيح بن احلارث بن قيس بن اجلهم الكندي، أبو أمية، أسلم يف حياة النبي ملسو هيلع هللا ىلص، وانتقل من ا اليمن زمن الصديق، واله عمر قضاء الكوفة واستمر عليه إىل عهد معاوية واستعفى يف أيام احلجاج فأعفاه، كان فقيهاا وكان له دربة يف القضاء بالغة حتى قال له اإلمام عيل ريض اهلل عنه: أنت أقىض العرب ]سري أعالم النبالء ا شاعرا نبيها

للذهبي 100/4، ط مؤسسة الرسالة، 1981م، وشذرات الذهب 85/1، ط مكتبة القديس، 1350هـ[.)6( أبو حنيفة )80-150هـ( هو النعامن بن ثابت بن كاوس بن هرمز، الفقيه املجتهد، أحد األئمة األربعة، قيل: أصله من فارس، ولد ونشأ يف الكوفة، قال فيه اإلمام مالك: »رأيت رجالا لو كلمته يف هذه السارية أن جيعلها ذهباا لقام بحجته«، وقال الشافعي: »الناس يف الفقه عيال عىل أيب حنيفة«. له »مسند« يف احلديث، وكتاب »املخارج« يف احليل، وتنسب إليه رسالة

»الفقه األكرب يف االعتقاد« ]اجلواهر املضية 49/1 وما بعدها، وهتذيب األسامء واللغات 216/2، ط املطبعة املنريية[.)7( رشح فتح القدير، 419/5.

)8( رشح كتاب النيل وشفاء العليل 453/12، ط دار الفتح، بريوت، 1972م، واإليضاح 225/8، ط وزارة الرتاث القومي والثقافة بسلطنة عامن، 1983م.

)9( اإلمام أمحد )164-241هـ( هو أمحد بن حممد بن حنبل الشيباين، أبو عبد اهلل، من بني ذهل بن شيبان الذين ينتمون إىل قبيلة بكر بن وائل، الفقيه املجتهد إمام املذهب احلنبيل، أصله من مرو وولد يف بغداد، امتحن يف أيام املأمون واملعتصم ليقول بخلق القرآن فأبى وأظهر اهلل عىل يديه مذهب أهل السنة، قال الشافعي: أمحد إمام يف ثامين خصال: إمام يف احلديث، الفقر، إمام يف الزهد، إمام يف الورع، إمام يف السنة. من مصنفاته: القرآن، إمام يف اللغة، إمام يف الفقه، إمام يف إمام يف السنة احلنابلة البن أيب يعىل 4/1، ط مطبعة الصحابة« وغريها ]طبقات »املسند«، و»املسائل«، و«األرشبة« و»فضائل

املحمدية، 1952م، واألعالم 192/1، ط دار العلم للماليني بريوت، 1980م[.الوقف هلالل امليمنية، 1306هـ، وأحكام القدير 419/5، ط املغني البن قدامة 185/8، ط هجر، 1992م، ورشح فتح )10(الرأي ص5، ط مطبعة دائرة املعارف العثامنية بحيدر آباد، اهلند، 1335هـ، واملحىل البن حزم، 175/9، ط املنريية، 1351هـ.

النظارة على الوقف

26

واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:1( ما رواه البيهقي وغريه من حديث ابن عباس -ريض اهلل تعاىل عنهام- قال: »سمعت يقول: ال الفرائض فيها النساء وفرض أنزلت سورة ما بعد يقول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- رسول

حبس بعد سورة النساء«)1(.2( وما رواه البيهقي بسنده من حديث ابن عباس -ريض اهلل تعاىل عنهام- قال: قال رسول

اهلل ملسو هيلع هللا ىلص: »ال حبس عن فرائض اهلل«)2(.3( وما رواه الطرباين من حديث فضالة بن عبيد عن رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- قال: »ال حبس«)3(.

موت بعد حيبس مال ال أي: الكاساين)4(: قاله ما النصوص هذه من الداللة ووجه القسمة بني ورثته، والوقف حبس عن فرائض اهلل تعاىل عز شأنه، فكان صاحبه عن

ا)5(. منفيا رشعامناقشة هذه األدلة:

وقد رد القائلون بمرشوعية الوقف عىل هذه األحاديث بأن احلبس املنفي هنا هو غري احلبس املثبت يف األحاديث األخرى، فال تعارض؛ ألن املقصود من احلبس يف األحاديث النافية له هو ما كان يفعله العرب يف جاهليتهم من حبس البهائم وهي البحرية)6( والسائبة)7(

)1( حديث: »ال حبس بعد سورة النساء«، أخرجه البيهقي يف كتاب الوقف، باب من قال ال حبس عن فرائض اهلل عز وجل الزوائد جممع يف اهليثمي وأورده 1352هـ(، اهلند، آباد، بحيدر العثامنية املعارف دائرة جملس ط ،162/6( وضعفه

)2/7، ط مكتبة القديس بالقاهرة، 1353هـ(، وعزاه إىل الطرباين.)2( حديث: »ال حبس عن فرائض اهلل«، أخرجه البيهقي يف كتاب الوقف، باب من قال ال حبس عن فرائض اهلل عز وجل وضعفه )162/6، ط جملس دائرة املعارف العثامنية بحيدر آباد، اهلند، 1352هـ(، وأورده اهليثمي يف جممع الزوائد )3/ط

مكتبة القديس بالقاهرة، 1352هـ(، وعزاه إىل الطرباين يف األوسط.)3( حديث: »ال حبس«، أورده اهليثمي يف جممع الزوائد )129/3، ط مكتبة القديس بالقاهرة، 1352هـ(، وعزاه إىل الطرباين

يف الكبري وضعفه.)4( الكاساين )؟-587هـ( هو أبو بكر بن مسعود بن أمحد، عالء الدين الكاساين نسبة إىل كاسان بلدة بالرتكستان، من أهل ابنه حممود وأمحد الدين السمرقندي، وتفقه عليه أئمة احلنفية، أخذ عن عالء العلامء، فقيه من حلب كان يلقب بملك السمرقندي، لشيخه الفقهاء« كتاب »حتفة فيه الصنائع«، رشح »بدائع تويف بحلب. من تصانيفه: الغزنوي، بن حممود

و»السلطان املبني يف أصول الدين«.]الفوائد البهية، ص 53، واجلواهر املضية 25/4[.

)5( بدائع الصنائع 219/6.ها للطواغيت فال حيتلبها أحد من الناس، وخييل سبيلها، وهي ابنة السائبة احلادية عرشة. )6( البحرية: هي الناقة التي يمنع در

)7( السائبة: هي الناقة إذا تابعت بني عرش إناث ليس بينهن ذكر مل يركب ظهرها ومل جيز وبرها ومل يرشب لبنها إال ضيف فام نتجت بعد ذلك من أنثى شقت أذهنا وخيل سبيلها مع أمها، فهي البحرية ابنة السائبة.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

27

والوصيلة)1( واحلام)2(، يف حني كان املقصود من احلبس يف األحاديث املثبتة له هو الوقف الذي أرشد رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- عمر لفعله)3(.

تنفيه ما كان يفعله التي وقد أجاب احلنفية عن كون املقصود باحلبس يف األحاديث تعم النفي موضع يف والنكرة نكرة، حبس« »ال ملسو هيلع هللا ىلص: النبي قول بأن اجلاهلية يف العرب

فيتناول كل طريق فيه حبس عن املرياث إال ما قام عليه الدليل)4(.4( وما رواه البيهقي من حديث عبد اهلل بن زيد ريض اهلل عنه: »أنه أتى رسول اهلل فقال: يا رسول اهلل حائطي هذا صدقة وهو إىل اهلل ورسوله، فجاء أبواه، فقاال: يا رسول اهلل كان

قوام عيشنا فرده رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- إليهام، ثم ماتا فورثهام ابنهام بعده«)5(.ووجه الداللة: أن رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- قد رد ما وقفه الصحايب عبد اهلل بن زيد، فدل ذلك

عىل عدم مرشوعية الوقف.

)1( الوصيلة: هو الفحل من اإلبل إذا انقىض رضابه جعلوا عليه من ريش الطواويس وسيبوه.وقيل: الوصيلة الشاة إذا أتأمت عرش إناث متتابعة يف مخسة أبطن ليس بينهن ذكر قالوا: وصلت.

)2( احلام: هو الشاة إذا ولدت أنثى بعد أنثى سيبوها، وقيل هو الفحل إذا نتج من صلبه عرشة أبطن قالوا: قد محى ظهره فال يركب وال يمنع من كأل وال ماء )انظر: اجلامع ألحكام القرآن 330/6، ط دار الكتب املرصية(.

)3( انظر: كتاب األم لإلمام الشافعي 52/4-53، ط مكتبة الكليات األزهرية، 1961م. وجاء فيه: قال اإلمام الشافعي: ملك وهي باطلة فالصدقة وسبلها حمرمة بصدقة تصدق من وقال: املحرمات، الصدقات يف الناس بعض خالفنا للمتصدق يف حياته ولوارثه بعد موته قبضها من تصدق هبا عليه أو مل يقبضها، وقال يل بعض من حيفظ قول قائل هذا: إنا رددنا الصدقات املوقوفات بأمور. قلت له: ما هي؟ فقال: قال رشيح: »جاء حممد -ملسو هيلع هللا ىلص- بإطالق احلبس«. فقلت له: ا إال حبس التحريم، فهل تعرف شيئاا يقع عليه وتعرف احلبس التي جاء رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص بإطالقها؟ قال: ال أعرف حبسااسم احلبس غريها؟ فقلت له: أعرف احلبس التي جاء رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص بإطالقها وهي غري ما ذهبت إليه، وهي بينة يف كتاب اهلل عز وجل. قال: اذكرها. قلت: قال اهلل عز وجل: ﴿ما جعل اهلل من بحرية وال سائبة وال وصيلة وال حام﴾، فهذه احلبس التي كان أهل اجلاهلية حيبسوهنا فأبطل اهلل رشوطهم فيها وأبطلها رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص بإبطال اهلل إياها، وهي أن الرجل كان ا بالعتق له، ويقول يف يقول إذا نتج فحل إبله ثم ألقح فأنتج منه: هو حام أي قد محى ظهره فيحرم ركوبه وجيعل ذلك شبيهاالبحرية والوصيلة عىل معنى يوافق بعض هذا، ويقول لعبده: أنت حر سائبة ال يكون يل والؤك وال عيل عقلك. قال: فهل ا يف البهائم قد سيبتك، فلام كان العتق ال يقع عىل البهائم رد رسول اهلل قيل يف السائبة غري هذا؟ قلت: نعم قيل: إنه أيضاملسو هيلع هللا ىلص ملك البحرية والوصيلة واحلام إىل مالكه، وأثبت العتق وجعل الوالء ملن أعتق السائبة وحكم له بمثل حكم النسب، ا بحبسها وإنام حبس أهل اإلسالم. فالصدقات يلزمها اسم احلبس وليس ا تربرا ا وال أرضا ومل حيبس أهل اجلاهلية علمته دارالك أن خترج مما لزمه اسم احلبس شيئاا إال بخرب عن رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص يدل عىل ما قلت. ثم أورد قصة عمر بن اخلطاب وقول النبي ملسو هيلع هللا ىلص: »حبس األصل وسبل الثمرة«. فقال الرجل: إن كان هذا ثابتاا فال جيوز إال أن تكون احلبس التي أطلق غري احلبس

التي أمر بحبسها.)4( املبسوط 29/12، ط مطبعة السعادة بمرص، 1331هـ، والعناية عىل اهلداية مطبوع هبامش رشح فتح القدير 422/5، ط امليمنية،

1306هـ.)5( حديث: »يا رسول اهلل حائطي هذا صدقة ...«، أخرجه البيهقي يف كتاب الوقف، باب من قال ال حبس عن فرائض اهلل عز

وجل وضعفه )163/6، ط جملس دائرة املعارف العثامنية بحيدر آباد، اهلند، 1352هـ(.

النظارة على الوقف

28

5( وما رواه البيهقي وابن أيب شيبة عن رشيح قال: »جاء حممد بمنع احلبس«)1(.قال ابن اهلامم)2(: رشيح من كبار التابعني وقد رفع احلديث فهو حديث مرسل حيتج به

من حيتج باملرسل)3(.وقال الكرالين)4(: وطريق االستدالل بقول رشيح رمحه اهلل: إن هذا ال يعلم إال بطريق

التوقيف فيحمل عىل السامع)5(.الرتجيح:

مما سبق ذكره نرى ترجيح ما ذهب إليه مجاهري الفقهاء من القول بمرشوعية الوقف؛ هبا استدل التي األحاديث ولضعف الوقف، مرشوعية عىل الصحيحة األدلة لرصيح

القائلون بعدم مرشوعيته من حيث الرواية وتأويلها من حيث الدراية.قال النساء« بعد سورة ففي احلديث األول: »ال حبس الرواية، أما ضعفها من حيث أ( البيهقي بعد أن أخرجه: قال عيل بن عمر )الدار قطني( مل يسنده غري ابن هليعة عن أخيه

ومها ضعيفان، وهذا اللفظ إنام يعرف من قول رشيح القايض)6(.ويف إسناد احلديث الثاين: »ال حبس عن فرائض اهلل« املقدام بن داود وهو ضعيف)7(.

)1( قول رشيح: »جاء حممد بمنع احلبس«، أخرجه البيهقي يف كتاب الوقف، باب من قال ال حبس عن فرائض اهلل عز وجل، آباد، اهلند، )1352هـ(، وابن أيب شيبة )املصنف يف العثامنية بحيدر املعارف )السنن الكربى 163/6، ط جملس دائرة األحاديث واآلثار 251/6، ط الدار السلفية - بومباي، اهلند، 1980م(. ورجاله ثقات )انظر: توثيق رجاله يف تقريب

التهذيب البن حجر، ص 316، 576، 614، 674، 685، ط دار ابن حزم - بريوت، 1999م(.)2( ابن اهلامم )790-861هـ( هو حممد بن عبد الواحد بن عبد احلميد، كامل الدين الشهري بابن اهلامم، السكندري، إمام من ا كالميا منطقيا، أخذ الفقه عن رساج الدين عمر بن عيل الشهري بقارئ ا حافظاا نحوي ا مفرسا فقهاء احلنفية، كان أصولياا حمدثااهلداية وغريه، وأخذ احلديث عن أيب زرعة العراقي، وويل من الوظائف تدريس الفقه باملنصورية واألرفية والشيخونية. ]الفوائد العقائد اهلداية ومل يكمله، و»التحرير« يف األصول، و»املسايرة« يف فيه القدير« رشح من تصانيفه: »رشح فتح

البهية 180، ط دار املعرفة بريوت، واألعالم 255/6[.)3( رشح فتح القدير 421/5.

)4( الكرالين )؟-767هـ( هو جالل الدين بن شمس الدين اخلوارزمي الكرالين، من فقهاء احلنفية، أخذ عن حسام الدين احلسن السغناقي صاحب النهاية، وعن عبد العزيز البخاري صاحب كشف البزدوي، وأخذ عنه نارص الدين حممد بن شهاب والد حممد البزازي صاحب الفتاوى البزازية وآخرون. من تصانيفه: »الكفاية رشح اهلداية« ]الفوائد البهية 58[.

)5( الكفاية عىل اهلداية مطبوع بذيل رشح فتح القدير 421/5.)6( السنن الكربى 162/6، وقال اهليثمي يف جممع الزوائد: فيه عيسى بن هليعة وهو ضعيف )انظر: جممع الزوائد 2/7، ط

مكتبة القديس بالقاهرة، 1353هـ(.)7( جممع الزوائد للهيثمي 129/3، ط مكتبة القديس بالقاهرة، 1352هـ. وانظر: السنن الكربى للبيهقي 162/6.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

29

ويف إسناد احلديث الثالث: »ال حبس« ابن هليعة وهو ضعيف)1(.وحديث عبد اهلل بن زيد قال فيه البيهقي: هذا مرسل أبو بكر بن زيد مل يدرك عبد اهلل

ابن زيد، وروي من أوجه أخرى كلهن مراسيل)2(.كام أن أثر رشيح مرسل، فتبني أن تلك األحاديث ضعيفة ال تصلح لالحتجاج هبا.

ب( وأما تأويلها عىل فرض صحتها فقد سبق أن بينا أن املقصود باحلبس يف هذه األحاديث هو حبس اجلاهلية، وليس حبس أهل اإلسالم.

إنه فنقول اهلل« فرائض عن حبس »ال ملسو هيلع هللا ىلص: قوله عن واجلواب الطرابليس)3(: يقول حممول عىل أنه ال يمنع أصحاب الفرائض عن فروضهم، التي قدرها اهلل هلم يف سورة النساء بعد املوت؛ بدليل نسخها ملا كانوا عليه من حرماهنم اإلناث قبل نزوهلا وتوريثهم

باملؤاخاة واملواالة مع وجودهن)4(.وندفع ما اعرتض به املخالفون للجمهور بام يأيت:

1( قوهلم: إن النكرة يف سياق النفي تعم، فيتناول كل طريق يكون فيه حبس عن املرياث إال ما قام عليه الدليل، مردود بأن الدليل قد قام عىل مرشوعية الوقف وذلك يف األحاديث

الصحيحة الرصحية التي استند إليها اجلمهور.ا عن فرائض اهلل تعاىل، مردود بأنه عىل هذا 2( وقوهلم: فعل الرسول -ملسو هيلع هللا ىلص- مل يقع حبساا بالنبي ملسو هيلع هللا ىلص، وهذا مل يقل به أحد من العلامء، بل الثابت أن التأويل يكون الوقف خاص

رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- أرشد عمر إىل حتبيس أرضه فدل عىل عدم اخلصوصية.3( وقوهلم: إن أوقاف الصحابة يف زمن الرسول -ملسو هيلع هللا ىلص- حتتمل أهنا كانت قبل نزول سورة ا عن فرائض اهلل تعاىل، مردود بأن سورة النساء أو بعضها نزلت النساء، فلم تقع حبسابعد أحد، وحبس الصحابة بعلم رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- بعد خيرب وبعد نزول املواريث يف

)1( جممع الزوائد 129/3.)2( السنن الكربى للبيهقي 163/6.

فقيه حنفي، ولد يف الطرابليس، الدين، برهان بن عيل، بكر أيب بن بن موسى إبراهيم الطرابليس )853-922هـ( هو )3(طرابلس الشام، وأخذ بدمشق عن مجاعة، وانتقل إىل القاهرة وتويف هبا. من تصانيفه: »اإلسعاف يف أحكام األوقاف«، كشف من املصنفني وآثار املؤلفني أسامء يف العارفني ]هدية »الربهان« ورشحه النعامن«، مذهب يف الرمحن و»مواهب

الظنون للبغدادي 25/5، ط استانبول، 1951م، واألعالم 76/1[.)4( اإلسعاف يف أحكام األوقاف ص 9-10، ط املطبعة اهلندية بالقاهرة، 1320هـ.

النظارة على الوقف

30

سورة النساء)1(.فرتجح بذلك مرشوعية الوقف كام ترجح مذهب القائلني بجوازه.

ب( حكمته:إن اهلل -سبحانه وتعاىل- هو املرشع يف اإلسالم، واهلل -سبحانه وتعاىل- عندما يرشع حكاما ال يفعل ذلك عبثاا، وإنام حلكمة ومصلحة تعودان بالنفع عىل العباد والبالد، وترشيع الوقف ترشيع حكم ومن واملصلحة، احلكمة من خيلو ال الترشيعات من كغريه الوقف

وفوائده ما يأيت:ا لإلنسان الواقف بعد موته، فإذا أراد اإلنسان أن يستمر عمله وينال ثوابه ففي 1( أنه حيقق نفعا»إذا مات فقال: بذلك النبي -ملسو هيلع هللا ىلص- الغرض، وقد رصح له هذا ما حيقق الوقف ترشيع اإلنسان انقطع عنه عمله إال من ثالثة: إال من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح

يدعو له«)2(.والصدقة اجلارية هي الوقف)3(.

وهذا من رمحة اهلل الواسعة إذ جعل لإلنسان نوافذ يستطيع من خالهلا أن ينال األجر بعد وفاته وانقطاع عمله.

ا بذلك الصدقة املنقطعة فإن ا للموقوف عليهم يتكرر ويتجدد متجاوزا 2( وألنه حيقق نفعانفعها يقع ملرة واحدة، وأصدق وصف له هو ما وصفه به النبي -ملسو هيلع هللا ىلص- بأنه صدقة جارية.

ولذا اضطلع الوقف يف العصور اإلسالمية املختلفة بدور كبري يف تنمية املجتمع وتطوره وازدهاره، فكانت تقام املشاريع املختلفة كاملساجد واملدارس واملستشفيات ونحوها، منتظمة ألفراد هلا االستمرارية وتقديم اخلدمات بصورة التي حتقق أوقافها هلا وتقام

املجتمع.3( وألن الواقف يستطيع من خالل الوقف إيصال بره وعطفه إىل أحبابه ومن قامت بينه وبينهم عالقة الود واملحبة، فرييد أن يربهم ويمد هلم اخلري بعد وفاته فكان يف ترشيع

الوقف ما حيقق رغبته ويوصل عمله.

)1( املحىل البن حزم 177/9-178، ط املنريية، 1351هـ.)2( حديث: »إذا مات اإلنسان ...«، تقدم خترجيه، ص 15.

)3( رشح صحيح مسلم للنووي 85/11، ط املطبعة املرصية باألزهر، 1930م. وانظر: مغني املحتاج 376/2.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

31

ثالثا: أركان الوقف)1( ورشوطه)2(:أ( أركانه:

اختلف الفقهاء يف حتديد أركان الوقف عىل قولني:والزيدية)6( واحلنابلة)5( والشافعية)4( -املالكية)3( الفقهاء جلمهور األول: القول *واإلمامية)7(- وهو أن أركان الوقف أربعة، وهي: الصيغة والواقف واملوقوف واملوقوف عليه.وهي الصيغة، وهو فقط ا واحدا ركناا للوقف أن وهو للحنفية)8(، الثاين: القول *

األلفاظ اخلاصة الدالة عليه.وهذا اخلالف ال يرتتب عليه ثمرة فقهية، فهو إىل اخلالف اللفظي أقرب، فإن احلنفية ال ينكرون وجود بقية األركان بل يذكروهنا ويتكلمون عىل رشوطها بالتفصيل إال أهنم ال

يعتربوهنا أركاناا.

)1( الركن يف اللغة: اجلانب القوي، واألمر العظيم، وما يقوى به من ملك وجند وغريمها، والعز واملنعة )انظر: القاموس املحيط 229/4، ولسان العرب 185/13(. وركن اليشء يف االصطالح: ما ال وجود لذلك اليشء إال به. وهو اجلزء الثاين الذي ترتكب املاهية منه ومن غريه بحيث يتوقف تقومها عليه )التعريفات للجرجاين ص 99، ط مصطفى احللبي، والكليات للكفوي 395/2، ط وزارة الثقافة واإلرشاد القومي - دمشق الطبعة الثانية، وكشف األرسار عن أصول فخر اإلسالم، البزدوي 611/3، ط دار الكتاب العريب - بريوت، 1991م، وحاشية ابن عابدين 61/1، 64، وحاشية اجلمل عىل رشح

املنهج 328/1، ط املكتبة التجارية الكربى بالقاهرة، 1357هـ، ورشح روض الطالب 140/1، ط املكتبة اإلسالمية(.)2( الرشط يف اللغة: إلزام اليشء والتزامه )انظر: القاموس املحيط 368/2، ولسان العرب 329/7، واملصباح املنري 309، ط ا عرفه ابن السبكي بقوله: »هو ما يلزم من عدمه العدم وال يلزم من العلمية، بريوت، 1994م(. واصطالحا دار الكتب وجوده وجود وال عدم لذاته«. وقال ابن احلاجب: »الرشط هو ما استلزم نفيه نفي أمر عىل غري جهة السببية«، وهو اختيار العالمة أمري بادشاه شارح التحرير )انظر: رشح املحىل عىل مجع اجلوامع مع حاشية البناين 20/2، ط مصطفى احللبي، التفتازاين عىل رشح خمترص املنتهى 12/2، ط جامعة السيد حممد السنويس - ليبيا، 1986م، وتيسري التحرير وحاشية ا بني الركن والرشط: 120/2، 148، ط مصطفى احللبي، 1350هـ، واملنثور يف القواعد 370/1(. قال الكاساين مفرقاللمركب، ركناا منها معنى كان كل اجتامعها عند عليها املركب اسم ينطلق متغايرة معان من أن كل مرتكب واألصل كأركان البيت يف املحسوسات واإلجياب والقبول يف باب البيع يف املرشوعات. وكل ما يتغري اليشء به وال ينطلق عليه اسم

ذلك اليشء كان رشطاا كالشهود يف باب النكاح )انظر: بدائع الصنائع 105/1(.)3( الرشح الكبري هبامش حاشية الدسوقي 77/4، 84، ط عيسى احللبي، والرشح الصغري عىل أقرب املسالك 101/4-

103، ط دار املعارف بالقاهرة.)4( هناية املحتاج إىل رشح املنهاج 359/5، ط مصطفى احللبي 1967م.

)5( رشح منتهى اإلرادات 490/2، ط عامل الكتب، بريوت.)6( رشح األزهار 458/3، ط مطبعة حجازي بالقاهرة 1357هـ.

)7( مفتاح الكرامة 2/9، 43، 70، ط املطبعة الرضوية بالقاهرة، 1324هـ.املطبعة الرائق 205/5، ط والبحر امليمنية، 1306هـ، املطبعة العناية هبامشها، ط وانظر: القدير 418/5، فتح )8( رشح ابن الفتاوى اهلندية 352/2، ط املطبعة األمريية ببوالق، 1310هـ، وحاشية بالقاهرة، الطبعة األوىل، وانظر: العلمية

عابدين عىل الدر املختار 359/3، ط بوالق، 1272هـ.

النظارة على الوقف

32

ب( رشوطه:اشرتط الفقهاء لصحة الوقف رشوطاا عديدة بعضها متفق عليه وبعضها خمتلف فيه، وهذه الرشوط منها ما يرجع إىل الواقف، ومنها ما يرجع إىل املوقوف عليه، ومنها ما يرجع

إىل الصيغة، ومنها ما يرجع إىل املال املوقوف.1( أما ما يرجع إىل الواقف فهو رشط واحد وهو أهلية التربع، وهذا باتفاق الفقهاء)1(.

وتتحقق أهلية التربع بام يأيت:، فال يصح الوقف من الصبي واملجنون؛ ا عاقالا ا أي بالغا أول: أن يكون الواقف مكلفاألن الوقف من الترصفات التي تزيل امللك بغري عوض، والصبي واملجنون ليسا من أهلها)2(.ا، فال يصح الوقف من العبد؛ ألن الوقف إزالة ملك، والعبد ليس ثانيا: أن يكون حر

من أهل امللك)3(، ألنه وما ملكت يداه ملك لسيده.أساس هو الذي الرضا توفر لعدم املكره وقف يصح فال ا، خمتارا يكون أن ثالثا:

العقد)4(.ا عليه لسفه أو إفالس؛ ألن الوقف تربع واملحجور عليه ليس رابعا: أال يكون حمجورا

من أهل التربع)5(.2( وأما ما يرجع إىل املوقوف عليه فهو ما يأيت:

أول: أال يكون املوقوف عليه عاصياا؛ وهذا باتفاق الفقهاء؛ ألن الوقف قربة إىل اهلل عز وجل واملعصية تنايف القربة؛ وألن املعايص جيب الكف عنها فلم جيز أن يعان عليها)6(.

وبعض والزيدية)10( واحلنابلة)9( واملالكية)8( احلنفية)7( الفقهاء: مجهور اشرتط وقد )1( حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار 359/3، والبحر الرائق 202/5، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 77/4، والرشح

الصغري، 101/4، ومغني املحتاج 377/2، وكشاف القناع 251/4، ورشح األزهار 459/3، ومفتاح الكرامة 11/9.)2( بدائع الصنائع 219/6، والرشح الصغري 101/4، وهناية املحتاج 356/5، وكشاف القناع 240/4، والبحر الزخار

150/4، ورشائع اإلسالم 213/2، ومفتاح الكرامة 11/9.)3( بدائع الصنائع 219/6، والرشح الصغري 101/4، ومغني املحتاج 377/2، وكشاف القناع 240/4، ومفتاح الكرامة 11/9.)4( الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 77/4، ومغني املحتاج 377/2، والبحر الزخار 150/4، ومفتاح الكرامة 11/9.

القناع وكشاف ،377/2 املحتاج ومغني ،101/4 الصغري والرشح ،359/3 املختار الدر عىل عابدين ابن حاشية )5(240/4، والبحر الزخار 150/4، ورشائع اإلسالم 213/2، ومفتاح الكرامة 11/9.

للاموردي 385/9، ومغني الكبري الدسوقي 78/4، واحلاوي الكبري مع حاشية القدير 417/5، والرشح فتح )6( رشح املحتاج 380/2، واملغني 234/8، وكشاف القناع 246/4، والبحر الزخار 153/4، ورشائع اإلسالم 214/2.

)7( الفتاوى اهلندية 353/2، والدر املختار ورد املحتار 360/3.)8( حاشية الدسوقي 77/4، ورشح اخلريش 80/7.

)9( كشاف القناع 245/4، واملغني 234/8.)10( البحر الزخار 153/4.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

33

اإلمامية)1( لصحة الوقف أن تكون اجلهة املوقوف عليها جهة بر وقربة؛ ألن الوقف يأيت لتحصيل الثواب فإذا مل يكن عىل بر مل حيصل مقصوده الذي رشع ألجله)2(.

الوقف يف حد اإلمامية)5( ذلك)6(؛ ألن الشافعية)3( والظاهرية)4( وبعض ومل يشرتط ذاته قربة ومن ثم فال معنى الشرتاط القربة يف اجلهة املوقوف عليها)7(.

الرتجيح:نرى األخذ بالقول الثاين؛ ألن الوقف تربع، ولإلنسان أن يتربع بامله حيث يشاء ما دام

تربعه ال يذهب إىل جهة حمرمة، وليس فيه إعانة عىل معصية.ثانيا: أن يكون املوقوف عليه أهالا للتملك، سواء أكان متلكه حقيقة كشخص معني كزيد مثالا أو غري معني كالفقراء أم حكاما كاملساجد واملدارس، وهذا باتفاق الفقهاء؛ ألن

الوقف متليك فال يصح عىل من ال يملك)8(.ثالثا: أن تكون اجلهة املوقوف عليها دائمة غري منقطعة، وهذا عند أيب حنيفة وحممد ابن احلسن)9(. والشافعية يف مقابل األظهر)10( وأكثر اإلمامية)11(؛ ألن موجب الوقف زوال امللك ال إىل مالك، وكل ما كان كذلك فإنه يتأبد كالعتق، فموجب الوقف يتأبد، وإذا كانت اجلهة يتوهم انقطاعها ال يتوفر عليه -أي عىل الوقف- مقتضاه، وهلذا كان التوقيت مبطالا

)1( مفتاح الكرامة 15/9.)2( رشح منتهى اإلرادات 492/2، والبحر الزخار 153/4.

)3( مغني املحتاج 381-379/2.)4( املحىل 175/9.

)5( مفتاح الكرامة 15/9.)6( وتظهر ثمرة هذا اخلالف يف الوقف عىل األغنياء واألمور املباحة كتعليم الشعر ونحوه.

)7( مغني املحتاج 380/2.)8( روضة القضاة للسمناين 794/2، ط مؤسسة الرسالة، بريوت، 1984م، والرشح الكبري مع الدسوقي 77/4، ومغني

املحتاج 379/2، وكشاف القناع 249/4، والبحر الزخار 153/4، ورشائع اإلسالم 214/2.)9( اهلداية مع رشوحها 427/5، والفتاوى اهلندية 357/2. وحممد بن احلسن )131-189هـ( هو حممد بن احلسن بن فرقد الشيباين، أصله من الشام ومولده بواسط، صحب أبا حنيفة وعنه أخذ الفقه ثم عن أيب يوسف، وروى عن مالك والثوري وغريمها، ثاين أصحاب أيب حنيفة بعد أيب يوسف، وهو الذي نرش علم أيب حنيفة بتصانيفه الكثرية، أخذ عنه أبو حفص الكبري وحممد بن سامعة وعيسى بن أبان وغريهم، ويل قضاء الرقة للرشيد ثم قضاء الري وهبا مات. من تصانيفه: »اجلامع املسامة هي الستة وهذه و»الزيادات«، الصغري«، و»السري الكبري«، و»السري و»املبسوط«، الصغري«، و»اجلامع الكبري«، و»اآلثار«، و»اجلرجانيات«، و»الكيسانيات«، و»اهلارونيات«، »الرقيات«، وله احلنفية. عند واألصول الرواية بظاهر

و»املوطأ« ]الفوائد البهية 163، ط دار املعرفة، وتاج الرتاجم 237، ط دار القلم، دمشق، 1992م[.)10( مغني املحتاج 384/2.)11( مفتاح الكرامة 17/9.

النظارة على الوقف

34

له ألنه ينايف موجبه كالتوقيت يف البيع)1(.وذهب مجهور الفقهاء: املالكية)2( والشافعية يف األظهر)3( واحلنابلة)4( وأبو يوسف)5(

والزيدية)6( وبعض اإلمامية)7( إىل عدم اشرتاط دوام املوقوف عليه.فلو وقف عىل زوجاته أو أوالده وأوالدهم ونحو ذلك مما ال يدوم واقترص عىل ذلك فلم يذكر بعدهم مرصفاا صح الوقف؛ ألن املقصود من الوقف هو التقرب إىل اهلل تعاىل، والتقرب تارة يكون يف الرصف إىل جهة يتوهم انقطاعها وتارة بالرصف إىل جهة ال يتوهم

انقطاعها فتصح الصدقة لتحصيل مقصود الوقف)8(.الرتجيح:

اجلهة كانت وإن الوقف، تأبد إلمكانية الفقهاء مجهور إليه ذهب بام األخذ نرى املوقوف عليها غري دائمة فيزول املحظور الذي من أجله تم اشرتاط هذا الرشط، فال منافاة

بني تأبد الوقف وانقطاع اجلهة املوقوف عليها.احلسن)9( بن وحممد حنيفة أيب عند وهذا معلوما، عليه املوقوف يكون أن رابعا: والشافعية يف األظهر)10( وبعض احلنابلة)11( واإلمامية)12(، فلو قال الواقف: وقفت، وسكت بطل ا متملكا يعني مل فإذا املنافع متليك يقتيض الوقف ألن الوقف؛ بطل ا مرصفا يبني ومل

)1( اهلداية مع رشوحها 427/5.)2( الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 86/4، 87.

)3( مغني املحتاج 384/2.

)4( كشاف القناع 252/4.)5( اهلداية مع رشوحها 427/5، والفتاوى اهلندية 357/2. وأبو يوسف )113-182هـ( هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب من ولد سعد بن حبتة األنصاري صاحب رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص، أخذ الفقه عن أيب حنيفة وهو املقدم من أصحابه، ويل القضاء الفقه القضاة، وهو أول من وضع الكتب يف أصول لثالثة خلفاء املهدي واهلادي والرشيد، وهو أول من سمي قايض عىل مذهب أيب حنيفة، وأمىل املسائل ونرشها وبث علم أيب حنيفة يف أقطار األرض. من تصانيفه: »األمايل«، و»اآلثار«، ،315 الرتاجم وتاج ،225 البهية ]الفوائد وغريها و»اخلراج« أنس«، بن مالك عىل و»الرد األمصار«، و»اختالف

واألعالم 193/8[.)6( البحر الزخار 157/4.)7( مفتاح الكرامة 17/9.

)8( املبسوط 14/12، وانظر: اهلداية مع رشوحها 428/5.)9( رشح فتح القدير 418/5، وانظر: اإلسعاف ص 11.

)10( مغني املحتاج 384/2، وهناية املحتاج 375/5.)11( كشاف القناع 250/4.

)12( رشائع اإلسالم 216/2، ومفتاح الكرامة 51/9.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

35

كالبيع)1(.وذهب مجهور الفقهاء -املالكية)2( واحلنابلة يف املعتمد)3( والشافعي)4( يف قول)5( وأبو اشرتاط عدم إىل والزيدية)8( والظاهرية)7( عندهم)6( الفتوى وعليه احلنفية من يوسف ا؛ فيصح الوقف عندهم ولو مل يعني مرصفاا؛ ألن الوقف إزالة كون املوقوف عليه معلوماملك عىل وجه القربة فوجب أن يصح مطلقه كاألضحية والوصية)9(، وألن اإلطالق إذا

كان له عرف صح ومحل عليه)10(.ثم إن هؤالء اختلفوا يف مرصفه حينئذ عىل ثالثة أقوال:

إىل رصف عرف يكن مل فإن مرصفه، يف العرف يتبع أنه إىل املالكية ذهب األول: الفقراء)11(.

الثاين: ذهب أبو يوسف)12( والزيدية)13( إىل أن مرصفه الفقراء.الثالث: ذهب احلنابلة)14( والظاهرية)15( إىل أن مرصفه ورثة الواقف.

)1( هناية املحتاج 375/5.)2( الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 87/4.

)3( رشح منتهى اإلرادات 495/2، 498.)4( الشافعي )150-204هـ( حممد بن إدريس بن العباس بن عثامن بن شافع، أبو عبد اهلل، من بني املطلب من قريش، الفقيه املجتهد إمام املذهب الشافعي، ولد بغزة ثم محل إىل مكة وهو ابن سنتني وفيها أخذ عن مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة، ا، ثم رحل إىل العراق والتقى بمحمد بن احلسن، ثم انتقل إىل مرص وهبا تويف، أخذ عنه أمحد ثم رحل إىل املدينة ولزم مالكاواحلميدي وأبو عبيد والبويطي وأبو ثور وأمم سواهم. قال اإلمام أمحد: »ما أحد ممن بيده حمربة أو ورق إال وللشافعي احلفاظ ]تذكرة وغريها القرآن«، و»أحكام الفقه، أصول يف و»الرسالة« الفقه، يف »األم« تصانيفه: من منة«. رقبته يف 329/1، ط جملس دائرة املعارف النظامية بحيدر آباد، اهلند، 1333هـ، وهتذيب األسامء واللغات 44/1، ط املنريية،

واألعالم 26/6[.)5( مغني املحتاج 384/2.

)6( رشح فتح القدير 418/5.)7( املحىل 182/9.

)8( البحر الزخار 152/4.)9( املغني 213/8.

)10( رشح منتهى اإلرادات 498/2.)11( الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 88-87/4.

)12( رشح فتح القدير 418/5.)13( رشح األزهار 466-465/3.

)14( رشح منتهى اإلرادات 498/2، وانظر: كشاف القناع 250/4، واإلنصاف 34/3.)15( املحىل 183-182/9.

النظارة على الوقف

36

الرتجيح:ونرى األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء، ألن الواقف إذا سكت عن مرصف وقفه فإنه اعترب العرف يف مرصفه، فكأنه مل يعني املرصف اكتفاء بتعيني العرف له، والعرف معترب ا لكنه مل يرصح به وأرجعه إىل عرف بلده. فإذا مل يكن يف الرشع. فالواقف هنا عني متملكاالقربة الواقف قصد أصل أوىل، ألن قرابته وفقراء الفقراء، إىل يكون فإن مرصفه عرف

فيعترب قصده ويعمل بإرادته، وأوىل القرب للرصف الفقراء.خامسا: ألا يكون املوقوف عليه الواقف نفسه:

وهو احلنابلة وأكثر األصح)2( يف والشافعية املالكية)1( الفقهاء: مجهور عند وهذا يقتيض الوقف عقد احلنفية)4( واإلمامية)5(؛ ألن بن احلسن من املذهب عندهم)3( وحممد الوقف يصح مل هلا اهلبة، وال نفسه مبايعة تصح مل فلام واهلبة كالبيع فصار امللك زوال

عليها)6(.والشافعية عندهم)7( الفتوى وعليه احلنفية من يوسف أبو الرشط هذا يف وخالف احلنابلة)9( العمل عند اختارها مجاعة، وعليها يف مقابل األصح)8( واإلمام أمحد يف رواية

والظاهرية)10( والزيدية)11(.الكل أو البعض فإذا رشط القربة إزالة ملك إىل اهلل -تعاىل- عىل وجه الوقف ألن ا هلل تعاىل لنفسه ال أنه جيعل ملك نفسه لنفسه، وهذا جائز كام لنفسه فقد جعل ما صار مملوكاا أو سقاية أو جعل أرضه مقربة ورشط أن ينزله أو يرشب منه أو يدفن فيه)12(. إذا بنى خانا

)1( الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 80/4.)2( مغني املحتاج 380/2.

)3( رشح منتهى اإلرادات 494/2، واإلنصاف 16/7.)4( اهلداية مع رشوحها 437/5، وحاشية ابن عابدين عىل الدر املختار 387/3.

)5( رشائع اإلسالم 217/2.)6( احلاوي 387/9، وانظر: الذخرية 311/6.

)7( اهلداية مع رشوحها 437/5، وحاشية ابن عابدين 387/3.)8( مغني املحتاج 380/2.

)9( رشح منتهى اإلرادات 494/2، وانظر: اإلنصاف 17/7.)10( املحىل 175/9.

)11( البحر الزخار 153/4.)12( اهلداية مع رشوحها 438/5.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

37

الرتجيح:أرى األخذ بالقول الثاين حيث إن عليه عمل املسلمني منذ أزمنة، وفيه مصلحة عظيمة

وترغيب يف فعل اخلري كام يقول احلنابلة)1(.3( وأما ما يرجع إىل الصيغة فهو ما يأيت:

أول: التنجيز)2(، وهذا عند الشافعية)3( واحلنابلة)4( واإلمامية)5( فيبطل الوقف عندهم ا إىل أجل؛ ألن الوقف يقتيض نقل امللك يف احلال فلم ا عىل رشط أو مضافا لو صدر معلقا

يصح تعليقه عىل رشط وال إضافته كالبيع)6(.فيجوز الوقف، صيغة يف التنجيز اشرتاط عدم إىل والزيدية)8( املالكية)7( وذهب

الوقف عندهم مع التعليق واإلضافة.وذهب احلنفية إىل جواز اإلضافة دون التعليق يف صيغة الوقف)9(.

الرتجيح:نرى األخذ بام ذهب إليه املالكية والزيدية ألن الوقف تربع، واملتربع متفضل، واملتفضل ا وال حيرم حالالا لقوله تعاىل: يقبل تربعه عىل الصورة التي أرادها ما دام ذلك ال حيل حراما

﴿ما ع ٱلمحسنني من سبيل﴾)10(.

)1( رشح منتهى اإلرادات 494/2، وانظر: اإلنصاف 17/7.فني وذهب، واحلضور إذا يقال: نجز اليشء الفناء والذهاب، تفعيل من نجز، وله عدة معان، منها: اللغة: التنجيز يف )2(والتعجيل، يقال: نجز الوعد إذا حرض، وقضاء احلاجة، يقال: نجزت احلاجة إذا قضيت. )انظر: لسان العرب 413/5، ا )انظر: دستور العلامء 354/1، ا وال مضافا واملصباح املنري 594(. والتنجيز يف االصطالح: إيقاع الترصف حاالا ال معلقاط دائرة املعارف النظامية بحيدر أباد -اهلند- الطبعة األوىل، والنظم املستعذب يف رشح غريب املهذب 94/2، ط دار املعرفة - بريوت، 1959(. ويقابل التنجيز التعليق واإلضافة. فالتعليق هو: ربط حصول مضمون مجلة بحصول مضمون مجلة أخرى )انظر: األشباه والنظائرة البن نجيم ص 367، ط دار الكتب العلمية، بريوت، 1985م، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين 492/2(. واإلضافة هي: ربط حصول مضمون مجلة بحلول زمن معني يف املستقبل )انظر: قواعد

الفقه للربكتي، ط كراتيش، 1986م، واملادتني )407، 408( من جملة األحكام العدلية(.)3( هناية املحتاج 375/5، ط مصطفى احللبي، 1967م، ومغني املحتاج 385/2، ط مصطفى احللبي، 1958م.

)4( كشاف القناع 250/4.)5( رشائع اإلسالم 216/2-217، والروضة البهية 168/3.

)6( مغني املحتاج 385/2، وكشاف القناع 250/4.)7( الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 75/4.

)8( البحر الزخار 152/4.)9( الدر املختار مع حاشية ابن عابدين 360/3، 233/4.

)10( سورة التوبة، آية )91(.

النظارة على الوقف

38

وألننا إن منعنا ذلك كان يف ذلك رد ألوجه اخلري والرب، التي حيث الشارع عىل تقديمها ويرغب يف اإلتيان هبا، ورضر بمصلحة املنتفعني بمثل هذه التربعات وباملجتمع والرضر

يزال.واحلنابلة)4( والشافعية)3( احلنفية)2( الفقهاء: مجهور عند وهذا التأبيد)1(، ثانيا:

والزيدية)5( واإلمامية)6(.وينفي التأبيد يفيد األصــل«)7( حبست شئت »إن لعمر: -ملسو هيلع هللا ىلص- النبي قول ألن

التوقيت، فلو جاز وقوعه مؤقتاا فإن احلبس ال معنى له)8(.وذهب املالكية)9( وبعض اإلمامية)10( إىل عدم اشرتاط التأبيد، فيصح الوقف املؤقت

ا بعد انقضاء املدة. عندهم ويرجع ملكاهذا مدة يف فكذا وأعيانه، الوقف بغالت االنتفاع أوجه برشطه يقيد أن للواقف ألن

االنتفاع.الرتجيح:

التأبيد وألن إليه مجهور الفقهاء؛ لرصيح حديث عمر يف إفادة أرى األخذ بام ذهب الوقف تربع له خصائصه التي يمتاز هبا عن غريه من التربعات، ومن أهم خصائص الوقف الديمومة التي هي نتيجة التأبيد، ويف القول بجواز توقيته يفقد الوقف هذه امليزة وجيعله ال

خيتلف عن سائر التربعات.ثالثا: عدم اقرتان الصيغة بام ينايف مقتىض الوقف، وقد اتفق الفقهاء عىل بطالن الرشط املقرتن بصيغة الوقف إذا كان ينايف مقتضاه، كأن يشرتط الواقف لنفسه اخليار يف الرجوع

)1( التأبيد يف اللغة: التخليد. ويف اصطالح الفقهاء: تقييد الترصف باألبد، وهو الزمان الدائم )لسان العرب 68/3، واملعجم الوسيط 2/1، واملوسوعة الفقهية 5/10، ط وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية يف الكويت(.

)2( حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار 365/3.)3( هناية املحتاج 373/5.

)4( كشاف القناع 250/4، واإلنصاف 35/7.)5( البحر الزخار 152/4، ورشح األزهار 475/3.

)6( رشائع اإلسالم 216/2، ومفتاح الكرامة 13/9.)7( حديث: »إن شئت حبست األصل«، تقدم خترجيه.

)8( احلاوي 381/9.)9( الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 87/4، والرشح الصغري 106/4.

)10( الروضة البهية يف رشح اللمعة الدمشقية 169/3.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

39

عنه متى شاء)1(.واختلفوا يف الوقف، هل يبطل حينئذ أم ال؟

الصحيح من والشافعية يف األصح)3( واحلنابلة يف احلنفية)2( الفقهاء: فذهب مجهور املذهب)4( واإلمامية)5( إىل بطالن الوقف هبذا الرشط.

وذهب املالكية)6( والزيدية)7( والظاهرية)8( والشافعية يف مقابل األصح)9( واحلنابلة يف وجه)10( إىل صحة الوقف إذا اقرتن برشط ينايف مقتضاه.

الرتجيح:ا الرشط تصحيحا مقتضاه وبطالن ينايف اقرتن برشط إذا الوقف األخذ بصحة أرى للعقد؛ مراعاة لقصد الواقف إذ الواقف مل يقصد هبذا الرشط إبطال وقفه إذ له احلرية يف ، فالظاهر أن الواقف قصد الصحة ألن العقد ال يفيد متام مقصوده إال عدم الوقف أصالابالصحة، فكان هذا التصحيح عمالا بالظاهر، والظاهر جيب العمل به إال إذا رصح بخالفه

كام يقول ابن عابدين)11(.رابعا: القبول، اتفق الفقهاء عىل عدم اشرتاط القبول من املوقوف عليه إذا كان غري معني كالفقراء واملساكني، أو كان جهة ال يتصور منها القبول كاملساجد والقناطر؛ لتعذر

القبول من هذه اجلهات، ولو اشرتط القبول ألدى إىل عدم صحة الوقف)12(.

الثمينة يف مذهب اجلواهر الدسوقي 88/4، وعقد الكبري مع املختار 360/3، والرشح الدر ابن عابدين عىل )1( حاشية عامل املدينة البن شاس 49/3-40، ط دار الغرب اإلسالمي، 1995م، طبع عىل نفقة امللك فهد بن عبد العزيز، ومغني

املحتاج 385/2، وكشاف القناع 251/4، واملحىل 183/9، والبحر الزخار 152/4، ومفتاح الكرامة 35/9.)2( حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار 360/3، وأحكام األوقاف للخصاف ص 85، 88.

)3( مغني املحتاج 385/2.)4( كشاف القناع 251/4، واإلنصاف 25/8، واملغني 192/8.

)5( مفتاح الكرامة 35/9، والروضة البهية يف رشح اللمعة الدمشقية 171/3.)6( عقد اجلواهر الثمينة 39/3.

)7( البحر الزخار 152/4.)8( املحىل 183/9.

)9( مغني املحتاج 385/2.)10( اإلنصاف 183/9.

)11( حاشية ابن عابدين 237/4.)12( حاشية ابن عابدين 360/3، واإلسعاف يف أحكام األوقاف ص 17، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 88/4، ومغني ومفتاح ،149/4 الزخار والبحر ،187/8 واملغني ،252/4 القناع وكشاف ،26/7 واإلنصاف ،383/2 املحتاج

الكرامة 11-9/9.

النظارة على الوقف

40

واختلفوا يف اشرتاط القبول فيام إذا كان املوقوف عليه معيناا كزيد وأوالده:يف واحلنابلة األصح)3( يف والشافعية واملالكية)2( احلنفية)1( الفقهاء: مجهور فذهب وجه)4( والزيدية يف وجه)5( وبعض اإلمامية)6( -إىل اشرتاط القبول من املوقوف عليه، وإن اختلفوا يف كونه رشط صحة أو رشط استحقاق، فبينام يرى الشافعية يف األصح)7( واحلنابلة

يف وجه)8( أنه رشط صحة يرى احلنفية)9( واحلنابلة يف وجه آخر)10( أنه رشط استحقاق.وفرق املالكية بني أن يقصد الواقف بوقفه املعني بخصوصه وبني أن ال يقصده، فيكون

القبول رشط صحة يف حالة القصد، ورشط استحقاق يف حالة عدم القصد)11(.واستدلوا عىل اشرتاط القبول بأن الوقف تربع آلدمي معني فكان من رشطه القبول كاهلبة والوصية)12(، وألنه لو مل يشرتط القبول لرتتب عليه دخول عني أو منفعة يف ملكه

ا وهو بعيد يف غري اإلرث)13(. قهراوذهب احلنابلة يف املذهب)14( والشافعية يف مقابل األصح)15( والزيدية يف األصح)16( وأكثر اإلمامية)17( إىل عدم اشرتاط القبول من املوقوف عليه؛ ألن الوقف إزالة ملك يمنع

البيع واهلبة واملرياث فلم يعترب فهي القبول كالعتق)18(.

)1( حاشية ابن عابدين 360/3، واإلسعاف يف أحكام األوقاف ص 17.)2( الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 88/4.

)3( مغني املحتاج 383/2.)4( املغني 187/8، واإلنصاف 27-26/7.

)5( البحر الزخار 149/4.)6( مفتاح الكرامة 9/9.

)7( هناية املحتاج 372/5.)8( املغني 188/8.

)9( اإلسعاف يف أحكام األوقاف ص 17.)10( املغني 188/8.

)11( حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري 88/4.)12( املغني 187/8، وانظر: هناية املحتاج 372/5.

)13( هناية املحتاج 372/5.)14( كشاف القناع 252/4، واإلنصاف 26/7.

)15( مغني املحتاج 383/3.

)16( البحر الزخار 149/4.)17( مفتاح الكرامة 9/9.

)18( املغني 188/8، وانظر: البحر الزخار 149/4.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

41

الرتجيح:ونرى األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء من اشرتاط القبول من املوقوف عليه املعني العتق إزالة ملك ال إىل مالك يف حني ا إلرادته، والوقف هنا يفارق العتق ألن يف احرتامايف الوقف فإن املوقوف عليه سيملك منفعة الوقف فهو مالك من وجه، ونرى أنه رشط ا لغرض الواقف وحتى ال يؤدي إىل دخول ا للعقد، وحتقيقا لالستحقاق ال للصحة تصحيحا

ا. يشء يف ملك الغري قهرا4( وأما ما يرجع إىل املوقوف فهو ما يأيت:

ا)2(. أول: أن يكون املوقوف مال)1(، فال يصح وقف ما ليس بامل اتفاقاواختلف الفقهاء فيام جيوز وقفه من األموال.

، فيه تعامل أي ا أو منقوالا أ- فقال احلنفية: حمل الوقف املال املتقوم برشط أن يكون عقاراجرى العرف بوقفه)3(.

ب- وقال املالكية: كل ما ملك من ذات أو منفعة جيوز وقفه)4(.النقل)8(، يقبل ا املوقوف كونه عيناا)6(، معينة)7(، مملوكة ملكا الشافعية)5(: رشط ج- وقال الدوام عىل هبا ينتفع إجارهتا)10(، تصح منفعة)9( أو فائدة عينها بقاء مع منها حيصل

ا)12(. ا)11( مقصودا ا مباحا انتفاعا

)1( املال يف اللغة: ما ملكه اإلنسان من مجيع األشياء )القاموس املحيط 52/4، ولسان العرب 635/11(. واختلف الفقهاء يف ابن عابدين 3/4(. وعرفه )انظر: حاشية احلاجة« لوقت ادخاره الطبع ويمكن يميل »ما بأنه: احلنفية فعرفه املال: تعريف ا ولو قل« )الرشح الصغري 742/4، ط دار املعارف بمرص، بتحقيق: الدكتور مصطفى كامل املالكية بأنه: »كل ما يملك رشعاا به وله قيمة يباع هبا وتلزم متلفه وإن قلت« )املنثور يف القواعد 222/3، واألشباه وصفي(. وعرفه الشافعية بأنه: »ما كان منتفعا

والنظائر للسيوطي 327(. وعرفه احلنابلة بأنه: »ما فيه منفعة مباحة لغري حاجة وال رضورة« )كشاف القناع 152/3(.)2( الدر املختار مع حاشية ابن عابدين 359/3، واإلسعاف ص 10، رشح اخلريش 78/7-79، والبحر الزخار 150/4، والرشح الكبري مع الدسوقي 75/4، وهناية املحتاج 360/5-361، وكشاف القناع 240/4، 243، ورشائع اإلسالم

212/2-213، ورشح النيل 453/12.)3( رشح فتح القدير 430/5، وحاشية ابن عابدين عىل الدر املختار 359/3، 374، 375.

)4( الرشح الصغري 101/4، ورشح اخلريش عىل خمترص خليل 87/7-79، والرشح الكبري مع الدسوقي 76/4.)5( مغني املحتاج 377/2-378، وهناية املحتاج 360/5 وما بعدها.

)6( خرج بالعني املنفعة وما يف الذمة فال يصح وقفهام.)7( خرج باملعينة وقف ما ليس بمعني كإحدى داريه.

ا. )8( خرج بقبول النقل أم الولد واحلمل فإنه ال يصح وقفه منفردا)9( املراد بالفائدة اللبن والثمرة ونحومها، وباملنفعة السكنى واللبس ونحومها.

)10( خرج بصحة اإلجارة الطعام ونحوه.)11( خرج بمباح وقف آالت اللهو فإنه ال يصح.

)12( خرج بمقصود وقف الدراهم والدنانري للتزيني فإنه ال يصح )انظر: هذه املحرتزات يف مغني املحتاج 378-377/2(.

النظارة على الوقف

42

د- وقال احلنابلة)1(: يشرتط يف املوقوف أن يكون عيناا معلومة يصح بيعها يمكن االنتفاع ا كإجارة واستغالل ثمرة ونحو ذلك)2(. هبا دائاما مع بقاء عينها عرفا

وامللك عينها بقاء مع هبا االنتفاع صحة املوقوفة العني يف يشرتط الزيدية: وقال هـ- املحض)3(.

بقائها، مع هبا ينتفع مملوكة، عيناا، يكون أن أربعة: املوقوف رشائط اإلمامية: وقال و- ويصح إقباضها)4(.

ثانيا: أن يكون املوقوف معلوما، وهذا باتفاق الفقهاء، فال يصح وقف املجهول كام لو وقف من أرضه شيئاا ومل يسمه، وال املبهم كأن يقف إحدى داريه؛ ألن الوقف نقل امللك عىل وجه الصدقة فال يصح يف غري املعلوم كاهلبة؛ وألنه ال يمكن االنتفاع باملوقوف ما مل

يتعني وال يمكن تسليمه)5(.ثالثا: أن يكون املوقوف مملوكا للواقف؛ ألن يف الوقف نقالا للملك فال يتحقق النقل

إذا مل يسبقه ملك)6(.والزيدية)10( واحلنابلة)9( والشافعية)8( -احلنفية)7( الفقهاء مجهور اشرتط وقد

ا للموقوف وقت إنشائه الوقف. واإلمامية)11(- أن يكون الواقف مالكاومل يشرتط املالكية ذلك فلو قال: إن ملكت دار فالن فهي وقف، صح الوقف)12(.

وقد سبق أن اخرتنا يف رشط التنجيز ما ذهب إليه املالكية.

)1( كشاف القناع 243/4 وما بعدها، ورشح منتهى اإلرادات 492-491/2.الدابة، وتارة يراد منه الدار وركوب تارة يراد منه ما ليس عيناا كسكنى به املنتفع املراد بعبارة كإجارة إىل آخره: هو أن )2(

حصول عني كالثمرة من الشجر والصوف والوبر واأللبان والبيض من احليوان )كشاف القناع 243/4(.)3( البحر الزخار 150/4 وما بعدها، ورشح األزهار 459/3 وما بعدها.

)4( رشائع اإلسالم 212/2-213، ومفتاح الكرامة 70/9 وما بعدها.ورشح ،244-243/4 القناع وكشاف ،377/2 املحتاج ومغني ،377/9 الكبري واحلاوي ،203/5 الرائق البحر )5(

منتهى اإلرادات 492/2، والبحر الزخار 151/4، ورشائع اإلسالم 213/2.)6( البحر الرائق 203/5، والرشح الكبري وحاشية الدسوقي 75/4، ومغني املحتاج 377/2، وكشاف القناع 243/4،

251، والبحر الزخار 150/4، ورشائع اإلسالم 212/2.)7( البحر الرائق 203/5، والفتاوى اهلندية 353/2.)8( احلاوي الكبري 377/9، وهناية املحتاج 360/5.

)9( كشاف القناع 243/4.)10( البحر الزخار 150/4.

)11( رشائع اإلسالم 212/2.)12( الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 76-75/4.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

43

واختلف الفقهاء يف وقف الفضويل)1(:فذهب مجهور الفقهاء -املالكية عىل املشهور)2( والشافعية)3( واحلنابلة)4( والزيدية)5( وبعض اإلمامية)6(- إىل أن وقف الفضويل باطل ولو أجازه املالك بعد ذلك؛ ألن الفضويل ترصف فيام ال

يملك وال يقدر عىل تسليمه فلم يصح كبيع اآلبق والسمك يف املاء والطري يف اهلواء)7(.القديم)10( وأمحد يف رواية)11( وبعض املالكية)9( والشافعي يف احلنفية)8( وبعض وذهب اإلمامية)12( إىل أن وقف الفضويل صحيح لكنه موقوف عىل إجازة املالك، فإن أجازه نفذ وإن رده بطل، ألنه ليس فيه رضر عىل املالك ألنه خمري، فإذا رأى املصلحة فيه أنفذه وإال فسخه)13(.

اخلريات عىل املال بيت من أمواالا يقف أن للحاكم جيوز بأنه الفقهاء رصح وقد ومصالح املسلمني)14(؛ مستدلني عىل ذلك بوقف عمر بن اخلطاب -ريض اهلل عنه- سواد

العراق)15(.

)1( الفضويل لغة: املشتغل بام ال يعينه )القاموس املحيط 31/4، واملصباح املنري 475(. ويف اصطالح الفقهاء هو: من يترصف ا من غري ملك وال وكالة وال والية )البحر الرائق 160/6، وحاشية يف حق الغري بال إذن رشعي، وذلك لكون ترصفه صادرا

الشلبي عىل تبيني احلقائق 103/4، وفتح القدير 188/6، والبهجة رشح التحفة 86/2، ومغني املحتاج 15/2(.)2( حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري 76/4، ورشح اخلريش عىل خمترص خليل 79/7.

)3( مغني املحتاج 15/2.)4( رشح منتهى اإلرادات 143/2.

)5( رشح األزهار 461/3.)6( مفتاح الكرامة 46/9.

)7( املجموع 623/9، ط السلفية.)8( اإلسعاف يف أحكام األوقاف للطرابليس ص 15، والبحر الرائق 203/5.

)9( حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري 76/4.)10( مغني املحتاج 15/2.

)11( اإلنصاف 283/5.)12( مفتاح الكرامة 46/9، ورشائع اإلسالم 213/2.

)13( تبيني احلقائق 104-103/4.)14( الدر املختار مع حاشية ابن عابدين 393/3، وحاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري 76/4، ومغني املحتاج 377/2،

ورشح منتهى اإلرادات 118/2، 119، 513، وكشاف القناع 268-267/4.ا تدل عىل ذلك، منها: ما رواه إبراهيم التيمي قال: ملا فتح املسلمون السواد، قالوا لعمر: أقسمه بيننا )15( أورد أبو عبيد أثارافإنا افتتحناه عنوة، قال: فأبى، وقال: فام ملن جاء بعدكم من املسلمني؟ وأخاف إن قسمته أن تفاسدوا بينكم يف املياه، قال: فأقر أهل السواد يف أرضهم ورضب عىل رؤوسهم اجلزية وعىل أراضيهم الطسق )اخلراج(، ومل يقسم بينهم. ومنها: ما رواه حارثة بن مرضب: أن عمر أراد أن يقسم السواد بني املسلمني فأمر أن حيصوا فوجد الرجل يصيبه ثالثة من الفالحني فشاور يف ذلك، فقال له عيل بن أيب طالب: دعهم يكونوا مادة للمسلمني فرتكهم. قال أبو عبيد: حكم عمر يف السواد تناسلوا ومل خيمسه )انظر: هذه اآلثار وغريها يف كتاب األموال أليب عبيد ا عىل املسلمني ما فيئاا موقوفا أنه جعله وغريه

القاسم بن سالم ص 72 وما بعدها، ط دار الفكر، 1975م(.

النظارة على الوقف

44

الرتجيح:أرى األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء؛ ألن األصل أن اإلنسان يصح ترصفه فيام يملك

وال اعتبار لترصفه فيام ال يملك، وهو من قبيل اللغو الذي ال يرتتب عليه حكم رشعي.رواية)3( يف وأمحد احلسن)2( بن وحممد املالكية)1( عند رشط وهو القبض، رابعا:

واإلمامية)4(، وهو رشط صحة عند املالكية، ورشط لزوم عند غريهم)5(.ألن عمر -ريض اهلل تعاىل- عنه جعل وقفه يف يد ابنته حفصة ريض اهلل عنها، وإنام فعل

ذلك ليتم الوقف)6(.وذهب مجهور الفقهاء )الشافعية)7( واحلنابلة)8( وأبو يوسف من احلنفية)9( والزيدية)10(( إىل عدم اشرتاط القبض؛ ألن النبي -ملسو هيلع هللا ىلص- مل يأمر عمر باإلقباض يف قصة وقفه فدل عىل

عدم اشرتاطه)11(.

)1( رشح اخلريش عىل خمترص خليل 84/7، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 81/4.)2( اهلداية مع رشوحها 424/5، واملبسوط 35/12.

)3( املغني 187/8.)4( رشائع اإلسالم 212/2، ومفتاح الكرامة 24/9.

)5( املراجع السابقة، وعند القائلني باشرتاط القبض تفصيل فيام يتحقق فيه القبض: فقال احلنفية: قبض كل يشء بام يليق به، ا بإذنه، ويف السقاية برشب واحد، ويف اخلازن بنزول ففي املسجد باإلفراز والصالة فيه، ويف املقربة بدفن واحد فصاعداعابدين ابن حاشية مع املختار الدر )انظر: إياه وبتسليمه املتوىل بنصب القبض يكون ذلك غري ويف املارة، من واحد املساجد حمله احلكمي فاحلوز حيس. وحوز حكمي حوز إىل وقسموه باحلوز، القبض عن املالكية ويعرب .)364/3الناس. واحلوز احليس بينها وبني املحبس عنها والتخلية يد برفع فيها والقناطر واآلبار وما أشبه ذلك، ويتحقق احلوز يكون فيام عدا ذلك من األموال، ويتحقق بتسليم املوقوف إىل الناظر أو املوقوف عليه )انظر: رشح اخلريش عىل خمترص خليل 84/7، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 81/4(. وعند اإلمامية ال بد من القبض احليس، سواء كان الوقف عىل جهة عامة أم ال، فإن كان عىل جهة عامة قبضها الناظر فيها أو احلاكم، وإن مل يكن عىل جهة عامة قبضها املوقوف عليه

)انظر: رشائع اإلسالم 217/2، والروضة البهية يف رشح اللمعة الدمشقية 166/3(.)6( املبسوط 36/12، ورشح فتح القدير 424/5، والبحر الرائق 212/5.

)7( مغني املحتاج 283/2، واحلاوي الكبري 372/9.)8( كشاف القناع 254/4، واملغني 187/8.

)9( اهلداية مع رشوحها 424/5، وحاشية ابن عابدين عىل الدر املختار 364/3. واختلف احلنفية يف الرتجيح بني قول أيب يوسف وقول حممد، فقال الكامل: قول أيب يوسف أوجه عند املحققني، ويف املنية الفتوى عىل قول أيب يوسف وهذا قول

مشايخ بلخ، وأما البخاريون فأخذوا بقول حممد )رشح فتح القدير 424/5(.وقال ابن نجيم بعد أن نقل اختالف احلنفية يف الرتجيح بني القولني: فاحلاصل أن الرتجيح قد اختلف، واألخذ بقول أيب يوسف أحوط وأسهل، ولذا قال يف املحيط ومشاخينا أخذوا بقول أيب يوسف ترغيباا للناس يف الوقف )البحر الرائق

212/5(. ورصح ابن عابدين بأن الفتوى عىل قول حممد )حاشية ابن عابدين 365/3(.)10( البحر الزخار 149/4.

)11( احلاوي 372/9، وانظر: املغني 187/8.

التمهيد: في تعريف الوقف وحكمه وأركانه وشروطه

45

الرتجيح:أرى األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء؛ ألنه ال يلزم من جعل عمر الوقف يف يد ابنته كونه فعله ليتم الوقف، وإنام فعل ذلك لكثرة أشغاله وخوف التقصري منه يف أوانه أو ليكون

يف يدها بعد موته، فالدليل حمتمل فال تقوم به احلجة)1(.وألن الوقف تربع يمنع البيع واهلبة واملرياث فلزم بمجرده كالعتق)2(.

ما يتفرع عن هذا الرشط:ويتفرع من اشرتاط القبض اشرتاط الفرز بالقسمة؛ ألن الفرز بالقسمة من متام القبض)3(.

حكم وقف املشاع )4(:وقد اختلف الفقهاء يف حكم وقف املشاع الذي مل يفرز:

فذهب مجهور الفقهاء )املالكية)5( والشافعية)6( واحلنابلة)7( وأبو يوسف من احلنفية)8( والزيدية)9( واإلمامية)10(( إىل صحة وقف املشاع وعدم اشرتاط فرز املوقوف؛ ألن الوقف

حتبيس األصل وتسبيل املنفعة، وهذا حيصل يف املشاع كحصوله يف املفرز)11(.وذهب حممد بن احلسن إىل عدم صحة وقف املشاع ما مل يفرز)12(.

وإنام اشرتط حممد اإلفراز ألنه اشرتط القبض وال يتم القبض إال باإلفراز)13(.وقد سبق أن اخرتنا عدم اشرتاط القبض، ومن ثم نرى صحة وقف املشاع الذي مل يفرز.

)1( املبسوط 36/12، ورشح فتح القدير 424/5.)2( املغني 187/8، وانظر: احلاوي 372/9.

)3( حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار 364/3.)4( املشاع يف اللغة: هو نصيب الفرد املختلط مع أنصباء غريه، يقال: نصيب فالن شائع يف مجيع هذه الدار، ومشاع فيها أي: ليس بمقسوم وال معزول )لسان العرب 191/8(. وعرفت املجلة يف املادة )138( املشاع بأنه: »ما حيتوي عىل حصص شائعة«. وذلك كالنصف والربع والسدس وغري ذلك من احلصص السارية إىل كل جزء من أجزاء املال منقوالا كان أو غري منقول. وقد سميت احلصة السارية يف املال املشرتك شائعة لعدم تعيينها يف أي قسم من أقسام املال. واملشاع والشائع بمعنى

واحد يطلقان عىل احلصة املشرتكة غري املقسمة )انظر رشح املجلة لعيل حيدر 103/1(.)5( الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 76/4، والذخرية للقرايف 314/6. ط دار الغرب اإلسالمي، بريوت، 1994م.

)6( هناية املحتاج 362/5، ومغني املحتاج 378-377/2.)7( كشاف القناع 243/4.

)8( البدر املختار مع حاشية ابن عابدين 364/3.)9( البحر الزخار 151/4.

)10( رشائع اإلسالم 213/2، ومفتاح الكرامة 75/9.)11( املغني 233/8.

)12( اهلداية مع رشوحها 425/5، والبحر الرائق 212/5، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين 364/3.)13( اهلداية مع رشوحها 425/5.

النظارة على الوقف

46

الباب األوليف تعريف النظارة وحقيقتها

واأق�شامها واأركانها و�شـــروطها

وحـكـمـــــها وخ�شــــــائ�شــــهـا

النظارة على الوقف

48

الباب األول: في تعريف النظارة

49

الف�صل الأول

»تعريف النظارة وم�شروعيتها وحقيقتها واأق�شامها«

املبحث الأولتعريف النظارة

ويشتمل هذا املبحث عىل مطلبني:

املطلب األولتعريف النظارة لغة

النظارة يف اللغة: الفراسة واحلذق، تقول: مل ختطئ نظاريت أي: فراستي، وهي أيضا حرفة الناظر))).

تدبر يقال: نظر يف األمر: البرص، والفكر والتدبر، النظر وهو والنظارة مأخوذة من تأمله وقلب برصه أو الطلب إلدراك اليشء، يقال: نظر يف اليشء: النظر وتفكر، وأصل

بصريته فيه ليدركه ويراه فهو ناظر.ويستعمل النظر كذلك بمعنى احلفظ، يقال: نظر اليشء: حفظه.

والناظر: احلافظ، ومن يتوىل إدارة أمر من األمور))).

املطلب الثاينتعريف النظارة ا�شطالحا

النظارة يف اصطالح الفقهاء هي: الوالية))) عىل الوقف))).

))) لسان العرب 9/5))، واملعجم الوسيط )/))9.))) لسان العرب 8/5))، وخمتار الصحاح 666، واملصباح املنري ))6، واملعجم الوسيط )/))9، ومتن اللغة 89/5)-

90)، ط دار مكتبة احلياة، بريوت، 960)م.))) الوالية يف اللغة: القرابة، واإلمارة والسلطان، والبالد التي يتسلط عليها الوايل )انظر: القاموس املحيط )/)0)، واملعجم الوسيط )/058)(. واصطالحا هي: تنفيذ القول عىل الغري شاء الغري أو أبى )انظر: التعريفات للجرجاين ص 7))، ط

مصطفى احللبي، 8)9)م(.))) منحة اخلالق عىل البحر الرائق البن عابدين 5/)))، ط املطبعة العلمية بمرص - الطبعة األوىل، والتاج واإلكليل ملخترص خليل مطبوع هبامش مواهب اجلليل 5/6)، ط مكتبة النجاح - ليبيا، واألشباه والنظائر البن نجيم ص 60)، ط دار

الكتب العلمية، بريوت، 985)م، واألشباه والنظائر للسيوطي ص 55)، ط دار الكتب العلمية، بريوت، )98)م.

النظارة على الوقف

50

أعيان اليد عىل يثبت لصاحبه بمقتضاه احلق يف وضع فالنظارة وصف أي: سلطان إدارته واستغالل والقيام عىل حفظها وحتصينها وإصالحها وعامرهتا، واحلق يف الوقف، أعيانه وتوزيع غالته عىل مستحقيها، واحلق يف التعاقد نيابة عنه ومتثيله فيام يدعى له وعليه،

إىل غري ذلك من احلقوق والواجبات التي ترسم حدودها الرشيعة اإلسالمية))).والناظر يف االصطالح يطلق عىل:

- متويل الوقف والقيم عليه.- أو املرشف عىل متويل الوقف.

قال ابن عابدين: القيم واملتويل والناظر يف كالمهم بمعنى واحد عند اإلفراد، أما لو رشط الواقف متوليا وناظرا عليه فرياد بالناظر املرشف))).

املبحث الثاينم�شروعية النظارة وحكم ن�شب الناظر

النظارة عىل الوقف مرشوعة، وقد ثبتت مرشوعيتها بالسنة واإلمجاع، واملعقول.)- أما السنة: فام أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر -ريض اهلل عنهام- يف قصة وقف سيدنا عمر ريض اهلل عنه؛ حيث قال ريض اهلل عنه: »ال جناح عىل من وليها أن

يأكل منها باملعروف ويطعم صديقا غري متمول فيه«))).الداللة: أن عمر -ريض اهلل تعاىل عنه- قد نفى اجلناح عىل من ويل وقفه أن ووجه يأكل منه باملعروف، وقد علم النبي -ملسو هيلع هللا ىلص- بذلك وأقره، فدل ذلك عىل مرشوعية النظارة

عىل الوقف))).)- وأما اإلمجاع: فقد أمجع الصحابة -ريض اهلل عنهم- عىل مرشوعية النظارة، حيث أبنائه، ومل ينكر بالنظارة إىل النظارة عىل أوقافهم وبعضهم أوىص أنفسهم توىل الصحابة

))) جمموعة القوانني املرصية املختارة من الفقه اإلسالمي ملحمد فرج السنهوري، املجلد الثالث، اجلزء الثاين من قانون الوقف ص 806.))) حاشية ابن عابدين عيل الدر املختار )/)))، ط بوالق، )7))هـ، وتنقيح الفتاوى احلامدية )/05)، ط املطبعة املنريية

ببوالق، 00))هـ.))) أخرجه البخاري يف كتاب الرشوط، باب الرشوط يف الوقف )صحيح البخاري )/85)، ط دار إحياء الرتاث العريب،

بريوت(. ومسلم يف كتاب الوصية، باب الوقف )صحيح مسلم )/55))-56))، ط عيسى احللبي، 955)م(.))) فتح الباري 5/)8)، واحلاوي الكبري 97/9)، ط دار الفكر، بريوت، )99)م.

الباب األول: في تعريف النظارة

51

أحد عليهم ذلك؛ فكان إمجاعا منهم عىل مرشوعية النظارة.قال الشافعي: أخربين غري واحد من آل عمر وآل عيل أن عمر ويل صدقته حتى مات بن عيل، احلسن بعده مات ووليها عليا ويل صدقته حتى وإن إىل حفصة، بعده وجعلها وأن فاطمة بنت رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- وليت صدقتها حتى ماتت، وبلغني عن غري واحد من

األنصار أنه ويل صدقته حتى مات))).وزاد يف السنن الكربى: وويل الزبري صدقته حتى قبضه اهلل، وويل عمرو بن العاص

صدقته حتى قبضه اهلل، وويل املسور بن خمرمة صدقته حتى قبضه اهلل))).وأخرج أبو داود والبيهقي والدار قطني أن عمر بن اخلطاب -ريض اهلل عنه- أوىص

إىل حفصة أن تيل ما وقفه ما عاشت، ثم يليه ذو الرأي من أهلها))).وقد كانت صدقة رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- بيد اإلمام عيل ريض اهلل عنه ثم بيد أوالده من قال: سمعت رسول اهلل ابن خزيمة يف صحيحه من حديث أيب هريرة فقد أخرج بعده،

-ملسو هيلع هللا ىلص- يقول: »والذي نفيس بيده ال تقسم ورثتي شيئا مما تركت ما تركناه صدقة«.وكانت هذه الصدقة بيد عيل، ثم كانت بيد احلسن بن عيل، ثم بيد احلسني بن عيل، ثم بيد عيل بن احلسني، واحلسن بن احلسني فكانا يتداوالهنا، ثم بيد زيد بن احلسن، وهي

ا))). صدقة رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- حق)- وأما املعقول: فإنه لو مل ترشع النظارة عىل الوقف ألدى ذلك إىل ضياع األوقاف،

املعارف دائرة جملس ط ،(6(/6 للبيهقي الكربى السنن وانظر: )96)م، األزهرية، الكلية مكتبة ط ،59/( األم (((العثامنية بحيدر آباد، اهلند، )5))هـ.

))) السنن الكربى للبيهقي 6/)6)، ط جملس دائرة املعارف العثامنية بحيدر آباد - اهلند، )5))هـ.))) أخرجه أبو داود يف كتاب الوصايا، باب ما جاء يف الرجل يوقف الوقف، )سنن أيب داود )/05)، ط مصطفى احللبي، )95)م(. والدار قطني يف كتاب األحباس، باب كيف يكتب احلبس )سنن الدارقطني )/89)، )9)، ط دار املحاسن بالقاهرة، 966)م(. والبيهقي يف كتاب الوقف، باب الصدقات املحرمات، وباب جواز الصدقة املحرمة وإن مل تقبض املنذري وصححه )5))هـ(، اهلند، - أباد بحيدر العثامنية املعارف دائرة جملس ط ،(6( ،(60/6 الكربى )السنن

)انظر: خمترص سنن أيب داود للمنذري )/56)، ط دار املعرفة - بريوت، 980)م(.))) أخرجه ابن خزيمة يف كتاب الزكاة، باب الوصية باحلبس من الضياع واألرضني )صحيح ابن خزيمة )/0))، ط املكتب القيم نفقة باب الوصايا، البخاري يف كتاب الدكتور حممد مصطفى األعظمي(. وأخرجه بتحقيق: اإلسالمي، 979)م، للوقف إىل قوله: )ما تركناه صدقة( وبلفظ: »ال تقتسم ورثتي دينارا وال درمها، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاميل فهو صدقة« )صحيح البخاري )/98)، ط دار إحياء الرتاث العريب - بريوت(. ويف إسناد ابن خزيمة مقال حيث تكلم يف صحة سامع حممد بن عزيز من سالمة بن روح. )انظر: هتذيب الكامل يف أسامء الرجال للمزي 6)/5))، ط مؤسسة الرسالة(.

وقوله: )وكانت هذه الصدقة بيد عيل ...( ليس جزءا من احلديث، وإنام هو توضيح من ابن خزيمة ملال صدقة النبي ملسو هيلع هللا ىلص.

النظارة على الوقف

52

وهذا خيالف مقصود الواقف والشارع، ففي مرشوعية النظارة حتقيق لغرض الواقف من وقفه -وهو رصف الغلة عىل الدوام وحتصيل الثواب يف مقابله-، وحتقيق لغرض الشارع

من جعله صدقة جارية.حكم نصب الناظر:

وأما حكم تعيني ناظر عىل الوقف فهو الوجوب؛ ألن النظارة ال معنى هلا من غري ناظر يقوم عىل شئون الوقف، فبالناظر تتحقق النظارة.

وإنام كان تعيني الناظر واجبا ومل يكن جائزا أو مستحبا؛ ألن حفظ الوقف واجب، وما ال يتحقق الواجب إال به يكون واجبا.

قال ابن حجر العسقالين))): الوقف ال بد له من متول))).به قام وإذا أثموا، الكل تركه إذا الكفاية، فروض من الناظر عمل املالكية: وقال

البعض سقط اإلثم عن الباقني))).

املبحث الثالثحقيقة النظارة

النظارة ترصف رشعي يرتب الشارع عليها الكثري من األحكام، وقد اجتهد فقهاؤنا قديام يف أحكامها بحسب ما يستجد يف عرصهم من حوادث، وحتى يكون اجتهادنا فيام يطرأ من حوادث جديدة صحيحا ومبنيا عىل أسس سليمة كان ال بد من معرفة حقيقة النظارة وماهيتها، هل هي عقد بني طرفني كام هو احلال يف العقود، أم هل هي من قبيل الواليات

التي يفوض إىل أصحاهبا بالترصف فيام حتت واليتهم ضمن قواعد حمددة معروفة؟

))) ابن حجر العسقالين ))77-)85هـ( أمحد بن عيل بن حممد، شهاب الدين، أبو الفضل الكناين العسقالين، املرصي املولد معرفة إليه انتهت مؤرخا، فقيها، كان حافظا الشافعية كبار من آل حجر، إىل نسبة بابن حجر الشهري والوفاة، واملنشأ احلديث لنرش تصدى مجاعة، ابن والعز والربماوي بالبلقيني تفقه ذلك، وغري احلديث وعلل والنازل والعايل الرجال وقرص نفسه عليه مطالعة وإقراء وتصنيفا، وشهد له شيخه العراقي بأنه أعلم أصحابه باحلديث، درس يف عدة أماكن وويل مشيخة البيربسية ونظرها واإلفتاء بدار العدل واخلطابة بجامع األزهر ثم بجامع عمرو وتوىل القضاء، زادت تصانيفه عىل مائة ومخسني تصنيفا. من تصانيفه: »فتح الباري رشح صحيح البخاري«، و»الدراية يف منتخب ختريج أحاديث اهلداية«، و»التلخيص احلبري يف ختريج أحاديث الرافعي الكبري« ]شذرات الذهب 70/7)، ط مكتبة القديس بمرص، )5))هـ،

والضوء الالمع )/6)، منشورات دار مكتبة احلياة، بريوت[.))) فتح الباري 5/)8)، ط السلفية.

))) حاشية الرهوين عىل رشح الزرقاين 55/7)، ط املطبعة األمريية ببوالق، 06))هـ.

الباب األول: في تعريف النظارة

53

إن املتأمل يف كتب الفقه جيد أن النظارة ليس هلا حقيقة واحدة يف مجيع أحواهلا بل هلا أكثر من حقيقة، فهي قد تتصف بالصفة العقدية بني طرفني، وقد تتصف بصفة الوالية.

وسنبحث يف املطالب اآلتية حقائق النظارة املختلفة.

املطلب األولالنظارة عقد وكالة

وهل هي وكالة عن الواقف اأم املوقوف عليه؟

مما سبق يتضح أن النظارة قد تتصف بالصفة العقدية وهي عقد وكالة)))، وذلك يف حالة ما إذا رشط الواقف النظارة لنفسه ثم عني شخصا آخر عىل الوقف؛ فإن الناظر يف

هذه احلالة يكون وكيال عن الواقف وذلك باتفاق الفقهاء))).كام اتفقوا عىل أن الواقف إذا مل يرشط النظارة لنفسه ورشطها لشخص آخر؛ فإن هذا الشخص يترصف يف الوقف بصفة النيابة والوكالة ال بصفة األصالة، لكنهم اختلفوا فيمن

يمثله الناظر بالوكالة عىل قولني:* القول األول: أليب يوسف من احلنفية وهو املذهب عندهم))) واملالكية)))، وهو أن

الناظر وكيل عن الواقف.

))) الوكالة -بفتح الواو وكرسها- يف اللغة: احلفظ، والتفويض، والقيام باألمر نيابة عن الغري، ووكيل الرجل: الذي يقوم بأمره، سمي وكيال ألن موكله قد وكل إليه القيام بأمره فهو موكول إليه األمر )لسان العرب ))/))7، والنهاية البن األثري 5/)))(. والوكالة يف االصطالح عرفها احلنفية بأهنا: إقامة الغري مقام نفسه ترفها أو عجزا يف ترصف جائز معلوم )حاشية ابن عابدين مع الدر املختار 0/5)5(. وعرفها املالكية بأهنا: نيابة يف حق غري مرشوطة بموته وال إمارة )الرشح الصغري )/)50-)50(. وقال الشافعية: هي تفويض شخص لغريه ما يفعله عنه حال حياته مما يقبل النيابة رشعا )هناية وقال .)(5/5 القناع )كشاف النيابة تدخله فيام مثله الترصف جائز استنابة الوكالة احلنابلة: وقال .)(5/5 املحتاج الزيدية: هي إقامة الغري مقام نفسه يف أموره أو بعضها قبل موته )رشح األزهار )/8))(. وعرفها اإلمامية بأهنا: استنابة يف الترصف )الروضة البهية يف رشح اللمعة الدمشقية )/67)(. وبالنظر يف هذه التعريفات يالحظ أن الفقهاء متفقون عىل أن حقيقة الوكالة هي النيابة يف الترصف حال احلياة، وما زاده بعض الفقهاء يف تعريفاهتم عىل هذه احلقيقة فهو من

قبيل الرشوط اخلارجة عن ماهية الوكالة.))) البحر الرائق 5/)))، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88، وهناية املحتاج 5/)0)، ومغني املحتاج )/)9)،

وكشاف القناع )/)7)، ورشح األزهار )/88)-89)، والروضة البهية )/78).))) اإلسعاف 9)، وحاشية ابن عابدين )/86).

))) مواهب اجلليل 9/6)، وحاشية الصاوي عىل الرشح الصغري )/9))، وحاشية الدسوقي )/88.

النظارة على الوقف

54

للشافعية))) واحلنابلة))) وحممد بن احلسن من احلنفية))) واإلمامية)))، الثاين: القول *وهو أن الناظر وكيل عن املوقوف عليه.

سبب هذا اخلالف وما يرتتب عليه:ويرجع سبب هذا اخلالف إىل اختالفهم يف ثبوت والية الواقف عىل وقفه إن مل يرشط النظارة لنفسه أو عدم ثبوهتا، فمن أثبتها -وهم أصحاب القول األول- جعل الناظر وكيال عن الواقف، ومن نفاها -وهم أصحاب القول الثاين- جعل الناظر وكيال عن املوقوف عليه.

ويرتتب عىل هذا اخلالف أنه ليس لصاحب الوقف أن يعزل الناظر عن نظارة الوقف ما مل يشرتط ذلك يف عقد الوقف عند القائلني بأنه وكيل عن املوقوف عليه، يف حني يكون له احلق

يف أن يعزله عند القائلني بأنه وكيل عن الواقف، اشرتط ذلك يف عقد الوقف أو مل يشرتطه.الراجح:

النظر الواقف عىل وقفه، وألن لثبوت والية األول؛ بالقول األخذ مما سبق يرتجح يعني كيف إذ عليه؛ املوقوف عن ال الواقف عن وكيال الناظر يكون أن يقتيض الفقهي

شخص شخصا ليكون وكيال عن ثالث ال علم له به وال إرادة له يف اختياره.

املطلب الثاينالنظارة عقد اإي�شاء

قد تكون حقيقة النظارة عىل الوقف عقد إيصاء)5)، وذلك يف حالة ما إذا رشط الواقف ))) روضة الطالبني 9/5))-50)، ومغني املحتاج )/)9)-)9).

))) كشاف القناع )/)7).))) اإلسعاف 9).

))) الروضة البهية )/77)-78).إليه، واألمر والفرض، بأمر من األمور، يقال: أوىص الرجل وأوصاه: عهد القيام العهد إىل الغري يف اللغة: )5) اإليصاء يف يقال: أوىص فالنا بيشء: أمره به وفرضه عليه، ويقال: أوىص اهلل الناس بكذا وكذا، واالستطعاف، يقال: أوىص به فالنا، استعطفه عليه )لسان العرب 5)/)9)، واملعجم الوسيط )/8)0)(. واصطالحا عرفه احلنفية بأنه: طلب فعل يفعله املوىص إليه بعد موت املويص فيام يرجع إىل مصاحله )االختيار لتعليل املختار 5/)6، ط دار املعرفة، بريوت، 975)م(. وقال املالكية: هو عقد يوجب حقا يف ثلث عاقده يلزم بموته أو نيابة عنه بعده )رشح اخلريش 67/8)(. وعرفه الشافعية التجارية املكتبة ط ،(87/( البجريمي حاشية مع الطالب منهج )رشح املوت بعد ما إىل مضاف ترصف إثبات بأنه: الكربى بمرص(. وقال احلنابلة هو: األمر بالترصف بعد املوت )كشاف القناع )/5))(. وعند الزيدية هو: إقامة املكلف مكلفا آخر مقام نفسه بعد املوت يف بعض األمور أو كلها )رشح األزهار ) 69)(. وعند اإلمامية هو: استنابة املويص غريه بعد موته يف الترصف فيام كان له الترصف فيه )الروضة البهية يف رشح اللمعة الدمشقية 66/5(. وبالنظر يف هذه التعاريف

املختلفة لإليصاء يالحظ أن الفقهاء متفقون عىل حقيقة اإليصاء التي هي عبارة عن النيابة يف الترصف بعد املوت.

الباب األول: في تعريف النظارة

55

النظارة ألحد بعد وفاته أو رشطها يف حياته وبعد وفاته؛ ألن الواقف أقام غريه مقامه بعد وفاته يف ترصف من الترصفات وهذه حقيقة اإليصاء))).

ومن ثم فإن الناظر يتخذ صفة الويص يف ترصفه يف الوقف وإدارته.وفاته وبعد الواقف حياة يف الرجل هذا يليها أن الواقف رشط إذا هالل))): قال فالوصية صحيحة يف احلياة وبعد الوفاة، أما يف احلياة فهو كالوكيل، وأما بعد الوفاة فهو

كالويص بقول الواقف: وبعد وفايت، فهذه منه وصية إليه يف واليتها))).

املطلب الثالثالنظارة من الواليات

تكون وإنام السابقتني، احلالتني يف كام العقدية الصفة النظارة حلقيقة تكون ال قد أو للقايض أو للواقف ابتداء تثبت املوقوف الواليات، وهي والية خاصة عىل قبيل من للموقوف عليه عىل خالف بني الفقهاء))). سنذكره بالتفصيل يف موضعه إن شاء اهلل تعاىل.وذلك يف حالة ما إذا مل يعني الواقف ناظرا عىل وقفه أو مات الناظر املرشوط له النظر

من قبل الواقف، فإن النظارة تثبت ألحد املذكورين آنفا ابتداء من غري تعيني من أحد.من إذ العقد، قبيل من وليس الوالية قبيل من يكون هؤالء ألحد النظارة وثبوت

مقومات العقد الصيغة والعاقدان ومها ال يتوفران هنا.أما ثبوت الوالية للواقف فلكونه أقرب الناس إىل هذا الوقف فيكون هو أوىل بواليته،

كمن أعتق عبدا كان الوالء له ألنه أقرب الناس إليه)5).ا به، ونفعه وغلته يعودان وأما ثبوت الوالية للموقوف عليه فألن الوقف أصبح خمتص

له، فكانت النظارة إليه تغليبا حلكم األخص)6).))) اإلسعاف يف أحكام األوقاف ص 9)، ومغني املحتاج )/)9)، والبحر الزخار )/65).

))) هالل )؟-5))هـ( هو هالل بن حييى بن مسلم البرصي، فقيه من أعيان احلنفية، لقب بالرأي لسعة علمه وكثرة فقهه، أخذ العلم عن أيب يوسف وزفر، وروى احلديث عن أيب عوانة وابن مهدي، وعنه أخذ بكار بن قتيبة وعبد اهلل بن قحطبة واحلسن بن بسطام. من تصانيفه: »الرشوط«، وهو أول كتاب صنف يف الرشوط والسجالت، و»أحكام الوقف« ]اجلواهر

املضية البن أيب الوفاء )/)57، والفوائد البهية )))، واألعالم 8/)9[.))) أحكام الوقف هلالل ص )0).

))) اهلداية مع رشوحها 5/)))، ومغني املحتاج )/)9)، واملغني البن قدامة 7/8))، وكشاف القناع )/68)، والبحر الزخار )/65)، ورشائع اإلسالم )/))).

)5) اهلداية مع رشوحها 5/))).)6) احلاوي الكبري للاموردي 97/9)، واملغني 7/8)).

النظارة على الوقف

56

وأما ثبوت الوالية للقايض فلام له من النظر العام عىل املصالح العامة، والوقف منها ألنه غري مملوك ألحد، فكانت له النظارة عليه هبذا االعتبار))).

وما ذكره الفقهاء من إعطاء النظارة أكثر من حقيقة يمثل الدقة التي امتاز هبا الفقهاء يف تكييف الترصفات والعقود بحسب معانيها؛ انطالقا من قاعدة أن العربة يف العقود للمعاين

ال لأللفاظ واملباين))).

املبحث الرابعاأق�شام النظارة

تنقسم النظارة عىل الوقف إىل عدة أقسام باعتبارات خمتلفة، نتناوهلا يف املطالب اآلتية:

املطلب األولالنظارة االأ�شلية والنظارة امل�شتفادة اأو الفرعية

تنقسم النظارة باعتبار الصفة التي تثبت هبا النظارة للناظر إىل: نظارة أصلية ونظارة مستفادة أو فرعية.

فالنظارة األصلية: هي التي تثبت للشخص ابتداء من غري أن يستفيدها من آخر.والنظارة املستفادة أو الفرعية: هي التي تثبت للشخص بواسطة شخص آخر.

والسبب يف تقسيم النظارة إىل أصلية وفرعية يرجع إىل مدى عالقة الشخص بالعني عالقته كانت سواء أصلية، نظارته كانت بالوقف عالقة للشخص كان فإذا املوقوفة، بالوقف مبارشة كالواقف واملوقوف عليه أم كانت عالقته به غري مبارشة كالقايض، فإن من مشموالت عمل القايض -كام يقول املاوردي)))- النظر يف األوقاف بحفظ أصوهلا وتنمية فروعها والقبض عليها ورصفها يف سبيلها، فإن كان عليها مستحق للنظر فيها راعاه وإن

))) مغني املحتاج )/)9).))) املادة ))( من جملة األحكام العدلية ورشحها لعيل حيدر )/8)، وانظر: األشباه والنظائر للسيوطي ص 66).

ولد الورد، ماء بيع إىل نسبة باملاوردي املعروف احلسن، أبو حبيب، بن حممد بن عيل هو ))6)-50)هـ( املاوردي (((بالبرصة وانتقل إىل بغداد، فقيه شافعي من أصحاب الوجوه، كان إماما يف الفقه واألصول والتفسري، تفقه عىل الصيمري إىل بامليل اهتم اخللفاء، عند رفيعة مكانة له كانت القضاة«، »أقىض بـ لقب من أول وهو االسفرائيني، إسحاق وأيب االعتزال. من تصانيفه: »احلاوي الكبري«، رشح فيه خمترص املزين، و»اإلقناع« يف الفقه، و»األحكام السلطانية«، و»أدب الدين والدنيا« ]طبقات الشافعية الكربى )/)0)-)))، ط دار املعرفة، بريوت، وشذرات الذهب يف أخبار من ذهب

)/85)، ط مكتبة القديس بمرص، 50))هـ[.

الباب األول: في تعريف النظارة

57

مل يكن تواله))).أنه بمعنى مستفادة أو فرعية نظارته كانت بالوقف عالقة للشخص تكن مل وإذا يكتسبها من غريه، وذلك كام لو رشط الواقف النظارة ألحد أو عني القايض من قبله ناظرا.للفقهاء يف ذلك، النصوص الرصحية إىل أصلية وفرعية مأخوذ من النظارة وتقسيم ففي رشح منتهى اإلرادات: ولناظر بأصالة كموقوف عليه وحاكم نصب وكيال عنه وعزله

ألصالة واليته، وال جيوز ذلك لناظر برشط؛ ألن نظره مستفاد بالرشط))).

املطلب الثاينالنظارة العامة والنظارة اخلا�شة

الوقف وعدم عمومه إىل: الناظر عىل باعتبار عموم نظر الوقف النظارة عىل تنقسم نظارة عامة ونظارة خاصة، والنظارة العامة واخلاصة إما أن تكون مطلقة أو نسبية.

أوال: النظارة العامة واخلاصة النسبية:النظارة العامة النسبية: هي التي يكون النظر فيها للناظر عىل كل أجزاء العني املوقوفة.والنظارة اخلاصة النسبية: هي التي يكون النظر فيها للناظر عىل جزء من العني املوقوفة.

ويمكن التمثيل لذلك بام إذا وقف رجل مصنعا إلنتاج سلعة ما وعني له ثالثة نظار، أحدهم يتوىل تشغيل املصنع، والثاين يتوىل حفظ السلع املنتجة يف املخازن، والثالث يتوىل

تسويق السلع وقبض أماهنا وتوريدها إىل اخلزينة.قبل من له حدد الذي اجلزء يف ينظر ا خاص ناظرا يعترب هؤالء من واحد كان فإن

الواقف وال يتعدى نظره إىل بقية األجزاء.ا يشمل نظره فإذا عني الواقف ناظرا واحدا عىل املصنع املذكور فإنه يعترب ناظرا عام

أجزاء املصنع كلها.فالناظر يف النظارة العامة النسبية يكون مسئوال عن كل العني املوقوفة، أما الناظر يف النظارة اخلاصة النسبية يكون مسئوال عن اجلزء الذي حدد له من الوقف دون بقية أجزائه.

وال شك أن النظارة اخلاصة النسبية ختدم الوقف بصورة أفضل يف األوقاف متشعبة

))) األحكام السلطانية للاموردي ص 70، ط، دار الكتب العلمية، بريوت، 978)م.))) رشح منتهى اإلرادات )/)505-50.

النظارة على الوقف

58

التخصصات الزراعية الشاسعة وخاصة مع ظهور الكبرية واألرايض األعامل؛ كاملصانع الدقيقة يف الدراسات األكاديمية، حيث يكون الناظر عىل دراية باألساليب احلديثة يف جمال حيقق ما وهذا غلته، وزيادة وتنميته الوقف ازدهار عىل األثر أكرب له يكون مما ختصصه

غرض الشارع والواقف من الوقف.ثانيا: النظارة العامة واخلاصة املطلقة:

أ- النظارة العامة املطلقة: هي النظارة التي يكون النظر فيها عىل مجيع األوقاف.وهذه النظارة ال تكون إال للحاكم أو القايض الذي واليته عامة))).

فللحاكم والقايض الذي واليته عامة النظر عىل مجيع األوقاف وتفقد أحوال النظار ومدى قيامهم بأعباء النظارة عىل وجهها الرشعي، فمن وجده قائام بالنظارة عىل وجهها الرشعي أقره عليها، ومن وجده خمال هبا عزله عنها حتى ولو كان الواقف نفسه، وذلك ألن األوقاف من املصالح العامة، وكل ما كان كذلك فأمره موكول إىل احلاكم أو من يفوضه

احلاكم فيه.جاء يف اهلداية: لو أن الواقف رشط واليته لنفسه وكان الواقف غري مأمون عىل الوقف إذا له أن خيرج الويص نظرا للصغار، وكذا للفقراء كام ينزعها من يده نظرا فللقايض أن يده ويوليها غريه؛ ألنه رشط خمالف أن خيرجها من لقاض للسلطان وال ليس أن رشط

حلكم الرشع فبطل))).وقد أنشأت كثري من الدول اإلسالمية هيئات مستقلة تقوم بالنظارة العامة املطلقة عىل

األوقاف بتفويض من احلاكم، فهي تقوم مقام القايض املنصوص عليه عند الفقهاء.ب- النظارة اخلاصة املطلقة: هي التي يكون النظر فيها عىل كل أجزاء العني املوقوفة. فهذه النظارة خاصة بالنسبة إىل نظارة احلاكم أو القايض، وعامة بالنسبة إىل النظارة اخلاصة

النسبية التي يكون النظر فيها عىل جزء من العني املوقوفة.عىل العامة واليته بموجب نظارته يستمد املطلقة العامة النظارة يف الناظر أن وكام العني عىل واليته بموجب نظارته يستمد املطلقة اخلاصة النظارة يف الناظر فإن املصالح املوقوفة، فللناظر يف النظارة اخلاصة املطلقة والية خاصة عىل الوقف الذي يتواله، وللناظر

))) األحكام السلطانية للاموردي ص 70، والفتاوى الكربى للهيتمي )/9))، وفتاوى السبكي )/5)، ط دار املعرفة - بريوت.الطالبني وروضة ،(7/6 اجلليل ومواهب ،(0( ص هلالل الوقف أحكام وانظر: ،(((/5 رشوحها مع اهلداية (((

8/5))، ورشح روض الطالب )/)7)، وكشاف القناع )/)7)، ورشح األزهار )/89).

الباب األول: في تعريف النظارة

59

يف النظارة العامة املطلقة والية عامة عىل هذا الوقف وعىل غريه، وال تعارض بني الواليتني ألن من القواعد املقررة يف الفقه اإلسالمي أن الوالية اخلاصة أقوى من الوالية العامة))).

ومؤدى ذلك أن صاحب الوالية العامة ال يترصف مع وجود صاحب الوالية اخلاصة وحتقق أهليته، فال حيق للقايض أن يترصف بامل الوقف مع وجود الناظر، وإن كان القايض

هو الذي عني ذلك الناظر.فلو أجر القايض عقارا للوقف بام له من الوالية العامة عىل الوقف، وآجر الناظر ذلك العقار نفسه يكون إجيار الناظر صحيحا وال يعتد بإجيار القايض؛ ألن الوالية اخلاصة أقوى

من الوالية العامة))).وإنام يكون للقايض النظر العام عىل الوقف بمعنى أنه ينظر يف ترصفات الناظر ومدى حمققا للقواعد مطابقا كان ما منها فيقر املصلحة، وحتقيقها الرشعية للقواعد مطابقتها

للمصلحة ويعرتض عىل ما كان غري ذلك.جاء يف منتهى اإلرادات: وال نظر حلاكم مع ناظر خاص، لكن له النظر العام فيعرتض

عليه إن فعل ما ال يسوغ))).

املطلب الثالثالنظارة املطلقة والنظارة املقيدة

إىل: بعضها أو النظارة أعامل بجميع بالقيام الناظر تفويض باعتبار النظارة تنقسم نظارة مطلقة ونظارة مقيدة.

أ- فالنظارة املطلقة: هي النظارة التي يفوض فيها الناظر بجميع أعامل النظارة.ب- والنظارة املقيدة: هي النظارة التي يفوض فيها الناظر ببعض أعامل النظارة))).

ففي النظارة املطلقة يقوم الناظر بجميع أعامل النظارة من غري استثناء ومن غري إخالل بأي عمل من أعامهلا، وتكون مسئوليته عامة عن مجيع تلك األعامل.

أعامل من غريه دون فقط إليه فوض الذي العمل الناظر يؤدي املقيدة النظارة ويف ))) األشباه والنظائر البن نجيم ص 60)، ط دار الكتب العلمية - بريوت، 985)م، واألشباه والنظائر للسيوطي ص )5)،

ط دار الكتب العلمية، )98)م.))) رشح املجلة لعيل حيدر )/)5، ط دار الكتب العلمية - بريوت، واألشباه والنظائر للسيوطي ص )5).

))) رشح منتهى اإلرادات )/505.))) املنهاج مع مغني املحتاج )/)9)، وهناية املحتاج 99/5) وما بعدها.

النظارة على الوقف

60

العمل دون اتباعا للرشط كالوكيل، وتكون مسئوليته مقصورة عىل ذلك النظارة وذلك غريه من أعامل النظارة األخرى.

أحدمها ناظرين، عليها وعني عامرة شخص وقف إذا بام لذلك التمثيل ويمكن الغلة وتوزيعها عىل العامرة والصيانة واإلصالحات الالزمة هلا، واآلخر يتوىل مجع يتوىل

املستحقني.وتكون فقط، إليه فوض الذي العمل فيها ناظر كل يؤدي مقيدة هنا النظارة فإن

مسئوليته يف حدود هذا العمل.أما لو عني الواقف عىل وقفه ناظرا واحدا فإن نظارته تكون مطلقة يؤدي فيها مجيع

أعامل النظارة ويكون مسئوال عنها.

املطلب الرابعالنظارة الطبيعية والنظارة االعتبارية

النظر يف األشخاص تقسيم تم احلديث العرص يف املؤسيس العمل لظهور نظرا الترشيعي إىل قسمني:

أ- شخص طبيعي.ب- شخص اعتباري أو حكمي.

حقوق له وذمة))) أهلية))) ذو منهم فكل الناس أفراد هم الطبيعيون واألشخاص وعليه واجبات))).

بأهنا: الوجوب أهلية وعرفوا أداء. وأهلية وجوب أهلية إىل األصوليون قسمها واصطالحا: الصالحية، لغة: األهلية (((صالحية اإلنسان لوجوب احلقوق املرشوعة له وعليه. وعرفوا أهلية األداء بأهنا: صالحية اإلنسان لصدور الفعل منه عىل وجه يعتد به رشعا. وقسموا أهلية الوجوب إىل قسمني: أ( أهلية الوجوب الناقصة: وتتمثل يف اجلنني الذي تثبت له احلقوق التي ال حتتاج إىل القبض كالنسب واإلرث والوصية، وال جيب عليه يشء من الواجبات. ب( أهلية الوجوب التامة: وهي تثبت لإلنسان منذ والدته وتستمر معه إىل وقت وفاته؛ لكامل ذمته حينئذ من كل وجه، فيكون بذلك صاحلا لوجوب احلقوق له وعليه. وقسموا أهلية األداء إىل قسمني أيضا: أ( أهلية األداء الناقصة: وهي تثبت لإلنسان من سن التمييز إىل سن البلوغ والرشد. ب( أهلية األداء الكاملة: وتثبت لإلنسان بعد البلوغ إىل الوفاة مع رشوطها من العقل والرشد ونحومها، فتثبت له يف هذه املرحلة مجيع احلقوق، وجيب عليه مجيع الواجبات وتصح منه مجيع العقود والترصفات )انظر التوضيح والتلويح )/)6)، ط حممد صبيح وأوالده بمرص، 957)م، وكشف األرسار )/7))، ط دار سعادات 0)))هـ، ومسلم الثبوت

)/56)، مطبوع بذيل املستصفى، ط األمريية ببوالق، ))))هـ، واملوسوعة الفقهية مصطلح: »أهلية«(.))) الذمة يف اللغة: العهد والضامن واألمان )املصباح املنري 0))(. ويف االصطالح: وصف يصري الشخص به أهال لإللزام وااللتزام. والفرق بني األهلية والذمة أن األهلية أثر لوجود الذمة )كشف األرسار عن أصول البزدوي )/8))-9))،

وحاشية القليويب عىل رشح املحىل )/85)، ط احللبي(.))) املدخل الفقهي العام للدكتور الزرقا )/0))، ط مطابع ألف باء، دمشق، 967)م.

الباب األول: في تعريف النظارة

61

وتبدأ الشخصية الطبيعية للفرد بتامم والدته حيا وتنتهي باملوت))).أو أشخاص اجتامع من يتكون »شخص هو: احلكمي أو االعتباري))) والشخص

ا منها مستقال عنها«))). أموال يقدر له الترشيع كيانا قانونيا مستمدوبذلك فإنه جيب لنشوء الشخص االعتباري توافر عنرصين:

األموال من جمموعة أو األشخاص من مجاعة وجود وهو موضوعي: عنرص -(بقصد حتقيق غرض معني.

)- عنرص شكيل: وهو اعرتاف القانون هلذه املجموعة بالشخصية االعتبارية))).تصور ينفك ال فكام االعتبارية، الشخصية تصور لوازم من فإهنا املالية الذمة وأما الشخص الطبيعي عن ذمة له حيمل هبا احلقوق ال ينفك أيضا الشخص االعتباري عن هذه العمل، التمثيل والنيابة يف يبقى عندئذ معنى للشخصية االعتبارية إال جمرد إذ ال الذمة،

وهذا غري التشخيص بمعناه الكامل)5).ويفرتق الشخص االعتباري عن الشخص الطبيعي بفوارق أمهها ما يأيت:

الشخص أما حيس، ال حكمي تقديري أي قانوين وجوده االعتباري الشخص إن )(الطبيعي فذو وجود مادي حمسوس)6).

من جمموعة لوجود دائام تابعا يكون إنام أي: تبعي، وجوده االعتباري الشخص إن )(

))) املذكرة اإليضاحية للقانون املدين الكويتي ص 8).))) الشخص االعتباري اصطالح قانوين حديث مل يرد ذكره يف كتب الفقه، لكن الفقهاء يعرتفون بوجود الشخصية االعتبارية يف اجلملة، ويظهر ذلك جليا يف األحكام الرشعية التي أوردها الفقهاء يف الوقف واملسجد: أ( ففي الوقف مثال عندما حيتاج إىل عامرة وال غلة له فإن الناظر يستدين للعامرة، والناظر عندما يستدين إنام يستدين عىل الوقف، فيثبت الدين عىل الوقف القناع القدير 50/5)، كشاف فتح )انظر: رشح الوقف الدين من غلة والناظر يسرتد املوقوف عليه، أو الناظر ال عىل )/67)(. وأيضا فإن الناظر عندما يشرتي شيئا حلاجة الوقف فإن ما يشرتيه يكون ملكا للوقف ال للناظر وال للموقوف عليه. وغري ذلك من األحكام التي ذكرها الفقهاء يف شأن الوقف كالدعوى عىل الوقف ومنه، وجريان العقود بينه وبني أفراد الناس فإهنا تدل عىل أن الفقهاء اعتربوا الوقف كالشخص الطبيعي، الذي له أهلية التملك والتعاقد وترتب احلقوق ا للرضورة؛ حتى يمكن ترتيب هذه له وعليه، وهو ملا مل يكن شخصا طبيعيا كان ال بد من اعتباره شخصا حكميا أو اعتبارياألحكام عليه. ب( ويف املسجد مثال أجاز الفقهاء الوقف عليه والوصية له واعتربوه أهال للتملك. جاء يف الرشح الكبري: املوقوف عليه هو من كان أهال للملك حقيقة كزيد والفقراء، أو حكام كمسجد ورباط )الرشح الكبري مع الدسوقي )/77،

وانظر: املنهاج مع مغني املحتاج )/80)، وانظر: يف الوصية عىل املسجد الرشح الكبري مع الدسوقي )/6))).))) املدخل الفقهي العام )/)7)-)7).

))) املذكرة اإليضاحية للقانوين املدين الكويتي ص ))-)).)5) املدخل الفقهي العام )/)8).

)6) املدخل الفقهي العام )/8).

النظارة على الوقف

62

الواقع بنفسه يف الطبيعي فوجوده مستقل الشخص أما أموال، أو أشخاص طبيعيني واالعتبار))).

)( إن الشخص االعتباري ال يموت كالشخص الطبيعي بل يمتاز بالدوام، وكذلك ال يزول بزوال الشخص الطبيعي الذي يمثله، كام أن يبدله ال تبدل من وضعه القانوين شيئا))).

ونظارة طبيعية نظارة إىل: تنقسم النظارة فإن لألشخاص التقسيم هذا عىل وبناء اعتبارية.

فالنظارة الطبيعية: هي النظارة التي يكون الناظر فيها شخصا طبيعيا.ا. والنظارة االعتبارية: هي النظارة التي يكون الناظر فيها شخصا اعتباري

وتعترب اهليئات التي تنشئها الدول للقيام بأعامل النظارة عىل األوقاف من قبيل النظارة االعتبارية.

املطلب اخلامس النظارة الفردية والنظارة اجلماعية

والفرق بينهما وبني النظارة املقيدة والنظارة اخلا�شة الن�شبية

تنقسم النظارة باعتبار تعدد النظار وعدم تعددهم إىل: نظارة فردية ونظارة مجاعية.فالنظارة الفردية: هي التي يتوىل النظارة فيها فرد واحد.

والنظارة اجلامعية: هي التي يتوىل النظارة فيها أكثر من فرد.والتعدد واالنفراد من األمور اجلائزة يف النظارة، فيجوز أن يكون ناظر الوقف فردا واحدا كام جيوز أن يكون أكثر من فرد؛ ألن النظارة عىل الوقف ال خترج عن كوهنا وكالة أو

وصاية أو والية والتعدد واالنفراد جائز فيها فهو جائز يف النظارة))).وتتفق النظارة اجلامعية مع النظارة اخلاصة النسبية يف تعدد النظار حيث يكون يف كلتيهام أكثر من ناظر، وختتلفان يف أن النظار يف النظارة اجلامعية يكون كل واحد منهم ناظرا عىل كل العني املوقوفة، وأما النظار يف النظارة اخلاصة النسبية يكون كل واحد منهم ناظرا عىل جزء من

))) املدخل الفقهي العام )/)7).

))) املدخل الفقهي العام )/)8).))) أحكام الوقف هلالل ص 05) وما بعدها، ومغني املحتاج )/)9)، وكشاف القناع )/)7)-)7)، ومفتاح الكرامة

.((/9

الباب األول: في تعريف النظارة

63

العني املوقوفة، ومن ثم فإن النظارة اخلاصة النسبية هي من قبيل النظارة الفردية ال اجلامعية.وتتفق النظارة اجلامعية مع النظارة املقيدة يف تعدد النظار أيضا، وختتلفان يف أن النظار يف النظارة اجلامعية يكون كل واحد منهم مفوضا إليه مجيع أعامل النظارة يف حني أن النظار

يف النظارة املقيدة يكون كل واحد منهم مفوضا إليه بعض أعامل النظارة.وسوف نفصل األحكام املتعلقة بتعدد النظار يف مبحث مستقل.

املطلب السادسالنظارة االإ�شرافية والنظارة غري االإ�شرافية

إرشافية نظارة إىل: وجوده وعدم الناظر عىل مرشف وجود باعتبار النظارة تنقسم ونظارة غري إرشافية.

أ- فالنظارة اإلرشافية: هي التي يعني فيها مرشف عىل الناظر.ويسمى ناظر حسبة))).

ب- والنظارة غري اإلرشافية: هي التي ال يوجد فيها مرشف عىل الناظر.ويف النظارة غري اإلرشافية يستقل الناظر يف إدارة الوقف، فيقوم بجميع أعامل النظارة

يف حدودها الرشعية من غري الرجوع إىل أحد.أما يف النظارة اإلرشافية فال يستقل الناظر يف إدارة الوقف، بل ال بد له من الرجوع إىل

املرشف فيام يقوم به من أعامل النظارة.فيكون الناظر يف النظارة اإلرشافية هو املفوض يف الترصف يف مال الوقف، ويكون عند املتوىل عىل ويرشف عنده الوقف مال حيفظ بأن الوقف؛ مال حفظ املرشف عمل

الترصف لئال يفعل ما يرض بالوقف.ومن ثم فليس للناظر الترصف يف أمور الوقف بدون إذن املرشف واطالعه))).

وقد رصح احلنفي بأن املرجع يف عمل املرشف العرف، فإن تعورف كون عمله احلفظ اعترب، وإن تعورف ترصفه مع الناظر اعترب))).

))) الدر املختار هبامش حاشية ابن عابدين )/0)).))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/))).

))) رشح فتح القدير 50/5)، وحاشية ابن عابدين )/))).

النظارة على الوقف

64

وتكون النظارة إرشافية يف حاالت ثالث:احلالة األوىل: أن يرشط الواقف متوليا عىل الوقف وناظرا عليه، فإن املقصود بالناظر

هنا هو املرشف))).احلالة الثانية: إذا شكا املستحقون الناظر وطعنوا يف أمانته لكنهم مل يستطيعوا أن يثبتوا

عليه خيانة، فإن للقايض أن يعني عليه مرشفا))).احلالة الثالثة: إذا كان الناظر ضعيفا ليست عنده القدرة الكافية عىل إدارة الوقف؛ فإنه

يضم إليه ناظر آخر يرشف عليه ويعاونه يف إدارة الوقف))).

))) حاشية ابن عابدين )/))).))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/9))، 0))، وكشاف القناع )/)7).

))) كشاف القناع )/70)، )7)، ورشح األزهار )/89).

الباب األول: في تعريف النظارة

65

الف�صل الثاين

»اأركان النظارة و�شروطها«

سبق أن ذكرنا أن النظارة عىل الوقف ال ختلو عن أن تكون عقدا أو والية، ويف كلتا احلالتني ال بد هلا من أركان ورشوط حتى تكون صحيحة كغريها من العقود والواليات.

وإذا كان الركن يف اصطالح الفقهاء هو ما ال وجود لليشء إال به))) يمكننا القول بأن أركان النظارة هي: مفوض النظارة، والناظر، واملنظور عليه، والصيغة.

ذلك أنه ال يمكن وجود النظارة من غري وجود هذه األمور األربعة، فإذا انعدمت هذه األمور كلها أو بعضها انعدمت النظارة.

وتكون أركان النظارة األربعة املذكورة يف احلاالت التي تكون النظارة فيها عقد وكالة أو وصاية.

أما يف احلاالت التي تكون النظارة فيها والية فإن أركان النظارة تتمثل يف ركنني فقط، مها: الناظر، واملنظور عليه. فال وجود ملفوض النظارة والصيغة لثبوت النظارة مبارشة ملن

له حق واليته من غري حاجة إىل تفويض من أحد.وسنتناول يف املباحث اآلتية أركان النظارة وما يشرتط فيها:

املبحث الأول�ض النظارة مفو

ض النظارة: هو من له والية نصب الناظر. مفوووالية نصب الناظر إما أن تكون للواقف، وإما أن تكون لويص الواقف، وإما أن تكون

للموقوف عليهم، وإما أن تكون للقايض. عىل خالف وتفصيل بني الفقهاء نورده فيام يأيت:

املطلب األولالواقف

اتفق الفقهاء عىل أنه يكون للواقف والية تعيني الناظر يف حالتني مها:

))) الدر املختار ورد املحتار )/)6، أسنى املطالب رشح روض الطالب )/0)).

النظارة على الوقف

66

أ- احلالة األوىل: عند إنشاء الوقف:فللواقف عند إنشائه الوقف تعيني من شاء ناظرا عىل وقفه))).

ب- احلالة الثانية: عند اشرتاط الواقف النظارة لنفسه:عزل ذلك بعد فللواقف لغريه، النظارة فوض ثم لنفسه النظر الواقف رشط فإذا

ض وتعيني غريه؛ ألن املفوض يف هذه احلالة يكون وكيال للواقف))). املفوواختلفوا يف ثبوت والية نصب الناظر للواقف إذا مل يعني الواقف ناظرا عند إنشائه

الوقف ومل يرشط النظر لنفسه عىل قولني:الناظر تكون للواقف ما دام حيا حتى ولو مل يرشط القول األول: إن والية نصب *الواقف ناظرا عند إنشائه الوقف ومل يرشط النظر لنفسه؛ ألن الواقف أقرب الناس إىل هذا الوقف فيكون أوىل بواليته، كمن أعتق عبدا كان الوالء له ألنه أقرب الناس إليه)))، وهو

مذهب املالكية))) والزيدية)5) وأيب يوسف من احلنفية)6)، وبعض اإلمامية)7).* القول الثاين: إن والية نصب الناظر ال تكون للواقف، فإذا مل يرشط الواقف النظارة فال عنه ملكه فانتفى الواقف ملك عن خرج الوقف ألن الناظر؛ تعيني له فليس لنفسه يملك التولية عليه كاألجنبي)8)، وهو مذهب الشافعية)9) واحلنابلة)0)) وأغلب اإلمامية))))،

وحممد بن احلسن من احلنفية)))).

الدسوقي الكبري مع حاشية املختار )/09)، والرشح الدر ابن عابدين مع الوقف هلالل ص )0)، وحاشية ))) أحكام )/88، ومغني املحتاج )/)9)، وكشاف القناع )/65)، ورشح األزهار )/88)، 89)، ورشائع اإلسالم )/))).

))) أحكام الوقف هلالل ص )0)-)0)، وحاشية ابن عابدين )/)8)، وحاشية الدسوقي مع الرشح الكبري )/88، وهناية املحتاج 5/)0)، ومغني املحتاج )/)9)، وكشاف القناع )/)7)، ورشح األزهار )/88)-89)، والروضة البهية

يف رشح اللمعة الدمشقية )/78).))) اهلداية مع رشح فتح القدير 5/))).

))) حاشية الدسوقي مع الرشح الكبري )/88.)5) رشح األزهار )/88).

)6) البحر الرائق 9/5))، وحاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/09).)7) مفتاح الكرامة 9/)).

)8) كشاف القناع )/68)، ومغني املحتاج )/)9).)9) هناية املحتاج 98/5)-99).

)0)) كشاف القناع )/68).)))) مفتاح الكرامة 9/)).

)))) رشح فتح القدير 5/)))، والبحر الرائق 5/)))-)))، وأحكام الوقف هلالل ص )0).

الباب األول: في تعريف النظارة

67

القول املختار:وأرى األخذ بالقول األول القائل بثبوت والية الواقف يف تعيني الناظر ما دام حيا؛ ألن الوقف وإن كان خرج عن ملك الواقف إال أنه ينسب إليه، فيقال: هذا وقف فالن فام

زالت هناك صلة قائمة بني الواقف والوقف.الواقف الناظر للواقف؛ ألن بقاء والية تعيني وال شك أن املصلحة للوقف هي يف أحرص الناس عىل الوقف لكونه ماله وألن ثواب نفعه يعود إليه، كام أنه يعرف طبيعة وقفه

وخفاياه فيختار له الناظر املناسب القادر عىل حفظ أصوله وتنمية فروعه.

املطلب الثاينالو�شي

اختلف الفقهاء يف ثبوت والية نصب الناظر لويص الواقف عىل قولني:لويص أن وهو والزيدية)))، واملالكية))) احلنفية))) من يوسف أليب األول: القول *الواقف والية نصب الناظر، فإن شغر الوقف من الناظر والواقف ميت فإن والية نصب

الناظر تكون لويص الواقف.* القول الثاين: ملحمد بن احلسن من احلنفية))) والشافعية)5) واحلنابلة)6) واإلمامية)7)،

وهو أنه ليس لويص الواقف والية نصب الناظر.املختار:

الواقف؛ الناظر لويص بثبوت والية نصب القائل بالقول األول أراه األخذ والذي ألن الواقف قد وثق هبذا الويص وجعله مسئوال عن كل يشء حتى يف رعاية أوالده فيكون مسئوال عىل وقفه من باب أوىل، فتنتقل والية نصب الناظر إىل الويص عند موت الواقف.

))) أحكام الوقف هلالل ص )0)، وحاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/09).))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88، ومواهب اجلليل 7/6).

))) رشح األزهار )/89).))) البحر الرائق 5/))).

)5) مغني املحتاج )/)9)، ورشح روض الطالب )/)7).)6) كشاف القناع )/68).)7) مفتاح الكرامة 9/)).

النظارة على الوقف

68

املطلب الثالثاملوقوف عليه

اختلف الفقهاء يف ثبوت والية املوقوف عليه يف نصب الناظر عىل قولني:* القول األول: جلمهور الفقهاء: املالكية))) واحلنابلة))) والزيدية))) وأكثر اإلمامية)))،

وهو أنه يثبت للموقوف عليه والية نصب الناظر.وإنام أثبت هؤالء الوالية للموقوف عليه يف نصب الناظر بناء عىل انتقال ملك الوقف إىل املوقوف عليه عند احلنابلة وأكثر اإلمامية)5)، وبناء عىل أن منافع الوقف وغلته تعودان

إىل املوقوف عليه عند املالكية والزيدية)6).وتثبت والية املوقوف عليه يف نصب الناظر يف حالة واحدة، وهي ما إذا شغر الوقف من الناظر والواقف ميت ومل يكن له ويص -عند من يثبت للويص والية نصب الناظر-

وكان املوقوف عليه معينا أو مجعا حمصورا)7).* القول الثاين: للحنفية)8) والشافعية)9) وبعض اإلمامية)0))، وهو أنه ال والية للموقوف عليه يف نصب الناظر مطلقا، فإذا شغر الوقف من الناظر والواقف ميت فإن والية نصب الناظر تكون للقايض عند حممد بن احلسن والشافعية وبعض اإلمامية، وتكون للويص عند

أيب يوسف إن وجد وإال كانت للقايض)))).))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88.

))) كشاف القناع )/68)، )7).))) رشح األزهار )/89).))) مفتاح الكرامة 9/)).

)5) كشاف القناع )/)5)، ومفتاح الكرامة 9/))، 79.)6) البحر الزخار )/6))، 65).

)7) املراجع السابقة.)8) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/09)-0))، وأحكام الوقف هلالل ص )0)-)0).

)9) هناية املحتاج 9/5)-99).)0)) املراجع السابقة.

)))) ابن نجيم )؟-970هـ( هو زين الدين بن إبراهيم بن حممد الشهري بابن نجيم، من أهل مرص، فقيه حنفي أصويل، كان عاملا حمققا مكثرا من التصنيف، أخذ العلوم عن مجاعة منهم رشف الدين البلقيني وشهاب الدين الشلبي والعالمة قاسم بن قطلوبغا وغريهم، أجيز باإلفتاء والتدريس وانتفع به خالئق. من تصانيفه: »البحر الرائق يف رشح كنز الدقائق« ومل يكمله، و»األشباه والنظائر«، و»رشح املنار« يف األصول، و»لب األصول خمترص حترير األصول البن اهلامم«، و»جمموعة

رسائل فقهية« ]التعليقات السنية بحاشية الفوائد البهية ص )))، وشذرات الذهب 58/8)، واألعالم )/)6[.

الباب األول: في تعريف النظارة

69

وقد نقلت كتب احلنفية عن التتارخانية أن أهل املسجد لو اتفقوا عىل نصب رجل يتوىل مصالح املسجد، فعند املتقدمني يصح ويفضل أن يكون بإذن القايض، ثم ذهب املتأخرون ملا عرف من طمع ابن نجيم)))- يقول القايض يف زماننا -كام يعلموا أال أن األفضل إىل القضاة يف أموال األوقاف، وكذلك لو كان الوقف عىل أرباب معلومني حيىص عددهم إذا

نصبوا متوليا وهم من أهل الصالح))).ولعل هذا استحسان منهم للرضورة، قال ابن عابدين))): وذكروا مثل هذا يف ويص اليتيم وأنه لو ترصف يف ماله أحد من أهل السكة من بيع أو رشاء جاز يف زماننا للرضورة،

ويف اخلانية: إنه استحسان وبه يفتى))).املختار:

عليه املوقوف والية ثبوت من الفقهاء مجهور إليه ذهب بام األخذ هو أراه والذي له ويص وكان يكن والواقف ميت ومل الناظر الوقف من إذا شغر فيام الناظر، يف نصب فهو أحرص إليه تعودان الوقف وغلته منافع أو مجعا حمصورا؛ ألن معينا عليه املوقوف

الناس عىل رعاية مصالح وقفه فكانت والية نصب الناظر له.

املطلب الرابعالقا�شي

والية القايض يف نصب الناظر ال ختلو من أن تكون إما يف حال حياة الواقف وإما أن تكون بعد وفاته، كام ال خيلو أن يكون املوقوف عليه معينا أو مجعا حمصورا أو ال يكون كذلك.

وسنتحدث عن كل حالة من هذه األحوال، فنقول:أ- احلالة األوىل: والية القايض يف نصب الناظر يف حال حياة الواقف:

سبق أن ذكرنا أن الفقهاء متفقون عىل أن والية نصب الناظر تكون للواقف عند إنشائه

))) البحر الرائق 5/)5)، وحاشية ابن عابدين )/09).))) ابن عابدين )98))-)5))هـ( هو حممد أمني بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي، فقيه أصويل، إمام احلنفية يف عرصه، مولده ووفاته يف دمشق. من تصانيفه: »رد املحتار« حاشية عىل الدر املختار، و»العقود الدرية يف تنقيح الفتاوى احلامدية«، وحاشية »نسامت األسحار عىل رشح إفاضة األنوار عىل متن املنار« يف األصول، و»جمموعة رسائل« ]األعالم

للزركيل 67/6)، ومعجم املؤلفني 77/9، ط مطبعة الرتقي بدمشق[.))) حاشية ابن عابدين )/09).

))) مفتاح الكرامة 9/)).

النظارة على الوقف

70

الوقف وعند اشرتاطه النظر لنفسه.وأهنم اختلفوا فيام إذا مل يعني الواقف ناظرا عند إنشائه الوقف ومل يشرتط النظر لنفسه؛

هل تكون والية نصب الناظر للقايض أم ال؟ عىل قولني:أن والية اإلمامية)))، وهو والشافعية))) وبعض بن احلسن))) األول: ملحمد القول *نصب الناظر يف هذه احلالة تكون للقايض؛ لواليته العامة، وألن امللك يف الوقف هلل تعاىل.

اإلمامية)8)، وأكثر والزيدية)7) واحلنابلة)6) واملالكية)5) يوسف))) أليب الثاين: القول *وهو أنه ال والية للقايض يف نصب الناظر يف هذه احلالة.

وقد سبق أن رجحنا بقاء والية تعيني الناظر للواقف ما دام حيا.ب- احلالة الثانية: والية القايض يف نصب الناظر يف حال موت الواقف:

يف هذه احلالة صورتان، ومها: إما أن يكون للواقف ويص وإما ال يكون له ويص.الصورة األوىل: للواقف ويص:

اختلف الفقهاء فيمن تكون له والية نصب الناظر يف حالة ما إذا كان للواقف ويص عىل قولني:

* القول األول: أليب يوسف من احلنفية)9) واملالكية)0)) والزيدية))))، وهو أن والية نصب الناظر تكون لويص الواقف ال للقايض.

* القول الثاين: ملحمد بن احلسن)))) والشافعية))))، وهو أن والية نصب الناظر تكون للقايض ال لويص الواقف.

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/0)).))) مغني املحتاج )/)9).))) مفتاح الكرامة 9/)).

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/0)).)5) حاشية الدسوقي مع الرشح الكبري )/88.

)6) كشاف القناع )/68).)7) رشح األزهار )/89).)8) مفتاح الكرامة 9/)).

)9) أحكام الوقف هلالل )0)، وحاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/0)).)0)) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88.

)))) رشح األزهار )/89).)))) البحر الرائق 5/))).

)))) مغني املحتاج )/)9).

الباب األول: في تعريف النظارة

71

وقد سبق أن اخرتنا أن والية نصب الناظر تكون للويص ال للقايض.الصورة الثانية: ليس للواقف ويص:

اختلف الفقهاء يف ثبوت والية القايض يف نصب الناظر يف حالة ما إذا مل يكن للواقف ويص عىل قولني:

* القول األول: للحنفية))) والشافعية)))، وهو أن والية نصب الناظر تكون للقايض؛ ألن القايض له النظر العام.

الثاين: للاملكية))) واحلنابلة))) والزيدية)5) واإلمامية)6)، وهو أن والية نصب القول *الناظر ال تكون للقايض وإنام تكون للموقوف عليه.

وقد سبق أن اخرتنا أن والية نصب الناظر تكون للموقوف عليهم ال للقايض.غري عليه املوقوف كون حال يف الناظر نصب يف القايض والية الثالثة: احلالة ج-

حمصور:ويص له يكن ومل وقفه عىل ناظرا يعني ومل الواقف مات إذا أنه عىل الفقهاء اتفق وكان املوقوف عليه مجعا غري حمصور كالفقراء واملساكني، أو كان جهة ال تعقل كاملساجد واملستشفيات فإن والية نصب الناظر تكون للقايض؛ ألن الوقف يف هذه احلالة يكون من

املصالح العامة والنظر فيها موكول إىل القايض)7).د- احلالة الرابعة: والية القايض يف نصب الناظر يف حال كون املوقوف عليه معينا أو

مجعا حمصورا:اختلف الفقهاء يف والية القايض يف نصب الناظر حال كون املوقوف عليه معينا كزيد

أو مجعا حمصورا كأوالد فالن عىل قولني:

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/0)).))) املنهاج مع مغني املحتاج )/)9).

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88.))) كشاف القناع )/68).)5) رشح األزهار )/89).)6) مفتاح الكرامة 9/)).

)7) أحكام الوقف هلالل ص )0)، واإلسعاف يف أحكام األوقاف ص 50، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/0))، والرشح الكبري مع الدسوقي )/88، وهناية املحتار 98/5)، وكشاف القناع )/68)، ورشح األزهار )/89)، ومفتاح

الكرامة 9/)).

النظارة على الوقف

72

* القول األول: جلمهور الفقهاء: املالكية))) واحلنابلة))) والزيدية))) وأكثر اإلمامية)))، وهو أنه ال والية للقايض يف نصب الناظر، وتكون والية نصب الناظر للموقوف عليهم.

الناظر تكون للقايض؛ الثاين: للحنفية)5) والشافعية)6)، وهو أن والية نصب القول *ألن القايض له النظر العام فهو أوىل من غريه ولو كان هو املوقوف عليه.

وقد سبق أن اخرتنا ما ذهب إليه مجهور الفقهاء من ثبوت والية املوقوف عليهم يف نصب الناظر، وبينا أسباب اختيارنا.

املطلب اخلامسمراتب املفو�شني

من خالل ما سبق يتضح أن الفقهاء يثبتون تفويض النظارة ألكثر من شخص، وثبوت من غريه دون أوال ألحدهم يثبت أنه بمعنى مرتبا، يكون األشخاص هلؤالء التفويض التفويض يثبت فال وهكذا، بعده، للذي ثبت الشخص هذا فإذا عدم األشخاص، بقية

جلميعهم يف وقت واحد.وقد اختلف الفقهاء يف مراتب مفويض النظارة عىل أربعة أقوال:

ثم حياته مدة للواقف يكون النظارة تفويض أن وهو للحنفية)7)، األول: القول *لوصيه ثم للقايض، وهذا قول أيب يوسف وهو ظاهر املذهب.

النظارة يكون للواقف مادام الثاين: للاملكية)8) والزيدية)9)، وهو أن تفويض * القول حيا، ثم لوصيه إن وجد، ثم للمستحق إذا كان معينا رشيدا أو وليه إن كان غري رشيد، ثم

للحاكم.

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88.))) كشاف القناع )/68)، )7).

))) رشح األزهار )/89).))) مفتاح الكرامة 9/)).

)5) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/09)-0)).)6) هناية املحتاج 98/5)-99).

)7) البحر الرائق 9/5))، )5)، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/09)-0)).)8) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88، ومواهب اجلليل 7/6).

)9) البحر الزخار )/65)، ورشح األزهار )/88)-89).

الباب األول: في تعريف النظارة

73

يكون النظارة تفويض أن وهو احلسن)))، بن وحممد للشافعية))) الثالث: القول *للواقف عند إنشائه الوقف فقط -أي: فال يثبت له حق التفويض بعد إنشاء الوقف- ثم

للقايض.* القول الرابع: للحنابلة))) واإلمامية)))، وهو أن تفويض النظارة يكون للواقف عند

إنشائه الوقف، ثم للموقوف عليه إذا كان معينا أو مجعا حمصورا ثم للحاكم.ووصيه الواقف من: لكل النظارة تفويض ثبوت من اخرتناه أن سبق ملا ونظرا واملوقوف عليه إذا كان معينا والقايض؛ فإننا نختار ما ذهب إليه املالكية والزيدية يف مراتب

املفوضني.

املبحث الثاينالناظر

الناظر هو الركن الثاين من أركان النظارة؛ إذ ال قيام للنظارة من غري ناظر.الوقف متويل عىل املرشف عىل يطلق كام عليه، والقيم الوقف متويل هو والناظر:

ناظرا)5).الوقف النظارة عىل له تثبت الناظر ومن املبحث عن رشوط نتكلم يف هذا وسوف

ومراتب النظارة يف مخسة مطالب.

املطلب األول�شروط الناظر

ناظر تتوفر يف الوقف، بل ال بد من رشوط خاصة للنظارة عىل أهال ليس كل أحد الوقف؛ حتى يكون أهال للنظارة عىل الوقف.

ا سنتكلم أوال وملا كان ناظر الوقف قد يكون شخصا طبيعيا وقد يكون شخصا اعتباري

))) مغني املحتاج )/)9)، وروضة الطالبني 6/5)).))) البحر الرائق 5/))).

))) كشاف القناع )/65)، 68).))) رشائع اإلسالم )/)))، ومفتاح الكرامة 0/9)-)).

)5) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/)))، وتنقيح الفتاوى احلامدية )/05).

النظارة على الوقف

74

عىل رشوط الناظر الطبيعي ثم رشوط الناظر االعتباري.: رشوط الناظر الطبيعي: أولا

يشرتط يف الناظر الطبيعي الرشوط اآلتية:الرشط األول: العقل))):

اتفق الفقهاء عىل أنه يشرتط يف ناظر الوقف أن يكون عاقال، فال يصح أن يتوىل نظارة الوقف جمنون)))؛ ألن املجنون ليس أهال للترصف يف ملكه فهو ال ييل نفسه، فال ييل غريه باألوىل))).

قال البهويت))): ويشرتط يف الناظر تكليف؛ ألن غري املكلف ال ينظر يف ملكه املطلق ففي الوقف أوىل)5).

أثناء الناظر اجلنون عىل فلو طرأ دوامه، يمنع ابتداء الناظر تعيني يمنع واجلنون كام نظارته فإنه يعزل)6).

لكن قيد احلنفية عزله باجلنون املطبق)7) إذا دام سنة ال إن دام أقل من ذلك)8). فإن برأ وعاد إليه عقله عاد إليه النظر إن كانت النظارة مرشوطة له من الواقف، وإن كان منصوبا

من قبل القايض فال تعود إليه النظارة)9).من واخلري القبيح من احلسن يتميز به وما األمور، يف والتثبت والقلب، احلمق، ضد والنهية احلجر اللغة: يف العقل (((يف والعقل .)6(6/( الوسيط واملعجم ،(8/( املحيط والقاموس ،(58/(( العرب )لسان وامللجأ والدية، الرش، االصطالح: هو آلة التمييز، وهو معنى يمكن به االستدالل من الشاهد عىل الغائب واالطالع عىل عواقب األمور والتمييز أنه صفة يميز هبا بني احلسن والقبيح )انظر: مغني املحتاج فيه بني اخلري والرش. قال الرشبيني اخلطيب: أحسن ما قيل )/))، والفواكه الدواين رشح رسالة ابن أيب زيد القريواين )/)))، ط مطبعة احللبي، 955)م، وكشف األرسار عن

أصول البزدوي )/)6)).))) اجلنون يف اللغة: زوال العقل أو فساد فيه )املعجم الوسيط )/)))(. ويف االصطالح: هو اختالل العقل بحيث يمنع

جريان األفعال واألقوال عىل هنجه إال نادرا )انظر: التعريفات للجرجاين ص 70، ط مصطفى احللبي، 8)9)م(.00))هـ، ببوالق، األمريية املطبعة ط ،(96/( احلامدية الفتاوى تنقيح يف الدرية والعقود ،(((/5 الرائق البحر (((

والرشح الصغري )/9))، وهناية املحتاج 99/5)، وكشاف القناع )/70)، )7)، والبحر الزخار )/)6).))) البهويت )000)-)05)هـ( هو منصور بن يونس بن صالح الدين بن حسن البهويت نسبة إىل »هبوت« يف غربية مرص، شيخ احلنابلة بمرص وخامتة علامئهم، وكان ممن انتهى إليه اإلفتاء والتدريس، أخذ عن اجلامل يوسف البهويت وعبد الرمحن من وغريمها. الصاحلي بكر أيب بن وإبراهيم الرسور أيب بن حممد الشيخ أخذ وعنه وغريهم، الشامي وحممد البهويت تصانيفه: »رشح اإلقناع«، و»رشح منتهى اإلرادات«، و»رشح زاد املستقنع« كلها يف الفقه ]خالصة األثر يف أعيان القرن

احلادي عرش للمحبي )/6))، ط دار صادر، بريوت، واألعالم 07/7)[.)5) كشاف القناع )/70).

)6) رشح فتح القدير 5/)5)، وهناية املحتاج 99/5)، وكشاف القناع )/70).)7) املطبق أي: املالزم املمتد )انظر: حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/6)5).

)8) رشح فتح القدير 5/)5)، وحاشية ابن عابدين )/85).)9) رشح فتح القدير 5/)5)، وحاشية ابن عابدين )/85)، وهناية املحتاج 99/5).

الباب األول: في تعريف النظارة

75

بعود النظر يعود وال للحاكم، النظر يكون الناظر أهلية زوال وعند الرميل))): قال به، االستبدال وال عزله ألحد ليس إذ لقوته؛ الواقف برشط نظره يكن مل ما األهلية

والعارض مانع من ترصفه ال سالب لواليته))).الرشط الثاين: البلوغ:

اختلف الفقهاء يف اشرتاط البلوغ))) يف ناظر الوقف عىل قولني:* القول األول: جلمهور الفقهاء: املالكية))) والشافعية)5) واحلنابلة)6) والزيدية)7) وبعض احلنفية)8)، وهو أنه يشرتط البلوغ يف ناظر الوقف، فال يصح أن يوىل عىل الوقف صغري مل

يبلغ؛ ألن الصغري ال ينظر يف ملكه املطلق ففي الوقف أوىل.القياس مطلقا، ويف االستحسان هي تبطل يف الطرابليس: ولو أوىص إىل صبي قال باطلة ما دام صغريا فإذا كرب تكون الوالية له، وحكم من مل خيلق من ولده ونسله يف الوالية

كحكم الصغري قياسا واستحسانا)9).وقال ابن عابدين نقال عن فتاوى العالمة الشلبي)0)): وأما اإلسناد للصغري فال يصح ))) الرميل )9)9-)00)هـ( هو حممد بن أمحد بن محزة، شمس الدين الرميل املنويف املرصي األنصاري الشهري بالشافعي زكريا اإلسالم شيخ عن وأخذ والعربية والتفسري الفقه يف الرميل الشهاب والده عىل اشتغل شافعي، فقيه الصغري، األنصاري وبرهان الدين بن أيب رشيف، ويل عدة مدارس ومنصب إفتاء الشافعية وأخذ عنه أكثر الشافعية من أهل مرص، وأجل تالميذه النور الزيادي وسامل الشبشريي، قيل: إنه جمدد القرن العارش. من تصانيفه: »هناية املحتاج« و»رشح البهجة

الوردية«، و»رشح الزبد«، و»حاشية عىل رشح التحرير« ]خالصة األثر )/)))، واألعالم 7/6[.))) هناية املحتاج 99/5).

))) البلوغ يف اللغة: الوصول، يقال: بلغ اليشء يبلغ بلوغا وبالغا: وصل وانتهى، وبلغ الغالم: احتلم كأنه بلغ وقت الكتاب عليه والتكليف )لسان العرب 9/8))(. واصطالحا: انتهاء حد الصغر يف اإلنسان ليكون أهال للتكاليف الرشعية، أو هو قوة حتدث يف الصبي ينتقل هبا من حالة الطفولة إىل غريها )انظر: الرشح الصغري مع حاشية الصاوي )/)))، ورشح

الزرقاين عىل خمترص خليل 90/5)).))) مواهب اجلليل 7/6)-8).

)5) األشباه والنظائر للسيوطي ص 9))، ط دار الكتب العلمية - بريوت، )98)م.)6) كشاف القناع )/70).)7) البحر الزخار )/)6).

)8) اإلسعاف يف أحكام األوقاف ص )5، وحاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/85).)9) اإلسعاف يف أحكام األوقاف ص )5.

)0)) الشلبي )؟-))0)هـ( هو أمحد بن حممد بن أمحد بن يونس، أبو العباس، الشهري بالشبي، فقيه حنفي، حمدث، نحوي، كان رأس فقهاء زمنه وحمدثيه، ولد بمرص ونشأ هبا، أخذ عن والده وعن اجلامل يوسف بن القايض زكريا وغريمها، وعنه أخذ الشهاب أمحد الشوبري وحسن الرشنباليل والشمس حممد البابيل وغريهم. من تصانيفه: »جتريد الفوائد الرقائق يف رشح كنز الدقائق«، و»احتاف الرواة بمسلسل القضاة« و»مناسك احلج«، و»فتاوى«، مجعها حفيده عيل بن حممد ]خالصة األثر

)/)8)، واألعالم )/6))، ومعجم املؤلفني )/78، ط مطبعة الرتقي بدمشق، 957)م[.

النظارة على الوقف

76

بحال، ال عىل سبيل االستقالل بالنظر وال عىل سبيل املشاركة لغريه؛ ألن النظر عىل الوقف من باب الوالية والصغري يوىل عليه لقصوره فال يصح أن يوىل عىل غريه))).

البلوغ يف ناظر الوقف، فيصح أن لبعض احلنفية، وهو أنه ال يشرتط الثاين: * القول يوىل عىل الوقف صبي برشط أن يكون أهال للحفظ))).

التولية إىل صبي جيوز إذا قال االسرتوشني))) يف أحكام الصغار: القايض إذا فوض كان أهال للحفظ وتكون له والية الترصف))).

ومجع ابن عابدين بني قويل احلنفية بقوله: يمكن التوفيق بحمل ما يف اإلسعاف وغريه عىل غري األهل للحفظ بأن كان ال يقدر عىل الترصف، أما القادر عليه فتكون توليته من تعلم له وليه، وهبذا يأذن مل للصغري وإن يأذن أن الترصف، وللقايض له يف إذنا القايض احلنفي القايض وحكم يعقل، ال لصغري األوقاف نظر تفويض من زماننا يف شاع ما أن بصحة ذلك خطأ حمض، وال سيام إذا رشط الواقف تولية النظر لألرشد فاألرشد من أهل

الوقف)5).وأرى أن األرجح هو األخذ بقول اجلمهور القائل باشرتاط البلوغ يف ناظر الوقف؛ إذ

إن النظارة من الوالية والصغري ليس من أهل الوالية.الرشط الثالث: اإلسالم:

اختلف الفقهاء يف اشرتاط اإلسالم يف ناظر الوقف عىل ثالثة أقوال:* القول األول: جلمهور الفقهاء: املالكية)6) والشافعية)7) والزيدية)8) واإلمامية)9)، وهو

))) حاشية ابن عابدين )/85).))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/85).

))) االسرتوشني )؟-))6هـ( هو حممد بن حممود بن حسني، أبو الفتح، جمد الدين، االسرتوشني، وقيل: األرسوشني نسبة اهلداية صاحب وعن أبيه عن أخذ املجتهدين، من عرصه يف كان حنفي فقيه سمرقند، رشقي يف بلدة »أرسوشنة« إىل الفروع، يف الصغار« أحكام و»جامع املعامالت، يف »الفصول« تصانيفه: من وغريهم. السمرقندي الدين نارص وعن

و»الفتاوى« و»قرة العني يف إصالح الدارين« ]الفوائد البهية ص 00)، واجلواهر املضية )/66)، واألعالم 86/7[.))) أحكام الصغار )/88)، ط دار الفضيلة بالقاهرة.

)5) حاشية ابن عابدين )/85).)6) مواهب اجلليل 7/6).

)7) روضة الطالبني 7/5))، ومغني املحتاج )/)9).)8) البحر الزخار )/65).)9) مفتاح الكرامة 9/)).

الباب األول: في تعريف النظارة

77

النظارة النظارة كافر؛ ألن أنه يشرتط يف ناظر الوقف أن يكون مسلام، فال جيوز أن يتوىل والية والكافر ليس من أهل الوالية.

* القول الثاين: للحنابلة، وهو أنه يشرتط يف ناظر الوقف أن يكون مسلام إذا كان املوقوف عليه مسلام أو جهة من جهات اإلسالم كاملساجد واملدارس ونحوها؛ ألن النظارة والية للكفرين ع ٱلمؤمنني والكافر ال ييل من أمور املسلمني شيئا؛ لقوله تعاىل: ﴿ولن يعل ٱلله

سبيال﴾))).أما إذا كان املوقوف عليه كافرا ال يشرتط إسالم الناظر، فيصح أن يكون الناظر كافرا

كام يف وصية الكافر لكافر عىل كافر))).* القول الثالث: للحنفية، وهو أنه ال يشرتط إسالم الناظر، فيجوز أن يتوىل النظارة عىل الوقف كافر)))؛ ألن املقصود من النظارة احلفظ مع القدرة عىل إدارة أعيان الوقف وهذا

يتأتى من املسلم وغري املسلم))).وأرى أن األوىل هو األخذ بام ذهب إليه احلنابلة؛ التفاقه مع مبدأ عدم والية الكافر عىل املسلم، ألن ما استدل به أصحاب القول األول من أن الكافر ليس من أهل الوالية الكافر فهو من أهل أما املسلمني، الوالية عىل ليس عىل إطالقه، وإنام هو ليس من أهل

الوالية عىل من هو مثله، فيجوز أن يتوىل ما وقف عليهم.وجياب عام استدل به احلنفية بأنه وإن كان املقصود من النظارة حفظ الوقف وإدارته ذكر وقد املسلمني، الوقف عىل كان إذا كافر يتوالها أن فال جيوز النظارة والية، أن إال

احلنفية أنفسهم أن النظارة ضمن الواليات واعتربوها إحدى مراتبها)5).الرشط الرابع: العدالة:

العدالة يف اللغة: العدل، وهو ضد اجلور، واحلكم باحلق، والعدل من الناس: املريض قوله وحكمه)6).

))) سورة النساء/اآلية ))))).))) كشاف القناع )/70)، ورشح منتهى اإلرادات )/)50.

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/85)، والبحر الرائق 5/5)).))) اإلسعاف ص 9).

)5) انظر: األشباه والنظائر البن نجيم ص 60)، ط دار الكتب العلمية، بريوت، 985)م.)6) لسان العرب ))/0)).

النظارة على الوقف

78

والعدالة يف االصطالح هي: اجتناب كبائر الذنوب وعدم اإلرصار عىل صغائرها))).وقد اختلف الفقهاء يف اشرتاط العدالة يف ناظر الوقف عىل ثالثة أقوال:

* القول األول: جلمهور الفقهاء: املالكية))) والشافعية))) والزيدية))) واإلمامية)5) وبعض احلنفية)6)، وهو أنه تشرتط العدالة يف ناظر الوقف، فال جيوز أن يتوىل فاسق نظارة الوقف.

ومل يستثن الشافعية)7) والزيدية)8) وبعض احلنفية)9) من رشط العدالة يف ناظر الوقف أحدا ولو كان الناظر الواقف نفسه.

قال هالل: ألن ملكه قد زال عنه وصار كاحلافظ له للمساكني، فإذا كان غري مأمون عىل حق املساكني انتزعها القايض منه، أال ترى أن رجال لو أوىص إىل رجل وهو غري مأمون

انتزع منه املال ألن املال قد صار لغريه، وال جيوز أن يوليه من ليس بمأمون)0)).

))) بدائع الصنائع 68/6)، وجواهر اإلكليل )/)6، واملنهاج مع مغني املحتاج )/7))، وكشاف القناع 8/6)). وهناك تعاريف أخرى للعدالة ال خترج يف مضموهنا عام أثبتناه، وبعض الفقهاء يضيف قيودا أخرى كغلبة احلسنات واملحافظة عىل املروءة، وفيام يأيت نذكر طائفة من تعاريف العدالة: قال الكاساين: اختلفت عبارات مشاخينا يف ماهية العدالة املتعارفة، قال بعضهم: من مل يطعن عليه يف بطن وال فرج فهو عدل؛ ألن أكثر أنواع الفساد والرش يرجع إىل هذين العضوين. وقال بعضهم: من مل يعف عليه جريمة يف دينه فهو عدل. وقال بعضهم: من غلبت حسناته سيئاته فهو عدل. وقال بعضهم: من جيتنب الكبائر وأدى الفرائض وغلبت حسناته سيئاته فهو عدل، وهو اختيار فخر الدين عىل البزودي )بدائع الصنائع ا 68/6)(. وقال ابن عابدين نقال عن الذخرية: أحسن ما قيل يف تفسري العدالة أن يكون جمتنبا للكبائر وال يكون مرصعىل الصغائر، ويكون صالحه أكثر من فساده وصوابه أكثر من خطئه )حاشية ابن عابدين )/)7)(. وقال ابن جزي من املالكية: العدل هو الذي جيتنب الذنوب الكبائر ويتحفظ من الصغائر وحيافظ عىل مروءته )القوانني الفقهية ص )0)، ط دار القلم - بريوت، 977)م(. وقال ابن احلاجب منهم: العدالة املحافظة الدينية عىل اجتناب الكذب والكبائر وتوقي الصغائر وأداء األمانة وحسن املعاملة ليس معها بدعة أو أكثرها. وعرفها املازري بأهنا: صفة مظنة متنع موصوفها البدعة الكبائر اجتناب بأهنا العدالة الشافعية اجلليل 6/)5)(. وعرف )مواهب الصغائر قليل عرفا ومعصية غري يشينه وما العدالة هي استواء أحواله يف دينه واجتناب اإلرصار عىل صغرية )املنهاج مع مغني املحتاج )/7))(. وقال احلنابلة: فال املحرم واجتناب الراتبة، بسننها الفرائض أداء وهو الدين، يف الصالح شيئان: هلا ويعترب وأفعاله. أقواله واعتدال يرتكب كبرية وال يدمن عىل صغرية. واستعامل املروءة وهو ما جيمله ويزينه وترك ما يدنسه ويشينه عادة )كشاف القناع

8/6)) وما بعدها(.))) مواهب اجلليل 7/6)، والتاج واإلكليل ملخترص خليل هبامش مواهب اجلليل 7/6)، والذخرية 9/6)).

))) املنهاج مع مغني املحتاج )/)9).))) رشح األزهار )/89).

)5) الروضة البهية يف رشح اللمعة الدمشقية )/77).)6) رشح فتح القدير 5/)))، واإلسعاف ص 9)، والعقود الدرية يف تنقيح الفتاوى احلامدية )/96).

)7) هناية املحتاج 99/5).)8) رشح األزهار )/90).

)9) رشح فتح القدير 5/))).

)0)) أحكام الوقف ص )0).

الباب األول: في تعريف النظارة

79

واستثنى املالكية من رشط العدالة نظارة غري العدل إذا ريض املوقوف عليه بنظارته وكان مالكا أمر نفسه.

القايض فإن النظر غري مأمون إذا كان سيىء الناظر عىل احلبس إن قال احلطاب))): يعزله، إال أن يكون املحبس عليه مالكا أمر نفسه ويرىض به ويستمر))).

واستثنى بعض اإلمامية املوقوف عليه، فال تشرتط عدالته إذا توىل نظارة وقفه))).* القول الثاين: لبعض احلنفية )كابن نجيم وابن عابدين(، وهو أنه ال تشرتط العدالة يف ناظر الوقف، فيجوز أن يتوىل النظارة فاسق، وهؤالء عدوا العدالة من رشوط األولوية

ال من رشوط الصحة))).قال ابن نجيم: إن الناظر إذا فسق استحق العزل وال ينعزل؛ ألن القضاء أرشف من التولية وحيتاط فيه أكثر من التولية، والعدالة فيه رشط األولوية حتى يصح تقليد الفاسق،

وإذا فسق القايض ال ينعزل عىل الصحيح املفتى به فكذا الناظر)5).* القول الثالث: للحنابلة، وهو التفريق بني كون الناظر ثبتت نظارته بالتفويض وكوهنا

ثبتت من غري تفويض.فإن ثبتت النظارة بالتفويض فال بد من أن تثبت إما بالتفويض من احلاكم أو الناظر

وإما أن تثبت بالتفويض من الواقف.النظارة له املفوض فإنه يشرتط يف الناظر أو بتفويض من احلاكم النظارة فإن كانت هلا فاشرتط مال عىل والية ألهنا عليهم؛ املوقوف من كان أم أجنبيا كان سواء العدالة،

العدالة كالوالية عىل مال اليتيم.وإن كانت النظارة بتفويض من الواقف مل تشرتط العدالة، فإن رشط الواقف النظارة ))) احلطاب ))90-)95هـ( هو حممد بن حممد بن عبد الرمحن الرعيني، أبو عبد اهلل، الشهري باحلطاب، أصله من املغرب الفقه وأصوله، بالعربية، حمقق يف بالتفسري ووجوهه حافظ للحديث وعلومه، حميط فقيه مالكي عارف ومولده بمكة، أخذ الفقه وغريه عن مجاعة كوالده احلطاب الكبري والعالمة أمحد بن عبد الغفار، وأخذ عنه الشيخ عبد الرمحن التاجوري وحممد القييس وولده حييى وغريهم. من تصانيفه: »قرة العني برشح ورقات إمام احلرمني« يف األصول، و»مواهب اجلليل يف رشح خمترص خليل«، و»حترير الكالم يف مسائل االلتزام« ]نيل االبتهاج بتطريز الديباج 7))، ط بن شقرون بمرص،

)5))هـ، مطبوع هبامش الديباج املذهب، واألعالم 58/7[.))) مواهب اجلليل 7/6).))) مفتاح الكرامة 9/)).

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/85)، والبحر الرائق 5/))).)5) البحر الرائق 5/))).

النظارة على الوقف

80

ألحد سواء كان أجنبيا أم من املوقوف عليهم صار ناظرا ولو كان فاسقا، ويف هذه احلالة الواقف تزال يده؛ ألنه أمكن اجلمع بني احلقني )رشط الوقف وال إليه أمني حلفظ يضم وحفظ الوقف( فإن مل يمكن حفظه منه أزيلت واليته، فإن مراعاة حفظ الوقف أهم من

إبقاء والية الفاسق عليه، ومثله يف احلكم ما لو كان الناظر عدال ثم فسق.يشرتط مل بأن أحد من تفويض غري من ابتداء عليه للموقوف النظارة ثبتت وإن الواقف ناظرا أو رشطه إلنسان فامت املرشوط له فإن املوقوف عليه يكون أحق بالنظارة إذا كان آدميا معينا أو مجعا حمصورا، فيتوىل النظارة عىل وقفه، سواء كان عدال أم فاسقا رشيدا

أم حمجورا عليه))).املختار:

الناظر؛ حفاظا عىل العدالة يف اشرتاط الفقهاء من إليه مجهور بام ذهب األخذ أرى الوقف من العبث والضياع، فإن من ال يتورع عن خمالفة أوامر اهلل تعاىل فإنه ال يتورع عن أي وبني بينه الذي حيول احلارس هو الناظر العدالة يف فكان رشط آخر، أي يشء فعل

ترصف يرض بالوقف أو املوقوف عليه.وجتدر اإلشارة هنا إىل أن بعض الفقهاء))) اشرتط األمانة))) بدل العدالة، بل إن غالب

كتب احلنفية عىل ذلك))).وقد استعمل احلنفية األمانة هنا بمعنى مرادف للعدالة، يدل عىل ذلك ما جاء يف البحر الرائق: ويف اإلسعاف ال يوىل إال أمني قادر بنفسه أو بنائبه ... والظاهر أهنا رشائط األولوية ال رشائط الصحة، وأن الناظر إذا فسق استحق العزل وال ينعزل؛ ألن القضاء أرشف من التولية وحيتاط فيه أكثر من التولية والعدالة فيه رشط األولوية حتى يصح تقليد الفاسق،

وإذا فسق القايض ال ينعزل عىل الصحيح املفتى به فكذا الناظر)5).

))) رشح منتهى اإلرادة )/)50، وكشاف القناع )/70).))) كالطرابليس يف إسعافه والقرايف يف ذخريته والنووي يف روضته وزكريا األنصاري يف روضه )انظر: اإلسعاف ص 9)،

والذخرية 9/6))، وروضة الطالبني 7/5))، ورشح روض الطالب )/)7)).املحيط والقاموس ،((/(( العرب )لسان واألمان والوديعة، والعبادة، والطاعة، اخليانة، ضد اللغة: يف األمانة ((()/97)(. واألمانة يف االصطالح: حفظ اليشء وعدم الترصف فيه إال بمقتىض الرشع )دستور العلامء )/)7)، ط دائرة املعارف النظامية بحيدر آباد، اهلند - الطبعة األوىل، واملغرب يف ترتيب املغرب ص 9)، ط دار الكتاب العريب - بريوت(.

))) البحر الرائق 5/)))، وحاشية ابن عابدين )/85)، واإلسعاف 9).)5) البحر الرائق 5/))).

الباب األول: في تعريف النظارة

81

واعترب الشافعية األمانة أخص من العدالة))).أعم العدالة ألن األمانة؛ اشرتاط عن يغني الناظر يف العدالة اشرتاط أن ونرى

فاشرتاطها يقتيض اشرتاط األمانة، يف حني اشرتاط األمانة ال يغني عن اشرتاط العدالة.مسألة: نوع العدالة املرشوط يف الناظر:

قسم الفقهاء العدالة إىل عدالة ظاهرة وعدالة باطنة أو حقيقية.وتعرف الناس، أمام فسق منه يظهر ال بأن العالنية عدالة هي الظاهرة: والعدالة

باملخالطة.منه فسق ولو يف خلوته ورسه، وال بأن ال يصدر الرس الباطنة: هي عدالة والعدالة

تعرف إال بالتزكية عند احلاكم))).وقد اختلف الفقهاء يف نوع العدالة املرشوطة يف الناظر عىل قولني:

والزيدية)6) واحلنابلة)5) واملالكية))) احلنفية))) الفقهاء: جلمهور األول: القول *واإلمامية)7)، وهو أنه يكتفي بالعدالة الظاهرة يف الناظر.

* القول الثاين: للشافعية، وهو أنه تشرتط العدالة الباطنة يف الناظر، سواء كانت توليته من الواقف أم احلاكم، واكتفى السبكي)8) يف منصوب الواقف بالعدالة الظاهرة)9).

وأرى األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء من االكتفاء بالعدالة الظاهرة؛ ملشقة الوقوف عىل العدالة احلقيقية يف الشخص واألمر إذا ضاق اتسع.

))) رشح روض الطالب )/)7).))) مغني املحتاج )/5))، وكشاف القناع 66/5.

))) رشح فتح القدير 5/))).))) مواهب اجلليل 7/6).)5) كشاف القناع )/70).)6) رشح األزهار )/89).)7) الروضة البهية )/77).

الدين، أبو احلسن، فقيه شافعي أصويل حافظ )8) السبكي ))68-756هـ( هو عيل بن عبد الكايف بن عيل السبكي، تقي مفرس لغوي، كان حمققا مدققا نظارا له يف الفقه وغريه االستنباطات اجلليلة والدقائق والقواعد املحررة التي مل يسبق إليها، ولد يف سبك يف املنوفية بمرص، أخذ عن علم الدين العراقي وابن الرفعة واحلافظ رشيف الدين الدمياطي وغريهم، وأخذ عنه احلافظ أبو احلجاج املزي وأبو عبد اهلل الذهبي وغريمها. ويل قضاء الشام، ومشيخة دار احلديث باألرشفية والشامية احللبية و»املسائل املنهاج«، رشح يف و»االبتهاج يكمله، مل التفسري يف النظيم« »الدر تصانيفه: من وغريها. والربانية

وأجوبتها«، و»جمموعة فتاوى« ]طبقات الشافعية الكربى 6/6))، وشذرات الذهب 80/6)، واألعالم )/)0)[.)9) هناية املحتاج 99/5)، وحتفة املحتاج 88/6).

النظارة على الوقف

82

الرشط اخلامس: الكفاية:الكفاية يف اللغة: مصدر الفعل كفى، وله يف اللغة معان، منها: االستغناء باليشء عن غريه، يقال: كفاه اليشء كفاية: استغنى به عن غريه، والقيام باألمر عن الغري، يقال: كفى فالنا األمر: قام فيه مقامه، ويقال: كفاه مؤونته، واحلفظ، يقال: كفى اهلل فالنا رش فالن:

حفظه من كيده))).والكفاية يف االصطالح هي: قوة الشخص وقدرته عىل الترصف فيام هو ناظر عليه))).

وقد اختلف الفقهاء يف اشرتاط الكفاية يف ناظر الوقف عىل قولني:* القول األول: جلمهور الفقهاء: املالكية))) والشافعية))) واحلنابلة)5) واإلمامية)6)، وهو أنه تشرتط الكفاية يف ناظر الوقف؛ ألن مراعاة حفظ الوقف مطلوبة رشعا، وإن مل يكن

الناظر متصفا بصفة الكفاية مل يمكنه مراعاة حفظ الوقف)7).وقد نص الشافعية عىل أن الناظر إذا كان له النظر عىل أوقاف متعددة فإنه ال يستلزم من ثبوت كفايته عىل بعضها ثبوهتا عىل سائرها، بل ال بد من ثبوت كفايته عىل كل وقف

عىل حدة.بكثرة مثله أو كفايته فيه أثبتت ما فوق الباقي كان إذا ظاهر وهو الدمريي)8): قال

مصارفه وأعامله، فإن كان أقل فال)9).

))) لسان العرب 5)/5))، واملعجم الوسيط )/)79.))) مغني املحتاج )/)9)، وكشاف القناع )/70).

))) الذخرية للقرايف 9/6)).))) هناية املحتاج 99/5).

)5) كشاف القناع )/70).)6) مفتاح الكرامة 9/)).

)7) اإلسعاف يف أحكام األوقاف ص 9)، وكشاف القناع )/70).)8) الدمريي )))7-808هـ( هو حممد بن موسى بن عيسى بن عيل، أبو البقاء، الدمريي، نسبة إىل دمرية قرية بمرص، ولد ونشأ وتويف بالقاهرة، فقيه شافعي مفرس أديب نحوي، أخذ عن هباء الدين أمحد بن التقي السبكي ومجال الدين األسنوي والتدريس باالفتاء له أذن والعربية، والتفسري واحلديث الفقه يف برع وغريهم، املالكي النويري الدين كامل والقايض وتصدى لإلقراء فانتفع به مجاعة. من تصانيفه: »النجم الوهاج يف رشح منهاج النووي«، و»الديباجة« يف رشح كتاب ابن ماجه، و»حياة احليوان« ]شذرات الذهب 79/7، والضوء الالمع ألهل القرن التاسع للسخاوي 0)/59، ط دار مكتبة

احلياة، بريوت، واألعالم 8/7))).)9) هناية املحتاج 99/5)، ومغني املحتاج )/)9).

الباب األول: في تعريف النظارة

83

* القول الثاين: للحنفية))) والزيدية)))، وهو أنه ال تشرتط الكفاية يف ناظر الوقف، وقد عد احلنفية الكفاية من رشائط األولوية ال من رشائط الصحة.

واملذهب عند احلنفية عزل الناظر إذا كان عاجزا عن النظر عىل الوقف، والذي يعزله هو القايض ملصلحة الوقف))).

وقال الزيدية: إذا عجز الناظر عن القيام بام يتوجه عليه فإن احلاكم يقيم من يعينه وال يعزله))).املختار:

الذي نختاره هو األخذ بالقول األول القائل باشرتاط الكفاية يف ناظر الوقف؛ ألنه ليس من مصلحة الوقف تولية غري الكفء الذي ال يقدر عىل تأدية أعامل النظارة عىل أكمل

وجهها، والقاعدة أنه يفتى يف الوقف بام هو أنفع له)5).وال شك يف وجاهة ما نص عليه الشافعية من أن الناظر إذا كان له النظر عىل أوقاف متعددة فإنه ال يستلزم من ثبوت الكفاية عىل أحدها ثبوهتا عىل سائرها، خاصة أنه قد تتعدد وبعضها زراعية أرضا بعضها األعيان كانت لو كام طبيعتها حيث من املوقوفة األعيان اإلدارة حيث خاصة من طبيعة األعيان تلك من فلكل عني مستشفى، وبعضها مصانع

وترصيف األمور، وحتتاج كل عني إىل كفاية خاصة هبا ختتلف عن كفاية العني األخرى.واشرتاط الكفاية يغني عام ذكره بعض الفقهاء من ألفاظ تؤدي معنى الكفاية ذكروها الشافعية)6) وبعض الذي ذكره بعض الترصف أو معه: كاالهتداء إىل الكفاية بدل رشط ذكره الذي واجللد احلنابلة)8). ذكره الذي فيه واخلربة الترصف عىل والقوة اإلمامية)7).

بعض اإلمامية)9).ويتعلق برشوط الناظر وصفاته مسائل نذكرها فيام يأيت:

))) البحر الرائق 5/)))، وحاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/85).))) رشح األزهار )/89).

))) تنقيح الفتاوى احلامدية )/99)-00).))) رشح األزهار )/89)، والبحر الزخار )/65).

)5) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)0).)6) املنهاج مع مغني املحتاج )/)9).

)7) الروضة البهية )/77)، ومفتاح الكرامة 9/)).)8) كشاف القناع )/70).)9) مفتاح الكرامة 9/)).

النظارة على الوقف

84

املسألة األوىل: نظارة املرأة:اتفق الفقهاء عىل أنه جيوز للمرأة أن تتوىل النظارة عىل الوقف كالرجل إذا توفرت فيها

رشوط الناظر))).قال الطرابليس: يستوي يف الوالية عىل الوقف الذكر واألنثى))).

وقال البهويت: وال تشرتط يف الناظر الذكورية))).ويف الفتاوى احلامدية: سئل فيام إذا نصب القايض امرأة من مستحقي الوقف ناظرة منها، وأرشد ذكرا لكونه منها أحق أنه زاعام ذلك يف يعارضهم منهم رجل فقام عليه، واحلال أهنا أمينة أهل للنظارة كافية بمصالح الوقف، ومل يشرتط الواقف النظر لألرشد، يمنع من معارضتها واحلالة هذه؟ اجلواب: نعم يمنع حيث احلال ما ذكر إال بوجه فهل

رشعي وال عربة بزعمه املذكور، واألنوثة ال متنع الرشد))).والدليل عىل جواز تويل املرأة النظارة عىل الوقف ما يأيت:

)- ما رواه أبو داود والدار قطني: »أن عمر بن اخلطاب ريض اهلل تعاىل عنه كان ييل أمر صدقته، ثم جعله إىل حفصة تليه ما عاشت، ثم يليه أولو الرأي من أهلها«)5).

)- وألن النظارة عىل الوقف والية خاصة، واملرأة من أهل الواليات اخلاصة.)- وحلصول املقصود من النظارة عىل الوقف من املرأة كحصوهلا من الرجل بال فرق.

املسألة الثانية: نظارة األعمى:جيوز لألعمى أن يتوىل النظارة عىل الوقف كالبصري؛ إذا توفرت فيه رشوط الناظر)6)؛ ألن النظارة عىل الوقف ال ختلو إما أن تكون وكالة أو وصاية أو والية، واألعمى جيوز له

أن يبارش هذه األمور، ويأيت النظر منه كالبصري.يف يستمر أن البصري للناظر جيوز فكذا ابتداء النظارة يتوىل أن لألعمى جيوز وكام

النظارة إذا طرأ عليه العمى.

))) اإلسعاف يف أحكام األوقاف ص 9)، ومواهب اجلليل 8/6)، ومغني املحتاج )/)9)، وكشاف القناع )/70).))) اإلسعاف ص 9).

))) كشاف القناع )/70).))) العقود الدرية يف تنقيح الفتاوى احلامدية )/99).

)5) أخرجه أبو داود يف كتاب الوصايا باب ما جاء يف الرجل يوقف الوقف )سنن أيب داود )/05)، ط مصطفى احللبي، )95)م(. والدار قطني يف كتاب األحباس، باب كيف يكتب احلبس )سنن الدار قطني )/89)، )9)، ط دار املحاسن

بالقاهرة، 966)م(. قال ابن حجر: سنده صحيح )انظر: التلخيص احلبري )/69).)6) اإلسعاف يف أحكام األوقاف ص 9)، وحاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/85).

الباب األول: في تعريف النظارة

85

جاء يف تنقيح الفتاوى احلامدية: سئل يف ناظر أمني عىل وقف أهيل طرأ عليه العمى وهو قادر عىل تعاطي أمور الوقف ومصاحله، يريد بعض املستحقني عزله بمجرد العمى،

فهل يصلح األعمى ناظرا وال يعزل؟ اجلواب: نعم كام يف األشباه))).املسألة الثالثة: نظارة العاجز عن احلركة:

نص احلنفية عىل أنه إذا أذاب الناظر داء فأقعده يف فراشه ومنعه عن احلركة واعتقل وظيفة عن إخراجه للقايض جيوز فإنه بالكلية الوقف مصالح تعاطي عن وعجز لسانه النظر؛ ألن ترصف القايض يف األوقاف مقيد باملصلحة، وحيث رأى القايض املصلحة يف

عزله لتعطل مصالح الوقف بذلك فقد صح عزله))).أما إذا مل يعجز الناظر بالكلية بأن كان بحيث يمكنه الكالم من األمر والنهي واألخذ

واإلعطاء فإنه يبقى يف النظارة))).ثانياا: رشوط الناظر العتباري:

هبذه الترشيع يعرتف أن وهو واحد رشط االعتبارية الشخصية الكتساب يشرتط الشخصية بصفة مستقلة عن غريها.

وذلك ألن عنرصي الشخصية االعتبارية، ومها: االجتامع لتحقيق مصلحة مشرتكة، مادي حد هلا ليس املشرتكة املصلحة إن حيث الترشيعي االعتبار عىل يتوقفان والذمة حيدها، وكذلك الذمة هي حقيقة عقلية غري حمسوسة، لذلك كان تشخيص هذه املصلحة

وإثبات الذمة هلا أمرا حيتاج إىل تقرير من جانب الترشيع.يكفي بل حدة، عىل ناشئ اعتباري شخص لكل بذلك الترشيع يعرتف أال وجيب

االعرتاف النوعي))).

املطلب الثاين»من تثبت له النظارة على الوقف؟«

سبق يف أقسام النظارة أن النظارة تنقسم إىل: أصلية ومستفادة أو فرعية، وسبق تعريف

))) تنقيح الفتاوى احلامدية 0)/00)، وانظر: األشباه والنظائر البن نجيم ص )))، ط دار الكتب العلمية - بريوت، 985)م.))) تنقيح الفتاوى احلامدية )/99)-00).

))) رشح فتح القدير 5/)5).))) املدخل الفقهي العام )/)8).

النظارة على الوقف

86

كل نوع.يكون أن وإما أصلية، بصفة يكون أن إما لألشخاص الوقف عىل النظارة وثبوت

بصفة مستفادة أو فرعية.: من تثبت له النظارة األصلية؟ أولا

الواقف والويص الفقهاء لكل من: النظارة األصلية عىل خالف وتفصيل بني تثبت واملوقوف عليه والقايض.

وتفصيل ذلك فيام يأيت:أ- الواقف:

اختلف الفقهاء يف ثبوت النظارة األصلية للواقف عىل قولني:* القول األول: جلمهور الفقهاء: حممد بن احلسن من احلنفية))) واملالكية))) والشافعية يف املذهب))) واحلنابلة))) وأكثر اإلمامية)5)، وهو أن النظارة األصلية ال تثبت للواقف، وإنام

تثبت لغريه كالويص أو القايض أو املوقوف عليه عىل خالف بينهم يأيت بيانه الحقا.واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:

)( إن الوقف قد خرج عن ملك الواقف إىل ملك اهلل تعاىل، وكل ما كان كذلك كان النظر فيه للقايض)6).

)( وألن القايض له النظر العام فكان هو أوىل بالنظر فيه من غريه)7).وإنام منع حممد بن احلسن النظارة األصلية للواقف؛ ألن تسليم الوقف إىل الناظر أو

القيم رشط لصحة الوقف عنده، فإذا سلم مل يبق له والية فيه)8).وكذلك منع املالكية النظارة األصلية للواقف؛ ألن حوز املوقوف عليه الوقف رشط

))) رشح فتح القدير 5/))).))) مواهب اجلليل 7/6)، والذخرية 9/6)).

))) مغني املحتاج )/)9)، واحلاوي الكبري 97/9).))) كشاف القناع )/68)، واإلنصاف 69/7.

)5) مفتاح الكرامة 9/)).)6) مغني املحتاج )/)9).

)7) مغني املحتاج )/)9)، ورشح روض الطالب )/)7).)8) اهلداية مع رشوحها 5/))).

الباب األول: في تعريف النظارة

87

لصحة الوقف، وبقاء الوالية للواقف مناف للحوز))).والزيدية))) عندهم))) املذهب ظاهر وهو احلنفية من يوسف أليب الثاين: القول *األصلية النظارة أن وهو اإلمامية)6)، وبعض رواية)5) يف واحلنابلة وجه))) يف والشافعية

تثبت للواقف عىل وقفه.واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:

الوالية له يكون أال فيستحيل برشط الواقف جهة من الوالية يستفيد إنام الناظر إن )(وغريه يستفيد الوالية منه)7).

)( إن الواقف هو أقرب الناس إىل هذا الوقف فيكون هو أوىل بواليته، كمن أعتق عبدا كان الوالء له ألنه أقرب الناس إليه)8).

املختار:ما نختاره هو األخذ بالقول الثاين القائل بثبوت النظارة األصلية للواقف؛ لألدلة التي ذكروها، وألن خروج الوقف عن ملك الواقف ال يمنع من ثبوت نظارته عليه؛ ألن الوقف هذا الناس عىل أحرص فهو وثوابه أجره من الوحيد املستفيد إليه، وهو ينسب يزال ال الوقف، كام أنه أدرى الناس بطبيعة وقفه وكيفية إدارته؛ لذلك كان من الطبيعي أن تثبت

النظارة للواقف بصفة أصلية.ب- الويص:

اختلف الفقهاء يف ثبوت النظارة األصلية لويص الواقف عىل قولني:* القول األول: أليب يوسف من احلنفية وهو املذهب عندهم)9) واملالكية)0)) والزيدية))))،

))) الذخرية للقرايف 9/6))، والرشح الصغري )/07).))) البحر الرائق 5/)))، واهلداية مع رشوحها 7/5))، )))-)))، وأحكام الوقف هلالل ص )0).

))) البحر الزخار )/65).))) روضة الطالبني 7/5)).

)5) اإلنصاف 7/)).)6) مفتاح الكرامة 9/)).

)7) اهلداية مع رشوحها 5/))).)8) املرجع السابق.

)9) أحكام الوقف هلالل ص )0)، وحاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/09).)0)) حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري )/88، ومواهب اجلليل 7/6).

)))) رشح األزهار )/89).

النظارة على الوقف

88

وهو أنه تثبت النظارة األصلية لويص الواقف.قال الدسوقي))): إن مات الناظر والواقف حي جعل النظر ملن شاء، فإن مات فوصيه

إن وجد وإال فاحلاكم))).النظر يف وقال احلطاب: وإن أوىص وصيا عىل ماله وعىل من كان يف حجره كان له

احلبس))).* القول الثاين: ملحمد بن احلسن من احلنفية))) والشافعية)5) واحلنابلة)6) واإلمامية)7)،

وهو أنه ال تثبت النظارة األصلية لويص الواقف.قال حممد بن احلسن: ال والية للواقف ... وكذا لو مات وله ويص ال والية لوصيه)8).

وإنام مل يثبت هؤالء النظارة األصلية للويص ألهنم ال يثبتوهنا للواقف الذي هو بمنزلة األصيل بالنسبة للويص، فال يثبتوهنا لوصيه الذي هو بمنزلة الوكيل من باب أوىل.

يثبتوهنا فكذا للواقف األصلية النظارة يثبتون فإهنم األول القول أصحاب وأما لوصيه.

املختار:سبق أن اخرتنا قول القائلني بثبوت النظارة األصلية للواقف، ولذا نختار قول القائلني بثبوت النظارة األصلية لويص الواقف؛ ألنه بمنزلة الوكيل، وما دام الواقف يملك النظارة

األصلية فإنه يملك التوكيل فيها.وتتميام للفائدة نورد ما ذكره احلنفية من الفروع املتعلقة بالويص، وهي:

)( إذا وقف رجل وقفا يف صحته ثم قال لرجل عند وفاته أنت وصيي ومل يزد عىل ذلك،

))) الدسوقي )؟-0)))هـ( هو حممد بن أمحد بن عرفة الدسوقي نسبة إىل »دسوق« بمرص، فقيه مالكي ومن علامء العربية، الزم حضور دروس املشايخ كالصعيدي والدردير واجلناحي والنفراوي، ثم تصدر للتدريس وأخذ عنه كثري، منهم أمحد الصاوي وعبد اهلل الصعيدي وحسن العطار. من تصانيفه: »حاشية عىل الرشح الكبري«، و»حاشية عىل خمترص السعد«، و»حاشية عىل

كربى السنويس« ]شجرة النور الزكية يف طبقات املالكية )6)، ط دار الكتاب العريب، بريوت، واألعالم 7/6)[.))) حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري )/88.

))) مواهب اجلليل 7/6).))) البحر الرائق 5/))).

)5) مغني املحتاج )/)9)، ورشح روض الطالب )/)7).)6) كشاف القناع )/68).)7) مفتاح الكرامة 9/)).)8) البحر الرائق 5/))).

الباب األول: في تعريف النظارة

89

كان وصيا يف كل وقف له، وفيام كان يف يده من الوقف ويف ماله وولده.الواقف أريض صدقة موقوفة عىل أن لفالن واليتها يف حيايت وبعد وفايت ثم إذا قال )(أوىص بعد ذلك إىل رجل، فللويص الثاين أن ييل ذلك الوقف مع الذي رشط له والية

الوقف مجيعا كالوصية من امليت يف والية الوقف.)( لو وقف أرضني له، كل أرض منها عىل رجل معلوم، وأوىص إىل كل رجل منهم فيام كل يشارك الويص فهذا رجل، إىل فأوىص ذلك بعد الوفاة حرضته ثم عليه، وقف

واحد منهم يف والية األرض التي وقفها؛ ألنه صار وصيا للميت يف مجيع الوقف.فلو أوىص إىل هذا الرجل يف يشء بعينه فال يكون له من والية الوقف يشء، وله والية ما

أوىص به إليه خاصة دون ما سوى ذلك.)( إن كان الواقف أوىص إىل كل واحد من هؤالء املوقوفة عليهم هذه األرضية يف األرض التي وقفها عليه ثم حرضته الوفاة، فقال: قد أوصيت إىل فالن ورجعت عن كل وصية

يل، صارت والية الوقف إىل هذا الرجل وبطل ما أوىص به إىل هؤالء.فإن قال: قد رجعت عام أوصيت به، ومل يوص إىل أحد فينبغي للقايض أن يويل هذا

الوقف من يثق به، وقد بطلت وصاية هؤالء املوقوفة عليهم))).ج- املوقوف عليه:

ذهب الفقهاء إىل عدم ثبوت النظارة للموقوف عليهم إذا كانوا غري معينني كالفقراء واملساكني والغزاة والعلامء، أو كان املوقوف عليه جهة ال تعقل كاملسجد واملدرسة.

وإنام مل تثبت النظارة للموقوف عليهم إذا كانوا غري معينني لعدم تعني املستحق منهم، ومل تثبت للموقوف عليه إذا كان جهة ال تعقل لتعذر النظر منه))).

أو كزيد معينا كان إذا عليه للموقوف األصلية النظارة ثبوت يف الفقهاء واختلف أوالد فالن عىل قولني:

))) انظر: هذه الفروع يف أحكام الوقف هلالل ص )0)-05). ،((7/5 الطالبني وروضة ،88/( الدسوقي حاشية مع الكبري والرشح ،((0-(09/( املحتار ورد املختار الدر (((

وكشاف القناع )/68)، واملغني البن قدامة 7/8))، والبحر الزخار )/65)، ومفتاح الكرامة 9/)).

النظارة على الوقف

90

واإلمامية))) والزيدية))) واحلنابلة))) املالكية))) الفقهاء: جلمهور األول: القول *والشافعية يف وجه)5)، وهو أن النظارة األصلية تثبت للموقوف عليه.

واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:)( إن الوقف ملك للموقوف عليه ونفعه له فكان نظره إليه كملكه املطلق)6).

وهذا دليل من يرى أن الوقف ملك للموقوف عليه.)( إن الوقف خمتص باملوقوف عليه فكانت النظارة إليه تغليبا حلكم األخص)7).

وهذا دليل من يرى أن الوقف ملك هلل تعاىل.* القول الثاين: للحنفية)8) والشافعية يف املذهب)9)، وهو أن النظارة األصلية ال تثبت

للموقوف عليهم.وإنام مل يثبت هؤالء النظارة األصلية للموقوف عليه مطلقا؛ ألهنم يرون أن هناك من هو

أوىل بالنظارة عىل الوقف من املوقوف عليه.فاحلنفية يرون أن الواقف أوىل الناس بالنظارة عىل وقفه؛ ألنه أقرب الناس إىل هذا الوقف)0)).

والشافعية يرون أن القايض هو أوىل من غريه بالنظارة عىل الوقف لعموم نظره)))).املختار:

ما نراه هو األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء من إثبات النظارة األصلية للموقوف عليه يمنع وال مصلحته، من ألهنا مصلحته عىل وحرصه بالوقف القريبة لصلته معينا؛ كان إذا ثبوت النظارة للواقف أو القايض من ثبوهتا للموقوف عليه؛ ألننا نقول بثبوهتا للموقوف عليه

يف حاالت معينة ال تعارض حاالت ثبوهتا للواقف أو القايض كام سيأيت يف مراتب النظار.

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88، ورشح اخلريش عىل خمترص خليل 7/)9.))) كشاف القناع )/68)، واملغني 7/8)).

))) البحر الزخار )/65)، ورشح األزهار )/89).))) رشائع اإلسالم )/)))، ومفتاح الكرامة 9/)).

)5) احلاوي الكبري 97/9).)6) املغني 7/8))، وكشاف القناع )/68)، ورشائع اإلسالم )/))).

)7) احلاوي الكبري 97/9).)8) اهلداية مع رشوحها 5/)))-)))، وأحكام الوقف هلالل ص )0).

)9) هناية املحتاج 98/5)-99).)0)) اهلداية مع رشوحها 5/))).

)))) هناية املحتاج 99/5).

الباب األول: في تعريف النظارة

91

د( القايض:اتفق الفقهاء عىل ثبوت النظارة األصلية للقايض فيام إذا مات الواقف ومل يعني ناظرا عىل وقفه وال وصيا، وكان املوقوف عليه غري معني كالفقراء واملساكني أو كان جهة ال تعقل

كاملسجد واملدرسة))).أو الواقف، للقايض يف حالة وجود النظارة األصلية ثبوت قولني يف واختلفوا عىل

وجود ويص الواقف عند موته، أو كون املوقوف عليه معينا:والزيدية)5) واحلنابلة))) واملالكية))) احلنفية))) الفقهاء: جلمهور األول: القول *واإلمامية)6) والشافعية يف وجه)7)، وهو عدم ثبوت النظارة للقايض يف تلك احلاالت؛ ألن ألن أو القايض، من الوقف إىل أقرب عليه املوقوف أو وصيه أو كالواقف القايض غري

املوقوف عليه يملك الوقف أو منافعه فكان أحق وأوىل بالنظارة من القايض)8).تلك يف للقايض األصلية النظارة ثبوت وهو املذهب، يف للشافعية الثاين: القول *احلاالت؛ ألن القايض له النظر العام فكان أوىل بالنظر يف الوقف من غريه، وألن امللك يف

الوقف هلل تعاىل)9).وقد نصت الشافعية عىل أنه إذا كان الواقف يف بلد واملوقوف واملوقوف عليه يف بلد

فإن النظارة تكون لقايض بلد املوقوف واملوقوف عليه ال بلد الواقف)0)).ولو بنى الواقف مسجدا ببلد ووقف عليه وقفا ببلد آخر ومل يرشط النظر ألحد، كان

النظر عىل املسجد لقايض بلده وعىل املوقوف لقايض بلده)))).

))) أحكام الوقف هلالل ص )0)، واإلسعاف يف أحكام األوقاف ص 50، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88، وروضة الطالبني 7/5))، وكشاف القناع )/68)، والبحر الزخار )/65)، ورشح األزهار )/89)، ومفتاح الكرامة 9/)).

))) أحكام الوقف هلالل ص )0).))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88.

))) كشاف القناع )/68).)5) رشح األزهار )/88)-89).

)6) مفتاح الكرامة 9/)).)7) روضة الطالبني 7/5)).

)8) املراجع السابقة.)9) هناية املحتاج 98/5)-99)، ومغني املحتاج )/)9).

)0)) حاشية الرميل عىل رشح روض الطالب )/)7).)))) مغني املحتاج )/)9)، وحاشية اجلمل عىل رشح املنهج )/)59.

النظارة على الوقف

92

املختار:ما نراه هو األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء من عدم ثبوت النظارة للقايض يف هذه

احلاالت؛ ملا سبق ذكره عند اختيار ثبوت النظارة للواقف والويص واملوقوف عليه.ثانياا: من تثبت له النظارة الفرعية أو املستفادة:

تثبت النظارة الفرعية ملن رشطها الواقف له وللوكيل ولويص الويص وللمصادق عىل نظارته.

أ( من رشط الواقف النظارة له:اتفق الفقهاء عىل أن الواقف إذا رشط النظارة ألحد عند إنشائه الوقف فإن املرشوط له

النظر يكون ناظرا عىل الوقف؛ ألن رشط الواقف جيب العمل به كنص الشارع))).واختلفوا يف جواز اشرتاط الواقف النظر لنفسه عىل قولني:

والزيدية)5) واحلنابلة))) والشافعية))) احلنفية))) الفقهاء: جلمهور األول: القول *واإلمامية)6)، وهو أنه جيوز للواقف أن يشرتط النظارة لنفسه ويكون عند اشرتاطها ناظرا

عىل الوقف.واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:

)( بفعل الصحابة ريض اهلل تعاىل عنهم، حيث كانوا يتولون النظارة عىل أوقافهم.قال الشافعي: أخربين غري واحد من آل عمر وآل عيل أن عمر ويل صدقته حتى مات وجعلها بعده إىل حفصة، وويل عيل صدقته حتى مات ووليها بعده احلسن بن عيل ريض اهلل عنهام، وأن فاطمة بنت رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- وليت صدقتها حتى ماتت، وبلغني عن غري

واحد من األنصار أنه ويل صدقته حتى مات)7).

))) أحكام الوقف هلالل ص )0)، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88، وهناية املحتاج 97/5)، وكشاف القناع )/65)، ورشح األزهار )/88)، ومفتاح الكرامة 9/)).

))) أحكام الوقف هلالل ص )0)-)0)، واهلداية مع رشوحها 5/)))، وحاشية ابن عابدين )/)8).))) هناية املحتاج 97/5).

))) كشاف القناع )/65).

)5) البحر الزخار )/65).)6) مفتاح الكرامة 0/9).

)7) األم للشافعي )/59، وانظر: السنن الكربى للبيهقي 6/)6)-)6).

الباب األول: في تعريف النظارة

93

)( وبأن هذا رشط من الواقف، ورشط الواقف معترب جيب العمل به كنص الشارع))).

)( وألن اشرتاط الواقف النظر لنفسه ال ينايف الوقف، بل ربام كان أدخل يف جريانه))).* القول الثاين: للاملكية، وهو أنه ال جيوز للواقف أن يشرتط النظر لنفسه عىل الوقف،

فإن رشط النظر لنفسه وكان املوقوف عليه قد حاز املوقوف كان الوقف باطال.مانع حيصل ومل عليه املوقوف حيزه ومل الواقف يد حتت يزال ال املوقوف كان وإن للوقف كمرض الواقف أو موته أو فلسه صح الوقف، وأجرب الواقف عىل أن جيعل النظر

لغريه.لكن جيوز أن يكون الواقف ناظرا إذا كان الوقف عىل صغار ولده أو من يف حجره،

فإن الواقف هو الذي يتوىل حيازة وقفهم والنظر هلم))).واستدلوا عىل ذلك بأن حوز الوقف رشط لصحته قياسا عىل اهلبة والصدقة، واشرتاط

الواقف النظر لنفسه ينايف احلوز))).ا للذريعة لئال يصري كأنه وقف عىل قال ابن بطال)5): وإنام منع مالك)6) من ذلك سدنفسه، أو يطول العهد فيطوي النسيان الوقف، أو يفلس الواقف فيترصف فيه لنفسه، أو

يموت فيترصف فيه ورثته، وهذا ال يمنع اجلواز إذا حصل األمن من ذلك)7).املختار:

ما نراه هو األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء من جواز اشرتاط الواقف النظارة لنفسه لألدلة التي ذكروها.

))) تبيني احلقائق )/9))، وهناية املحتاج 97/5).))) مفتاح الكرامة 9/)).

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/)8، ومواهب اجلليل 5/6).))) الذخرية للقرايف 9/6))، 8)).

)5) ابن بطال )؟-9))هـ( هو عيل بن خلف بن عبد امللك بن بطال القرطبي، أبو احلسن، يعرف باللجام، عامل حافظ حمدث راوية فقيه، روى عن ابن أيب صفرة والقنازعي والقايض يونس بن عبد اهلل وغريهم، وأخذ عنه مجاعة. من تصانيفه: »رشح

عيل البخاري«، و»االعتصام« يف احلديث ]شذرات الذهب )/)8)، وشجرة النور الزكية 5))، واألعالم )/85)[.)6) مالك ))9-79)هـ( هو مالك بن أنس بن مالك بن أيب عامر األصبحي احلمريي، أبو عبد اهلل، الفقيه املجتهد، إمام دار اهلجرة واملذهب املالكي، أخذ العلم عن الزهري ونافع موىل ابن عمر وربيعة الرأي وغريهم، وعنه أخذ الشافعي وابن املبارك وابن وهب وغريهم كثري. قال الشافعي: مالك حجة اهلل عىل خلقه بعد التابعني. من تصانيفه: »املوطأ«، و»رسالة وهتذيب بعدها، وما (( املذهب ]الديباج »األقضية« يف ورسالة »النجوم«، يف وكتاب القدرية«، عىل والرد القدر يف

التهذيب 0)/5، ط دائرة املعارف النظامية بحيدر آباد، اهلند، 7)))هـ، واألعالم 57/5)[.)7) فتح الباري 5/)8)، وانظر: املدونة 00/6)-)0)، ط مطبعة السعادة بمرص، ))))هـ.

النظارة على الوقف

94

ألن قياس الوقف عىل اهلبة والصدقة قياس مع الفارق؛ ألن يف اهلبة والصدقة يكون التمليك للعني واملنفعة معا، أما يف الوقف فإن التمليك يقع عىل املنفعة دون العني.

وبأن اشرتاط قبض الوقف ال يقول به إال املالكية))) وحممد بن احلسن))) واإلمامية)))، خالفا للشافعية))) واحلنابلة)5) وأيب يوسف)6) والزيدية)7)، الذين ال يلزمهم هذا االستدالل.

ب( الوكيل:اتفق الفقهاء عىل أن النظارة عىل الوقف من األمور التي تقبل الوكالة)8)، ومن ثم جيوز

للناظر أن يوكل غريه يف بعض أعامل النظارة أو كلها)9).وال فرق يف ذلك بني أن يكون الناظر أصليا أو فرعيا؛ ألن القاعدة يف الوكالة أن كل

من يملك الترصف يف يشء وكان مما يقبل النيابة جيوز له التوكيل فيه)0)).وإذا وكل الناظر شخصا بالنظارة صار الوكيل ناظرا يتوىل أعامل النظارة كلها إن كان التوكيل له بجميع أعامل النظارة، ويتوىل بعض أعامل النظارة إن كان التوكيل له يف بعضها.

وصريورة الوكيل ناظرا ال يسلب النظارة من الشخص الذي وكله، بل يبقى املوكل

))) رشح اخلريش عىل خمترص خليل 7/)8، والرشح الكبري مع الدسوقي )/)8.))) اهلداية مع رشوحها 5/))).

))) رشائع اإلسالم )/)))، ومفتاح الكرامة 9/)).))) مغني املحتاج )/)8).)5) كشاف القناع )/)5).

)6) اهلداية مع رشوحها 5/))).)7) البحر الزخار )/9)).

)8) انظر: تعريف الوكالة يف ص 7)، واألصل يف قبول الوكالة الندب ألهنا قيام بمصلحة الغري، وقد حترم إن كان فيها إعانة عىل حرام، وتكره إن كان فيها إعانة عىل مكروه، وجتب إن توقف عليها دفع رضورة املوكل كتوكيل املضطر غريه يف رشاء )انظر: حاشية الوكيل ال لغرض الوكالة وسأله إن مل يكن للموكل حاجة يف طعام قد عجز املضطر عن رشائه، وتباح

الشربامليس عىل هناية املحتاج 5/5)).)9) رشح فتح القدير 5/)5)، وحاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/)))، ومواهب اجلليل 5/)9)، وهناية املحتاج

6/5)، وكشاف القناع )/)7).)0)) بدائع الصنائع 0/6)، والرشح الكبري مع الدسوقي )/77)، والتاج واإلكليل هبامش مواهب اجلليل 5/)8)، واملهذب

للشريازي )/56)، واملغني 97/7).

الباب األول: في تعريف النظارة

95

ناظرا وتكون العالقة بني الناظرين عالقة املوكل بالوكيل))).وتتميام للفائدة نذكر أقوال الفقهاء يف جواز التوكيل للغري يف أعامل النظارة، وللفقهاء ينهاه عنه، وقد يسكت فال بالتوكيل، وقد للوكيل املوكل يأذن تفصيل يف ذلك؛ ألنه قد

يأذن وال ينهي، فهذه حاالت ثالث:

الوكيل يف يلتزم أ( يأيت: بام الوكيل فيلتزم املوكل والوكيل. التزامات عىل طرفيه يرتب العقود الوكالة كغريه من ))) عقد تنفيذ الوكالة بام رسمت له يف العقد؛ ألن التوكيل يصح أن يكون مطلقا وأن يكون مقيدا، فإذا قيدت الوكالة بقيد فليس للوكيل خمالفته، فإذا خالف الوكيل بالرشاء مثال ال ينفذ رشاؤه عىل املوكل وما اشرتاه فهو لنفسه )انظر: جملة األحكام العدلية املادتني 56))و 79))، ورشح املجلة لألتايس )/57)(. ب( يقدم الوكيل للموكل بيانا لترصفاته فيام وكل فيه ويلزمه احلساب عندما يطلب منه ذلك؛ ألن الوكيل أمني، واألمناء حياسبون عىل ما هم مبارشوه )انظر: الفتاوى الكربى يلتزم الدم )/5))، ط مطبعة اإلرشاد(. ج( أيب القضاء البن اهلندية )/567، وأدب والفتاوى البن حجر )/87، الوكيل برد ما يف يده للموكل؛ ألن املقبوض يف يد الوكيل أمانة بمنزلة الوديعة، وحكم الوديعة وجوب احلفظ عىل املودع، وصريورة املال أمانة يف يده، ووجوب أدائه عند طلب مالكه )انظر: العقود الدرية يف تنقيح الفتاوى احلامدية )/6))-

7))، والفتاوى اهلندية )/8))، واملادة ))79( من جملة األحكام العدلية(. ويلتزم املوكل بام يأيت: أ( دفع األجر للوكيل ل فيه إىل املوكل إن إن كانت الوكالة بأجر. قال ابن قدامة: إن كانت الوكالة بجعل استحق الوكيل اجلعل بتسليم ما وككان مما يمكن تسليمه كثوب ينسجه أو يقرصه أو خييطه، فمتى سلمه إىل املوكل معموال فله األجر، وإن كان اخلياط يف دار املوكل فكلام عمل شيئا وقع مقبوضا فيستحق الوكيل اجلعل إذا فرغ اخلياط من اخلياطة، وإن وكل يف بيع أو رشاء أو حج استحق األجر إذا عمله وإن مل يقبض الثمن يف البيع )املغني البن قدامة 7/)0)-05)، ط هجر، )99)م، وانظر، القوانني الفقهية ص 6))، ورشح األزهار )/60)(. وجاء يف املادة )68))( من جملة األحكام العدلية: »إذا اشرتطت األجرة وأوفاها الوكيل يستحقها، وإن مل تشرتط ومل يكن الوكيل ممن خيدم باألجرة يكون متربعا وليس له مطالبته بأجرة«. قال األتايس يف رشحه هلذه املادة: وإنام جيب للوكيل أجر عىل عمله إن رشط له ذلك رصحيا، أو بداللة العرف والعادة بأن كان الوكيل ممن جرت عادته أن يعمل بأجرة كالدالل والسمسار ... فإن العرف والعادة قد جرت بأن أحدهم يعمل لغريه بأجرة يسموهنا معلوما. وكهؤالء الدعاوي )املحامني( فإهنم كذلك، فإن مثل هذا يستحق أجرة مثل عمله وإن مل يشرتط له ذلك رصحيا ألن املعروف كاملرشوط )رشح املجلة لألتايس )/5))(. ب( رد النفقات واملصاريف التي أنفقها الوكيل يف تنفيذ الوكالة؛ ألن الوكيل مفوض عن املوكل يف القيام بأعامل الوكالة لذلك جيب عليه أن يتحمل ما ينفقه الوكيل عند تنفيذ العمل املعهود إليه بتنفيذه من املوكل. قال ابن نجيم: الوكيل بالرشاء إذا دفع الثمن من ماله فإنه يرجع عىل موكله املادة اهلندية )/))6(. وجاء يف الفتاوى وانظر: اهلالل، دار ومكتبة نجيم ص 9))، نرش والنظائر البن )األشباه به ))9))( من جملة األحكام العدلية: »إذا أعطى الوكيل بالرشاء ثمن املبيع من ماله وقبضه فله أن يرجع عىل املوكل، يعني: له أن يأخذ الثمن الذي أعطاه من املوكل، وله أيضا أن حيبس املال املشرتي ويطلب ثمنه من موكله إىل أن يستلم الثمن وإن مل يكن قد أعطاه إىل البائع«. ونصت املادة ))50)( من املجلة عىل أنه: »ال جيرب الوكيل بالبيع عىل أداء ثمن املال الذي باعه من ماله إذا مل يأخذ ثمنه من املشرتي«. ج( اختلف الفقهاء فيمن تتعلق به حقوق العقد الذي يعقده الوكيل إذا أضافها إىل نفسه عىل قولني: * القول األول: جلمهور الفقهاء احلنفية واملالكية والشافعية وبعض الزيدية، وهو أن حقوق العقد يلتزم هبا الوكيل دون املوكل )انظر: اهلداية مع رشوحها 5/7)، وحتفة املحتاج 5/)))-5))، وهناية املحتاج 50/5، ورشح اخلريش 6/)7، والبحر الزخار 58/5(. * القول الثاين: للحنابلة واإلمامية وبعض الزيدية، وهو أن حقوق العقد يلتزم هبا املوكل ال الوكيل )كشاف القناع )/)7)، وتذكرة الفقهاء )/)))، والبحر الزخار 58/5(. وقد اتفق الفقهاء عىل أن حقوق العقد تنرصف إىل املوكل فيام إذا أضاف الوكيل العقد إىل موكله. كام اتفقوا عىل أن حكم العقد الذي يعقده الوكيل نيابة عن موكله ينرصف إىل املوكل حتى وإن أضاف الوكيل العقد إىل نفسه )انظر: اهلداية مع رشوحها 6/7)، وتبيني

احلقائق )/56)، ورشح اخلريش 6/)7، وحتفة املحتاج 5/)))، والبحر الزخار 58/5، وتذكرة الفقهاء )/)))).

النظارة على الوقف

96

احلالة األوىل: حالة اإلذن:اتفق الفقهاء عىل أنه جيوز للوكيل أن يوكل غريه يف أعامل النظارة إذا أذن له املوكل يف

ذلك؛ ألن الوكالة عقد أذن له فيه بالتوكيل فجاز له فعله كأي ترصف مأذون فيه))).احلالة الثانية: حالة النهي:

اتفق الفقهاء عىل أنه ال جيوز للوكيل أن يوكل غريه يف أعامل النظارة إذا هناه املوكل عن ذلك؛ ألن ما هناه عنه غري داخل يف إذنه فلم جيز له التوكيل كام لو مل يوكله مطلقا، وأيضا

فإن املوكل مل يرض إال بأمانة الوكيل فقط))).احلالة الثالثة: حالة السكوت:

إذا سكت املوكل فلم يأذن للوكيل بالتوكيل ومل ينهه عنه ففي هذه احلالة ثالث صور:الصورة األوىل: أن تكون النظارة مما يرتفع الوكيل عن القيام بمثلها كام لو كان الوكيل من أرشاف الناس وكان الوقف حمل النظارة حظرية مواش، أو يعجز الوكيل عن أعامل النظارة التي وكل فيها لكونه ال حيسنها أو ال يقدر مثله عىل القيام هبا وحيتاج إىل شخص قوي يؤدهيا.ويف هذه الصورة أجاز الفقهاء للوكيل أن يوكل غريه للقيام بأعامل النظارة؛ ألن توكيله

فيام ال حيسنه أو فيام يرتفع عنه أو فيام ال يقدر عليه إذن يف التوكيل فيه من جهة العرف))).وقد اشرتط املالكية جلواز التوكيل يف هذه الصورة أن يشتهر الوكيل بالوجاهة أو يعلم هبا املوكل، أما إذا مل يعلم هبا املوكل أو مل يكن مشهورا بالوجاهة فإنه ال جيوز له التوكيل،

فإن وكل وتلف املال ضمنه لتعديه))).عنها، يرتفع وال بنفسه الوكيل يعملها مما النظارة أعامل تكون أن الثانية: الصورة ولكنه يعجز عن عملها كلها لكثرهتا وانتشارها، وقد اتفق الفقهاء عىل جواز التوكيل يف

هذه الصورة، لكنهم اختلفوا يف القدر الذي جيوز للوكيل التوكيل فيه عىل قولني:

ابن عابدين )/0))، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88)، ورشح اخلريش 78/6، الدر املختار مع حاشية (((وهناية املحتاج 8/5)، واملغني 07/7)-08)، وكشاف القناع )/66)، ورشائع اإلسالم )/00).

))) املراجع السابقة.))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88)، ورشح اخلريش 78/6، وهناية املحتاج 9/5)، واملهذب )/58)، واملغني

08/7)، وكشاف القناع )/66).))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88).

الباب األول: في تعريف النظارة

97

* القول األول: للاملكية))) والشافعية يف املذهب))) والقايض أيب يعيل))) من احلنابلة)))، وهو أنه ال جيوز للوكيل التوكيل إال يف العمل الزائد عىل قدرته فقط.

واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:)( إن التوكيل إنام جاز للحاجة، فاختص بام دعت إليه احلاجة فقط وهو العمل الزائد.

)( إن التوكيل يقتيض أن يتوىل الوكيل بنفسه، وإنام أذن له فيام ال يقدر عليه للعجز، وبقي فيام يقدر عليه عىل مقتىض التوكيل)5).

بعجز يعلم املوكل كان إذا بام الصورة هذه يف التوكيل جواز خصوا الشافعية لكن الوكيل حال توكيله فإنه جيوز للوكيل التوكيل، أما لو طرأ العجز عىل الوكيل كأن مرض أو

سافر فال جيوز له التوكيل)6).قال الرشبيني اخلطيب)7): لو وكله فيام يمكنه عادة ولكنه عاجز عنه كسفر أو مرض فإن كان التوكيل يف حال علمه بسفره أو مرضه جاز له أن يوكل، وإن طرأ العجز فال يوجد

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88)، ورشح اخلريش عىل خمترص خليل 78/6.))) املهذب للشريازي )/58)، وروضة الطالبني )/)))، وهناية املحتاج 9/5).

))) القايض أبو يعيل )80)-58)هـ( هو حممد بن احلسني بن حممد بن خلف بن أمحد بن الفراء، أبو يعيل، شيخ احلنابلة يف وقته وعامل عرصه يف األصول والفروع وأنواع الفنون، من أهل بغداد، واله القائم العبايس قضاء دار اخلالفة واحلريم، سمع احلديث من مجاعة عن البغوي ومن أيب القاسم الصيدالين وغريهم، وتفقه عىل أيب عبد اهلل بن حامد وغريه، وعنه أخذ أبو احلسني البغدادي وحمفوظ الكلوذاين وأبو احلسن بن ظفر العكربي وغريهم كثري، ومجيع احلنابلة معرتفون بفضله ومغرتفون من بحره. من تصانيفه: »أحكام القرآن«، و»العدة«، و»الكفاية« كالمها يف أصول الفقه و»األحكام السلطانية«، )95)م، املحمدية، السنة مطبعة ط ،(9(/( يعيل أيب البن احلنابلة ]طبقات اخلرقي« و»رشح املذهب«، يف و»املجرد

وشذرات الذهب )/06)، واألعالم 99/6[.))) املغني البن قدامة 08/7).

)5) املهذب )/58).)6) هناية املحتاج 9/5).

)7) الرشبيني اخلطيب )؟-977هـ( هو حممد بن أمحد الرشبيني القاهري، شمس الدين، فقيه شافعي مفرس، أخذ عن الشيخ بعلمه خالئق ال حيصون، وأمجع أهل مرص انتفع والتدريس، باالفتاء الرميل، وأجازوه املحيل والشهاب عمرية والنور عىل صالحه. من تصانيفه: »مغني املحتاج« رشح فيه منهاج النووي، و»رشح التنبيه«، و»رشح الغاية« ]شذرات الذهب بريوت، 979)م، اجلديدة، اآلفاق دار السائرة )/79، ط والكواكب القديس بمرص، )5))هـ، مكتبة 8/)8)، ط

واألعالم 6/6[.

النظارة على الوقف

98

خالف للجويني))) قاله يف املطلب، وكطرو العجز ما لو جهل املوكل حال توكيله ذلك))).لكنهم استثنوا حالة الرضورة. قال الشربامليس))): لكن إن دعت الرضورة إىل التوكيل عند طرد ما ذكر كأن خيف التلف ومل يتيرس الرفع فيه إىل قاض وال إعالم املوكل جاز له

التوكيل بل قد يقال بوجوبه وهو ظاهر))).استقالال، وإنام يوكل من يشاركه يف للغري التوكيل بأن ال يكون املالكية ذلك وقيد

الكثري الذي وكل فيه ليعينه عليه)5).يف التوكيل للوكيل جيوز أنه وهو وجه)7)، يف والشافعية للحنابلة)6) الثاين: القول *

العمل كله.واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:

يف أذن لو كام كله العمل فعل يف التوكيل فصح التوكيل، جواز اقتضت الوكالة إن )(التوكيل بلفظه)8).

)( وألن الوكيل ملك التوكيل فملك يف مجيعه كاملوكل)9).املختار:

أدلة القول، وألن التي ذكرها أصحاب هذا بالقول األول؛ لألدلة نراه هو األخذ ما

))) اجلويني )؟-8))هـ( هو عبد اهلل بن يوسف بن عبد اهلل، أبو حممد اجلويني نسبة إىل »جوين« من نواحي نيسابور، من كبار فقهاء الشافعية أصويل مفرس لغوي، تفقه عىل أيب يعقوب األبيوردي وأيب الطيب الصعلوكي والقفال املروزي، وسمع

احلديث من القفال وعدنان بن حممد الضبي وأيب احلسني بن برشان ومجاعة.السبكي البن الشافعية ]طبقات الرسالة« و»رشح و»التذكرة«، و»التبرصة«، و»السلسلة«، »الفروق«، تصانيفه: من

)/08)، ط دار املعرفة، بريوت، األعالم )/6))[.))) مغني املحتاج )/6)).

))) الشربامليس )997-087)هـ( هو عيل بن عيل الشربامليس نسبة إىل شرباملس يف الغربية بمرص، أبو الضياء، نور الدين، فقيه شافعي، كان حمققا حمررا للعلوم النقلية اتسم بدقة النظر وجودة الفهم، أخذ عن النور احللبي والشمس الشوبري احلنبيل البهويت حممد أخذ وعنه الرياسة، إليه وانتهت األزهر بجامع لإلقراء وتصدر وغريهم، اخلياري الرمحن وعبد وعبد الباقي الزرقاين وأمحد احلموي وغريهم. من تصانيفه: »حاشية عىل املواهب اللدنية«، و»حاشية عىل هناية املحتاج«

]خالصة األثر )/)7)، ط دار صادر، واإلعالم )/)))[.))) حاشية الشربامليس عىل هناية املحتاج 9/5).

)5) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88)، ورشح اخلريش 78/6.)6) املغني 08/7)، وكشاف القناع )/66).

)7) املهذب )/58)، وروضة الطالبني )/))).)8) املغني 08/7).

)9) املهذب )/58).

الباب األول: في تعريف النظارة

99

أصحاب القول الثاين مردودة بام يأيت:)( إن اقتضاء الوكالة للتوكيل يف هذه الصورة ليس عىل إطالقه، وإنام هو مقيد باحلاجة، واحلاجة

تقدر بقدرها، فيكون جواز التوكيل مقصورا عىل القدر الزائد فقط الذي هو حمل احلاجة.)( إن قياس الوكيل عىل املوكل يف جواز التوكيل يف اجلميع ال يصح؛ ألصالة املوكل دون

الوكيل.ونرى وجاهة القيد الذي ذكره املالكية؛ ألن املقصود هو مساعدة الوكيل يف األعامل

الزائدة عىل قدرته ال االنفراد باألعامل.الصورة الثالثة: أن تكون أعامل النظارة مما يمكن للوكيل القيام هبا بنفسه وال يرتفع

عنها، وقد اختلف الفقهاء يف جواز التوكيل يف هذه الصورة عىل قولني:يف واحلنابلة والشافعية))) واملالكية))) احلنفية))) الفقهاء: جلمهور األول: القول *

املذهب)))، وهو عدم جواز التوكيل يف هذه الصورة.واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:

)( إن الوكالة استئامن فيام يمكن للوكيل النهوض به، فلم يكن له أن يوليه غريه كالوديعة)5).)( إن املوكل مل يرض بترصف غري الوكيل وال رضورة للتوكيل فلم جيز التوكيل كاملودع

ال يودع)6).)( إن املوكل مل يأذن للوكيل يف التوكيل ومل يتضمنه إذنه، فلم جيز له التوكيل كام لو هناه)7).

* القول الثاين: لإلمام أمحد يف رواية وابن أيب ليىل)8)، وهو جواز التوكيل يف هذه الصورة إذا كان هناك عذر للوكيل كأن مرض أو غاب.

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/0)).))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88)، ورشح اخلريش 78/6.

))) هناية املحتاج 8/5)، ومغني املحتاج )/8))، 6))، وروضة الطالبني )/))).))) املغني 09/7)، وكشاف القناع )/66).

)5) املغني البن قدامة 09/7)، وكشاف القناع )/66).)6) هناية املحتاج 8/5).

)7) املغني 09/7).)8) ابن أيب ليىل ))7-8))هـ( هو حممد بن عبد الرمحن بن أيب لييل يسار بن بالل األنصاري، الكويف أبو عبد الرمحن، الفقيه قايض الكوفة، ويل القضاء بالكوفة لبني أمية ثم لبني العباس واستمر فيه )) سنة، روى احلديث عن نافع موىل ابن عمر وعطاء بن أيب رباح وعطية وغريهم، روى عنه شعبة والثوري ووكيع وغريهم. قال الثوري: فقهاؤنا ابن أيب لييل وابن

شربمة، وقال ابن خزيمة: ليس باحلافظ وإن كان فقيها عاملا ]هتذيب التهذيب 9/)0)، واألعالم 89/6)[.

النظارة على الوقف

100

واستدلوا عىل ذلك بأن الوكيل له أن يترصف بنفسه، فملكه نيابة كاملالك))).املختار:

ما نراه هو األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء من عدم جواز التوكيل فيام يمكن للناظر القيام به بنفسه وال يرتفع عنه لألدلة التي ذكروها، وألن ما ذكره أصحاب القول الثاين من تشبيه الوكيل باملالك رده ابن قدامة))) بقوله: وال يشبه الوكيل املالك، فإن املالك يترصف

بنفسه يف ملكه كيف شاء بخالف الوكيل))).ج( ويص الويص:

اختلف الفقهاء يف ثبوت النظارة لويص الويص عىل قولني:* القول األول: جلمهور الفقهاء: الشافعية))) واحلنابلة)5) والزيدية)6) واإلمامية)7)، وهو

عدم ثبوت النظارة لويص الويص.وقد سبق أن الشافعية واحلنابلة واإلمامية ال يثبتون النظارة للويص، ومن ثم فهي ال

تثبت لوصيه من باب أوىل؛ ألن من ال يملك الترصف ال يملك متليكه.* القول الثاين: للحنفية)8) واملالكية)9)، وهو ثبوت النظارة لويص الويص.

قال عيسى بن دينار)0)) من املالكية: للويص أن يوكل يف حياته وعند موته، قاله مالك

))) املغني 09/7).))) ابن قدامة )))5-0)6هـ( هو عبد اهلل بن أمحد بن حممد بن قدامة املقديس ثم الدمشقي، ولد بفلسطني ثم رحل إىل دمشق ثم بغداد، قرأ عىل الشيخ عبد القادر والشيخ أيب الفتح بن املنى الفقه واألصول، وسمع احلديث من مجاعة كثرية، كان إمام احلنابلة يف عرصه وانتفع بعلمه طائفة كثرية، من تصانيفه: »املغني رشح خمترص اخلرقي«، و»الكايف«، و»املقنع« كلها يف الفقه، و»روضة الناظر« يف أصول القفه، وله تصانيف يف أصول الدين واحلديث واللغة ]ذيل طبقات احلنابلة البن رجب

)/)))، ط مطبعة السنة املحمدية، )95)م، واألعالم )/67[.))) املغني 09/7).

))) مغني املحتاج )/)9).

)5) كشاف القناع )/68).

)6) البحر الزخار )/65).)7) مفتاح الكرامة 0/9)-)).

)8) أحكام الوقف هلالل ص )0)، وحاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/0))، ))).)9) الرشح الكبري مع الدسوقي )/)5)، وانظر: مواهب اجلليل 90/6).

فقيه أبو حممد، أصله من طليطلة سكن قرطبة، الغافقي، دينار بن واقد دينار )؟-)))هـ( هو عيسى بن )0)) عيسى بن ابن يتقدمه يف وقته أحد يف قرطبة، سمع من الفتيا تدور عليه ال املشهورين، وكانت األندلس يف عرصه وأحد علامئها القاسم وصحبه وكان ابن القاسم جيله ويصفه بالفقه والورع، ويل قضاء طليطلة، وبه وبيحيى بن حييى انترش فقه مالك يف

األندلس. من تصانيفه: »اهلدية« يف الفقه ]الديباج املذهب 78)، واألعالم 5/)0)[.

الباب األول: في تعريف النظارة

101

ومجيع أصحابه))).واستدلوا عىل أن للويص أن يويص ويثبت لوصيه ما كان ثابتا للويص من النظارة بام

يأيت:)( إن الويص يترصف بوالية منتقلة إليه من امليت فيملك اإليصاء إىل غريه، وهلذا يقدم عىل اجلد، ألن الوالية التي كانت ثابتة للمويص تنتقل إىل الويص ولو مل تنتقل إليه ملا تقدم

عىل اجلد، فإذا انتقلت إليه الوالية ملك اإليصاء))).)( إن الواقف ملا أوىص إىل وصيه فقد علم أن الويص ال يعيش أبدا، ومل حيب أن تكون أموره ضائعة فصار كأنه أذن له بأن يويص إىل غريه بطريق الداللة، وإن مل يأذن له باإلفصاح،

فلو كان أذن له باإلفصاح جاز له أن يويص إىل غريه فكذلك إذا أذن له بالداللة))).واختلف املالكية فيام إذا أوىص الثنني، هل ألحدمها اإليصاء؟

الوصيني إنام اخلالف يف أن يويص للويص أن بينهم يف ابن رشد))): ال خالف قال إليه من الوصية أم ال؟ عىل ثالثة بينهام يف اإليصاء، وهل ألحدمها أن يويص بام املشرتك

أقوال:القول األول: أن ذلك له ولو إىل من ليس معه يف الوصية، أتت الرواية هبذا عن مالك،

وهو ظاهر قوله يف املدونة، وهو ظاهر قول عيسى.القول الثاين: ليس له ذلك، وهو إىل من معه يف الوصية، وهو ظاهر قول سحنون)5).

القول الثالث: أنه ليس له ذلك إال إىل رشيكه يف اإليصاء، وهو الذي تأوله الشيوخ ))) التاج واإلكليل هبامش مواهب اجلليل 96/6).

))) تبيني احلقائق رشح كنز الدقائق 09/6)، ط األمريية ببوالق، 5)))هـ.))) حاشية الشلبي عىل تبيني احلقائق 09/6).

))) ابن رشد )50)-0)5هـ( هو حممد بن أمحد بن حممد بن رشد القرطبي، أبو الوليد، زعيم فقهاء وقته بأقطار األندلس، كان بصريا باألصول والفروع والفرائض والتفنن يف العلوم، تفقه عىل جعفر بن رزق، وسمع اجلياين وأبا عبد اهلل بن فرج وأبا مروان بن رساج وغريهم، وعنه أخذ القايض عياض وغريه كثري، ويل قضاء اجلامعة بقرطبة، وإليه كانت الرحلة للتفقه من أقطار األندلس مدة حياته، وهو جد ابن رشد الفيلسوف. من تصانيفه: »املقدمات املمهدات«، و»البيان والتحصيل«،

و»خمترص رشح معاين اآلثار للطحاوي« ]الديباج املذهب ص 78)، واألعالم 6/5))[)5) سحنون )60)-0))هـ( هو عبد السالم بن سعيد بن حبيب التنوخي القريواين، أبو سعيد، امللقب بسحنون؛ حلدته يف املسائل وهو اسم طائر، أصله من محص، من أئمة فقهاء املالكية كان ثقة حافظا للعلم انتهت إليه الرئاسة فيه، أخذ عن أئمة من أهل املرشق واملغرب منهم عيل بن زياد وأسد بن الفرات وابن القاسم وابن وهب وغريهم، وأخذ عنه حممد بن عبدوس وحييى بن عمر وابن غالب وآخرون، ويل القضاء سنة )))هـ ومات وهو يتواله. من تصانيفه: »املدونة«، مجع

فيها فقه مالك من ابن القاسم ]الديباج املذهب 60)، وشجرة النور الزكية 69، واألعالم )/5[.

النظارة على الوقف

102

عىل سحنون يف قوله يف املدونة))).أنه ال جيوز ألحد الوصيني اإليصاء دون إذن صاحبه، وجيوز املالكية واملذهب عند

بإذنه، كام جيوز ألحدمها أن يويص لصاحبه.وجيوز أيضا للوصيني معا أن يوصيا))).

املختار:ما نراه هو األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء وهو عدم ثبوت النظارة لويص الويص

وذلك ملا يأيت:)( إن امليت إنام فوض للويص الترصف ومل يفوض إليه اإليصاء إىل غريه فال يملكه، وألنه

ريض برأيه ومل يرض برأي غريه))).)( إن العقد ال يقتيض مثله، فكام أن الوكيل ليس له أن يوكل وال للمضارب أن يضارب

فكذا الويص ليس له أن يويص))).)( وقوهلم إن الويص يملك اإليصاء بموجب الوالية املنتقلة إليه من امليت جياب عنه بأن عليها، يقدم أن للويص جيوز ال الترصفات بعض فهناك مطلقة، ليست الوالية هذه

ومنها: اإليصاء.)( وقوهلم إن املويص قد أذن للويص باإليصاء داللة ألنه علم أنه ال يعيش أبدا جياب عنه بأن هذا دليل عىل عدم اإلذن له يف اإليصاء؛ ألنه مع علمه أن الويص ال يعيش أبدا وأنه قد تعرتيه املنية يف أي حلظة ومع هذا مل يأذن له رصاحة باإليصاء بل سكت عنه، فدل

عىل عدم إذنه له به.د( املصادقة عىل نظارة شخص:

املصادقة يف اللغة: مفاعلة من الصدق، وهي املخالة، يقال صادقته مصادقة وصداقا: خاللته أي: اختذته خليال.

ويف املعجم الوسيط: تصادقا عىل األمر: أقراه، وهي حمدثة)5).

))) التاج واإلكليل هبامش مواهب اجلليل 96/6).))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/)5).

))) تبيني احلقائق 09/6).))) املرجع السابق.

)5) لسان العرب 0)/)9)، واملعجم الوسيط )/0)5.

الباب األول: في تعريف النظارة

103

واملصادقة عىل النظارة اصطالحا هي: إقرار))) الناظر بأن النظارة ليست له وإنام هي لفالن، أو إقراره بأن فالنا رشيك معه يف النظارة ويصدقه املقر له))).

وقد اتفق الفقهاء عىل أن اإلنسان املكلف مؤاخذ بإقراره يف حق نفسه، فإذا أقر بيشء لزمه ما أقر به))).

قال اخلطيب الرشبيني: أمجعت األمة عىل املؤاخذة باإلقرار))).ومن ثم فإذا أقر الناظر عىل نفسه بأن النظارة ليست له وإنام هي لفالن؛ فإنه يؤاخذ

بإقراره هذا ويعزل عن النظارة اتفاقا.لكن الفقهاء اختلفوا يف ثبوت النظارة للمقر له عىل قولني:

* القول األول: جلمهور الفقهاء: املالكية)5) والشافعية)6) واحلنابلة)7)، وهو أنه ال تثبت النظارة للمقر له؛ ألن اإلقرار حجة قارصة عىل املقر وال أثر هلذه احلجة عىل غري املقر، فال

تثبت النظارة للمقر له ولو صدق املقر يف إقراره.إقراره يف املقر يف له إن صدق للمقر النظارة تثبت أنه للحنفية، وهو الثاين: القول *اجلملة)8)، وعندهم تفصيل وذلك بحسب كون الناظر املقر منفردا بالنظارة عىل الوقف أو

كونه غري منفرد هبا بل يشاركه فيها غريه.فإذا كان الناظر منفردا بالنظارة عىل الوقف وأقر بأن النظارة ليست له وإنام هي لفالن، فإنه يعزل من النظارة ويكون فالنا املقر له هو الناظر إن صدقه يف إقراره هذا، وإن كذبه فإن

))) اإلقرار يف اللغة: مصدر الفعل أقر يقر بمعنى وضع اليشء يف قراره، وقر يف املكان أو عىل األمر: ثبت وسكن، وهو الزم، باهلمزة، يعدى كام له، مذعنا احلق جعله وقرره عىل فيه، ثبته العمل أو عىل املكان قرره يف فيقال: بالتضعيف ويعدى فيقال: أقررت اليشء يف مقره أي: وضعته يف موضعه، وأقررت باحلق أي: أذعنت واعرتفت به. واستعمل بمعنى املوافقة، فيقال: أقرك عىل هذا األمر أي: أوافقك )انظر: املصباح املنري 97)، والقاموس املحيط )/5))، ولسان العرب 5/)8(. ورشح ،(97/7 القدير فتح رشح تكملة )انظر: نفسه عىل للغري حق ثبوت عن اإلنسان إخبار اصطالحا: واإلقرار

اخلريش 86/6، وهناية املحتاج 5/)6).))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/0))-)))، وتنقيح الفتاوى احلامدية )/85)، ))).

))) اهلداية مع رشوحها 98/7)، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/97)، ومغني املحتاج )/8))، وكشاف القناع .(5(/(

))) مغني املحتاج )/8)).)5) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/87)، والقوانني الفقهية ص 07)، ط دار القلم، بريوت، 977)م.

)6) مغني املحتاج )/8))، واحلاوي الكبري 8/)6) وما بعدها.)7) اإلنصاف للمرداوي ))/6)).

)8) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/)))، والعقود الدرية يف تنقيح الفتاوى احلامدية )/))).

النظارة على الوقف

104

النظارة تنتقل إىل القايض))).فإنه له املقر الوقف وصدقه النظر عىل بأن فالنا يستحق معه املنفرد الناظر أقر وإن يشارك الناظر املقر يف النظارة، فإن كذبه نصب القايض ناظرا يشارك املقر يف النظارة؛ ألن

إقراره املذكور يتضمن إقراره بأنه ال حق له يف االنفراد بالنظارة))).وإن كان الناظر غري منفرد بالنظارة بل يشاركه فيها غريه وأقر بالنظارة آلخر وصدقه، فإن املقر ينعزل عن النظارة مؤاخذة بإقراره، ويشرتك املقر له مع الرشيك اآلخر يف النظارة

عىل الوقف، وال أثر هلذا اإلقرار بالنسبة للرشيك؛ ألن اإلقرار حجة قارصة عىل املقر))).وقد فرع ابن نجيم جواز إقرار املرشوط له النظر بالنظارة لغريه وثبوت النظارة للمقر تأجيل الدائنني أحد أراد لو أنه منها احليل، احلنفية يف التي ذكرها املسائل بعض له عىل أنه حني وجب وجب مؤجال صح أقر الدين املشرتك وأبى اآلخر مل جيز، ولو حصته يف

إقراره.يف مبطال كنت املقذوف: قال ولو القاذف، عن العفو يملك ال املقذوف أن ومنها

دعواي سقط احلد.مل لغريه جعله ولو صح، دونه يستحقه فالنا أن النظر له املرشوط أقر إذا ثم ومن

يصح))).الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء وهو عدم ثبوت النظارة للمقر له؛ للقاعدة الفقهية املتفق عليها وهي أن اإلقرار حجة قارصة عىل املقر ال يتعدى أثرها غريه، وهي من

القواعد التي يأخذ هبا احلنفية)5).فإذا أقر الناظر بأن النظارة ليست له وإنام هي لفالن كان إقراره هذا حجة ملزمة عليه فيعزل عن النظارة؛ مؤاخذة له بإقراره لكن ال أثر إلقراره هذا عىل غريه، فال يثبت للمقر له أي حق نتيجة هلذا اإلقرار، ويعامل املقر له معاملة املدعي يف اليشء ويطالب بالبينة إلثبات

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)7)، وتنقيح الفتاوى احلامدية )/))).))) حاشية ابن عابدين )/))).

))) املرجع السابق.))) األشباه والنظائر البن نجيم ص 56).

)5) انظر: األشباه والنظائر البن نجيم ص 55).

الباب األول: في تعريف النظارة

105

دعواه.ويتضح أن هذه املسألة من مسائل احليل، ذلك أن احلنفية ال جييزون للناظر أن ينزل ما وغالبا نفسه، املقام غري الناظر إلقامة طريقا بالنظارة اإلقرار فكان لغريه النظارة عن التجويز مها املنع وعدم كان لذلك نية سيئة ومقصد غري حممود؛ احليل يكون وراء هذه

األوليان حفاظا عىل الوقف.

املطلب الثالث»مراتب النظار«

من خالل ما سبق يتضح أن النظارة عىل الوقف تثبت ألكثر من شخص، سواء كان ثبوهتا هلم بصفة أصلية أم بصفة فرعية.

يف مجيعا يشرتكون فال واحد وقت يف يكون ال األشخاص هلؤالء النظارة وثبوت تثبت فال ألحدهم ثبتت وإذا اآلخر، تلو للواحد مرتبة هلم النظارة تثبت وإنام النظارة،

لغريه إال إذا شغرت النظارة عنه.فيام أكثرها، وتفصيل ذلك واختلفوا يف النظار مراتب الفقهاء عىل بعض اتفق وقد

يأيت:املرتبة األوىل:

ناظرا يكون له املرشوط فإن ألحد النظارة رشط إذا الواقف أن عىل الفقهاء اتفق ويقدم عىل غريه ممن تثبت هلم النظارة، سواء كان املرشوط له أجنبيا أم من املوقوف عليهم

أم الواقف نفسه -عند من جييز ذلك- ألن رشط الواقف جيب العمل به كنص الشارع))).املرتبة الثانية:

اختلف الفقهاء فيمن تثبت له املرتبة الثانية يف النظارة بعد من رشط الواقف النظر له عىل ثالثة أقوال:

والزيدية)))، عندهم))) املذهب ظاهر وهو احلنفية من يوسف أليب األول: القول *

املحتاج )/)9)، الدسوقي )/88، ومغني الكبري مع حاشية عابدين )/0))، والرشح ابن اخلتار مع حاشية الدر (((وكشاف القناع )/65)، 68)، ورشح األزهار )/89)، ومفتاح الكرامة 0/9)-)).

))) رشح فتح القدير 5/)))، والبحر الرائق 5/)))، 9)).))) رشح األزهار )/88)-89).

النظارة على الوقف

106

وهو أن النظارة تثبت للواقف إذا شغرت النظارة من املرشوط له النظر، فاملرتبة الثانية من مراتب النظارة للواقف.

النظارة يتوىل أن للواقف جييزون ال فإهنم القول، هذا من قريب املالكية ومذهب بنفسه، وإذا شغرت النظارة من الناظر املرشوط له النظر فإن للواقف أن جيعل النظر ملن

شاء))).له النظارة من املرشوط إذا شغرت أنه للحنابلة))) واإلمامية)))، وهو الثاين: القول *فإن النظارة تكون للموقوف عليه إذا كان معينا كزيد أو مجعا حمصورا كأوالد فالن، فإن كان املوقوف عليه مجعا غري حمصور كالفقراء أو كان جهة ال تعقل كاملسجد واملدرسة فإن

النظارة تكون للقايض.فاملرتبة الثانية من مراتب النظار عند هؤالء هي للموقوف عليه إذا كان معينا أو مجعا

حمصورا، وللقايض إذا كان املوقوف عليه مجعا غري حمصور أو كان جهة ال تعقل.شغرت إذا أنه وهو والشافعية)5)، احلنفية))) من احلسن بن ملحمد الثالث: القول *

النظارة من املرشوط له فإن النظارة تكون للقايض.فاملرتبة الثانية من مراتب النظار عند هؤالء هي للقايض.

املرتبة الثالثة:املرتبة الثالثة من مراتب النظار هي للويص، فإذا شغرت النظارة من املرشوط له النظر

والواقف ميت فإن النظارة تكون لويص الواقف.وهذا عند من يثبت النظارة للواقف وهم احلنفية يف ظاهر املذهب)6) والزيدية)7)، وكذا

املالكية الذين يثبتون للواقف والية نصب الناظر)8).وأما من ال يثبت النظارة للواقف وهم حممد بن احلسن والشافعية واحلنابلة واإلمامية

))) الرشح الكبري مع الدسوقي )/88.))) كشاف القناع )/68).))) مفتاح الكرامة 9/)).

))) البحر الرائق 5/)5)، وحاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/0)).)5) هناية املحتاج 98/5)-99)، ومغني املحتاج )/)9).)6) أحكام الوقف هلالل ص )0)، والبحر الرائق 9/5)).

)7) رشح األزهار )/89).)8) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88.

الباب األول: في تعريف النظارة

107

فإهنم قرصوا مراتب النظار عىل مرتبتني:ومها عند الشافعية))) وحممد بن احلسن))): من رشطت له النظارة ثم القايض.

ومها عند احلنابلة))) واإلمامية))): من رشطت له النظارة ثم املوقوف عليه إذا كان معينا أو مجعا حمصورا، والقايض إذا كان املوقوف عليه مجعا غري حمصور أو جهة ال تعقل.

املرتبة الرابعة:املرتبة الرابعة من مراتب النظار هي لويص الويص، فإذا شغرت النظارة من املرشوط له النظر والواقف ميت وكان ويص الواقف هو الناظر وأوىص بالنظارة آلخر، فإن ويص

الويص يكون ناظرا بعد وفاة الويص.وهذا عند من يثبت النظارة لويص الويص وهم احلنفية)5) واملالكية)6).

املرتبة اخلامسة:اختلف الفقهاء يف املرتبة اخلامسة من مراتب النظار عىل قولني:

* القول األول: للحنفية يف ظاهر املذهب)7)، وهو أن املرتبة اخلامسة من مراتب النظار للقايض، فإذا شغرت النظارة ممن رشطت له النظارة والواقف ووصيه وويص وصيه كانت

النظارة للقايض.* القول الثاين: للاملكية)8) والزيدية)9)، -وهذه هي املرتبة اخلامسة عند املالكية والرابعة عند الزيدية- وهو أن النظارة يف هذه املرتبة للموقوف عليه إذا كان معينا أو مجعا حمصورا،

وللقايض إذا كان املوقوف عليه مجعا غري حمصور أو جهة ال تعقل.وعىل ضوء ما سبق أن اخرتناه فيمن تثبت له النظارة عىل الوقف نرى أن مراتب النظار

أربع مراتب:

))) هناية املحتاج 98/5)-99).))) البحر الرائق 5/)5).

))) كشاف القناع )/68).))) مفتاح الكرامة 9/)).

)5) أحكام الوقف هلالل ص )0)، وحاشية ابن عابدين )/0))-))).)6) الرشح الكبري مع الدسوقي )/)5)، والتاج واإلكليل هبامش مواهب اجلليل 96/6).

)7) أحكام الوقف هلالل ص )0)-)0)، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)8)، 09) وما بعدها.)8) الرشح الكبري مع الدسوقي )/88.

)9) البحر الزخار )/65).

النظارة على الوقف

108

املرتبة األوىل: ملن رشطت له النظارة.املرتبة الثانية: للواقف.

املرتبة الثالثة: لويص الواقف.كان إذا وللقايض حمصورا، مجعا أو معينا كان إذا عليه للموقوف الرابعة: املرتبة

املوقوف عليه غري معني أو جهة ال تعقل.الناظر إىل الوقف، النحو املذكور باعتبار مدى قرب النظار عىل وإنام اخرتنا مراتب فكلام زاد قرب الناظر إىل الوقف كان هو أوىل بالنظارة من غريه؛ وذلك بقصد احلفاظ عىل

الوقف ومحايته، إذ إنه كلام كان الناظر قريبا من الوقف كان أحرص عليه من غريه.وال ريب أن أقرب الناس إىل الوقف هو الواقف، إذ الوقف ماله حبسه بقصد حتصيل

املثوبة واألجر فهو حريص عىل بقائه واستمرار ريعه بصورة منتظمة.وييل الواقف يف القرب من نصبه الواقف ناظرا عىل وقفه إما بالرشط وإما بالوصاية، وبام أن الواقف هو األقرب إىل الوقف فإن له أن يقدم غريه عىل نفسه يف النظارة ملصلحة

يراها.فإذا قدم غريه بالرشط كان املرشوط له يف املرتبة األوىل يف النظارة ال ألنه أقرب بل ألن

األقرب قدمه عىل نفسه.إذا شغرت النظارة من املرشوط له عادت النظارة إىل صاحب املرتبة األوىل يف احلقيقة

وهو الواقف.ثم إن حرص الواقف عىل وقفه جيعله يويص بالنظارة إىل من يثق به يف دينه وأمانته

وقدرته عىل حفظ الوقف وإدارته لضامن استمرار حتصيل الثواب له.فالواقف بذلك أقام الويص مقامه يف النظارة عىل الوقف.

والويص بذلك ال خيتلف عمن رشطت له النظارة، فكالمها أقامه الواقف مقامه، بيد أن الواقف أقام من رشط له النظارة يف حياته وأقام الويص بعد مماته.

ومن ثم كانت املرتبة الثالثة يف النظارة لويص الواقف، يستحقها بعد شغور الوقف من الناظر عمن رشطت له النظارة وعن الواقف.

إذا كان املوقوف عليه الوقف الناس إىل أقرب النظارة من الويص كان فإذا شغرت

الباب األول: في تعريف النظارة

109

معينا أو مجعا حمصورا؛ إذ هو املستفيد املبارش من الوقف فهو أحرص الناس عىل احلفاظ عىل الوقف.

ومن ثم كانت املرتبة الرابعة يف النظارة للموقوف عليه إذا كان معينا أو مجعا حمصورا.فإذا مل يكن املوقوف عليه معينا أو مجعا حمصورا كالفقراء واملساكني واملساجد واملدارس للمسلمني، نفعها يعود املوقوف عليه جهات عامة للقايض؛ ألن النظارة ونحوها كانت ض من احلاكم يف النظر فيها لعموم واليته وأقرب الناس إىل هذه اجلهات هو القايض املفو

عىل املسلمني.

املطلب الرابع»تعدد النظار«

سبق يف أقسام النظارة أن النظارة تنقسم باعتبار تعدد النظار وعدم تعددهم إىل نظارة فردية ونظارة مجاعية.

واحد من أكثر فيها النظارة يتوىل التي اجلامعية النظارة هنا النظار بتعدد واملقصود وعىل أن تكون نظارة كل واحد منهم عىل كل العني املوقوفة ال عىل جزء منها، أما إن كان

كل واحد منهم ناظرا عىل جزء من العني املوقوفة كانت النظارة فردية ال مجاعية.ينفذ وال بالترصف، االنفراد ألحدمها جيوز فال الثنني النظارة الواقف رشط وإذا الترصف إال باتفاقهام، فإن ترصف أحدمها بمفرده مل يصح ترصفه؛ ألن الواقف مل يرض

بواحد وإنام اعتمد عىل رأي االثنني وعملهام))).أو اآلخر فقبل أحدمها ورد النظارة الثنني، الواقف إذا أوىص فيام وللفقهاء قوالن

مات، فهل يضم القايض آخر بدله أم ال؟* القول األول: للشافعية))) واحلنابلة)))، وهو أن القايض يضم آخر إىل من قبل؛ ألن

الواقف مل يرض إال باثنني.الثاين: للحنفية، وهو أن القايض خمري بني أن يضم إىل من قبل آخر وبني أن * القول

املحتاج ومغني ،((( ،(05/( الدرية والعقود ،(50-((9/5 الرائق والبحر ،(06 ص هلالل الوقف أحكام ((()/)9)، وكشاف القناع )/)7)-)7)، ومفتاح الكرامة 9/))-)).

))) مغني املحتاج )/)9)، وهناية املحتاج 5/)0).))) كشاف القناع )/)7).

النظارة على الوقف

110

يفوض للقابل بمفرده))). وكذا لو قال الواقف: أريض صدقة موقوفة عىل أن واليتها إىل ولدي وفيهم الصغري والكبري، فإن القايض خمري بني أن يدخل مكان الصغري رجال وبني أن

يقيم الكبار مقامه))).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول األول؛ ألنه حيقق غرض الواقف من إيصائه الثنني إضافة إىل أن هذا رشط من الواقف، ورشط الواقف جيب مراعاته بقدر اإلمكان فيجب أن يضم القايض

ناظرا آخر إىل من قبل.

املطلب اخلامس»غيبة الناظر«

قد جيعل الواقف النظارة عىل وقفه إىل رجل غائب أو حارض فيغيب.أ( فإن جعل الواقف النظارة إىل رجل غائب وىل القايض رجال آخر ناظرا عىل هذا الوقف حتى يقدم الغائب؛ ألن الوقف ال بد له من ناظر، فإذا قدم الغائب كانت النظارة إليه))).

ب( وإن جعل الواقف النظارة إىل رجل حارض ثم غاب فال خيلو إما أن يوكل الناظر من يقوم عنه بأعامل النظارة أو ال يوكل.

لعدم ناظرا القايض يعني مل النظارة بأعامل يقوم عنه قبل غيبته من الناظر فإن وكل شغور النظارة؛ ألن الوظيفة ال تصري شاغرة مع التوكيل))).

وإن مل يوكل الناظر قبل غيبته فإن القايض يقيم ناظرا عىل الوقف إىل أن يقدم الغائب؛ لشغور وظيفة النظارة بالغيبة)5).

املبحث الثالث»ال�شيغة«

الصيغة هي الركن الثالث من أركان النظارة، فال وجود للنظارة من غري صيغة تدل ))) البحر الرائق 50/5)، وأحكام الوقف هلالل ص 08).

))) أحكام الوقف هلالل ص 0)).))) أحكام الوقف هلالل ص )))، والعقود الدرية )/))).

))) العقود الدرية )/)))، 5)).)5) العقود الدرية )/00)، )))، ومواهب اجلليل 8/6).

الباب األول: في تعريف النظارة

111

عىل رضا أطرافها، وذلك يف احلاالت التي تكون النظارة فيها عقد وكالة أو وصاية.كلوا

ين ءامنوا ل تأ ها ٱله ي

والعقود عموما يشرتط هلا الرتايض لقول اهلل تعاىل: ﴿يـأ

النبي ﴾)))، وقول منكم تراض عن تجرة تكون ن أ إله بٱلبطل بينكم مولكم

أ

ملسو هيلع هللا ىلص: »إنام البيع عن تراض«))).وملا كان الرضا أمرا قلبيا ال اطالع لنا عليه أقيمت الصيغة مقامه للداللة عليه، ومن ثم

كانت الصيغة ركنا يف مجيع العقود))).والصيغة يف اللغة تطلق عىل معان، منها: اخللق، يقال: فالن حسن الصيغة أي: حسن

اخللقة والقد، وصاغه اهلل صيغة حسنة أي: خلقه.ومنها: العمل، يقال: هذا يشء حسن الصيغة أي: حسن العمل.

ومنها: األصل، يقال: هو من صيغة كريمة أي: من أصل كريم))).والصيغة يف االصطالح: كالم أو فعل يصدر من العاقد يدل عىل رضاه بالعقد)5).

والصيغة تتكون من اإلجياب والقبول، وحتى تتضح حقيقة الصيغة ال بد من تعريف اإلجياب والقبول.

فاإلجياب يف اللغة يطلق عىل معان عدة، منها: اإللزام، يقال: أوجب األمر عىل الناس إجيابا أي: ألزمهم به إلزاما. ومنها: أكل أكلة يف اليوم والليلة، يقال: أوجب الرجل إذا كان يأكل مرة. ومنها: اإلتيان باملوجبة من احلسنات أو السيئات التي توجب لصاحبها اجلنة أو

النار، يقال: أوجب الرجل إذا عمل عمال يوجب له اجلنة أو النار)6).قبوال وقبوال: أخذه، وقبلت اليشء والقبول لغة: األخذ والرضا، يقال: قبل اليشء

))) سورة النساء/اآلية )9)).ابن ماجه )/7)7، ط عيسى احللبي، )95)م، بتحقيق: بيع اخليار )سنن التجارات باب ابن ماجه يف كتاب ))) أخرجه حممد فؤاد عبد الباقي(، من حديث أيب سعيد اخلدري ريض اهلل تعاىل عنه. قال البوصريي: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات )مصباح الزجاجة يف زوائد ابن ماجه )/0)، ط دار اجلنان، 986)م، بتحقيق: كامل يوسف احلوت(. وأخرجه ابن حبان يف كتاب البيوع، باب البيع املنهي عنه بلفظ: »والبيع عن تراض« )اإلحسان يف تقريب صحيح ابن حبان لعيل بن بلبان

الفاريس ))/)))، ط مؤسسة الرسالة - بريوت، )99)م، بتحقيق: شعيب األرنؤوط، وقال: إسناده قوي(.))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/6-7، ومغني املحتاج )/).

))) لسان العرب 8/)))، واملصباح املنري )5)، والقاموس املحيط )/0)).)5) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/5، ومواهب اجلليل )/8)).

)6) لسان العرب )/)79، واملعجم الوسيط )/))0).

النظارة على الوقف

112

قبوال إذا رضيته. والقبول أيضا: احلسن والشارة، يقال: عليه قبول إذا كانت العني تقبله))).واختلف الفقهاء يف املراد باإلجياب والقبول عىل قولني:

* القول األول: للحنفية، وهو أن املراد باإلجياب يف العقود ما صدر أوال من كالم أحد املتعاقدين، سواء أكان من اململك أم من املتملك، والقبول ما صدر ثانيا عن أحد املتعاقدين

داال عىل موافقته بام أوجبه األول))).فاملعترب عندهم أولية الصدور يف اإلجياب وثانويته يف القبول، سواء أكان من اململك أم

من املتملك.املراد أن وهو واحلنابلة)5)، والشافعية))) املالكية))) الفقهاء: جلمهور الثاين: القول *باإلجياب يف العقود ما صدر ممن يكون منه التمليك؛ كالبائع يف البيع ومفوض النظارة يف النظارة، سواء صدر أوال أم آخرا، والقبول هو ما صدر ممن يصري له امللك وإن صدر أوال.

فاملعترب عندهم هو أن اململك هو املوجب واملتملك هو القابل، وال اعتبار ملا صدر أوال أو آخرا.

التمييز بني اإلجياب والقبول؛ ألن اإلنسان وال خيفى أن اصطالح احلنفية أسهل يف بإمكانه التمييز بينهام بمجرد أن يعرف أهيام صدر أوال، وال حيتاج إىل معرفة من يكون منه

التمليك ومن يكون له التملك الذي قد خيفى عىل كثري من الناس.ونرى أن هذا اخلالف مبناه االصطالح وال ترتتب عليه ثمرة عملية.

وسنتكلم يف هذه املطالب عىل ألفاظ النظارة وحكم قبول الناظر ورشوط الصيغة.

املطلب األول»األفاظ النظارة على الوقف«

ال هلا معينة ألفاظ النظارة يشرتط يف فال معناها، يدل عىل لفظ بكل النظارة تنعقد تنعقد إال هبا.

))) لسان العرب ))/0)5، واملعجم الوسيط )/))7.))) االختيار لتعليل املختار )/)، وحاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/6، والبحر الرائق 5/)8).

))) حاشية العدوي عىل كفاية الطالب الرباين لرسالة ابن أيب زيد القريواين )/)))، ط مصطفى احللبي، 8)9)م.))) القليويب وعمرية مع رشح املحىل )/)5)، ومغني املحتاج )/).

)5) رشح منتهى اإلرادات )/0))، وكشاف القناع )/6)).

الباب األول: في تعريف النظارة

113

وذلك ألن األصل يف العقود أهنا ال تتقيد بصيغة معينة، بل تصح بكل لفظ يدل عىل املقصود))).

وسائر البيع به لزم والقبول اإلجياب منها فهم إشارة أو لفظ كل الباجي))): قال العقود))).

ومن األلفاظ الرصحية التي تنعقد النظارة هبا لفظ »النظارة« وما يشتق منه، كجعلت فالنا ناظرا، أو عىل أن يتوىل النظارة فالن، أو جعلت النظر لألرشد فاألرشد من أوالدي))).وقفي عىل الوالية كجعلت منه؛ يشتق وما »الوالية« لفظ الرصحية ألفاظها ومن

لفالن، أو عىل أن يليها فالن)5).ومن ألفاظها أيضا لفظ »القيم«، كأن يذكر يف كتاب وقفه أن فالنا قيم عىل وقفه)6).

ولو مجع الواقف يف كتاب وقفه بني لفظي »املتوىل« و«الناظر«، بأن جعل فالنا متوليا وجعل فالنا ناظرا كان املراد بالناظر املرشف)7).

الناظر باالسم كزيد واإلجياب الذي يصدر من الواقف إما أن يكون متضمنا تعيني وبكر فتثبت النظارة ملن سامه الواقف.

النظارة فتثبت واألفضل، كاألرشد بالوصف الناظر تعيني متضمنا يكون أن وإما ملن وجد فيه الوصف املرشوط، كام لو وقف عىل أوالده ورشط النظر لألرشد منهم فإن

النظارة تثبت لألرشد منهم عمال بالرشط)8).))) اهلداية مع رشوحها 58/5)، ومواهب اجلليل )/9))، وهناية املحتاج )/79)، واملنثور يف القواعد )/)))، وكشاف ينعقد النكاح فال الشافعية واحلنابلة استثنوا عقد القناع )/6))، واملغني البن قدامة 7/)0). وجتدر اإلشارة إىل أن ،(07/6 ،(79/( املحتاج هناية )انظر: السلم عقد أيضا الشافعية استثنى كام والتزويج، اإلنكاح بلفظ إال عندهم

واملنثور يف القواعد )/)))، وكشاف القناع 7/5)-8)).))) الباجي ))0)-)7)هـ( هو سليامن بن خلف بن سعد بن أيوب، أبو الوليد الباجي، أصله من بطليوس ومولده يف باجه باألندلس، من كبار علامء املالكية، أخذ عن علامء األندلس ثم انتقل إىل املرشق وأخذ عن أيب الفضل بن عروس إمام املالكية صاحب الرب عبد بن عمر أبو عنه وأخذ وغريهم، الدامغاين اهلل عبد وأيب الشريازي إسحاق وأيب الطربي الطيب وأيب االستيعاب وأبو بكر الطرطريش وغريمها، ويل القضاء ببعض املواضع يف األندلس. من تصانيفه: »إحكام الفصول يف أحكام

األصول«، و»املنتقى يف رشح املوطأ«، و»احلدود«، و»رشح املدونة« ]الديباج املذهب ص 0))، واألعالم )/5))[.))) مواهب اجلليل )/9)).

))) العقود الدرية يف تنقيح الفتاوى احلامدية )/97)، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88، ومغني املحتاج )/)9).)5) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)8)، ومغني املحتاج )/)9).

)6) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/))).)7) حاشية ابن عابدين )/)))، والعقود الدرية )/05).

)8) أحكام الوقف هلالل ص 08)، وهناية املحتاج 5/)0)، ومغني املحتاج )/)9)، وكشاف القناع )/65)، 76).

النظارة على الوقف

114

وتتعلق يف تعيني الناظر بالوصف مسائل نذكرها فيام يأيت:املسألة األوىل: حتقق الوصف يف أكثر من واحد:

النظارة لو حتقق الوصف املرشوط يف أكثر من واحد الفقهاء فيمن تثبت له اختلف واستووا فيه عىل قولني:

* القول األول: للشافعية))) واحلنابلة))) واملفتي أيب السعود))) من احلنفية)))، وهو أنه لو حتقق الوصف املرشوط يف أكثر من واحد واستووا فيه فإهنم يشرتكون يف النظارة.

وعلل أبو السعود ذلك بأن أفعل التفضيل ينتظم الواحد واملتعدد)5).وقال الشافعية: إذا أثبت كل منهم أنه األرشد اشرتكوا يف النظارة بال استقالل؛ ألن

األرشدية قد سقطت بتعارض البينات فيها وبقي أصل الرشد)6).ال فإهنم املرشوط الوصف يف استووا لو أنه وهو احلنفية، لبعض الثاين: القول *

يشرتكون يف النظارة، واختلفوا فيمن يقدم.عىل الرجل بتقديم اإلسامعيلية يف وأفتى أنثى. ولو األسن يقدم الطرابليس: فقال

األنثى والعامل عىل اجلاهل)7).الرتجيح:

نرى أن هذه املسألة يفتى هبا بام حيقق مصلحة الوقف، فإن كانت مصلحة الوقف تتحقق بتعيني شخص واحد فقط متحقق فيه الوصف املرشوط فإنه يكتفى بواحد، وإن كانت مصلحة الوقف تتحقق بتعيني أكثر من واحد ممن ثبت فيهم الوصف املرشوط فإنه يعني يف النظارة أكثر

من واحد، وال شك أن هذا أقرب إىل قصد الواقف إذ قصده حتقيق مصلحة الوقف.

))) هناية املحتاج 5/)0)-)0)، ومغني املحتاج )/)9).))) كشف القناع )/76).

))) أبو السعود )898-)98هـ( هو حممد بن حممد بن مصطفى العامدي، أبو السعود، ولد بقرية قريبة من القسطنطينية، فقيه حنفي أصويل مفرس، انتهت إليه رئاسة احلنفية يف زمانه، كان جيتهد يف بعض املسائل وخيرج ويرجح بعض الدالئل، أخذ

عن أبيه ومؤيد زاده، توىل عدة مدارس وقضاء عدة أماكن ثم ويل منصب االفتاء بقسطنطينية أكثر من ثالثني سنة.من تصانيفه: »إرشاد العقل السليم إىل مزايا الكتاب الكريم« يف التفسري، و»حتفة الطالب« يف املناظرة، و»جمموعة رسائل

فقهية« ]الفوائد البهية ص )8، وشذرات الذهب 98/8)، واألعالم 59/7[.))) العقود الدرية يف تنقيح الفتاوى احلامدية )/97).

)5) املرجع السابق.)6) مغني املحتاج )/)9).

)7) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/0))، والعقود الدرية يف تنقيح الفتاوى احلامدية )/97).

الباب األول: في تعريف النظارة

115

وليس يف ذلك خمالفة لرشط الواقف؛ ألن الرشط يتحقق يف تعيني واحد كام يتحقق يف تعيني أكثر من واحد.

املسألة الثانية: إباء من حتقق فيه الوصف املرشوط:لو رشط الواقف النظر لألفضل من أوالده أو من أوالد زيد مثال، فأبى األفضل القبول

فإن النظارة تنتقل إىل من يليه. ومثل ذلك ما لو مات األفضل فإهنا تنتقل إىل من يليه.وهذا استحسان عند احلنفية، والقياس أن يدخل القايض بدله رجال ما دام حيا، فإن

مات صارت الوالية ملن يليه يف الفضل))).املسألة الثالثة: ختلف الوصف عن الناظر:

لو ختلف الوصف املرشوط عن الناظر بأن رشط الواقف النظر لألفضل أو األرشد من أوالده فتوىل األفضل أو األرشد النظارة ثم صار أحد أوالد الواقف أفضل أو أرشد من

الناظر، فهل تنتقل النظارة إليه أم يتشاركان فيها أم تبقى النظارة لألول؟للفقهاء أقوال ثالثة:

الشافعية)5)، وهو من والسبكي واألذرعي))) واحلنابلة))) للحنفية))) األول: القول *إليه، فينظر يف كل وقت النظارة تنتقل أنه لو صار املفضول أفضل ممن كان أفضلهم فإن

أفضلهم.واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:

)( أنه لو وقف عىل األفقر فاألفقر من ولده فإنه يعطى األفقر منهم، وإذا صار غريه أفقر منه يعطى الثاين وحيرم األول، فكذا لو جعل النظر لألفضل)6).

))) أحكام الوقف هلالل ص 08)، وحاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/0))، والعقود الدرية )/97)، وكشاف القناع )/76).))) أحكام الوقف هلالل ص 09)، وحاشية ابن عابدين )/0))، والعقود الدرية )/97)، ))).

))) كشف القناع )/76).))) األذرعي )708-)78هـ( هو أمحد بن محدان بن أمحد بن عبد الواحد، أبو العباس، شهاب الدين األذرعي، فقيه شافعي، ولد بأذرعات الشام، سمع من احلجار واملزي، وحرض عند الذهبي، وتفقه عىل ابن النقيب وابن مجلة والفخر املرصي، أخذ عنه مجاعة منهم بدر الدين الزركيش وبرهان الدين البيجوري، وراسل السبكي باملسائل احللبيات. من تصانيفه: »مجع الكامنة يف املنهاج ]الدرر الروضة والرشح«، و»غنية املحتاج«، و»قوت املحتاج«، كالمها يف رشح التوسط والفتح بني أعيان املائة الثامنة البن حجر العسقالين )/5))، ط جملس دائرة املعارف العثامنية بحيدر آباد، اهلند، )97)م، واألعالم

.]((9/()5) الفتاوى الكربى الفقهية البن حجر اهليتمي )/87)، ط املكتبة اإلسالمية.

)6) أحكام الوقف هلالل ص 09)، والعقود الدرية )/97).

النظارة على الوقف

116

)( إن بقاء الناظر يف النظارة مع وجود من هو أفضل منه فيه خمالفة لرشط الواقف الذي هو كنص الشارع))).

بني الزمن يطول أن األول: ثالثة رشوط: للثاين النظارة احلنفية النتقال وقد رشط البينتني. الثاين: أن ترصح البينة الثانية أن أرشدية الثاين أمر جتدد اآلن. الثالث: أن يكون

األوالد معلومني حمصورين.واشرتط السبكي الرشط األول والثاين فقط للحكم بالبينة الثانية))).

قال ابن عابدين: وبه علم عدم صحة ما أفتى به يف احلامدية))) أنه إذا أثبت أحدهم أرشدية أنه التقبل بينة آخر إذا صار أرشد ... ويف هذه املسألة تفصيل أخذا من القواعد املذهبية، وهو أنه إذا ادعى آخر األرشدية قبل احلكم هبا لألول وتعارضت البينتان اشرتكا إحدى ترجيح إل واألكثر، وألنه ال سبيل الواحد ينتظم التفضيل أفعل التولية؛ ألن يف البينتني عىل األخرى قبل احلكم، وإن كان بعده وقرص الزمن ال تسمع الثانية لرتجح األوىل باحلكم هبا فتلغى الثانية، وأما إذا طال بحيث يمكن أن يصري الثاين أرشد فكذلك إال إذا بذلك الترصيح رأيت ثم قال: األول. من أرشد اآلن صار صاحبها بأن الثانية شهدت من بد فال لغريه باألرشدية أخرى بينة قامت إذا قال: حيث قاسم)))، الشيخ فتاوى يف ترصحيها بأن هذا أمر جتدد، وذكر قبله أن الشهادة باألرشدية حتتاج إىل أن يكون األوالد

وأوالد األوالد معلومني حمصورين ليكون املشهود له أرشد من غريهم)5).رشط لو أنه وهو والرميل، واملاوردي كالروياين)6) الشافعية لبعض الثاين: القول *األفضل فاألفضل من بنيه كانت ألفضلهم حال استحقاق النظر، فإن جتدد أفضل منه ال

))) العقود الدرية )/)))، وكشاف القناع )/76).))) الفتاوى الكربى الفقهية )/87).

))) احلامدية كتاب فتاوى للشيخ حامد أفندي العامدي، مفتي دمشق، الشام.))) الشيخ قاسم )555-7)6هـ( هو القاسم بن احلسني بن أمحد، جمد الدين اخلوارزمي، املعروف بصدر األفاضل، فقيه حنفي لغوي، تفقه عىل أيب الفتح املطرزي صاحب املغرب. من تصانيفه: »التجمري رشح املفصل« للزخمرشي، و»التوضيح« يف رشح املقامات، و»الزوايا اخلبايا« يف النحو، و»بدائع امللح« ]اجلواهر املضية )/)70، والفوائد البهية )5)، واألعالم 75/5)[.

)5) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/0)).)6( الروياين )5))-)50هـ( هو عبد الواحد بن إسامعيل بن أمحد بن حممد أبو املحاسن الروياين، أحد أئمة املذهب الشافعي، من ألمليتها الشافعي كتب احرتقت »لو قال: حتى املذهب حيفظ كان وغريهم، املروزي ونارص وجده أبيه عىل تفقه »احللية« و »الفروق«، و املذهب، كتب أوسع من وهو »البحر« تصانيفه من ورويان. طربستان قضاء ويل حفظي«،

]طبقات الشافعي الكربى )/)6)، واألعالم )/75)[.

الباب األول: في تعريف النظارة

117

تنتقل إليه إال إذا تغري حال األفضل فإن النظارة تنتقل إىل من هو أفضل منه))).واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:

)( إن احلق إذا ثبت لواحد مل ينتقل إىل غريه ولن يتعداه؛ ألن العربة بمن فيه هذا الوصف يف االبتداء ال يف األثناء وإال مل يستقر نظر ألحد، ونظري ذلك إذا قلنا: »ال تنعقد إمامة

املفضول مع وجود الفاضل« فذاك يف االبتداء ال يف الدوام))).)( وألن مقصود الواقف تفويض النظر إىل واحد يصلح ال إىل كل من يصلح، وإال ألدى اختالف من ذلك بسبب وحيصل صاحلني، كانوا إذا الذرية جلميع النظر جعل إىل

الكلمة ما يؤدي إىل فساد الوقف))).قال ابن حجر اهليتمي))): قال السبكي لو شهدت بينة بأرشدية زيد ثم أراد آخر أن يثبت أرشديته فإن كان قبل احلكم أو بعده وقرص الزمن بينهام بحيث ال يمكن صدقهام تعارضتا ثم حيتمل سقوطهام وحيتمل اشرتاكهام -وبه أفتى ابن الصالح-)5) وإن طال الزمن فمقتىض املذهب أنه حيكم بالثانية إن رصحت بأن هذا أمر متجدد، قال الشيخ زكريا األنصاري)6):

))) هناية املحتاج 5/)0)، والفتاوى الكربى الفقهية )/87).))) احلاوي للفتاوي للسيوطي )/)))، ط مطبعة السعادة بمرص، 959)م.

))) املرجع السابق.))) ابن حجر اهليتمي )909-)97هـ( هو أمحد بن حممد بن عيل بن حجر اهليتمي، شهاب الدين، أبو العباس ولد يف حملة أيب اهليتم بمرص وإليها نسبته، ونشأ وتعلم هبا، فقيه شافعي مشارك يف أنواع من العلوم، تلقى العلم باألزهر وقرأ عىل الشيخ »حتفة تصانيفه: من تويف. وهبا كتبه هبا وصنف مكحة إىل انتقل وغريهم، البكري احلسن وأيب والرميل املرصي عامرة السعادة الطالع )/09)، ط مطبعة ]البدر الكربى« العباب«، و»الفتاوى املنهاج«، و»اإليعاب يف رشح املحتاج رشح

بمرص، 8)))هـ، واألعالم )/)))[.الصالح، بابن املعروف عمرو، أبو الدين، تقي موسى، بن الرمحن عبد بن عثامن وهو )577-))6هـ( الصالح ابن (5(بالتفسري واألصول والنحو، وإذا الفقه واحلديث وعلومه عارفا إمام عرصه يف الشافعية، كان كردي األصل من علامء أطلق الشيخ يف علم احلديث فاملراد هو، تفقه عىل والده وكان شيخ دمشق والزم الرافعي، توىل املدرسة النظامية بالقدس املفتي املهذب«، و»أدب الرواحية بدمشق وكذا دار احلديث األرشفية هبا. من تصانيفه: »نكت عىل الرشيف واملدرسة الذهب ]شذرات الصالح ابن بمقدمة املعروف احلديث«. و»علوم و»الفتاوى«، الشافعية«، و»طبقات واملستفتي«،

5/)))، وطبقات الشافعية البن هداية )8، ط املكتبة العربية ببغداد، 56))هـ(.حفاظ من شافعي فقيه حييى، أبو األنصاري، زكريا بن حممد بن زكريا هو )))8-6)9هـ( األنصاري زكريا الشيخ (6(احلديث مفرس قاض، من أهل مرص، لقب بشيخ اإلسالم، تفقه عىل مجاعة منهم ابن حجر العسقالين وموسى بن أمحد السلطان اهليتمي، واله وابن حجر الرميل الشمس الرميل وولده الربليس والشهاب الشيخ عمرية السبكي، وأخذ عنه و»منهج الوردية«، البهجة رشح يف البهية »الغرر تصانيفه: من التصنيف. من مكثر القضاة، قضاء اجلركيس قايتباي الوصول و»غاية القراءات، يف املحكمة« و»الدقائق الفقه، يف كلها الطالب« روض رشح املطالب و»أسنى الطالب«، رشح لب األصول« يف أصول الفقه، وله مصنفات يف املنطق والتفسري واحلديث وغريها ]الكواكب السائرة بأعيان املائة

العارشة )/96)، ط دار اآلفاق اجلديدة، بريوت، 979)م، واألعالم للزركيل )/80[.

النظارة على الوقف

118

بل مقتضاه ما رصح به املاوردي وغريه أنا نحكم بالثانية إذا تغري حال األرشد األول))).* القول الثالث: لبعض الشافعية كابن الصالح وابن حجر اهليتمي، وهو أنه لو أثبت

آخر أرشديته بالبينة فإنه يشارك الناظر األول يف النظارة))).قال ابن حجر اهليتمي: وهو مقتىض إطالق ابن الصالح يف أنه لو رشط النظر لألرشد إذا استقالل غري النظر من اشرتكوا يف األرشد أنه منهم فأثبت كل أوالده من فاألرشد وجدت األهلية يف مجيعهم، ومقتىض هذا اإلطالق أنه ال فرق يف الترشيك بينهم إذا أثبت كل منهم أنه األرشد بني أن يقيام البينتني معا أو تتقدم بينة أحدمها وهو متجه إذ التعارض حاصل يف كال احلالني ... والتعارض يلزمه تساقط البينتني وبقاء الرشد، وذلك رصيح أو كالرصيح يف مشاركة الثاين لألول من حيث تثبت أرشديته وأنه ال أثر لتقدم ثبوت رشده،

وهو وجيه معنى ونقال))).واستدلوا عىل ذلك بأن كل واحد منهم قد أثبت أرشديته بالبينة فتعارضت البينات يف األرشد فتساقطت وبقي أصل الرشد، فصارت كام لو قالت البينة برشد اجلميع من غري

تفصيل وحكمه الترشيك لعدم املزية))).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول األول؛ لقوة ما ذكره أصحابه من أدلة مع مراعاة الرشوط الثالثة التي اشرتطها احلنفية النتقال النظارة، حتى ال تكثر الدعاوى مما قد يؤدي إىل اإلرضار بالوقف.

ولرد ما استدل به أصحاب القول الثاين؛ فإن قوهلم: إن العربة بمن فيه هذا الوصف يف االبتداء ال يف األثناء ال دليل عليه؛ ألن العربة بتحقق الوصف سواء كان يف االبتداء أم يف األثناء، فمن حتقق فيه الوصف استحق النظارة بموجب رشط الواقف، سواء كان حتقق الوصف يف االبتداء أم يف األثناء. وألن قصد الواقف تفويض النظر إىل واحد يصلح ال إىل كل من يصلح، وهذا الواحد هو األفضل أو األرشد، فمن حتقق فيه هذا الوصف استحق النظارة وحده دون مجيع الذرية إذا كانوا صاحلني ألن األصلح واحد دائام، وال يمكن أن

))) الفتاوى الكربى الفقهية )/87)، وحتفة املحتاج 6/)9).))) الفتاوى الكربى الفقهية )/86).

))) املرجع السابق.

))) املرجع السابق.

الباب األول: في تعريف النظارة

119

يتساوى الصاحلون يف مجيع خصال الصالح بل ال بد من التفاوت فيها؛ ألن الصاحلني إن تساووا يف خصال الصالح الديني تفاضلوا يف خصال الصالح العميل واإلداري، بمعنى أن بعضهم أفضل من بعض يف إدارة شئون الوقف والقيام بأعامله ومصاحله، فكان هذا هو

األصلح ليتوىل نظارة الوقف.وإذا كان األصلح واحدا فال تتعارض البينات وال تتساقط فتقدم بينة األكثر صالحا

ويستحق النظارة دون غريه.املسألة الرابعة: ما يرجح استحقاق النظارة عند االستواء يف الوصف:

ذكر بعض الفقهاء بعض األمور التي ترجح أحد النظار عىل اآلخرين عند استوائهم يف الوصف املرشوط من قبل الواقف.

فقد ذكر احلنفية أنه لو رشط الواقف النظر ألفضل أوالده فاستووا فألسنهم ولو أنثى، ولو أحدمها أورع واآلخر أعلم بأمور الوقف فهو أوىل إذا أمن خيانته، ومثله لو استويا يف الديانة والسداد والفضل والرشاد فاألعلم بأمر الوقف أوىل. وأفتى يف اإلسامعيلية بتقديم

الرجل عىل األنثى والعامل عىل اجلاهل بعد االستواء يف الفضيلة والرشد))).وقال الشافعية: لو استوى اثنان يف أصل األرشدية وزاد أحدمها بتمييز يف صالح الدين أو املال فهو األرشد. وإن زاد واحد يف الدين وواحد يف املال فاألوجه استواؤمها فيشرتكان))).

املسألة اخلامسة: عدم حتقق الوصف يف أحد:يكن فلم أوالده من واألرشد كاألفضل الناظر يف معينا وصفا الواقف رشط إذا أحد من أوالده مستوفيا رشوط الناظر فإن القايض يويل أجنبيا النظارة، فإذا صار أحدهم

ا النظارة))). مستوفيا رشوط الناظر فإنه يكون مستحق

املطلب الثاين»قبول الناظر«

قبول الناظر الوقف تعرتيه األحكام التكليفية اخلمسة:

))) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/0))، والعقود الدرية )/97).))) حتفة املحتاج 6/)9).

))) أحكام الوقف هلالل ص 09)-0))، وحاشية ابن عابدين )/0)).

النظارة على الوقف

120

فتارة يكون مندوبا إذا استوىف الناظر رشوط الواقف؛ ألهنا قيام بمصلحة الغري وإعانة له عىل فعل اخلري فكانت كالقبول يف الوكالة.

وتارة يكون واجبا إن كان فيه إعانة عىل واجب كتخليص الوقف من غاصب.وتارة يكون حراما إن كان فيه إعانة عىل حرام كالتعدي عىل حقوق املستحقني.

وتارة يكون مكروها وذلك ملن خيش عىل نفسه عدم القيام بوظيفة النظارة عىل وجهها الرشعي.وتارة يكون مباحا كأن يقبل شخص النظارة ال لغرض.

واألصل يف القبول هو الندب إذا حتققت يف الناظر ما اشرتطه الواقف))).وقد رصح الشافعية بأن لقبول الناظر حكم قبول الوكيل بجامع اشرتاكهام يف الترصف،

ويف جواز االمتناع منهام بعد قبوهلام))).وهذا املبدأ ال يأباه أصحاب املذاهب األخرى حيث إهنم يرصحون أن الناظر وكيل

أو يف معنى الوكيل))).كيفية القبول:

وقبول الناظر النظارة إما أن يكون باللفظ، وهو القبول الرصيح، وإما أن يكون بغري اللفظ وهو القبول داللة.

أو قبلت كقوله: النظارة، الناظر بقبول يشعر لفظ بكل يكون باللفظ فالقبول أ- رضيت أو أنا موافق ونحو ذلك.

ب- والقبول بغري اللفظ يكون بأحد أمرين:1( بالفعل: وذلك بأن يبارش الناظر إجراء الترصف فيام هو ناظر عليه دون أن يصدر منه القبول، وإنام اعتربت املبارشة بالفعل قبوال ألن يف هذه املبارشة إجراء الترصف لفظ داللة عىل قبول الناظر النظارة؛ إذ لو مل يكن قابال ملا بارش إجراء الترصف، وألن النظارة

وكالة وهي مما جيوز أن يكون القبول فيها بالفعل))).

))) حاشية الشربامليس مع هناية املحتاج 5/5).))) هناية املحتاج 97/5)، ومغني املحتاج )/)9).

))) أحكام الوقف هلالل ص )0)، واإلسعاف ص 9)، ورشح فتح القدير 50/5)، والذخرية 6/)))، وهناية املحتاج 97/5)، )0)، وكشاف القناع )/68)-69)، والبحر الزخار )/65)، والروضة البهية )/77)-78).

))) تكملة رشح فتح القدير 6/)55، ومواهب اجلليل 90/5)، وهناية املحتاج 8/5)، والرشح الصغري )/506-505، املغني 7/)0)، والبحر الزخار 55/5، والروضة البهية )/67).

الباب األول: في تعريف النظارة

121

2( أو بالسكوت: وقد اختلف الفقهاء يف اعتبار سكوت الناظر قبوال للنظارة عىل قولني:* القول األول: للحنفية))) والشافعية)))، وهو أن سكوت الناظر يعترب قبوال داللة، فإذا

سكت الناظر فلم يقبل ومل يرد ثم عمل فإنه ينفذ ويظهر بالعمل قبوله.يكون كثرية مسائل قول ساكت إىل ينسب ال قاعدة عن خرجت نجيم: ابن قال

السكوت فيها كالنطق ... منها سكوت الوكيل قبول ويرتد بالرد))).* القول الثاين: للاملكية))) واحلنابلة)5)، وهو أن سكوت الناظر ال يعترب قبوال.

قال احلنابلة: فإذا سكت الناظر فلم يقبل النظارة ومل يردها حيكم عليه بالرد)6).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول الثاين وهو أن سكوت الناظر ال يعترب قبوال وأنه إذا سكت الناظر حيكم عليه بالرد، ذلك أن النظارة من العقود التي تستدعي يف كثري من األحيان أن يبارش وعن باللفظ الرصيح القبول عن الناظر سكوت ويف تأخري، دون النظارة أعامل الناظر القبول داللة بالفعل رضر بالوقف، إذ يؤدي إىل خلو الوقف من الناظر وإىل تعطيل أعامل

النظارة، ويف ذلك من املفاسد ما ال ختفى.هل يشرتط لصحة النظارة قبول الناظر؟

اختلف الفقهاء يف اعتبار القبول رشطا لصحة النظارة عىل ثالثة أقوال؛ تأسيسا عىل اختالفهم يف اعتباره رشطا لصحة الوكالة:

* القول األول: للحنفية)7)، وهو أن قبول الناظر ليس رشطا لصحة النظارة، ولكن إذا رد الناظر النظارة ترتد.

))) تكملة رشح فتح القدير 6/)55.))) هناية املحتاج 8/5).

))) األشباه والنظائر البن نجيم ص )5).))) مواهب اجلليل 90/5).

)5) كشاف القناع )/)6).)6) املرجع السابق.

)7) الفتاوى اهلندية )/560.

النظارة على الوقف

122

* القول الثاين: للاملكية))) واحلنابلة))) والشافعية يف قول)))، وهو أن قبول الناظر رشط لصحة النظارة.

يقبل مل إذا له كاملوىص نفسه، فكعزله الوكالة يقبل أن الوكيل أبى لو احلنابلة: قال الوصية ومل يردها حيكم عليه بالرد، وعىل قياس ذلك باقي العقود اجلائزة))).

صحة يف رشطا ليس الناظر قبول أن وهو املذهب)5)، يف للشافعية الثالث: القول *النظارة إن كانت بغري جعل بل الرشط أن ال يرد، أما لو كانت النظارة بجعل فال بد من

القبول لفظا.الرتجيح:

نرى األخذ بالقول الثاين الذي يعترب قبول الناظر رشطا لصحة النظارة؛ ألن األصل يف الصيغة أهنا تتكون من اإلجياب والقبول وال تتم الصيغة إال بالقبول.

أن كام قبول، بدون كذلك تصح ال فهي إجياب بدون تصح ال الصيغة كانت وإذا سكوته ال يكفي وال يعترب قبوال كام سبق.

املطلب الثالث»�شروط ال�شيغة«

يشرتط يف صيغة النظارة يف الوقف ما يأيت:

)( أن تصدر الصيغة ممن له والية نصب الناظر: فال أثر هلذه الصيغة إن صدرت من غريه؛ ألن من ال يملك اليشء ال يستطيع متليكه لغريه.

وقد سبق أن اخرتنا أن تفويض النظارة يثبت للواقف ثم وصيه ثم املوقوف عليه إن كان معينا أو مجعا حمصورا ثم القايض.

)( فورية القبول: وقد اختلف الفقهاء يف اشرتاط فورية القبول عىل ثالثة أقوال:

))) الذخرية 8/8-9، ومواهب اجلليل 90/5).))) كشاف القناع )/)6)-)6)، واملغني 7/)0)، ط هجر بالقاهرة، )99)م.

))) هناية املحتاج 8/5).))) كشاف القناع )/)6).

)5) هناية املحتاج 8/5)، ومغني املحتاج )/))).

الباب األول: في تعريف النظارة

123

يف والزيدية واحلنابلة))) والشافعية))) احلنفية))) الفقهاء: جلمهور األول: القول *النظارة فتصح النظارة، القبول لصحة فورية أنه ال يشرتط األصح))) واإلمامية)5)، وهو

مع تراخي القبول.

ألن النظارة ال خترج عن كوهنا وكالة أو وصاية، وكالمها ال يشرتط فيه فورية القبول.

مستدلني عىل ذلك باآليت:

)( إن قبول وكالء الرسول -ملسو هيلع هللا ىلص- لوكالته كان بفعلهم، وكان مرتاخيا عن توكيله إياهم)6).

)( إن الوكالة إذن يف الترصف، واإلذن يبقى قائام ما مل يرجع عنه املوكل، فأشبهاإلباحة)7).

من املروذي)0)) حامد وأيب األصح)9) مقابل يف والزيدية للاملكية)8) الثاين: القول *الشافعية))))، وهو أنه يشرتط الفورية يف القبول، فلو صدر اإلجياب ومل يقبل الناظر فورا بل

تراخى قبوله مل تصح النظارة.

الفور؛ ألهنا عقد حال القبول عىل النظارة وكالة، والوكالة ال بد فيها من ذلك ألن احلياة فكان القبول فيه عىل الفور كالبيع)))).

))) الفتاوى اهلندية )/560.))) املهذب للشريازي )/57).

))) املغني البن قدامة 7/)0)، 9/8)).))) البحر الزخار 55/5.

)5) مفتاح الكرامة 5/7)5.)6) املغني 7/)0)، 9/8))، واملهذب )/57).

)7) املراجع السابقة.)8) مواهب اجلليل 90/5).

)9) البحر الزخار 55/5.)0)) أبو حامد املروذي )؟-)6)هـ( هو أمحد بن برش بن عامر، أبو حامد املروذي نسبة إىل مرو الروذ، أحد أئمة الشافعية. تفقه عىل أيب إسحاق املروزي، وعنه أخذ أبو إسحاق املهراين وأبو فياض البرصي وأبو حيان التوحيدي، قال السبكي: القايض أبو حامد املروذي أحد رفعاء املذهب وعظامئه. من تصانيفه: »اجلامع« يف الفقه، و»رشح خمترص املزين« ]طبقات الشافعية الكربى )/)8، ط دار املعرفة بريوت، وطبقات الشافعية البن قايض شهبة )/7))، ط عامل الكتب، بريوت،

987)م، واألعالم )/)0)[.)))) املهذب )/57).

)))) املرجع السابق.

النظارة على الوقف

124

* القول الثالث: للامزري))) من املالكية، وهو أنه يرجع إىل العادة والقصد، ألن املراد يف هذه األلفاظ إذا كان استدعاء اجلواب فورا فيشرتط الفورية يف القبول، فإن تأخر سقط يشرتط فال مؤجال أو معجال مطلقا اجلواب استدعاء املراد كان إذا أما اخلطاب، حكم

الفورية يف القبول))).

الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء من عدم اشرتاط فورية القبول لصحة النظارة لألدلة التي ذكروها، ولرد أدلة املخالفني هلم.

وإن ما استدل به أصحاب القول الثاين من قياس الوكالة عىل البيع يف اشرتاط الفورية يف القبول قياس مع الفارق، إذ طبيعة عقد البيع التي هي عبارة عن معاوضة بني طرفني ختتلف عن طبيعة عقد الوكالة التي هي عبارة عن إذن يف الترصف، فال يصح قياس الوكالة عىل البيع. وألن القول بالرجوع إىل العرف يف هذه املسألة غري سديد؛ ألنه إنام يرجع إىل

العرف عند عدم النص، وقد وجد النص يف هذه املسألة فال حاجة إىل العرف.

التعليق مع الصيغة تصح بل التنجيز، الوقف عىل النظارة صيغة يف يشرتط وال واإلضافة.

فمثال التعليق ما ذكره هالل من أنه لو قال الواقف: عىل أن والية هذه الصدقة بعد وفايت إىل عبد اهلل حتى يقدم زيد فإذا قدم زيد فهو وصيي، فهذا كله عىل ما رشط والوالية رشط لو ما أيضا ومثاله إليه))). الوالية كانت زيد قدم فإذا غائبا، زيد كان ما اهلل لعبد الوالية بعد موت وصيه لزيد ثم لعمرو ثم لبكر كانت النظارة صحيحة، وتثبت هلؤالء عىل

الرتتيب املذكور))).))) املازري ))5)-6)5هـ( هو حممد بن عيل بن عمر التميمي املازري، أبو عبد اهلل لقب باإلمام، أصله من مازر مدينة يف جزيرة صقلية، إمام أهل إفريقية وما وراءها من املغرب، فقيه مالكي أصويل، قال ابن فرحون: كان آخر املشتغلني من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ورتبة االجتهاد ودقة النظر، أخذ عن اللخمي وأيب حممد عبد احلميد السويس وغريمها. من تصانيفه: »رشح صحيح مسلم«، و»رشح كتاب التلقني للقايض عبد الوهاب«، و»إيضاح املحصول من برهان األصول«

للجويني ]الديباج املذهب يف معرفة أعيان املذهب 79)، ط بن شقرون بمرص، )5))هـ، واألعالم 77/6)[.))) عقد اجلواهر الثمينة يف مذهب عامل املدينة البن شاس )/679، ط دار الغرب اإلسالمي، 995)م، والذخرية للقرايف

8/8-9، ومواهب اجلليل 90/5)-)9).))) أحكام الوقف هلالل ص )))، وانظر: مغني املحتاج )/)9).

))) اإلسعاف ص )5، والفتاوى اهلندية )/0)).

الباب األول: في تعريف النظارة

125

أو يف شهر بعد سنة يليها أن واليتها لفالن الواقف: عىل قال لو ما ومثال اإلضافة رمضان، فإنه تثبت واليتها للمذكور عند حلول األجل الذي حدده الواقف.

كام تقبل صيغة النظارة التقييد بالرشط، ومثال ذلك ما لو قال: عىل أن واليتها إىل فالن ما أقام بالبرصة، فإن الوالية إليه ما كان مقيام بالبرصة. وكذلك لو قال: الوالية إىل امرأيت ما

مل تتزوج، فالوالية إليها ما مل تتزوج، فإذا تزوجت فال والية إليها.

قال: لو ينص عىل سقوطها، كام مل تزوجت تسقط واليتها وإن إذا الطرابليس: قال ما علق االستحقاق لفوت يعطى شيئا؛ استغنى ال إذا فإنه فقريا، ما كان صدقتي لفالن

عليه))).

املبحث الرابع»املنظور عليه«

الركن الرابع من أركان النظارة هو املنظور عليه؛ إذ ال تتصور النظارة بدونه، واملنظور أم وكالة عقد عن عبارة النظارة كانت سواء أي أحواهلا، مجيع يف النظارة يف ركن عليه

وصاية أم كانت عبارة عن والية.واملنظور عليه هو العني املوقوفة، ومن ثم فإنه يشرتط يف املنظور عليه رشوط الوقف، فإذا وقع الوقف مستوفيا لرشوطه كلها من حيث الواقف والعني املوقوفة واملوقوف عليه

والصيغة كان صحيحا واستحق النظر من قبل ناظر.فال ثم ومن ، يصح وال يتم ال الوقف فإن الوقف رشوط من رشط ختلف إذا أما

يستحق النظر.وقد سبق بيان أركان الوقف ورشوطه يف التمهيد فال حاجة السرتجاعه.

))) اإلسعاف ص )5-)5، وأحكام الوقف هلالل ص ))).

النظارة على الوقف

126

الف�صل الثالث

»حكم النظارة وحقوقها وخ�شائ�شها«

يشتمل هذا الفصل عىل مبحثني:

املبحث الأول»حكم النظارة وحقوقها«

إنشائه ويكون برتتيب العاقدين من أثره املرتتب عليه، وهو غرض العقد هو حكم من الشارع.

وتقرره حكمه تؤكد ومطالبات التزامات من العقد يستتبع ما هي العقد وحقوق وتكمله.

املشرتي إىل املبيع ملكية نقل البيع عقد فحكم البيع، بعقد لذلك نمثل وللتوضيح ونقل ملكية الثمن إىل البائع.

وحقوق عقد البيع إلزام البائع بتسليم املبيع، وقبوله إذا رد إليه بسبب العيب، وثبوت حقه يف املطالبة بالثمن، وقبضه، ورده إذا وجده معيبا، والرجوع عليه بالثمن عند استحقاق

املبيع.وجده إذا ه ورد املبيع، بتسليم املطالبة يف حقه وثبوت الثمن، بأداء املشرتي وإلزام معيبا، وثبوت اخليار عند رؤيته، وغري ذلك من احلقوق التي تثبت لكل عاقد قبل صاحبه

تكميال ألثر العقد))).وإذا متت النظارة مستوفية ألركاهنا ورشوطها ترتب عليها حكمها وحقوقها.

ابن قال املوقوفة))). العني يف للناظر الترصف والية ثبوت فهو النظارة: حكم أما عابدين: الترصف يف مال الوقف مفوض إىل املتويل))). وقال البهويت: للناظر وضع يده عىل

العريب، الفكر دار الرشعية لعيل اخلفيف ص )8)، ط املعامالت املختار )/6، وأحكام الدر ابن عابدين مع ))) حاشية الطبعة الثالثة.

منتهى ورشح ،(69/( القناع وكشاف ،((8/5 الطالبني وروضة ،(((/( املختار الدر عىل عابدين ابن حاشية (((اإلرادات )/505-506، ومفتاح الكرامة 9/)).

))) حاشية ابن عابدين )/))).

الباب األول: في تعريف النظارة

127

الوقف وعىل ريعه))).وأما حقوق النظارة فحقان:

أعامل مبارشة له يتسنى حتى الناظر إىل املوقوفة العني بتسليم النظارة مفوض إلزام )(النظارة؛ إذ من غري التسليم ال يتحقق الغرض من إنشاء النظارة الذي هو إقامة الغري

حلفظ الوقف وإدارته وتنميته.)( إلزام الناظر بمبارشة أعامل النظارة؛ ألن هذا هو مقصود النظارة، فإذا مل يكن هناك إلزام

باملبارشة مل يتحقق املقصود.فإن آلخر أو لسبب فيها الناظر من املبارشة تتحقق ال التي احلاالت فإن ثم ومن

القايض يعني ناظرا ليبارش أعامل النظارة.ومن تلك احلاالت حالة غياب الناظر، فقد رصح الفقهاء بأنه إذا غاب الناظر ومل يعني وكيال له يف النظارة فإن القايض ينصب ناظرا عىل الوقف إىل حني حضور الناظر الغائب))). قال هالل الرأي: إذا أوىص يف وقفه إىل رجل غائب فإن القايض يويل رجال هذا الوقف

حتى يقدم الغائب، فإذا قدم الغائب كانت الوالية إليه))).ومن تلك احلاالت ما إذا جعل الواقف النظارة إىل من سيوجد من ولده. قال هالل: إذا أوىص يف وقفه إىل من مل خيلق من ولده ونسله فالوصية جائزة، ويويل القايض هذا الوقف رجال حتى خيلق من ولده ونسله من يكون موضعا لوالية الوقف، فإذا كانت كذلك جعلت

الوالية له وهذا استحسان))).ومن تلك احلاالت أيضا حالة عجز الناظر، فإذا عجز الناظر عن مبارشة أعامل النظارة فإن القايض يعزله وينصب ناظرا آخر)5). قال احلنفية: ينزع الناظر العاجز وجوبا، ولو كان

الواقف نفسه وإن رشط عدم نزعه)6).

))) كشاف القناع )/69).))) العقود الدرية يف تنقيح الفتاوى احلامدية )/00)، ومواهب اجلليل 8/6)، وهناية املحتاج 98/5)، وكشاف القناع

.(76/())) أحكام الوقف هلالل ص ))).

))) املرجع السابق.)5) العقود الدرية )/00)، واإلسعاف ص 9)، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)8)-85).

)6) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)8)-85).

النظارة على الوقف

128

والدليل عىل نصب القايض ناظرا آخر يف احلاالت السابقة أنه يف عدم مبارشة الناظر أعامل النظارة تعطل مصالح الوقف، فكان الواجب نصب ناظر آخر حفظا للوقف.

جاء يف تنقيح الفتاوى احلامدية: سئل يف ناظر وقف رشعي حصل له داء الفالج فأقعده بالكلية، الوقف مصالح تعاطي عن وعجز لسانه واعتقل احلركة عن ومنعه الفراش يف إخراجا الوقف مستحقي من رجلني مكانه ونصب النظر، وظيفة عن القايض فأخرجه ونصبا رشعيني؛ فهل صح كل من اإلخراج والنصب املذكورين؟ اجلواب: نعم؛ ألن ترصف القايض يف األوقاف مقيد باملصلحة وجيب اإلفتاء والقضاء بكل ما هو أنفع للوقف، وحيث

رأى القايض املصلحة يف عزله لتعطل مصالح الوقف بذلك فقد صح عزله))).

املبحث الثاين»خ�شائ�ض النظارة«

للنظارة عىل الوقف يف حالتها العقدية خصائص كام هو احلال يف العقود، ومن خالل هذه اخلصائص يمكن التعرف عىل حقيقة النظارة واملبادئ األساسية فيها التي هي بمنزلة املسائل من كثري يف الرشعي احلكم معرفة يمكن خالهلا من والتي فيها، العامة القواعد

املتعلقة بالنظارة.وأهم خصائص النظارة ما يأيت:

فسخ والناظر النظارة ملفوض الالزمة)))، حيث جيوز اجلائزة غري العقود من النظارة ((النظارة يف أي وقت شاءا، ولو مل يرض الطرف اآلخر بالفسخ))).

قال هالل: للواقف إخراج الذي رشط له الوالية؛ ألنه إنام هو بمنزلة الوكيل، فله أن خيرجه منها كام بدا له))). وقال: ولو وقفها عىل أن لفالن واليتها يف حياته وبعد وفاته

))) العقود الدرية يف تنقيح الفتاوى احلامدية )/99)-00).))) العقد الالزم: هو الذي ليس ألحد العاقدين الرجوع عنه بدون رضاء اآلخر. ويقابله العقد اجلائز أو غري الالزم: وهو الذي يكون ألحد العاقدين أو كليهام الرجوع عنه بدون رضاء اآلخر )انظر: التلويح عىل التوضيح )/)))، ط حممد املحتاج وحتفة ،(((/5 خليل عىل اخلريش ورشح ،((0 ،8(/( األحكام جملة رشح احلكام ودرر وأوالده، صبيح

9/5)، واملغني )/9))).))) أحكام الوقف هلالل ص )0)، وحاشية ابن عابدين )/86)، )))، )))، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88،

ومغني املحتاج )/)9)-95)، وأسنى املطالب )/)7)، وكشاف القناع )/)7)، 76).))) أحكام الوقف هلالل ص )0).

الباب األول: في تعريف النظارة

129

عىل أنه ليس له إخراجه من ذلك فللواقف إخراجه، والرشط الذي رشط له أنه ليس له إخراجه باطل ال جيوز، أال ترى أن رجال لو قال: قد جعلت فالنا خرييت يف حيايت ووصيي بعد وفايت عىل أنه ليس يل إخراجه أن له إخراجه، وهذا الرشط باطل ال جيوز،

وكذلك الرشط يف الوقف))).لكن اشرتط احلنفية لصحة عزل الناظر نفسه أن يعلم الواقف أو القايض بذلك))).

فإن ثم ومن أمانة، يد وريعه الوقف عىل الناظر فيد األمانات)))، عقود من النظارة ((الناظر ال يضمن ما حتت يده من أموال الوقف إال عند التقصري أو التفريط))).

النظارة جمانا بدون أجر. وقد الناظر يتوىل النظارة قد تكون عقد تربع، وذلك عندما ((تكون عقد معاوضة، وذلك عندما يأخذ الناظر مقابل تولية النظارة أجرا، سواء رشط

الواقف له ذلك اجلر، أم قدر القايض ذلك له بناء عىل طلبه)5).)) النظارة عىل الوقف من العقود املستمرة، وهي العقود التي يستغرق تنفيذها مدة ممتدة من الزمن، بحيث يكون الزمن عنرصا أساسيا يف تنفيذها كاإلجارة واإلعارة والرشكة. ويقابلها العقود الفورية وهي العقود التي ال حيتاج تنفيذها إىل زمن ممتد يشغله باستمرار، بل يتم تنفيذها فورا دفعة واحدة يف الوقت الذي خيتاره العاقدان وذلك كالبيع واهلبة)6).5) النظارة من العقود الرضائية غري الشكلية، وهي التي ال ختضع يف انعقادها إال ملجرد الرشائط من ليشء عقدها يف ختضع التي وهي الشكلية، العقود ويقابلها الرتايض.

الشكلية كاإلعالن باإلشهاد عليه)7).

))) املرجع السابق ص )0).))) حاشية ابن عابدين )/))).

))) عقود األمانات هي التي يكون املال املقبوض يف تنفيذها أمانة يف يد قابضه حلساب صاحبه، فال يكون القابض مسئوال عام يصيبه من تلف فام دونه إال إذا تعدى عليه أو قرص يف حفظه كاإليداع واإلعارة والرشكة والوكالة والوصاية. ويقابلها عقود الضامن، وهي التي يعترب املال املنتقل بناء عىل تنفيذها من يد إىل يد مضمونا عىل الطرف القابض له، فمهام يصبه من تلف فام دونه يكن عىل مسئوليته وحسابه وذلك كالبيع والقرض )انظر: املدخل الفقهي العام ملصطفى الزرقا )/580،

ط مطابع ألف باء - دمشق، 967)م(.)98)م، بريوت، اإلسالمي، الغرب دار ط ،((( ،(08 ،((0/7 املعرب واملعيار ،((5/( عابدين ابن حاشية (((

وكشاف القناع )/67)، والبحر الزخار )/66)، والعقود الدرية )/06).)5) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/86)، )))، وجواهر الكالم 8)/)).

)6) املدخل الفقهي العام )/)58.)7) املرجع السابق )/575.

النظارة على الوقف

130

الباب الثاينوظيفة الناظر

النظارة على الوقف

132

الباب الثاني: وظيفة الناظر

133

متهيد:والعهد نحوه، أو طعام أو رزق من اليوم يف للشخص ر يقد ما اللغة: يف الوظيفة

والرشط، واإللزام، يقال: وظف اليشء عىل نفسه: ألزمها إياه))).والوظيفة أيضا املنصب واخلدمة املعينة، وأشري يف املعجم الوسيط إىل أن لفظ الوظيفة

هبذا املعنى مولد أي: استعمله الناس قديم بعد عرص الرواية))).وتطلق الوظيفة عند الفقهاء عىل أكثر من معنى:

أ( فقد تطلق الوظيفة عىل العمل املسند إىل شخص ما:قال الشيخ مرعي الكرمي))): جيب أن يوىل يف الوظائف وإمامة املسجد األحق رشعا، ومن قرر بوظيفة عىل وفق الرشع حرص رصفه عنها بال موجب رشعي، ومن مل يقم بوظيفة

بدل بمن يقوم هبا))).ب( وقد تطلق عىل الرضيبة التي توضع عىل الزرع أو العقار:

قال املرداوي))) نقال عن الشيخ تقي الدين))): وما طلب من قرية من وظائف سلطانية ونحوها فعىل قدر األموال، وإن وضعت عىل الزرع فعىل ربه، أو عىل العقار فعىل ربه ما مل

))) لسان العرب 8/9))، والقاموس املحيط )/)0).))) املعجم الوسيط )/))0).

))) مرعي الكرمي )؟-))0)هـ( هو مرعي بن يوسف بن أيب بكر بن يوسف الكرمي -نسبة لطور كرم بفلسطني-، املقديس، فقيه حنبيل حمدث مؤرخ، أحد أكابر علمء احلنابلة بمرص، أخذ عن الشيخ حممد املرداوي والقايض حييى احلجاوي وأمحد الغنيمي وغريهم، تصدر لإلقراء والتدريس بجامع األزهر، وتوىل املشيخة بجامعة السلطان حسن. من تصانيفه: »غاية املنتهى يف اجلمع بني اإلقناع واملنتهى«،

و»دليل الطالب«، و»مقدمة اخلائض يف علم الفرائض« ]خالصة األثر )/8))، ط دار صادر، بريوت، واألعالم 7/)0)[.))) مطالب أويل النهي رشح غاية املنتهى )/7)).

))) املرداوي )7)8-)88هـ( هو عيل بن سليمن بن أمحد بن حممد، عالء الدين املرداوي، نسبة إىل مردا إحدى قرى نابلس بفلسطني، شيخ املذهب احلنبيل ومنقحه، كان فقيها حافظا لفروع مشاركا يف األصول، تفقه عىل الشهاب أمحد بن يوسف القاهرة ثم مكة. من إىل انتقل إىل دمشق وتعلم هبا وانتقل ثم بمردا ونشأ هبا ولد الطرابليس وابن قندس، الفرج وأيب تصانيفه: »اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف«، و»التنقيح املشبع يف حترير أحكام املقنع«، و»حترير النقول يف هتذيب

علم األصول« ]الضوء الالمع )/)))-7))، منشورات دار مكتبة احلياة بريوت، واألعالم )/)9)[.))) الشيخ تقي الدين ))))-8)7هـ( هو أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم بن تيمية احلراين الدمشقي، أبو العباس تقي الدين، فقيه حنبيل أصويل متكلم مفرس، ولد يف حران، وانتقل به أبوه إىل دمشق فنبغ واشتهر، سجن بمرص مرتني من أجل فتاواه وتويف بقلعة دمشق معتقال، سمع من ابن عبد الدائم والقاسم اإلربيل واملسم ابن عالن وغريهم، قال ابن حجر: كان عجبا يف رسعة االستحضار وقوة اجلنان والتوسع يف املنقول والعقول. من تصانيف: »الفتاوى« تقع يف )) جملدا،

و»السياسة الرشعية«، و»القواعد النورانية الفقهية« ]الدرر الكامنة )/8))، واألعالم )/)))[.

النظارة على الوقف

134

يشرتطه عىل مستأجر))).ج( وقد تطلق عىل ما يعطى املوظف من أجر لقاء قيامه باألعامل املسندة إليه:

جاء يف الدر املختار: مات املؤذن واإلمام ومل يستوفيا وظيفتهم من الوقف سقط ألنه كالصلة كالقايض، وقيل: ال يسقط ألنه كاألجرة))).

والعرف احلايل عىل اإلطالق األول للفقهاء عىل لفظ »الوظيفة« وهو العمل املسند إىل شخص ما ليؤديه، وهو املقصود هنا.

النظارة، ض التفويض املمنوح له من قبل مفو الناظر ختتلف باختالف قدر ووظيفة هل هو تفويض مطلق أم هل تفويض مقيد؟

وتفصيل ذلك فيم يأيت:

))) اإلنصاف )/)8).))) الدر املختار هبامش حاشية ابن عابدين )/)0).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

135

الف�صل الأول»وظيفة الناظر عند الإطالق«

املقصود باإلطالق هنا هو إطالق التفويض للناظر، وذلك بأن يفوض الناظر بجميع أعمل النظارة.

ويكون التفويض مطلقا للناظر يف حالني:)( إذا أطلق مفوض النظارة، بأن عني ناظرا عىل الوقف ومل يقيده بنوع معني من أعمل النظارة،

فإن الناظر يف هذه احلالة يتوىل مجيع أعمل النظارة، ويكون التفويض له بأعمل النظارة مطلقا.)( وباألوىل إذا رصح مفوض النظارة بتفويض الناظر بجميع أعمل النظارة))).

وحتى نضع وصفا وظيفيا دقيقا للناظر عند إطالق التفويض له بجميع أعمل النظارة ال بد من معرفة األعمل التي جيب عليه القيام هبا، واألعمل التي جيوز له القيام هبا، واألعمل

التي جيب عليه االمتناع منها.وسوف نتناول ذلك يف املباحث اآلتية:

املبحث الأول»الأعمال التي يجب على الناظر القيام بها«

سنتناول يف املطالب اآلتية األعمل التي جيب عىل الناظر القيام هبا:

املطلب األول»حفظ الوقف«

احلفاظ إىل تؤدي التي كافة اإلجراءات اختاذ الناظر أنه جيب عىل الفقهاء عىل اتفق عىل الوقف وبقائه واستمراره؛ ألن قصد الشارع من الوقف هو استمرار الثواب واألجر هذا يتحقق ال الوقف عىل املحافظة وبدون عليه، للموقوف النفع واستمرار للواقف

املقصود))).واإلجراءات التي جيب عىل الناظر اختاذها للحفاظ عىل الوقف هي:

))) هناية املحتاج )/)0)، ومغني املحتاج )/)9)، واإلنصاف 7/7)-8).))) أحكام الوقف هلالل ص 9)، واإلسعاف ص ))، والذخرية )/9))، ومغني املحتاج )/)9)-)9)، وكشاف القناع

)/8))، والبحر الزخار )/0))، ومفتاح الكرامة 9/)).

النظارة على الوقف

136

الفرع األول: العامرة والنفقة:العمرة يف اللغة: نقيض اخلراب، والبنيان، وشعبة من القبيلة، ولزوم اليشء يقال: عمر الرجل ماله وبيته عمرة: لزمه، وجعل اليشء آهال، يقال: عمر اهلل بك منزلك يعمره عمرة:

جعله آهال. والعمرة أيضا ما يعمر به املكان، والعمرة: أجر العمرة))).والعمرة يف االصطالح: إصالح املوقوف والعناية به وصيانته بحيث يبقى عىل ما كان

عليه حني وقفه))). ومن ثم فإن العمرة ختتلف باختالف العني املوقوفة.قال ابن عابدين: لو كان الوقف شجرا خياف هالكه كان له أن يشرتي من غلته فسيال فيغرزه ألن الشجر يفسد عىل امتداد الزمان، وكذا إذا كانت األرض سبخة ال ينبت فيها يشء كان له أن يصلحها. وقال: ودخل يف العمرة دفع املرصد الذي عىل الدار فإنه مقدم عىل الدفع للمستحقني، فإن املرصد دين عىل الوقف لرضورة تعمريه، فإذا وجد يف الوقف مال ولو يف كل سنة يشء حتى تتخلص رقبة الوقف ويصري يؤجر بأجرة مثله لزم الناظر

ذلك))).وقال القليويب))): عمرة املسجد هي البناء والرتميم والتجصيص لإلحكام، والسالمل والسواري واملكانس والبواري للتظليل أو ملنع صب املاء فيه فتدفعه نحو شارع، واملساحي

وأجرة القيم ومصاحله يشمل ذلك، وماء ملؤذن وإمام ودهن للرساج وقناديل لذلك))).والنفقة يف اللغة: هي ما ينفق من الدراهم ونحوها، يقال: أنفق املال: رصفه، والنفقة: ما أنفق. والفعل نفق، يقال: نفق ماله ودرمهه وطعامه: نقص وقل، وقيل: فني وذهب، ﴾)))، أي: خشية نفاق

ٱلإ ية تمإ خشإ سكإ مإ افتقر، ومنه قوله تعاىل: ﴿إذا لأ وأنفق الرجل:

))) لسان العرب )/)0)، والقاموس املحيط )/)9، واملعجم الوسيط )/7)).))) جمموعة القوانني املرصية املختارة من الفقه اإلسالمي، ورشح قانون الوقف ملحمد فرج السنهوري )/))9، ط مطبعة

مرص بالقاهرة، 9)9)م.))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/)7).

))) القليويب )؟-9)0)هـ( هو أمحد بن أمحد بن سالمة القليويب املرصي، شهاب الدين، أبو العباس، فقيه شافعي حمدث، أخذ الفقه واحلديث عن الشمس الرميل والنور الزيادي وسامل الشبشريي وغريهم، وعنه أخذ منصور الطوخي وإبراهيم رشح عىل و»حاشية املحىل«، للجالل املنهاج رشح عىل »حاشية تصانيفه: من وغريهم. الفيومي وشعبان الربماوي التحرير لشيخ اإلسالم«، و»حاشية عىل رشح أيب شجاع البن قاسم الغزي« ]خالصة األثر )/)7)، واألعالم )/)9[.

))) حاشية القليويب وعمرية عىل رشح املحىل )/08)، ط عيسى احللبي.))) سورة اإلرساء/اآلية )00)).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

137

الفناء والنفاد))).والنفقة اصطالحا: اإلدرار عىل اليشء بم به بقاؤه))).

ففي كل من العمرة والنفقة رصف املال حلفظ الوقف وإصالحه، لكن الفقهاء يستعلمون العمرة غالبا فيم ال روح فيه كالعقار واملتاع ونحوه، والنفقة فيم له روح كالرقيق واحليوان))).

أ( عامرة الوقف:تتعلق بعمرة الوقف مسائل ينبغي للناظر أن يراعيها، نذكرها فيم يأيت:

املسألة األوىل: تقديم العمرة عىل غريها يف الرصف:اختلف الفقهاء يف تقديم العمرة عىل غريها من اجلهات يف الرصف عىل قولني:

* القول األول: جلمهور الفقهاء: احلنفية))) واملالكية))) والشافعية))) والزيدية)7)، وهو أن العمرة تقدم عىل غريها من اجلهات عند رصف الغلة.

فإذا احتاج الوقف إىل عمرة فإنه يبدأ من غلة الوقف بعمرته وإن مل يشرتط الواقف ذلك لثبوته اقتضاء؛ ألن قصد الواقف رصف الغلة مؤبد، وال تبقى دائمة إال بالعمرة فيثبت

رشط العمرة اقتضاء.بل لو رشط الواقف عدم البدء بإصالح الوقف فال يتبع رشطه؛ ألنه يؤدي إىل إبطال الوقف. قال الدسوقي: لو رشط الواقف أن يبدأ من غلته بمنافع أهله ويرتك إصالح ما هتدم منه، أو يرتك اإلنفاق عليه إذا كان حيوانا بطل رشطه، وجتب البداءة بمرمته والنفقة

عليه من غلته لبقاء عينه)8).ومعنى تقديم العمرة عىل غريها أنه إذا احتاج الوقف إىل عمرة فإنه متنع بقية اجلهات

التي تستحق الغلة من الرصف إىل أن تتم العمرة)9).

))) لسان العرب 0)/7))، والقاموس املحيط )/)8)، وخمتار الصحاح )7)، واملعجم الوسيط )/))9.))) رشح فتح القدير )/)9)، وحاشية الصاوي عىل الرشح الصغري )/9)7، وكشاف القناع )/9)).

))) حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري )/90.))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)7)-77).

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/90.))) مغني املحتاج )/)9)، والفتاوى الفقهية الكربى )/))).

)7) البحر الزخار )/0)).)8) حاشية الدسوقي )/90.

)9) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/77)، والفتاوى الفقهية الكربى )/))).

النظارة على الوقف

138

من غريها عىل تقدم ال العمرة أن وهو واإلمامية)))، للحنابلة))) الثاين: القول *اجلهات إال يف حالتني:

)( إذا رشط الواقف تقديم العمرة.)( إذا أدى تأخري العمرة إىل تعطيل الوقف.

واستدلوا عىل ذلك بأنه ال جيب عىل املالك عمرة داره، فكذلك ال جيب عىل املوقوف عليهم عمرة الوقف بأن يقتطع نصيبهم من الغلة للعمرة))).

قال احلنابلة: إن رشط الواقف عمرته عمل بالرشط مطلقا، أي: سواء رشط البداءة بالعمرة أم تأخريها، لكن إن رشط تقديم اجلهة عمل به ما مل يؤد إىل التعطيل، فإذا أدى إليه

قدمت العمرة؛ حفظا ألصل الوقف.وإذا أطلق الواقف رشط العمرة بأن مل يذكر البداءة هبا وال تأخرها، فإن العمرة تقدم

عىل أرباب الوظائف ما مل يفض إىل تعطيل مصاحله فيجمع بينهم حسب اإلمكان))).الرتجيح:

نرى األخذ بم ذهب إليه مجهور الفقهاء من تقديم العمرة عىل غريها من اجلهات إذا الغرض من فيتحقق الوقف واستمراره إليها؛ ألهنا تؤدي إىل احلفاظ عىل الوقف احتاج

الوقف وهو كونه صدقة جارية.وقياس الوقف عىل امللك ال يصح؛ ألن الشخص يف امللك يملك العني واملنفعة، يف حني يملك املوقوف عليه املنفعة فقط دون العني، إضافة إىل أن امللك إذا خرب يكون عىل مالكه فقط بينم الوقف إذا خرب يكون عىل املوقوف عليه وعىل الواقف النقطاع األجر

عنه بذلك.كيفية احلنفية وضح رضورية))) تكون ال وقد رضورية تكون قد العمرة كانت وملا تقديم الرصف يف العمرة عىل اجلهات األخرى. قال ابن عابدين: يبدأ بالتعمري الرضوري

))) كشاف القناع )/))).))) مفتاح الكرامة 9/))).

))) املراجع السابقة.))) كشاف القناع )/))).

))) العمرة الرضورية هي التي خيشى من تأخريها خراب الوقف أو أن يكون الرضر يف القابل أعظم، وما عدا ذلك فهو من العمرة غري الرضورية )قانون الوقف للسنهوري )/))9، وانظر: الفتاوى اهلندية )/)))).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

139

فإن مؤذنا، أو إماما ولو أحد يعطى إليه، وال كلها الغلة رصفت استغرق مجيع لو حتى فضل عن التعمري يشء يعطي ما كان أقرب إليه مما يف قطعه رضر بني. وكذا لو كان التعمري غري رضوري بأن كان ال يؤدي تركه إىل خراب العني لو أخر إىل غلة السنة القابلة فيقدم األهم فاألهم. ثم من ال يقطع يعطى املرشوط له إذا كان قدر كفايته وأال يزاد أو ينقص، ومن مل يكن يف قطعه رضر بني قدمت العمرة عليه وإن أمكن تأخريها إىل غلة العام القابل، وال يعطى شيئا أصال وإن بارش وظيفته ما دام الوقف حمتاجا إىل التعمري. وكل من عمل من املستحقني يف زمن العمرة كالناظر والكاتب واجلايب فله أجر عمله ال املرشوط وال قدر

كفايته))).وإن انتهت العمرة وفضل من الغلة يشء يبدأ بم هو أقرب للعمرة، وهو عمرته املعنوية

التي هي قيام شعائره كاإلمام للمسجد واملدرس للمدرسة يرصف إليهم قدر كفايتهم))).وما قطع من الغلة للعمرة يسقط رأسا، فإذا حصل تعمري الوقف يف سنة وقطع معلوم املستحقني كله أو بعضه فم قطع ال يبقى دينا هلم عىل الوقف؛ إذ ال حق هلم يف الغلة زمن بعد رصف معلومهم هذه الثانية وفاض يشء السنة الغلة يف لو جاءت التعمري. وفائدته

السنة ال يعطيهم الفاضل عوضا عم قطع))).وقد رصح احلنفية بأن الناظر يفسق بتقديم الرصف عىل اجلهات عىل العمرة مع احلاجة

إليها، وأنه تثبت خيانته بذلك وجيب إخراجه))).

املسألة الثانية: عىل من جتب العمرة:اتفق الفقهاء عىل أنه إذا رشط الواقف عمرة الوقف من جهة معينة فإنه يتبع رشطه،

سواء رشط العمرة من غلة الوقف أم من غريه))).واختلفوا يف اجلهة التي تكون عليها العمرة إذا مل يرشط الواقف جهة معينة عىل قولني:

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/78)-79).))) املرجع السابق )/)7).))) املرجع السابق )/79).))) العقود الدرية )/9)).

القناع وكشاف ،(9(/( املحتاج ومغني ،88/( الدسوقي مع الكبري والرشح ،(((/( املحتار ورد املختار الدر ((()/)))، ومفتاح الكرامة 9/)9.

النظارة على الوقف

140

والزيدية))) واحلنابلة))) والشافعية))) املالكية))) الفقهاء: جلمهور األول: القول *واإلمامية)))، وهو أن عمرة الوقف تكون من غلته.

واختلف هؤالء فيم إذا مل يوجد للوقف غلة عىل من تكون العمرة عىل قولني:* القول األول: للملكية))) والزيدية)7)، وهو أنه إذا مل يوجد للوقف غلة فإن العمرة

تكون عىل املوقوف عليه.قال املالكية: فإن أبى العمرة أخرج الساكن املوقوف عليه لتكرى للعمرة، فإذا أصلحت رجع املوقوف عليه إليها، فيخري من حبست عليه بني إصالحها وإكرائها بم تصلح منه)8).

قال اللخمي)9): نفقة الوقف ثالثة أقسام، فدور الغلة واحلوانيت والفنادق من غلتها، ودور السكنى خيري من حبست عليه بني إصالحها وإكرائها بم تصلح منه، والبساتني إن حبست عىل من ال تسلم إليه بل تقسم غلتها ساقي ويستأجر عليها من غلتها، وإن كانت

عىل معينني وهم يستغلوهنا كانت النفقة عليهم)0)).* القول الثاين: للشافعية)))) واحلنابلة)))) واإلمامية))))، وهو أنه إذا مل يوجد للوقف غلة

فإن العمرة ال جتب عىل أحد، كامللك فإنه ال جيب عىل مالكه إصالحه وعمرته.لكن رصح الشافعية واحلنابلة بأنه إذا استطاع الناظر أن حيصل من الوقف عىل غلة

بأي إجراء كان له اختاذ ذلك اإلجراء.

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/90.))) مغني املحتاج )/90)، )9)، ورشح روض الطالب )/)7).

))) اإلنصاف 70/7.))) البحر الزخار )/0))، ورشح األزهار )/99).

))) مفتاح الكرامة 9/)9.))) حاشية الدسوقي )/90.

)7) البحر الزخار )/0)).)8) الرشح الكبري مع الدسوقي )/90.

)9) اللخمي )؟-98)هـ( هو عيل بن حممد الربعي، أبو احلسن، القريواين، املعروف باللخمي، فقيه مالكي حاز رئاسة أفريقية، تفقه عىل ابن حمرز وأيب الفضل ابن بنت خلدون وأيب الطيب التونيس وغريهم، وعليه تفقه مجاعة منهم اإلمام املازري وأبو الفضل النحوي وأبو عيل الكالعي. من تصانيفه: »التبرصة«، وهو تعليق كبري عىل املدونة اختار فيه وخرج فخرجت

اختياراته عن املذهب ]الديباج املذهب )0)، وشجرة النور الزكية 7))[.)0)) حاشية الدسوقي )/90.

)))) رشح روض الطالب )/)7).)))) اإلنصاف 7/7).

)))) مفتاح الكرامة 9/)9، ))).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

141

قال الشافعية: وللناظر منع املوقوف عليه من سكنى الدار ليؤجرها للعمرة إن اقتضاها احلال؛ ألنه إذا مل يمنعه لربم أدى ذلك إىل اخلراب))).

وقال احلنابلة: لو احتاج خان مسبل إىل مرمة أو احتاجت دار موقوفة لسكنى احلاج أو الغزاة أو أبناء السبيل إىل إصالح أوجر منه بقدر ما حيتاج إليه يف مرمته ملحل الرضورة))).

* القول الثاين: للحنفية، حيث فرقوا بني كون الوقف عىل معني وكونه عىل غري معني.فإن كان الوقف عىل غري معني كالفقراء واملساكني والوقف عىل املسجد واملدرسة فإن

العمرة تكون من غلة الوقف، سواء رشط الواقف العمرة أم مل يرشطها.وإن كان الوقف عىل معني فالعمرة من ماله ال من الغلة إذ الغرم بالغنم، وجتب العمرة

حينئذ بقدر الصفة التي وقفها الواقف، فتمنع الزيادة عىل ذلك بغري رضاه.ولو كان املوقوف دارا للسكنى فعمرته عىل من يستحق السكنى ولو كان غري ساكن

فيها، فيلزمه التعمري مع الساكنني؛ ألن تركه حلقه ال يسقط حق الوقف يف التعمري.فإن أبى من له السكنى أو عجز لفقره آجرها القايض أو الناظر منه أو من غريه وعمرها بأجرهتا، ثم يردها بعد التعمري إىل من له السكنى، وذلك رعاية للحقني حق الوقف وحق حصة أجر بعضهم أبى ولو أصال. السكنى تفوت يعمرها مل لو ألنه الكسنى، صاحب

اآليب. ولو مل جيد القايض من يستأجرها فإنه يبيعه ويشرتي بثمنه غريه))).الرتجيح:

غلته سواء تكون من الوقف أن عمرة من الفقهاء إليه مجهور بم ذهب األخذ نرى كان الوقف عىل معني أم غري معني، واحلنفية يوافقون اجلمهور يف الوقف عىل غري معني،

وخيالفوهنم يف الوقف عىل معني حيث يوجبون العمرة من مال املوقوف عليه.ويف احلقيقة ال يكاد يكون هناك خالف بني الفريقني؛ ألن ما يؤخذ من غلة الوقف للعمرة هو حق للموقوف عليه، ولو مل تكن عمرة ألخذه املوقوف عليه، فكأن العمرة من مال املوقوف عليه، ولو دفعنا الغلة للموقوف عليه وأوجبنا العمرة من ماله كم هو مذهب

احلنفية لدفع الغلة التي أخذها للعمرة.

))) مغني املحتاج )/90).))) كشاف القناع )/)))، واإلنصاف 7/)7.

))) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/)7)، )8)، والفتاوى اهلندية )/)))، والبحر الرائق )/)))-))).

النظارة على الوقف

142

ونرى األخذ بم ذهب إليه املالكية والزيدية من أنه إذا مل يوجد للوقف غلة فإن العمرة تكون عىل املوقوف عليه؛ إذ ال يمكن ترك الوقف بال عمرة والقول بعدم إجياب العمرة عىل أحد يؤدي إىل إتالف الوقف وضياعه، فكان القول بإجياب العمرة عىل املوقوف عليه حيقق

مصلحة الوقف ونفعه.املسألة الثالثة: االدخار للعمرة:

االدخار))) هو: ختبئة اليشء لوقت احلاجة))).واختلف الفقهاء يف حكم االدخار للعمرة عىل قولني:

والزيدية))) واحلنابلة))) والشافعية))) املالكية))) الفقهاء: جلمهور األول: القول *واإلمامية)7)، وهو أن الناظر ال يدخر من غلة الوقف لعمرته، وأنه جيب عليه رصف الغلة

بحسب رشط الواقف.* القول الثاين: للحنفية، وفرقوا بني أن يشرتط الواقف العمرة وبني أن ال يشرتطها.

فإن رشط الواقف تقديم العمرة ثم الفاضل من الغلة للمستحقني لزم الناظر إمساك قدر العمرة كل سنة وإن مل حيتجه اآلن جلواز أن حيدث حدث وال غلة، ويرصف الباقي عىل ما رشط الواقف. وقدر العمرة هو القدر الذي يغلب عىل ظن الناظر احلاجة إليه. وإن مل

يرشط الواقف تقديم العمرة فإنه ال يدخر هلا عند عدم احلاجة إليها)8).

خر، فلم أرادوا أن يدغموا ليخف النطق قلبوا التاء إىل ما يقارهبا من احلروف، ))) أصل االدخار إذختار، وهو افتعال من الذهو الدال املهملة، ألهنم من خمرج واحد، فصارت اللفظة اذدخار، وهلم فيه حينئذ مذهبان: أحدمها: وهو األكثر، أن تقلب الذال املعجمة داال وتدغم يف الدال. الثاين: وهو األقل، أن تقلب الدال املهملة ذاال وتدغم يف الذال )انظر: لسان العرب

)/)0)، والنهاية يف غريب احلديث )/)))).))) تاج العروس من جواهر القاموس )/)))، وأساس البالغة للزخمرشي )/)9)، ط دار الكتب املرصية، ))9)م.

))) الرشح الكبري مع الدسوقي )/88.))) مغني املحتاج )/)8).))) كشاف القناع )/0)).))) البحر الزخار )/))).)7) مفتاح الكرامة 9/)).

)8) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/79)، والعقود الدرية )/7))، 9)).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

143

وأصل هذا البن نجيم، استنبطه عن فتوى أليب بكر)))، حيث سئل عن رجل وقف دارا عىل مسجد عىل أن ما فضل من عمرته فهو للفقراء، فاجتمعت الغلة واملسجد ال حيتاج إىل العمرة، هل ترصف إىل الفقراء؟ قال: ال ترصف إىل الفقراء وإن اجتمعت غلة كثرية؛ ألنه جيوز أن حيدث للمسجد حدث والدار بحال ال تغل، وسئل أبو جعفر))) عن هذه املسألة فأجاب هكذا، ولكن االختيار عندي أنه إذا علم أنه قد اجتمع من الغلة مقدار ما لو احتاج املسجد

والدار إىل العمرة أمكن العمرة منها، ورصفت الزيادة عىل الفقراء عىل ما رشط الواقف.قال ابن نجيم: فقد استفدنا منه أن الواقف إذا أرشط تقديم العمرة ثم الفاضل عنها للمستحقني كم هو الواقع يف أوقاف القاهرة، فإنه جيب عىل الناظر إمساك قدر ما حيتاج إليه

للعمرة يف املستقبل، وإن كان اآلن ال حيتاج املوقوف إىل العمرة عىل القول املختار للفقيه.وعىل هذا فيفرق بني اشرتاط تقديم العمرة يف كل سنة والسكوت عنه.

فإنه مع السكوت تقدم العمرة عند احلاجة إليها وال يدخر هلا عند عدم احلاجة إليها، ومع االشرتاط تقدم عند احلاجة ويدخر هلا عند عدمها ثم يفرق الباقي))).

قال الشيخ حممد فرج السنهوري: والفرق الذي ذهب إليه صاحب األشباه حمل نظر، وعندي أنه يدخر هلا عند عدم الرشط أيضا ما يغلب عىل الظن أنه حيتاج إليه، واستدل عىل ط شرتر ذلك بقول الرسخيس يف املبسوط عن الرشوط يف صكوك الوقف: ومن ذلك أنه يرفيه أن يرفع الوايل من غلته كل عام ما حيتاج إليه ألداء العرش واخلراج وما حيتاج إليه لبذر األرض ومؤنتها وأرزاق الوالة هلا ووكالئها وأجور وكالئها ممن حيصدها ويدرسها وغري ذلك من نوائبها؛ ألن مقصود الواقف استدامة الوقف وأن تكون املنفعة واصلة إىل اجلهات املذكورة يف كل وقت، وال حيصل ذلك إال برفع هذه املؤن من رأس الغلة، وذلك وإن كان قال الفقه، يف كبري عالمة ببخاري، قرية كمر إىل نسبة الكمري بكر، أبو الفضل، بن حممد هو )؟-)8)هـ( بكر أبو (((اللكنوي: كان إماما كبريا وشيخا جليال معتمدا يف الرواية مقلدا يف الدراية رحل إليه أئمة البالد، ومشاهري كتب الفتاوى مشحونة بفتاواه ورواياته، أخذ الفقه عن عبد اهلل السبذموين وأيب حفص الصغري وغريمها، وتفقه عليه القايض أبو عيل احلسني بن خرض النسفي، واحلاكم عبد الرمحن بن حممد الكاتب، وإسمعيل الزاهد وغريهم ]اجلواهر املضية )/00)، ط

هجر، )99)م، والفوائد البهيصة ص )8)[.))) أبو جعفر )؟-)))هـ( هو حممد بن عبد اهلل بن حممد بن عمر، أبو جعفر البلخي اهلندواين -نسبة إىل هندوان حملة ببلخ- من أئمة فقهاء احلنفية، يقال له من كمله يف الفقه أبو حنيفة الصغري، روى عن حممد ابن عقيل وغريه، وتفقه عىل أيب بكر بن حممد األعمش، وتفقه عليه نرص بن حممد أبو الليث الفقيه ومجاعة كثرية ]الفوائد البهية 79)، وتاج الرتاجم )))، ط

دار القلم، دمشق، )99)م، وشذرات الذهب )/))[.))) األشباه والنظائر ص )0)-)0).

النظارة على الوقف

144

يستحق بغري الرشط عندنا إال أنه ال يؤمن جهل بعض القضاة فربم يذهب رأي القايض إىل قسمة مجيع الغلة بناء عىل الظاهر.

وإذا رشط ذلك يقع األمن بالرشط، واملقصود بالكتاب التوثق فينبغي أن يكتب عىل أحوط الوجوه فيتحرز فيه من طعن كل طاعن وجهل كل جاهل))). وقال: وإنم يبدأ من غلتها بمرمتها وإصالح جمارهيا، ألهنا ال تبقى منتفعا هبا إال بعد ذلك، ومقصود الواقف أن تكون الصدقة جارية له إىل يوم القيامة ... وإنم يرفع من غلتها ما حيتاج إليه لنوائبها))).

يتناوهلا كالمه مما يدخر هلا النوائب ومن املؤن فهي مما قال السنهوري: والعمرة من ما يغلب عىل الظن أن حيتاج إليه رشط الواقف تقديمها أو مل يرشطه، وأيد ذلك بالقاعدة

العامة وهي العمل بكل ما هو أنفع للوقف))).وما ذكره السنهوري هو ما متيل إليه النفس وهو ما يتفق مع مقصود الواقف من الوقف.

ب( نفقة الوقف:اتفق الفقهاء عىل أنه إذا رشط الواقف نفقة الوقف من جهة معينة وجب اتباع رشطه

يف ذلك، سواء رشط النفقة من غلة الوقف أم من غريه))).ورصح املالكية بأنه لو رشط الواقف ترك نفقته أو عدم البدء هبا بطل رشطه، وجتب

النفقة عليه من غلته لبقاء عينه))).للنفقة الواقف جهة إذا مل يرشط الوقف تكون من غلته نفقة أن الفقهاء عىل واتفق

عليه)))، واستدلوا عىل ذلك بم يأيت:باإلنفاق عليه إال املنفعة، وال حيصل ذلك يقتيض حتبيس األصل وتسبيل الوقف إن )(

فكان ذلك من رضوراته)7).))) املبسوط ))/))-))، ط مطبعة السعادة بمرص.

))) املبسوط ))/)).))) جمموعة القوانني املرصية املختارة من الفقه اإلسالمي - اجلزء الثالث يف قانون الوقف )/))9-7)9، ط مطبعة مرص

بالقاهرة، 9)9)م.الكبري مع حاشية الدسوقي )/90، ومغني املحتاج )/)9)، ابن عابدين )/)))، والرشح الدر املختار مع حاشية (((

وكشاف القناع )/)))، والبحر الزخار )/)))، ومفتاح الكرامة 9/))، )9.))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/90.

القناع وكشاف ،(9(/( املحتاج ومغني ،90/( الدسوقي وحاشية ،(7(/( عابدين ابن حاشية مع املختار الدر ((()/)))، والبحر الزخار )/0))، ومفتاح الكرامة 9/)9.

)7) كشاف القناع )/))).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

145

)( وألن الغرض من الوقف انتفاع املوقوف عليه، وإنم يمكنه ذلك ببقاء عني الوقف وال تبقى عينه إال بالنفقة عليه فيصري كأنه رشطها يف كسبه))).

واختلف الفقهاء فيم إذا مل يكن للوقف غلة عىل من تكون نفقته عىل قولني:األصح))) يف والزيدية واحلنابلة))) املالكية))) الفقهاء: جلمهور األول: القول *

واإلمامية))) حيث فرقوا بني كون املوقوف عليه معينا أو غري معني.فإن كان املوقوف عليه معينا كانت نفقة الوقف عليه؛ ألنه ملكه))).

وإن كان الوقف عىل غري معني كاملساكني فنفقته من بيت املال؛ النتفاء املالك العني فيه)7).

غلة للوقف تكن مل إذا أنه وهو وجه)9)، يف والزيدية للشافعية)8) الثاين: القول *املال لصيانة روحه وحرمته، كمن بيت نفقته يف املال، وإنم وجبت بيت نفقته من كانت

أعتق من ال كسب له.الرتجيح:

نرى أن ما ذهب إليه مجهور الفقهاء من كون نفقة الوقف عىل املوقوف عليه إذا كان معينا هو ما يتفق مع القاعدة الفقهية »الغنم بالغرم«.

وألن من ينال نفع يشء جيب عليه أن يتحمل رضره، وبم أن املوقوف عليه ينال نفع الوقف فعليه أن يتحمل نفقته وسائر مؤنه)0)).

))) مفتاح الكرامة 9/)) بترصف.))) الرشح الكبري مع الدسوقي )/90.

))) كشاف القناع )/))).

))) البحر الزخار )/0)).))) مفتاح الكرامة 9/)9.

))) قال احلنابلة: فإن تعذر اإلنفاق عليه من املوقوف عليه لعجزه أو غيبته ونحومها بيع الوقف ورصف ثمنه يف عني أخرى تكون وقفا وذلك ملحل الرضورة، وهذا إذا مل متكن إجارته، فإن أمكنت أجر بقدر نفقته. )انظر: كشاف القناع )/)))).)7) وقال املالكية: فإن عدم بيت املال أو مل يوصل إليه بيع الوقف وعوض بدله مما ال حيتاج لنفقة كسالح ونحوه )انظر: الرشح الكبري

مع الدسوقي )/90(. وقال احلنابلة: فإن تعذر اإلنفاق عليه من بيت املال بيع كم تقدم آنفا. )انظر: كشاف القناع )/)))).)8) رشح روض الطالب )/)7)، ومغني املحتاج )/)9).

)9) البحر الزخار )/0)).تركيا، 08))هـ، أفندي، األستانة، للخادمي ص )))، ط مطبعة احلاج حسني احلقايق الدقايق رشح جمامع منافع ((0(

واملادتني ))8، 87( من جملة األحكام العدلية مع رشحها لعيل حيدر )/78، 79، ط مكتبة النهضة، بريوت.

النظارة على الوقف

146

الفرع الثاين: املخاصمة:كم جيب عىل الناظر عمرة الوقف والنفقة عليه حفاظا عليه من اخلراب والتلف، جيب

عليه املخاصمة فيه حفاظا عليه من االدعاء واالستيالء.فيجب عىل الناظر أن ينتصب مدعيا ضد أي تعد عىل أعيان الوقف أو غالته فريفع الدعاوي

أمام القايض؛ الستخالص الوقف أو غالته من الغاصبني ومن حياولون االستيالء عليه))).وإنم أوجب الفقهاء عىل الناظر املخاصمة يف الوقف واعتربوه ممثال رشعيا عنه؛ ألن

واجب حفظ الوقف ال يتأتى إال به فكان واجبا عليه كالعمرة والنفقة.وكم أن الناظر يكون مثال للوقف يف االدعاء فإنه يكون ممثال له يف الدعاوى التي تقام عىل

الوقف، فيجب عىل الناظر أن ينتصب خصم لكل من يدعي الوقف بيشء ليس له فيه حق.كرسوم للمخاصمة حيتاجه ما الوقف مال من يأخذ أن للناظر الفقهاء أجاز وقد

الدعاوى وأجور وكالء الدعاوى )املحامني())).ا للناظر حتى لو غصب الوقف وقد اعترب احلنفية متثيل الناظر الوقف أمام القايض حقمن املوقوف عليه فإنه ال يملك رفع الدعوى إذا مل يكن أصل الوقف ثابتا وأراد إثبات أنه ا يف الغلة ال وقف، والذي يملك رفع الدعوى هو الناظر وحده، ألن للموقوف عليه حق

غري فال يكون خصم يف يشء آخر.واستثنوا من ذلك ثالث حاالت أجازوا فيها للموقوف عليه رفع الدعوى، هي:

)- إذا كان الوقف عىل رجل معني فإنه تصح الدعوى منه سواء كانت دعواه يف غلة الوقف أو عينه، وهو وإن كان يستحق الغلة فقط إال أن الغلة نمء الوقف فبزوال الوقف تزول

الغلة فيصري كأن املوقوف عليه ادعى رشط حقه.)- أن ينصب القايض املوقوف عليه ناظرا.

)- أن يأذن القايض للموقوف عليه يف رفع الدعوى))).أما إذا كان أصل الوقف ثابتا فإن املوقوف عليه يملك رفع الدعوى وتصح منه))).

))) كشاف القناع )/8)).))) العقود الدرية )/)0)- 07)، وانظر: البحر الرائق )/9)).

))) الدر املختار ورد املحتار )/99)-00).))) الدر املختار ورد املحتار )/00)، )0)-)0).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

147

املطلب الثاين»تنفيذ �شروط الواقف«

رشوط))) الواقف هي: ما يذكره الواقف يف وقفه من رشوط تبني كيفية إدارته وتوزيع غلته.

وقد تواترت عبارات الفقهاء عىل أن رشط الواقف كنص الشارع، وأصبح ذلك مبدأ ا ال خيالف فيه أحد. عام

لكنهم اختلفوا يف مدلول هذا املبدأ عىل قولني:واحلنابلة))) والشافعية))) واملالكية))) احلنفية))) الفقهاء: جلمهور األول: القول *والزيدية))) واإلمامية)7)، وهو أن رشط الواقف كنص الشارع يف وجوب اتباعه والعمل به.

واستدلوا عىل ذلك بم يأيت:)( عموم األدلة الدالة عىل الوفاء بالعقود والرشوط)8)، ومنها:

فوا بٱلإعقود ﴾)9). وإين ءامنوا أ ها ٱلأ ي

قول اهلل تعاىل: ﴿يـأ

ووجه الداللة: أن اهلل سبحانه وتعاىل يأمر عباده بالوفاء بالعقود، وهو لفظ عام يشمل

))) ينقسم الرشط باعتبار مشرتطه إىل نوعني: أ( رشوط رشعية: وهي التي يشرتطها الشارع. ب( رشوط جعلية: وهي الرشوط التي يشرتطها املكلف يف العقود وغريها. والرشوط اجلعلية نوعان: أ( رشط تعليق: وهو ربط حصول مضمون مجلة بحصول مضمون مجلة أخرى. ب( ورشط تقييد: وهو التزام أمر مل يوجد يف أمر وجد بصيغة خمصوصة. ويسمي الفقهاء رشط التعليق بالتعليق، ورشط التقييد بالرشط، ورشط الواقف هو رشط تقييد. قال الزركيش: الفرق بني التعليق والرشط أن التعليق ما دخل عىل أصل الفعل بأداته كإن وإذا، والرشط ما جزم فيه باألصل ورشط فيه أمر زائد. وقال احلموي بعد أن نقل الفرق الذي ذكره الزركيش: وإن شئت فقل يف الفرق أن التعليق ترتيب أمر مل يوجد عىل أمر يوجد بإن أو إحدى أخواهتا، والرشط التزام أمر مل يوجد يف أمر وجد بصيغة خمصوصة )انظر: املنثور يف القواعد )/70)، ط وزارة األوقاف الكويتية، )98)م،

وحاشية احلموي عىل أباه ابن نجيم )/)))، ط دار الطباعة العامرة، واملوسوعة الفقهية ))/99)، ))/)).))) البحر الرائق )/)))، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/))).

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88.))) مغني املحتاج )/)8)، واحلاوي الكبري 90/7).

))) كشاف القناع )/8)) وما بعدها.))) البحر الزخار )/))).)7) مفتاح الكرامة 9/)).)8) مفتاح الكرامة 9/)).

)9) سورة املائدة/اآلية ))).

النظارة على الوقف

148

كل عقد، قال الزجاج))): املعنى أوفوا بعقد اهلل عليكم وبعقدكم بعضكم عىل بعض.ويتضمن الوفاء بالعقود الوفاء بم تضمنته هذه العقود من رشوط والتزامات إذا كانت

ال ختالف الرشع))).ب( قول النبي ملسو هيلع هللا ىلص: »املسلمون عىل رشوطهم«))).

قال املناوي))): أي: ثابتون عليها واقفون عندها، ويف التعبري بـ »عىل« إشارة إىل علو مرتبتهم، ويف وصفهم باإلسالم ما يقتيض الوفاء بالرشط وحيث عليه))).

قال ابن العريب))): عىل املسلمني أن يلتزموا الوفاء بعهودهم ورشوطهم إال أن يظهر فيها ما خيالف كتاب اهلل فيسقط)7).

* القول الثاين: لبعض العلمء، كابن تيمية من احلنابلة)8)، والعالمة قاسم من احلنفية)9)، وهو أن رشط الواقف كنص الشارع يف الفهم والداللة ال يف وجوب العمل به واتباعه.

))) الزجاج ))))-)))هـ( هو إبراهيم بن حممد الرسي بن سهل، أبو إسحاق الزجاج، عامل بالنحو واللغة من أهل العلم واألدب والدين املتني، ولد ومات يف بغداد، كان يف فتوته خيرط الزجاج ثم مال إىل النحو فعلمه املربد، أدب القاسم بن القرآن«، و»االشتقاق«، و»األمايل« يف األدب واللغة، العبايس عبيد اهلل بن سليمن. من تصانيفه: »معاين املعتضد وزير

و»إعراب القرآن« ]شذرات الذهب )/9))، واألعالم )/0)[.))) تفسري القرطبي )/))، ط دار الكتب املرصية، 9)9)م.

أبو داود يف كتاب األقضية، باب الصلح ))/)7)، ط مصطفى احللبي، ))) حديث: »املسلمون عىل رشوطهم«، أخرجه الناس بني الصلح يف وسلم- عليه اهلل -صىل اهلل رسول عن ذكر ما باب األحكام، كتاب يف والرتمذي ))9)م(. ))/)))-)))، ط مصطفى احللبي، 7)9)م(، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقد نوقش الرتمذي يف تصحيحه هذا احلديث، ألن يف إسناده كثري بن عبد اهلل بن عمرو بن عوف وهو ضعيف جدا، واعتذر له احلافظ ابن حجر فقال:

وكأنه اعتربه بكثرة طرقه )نيل األوطار للشوكاين )/78)-79)، ط دار اجليل، بريوت، )97)م(.))) املناوي )))9-))0)هـ( هو حممد عبد الرؤوف بن تاج العارفني بن عيل بن زين العابدين، زين الدين، احلدادي املناوي واملعارف عىل العلوم الرميل، وقد مجع من بالشمس وتفقه العربية والده علوم قرأ عىل فقيه شافعي حمدث، القاهري، اختالف أنواعها، وىلر تدريس املدرسة الصاحلية، أخذ عنه خلق كثري منهم عيل األجهوري وسليمن البابيل. من تصانيفه: »فيض القدير رشح اجلامع الصغري«، و»رشح الشمئل للرتمذي«، و»إحسان التقرير برشح التحرير«، و»تيسري الوقوف

عىل غوامض أحكام الوقوف« ]خالصة األثر )/)))، واألعالم )/)0)[.))) فيض القدير رشح اجلامع الصغري )/)7)، ط املكتبة التجارية الكربى بمرص، 8)9)م.

))) ابن العريب )8))-)))هـ( هو حممد بن عبد اهلل بن حممد املعافري، أبو بكر، املعروف بابن العريب، فقيه مالكي حمدث أبا بكر مفرس، ولد يف إشبيلية، سمع من علمء عرصه كأيب عبد اهلل بن عتاب وأيب احلسن الصرييف، وصحب يف بغداد فيها، ويل قضاء العلوم واالستبحار التفنن يف الطرطويش وغريهم، كان من أهل بكر الطويس وأبا الشايش وأبا حامد إشبيلية. من تصانيفه: »أحكام القرآن«، و»اإلنصاف يف مسائل اخلالف«، و»املحصول يف أصول الفقه« ]الديباج املذهب

)8)، واألعالم )/0))[.)7) أحكام القرآن )/7))، ط عيسى احللبي، 7)9)م.

)8) جمموعة فتاوى ابن تيمية ))/7)-8)، ط الرياض، الطبعة األوىل، )8))هـ، وكشاف القناع )/))).)9) البحر الرائق )/)))، وحاشية ابن عابدين )/))).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

149

واستدل ابن تيمية عىل ذلك بأنه ال أحد يطاع يف كل ما يأمر به من البرش بعد رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص، فال جتعل نصوص الواقف كنصوص الشارع يف وجوب العمل هبا))).

قال العالمة قاسم بعد أن نقل رأي ابن تيمية: وإذا كان املعنى ما ذكر فم كان من عبارة الواقف من قبيل املفرس ال حيتمل ختصيصا وال تأويال يعمل به، وما كان من قبيل الظاهر كذلك، وما احتمل وفيه قرينة محل عليها، وما كان مشرتكا ال يعمل به؛ ألنه ال عموم له عندنا ومل يقع فيه نظر املجتهد ليرتجح أحد مدلوليه، وكذلك ما كان من قبيل املجمل إذا

مات الواقف، وإن كان حيا يرجع إىل بيانه))).الرتجيح:

نرى األخذ بم ذهب إليه مجهور الفقهاء من أن رشط الواقف كنص الشارع يف وجوب التي وبالطريقة يشاء فيمن الواقف يضعها اختيارية قربة الوقف ألن به؛ والعمل اتباعه خيتارها، واألصل يف ذلك أن لإلنسان أن يترصف يف ماله كيف شاء ما دام ذلك ال خيالف

حكم الرشع.وأصحاب القول الثاين وإن كانوا يقولون بأن رشط الواقف كنص الشارع يف الفهم والداللة فإهنم ال يقولون بعدم وجوب العمل برشط الواقف مطلقا، وإنم ال يعمل به إذا كان الرشط باطال خمالفا للكتاب والسنة، أما إذا كان الرشط موافقا للكتاب والسنة كان

صحيحا ووجب العمل به.والرشط الصحيح هو ما كان فيه قربة، فال يعترب ابن تيمية الرشط إذا كان مباحا وال يوجب العمل به، وكذا إذا كان مكروها باألوىل. قال: األصل يف هذا أن كل ما رشط من العمل من الوقوف التي توقف عىل األعمل فال بد أن تكون قربة إما واجبا وإما مستحبا، وكذلك املكروه، وكذلك بل املسلمني، علمء باتفاق يصح فال حمرم عمل اشرتاط وأما

املباح عىل الصحيح))).وهبذا يكاد يكون اخلالف لفظيا بني الفريقني ألن اجلمهور ال يعممون وجوب العمل

برشط الواقف أيضا، وسيأيت تفصيل ذلك يف املسائل اآلتية:

))) جمموع فتاوى ابن تيمية ))/8).))) حاشية ابن عابدين )/))).

))) جمموعة فتاوى ابن تيمية ))/7)-9).

النظارة على الوقف

150

املسألة األوىل: الرشط الذي جيب العمل به:به، العمل وجوب يف الشارع كنص الواقف رشط اعتربوا الفقهاء مجهور أن سبق لكنهم مل يعمموا هذا املبدأ يف كل ما يشرتطه الواقف من رشوط يف وقفه، بل قسموا رشط

الواقف إىل ثالثة أقسام:القسم األول: رشط باطل مبطل الوقف:

مل يتفق الفقهاء عىل ضابط))) للرشط الباطل املبطل الوقف، فبعضهم ذكر ضابطا أو أكثر هلذا النوع من الرشوط، وبعضهم اآلخر عدد هذه الرشوط دون وضع ضابط هلا.

واحلنابلة))) الصحيح))) يف والشافعية احلنفية))) ضوابط الرشط هلذا ذكر فمن كأن له، مبطل باطل فهو الوقف مقتىض ينايف رشط كل أن قرروا حيث واإلمامية)))،

يشرتط الواقف الرجوع عن الوقف متى شاء أو يشرتط الواقف انتفاعه بم وقفه.ويرى املالكية))) والزيدية)7) والشافعية يف مقابل الصحيح)8) أن هذه الرشوط باطلة،

ولكن ال يبطل هبا الوقف، فتلغى ويصح الوقف.يف وضعها دون بتعدادها واكتفوا الرشوط، من النوع هلذا ضابطا املالكية يذكر ومل

ضابط معني، ومما عددوه:أ( لو رشط الواقف النظر لنفسه فإن الوقف يبطل هبذا الرشط)9).

يبطل هبذا الرشط عند الوقف فإن إذا تزوجن الوقف البنات من لو اشرتط إخراج ب(

))) الضابط يف اللغة: احلازم، والقوي الشديد، وهو اسم فاعل من الضبط، وهو حفظ اليشء باحلزم، ولزوم اليشء وحبسه كلية االصطالح هو: قضية الصحاح )7)(. ويف وخمتار العرب 0/7))، ولسان ،(70/( املحيط القاموس )انظر: يتعرف منها أحكام جزئياهتا. والفرق بني القاعدة والضابط أن القاعدة جتمع فروعا من أبواب شتى، أما الضابط فيجمعها من باب واحد )انظر: الكليات للكفوي )/8)، واألشباه والنظائر البن نجيم )))، وغمز عيون البصائر رشح كتاب

األشباه والنظائر للحموي )/)، ط دار الكتب العلمية، بريوت، )98)م(.))) أحكام الوقف هلالل ص )8 وما بعدها، وحاشية ابن عابدين )/0)).

))) مغني املحتاج )/)8).))) كشاف القناع )/)))، واملغني 8/)9).

))) مفتاح الكرامة 9/)).))) عقد اجلواهر الثمينة )/9).

)7) البحر الزخار )/))).

)8) مغني املحتاج )/)8).)9) رشح اخلريش 7/)8، وحاشية الدسوقي مع الرشح الكبري )/)8.

الباب الثاني: وظيفة الناظر

151

بعض املالكية؛ ألنه يشبه فعل اجلاهلية من حرمان البنات من إرث أبيهن))).وذكر احلنابلة من الرشوط الباطلة املبطلة الوقف ما لو رشط الواقف أال ينتفع املوقوف شاء من وإخراج عليهم املوقوف غري من شاء من إدخال رشط لو وكذا بالوقف، عليه

منهم، فيفسد الوقف هبذه الرشوط ألهنا تنايف مقتضاه))).القسم الثاين: رشط باطل غري مبطل الوقف:

ضابط الرشط الباطل الذي ال يبطل الوقف هو كل رشط خيالف الرشع أو يؤدي إىل تعطيل مصلحة الوقف))).

الرشوط من فيه اخليار ورشط الواقف شاء متى الوقف بيع رشط الزيدية واعترب الباطلة التي ال تبطل الوقف))).

وقد اختلف الفقهاء يف املراد بالرشط الذي خيالف الرشع عىل قولني:الذي املراد بالرشط القول األول: للحنفية)))، واملالكية)))، والشافعية)7)، وهو أن *

خيالف الرشع هو الرشط احلرام.قال الدردير)8): يتبع وجوبا رشط الواقف إن جاز رشعا، واملراد باجلواز ما قابل املنع

فيشمل املكروه ولو متفقا عىل كراهته)9).وذكر الشافعية بعض الرشوط وأوجبوا اتباعها مع ترصحيهم بكراهتها كم لو رشط يف

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/79، ومواهب اجلليل )/)).))) كشاف القناع )/))).

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/)))، والرشح الكبري هبامش حاشية الدسوقي )/88، وهناية املحتاج )/)7)، واإلنصاف 7/))-)).))) البحر الزخار )/))).

))) رشح جملة األحكام العدلية لعيل حيدر )/)7.))) الرشح الكبري مع الدسوقي )/88.

)7) إعانة الطالبني )/9))، ط مصطفى احللبي، 8)9)م، وحاشية البجريمي عىل رشح منهج الطالب )/07)-08)، ط مصطفى احللبي، 0)9)م، وهناية املحتاج )/)7).

)8) الدردير )7)))-)0))هـ( هو أمحد بن حممد بن أمحد العدوي، أبو الربكات، الشهري بالدردير، من بني عدي من صعيد مرص، فقيه مالكي، كانت له مشيخة اإلفتاء بمرص، تفقه عىل الشيخ عيل الصعيدي وابن الصباغ وغريمها، وعنه أخذ جلة منهم الدسوقي والعقباوي. من تصانيفه: »الرشح الكبري عىل خمترص خليل«، اقترص فيه عىل الراجح من األقوال يف فقه النور ]شجرة ورشحها« التوحيد يف السنية اخلريدة و»نظم ورشحه«، مالك اإلمام ملذهب املسالك و»أقرب املذهب،

الزكية يف طبقات املالكية 9))، ط دار الكتاب العريب بريوت، وانظر: مقدمة الرشح الصغري[.)9) الرشح الكبري )/88.

النظارة على الوقف

152

وقف املسجد اختصاصه بطائفة معينة كالشافعية))).* القول الثاين: للحنابلة، وهو أن املراد بالرشط الذي خيالف الرشع هو الرشط احلرام

والرشط املكروه))).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول األول؛ وذلك ألن املكروه من أقسام اجلائز وليس من أقسام املمنوع)))، وإذا جاز لإلنسان أن يالبس املكروه بغري رشط جاز له أن يالبسه بالرشط من غري فرق.

النوع من الرشوط إال الفقهاء يكادون أن يكونوا متفقني عىل الضابط هلذا ومع أن أهنم مثلوا له بأمثلة متعددة.فمثل له احلنفية بام يأيت:

)- إذا رشط الواقف عدم عزل الناظر ولو كان غري مأمون))).)- أو رشط الواقف العزل والنصب وسائر الترصفات ملن يتوىل من أوالده وال يداخلهم أحد الناظر من فساد ال يعارضه أنه مهم صدر من القضاة واألمراء؛ ألنه أراد هبذا الرشط من

أحد.وهذا رشط خمالف للرشع وفيه من تفويت املصلحة للموقوف عليهم وتعطيل الوقف

ما ال خيفى))).ومثل له املالكية بام يأيت:

كراء ألنه باطل، الرشط هذا فإن مستحقه، عىل الوقف إصالح الواقف رشط إذا -(صحيحا، الوقف ويكون الرشط فيلغى اإلصالح يكون بكم يدرى ال إذ جمهول

ويكون اإلصالح من غلة الوقف))).فإنه املوقوف عليه التوظيف عىل أن إذا كانت األرض موظفة)7)، ورشط واقفها أو -(

))) هناية املحتاج )/)7).))) اإلنصاف 7/))-)).

))) جاء يف فواتح الرمحوت: املكروه كاملندوب ال هني وال تكليف، ألن املكلف يف سعة من تركه وفعله وال تكليف يف السعة )انظر: فواتح الرمحوت بذيل املستصفى )/)))، ط األمريية ببوالق، ))))هـ(.

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)8)-)8).))) املرجع السابق )/90).

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88-89، ورشح اخلريش 7/)9-)9.)7) قال الدسوقي: التوظيف يشء من الظلم كاملكس يؤخذ كل سنة عىل الدار كم يف بعض البالد أن كل عتبة عليها دينار.

)حاشية الدسوقي )/89).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

153

يبطل الرشط ويصح الوقف، ويدفع التوظيف من غلتها))).)- أو إذا رشط الواقف أن يبدأ من غلة الوقف بمنافع أهله ويرتك إصالح ما هتدم منه أو يرتك اإلنفاق عليه إذا كان حيوانا بطل الرشط؛ ألنه يؤدي إىل إبطال الوقف من أصله

فيصح الوقف، وجتب البداءة بمرمته والنفقة عليه من غلته لبقاء عينه))).ومثل له احلنابلة بام يأيت:

إذا له الرشط ويستمر فيبطل هذا ذميا، دام ما استحقاقه إذا وقف عىل ذمي ورشط -(أسلم))).

)- أو إذا وقف مسجدا وخصص املصلني فيه بمذهب معني فيبطل هذا الرشط وال خيتص التخصيص فاشرتاط االختصاص، عدم تقتيض املسجدية إثبات ألن هبم، املسجد

ينافيه)))، وهذا األصح عند الزيدية))).)- أو إذا رشط الواقف عدم بيع الوقف لو خرب فرشطه باطل ويباع الوقف ويرصف

ثمنه يف مثله))).القسم الثالث: رشط صحيح:

وال مصلحته يعطل وال الوقف مقتىض ينايف ال رشط كل هو الصحيح: والرشط خيالف الرشع، أي: هو الرشط الذي ال تتوافر فيه عنارص الرشط الباطل، سواء كان الرشط

الباطل مبطال الوقف أم غري مبطل له.أغراض باختالف ختتلف وهي حرصها، يمكن ال كثرية الصحيح الرشط وأمثلة

الواقفني ومقاصدهم وباختالف العني املوقوفة.ومن األمثلة التي ذكرها الفقهاء عىل الرشوط الصحيحة ما يأيت:

)- إذا وقف مسجدا أو مدرسة أو مقربة وخصصها بأهل مذهب أو بلد أو قبيلة ختصصت إعمال للرشط، واألصح عند الشافعية كراهة اشرتاط ختصيص املسجد بطائفة)7).

))) الرشح الكبري مع الدسوقي )/88، ورشح اخلريش 7/)9.

))) الرشح الكبري مع الدسوقي )/90، ورشح اخلريش 7/)9.))) كشاف القناع )/))).

))) املرجع السابق )/))).))) البحر الزخار )/))).))) كشاف القناع )/)9).

)7) الرشح الكبري مع السدوقي )/88، وهناية املحتاج )/)7).

النظارة على الوقف

154

مل بمذهب فيه املصلني خصص فلو املسجد األصح يف والزيدية احلنابلة واستثنى خيتص هبم))).

)- الوقف برشط عدم الزواج:لو وقف ورشط أن من تزوج من البنات فال حق هلا يف الوقف صح الوقف والرشط،

وكذا لو وقف عىل زوجته ما دامت عزباء))).وعند املالكية ستة أقوال فيم لو رشط أن من تزوجت من بناته فال حق هلا يف الوقف

وخترج منه وال تعود له ولو تأيمت، وهي:األول: بطالن الرشط والوقف مع حرمة القدوم عىل ذلك، وهو رواية ابن القاسم)))

عن مالك يف العتبية))).رأي املدونة، وهو مالك يف زياد))) عن ابن رواية الصحة، وهو مع الكراهة الثاين: ابن القاسم، ورجحه عياض))) وغريه. والكراهة عىل باهبا فإن وقع ذلك مىض، وقيل: إهنا

للتحريم وعليه إذا وقع فإنه يفسخ.الثالث: جوازه من غري كراهة.

للبنني فريده حياز ال أو عليه حبسه ما عىل فيميض عنه حياز أن بني الفرق الرابع:

))) كشاف القناع )/)))، والبحر الزخار )/))).الكتاب دار ط ،(9(/( للطويس املبسوط ،(((/( القناع كشاف ،((7/( عابدين ابن حاشية مع املختار الدر (((

اإلسالمي، بريوت.))) ابن القاسم ))))-)9)هـ( هو عبد الرمحن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي املرصي، أبو عبد اهلل ويعرف بابن القاسم، من كبار أئمة املالكية، صحب اإلمام مالك عرشين سنة وتقفه به وبنظرائه، وهو أثبت الناس يف مالك وأعلمهم بأقواله، روى عن الليث وعبد العزيز بن املاجشون ومسلم بن خالد وغريهم، أخذ عنه مجاعة منهم أصبغ وحييى بن دينار، وحييى

بن حييى وابن عبد احلكم وسحنون ]شجرة النور الزكية ص 8)، ط دار الكتاب العريب، بريوت، واألعالم )/)))[.املطروحة الروايات من فيها كثر املستخرجة وتسمى العتبي، العزيز عبد بن أمحد بن حممد وضعه كتاب هي العتبية: (((

واملسائل الشاذة ]انظر: الديباج املذهب 9))، وشجرة النور الزكية )7).والثوري مالك املالكية، سمع من أئمة كبار أبو احلسن، من التونيس، العبيس زياد بن زياد )؟-)8)هـ( هو عيل ابن (((والليث بن سعد وغريهم، وسمع منه البهلول بن راشد وأسد بن الفرات وسحنون وغريهم، وهو أول من أدخل املوطأ إىل املغرب، قال سحنون: مل يكن يف عرصه أفقه منه وال أورع، ومل يكن سحنون يعدل به أحدا من علمء أفريقية، روى عن

مالك املوطأ وكتب ]الديباج املذهب )9)، وشجرة النور الزكية 0)[.))) عياض ))7)-)))هـ( هو عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي، أبو الفضل، عامل املغرب وإمام أهل احلديث يف وقته، أخذ عن ابن رشد وأيب عبد اهلل بن عتاب واملازري وأيب بكر الطرطويش وغريهم، وعنه أخذ ابنه حممد وابن غازي وابن زرقون والقايض أبو عبد اهلل بن عطية وغريهم. من تصانيفه: »الشفا بتعريف حقوق املصطفى«، و»رشح صحيح

مسلم«، و»اإلعالم بحدود قواعد اإلسالم« ]شجرة النور الزكية )))، واإلعالم )/99[.

الباب الثاني: وظيفة الناظر

155

والبنات معا.اخلامس: حرمة ذلك، فإن كان الواقف حيا فسخه وجعله للذكور واإلناث، وإن مات

مىض، وهو ما رواه عيسى))) عن ابن القاسم.السادس: فسخ احلبس وجعله مسجدا إن مل يأب املحبس عليهم، فإن أبوا مل جيز فسخه

ويقر عىل حاله حبسا وإن كان الواقف حيا.تزوجت من أن من لو رشط وأما ثانيها، األقوال واملعتمد من هذه الدسوقي: قال

البنات فال حق هلا إال أن تتأيم فإنه يرجع هلا احلق فيه كان الوقف صحيحا))).املسألة الثانية: خمالفة الرشط الصحيح:

الرشط الذي جيب عىل الناظر اتباعه والعمل به هو الرشط الصحيح، وهو املقصود بقول الفقهاء »رشط الواقف كنص الشارع«، وأما الرشط الباطل بنوعيه فإنه ال جيب اتباعه

وال العمل به.لكن أجاز الفقهاء خمالفة الرشط الصحيح أيضا إذا كانت هناك رضورة أو مصلحة راجحة للوقف))). ومثلوا لذلك بم إذا رشط الواقف أن يؤجر الوقف إلنسان أكثر من سنة

ومل يوجد غري املستأجر األول.الرميل: لو مل يوجد إال من يرغب فيه إال عىل وجه خمالف للرشط فيجوز؛ ألن قال

الظاهر أنه ال يريد تعطيل وقفه))).إال يمكن عمرهتا مقدار كذا ومل إال إجارهتا املرشوط عدم الدار اهندمت لو وأيضا الرشط أمهل وإنم فقط، بالعمرة يفي ما وتؤجر رشطه فيهمل ذلك من أكثر بإجارهتا

املذكور ألن الظاهر أن الواقف ال يريد تعطيل وقفه فرياعي مصلحة الوقف))).وقد حرص احلنفية املسائل التي جيوز فيها خمالفة رشط الواقف بثالث عرشة مسألة،

ذكر ابن نجيم منهم سبعا هي:األوىل: رشط أن القايض ال يعزل الناظر فللقايض عزل غري األهل.

))) عيسى، هو عيسى بن دينار تقدمت ترمجته.))) حاشية الدسوقي مع الرشح الكبري )/79.

))) حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري )/88، وهناية املحتاج )/)7)، وإعانة الطالبني )/9))، وكشاف القناع )/0)).))) هناية املحتاج )/)7)، وانظر: كشاف القناع )/0)).

))) هناية املحتاج )/)7)، وإعانة الطالبني )/9))-70).

النظارة على الوقف

156

الثانية: رشط أن ال يؤجر وقفه أكثر من سنة والناس ال يرغبون يف استئجارها سنة أو كان يف الزيادة نفع للفقراء، فللقايض املخالفة دون الناظر.

القول عىل أي عابدين: ابن قال باطل. فالتعيني قربه عىل يقرأ أن رشط لو الثالثة: بكراهة القراءة عىل القرب، واملختار خالفه.

الرابعة: رشط أن يتصدق بفاضل الغلة عىل من يسأل من مسجد كذا كل يوم مل يراع رشطه، فللقيم التصدق عىل سائل غري ذلك املسجد أو خارج املسجد أو عىل من ال يسأل.

اخلامسة: لو رشط للمستحقني خبزا أو حلم معينا كل يوم فللقيم أن يدفع القيمة من النقد، وقيل هلم طلب املعني وأخذ القيمة أي فاخليار هلم ال له، وذكر يف الدر املنتقى أنه

الراجح.السادسة: جتوز الزيادة من القايض عىل معلوم اإلمام إذا كان ال يكفيه وكان عاملا تقيا.

السابعة: رشط الواقف عدم االستبدال، فللقايض االستبدال إذا كان أصلح))).أن أحدا ال يشارك الواقف عىل إذا نص الوسائل))) مسألة هي: أنفع وزاد صاحب ذلك له جيوز مشارفا إليه يضم أن القايض ورأى الوقف هذا عىل الكالم يف الناظر

كالويص))).وزاد البريي))) مسألتني مها:

األوىل: لو رشط أال يؤجر بأكثر من كذا وأجر املثل أكثر.الثانية: لو رشط أال يؤجر لصاحب جاه فتجوز املخالفة إن آجره منه بأجرة معجلة،

واعرتض بأن العلة اخلوف عىل رقبة الوقف كم هو مشاهد.قال ابن عابدين: وينبغي التفصيل بني اخلوف عىل األجرة واخلوف عىل الوقف، ففي

))) األشباه والنظائر البن نجيم ص )9)، وحاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/89).))) صاحب أنفع الوسائل هو الطرسويس )))7-8)7هـ( وهو إبراهيم بن عيل بن أمحد، نجم الدين الطرسويس -نسبة إىل طرسوس الشام- فقيه حنفي كان شيخ احلنفية بالشام، كان له سمع من أيب نرص بن الشريازي واحلجار وغريمها، ويل القضاء بدمشق بعد والده، ودرس وأفتى وصنف. من تصانيفه: »أنفع الوسائل«، و»أرجوزة يف أصول الدين«، و»ذخرية الناظر يف األشباه والنظائر«، و»الدرة السنية يف رشح الفوائد الفقهية« ]الدرر الكامنة )/7)، والفوائد البهية 0)، واألعالم )/))[.

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/89).))) البريي )))0)-099)هـ( هو إبراهيم بن حسني بن أمحد بن بريي، كان من أكابر فقهاء احلنفية وعلمئهم املشهورين، أخذ عن عمه العالمة حممد بن بريي وعبد الرمحن املرشدي وغريمها، وأخذ احلديث عن ابن عالن، وأجازه الكثري من املشايخ، انتهت إليه الرئاسة وأصبح مفتيا ملكة. من تصانيفه: »عمدة ذوي البصائر حلل مبهمت األشباه والنظائر«، و»رشح

تصحيح القدوري للشيخ قاسم«، و»رشح املنسك الصغري للمال رمحة اهلل« ]خالصة األثر )/9)، واألعالم )/))[.

الباب الثاني: وظيفة الناظر

157

األول يصح بتعجيل األجرة))).وزاد احلصكفي))) يف الدر املنتقى ثالث مسائل:

األوىل: لو رشط الواقف استواء املستحقني من اإلمام ونحوه بالعمرة عند الضيق مل يعترب رشطه وتقدم العمرة عليهم.

وكذا لو رشط الواقف استواء أرباب الشعائر بغريهم من املستحقني عند الضيق فإنه يقدم أرباب الشعائر.

الثانية: إن السلطان جيوز له خمالفة الرشط إذا كان غالب جهات الوقف قرى ومزارع تعمل بأمره، وإن غاير رشط الواقف؛ ألن أصلها لبيت املال.

الثالثة: لو رشط عدم وجود ناظر ومات ونفذ يف موته أو يف حياته نصب القايض له قيم))).

املطلب الثالث»ا�شتغالل الوقف«

االستغالل))) يف اللغة واالصطالح: طلب الغلة وأخذها، يقال: استغل عبده: كلفه ت: أخذ غلتها. أن يغل عليه، واستغالل املستغال

ويستعمل الناس لفظ االستغالل يف العرص احلديث بمعنى االنتفاع من الشخص بغري حق، ففي املعجم الوسيط: استغل فالنا: انتفع منه بغري حق جلاهه أو نفوذه، وهي حمدثة.

أغلت يقال: أرض، وفائدة وأجرة غالم دار كراء الذي حيصل من الدخل والغلة:

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/89).))) احلصكفي )))0)-088)هـ( هو حممد بن عيل بن حممد عالء الدين احلصكفي -نسبة إىل »حصن كيفا« يف ديار بكر- فقيه حنفي أصويل حمدث نحوي، دمشقي املولد والوفاة، قرأ عىل والده وعىل اإلمام حممد املحاسني وأجازه إجازة عامة، املدرس بن عيل إسمعيل منهم كثري عنه خلق املقديس وغريمها، وأخذ زكريا بن والفخر الرميل اخلري الفقه عن وأخذ رشح املنتقى و»الدر األبصار«، تنوير رشح يف املختار »الدر تصانيفه: من الشام. إفتاء ويل احللواين، درويش والشيخ

امللتقى«، و»إفاضة األنوار عىل أصول املنار« ]خالصة األثر )/))، واألعالم )/)9)[.))) الدر املنتقى يف رشح امللتقى هبامش جممع األهنر )/))7، ط دار الطباعة العامرة، ))))هـ، وانظر: حاشية ابن عابدين

مع الدر املختار )/8)).))) يرادف االستغالل االستثمر، وهي األشهر يف العرص احلديث ولكنا أثرنا لفظة االستغالل ألهنا هي املستعملة يف كتب

الفقه اإلسالمي.

النظارة على الوقف

158

الضيعة: أي أعطت الغلة، فهي مغلة إذا أتت بيشء وأصلها باق))).ا لالستغالل، أما واستغالل الوقف من األمور الواجبة عىل الناظر إن كان الوقف معدإذا كان الوقف غري معد لالستغالل بل لالنتفاع))) كدار للسكنى ودابة للركوب وسالح

للجهاد فال يكون االستغالل واجبا عىل الناظر))).استغالهلم يكون والدابة فالدار املوقوفة، العني باختالف خيتلف الوقف واستغالل بإجيارمها، واألرض الزراعية يكون استغالهلا بزراعتها، والنقود يكون استغالهلا باملضاربة

فيها)))، وهكذا.ويتعلق باستغالل الوقف مسألتان:

املسألة األوىل: اختصاص استغالل الوقف بالناظر:إن استغالل الوقف كم هو أمر واجب عىل الناظر هو كذلك أمر خيتص به دون غريه،

فال جيوز ألحد أن يقوم باستغالل الوقف ولو كان القايض أو املوقوف عليه.أما القايض فألن واليته عامة ووالية الناظر خاصة، وقد تقرر أن الوالية اخلاصة أقوى

من الوالية العامة))).ناظر له كان أو ناظر للوقف يكن مل إذا الوقف استغالل حق للقايض يكون لكن

وامتنع عن استغالله.جاء يف حاشية ابن عابدين: ال يملك القايض الترصف يف الوقف مع وجود ناظر ولو أنه ليس له اإلجيار مع القايض متأخرة عن املرشوط له ووصيه، ومفاده من قبله، فوالية حضور املتويل، وما نقل عن هالل أن القايض إذا أجر دار الوقف أو وكيله بأمره جاز حممول

))) لسان العرب ))/)0)، وخمتار الصحاح 80)، واملعجم الوسيط )/0))، وتقريرات الشيخ عليش عىل الرشح الكبري )/)))، وحاشية القليويب عىل رشح املحىل )/)7)، وقواعد الفقه للسيد حممد عميم الربكتي ص )0). ط. كراتيش، )98)م.

))) يفرق الفقهاء بني الغلة واملنفعة، ذلك أن الناشئ عن اليشء إما عينا كأجرة الدار وثمرة الشجرة وصوف الشاة ولبنها وما ينبت يف األرض فيسمى غلة، وإما غري عني كالسكنى واالستخدام فيسمى منفعة )انظر: حاشية القليويب عىل رشح املحىل )/)7)).

))) البحر الرائق )/)))، والذخرية للقرايف )/9))، )))، وروضة الطالبني )/8))، ورشح روض الطالب )/)7)، رصح وقد .(77/( الدمشقية اللمعة رشح يف البهية والروضة ،(9(/( األزهار ورشح ،((8/( القناع وكشاف

احلنفية بأنه إذا أطلق الواقف الوقف كان لالستغالل )انظر: العقود الدرية )/)7)، 80)).))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)7)-)7)، وعبارة الدر املختار: وصح أيضا وقف كل منقول قصدا فيه تعامل

للناس كفأس وقدوم بل دراهم ودنانري ومكيل وموزون فيباع ويدفع ثمنه مضاربة.))) األشباه والنظائر البن نجيم ص 0))، وحاشية ابن عابدين )/)8)، وهناية املحتاج )/89)، ومغني املحتاج )/89)،

وكشاف القناع )/8))-9))، )7)، ورشح األزهار )/)9)، وجواهر الكالم 8)/)).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

159

عىل ما إذا مل يكن له متول أو كان وامتنع))).وأما املوقوف عليه فألنه يملك الغلة وله أن يترصف فيها كيف شاء إذا قبضها، وال يملك العني املوقوفة، واالستغالل ترصف يتعلق بالعني ال بالغلة فلم يملكه. وألن املوقوف عليه -كم يقول ابن عابدين- يملك املنافع بال بدل فلم يملك متليكها ببدل وهو اإلجارة، وإال مللك أكثر مما يملك. وألن املوقوف عليه ال والية له عىل الوقف فلم يملك استغالله))).

وبطبيعة احلال يكون للموقوف عليه االستغالل إذا كان هو الناظر أو أذن له الناظر يف ذلك))).

وقد استثنى بعض احلنفية من ذلك ما إذا كان املوقوف عليه معينا فيجوز له استغالل الوقف إذا كانت الغلة كلها له. وقد أخذوا ذلك من قول الفقيه أيب جعفر: لو كان األجر كله للموقوف عليه بأن كان ال حيتاج إىل العمرة وال رشيك معه يف الغلة فحينئذ جيوز يف املؤن وسائر واخلراج، العرش تقديم الواقف رشط فإن األرض وأما واحلوانيت، الدور وجعل للموقوف عليه الفاضل مل يكن له أن يؤاجرها؛ ألنه لو جاز كان كل األجر له بحكم العقد فيفوت رشط الواقف، ولو مل يشرتط جيب أن جيوز ويكون اخلراج واملؤن عليه))).

قال ابن عابدين: فقد علم صحة إجيار املوقوف عليه إذا كان معينا هبذه الرشوط))).ونرى أن استغالل الوقف هو أمر خيتص بالناظر، وال جيوز ألحد أن يستغل الوقف مع وجود الناظر ولو القايض أو املوقوف عليه ولو كان معينا كم هو مذهب احلنفية؛ ألن لتعدد املستغل اطمئنان وعدم التعامل استقرار عدم إىل يؤدي االستغالل جهات تعدد جهات قرار االستغالل، ومن ثم العزوف عن استغالل الوقف، ويف ذلك إرضار بمصلحة

الوقف.ومن ثم كان ال بد من توحيد اجلهة التي ختتص باستغالل الوقف وأن تتمثل هذه اجلهة

فيمن له والية عىل الوقف، وهو الناظر إن وجد وإال فالقايض.

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/)8)، وانظر: أحكام الوقف هلالل ص 09).))) أحكام األوقاف للخصاف ص )0)، ط مطبعة ديوان عموم األوقاف املرصية، )90)م، وحاشية ابن عابدين مع الدر

املختار )/99)، ومغني املحتاج )/89)، وكشاف القناع )/))).))) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/99)-00)، ومغني املحتاج )/89).

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/00)، واإلسعاف ص 7).))) حاشية ابن عابدين )/00).

النظارة على الوقف

160

ا فيمن له والية عىل الوقف؛ ألن االستغالل ترصف مايل وإنم كان االستغالل خمتصيفتقر يف صحته إىل امللك أو الوالية أو اإلذن.

املسألة الثانية: ما جيب عىل الناظر عند استغالله الوقف:سلطة الناظر عند استغالله الوقف ليست مطلقة كاملالك يف ماله، بل هناك أمور جيب عليه مراعاهتا وااللتزام هبا. واألصل يف ذلك أنه جيب عىل الناظر عند استغالله الوقف أن

يبتعد عن كل شبهة وأن يتحرى األحظ واألنفع له))).واألمور التي جيب عىل الناظر التقيد هبا عند استغالله الوقف هي:

أوال: االبتعاد عن الشبه ومواطرن التهم:به))) ومواطن التهم))). ومثل الفقهاء جيب عىل الناظر عند استغالله الوقف أن يبتعد عن الشلذلك بم إذا أجر الناظر الوقف من نفسه أو سكنه بأجرة املثل فإنه ال جيوز للتهمة))). وكذا لو أجر

الناظر الوقف البنه الصغري فإنه ال جيوز؛ ألن ابنه الصغري تبع له فكأنه آجر لنفسه))).واختلفوا فيم إذا أجر الناظر الوقف ممن ال جتوز شهادته له كابنه الكبري وأبيه عىل قولني:* القول األول: أليب حنيفة، وهو أنه ال جيوز للناظر تأجري الوقف ملن ال جتوز شهادته

له للتهمة))).جتوز ال ملن الوقف تأجري للناظر فيهم جيوز حالتني حنيفة أبو اإلمام استثنى وقد

شهادته له؛ وذلك النتفاء التهمة فيهم ومها:)( إذا أجر الناظر الوقف ملن ال جتوز شهادته له بأكثر من أجر املثل.

)( إذا رفع الناظر األمر إىل القايض فأجره ممن ال جتوز شهادته للناظر)7).

))) اإلسعاف يف أحكام األوقاف ص )).التبسا واشتبه األمر: إذا أشبه كل منهم اآلخر حتى اللغة: االلتباس، يقال: تشاهبا واشتبها به: مجع شبهة، وهي يف الش (((اختلط، واشتبهت األمور وتشاهبت: التبست فلم تتميز ومل تظهر )لسان العرب ))/)0)، والقاموس املحيط )/)8)، وخمتار الصحاح 8))، واملصباح املنري )0)(. والشبهة يف االصطالح: هو ما مل يتيقن كونه حراما أو حالال )التعريفات

)))، ط دار الكتاب العريب، )98)م(.))) التهم مجع هتمة، وهي: الريبة والظن، يقال: اهتمته يف قوله إذا شككت يف صدقه، واهتمته بكذا ظننته به )انظر: لسان العرب

)/)))، واملصباح املنري )7)).))) اإلسعاف ص ))، والبحر الرائق )/))).

))) حاشية ابن عابدين )/9)).))) اإلسعاف ص ))، وأحكام األوقاف للخصاف ص )0).

)7) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/9)).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

161

تأجري للناظر جيوز أنه وهو واملالكية)))، احلنفية))) من للصاحبني الثاين: القول *الوقف ملن ال جتوز شهادته له إذا كان بأجر املثل لعدم التهمة.

الرتجيح:الوقف ملن ال الناظر تأجري واملالكية من جواز الصاحبان إليه بم ذهب األخذ نرى جتوز شهادته له إذا كان بأجر املثل؛ ألنه إنم منع الناظر من ذلك للتهمة، وقد انتفت التهمة

لكون اإلجارة وقعت بأجر املثل.ثانيا: حتري األحظ واألنفع للوقف:

ثم يتحرى األحظ واألنفع للوقف، ومن الوقف أن الناظر عند استغالله جيب عىل فال جيوز مثال أن يؤجر الناظر الوقف بأقل من أجر املثال)))؛ ألن يف ذلك إرضارا بالوقف

واملوقوف عليه))).وعند الفقهاء تفصيل وخالف فيم لو أجر الناظر بأقل من أجر املثل، وحكم إجارة الناظر بأقل من أجر املثل لو كان هو املستحق، واحلاالت التي جيوز فيها تأجري الوقف بأقل

من أجر املثل، وحكم اإلجارة فيم لو تغري أجر املثل بعدما أجر الناظر به.وسنفصل القول يف ذلك فيم يأيت:

أ- تأجري الناظر الوقف بأقل من أجر املثل:إذا أجر الناظر الوقف بأقل من أجر املثل فال خيلو إما أن يكون النقصان عن أجر املثل

ا فاحشا))). يسريا وإمالنقصان ألن الناظر؛ عىل يشء وال صحيحة اإلجارة كانت يسريا النقصان كان فإن أ(

))) أحكام األوقاف للخصاف ص )0)، واإلسعاف ص 9)، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/9)).))) املعيار املعرب 7/7))-8)).

))) أجر املثل: هو األجر الذي يقدره أهل اخلربة )انظر: العدوى عىل رشح اخلريش 99/7، واملادة »)))« من جملة األحكام العدلية ورشحها لعيل حيدر )/87)).

))) البحر الرائق )/)))، وحاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/98)، ورشح اخلريش 98/7، وهناية املحتاج )/)0)، ومطالب أويل النهي )/0)).

))) اختلف الفقهاء يف حتديد النقصان الفاحش: فقال احلنفية: النقصان الفاحش هو ما ال يدخل حتت تقويم املقومني )تبيني )حاشية الثلث عىل النقصان هو الفاحش النقصان املالكية: وقال .)((9/7 الرائق البحر وتكملة ،(7(/( احلقائق الدسوقي )/0))، ومواهب اجلليل )/)7)(. وقال الشافعية واحلنابلة: يرجع يف تقدير النقصان الفاحش إىل العرف

والعادة )مغني املحتاج )/)))، وحاشية اجلمل عىل رشح املنهج )/08)-09)، واإلنصاف )/)9)).

النظارة على الوقف

162

اليسري مما يتغابن فيه الناس عادة أي أن الناس يقبلونه وال يعدونه غبنا))).ب( وإن كان النقصان فاحشا فقد اختلف الفقهاء يف حكم اإلجارة عىل قولني:

* القول األول: جلمهور الفقهاء: احلنفية))) واملالكية))) والشافعية))). وهو أنه إذا كان النقصان فاحشا عن أجر املثل فإن اإلجارة ال تصح.

قال احلنفية: وينبغي للقايض إذا رفع له ذلك أن يبطل اإلجارة، ويلزم املستأجر متام أجر املثل))).

وقد اعترب بعض احلنفية: املستأجر الذي يستأجر الوقف بأقل من أجر املثل غاصبا. جاء يف اإلسعاف: لو أجر متويل الوقف أو ويص اليتيم منزال للوقف أو لليتيم بدون أجر املثل قال الشيخ اجلليل أبو بكر حممد بن الفضل: عىل أصل أصحابنا ينبغي أن يكون املستأجر غاصبا.وذكر اخلصاف))) يف كتابه أنه ال يصري غاصبا ويلزمه أجر املثل، فقيل له: أتفتي هبذا؟ قال: نعم. ووجهه أن املتويل والويص أبطال بالتسمية ما زاد عىل املسمى إىل متام أجر املثل،

ومها ال يملكانه فيجب أجر املثل كم لو أجر من غري تسمية أجر)7).ورصح الشافعية بأنه إذا بطلت إجارة الوقف لكون األجر بدون أجر املثل فإن الناظر يرد ما قبضه من املستأجر إن كان باقيا، وإال فبدله من ماله إن كان رصفه يف غري مصالح الوقف، ومن مال الوقف إن كان رصفه يف مصاحله. ولو حكم حاكم بصحة إجارة وقف وأن األجرة أجرة املثل فإن ثبت بالتواتر أهنا دوهنا تبني بطالن احلكم واإلجارة، ولو ثبت

ذلك ببينة مل حيكم بالبطالن)8).وعند املالكية تفصيل فيمن يضمن متام أجرة املثل، قالوا: إذا أكرى الناظر بغري أجرة

))) أحكام األوقاف للخصاف ص )0)، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/98)، ومطالب اويل النهي )/0)).))) أحكام األوقاف للخصاف ص )0)، والبحر الرائق )/)))، وحاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/98)، 00).

))) املعيار املعرب 7/8))-8)).))) مغني املحتاج )/)9).

))) أحكام األوقاف ص )0)، والبحر الرائق )/)))، والدر املختار مع ابن عابدين )/00).فرضيا كان احلنفية، فقهاء أكابر من بكر، اخلصاف، أبو الشيباين، مهري بن بن عمرو أمحد ))) اخلصاف )؟-)))هـ( هو حاسبا، روى عن أبيه وعاصم وأيب داود الطياليس وغريهم، قال شمس األئمة احللواين: اخلصاف رجل كبري يف العلوم وهو ممن يصح االقتداء به. كان ورعا زاهدا يأكل من كسب يده. من تصانيفه: »أحكام األوقاف«، و»احليل«، و»الرشوط«،

و»املحارض والسجالت«، و»أدب القايض« ]تاج الرتاجم 97، والفوائد البهية 9)، واألعالم )/)8)[.)7) اإلسعاف ص )).

)8) هناية املحتاج مع حواشيه )/)0)، وحتفة املحتاج )/)9)-)9).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

163

املثل ضمن متام أجرة املثل إن كان مليا وإال رجع عىل املستأجر ألنه مبارش، وكل من رجع عليه ال يرجع عىل اآلخر. هذا ما مل يعلم املستأجر بأن األجرة غري أجرة املثل، فإن كال منهم

ضامن فيبدأ به))).* القول الثاين: للحنابلة، وهو أنه إذا كان النقصان فاحشا عن أجر املثل فإن عقد اإلجارة صحيح، ويضمن الناظر النقص، وهذا إذا كان املستحق غريه؛ ألنه يترصف يف مال غريه عىل

وجه احلظ، فضمن ما نقصه بعقده كالوكيل إذا باع أو أجر بدون ثمن أو أجر املثل))).الرتجيح:

نرى األخذ بم ذهب إليه احلنابلة من أنه إذا كان النقصان فاحشا عن أجر املثل فإن عقد اإلجارة صحيح ويكون الضمن عىل الناظر.

وإنم صححنا العقد ألن تصحيح العقد أوىل من إبطاله، وإنم جعلنا الضمن عىل الناظر ألنه هو املسئول عن إجارة الوقف وقد فعل ما ال يسوغ له رشعا فعله.

ب- حكم تأجري الوقف بأقل من أجر املثل إذا كان الناظر هو املستحق:اختلف الفقهاء يف حكم تأجري الوقف بأقل من أجر املثل إذا كان الناظر هو املستحق

عىل قولني:* القول األول: للحنفية، وهو أنه لو كان الناظر هو املستحق وآجر الوقف بدون أجر املثل فإنه ال جيوز لترضر الوقف بذلك، الحتمل موت الناظر املستحق فيرض بمن بعده من

املستحقني أو الحتمل أن الوقف حيتاج إىل التعمري اآلن))).* القول الثاين: للشافعية))) واحلنابلة)))، وهو أنه لو كان الناظر هو املستحق))) وأجر

الوقف بأقل من أجر املثل جاز، ألنه هو املستحق وقد ريض بذلك.وهذا إذا انحرص استحقاق الوقف يف الناظر، فإن مل ينحرص فيه وأجر بدون أجر املثل

))) حاشية العدوي عىل رشح اخلريش 99/7.))) مطالب أويل النهي )/0)).

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/98).))) هناية املحتاج )/8))، )0).))) مطالب أويل النهي )/0)).

))) صور الشافعية الناظر املستحق بقوهلم: بأن كان الوقف أهليا وانحرص فيه بأن مل يكن يف طبقته غريه من أهل الوقف )انظر: حاشية الشربامليس عىل هناية املحتاج )/8))).

النظارة على الوقف

164

بطلت اإلجارة.قال الشربامليس: فإن مل ينحرص الوقف فيه وأجر بدون أجرة املثل، فهل تصح اإلجارة يف قدر نصيبه وتبطل فيم زاد تفريقا للصفقة أو يف اجلميع؟ فيه نظر. والظاهر الثاين؛ ألنه حيث

شملت واليته مجيع املستحقني كان كويل املحجور عليه فال يترصف إال باملصلحة يف املال))).املثل، فهل له املستحق أن يؤجر بدون أجر ا وأذن الناظر مستحق وقال: فإن مل يكن للناظر ذلك؛ ألن احلق لغريه وقد أذن له يف ذلك أم ال ألنه ال يترصف إال باملصلحة وإجارته

بدون أجر املثل ولو بإذن املستحق ال مصلحة فيها للوقف، فيه نظر واألقرب الثاين))).الرتجيح:

نرى األخذ بم ذهب إليه احلنفية من عدم جواز تأجري الوقف بأقل من أجر املثل من قبل الناظر، ولو كان هو املستحق الحتمل ترتب الرضر عىل الوقف من ذلك.

الفقهاء ذكر املثل: أجر من بأقل الوقف تأجري للناظر فيها جيوز التي احلاالت ج- حاالت جيوز فيها للناظر أن يؤجر الوقف بأقل من أجر املثل، وهي:

لذلك احلنفية ومثل املثل))). أجر من بأقل إجياره تستدعي رضورة هناك تكون أن )(بأجر يستأجر أن العمرة صاحب أبى لرجل، ملك وعمرته وقف حانوت بقوهلم: مثله، ينظر إن كانت العمرة لو رفعت يستأجر بأكثر مما يستأجر صاحب العمرة كلف املثل ال جيوز من غري رضورة، أجر النقصان عن العمرة ويؤجر من غريه؛ ألن رفع فيه يرستأجره ال يكلف ويرتك يف يده بذلك األجر ألن بأكثر مما يستأجر وإن كان ال

رضورة))).)( إذا مل يوجد من يرغب يف الوقف إال بأقل من أجر املثل، فيجوز للناظر حينئذ أن

يؤجره باألقل))).املثل، ذلك أن املرصد دين الوقف مرصد فتجوز إجارته بدون أجر )( أن يكون عىل عىل الوقف ينفقه املستأجر لعمرة الدار لعدم مال حاصل يف الوقف، فإذا زادت أجرة

))) حاشية الشربامليس عىل هناية املحتاج )/8)).))) املرجع السابق.

))) البحر الرائق )/)))، وحاشية ابن عابدين )/98)، وهناية املحتاج )/)7).))) البحر الرائق )/))).

))) الدر املختار هبامش حاشية ابن عابدين )/98).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

165

مثلها هبذه العمرة التي صارت للوقف ال تلزمه الزيادة؛ ألنه إذا أراد الناظر إجيار هذه الدار ملن يدفع ذلك املرصد لصاحبه ال يرىض باستئجارها بأجرة مثلها اآلن))).

د- تغري أجر املثل:إذا أجر الناظر الوقف بأجر املثل ثم تغري أجر املثل؛ فهل تفسخ اإلجارة لذلك؟يفرق الفقهاء يف حالة تغري أجر املثل بني حالتني: حالة النقصان وحالة الزيادة.

)( فإن نقص األجر عن أجر املثل نقصانا فاحشا وطلب املستأجر نقص األجر أو فسخ الوقف، وال جييب للزوم الرضر عىل الناظر ال جييب طلبه نقص األجر فإن اإلجارة

طلبه فسخ اإلجارة ألن الناظر ليس له اإلقالة إال إن كانت أصلح للوقف))).)( وإن زاد األجر عىل أجر املثل زيادة فاحشة فقد اختلف الفقهاء فيم جيب عىل الناظر من

فسخ اإلجارة وعدم فسخها عىل ثالثة أقوال:* القول األول: جلمهور الفقهاء: املالكية))) واحلنابلة))) واإلمامية))) واحلنفية يف مقابل املفتى به)))، وهو أنه إذا زاد األجر عىل أجر املثل زيادة فاحشة فإن العقد ال يفسخ من أجل هذه الزيادة إذا كان الناظر قد أجر بأجر املثل، وذلك ألن عقد اإلجارة من العقود الالزمة وقد متت اإلجارة بأجر املثل يف حينها، فكان املستحق عىل املستأجر هو هذا األجر إىل حني

انتهاء املدة املحددة.العقد، وهذا املثل يعترب وقت بناء عىل أن أجر يعقد ابن عابدين: ال يفسخ وال قال

رواية فتاوى سمر قند)7).نقد بدون وأما للزومه، يفسخ حينئذ فال األجرة بنقد العقد يلزم إنم املالكية وعند

األجرة فله الفسخ ولو كان بكراء املثل)8).* القول الثاين: للحنفية يف املفتى به، وهو أنه إذا زاد األجر عىل أجر املثل فإن الناظر

))) حاشية ابن عابدين )/98).))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/98).

))) رشح اخلريش عىل خمترص خليل 98/7.))) كشاف القناع )/9))، ومطالب أويل النهى )/0)).

))) مفتاح الكرامة 9/))).))) حاشية ابن عابدين )/99)، واإلسعاف ص )).

)7) حاشية ابن عابدين )/99).)8) حاشية العدوي عىل رشح اخلريش 98/7.

النظارة على الوقف

166

يفسخ اإلجارة عىل املفتى به، إال إذا قبل املستأجر األول الزيادة فهو أحق من غريه فيجدد له العقد باألجرة الزائدة.

اإلجارة أن بناء عىل األوىل الطحاوي)))، وهي رواية رشح عابدين: وهذه ابن قال تنعقد شيئا فشيئا والوقف جيب له النظر.

ويشرتط يف الزيادة التي يفسخ الناظر اإلجارة بسببها ما يأيت:)( أال تكون الزيادة زيادة تعنت بأن يزيد واحد أو اثنان من أجل اإلرضار باملستأجر فإهنا

غري مقبولة، بل ال بد أن تكون الزيادة عامة يف نفسها عند الكل.)( أن تكون الزيادة من الوقف نفسه ال من عمرة املستأجر بمله لنفسه.

امتنع وإن الزيادة، بمجرد ينفسخ فال له املتوىل بفسخ إال اإلجارة ينفسخ عقد وال ه القايض. خر الناظر عن فرسخه فرسر

وجتب الزيادة بعد الفسخ، وأما قبله فال جيب إال املسمى))).* القول الثالث: للشافعية، وفرقوا بني كون العني املوقوفة موقوفة عىل الناظر وكوهنا

موقوفة عىل غريه.)( فإن كانت العني املوقوفة موقوفة عىل الناظر فإنه جيوز له أن يؤجرها بأي ثمن ولو بدون أجر املثل؛ ألنه هو الذي يملك منفعة الوقف فله أن يترصف فيها كيف شاء، كاملالك له أن يؤجر ملكه بأي ثمن، وحينئذ فإذا زاد األجر عىل أجر املثل فإن اإلجارة ال تفسخ

لذلك))).)( وإن كانت العني موقوفة عىل غري الناظر فثالثة أقوال:

األول: إن اإلجارة ال تفسخ إذا زادت األجرة أو ظهر طالب بالزيادة عليها، وهذا هو األصح ألن العقد قد جرى بالغبطة يف وقته فأشبه ما إذا باع الويل مال الطفل ثم ارتفعت

بصعيد قرية طحا إىل -نسبة الطحاوي جعفر أبو األزدي، سالمة بن حممد بن أمحد هو )9))-)))هـ( الطحاوي (((إليه رئاسة احلنفية بمرص، وكان إماما يف األحاديث واألخبار، قرأ عىل خاله املزين الشافعي ثم ترك انتهت مرص- فقيه ابن عبد قال بن أيب عمران وأيب حازم عبد احلميد بن جعفر، املذهب، وتفقه عىل أيب جعفر أمحد مذهبه وصار حنفي الرب: كان من أعلم الناس بسري الكوفيني وأخبارهم مع مشاركته يف مجيع مذاهب الفقهاء. من تصانيفه: »أحكام القرآن«، و»معاين اآلثار«، و»بيان مشاكل اآلثار«، و»رشح اجلامع الكبري«، و»رشح اجلامع الصغري« ]تاج الرتاجم 00)، والفوائد

البهية ))، واألعالم )/)0)[.))) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/98)-99)، واألشباه والنظائر البن نجيم ص 9)).

))) مغني املحتاج )/)9)، وروضة الطالبني )/))).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

167

القيم باألسواق أو ظهر طالب بالزيادة))).عىل العقد وقوع لتبني ثقة؛ الطالب وقع للزيادة كان إذا تفسخ اإلجارة إن الثاين:

خالف الغبطة.قال الرشبيني اخلطيب: أفتى ابن الصالح فيم إذا أجر الناظر الوقف مدة معلومة بأجرة العقد، ثم تغريت األحوال وطرأت أسباب املثل حالة معلومة وشهد شاهدان أهنا أجرة املثل؛ ألن بأجرة الشاهدين العقد ويتبني خطأ يتبني بطالن أنه املثل: توجب زيادة أجرة تقويم املنافع يف مدة ممتدة إنم يصح إذا استمر احلال املوجودة حالة التقويم التي هي حالة

العقد، وليس هذا التقويم كتقويم السلعة احلارضة.ا، والذي يقع يف النفس وقد رد األذرعي عىل فتوى ابن الصالح فقال: وهذا مشكل جدإنم ينظر إىل أجرة املثل التي تنتهي إليها الرغبات حالة العقد يف مجيع املدة املعقود عليها مع قطع النظر عم عساه يتجدد؛ ألن ذلك يؤدي إىل سد باب إجارة األوقاف والزهادة فيها ألن

الدنيا ال تبقى عىل حالة واحدة))).الثالث: إن كانت اإلجارة سنة فم دوهنا مل يتأثر العقد، وإن كانت أكثر فالزيادة مردودة، أي:

تفسخ اإلجارة عىل زادت عن سنة إن زادت األجرة عىل املثل))). وهو قول أيب الفرج الزاز))).الرتجيح:

نرى األخذ بم ذهب إليه مجهور الفقهاء من عدم فسخ اإلجارة إن زادت األجرة عىل أجرة املثل لألدلة التي ذكروها، وهذا هو ما ذهب إليه الشافعية يف األصح فيم لو كانت

العني موقوفة عىل غري الناظر، ومذهبهم أيضا فيم لو كانت العني موقوفة عىل الناظر.وما استدل به احلنفية من أن اإلجارة تنعقد شيئا فشيئا والوقف جيب له النظر فيجاب الزيادة؛ إذ إن ذلك النظر للوقف يف هذه احلالة هو عدم فسخ اإلجارة من أجل عنه بأن

))) املراجع السابقة.))) مغني املحتاج )/)9)، وروضة الطالبني )/))).

))) روضة الطالبني )/))).بالزاز، فقيه املعروف الفرج الرسخيس أبو الرمحن بن أمحد بن حممد، األستاذ الزاز ))))-)9)هـ( هو عبد الفرج أبو (((القاسم أبا وسمع حسني، القايض عىل تفقه الشافعي، مذهب حفظ يف املثل به يرضب وممن اإلسالم أئمة من شافعي القشريي وأبا املظفر حممد التميمي وآخرين، كان دينا ورعا حمتاطا يف املأكول وامللبوس، ورحلت إليه األئمة من كل جانب. من تصانيفه: »األمايل«، وقد أكثر الرافعي النقل عنه ]طبقات الشافعية البن قايض شهبة )/)))، ط عامل الكتب، 987)م،

وطبقات الشافعية الكربى البن السبكي )/)))[.

النظارة على الوقف

168

استقرار من اطمئناهنم لعدم فيها؛ والزهادة األوقاف إجارة من الناس امتناع إىل يؤدي التجارية واألرايض األوقاف ألعمل جتارية كاملحالت يستأجرون الذين التعامل خاصة

الزراعية وما شابه ذلك.الغبطة خالف عىل العقد وقوع لتبني اإلجارة فسخ من الشافعية بعض قول وأما جرى قد العقد بل الغبطة، خالف عىل وقوعه تعني ال األجرة زيادة بأن عنه فيجاب

بالغبطة يف وقته، وهذا هو املطلوب من الناظر عند إجارة الوقف.

املطلب الرابع»حت�شيل الغلة وحفظها«

الواقف حتصيل الناظر؛ ألن مقصود الواجبة عىل الغلة وحفظها من األمور حتصيل غري من الرصف يتحقق وال إليهم، بالرصف إال ذلك يتم وال املستحقني ونفع الثواب

حتصيل للغلة وحفظها))).فوائد املنفعة إطالق بتسبيل املنفعة، واملقصود الوقف حتبيس األصل وتسبيل وألن

العني املوقوفة من غلة وثمرة وغريها للجهة املعينة))).وهذا الواجب إنم يكون يف الوقف املعد لالستغالل، أما إذا كان الوقف لالنتفاع ال لالستغالل

ككتب وقفت عىل طلبة العلم وسالح وفرس للغزو فال يتصور الوجوب يف هذه احلالة.واألصل أن الناظر مصدق فيم دخل بيده من غلة الوقف ما مل يقم دليل عىل كذبه))).

املطلب اخلامس»اأداء حقوق امل�شتحقني«

ال خالف بني الفقهاء يف أن أداء حقوق املستحقني من األعمل الواجبة عىل الناظر، فبعد أن يقوم الناظر بتحصيل الغلة جيب عليه إعطاء كل مستحق نصيبه من غلة الوقف؛ وذلك ألن

الطالبني )/8))، واإلنصاف الطالب )/)7)، وروضة والذخرية )/9))، ورشح روض الرائق )/)))، البحر (((7/7)، وكشاف القناع )/8))، ومفتاح الكرامة 9/)).

))) كشاف القناع )/))).))) املعيار املعرب 7/))).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

169

قصد الواقف حتصيل الثواب عىل الدوام وال يتم له ذلك إال برصف الغلة عىل املستحقني))).الناظر عن الرصف إىل املستحقني رفعوه إىل حاكم وأجربه امتنع قال الشافعية: فإن عىل الرصف إليهم، وليس هلم أن يستقلوا بأخذ يشء من غلة الوقف بدون إذن الناظر أو

احلاكم، وحيث ألزمناه بالرصف إليهم فاشرتى من الغلة شيئا كان رشاؤه باطال))).ويتعلق هبذا املطلب مسألتان:

املسألة األوىل: ما جيب عىل الناظر عند رصف الغلة للمستحقني:للواقف رشط يف رصف يكون أن إما املسألة ثالث حاالت؛ ألنه ال خيلو ويف هذه

الغلة، وإما ال يكون له رشط، وإما يكون وجيهل الرشط.احلالة األوىل: إذا كان للواقف رشط:

رشط يتبع أن للمستحقني الغلة رصف عند الناظر عىل جيب أنه عىل الفقهاء اتفق الواقف يف الرصف؛ ألن رشط الواقف واجب االتباع كنص الشارع.

ومن ثم فيعطي كل مستحق القدر الذي حدده له الواقف من غري زيادة وال نقصان، إىل الغلة رصف يف يتبع وهكذا أخره، من ويؤخر الواقف قدمه من الرصف يف ويقدم

املستحقني ما اشرتطه الواقف))).احلالة الثانية: إذا مل يكن للواقف رشط:

إذا مل يكن للواقف رشط يف الرصف فال خيلو إما أن يكون املوقوف عليه معينا حمصورا وإما جهة غري حمصورة.

أ( فإن كان املوقوف عليه معينا حمصورا كبنيه أو بني فالن فإنه جيب عىل الناظر تعميمهم بالرصف والتسوية بينهم فيه؛ ألن اللفظ يقتيض ذلك وأمكن الوفاء به فوجب التعميم الذكر بني الغلة رصف يف الناظر فيسوي وحينئذ اللفظ. بمقتىض عمال والتسوية

واألنثى والغني والفقري والصغري والكبري))).املحتاج مغني مع واملنهاج ،((9/7 للقرايف والذخرية ،((( ،(0(/( احلامدية الفتاوى تنقيح يف الدرية العقود (((

)/)9)، وروضة الطالبني )/8))، وكشاف القناع )/8))، والبحر الزخار )/0))، والروضة البهية )/77).))) الفتاوى الكربى الفقهية للهيتمي )/))).

))) حاشية ابن عابدين )/)9)، )))، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88-89، ومغني املحتاج )/)9)، وكشاف القناع )/0))، ورشح األزهار )/)))، )7)، والروضة البهية )/)8).

))) الفتاوى اهلندية )/)))، والرشح الكبري مع الدسوقي )/)9-97، 87، والرشح الصغري )/)))-)))، والذخرية 9/7))، واحلاوي الكبري 90/9)، وكشاف القناع )/90)، والروضة البهية )/)8).

النظارة على الوقف

170

قال احلنابلة: إن أمكن حرص املوقوف عليه يف ابتداء الوقف ثم تعذر بكثرة أهله عمم من أمكن منهم بالوقف وسوى بينهم فيه؛ ألن التعميم والتسوية كانا واجبني يف اجلميع،

فإن تعذرا يف بعض وجبا فيم مل يتعذرا فيه؛ كالواجب إذا تعذر بعضه))).ب( وإن كان املوقوف عليه جهة غري حمصورة؛ كالفقراء وأبناء السبيل والغزاة وأهل العلم فإن الفقهاء اختلفوا فيم جيب عىل الناظر عند رصف الغلة للمستحقني عىل أربعة أقوال:

غري جهة عليه املوقوف كان لو أنه وهو واحلنابلة)))، للحنفية))) األول: القول *حمصورة كالفقراء فإنه جيوز للناظر إعطاء من شاء منهم ولو اقترص عىل واحد؛ ألن مقصود

الواقف عدم جماوزة اجلنس وذلك حاصل بالدفع إىل واحد.وجواز االقتصار عىل واحد هو قول أيب يوسف. وأوجب حممد إعطاء اثنني للجمعية.

وجيوز للناظر أن يفضل يف اإلعطاء إذا أعطى أكثر من واحد؛ ألنه ملا جاز له االقتصار عىل واحد جاز له التفضيل باألوىل.

* القول الثاين: للملكية، وهو أنه إذا كان الوقف عىل غري معني كالفقراء فإن الناظر يفضل أهل احلاجة وأهل العيال باالجتهاد منه؛ ألن قصد الواقف اإلحسان واإلرفاق.

والتفضيل إما بالزيادة إن قبلت الغلة االشرتاك وإما بالتخصيص إن مل تسع االشرتاك. وهذا قول سحنون وحممد بن املواز))) ورصح ابن رشد بمشهوريته))).

* القول الثالث: للشافعية))) والزيدية)7) وأكثر اإلمامية)8)، وهو أنه يف هذه احلالة جيب يف االستيعاب جيب وال للجمع، مطابقة فصاعدا ثالثة إىل الغلة يرصف أن الناظر عىل

الرصف لكل اجلهة لتعذره.

))) كشاف القناع )/90).))) الفتاوى اهلندية )/)))، ورشح فتح القدير )/))).

))) كشاف القناع )/90).))) ابن املواز )80)-9))هـ( هو حممد بن إبراهيم بن زياد االسكندري، أبو عبد اهلل، املعروف بابن املواز، من كبار أئمة املالكية، تفقه عىل ابن املاجشون وابن عبد احلكم وأصبغ، وروى احلديث عن مجاعة. من تصانيفه: »املوازية«، وهو من

أمهات كتب املالكية وأجلها، رجحه القابيس عىل غريه ]الديباج املذهب )))، وشجرة النور الزكية 8)[.))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/)9-97، والرشح الصغري )/)))-))).

))) روضة الطالبني )/0)).)7) البحر الزخار )/))).)8) مفتاح الكرامة 9/9).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

171

قال اإلمامية: وال جيب التسوية واألوىل أن يرصف إىل مجيع من حرض البلد))).* القول الرابع: لبعض اإلمامية، وهو أنه جيب عىل الناظر يف هذه احلالة االستيعاب

مهم أمكن والتسوية))).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول الثالث؛ ألن فيه مطابقة لقصد الواقف ما أمكن، فيرصف الناظر إىل ثالثة فأكثر مراعاة للفظ اجلمع. وألن ما استدل به أصحاب القول األول من أن مقصود الواقف عدم جماوزة اجلنس وذلك حاصل بالدفع إىل واحد جياب عنه بأنه ال شك بأن قصد

الواقف عدم جماوزة اجلنس، ولكن ال بد من الدفع ألكثر من واحد مراعاة للفظ اجلمع.وكذلك جياب عم استدل به املالكية بأنه ال شك أن قصد الواقف اإلحسان واإلرفاق وال مانع من تفضيل أهل احلاجة، ولكن ال بد من الدفع إىل ثالثة عىل األقل مراعاة للفظ اجلمع.

احلالة الثالثة: إذا كان للواقف رشط وجهل:اختلف الفقهاء فيم جيب عىل الناظر عند رصف الغلة للمستحقني فيم لو كان للواقف

رشط يف الرصف وجهل عىل ثالثة أقوال:إذا أنه وهو واإلمامية)))، والشافعية))) املالكية))) الفقهاء: جلمهور األول: القول *املستحقني، وذلك بالسوية بني الغلة الناظر يرصف فإن الواقف يف الرصف جهل رشط

عمال باألصل وهو التسوية؛ إذ إنه ليس بعضهم أوىل بالتقدم والتفضيل من بعض.يقسم فإنه بينة الواقف وال اختلفوا يف رشط لو الشافعية))) واإلمامية)7): وكذا قال

بالسوية.وقد رصح الشافعية بأنه لو كان الواقف حيا فإنه يرجع إىل قوله بال يمني. قال النووي: ولو قيل ال رجوع إىل قوله كم ال رجوع إىل قول البائع إذا اختلف املشرتيان منه يف كيفية

))) املرجع السابق.

))) املرجع السابق.))) الذخرية 9/7)).

))) روضة الطالبني )/))).))) مفتاح الكرامة 9/))).

))) روضة الطالبني )/))).)7) مفتاح الكرامة 9/))).

النظارة على الوقف

172

الرشاء ملا كان بعيدا، والصواب الرجوع إليه))).وإذا مات الواقف يرجع إىل وارثه، فإن مل يكن له وارث وكان له ناظر من جهة الواقف

رجع إليه ال إىل املنصوب من جهة احلاكم.فإن وجدا واختلفا فهل يرجع إىل الوارث أو إىل الناظر؟ هنا وجهان:

رجح منهم األذرعي الرجوع إىل الناظر.وهذا فيم إذا كان يف أيدهيم أو ال يد لواحد منهم، أما إذا كان يف يد بعضهم فالقول قوله

بيمينه العتضاد دعواه باليد))).به اطردت فإن بالتفضيل، تطرد عادة مل إذا بم تقييده الكبري))): ال خيفى الرميل قال عادة كم يف املدرس واملعيد والطالب مل يسو بل تعترب العادة، ولو وجد يف دفرت من تقدم من

النظار تفاوت اتبع، ألن الظاهر استناد ترصفهم إىل أصل))).* القول الثاين: للحنفية))) واحلنابلة)))، وهو أنه إذا جهل رشط الواقف وأمكن التآنس

برصف من تقدم ممن يوثق به رجع إليه؛ ألنه أرجح مما عداه.إىل ينظر مستحقيه إىل يرصف ما وقدر الوقف مصارف اشتبهت إذا احلنفية: قال املعهود من حاله فيم سبق من الزمان من أن قوامه كيف يعملون فيه وإىل من يرصفونه فيبنى املظنون الواقف، وهو موافقة رشط يفعلون ذلك عىل كانوا أهنم الظاهر عىل ذلك؛ ألن

بحال املسلمني فيعمل عىل ذلك.قال ابن عابدين نقال عن اخلريية)7): إن كان للوقف كتاب يف ديوان القضاة املسمى يف عرفنا بالسجل وهو يف أيدهيم اتبع ما فيه استحسانا إذا تنازع أهله فيه، وإال ينظر إىل املعهود

))) روضة الطالبني )/))).))) رشح روض الطالب )/)7)، وروضة الطالبني )/))).

))) الرميل الكبري )؟-7)9هـ( هو أمحد بن محزة الرميل املنويف املرصي األنصاري، شهاب الدين، فقيه شافعي، من تالميذ شيخ اإلسالم زكريا األنصاري، وكان مقدما عنده حتى أذن له أن يصلح يف مؤلفاته يف حياته وبعد مماته ومل يأذن ألحد اخلطيب والرشبيني حممد الدين شمس ولده عنه أخذ بمرص، الرشعية العلوم يف الرئاسة إليه وانتهت ذلك، يف سواه والشهاب الغزي. من تصانيفه: »فتح اجلواد برشح منظومة ابن العمد« و»الفتاوى« و»حاشيته عىل رشح روض الطالب«

]الكواكب السائرة )/9))، واألعالم )/0))[.))) حاشية الرميل عىل رشح روض الطالب )/)7).

))) حاشية ابن عابدين )/)0).))) كشاف القناع )/0)).

)7) حاشية ابن عابدين )/)0).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

173

من حاله فيم سبق من الزمان من أن قوامه كيف كانوا يعملون.قال ابن عابدين: لو علمت رشائط الوقف ولو بالنظر إىل املعهود من حاله فيم سبق

من ترصف القوام ال يرجع إىل ما يف سجل القضاة، وهذا عكس ما يف اخلريية))).ثم إن هؤالء اختلفوا فيم إذا مل يوقف عىل رصف متقدم، ماذا جيب عىل الناظر؟

كيف قوامه أن من الزمان من سبق فيم حاله من املعهود يعرف مل إذا احلنفية: قال يعملون فيه وليس للوقف كتاب يف ديوان القضاة؛ فإنه يرجع إىل القياس الرشعي، وهو أن

ا حكم له به))). من أثبت بالربهان حقأو عمرة عىل الوقف كان فإن تقدم، من رصف معرفة تعذرت إن احلنابلة: وقال إصالح رصف بقدر احلاجة، وإن كان عىل قوم عمل بعادة جارية إن وجدت وإال عمل بعرف مستقر يف الوقف يف مقادير الرصف كفقهاء املدارس؛ ألن الغالب وقوع الرشط عىل وفقه، وألن األصل عدم تقييد الوقف فيكون مطلقا واملطلق يثبت له حكم العرف، فإن

مل يكن عرف فيسوي الناظر بينهم يف الرصف؛ ألن الترشيك ثابت والتفضيل مل يثبت))).* القول الثالث: للزيدية، وهو أنه إذا جهل رشط الواقف والتبس مرصف الوقف فإن الناظر يعمل بظنه يف الرصف، وحيث ال ظن يرجع إىل عمل املتقدمني من أهل الصالح

فيه، فإن مل يكن فلبيت املال))).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول الثالث القائل بالعمل برصف من تقدم ممن يوثق به إذا جهل رشط الواقف يف الرصف؛ ألن األصل بقاء ما كان عىل ما كان كم تقول القاعدة الفقهية))).

ولداللة ذلك عىل رشط الواقف يف الرصف.ثم إن ما ذهب إليه احلنابلة من العمل بالعادة والعرف إذا جهل رشط الواقف وتعذر معرفة رصف من تقدم هو الذي تطمئن له النفس؛ العتبار الرشع العادة والعرف يف كثري

من املسائل، حتى أصبحت من القواعد الفقهية الكلية قاعدة »العادة حمكمة«.

))) اخلريية هو: كتاب الفتاوى اخلريية لنفع الربية خلري الدين الرميل.))) حاشية ابن عابدين )/)0).))) حاشية ابن عابدين )/)0).

))) البحر الزخار )/))).))) األشباه والنظائر البن نجيم ص 7).

النظارة على الوقف

174

حتى كثرية مسائل يف الفقه يف إليه يرجع والعرف العادة اعتبار إن نجيم: ابن قال جعلوا ذلك أصال))).

وإذا مل يكن عادة وال عرف فال حيلة إىل رصف الغلة بالتساوي عىل املستحقني.املسألة الثانية: مدى قبول قول الناظر يف أداء حقوق املستحقني:

اختلف الفقهاء يف قبول قول الناظر يف أداء حقوق املستحقني عىل مخسة أقوال:قول يقبل أنه وهو املذهب)))، يف املشهور يف واملالكية للحنفية))) األول: القول *

الناظر يف أداء حقوق املستحقني، وقيد املالكية ذلك بالناظر األمني.واختلفوا يف: هل يقبل قوله بيمني أم بال يمني؟فقال احلصكفي واملالكية: يقبل قوله بال يمني.

وقال كثري من احلنفية كالناصحي))) والطرابليس واخلري الرميل))): يقبل قوله مع يمينه إذا ادعى أنه فرق الغلة عىل املوقوف عليهم وأنكروا))).

* القول الثاين: للمفتي أيب السعود من احلنفية، وهو أنه يقبل قول الناظر يف الدفع إىل املستحقني املوقوف عليهم، وال يقبل قوله يف الدفع إىل أرباب الوظائف املرشوط عليهم العمل كاإلمام باجلامع والبواب ونحومها، وذلك كم لو استأجر شخصا للبناء يف اجلامع بأجرة معلومة ثم ادعى تسليم األجرة إليه مل يقبل قوله، فم يأخذه هؤالء كاألجرة أال ترى أهنم إذا مل يعملوا ال يستحقون الوظيفة، فإذا اكتفينا بيمني الناظر يضيع عليه األجر فال بد

))) األشباه والنظائر البن نجيم ص )9.))) حاشية ابن عابدين )/)))، والعقود الدرية )/)0).

))) حاشية الدسوقي )/89، واملعيار املعرب 7/))).))) الناصحي )؟-)8)هـ( هو حممد بن عبد اهلل بن احلسني، أبو بكر الناصحي النيسابوري، إمام احلنفية يف وقته، أخذ عن أبيه وسمع أبا سعيد الصرييف وطائفة، وروى عنه عبد الوهاب األنمطي وحممد بن عبد الواحد الدقاق وأبو بكر الزاغوين، ويل قضاء نيسابور والري، كان فقيه النفس تكلم يف مسائل مع إمام احلرمني وكان اإلمام يثني عليه وعىل كالمه حلسن إيراده

وقوة فهمه ]الفوائد البهية 79)، اجلواهر املضية )/)8)، واألعالم )/8))[.))) اخلري الرميل ))99-)08)هـ( هو خري الدين بن أمحد بن نور الدين عيل األيويب العليمي الفاروقي الرميل، ولد بالرملة بفلسطني ونشأ هبا، فقيه حنفي مفرس حمدث لغوي، شيخ احلنفية يف عرصه، رحل إىل مرص ودرس باألزهر والزم فيها الشيخ عبد اهلل بن حممد النحريري، وأخذ عن حممد بن حممد رساج الدين احلانويت وغريمها، ثم رجع إىل بلده وأخذ يف اإلقراء والتعليم واإلفتاء. من تصانيفه: »الفتاوى اخلريية لنفع الربية«، و»مظهر احلقائق« حاشية عىل البحر الرائق، و»حاشية

عىل رشح الكنز للعيني« ]خالصة األثر )/)))، واألعالم )/7))[.))) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/)))، والعقود الدرية )/)0)، واملعيار املعرب 7/)))، وحاشية الدسوقي )/98.

الباب الثاني: وظيفة الناظر

175

من إثبات األداء بالبينة))).غاية يف تفصيل وهو الفتوى: هذه ذكر بعد التمرتايش))) الغزي حممد الشيخ قال

احلسن فليعمل به.وقد حاول ابن عابدين أن يوفق بني قول احلنفية املتقدم وفتوى أيب السعود، فحمل قول احلنفية عىل املوقوف عليهم من األوالد ال أرباب الوظائف املرشوط عليهم العمل))).

* القول الثالث: للشافعية، وفرقوا بني كون املوقوف عليه معينا وكونه غري معني، فإن كان املوقوف عليه معينا فالقول قوله وله مطالبة الناظر باحلساب، وإن كان املوقوف عليه غري معني ففي ذلك وجهان: أوجههم: أن للحاكم مطالبته باحلساب. واآلخر: القول قول

الناظر وال يطالبه احلاكم باحلساب))).* القول الرابع: للحنابلة، حيث فرقوا بني كون الناظر متربعا، وكونه غري متربع.

فإن كان الناظر متربعا قبل قوله يف الدفع إىل املستحق؛ ألنه قبض املال لنفع مالكه فقط ع املتربع. وإن كان غري متربع مل يقبل قوله إال ببينة))). فقبل قوله فيه كالويص واملود

* القول اخلامس: لبعض املالكية، وهو أن قبول قول الناظر يف أداء حقوق املستحقني خيضع للعرف، فإذا جرى العرف عىل قبول قول الناظر بدون بينة عمل به، وإن جرى عىل

عدم قبول قوله إال ببينة عمل به))).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول األول القائل بقبول قول الناظر يف أداء حقوق املستحقني شأنه يف ذلك شأن سائر األمناء، لذلك كان تقييد املالكية ذلك بالناظر األمني يف حمله.

والتفصيل الذي ذكره املفتي أبو السعود وجيه جيدر األخذ به؛ باعتبار أن العالقة بني

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)))-))).حنفي، فقيه الدين، شمس الغزي، التمرتايش اخلطيب أمحد، بن اهلل عبد بن حممد هو )9)9-)00)هـ( التمرتايش (((كان رأس الفقهاء يف عرصه، أخذ عن حممد بن املرشقي الغزي وزين بن نجيم صاحب البحر وأمني الدين بن عبد العال وغريهم. من تصانيفه: »تنوير األبصار« متن يف فقه احلنفية، و»منح الغفار« رشح له، و»معني املفتي عىل جواب املستفتي«،

و»فتاوى« ]خالصة األثر )/8)، واألعالم )/9)[.))) العقود الدرية )/)0)-)0).

))) مغني املحتاج )/)9).))) كشاف القناع )/9))، )/)8).

))) املعيار املعرب 00/7).

النظارة على الوقف

176

أرباب الوظائف والناظر أصبحت عالقة مؤجر بمستأجر.وكذا املعني، غري عليه واملوقوف املعني عليه املوقوف بني الشافعية ذكرها التي والتفرقة التفرقة التي ذكرها احلنابلة بني كون الناظر متربعا وكونه غري متربع ال خترج الناظر عن كونه أمينا.

وأما ما ذهب إليه بعض املالكية من اعتبار العرف فيجاب عنه بأن العرف إنم يعترب عند عدم النص، وقد ورد النص يف اعتبار قول املودرع وعدم تضمينه وهو قول النبي ملسو هيلع هللا ىلص: »من

أودع وديعة فال ضمن عليه«))). وقيس عىل املودرع غريه من األمناء كالوكيل والويص))).

املطلب السادس»التقرير يف الوظائف وحتديد اأجور املوظفني وعزلهم«

املقصود بالتقرير يف الوظائف هو أن يعني الناظر أو القايض شخصا يف وظيفة موجودة أصال رشطها الواقف يف وقفه، كأن يقف شخص مسجدا ودارا عليه ويشرتط أن يعني يف املسجد إمام ومؤذن وفراش وحيدد رواتبهم من ريع الدار، فيكون عمل الناظر هنا هو إجياد

الشخص املناسب لتلك الوظائف.تكن مل وظائف ينشئ فيها الناظر إن حيث الوظائف إحداث عن خيتلف وهذا فراشني أو مؤذنني السابق املثال يف كم املسجد يف الناظر يعني كأن الوقف، يف موجودة

مثال)))، وسيأيت الكالم عىل ذلك ضمن األعمل املمنوعة عىل الناظر.ويشتمل هذا املطلب عىل املسائل اآلتية:

املسألة األوىل: من يقرر يف وظائف الوقف:

))) حديث: »من أودع وديعة فال ضمن عليه«، أخرجه ابن ماجه يف كتاب الصدقات باب الوديعة )سنن ابن ماجه )/)80، ط عيسى احللبي(. والبيهقي يف كتاب الوديعة باب ال ضمن عىل مؤمتن )السنن الكربى )/89)، ط جملس دائرة املعارف العثمنية باهلند، ))))هـ(. وهو ضعيف؛ ألن يف إسناد ابن ماجه املثنى بن الصباح وهو مرتوك، ويف إسناد البيهقي ابن هليعة وهو ضعيف )انظر: التلخيص احلبري )/97، ط رشكة الطباعة الفنية املتحدة بمرص، ))9)م(. ويف معناه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- قال: »ال ضمن عىل مؤمتن«. أخرجه الدار قطني يف كتاب البيوع )سنن الدار قطني )/))، ط دار املحاسن بمرص، ))9)م(. والبيهقي يف كتاب الوديعة باب ال ضمن عىل مؤمتن. )السنن النسائي: مرتوك امللك ضعفه أمحد وغريه، وقال بن عبد يزيد إسناده أيضا؛ ألن يف الكربى )/89)(. ولكنه ضعيف احلديث، ويف إسناده أيضا عبد اهلل بن شبيب وهو ضعيف )انظر: الدراية يف ختريج أحاديث اهلداية البن حجر، )/90)، بمرص، املأمون دار مطبعة ط ،(((/( للزيلعي اهلداية ألحاديث الراية ونصب ))9)م، بمرص، الفجالة مطبعة ط 8)9)م(. قال التهانوي بعد أن ذكر طرق احلديث املختلفة: الطرق يقوي بعضها بعضا وله شواهد )انظر: إعالء السنن

لظفر أمحد التهانوي ))/0)، ط إدارة القرآن والعلوم اإلسالمية - كراتيش(.))) كشاف القناع )/)8)، )/7))، 78).

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/7)).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

177

واإلمام املدرسة يف كاملدرسني الوقف وظائف يف التقرير للناظر الواقف رشط إذا ا للناظر، وجيب عىل واملؤذن والفراش يف املسجد فإن التقرير يف تلك الوظائف يكون حق

الناظر أن ينصب من يقوم بتلك الوظائف))).به احلاكم كم يف عضل قال احلنابلة: ومتى امتنع الناظر عن نصب من جيب نصبه نصر

الويل يف النكاح))).آخر شخصا القايض وقرر وظيفة يف شخصا التقرير له املرشوط الناظر قرر وإذا فاملعترب تقرير الناظر دون تقرير القايض؛ للقاعدة املشهورة: إن الوالية اخلاصة أقوى من

الوالية العامة))).واختلف الفقهاء فيمن يكون له التقرير يف وظائف الوقف إذا مل يرشط الواقف للناظر

التقرير يف الوظائف عىل قولني:* القول األول: جلمهور فقهاء املالكية))) والشافعية))) واحلنابلة)))، وهو أن التقرير يف

وظائف الوقف للناظر وإن مل يرشطه الواقف له.قال األذرعي من الشافعية: إن الذي نعتقده أن احلاكم ال نظر له مع الناظر وال ترصف،

بل نظره معه نظر إحاطة ورعاية.ومحل إفتاء ابن عبد السالم بأن املدرس هو الذي ينزل الفقهاء والطلبة ويقرر أجورهم

عىل أنه عرف زمنه)7).* القول الثاين: للحنفية، وهو أنه إذا مل يرشط الواقف للناظر التقرير يف وظائف الوقف

فإن التقرير يف الوظائف يكون للقايض ال للناظر)8).الرتجيح:

الوقف الناظر حفظ الواجبة عىل بالقول األول؛ وذلك ألن من األمور نرى األخذ

))) حاشية ابن عابدين )/)8)، وحاشية الرشواين عىل حتفة املحتاج )/89)، وكشاف القناع )/9))، )7).))) كشاف القناع )/9)).

))) حاشية ابن عابدين )/)8)، والعقود الدرية )/))).))) مواهب اجلليل )/8)-9).

))) هناية املحتاج )/00)، ومغني املحتاج )/)9).))) كشاف القناع )/9)).

)7) هناية املحتاج )/00)، وحتفة املحتاج )/89)-90).)8) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/)8).

النظارة على الوقف

178

والقيام بشئونه وحتري األحظ واألنفع له، وال شك أن التقرير يف وظائف الوقف يدخل ضمن ذلك، فكان هذا من اختصاص الناظر ال القايض.

ثم إن القايض بحكم منصبه له النظر العام فله أن يعرتض عىل الناظر؛ إن رأى جتاوزا فيم يفعله الناظر.

املسألة الثانية: حتديد أجور املوظفني:تلك أجور حيدد فيمن جيري الوقف وظائف يف يقرر فيمن السابق الفقهاء خالف

الوظائف، ويسميها الفقهاء قديم باجلامكيات))).فمذهب احلنفية أن الذي حيدد األجور يف وظائف الوقف هو القايض، وجيوز للقايض

أن يأذن للناظر يف ذلك))).ومذهب الشافعية))) واحلنابلة))) أن الناظر هو الذي يقرر األجور.

وحمل هذا اخلالف فيم إذا مل حيدد الواقف األجور، أما إذا حدد الواقف أجور أصحاب الوظائف يف وقفه فإنه جيب اتباع ذلك كسائر رشوط الواقف.

الرتجيح:نرى األخذ بم ذهب إليه الشافعية واحلنابلة؛ ملا سبق أن قلناه يف التقرير يف الوظائف،

وللقايض أن يعرتض عىل ذلك إن رأى فيه جتاوزا.وقد رصح احلنفية بأنه جيوز للقايض أن يزيد يف أجر اإلمام إذا كان ال يكفيه وكان عاملا تقيا أو فقريا أو يتعطل املسجد بدونه. قال ابن عابدين: الظاهر أن يلحق به كل من يف قطعه مل إذا املدرسة والبواب ونحوهم املعني ال يكفيه كالناظر واملؤذن ومدرس إذا كان رضر

يعملوا بدون الزيادة))).وقال احلنابلة: لو قدر الناظر أجورهم ثم زاد النمء فهو هلم، وليس تقدير الناظر أمرا

حتم كتقدير احلاكم بحيث ال جيوز له أو لغريه زيادته أو نقصه ملصلحة))).

ألصحاب األوقاف يف يرتب ما هي اجلامكية عابدين: ابن قال ،(9(/( املحتاج ومغني ،((7/( عابدين ابن حاشية (((الوظائف، ويف الفتح اجلامكية كالعطاء وهو ما يثبت يف الديوان باسم املقاتلة أو غريهم إال أن العطاء سنوي واجلامكية شهرية.

))) حاشية ابن عابدين )/7)).))) مغني املحتاج )/)9).))) كشاف القناع )/)7).

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/7))-8)).))) كشاف القناع )/)7).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

179

وعند الفقهاء تفصيل يف األجر الذي يعطيه الناظر لصاحب الوظيفة فيم لو غاب عن عمله أو استناب غريه فيها، بيانه فيم يأيت:

أوال: الغيبة عن العمل:إذا غاب صاحب الوظيفة عن العمل فإما أن تكون غيبته قصرية وإما طويلة.

أ( فإن كانت غيبته لفرتة قصرية مل يعزل عن وظيفته اتفاقا))).واختلف الفقهاء يف مقدار ما يستحقه من األجر عىل قولني:

صاحب أن وهو واحلنابلة)))، املعتمد))) يف والشافعية للحنفية))) األول: القول *الوظيفة إذا غاب عن وظيفته فإن الناظر يعطيه من األجر بقدر ما عمل ويسقط الباقي.

قال ابن حجر اهليتمي: هذا ما أفهمه كالم النووي يف فتاويه وبه رصح ابن الصالح))).قال الزركيش))): ويدل له قول األصحاب أن من استؤجر للنيابة يف احلج فمت وقد

بقي عليه بعض األركان أنه يوزع)7).* القول الثاين: للملكية)8) والعز بن عبد السالم)9) من الشافعية)0))، وهو أنه إذا أخل صاحب الوظيفة بوظيفته يف بعض األيام مل يستحق شيئا من األجر يف مقابلة األيام التي

أدى فيها الوظيفة.

))) حاشية ابن عابدين )/07)، والفتاوى الكربى للهيتمي )/7))-8))، وكشاف القناع )/)7).))) حاشية ابن عابدين )/07).

))) الفتاوى الكربى )/)))، )8)، 98).))) كشاف القناع )/)7).

))) الفتاوى الكربى )/)))، وابن الصالح تقدمت ترمجته.مرصي األصل تركي الدين، بدر اهلل، عبد أبو الزركيش، اهلل عبد بن هبادر بن حممد هو )))7-)79هـ( الزركيش (((املولد والوفاة، فقيه شافعي أصويل، أخذ عن مجال الدين األسنوي ورساج الدين البلقيني وشهاب الدين األذرعي. من تصانيفه: »رشح املنهاج للنووي«، و»خادم الرشح والروضة«، و»البحر املحيط« يف أصول الفقه، و»رشح مجع اجلوامع

البن السبكي«، و»املنثور يف القواعد« ]شذرات الذهب )/)))، واألعالم )/0)[.)7) الفتاوى الكربى )/)8).

)8) الذخرية )/))).الدمشقي، السلمي حسن بن القاسم أيب بن السالم عبد بن العزيز عبد هو )77)-0))هـ( السالم عبد بن العز (9(عز الدين، امللقب بسلطان العلمء، أحد األئمة األعالم وفقيه الشافعية يف عرصه، تفقه عىل فخر الدين بن عساكر وقرأ القضاء وويل األموي، باجلامع اخلطابة ثم الغزايل بزاوية والتدريس اخلطابة توىل اآلمدي، الدين سيف عىل األصول واخلطابة بمرص. من تصانيفه: »التفسري الكبري«، و»اإلملام يف أدلة األحكام«، و»قواعد الرشيعة«، و»قواعد األحكام يف

إصالح اآلنام«، و»الغاية يف اختصار النهاية« ]طبقات الشافعية البن السبكي )/80، واألعالم )/))[.)0)) الفتاوى الكربى )/)8)، 99)، ))).

النظارة على الوقف

180

قالوا: وهذا بخالف ما إذا استأجره خلياطة مخسة أثواب فخاط بعضها فإنه يستحق العقود واملعاوضات، واأللفاظ يف الرشوط املعاين يف نتبع أنا حصته من األجر، والفرق رشط ويقال املعاوضات، باب من ال واإلرفاد اإلصداق باب من والوقف والوصايا،

الواقف كذا وال يقال عقد الواقف كذا.أكثر ينتفي ولو حصل املرشوط فإن كله فيه بني عدم جزئه وعدم فرق والرشط ال الرشط، كم لو قال المرأته إن أعطيتني عرشة فأنت طالق، فأعطته تسعة، فال يستحق املخل

ببعض الرشط شيئا من املرتب البتة))).قال القرايف))): إذا رشط الواقف أو شهد العرف أن من اشتغل يف املدرسة شهرا فله

دينار فاشتغل أقل من ذلك ولو بيوم فال يشء له))).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول األول ملا يأيت:ببعض أو بيوم أال خيل أحدا ال يمكنه فإن التضييق، الثاين غاية بالقول إن يف األخذ )(

العمل إال نادرا، وال يقصد الواقفون ذلك))).)( إن الفرق الذي ذكروه بني اإلجارة والوقف ال ينهض عند التأمل بل الوقف إذا كان الرب شائبة فيه فيم يتسامح ألنه املعاوضات؛ من أوسع يكون فإنه وإرفادا إصداقا واإلحسان ما ال يتسامح به فيم هو مبني عىل استقصاء املتعاوضني لغرضيهم من غري مساحمة صاحبه بيشء منه ما أمكنه، فإذا كان اإلخالل بم ذكر يف مسألة اإلجارة ال يمنع

استحقاقه أجرة ما عمله فأوىل أن ال يمنع ذلك يف الوقف))).)( وقياسا عىل اجلعالة يقول الزركيش: لو وردت اجلعالة عىل حتصيل شيئني ينفك أحدمها عن اآلخر، كقوله من رد عبدي فرد أحدمها استحق نصف اجلعل، وعىل هذا يتخرج

))) الذخرية )/)))، والفتاوى الكربى )/99).))) القرايف ))))-)8)هـ( هو أمحد بن إدريس بن عبد الرمحن، أبو العباس، شهاب الدين الصنهاجي القرايف، مرصي املولد الدين الشافعي ورشف السالم بن عبد العز املذهب، أخذ عن الفقه يف رئاسة إليه انتهت مالكي فقيه والوفاة، واملنشأ التهذيب«، و»رشح الفقه، و»رشح إبراهيم اإلدرييس وغريهم. من تصانيفه: »الذخرية« يف الكركي وأيب بكر حممد بن

حمصول فخر الدين الرازي«، و»التنقيح«، و»رشحه« يف أصول الفقه ]الديباج املذهب ))، واألعالم )/)9[.))) الذخرية )/7)).

))) الفتاوى الكربى البن حجر اهليتمي )/99).))) املرجع السابق.

الباب الثاني: وظيفة الناظر

181

غيبة صاحب الوظيفة بعض األيام))).ب( وإن كانت غيبته لفرتة طويلة عزل عن وظيفته وسقط حقه يف األجر من تاريخ

غيبته)2(.واختلف الفقهاء يف مقدار الغيبة املقتضية للعزل:

فقال احلنفية: ال يسقط أجر صاحب الوظيفة املايض وال يعزل عن اآليت إذا غاب داخل املرص بأن مل خيرج عنه وكان منشغال بم يتعلق بوظيفته كاملدرس يشتغل بالعلم الرشعي، وكذا إن غاب خارج املرص بأن خرج عنه لغري سفر، وأقام دون مخسة عرش يوما بال عذر

عىل أحد القولني، أو مخسة عرش يوما فأكثر لكن لعذر رشعي ومل يزد عىل ثالثة أشهر.ويسقط أجره املايض وال يعزل لو خرج مدة سفر ورجع أو سافر حلج ونحوه أو خرج

للرستاق))) لغري عذر ما مل يزد عىل ثالثة أشهر.ويسقط أجره املايض ويعزل لو غاب يف املرص غري مشتغل بعلم أو خرج منه وأقام أكثر

من ثالثة أشهر ولو لعذر))).بلدها وتوطن غريها بطل حقه الشافعية: من غاب عن وظيفته بقصد مفارقة وقال منها بذلك، وكذا إن مل يقصد ذلك لكن طالت غيبته عرفا بغري عذر، فيقرر الناظر يف هذه

الصورة غريه ومن قرره استحق وإن عاد الغائب لبطالن حقه فال يعود إال بتقرير رشعي.فالغيبة املسقطة حلق ذي الوظيفة املدار فيها عىل الطويلة عرفا، فإن كانت قصرية أناب

الناظر عنه من يبارش وأعطاه املعلوم؛ حيث ال خمالفة يف ذلك لرشط الواقف))).الرتجيح:

نرى األخذ بم ذهب إليه الشافعية من اعتبار العرف يف غيبة صاحب الوظيفة؛ العتبار الرشع له يف الكثري من األحكام، فهو من مصادر الترشيع املعتربة، وال خيفى أن األحكام

سهل عىل الناس تقبلها واألخذ هبا. املبنية عىل العرف ير

))) الفتاوى الكربى )/00).))) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/07)، والفتاوى الكربى )/7)).

ب ويستعمل يف الناحية التي هي طرف اإلقليم، واجلمع رساتيق، والرزداق مثله وهو عريب، قال ابن فارس ))) الرستاق معرد )املصباح املنري )))). ل يف معناه: هو السطر من النخل والصف من الناس. وقال بعضهم: الرستاق مور

))) حاشية ابن عابدين )/07).))) الفتاوى الكربى )/7))-8)).

النظارة على الوقف

182

خالف فال وحينئذ العصور من عرف عىل مبني تفصيل من احلنفية ذكره ما ولعل بينهم وبني الشافعية.

ثانيا: االستنابة يف وظائف الوقف:أحدا املدرس يستنيب -كأن الوقف وظائف يف االستنابة جواز يف الفقهاء اختلف

للتدريس مكانه - عىل ثالثة أقوال:* القول األول: للحنفية))) واحلنابلة))) والسبكي وابن عساكر))) من الشافعية)))، وهو

أنه جتوز االستنابة يف وظائف الوقف.واستدلوا عىل ذلك بم يأيت:

)( إن املجعول له يستحق متام اجلعل إذا شاركه أحد وقصد املشارك إعانته، فكذا صاحب الوظيفة جيوز له أن يستنيب من يعينه عىل وظيفته))).

)( إن االستنابة يف الوظائف جائزة كالتوكيل يف املباحات))).)( جرت العادة يف األعصار واألمصار باالستنابة يف الوظائف، وما رآه املؤمنون حسنا فهو

عند اهلل حسن)7).ورشط احلنابلة والسبكي جلواز االستنابة ما يأيت:)( أن تكون الوظيفة مما تقبل االستنابة كالتدريس)8).

))) البحر الرائق )/8))-9))، وحاشية ابن عابدين )/08).))) كشاف القناع )/8)).

))) ابن عساكر )99)-)7)هـ( هو عيل بن احلسن بن هبة اهلل بن عبد اهلل، أبو القاسم، ثقة الدين، الدمشقي، املعروف بابن ألف وثالثمئة شيخ، أهل احلديث يف زمانه، سمع خالئق وعدد شيوخه إمام فقيه شافعي حافظ مؤرخ. كان عساكر، وسمع منه مجاعة من احلفاظ كايب العالء اهلمذاين وأيب سعد السمعاين، تفقه بدمشق عىل الفقيه أيب احلسن السلمي، وملا دخل بغداد لزم هبا التفقه وسمع الدروس باملدرسة النظامية. من تصانيفه: »تاريخ دمشق الكبري«، و»اإلرشاف عىل معرفة

األطراف« يف احلديث، و»كشف املغطي يف فضل املوطأ« ]طبقات الشافعية الكربى )/)7)، واألعالم )/)7)).))) الفتاوى الكربى )/00).

))) املرجع السابق.

))) املرجع السابق.)7) منحة اخلالق عىل البحر الرائق )/8))، وقوله: »ما رآه املؤمنون ...« هو من قول الصحايب اجلليل عبد اهلل بن مسعود ريض اهلل تعاىل عنه، ونصه كم يف املستدرك للحاكم: »ما رآه املسلمون حسنا فهو عند اهلل حسن، وما رآه املسلمون سيئا فهو عند اهلل سيئ، وقد رأى الصحابة مجيعا أن يستخلفوا أبا بكر ريض اهلل عنه«. أخرجه احلاكم يف املستدرك يف كتاب معرفة الصحابة باب فضائل خليفة رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم أيب بكر بن أيب قحافة الصديق ريض اهلل عنهم ))/78-79، ط جملس

دائرة املعارف النظامية بحيدر آباد، اهلند، ))))هـ(. وقال: هذا حديث صحيح اإلسناد ومل خيرجاه، ووافقه الذهبي.)8) الفتاوى الكربى )/)8).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

183

)( أن يستنيب صاحب الوظيفة مثله أو خريا منه؛ ألنه إذا مل يكن بصفته مل حيصل الغرض به))).ووافقهم احلنفية عىل الرشط األول دون الثاين))).

* القول الثاين: للنووي والعز بن عبد السالم والزركيش من الشافعية))) والطرسويس من احلنفية)))، وهو أنه ال جتوز االستنابة يف وظائف الوقف.

واستدلوا عىل ذلك بم يأيت:)( إن استحقاق صاحب الوظيفة للريع يف الوقف ليس من باب اإلجارة وال اجلعالة، ألن رشطهم أن يقع العمل فيهم للمستأجر واجلاعل، والعمل ال يمكن وقوعه للجاعل فلم

يبق إال اإلباحة برشط احلضور ومل يوجد، فلم يصح إحلاق ذلك بمسألة اجلعالة))).لو أنه اخلصاف ذكر فقد اخلصاف، كالم من االستنابة جواز عدم الطرسويس فهم )(أصيب القيم بخرس أو عمى أو جنون أو فالج أو نحوه من اآلفات فإن أمكنه الكالم

واألمر والنهي واألخذ واإلعطاء فله أخذ األجر وإال فال))).قال الطرسويس: ومقتىض ما ذكره اخلصاف أنه ال يستحق شيئا من املعلوم مدة ذلك العذر، فاملدرس إذا مرض أو الفقيه أو أحد من أرباب الوظائف فإنه عىل ما قال اخلصاف إن أمكنه أن يبارش ذلك استحق وإن كان ال يمكنه أن يبارش ذلك ال يستحق شيئا من املعلوم، لر هذه العوارض عذرا يف عدم منعه عن معلومه املقرر له، بل أدار احلكمر عىل املبارشة عر وما جر

نفسها فإن وجدت استحق املعلوم وإن مل توجد ال يكون له معلوم، وهذا هو الفقه.واستخرجنا أيضا من هذا البحث والتقرير جواب مسألة أخرى، وهي: أن االستنابة ال جتوز سواء كانت لعذر أو لغري عذر، فإن اخلصاف مل جيعل له أن يستنيب مع قيام األعذار التي ذكرها، ولو كانت االستنابة جتوز لقال وجيعل له من يقوم مقامه إىل أن يزول عذره)7).

وإذا كانت االستنابة ال جتوز فال يستحق واحد منهم شيئا من األجر، أما النائب فألن

))) الفتاوى الكربى )/00)، وكشاف الفتاوى )/8)).))) حاشية ابن عابدين )/08).

))) الفتاوى الكربى )/00).))) البحر الرائق )/8))، وحاشية ابن عابدين )/08)، وأنفع الوسائل ص ))).

))) الفتاوى الكربى )/00).))) أحكام األوقاف للخصاف ص ))).

)7) أنفع الوسائل ص )))، والبحر الرائق )/8))، وحاشية ابن عابدين )/08).

النظارة على الوقف

184

الواقف مل ينصبه، وأما املستنيب فألنه مل يأت بالرشط))).والتاج واهليتمي والدمريي احلنفية)))، من السعود أيب للمفتي الثالث: القول *

الفزاري))) من الشافعية)))، وهو أنه جتوز االستنابة يف الوظائف لعذر وإال فال جتوز.قال ابن عابدين: اشرتط أبو السعود جلواز االستنابة العذر الرشعي، وكون الوظيفة مما تقبل النيابة كاإلفتاء والتدريس، وكون النائب مثل األصيل أو خريا منه، وأن املعلوم بتممه

يكون للنائب وليس لألصيل منه يشء، وقال البريي: إنه احلق))).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول الثاين ملا يأيت:أصحاب يعني الذي هو الناظر فإن الناظر، حق عىل افتياتا االستنابة جتويز يف إن )(عىل الناظر يكون أن وجيب للوقف، واألنفع األحظ تعيينهم يف ويتحرى الوظائف املبارش عن املسؤول املستنيب، لكونه بعمل النائب قيام باالستنابة ويوافق عىل دراية الوقف. وال مانع حينئذ من ترشيح املستنيب لشخص يتوىل بعض عمله لكن ال بد من

موافقة الناظر عىل ذلك.)( إن استحقاق الريع يف الوقف ليس من باب اجلعالة كم سبق بيانه فال يصح قياسه عليها،

وليس هو كذلك من املباحات حتى يقاس عليها يف جواز التوكيل.)( وأثر »ما رآه املسلمون حسنا فهو عند اهلل حسن« موقوف عىل ابن مسعود ريض اهلل تعاىل

عنه، وقول الصحايب ليس بحجة عند مجهور األصوليني))).املسألة الثالثة: عزل أصحاب الوظائف:

اختلف الفقهاء يف حكم عزل أصحاب وظائف الوقف عىل ثالثة أقوال:

))) الفتاوى الكربى )/00).))) حاشية ابن عابدين )/07)، ومنحة اخلالق عىل البحر الرائق )/9)).

))) التاج الفزاري ))))-90)هـ( هو عبد الرمحن بن إبراهيم بن سباع، أبو حممد الفزاري، تاج الدين املعروف بالفركاح، مرصي املولد دمشقي اإلقامة والوفاة، فقيه شافعي انتهت إليه رئاسة املذهب، تفقه عىل ابن الصالح وابن عبد السالم، برع يف املذهب وهو شاب، وجلس للتدريس وله بضع وعرشون سنة، وكتب الفتاوى وقد كمل ثالثني سنة. من تصانيفه: »اإلقليد لدرء التقليد«،

و»رشح الورقات« ]طبقات الشافعية البن قايض شهبة )/)7)، وطبقات الشافعية البن السبكي )/0)، واألعالم )/90)[))) الفتاوى الكربى )/00)، ))).

))) حاشية ابن عابدين )/08).))) البحر املحيط يف أصول الفقه للزركيش )/))، ط وزارة األوقاف الكويتية، 990)م.

الباب الثاني: وظيفة الناظر

185

* القول األول: جلمهور الفقهاء: احلنفية))) والشافعية يف املعتمد))) واحلنابلة)))، وهو أنه ال جيوز للناظر والقايض عزل صاحب الوظيفة بغري جنحة أو عدم أهلية.

واستدل احلنفية عىل ذلك بأن صاحب الوظيفة ال يعزل عن وظيفته إذا غاب وتبقى وظيفته عىل حاهلا إذا كانت غيبته ثالثة أشهر، فإذا كان هذا مع الغيبة فمع احلضور واملبارشة

أوىل أن ال يعزل))).وإذا عزل الناظر أو القايض صاحب الوظيفة مل يصح العزل وال ينفذ.

مقيد فعله ألن توليته؛ تصح مل بأهل ليس مدرسا السلطان وىل إذا احلنفية: قال إذا والسلطان ينعزل، مل األهل فإن أهل مدرس عن ر ر املقر كان إن خصوصا باملصلحة،

أعطى غري املستحق فقد ظلم مرتني بمنع املستحق وإعطاء غري املستحق))).وقال الرميل من الشافعية: أفتى بذلك كثري من املتأخرين منهم ابن رزين))) فقال: من

توىل تدريسا مل جيز عزله بمثله وال بدونه وال ينعزل بذلك، وهذا هو املعتمد)7).الناظر لصاحب الوظيفة من غري مسوغ البلقيني)8) من الشافعية بأن عزل بل رصح

يكون قادحا يف نظره)9).واختلف الشافعية يف: هل يلزم الناظر بيان مستند سبب العزل وذلك عىل القول املعتمد أنه ال ينفذ عزله إال بسبب؟ فأفتى مجع متأخرون بعدمه، وقيده بعضهم بم إذا وثق بعلمه ودينه.

))) البحر الرائق )/)))، وحاشية ابن عابدين )/)8).))) هناية املحتاج )/)0)، ومغني املحتاج )/)9).

))) كشاف القناع )/)))، )7).))) البحر الرائق )/)))، وحاشية ابن عابدين )/)8).

))) حاشية ابن عابدين )/)8).))) ابن رزين )9))-0)7هـ( هو عبد اللطيف بن حممد بن احلسني بن رزين، أبو الربكات، بدر الدين العامري احلموي ثم املرصي، بالقاهرة، وخطب الظاهرية باملدرسة درس اجلوعي وغريمها، بن اهلل القرافة وعبد بن خطيب فقيه شافعي، سمع من عثمن باجلامع األزهر، وويل قضاء العسكر، قال ابن كثري: كان من صدور الفقهاء وأعيان الرؤساء. من تصانيفه: »منحة الطالبني حلفظ

األحاديث األربعني« ]طبقات الشافعية البن السبكي )/0))، وشذرات الذهب )/))، واألعالم )/0)[.)7) هناية املحتاج )/)0).

)8) البلقيني )))7-)80هـ( هو عمر بن رسالن بن نصري بن صالح، أبو حفص الكناين، رساج الدين البلقيني، فقيه شافعي حافظ، اشتغل عىل علمء عرصه وأذن له يف الفتيا وهو ابن مخس عرشة سنة، من شيوخه يف الفقه تقي الدين السبكي والعز بن مجاعة، وقرأ األصول عىل شمس الدين األصفهاين، وأجاز له احلافظان املزي والذهبي، وممن أخذ عنه حافظ دمشق ابن نارص الدين واحلافظ ابن حجر، قيل إنه جمدد القرن التاسع ويل افتاء دار العدل وقضاء دمشق. من تصانيفه: »تصحيح

املنهاج« مل يكمله، و»رشحان عىل الرتمذي« ]شذرات الذهب 7/))، والضوء الالمع )/)8[.)9) فسـر الشربامليس القدح يف نظره بعزل الناظر حيث ال شبهة له فيم فعله )انظر: هناية املحتاج )/)0)، ومغني املحتاج )/)9)).

النظارة على الوقف

186

وقال تاج السبكي))): ال حاصل هلذا القيد فإنه إن مل يكن كذلك مل يكن ناظرا، وإن أرادوا علم ودينا زائدين عىل ما حيتاج إليه النظار فال يصح، وينبغي وجوب بيان مستنده مطلقا أخذا من قوهلم ال يقبل دعواه الرصف ملستحقني معينني بل القول قوهلم وهلم مطالبته

باحلساب.وادعى الويل العراقي))) أن احلق التقييد؛ ألن عدالته غري مقطوع هبا فيجوز أن خيتل ظن ما ليس بقادح قادحا، بخالف من متكن علم ودينا زيادة عىل ما يعترب يف الناظر من وأن يرمتييز ما يقدح وما ال يقدح، ومن ورع وتقوى حيوالن بينه وبني اهلوى، وضعف الشافعية

هذا االدعاء))).* القول الثاين: للسبكي من الشافعية، وهو أنه جيوز للواقف والناظر الذي من جهته

عزل صاحب الوظيفة إذا مل يكن مرشوطا يف الوقف ولو لغري مصلحة.قال: ألنه كالوكيل املأذون له يف إسكان هذه الدار لفقري فله أن يسكنرها من شاء من ه ويسكن غريه ملصلحة ولغري مصلحة، وليس الفقراء، وإذا سكنها فقري مدة فله أن خيرجر

تعيينه لذلك يصريه كأنه مراد الواقف حتى يمتنع تغيريه))).* القول الثالث: للزركيش من الشافعية، قال: ال يبعد أن ينفذ العزل إذا عزله الناظر

وإن كان عزله غري جائز))).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول األول ملا ذكروه من أدلة، وألن قول السبكي بأنه إذا أراد ويل األمر

))) التاج السبكي )7)7-)77هـ( هو عبد الوهاب بن عيل بن عبد الكايف السبكي، أبو نرص، تاج الدين قايض القضاة، فقيه شافعي أصويل حمدث، تفقه عىل والده، وقرأ عىل احلافظ املزي والزم الذهبي وخترج به، أجازه شمس الدين بن النقيب باإلفتاء والتدريس، درس بمدارس مرص والشام وأفتى وصنف. من تصانيفه: »رفع احلاجب عن خمترص ابن احلاجب«، و»اإلهباج رشح املنهاج للبيضاوي«، و»القواعد املشتملة عىل األشباء والنظائر«، و»التوشيح عىل التنبيه« ]طبقات الشافعية

البن هداية اهلل ص 90، ط املكتبة العربية ببغداد، ))))هـ، وشذرات الذهب )/)))[.))) الويل العراقي )))7-)80هـ( هو عبد الرحيم بن احلسن بن عبد الرمحن، أبو الفضل، زين الدين العراقي، فقيه شافعي كان حافظ الديار املرصية وحمدثها، كردي األصل، نشأ يف مرص وتعلم هبا، تفقه عىل ابن عدالن والزم العمد حممد بن إسحاق البلبييس واجلمل األسنوي والشمس ابن اللبان وغريهم، وعليه خترج غالب أهل عرصه، منهم نور الدين اهليتمي، ويل قضاء املدينة املنورة وخطابتها وإمامتها. من تصانيفه: »األلفية يف علوم احلديث«، ورشحها »فتح املغيث«، و»املغني عن

محل األسفار يف ختريج ما يف األحياء من اآلثار« ]شذرات الذهب 7/))، والضوء الالمع )/)7)[.))) هناية املحتاج )/)0)، وحتفة املحتاج )/)9).

))) مغني املحتاج )/)9)، وهناية املحتاج )/)0).))) مغني املحتاج )/)9).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

187

املثبتني يف الديوان بسبب جاز أو بغري سبب فال، وإذا كان هذا يف إسقاط بعض األجناد يف املثبتني األجناد بأن مردود أوىل))). لالحتياط املقتىض اخلاص النظر ففي العام النظر الديوان قد ربطوا أنفسهم عىل اجلهاد، وهو من فروض الكفاية، ومن رشع فيه أو ربط نفسه عليه ال جيوز إخراجه بغري سبب بخالف الوقف فإنه خارج عن فروض الكفاية))). وبأن كثريا من الوظائف فروض كالتدريس واإلمامة، فمن ربط نفسه بفرض فحكمه كذلك،

وذلك عىل تسليم أن الربط به كالتلبس به وإال فشتان بينهم))).

املطلب السابع»حتري الأحظ والأنفع للوقف«

جيب عىل الناظر أن يتحرى األحظ واألنفع للوقف يف األعمل والترصفات التي جيرهيا للوقف؛ ألن الناظر إنم ينظر يف مصالح الغري، وكل من كان كذلك وجب عليه أن يتحرى

املصلحة يف نظره كويل اليتيم))).جيوز فال القايض، إىل يتعداه بل الناظر عىل مقصورا ليس للوقف األحظ وحتري

للقايض أن يترصف يف األوقاف كيف شاء بل ترصفه باألوقاف مقيد باملصلحة.وال جيوز للقايض أن جيعل للناظر الترصف كيف شاء ألنه ال يملكه))).

املبحث الثاين»الأعمال التي يجب على الناظر المتناع عنها«

سنتناول يف املطالب اآلتية األعمل التي جيب عىل الناظر االمتناع عنها.

املطلب األول»اإبدال الوقف وا�شتبداله«

يراد باإلبدال بيع العني املوقوفة لرشاء عني أخرى تكون وقفا بدهلا.واالستبدال: هو أخذ العني الثانية مكان األوىل.

))) مغني املحتاج )/)9)، وهناية املحتاج )/)0).))) مغني املحتاج )/)9).))) هناية املحتاج )/)0).

))) البحر الرائق )/)))، ومواهب اجلليل )/0)، وحتفة املحتاج مع حواشيها )/88)، وكشاف القناع )/9)).))) البحر الرائق )/)))، ومواهب اجلليل )/0).

النظارة على الوقف

188

والبدل: هو العني املشرتاه لتكون وقفا عوضا عن العني األوىل))).ويفرق الفقهاء يف حكم استبدال الناظر الوقف بني كون االستبدال مرشوطا للناظر من قبل الواقف وبني كونه غري مرشوط له، سواء كان مسكوتا عنه أم رشط الواقف عدم

االستبدال.أ( اشرتاط االستبدال للناظر:

اختلف الفقهاء يف حكم اشرتاط استبدال الوقف للناظر عىل أربعة أقوال:* القول األول: أليب يوسف من احلنفية))) وأكثر اإلمامية)))، وهو أن اشرتاط استبدال وكان الرشط صح للناظر الوقف استبدال الواقف رشط فإذا صحيح، للناظر الوقف

للناظر استبدال الوقف إن شاء. كم أنه قول هالل واخلصاف وهو استحسان.واستدلوا عىل ذلك بم يأيت:

إىل أرض االنتقال من يقبل الوقف الوقف؛ ألن يبطل االستبدال رشط ال إن رشط )(أرض، فإن أرض الوقف إذا غصبها غاصب وأجرى عليها املاء حتى صارت بحرا ال تصلح للزراعة يضمن قيمتها ويشرتي هبا أرضا أخرى فتكون وقفا مكاهنا، وكذا أرض الوقف إذا قل نزهلا بحيث ال حتتمل الزراعة وال تفضل غلتها عن مؤنتها ويكون صالح حاصله كان وإذا احلاكم، بإذن االستبدال جاز أخرى بأرض االستبدال يف األرض

إثبات وقف آخر مل يكن رشطا فاسدا))).)( وألن يف االستبدال حتويل الوقف إىل ما يكون خريا من األول أو مثله فكان تقريرا ال

إبطاال))).فإن قيل إن اشرتاط استبدال الوقف هو اشرتاط عدم حكمه وهو التأبيد، أجيب بل بيعه؛ ألنا تأبيد معنى. وال يقال: حكم الوقف إذا صح اخلروج عن ملكه فال يمكنه هو أمرا إذا مل خيالف الوقف ينفذ فيه رشط الذي رشط يف أصل نقول حكم ذلك عىل وجه

))) أحكام الوقف واملواريث ألمحد إبراهيم بك ص )7، ط املطبعة السلفية بالقاهرة، 7)9)م.القدير )/9))، وأحكام فتح الرائق )/9))، ورشح املختار )/87)-88)، والبحر الدر ابن عابدين عىل ))) حاشية

الوقف هلالل ص )9، وأحكام األوقاف للخصاف ص ))، )).))) مفتاح الكرامة 9/)9.

))) رشح فتح القدير )/9))-0)).))) الكفاية عىل اهلداية مطبوع مع رشح فتح القدير )/9)).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

189

رشعيا، واشرتاط االستبدال ال خيالف أمرا رشعيا فوجب اعتباره))).وإذا استبدل الناظر الوقف بعني أخرى صارت العني الثانية وقفا برشائط األوىل، وال حيتاج إىل اإليقاف، كالعبد املوىص بخدمته إذا قتل خطأ واشرتي بثمنه عبد آخر ثبت حق

املوىص له يف خدمته.وإذا استبدل الناظر الوقف مرة فإنه ال جيوز له أن يستبدل مرة ثانية؛ ألنه حكم ثبت بالرشط والرشط وجد يف األوىل ال الثانية إال أن يذكر الواقف يف رشط االستبدال عبارة

تفيد أن له ذلك دائم))).والفتوى عند احلنفية عىل قول أيب يوسف))).

* القول الثاين: ملحمد بن احلسن من احلنفية))) واحلنابلة يف املذهب))) والشافعية يف مقابل األصح))) والزيدية)7) وبعض اإلمامية)8)، وهو أنه إذا رشط الواقف استبدال الوقف

صح الوقف وفسد الرشط.وال بذلك يتم والوقف زواله، من املنع يف يؤثر ال الرشط هذا بأن حممد واستدل ينعدم به معنى التأبيد يف أصل الوقف فيتم الوقف برشوطه ويبقى االستبدال رشطا فاسدا، فيكون باطال يف نفسه كاملسجد إذا رشط االستبدال به أو رشط أن يصيل فيه قوم دون قوم

فالرشط باطل واختاذ املسجد صحيح، فهذا مثله)9).وقاس احلنابلة ذلك عىل الرشوط الفاسدة يف البيع فيصح الوقف ويلغى الرشط)0)).

* القول الثالث: للملكية، وهو أنه ال جيوز للواقف أن يشرتط بيع الوقف ورشاء غريه بدله، فإن اشرتط ذلك عمل برشطه.

))) رشح فتح القدير )/0)).))) حاشية ابن عابدين )/88)، ورشح فتح القدير )/9)).))) حاشية ابن عابدين )/88)، ورشح فتح القدير )/9)).

))) اهلداية مع رشوحها )/9))، والبحر الرائق )/9))، وحاشية ابن عابدين )/87).))) اإلنصاف 7/))، وكشاف القناع )/))).

))) هناية املحتاج )/)7).)7) البحر الزخار )/9)).)8) مفتاح الكرامة 9/)9.

)9) العناية عىل اهلداية )/9))، وانظر: أيضا الكفاية عىل اهلداية )/9)).)0)) كشاف القناع )/))).

النظارة على الوقف

190

يستثنى أن جيوز ال وأصبغ))): احلكم))) عبد وابن املاجشون))) وابن مطرف))) قال د ثمنا رغيبا فقد أذنت يف بيع ذلك وأن يبتاع بثمن ذلك ربعا جر من احلبس يف الرباع إن ورمثله؛ ألن هذا ال يقع فيه من احلاجة إىل بيع ذلك، والعذر يف تغيريه ما وقع يف البيع عند

احلاجة، وإن استثناه مستثن جاز ومىض))).بيع واشرتي ثمن رغبة أن وجد املختلف يف حرمته كرشطه الدسوقي: الرشط قال

غريه ال جيوز اإلقدام عليه وإذا وقع مىض))).احلنابلة)8) كالقايض وابن عقيل)9) الصحيح)7) وبعض للشافعية يف الرابع: القول *

))) مطرف )؟-)8)هـ( هو مطرف بن عبد الرمحن بن إبراهيم القرطبي، أبو سعيد، فقيه مالكي، كان عاملا بالنحو واللغة والشعر بصريا بالوثائق مشاورا يف األحكام، روى عن حييى بن حييى وسعيد بن حسان وابن حبيب وسمع من سحنون

]الديباج املذهب )))، واألعالم 0/7))[.))) ابن املاجشون )؟-)))هـ( هو عبد امللك بن عبد العزيز بن عبد اهلل بن املاجشون، أبو مروان، من كبار أئمة املالكية، كان مفتي أهل املدينة يف زمانه، تفقه عىل أبيه وعىل مالك وغريمها، وعليه تفقه أئمة كابن حبيب وسحنون، قال حييى بن أكثم:

القايض عبد امللك بحر ال تدركه الدالء ]الديباج املذهب )))، وشجرة النور الزكية ))، واألعالم )/0))[.إليه أبو حممد، من أجل أصحاب مالك، أفضت ابن عبد احلكم ))))-)))هـ( هو عبد اهلل بن عبد احلكم بن أعني، (((

الرئاسة بمرص بعد أشهب، سمع مالكا والليث وابن عيينة وغريهم، وروى عنه مجاعة كابن حبيب وابن نمري وابن املواز.من تصانيفه: »املخترص الكبري«، و»األوسط«، و»الصغري«، و»املناسك« ]الديباج املذهب )))، وشجرة النور الزكية 9)[.

))) أصبغ )؟-)))هـ( هو أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع موىل عبد العزيز بن مروان، أبو عبد اهلل، من كبار أئمة املالكية، من أهل مرص، روى عن الدراوردي وحييى بن سالم وعبد الرمحن بن زيد بن أسلم، رحل إىل املدينة ليسمع من مالك فدخلها يوم مات، وصحب ابن القاسم وابن وهب وأشهب، روى عنه البخاري وأبو حاتم الرازي، وتفقه عليه ابن املواز وابن حبيب وغريمها، قيل ألشهب: من لنا بعدك؟ قال: أصبغ بن الفرج، وقال عبد امللك بن املاجشون: ما أخرجت من مثل أصبغ. من تصانيفه:

»األصول«، و»تفسري غريب املوطأ«، و»آداب الصيام«، و»آداب القضاء« ]شجرة النور الزكية 97، واألعالم )/)))[.))) مواهب اجلليل )/)).

))) حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري )/88.)7) حتفة املحتاج )/)))، وهناية املحتاج )/)7)، وحاشية الرميل عىل رشح روض الطالب )/))).

)8) األنصاف 7/))، وكشاف القناع )/))).)9) ابن عقيل ))))-)))هـ( هو عيل بن عقيل بن حممد البغدادي، أبو الوفاء، فقيه حنبيل أصويل كان شيخ احلنابلة يف عرصه قرأ عىل أيب القاسم ابن التبان والقايض أيب يعىل وأيب إسحاق الشريازي، قال ابن اجلوزي: أفتى ابن عقيل ودرس وناظر الفحول.

من تصانيفه: »الفنون«، و«الواضح يف األصول«، والفصول« يف فقه احلنابلة، و«كفاية املفتي« ]الذيل عىل طبقات احلنابلة البن رجل )/))) ط مطبعة السنة املحمدية ))9)م، وشذرات الذهب )/))، واألعالم )/)))[.

الباب الثاني: وظيفة الناظر

191

يف ثمنه ورصف الوقف بيع الواقف رشط لو أنه وهو اإلمامية)))، وبعض البنا))) وابن مثله بطل الوقف؛ قياسا عىل البيع واهلبة يف عدم قبوهلم للرشط.

الرتجيح:نرى األخذ بالقول الثاين القائل بأن رشط استبدال الوقف رشط فاسد، لكنه ال يفسد

الوقف فيلغى الرشط ويصح الوقف وذلك ملا يأيت:)( إن ما استدل به اإلمام أبو يوسف عىل صحة رشط االستبدال ال حجة فيه؛ ألن جواز االستبدال يف حالة الغصب إنم كان للرضورة وأما جوازه عند قلة الريع فغري مسلم به ألنه حمل خالف فإن مجهور الفقهاء ال يقولون بجواز االستبدال يف هذه احلالة، فهذا

الدليل ال يلزم اجلمهور ألهنم ال يقولون به.واهلبة يف عدم البيع الوقف عىل قياس الرابع من القول به أصحاب استدل ما )( وألن قبوهلم للرشط قياس مع الفارق فإن البيع واهلبة عقد بني طرفني، فهم ال يقبالن الرشط، ألن الطرف اآلخر يترضر من هذا الرشط، يف حني ينعقد الوقف ينعقد بإرادة واحدة

من طرف واحد ومن ثم فهو يقبل الرشط.)( وألن القول بصحة هذا الرشط يؤدي إىل عدم استقرار األوقاف والتالعب هبا، خاصة أن االستبدال يرجع إىل اجتهاد الناظر، فهو الذي يقرر باجتهاده أن البدل خري من العني

املوقوفة، وقد ال يكون مصيبا يف اجتهاده فيرتتب الرضر بذلك عىل الوقف.ب( عدم اشرتاط االستبدال للناظر:

إذا مل يرشط الواقف استبدال الوقف للناظر فإما أن يسكت عن رشط االستبدال فال يشرتط االستبدال وال يشرتط عدمه، وإما أن يشرتط عدم االستبدال.

احلالة األوىل: سكوت الواقف عن رشط االستبدال:إذا سكت الواقف عن رشط االستبدال فال خيلو إما أن يكون الوقف ما زال قائم ينتفع

به وإما أن يكون قد خرب وأصبح ال ينتفع به.

))) ابن البنا ))9)-)7)هـ( هو احلسن بن أمحد بن عبد اهلل بن البناء، أبو عيل البغدادي، فقيه حنبيل حمدث واعظ كان متفننا يف العلوم، تفقه عىل أيب طاهر بن الغباري وأيب الفضل التميمي والقايض أيب يعىل وهو من قدماء أصحابه، درس الفقه كثريا وأفتى زمانا طويال. قال ابن عقيل: هو شيخ إمام يف علوم شتى يف احلديث والقراءات والعربية. من تصانيفه: »رشح اخلرقي«، و«الكامل«، و«الكايف املحدد يف رشح املجرد« كلها يف الفقه، و«نزهة الطالب يف جتريد املذاهب«، و«آداب العامل

واملتعلم« ]الذيل عىل طبقات احلنابلة )/))، واألعالم )/80)[.))) مفتاح الكرامة 9/)9.

النظارة على الوقف

192

)- الوقف قائم ينتفع به:إن كان الوقف قائم ينتفع به فقد اتفق الفقهاء عىل أنه ال جيوز للناظر استبدال الوقف))).

واختلفوا يف جوازه للقايض باعتبار عموم نظره عىل قولني:* القول األول: جلمهور الفقهاء: املالكية))) والشافعية))) واحلنابلة))) وحممد بن احلسن من احلنفية))) والزيدية))) واإلمامية)7)، وهو أنه ال جيوز للقايض استبدال الوقف مادام قائم

ينتفع به ولو قل ريعه وكان بدله خريا منه.* القول الثاين: أليب يوسف من احلنفية، وهو أنه جيوز للقايض استبدال الوقف القائم أكثر غلة وأحسن ببدل الوقف إنسان يف فإذا رغب ونفعا، ريعا منه ببدل خري به املنتفع

صقعا جاز وعليه الفتوى)8).نفتي الرشيعة)9): نحن ال فقال صدر أيب يوسف قول احلنفية وقد عارض كثري من به، وقد شاهدنا يف االستبدال ما ال يعد وال حيىص فإن ظلمة القضاة جعلوه حيلة إلبطال له جيوز الذي -أي بالقايض املراد اإلسعاف يف قال فقد تقديره وعىل املسلمني، أوقاف من أعز هذا إن ولعمري والعمل، العلم بذي املفرس اجلنة قايض هو الوقف- استبدال

الكربيت األمحر، وما أراه إال لفظا يذكر فاألحرى فيه السد خوفا من جماوزة احلد)0)).وقال الكمل: إن أمكن أن يؤخذ بثمن الوقف ما هو خري منه مع كونه منتفعا به فينبغي أال جيوز؛ ألن الواجب إبقاء الوقف عىل ما كان عليه دون زيادة أخرى، وألنه ال موجب لتجويزه، فإن املوجب إما الرشط وإما الرضورة وال رضورة يف هذا إذ ال جتب الزيادة فيه

القناع وكشاف ،(9(/( املحتاج وهناية ،90/( الدسوقي حاشية مع الكبري والرشح ،(88/( عابدين ابن حاشية ((()/)9)، والبحر الزخار )/8))، ومفتاح الكرامة 9/)8.

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/90.))) هناية املحتاج )/)9)، وحتفة املحتاج )/)8).

))) كشاف القناع )/)9).))) حاشية ابن عابدين )/89)، ورشح فتح القدير )/0)).

))) البحر الزخار )/8))، ورشح األزهار )/)0).)7) مفتاح الكرامة 9/)8.

)8) حاشية ابن عادين عىل الدر املختار )/89).)9) صدر الرشيعة )؟-7)7هـ( هو عبيد اهلل بن مسعود بن حممود بن أمحد املحبويب البخاري، صدر الرشيعة، فقيه حنفي أصويل حمدث مفرس متكلم لغوي، أخذ عن جده تاج الرشيعة وغريه. من تصانيفه: »التنقيح«، ورشحه »التوضيح« يف األصول، و»رشح الوقاية« جلده حممود تاج الرشيعة، و»النقاية خمترص الوقاية« ]الفوائد البهية 09)، واألعالم )/97)[.

)0)) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/89).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

193

بل تبقيته كم كان))).قال البريي: أقول ما قاله هذا املحقق هو الصواب))).

وقال ابن عابدين: إن مل يرشط الواقف االستبدال ولكن فيه نفعا يف اجلملة وبدله خري منه ريعا ونفعا فهذا ال جيوز استبداله عىل األصح املختار، كذا حرره العالمة قنايل زاده))) يف

رسالته املوضوعة يف االستبدال))).قال احلصكفي: إنه يف سنة إحدى ومخسني وتسعمئة ورد األمر الرشيف بمنع استبدال الوقف العامر إذا قل ريعه ومل خيرج عن االنتفاع بالكلية، وأمر أن يصري بإذن السلطان تبعا

لرتجيح صدر الرشيعة))).الرتجيح:

ا لذريعة نرى األخذ بقول مجهور الفقهاء إذ ال مسوغ لالستبدال يف هذه احلالة، وسدالتالعب باألوقاف.

)- خراب الوقف وعدم االنتفاع به:وإن خرب الوقف وأصبح ال ينتفع به فقد اختلف الفقهاء يف جواز استبداله عىل ثالثة

أقوال:* القول األول: للحنفية))) واحلنابلة)7) والزيدية)8)، وهو أنه إذا خرب الوقف وأصبح

ال ينتفع به فإنه جيوز استبداله.واستدلوا عىل ذلك باآليت:

)( إن املقصود بالوقف انتفاع املوقوف عليه بالثمرة ال بعني األصل من حيث هو، ومنع

))) رشح فتح القدير )/0)).))) حاشية ابن عابدين )/89).

))) قنايل زادة )8)9-989هـ( هو عيل بن إرسافيل، الشهري بقنايل زاده، فقيه حنفي أديب واسع املعرفة، ولد يف قصبة إسبارة الفناري، تقلد الدين الدين والزم حميي باملعلول واملوىل سناء الدين الشهري من لواء محيد يف تركيا، قرأ عىل املوىل حميي املدرسة احلسامية بأدرنة وغريها، ووىل القضاء يف عدة بالد. من تصانيفه: »جمموعة رسائل منها رسالة يف االستبدال يف

األوقاف« ]شذرات الذهب 88/8)، ومعجم املؤلفني 7/)) ط مطبعة الرتقي بدمشق 9)9)م[.))) حاشية ابن عابدين )/87).

))) الدر املختار هبامش حاشية ابن عابدين )/90).))) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/88)، والبحر الرائق )/0)).

)7) كشاف القناع )/)9).)8) البحر الزخار )/8))، ورشح األزهار )/)0).

النظارة على الوقف

194

البيع إذن مبطل هلذا املعنى الذي اقتضاه الوقف فيكون خالف األصل))).)( للنهي عن إضاعة املال ويف إبقائه إذن إضاعة، فوجب احلفظ بالبيع))).

)( ألن يف االستبدال بقاء للوقف بمعناه حني تعذر اإلبقاء بصورته، فيكون متعينا))).وقد اشرتط احلنفية جلواز االستبدال يف هذه احلالة رشوطا وهي:

)( أن خيرج الوقف عن االنتفاع بالكلية.)( وأال يكون هناك ريع للوقف يعمر به.

)( وأال يكون البيع بغبن فاحش.)( وأن يكون املستبدل قايض اجلنة املفرس بذي العلم والعمل، فال يملك الناظر استبدال أوقاف إبطال إىل التطرق حيصل لئال اجلنة قايض اشرتطوا وإنم عندهم، الوقف

املسلمني.)( قال ابن عابدين: وجيب أن يزاد آخر يف زماننا وهو أن يستبدل بعقار ال بدراهم ودنانري، فإنا قد شاهدنا النظار يأكلوهنا وقل أن يشرتي هبا بدل، ومل نر أحدا من القضاة فتش عىل

ذلك مع كثرة االستبدال يف زماننا.)( وزاد ابن نجيم رشطا سادسا، وهو أال يبيعه ممن ال تقبل شهادته له وال ممن له عليه دين.7( قال ابن عابدين: وذكر يف القنية))) ما يفيد رشطا سابعا، حيث قال: مبادلة دار الوقف بدار أخرى إنم جتوز إذا كانتا يف حملة واحدة أو حملة األخرى خريا، وبالعكس ال جتوز املحلتني أدون يف خراهبا الحتمل وأجرة، وقيمة مساحة أكثر اململوكة كانت وإن

لدناءهتا وقلة الرغبة فيها.8( وزاد العالمة قنايل زادة ثامنا، وهو أن يكون البدل واملبدل من جنس واحد، ملا يف اخلانية لو رشط لنفسه استبداهلا بدار مل يكن له استبداهلا بأرض وبالعكس، أو بأرض البرصة

تقيد، فهذا فيم رشطه لنفسه فكذا يكون رشطا فيم لو مل يشرتطه لنفسه باألوىل.ثم قال: والظاهر عدم اشرتاط اجلنس يف املوقوفة لالستغالل؛ ألن املنظور فيها كثرة

))) كشاف القناع )/)9).))) املرجع السابق.))) املرجع السابق.

))) هو كتاب »قنية املنية« للشيخ اإلمام أيب الرجاء نجم الدين بن خمتار بن حممود الزاهدي، ذكر مصنفها أنه استصفاها من »منية الفقهاء ألستاذه بديع بن أيب منصور العراقي وسمها »قنية املنية لتتميم الغنية« )كشف الظنون )/7)))).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

195

الريع وقلة املرمة واملؤنة، فلو استبدل احلانوت بأرض تزرع وحيصل منها غلة قدر أجرة احلانوت كان أحسن؛ ألن األرض أدوم وأبقى وأغنى عن كلفة الرتميم والتعمري بخالف

املوقوفة للسكنى لظهور أن قصد الواقف االنتفاع بالسكن))).قال ابن عابدين: وال خيفى أن هذه الرشوط فيم مل يشرتط الواقف استبداله لنفسه أو غريه، فلو رشطه ال يلزم خروجه عن االنتفاع وال مبارشة القايض له وال عدم ريع يعمر به

كم ال خيفى))).وقيد احلنابلة جواز استبدال الوقف بقيود، فقالوا: ال يصح إبدال الوقف إال أن تتعطل منافعه املقصودة منه بخرابه أو خراب حملته، بحيث ال يرد الوقف شيئا عىل أهله أو يرد شيئا

ال يعد نفعا وتتعذر عمرته وعود نفعه))).الزم لعقد فسخ ألنه اخلريات؛ سبل عىل الوقف كان إن احلاكم الوقف ويستبدل

ا فتوقف عىل احلاكم. خمتلف فيه اختالفا قويوإن مل يكن عىل سبل اخلريات بأن كان عىل شخص معني أو مجاعة معينني فيستبدله من عىل البيع يتضمن ألنه استبداله؛ يف احلاكم إذن يأخذ أن واألحوط اخلاص، ناظره سينتقل إليهم بعد املوجودين اآلن أشبه البيع عىل الغائب، فإن عدم الناظر اخلاص فيستبدله

احلاكم لعموم واليته))).واستثنى أبو حنيفة وأبو يوسف -وهو املفتى به عند احلنفية)))- والزيدية))) املسجد فال جيوز استبداله إذا خرب وأصبح ال ينتفع به، ألنه مل يبطل الغرض باهندام املسجد، إذ القصد القربة)7). وألنه قد كان حول الكعبة يف زمان الفرتة عبدة األصنام ومل خيرج موضع املساجد، فكذلك سائر تعاىل والقربة خالصا هلل للطاعة يكون موضعا أن به عن الكعبة

وألنه إسقاط منه فال يعود إىل ملكه.

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/88)، والبحر الرائق )/0))-))).))) حاشية ابن عابدين )/88).

))) كشاف القناع )/)9).

))) كشاف القناع )/)9).))) اهلداية مع رشوحها )/)))، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)7).

))) البحر الزخار )/8)).)7) املرجع السابق.

النظارة على الوقف

196

إىل ملك يعود فإنه املسجد واستغنى عنه ما حول لو خرب بن احلسن: وقال حممد الباين أو إىل وارثه بعد موته؛ ألنه عينه لقربة وقد انقطعت فينقطع هو أيضا وصار كحصري املسجد وحشيشه إذا استغنى عنه، وقنديله إذا خرب املسجد فإنه يعود إىل ملك متخذه، زال إذا اإلحصار وكهدي مالكه. ملك إىل الكفن عاد سبع فافرتسه ميتا كفن لو وكم

اإلحصار فأدرك احلج كان له أن يصنع هبديه ما شاء))).وقال احلنابلة: لو كان الوقف مسجدا وتعطلت منافعه كأن ضاق بأهله املصلني وتعذر توسيعه يف حمله، أو خربت الناحية التي هبا املسجد وتعذر االنتفاع به أو كان موضع املسجد

قذرا فيصح بيعه ويرصف ثمنه يف مثله))).* القول الثاين: للشافعية))) واإلمامية)))، وهو أنه ال جيوز استبدال الوقف ولو أصبح

ال ينتفع به.واستثنى الشافعية من ذلك ما يأيت:

)( حرص املسجد إذا بليت وجذوعه إذا انكرست أو أرشفت عىل االنكسار ومل تصلح إال لإلحراق فإنه جيوز بيعها لئال تضيع؛ إذ حتصيل يسري من ثمنها يعود عىل الوقف أوىل من ضياعها، فإذا أمكن أن ينتفع منها كاختاذها ألواحا فال تباع بل جيتهد احلاكم ويستعمل

فيم هو أقرب ملقصود الواقف.)( الفرس املوقوف عىل الغزو إذا كرب ومل يصلح له جاز بيعه))).* القول الثالث: للملكية، حيث فرقوا بني املنقول والعقار.

فإن كان املوقوف منقوال وأصبح ال ينتفع به يف الوجه الذي وقف فيه -وإن كان ينتفع به يف غريه- كالفرس يمرض والثوب خيلق والكتب تبىل فإنه يباع ويشرتى بثمنه مثله مما

))) اهلداية مع رشوحها )/)))، وحكي أن حممدا مر بمزبلة فقال هذا مسجد أيب يوسف يريد أنه ملا مل يقل بعوده إىل ملك الباين يصري مزبلة عند تطاول املدة، ومر أبو يوسف باصطبل فقال هذا مسجد حممد يعني أنه ملا قال يعود ملكا فربم جيعله املالك اصطبال بعد أن كان مسجدا، فكل واحد منهم استبعد مذهب صاحبه، قال الكرالين: وقيل هي من وضع الفرقة اجلهلة املمقوتة عند اهلل تعاىل استخرجوا من اختالفهم الناشئ عن االجتهاد الصحيح أباطيل خمتلفة عليهم ليضعوا من

شأنه بنقل الطعن عن بعضهم يف بعض )انظر الكفاية عىل اهلداية )/7))، وانظر: العناية عىل اهلداية )/)))).))) كشاف القناع )/)9).

))) حاشية اجلمل مع رشح املنهج )/90).))) مفتاح الكرامة 9/)8.

))) حتفة املحتاج )/)8)-)8)، وهناية املحتاج )/)9).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

197

به يف يستعان فإنه مثله به يشرتى ما ثمنه يبلغ مل فإن فيه، الذي وقف الوجه به يف ينتفع شقص مثله.

وإن كان املوقوف عقارا فإنه ال جيوز استبداله ولو خرب، وبقاء أحباس السلف داثرة دليل عىل منع ذلك.

واستثنوا من ذلك ما إذا ضاق املسجد بأهله واحتاج إىل توسعة وبجانبه عقار وقف فإنه جيوز بيعه ألجل توسعة املسجد ولو جربا.

قال اخلريش))): ومثل توسعة املسجد توسعة طريق املسلمني ومقربهتم))).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول القائل بجواز استبدال الوقف إذا خرب وأصبح ال ينتفع به لألدلة التي ذكروها.

وبالرشوط التي ذكرها احلنفية جلواز االستبدال ألهنا جديرة باألخذ واالعتبار؛ ملنع التالعب باألوقاف واحلفاظ عليها.

وأنه ال وجه للتفرقة بني املنقول والعقار يف جواز االستبدال؛ ألن املعنى الذي جوز االستبدال له موجود يف املنقول والعقار من غري فرق، وهو عدم االنتفاع.

احلالة الثانية: اشرتاط الواقف عدم االستبدال:ملصلحة تفويتا فيه ألن يتبع رشطه؛ ال فإنه الوقف استبدال عدم الواقف إذا رشط

املوقوف عليهم وتعطيال للوقف.أو يستبدل ال أن الواقف رشط لو وهبان))): ابن منظومة رشح يف نجيم: ابن قال يكون الناظر معزوال قبل االستبدال أو إذا هم باالستبدال انعزل هل جيوز استبداله؟ قال ))) اخلريش )0)0)-)0))هـ( هو حممد بن عبد اهلل بن عيل اخلريش - نسبة إىل أيب خراش قرية يف البحرية بمرص - أبو عبد اهلل، فقيه مالكي فريض انتهت إليه الرئاسة بمرص ووقف الناس عىل فتاويه، أخذ عن أيب اإلرشاد عيل األجهوري وإبراهيم تصانيفه: من النفراوي. وحممد الزرقاين وحممد اللقاين أمحد منهم مجاعة به وخترج وغريهم، الفييش ويوسف اللقاين »الرشح الكبري«، و»الرشح الصغري« كالمها عىل متن خليل، و»منتهى الرغبة يف حل ألفاظ النخبة البن حجر«، و»الفرائد السنية يف رشح املقدمة السنوسية« ]مقدمة حاشية العدوي عىل رشح اخلريش )/)-) ط دار صادر، واألعالم )/0))[.

))) رشح اخلريش عىل خمترص خليل 7/)9-)9، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/90-)9.))) ابن وهبان )))7-8)7هـ( هو عبد الوهاب بن أمحد بن وهبان، أبو حممد الدمشقي، قايض القضاة، أمني الدين، فقيه س وأفتى وويل قضاء محاة. من تصانيفه: حنفي مقرئ أديب، أخذ عن علمء الشام ومنهم فخر الدين أمحد بن الفصيح، در»قيد الرشائد« منظومة يف ألف بيت ضمنها غرائب املسائل يف الفقه، ورشحها »عقد القالئد«، و»أمثال األمر يف قراءة أيب

عمرو« ]الفوائد البهية )))، وشذرات الذهب )/)))، واألعالم )/80)[.

النظارة على الوقف

198

الطرسويس: إنه ال نقل فيه ومقتىض قواعد املذهب أن للقايض أن يستبدل إذا رأى املصلحة يف كالم السلطان أو للقايض يكون ال أن الواقف رشط إذا قالوا: ألهنم االستبدال؛ يف الوقف أنه رشط باطل وللقايض الكالم ألن نظره أعىل، وهذا رشط فيه تفويت املصلحة للموقوف عليه وتعطيل للوقف فيكون رشطا ال فائدة فيه للوقف وال مصلحة فال يقبل))).

املطلب الثاين»ال�شتدانة على الوقف«

االستدانة يف اللغة: االستقراض وطلب الدين أو أخذ الدين))).وال خيرج املعنى االصطالحي لالستدانة عن معناه اللغوي))).

والدين))): ما يثبت يف الذمة بعقد كالرشاء واإلجارة واحلوالة أو استهالك مال.األعم هي واالستدانة مطلق، وخصوص عموم واالستقراض االستدانة وبني املطلق)))، ألن يف كل من االستدانة واالستقراض شغلر الذمة بالدين، لكن يف االستدانة

الدين عام يشمل القرض وغريه كعوض مبيع أو سلم أو إجارة أو ضمن متلف.واختلف الفقهاء يف جواز استدانة الناظر عىل الوقف عىل أربعة أقوال:

* القول األول: جلمهور الفقهاء: املالكية))) واحلنابلة)7) والزيدية)8) واإلمامية)9)، وهو أنه جيوز للناظر أن يستدين عىل الوقف ملصلحة الوقف من غري إذن احلاكم.

له ثابتان واالئتمن فاإلذن الترصف، مطلق مؤمتن الناظر بأن ذلك عىل واستدلوا فيجوز له االستدانة عىل الوقف)0)).

* القول الثاين: للشافعية، وهو أنه ال جيوز للناظر أن يستدين عىل الوقف عند احلاجة ))) البحر الرائق )/)))، وحاشية ابن عابدين )/88)-89).

))) لسان العرب ))/7))، وتاج العروس 07/9).))) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/9))-0)).

))) الدين مال حكمي وليس بمل حقيقي؛ ألن الدين ال يدخر، واعترب الدين ماال حكميا ألنه باقرتانه بالقبض يف الزمن اآليت سيكون قابال لالدخار )انظر: رشح املجلة لعيل حيدر )/)))).

))) املادة )8))( من جملة األحكام العدلية، وانظر: رشحها لعيل حيدر )/))).))) حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري )/89.

)7) كشاف القناع )/7)).)8) رشح األزهار )/)9).

)9) هداية األنام لرشيعة اإلسالم )/)))، ملحمد احلسني النجفي، مطبعة القضاء بالنجف، )8))هـ.)0)) كشاف القناع )/7)).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

199

إال إذا رشطه له الواقف أو أذن فيه احلاكم، فلو استدان من غري إذن من احلاكم وال رشط من الواقف مل جيز، وال يرجع بم رصفه لتعديه به))).

* القول الثالث: للحنفية، وهو أنه ال جيوز للناظر االستدانة عىل الوقف عند االحتياج إليها إال برشطني:

ولو إذنه. بال يستدين أن فله بعيدا القايض كان فلو قريبا، كان إن القايض إذن )(ادعى الناظر اإلذن فالظاهر أنه ال يقبل قوله إال ببينة ملا أنه يريد الرجوع يف الغلة. وعىل هذا

فإذا كان الواقع أنه مل يستأذن حيرم عليه األخذ من الغلة؛ ألنه بال إذن متربع.)( أن ال يكون للوقف غلة وال تتيرس إجارة عني الوقف والرصف من أجرهتا.

له ذمة ال والوقف الذمة، يف إال ابتداء يثبت ال الدين بأن إليه ذهبوا ما عىل واستدلوا والفقراء وإن كانت هلم ذمة لكن لكثرهتم ال تتصور مطالبتهم فال يثبت إال عىل القيم، وما وجب

عليه ال يملك قضاؤه من غلة الفقراء، هذا هو القياس لكنه ترك عند الرضورة واالحتياج.قال ابن عابدين: املختار أنه إذا مل يكن من االستدانة بد جتوز بأمر القايض إن مل يكن بعيدا املذهب واملعتمد يف للعمرة، املسلمني، وقيل جتوز مطلقا أعم يف مصالح عنه، ألن واليته األول، أما ما له منه بد كالرصف إىل املستحقني فال إال اإلمام واخلطيب واملؤذن فيم يظهر

لرضورة املسجد، وإال للحرص والزيت بناء عىل القول بأهنم من املصالح وهو الراجح))).وعدم جواز االستدانة مقيد بم إذا مل تكن بأمر الواقف، فإن كانت بأمر الواقف فإنه

جتوز االستدانة بال رشط))).الوقف يستدين عىل أن للناظر أنه ال جيوز احلنفية، وهو الرابع: هلالل من القول *

مطلقا ولو للعمرة؛ ألن العمرة تكون يف الغلة وال تكون يف يشء سوى ذلك.قال هالل: وال يشبه الناظر ويل اليتيم الذي يستدين عليه يف نفقته، ألن ويص اليتيم إنم يستدين عىل إنسان بعينه، ويف الوقف ليس يستدين عىل رجل بعينه، وألن ويص اليتيم يشرتي له بالنسيئة متاعا حيتاج إليه يرجو له يف ذلك الربح والزيادة فيجوز ذلك ويكون دينا

))) هناية املحتاج )/00)، وحاشية اجلمل عىل رشح املنهج )/)9).))) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/9))، والفتاوى اهلندية )/)))، والبحر الرائق )/))) وما بعدها.

))) حاشية ابن عابدين )/9))، والبحر الرائق )/7)).

النظارة على الوقف

200

عليه، وال جيوز للناظر أن يشرتي شيئا من ذلك وال يفعله))).قال ابن نجيم: ومحل ابن وهبان قول هالل عىل ما إذا كان بغري أمر القايض وادعى أنه إذا كان بأمر القايض فال خالف فيه، والظاهر كم ذكره الطرسويس خالفه ملا علمت من تعليله))).

ومل يفرق مجهور الفقهاء يف استدانة الناظر عىل الوقف أن تكون االستدانة من ماله أو من مال غريه))).

ومل يعترب احلنفية ما ينفقه الناظر من مال نفسه إلصالح الوقف إذا كان للوقف غلة من باب االستدانة عىل الوقف، وذلك بناء عىل اشرتاطهم عدم الغلة جلواز االستدانة.

قال ابن عابدين نقال عن فتاوى احلانويت))): إن الناظر إذا أنفق من مال نفسه عىل عمرة الوقف لريجع يف غلته له الرجوع ديانة، لكن لو ادعى ذلك ال يقبل منه بل ال بد أن يشهد أنه أنفق لريجع، وهذا يقتيض أن ذلك ليس من االستدانة عىل الوقف وإال ملا جاز إال بإذن

القايض ومل يكف اإلشهاد.قال ابن عابدين: لكن ينبغي تقييد ذلك بم إذا كان للوقف غلة وإال فال بد من إذن القايض، ومثله قوله يف اخلانية أيضا: ال يملك االستدانة إال بأمر القايض، وتفسري االستدانة أن يشرتي للوقف شيئا وليس يف يده يشء من الغلة أما لو كان يف يده يشء فاشرتى للوقف

من مال نفسه ينبغي أن يرجع ولو بال أمر قاض.باإلنفاق فليس من إذنه للمستأجر أو غريه الوقف الناظر من ماله عىل إنفاق ومثل

االستدانة))).الرتجيح:

نرى التشدد يف االستدانة عىل الوقف وعدم اللجوء إليها إال عند احلاجة وبالرشوط التي ذكرها احلنفية؛ ألن االستدانة رضر حمض عىل الوقف فيجب عىل الناظر االبتعاد عنها

))) أحكام الوقف هلالل ص ))-)).))) البحر الرائق )/8)).

))) حاشية الدسوقي )/89، وحتفة املحتاج )/89)، واإلنصاف 7/)7، ورشح األزهار )/)9).))) احلانويت )8)9-0)0)هـ( هو حممد بن عمر بن رساج الدين احلانويت، شمس الدين، فقيه حنفي كان رأس املذهب يف عرصه بالقاهرة، تفقه عىل والده ونور الدين الطرابليس والشهاب أمحد بن يونس الشلبي والنارص اللقاين والشهاب الرميل وغريهم، وأخذ عنه مجاعة من األجالء منهم خري الدين الرميل. من تصانيفه: »إجابة السائلني« املعروف بفتاوى احلانويت

]خالصة األثر )/)7، واألعالم )/7))[.))) حاشية ابن عابدين )/0)).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

201

وعدم اللجوء إليها، إال بعد أن يستنفد مجيع السبل التي يمكن من خالهلا احلصول عىل املال الالزم إلصالح الوقف وعمرته، ويكون ذلك بإذن القايض إن أمكن.

أما القول بمنع االستدانة مطلقا ففيه رضر عىل الوقف وتعطيل له، وذلك عندما ال القول فكان االستدانة، وسيلة غري أخرى بوسائل وعمرته الوقف إصالح من يتمكن

بجواز االستدانة مع التضييق فيه هو الذي حيقق املصلحة للوقف.ما يراعيه الناظر عند االستدانة عىل الوقف:

جيب عىل الناظر عند االستدانة عىل الوقف أن يراعي مصلحة الوقف وعدم اإلرضار به، فال يستدين مرابحة عىل الوقف، فإن فعل فإن الربح يف املرابحة ال يلزم الوقف، ويرجع

الناظر عىل الوقف بأصل الدين ويضمن هو الزيادة))).ادعاء الناظر اإلنفاق عىل الوقف:

اختلف الفقهاء يف قبول قول الناظر ما ادعاه من اإلنفاق عىل الوقف عىل أربعة أقوال:* القول األول: للحنفية، وهو أن الناظر إذا أنفق من ماله اخلاص عىل الوقف لريجع

يف غلته له الرجوع ديانة؛ لكن لو ادعى ذلك ال يقبل قوله إال ببينة))).* القول الثاين: للملكية، وهو أنه لو ادعى الناظر الرصف عىل الوقف من ماله صدق من غري يمني إال أن يكون متهم فيحلف، ولو التزم حني أخذ النظر أن يرصف عىل الوقف

من ماله إن احتاج مل يلزمه ذلك وله الرجوع بم رصفه))).* القول الثالث: للشافعية. وهو أن الناظر إذا أنفق من ماله عىل الوقف من غري إذن من القايض وال رشط من الواقف فإنه متعد وال يرجع بم رصفه، وإذا أذن له فيه صدق فيه

ما دام ناظرا ال بعد عزله))).الرجوع بنية الوقف أنفق من ماله عىل إذا الناظر أن للزيدية، وهو الرابع: القول *

رجع به، وإال مل يرجع))).

))) العقود الدرية )/00).))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/0)).

))) حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري )/89.))) حتفة املحتاج مع حواشيها )/89)، وحاشية القليويب )/09).

))) البحر الزخار )/))).

النظارة على الوقف

202

الرتجيح:نرى األخذ بم ذهب إليه املالكية؛ ألنه يتفق مع ما اتفق عليه الفقهاء من كون يد الناظر

يد أمانة)))، واألمني يصدق فيم ادعاه خاصة إن كان الناظر عدال وثقة.

املطلب الثالث»تاأجري الوقف ملدة طويلة«

سبق أن الفقهاء متفقون عىل أن استغالل الوقف باإلجارة ونحوها من األمور الواجبة عىل الناظر؛ لكن عندهم تفصيل يف مدة إجارة الوقف سنتناوله يف املسائل اآلتية:

املسألة األوىل: مدة إجارة الوقف:اختلف الفقهاء يف مدة إجارة الوقف، هل هي مؤقتة أم غري مؤقتة عىل قولني:

والزيدية))) واحلنابلة))) والشافعية))) املالكية))) الفقهاء: جلمهور األول: القول *واإلمامية))) ومتأخري احلنفية)7)، وهو أن إجارة الوقف مؤقتة بمدة معينة، فال جيوز للناظر

أن يؤجر الوقف بمدة تزيد عىل تلك املدة، وسيأيت بيان هذه املدة عندهم.واستيالء الضياع من الوقف عىل حفاظا مؤقتة الوقف إجارة اجلمهور جعل وإنم الظلمة عليه؛ ألن املدة إذا طالت تؤدي إىل اشتباهه بامللك ومن ثم ادعاؤه وإبطاله، فإن من

يرر شخصا يترصف يف العني ترصف املالك مع طول الزمان يظنه مالكا)8).* القول الثاين: ملتقدمي احلنفية، وهو أن إجارة الوقف غري مؤقتة بمدة معينة، فيجوز وأبو البلخي)9) بكر أبو املتأخرين من ووافقهم كانت مدة أي الوقف يؤجر أن للناظر

القناع وكشاف ،(((/( للهيتمي الكربى والفتاوى ،((( ،(08/7 املعرب واملعيار ،(((/( عابدين ابن حاشية ((()/7))، ورشح األزهار )/89).

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/)9.))) مغني املحتاج )/9)).

))) كشاف القناع )/)، ورشح منتهى اإلرادات )/))).))) البحر الزخار )/9)).

))) املبسوط للطويس )/))).)7) أنفع الوسائل إىل حترير املسائل للطرسويس ص )9)، ط مطبعة الرشق، ))9)م، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/97).

)8) اإلسعاف يف أحكام األوقاف ص )).)9) أبو بكر البلخي )؟-)))هـ( هو أمحد بن عيل بن عبد العزيز، أبو بكر البلخي السمرقندي، املعروف بالظهري، فقيه حنفي كان إماما يف الفروع واألصول عاملا باملعقول واملنقول، أخذ عن نجم الدين عمر النسفي وعيل بن حممد األسبيجاين، درس

بمراغة وبمسجد خاتون بدمشق. من تصانيفه: »رشح اجلامع الصغري« ]الفوائد البهية 7)، واجلواهر املضية )/)0)[.

الباب الثاني: وظيفة الناظر

203

احلسن السغدي))) والقايض أبو عيل النسفي)))، وهو ما اختاره الطرسويس))).وهؤالء املتأخرون عندهم تفصيل وذلك عىل النحو اآليت:

فقال أبو بكر البلخي: أنا ال أقول بفساد اإلجارة مدة طويلة لكن احلاكم ينظر فيها فإن حصل للوقف هبا رضر أبطلها، وهكذا قال أبو احلسن السغدي))).

وقال القايض أبو عيل النسفي: ال جيوز للناظر أن يؤجر الوقف أكثر من ثالث سنوات فإن فعل جازت اإلجارة وصحت))).

قول املتأخرين عن بأن عدول املتأخرين املتقدمني وقول قول بني ووفق احلصكفي املتقدمني بعدم التوقيت إىل التوقيت إنم هو بسبب اخلوف عىل الوقف، فإذا كانت املصلحة

الزيادة أو النقص اتبعت.واستحسن ابن عابدين هذا التوفيق))).

اإلجارة مدة أقىص اختلفوا يف الوقف إجارة بتوقيت القائلني الفقهاء إن مجهور ثم -التي ال جيوز للناظر أن يتعداها عند إجارته الوقف- عىل تسعة أقوال:

* القول األول: للشافعية يف املذهب)7) واحلنابلة يف املذهب)8) واإلمامية)9)، وهو أن أقىص مدة إجارة الوقف هي املدة التي يغلب عىل الظن بقاء العني فيها.

واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:

))) أبو احلسن السغدي )؟-)))هـ( هو عيل بن احلسني بن حممد السغدي -نسبة إىل سغد ناحية من نواحي سمر قند- أبو احلسن، ركن اإلسالم، فقيه حنفي انتهت إليه رئاسة احلنفية، تصدر لإلفتاء وويل القضاء ورحل إليه يف النوازل والواقعات، أخذ الفقه عن شمس األئمة الرسخيس. من تصانيفه: »النتف يف الفتاوى«، و»رشح السري الكبري« ]تاج الرتاجم 09)،

والفوائد البهية )))[.تفقه عىل إمام عرصه، كان فقيه حنفي النسفي، أبو عيل القايض بن خرض، النسفي )؟-)))هـ( هو احلسني أبو عيل (((القضاء بعد موت أيب الزهري وغريهم، ويل الفضل عبيد اهلل الفضل وأيب عمرو حممد بن حممد وأيب أيب بكر حممد بن جعفر االسرتوشني، سكن بخاري ومات هبا، وأقام ببغداد مدة. من تصانيفه: »الفوائد«، و»الفتاوى« ]الفوائد البهية ))،

واألعالم )/7))[.))) أنفع الوسائل إىل حترير املسائل ص )9)-)0)، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/97).

))) اإلسعاف ص ))، وأنفع الوسائل ص 98).))) أنفع الوسائل )9)، 98).

))) حاشية ابن عابدين )/97).)7) املنهاج مع مغني املحتاج )/9))، وحتفة املحتاج مع حواشيها )/)7).

)8) كشاف القناع )/)، واألنصاف )/0).)9) املبسوط للطويس )/))).

النظارة على الوقف

204

اإلجارة فكانت غالبا، املدة تلك يف العني من املنفعة استيفاء يمكنه املستأجر إن )(صحيحة))).

)( وألنه مل يأت نص من الكتاب أو السنة بتقديرها، فجازت اإلجارة إىل املدة التي يغلب عىل الظن بقاء العني فيها))).

قال الشافعية: واملرجع يف املدة التي تبقى فيها العني غالبا إىل أهل اخلربة فتؤجر الدار ثالثني سنة، والدابة عرش سنني، والثوب سنة أو سنتني عىل ما يليق به، واألرض مائة سنة

أو أكثر))).قال اهليتمي: ذكر ذلك القدر للتمثيل ال للتقييد))).أكثر من الوقف إجارة منع احلكام اصطلحوا عىل أن الشافعية البغوي))) من وذكر

ثالث سنني؛ لئال يندرس الوقف.املدة بالقيمة وتقويم أن تكون الوقف حتتاج إىل أن إجارة السبكي: ولعل سببه قال املستقبلة البعيدة صعب، وفيه أيضا منع االنتقال إىل البطن الثاين وقد تتلف األجرة فتضيع

عليهم))).ورد اهليتمي قول البغوي فقال: هذا استحسان منهم ورد بأنه ال معنى له ومل ينقل عن

جمتهد شافعي)7).* القول الثاين: للحنفية عىل املفتى به، وهو أن أقىص مدة إجارة الوقف هي سنة يف

الدور واحلوانيت وثالث سنني يف األرض)8).واستدلوا عىل ذلك بم يأيت:

))) كشاف القناع )/)، ومغني املحتاج )/9)).))) حتفة املحتاج مع حواشيها )/)7).

))) مغني املحتاج )/9)).))) حتفة املحتاج )/)7).

ا« من قرى خراسان - حميي ))) البغوي ))))-0))هـ( هو احلسني بن مسعود بن حممد، أبو حممد البغوي - نسبة إىل »برغرالسنة، يعرف بابن الفراء تارة وبالفراء تارة أخرى، فقيه شافعي حمدث مفرس، تفقه عىل القايض حسني وهو أخص تالمذته، عيل احلسني وأبو الصرييف أمحد بن يعقوب بكر وأبو املليحي الواحد عبد عمرو أبو منهم مجاعات من احلديث وسمع اجلويني. من تصانيفه: »التهذيب« يف الفقه، و»الفتاوى«، و»رشح السنة« يف فقه احلديث، و»لباب التأويل يف معامل التنزيل« يف التفسري ]طبقات الشافعية البن السبكي )/)))، وطبقات الشافعية البن قايض شهبة )/80)، واألعالم )/9))[.

))) هناية املحتاج )/)0).

)7) حتفة املحتاج )/)7).)8) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/97)، )/)، والكنز مع البحر الرائق 99/7)، وأنفع الوسائل )9).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

205

الدور يف سنة عىل زاد وما امللكية، املستأجر ادعاء إىل تؤدي قد الطويلة اإلجارة إن )(واحلوانيت وثالث سنوات يف األرض إجارة طويلة))).

ال غريها ويف سنني، ثالث عن املدة نقصت إذا تتوفر ال الضياع يف الرغبات وألن )(رضورة إىل الزيادة عىل السنة فيتقيد هبا))).

قال ابن عابدين: هذا ما ذكره الصدر الشهيد))) من أن املختار أنه ال جيوز يف الدور أكثر من سنة إال إذا كانت املصلحة يف اجلواز، ويف الضياع جيوز إىل ثالث سنني إال إذا كانت

املصلحة يف عدم اجلواز، وهذا أمر خيتلف باختالف املواضع واختالف الزمان))).* القول الثالث: للملكية، وفرقوا بني كون الوقف دارا أو أرضا.

فإن كان الوقف دارا فال يؤجرها الناظر أكثر من سنة، سواء كانت موقوفة عىل معينني أم غري معينني.

الناظر فإن وأوالده، كفالن معني عىل موقوفة كانت فإن أرضا الوقف كان وإن يؤجرها سنتني وثالثا ال أكثر، وقيل: ال جيوز أكثر من سنتني.

وإن كانت موقوفة عىل غري معني كالفقراء جاز للناظر أن يؤجرها أربعة أعوام ال أكثر.واستثنوا من ذلك املستحق إذا أجر الوقف ملن مرجعه له فيجوز له إجارة الوقف عرش سنني ال أكثر سواء كان الوقف أرضا أو دارا، وذلك مثل ما لو وقف عىل زيد دارا ثم عىل

عمرو فأجرها زيد لعمرو الذي له املرجع عرشة أعوام))).* القول الرابع: للزيدية))) واحلنفية يف قول)7) واحلنابلة يف قول)8)، وهو أن أقىص مدة

))) حاشية ابن عابدين )/97).))) أنفع الوسائل )9).

))) الصدر الشهيد ))8)-)))هـ( هو عمر بن عبد العزيز بن عمر بن مازه، أبو حممد، حسام الدين، برهان األئمة املعروف بالصدر الشهيد، من أكابر فقهاء احلنفية كان إماما يف الفروع واألصول مربزا يف املعقول واملنقول، تفقه عىل والده واجتهد وبالغ إىل أن صار أوحد زمانه، ناظر العلمء ودارس الفقهاء، ذكره صاحب اهلداية يف معجم شيوخه، وكان معظم لدى القايض« أدب و»رشح الصغرى«، و»الفتاوى الكربى«، »الفتاوى تصانيفه: من شهيدا. توىف دونه، ومن السلطان

للخصاف، و»رشح اجلامع الصغري« ]الفوائد البهية 9))، واجلواهر املضية )/9))، واألعالم )/))[.))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/97).

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/)9، ورشح اخلريش 00-99/7).))) البحر الزخار )/9))، رشح األزهار )/97).

)7) الدر املختار مع ابن عابدين )/)، والبحر الرائق 99/7)، واإلسعاف )).)8) اإلنصاف )/0)-)).

النظارة على الوقف

206

إجارة الوقف ثالث سنني، وهو قول الفقيه أيب الليث))) من احلنفية))).يدعي ال كي فتمنع؛ طويلة إجارة سنني ثالث عىل زاد ما بأن ذلك عىل واستدلوا

املستأجر امللك))).والقول: إن أقىص مدة إجارة الوقف ثالث سنني هو ما أطلقته متون احلنفية من غري

فرق بني الضياع وغريها، قيل يف اهلداية: وهو املختار))).قول)7) يف والشافعية احلنفية))) من البلخي))) القاسم أيب للشيخ اخلامس: القول *واحلنابلة يف قول)8)، وهو أن أقىص مدة إجارة الوقف سنة، فال جيوز للناظر إجارة الوقف

أكثر من سنة.واستدلوا عىل ذلك بأن املدة إذا طالت تؤدي إىل إبطال الوقف، فإن من رأى املستأجر

يترصف يف الوقف ترصف املالك عىل طول الزمان يظنه مالكا)9).* القول السادس: للشافعية يف قول آخر)0)) واحلنابلة يف قول آخر))))، وهو أن أقىص

مدة إجارة الوقف ثالثون سنة.* القول السابع: للحنابلة يف قول ثالث))))، وهو أن أقىص مدة إجارة الوقف ال تبلغ

ثالثني سنة.* القول الثامن: للفقيه أيب جعفر من احلنفية، وهو أن الدور ال تؤجر أكثر من سنة،

الليث السمرقندي، املشهور بإمام اهلدى، من أئمة ))) أبو الليث )؟-)9)هـ( هو نرص بن حممد بن أمحد بن إبراهيم، أبو فقهاء احلنفية، تفقه عىل أيب جعفر اهلندواين. من تصانيفه: »عيون املسائل«، و»تأسيس النظر«، و»الفتاوى« ]اجلواهر املضية

)/)))، والفوائد البهية 0))، وتاج الرتاجم 0))[.))) اإلسعاف ص )).

))) اهلداية مع رشوحها 8/8.))) اهلداية مع رشوحها 8/8، والبحر الرائق 99/7)، وحاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/).

))) أبو القاسم البلخي )؟-)))هـ( هو أمحد بن عصمة الصفار البلخي، أبو القاسم، من كبار فقهاء احلنفية كانت الرحلة إليه ببلخ، أخذ عن نصري بن حييى، وتفقه عىل أيب جعفر اهلندواين وسمع منه احلديث، وتفقه عليه مجاعة منهم أبو حامد بن

احلسني املروزي ]اجلواهر املضية )/00)-)0)، والفوائد البهية ))[.))) اإلسعاف ص ))، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/97).

)7) مغني املحتاج )/9)).)8) اإلنصاف )/0)-)).

)9) حاشية ابن عابدين )/97).)0)) مغني املحتاج )/9)).)))) اإلنصاف )/0)-)).

)))) املرجع السابق.

الباب الثاني: وظيفة الناظر

207

واألرض إن كانت تزرع يف كل سنة ال يؤجرها الناظر أكثر من سنة، وإن كانت تزرع يف كل سنتني مرة أو يف كل ثالث سنوات مرة جاز للناظر أن يؤجرها مدة يتمكن املستأجر

من زراعتها))).* القول التاسع: لإلمام حييى))) من الزيدية، وهو أنه يصح إجارة الوقف إىل مخسني

سنة))).الرتجيح:

نرى األخذ بم ذهب إليه مجهور الفقهاء من أن مدة إجارة الوقف مؤقتة لألدلة التي ذكروها، فال جيوز للناظر تأجري الوقف إىل أي مدة شاءها.

كم نرى األخذ بم ذهب إليه احلنفية يف املفتى به عندهم من أن أقىص مدة إجارة الوقف هي سنة واحدة يف الدور واحلوانيت وثالث سنني يف األرايض؛ وذلك ألن يف إجارة الوقف أكثر من ذلك رضرا عليه، ويزداد الرضر كلم زادت املدة لرضورة اختالف أجر املثل يف والسادس األول القول أصحاب يقول كم سنة ثالثني الوقف أجرنا فلو الطويلة، املدة ادعاء خوف إىل إضافة املدة، هذه يف سيختلف املثل أجر أن شك فال والثامن والسابع

الوقف بسبب طول املدة.إجارة مدة أقىص يف احلنفية عن كثريا خيتلفون ال والرابع الثالث القول وأصحاب

الوقف، لكن االحتياط هو ما ذهب إليه احلنفية.املسـألة الثانية: حكم اإلجارة الطويلة:

اختلف الفقهاء يف حكم إجارة الوقف إجارة طويلة عىل ثالثة أقوال:* القول األول: للحنفية عىل الصحيح املفتى به))) والزيدية)))، وهو أنه لو أجر الناظر

))) اإلسعاف ص )).))) اإلمام حييى )9))-))7هـ( هو حييى بن محزة بن عيل بن إبراهيم، احلسيني العلوي الطالبي، املؤيد باهلل، من أكابر أئمة اليمنية، الديار علمء أكابر عىل أنواعها مجيع من فأخذ صبي وهو العلمية باملعارف اشتغل اليمن، يف وعلمئهم الزيدية وتبحر يف مجيع العلوم، دعا إىل نفسه باإلمامة عقب موت اإلمام املهدي حممد بن املطهر، وأجابه الناس يف الديار اليمنية. من تصانيفه: »هناية الوصول إىل علم األصول«، و»احلاوي« يف أصول الفقه و»االنتصار«، و»االختيارات« كالمها يف الفقه ]البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع للشوكاين )/)))، ط مطبعة السعادة بمرص، 8)))هـ، واألعالم 8/)))[.

))) البحر الزخار )/9)).))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)، )، والبحر الرائق 99/7).

))) رشح األزهار )/98).

النظارة على الوقف

208

الوقف أكثر من أقىص مدة إجارة الوقف مل تصح اإلجارة وتفسخ يف كل املدة.واستدلوا عىل ذلك بم يأيت:

)( إن العقد إذا فسد يف بعضه فسد يف كله فال تصح اإلجارة وتفسخ يف كل املدة))).)( والقول بعدم صحة اإلجارة إنم هو لصيانة األوقاف من أن يدعي املستأجر ملكيتها

لطول املدة))).* القول الثاين: للشافعية))) والطرسويس من احلنفية)))، وهو أن اإلجارة تصح وتفسخ يف الزائد عىل أقىص مدة اإلجارة، وهو ما زاد عىل الثالث يف الضياع وعىل السنة يف غريها

عند احلنفية، وما زاد عىل املدة التي ال تبقى العني إليها غالبا عند الشافعية.واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:

)( إن الفقهاء قد قيدوا رساية الفساد بالفاسد القوي املجمع عليه فيرسي إىل اجلميع القدر يتعداه. ومقتىض هذا أن تفسد اإلجارة يف بخالف الضعيف فيقترص عىل حمله وال الزائد فقط؛ ألنه قد مجع بني جائز وفاسد يف عقد واحد والفاسد غري قوي لعدم االتفاق عليه فال يرسي، وإنم كان الفاسد غري قوي ألنه خمتلف فيه فإن املتقدمني مل يقدروا اإلجارة

بمدة))).)( وألن هذا من الفساد الطارئ فال يرسي، ووجه ذلك أن اإلجارة تنعقد ساعة فساعة، يقدر حكم عند حدوث كل اإلجارة العقد يف أن احلنفية- وذلك ألن األصل -عند

منفعة، ألن املنافع تقدر وقت العقد مجلة ويرد العقد عليها))).)( لو باع ويص شخص ضيعة من تركته عىل أهنا ملكه ثم ظهر أن بعضها وقف مسجد

صح البيع يف الباقي عىل الراجح.وإذا كان البيع أقوى من اإلجارة، وقد صدر يف امللك والوقف بعقد واحد وصح يف

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين)/).))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/).

))) حاشية الرشواين وابن قاسم العبادي عىل حتفة املحتاج )/)7).))) أنفع الوسائل ص )0)، وحاشية ابن عابدين )/).

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/).))) حاشية ابن عابدين يف الدر املختار )/)-)، وأنفع الوسائل ص )0).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

209

امللك فألن تصح اإلجارة فيم عدا الزائد باألوىل))).* وهل تفسخ اإلجارة يف الزائد بطلب من الناظر أم بال طلب؟

قال الطرسويس: الظاهر أن الناظر هو من يطلب الفسخ يف املدة الزائدة، وال يمنع منه كونه هو الذي بارش العقد، وال يكون هذا تناقضا منه، كم قال أصحابنا يف الويص إذا باع مال الصغري ثم ادعى أنه باع بغبن فاحش تسمع دعواه، فإقدامه عىل البيع ال يمنع دعوى الفساد، وكذا متويل الوقف إذا باع غلة الوقف ثم ادعى أنه باع بغبن فاحش تسمع دعواه

وتناقضه هذا ال يمنع دعواه))).بال البطالن األكمل))) خزانة عن البريي رشح يف ما مقتىض عابدين))): ابن وقال

طلب، ومثله يف تلخيص الكربى))) معزيا إىل أيب حفص))).ابن عابدين: حيث قال الوقف، كله ملصلحة العقد بفساد القول احلنفية وقد رجح اختالف اآلراء يف رساية الفساد وعدمها يرجح ما هو األنفع للوقف وهو الرسيان؛ لئال

يقدم مرة أخرى عىل هذا العقد)7).قال الشافعية: لو بقيت اإلجارة عىل حاهلا -أي مل تفسخ- إىل متام املدة املقدرة يف العقد فالذي يظهر صحة اإلجارة يف اجلميع؛ ألن البطالن يف الزيادة إنم كان لظن تبني خطؤه)8).

* القول الثالث: للملكية، وهو أنه إذا أجر الناظر الوقف أكثر من أقىص مدة إجارة

))) الدر املختار مع ابن عابدين )/).))) أنفع الوسائل ص )0)-)0).

))) حاشية ابن عابدين )/).))) »خزانة األكمل« كتاب أليب يعقوب يوسف بن عيل بن حممد اجلرجاين احلنفي، ذكر فيه أن هذا الكتاب حميط بجل مصنفات األصحاب، بدأ بكايف احلاكم ثم باجلامعني ثم بالزيادات ثم بمجرد ابن زياد واملنتفى والكرخي ورشح الطحاوي وعيون

املسائل وغري ذلك )كشف الظنون )/)70، وتاج الرتاجم )8)).))) »تلخيص الكربى« كتاب ملحمود بن مسعود املرغيناين خلص فيه الفتاوى الكربى للصدر الشهيد عمر بن مازه، وأضاف

إليها كثريا من الفروع املحتاج إليها )اجلواهر املضية )/)))، وكشف الظنون )/9)))).))) أبو حفص )0))- 7))هـ( هو أمحد بن حفص بن الزبرقان البخاري، أبو حفص الكبري، من كبار أئمة احلنفية وشيخ ما وراء النهر، أخذ الفقه عن حممد بن احلسن وشمس األئمة وبرع يف الرأي، وسمع من وكيع ابن اجلراح وهيثم بن بشري البهية ص 8)، واجلواهر املضية )/)))، وسري ]الفوائد أبا حفص الصغري ابنه حممد وجرير بن عبد احلميد، ويكنى

أعالم النبالء للذهبي 0)/7))، ط مؤسسة الرسالة بريوت، )98)م[.)7) حاشية ابن عابدين )/).

)8) حاشية الرشواين عىل حتفة املحتاج )/)7).

النظارة على الوقف

210

الوقف صح العقد ويميض إن كان فيه مصلحة للوقف وإال فسخ))).وإذا وقعت اإلجارة يف السنني الكثرية عثر عىل ذلك وقد مىض بعضها فإن كان الذي

بقي يسريا مل يفسخ، وإن كان كثريا فسخ، وحد اليسري الشهر والشهران))).الرتجيح:

الشافعية والطرسويس من احلنفية من صحة عقد اإلجارة إليه نرى األخذ بم ذهب التي ذكروها، ويف هذه الوقف لألدلة الزائد عىل أقىص مدة إجارة الطويلة وانفساخه يف األدلة رد رصيح عىل ما استدل به أصحاب القول األول من أن العقد إذا فسد يف بعضه

فسد يف كله.إلرادة احرتام فيه فقط الوقف إجارة مدة أقىص عىل زاد ما بفساد القول إن ثم املتعاقدين إضافة إىل صيانة األوقاف، فيصح العقد يف املدة املقررة رشعا يف إجارة الوقف

احرتاما إلرادة املتعاقدين، ويفسد فيم عداها صيانة لألوقاف من االدعاء والضياع.املسألة الثالثة: الزيادة عىل أقىص مدة إجارة الوقف للرضورة واملصلحة:

رضورة هناك كانت إذا الوقف مدة أقىص عىل زيادة الوقف إجارة الفقهاء أجاز تستدعي ذلك أو مصلحة للوقف))).

قال الدردير: إذا كانت هناك رضورة تقتيض الكراء ألكثر كم لو اهندم الوقف فيجوز كراؤه بم يبنى به، ولو طال الزمن كأربعني عاما أو أزيد بقدر ما تقتيض الرضورة، وهو خري

من ضياعه واندراسه))).الناظر، القايض ال وقد رصح احلنفية بأن الذي يملك إجارة الوقف ملدة طويلة هو قالوا: إن احتاج الوقف إىل العمرة وال غلة فإن الناظر يرفع األمر للحاكم ليؤجره أكثر،

ليعمر من أجرته، وحينئذ يؤجره احلاكم مدة طويلة بقدر ما يعمر به))).املتعلقة بعني التي جيوز من أجلها إجارة الوقف ملدة طويلة هي املصلحة واملصلحة

))) الرشح الكبري مع الدسوقي )/)9، ومواهب اجلليل )/7).))) مواهب اجلليل )/7).

))) حاشية ابن عابديني مع الدر املختار )/97)، الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/)9، حتفة املحتاج )/)7)، رشح األزهار )/98).

))) الرشح الكبري عىل خمترص خليل )/)9.))) حاشية ابن عابدين )/97).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

211

الوقف، كأن توقفت عمرته عىل أجرة املدة الطويلة ال املصلحة املتعلقة باملوقوف عليهم))).ووضع احلنفية حيلة لإلجارة الطويلة فقالوا: إن احتاج الوقف إىل اإلجارة الطويلة فاحليلة أن يعقد عقودا مرتادفة، كل عقد سنة بكذا، فيلزم العقد األول ألنه ناجز، وال تلزم

العقود الباقية ألهنا مضافة فللناظر فسخه، وهذا مبني عىل عدم لزوم اإلجارة املضافة))).واعرتض قايض خان))) عىل ذلك باعرتاضني:

)( إن اإلجارة املضافة تكون الزمة يف إحدى الروايتني وذلك هو الصحيح.)( قوهلم إن احتاج القيم إىل تعجيل األجرة يعقد عقودا مرتادفة مردود بأهنم أمجعوا عىل أن األجرة ال متلك يف اإلجارة املضافة باشرتاط التعجيل، أي: فيكون للمستأجر الرجوع

بم عجله من األجرة، فال يكون هذا العقد مفيدا.أيضا، مصححة املضافة اإلجارة لزوم عدم رواية بأن زادة قنايل العالمة وأجاب بأن عنه جياب لكنه بقوله: الثاين عن اإلجارات كتاب يف أجاب نفسه خان قايض وبأن ملكر األجرة عند التعجيل فيه روايتان فيؤخذ برواية امللك هنا للحاجة، وهذا ينايف دعواه

اإلمجاع.أصح فتكون أي الفتوى عليها بأن تأيدت اللزوم عدم رواية إن عابدين: ابن قال التصحيحني، ألن لفظ الفتوى يف التصحيح أقوى، لكن رواية عدم اللزوم هنا ال تنفع ألنه يثبت للمستأجر الفسخ فريجع بم عجله من األجرة، وإن قلنا: إهنا متلك بالتعجيل فينبغي

هنا ترجيح رواية اللزوم للحاجة، نظري ما قاله قايض خان يف رواية امللك))).بعقود. ولو الطويلة اإلجارة إبطال الفتوى عىل بأن ذلك واعرتض احلصكفي عىل وأجاب ابن عابدين بأن الفتوى عىل إبطال اإلجارة الطويلة ولو بعقود إنم هي عند عدم احلاجة لتحقق املحظور، وهو أن طول املدة يؤدي إىل إبطال الوقف، لكن عند احلاجة فال،

))) حتفة املحتاج )/)7).))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/).

))) قايض خان )؟-)9)هـ( هو حسن بن منصور بن حممود األوزجندي -نسبة إىل أوزجند مدينة بنواحي أصبهان بقرب من فهامة جمتهدا عميقا وبحرا كبريا إماما كان حنفي، فقيه خان، بقايض املعروف الدين، فخر الفرغاين، فرغانة- الدين الدين املرغيناين، ونظام اري واإلمام ظهري ف إبراهيم بن إسمعيل الص طبقة االجتهاد يف املسائل، تفقه عىل اإلمام املرغيناين، وتفقه عليه شمس األئمة حممد بن عبد الستار الكردري، وأبو املحامد حممود احلصريي ونجم األئمة وغريهم. و»األمايل« للخصاف«، القضاء أدب الزيادات«، و»رشح الصغري«، و»رشح اجلامع »الفتاوى«، و»رشح تصانيفه: من

]الفوائد البهية ))، واجلواهر املضية )/)9، واألعالم )/)))[.))) حاشية ابن عابدين )/97)-98).

النظارة على الوقف

212

يزول مستقبلة سنني أجرة بتعجيل الوقف عمرة حلاجة الطويلة اإلجارة إىل اضطر فإذا املحظور املوهوم عند وجود الرضر املتحقق، فالظاهر ختصيص بطالن هذه اإلجارة بم عدا

هذه الصورة، وهو جعلها حيلة لتطويل املدة))).

املطلب الرابع»الت�شرف يف الوقف ت�شرف املالك«

مستوفيا ألركانه الوقف وقع إذا تكون ملن املوقوفة العني ملكية الفقهاء يف اختلف ورشوطه عىل أربعة أقوال:

والظاهرية))) األظهر))) يف والشافعية احلنفية))) من للصاحبني األول: القول *وبعض واحلارثي)8) موسى)7) أيب ابن اختارها روايــة))) يف أمحد واإلمام والزيدية)))

اإلمامية)9)، وهو أن العني املوقوفة خترج عن ملك الواقف وتنتقل إىل ملك اهلل تعاىل.* القول الثاين: لإلمام أيب حنيفة)0)) واملالكية)))) والشافعية يف قول)))) واإلمام أمحد يف رواية))))

وبعض اإلمامية))))، وهو أن العني املوقوفة ال خترج عن ملك الواقف بل تبقى عىل ملكه.

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/98)، )/)-).))) اهلداية مع رشوحها )/)))، وحاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/7))-8)).

))) املنهاج مع مغني املحتاج )/89).))) املحىل 78/9)، ط املنريية، ))))هـ.

))) البحر الزخار )/9))، ورشح األزهار )/)0).))) اإلنصاف 8/7).

)7) ابن أيب موسى ))))-8))هـ( هو حممد بن أمحد بن أيب موسى اهلاشمي، أبو عيل، قاض من أكابر علمء احلنابلة، من أهل بغداد مولدا ووفاة، صحب أبا احلسن التميمي وغريه من شيوخ املذهب، وسمع احلديث من مجاعة منهم أبو حممد املنصور. من تصانيفه: بجامع له حلقة العباسيني وكان اهلل بأمر والقائم باهلل القادر اخلليفتني أثريا عند كان بن مظفر، »اإلرشاد« يف الفقه، و»رشح كتاب اخلرقي« ]طبقات احلنابلة البن أيب يعىل )/)8)، ط مطبعة السنة املحمدية، ))9)م[.البغدادي )8) احلارثي ))))-))7هـ( هو مسعد بن أمحد بن مسعود احلارثي - نسبة إىل احلارثية من قرى غريب بغداد- ثم املرصي، أبو حممد، سعد الدين، فقيه حنبيل حمدث، ولد ونشأ بمرص، تفقه عىل أيب عمرو وغريه، وسمع احلديث من كثري، برع وأفتى وصنف ودرس بجامع طولون وويل القضاء. من تصاينفه: »رشح املقنع البن قدامة« ومل يكمله، و»رشح بعض سنن أيب داود«، و»األمايل يف احلديث والرتاجم« ]الذيل عىل طبقات احلنابلة البن رجب )/)))، ط مطبعة السنة

املحمدية، ))9)م، واألعالم 7/)))[.)9) مفتاح الكرامة 78/9.

)0)) العناية عىل اهلداية )/)))، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/7)).)))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/)9.

)))) مغني املحتاج )/89).)))) اإلنصاف 8/7).

)))) مفتاح الكرامة 78/9.

الباب الثاني: وظيفة الناظر

213

* القول الثالث: للحنابلة يف املذهب))) واإلمامية يف األصح)))، وهو أن العني املوقوفة خترج عن ملك الواقف وتنتقل إىل ملك اهلل تعاىل إن كان الوقف عىل جهة عامة كمدرسة وفقراء وغزاة، وتنتقل إىل ملك املوقوف عليه إن كان الوقف عىل آدمي معني كزيد وعمرو

أو كان عىل مجع حمصور كأوالده أو أوالد فالن.واختلفوا يف املسجد، فقال احلنابلة: هو كالوقف عىل جهة امللك فيه هلل تعاىل))). وقال

اإلمامية: هو فك ملك كتحرير العبد))).* القول الرابع: للشافعي يف قول))) وبعض اإلمامية)))، وهو أن العني املوقوفة خترج

عن ملك الواقف وتنتقل إىل ملك املوقوف عليهم.يؤثر ال ذلك يف اختالفهم أن لبيان الوقف ملكية يف الفقهاء اختالف أوردنا وإنم عىل حكم عقد الوقف من حيث عدم جواز الترصف فيه ترصف املالك، وليس املقصود اختيار أحد األقوال عن طريق ذكر أدلة كل فريق واملناقشة والرتجيح، فإن الرتجيح ال يرفع

اخلالف.فأصحاب القول األول الذين يقولون: إن الوقف ينتقل إىل ملك اهلل تعاىل يقصدون أن الوقف مل يبق عىل ملك الواقف ومل ينتقل إىل ملك غريه، بل صار عىل حكم ملك اهلل

تعاىل، الذي ال ملك فيه ألحد سواه وإال فالكل ملك هلل تعاىل)7).املوقوف عن انفكاك تعاىل هو اهلل إىل املوقوف انتقال معنى أن الشافعية عىل ونص اختصاص اآلدمي، وإال فجميع املوجودات له -سبحانه وتعاىل- يف كل األوقات، فاملالك أنه ال جيوز ألحد أن يترصف يف الوقف ترصف يف احلقيقة هو اهلل تعاىل)8). ومعنى ذلك

املالك له.والقائلون بأن الوقف يبقى عىل ملك الواقف ال خيرج عنه أو أنه ينتقل إىل ملك املوقوف

))) كشاف القناع )/))).))) مفتاح الكرامة 79/9.

))) كشاف القناع )/))).))) مفتاح الكرامة 79/9.

))) مغني املحتاج )/89).))) مفتاح الكرامة 78/9.

)7) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/8)).)8) املنهاج مع مغني املحتاج )/89)، وانظر: مفتاح الكرامة 80/9.

النظارة على الوقف

214

عليه، فإهنم يرصحون بأن من كان الوقف يف ملكه سواء كان واقفا أم موقوفا عليه فإنه ال يملك أن يترصف يف الوقف ترصف املالك، فال يملك بيعه وال هبته وال يورث عنه))).

وإذا كان صاحب امللك ممنوعا من الترصف يف الوقف فغريه كالناظر والقايض أوىل باملنع، وبيان ذلك يف املسائل اآلتية:

املسألة األوىل: بيع الوقف وهبته:ال خالف بني الفقهاء يف أنه ال جيوز للقايض والناظر بيع الوقف وهبته؛ ألن ذلك ينايف البيع التملك ومنها بأسباب املوقوفة العني الترصف يف قطع مقتضاه إذ الوقف؛ مقتىض واهلبة))). ودليل ذلك حديث ابن عمر ريض اهلل عنهم: »أن عمر تصدق بمل له عىل عهد مغ وكان نخال- فقال عمر: يا رسول اهلل رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم -وكان يقال له ثرإين استرفردت ماال وهو عندي نفيس فأردت أن أتصدق به، فقال النبي صىل اهلل عليه وسلم:

تصدق بأصله، ال يباع وال يوهب وال يورث، ولكن ينفق ثمره، فتصدق به عمر«))).وإذا تعدى الناظر فباع الوقف انعزل وإن كان منصوبا من قبل الواقف، ولزم احلاكم

أن يويل غريه))).وجيب عىل املشرتي إذا سكن الوقف أجر املثل. قال ابن نجيم: إذا باع متويل املسجد الثاين فادعى املتويل ووىل غريه، عزل هذا ثم املشرتي، املسجد فسكنه منزال موقوفا عىل املنزل عىل املشرتي وأبطل القايض بيع املتويل وسلم الدار إىل املتويل الثاين؛ فعىل املشرتي أجر املثل. وال فرق بني أن يكون البائع املتويل أو غريه بل وجوب أجر املثل فيم إذا باعه غري املتويل باألوىل، وذكر يف القنية أنه ال جيب وهو ضعيف؛ ألنه وإن سكن بتأويل امللك جيب

أجر املثل مراعاة للوقف))).

))) مواهب اجلليل )/))، مغني املحتاج )/)7)، كشاف القناع )/)))، )))، مفتاح الكرامة 78/9.))) البحر الرائق )/)))، حاشية الدسوقي )/)))، وفتح العيل املالك يف الفتوى عىل مذهب اإلمام مالك )/)))، ط دار املعرفة، بريوت، والفتاوى الكربى البن حجر اهليتمي )/)))، ط املكتبة اإلسالمية، وكشاف القناع )/0))، )/0))،

)))، والبحر الزخار )/9))، واملبسوط للطويس )/)8)-00)، والروضة البهية )/))).))) حديث: »أن عمر تصدق بمل ...« أخرجه البخاري يف كتاب الوصايا باب وما للويص أن يعمل يف مال اليتيم وما يأكل منه بقدر عملته )صحيح البخاري )/)9)، ط دار إحياء الرتاث العريب - بريوت(. ومسلم يف كتاب الوصية باب الوقف

)صحيح مسلم )/))))، ط عيسى احللبي، ))9)م(.))) الفتاوى الكربى )/))).

))) البحر الرائق )/))).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

215

املسألة الثانية: رهن الوقف:اتفق الفقهاء عىل أنه ال جيوز للناظر وال القايض رهن الوقف)))، واستدلوا عىل ذلك بم يأيت:)( أنه يشرتط يف الرهن أن يملك الراهن الرهن حتى يصح الرهن، والناظر والقايض ال

يملكان الوقف، فال يصح رهنهم))).بيعر الرهن واستويف الدين من )( وألن الرهن يستلزم البيع، فإن الراهن إذا تعذر الوفاء

ثمنه، والوقف ال يصح بيعه))).قال احلنفية: إذا رهن املتويل أرض الوقف بدين ال يصح، فإن سكن املرهتن الدار قال

بعضهم عليه أجر املثل، سواء كانت الدار معدة لالستغالل أم مل تكن نظرا للوقف))).ولزم الواقف، قبل من منصوبا كان وإن انعزل، الوقف فرهن الناظر تعدى وإذا

احلاكم أن يويل غريه))).املسألة الثالثة: إعارة الوقف:

إباحة ألهنا التربع من نوع اإلعارة ألن الوقف؛ إعارة القايض وال للناظر جيوز ال منفعة، أو متليك منفعة بغري عوض، والناظر والقايض ليسا أهال للتربع بالوقف رشعا.

وإنم مل يكونا أهال للتربع بالوقف ألهنم ال يملكان منفعة الوقف، ويشرتط يف املعري أن يملك منفعة املعار حتى تصح العارية.

بخالف ما إذا كان الناظر من املوقوف عليهم فإن له أن يعري؛ ألنه حينئذ يملك منفعة الوقف))).

املسألة الرابعة: إقراض مال الوقف:يفرق الفقهاء يف حكم إقراض مال الوقف بني القايض والناظر.

أ( أما القايض فقد رصح احلنفية والشافعية بأنه جيوز للقايض إقراض مال الوقف، وعللوا

روض ورشح ،(((/( الدسوقي وحاشية ،(((/( الرائق والبحر ،((7/( عابدين ابن حاشية مع املختار الدر (((الطالب )/)))، والفتاوى الكربى )/)))، ورشح منتهى اإلرادات )/9))، والبحر الزخار )/9)).

))) البحر الرائق )/)))، وكشاف القناع )/))).))) البحر الرائق )/)))، رشح روض الطالب )/)))، والبحر الزخار )/9)).

))) البحر الرائق )/))).))) الفتاوى الكربى الفقهية )/))).

،(((-(((/( الطالب روض ورشح ،(((/( املالك العيل وفتح ،((7/( عابدين ابن حاشية مع املختار الدر (((وكشاف القناع )/)).

النظارة على الوقف

216

مضمون، والقرض بنفسه احلفظ يبارش أن يمكنه ال أشغاله لكثرة القايض بأن ذلك فكان دفعه قرضا أنظر للوقف.

رصح بل مضمونة، غري وهي أمانة الوديعة ألن إيداعه؛ من أفضل قرضا ودفعه الشافعية بأنه ال يودعه أمينا إال عند عدم التمكن من إقراضه))).

وذكر هؤالء أمورا ينبغي للقايض أن يراعيها عند إقراض مال الوقف وهي:)( أن يقرضه مليئا مؤمتنا))): قال ابن عابدين: وينبغي أن يتفقد أحوال املستقرضني

حتى لو اختل أحدهم أخذ منه املال))).ا القايض صك احلنفية: يكتب فقال توثيقه: القرض، واختلفوا يف كيفية يوثق أن )(ال مندوبة الصك وكتابة ذلك، ونحو الشهود وأسمء للمل باالستذكار القرض ليحفظ

واجبة))).وقال الشافعية: يأخذ رهنا، واختلفوا يف لزوم أخذ الرهن.

فقال زكريا األنصاري: إن رأى يف أخذ الرهن مصلحة أخذه وإال تركه.وقال الرميل الكبري: الصواب أنه يشرتط يف إقراض مال الوقف أخذ الرهن))).

)( وأنه ال جيوز للقايض أن يستقرض مال الوقف لنفسه))).ب( وأما الناظر فقد اختلف الفقهاء يف حكم إقراضه مال الوقف عىل قولني:

للناظر أنه ال جيوز احلنفية)9)، وهو للشافعية)7) واحلنابلة)8) وبعض األول: القول *إقراض مال الوقف؛ ألنه يشرتط يف املقرض أن يكون من أهل التربع، والناظر ليس من

أهل التربع بمل الوقف، إال أن تكون هناك رضورة كنهب فيجوز للناظر ذلك.املستحقون الوقف إال إن غاب إقراض غلة للناظر اهليتمي: ال جيوز ابن حجر قال

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/0))، رشح روض الطالب )/))).))) املراجع السابقة.

))) حاشية ابن عابدين )/0)).

))) حاشية ابن عابدين )/))).))) رشح روض الطالب مع حاشية الرميل )/))).

))) حاشية ابن عابدين )/))).)7) رشح روض الطالب )/)))، )7).

)8) رشح منتهى اإلرادات )/))).)9) البحر الرائق )/9))، والعقود الدرية )/9)).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

217

وخيش تلف الغلة أو ضياعها فيقرضها مليلء ثقة))).* القول الثاين: لبعض احلنفية، وهو أنه جيوز للناظر إقراض ما فضل من غلة الوقف؛

لو كان اإلقراض أحرز من إمساكه))).ووفق ابن عابدين بني القولني فقال: إن املتويل يضمن إال أن يقال: إنه حيث مل يكن

اإلقراض أحرز))).وذكر احلنفية أنه لو أمر القايض الناظر إقراض مال الوقف فأقرضه ثم مات املستقرض

مفلسا فال ضمن عىل الناظر.والقاعدة أنه إذا أمر القايض الناظر بيشء ففعله، ثم تبني أنه ليس برشعي أو فيه رضر

عىل الوقف فال يشء عىل الناظر وال يكون ضامنا))).الرتجيح:

الوقف، أموال عىل وحفاظا أصحابه ذكرها التي لألدلة األول بالقول األخذ نرى وبقول من جييزون للناظر إقراض مال الوقف لو كان اإلقراض حيقق احلفظ واألمان ملال منزلة تنزل واحلاجة للحاجة، هنا اإلقراض فيكون الناظر، عند كان لو مما أكثر الوقف

الرضورة))).

املطلب اخلامس»الزيادة يف عني الوقف«

م سبق أن العمرة واجبة عىل الناظر إبقاء للوقف واستمرارا يف نفع املستحقني، ومن ثرحتصيل الواقف لألجر والثواب عىل االستمرار، وهو غرض الواقف من الوقف.

والعمرة الواجبة عىل الناظر هي التي حتقق بقاء الوقف عىل الصفة التي كان عليها حني وقفه، فإذا خرب الوقف أو احتاج إىل مرمة فإنه يبنى ويرم عىل ذلك الوصف.

وال جيوز للناظر أن يزيد يف عني الوقف؛ ألن املوقوف بصفته صارت غلته مرصوفة إىل

))) الفتاوى الكربى )/))).))) البحر الرائق )/9))، وحاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/)))، والعقود الدرية )/9)).

))) حاشية ابن عابدين )/))).))) البحر الرائق )/9))، والعقود الدرية )/9)).

))) انظر هذه القاعدة يف األشياء والنظائر البن نجيم ص )9.

النظارة على الوقف

218

املوقوف عليه، فأما الزيادة عىل ذلك فليست بمستحقة عليه والغلة مستحقة له، فال جيوز رصفها إىل يشء آخر إال برضاه. وال فرق يف ذلك بني أن يكون الوقف عىل معني أو عىل الفقراء))).

الزيادة للناظر جيوز فإنه الفقراء عىل كان لو الوقف أن إىل احلنفية بعض وذهب عىل صفة الوقف. قال املرغيناين))): واألول أصح؛ ألن الرصف إىل العمرة رضورة إبقاء للوقف، وال رضورة يف الزيادة. وقال الكمل: وألنه رصف حق الفقراء إىل غري ما يستحق

عليهم))).وبناء عىل ذلك فقد رصح احلنفية بمنع البياض واحلمرة عىل احليطان من مال الوقف

إن مل يكن فعله الواقف، وإن فعله فال منع))).واستثنى بعض الفقهاء حالتني أجازوا للناظر فيهم الزيادة ومها:

)( حالة ما إذا ريض املوقوف عليهم بالزيادة فإنه جيوز للناظر حينئذ الزيادة؛ ألنه إنم منع من ذلك حلق املوقوف عليهم وقد رضوا بذلك، وهذا عند احلنفية))).

)( حالة ما إذا كان هناك غناء يف املرصف فإنه جيوز للناظر حينئذ الزيادة؛ ألن ذلك بمنزلة ل آخر لذلك املرصف، وبه قال الزيدية))). كسب مستغ

املطلب السادس»اإحداث الوظائف«

عىل الرضر لرتتب الواقف؛ يرشطها مل الوقف يف وظائف إحداث للناظر جيوز ال مرتبات ألصحاهبا عليه رصف يرتتب الوظائف إحداث فإن الترصف، هذا الوقف من

من غلة الوقف.))) اهلداية مع رشوحها )/)))، والبحر الرائق )/)))، وحاشية ابن عابدين )/)))، واملعيار املعرب 7/)))، ومطالب

أويل النهي )/)))، ورشح األزهار )/99)-00).))) املرغيناين )0))-)9)هـ( هو عيل بن أيب بكر بن عبد اجلليل الفرغاين املرغيناين، شيخ اإلسالم، برهان الدين، من أكابر ففقهاء احلنفية من أصحاب الرتجيح بني الروايات حمدث مفرس أصويل أديب، تفقه عىل مجاعة منهم نجم الدين أبو حفص عمر النسفي الدين ونظام الدين جالل أوالده منهم غفري جم عليه وتفقه البخاري، الدين وقوام مازه بن الدين حسام الشهيد والصدر وكذلك شمس األئمة الكردري وجالل الدين االسرتوشني. من تصانيفه: »بداية املبتدئ« ورشحه »اهلداية«، و»كفاية املنتهى«، و»التجنيس«، و»خمتار جمموع النوازل« ]تاج الرتاجم )0)، واجلواهر املضية )/7))، والفوائد البهية )))، واألعالم )/)))[.

))) اهلداية مع رشح فتح القدير )/))).))) البحر الرائق )/)))، وحاشية ابن عابدين )/)7).

))) اهلداية مع رشوحها )/)))، والبحر الرائق )/))).))) رشح األزهار )/99)-00).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

219

وعدم جواز إحداث الوظائف ليس مقصورا عىل الناظر، بل حتى القايض ال جيوز له ذلك إال برشط من الواقف.

وعدم جواز إحداث الوظائف مقيد بعدم الرضورة، فأما إذا دعت الرضورة إىل ذلك واقتضته املصلحة جاز لكن ال ينفرد الناظر بذلك بل يرفع األمر إىل القايض ويثبت عنده احلاجة، فيقرر القايض من يصلح لذلك ويقدر له أجر املثل أو يأذن القايض للناظر يف ذلك.

وإذا قرر القايض أو الناظر شخصا يف وظيفة بال رشط من الواقف وال مصلحة كان ر أخذ املرتب))). تقريره باطال، وال حيل للمقر

املبحث الثالث»الأعمال اجلائزة لناظر الوقف«

ويشتمل هذا املبحث عىل املطالب اآلتية:

املطلب األول»اإقامة الناظر غريه يف نظارة الوقف«

إلقامة الناظر غريه مقام نفسه يف نظارة الوقف ثالث صور هي: الوكالة، والوصاية، والتفويض.

وللوقوف عىل معرفة الفرق بني هذه الصور الثالث ال بد من تعريفها: فالوكالة هي: النيابة يف الترصف حال احلياة. والوصاية هي: النيابة يف الترصف بعد املوت))). والتفويض بطريق لغريه النظارة عن ينزل الناظر أن بمعنى استقالال. مقامه غريه الناظر إقامة هو:

ض إليه))). االستقالل ال بطريق التوكيل، فتنقطع صلته بالنظارة وبالشخص املفوومن خالل هذه التعريفات يتضح الفرق بينها.

الصورة األوىل: الوكالة:اتفق الفقهاء عىل أنه جيوز للناظر أن يوكل غريه يف أعمل النظارة، وذلك باعتبار أن

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/7))، والبحر الرائق )/)))، والعقود الدرية )/))).))) سبق تناوهلم يف مباحث سابقة من البحث.

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)))، وكشاف القناع )/)7)، وأحكام الوقف واملواريث ألمحد إبراهيم بك ص0))، ط املطبعة السلفية بالقاهرة، 7)9)م.

النظارة على الوقف

220

النظارة من األعمل التي تقبل الوكالة))). وقد سبق تفصيل ذلك يف الباب األول فيمن تثبت له النظارة الفرعية.

الصورة الثانية: الوصاية:اختلف الفقهاء يف حكم إيصاء الناظر بالنظارة عىل ثالثة أقوال:

* القول األول: للحنفية، وهو أنه جيوز للناظر أن يويص بالنظارة إىل من أحب، سواء رشط الواقف له ذلك أم مل يرشطه، وللويص أيضا أن يويص بذلك. قال هالل: وهذا قياس

قول أيب حنيفة وأيب يوسف رمحهم اهلل تعاىل))).واستدلوا عىل ذلك بالقياس عىل الويص، فكم للويص أن يويص إىل غريه فكذا للناظر أن يويص إىل غريه))). ونصوا عىل أنه لو جعل الواقف للناظر ماال مسمى مل يكن ذلك ملن أوىص إليه، بل يرفع األمر إىل القايض إذا تربع بعمله؛ ليفرض له أجر مثله إال أن يكون الواقف جعل ذلك لكل ناظر، وليس للقايض أن جيعل للذي أدخله ما كان الواقف جعله

للذي كان أدخله؛ ألن للواقف يف هذا ما ليس للحاكم))).بالنظر لغريه إال أن جيعل له أنه ليس للناظر اإليصاء الثاين: للملكية، وهو القول *

الواقف ذلك))).* القول الثالث: للحنابلة، وفرقوا بني كون الناظر أصليا وكونه فرعيا.

فإن كان الناظر أصليا -وهو املوقوف عليه املعني واحلاكم فيم وقف عىل غري معني إذا مل يعني الواقف ناظرا عليه- جاز له الوصاية بالنظر.

وإن كان الناظر فرعيا -وهو املرشوط له النظر- مل جيز له الوصاية بالنظر؛ ألن نظره ط له يشء من ذلك إال أن يرشط له أن يويص فله ذلك. مستفاد بالرشط ومل يرشر

وبطبيعة احلال لو كان املرشوط له النظر هو املوقوف عليه جاز له أن يويص بالنظارة؛

))) رشح فتح القدير )/)))، وحاشية ابن عابدين )/)))، ومواهب اجلليل )/)9)، وهناية املحتاج )/))، وكشاف القناع )/)7)، والروضة البهية )/78).

))) أحكام الوقف هلالل ص )0)، ورشح فتح القدير )/0)).))) رشح فتح القدير )/0)).

))) املرجع السابق.))) حاشية الدسوقي )/88، ومواهب اجلليل )/8).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

221

ألصالة واليته))).الرتجيح:

بغض النظر عن اختالف الفقهاء فيمن يستحق النظارة بصفة أصلية وبني من يستحقها بصفة فرعية، نرى األخذ بم ذهب إليه احلنابلة من القول بأن للناظر األصيل الوصاية بالنظر

دون الناظر الفرعي.الذي واليته الفرعي الناظر للناظر األصيل ألصالة واليته، بخالف وإنم جاز ذلك

مكتسبة بالرشط.وما استدل به احلنفية من قياس الناظر عىل الويص غري ملزم؛ ألن األصل املقيس عليه غري متفق عليه، حيث يرى احلنابلة أنه ليس للويص عند اإلطالق أن يويص إال أن جيعل

إليه املويص ذلك))).الصورة الثالثة: التفويض:

يفرق الفقهاء يف حكم تفويض النظارة بني أن يعطى الناظر حق التفويض وبني أن ال يعطى هذا احلق.

أ( فإن أعطي الناظر حق تفويض النظارة جاز له أن يفوض النظارة ملن شاء ممن تتوفر فيه رشوط الناظر.

وال فرق بني أن يعطي حق التفويض الواقف أو القايض))).عل له أن يسنده ويويص به إىل من قال احلنفية: إن واله النظارة وأقامه مقام نفسه وجرشاء؛ ففي هذه الصورة جيوز التفويض منه يف حال احلياة ويف حال املرض املتصل باملوت))).

ض إليه عىل قولني: ض عزلر املفو واختلفوا يف هل يملك املفوض ال يملك عزل * القول األول: للحنفية))) والنووي من الشافعية)))، وهو أن املفو

املفوض إليه إال إذا كان الواقف جعل له التفويض والعزل.

))) كشاف القناع )/)7).

))) كشاف القناع )/97).))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)))، وأنفع الوسائل ص )))، وهناية املحتاج )/)0)، ومغني املحتاج )/)9).

))) حاشية ابن عابدين )/))).))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)))، وأنفع الوسائل ص 8)).

))) هناية املحتاج )/)9).

النظارة على الوقف

222

ملن شاء يسنده أن له النظر إلنسان وجعل شـرط لو بأنه النووي أفتى الرميل: قال فأسنده آلخر مل يكن له عزله وال مشاركته، وال يعود النظر إليه بعد موته، وبنظري ذلك أفتى

فقهاء الشام))).واستدلوا عىل ذلك بم يأيت:

)( إن التفويض بمنزلة التمليك، وإذا كان ذلك كذلك فال يملك املفوض عزل املفوض إليه))).

)( وقياسا عىل الوكيل والقايض، فإن الوكيل إذا أذن له املوكل يف أن يوكل فوكل له يملك يملك ال شخصا فاستخلف االستخالف يف السلطان له أذن إذا والقايض العزل،

عزله))).إليه املفوض عزل يملك املفوض أن وهو الشافعية، من للسبكي الثاين: القول *

واستدل عىل ذلك بأن التفويض كالتوكيل، واملوكل يملك عزل الوكيل))).ض هل يبقى النظر قال الرشبيني اخلطيب: وفائدة اخلالف تظهر يف أنه لو مات املفو

ض إليه، أو مات املفوض إليه هل يعود للمفوض أم ال؟))). للمفوالرتجيح:

التفويض يتضح من تعريف أنه التي ذكروها، كم بالقول األول لألدلة نرى األخذ أنه متليك ال توكيل؛ ألن يف التفويض يتنازل املفوض عن النظارة لغريه فال تبقى له صلة بالنظارة أو املفوض إليه وهذه حقيقة التمليك، عىل حني يف الوكالة تبقى الصلة قائمة بني

املوكل والعمل املوكل فيه والوكيل وهذا ال يتحقق يف التفويض.ب( وإن مل يعط الناظر حق تفويض النظارة فإنه ال جيوز له التفويض)6(.

ورصح الشافعية بأن الناظر إذا أسقط حقه من النظر لغريه فال يسقط حقه، ويستنيب

))) هناية املحتاج )/)0)، وانظر: مغني املحتاج )/)9).))) هناية املحتاج )/)0).

))) أنفع الوسائل ص 7))، وحاشية ابن عابدين )/))).))) هناية املحتاج )/)0).

))) مغني املحتاج )/)9).))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)))، وحاشية الشربامليس عىل هناية املحتاج )/97)، وكشاف القناع )/)7).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

223

القايض من يبارش عنه يف وظيفته))). وقال احلنابلة: ليس للناظر أن يسقط حقه من النظر لغريه؛ ألنه إدخال يف الوقف لغري أهله فلم يملكه، وحقه باق، فإن أرص عىل عدم الترصف

انتقل إىل من يليه كم لو عزل نفسه، فإن مل يكن من يليه أقام احلاكم مقامه كم لو مات))).واستثنى احلنفية حالتني أجازوا فيهم للناظر تفويض النظارة:

احلالة األوىل: يف مرض املوت: جيوز للناظر أن يفوض النظارة إىل غريه يف مرض موته ا؛ ألنه بمنزلة الويص وللويص أن يويص إىل غريه. وحينئذ له وإن مل يكن التفويض له عام

أيضا عزله، كالويص يعزل من أوىص إليه وينصب غريه))).وقد رصح احلنفية بأن التفويض إذا أدى إىل خمالفة رشط الواقف فإنه ال يصح، فإذا رشط الواقف النظارة لشخص ثم من بعده للحاكم، ففوض الناظر املرشوط له يف مرض موته النظارة لغريه فإنه ال يصح تفويضه، وجيب انتقال النظارة للحاكم؛ ألن يف التفويض

يف هذه الصورة تفويت العمل بالرشط املنصوص عليه من الواقف))).احلالة الثانية: أن يكون التفويض عند القايض: إذ جيوز للناظر أن يفوض النظارة إىل

غريه عند القايض، وال بد من تقرير القايض حتى يصح التفويض.وإنم جاز ذلك ألنه يف هذه احلالة يكون الناظر عزل نفسه عن وظيفة النظارة، ويكون

تقرير القايض للغري نصبا جديدا، وال يسقط حق الناظر يف النظارة قبل تقرير القايض.وال يكفي جمرد علم القايض لصحة التفويض؛ ألن عزل الناظر نفسه يف هذه احلالة هو عزل خاص مرشوط، فإنه مل يرض بعزل نفسه إال لتصري الوظيفة ملن نزل له عنها فإذا قرر

القايض املنزول له حتقق الرشط فتحقق العزل))).املطلب الثاين

»ا�شتثمار ما ف�شل من غلة الوقف«

اتفق الفقهاء يف اجلملة عىل أنه جيوز للناظر أن يستثمر ما فضل من غلة الوقف، وذلك

))) حاشية الشربامليس عىل هناية املحتاج )/97).))) كشاف القناع )/)7).

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/)))-))).))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/))).

))) املرجع السابق.

النظارة على الوقف

224

بعد العمرة وأداء حقوق املستحقني ومرتبات أصحاب الوظائف))).لكن قيد الشافعية))) والزيدية))) جواز ذلك باملوقوف عىل املسجد دون غريه.

واستدلوا عىل ذلك بأنه إن كان الوقف عىل غري املسجد كانت فوائده ملكا للموقوف عليهم فترصف إليهم مجيع غلته ما مل حيتج لعمرة فحينئذ تقدم عىل حقهم)))، وألن هناك والوصية واهلبة بالرشاء يملك أنه يف كاحلر املسجد أن والفرق وغريه، املسجد بني فرقا

والشفعة ونحوها بخالف غريه))).الذي الوقف يستثمر ما فضل من غلته، وإنم املسجد إنه ليس كل ما وقف عىل ثم يستثمر فاضل غلته هو ما وقف عىل مصالح املسجد أو وقف عىل املسجد وأطلق دون ما وقف عىل عمرته، فإن املوقوف عىل عمرة املسجد ال يشرتى من زائد غلته يشء بل يرصد

للعمرة وإن كثر؛ ألن الواقف إنم وقف عىل العمرة فلم جيز رصفه لغريها))).ومل يقيد احلنفية واملالكية اجلواز بيشء، وأجازوا للناظر أن يستثمر ما فضل من غلة

الوقف مطلقا، ومثلوا لذلك بأن يشرتي الناظر حانوتا أو دارا أو مستغال)7).ورصح بعض الشافعية بأنه إذا اشرتى عقارا بم فضل من غلة ما وقف عىل املسجد

فإنه يقف عليه؛ ألنه أحفظ له، وأن الذي يتوىل الرشاء والوقف هو احلاكم)8).قال ابن حجر اهليتمي: ويف فتاوى منسوبة للغزايل)9) أنه إذا رأى احلاكم وقفه عىل جهة فعل وصار وقفا، وعجيب أن يصح الوقف من غري املالك، والوجه أننا إن قلنا بتصور الوقف

))) رشح فتح القدير )/9))، واإلسعاف ص ))، واملعيار املعرف 0/7))، )))، وهناية املحتاج )/)9)، والبحر الزخار )/)))، ورشح األزهار )/)8)، وكشاف القناع )/8)).

))) هناية املحتاج )/)9)، ومغني املحتاج )/)9).))) البحر الزخار )/)))، ورشح األزهار )/)8).

))) الفتاوى الكربى البن حجر اهليتمي )/))).))) حاشية الرميل عىل أسنى املطالب )/)7)، وفتاوى الرميل هبامش الفتاوى الكربى )/9).

))) الفتاوى الكربى )/))).)7) اإلسعاف ص ))، واملعيار املعرب 0/7))، ))).

)8) مغني املحتاج )/)9)، وهناية املحتاج )/)9).)9) الغزايل )0))-)0)هـ( هو حممد بن حممد بن حممد بن أمحد، أبو حامد، الطويس الغزايل، حجة اإلسالم، من أكابر أئمة الشافعية أصويل متكلم، أخذ الفقه ببلده عن أمحد بن حممد الراذكاين ثم سافر إىل جرجان إىل اإلمام أيب نرص اإلسمعييل ثم قدم نيسابور والزم إمام احلرمني، وجد واجتهد حتى برع يف املذهب واخلالف واجلدل واألصليني واملنطق واحلكمة، أثنى عليه إمام احلرمني فقال: الغزايل بحر مغدق. من تصانيفه: »البسيط«، و»الوسيط«، و»الوجيز« كلها يف الفقه، و»املستصفى«،

و»املنخول«، يف األصول، و»إحياء علوم الدين« ]طبقات الشافعية البن السبكي )/)0)، األعالم 7/))[.

الباب الثاني: وظيفة الناظر

225

للمسجد امللكية بقاؤه عىل بل إليه ذكر؛ ألنه ال رضورة املالك ال يصح وقف من من غري أو يد ظامل ترتفع عنه بوقفه أنه بيعه، نعم إن فرض ونحوه أوىل، ألنه قد يضطرنا احلال إىل

بعد أن يقال بصحة وقفه حينئذ للرضورة))). خراج مرتب عليه ظلم أو نحو ذلك فال يرواختلف الفقهاء يف حكم بيع ما اشرتاه الناظر مما فضل من غلة الوقف عىل قولني:

* القول األول: للحنفية يف األصح))) واملالكية))) والشافعية))) والزيدية)))، وهو أنه جيوز بيع ما اشرتاه الناظر مما فضل من غلة الوقف.

الوقف- كالما للزومه -أي احلصكفي: ألن قال وقفا، مل يرص بيعه ألنه وإنم جاز كثريا ومل يوجد ها هنا. وقال ابن عابدين نقال عن التتار خانية: واملختار أنه جيوز بيعه إن

احتاجوا إليه))).وقال الزيدية: ال يصري وقفا ولو وقفه املتويل ألنه ليس بملك. ويكون ملكا للمسجد

جيوز بيعه له للحاجة)7).ورصح املالكية بأنه ليس للناظر بيع الدار التي اشرتاها من وفر الغلة أو االستبدال هبا؛

إال بإذن القايض بعد أن يثبت عنده وجه النظر يف ذلك)8).* القول الثاين: أليب الليث من احلنفية)9) وبعض الشافعية)0)) وبعض الزيدية))))، وهو أنه

ال جيوز بيع ما اشرتاه الناظر مما فضل من غلة الوقف، وإنم مل جيز بيعه ألنه يصري وقفا عليه.والزيدية القائلون بأنه يصري وقفا اختلفوا بم يصري به وقفا؟ فقال بعضهم: إنه يصري وقفا بالرشاء نفسه. وقال بعضهم: إنه يصري وقفا إن وقفه املتويل، فإن مل يقفه مل يرص وقفا)))).

))) الفتاوى الكربى )/7)).))) الدر املختار ورد املحتار )/)0)، واإلسعاف ص ))، ورشح فتح القدير )/9)).

))) املعيار املعرب 0/7)).))) الفتاوى الكربى )/7)).

))) البحر الزخار )/)))، ورشح األزهار )/)8).))) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار )/)0).

)7) البحر الزخار )/)))، ورشح األزهار )/)8).)8) املعيار املعرب 0/7)).

)9) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/)0).)0)) هناية املحتاج )/)9)، ومغني املحتاج )/)9).

)))) رشح األزهار )/)8).)))) املرجع السابق.

النظارة على الوقف

226

الرتجيح:نرى األخذ بم ذهب إليه احلنفية واملالكية من القول بجواز استثمر الناظر ما فضل من

غلة الوقف مطلقا، وذلك ملا يأيت:)( إن يف استثمر ما فضل من الغلة مصلحة للوقف ونفعا له؛ إذ يؤدي إىل زيادة الغلة ومن ثم زيادة األجر للواقف، وهذا هو غرض الواقف من وقفه، فكان ذلك جائزا وحمققا

قصد الواقف.وقد رصح احلنفية بأنه يفتى بكل ما هو أنفع للوقف فيم اختلف العلمء فيه))).

)( قد نص بعض الفقهاء عىل أن من أعمل الناظر تنمية الوقف: من ذلك ما ذكره املاوردي من أن والية القايض إذا كانت عامة فإن نظره يشمل النظر يف األوقاف بحفظ أصوهلا

وتنمية فروعها))). وأيضا ذكر احلنابلة أن االجتهاد يف تنمية الوقف وظيفة الناظر))).وال شك أن استثمر الناظر ما فضل من غلة الوقف داخل يف تنمية الوقف فكان جائزا.

)( ما ذكره الشافعية والزيدية من التفرقة بني املوقوف عىل املسجد وغريه ال وجه له، ألنا نقول: إن للوقف شخصية اعتبارية وذمة مالية سواء كان مسجدا أم غري مسجد، ومن

ثم فيجوز أن يملك، وما يشرتيه الناظر مما فضل من غلة الوقف يكون ملكا للوقف.وأما ما ذكروه من أن الوقف لو كان عىل غري املسجد كانت فوائده ملكا للموقوف عليه فترصف إليه مجيع الغلة فيجاب عنه بأنا نقول: إن الناظر إنم يستثمر ما فضل من الغلة بعد تنفيذه رشط الواقف يف توزيع الغلة عىل املوقوف عليه، كأن يقف الواقف عىل معينني ويشرتط لكل واحد منهم قدرا من الغلة فم فضل من الغلة بعد أخذهم ما قدر هلم جاز للناظر استثمره، فال يستثمر الناظر إذا مل يفضل من الغلة يشء، وال جيوز له أن يأخذ مما قدر

للموقوف عليه لالستثمر ألن هذا حقهم برشط الواقف، فيجب عىل الناظر مراعاته.كم نرى األخذ بم ذهب إليه مجهور الفقهاء من أنه جيوز بيع ما اشرتاه الناظر وأنه ال

يكون وقفا ملا سبق أن ذكره اهليتمي.

))) الدر املختار هبامش رد املحتار )/)0).))) األحكام السلطانية ص 70، ط دار الكتب العلمية، بريوت، 978)م، وانظر: املعيار املعرب 7/)7).

))) كشاف القناع )/8)).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

227

املطلب الثالث»اإجراء تغيري يف الوقف«

إما أن تكون تغيريات قليلة وإما أن الناظر يف الوقف ال ختلو التي جيرهيا التغيريات تكون تغيريات كثرية.

أ( فإن كانت التغيريات قليلة بحيث ال تؤدي إىل تغيري هيئة الوقف فإنه جيوز للناظر إجراؤها إذا كانت حتقق املصلحة للوقف))).

قال الدسوقي: جيوز للناظر تغيري بعض األماكن ملصلحة كتغيري امليضأة ونقلها ملحل آخر، وأوىل حتويل باب مثال من مكان ملكان آخر مع بقاء املكان ذي البناء عىل حاله))).

وقال السبكي: الذي أراه تغيريه يف غري الرشط بثالثة رشوط: أن يكون يسريا ال يغري مسمى الوقف، وأال يزيل شيئا من عينه بل ينقل نقضه من جانب إىل جانب، وأن يكون فيه

مصلحة للوقف))).كجعل وصورته؛ الوقف هيئة تغيري إىل تؤدي بحيث كثرية التغيريات كانت وإن ب(

البستان دارا أو الدور حوانيت فقد اختلف الفقهاء يف جواز هذا التغيري عىل قولني:الوقف عن تغيري للناظر أنه ال جيوز للملكية))) والشافعية)))، وهو األول: القول *

هيئته إال أن يرشط الواقف للناظر ذلك.تغيريه له فيجوز باملصلحة العمل للناظر الواقف رشط إذا وكذا الشافعية: وقال

بحسبها))).صورته أو هيئته عن الوقف تغيري للناظر جيوز أنه وهو للحنابلة، الثاين: القول *

للمصلحة كجعل الدور حوانيت، وال جيوز التغيري لغري املصلحة)7).

))) حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري )/89، هناية املحتاج )/)9)، كشاف القناع )/)9).))) حاشية الدسوقي )/89.

))) مغني املحتاج )/)9)، وهناية املحتاج )/)9).))) الذخرية )/0))، وحاشية الدسوقي )/89.

))) هناية املحتاج )/)9)، ومغني املحتاج )/)9).))) املراجع السابقة.

)7) كشاف القناع )/)9).

النظارة على الوقف

228

الرتجيح:فال للموقوف عليهم املصلحة الغلة وحيقق زيادة إىل يؤدي كان إذا التغيري أن نرى بأس به، إذ إن زيادة الغلة وزيادة انتفاع املوقوف عليهم من الوقف حتققان قصد الواقف القايض وأخذ بد من رفع األمر إىل الناظر بذلك بل ال ينفرد من وقفه، لكن نرى أن ال

املوافقة منه عىل ذلك؛ حفظا للوقف من العبث والضياع.ثم إن حمل جواز ذلك يف األوقاف املعدة لالستغالل ال األوقاف املعدة لالنتفاع كدار موقوفة للسكنى، فال جيوز للناظر تغيري هذه الدار إىل حوانيت؛ ألن يف ذلك خمالفة لرشط

الواقف.

الباب الثاني: وظيفة الناظر

229

الف�صل الثاين

»وظيفة الناظر عند التقييد«

سبق يف أقسام النظارة أهنا تنقسم -باعتبار تفويض الناظر بالقيام بجميع أعمل النظارة التي بالنظارة املقيدة: النظارة تعريف وتم مقيدة. ونظارة مطلقة نظارة إىل: بعضها- أو

يفوض فيها الناظر ببعض أعمل النظارة))).املطلقة، النظارة يف وظيفته عن ختتلف املقيدة النظارة يف الناظر وظيفة فإن ثم ومن فبينم يقوم الناظر يف النظارة املطلقة بجميع أعمهلا التي سبق بياهنا، يقوم الناظر يف النظارة إذا ما النظارة. ومثال ذلك بقية أعمل الواقف فقط دون له التي حددها املقيدة باألعمل وقف شخص أرضا زراعية وجعل النظارة فيها لشخصني، أحدمها يتوىل إصالح األرض وزرعها وسقيها ثم حصاد الزرع ومجعه، ويتوىل اآلخر بيع الغلة وحتصيل ثمنها ثم إعطاء

املستحقني حقوقهم.فوظيفة كل ناظر هنا مقيدة بالعمل الذي حدده له الواقف وال يتعداه إىل غريه من بقية األعمل، ومن ثم فتكون مسئوليته يف حدود هذا العمل ال مسئولية مطلقة عن مجيع األعمل))).

ومن ثم يمكننا معرفة ما جيب عىل الناظر فعله عند التقييد، وما جيب عليه االمتناع عنه، وذلك بغية الوصول إىل وضع وصف دقيق لوظيفة الناظر عند التقييد.

فالذي جيب عىل الناظر فعله عند التقييد هو العمل الذي حدده له الواقف أو القايض عند تعيينه ناظرا عىل الوقف.

وال يمكن حتديده وضبطه بعمل معني الختالف رشوط الواقفني، وإنم املرجع فيه إىل ما رشطه الواقف أو حدده القايض للناظر.

والذي جيب عىل الناظر االمتناع عنه عند التقييد شيئان:أ( بقية أعمل النظارة التي أسندها الواقف أو القايض إىل ناظر آخر؛ إذ تصبح هذه األعمل

ليست من أعمله الوظيفية وال يتحمل مسئوليتها))).

))) املنهاج مع مغني املحتاج )/)9)، وهناية املحتاج )/99) وما بعدها.))) هناية املحتاج )/)0)، ومغني املحتاج )/)9)، ورشح منتهى اإلرادات )/)0).

))) هناية املحتاج )/)0)، ورشح منتهى اإلرادات )/)0).

النظارة على الوقف

230

ب( األعمل التي جيب عىل الناظر االمتناع عنها يف النظارة املطلقة هي:)( إبدال الوقف واستبداله.

)( االستدانة عىل الوقف.)( تأجري الوقف ملدة طويلة.

)( الترصف يف الوقف ترصف املالك.)( الزيادة يف عني الوقف.

)( إحداث الوظائف.فهذه األعمل جيب عىل الناظر االمتناع عنها إذا كانت نظارته مطلقة فيجب عليه االمتناع

عنها إذا كانت نظارته مقيدة من باب أوىل.التي حددت له وال جيوز له أن يتعداها؛ ألنه إن كان التقيد باألعمل الناظر وإنم وجب عىل كنص االتباع واجب الواقف ورشط منه، رشط فهذا الواقف هو األعمل تلك له حدد الذي الشارع)))، وألن الناظر يكون حينئذ وكيال عن الواقف، وجيب عىل الوكيل التقيد باحلدود

التي رسمها له املوكل))).منه، فهذا حكم القايض ليؤدهيا هو النظارة أعمل للناظر بعض الذي حدد وإن كان

وحكمه واجب االتباع.ا، واألصل أن وإنم حيكم القايض يف نظارة األوقاف لعموم واليته واعتباره ناظرا عامالقايض عندما يسند النظارة إىل أكثر من ناظر ويقيد كل واحد منهم بعمل معني إنم يفعل

ذلك ملصلحة الوقف ونفعه.ويتعلق هبذا الفصل مبحثان:

))) املراجع السابقة، ومغني املحتاج )/)9).))) هناية املحتاج )/)0)، ومغني املحتاج )/)9).

الباب الثاني: وظيفة الناظر

231

املبحث الأول»�شور التقييد يف وظيفة الناظر«

للتقييد يف وظيفة الناظر صورتان:* الصورة األوىل: أن يقيد الناظر يف وظيفة النظارة بعمل معني أو عدة أعمل معينة من أعمل النظارة، وحينئذ جيب عليه أن يؤدي العمل املحدد له كامال دون أن خيل بجزء من أجزائه))). فمثال لو قيد الناظر بالعمرة فقط دون غريها من أعمل النظارة، فإنه جيب عىل الناظر أن يؤدي عمل العمرة كامال بجميع مراحله دون أن خيل بإحدى تلك املراحل.يقيد العمل املسنود إىل الناظر بقيود معينة؛ كأن يقف شخص * الصورة الثانية: أن أرضا زراعية ويشرتط عىل الناظر عند استغالهلا أن ال يعامل عىل ما فيها من نخل أو شجر، أو أن يقف شخص دارا ويشرتط أن ال تؤجر أكثر من سنة، ونحو ذلك من الرشوط التي تقيد أعمل النظارة))). ويف هذه الصورة قد تكون النظارة مطلقة وإنم يرد التقييد عىل بعض هذه ويف للناظر. املحدد العمل يف التقييد أيضا ويرد مقيدة تكون وقد النظارة، أعمل به هذا قيد الذي القيد إليه كامال مع مراعاة املسند العمل أداء الناظر الصورة جيب عىل

العمل.

املبحث الثاين»خمالفة الناظر يف النظارة املقيدة«

قيد هبا، ألن ذلك التي القيود ال جيوز للناظر إذا كانت نظارته للوقف مقيدة خمالفة الناظر لرشط الواقف توجب خيانته د خمالفة لرشط الواقف الواجب االتباع، وخمالفة يعر

وعزله))).

))) مغني املحتاج )/)9)، ورشح منتهى اإلرادات )/)0).))) أحكام الوقف للخصاف ص 70)، واإلسعاف ص ))، ورشح روض الطالب )/)))، وكشاف القناع )/9)).

))) العقود الدرية )/)))، واملعيار املعرب 7/)0)، وكشاف القناع )/70).

النظارة على الوقف

232

الباب الثالثاأجــــــــر الناظـــــر

النظارة على الوقف

234

الباب الثالث: أجر الناظر

235

متهيد:سبق يف تكييف النظارة أهنا ال خترج عن كوهنا وكالة أو وصاية أو والية، وهذه العقود جيوز أن تكون بأجر وأن تكون بغري أجر))). ومن ثم فينطبق عىل النظارة ما ينطبق عىل هذه

العقود، فيجوز أن تكون النظارة بأجر وجيوز أن تكون بغري أجر.أ( فإن كانت النظارة بغري أجر فإن الناظر يكون متربعا بعمله، وقد نص الفقهاء عىل حاالت

اعتربوا الناظر فيها متربعا وهي:احلالة األوىل: إن ريض الناظر بالعمل بغري أجر:

إذا ريض الناظر بالعمل بغري أجر حمتسبا يف ذلك األجر واملثوبة من اهلل تعاىل فإنه يكون متربعا بعمله يف النظارة))).

ومع أن احلنفية يرون أن األوىل أال جيعل الناظر من األجانب ما دام أحد يصلح للنظارة من أقارب الواقف ألنه أشفق، إال أهنم رصحوا بأنه إذا مل يكن من يتوىل الوقف من قرابة الواقف وجريانه إال برزق، ويقبل واحد من غريهم بال رزق فللقايض أن ينظر األصلح

ألهل الوقف وينصب األجنبي ناظرا))).احلالة الثانية: إذا مل يرشط الواقف للناظر شيئا:

رصح الشافعية بأن الواقف إذا عي ناظرا ومل يرشط له شيئا مل يستحق األجرة، فإن عمل فإنه يكون متربعا بعمله، وليس له أن يأخذ من مال الوقف، فإن فعل ضمن، فإن أراد أجرة

عىل عمله رفع األمر إىل القايض ليقرر له أجرة))).ألخذ ا معد الناظر كان فإن شيئا للناظر يسم مل إذا الواقف أن احلنابلة بعض وذكر ا ألخذ العوض فال يشء له؛ ألنه متربع العوض عىل عمله فله أجر مثله، وإن مل يكن معد

بعمله))).))) انظر يف جواز أن تكون الوكالة بأجر وبغري أجر: قواني األحكام الرشعية البن جزي ص 7))، ط دار العلم للماليي، بريوت، 979)م، وروضة الطالبي )/)))، واملغني 7/)0)، ط دار هجر بالقاهرة، )99)م. وانظر أيضا جواز ذلك يف الوصاية: االختيار لتعليل املختار )/69، ط دار املعرفة، بريوت، )97)م، وتفسري القرطبي )/))، ط دار الكتب

املرصية، 8)9)م، واملغني 7/8))، ط دار هجر.))) جواهر الكالم 8)/)).

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/86)، ))).))) هناية املحتاج )/)0)، ومغني املحتاج )/)9).

))) كشاف القناع )/)7).

النظارة على الوقف

236

احلالة الثالثة: إذا عي القايض ناظرا ومل يعي له شيئا:نص احلنفية عىل أنه إن نصب القايض ناظرا ومل يعي له شيئا فإن كان املعهود من الناظر أال يعمل إال بأجرة املثل فله أجرة املثل؛ ألن املعهود كاملرشوط، وإن كان املعهود أن يعمل

بغري أجرة فال يشء له))).احلالة الرابعة: وكيل الناظر:

ل شخصا يقوم بأمور الوقف ومل يرشط له أجرة ذكر احلنفية واحلنابلة أن الناظر إذا وكفال أجر له))).

ب( وأما إن كانت النظارة بأجر فيتعلق هبا عدة موضوعات، نذكرها يف الفصول اآلتية.

))) العقود الدرية )/08).))) العقود الدرية )/08)، وكشاف القناع )/)7).

الباب الثالث: أجر الناظر

237

الف�صل الأول

»م�صروعية اأجر الناظر وماهيته وم�صدره«

يشتمل هذا الفصل عىل ثالثة مباحث:

املبحث الأول»م�صروعية اأجر الناظر«

أخذ الناظر أجرا مقابل ما يؤديه من عمل يف نظارة الوقف مرشوع، وقد ثبتت مرشوعيته بالسنة واإلمجاع واملعقول:

أ( أما السنة فيوجد أحاديث تدل عىل مرشوعية ذلك، ومنها:)( ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود ومالك من حديث أيب هريرة ريض اهلل تعاىل عنه أن رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- قال: »ال تقتسم ورثتي دينارا وال درمها ما تركت بعد نفقة نسائي

ومؤنة عاميل فهو صدقة«))).ووجه الداللة: أن النبي -ملسو هيلع هللا ىلص- قد اعترب ما تركه من مال صدقة، وذلك بعد إخراج نفقة نسائه ومؤنة عامله، واملقصود بالعامل الناظر. قال ابن حجر: وهو دال عىل مرشوعية أجرة العامل عىل الوقف، واملراد بالعامل يف هذا احلديث القيم عىل األرض واألجري ونحومها))).

ومن فقه اإلمام البخاري))) أنه عنون هلذا احلديث بـ: باب نفقة القيم للوقف))).)- ما رواه البخاري ومسلم يف قصة وقف سيدنا عمر -ريض اهلل تعاىل- عنه أرضه بخيرب، حيث

البخاري للوقف )صحيح القيم نفقة باب الوصايا كتاب البخاري يف ...«، أخرجه دينارا تقتسم ورثتي ))) حديث: »ال ما النبي ملسو هيلع هللا ىلص: »ال نورث العريب - بريوت(. ومسلم يف كتاب اجلهاد والسري باب قول الرتاث )/98)، ط دار إحياء تركناه فهو صدقة« )صحيح مسلم )/)8))، ط عيسى احللبي، ))9)م(. وأبو داود يف كتاب اخلراج والفيء واإلمارة باب يف صفايا رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص من األموال )سنن أيب داود )/0))، ط مصفى احللبي، ))9)م(. واإلمام مالك يف كتاب

الكالم باب ما جاء يف تركة النبي ملسو هيلع هللا ىلص )املوطأ )/)99، ط عيسى احللبي، ))9)م، بتحقيق: حممد فؤاد عبد الباقي(.))) فتح الباري )/06).

))) البخاري ))9)-6))هـ( هو حممد بن إسامعيل بن إبراهيم بن املغرية البخاري، أبو عبد اهلل، من أئمة املسلمي وحفاظها، ولد يف بخاري ونشأ يتيام هبا وسمع من علامئها، ثم قام برحلة يف طلب احلديث فزار خراسان والعراق ومرص والشام وسمع من نحو ألف شيخ، ومجع نحو ستامئة ألف حديث اختار منها يف صحيحه ما وثق بروايته، وهو أول من وضع يف اإلسالم كتابا عىل هذا النحو، صنفه يف ستة عرش عاما. وهو أوثق الكتب الستة، قال إمام األئمة ابن خزيمة: ما رأيت حتت أديم السامء أعلم باحلديث من حممد بن إسامعيل. من تصانيفه: »اجلامع الصحيح«، و»التاريخ«، و»األدب املفرد«،

و»الضعفاء« ]طبقات الشافعية الكربى )/)، واألعالم 6/))[.))) فتح الباري مع البخاري )/06).

النظارة على الوقف

238

قال: »ال جناح عىل من وليها أن يأكل منها باملعروف أو يطعم صديقا غري متمول فيه«))).ووجه الداللة: أن عمر -[- أجاز ملن ييل أمر وقفه أن يأخذ أجرا مقابل ذلك؛ حيث

نفى اجلناح الذي هو اإلثم واحلرج عنه، وال شك أن ذلك بلغ النبي ملسو هيلع هللا ىلص، وأقره عىل ذلك.وقد فهم اإلمام البخاري ذلك من احلديث، حيث ذكر هذا احلديث يف عدة أبواب، منها

باب عنوانه: ما للويص أن يعمل يف مال اليتيم وما يأكل منه بقدر عاملته))).للموقوف النظر أن الشبه الوقف، ووجه بناظر الويص البخاري املهلب))): شبه قال

عليهم من الفقراء وغريهم كالنظر لليتامى.وتعقبه ابن املنري))): بأن الواقف هو املالك ملنافع ما وقفه، فإن رشط ملن ييل نظره شيئا ساغ له ذلك، واملويص ليس كذلك ألن ولده يملكون املال بعده بقسمة اهلل هلم فلم يكن

يف ذلك كالوقف.قال ابن حجر: ومقتضاه أن املويص إذا جعل للويص أن يأكل من مال املوىص عليهم ال يصح ذلك، وليس كذلك بل هو سائغ إذا عينه، وإنام اختلف السلف فيام إذا أوىص ومل

يعي للويص شيئا هل له أن يأخذ بقدر عمله أم ال؟))).ب( وأما اإلمجاع:

فقد جعل عمر بن اخلطاب وعيل بن أيب طالب -ريض اهلل تعاىل عنهام- أجرا للناظر عىل

))) حديث: »ال جناح عىل من وليها ...«، أخرجه البخاري يف كتاب الرشوط باب الرشوط يف الوقف. )صحيح البخاري )/)8)، ط دار إحياء الرتاث العريب - بريوت(. ومسلم يف كتاب الوصية باب الوقف )صحيح مسلم )/))))، ط

عيسى احللبي، ))9)م(.))) فتح الباري مع صحيح البخاري )/)9).

))) املهلب )؟-)))هـ( هو املهلب بن أمحد بن أسيد بن أيب صفرة التميمي، أبو القاسم، فقيه مالكي حافظ حمدث، تفقه عىل األصييل وكان صهره وسمع منه ومن القابيس وأيب ذر اهلروي وابن احلذاء ومجاعة، وسمع منه ابن املرابط وأبو العباس الدالئي وحاتم الطرابليس وغريهم، ويل قضاء مالقة. من تصانيفه: »رشح عىل البخاري«، واختصار الرشح »النصيح يف

اختصار الصحيح«، و»تعليق عىل البخاري« ]الديباج املذهب 8))، وشجرة النور الزكية )))[.))) ابن املنري )0)6-)68هـ( هو أمحد بن حممد بن منصور بن أيب القاسم االسكندري، أبو العباس، نارص الدين املعروف بابن املنري، فقيه مالكي أصويل متكلم لغوي نحوي، سمع من أبيه وأيب بكر بن عبد الوهاب الطويس، وتفقه عىل مجاعة منهم مجال الدين أيب عمرو بن احلاجب وأجازه باإلفتاء، وعنه أخذ مجاعة منهم ابن راشد القفيص. درس يف املدارس وويل اإلحباس وديوان النظر ثم ويل القضاء، كان العز بن عبد السالم يقول: مرص تفتخر برجلي يف طرفيها ابن املنري التفسري«، و»االنتصاف من الكشاف«، العيد بقوص. من تصانيفه: »البحر الكبري يف نخب يف اإلسكندرية وابن دقيق

و»اختصار التهذيب«، وله عىل تراجم البخاري مناسبات ]الديباج املذهب )7، وشجرة النور الذكية 88)[.))) فتح الباري )/)9).

الباب الثالث: أجر الناظر

239

وقفهام)))، ومل خيالف يف ذلك أحد من الصحابة فكان إمجاعا.الناظر أجرا مقابل عمله يف وقد جرت العادة يف عصور اإلسالم املختلفة عىل إعطاء نظارة الوقف. قال القرطبي))): جرت العادة بأن العامل يأكل من ثمرة الوقف، حتى لو

اشرتط الواقف أن العامل ال يأكل منه يستقبح ذلك منه))).ج( وأما املعقول: فألن احلاجة داعية إىل ذلك؛ ألن الوقف ال تنتظم شئونه إال بناظر يتوىل إدارته وحيافظ عليه وينميه، وليس كل أحد يتربع بذلك العمل، خاصة إذا كانت أعامل الناظر الناظر وجهده، فكان يف مرشوعية أجر النظارة كثرية ومتشعبة تستغرق وقت

تلبية حلاجة الوقف وحتقيق ملصلحته.

املبحث الثاين»ماهية اأجر الناظر«

وإعانة رزق أو عمل أجرة هو هل الناظر، أجر ماهية يف قولي عىل الفقهاء اختلف كرزق القايض؟))).

* القول األول: جلمهور فقهاء احلنفية))) والشافعية)6) واحلنابلة)7) واإلمامية)8)، وهو أن

))) اإلسعاف ص )).كبار من مالكي فقيه اهلل، عبد أبو القرطبي، األنصاري فرح بن بكر أيب بن أمحد بن القرطبي )؟-)67هـ( هو حممد (((القرطبي وحدث عن أيب عيل احلسن بن حممد العباس أمحد بن عمر الشيخ أيب العارفي، سمع من املفرسين والعلامء البكري وغريمها، رحل إىل دمشق واستقر بمنية ابن خصيب يف شامل أسيوط وتويف هبا. من تصانيفه: »اجلامع ألحكام

القرآن«، و»التقريب لكتاب التمهيد«، و»التذكار يف أفضل األذكار« ]الديباج املذهب 7))، واألعالم )/)))[.))) فتح الباري )/)0).

باب من األرزاق أن جهة من يفرتقان أهنام إال الغري من املنافع بإزاء مال بذل كليهام أن يف يشرتكان والرزق األجرة (((الدفع الفرق ما يأيت: أ( جيوز يف األرزاق اإلحسان واملساحمة واإلجارات من باب املعاوضة واملكايسة، ونتج عن هذا والقطع والتقليل والتكثري والتغيري، وال جيوز ذلك يف األجرة حيث جيب تسليمها بعينها من غري زيادة وال نقص، ألن اإلجارة عقد والوفاء بالعقود واجب، واألرزاق معروف ورصف بحسب املصلحة، وقد تعرف مصلحة أعظم من هذه املصلحة فيتعي عىل اإلمام الرصف فيها. ب( األجرة يف اإلجارات تورث ويستحقها الوارث ويطالب هبا، واألرزاق ال تورث وال يستحقها الوارث وال يطالب هبا؛ ألهنا معروف غري الزم جلهة معينة. ويعترب ما يأخذه القضاة والقسام للعقار بي اخلصوم من جهة احلاكم وكاتب احلاكم وأمناء احلاكم عىل األيتام واإلمام يف املسجد والعامل يف الزكاة واملرصوف من

الزكاة للمجاهدين أرزاقا ال إجارة )انظر: الفروق للقرايف )/) وما بعدها، ط عامل الكتب، بريوت(.))) العقود الدرية )/)0)، 08).

)6) حتفة املحتاج 87/6)، رشح روض الطالب )/)7).)7) كشاف القناع )/)7).

)8) الروضة البهية )/78).

النظارة على الوقف

240

ما يأخذه الناظر من أجر هو أجرة يف مقابل العمل.لكن إذا عي الواقف للناظر شيئا ومل يرشطه يف مقابلة العمل مل يكن أجرة بل استحقاقا،

وهو له، كثريا كان أو قليال عمل أو مل يعمل))).قال الشافعية: ال حيمل املرشوط عىل أنه أجرة إال إذا تعرض الشارط لذلك، أما إذا مل يتعرض لذلك فال يكون أجرة ويستحقه مطلقا، وظاهر أن هذا إذا عي الناظر، فإن رشط

شيئا ملن يكون ناظرا ثم أقام هو أو احلاكم ناظرا سقط استحقاقه بعزله))).* القول الثاين: للاملكية، وهو أن ما يأخذه الناظر من أجر ليس أجرة وإنام هو رزق وإعانة.قالوا: إن الناظر ال يصح كونه أجريا إال باملساحمة واملجاز ال باحلقيقة العرفية؛ ألن من رشوط اإلجارة كون املنفعة املستوفاة فيها التي هي أحد أركاهنا معلومة غري واجبة، وعمل الناظر والقايض غري معلوم ألنه يقل ويكثر وعملهام أيضا من فروض الكفاية، ويؤيد هذا

قول عمر -[- يف حبسه: »ال جناح عىل من وليها أن يأكل منها باملعروف«))).الرتجيح:

لقوة أجرة؛ هو النظارة يف عمله عىل الناظر يأخذه ما إن القائل: بالقول األخذ نرى حجتهم ولرد ما استدل به املالكية:

)( فإن قوهلم بأن عمل الناظر غري معلوم قول غري دقيق، فقد علمنا مما سبق يف الباب الثاين أعامل الناظر الواجب منها واجلائز، واألعامل التي جيب عليه االمتناع عنها، ويتضح من

خالل ذلك أن عمل الناظر معي ومعلوم، لذلك كان أخذ األجرة عليه جائزا.)( وإن قوهلم: إن النظارة من فروض الكفاية فال جيوز أخذ األجرة عليها مردود عليه بأن الكثري والنساجة كالفالحة كفاية فروض هي الناس عنها يستغني التي والصناعات املهن من

والبناء))). ومل يقل أحد بعدم جواز أخذ األجرة عليها، فكذلك النظارة عىل الوقف.

))) العقود الدرية )/08)، ورشح روض الطالب )/)7)، وكشاف القناع )/)7).))) حاشية الرشواين وابن قاسم العبادي عىل حتفة املحتاج 87/6).

))) حاشية الرهوين عىل رشح الزرقاين 7/)))، ط األمريية ببوالق، 06))هـ، وحديث عمر سبق خترجيه.))) انظر: تيسري التحرير )/)))، ط مصطفى احللبي، 0)))هـ، ومغني املحتاج )/)))، والطرق احلكمية يف السياسة الرشعية البن قيم اجلوزية ص 7))، ط مطبعة السنة املحمدية بالقاهرة، ))9)م. جاء يف املنهاج للنووي: ومن فروض الكفاية القيام بإقامة احلجج وحل املشكالت يف الدين ... واحلرف والصنائع. قال الرشبيني اخلطيب: كالتجارة واخلياطة واحلجامة؛ ألن قيام الدنيا هبذه األسباب وقيام الدين يتوقف عىل أمر الدنيا حتى لو امتنع اخللق منه أثموا وكانوا ساعي

يف إهالك أنفسهم )مغني املحتاج مع املنهاج )/)))(.

الباب الثالث: أجر الناظر

241

املبحث الثالث»م�صدر اأجر الناظر«

ال خالف بي الفقهاء يف أن الواقف إذا رشط للناظر أجرا من غلة الوقف فإن الناظر يأخذ أجره من الوقف اتباعا لرشط الواقف))).

واختلفوا يف مصدر أجر الناظر إذا مل يرشط الواقف أجره من الوقف عىل قولي:* القول األول: جلمهور فقهاء احلنفية))) واملالكية يف املعتمد))) والشافعية))) واحلنابلة))) مل وإن الوقف غلة من أجر من يستحقه ما يأخذ أن للناظر جيوز أنه وهو واإلمامية)6)، يرشط الواقف أجره من الوقف؛ ألن الناظر يتوىل إدارة الوقف والقيام بأعامله ومصاحله

فهو بمنزلة األجري يف الوقف فيأخذ أجره من غلة الوقف.حيل ال أنه وهو املالكية، من ورد)9) وابن عات)8) وابن للمشاور)7) الثاين: القول *

للناظر أن يأخذ أجره من غلة الوقف، وإنام يأخذه من بيت املال.فإن أخذ أجره من الوقف أخذ منه ورجع بأجره يف بيت املال، فإن مل يعط منه فأجره

عىل اهلل تعاىل)0)).

))) اإلسعاف ص ))، وحاشية الدسوقي )/88، ومغني املحتاج )/)9)، وكشاف القناع )/70)، وجواهر الكالم 8)/)).))) اإلسعاف ص )).

))) حاشية الرهوين 7/)))، وحاشية الدسوقي )/88.))) مغني املحتاج )/)9).))) كشاف القناع )/70).

)6) جواهر الكالم 8)/)).)7) املشاور )؟-)))هـ( هو حممد بن عمر بن لبابة القرطبي، أبو عبد اهلل، املشاور، فقيه مالكي، روى عن عبد اهلل ابن خالد وحييى بن مزين وأصبغ بن خليل والعتبي وكان اعتامده عليه، وروى عنه أبو العباس بن ذكوان وخالد بن سعيد وغريمها، كان ممن برع يف احلفظ وانفرد بالفتوى بعد أيوب بن سليامن ودارت عليه األحكام نحو ستي سنة، قال أبو الوليد الباجي:

ابن لبابة فقيه األندلس ]شجرة النور الزكية 86، والديباج املذهب )))[.)8) ابن عات ))))-609هـ( هو أمحد بن حممد بن هارون بن عات الشاطبي، أبو عمر، فقيه مالكي، حمدث، سمع باألندلس اجلوزي بن الفرج وأبا عساكر وابن اإلشبييل احلق عبد فلقي املرشق إىل رحل ثم بشكوال، بن وأجازه علامئها من وغريهم، روى عنه أبو احلسن بن القطان وأبو احلسن صاعد وأبو العباس بن سيد الناس وغريهم. من تصانيفه: »النزهة

يف التعريف بشيوخ الوجهة«، و»رحيانة األنفس يف شيوخ األندلس« ]الديباج املذهب 60، وشجرة النور الزكية )7)[.)9) ابن ورد ))6)-0))هـ( هو أمحد بن حممد بن عمر بن يوسف التميمي، أبو القاسم، املعروف بابن الورد، فقيه مالكي أصويل مفرس حافظ متفنن يف العلوم، انتهت إليه الرئاسة يف األندلس يف مذهب مالك بعد أيب الوليد بن رشد، روى عن أيب عيل الغساين وأيب عيل الصديف وأيب احلسن بن رساج وغريهم، وعنه روى أبو جعفر بن عبيدة وأبو إسحاق بن عياد

ومجاعة. من تصانيفه: »رشح عيل البخاري«، و»األجوبة احلسان« ]شجرة النور الزكية )))[.)0)) حاشية الرهوين عىل رشح الزرقاين 7/)))، وحاشية الدسوقي )/88.

النظارة على الوقف

242

واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:إىل األخذ مما يؤدي ذلك إذ للوصايا، تغيريا الوقف أجره من غلة الناظر أخذ إن يف )(

رشطه الواقف للمستحقي ومن ثم تغيري ما أوىص به الواقف))).)( إن عمل الناظر من فروض الكفاية كالقايض، وكل ما كان كذلك كان أجره من بيت

املال باعتباره من املصالح العامة))).الرتجيح:

التسليم ولعدم املخالفون به استدل ما لرد الفقهاء؛ إليه مجهور بام ذهب األخذ نرى للمخالفي هلم بام ذهبوا إليه:

)( يقول الدسوقي: إفتاء ابن عات ضعيف))).إفتاء ابن عات: وهو كالم ال عمل عليه وال قضاء به، ودليله ا )( ويقول الرهوين))) رادالذي استدل به عىل ذلك غري ناهض، وقد خالف يف ذلك عبد احلق بن عطية))) وأجاز أخذ األجرة عىل األحباس من األحباس، وقال: ال أعلم يف ذلك نص خالف، وهذا هو احلق ال شك فيه لغري ما وجه ولو سد هذا الباب مع تعذر األخذ من بيت املال يف هذه األزمنة هللكت األحباس وتسارعت إليها أيدي املفسدين ... وأيضا فقد جرت العادة اليوم وقبله بأزمنة يف مشارق األرض ومغارهبا بأخذ الناظر اجلراية من احلبس نفسه، العلامء وبفتاوهيم وسعيهم يف إقامة هذا الرسم للنظار منهم فصار كاإلمجاع عىل عي

عىل ذلك)6).

))) حاشية الرهوين 7/))).))) املرجع السابق 7/))).

))) حاشية الدسوقي )/88.))) الرهوين )9)))-0)))هـ( هو حممد بن أمحد بن حممد بن يوسف الرهوين املغريب، أبو عبد اهلل، فقيه مالكي متكلم، كان مرجع الفتوى يف املغرب، أخذ الفقه عن الشيخ التاودي وأجازه إجازة عامة، وحممد الورزازي وحممد البناين وغريهم، وعنه أخذ اهلاشمي بن التهامي وحممد بن أمحد بن احلاج وعبد اهلل بن أيب بكر املكنايس وغريهم. من تصانيفه: »حاشية عىل رشح الزرقاين عىل خمترص خليل«، و»حاشية عىل رشح ميارة الكبري عىل املرشد املعي« مل يكمله، و»أرجوزة يف احليض

والنفاس« ]شجرة النور الزكية 78)، ومعجم املؤلفي 0/9)[.))) عبد احلق بن عطية ))8)-6))هـ( هو عبد احلق بن غالب بن عبد الرمحن بن عطية األندليس، أبو حممد، فقيه مالكي حمدث مفرس لغوي نحوي، من أهل غرناطة، أخذ عن والده اإلمام احلافظ أيب بكر غالب، وروى عن أيب عيل الغساين وأيب عيل الصديف وأيب املطرف الشعبي وغريهم، وروى عنه أبو بكر بن أيب مجرة وأبو حممد عبيد اهلل وأبو القاسم بن حبيش وغريهم،

ويل القضاء بمدينة املرية. من تصانيفه: »الوجيز يف التفسري« ]الديباج املذهب )7)، وشجرة النور الزكية 9))[.)6) حاشية الرهوين 7/)))-6)).

الباب الثالث: أجر الناظر

243

الف�صل الثاين

»من يقدر اأجر الناظر«

حرص الفقهاء من يقدر أجر الناظر باثني فقط مها: الواقف، والقايض. فليس للناظر الواقف إىل املرجع يف أجره بل باجتهاده، يقدر هو أجره أو ما شاء الوقف يأخذ من أن

والقايض.الناظر إن وجد، ألن هذا رشط منه ورشطه الواقف ألجر بتقدير أنه يؤخذ واألصل

ر الواقف له أجرا رفع األمر إىل القايض ليقدر له أجره))). واجب االتباع، فإن مل يقدوسنتناول فيام يأيت تقدير الواقف ألجر الناظر ثم تقدير القايض له.

املبحث الأول»تقدير الواقف لأجر الناظر«

ال خالف بي الفقهاء يف أن للواقف حق تقدير أجر الناظر، وأن حقه يف ذلك مطلق، بمعنى أن له أن يقدر ما شاء للناظر من األجر دون أن يقيد بمقدار من األجر ال يتعداه. والسبب يف ذلك أن للواقف الترصف يف غلة وقفه كيف شاء وأن يضعها حيث شاء ما دام

ذلك ال خيالف الرشع.فإذا جاز للواقف أن جيعل ما شاء من غلة وقفه ملن شاء من الناس دون أن يكلفه بالقيام

بالنظارة، فباألوىل جيوز له أن جيعل ما شاء من الغلة ملن كلفه بالنظارة))).وقد رصح الشافعية بأنه إذا كان هناك مرشف عىل الناظر فإنه ال يستحق شيئا مما رشط

للناظر ألنه ال يسمى ناظرا.وليس للقايض أيضا أخذ مما رشط للناظر إال إن رصح الواقف بنظارة القايض، كام ليس له أخذ يشء من سهم عامل الزكاة. قال ابن السبكي: وحمله يف قاض له قدر كفايته، قال اهليتمي: وفيه نظر. وقال الرشواين))): ولعل وجه النظر أن املتبادر من إطالق الناظر الناظر

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/7))، مواهب اجلليل 0/6)، هناية املحتاج )/)0)، كشاف القناع )/)7)، الروضة البهية )/78).

))) أحكام األوقاف للخصاف ص 6))، واإلسعاف ))، ومغني املحتاج )/)9)، وكشاف القناع )/)7)، والروضة البهية )/78).))) الرشواين: هو عبد احلميد الرشواين، ومل أقف عىل ترمجة له، له حاشية عىل »حتفة املحتاج« ويف آخرها أنه أمتها بمكة املكرمة سنة 89))هـ.

النظارة على الوقف

244

اخلاص))).ثم إن تقدير الواقف ألجر الناظر ال خيلو إما أن يكون مساويا ألجر املثل)))، وإما أن

يكون أقل من أجر املثل وإما أكثر من أجر املثل، وبيان ذلك فيام يأيت:

املطلب األول»التقدير امل�صاوي لأجر املثل«

إذا قدر الواقف للناظر أجرا وكان تقديره مساويا ألجر املثل فال خالف بي الفقهاء يف استحقاق الناظر لذلك األجر))). وذلك ملا سبق أن قلناه أن للواقف أن يعطي ما شاء من غلة وقفه ملن شاء، وألن هذا رشط من الواقف ورشطه واجب االتباع، وألن أجر املثل هو

القيمة احلقيقية للعمل الذي يؤديه الناظر.

املطلب الثاين»التقدير الأقل من اأجر املثل«

إن قدر الواقف للناظر أجرا وكان تقديره أقل من أجر املثل فال خيلو إما أن يرىض الناظر بذلك األجر وإما أال يرىض به.

))) حتفة املحتاج مع حاشية الرشواين 87/6).))) أجر املثل: هو أجر شخص مماثل له يف ذلك العمل. )انظر: حاشية ابن عابدين )/8)(. وعرفت املجلة يف املادة ))))( أجر املثل بأنه األجرة التي قدرها أهل اخلربة الساملون عن الغرض. ولتعيي أجر املثل أربع صور: * الصورة األوىل: تعيينه بتقدير أرباب اخلربة اخلالي عن الغرض. وكيفية ذلك أن ينتخب اثنان مثال من أهل اخلربة اخلالي عن الغرض فيقدران األجرة التي يستحقها مثيل ذلك املال أو ذلك الرجل يف عمله مع املدة التي استؤجر فيها. ويلزم عند تقدير أجر املثل أن ينظر إىل شيئي: أ( املنفعة املعادلة ملنفعة املأجور إذا كانت اإلجارة واردة عىل األعيان، وشخص مماثل لألجري يف ذلك العمل إذا كانت اإلجارة واردة عىل العمل. ب( زمان اإلجارة ومكاهنا؛ ألن األجرة ختتلف باختالف األزمنة واألمكنة. وإذا اختلف أهل اخلربة يف مقدار أجر املثل فيؤخذ وسط ما قدروه. * الصورة الثانية: تعيينه بإقرار املدعي عليه، كام لو ادعى املدعي أن أجرة املثل عرشة دنانري مثال، وصدقه املدعي عليه يف ذلك. * الصورة الثالثة: تعيينه بالشهادة الرشعية، وذلك كام لو اختلف الطرفان عىل مقدار أجر املثل فادعى األجري أنه ديناران وادعى املستأجر أنه دينار، فال يكتفى هنا يف إخبار أهل اخلربة بغري الشهادة؛ ألن إخبارهم هذا شهادة فيجب مراعاة سائر رشوط الشهادة فيه. فإذا أقام كال الطرفي شهودا عىل مقدار ما ادعاه من أجر املثل رجحت بينة مدعي الزيادة. * الصورة الرابعة: تعيينه باليمي، وذلك فيام إذا مل يتمكن صاحب املال من إقامة بينة الشهادة عىل ما يدعيه ملا له من مقدار أجر املثل، فيتوجه اليمي حينئذ عىل املستأجر عىل عدم الزيادة، مثال ذلك أن يدعي صاحب املال أن أجر املثل ملاله مائة دينار ويقول املستأجر مخسون، ويعجز رب املال عن إقامته البينة عىل دعواه فتتوجه اليمي عىل املستأجر أن أجر املثل ال يتجاوز اخلمسي التي ادعى أهنا أجر املثل )رشح

املجلة لعيل حيدر )/76)-77)(.))) حاشية ابن عابدين )/7))، وهناية املحتاج )/)0)، وكشاف القناع )/)7)، والروضة البهية )/78).

الباب الثالث: أجر الناظر

245

أ( فإن ريض الناظر باألجر الذي قدره له الواقف وكان أقل من أجر املثل، فإن رضاه إما احلالة هذه يف النظارة ألن جائز وهذا النظارة، أعامل ببعض بالقيام تربعه عىل دليل

وكالة أو وصاية، وكل منهام جيوز أن تكون بأجر وبغري أجر.ب( وإن مل يرض الناظر باألجر الذي قدره له الواقف لكونه أقل من أجر املثل فإنه يرفع

األمر إىل القايض لريفع له أجره إىل أجر املثل.القايض ذلك، أن يطلب من بد من بل ال املثل أجر إىل بنفسه أجره الناظر يرفع وال والقايض هو الذي يقدر له أجر املثل، كام أنه ليس للقايض أن يرفع أجره من تلقاء نفسه بل

ال بد من طلب من الناظر))).قال الطرسويس: جيوز للحاكم أن يكمل له أجر مثله، ويقتصد يف ذلك من غري توسع وال كثرة يف القدر الذي يزيده، بل يقدر أجر املثل فام دونه بقليل مما يتسامح فيه القوام غالبا

نظرا للوقف))).

املطلب الثالث»التقدير الأكرث من اأجر املثل«

الفقهاء يف اختلف فقد املثل أجر أكثر من تقديره أجرا وكان للناظر الواقف قدر إذا استحقاق الناظر لألجر الكامل املقدر له عىل قولي:

وبعض واإلمامية)6) والشافعية))) واملالكية))) احلنفية))) فقهاء جلمهور األول: القول *احلنابلة)7)، وهو أن الناظر يستحق األجر املقدر له من قبل الواقف ولو كان أكثر من أجر املثل.

واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:)( إن للواقف احلرية املطلقة يف كيفية توزيع غلة وقفه فله أن يعطي ما شاء ملن شاء، ومن

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/7))، 7))، أنفع الوسائل ص )))-)))، هناية املحتاج )/)0)، والروضة البهية )/78).

))) أنفع الوسائل ص ))).))) أحكام األوقاف للخصاف ص 6))، واإلسعاف ص ))، وحاشية ابن عابدين )/7)).

))) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي )/88.))) هناية املحتاج )/)0)، ومغني املحتاج )/)9).)6) الروضة البهية )/78)، ومفتاح الكرامة 9/)).

)7) اإلنصاف 8/7)، وكشاف القناع )/)7).

النظارة على الوقف

246

ثم فيجوز للواقف أن يعطي هذا الشخص الذي كلفه بالنظارة هذا القدر الذي حدده وكان أكثر من أجر املثل ولو مل يكلفه بأعامل النظارة، فإذا جاز له ذلك جاز له باألوىل

أن يعطيه هذا القدر مع تكليفه بأعامل النظارة.قال اخلصاف: هذا جائز، أال ترى أنه لو جعل هذا الوقف عىل رجل واحد وجعل غلته له ما دام حيا وجعل القيام بأمر هذا الوقف إليه، فإذا مات هذا الرجل كانت هذه الغلة للمساكي

أو لقوم آخرين ثم تصري للمساكي، أما جيوز ذلك؟ هذا كله جائز مطلق للواقف))).)( وألن هذا التقدير هو رشط من الواقف، ورشطه واجب االتباع))).

من أكثر أجرا للناظر الواقف قدر إذا أنه وهو املذهب، يف للحنابلة الثاين: القول *أجر املثل فالذي يستحقه الناظر أجر املثل فقط، ويرصف ما زاد عليه يف كلفة ما حيتاج إليه

الوقف من نحو أمناء وعامل إال أن يكون الواقف رشطه للناظر خالصا))).ووافق الشافعية احلنابلة يف عدم استحقاق الناظر أكثر من أجر املثل يف صورة واحدة، وهي: ما لو كان النظر للواقف نفسه ورشط للناظر أجرا أكثر من أجر املثل فإنه ال يستحق

إال أجر املثل.وإنام منع الشافعية ذلك ألهنم يمنعون الوقف عىل النفس ألنه متعذر، ألن فيه متليك اإلنسان ملكه لنفسه، وهو حاصل وحتصيل احلاصل حمال، فام زاد عىل أجر املثل هو بمنزلة الوقف عىل النفس فال يستحقه الناظر إذا كان هو الواقف، وله أجر مثله فقط ألن استحقاقه

له من جهة العمل ال من جهة الوقف))).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول األول لألدلة التي ذكرها أصحابه، وألنه مل يرتض كثري من احلنابلة مذهبهم ووافقوا اجلمهور فيام ذهبوا إليه.

يقول احلارثي بعد أن نقل املذهب: وال شك أن التقدير بقدر معي رصيح يف اختصاص الناظر به، فتوقف االختصاص عىل ما قالوا ال معنى له، ثم قال: ورصيح املحاباة ال يقدح

))) أحكام األوقاف ص 6))-7))، وانظر: اإلسعاف ص )).))) هناية املحتاج )/)0)، ومغني املحتاج )/)9)، والروضة البهية )/78).

))) كشاف القناع )/)7)، واإلنصاف 8/7).))) مغني املحتاج )/80)، )9)، وهناية املحتاج )/68)، )0).

الباب الثالث: أجر الناظر

247

يف االختصاص به إمجاعا))).ويتعلق هبذا املطلب مسألتان:

املسألة األوىل: اختصاص الناظر باألجر الزائد عىل أجر املثل:إذا عي الواقف ناظرا عىل وقفه ورشط له أجرا أكثر من أجر املثل فإن هذا األجر خيتص

هبذا الناظر دون غريه ممن يأيت بعده.للناظر أن بالنظارة إىل شخص مل يكن للويص ذلك األجر، وليس الناظر فإذا أوىص يويص هبذا األجر له؛ ألن الواقف إنام جعل ذلك األجر هلذا الناظر دون غريه ما مل ينص القايض إىل األمر يرفع الويص فإن ثم ومن ناظر. لكل األجر ذلك جعل عىل الواقف

ليفرض له أجر املثل))).وكذا إذا مات الناظر من غري إيصاء وأقام القايض مقامه رجال فإنه يفرض له أجر املثل، وال جيعل له ما كان للناظر إن كان أكثر من أجر املثل؛ ألنه جيوز للواقف من الترصف ما ال جيوز للقايض، فإنه جيوز للواقف أن جيعل كل الغلة للناظر بخالف القايض فإنه ال جيري عليه إال بقدر االستحقاق؛ ألنه نصب ناظرا ملصالح املسلمي فال جيوز له من الترصف إال

ما فيه مصلحة))).املسألة الثانية: مشاركة الناظر يف أجره:

إذا طعن يف أمانة الناظر ورأى القايض إدخال رجل معه، فإنه جيوز للقايض أن جيعل للرجل الذي أدخله أجرا من أجر الناظر إن رأى القايض أن يف أجر الناظر سعة، فإن رأى

أن أجره قليل ضيق جعل أجره من غلة الوقف))).

املبحث الثاين»تقدير القا�صي لأجر الناظر«

جعل وإنام القايض، هو فيه الناظر أجر تقدير الفقهاء حرص الذي الثاين الشخص له عام ناظر االعتبار هبذا فهو العامة، واليته باعتبار الناظر أجر تقدير للقايض الفقهاء

))) كشاف القناع )/)7)، وانظر: اإلنصاف 8/7).))) أحكام األوقاف للخصاف ص 7))، واإلسعاف ص ))، ورشح فتح القدير )/0)).

))) اإلسعاف ص ))، ورشح فتح القدير )/0))، وأحكام األوقاف للخصاف 8))-9)).))) أحكام األوقاف للخصاف 6))، واإلسعاف )).

النظارة على الوقف

248

النظر عىل مجيع األوقاف.القايض ترصف أن وهو األوقاف جتاه القايض ترصف يف ا عام مبدأ الفقهاء ويقرر يف األوقاف مقيد باملصلحة؛ ألن القايض نصب ناظرا ملصالح املسلمي، فال جيوز له من

الترصف إال ما فيه مصلحة))).وبناء عىل ذلك فقد رصح احلنفية بأنه إذا وجد القايض من يعمل يف النظارة جمانا فإنه يعينه ناظرا عىل الوقف ويقدمه عىل غريه ممن ال يعمل إال بأجرة ولو كان من أقرباء الواقف؛

ألن تعيي من يعمل جمانا ناظرا هو األصلح ألهل الوقف))).ويتعلق هبذا املبحث مطلبان:

املطلب األول»احلالت التي يقدر فيها القا�صي اأجر الناظر«

يقدر القايض أجر الناظر يف حالتي:احلالة األوىل: إذا مل يقدر الواقف للناظر أجرا:

إذا مل يقدر الواقف للناظر أجرا فإن الذي يقدر له األجر هو القايض لعموم واليته))).احلالة الثانية: إذا قدر الواقف للناظر أجرا أقل من أجر املثل:

إذا قدر الواقف للناظر أجرا أقل من أجر املثل فإنه جيوز للقايض أن يرفع أجره إىل أجر املثل رشيطة أن يطلب الناظر ذلك))).

واستدلوا عىل جواز ذلك للقايض بام يأيت:أجرا أصال الواقف له يقدر مل إذا مثله الوقف أجر لناظر يقدر أن يملك القايض إن )(

فباألوىل يملك القايض رفع أجره إىل أجر املثل))).يبدأ بعامرة الوقف وما فيه سبب النامء )( وألن الواقفي يشرتطون يف كتب األوقاف أن

))) أحكام األوقاف للخصاف ص 9))، واإلسعاف ص ))، ومواهب اجلليل 0/6).))) حاشية ابن عابدين )/86)، ))).

))) حاشية ابن عابدين )/7))، وأنفع الوسائل ص )))، وحاشية الدسوقي )/88، وهناية املحتاج )/)0)، وكشاف القناع )/)7).

))) حاشية ابن عابدين )/7))، 7))، وأنفع الوسائل ص )))-)))، وهناية املحتاج )/)0)، وكشاف القناع )/)7)، والروضة البهية )/78).

))) أنفع الوسائل ص ))).

الباب الثالث: أجر الناظر

249

وزيادة أجوره وغلته، وإذا رأى الناظر أن أجره قليل يقرص يف العمل، فإذا كمل له أجر مثله وحصلت له الكفاية اجتهد يف العمل فحصل النامء للوقف، فكان هذا القدر الذي

يزيده القايض يزاد برشط الواقف أيضا.وال يظن بالواقف أن خيتار اإلرضار بالناظر يف تقليل أجره خمافة أن يتطرق إىل غريه أو

يتهاون يف قيام املصلحة))).

املطلب الثاين»مقدار الأجر الذي يقدره القا�صي«

اختلف الفقهاء يف مقدار األجر الذي يقدره القايض للناظر عىل ثالثة أقوال:* القول األول: جلمهور فقهاء احلنفية))) واملالكية))) واحلنابلة يف قياس املذهب))) والشافعية

يف املعتمد))) واإلمامية)6)، وهو أن مقدار األجر الذي يقدره القايض للناظر هو أجر املثل.مصلحة وال باملصلحة، مقيد األوقاف يف القايض ترصف بأن ذلك عىل واستدلوا للوقف إن قدر القايض للناظر أجرا أكثر من أجر املثل؛ ألنه يؤدي إىل اإلرضار باملستحقي وألنه لو قدر بأقل من أجر املثل فإنه يرض بالناظر، وربام لو رأى الناظر أن أجره قليل قرص

يف العمل وهتاون به، فكان العدل واألنفع هو التقدير بأجر املثل)7).وهذا التقدير ال خيالف ما قدره احلنفية بعرش الغلة الذي جيعله القايض أجرا للناظر -يف

بعض العصور- ألنه هو أجر مثل عمله حتى لو زاد عىل أجر مثله رد الزائد.املستحقون وعارضه عمله نظري الوقف غلة كامل من العرش أخذ الناظر أراد وإذا زاعمي أن له عرش الفاضل بعد املصارف، للناظر أخذ العرش من كامل الغلة قبل حساب

املصارف؛ حيث كان العرش أجر مثله)8).

))) املرجع السابق.))) البحر الرائق )/)6)، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين )/7)).

))) مواهب اجلليل 0/6).))) كشاف القناع )/)7)، ما ذكرناه هو قياس املذهب، ونص اإلمام أمحد أن ناظر الوقف يأكل من الوقف باملعروف إذا مل

يسم له يشء )انظر: كشاف القناع )/70)- )7)، )/)))(.))) هناية املحتاج )/)0)، وحتفة املحتاج مع حواشيها 90/6)، ورشح روض الطالب مع حاشية الرميل )/)7).

)6) مفتاح الكرامة 9/))، والروضة البهية )/78).)7) أنفع الوسائل ص )))، واإلسعاف ص ))، ومواهب اجلليل 0/6).

)8) العقود الدرية )/08).

النظارة على الوقف

250

* القول الثاين: للرافعي))) من الشافعية، وهو أن القايض يقدر للناظر أجرا يساوي قدر نفقته فقط إذا كان حمتاجا، فإذا مل يكن حمتاجا فال أجر له.

ا واستدل عىل ذلك بالقياس عىل ويص الطفل)))، حيث يقول تعاىل: ﴿ومن كن غني.(((﴾ كل بٱلمعروف

فليستعفف ومن كن فقريا فليأ

يقدر القايض أن وهو احلنابلة)))، وبعض الشافعية))) من للنووي الثالث: القول *للناظر أجرا يعادل األقل من نفقته وأجرة مثله إذا كان حمتاجا، فإن مل يكن حمتاجا فال أجر له.واستدلوا عىل ذلك بالقياس عىل ويل اليتيم أيضا، فإن القايض يقدر له األقل من نفقته وأجر مثله)6). قال ابن مفلح)7): وال حيل للويل من مال موليه: إال األقل من أجرة مثله أو

كفايته ... وخرج أبو اخلطاب)8) وغريه مثله يف ناظر الوقف)9).الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء وذلك ملا يأيت:

))) الرافعي )7))-))6هـ( هو عبد الكريم بن حممد بن عبد الكريم بن الفضل القزويني، أبو حممد الرافعي -نسبة إىل رافع بن خديج الصحايب- من أئمة فقهاء الشافعية وأعياهنم، سمع احلدي من مجاعة منهم عبد اهلل بن أيب الفتوح العمراين واحلافظ أبو العالء احلسن بن أمحد العطار اهلمذاين واإلمام أبو سليامن أمحد بن حسنويه، وروى عنه احلافظ عبد العظيم املنذري وغريه، كان له جملس بقزوين للتفسري ولتسميع احلديث. وكانت له كرامات كثرية. من تصانيفه: »العزيز يف رشح الوجيز«،

و»الرشح الصغري«، و»املحرر«، و»رشح مسند الشافعي« ]طبقات الشافعية الكربى )/9))، واألعالم )/))[.))) رشح روض الطالب )/)))، )7)، وهناية املحتاج )/)0).

))) سورة النساء/آية 6.))) رشح روض الطالب )/)7)، )))، وهناية املحتاج )/)0)، وحتفة املحتاج 90/6).

))) الفروع البن مفلح )/)))-)))، ط عامل الكتب، بريوت، )98)م.)6) املراجع السابقة.

)7) ابن مفلح )708-)76هـ( هو حممد بن مفلح بن حممد بن مفرج، أبو عبد اهلل، شمس الدين املقديس الصاحلي، فقيه حنبيل أصويل حمدث، كان أعلم أهل عرصه بمذهب اإلمام أمحد بن حنبل، سمع من عيسى املطعم ومجاعة، واشتغل يف الفقه الدين القايض مجال الزرعي واملزي والذهبي، صاهر ابن مسلم والربهان الغاية، له شيوخ كثريون منهم فيه إىل وبرع املرداوي وناب عنه يف احلكم، درس يف عدة أماكن، وحرض عند الشيخ تقي الدين ابن تيمية ونقل عنه كثريا. من تصانيفه: »الفروع«، و»رشح املقنع«، و»اآلداب الرشعية الكربى«، و»أصول الفقه« ]الدرر الكامنة 6/))، ط جملس دائرة املعارف

العثامنية باهلند، 976)م، وشذرات الذهب 99/6)، واألعالم 07/7)[.)8) أبو اخلطاب ))))-0))هـ( هو حمفوظ بن أمحد بن احلسن الكلوذاين - نسبة إىل كلواذي من ضواحي بغداد- البغدادي، أبو اخلطاب، أحد أئمة املذهب احلنبيل وأعيانه، مولده ووفاته ببغداد، سمع احلديث عن اجلوهري والعشاري وأيب عيل اجلارزي وغريهم، ودرس الفقه عىل القايض أيب يعىل ولزمه حتى برع يف املذهب واخلالف وصار إمام وقته، درس وأفتى وقصده الطلبة، قرأ عليه الفقه مجاعة من أئمة املذهب منهم عبد الوهاب بن محزة والشيخ عبد القادر اجليالين الزاهد. من تصانيفه: »اهلداية«، و»االنتصار يف املسائل الكبار«، و»رؤوس املسائل«، و»التمهيد يف األصول«، و»مناسك احلج ]الذيل

عىل طبقات احلنابلة )/6))، واألعالم )/)9)[.)9) الفروع )/)))-)))، ط عامل الكتب، بريوت، )98)م.

الباب الثالث: أجر الناظر

251

)( إن ما نسب إىل الرافعي والنووي هو ختريج عىل قوهلام يف ويل اليتيم، ذلك أن البلقيني مال بحفظ الويل تربم إذا كام فهو أجرة له ليقرر إىل حاكم األمر الناظر رفع لو قال: الطفل ورفع األمر إىل القايض ليثبت له أجرة. فخرج تلميذه العراقي عىل ذلك فقال: نفقته وإما األقل من الرافعي نفقته كام رجحه قدر إما احلاجة يأخذ مع أنه ومقتضاه

وأجرة مثله كام رجحه النووي.وقد رد الشيخ زكريا األنصاري هذا التخريج بقوله: قد يقال التشبيه بالويل إنام وقع يف حكم الرفع إىل احلاكم ال مطلقا فال يقتيض ما قاله، وكأن مرادهم أن يأخذ بتقرير احلاكم عىل أن الظاهر هنا أنه يستحق أن يقرر له أجرة املثل وإن كانت أكثر من النفقة، وإنام اعتربت

النفقة ثم لوجوهبا عىل فرعه، سواء أكان وليا عىل ماله أم ال بخالف الناظر))).)( إن التقدير بأجر املثل هو األقرب إىل العدالة واإلنصاف، فال يظلم الناظر بإعطائه أقل من أجر املثل بدون رضاه، وال رضر يف ذلك عىل الوقف بل قد حيقق ذلك مصلحة له.

فإن الشخص إذا علم أنه سيأخذ أجر مثله إذا عمل يف النظارة فإنه يتقدم للعمل فيها األكفاء القادرون عىل إدارة الوقف بصورة حتقق النفع له.

وإن علم أنه سيأخذ أقل من أجر املثل أو قدر نفقته فقط فإن الكفء حيجم عن العمل يف النظارة، ويتقدم هلا من هو دونه مما يؤثر ذلك سلبا عىل الوقف.

))) رشح روض الطالب )/)7)، وهناية املحتاج )/)0).

النظارة على الوقف

252

الف�صل الثالث

»ا�صتحقاق الأجر«

االستحقاق يف اللغة: طلب احلق أو ثبوت احلق ووجوبه، ومنه قوله تعاىل: ﴿فإن عث

ا إثما﴾))) أي: وجبت عليهام عقوبة))). هما ٱستحق ن أ ع

للغري))). واجبا ا حق اليشء كون ظهور بمعنى: االستحقاق الفقهاء ويستعمل ثبوت هو األجر استحقاق فمعنى هنا- -كام ووجوبه احلق ثبوت بمعنى: ويستعملونه

األجر ووجوبه للناظر))).ويشتمل هذا الفصل عىل ثالثة مباحث:

املبحث الأول»�صروط ا�صتحقاق الناظر الأجر«

يشرتط الستحقاق الناظر األجر ما يأيت:الرشط األول: أن يكون األجر مقدرا:

ال خالف بي الفقهاء يف أن الناظر يستحق األجر املقدر له من قبل الواقف أو القايض))).واختلفوا يف استحقاق الناظر األجر إذا مل يكن مقدرا له من قبل الواقف أو القايض عىل

ثالثة أقوال:* القول األول: للشافعية)6) واإلمام أمحد يف رواية)7)، وهو أن الناظر ال يستحق أجرا عىل عمله يف النظارة إذا مل يقدر له الواقف أو القايض أجرا، ويعترب متربعا بعمله يف نظارة الوقف.

واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:

))) سورة املائدة/آية 07).))) لسان العرب 0)/9) وما بعدها.

))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار )/)9).))) العقود الدرية )/08)، وحتفة املحتاج 87/6).

))) حاشية ابن عابدين )/7))، ومواهب اجلليل 7/6)، 0)، وهناية املحتاج )/)0)، وكشاف القناع )/)7)، والروضة البهية )/78).

)6) هناية املحتاج )/)0)، وحتفة املحتاج 90/6).)7) القواعد البن رجب ص )))، ط دار املعرفة، بريوت.

الباب الثالث: أجر الناظر

253

[، فقد نقل امليموين))) عن أمحد أنه ذكر حديث عمر حي )( قصة وقف سيدنا عمر وقف فأوىص إىل حفصة ثم قال أمحد: وليه يأكل منه باملعروف إذا اشرتط ذلك. قال ابن

رجب))): ومفهومه املنع من األكل بدون الرشط))).)( وألنه إذا مل يقدر الواقف والقايض أجرا للناظر وعمل الناظر مع علمه بذلك ومل يرفع

األمر إىل القايض ليقدر له أجرا، دل ذلك عىل أنه متربع بعمله.* القول الثاين: لإلمام أمحد يف رواية))) وابن الصباغ))) من الشافعية)6) واإلمام)7)، وهو

أن الناظر يستحق أجرا عىل عمله وإن مل يقدر له الواقف أو القايض أجرا.قال ابن رجب: نص أمحد عىل جواز أكل ناظر الوقف منه، نقل عنه أبو احلارث)8) أنه قال يف وايل الوقف: إن أكل منه باملعروف فال بأس، قيل له فيقيض منه دينه، قال: ما سمعنا فيه شيئا. وهذا ظاهر يف أنه ال يشرتط له احلاجة)9). وقال ابن الصباغ: يأخذ الناظر أجره

))) امليموين )؟-)7)هـ( هو عبد امللك بن عبد احلميد بن مهران امليموين، أبو احلسن، من أصحاب اإلمام أمحد، سمع من ابن علية وإسحاق األزرق ويزيد بن هارون وغريهم، صحب اإلمام أمحد عىل املالزم )) سنة، وكان اإلمام أمحد يكرمه يعىل أيب احلنابلة البن ]طبقات ا جد كثرية مسائل أمحد اإلمام روى عن أحد غريه، مع يفعل ال ما معه ويفعل وجيله

)/)))، ط مطبعة السنة املحمدية، ))9)م، وشذرات الذهب )/)6)[.))) ابن رجب )6)7-)79هـ( هو عبد الرمحن بن أمحد بن عبد الرمحن البغدادي ثم الدمشقي، أبو الفرج، زين الدين ومجال الدين، الشهري بابن رجب لقب جده عبد الرمحن، من كبار فقهاء احلنابلة حافظ للحديث، تفقه عىل النووي وابن النقيب وأجازه، وسمع احلديث من مجاعة منهم الفخر عثامن بن يوسف وحممد بن اخلباز وحممد بن القالنيس، أتقن يف احلديث وصار أعرف أهل عرصه بالعلل وتتبع الطرق، وخترج به غالب احلنابلة بدمشق. من تصانيفه: »رشح جامع الرتمذي«، و»جامع العلوم واحلكم«، و»القواعد الفقهية«، و»فتح الباري رشح صحيح البخاري« مل يتمه، و»ذيل طبقات احلنابلة«

]شذرات الذهب 9/6))، واألعالم )/)9)[.))) القواعد ص ))).

))) كشاف القناع )/70)، والقواعد البن رجب ص ))).الشافعية ابن الصباغ، من كبار فقهاء أبو نرص، الواحد، السيد بن حممد بن عبد ابن الصباغ )00)-77)هـ( هو عبد (((انتهت إليه رئاسة املذهب، مولده ووفاته ببغداد، تفقه عىل القايض أيب الطيب، وكان أول من درس بنظامية بغداد، سمع احلديث من مجاعة وروى عنه مجاعة منهم اخلطيب يف التاريخ وهو أكرب منه، قال أبو الوفاء بن عقيل احلنبيل: مل أدرك فيمن رأيت وحارضت من العلامء عىل اختالف مذاهبهم من كملت له رشائط االجتهاد املطلق إال ثالثة أبا يعىل بن الفراء، وأبا الفضل اهلمذاين، وأبا نرص بن الصباغ. من تصانيفه: »الشامل« يف الفقه، و»الكامل«، و»عدة العامل«، و»كفاية السائل«

]طبقات الشافعية الكربى )/0))، واألعالم )/0)[.)6) حتفة املحتاج 90/6).

)7) مفتاح الكرامة 9/))، والروضة البهية )/78)، وجواهر الكالم 8)/))-)).)8) أبو احلارث )؟-؟( هو أمحد بن حممد الصائغ، أبو احلارث. من أصحاب اإلمام أمحد، كان اإلمام أمحد يأنس به ويقدمه ويكرمه،

وكان عنده بموضع جليل، روى عن اإلمام أمحد مسائل كثرية وجود الرواية عنه ]طبقات احلنابلة البن أيب يعىل )/)7[.)9) القواعد ص ))).

النظارة على الوقف

254

من غلة الوقف استقالال من غري رفع إىل احلاكم.ل كالم ابن الصباغ ليوافق مذهب الشافعية فقال: حيتمل وقد حاول الرشواين أن يؤوأن يكون حممل كالم ابن الصباغ عىل فقد احلاكم بذلك املحل، أو تعذر الرفع إليه ملا خيشى

منه من املفسدة عىل الوقف ما مل يثبت عنه نص بالتعميم))).أو الواقف يقدر مل إذا أنه املذهب)))، قياس للحنفية))) واحلنابلة يف الثالث: القول *القايض للناظر أجرا فإن كان املعهود من الناظر أال يعمل إال بأجر فإنه يستحق األجر، وهو أجر مثله ألن املعهود كاملرشوط، وإن كان املعهود منه أنه يعمل بغري أجرة فال يستحق شيئا.

تنزل هل املطردة العادة قاعدة يف اختالفهم هو املسألة هذه يف اخلالف مرجع ولعل منزلة الرشط؟

مثال ثوبا فلو دفع منزلة الرشط، تنزل أهنا ال يرون املذهب فالشافعية يف األصح من إىل خياط ليخيطه ومل يذكر أجرة وجرت عادته بالعمل باألجر، فاألصح يف املذهب أنه ال

يستحق أجرة))).وأن الرشط منزلة تنزل املطردة العادة أن واحلنابلة)6) به))) املفتى يف احلنفية ويرى

املعروف عرفا كاملرشوط رشعا.ابن نجيم: كل صانع نصب نفسه للعمل بأجرة فإن السكوت كاالشرتاط، ومن قال

هذا القبيل نزول اخلان ودخول احلامم والدالل ... ولذا قالوا: املعروف كاملرشوط)7).الرتجيح:

نرى األخذ بقول احلنفية واحلنابلة فهو القول الوسط بي قول الشافعية وقول اإلمامية، وهذا القول مبني عىل اعتبار العرف يف األحكام الرشعية، وهو قول متفق عليه حتى عند

))) حوايش الرشواين وابن قاسم العبادي عىل حتفة املحتاج 90/6).))) البحر الرائق مع منحة اخلالق )/)6)، والعقود الدرية )/08).

))) كشاف القناع )/)7).))) األشباه والنظائر للسيوطي ص 96، ط دار الكتب العلمية، بريوت، )98)م.

))) قول احلنفية املفتى به هو قول حممد بن احلسن، وقال أبو حنيفة: ال أجرة له، وقال أبو يوسف: إن كان الصانع حريفا له أي معامال له فله األجر وإال فال )انظر: األشباه والنظائر البن نجيم ص 99(.

)6) القواعد البن رجب ص ))).)7) األشباه والنظائر البن نجيم ص ))).

الباب الثالث: أجر الناظر

255

الشافعية فيقول السيوطي))): إن اعتبار العادة والعرف رجع إليه يف الفقه يف مسائل ال تعد مجيع عند العرف اعتبار هو الذي العام للمبدأ موافقا القول هبذا األخذ فكان كثرة))).

الفقهاء.وأما ما استدلوا به من قصة وقف سيدنا عمر - [- فال داللة فيه عىل ما ذهبوا إليه؛ ألن حمل اخلالف يف استحقاق الناظر األجر فيام إذا مل يقدر له الواقف أو القايض أجرا،

وهذا مسكوت عنه يف القصة املذكورة فلذلك كان املرجع فيه إىل العرف.الرشط الثاين: العمل:

يشرتط الستحقاق الناظر األجر أن يؤدي العمل املنوط به يف نظارة الوقف؛ ألن ما يأخذه الناظر هو بطريق األجرة، وال أجرة بدون العمل))).

فإن فرط الناظر يف العمل الواجب عليه سقط مما له من األجر بقدر ما فوته عىل الوقف قدر له من أجر عىل ما عمل وعىل ما مل يعمله، العمل، فيوزع ما الواجب عليه من من

فيأخذ قسط ما عمل ويسقط عنه قسط ما مل يعمل))).وهذا إذا جعل الواقف األجر للناظر يف مقابل العمل، أما إذا عي له شيئا ومل يرشطه يف مقابلة العمل أو مل يتعرض لكونه أجرة، استحقه الناظر مطلقا قليال كان أو كثريا عمل

أو مل يعمل))).واختلف الفقهاء عىل قولي يف العمل الذي جيب عىل الناظر ويستحق عليه أجرا، هل

مرجعه إىل العرف أم ال؟

))) السيوطي )9)8-))9هـ( هو عبد الرمحن بن أيب بكر بن حممد بن سابق السيوطي، أبو الفضل، جالل الدين، فقيه شافعي حافظ متفنن يف العلوم، نشأ يتيام وأسند وصايته إىل مجاعة منهم الكامل بن اهلامم فلحظه بنظره، أخذ عن اجلالل املحيل والشمس املرزباين احلنفي والعلم البلقيني والرشف املناوي وغريهم، وأجيز باإلفتاء والتدريس، كان مكثرا من علوم يف و»االتقان للفتاوى«، و»احلاوي والنظائر«، »األشباه تصانيفه: من مؤلف. (00 مصنفاته بلغت التصنيف

القرآن« ]الضوء الالمع ألهل القرن التاسع )/)6، وشذرات الذهب 8/))[.))) األشباه والنظائر للسيوطي ص 90-89.

))) العقود الدرية )/)0)، وحتفة املحتاج 87/6)، وكشاف القناع )/)7)، والروضة البهية )/78).))) كشاف القناع )/)7).

))) العقود الدرية )/08)، ورشح روض الطالب )/)7)، وكشاف القناع )/)7).

النظارة على الوقف

256

املالكية))) والشافعية))) واحلنابلة))) واإلمامية)))، وهو القول األول: جلمهور فقهاء *أنه ال دخل للعرف يف عمل الناظر، وأنه إذا أطلقت النظارة للناظر وجب عليه أداء أعامل النظارة كافة التي سبق بياهنا يف الباب الثاين، وإذا كانت النظارة مقيدة وجب عىل الناظر

أداء العمل الذي حدد له فقط.* القول الثاين: للحنفية، وهو أن عمل الناظر يف النظارة يرجع إىل العرف، فال يكلف فليس والوكالء األجراء يفعله ما وأما أمثاله، يفعله ما مثل إال بنفسه العمل من الناظر

بواجب عليه))).النساء امرأة وجعل هلا أجرا معلوما ال تكلف إال مثل ما تفعله الوالية إىل فلو جعل عرفا. ولو نازع أهل الوقف الناظر وقالوا للحاكم إن الواقف إنام جعل هذا يف مقابلة العمل

وهو ال يعمل شيئا، ال يكلفه احلاكم من العمل ما ال يفعله الوالة)6).الرتجيح:

نرى األخذ بقول اجلمهور وذلك ملا يأيت:)( إن العرف إنام يعترب عند عدم النص، فإذا وجد النص فال اعتبار للعرف، وهذا املبدأ ال خيالف فيه أحد. يقول ابن نجيم: التعامل بخالف النص ال يعترب، ويقول: إنام العرف

غري معترب يف املنصوص عليه)7).وإن مل يوجد نص يف وظيفة الناظر بالتفصيل الذي ذكره الفقهاء يف أعامل الناظر فيوجد

النص العام الذي من خالله يمكن معرفة أعامل الناظر.[: »إن شئت النبي -ملسو هيلع هللا ىلص- يف قصة وقف سيدنا عمر العام هو قول النص وذلك حبست أصلها وتصدقت هبا«)8)، حيث إن هذا النص يبي لنا غرض الشارع من الوقف وهو بقاء العي املوقوفة منتفعا هبا عىل الدوام، ومن ثم قدر الفقهاء األعامل التي جيب عىل

))) الذخرية 9/6)).))) هناية املحتاج )/99)-00).

))) كشاف القناع )/68).))) مفتاح الكرامة 9/)).

))) اإلسعاف ص ))، وأحكام األوقاف للخصاف ))).)6) املراجع السابقة.

)7) األشباه والنظائر ص )9.)8) حديث: »إن شئت حبست أصلها ...«، وتقدم خترجيه.

الباب الثالث: أجر الناظر

257

الناظر القيام هبا وذلك لتحقيق غرض الشارع من الوقف. فدل ذلك عىل أن أعامل النظارة ثبتت بالنص وبالتايل فال اعتبار للعرف فيها.

إىل اعتباره يؤدي وقد واألشخاص، واألماكن األزمان باختالف خيتلف العرف إن )(االختالف والتنازع. فكان رأي القائلي بأنه ال دخل للعرف يف عمل الناظر أوىل وأرجح.

املبحث الثاين»وقت ا�صتحقاق الأجر«

يفرق الفقهاء يف الوقت الذي يبدأ منه استحقاق الناظر األجر بي أن يكون أجر الناظر مقدرا من الواقف أو القايض وبي أال يكون مقدرا منهام، وبيان ذلك فيام يأيت:

املطلب األول»وقت ا�صتحقاق الأجر اإذا كان مقدرا«

ال خالف بي الفقهاء يف أن الناظر يستحق أجره املقدر له من القايض من وقت مبارشته ألعامل النظارة؛ ألن ما يقدره القايض للناظر هو أجر يف مقابلة العمل فيستحقه الناظر من

مبارشته للعمل))).واختلف الفقهاء يف الوقت الذي يبدأ فيه استحقاق الناظر األجر إذا كان مقدرا من قبل

الواقف عىل ثالثة أقوال:* القول األول: للحنفية))) واحلنابلة))) واإلمامية)))، وهو أن الناظر يستحق أجره املقدر هو الناظر يأخذه ما ألن الوقف؛ عىل للنظارة الفعلية مبارشته وقت من الواقف من له

بطريق األجرة وال أجرة بدون العمل.* القول الثاين: للشهاب الرميل من الشافعية، وهو أن الناظر يستحق أجره املرشوط له من الواقف من حي آل النظر إليه وإن مل يبارشه، حتى ولو مل يقبل النظر إال بعد مدة فإنه

يستحق األجر من حي إسناد النظارة إليه))).

))) غمز عيون البصائر رشح األشباه والنظائر للحموي )/)))-)))، ط دار الكتب العلمية - بريوت، )98)م، الطبعة األوىل.))) البحر الرائق )/)6)، والعقود الدرية )/)0).

))) كشاف القناع )/)7).))) الروضة البهية )/78).

))) حتفة املحتاج مع حواشيها 87/6)، وفتاوى الرميل هبامش الفتاوى الكربى )/)6.

النظارة على الوقف

258

املرشوط األجر كون بي مفرقا الشافعية، من اهليتمي حجر البن الثالث: القول *للناظر أكثر من أجر املثل أو مساويا له أو أقل.

فإن كان املرشوط أكثر من أجر املثل استحقه الناظر من حي آل النظر إليه وإن مل يبارش؛ال فإنه عنه أقل أو املثل ألجر مساويا كان وإن عمل. مقابلة يف كونه يقصد ال ألنه يستحقه فيام مىض وإنام يستحقه من حي مبارشته؛ ألنه يف مقابلة عمل ومل يوجد منه فال

وجه الستحقاقه له))).قال العبادي))): إن صورت املسألة بام إذا كان املرشوط أجرة فالوجه ما قاله اهليتمي،

وإن صورت بام إذا مل يكن أجرة فالوجه ما قاله الشهاب الرميل))).الرتجيح:

الناظر أجره من حي مبارشته الفقهاء من استحقاق إليه مجهور نرى األخذ بام ذهب النظارة ال من حي آلت إليه، سواء كان أجره أكثر من أجر املثل أم مساويا أم أقل؛ ألهنا

يف كل األحوال هي أجرة يف مقابل العمل، فيدور استحقاقها عىل العمل وجودا وعدما.

املطلب الثاين»وقت ا�صتحقاق الأجر اإذا مل يكن مقدرا«

اختلف الفقهاء يف الوقت الذي يبدأ منه استحقاق الناظر األجر إذا مل يكن مقدرا من قبل الواقف أو القايض عىل قولي:

* القول األول: للحنفية))) واحلنابلة)))، وقد فرقوا بي كون املعهود من الناظر أنه ال يعمل إال بأجرة وبي املعهود منه أنه يعمل بغري أجرة.

وقت من أجره يستحق فإنه املثل بأجرة إال يعمل ال أنه الناظر من املعهود كان فإن

))) حتفة املحتاج 87/6).))) العبادي )؟-)99هـ( هو أمحد بن قاسم الصباغ العبادي املرصي، شهاب الدين، فقيه شافعي أصويل، أخذ العلم عن الشيخ نارص اللقاين وشهاب الدين الربنيس املعروف بعمرية وقطب الدين عيسى الصفوي، وبرع وساد وفاق األقران، أخذ عنه الشيخ حممد بن داود املقديس وغريه. من تصانيفه: »اآليات البينات« حاشية عىل رشح مجع اجلوامع، و»حاشية عىل رشح

الورقات«، و»حاشية عىل رشح املنهج«، و»حاشية عىل حتفة املحتاج« ]شذرات الذهب 8/)))، واألعالم )/89)[.))) حاشية ابن قاسم العبادي عىل التحفة 87/6).

))) منحة اخلالق مع البحر الرائق )/)6)، والعقود الدرية )/08).))) كشاف القناع )/)7).

الباب الثالث: أجر الناظر

259

مبارشته ألعامل النظارة؛ ألن املعهود كاملرشوط، وألن األجرة يف مقابلة العمل فيستحقها من حي مبارشته للعمل.

وإن كان املعهود من الناظر أنه يعمل بغري أجرة فال يستحق شيئا من األجرة؛ ألنه غري معد ألخذ العوض عىل عمله فال يشء له ألنه متربع بعمله.

فإذا أراد أخذ األجرة عىل عمله رفع األمر إىل القايض ليقرر له أجرة، وحينئذ يستحق أجره من حي رفع األمر إىل القايض؛ ألنه يتبي من حي الرفع إىل القايض أنه غري متربع بعمله.

* القول الثاين: للشافعية، وهو أن الوقت الذي يبدأ منه استحقاق الناظر األجر إذا مل يكن مقدرا من الواقف أو القايض هو من حي رفع األمر إىل القايض، فإن عمل ومل يرفع

األمر إىل القايض مل يستحق شيئا ودل ذلك عىل أنه متربع بعمله))).الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه احلنفية واحلنابلة؛ ألنه موافق ملبدأ اعتبار العرف وهو مبدأ متفق عليه عند الفقهاء، وألن األحكام التي تبنى عىل العرف يسهل عىل املتخاصمي قبوهلا واألخذ هبا.

املبحث الثالث»ما ل مينع ال�صتحقاق«

ذكر الفقهاء أمورا ال متنع استحقاق الناظر األجر نذكر منها ما يأيت:أ( املرض:

رصح احلنفية بأنه إذا أصاب الناظر مرضا فإن ذلك ال يمنعه من استحقاقه األجر، إذا كان يمكنه مع املرض إدارة شئون الوقف يف اجلملة كإعطاء األوامر والنواهي. فإن عجز

عن إدارة الوقف بالكلية فال يستحق شيئا من األجرة))).ب( التوكيل:

يستحق الناظر أجره كامال وإن وكل غريه ليقوم ببعض أعامل النظارة أو كلها، فالتوكيل ال يمنع استحقاق الناظر األجر؛ ألن التوكيل يف النظارة جائز. وال يستحق الوكيل أجرا

من غلة الوقف، وإنام يأخذ أجره من الناظر املوكل إن رشط له أجرة وإال فال يشء له))).))) هناية املحتاج )/)0)، وحتفة املحتاج 90/6).

))) أحكام األوقاف للخصاف ص 6))، واإلسعاف )).))) األشباه والنظائر البن نجيم )7)، والعقود الدرية )/08)، وحتفة املحتاج 89/6)، وحاشية ابن عابدين )/08).

النظارة على الوقف

260

الباب الرابعمراقبة الناظر وحما�سبته

وت�سمينه وعزله

النظارة على الوقف

262

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

263

متهيد:إن الناظر عندما يؤدي أعامل النظارة فإنه يؤدهيا منفردا ال يشاركه فيها أحد

إن كانت نظارته فردية، وهي الغالب يف النظارة.فأعامل النظارة حق خالص للناظر ال جيوز لغريه أن يبارشها إال بإذن من

الناظر وموافقته))).إليها والناظر الغالب أو تؤول العامة يف وملا كانت األوقاف من املصالح حيسن أحد كل ليس إذ الناظر، أعامل متابعة من بد ال كان بأعامهلا ينفرد

الترصف، وليس كل أحد أمينا ال خيون.وقد أوكل الفقهاء هذه املهمة إىل القايض إذا كانت واليته عامة أو كان قد خصه احلاكم بالنظر يف األوقاف، فأصبح هو الذي يتابع أعامل الناظر ويرشف

عليها))).ومدى الناظر يؤدهيا التي األعامل مراقبة يف الناظر أعامل متابعة وتتمثل فوته ما وتضمينه حماسبته ثم الوقف، ومصلحة الرشعية لألحكام موافقتها

عىل الوقف من مال، ثم عزله إن ظهر موجب لعزله.وسنتوىل بيان ذلك يف الفصول اآلتية:

))) هناية املحتاج 397/5، وحتفة املحتاج 85/6)، ومفتاح الكرامة 9/)4.))) األحكام السلطانية للاموردي ص 70.

النظارة على الوقف

264

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

265

الف�صل الأول

»مراقبة اأعمال الناظر وحما�سبته«

يشتمل هذا الفصل عىل مبحثني:

املبحث الأول»مراقبة اأعمال الناظر«

حتت التي باألوقاف تتعلق أعامل من جيرونه فيام النظار مراقبة القايض أعامل من ترصفهم))).

ورعاية مراقبة نظر عليها ونظره األوقاف، عموم يف ينظر ا عام ناظرا القايض فيعترب وإحاطة وليس نظر ترصف؛ ألن الذي يترصف هو الناظر اخلاص، أما القايض فإنه يراقب ترصف الناظر اخلاص ويتابع أعامله)))، حتى لو رشط الواقف أال يراقب القايض الناظر كان رشطه باطل. قال ابن عابدين: لو رشط الواقفون أن العزل والنصب وسائر الترصفات ملن يتوىل من أوالده وال يداخلهم أحد من القضاة واألمراء، وإن داخلوهم فعليهم لعنة اهلل كانوا هم امللعونني؛ ألهنم أرادوا هبذا الرشط أنه مهام صدر من الناظر من فساد ال يعارضه أحد، وهذا رشط خمالف للرشع وفيه تفويت املصلحة للموقوف عليهم وتعطيل الوقف

فل يقبل)3).

ويراقب القايض أعامل الناظر بطريقتني:الطريقة األوىل: أن يتوىل القايض بنفسه مراقبة أعامل الناظر واإلرشاف عليها، فإن فعل

الناظر ما ال يسوغ له فعله اعرتض عليه القايض)4).الطريقة الثانية: أن يضم القايض للناظر ثقة أمينا، وأطلقوا عليه احلنفية ناظر حسبة)5)،

ويكون ذلك يف حاالت ثلث:

))) األحكام السلطانية للاموردي ص 70.))) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار 389/3، وهناية املحتاج 400/5، وحتفة املحتاج 90/6)، وكشاف القناع 73/4).

)3) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار 390/3.)4) حتفة املحتاج 89/6)، وكشاف القناع 73/4)، والبحر الزخار 65/4)، ورشح األزهار 489/3.

)5) البحر الرائق 53/5)، الدر املختار مع حاشية ابن عابدين 430/3.

النظارة على الوقف

266

* احلالة األوىل:أن يكون الناظر اخلاص ضعيفا بحيث ال يقوم بإدارة الوقف بصورة مرضية فيظهر منه ا أمينا يساعده يف إدارة شئون تقصري أو تفريط يف أعامل النظارة فإن القايض يضم إليه قوي

الوقف، فيحصل املقصود من حفظ الوقف واستصحاب يد من أراده الواقف))).

واختلف الفقهاء يف استقلل الناظر األصيل بالترصف حينئذ عىل قولني:* القول األول: للحنفية، وهو أن الناظر األصيل يستقل بالترصف إذا ضم إليه ناظر

إلعانته بسبب ضعفه))).من بد ال بل بالترصف يستقل ال األصيل الناظر أن وهو للحنابلة، الثاين: القول *املالكية)4) مذهب من يفهم ما وهو بإذنه)3). إال يترصف وال الثاين رأي إىل رجوعه

والشافعية)5) واإلمامية)6).الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه احلنفية؛ ألن الغرض من ضم ناظر إىل الناظر األصيل يف حال ضعفه خيتلف عن الغرض من ضم ناظر إليه يف حال الشك يف أمانته، إذ إن الغرض من النظارة عىل أحسن وجه وبام حيقق الناظر األصيل يف أداء مهام الضم األول هو مساعدة املصلحة للوقف، فكان للناظر األصيل أن يستقل بالترصف يف املهام التي يقدر عىل أدائها،

ويطلب من الناظر املضموم إليه أداء املهام األخرى.احلالة الثانية:

فإن بذلك عليه بينة تقم مل لكن باخليانة الناس بعض واهتمه الناظر يف طعن إذا للقايض أن يضم إليه ثقة أمينا يراقبه يف أعامله ويشاركه يف النظارة عىل الوقف؛ ألنه بذلك

األزهار ورشح ،(70/4 القناع وكشاف ،505-504/( اإلرادات منتهى ورشح ،43(/3 عابدين ابن حاشية (((.489/3

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين 430/3.)3) كشاف القناع 73/4).

)4) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 453/4، ومواهب اجلليل 397/6.)5) اإلقناع مع حاشية البجريمي 98/3)-99).

)6) الروضة البهية 73/5.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

267

حيصل املقصود من حفظ الوقف ودفع رضر الناظر اخلاص عن الوقف إن وجد))). قال الطرسويس: إنه بمجرد الطعن يف الناظر يسوغ للحاكم أن يدخل معه غريه إذا رآه من غري ثبوت ذلك عليه عنده، وال جيوز العزل بمجرده من غري بيان خيانة ظاهرة، ففي اإلدخال يكفي جمرد الطعن بل ثبوت، ويف العزل واإلخراج ال بد من الثبوت ملا يوجب ذلك من

ظهور خيانة))).وإذا ضم القايض إىل الناظر املتهم ثقة فإن الناظر يرجع إىل رأي الثقة يف أعامل النظارة،

وال يترصف إال بإذنه ليحصل الغرض من نصبه)3).احلالة الثالثة:

إذا جعل الواقف النظارة لفاسق أو عدل ففسق فإن القايض يضم إليه ناظرا أمينا عدال مجعا بني احلقني، العمل برشط الواقف، وحفظ الوقف)4).

املبحث الثاين»حما�سبة الناظر«

املحاسبة يف اللغة: مصدر حاسب، وهو مناقشة احلساب واملجازاة، يقال حاسبه حماسبة وحسابا، ناقشه احلساب وجازاه)5).

اللغوي، فاملقصود بمحاسبة وال خيرج املعنى االصطلحي للمحاسبة هنا عن املعنى الناظر هو مناقشته فيام جيريه من ترصفات مالية متعلقة بالوقف)6).

وقد أعطى الفقهاء حق حماسبة الناظر الثنني مها: املستحقون، والقايض، وبيان ذلك فيام يأيت:

القناع الدرية )/)))، وكشاف والعقود املختار 384/3، 9)4، واإلسعاف ص 54، الدر ابن عابدين عىل ))) حاشية 73/4)، والبحر الزخار 65/4)، ورشح األزهار 489/3.

))) أنفع الوسائل ص )3).)3) الدر املختار ورد املحتار 430/3.

)4) كشاف القناع 70/4)، ومفتاح الكرامة 9/)4.)5) لسان العرب )/4)3، واملعجم الوسيط )/)7).

)6) الدر املختار ورد املحتار 5/3)4، والبحر الرائق 5/)6).

النظارة على الوقف

268

املطلب األول»حما�سبة امل�ستحقني الناظر«

استفاده ما ببيان ومطالبته الناظر، حماسبة معينني كانوا إذا للمستحقني الفقهاء أجاز الوقف من غلة واألوجه التي اتبعها يف الرصف))).

واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:)( إن النبي -ملسو هيلع هللا ىلص- كان حياسب عامله عىل الصدقة)))، مع أن له والية رصفها واملستحق

غري معني، فباألوىل إذا كان املستحق معينا)3).إنام يترصف عندما والناظر وغلته، الوقف منافع يملكون املعينني املستحقني وألن )(

يترصف فيام يملكون وهلذا كان هلم مساءلته وحماسبته.قال احلنابلة: ألهل الوقف مساءلة الناظر عام حيتاجون إىل علمه من أمور وقفهم حتى

يستوي علمهم فيه وعلمه)4).ورصح احلنفية بأنه إذا حتاسب ناظر الوقف مع املستحقني عىل ما قبضه من غلة الوقف منهم من الرضورية وما خص كل واحد الوقف معلومة وما رصفه يف مصارف يف سنة الغلة، وصدقه كل منهم عىل ذلك وكتب كل منهم وصل ]وثيقة مكتوبة[ بذلك فاضل

فليس هلم نقض املحاسبة بدون وجه رشعي)5).

))) حتفة املحتاج مع حواشيها 6/)9)، ومغني املحتاج )/394، وكشاف القناع 77/4).))) يدل عليه ما أخرجه البخاري يف كتاب اهلبة باب من مل يقبل اهلدية لعلة، ومسلم يف كتاب اإلمارة باب حتريم هدايا العامل من حديث أيب حيد الساعدي قال: »استعمل رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- رجل من األزد عىل صدقات بني سليم يدعى ابن األتبية، فلام جاء حاسبه، قال: هذا مالكم وهذا هدية، فقال رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص: فهل جلست يف بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا؟ ثم خطبنا فحمد اهلل وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإين أستعمل الرجل منكم عىل العمل مما والين اهلل فيأيت فيقول: هذا مالكم وهذا هدية أهديت يل، أفل جلس يف بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا، واهلل ال يأخذ أحد منكم شيئا بغري حقه إال لقي اهلل تعاىل حيمله يوم القيامة، فألعرفن أحدا منكم لقي اهلل حيمل بعريا له رغاء، أو بقرة هلا خوار أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه ثم قال: اللهم هل بلغت« ]صحيح البخاري )/35)، ط دار إحياء

الرتاث العريب - بريوت، وصحيح مسلم 463/3)-464)، ط عيسى احللبي، 955)م، واللفظ ملسلم[.)3) الفروع البن مفلح 599/4، ط عامل الكتب، بريوت، 985)م.

)4) كشاف القناع 77/4).)5) العقود الدرية )/04).

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

269

املطلب الثاين»حما�سبة القا�سي الناظر«

يملك القايض حق حماسبة الناظر سواء اهتم الناظر أم مل يتهم؛ ألن القايض ناظر عام يرعى شئون األوقاف ويرشف عىل الناظر، فكان له حق حماسبة كل ناظر خاص))).

بل رصح ابن نجيم بأن حماسبة القايض الناظر واجبة عليه، ورتب عىل ذلك أنه جيوز للقايض أخذ األجرة عىل الكتابة وال جيوز له أخذ األجرة عىل املحاسبة نفسها.

واستفاد ابن نجيم ذلك مما جاء يف البزازية من أنه إن كتب القايض سجل أو توىل قسمة وأخذ أجرة املثل له ذلك، ولو توىل نكاح صغرية ال حيل له أخذ يشء ألنه واجب عليه، وكل ما وجب عليه ال جيوز أخذ األجر عليه وما ال جيب عليه جيوز أخذ األجر))). قال: فقد استفيد منه أنه جيوز للقايض األخذ عىل الكتابة نفسها، وال جيوز له األخذ عىل املحاسبات

نفسها ألن احلساب واجب عليه)3).واختلف الفقهاء يف كيفية حماسبة الناظر وقبول قوله عىل ثلثة أقوال:

* القول األول: للحنفية واملالكية، حيث فرقوا بني كون الناظر أمينا وكونه غري أمني.فقال احلنفية: لو كان الناظر معروفا باألمانة فإن القايض يكتفي منه باإلمجال يف املحاسبة وال جيربه عىل التفصيل، ويقبل قوله بل بينة يف رصف غلة الوقف فيام ال يكذبه الظاهر)4).

ثم فصلوا القول يف قبول قول الناظر يف حالة اإلنكار بني إنكار املستحقني الرصف هلم وبني إنكار أرباب الوظائف الرصف هلم.

أ( فذهبوا إىل أنه إن ادعى الناظر األمني الرصف إىل املستحقني وأنكر املستحقون ذلك فإنه يقبل قول الناظر فيام يدعيه من الرصف إىل املستحقني بل بينة؛ ألن هذا من مجلة عمله

يف الوقف)5)، وألنه أمني واألمني إذا ادعى إيصال األمانة إىل مستحقها قبل قوله)6).

))) البحر الرائق 5/)6)- 63)، واملعيار املعرب 45/7)، وحتفة املحتاج مع حواشيها 6/)9)، واإلنصاف 68/7.))) البحر الرائق 63/5).)3) البحر الرائق 5/)6).

)4) الدر املختار ورد املحتار 5/3)4، والعقود الدرية )/)0)، 7)).)5) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين 5/3)4، والعقود الدرية )/)0).

)6) األشباه والنظائر البن نجيم ص 75).

النظارة على الوقف

270

واختلفوا يف حتليفه: فذهب بعضهم ومنهم الناصحي واخلري الرميل وابن نجيم إىل أنه حيلف))).وذهب بعضهم ومنهم حامد أفندي العامدي))) واحلصكفي إىل أنه ال حيلف)3).

ب( وإن ادعى الناظر األمني الرصف إىل أرباب الوظائف وأنكروا ذلك فقد اختلفوا يف قبول قوله عىل رأيني:

* الرأي األول: ألغلب احلنفية، وهو أنه يقبل قول الناظر يف الدفع ألرباب الوظائف؛ ألنه أمني واألمني إذا ادعى إيصال األمانة إىل مستحقها قبل قوله)4).

الدفع يف الناظر قول يقبل ال أنه وهو العامدي، السعود أيب للمفتي الثاين: الرأي *ألرباب الوظائف؛ ألن ما يأخذه أرباب الوظائف هو من قبيل األجرة يف اإلجارة، والناظر

لو استأجر شخصا ملصلحة الوقف ثم ادعى الدفع إليه مل يقبل قوله، فكذا هنا.وقد استحسن هذا الرأي التمرتايش وابن عابدين)5).

قال ابن عابدين: تفصيل املوىل أيب السعود يف غاية احلسن باعتبار التمثيل باألجرة إذا استعمل الناظر رجل يف عامرة حيتاج إىل البينة يف الدفع له فهي مثلها، وقول العلامء حممول عىل املوقوف عليهم من األوالد ال أرباب الوظائف املرشوط عليهم العمل، أال ترى أهنم إذا مل يعملوا ال يستحقون الوظيفة فهي كاألجرة ال حمالة وهو كأنه أجري، فإذا اكتفينا بيمني

الناظر يضيع عليه األجر ال سيام نظار هذا الزمان)6).وقد ذكر احلنفية حالة حيلف فيها الناظر األمني وهي ما إذا اهتم القايض الناظر فإنه حيلفه وإن كان أمينا، كاملودع يدعي هلك الوديعة أو ردها: قال بعضهم: إنام يستحلف إذا ادعى

))) حاشية ابن عابدين 5/3)4، والعقود الدرية )/)0)، واألشباه والنظائر ص 75).))) حامد أفندي )؟-985هـ( هو حامد بن عيل القونوي، فقيه حنفي مفتي اإلسلم، ولد بقونية، وطلب العلم يف كرب بعد أن ذهب شبابه لكنه أكب عىل الطلب والزم األفاضل، منهم املوىل سعدي واملوىل القادري، ثم تنقل مدرسا يف املدارس إىل أن قلد قضاء الشام ثم قضاء مرص ثم قضاء قسطنطينية، ثم أصبح مفتيا للدولة العثامنية ودام يف الفتوى إىل أن تويف. من

تصانيفه: »الفتاوى احلامدية« ]شذرات الذهب 407/8، وهدية العارفني )/60)، ط استانبول، )95)م[.)3) الدر املختار مع ابن عابدين 5/3)4، والعقود الدرية )/)0).

)4) األشباه والنظائر البن نجيم ص 75)، والعقود الدرية )/)0)، والدر املختار مع ابن عابدين 5/3)4.)5) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين 5/3)4، والعقود الدرية )/)0)-03).

)6) العقود الدرية )/03).

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

271

عليه شيئا معلوما، وقيل: حيلف عىل كل حال وهو الصحيح))). وإن كان الناظر غري أمني فإن القايض ال يكتفي منه باإلمجال وجيربه عىل تقديم احلساب بالتفصيل، وتفسري ما دخل وما خرج من غلة الوقف، فإن امتنع أو ماطل أحرضه يومني أو ثلثة خيوفه وهيدده وال

حيبسه، فإن قدم احلساب وإال اكتفى القايض منه باليمني))).احلاالت التي يطالب فيها الناظر بالبينة:

وقد ذكر احلنفية حاالت ال يقبل فيها قول الناظر ولو حلف وأنه ال بد من البينة إلثبات قوله، وهي:

)( إذا ادعى الناظر أمرا يكذبه الظاهر فإنه ال يقبل قوله ولو كان أمينا، بل تزول عنه األمانة وتظهر اخليانة فل يصدق قوله ولو بيمينه)3).

)( إذا ظهرت خيانة الناظر فإنه ال يصدق قوله ولو بيمينه)4).3( إذا اتصف الناظر بالصفات املخالفة للرشع التي صار هبا فاسقا فإنه ال يقبل قوله فيام

رصفه إال ببينة)5).4( إذا كان الناظر مفسدا مبذرا فإنه ال يقبل قوله برصفه مال الوقف بيمينه، وبذلك أفتى

العلمة أبو السعود)6).الناظر شيئا إال بمعرفة الواقف يف أصل الوقف أالا يرصف املالكية: إن اشرتط وقال شهود، فإن الناظر ال يصدق فيام ادعاه يف رصف الغلة وإن كان أمينا إال بشهادة الشهود عمل برشط الواقف. فإن مل يشرتط الواقف ذلك فإن الناظر يصدق بل يمني فيام ادعاه يف رصف الغلة إن كان أمينا إذا كان ما ادعاه يشبه ما قال. فإن مل يكن أمينا أو كان ما ادعاه ال

يشبه ما قال أو اهتمه القايض فإنه ال يصدق إال بيمني)7).))) البحر الرائق 5/)6)، وحاشية ابن عابدين 5/3)4، قال احلصكفي: ال حتليف عىل حق جمهول إال يف ست: إذا اهتم القايض ويص يتيم، ومتويل وقف، ويف رهن جمهول، ودعوى رسقة، وغصب، وخيانة مودع )انظر: الدر املختار هبامش

ابن عابدين 448/4، وحاشية ابن عابدين 5/3)4).))) الدر املختار مع ابن عابدين 5/3)4، والبحر الرائق 5/)6)، والعقود الدرية )/7)).

)3) العقود الدرية )/7))-8))، وحاشية ابن عابدين 5/3)4.)4) املراجع السابقة.

)5) حاشية ابن عابدين 5/3)4.)6) العقود الدرية )/)0)، وحاشية ابن عابدين 5/3)4.

)7) حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري 89/4، ومواهب اجلليل 40/6، واملعيار املعرب 45/7).

النظارة على الوقف

272

معينني عليهم املوقوف كون بني الناظر حماسبة يف وفرقوا للشافعية، الثاين: القول *وكوهنم غري معينني.

ذلك، يف يصدق فل هلم الغلة رصف الناظر وادعى معينني عليهم املوقوف كان فإن أ( والقول قوهلم يف عدم الرصف هلم، وهلم مطالبته باحلساب ألهنم مل يأمتنوا الناظر.

ب( وإن كان املوقوف عليهم غري معينني وادعى الرصف هلم فإنه يصدق يف قدر ما أنفقه عند االحتامل، وللقايض مطالبته باحلساب يف أوجه الوجهني، وإن اهتمه حلفه))).

وإن باحلساب، املطالبة هلم ثبت معينني ألقوام الوقف كان إن الرميل: الشهاب قال قال األذرعي: واألقرب أم ال؟ وجهان، باحلساب يكونوا معينني فهل لإلمام مطالبته مل املطالبة وعليه العمل، وحيتمل أن يقال إنام يكون له ذلك عند ظهور ريبة أو هتمة ال مطلقا

ملا فيه من التعنت من غري مقتض، وقول األذرعي »واألقرب املطالبة« هو األصح))).وحكى الرافعي عن العبادي)3) أن القيم ال حيبس إال يف دين وجب بمعاملته)4).

الناظر بني كونه متربعا وكونه غري الثالث: للحنابلة، حيث فرقوا يف حماسبة القول *متربع.

أ( فإن كان الناظر متربعا يف عمله يف النظارة وادعى الرصف إىل املستحقني أو ادعى رصف املال بيمينه؛ ألنه قبض الناظر القول قول الغلة يف مصالح الوقف وأنكروا ذلك فإن

ع املتربع. لنفع مالكه فقط فقبل قوله فيه كالويص واملودب( وإن كان الناظر غري متربع يعمل باألجر فإنه ال يقبل قوله إال ببينة؛ ألنه قبض العني

حلظه فل تقبل دعواه إال ببينة)5).

))) مغني املحتاج )/394، وحتفة املحتاج مع حواشيها 6/)9).))) حاشية الشهاب الرميل عىل رشح روض الطالب )/476.

)3) العبادي )375-458هـ( هو حممد بن أحد بن حممد بن عباد، القايض أبو عاصم العبادي اهلروي، من كبار فقهاء الشافعية وأعياهنم، كان إماما دقيق النظر، أخذ الفقه عن القايض أيب منصور األزدي، والقايض أيب عمر البسطامي، واألستاذ أيب إسحاق األسفراييني وغريهم، وأخذ عنه أبو سعد اهلروي وابنه أبو احلسن العبادي وغريمها، نقل عنه الرافعي يف مواضع الشافعية الفقهاء« ]طبقات الزيادات«، و»طبقات عدة. من تصانيفه: »املبسوط«، و»اهلادي«، و»الزيادات«، و»زيادات

البن قايض شهبة )/)3)، وطبقات الشافعية البن هداية 56[.)4) األشباه والنظائر للسيوطي ص )49، ط دار الكتب العلمية، بريوت، 983)م.

)5) كشاف القناع 485/3، 69/4).

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

273

ومما سبق نستخلص ما يأيت:)( إن الناظر يقبل قوله بل يمني وال بينة يف احلاالت اآلتية:

أ( إذا كان أمينا وادعى الدفع إىل املستحقني، عند املالكية وبعض احلنفية.ب( إذا كان أمينا وادعى الدفع إىل أرباب الوظائف، عند أغلب احلنفية.

ج( إذا كان املوقوف عليه غري معني وادعى الناظر الرصف إليه، عند الشافعية.)( ويقبل قوله بيمني يف احلاالت اآلتية:

أ( إذا كان الناظر أمينا وادعى الدفع إىل املستحقني، عند بعض احلنفية.ب( إذا اهتم القايض الناظر، عند مجيع الفقهاء.

ج( إذا كان الناظر غري أمني ومل يقدم حسابا تفصيليا، عند احلنفية.د( إذا كان الناظر غري أمني وكان ما ادعاه ال يشبه ما قال، عند املالكية.

هـ( إذا كان الناظر متربعا، عند احلنابلة.3( وال يقبل قوله إال ببينة يف احلاالت اآلتية:

أ( إذا ادعى الناظر الرصف إىل أرباب الوظائف، عند املفتي أيب السعود من احلنفية.ب( إذا ادعى الناظر أمرا يكذبه الظاهر ولو كان أمينا، عند احلنفية.

ج( إذا ظهرت خيانة من الناظر، عند احلنفية.د( إذا اتصف الناظر بالصفات املخالفة للرشع التي يصري هبا فاسقا، عند احلنفية.

هـ( إذا كان الناظر مفسدا مبذرا، عند املفتي أيب السعود.و( إذا اشرتط الواقف عىل الناظر البينة عند الرصف، عند املالكية.

ز( إذا ادعى الناظر الدفع إىل املوقوف عليهم وكانوا معينني، عند الشافعية.ح( إذا كان الناظر غري متربع، عند احلنابلة.

الرتجيح:إىل الدفع ويف الغلة رصف يف ادعاه فيام يمني بل قوله يقبل األمني الناظر أن نرى املستحقني، شأنه يف ذلك شأن سائر األمناء، سواء كان املوقوف عليه معينا أم غري معني،

وسواء كان الناظر متربعا أم غري متربع.فإن كان الناظر غري أمني أو كان أمينا واهتمه القايض أو طعن يف أمانته ومل تقم بينة عىل

النظارة على الوقف

274

ذلك فإنه يقبل قوله بيمينه؛ ألنه يف هذه احلالة استوى جانب الصدق وجانب الكذب فيام ادعاه الناظر، فإذا قرن قوله باليمني فإنه يرتجح جانب الصدق عىل جانب الكذب.

النتفاء قوله؛ يقبل ال فإنه الظاهر يكذبه أمرا ادعى أو الناظر من خيانة ظهرت فإذا األمانة منه، وال بد من إثبات ما ادعاه بالبينة.

ألرباب الدفع يف الناظر قول يقبل ال أنه من السعود أبو به أفتى بام األخذ نرى كام علقة الناظر وبني بينهم العلقة إذ هؤالء؛ حق يف أمينا يعترب ال الناظر ألن الوظائف؛

عقدية يف عقد معاوضة حمضة فل يقبل قوله يف الدفع هلم.وما ذكره املالكية من أنه ال يكفي قول الناظر عند اشرتاط الواقف عليه البينة فيام جيريه من ترصفات مالية جدير باالعتبار، وال ينبغي أن خيالف يف ذلك أحد من الفقهاء التفاقهم

عىل وجوب العمل برشط الواقف.وجياب عام استدل به الشافعية من أن املوقوف عليه املعني مل يأمتن الناظر فلذلك ال يقبل قوله

يف حقه، بأن من له والية تفويض النظارة -وهو عندهم الواقف والقايض- قد ائتمن الناظر.والعربة بائتامن من له والية تفويض النظارة ال بائتامن املوقوف عليه، سواء كانت والية

التفويض للواقف أم للقايض.أما الواقف فألن غرضه من الوقف هو حتصيل الثواب عىل الدوام فل يويل عىل وقفه إال

أمينا ثقة، حيفظ الوقف وحيقق مصاحله ويراعي رشوط الواقف.يثق من إال عليها يويل فل األوقاف مجيع عن مسئول وهو عام، ناظر فألنه القايض وأما بأمانته ودينه، فإذا ما نصب واحد منهام ناظرا فقد ائتمنه عىل الوقف وقبل قوله فيام هو أمني عليه.

وجياب عام استدل به احلنابلة من أن الناظر غري املتربع قد قبض الوقف حلظه فل تقبل عليه، املوقوف وحظ حلظه بل فقط حلظه الوقف يقبض مل الناظر بأن ببينة؛ إال دعواه ملصلحته العني قبض من كل أن قواعده: يف رجب ابن أوردها كام عندهم والقاعدة ومصلحة املالك عىل غري وجه التمليك لعينه كالرهن واملضاربة والرشكة والوكالة بجعل

والوصية فهو أمني عىل املذهب))).والناظر غري املتربع ال خيتلف عن هؤالء فهو أمني كهؤالء.

))) القواعد البن رجب ص )6.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

275

الف�صل الثاين

»�سمان الناظر«

يطلق الضامن يف اللغة عىل عدة معان، ومنها:ألزمته أي بالتضعيف املال نته وضما التزمه، إذا ضامنا املال ضمن يقال االلتزام، )(

إياه))).)( الكفالة، يقال ضمن اليشء ضامنا وضمنا: كفله، ومنه قول النبي ملسو هيلع هللا ىلص: »اإلمام ضامن واملؤذن مؤمتن«)))، قيل يف معناه: إن صلة املقتدين به يف عهدته وصحتها مقرونة بصحة صلته، فهو كاملتكفل هلم صحة صلهتم. قال ابن منظور)3): أراد بالضامن

هاهنا احلفظ والرعاية ال ضامن الغرامة؛ ألنه حيفظ عىل القوم صلهتم)4).مته فالتزمه)5). نته اليشء تضمينا فتضمنه عني: غرا 3( التغريم، يقال ضما

4( االحتواء، قال ابن فارس)6): الضاد وامليم والنون أصل صحيح، وهو جعل اليشء يف نت اليشء إذا جعلته يف وعائه، والكفالة تسمى ضامنا يشء حيويه، ومن ذلك قوهلم ضما

))) املصباح املنري 364.الوقت )سنن تعاهد املؤذن من ما جيب عىل باب الصلة داود يف كتاب أبو »اإلمام ضامن واملؤذن مؤمتن« أخرجه ))) حديث: أبواب الصلة باب ما جاء أن اإلمام ضامن واملؤذن مؤمتن أيب داود )/3))، ط مصطفى احللبي، )95)م(. والرتمذي يف )سنن الرتمذي )/)40، ط مصطفى احللبي، 937)م، بتحقيق: أحد حممد شاكر(. وابن حبان يف كتاب الصلة باب األذان اليعمري يف العلمية - بريوت، 987)م( وصححه. وقال الكتب دار ابن حبان 90/3-)9، ط )اإلحسان برتتيب صحيح تعليقه عىل أسانيد احلديث املختلفة: الكل صحيح واحلديث متصل )انظر: نيل األوطار للشوكاين )/))-3)، ط دار اجليل(.

)3) ابن منظور )630-))7هـ( هو حممد بن مكرم بن عيل األنصاري اإلفريقي ثم املرصي، أبو الفضل، مجال الدين، كان بن الرحن وعبد حاتم بن ومرتىض املقري ابن من سمع وحجة، اللغة يف إمام األنصاري، ثابت بن رويفع إىل ينتسب باختصار كتب األدب املطولة. الطفيل وغريهم، خدم يف ديوان اإلنشاء طول عمره، وويل قضاء طرابلس، كان مغرما من تصانيفه: »لسان العرب« مجع فيه أمهات كتب اللغة، و»خمتار األغاين«، و»خمترص تاريخ دمشق البن عساكر« ]الدرر

الكامنة 5/6)، وشذرات الذهب 6/6)، واألعلم 08/7)[.)4) القاموس املحيط 43/4)، ولسان العرب 3)/57).

)5) املراجع السابقة.)6) ابن فارس )؟-369هـ( هو أحد بن زكريا بن فارس، أبو احلسني، من أعيان أهل العلم، غلب عليه علم النحو ولسان العرب فشهر به، وصار من أئمة أهل اللغة يف وقته، أخذ عن أيب بكر أحد بن احلسن اخلطيب رواية ثعلب وأيب احلسن عيل بن إبراهيم القطان وأيب عبد اهلل أحد بن طاهر املنجم وغريهم، ومن تلميذه بديع الزمان اهلمذاين وغريه، وكان الصاحب ابن عباد يكرمه ويتتلمذ له ويقول: شيخنا أبو احلسن ممن رزق حسن التصنيف وأمن فيه من التصحيف، كان فقيها شافعيا فصار مالكيا. من تصانيفه: »املجمل«، و»فقه اللغة«، و»غريب إعراب القرآن«، و»حلية الفقهاء« ]معجم األدباء لياقوت

احلموي 80/4، ط عيسى احللبي، والديباج املذهب 35[.

النظارة على الوقف

276

من هذا ألنه كأن إذا ضمنه فقد استوعب ذمته))).ويف االصطلح يطلق الضامن عىل معان عدة، نذكر منها ما يأيت:

)( الكفالة بمعناها العام الشامل لكفالة النفس وكفالة املال، كتعريف املالكية للضامن بأنه: شغل ذمة أخرى باحلق))). وتعريف الشافعية للضامن بمعناه العام بأنه: التزام

دين أو إحضار عني أو بدن)3).)( الكفالة بمعناها اخلاص وهي كفالة املال، وعليه أغلب التعاريف. كتعريف الشافعية للضامن بمعناه اخلاص وهو: التزام ما يف ذمة الغري من املال)4). وتعريف احلنابلة له بأنه: التزام من يصح تربعه أو مفلس برضامها ما وجب أو ما جيب عىل غريه من بقائه عليه)5). وتعريف الزيدية بأنه: تقرير الدين يف ذمة الضامن حتى يصري مطالبا

مع األصل)6).وتعريف اإلمامية بأنه: التعهد باملال من الربيء)7).3( غرامة املتلفات والغصوب، كتعريف احلنفية للضامن بأنه: »رد مثل اهلالك إن كان

مثليا أو قيمته إن كان قيميا«)8). واملقصود بضامن الناظر هنا هو هذا املعنى األخري.ويشتمل هذا الفصل عىل ثلثة مباحث:

املبحث الأول»�سفة يد الناظر«

أسباب الضامن عند الفقهاء أربعة، وهي:)( العقد، كاملبيع والثمن املعني قبل القبض يف البيع، فإن كل واحد منهام يكون مضمونا

))) معجم مقاييس اللغة 3/)37، ط عيسى احللبي، 368)هـ، وانظر: القاموس املحيط 43/4)، ولسان العرب 3)/57).))) رشح اخلريش عىل خليل 6/))، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 9/3)3.

)3) حاشية القليويب عىل رشح املحىل )/3)3.)4) رشح املحىل )/3)3.

)5) كشاف القناع 3/)36.)6) البحر الزخار 75/5، ط مطبعة السنة املحمدية بمرص، 949)م.

)7) الروضة البهية 3/4)).املنهاج مع رشحه العلمية، بريوت، 985)م، وانظر: الكتب البصائر رشح األشباه والنظائر 6/4، ط دار )8) غمز عيون مغني املحتاج )/77)، واملنثور يف القواعد )/))3 وما بعدها، ط وزارة األوقاف الكويتية، 985)م، والرشح الكبري

مع حاشية الدسوقي 443/3، وكشاف القناع 06/4)-07).

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

277

عىل صاحبه حتى يقبضه اآلخر.)( اإلتلف، نفسا كان أو ماال، مبارشة كإحراق الثوب وقتل احليوان، أو تسببا كحفر البئر يف موضع مل يؤذن له فيه وإيقاد النار بقرب الزرع، ونحو ذلكمام شأنه يف العادة

أن يفيض غالبا لإلتلف.3( احليلولة، وقال به الشافعية فقط، ومثلوا له بام إذا نقل الغاصب املغصوب إىل بلد

آخر، فللاملك املطالبة بالقيمة يف احلال للحيلولة، فإذا رده ردها.4( اليد، وهي نوعان:

أ( يد أمانة أو مؤمتنة، وهي اليد التي حتوز املال نيابة ال متلكا، كاليد يف عقود األمانات كالوديعة واملضاربة والرشكة والوكالة الوصية.

ب( يد ضامن أو غري مؤمتنة، وهي اليد التي حتوز املال للتملك أو ملصلحتها، كاليد يف عقود الضامن كالعارية والقرض، وكيد العدوان كام يف الغصب))).

أو التفريط أو بالتقصري إال يده ما حتت اليد ال يضمن أن واضع األمانة: يد وحكم بالتعدي.

بآفة هلك لو حتى حال، كل يف يضمنه املال عىل اليد واضع أن الضامن: يد وحكم ساموية أو عجز عن رده إىل صاحبه كام يضمنه إذا أتلفه من باب أوىل))).

وال خلف بني الفقهاء يف أن يد الناظر عىل الوقف يد أمانة ال يد ضامن؛ ألن الناظر حاز الوقف نيابة ال متلكا ملصلحة املوقوف عليه، فكان أمينا شأنه يف ذلك شأن الوكيل والويص،

وال فرق يف ذلك بني أن يكون الناظر يعمل متربعا بغري أجر أو يعمل بأجر)3).

املبحث الثاين»احلاالت التي ي�سمن فيها الناظر«

فإنه ال يضمن ما حتت يده إال يف حالتني: بيانه- أمانة -كام سبق الناظر يد إذا كانت

))) الفروق للقرايف 7/4)، واألشباه والنظائر للسيوطي )36-363، والقواعد البن رجب ص 04).))) بدائع الصنائع 48/5)، والفروق )/07)، ورشح املحىل عىل املنهاج 9/3)-30، والقواعد البن رجب 53، 308-

.309 ،((( ،(08/7 املعرب واملعيار ،(06/( الدرية والعقود ،69 ،6( ص واإلسعاف ،4(5/3 عابدين ابن حاشية (3(

والفتاوى الكربى 3/)5)، وكشاف القناع 67/4)، والقواعد البن رجب ص )6، ورشح األزهار 489/3.

النظارة على الوقف

278

التقصري والتفريط، والتعدي. وزاد الزيدية حالة ثالثة وهي: ما إذا كان الناظر أجريا مشرتكا.وسنتناول ذلك يف املطالب اآلتية:

املطلب األول»التق�سري والتفريط«

، ويطلق يف اللغة عىل عدة معان، ومنها: أ( التقصري مصدر الفعل قرص)( التواين يف اليشء، يقال: قرص يف األمر: توانى فيه وهتاون.

)( الرتك، يقال: قرصا فلن عن األمر: تركه وهو ال يقدر عليه.3( التقليل، يقال: قرصا العطية: قللها.

4( جعل اليشء قصريا، ومنه األخذ من الشعر، يقال قرصا شعره ومن شعره: حذف منه ها. شيئا ومل يستأصله، وقرصا الصلة: قرص

5( دق الثوب وتبييضه، يقال: قرصا الثوب: دقاة وبيضه))).ط، ويطلق يف اللغة عىل عدة معان، ومنها: ب( التفريط مصدر الفعل فرا

ط اليشء ويف اليشء: قرصا فيه وضياعه حتى فات، )( التقصري يف اليشء وتضييعه، يقال فراط يف جنب اهلل: ضياع ما عنده فلم يعمل له. وفرا

ط البئر: يفرطون﴾))). وفرا ته رسلنا وهم ل )( الرتك واإلغفال، ومنه قوله تعاىل: ﴿توفتركها حتى يعود إليها ماؤها.

مه وأرسله. ط إليه رسوال: قدا ط فلنا: قدمه، وفرا 3( التقديم، يقال فرااه)3). ط اهلل عنه ما يكره: نحا 4( التنحية، يقال فرا

ويستعمل الفقهاء التقصري والتفريط بمعنى واحد وهو يف النظارة: ترك الناظر ما وجب عليه يف نظارة الوقف)4).

وأطلق مجهور الفقهاء القول بضامن الناظر عند تقصريه وتفريطه، سواء كان تقصريه يف

))) لسان العرب 96/5 وما بعدها، واملعجم الوسيط )/738.))) سورة األنعام، آية )6.

)3) لسان العرب 366/7، واملعجم الوسيط )/683.)4) كشاف القناع 7/4)، ودرر احلكام رشح جملة األحكام )/36)، والكليات )/99.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

279

عني أم فيام كان يف الذمة))).ق احلنفية بينهام، فأوجبوا الضامن عىل الناظر إن فرط يف عني. أما إن فرط فيام كان يف وفرا

الذمة فل ضامن عليه))). ومثلوا ملا هو يف الذمة بام يأيت:)( إذا اشرتى الناظر من الدهان دهنا ودفع الثمن ثم أفلس الدهان بعد، مل يضمن الناظر)3).)( إذا أجر الناظر إنسانا وامتنع عن مطالبته باألجرة فهرب ومال الوقف عليه، مل يضمن

الناظر)4).الرتجيح:

نرى األخذ بإطلق مجهور الفقهاء؛ إذ ال فرق بني تفريط الناظر يف عني أو فيام كان يف الذمة، إذ إن الناظر مأمور بحفظ اجلميع وعدم التفريط مطلقا.

كام أن الرضر يلحق الوقف بتفريط الناظر فيام كان يف الذمة كام يلحقه بتفريطه يف العني.ج( صور التقصري والتفريط:

وللتقصري والتفريط صور نجملها فيام يأيت:الصورة األوىل: اإلمهال يف احلفظ:

إذا أمهل الناظر يف حفظ الوقف أو غلته فأدى ذلك إىل التلف أو الضياع؛ فإن الناظر يضمن ما تلف أو ضاع بسبب ذلك)5).

وأمثلة ذلك كثرية، ذكر الفقهاء منها:)( إذا اهندم املسجد فإنه جيب عىل الناظر حفظ أنقاضه وأخشابه، فلو ضاعت خشبة

ضمنها الناظر)6).خازن وكذا ضمنه، األرضة أكلته حتى نفض بل املسجد بساط الناظر ترك إذا )(

الكتب املوقوفة)7).

))) املعيار املعرب 7/)6)، وكشاف القناع 69/4)، والبحر الزخار 66/4).))) البحر الرائق 59/5)، وحاشية ابن عابدين مع الدر املختار 9/3)4.

)3) البحر الرائق 59/5)، وجممع الضامنات ص 6)3.)4) الدر املختار ورد املحتار 9/3)4.

)5) املعيار املعرب 7/)6).)6) جممع الضامنات ص 6)3، 333، ورشح األزهار مع حواشيه 3/)48.

)7) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار 9/3)4.

النظارة على الوقف

280

الصورة الثانية: عدم ظهور املصلحة:جيب عىل الناظر أن يتحرى املصلحة والغبطة للوقف فيام جيريه من ترصفات، فإذا أقدم الناظر عىل ترصف ليس فيه مصلحة ظاهرة للوقف فإنه يضمن؛ لتقصريه يف حتري مصلحة الوقف. قال احلنفية: ال جيوز إزالة احلائط الذي بني املسجدين ليجعلهام واحدا إذا مل يكن

فيه مصلحة ظاهرة، وكذا رفع سقفه ويضمن الناظر ما أنفق من مال املسجد))).الصورة الثالثة: التجهيل:

وهو أالا يبني األمني قبل موته حال ما بيده من أمانة، وكان يعلم أن وارثه ال يعلمها ومات وهو عىل ذلك))).

وقد اختلف الفقهاء يف تضمني الناظر إذا مات جماهل للوقف أو غلته عىل ثلثة أقوال:* القول األول: للحنفية، حيث فرقوا بني أن يموت الناظر جماهل لعني الوقف وبني أن

يموت جمهل لغلته.)( فإن مات الناظر جماهل لعني الوقف كام لو كان الوقف دنانري ودراهم، أو جمهل لبدل الوقف كام إذا استبدل الناظر الوقف وأخذ الثمن فإنه يكون ضامنا اتفاقا؛ ألن األصل يف األمانات أهنا تنقلب مضمونة باملوت عن جتهيل، ومعنى ضامهنا صريورهتا دينا يف

تركة الناظر)3).)( وإن مات الناظر جمهل لغلة الوقف فاختلفوا يف تضمينه عىل أربعة آراء:

* الرأي األول: ألكثر احلنفية، وهو أن الناظر إذا مات جماهل لغلة الوقف فإنه ال يضمن؛ واستثنوا ذلك من أصل أن األمانات تنقلب مضمونة باملوت عن جتهيل)4).

* الرأي الثاين: لقايض خان، وهو أن الناظر إذا مات جمهل لغلت الوقف فإنه يضمن؛ إال ناظر املسجد إذا أخذ غلت املسجد ومات من غري بيان فإنه ال يضمن)5).

* الرأي الثالث: للطرسويس، وهو أنه إذا طلب املستحقون من الناظر املال فأخر ثم ))) جممع الضامنات ص )33.

))) األشباه والنظائر البن نجيم ص 73)، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين 496-495/4. ،450/5 القدير فتح ورشح ،496-495/4 املختار الدر مع عابدين ابن وحاشية ،(74-(73 والنظائر األشباه (3(

والعقود الدرية )/09).)4) األشباه والنظائر 73)، والدر املختار مع رد املحتار 496/4، والعقود الدرية )/08).

)5) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار 496/4، والعقود الدرية )/08).

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

281

مات جمهل فإنه يضمن، وإن مل حيصل طلب منهم ومات الناظر جمهل فإن كان حممودا بني الناس معروفا بالديانة واألمانة فل ضامن عليه، وإن مل يكن كذلك ومىض زمن واملال بيده

ومل يفرقه ومل يمنعه من ذلك مانع رشعي فإنه يضمن))).قال ابن عابدين: وأقره يف البحر عىل تقييد ضامنه بالطلب، أي فل يضمن بدونه، أما به

فيضمن))).* الرأي الرابع: لصالح التمرتايش)3)، إن الناظر ال يضمن غلت الوقف إذا مات جمهل ه العلئي يف هلا فجأة لعدم متكنه من البيان، وأما إذا مات بمرض ونحوه فإنه يضمن. وأقرا

الدر املختار.قال ابن عابدين: هذا مسلم لو مات فجأة عقب القبض)4).

حكاه كام بالرشط لقوم مستحقة غري الغلة كانت إذا ما احلنفية عند اخللف وحمل العلمة البريي ووافقه ابن عابدين.

قال البريي: إذا كانت الغلة مستحقة لقوم بالرشط فيضمن مطلقا بدليل اتفاق كلمتهم فيام إذا كانت الدار وقفا عىل أخوين غاب أحدمها وقبض احلارض غلته تسع سنني، ثم مات

احلارض وترك وصيا، ثم حرض الغائب وطالب الويص بنصيبه من الغلة.قال الفقيه أبو جعفر: إن كان احلارض الذي قبض الغلة هو القيم عىل هذا الوقف كان للغائب أن يرجع يف تركة امليت بحصته من الغلة، وإن مل يكن هو القيم إال أن األخوين أجرا

مجيعا فكذلك، وإن آجر احلارض كانت الغلة كلها له يف احلكم وال يطيب له.ليس الناظر يد يف قبض وما الوقف غلة قوهلم من مستفاد وهذا عابدين: ابن قال غلة الوقف، بل هو مال املستحقني بالرشط ... ويؤيد هذا قوهلم: إن غلة الوقف يملكها املوقوف عليه وإن مل يقبل ...، وينبغي أن يلحق بغلة املسجد ما إذا رشط ترك يشء يف يد

))) أنفع الوسائل )5)، ومنحة اخلالق 5/)6)، والعقود الدرية )/08)، وحاشية ابن عابدين 496/4.))) العقود الدرية )/08)-09)، وانظر: البحر الرائق 5/)6).

)3) صالح التمرتايش )980-055)هـ( هو صالح بن حممد بن عبد اهلل بن أحد اخلطيب الغزي التمرتايش، فقيه حنفي، كان اثا، أخذ عن والده صاحب »تنوير األبصار«، ورحل إىل مرص وأخذ عن علامئها، وتصدر يف فاضل متبحرا يف العلوم بحامرص بعد وفاة أبيه. من تصانيفه: »العناية رشح النقاية«، و»زواهر اجلواهر عىل األشباه والنظائر«، و»منظومة يف الفقه«، و»رشح حتفة امللوك« ]خلصة األثر )/39)، ط دار صادر، بريوت، وهدية العارفني )/3)4، ط استانبول، )95)م[.

)4) الدر املختار ورد املحتار 496/4، والعقود الدرية )/09).

النظارة على الوقف

282

الناظر للعامرة))).وقد بنيا ابن عابدين مواطن االتفاق واخللف بقوله: واحلاصل أن املتوىل إذا قبض غلة الوقف ثم مات جمهل بأن مل توجد يف تركته ومل يعلم ما صنع هبا ال يضمنها يف تركته مطلقا كام هو املستفاد من أغلب عباراهتم، وال كلم يف ضامنه بعد طلب املستحق، وال يف عدم ضامنه لو كانت الغلة ملسجد، وإنام الكلم فيام لو كانت غلة وقف هلا مستحقون مالكون هلا، هل يضمنها مطلقا عىل ما يفهم من تقييد قاضيخان، أو إذا كان غري حممود وال معروف

باألمانة كام بحثه الطرسويس، أو إذا كان موته بعد مرض ال فجأة كام بحثه يف الزواهر))).بإطلقهم والعمل املذهب، أهل عليه ملا خمالف ألنه الطرسويس؛ قول احلنفية ورد

متعني)3).وينبغي أن يقال هذا يف قول صالح التمرتايش إال أن يموت الناظر فجأة عقب القبض فل يضمن لعدم متكنه من البيان، أما إذا مات بعد القبض بفرتة يتمكن فيها من البيان ومل

يبني فإنه يضمن لتفريطه.* القول الثاين: للشافعية، حيث فرقوا بني أن يموت الناظر بعد مرض خموف، وبني أن

يموت فجأة.)( فإذا مرض الناظر مرضا خموفا فإنه جيب عليه أن يرد ما بيده من أمانة إىل املستحق أو وليه أو وكيله، فإن مل يمكن ردها ألحدمها ردها إىل احلاكم الثقة املأمون أو يويص هبا إليه، فإن فقد احلاكم ردها إىل أمني أو يوىص هبا إليه، فإن مل يفعل ضمن لتقصريه لتعريضها

بالفوات؛ ألن الوارث يعتمد ظاهر يده ويدعيها لنفسه.ا أنه أمني فبان غريه ضمن ألن اجلهل ال يؤثر يف الضامن، وحمل وإن دفع إىل شخص ظان

ذلك عند وضع يد املظنون أمانته عليه وإال فل ضامن عليه يف أوجه الوجهني.واملراد بالوصية اإلعلم هبا ووصفها بام يميزها أو يشري لعينها من غري أن خيرجها من

يده ويأمر بالرد إن مات.وحمل الضامن بغري إيصاء وإيداع إذا تلفت الغلة بعد املوت ال قبله؛ ألن املوت كالسفر

))) العقود الدرية )/08)، وحاشية ابن عابدين 496/4، ومنحة اخلالق عىل البحر الرائق 5/)6).))) العقود الدرية )/09).

)3) منحة اخلالق 5/)6)، وحاشية ابن عابدين 496/4.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

283

فل يتحقق الضامن إال به، وهذا هو املعتمد.وذهب األسنوي))) إىل كونه ضامنا بمجرد املرض حتى لو تلفت بآفة يف مرضه أو بعد

صحته ضمنها كسائر أسباب التقصري.)( وإذا مات الناظر فجأة أو قتل غيلة فل يضمن النتفاء التقصري))). وهذا مقتىض مذهب

الزيدية)3) واإلمامية)4).* القول الثالث: للحنابلة، وهو أن الناظر إذا مات جمهل الوقف أو الغلة فإنه يضمن ويكون دينا يف تركته؛ ألن األصل بقاء املال بيد امليت واختلطه بجملة الرتكة، وال سبيل إىل معرفة عينه فكان دينا. وألنه ال سبيل إىل إسقاط حق امللك وال إعطائه عينا من الرتكة؛ الحتامل أن يكون غري عني ماله فلم يبق إال تعلقه بالذمة. وألنه ملا أخفاه ومل يعينه فكأنه

غصبه فتعلق بذمته)5). وهذا مقتىض مذهب املالكية)6).الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه الشافعية واحلنابلة من تضمني الناظر مطلقا سواء كان جمهل لعني الوقف أم للغلة، إذ ال فرق بينهام فكلمها أمانة يف يد الناظر.

وما ذكره الشافعية من تفصيل جدير باالعتبار؛ ألن مدار ضامن الناظر يف هذه املسألة عىل التقصري، وال يمكن نسبة التقصري إىل الناظر إذا مات فجأة فينتفي الضامن عنه، وهذا

قول عند احلنفية، وسلام به ابن عابدين لو مات الناظر فجأة عقب القبض.يكون ضامنا فإنه املخوف املرض يبني كام يف حالة ومل البيان من الناظر إذا متكن أما

لتقصريه.

فقيه شافعي الدين، أبو حممد، مجال القريش األسنوي، الرحيم بن احلسن بن عيل ))) األسنوي )704-)77هـ( هو عبد أصويل له اشتغال بأنواع العلوم، انتهت إليه رئاسة الشافعية، ولد بإسنا وقدم القاهرة فأخذ الفقه عن الزنكلوين والسبكي املال ثم احلسبة، أخذ عنه خلق كثري منهم رساج والقزويني وغريهم، تأهل وانتصب لإلقراء واإلفادة، ويل وكالة بيت الدين بن امللقن. من تصانيفه: »كايف املحتاج يف رشح املنهاج« مل يتمه، و»تصحيح التنبيه«، و»األشباه والنظائر«، و»هناية

السول رشح منهاج األصول«، و»طبقات الشافعية« ]شذرات الذهب 4/6))، واألعلم 344/3[.))) هناية املحتاج 8/6))-9))، ومغني املحتاج 84-83/3.

)3) البحر الزخار 4/)7).)4) املبسوط للطويس 39/4).

)5) رشح منتهى اإلرادات )/336.)6) الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 5/3)6-4)4.

النظارة على الوقف

284

أن أو الغلة ملسجد الناظر يف هذه احلالة بني أن تكون أنه ال فرق يف تضمني كام نرى تكون ملستحقني.

وما ذهب إليه أغلب احلنفية من عدم تضمني الناظر خمالف لقوهلم: »يفتى بكل ما هو أنفع للوقف فيام اختلف العلامء فيه«)))، فكان األوىل اإلفتاء بتضمني الناظر مع مراعاة كونه

أمينا ال يضمن إال بالتفريط أو التعدي.

املطلب الثاين»التعدي«

حدود يتعد ﴿ومن تعاىل قال غريه، إىل اليشء وجماوزة الظلم، اللغة: يف التعدي ولـئك هم ٱلعادون﴾)3)،

﴾)))، أي: جياوزها. وقال تعاىل: ﴿فمن ٱبتغ وراء ذلك فأ ٱلل

أي: املجاوزون ما حد هلم وأمروا به)4).والتعدي يف االصطلح: هو جماوزة الشخص ما وجب عليه. واملقصود بتعدي الناظر:

هو جماوزته ما وجب عليه يف نظارة الوقف بأن أجرى ترصفا خمالفا ملا وجب عليه)5).والفرق بني التقصري والتعدي أن التقصري ال فعل فيه بل هو ترك وإمهال للواجب، أما

التعدي فهو فعل يرتكب من خلله املحظور)6).ولتعدي الناظر صور نذكرها فيام يأيت:

الصورة األوىل: االستهلك:االستهلك لغة: هلك اليشء وإفناؤه)7).

بغريه اختلطه أو البايل كالثوب كاهلالك، أو هالكا اليشء تصيري هو واصطلحا: بصورة اليمكن إفراده بالترصف كخلط اللبن باملاء)8).

))) الدر املختار ورد املحتار 3/)40.))) سورة البقرة، آية 9)).)3) سورة املؤمنون، آية 7.

)4) لسان العرب 5)/)3، والقاموس املحيط )/588.)5) كشاف القناع 67/4)، ودرر احلكام رشح جملة األحكام )/36).

)6) املراجع السابقة.)7) لسان العرب 0)/504، والقاموس املحيط 4/3)3.

)8) املوسوعة الفقهية 9/4))، نرش وزارة األوقاف الكويتية، 984)م.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

285

وال خلف بني الفقهاء يف أن الناظر يضمن ما أتلفه من مال الوقف، سواء كان اإلتلف ا بأن أنفق مال الوقف حلاجة حقيقيا بأن أهلك مال الوقف وأفناه، أم كان اإلتلف معنوي

نفسه وعياله))).وال يربأ الناظر من ضامن ما أتلفه بوضع مثله يف مال الوقف، إذ ليس له استيفاؤه من

نفسه لغريه))).وحيلة براءته -كام يقول احلنفية- ما يأيت:

أتلفه يف عامرة الذي املال الناظر مثل ينفق بأن الوقف، التعمري أو مصارف إنفاقه يف )(الوقف أو مصارفه ليربأ من الضامن)3). جاء يف اإلسعاف: لو أنفق املتويل دراهم الوقف يف حاجته ثم أنفق من ماله مثلها يف مصارفه جاز ويربأ من الضامن، ولو خلط من ماله بن حممد بكر أبو اإلمام الشيخ قاله للكل، ضامنا كان أنفق ما مثل الوقف بدراهم

الفضل)4).)( أن يرفع األمر إىل القايض فينصب القايض من يأخذه منه فيربأ ثم يرده عليه)5).

بني اخللط كان سواء االستهلك، من بغريها الوقف أموال خلط الفقهاء اعترب وقد أموال أوقاف خمتلفة أم بني مال الوقف ومال الناظر)6). ومن القواعد الفقهية: أن اخللط بام ال يتميز بمنزلة اإلتلف، سواء كان اخللط من أمني كاملودع عنده والوكيل والناظر، أم كان

من غري أمني كالغاصب)7).قال الزركيش: وهلذا لو خلط الوديعة بامله ومل تتميز ضمن، ولو غصب حنطة أو زيتا

وخلطها بمثلها فهو إهلك حتى ينتقل ذلك املال إليه ويرتتب يف ذمته بدله)8).

))) اإلسعاف ص 59، وجممع الضامنات 4)3، واملعيار املعرب 08/7)، رشح روض الطالب )/)47، والبحر الزخار 66/4.))) رشح روض الطالب )/)47، واألشباه والنظائر البن نجيم 75).

)3) األشباه والنظائر البن نجيم 75)، وجممع الضامنات 4)3.)4) اإلسعاف ص 59، وانظر: جممع الضامنات 4)3.

)5) األشباه والنظائر 75)، وجممع الضامنات 4)3.)6) اإلسعاف ص 59.

)7) املنثور يف القواعد )/4))، والقواعد البن رجب 30-)3، واألشباه البن نجيم 75)، وحوايش حتفة املحتاج 44/5، وهناية املحتاج مع حاشية الشربامليس 85/5)، وكشاف القناع 94/4.

)8) املنثور يف القواعد )/4)). وانظر: رشح فتح القدير 450/5، وجممع الضامنات 4)3.

النظارة على الوقف

286

وكذا يضمن الناظر إذا خلط أموال أوقاف خمتلفة)))، ويستثنى من ذلك حالتان:)( إذا كانت األوقاف املختلفة موقوفة عىل جهة واحدة فإنه جيوز للناظر أن خيلط غلهتا))).

)( أن يأذن القايض للناظر بخلط ماله بامل الوقف ختفيفا عليه، فإنه جيوز للناظر اخللط وال ضامن عليه)3).

أو دارا الوقف إذا اشرتى من غلة الناظر أن ما ذكره احلنفية من أمثلة اإلتلف ومن آخر متعديا ويضمن ذلك، ألنه وقف يكون فإنه األول الوقف ضيعة ووقفها عىل وجه وليس ذلك من مصالح الوقف األول، بخلف ما إذا اشرتى من غلته ما يكون به عامرة

الوقف وزيادة غلته.الصورة الثانية: ترصف الناظر يف الوقف ملصلحته:

ال جيوز للناظر أن يترصف يف الوقف ترصفا يعود نفعه عىل نفسه، فإن فعل ذلك كان متعديا، وجيب عليه ضامن ما فوته عىل الوقف. فلو زرع الناظر أرض الوقف وقال زرعتها

لنفيس، وقال املستحقون بل للوقف فالقول قوله، وعليه ضامن نقصان األرض)4).وال جيوز للناظر أن يرصف مال الوقف يف حاجة نفسه، فإن فعل ذلك ضمن)5).

متعديا فعل كان فإن الوقف، ما فضل من غلة لنفسه يقرتض أن للناظر كام ال جيوز ويكون ضامنا ملا اقرتضه)6).

كام ال جيوز للناظر أن جيعل نفسه طرفا يف املعاملت التي جيرهيا للوقف، فل جيوز له رشاء يشء من مال الوقف من نفسه وال البيع له، وإن كان فيه منفعة ظاهرة للوقف)7).

وال جيوز له أن يؤجر نفسه يف عمل للوقف وال أخذ األجرة عليه، إال أن يأمره احلاكم بذلك)8).

))) األشباه والنظائر البن نجيم 75).))) جممع الضامنات 4)3.

)3) األشباه والنظائر 75)، وجممع الضامنات 4)3، والبحر الرائق 59/5).)4) رشح فتح القدير 5/)45، وجممع الضامنات ص )33.

)5) جممع الضامنات 4)3.

)6) جممع الضامنات 5)3.)7) البحر الرائق 59/5).

)8) املرجع السابق.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

287

الصورة الثالثة: ترصف الناظر يف الوقف بخلف مصلحة الوقف:إذا ترصف الناظر يف الوقف ترصفا بخلف مصلحة الوقف فإنه يكون متعديا، ويضمن

ما فوته عىل الوقف من مال، واألمثلة عىل ذلك كثرية نذكر منها ما يأيت:أ- إنكار الوقف:

إذا أنكر الناظر الوقف وادعى أنه ملكه فإنه يصري غاصبا له، وتنقلب يده من يد أمانة إىل يد عدوان وضامن، ومن ثم فيضمن كل ما تلف أو نقص من الوقف من حني جحوده له ولو مل يكن متسببا يف تلفه أو نقصانه، وال يضمن ما تلف أو نقص قبل اجلحود؛ ألنه إنام

صار غاصبا من وقت اجلحود ال قبله))).ب- استئجار العامل بأكثر من أجر املثل:

إذا استأجر الناظر للوقف عامل واتفق معه عىل أجرة أكثر من أجر مثله، وكانت الزيادة أكثر ما يتغابن فيه الناس، فإن الناظر يضمن مجيع األجرة من ماله؛ ألنه ملا زاد يف األجر أكثر

مما يتغابن فيه الناس صار مستأجرا لنفسه، فإذا نقد األجر من مال الوقف كان ضامنا))).ج- تأجري الوقف بأقل من أجر املثل:

ر الوقف بأقل من أجر املثل عىل ثلثة أقوال: اختلف الفقهاء يف تضمني الناظر إذا أجا* القول األول: للحنفية، وهو أن الناظر إذا أجر الوقف بأقل من أجر املثل فل ضامن عليه، ويلزم املستأجر متام أجر املثل، ألن الناظر أبطل بالتسمية ما زاد عىل املسمى إىل متام

أجر املثل وهو ال يملكه، فيجب أجر املثل كام لو أجر من غري تسمية أجر)3).* القول الثاين: للاملكية، وهو أن الناظر إذا أجر الوقف بأقل من أجر املثل فإنه يضمن مبارش، وكل من رجع عليه ال املستأجر ألنه مليا وإال رجع عىل كان إن املثل أجرة متام

يرجع عىل اآلخر.الناظر من كل كان علم فإن املثل، أجرة غري األجرة بأن املستأجر يعلم مل ما وهذا

واملستأجر ضامنا ويبدأ باملستأجر)4).

))) اإلسعاف ص 60.))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين 379/3، والبحر الرائق 5/)6)، واإلسعاف ص 66، وجممع الضامنات 7)3.

)3) اإلسعاف ص 65، والدر املختار ورد املحتار 400/3-)40، والبحر الرائق 58/5)، وجممع الضامنات 6)7-3)3.)4) حاشية العدوي عىل رشح اخلريش 99/7.

النظارة على الوقف

288

* القول الثالث: للحنابلة، وهو أن الناظر يضمن النقص عن أجرة املثل إن كان املستحق غريه وكان أكثر مما يتغابن به يف العادة، وذلك قياسا عىل الوكيل إذا باع بدون ثمن املثل أو

أجر بدون أجرة املثل))).الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه احلنابلة من تضمني الناظر ما نقص عن أجر املثل؛ ألن الناظر ى. يكون متعديا بإجارته الوقف بأقل من أجر املثل، والناظر يضمن إذا فرط أو تعدا

د- إبراء املستأجر واملشرتي:اختلف الفقهاء يف صحة إبراء))) الناظر املستأجر واملشرتي مما عليه من مال الوقف عىل قولني:* القول األول: أليب حنيفة وحممد، وهو أنه إذا أبرأ الناظر املستأجر بعد متام مدة اإلجارة

وأبرأ املشرتي مما عليه من مال الوقف، صحت الرباءة ويضمن الناظر)3).* القول الثاين: للشافعية)4) واحلنابلة)5) وأيب يوسف من احلنفية)6)، وهو أن الرباءة ال

تصح من الناظر.ولعل هؤالء قالوا بعدم صحة الرباءة أصل من الناظر باعتبار أن اإلبراء خارج عن دائرة واليته، وأن نظر الناظر عىل الوقف مقيد باألحظ واألنفع للوقف، فل ينفذ من ترصفات

الناظر إال ما فيه مصلحة للوقف.الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه أبو حنيفة وحممد؛ ألن الناظر باعتبار واليته عىل الوقف صح

))) كشاف القناع 69/4)، والقواعد البن رجب 65.الدين من والتخليص إبراء، مرضه من اهلل أبرأه يقال: املرض من الشفاء اللغة: يف ومعناه أبرأ الفعل مصدر اإلبراء (((ونحوه يقال: أبرأته مما يل عليه )انظر: لسان العرب )/)3، واملعجم الوسيط )/46(. واختلف الفقهاء يف حقيقة اإلبراء، واحلنابلة وبعض احلنفية فعرفه له. تعاريفهم اختلفت ذلك وبناء عىل متليكا، اعتربه إسقاطا وبعضهم اعتربه فبعضهم القدير 3/)3)، وحاشية فتح أو جتاهه )رشح له يف ذمة آخر الشخص حقا بأنه إسقاط القديم: املالكية والشافعية يف املالكية وعرفه .)(9(/4 والفروع ،(0(/( املحتاج ومغني ،3(6/( املنهاج عىل املحىل ورشح ،99/4 الدسوقي

والشافعية يف اجلديد: بأنه متليك الشخص حقا له يف ذمة آخر )رشح املحىل )/6)3، وحاشية الدسوقي 99/4).)3) البحر الرائق 59/5)، وجممع الضامنات 6)3، 334.

)4) حاشية عمرية عىل رشح املحىل 45/3.)5) الفروع البن مفلح 95/4).

)6) البحر الرائق 59/5)، وجممع الضامنات 6)3، 334.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

289

الناظر ألنه ال مصلحة للوقف فيه كان يعترب تعديا من إبراؤه، وباعتبار أن هذا الترصف الناظر ضامنا.

ويمكن القول بأن الناظر عندما أبرأ املستأجر واملشرتي فكأنه التزم ضامن ذلك املبلغ؛ ألنه يعلم أنه ال يترصف يف ملكه وأن نظره عىل الوقف مقيد باملصلحة له.

هـ- إقراض غلة الوقف:ال جيوز للناظر إقراض مال الوقف، فإن فعل كان متعديا وجيب عليه الضامن))).

واستثنى احلنفية حالتني ال يضمن فيهام الناظر لو أقرض مال الوقف، مها:)( لو كان اإلقراض أحرز ملال الوقف من بقائه يف يد الناظر، فإنه جيوز للناظر إقراضه

حينئذ وال ضامن عليه))).)( إذا أمر القايض الناظر بإقراض مال الوقف فأقرضه فل ضامن عىل الناظر)3).

و- االستقراض باملرابحة:ذلك ألن متعديا؛ يكون فإنه باملرابحة الوقف رضورة ألجل الناظر استقرض إذا فيكون الدين نفسه، وأما أصل الزيادة من مال الناظر الوقف، ويضمن خلف مصلحة

من غلة الوقف)4).ومع أن ابن نجيم ذكر هذه املسألة يف البحر ورصح بضامن الناظر، ذكر يف األشباه أنه جيوز للناظر أن يشرتي متاعا بأكثر من قيمته ويبيعه ويرصفه عىل العامرة ويكون الربح عىل

الوقف؛ وذلك أخذا مما حرره ابن وهبان)5).قال الرميل: بينهام ما يشبه املخالفة، إال أن يقال ملا مل يلزم األجل يف مسألة القرض بقي الزيادة فكانت عىل تلزمه فلم الوقف بثمن كثري، فتمخض رضرا عىل اليسري جمرد رشاء

القيم، بخلف مسألة رشاء املتاع وبيعه للزوم األجل يف مجلة الثمن فتأمل)6).احلاوي عن البريي ونقل وهبان، ابن املختار الدر صاحب وتبع عابدين: ابن قال

))) البحر الرائق 59/5)، واملعيار املعرب 34/7)، ورشح روض الطالب )/)47، 4))، ورشح منتهى اإلرادات )/5)).))) حاشية ابن عابدين مع الدر املختار 4/)34، والعقود الدرية )/9))، والبحر الرائق 59/5).

)3) البحر الرائق 59/5)، والعقود الدرية )/9)).)4) العقود الدرية )/00)، والبحر الرائق 5/)3)، وحاشية ابن عابدين 0/3)4، وجممع الضامنات 6)3.

)5) األشباه والنظائر 94).)6) منحة اخلالق عىل البحر الرائق 5/)3)، والعقود الدرية )/)0).

النظارة على الوقف

290

للزاهدي))): قال أهل البرصة للقيم إن مل هتدم املسجد العامر يكن رضره يف القابل أعظم فله هدمه وإن خالفه بعض أهل املحلة وليس له التأخري إذا أمكنه العامرة، فلو هدمه ومل يكن فيه غلة للعامرة يف احلال فاستقرض العرشة بثلثة عرش يف سنة واشرتى من املقرض شيئا يسريا يرجع يف غلته بالعرشة وعليه الزيادة. قال: وهذا الذي نفتي به ومنشأ ما حرره ابن وهبان عدم الوقوف عىل حترير احلكم ممن تقدمه وأنه ال جواب للمشايخ فيه، فعلم أن

ما ذكره ابن وهبان بحث خمالف للمنقول ومن حفظ حجة عىل من مل حيفظ))).ز- النقش والتزويق يف املسجد:

اختلف الفقهاء يف حكم نقش املسجد من املال املوقوف عليه عىل ثلثة أقوال:الزيدية)6)، وأكثر واحلنابلة)5) والشافعية)4) احلنفية)3) فقهاء جلمهور األول: القول *للناظر أن يرصف غلة وقف املسجد عىل نقضه وتزويقه، فإن فعل كان أنه ال جيوز وهو

ضامنا لذلك املال لعدم املصلحة يف ذلك.وال فرق يف ذلك بني أن يكون املال موقوفا عىل عامرة املسجد أو عىل مصاحله)7). قال احلنابلة: حيرم نقش املسجد من مال الوقف وجيب ضامن مال الوقف الذي رصفه فيه ألنه

ال مصلحة فيه، وإن كان من مال الناظر مل يرجع به عىل جهة الوقف)8).* القول الثاين: للمنصور باهلل)9) من الزيدية، وهو أنه جيوز للناظر تزيني املسجد من غلة

))) الزاهدي )؟-658هـ( هو خمتار بن حممود بن حممد الزاهدي الغرميني -نسبة إىل غرمني قصبة من قصبات خوارزم- أبو الرجاء، نجم الدين، من كبار األئمة وأعيان فقهاء احلنفية، أخذ عن برهان األئمة حممد بن عبد الكريم الرتكستاين ونارص الدين املطرزي ويوسف بن حممد اخلوارزمي وغريهم. من تصانيفه: »رشح خمترص القدوري«، و»قنية املنية لتتميم الغنية«،

و»احلاوي«، و»املجتبى« يف األصول ]تاج الرتاجم 95)، والفوائد البهية )))[.))) العقود الدرية )/00)-)0)، وانظر: حاشية ابن عابدين 0/3)4.

)3) رشح فتح القدير 450/5، وجممع الضامنات 4)3.)4) الفتاوى الكربى 85/3).

)5) كشاف القناع )/66).)6) رشح األزهار 486-485/3.

)7) الفتاوى الكربى 85/3).)8) كشاف القناع )/366.

)9) املنصور باهلل ))56-4)6هـ( هو عبد اهلل بن حزة بن سليامن بن عيل احلسني القاسمي، أبو حممد، املنصور باهلل، من أئمة الزيدية وفقهائها وحمدثيها، ولد بعيشها، ونشأ نشأة يف الزهد والورع، بويع له سنة 594هـ وتويف حمصورا بكوكبان. له

مؤلفات كثرية أعظمها كتاب »الشايف« ]انظر مقدمات كتاب البحر الزخار[.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

291

وقفه، ملا يف ذلك من تعظيمها ورفع شأهنا))).* القول الثالث: أليب طالب))) من الزيدية، وهو أنه جيوز للناظر أن يزين حمراب املسجد

فقط لفعل السلف ذلك من دون تناكر)3).الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء من عدم جواز رصف غلة الوقف لنقش املسجد وتزويقه؛ لعدم املصلحة يف ذلك ولنهي الرشع عن فعله.

فقد روي عن عمر بن اخلطاب -[- قال: قال رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص: »ما ساء عمل قوم قط إال زخرفوا مساجدهم«)4). وعن أيب الدرداء -[- قال: قال رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص: »إذا اهلل ريض عباس ابن وقال عليكم«)5). فالدماء مصاحفكم وحليتم مساجدكم زخرفتم

عنهام: »لتزخرفنها كام زخرفت اليهود والنصارى«)6).ح- الرصف إىل املستحقني مع احلاجة إىل العامرة:

إذا رصف الناظر الغلة إىل املستحقني وكان الوقف بحاجة إىل عامرة رضورية ال جيوز تأخريها فإنه يكون ضامنا؛ ألن قدر العامرة الرضورية مقدم عىل حق املستحقني فإذا دفع

الناظر إليهم ذلك ضمن)7).

))) رشح األزهار 486-485/3.))) أبو طالب )؟-4)4هـ( هو حييى بن احلسني بن هارون، أبو طالب، من أئمة الزيدية وفقهائها. له خترجيات عىل مذهب اهلادي، وكان يرى أن ما مل يوجد للهادي فيه نص فمذهبه كأيب حنيفة. بويع بعد موت أخيه امليد سنة ))4هـ، وتويف بأمل

بطربستان ]انظر: مقدمات كتاب البحر الزخار[.)3) رشح األزهار 486-485/3.

)4) حديث: »ما ساء عمل قوم قط ...« أخرجه ابن ماجه يف كتاب املساجد واجلامعات باب تشييد املساجد )سنن ابن ماجه )/45)، ط مصطفى احللبي(. وإسناده ضعيف؛ ألن فيه جبارة بن املغلس وهو كذاب، وأبو إسحاق وكان يدلس )انظر: للبوصريي )/60)، ط دار اجلنان - بريوت، 986)م، وتعليق: حممد فؤاد عبد ابن ماجه الزجاجة يف زوائد مصباح

الباقي عىل سنن ابن ماجه )/45)).)5) حديث: »إذا زخرفتم مساجدكم ...« أورده السيوطي يف اجلامع الصغري ))/366، ط دار املعرفة، بريوت، )97)م(

وعزاه إىل احلكيم الرتمذي، وعزاه املناوي يف الرشح ))/367( إىل ابن املبارك يف الزهد وضعف إسناده.)6) قول ابن عباس ريض اهلل عنهام: »لتزخرفنها كام زخرفت اليهود والنصارى«.

أخرجه البخاري يف كتاب الصلة باب بنيان املسجد )صحيح البخاري )/60)، ط دار إحياء الرتاث العريب - بريوت(. وأبو داود يف كتاب الصلة باب يف بناء املساجد )سنن أيب داود )/06)، ط مصطفى احللبي، )95)م(.

)7) البحر الرائق 5/5))، والدر املختار ورد املختار 379/3.

النظارة على الوقف

292

والعامرة الرضورية هي التي يكون يف تأخريها خراب عني الوقف أو حلوق رضر بني به، فإن مل تكن العامرة رضورية فإنه جيوز للناظر الرصف إىل املستحقني وتأخري العامرة للغلة

الثانية))).إىل الغلة الناظر رصف فإذا الوقف، عىل املرتتب الدين الرضورية العامرة ومثل الدين، أداء بعد إال الغلة للمستحقني يف إذ ال حق الوقف دين ضمن؛ املستحقني وعىل وإعطاء املستحقني ما هو لغريهم موجب للضامن عىل الناظر))). قال ابن عابدين: مقتىض هذا أنه لو كان لشخص دين عىل الوقف وهو املسمى باملرصد، فآجره الناظر عقار الوقف بأجرة أذن له باقتطاع بعضها املعلوم من مرصده، وصار يأخذ منه باقي األجرة ويدفعها للمستحقني كام هو الشائع يف زماننا أنه ال جيوز له قبض يشء من األجرة لدفعها للمستحقني وأنه يضمن ذلك، بل عليه أن يقطع مجيع األجرة من املرصد حتى تتخلص رقبة الوقف من

الدين أو يرصف ما يقبضه يف العامرة اللزمة)3).واختلف الفقهاء عىل ثلثة أقوال يف رجوع الناظر عىل املستحقني بام دفعه إليهم يف هذه

احلالة:* القول األول: البن نجيم واحلصكفي، وهو أن الناظر إذا ضمن ما دفعه للمستحقني بسبب تأخري العامرة فإنه ال يرجع عليهم بذلك، وذلك، قياسا عىل مودع االبن إذا أنفق عىل األبوين بل إذنه وإذن القايض فإنه يضمن بل رجوع عليهام؛ ألنه بالضامن تبني أنه دفع مال

نفسه وأنه متربع)4).* القول الثاين: لعمر بن نجيم)5)، وهو أن للناظر الرجوع عىل املستحقني ما دام املدفوع قائام يف يدهم، فإذا هلك فل رجوع عليهم؛ ألن ما دفعه الناظر هلم يف هذه احلالة هو هبة،

))) حاشية ابن عابدين 379/3، والعقود الدرية )/7))-8)).))) حاشية ابن عابدين 376/3، والعقود الدرية )/8)).

)3) العقود الدرية )/8))-9)).)4) الدر املختار ورد املحتار 379/3، والبحر الرائق 5/5))-6)).

)5) عمر بن نجيم )؟-005)هـ( هو عمر بن إبراهيم بن حممد، رساج الدين، الشهري بابن نجيم، فقيه حنفي من أهل مرص، كان متبحرا يف العلوم الرشعية حمققا، أخذ عن أخيه الشيخ زين صاحب البحر وغريه. من تصانيفه: »النهر الفائق رشح كنز الدقائق«، و»إجابة السائل باختصار أنفع الوسائل« ]خلصة األثر 06/3)، واألعلم 39/5، وهدية العارفني )/796[.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

293

فله الرجوع ما دامت العني قائمة بالرتايض أو بقضاء القايض إال ملانع))).عىل الرجوع للناظر أن وهو عابدين، وابن والرميل للمقديس))) الثالث: القول *املستحقني مطلقا، ألن الناظر مل يدفع للمستحقني تربعا فصار كام لو دفع لزوجته نفقة ال

تستحقها لنشوز أو غريه فإن له الرجوع عليها)3).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول القائل بأن للناظر الرجوع عىل املستحقني مطلقا؛ وذلك ملا يأيت:للمستحقني الناظر دفع بني فرقا هناك فإن األول؛ القول به أصحاب استدل ما لرد )(وبني نفقة مودع االبن عىل األبوين فإن املودع مأمور باحلفظ وإنفاقه عليهام ضده، إذ الناظر هو إتلف بخلف الدفع للمستحقني فإنه من مجلة ما هو داخل حتت ترصف

يف اجلملة)4).)( ولرد ما استدل به أصحاب القول الثاين بقول ابن عابدين: ال وجه جلعله هبة بل هو دفع مال يستحقه غري املدفوع إليه عىل ظن أنه يستحقه املدفوع إليه فينبغي الرجوع قائام أو مستهلكا كدفع الدين املظنون، بأن ظن أن عليه دينا فبان خلفه فإنه يرجع بام أداى،

ولو كان قد استهلكه رجع ببدله)5).3( وألن املستحقني قد أخذوا ما ال يستحقونه إذ ال حق هلم يف الغلة مع احلاجة إىل العامرة ظن عىل الغلة من معلومهم ليوفيهم بل تربعا هلم ذلك يدفع مل والناظر الرضورية،

استحقاقهم، فله الرجوع عليهم لعدم استحقاقهم)6).

))) منحة اخلالق عىل البحر الرائق 5/5))، وحاشية ابن عابدين 379/3.))) املقديس )0)9-004)هـ( هو عيل بن حممد بن عيل بن خليل، من ولد سعد بن عبادة الصحايب، نور الدين، فقيه حنفي كان رأس احلنفية يف عرصه وله براعة وتفوق يف كل فن من الفنون، أصله من بيت املقدس، ومولده ومنشأه ووفاته يف القاهرة، أخذ عن قايض القضاة حمب الدين حممد السدييس وقايض القضاة أحد الفتوحي الشهري بابن النجار احلنبيل وابن الشلبي صاحب الفتاوى ونارص الدين اللقاين والشهاب الرميل وغريهم كثري، أفتى مدة حياته وانتفع به اجلم الغفري من كبار أهل عرصه، منهم الشهاب الغنيمي والشهاب اخلفاجي، ويل مشيخة عدة مدارس. من تصانيفه: »الرمز يف رشح نظم

الكنز« البن فصيح، و»رشح األشباه والنظائر« ]خلصة األثر 80/3)، واألعلم 5/))[.)3) العقود الدرية )/8))، وحاشية ابن عابدين 379/3.

)4) منحة اخلالق 5/5))-6))، وحاشية ابن عابدين 379/3.)5) حاشية ابن عابدين 379/3، ومنحة اخلالق عىل البحر الرائق 5/5))، والعقود الدرية )/8)).

)6) العقود الدرية )/8))، ومنحة اخلالق 6/5)).

النظارة على الوقف

294

ط- اإلرساف:قدر ويضمن متعديا، يكون فإنه بإرساف الواقف رشط كام الغلة الناظر رصف إذا الرسف. قال غانم البغدادي))): يضمن الناظر إذا أرسف يف الرسج يف شهر رمضان وليلة

القدر))).وسئل ابن حجر اهليتمي عن وقف عىل دهن الرساج يف املسجد هل جيوز إرساجه مجيع الليل وإن مل يكن فيه أحد، فأجاب: الذي أفتى به النووي أنه إنام يكون مجيع الليل إن انتفع

من باملسجد ولو نائام، فإن مل يكن به أحد وال يمكن دخوله مل يرسج؛ ألنه إضاعة املال.وقال ابن عبد السلم: جيوز إيقاد اليسري من املصابيح ليل مع خلوه احرتاما له وتنزهيا عن وحشة الظلمة، وال جيوز هنارا ملا فيه من الرسف واإلضاعة والتشبه بالنصارى. ومن كلمه هذا يؤخذ حتريم إكثار الوقود يف املساجد بحيث يزيد عىل احلاجة قطعا أيام رمضان

ونحوها وإن مل يكن من مال الوقف)3). وللنهي عن عموم اإلرساف.الصورة الرابعة: رصف الغلة بخلف رشط الواقف:

جيب اتباع رشط الواقف والعمل به إذا كان صحيحا كام سبق بيانه، ومن ثم جيب عىل الناظر التقيد به عند رصف الغلة، فإذا خالف الناظر الرشط -وذلك يف غري احلاالت التي

أجاز الفقهاء فيها املخالفة- كان متعديا وجيب عليه الضامن)4).ومن األمثلة التي ذكرها الفقهاء عىل ذلك ما يأيت:

)( إذا رصف الناظر مجيع الغلة لبعض املستحقني وحرم بعضهم أو حرم واحدا منهم فإن الناظر لكونه متعديا يف دفع استحقاقه هلم، كام له أن يرجع عىل ن للمحروم أن يضما

املستحقني ألخذهم نصيبه)5).

))) غانم البغدادي )؟-030)هـ( هو غانم بن حممد البغدادي، أبو حممد، غياث الدين، فقيه حنفي مشارك يف بعض العلوم، س باملستنرصية ببغداد. من تصانيفه: »ملجأ القضاة عند تعارض البينات«، و»ترجيح البينات«، و»جممع الضامنات« درا]هدية العارفني 5/))8، ومعجم املؤلفني 37/8، واملستدرك عىل معجم املؤلفني 535، ط مؤسسة الرسالة، 988)م،

واألعلم 6/5))[.))) جممع الضامنات ص 6)3، والبحر الرائق 5/)3).

)3) الفتاوى الكربى 85/3)، وانظر: عند احلنابلة كشاف القناع )/)37.)4) املعيار املعرب 08/7).

)5) البحر الرائق 60/5).

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

295

وسئل أبو جعفر عن قيم مجع الغلة فقسمها عىل أهل الوقف وحرم واحدا منهم فلم يعطه ورصف نصيبه يف حاجة نفسه، فلام خرجت الغلة الثانية طلب املحروم نصيبه، هل له ن القيم -أي لرصفه نصيب الغري إىل حاجة نفسه فصار متعديا-، ذلك؟ قال: إن شاء ضماوإن شاء اتبع رشكاءه فشاركهم فيام أخذوا -أي ألخذهم نصيبه-، فإن اختار تضمني القيم

سلم هلم ما أخذوا، وليس له أن يأخذ من غلة هذا العام أكثر من نصيبه.اتباع الرشكاء فإنه ال مطالبة له عىل املتويل، وإن قال ابن نجيم: وظاهره أنه إن اختار املتويل ال يدفع للمحروم من غلة الثانية شيئا سواء اختار تضمينه أم اتباع الرشكاء، لكن يف الذخرية: وإن اختار اتباع الرشكاء والرشكة فيام أخذوا كان له أن يأخذ ذلك من نصيب الرشكاء من الغلة الثانية؛ ألنه ملا اختار اتباع الرشكاء تبني أهنم أخذوا نصيبه فله أن يأخذ من أنصبائهم مثل ذلك، ألنه جنس حقه، فمتى أخذ رجعوا مجيعا عىل القيم بام استهلك القيم من حصة املحروم يف السنة األوىل؛ ألنه بقي ذلك حقا للجميع، ومفهوم ذلك أنه لو إما لعدم إليهم وحرم واحدا الغلة الناظر حصة املحروم إىل نفسه وإنام رصف مل يرصف ا عنادا أنه يشاركهم وال يضمن املتويل ... ومقتىض القواعد أن حضوره وقت القسمة وإمااملحروم يف صورة رصف اجلميع إليهم أن يضمن املتويل؛ لكونه متعديا كام له أن يرجع عىل

املستحقني))).)( ذهب مجهور فقهاء احلنفية))) والشافعية)3) واحلنابلة)4) إىل أن الوقف إذا كان عىل عامرة كان فإن ضمن. فعل فإن واحلصري، الزيت منه يشرتي أن للناظر جيوز فل املسجد ع فقال يفعل ما يراه مصلحة أو كان الوقف عىل مصالح املسجد جاز له الواقف وس

أن يشرتي ذلك.وال جيوز للناظر أن يشرتي فيام وقف عىل املسجد شيئا لغري مصاحله، فلو اشرتى الناظر بغلة املسجد ثوبا مثل ودفعه إىل املساكني فإنه يضمن ما نقد من مال الوقف لوقوع الرشاء

))) البحر الرائق مع حاشية منحة اخلالق 59/5)-60).))) رشح فتح القدير 450/5، واإلسعاف 56.

)3) الفتاوى الكربى 85/3).)4) كشاف القناع 67/4)، ومطالب أويل النهي 98/4)-99).

النظارة على الوقف

296

كان من إىل الناظر نظر ذلك يف رشطا للواقف الناظر يعرف مل فإن احلنفية، قال له))). قبله، فإن كان يشرتي من الغلة ذلك جاز له الرشاء وإال فل))). وذهب ظهري الدين)3) من احلنفية إىل أن الوقف عىل عامرة املسجد ومصالح املسجد سواء. قال الكامل بن اهلامم: وهو

األصح)4).وقال الزيدية: يتبع يف مرصف العامرة العرف، فإن كان العرف بالعامرة يشتمل عىل مجيع مصالح املسجد أو ال عرف هلم جاز للناظر الرصف يف الزيت واحلرص والبئر للامء واخللء عىل األصح إن كان نفعها أكثر من رضها، وله أن يشرتي مصحفا للمسجد، وله فعل ما إىل يرجع الذي املخصوص العمل بالعامرة العرف كان وإن كالتدريس. إحيائه يف يزيد

ذلك املسجد من اآلخر واحلجارة فإنه ال جيوز للناظر أن يتعداه)5).

املطلب الثالث»االأجري امل�سرتك«

الناظر إذا كان أجريا مشرتكا يضمن ضامن األجري املشرتك، الزيدية بالقول بأن انفرد املشرتك واألجري التعدي)6). أو بالتفريط إال يضمن ال أمني فهو ا خاص أجريا كان وإن عندهم: هو الذي يعمل ألكثر من واحد أو هو من استؤجر عىل العمل دون تسليم النفس كالنجار واحلداد. واألجري اخلاص هو: الذي يعمل لواحد أو من استؤجر عىل العمل مع

تسليم النفس)7).الغالب، وهو ما ال يمكن دفعه مع واألجري املشرتك يضمن ما استؤجر عليه إال من

))) اإلسعاف 57.))) اإلسعاف 56-57، ورشح فتح القدير 450/5.

)3) ظهري الدين )؟-9)6هـ( هو حممد بن أحد بن عمر البخاري، أبو بكر، ظهري الدين، فقيه حنفي كان أوحد عرصه يف العلوم الدينية أصوال وفروعا، أخذ العلم عن أبيه، وظهري الدين أيب املحاسن احلسن بن عيل املرغيناين وكان يكرمه ويقدمه عىل كثري من طلبته، ويل القضاء واحلسبة ببخاري. من تصانيفه: »الفوائد الظهريية« عىل اجلامع الصغري للحسام الشهيد،

و»الفتاوى الظهريية« ]الفوائد البهية 56)، وتاج الرتاجم )3)، واجلواهر املضية 55/3[.)4) رشح فتح القدير 450/5.

)5) رشح األزهار 485-484/3.)6) رشح األزهار 499/3.

)7) البحر الزخار 44/4، 50.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

297

املعاينة))). أما األجري اخلاص فهو أمني فيام قبضه ال يضمن إال لتعد أو تفريط))).وبناء عىل ما سبق فإن الناظر إذا كان يعمل باألجر يف أكثر من وقف فهو أجري مشرتك يده عىل الوقف يد ضامن، فيضمن ما تلف من عني الوقف أو غلته، ولو كان التلف من غري تقصري منه وال تعد إال الغالب الذي ال يمكن للناظر دفعه كالفيضانات والزالزل ونحوها.وإن كان الناظر يعمل باألجر يف وقف واحد فهو أجري خاص ويده عىل الوقف يد أمانة

ال يضمن ما تلف إال بالتعدي أو التفريط.

املبحث الثالث»احلاالت التي ال ي�سمن فيها الناظر«

التي ال املبحث احلاالت الناظر، وسنبني يف هذا فيها التي يضمن سبق ذكر احلاالت يضمن فيها الناظر يف املطالب اآلتية:

املطلب األول»عدم التق�سري والتعدي«

؛ ألن يتعد أو يفرط مل إذا أو غلته الوقف أو ضاع من عني تلف ما الناظر ال يضمن الناظر أمني، واألمني ال يضمن ما حتت يده دون تفريط أو تعد)3).

وقد ذكر الفقهاء أمثلة عديدة عىل ذلك، منها:)( إذا دفع الناظر للمستحقني نصيبهم من الغلة، ثم ظهر بعد فرتة شخص وادعى أنه من املستحقني وأثبت ذلك وطالب بنصيبه من الغلة عن الفرتة املاضية، فل يضمن الناظر املستحقني بقية املستحق عىل باملستحق، ويرجع هذا بعدم علمه تعديه لعدم له ذلك

ألخذهم ما ال يستحقونه)4).)( لو دفع الناظر للمستحق نصيبه من الغلة ثم مات املستحق يف أثناء املدة واستحق ريع الوقف غريه فل يضمن له الناظر أجرة مدة استحقاقه؛ لعدم تقصري الناظر أو تعديه يف

))) البحر الزخار 45/4.

))) البحر الزخار 50/4.)3) اإلسعاف )6، 69، وحاشية ابن عابدين 5/3)4، واملعيار املعرب 08/7)، )))، والفتاوى الكربى 3/)5)، وكشاف

القناع 67/4)، ورشح األزهار 499/3، والبحر الزخار 66/4).)4) العقود الدرية )/95)، 03).

النظارة على الوقف

298

الدفع للمستحق، ألنه دفع إليه ملكه.قال الشمس الرميل: قال ابن الرفعة))) للموقوف عليه أن يترصف يف مجيع الريع ألنه ملكه يف احلال، وألنا حكمنا بامللك ظاهرا يف املقبوض للموقوف عليه، وعدم االستقرار ال

ينايف جواز الترصف ... كالزوجة متلك الصداق وتترصف يف مجيعه قبل الدخول))).وينبغي ملحظة ما استثناه بعض الفقهاء من مبدأ عدم ضامن الناظر إذا مل يفرط أو يتعد، وهو:

)( ما ذكره احلنفية من أن الناظر إذا قرص فيام كان يف الذمة فإنه ال يضمن.)( ما ذكره الزيدية من أن الناظر إذا كان أجريا مشرتكا فإنه يضمن ضامن األجري املشرتك.

املطلب الثاين»ما فعله الناظر باإذن القا�سي«

إذا ارتكب الناظر أمرا حمظورا عليه بعد أخذه إذن القايض بذلك، أو أمر القايض الناظر بفعل ذلك فل ضامن عىل الناظر فيام ضاع أو تلف بسبب ما فعله الناظر بأمر القايض، ومن

أمثلة ذلك:)( لو أذن القايض للناظر يف خلط مال الوقف بامله جاز وال ضامن عىل الناظر، وكذا لو أذن

له يف خلط أموال أوقاف خمتلفة)3).)( إذا أقرض الناظر مال الوقف بأمر القايض فامت املستقرض مفلسا فل ضامن عىل الناظر،

وكذا إذا كان اإلقراض أحرز ملال الوقف من إمساكه عند الناظر)4).واألصل يف ذلك أنه إذا أمر القايض الناظر بيشء ففعله ثم تبني أنه ليس برشعي أو فيه

رضر عىل الوقف فل ضامن عىل الناظر)5).

))) ابن الرفعة )645-0)7هـ( هو أحد بن حممد بن عيل بن مرتفع األنصاري، أبو العباس، نجم الدين، الشهري بابن الرفعة، من كبار فقهاء الشافعية، لقب بالفقيه لغلبة الفقه عليه، من أهل مرص، تفقه عىل الشيخ السديد والشيخ الظهري التزمنتي والرشيف العبايس، أخذ عنه تقي الدين السبكي ومجاعة، ويل حسبة مرص ودرس باملعزية وناب يف القضاء. قال السبكي: الوسيط«، رشح يف »املطلب تصانيفه: من زمانه. شافعي كان اإلسنوي: وقال البحر، صاحب الروياين من أفقه إنه

و»الكفاية يف رشح التنبيه« ]طبقات الشافعية الكربى 77/5)، وشذرات الذهب 6/))[.))) فتاوى الرميل هبامش الفتاوى الكربى 56-55/3.

)3) البحر الرائق 59/5)، واألشباه والنظائر البن نجيم 75)، ورشح فتح القدير 450/5.)4) العقود الدرية )/9)).

)5) املرجع السابق.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

299

واألصل أيضا أن القايض ال يأمر الناظر بفعل يشء إال إذا كان فيه مصلحة للوقف؛ ألن ترصف القايض يف األوقاف مقيد باملصلحة، فإن مل يكن مبنيا عليها مل يصح))).

املطلب الثالث»االإكــــــــــــــــراه«

إذا أكره))) الناظر عىل فعل ال جيوز له فعله كام لو أكره عىل رصف غلة الوقف يف غري اجلهة التي رشطها الواقف فل ضامن عليه)3)؛ ألن اإلكراه يعدم الرضا ويفسد االختيار، ا إىل مبارشة ما أكره عليه، فيكون ويصري اختيار املكره مبنيا عىل اختيار املكره ويكون مضطر

املكره كاآللة يف يد املكره.املكره، وكذا يف الضامن عىل وإنام مال ال ضامن عليه املكره من يتلفه ما فإن ثم ومن

إتلف صيد احلرم واإلحرام فإنه ال يشء عىل الفاعل وإنام اجلزاء عىل املكره)4).

املطلب الرابع»ادعـــــــاء الناظر«

إذا ادعى الناظر أمرا يتعلق بالوقف أو غلته قبل قوله فيه وانتفى عنه الضامن؛ ألن الناظر

))) األشباه والنظائر البن نجيم ص 5)). .)785/( الوسيط واملعجم ،534/(3 العرب )لسان عليه وقهره حيبه ال أمر عىل الشخص حل اللغة: يف اإلكراه (((ويف االصطلح: حل الغري عىل ما ال يرضاه من قول أو فعل )تيسري التحرير )/307، ط مصطفى احللبي، 350)هـ، والتلويح عىل التوضيح )/96)، ط حممد عيل صبيح وأوالده(. ويشرتط لتحقق اإلكراه ما يأيت: أ( قدرة املكره عىل إيقاع ما هدد به لكونه متغلبا ذا سطوة وبطش، فل اعتبار لتهديد غري القادر عىل إيقاع ما هدد به. ب( خوف املكره من إيقاع ما هدد به بأن يغلب عىل ظنه إيقاعه، وال خلف بني الفقهاء يف حتقق اإلكراه إذا كان املخوف عاجل، وكذا إذا كان آجل عند مجهور الفقهاء، وذهب الشافعية إىل أن اإلكراه ال يتحقق مع التأجيل ولو إىل الغد. ج( أن يكون ما هدد به املكره قتل أو إتلف عضو أو غريمها مما يوجب غام يعدم الرضا، ومنه هتديد املرأة بالزنا والرجل باللواط. وما يوجب غام يعدم الرضا اليسري املال تفويت وال كاألقوياء، الضعاف وال كاآلراذل، األرشاف فليس واألحوال، األشخاص باختلف خيتلف كتفويت املال الكثري، والنظر يف ذلك مفوض إىل احلاكم يقدر لكل واقعة قدرها. د( أن يكون املكره ممتنعا عن الفعل املكره عليه لوال اإلكراه. هـ( أن يكون حمل الفعل املكره عليه متعينا. و( أال يكون للمكره مندوحة عن الفعل املكره عليه، فإن

كانت له مندوحة عليه ثم فعله ال يكون مكرها عليه )انظر: املوسوعة الفقهية 6/)0) وما بعدها(.)3) املعيار املعرب 84/7).

)4) كشف األرسار عن أصول البزدوي 4/)63 وما بعدها، ط دار الكتاب العريب، بريوت، 994)م، وكشف اإلرسار عىل املنار للنسفي )/569 وما بعدها، ط دار الكتب العلمية، بريوت، 986)م.

النظارة على الوقف

300

أمني، واألمني يقبل قوله فيام حتت يده من أمانة))).أ( فلو ادعى الناظر ضياع الغلة أو رسقتها كان القول قوله مع يمينه، وال ضامن عليه))).

ب( وكذا لو ادعى الناظر دفع الغلة إىل املوقوف عليهم وأنكروا ذلك كان القول قوله مع يمينه وال ضامن عليه، كاملودع إذا ادعى رد الوديعة وأنكر املودع)3).

قال ابن نجيم: كل أمني ادعى إيصال األمانة إىل مستحقها قبل قوله، كاملودع إذا ادعى الرد، والوكيل والناظر إذا ادعى الرصف إىل املوقوف عليهم، وسواء كان يف حياة مستحقها

أم بعد موته)4).وسبق أن الشافعية ال يقبلون ادعاء الناظر رصف الغلة للموقوف عليه إذا كانوا معينني،

والقول قوهلم يف عدم الرصف إليهم)5).كام أن احلنابلة ال يقبلون ادعاء الناظر يف ذلك إذا كان يعمل باألجر وال بد من البينة)6).

))) األشباه والنظائر البن نجيم 75)، وحاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري 89/4.))) اإلسعاف ص 69

)3) اإلسعاف 69-68.)4) األشباه والنظائرة 75).

)5) مغني املحتاج )/394، وحتفة املحتاج مع حواشيها 6/)9).)6) كشاف القناع 485/3، 69/4).

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

301

الف�صل الثالث

»عزل الناظر«

العزل يف اللغة: التنحية واإلبعاد، يقال عزل اليشء، نحاه جانبا، واعتزلت القوم أي: ه عنك. ويأيت بمعنى الفرز، فارقتهم وتنحيت عنهم، ويقال: أعزل عنك ما يشينك أي نحوان))) عن القمح أي أفرزه. وعزل املجامع: إذا قارب اإلنزال فنزع وأمنى يقال عزل الز

خارج الفرج))).الرجل املرأة، وهو رصف العزل عن بمعنى الفقهاء يستعمله والعزل يف االصطلح العمل التنحية عن الوظيفة وهو: العزل عن الولد)3). وبمعنى ماءه عنها يف الوطء خمافة

وإخراج العمل عام كان له من احلكم)4).ا وإما أن يكون عزال حكميا)5)، وبيان ذلك فيام وعزل الناظر إما أن يكون عزال قصدي

يأيت:

املبحث الأول»العزل الق�سدي«

العزل القصدي هو: العزل الذي يقع بإرادة من أحد طريف النظارة، إما الناظر بأن يعزل نفسه عن النظارة، وإما مفوض النظارة بأن يعزل الناظر عن النظارة.

وبيان ذلك فيام يأيت:

املطلب األول»عزل الناظر نف�سه«

الوقف، كالوكيل نظارة نفسه عن يعزل أن للناظر أنه جيوز الفقهاء يف ال خلف بني

وان: ما خيرج من الطعام فريمى وهو الرديء منه، ويف الصحاح: هو حب خيالط الرب )انظر: لسان العرب 3)/00)). وان والز ))) الز))) القاموس املحيط 5/4)، ولسان العرب ))/440، وخمتار الصحاح 430، واملصباح املنري 407.

)3) طلبة الطلبة ص )0)، ط دار القلم، بريوت، 986)م، واملطلع عىل أبواب املقنع ص 9)3 ، ط املكتب اإلسلمي، 965)م.)4) حاشية ابن عابدين 386/3، واملصباح املنري 407.

)5) أخذنا تقسيم عزل الناظر إىل عزل قصدي وعزل حكمي مما ذكره احلنفية يف عزل الوكيل، حيث قسموه إىل التقسيم املذكور )انظر: الدر املختار ورد املحتار 6/4)4).

النظارة على الوقف

302

يعزل نفسه عن الوكالة))).واشرتط احلنفية لصحة عزل الناظر نفسه علم الواقف أو القايض بذلك، فإن مل يعلام

بالعزل مل يصح))).واختلفوا يف: هل ينعزل بمجرد علم القايض أم ال بد أن يعزله؟

قال ابن نجيم: ظاهر كلمهم يف كتاب القضاء أنه ينعزل إذا علم القايض، سواء عزله القايض أم مل يعزله)3)، وتبعه يف ذلك احلصكفي)4).

وذهب صاحب القنية)5) إىل أن الناظر املرشوط له النظر إذا عزل نفسه فإنه ال ينعزل إال أن خيرجه الواقف أو القايض)6).

واشرتط الشافعية لصحة عزل الناظر نفسه أن يكون العزل بعد توليه النظارة، فل يصح الوقف من انتقال بعد لزيد النظر الواقف إذا رشط قالوا: النظارة. عزل نفسه قبل توليه

عمرو إىل الفقراء فعزل زيد نفسه عن النظر مل يصح العزل ألنه غري ناظر يف احلال)7).واختلف الشافعية فيام بينهم عىل قولني فيام لو عزل الناظر املرشوط له النظر نفسه، هل

ينعزل أم ال؟الناظر أن وهو الرميل، والشمس الرميل الشهاب ووافقه للسبكي األول: القول *املرشوط له النظر ال ينعزل بعزل نفسه، ويقيم احلاكم غريه مدة إعراضه، فلو أراد العود

مل حيتج إىل تولية جديدة)8).عليه جيب ال لكن ينعزل ال أنه فاملختار نفسه بالرشط الناظر عزل لو السبكي: قال النظر وله االمتناع ويرفع أمره إىل القايض ليقيم غريه، ومل أر لألصحاب كلما يف ذلك،

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين 3/3)4، ))4، والبحر الرائق 53/5)، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 88/4، وحتفة املحتاج 86/6)، وكشاف القناع 76/4).

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين 386/3، ))4-3)4، وانظر: البحر الرائق 53/5).)3) البحر الرائق 53/5).

)4) الدر املختار ورد املحتار 3/3)4.)5) صاحب القنية هو خمتار بن حممود الزاهدي تقدمت ترمجته، وكتابه القنية اسمه »قنية املنية لتتميم الغنية« ]اجلواهر املضية

460/3، وتاج الرتاجم 95)[.)6) البحر الرائق 53/5)، وحاشية ابن عابدين 3/3)4، واألشباه والنظائر البن نجيم 7)3.

)7) روضة الطالبني 350/5، ومغني املحتاج )/395.)8) هناية املحتاج 395/5-396، وحاشية الرميل عىل رشح روض الطالب )/)47، ومغني املحتاج )/393.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

303

ويف فتاوى ابن الصلح أنه لو عزل نفسه ليس للواقف نصب غريه فإنه ال نظر له بل ينصب احلاكم ناظرا، وكلمه هذا يوهم أنه انعزل، ويمكن تأويله عىل أنه امتنع عن النظر))).

إذا فسق ثم صار الوقف ناظر أن النووي من به أفتى بام الرميل الشهاب تأويله وأيد عدال عادت واليته؛ إن كانت مرشوطة يف أصل الوقف))).

وتولية احلاكم غريه هنا ليست النعزال الناظر املرشوط له النظر بل المتناعه، فإن عاد عاد النظر له)3).

* القول الثاين: البن حجر اهليتمي، وهو أن الناظر املرشوط له النظر ينعزل بعزل نفسه، ومن ثم إذا عزل نفسه فل يعود إال بتولية من احلاكم)4).

واستدل عىل ذلك بام يأيت:الناظر املعني حالة الروضة، حيث قال: ولو عزل النووي يف اقتضاه كلم )( إن هذا مما النظر يف له بعد أن جعل فإنه ال نظر الوقف نفسه فليس للواقف نصب غريه، إنشاء حالة الوقف لغريه، بل ينصب احلاكم ناظرا)5). ومقتىض نصب احلاكم ناظرا آخر أن

الناظر املرشوط له النظر ينعزل بعزل نفسه.)( ويؤيد هذا كلمهم يف الويص من أنه ينعزل بعزل نفسه)6).

تفصيل الثنني النظر جعل يف هنا يأيت أنه به رصحوا ما كالويص الناظر كون ويؤيد اإليصاء الثنني من وجوب االجتامع تارة وعدمه تارة أخرى، ومن أن أحدمها قد يكون مرشفا فقط)7). قال اهليتمي: ومن ثم ينبغي أن جييء يف الناظر ما يف الويص من أنه لو خيف

من انعزاله رضر يلحق املوىل عليه أثم بعزله لنفسه ومل ينفذ)8).الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه ابن حجر اهليتمي؛ لألدلة التي ذكرها خاصة أن هذه املسألة ال

))) حاشية الرميل عىل رشح روض الطالب )/)47.

))) حاشية الرميل عىل رشح روض الطالب )/)7).)3) حاشية العبادي عىل حتفة املحتاج 86/6).

)4) حتفة املحتاج 86/6).)5) حتفة املحتاج 86/6)، وانظر: روضة الطالبني 350/5.

)6) املنهاج مع مغني املحتاج 78/3.)7) حتفة املحتاج 86/6).

)8) املرجع السابق.

النظارة على الوقف

304

نص رصحيا للمتقدمني فيها وإنام استنبطها املتأخرون من كلمهم، وظاهر كلمهم يؤيد ما ذهب إليه اهليتمي.

ثم كيف ال يؤخذ بعبارة الناظر وإرادته يف عزل نفسه وهو إنسان كامل األهلية يؤخذ بعبارته يف كل الترصفات األخرى.

- ومن صور عزل الناظر نفسه النزول عن وظيفة النظارة، وإقرار الناظر بالنظارة لغريه، وبيان ذلك فيام يأيت:

املسألة األوىل: النزول عن وظيفة النظارة:نزول الناظر عن وظيفة النظارة لغريه صورة غري مبارشة لعزل الناظر نفسه، إذ مقتىض

النزول طلب الناظر عزل نفسه وتولية املنزول له ناظرا بدله.ويطلق الفقهاء عىل النزول عن الوظيفة أسامء أخرى كالفراغ عن الوظيفة والتفويض))).

وقد سبق تفصيل القول يف تفويض النظارة يف الباب الثاين.وقد اختلف الفقهاء يف جواز أخذ الناظر الذي يعزل نفسه بنزوله عن وظيفة النظارة

لغريه عوضا مقابل نزوله عىل قولني:* القول األول: للخري الرميل من احلنفية، وهو أنه ال جيوز للناظر أخذ عوض مقابل ألنه باملال؛ الرجوع له فللمنزول بامل الوظيفة عن الناظر نزل ولو النظارة، عن نزوله

اعتياض عن حق جمرد وهو ال جيوز.بناه عىل اعتبار العرف اخلاص وهو خلف وال يعتد بقول من أفتى بجواز ذلك فقد

املذهب))).* القول الثاين: ألكثر احلنفية)3) والسبكي من الشافعية)4)، وهو أنه جيوز للناظر النزول

عن النظارة بامل. واستدلوا عىل ذلك بام يأيت:)( قياسا عىل أخذ أرش العبد املوىص بخدمته، فإن العبد املوىص برقبته لشخص وبخدمته تنقص اخلدمة اجلناية فإن كانت فأدى األرش، أو شج موضحة لو قطع طرفه آلخر مقام يقوم عبد به فيشرتى بيعه بعد العبد ثم إليه يضم أو آخر خيدمه عبد به يشرتى

نجيم 7)3، والنظائر البن ابن عابدين 3/))4، واألشباه اخلالق 53/5)، وحاشية منحة الرائق مع حاشيته البحر (((وحاشية الشربامليس عىل هناية املحتاج 397/5.

))) حاشية ابن عابدين 386/3، واألشباه والنظائر 03)-04).)3) حاشية ابن عابدين 4/4)-5)، واألشباه والنظائر البن نجيم 04).

)4) مغني املحتاج 59/3).

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

305

األول، فإن اختلفا يف بيعه مل يبع، وإن اصطلحا عىل قسمة األرش بينهام نصفني فلهام باخلدمة من األرض بدل اخلدمة، ألنه ال يملك املوىص ما يستوفيه ذلك، وال يكون بالرقبة عىل مال دفعه له به، كام لو صالح موص االعتياض عنها ولكنه إسقاط حلقه

للموىص له باخلدمة ليسلم العبد له))).وإحلاق حق صاحب الوظيفة يف وظيفته بحق املوىص له باخلدمة أوىل من إحلاقه بحق

الشفعة والقسم للزوجة.فإن حق صاحب الوظيفة يفرتق عن حق الشفعة للشفيع وحق القسم للزوجة اللذين

ال جيوز أخذ العوض عنهام.ووجه الفرق أن حق الشفعة وحق القسم وكذا حق اخليار يف النكاح للمخرية إنام هو لدفع الرضر عن الشفيع واملرأة، وما ثبت لذلك ال يصح الصلح عنه؛ ألن صاحب احلق ملاا ريض علم أنه ال يترضر بذلك فل يستحق شيئا، أما حق املوىص له باخلدمة فليس كذلك بل ثبت له عىل وجه الرب والصلة فيكون ثابتا له أصالة فيصح الصلح عنه إذا نزل عنه لغريه.

وال خيفى أن صاحب الوظيفة ثبت له احلق فيها بتقرير القايض عىل وجه األصالة ال عىل وجه رفع الرضر، فإحلاقها بحق املوىص له باخلدمة أوىل من إحلاقها بحق الشفعة والقسم))).)( إن سيدنا احلسن -[- قد نزل عن اخللفة ملعاوية -[- عىل عوض)3). فيجوز

))) حاشية ابن عابدين 5/4).))) املرجع السابق.

)3) يدل عىل ذلك ما أخرجه البخاري يف كتاب الصلح باب قول النبي -ملسو هيلع هللا ىلص- للحسن بن عيل ريض اهلل عنهام: »ابني هذا سيد ولعل اهلل أن يصلح به بني فئتني عظيمتني« من حديث احلسن البرصي قال: »استقبل واهلل احلسن بن عيل معاوية بكتائب أمثال اجلبال، فقال عمرو بن العاص: إين ألرى كتائب ال تويل حتى تقتل أقراهنا، فقال له معاوية -وكان واهلل خري الرجلني أي عمرو- إن قتل هؤالء هؤالء وهؤالء هؤالء من يل بأمور الناس، من يل بنسائهم، من يل بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلني من قريش من بني عبد شمس -عبد اهلل بن سمرة وعبد اهلل بن عمر بن كريز- فقال: اذهبا إىل هذا الرجل فأعرضا عليه وقوال له واطلبا إليه، فأتياه فدخل عليه فتكلام وقاال له وطلبا إليه، فقال هلام احلسن بن عيل: إنا بنو عبد املطلب قد أصبنا من هذا املال، وإن هذه األمة قد عاثت يف دمائها، قاال: فإنه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويسألك، قال: فمن يل هبذا؟ قاال: نحن لك به، فام سأهلام شيئا إال قاال: نحن لك به، فصاحله، فقال احلسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول اهلل -ملسو هيلع هللا ىلص- عىل املنرب واحلسن بن عيل عىل جنبه، وهو يقبل عىل الناس مرة وعليه أخرى ويقول: إن ابني هذا سيد ولعل اهلل أن يصلح به بني فئتني عظيمتني من املسلمني« )صحيح البخاري )/69)، ط دار إحياء الرتاث العريب - بريوت، وانظر: فتح الباري 306/5-307، 3)/)6 وما بعدها، ط السلفية، والبداية والنهاية البن كثري 6/8)، ط دار

الكتب العلمية - بريوت(.

النظارة على الوقف

306

لصاحب الوظيفة أن ينزل بعوض))).الرتجيح:

نرى األخذ بالقول الثاين ملا ذكروه من أدلة، ومن خلهلا يتبني أن اجلواز ليس مبنيا عىل اعتبار العرف اخلاص وإنام عىل نظائر دالة عىل اجلواز تم القياس عليها، والقياس أصل من أصول الرشع يستدل به عىل األحكام التي مل يرد هبا السمع))). علام بأنه قد أخذ كثري من

احلنفية بالعرف اخلاص وأفتوا باعتباره كام يقول ابن نجيم)3).كام أن عدم جواز االعتياض عن احلق ليس عىل إطلقه -كام يقول ابن عابدين- فقد

أفتى العلمة أبو السعود بجواز أخذ العوض يف حق القرار والترصف)4).املسألة الثانية: إقرار الناظر بالنظارة لغريه:

ألن مبارشة؛ غري بصورة نفسه الناظر لعزل ثانية صورة لغريه بالنظارة الناظر إقرار مقتىض إقرار الناظر بذلك أنه ال يستحق النظارة وإنام يستحقها شخص آخر.

والناظر عندما يقر بالنظارة لشخص آخر فإنه ال يملكه النظارة؛ ألن اإلقرار إخبار ال متليك فهو خيرب بأن الواقف هو الذي جعل النظارة للمقر له)5).

عن وعزل إقراره صح لغريه بالنظارة أقرا إذا الناظر أن يف الفقهاء بني خلف وال النظارة؛ ألن املكلف مؤاخذ بإقراره يف حق نفسه)6).

قال احلنفية: إذا كان الناظر منفردا بالنظارة عىل الوقف وأقرا أن فلنا يستحق النظارة كاملة فإنه يعزل عن النظارة)7).

وإن أقر الناظر املنفرد بالنظارة أن فلنا يستحق معه النظر فإن الناظر ال ينعزل عن النظارة ويشاركه املقر له إن صدقه، فإن كذبه نصب القايض ناظرا آخر يشارك املقر يف النظارة.

وإن كان الناظر غري منفرد بالنظارة وأقرا بالنظارة آلخر وصدقه، فإن املقر ينعزل عن ))) حاشية ابن عابدين 5/4).

))) البحر املحيط 6/5).)3) األشباه والنظائر ص 03).)4) حاشية ابن عابدين 5/4).

)5) حاشية ابن عابدين 3/))4.مع الكبري والرشح ،((( ،(85/( الدرية والعقود ،4((/3 عابدين ابن وحاشة ،(98/7 رشوحها مع اهلداية (6(

الدسوقي 397/3، ومغني املحتاج )/38)، وكشاف القناع 6/)45.)7) الدر املختار ورد املحتار 4/)47، والعقود الدرية )/))).

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

307

النظارة ويشرتك املقر له مع الرشيك اآلخر يف النظارة عىل الوقف))). وقد سبق بيان ذلك يف الباب الثاين عند احلديث عىل من تثبت هلم النظارة الفرعية. وال شك أن الناظر يكون

آثام إذا كان كاذبا يف إقراره.

املطلب الثاين»عزل مفو�ض النظارة الناظر«

الواقف ثم وصيه، ثم املوقوف الناظر، وهو النظارة: هو من له والية نصب ض مفواعليه ثم القايض، وذلك عىل خلف بني الفقهاء يف بعضهم وقد سبق بيان ذلك.

وسنتناول فيام ييل عزل كل واحد من هؤالء املفوضني الناظر.

الفرع األول»عزل الواقف الناظر«

لعزل الواقف الناظر ثلث حاالت، وهي:)- أن يشرتط الواقف العزل لنفسه.

)- أن يشرتط الواقف النظارة لنفسه.3- أالا يشرتط الواقف شيئا منهام.

أ- احلالة األوىل: اشرتاط الواقف العزل:اتفق الفقهاء عىل أنه إذا اشرتط الواقف لنفسه عزل الناظر كان له العزل متى شاء؛ ألن

هذا رشط صحيح من الواقف، ورشط الواقف جيب العمل به كنص الشارع))).بل لو رشط الواقف عزل الناظر لغريه كأوالده صح الرشط، وكان للمرشوط له عزل القوام واالستبدال ابن اهلامم: إن الواقف إذا رشط الوالية يف عزل الناظر متى شاء. قال هبم لنفسه وألوالده وأخرجه من يده وسلمه إىل متول فهذا جائز؛ ألن هذا رشط ال خيل

برشائط الوقف)3).

))) حاشية ابن عابدين 3/))4.))) رشح فتح القدير 4/5)4، والبحر الرائق 44/5)، حاشية الدسوقي 88/4، رشح روض الطالب )/468، كشاف

القناع 4/)7)، البحر الزخار 53/4)، ومفتاح الكرامة 36/9.)3) رشح فتح القدير 4/5)4، وانظر: البحر الرائق 44/5).

النظارة على الوقف

308

ب- احلالة الثانية: اشرتاط الواقف النظارة لنفسه:اتفق الفقهاء عىل أنه إذا اشرتط الواقف النظارة لنفسه ثم وىلا النظارة شخصا آخر مكانه فإن للواقف عزله متى شاء؛ ألنه يكون يف هذه احلالة وكيل عنه، وللموكل أن يعزل الوكيل

متى شاء))).إلنسان النظارة الواقف رشط لو أنه إىل واحلنفية للنووي خلفا السبكي ذهب وقد وجعل له أن يسند النظارة ملن شاء فأسندها آلخر كان له عزله))). وقد سبق تفصيل ذلك

يف الباب الثاين عند الكلم عىل ما جيوز للناظر فعله.ج- احلالة الثالثة: مل يشرتط الواقف العزل وال النظارة لنفسه:

اختلف الفقهاء عىل قولني يف حكم عزل الواقف الناظر إذا مل يشرتط العزل وال النظارة لنفسه:

* القول األول: أليب يوسف من احلنفية وهو ظاهر املذهب)3) واملالكية)4) والزيدية)5) وبعض اإلمامية)6)، وهو أن للواقف عزل الناظر ولو مل يشرتط العزل أو النظارة لنفسه.

وإنام جاز للواقف العزل ألن له والية عىل وقفه سواء اشرتط الوالية لنفسه أم ال.واستدلوا عىل ثبوت الوالية للواقف عىل وقفه بام يأيت:

الوالية له الواقف برشط، فيستحيل أالا يكون الوالية من جهة إنام يستفيد الناظر )( إن وغريه يستفيد الوالية منه)7).

)( إن الواقف أقرب الناس إىل هذا الوقف فيكون أوىل بواليته، كمن اختذ مسجدا يكون أوىل بعامرته ونصب املؤذن فيه، وكمن أعتق عبدا كان الوالء له؛ ألنه أقرب الناس إليه)8).

))) البحر الرائق 44/5)، والرشح الكبري مع حاشية الدسوقي 88/4، وهناية املحتاج 5/)40، ومغني املحتاج )/)39، وكشاف القناع 4/)7)، ورشح األزهار 488/3-489، والروضة البهية يف رشح اللمعة الدمشقية 78/3).

))) الدر املختار ورد املحتار 3/))4، وهناية املحتاج )/394، وحتفة املحتاج 6/)9).)3) اهلداية مع رشح فتح القدير 5/)44-)44، ورشح فتح القدير 4/5)4، والبحر الرائق 44/5).

)4) حاشية الدسوقي 88/4.)5) رشح األزهار 488/3.)6) مفتاح الكرامة 9/)4.

)7) اهلداية مع رشح فتح القدير 5/)44.)8) املرجع السابق.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

309

وأغلب واحلنابلة)3) والشافعية))) احلنفية))) من احلسن بن ملحمد الثاين: القول *اإلمامية)4)، وهو أنه ليس للواقف عزل الناظر إن مل يشرتط العزل أو النظارة لنفسه.

وإنام مل جيز للواقف عزل الناظر يف هذه احلالة النتفاء واليته عىل وقفه.واستدلوا عىل انتفاء واليته بانتفاء ملكه عن الوقف، فل يملك العزل كام يف األجنبي)5).

وقد سبق أن اخرتنا ثبوت والية الواقف عىل وقفه وإن مل يشرتط الوالية لنفسه، فيكون له عزل الناظر متى شاء لثبوت واليته عىل وقفه.

مسألة: حق الواقف يف العزل مطلق:ذهب املثبتون للواقف حق عزل الناظر إىل أن حق الواقف يف ذلك مطلق، بمعنى أن له أن يعزله ولو من غري سبب، ويف أي وقت شاء؛ ألن الناظر وكيل عن الواقف يف هذه

احلالة، فكان له حق عزله مطلقا)6).بل ذكر هلل بأن الواقف لو جعل والية وقفه لفلن يف حياته وبعد وفاته عىل أنه ليس

له إخراجه من ذلك فإن للواقف إخراجه والرشط الذي رشط باطل)7).الناظر يف مطلق الناظر عزل يف الواقف حق أن إىل احلنفية من التمرتايش وذهب املنصوب من قبله ال الناظر الذي نصبه القايض، فقد نقل ابن عابدين عن فتاواه أنه لو مل

جيعل الواقف ناظرا فنصب القايض ناظرا مل يملك إخراجه)8).

الفرع الثاين»عزل الو�سي الناظر«

سبق بيان آراء الفقهاء يف ثبوت والية ويص الواقف يف نصب الناظر، وأن أبا يوسف

))) اهلداية مع رشوحها 5/)44، ورشح فتح القدير 4/5)4، والبحر الرائق 44/5).))) هناية املحتاج 399-398/5.

)3) كشاف القناع 68/4).)4) مفتاح الكرامة 9/)4.

)5) كشاف القناع 68/4)، ومغني املحتاج )/393.)6) البحر الرائق 45/5)، والدر املختار مع حاشية ابن عابدين 3/))4، 386، 9)4، وحاشية الدسوقي 88/4، ومواهب

اجلليل 39/6.)7) أحكام الوقف هللل ص 04).

)8) حاشية ابن عابدين 386/3.

النظارة على الوقف

310

من احلنفية واملالكية والزيدية يثبتون والية الويص يف نصب الناظر خلفا ملحمد بن احلسن ز له عزل الناظر والشافعية واحلنابلة واإلمامية. ومن يثبت والية الويص عىل الوقف جيوا

املنصوب من قبله بمقتىض هذه الوالية، وألنه يكون وكيله فله عزله متى شاء))).وليس للويص أن يعزل من رشطه الواقف، وقد ذكر احلنفية أن الويص يشارك من رشط له الواقف النظر يف النظارة. قال هلل: إذا قال: أريض صدقة موقوفة عىل أن لفلن واليتها يف حيايت وبعد وفايت ثم أوىص بعد ذلك إىل رجل، فللويص الثاين أن ييل ذلك الوقف مع رجل عىل أرض كل له أرضني وقف ولو وقال: مجيعا))). الوقف والية له رشط الذي معلوم وأوىص إىل كل رجل منهم فيام وقف عليه ثم حرضته بعد ذلك الوفاة فأوىص إىل رجل، فلهذا الويص أن يشارك كل واحد منهم يف والية األرض التي وقفها عليه، ألنه صار

وصيا للميت يف مجيع الوقف)3).وهذا إذا مل خيصص الواقف، فإن خصص فقال: وقفت أريض عىل كذا وجعلت واليتها لفلن وجعلت فلنا وصيي يف تركايت ومجيع أموري؛ فحينئذ ينفرد كل منهام بام فوض إليه)4).

الفرع الثالث»عزل املوقوف عليه الناظر«

ذهب مجهور فقهاء املالكية)5) واحلنابلة)6) والزيدية)7) وأكثر اإلمامية)8) إىل أن للموقوف عليه والية نصب الناظر وذلك خلفا للحنفية)9) والشافعية)0)) كام سبق بيانه.

زون للموقوف عليه عزل الناظر املنصوب من وبناء عىل ذلك فإن مجهور الفقهاء جيوا

))) الدر املختار مع حاشية ابن عابدين 409/3، وحاشية الدسوقي 88/4، ورشح األزهار 489/3.))) أحكام الوقف هللل ص 04)، وانظر: البحر الرائق 50/5)، واإلسعاف ص )5، والدر املختار 409/3.

)3) أحكام الوقف هللل ص 04).)4) اإلسعاف )5، والبحر الرائق 50/5)، وحاشية ابن عابدين 0-409/3)4.

)5) الرشح الكبري مع الدسوقي 88/4.)6) كشاف القناع 68/4)، )7).

)7) رشح األزهار 489/3.)8) مفتاح الكرامة 9/)4.

)9) الدر املختار ورد املحتار 0-409/3)4.)0)) هناية املحتاج 399-398/5.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

311

قبله ألنه وكيله. قال احلجاوي))) من احلنابلة: ولناظر باألصالة وهو املوقوف عليه واحلاكم نصب ناظر وعزله))).

وليس للموقوف عليه عزل الناظر املنصوب من قبل الواقف أو الويص عند من يقول بثبوت واليته عىل الوقف؛ لتأخر واليته عن واليتهم.

الفرع الرابع»عزل القا�سي الناظر«

سبق يف الباب األول يف أقسام النظارة أن من مشموالت عمل القايض إن كانت واليته من فيقر الدوام، عىل وترصفاهتم النظار أحوال فيتفقد األوقاف، مجيع عىل النظر عامة

أعامهلم ما كان موافقا للرشع حمققا ملصلحة الوقف، ويبطل منها ما ليس كذلك.كام اتفق الفقهاء عىل ثبوت والية القايض يف نصب الناظر، إذا مات الواقف ومل يعني ناظرا عىل وقفه ومل يكن له ويص، وكان املوقوف عليه مجعا غري حمصور كالفقراء أو كان

جهة ال تعقل كاملسجد.واختلفوا يف ثبوت واليته يف نصب الناظر يف غري هذه احلالة، وقد سبق بيان ذلك يف

الباب األول يف مفوض النظارة.األوقاف وثبوت واليته يف للقايض عىل العام النظر ثبوت ما سبق -أعني وبناء عىل

نصب الناظر- فإنه ال خلف بني الفقهاء يف أنه جيوز للقايض عزل الناظر.وهل حق القايض يف عزل الناظر مطلق بمعنى أن له عزله بدون سبب أم مقيد بظهور

سبب موجب للعزل؟يفرق الفقهاء يف ذلك بني كون الناظر منصوبا من قبل القايض وكونه منصوبا من قبل غريه.

ة من قرى نابلس- املقديس ثم الصاحلي، ))) احلجاوي )؟-968هـ( هو موسى بن أحد بن موسى احلجاوي -نسبة إىل حجأو النجا، رشف الدين فقيه حنبيل أصويل حمدث، من أهل دمشق. انتهت إليه مشيخة احلنابلة والفتوى، ويل تدريس احلنابلة بمدرسة الشيخ أيب عمرو يف اجلامع األموي، أخذ عنه القايض شمس الدين ابن طريف والقايض شمس الدين الرجيحي، الدين الشويكي وغريهم. من تصانيفه: »اإلقناع« جرد فيه الصحيح من املذهب وهو عمدة احلنابلة، والقايض شهاب و»رشح املفردات«، و»رشح منظومة اآلداب« البن مفلح، و»زاد املستقنع« ]الكواكب السائرة بأعيان املائة العارشة للغزي

7/3))، ط دار اآلفاق اجلديدة - بريوت، وشذرات الذهب 7/8)3، واألعلم 0/7)3[.))) كشاف القناع 4/)7).

النظارة على الوقف

312

أوال: الناظر املنصوب من قبل القايض:اختلف الفقهاء عىل قولني يف حق القايض يف عزل الناظر املنصوب من قبله، هل هو

مطلق أم مقيد؟الناظر عزل يف القايض حق أن وهو واحلنابلة)))، احلنفية))) لبعض األول: القول *

املنصوب من قبله مطلق، فله عزله متى شاء وبدون سبب موجب للعزل.كان إذا ما أصليا، وذلك يف حالة ناظرا يكون الذي بالقايض ذلك احلنابلة قيد لكن

الوقف عىل غري معني ومل يعني الواقف ناظرا عليه)3).احلنفية)7)، وبعض والزيدية)6) والشافعية)5) املالكية)4) فقهاء جلمهور الثاين: القول *سبب بظهور مقيد هو بل مطلقا، ليس قبله من املنصوب عزل يف القايض حق أن وهو

موجب للعزل.الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء؛ لرتتب الرضر عىل الناظر بعزله بدون سبب، ومن القواعد املقررة فقها أن الرضر يزال)8).

ثم إن وظيفة النظارة يف حالة جتويز العزل املطلق للقايض ال حتقق االستقرار الوظيفي، الذي يطلبه كل شخص، مما يؤدي إىل عزوف األكفاء عن العمل يف النظارة وتويل من هم

دوهنم النظارة مما ال حيقق ذلك مصلحة الوقف.ثانيا: الناظر املنصوب من قبل غري القايض:

اتفق الفقهاء عىل أن حق القايض يف عزل الناظر املنصوب من قبل غريه ليس مطلقا، بل

))) حاشية ابن عابدين 386/3، 9)4، والبحر الرائق 54/5)، واألشباه والنظائر البن نجيم 95).))) كشاف القناع 4/)7).)3) كشاف القناع 4/)7).

)4) حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري 88/4.)5) مغني املحتاج )/395.)6) رشح األزهار 489/3.

)7) حاشية ابن عابدين عىل الدر املختار 386/3، 9)4، والبحر الرائق وحاشيته منحة اخلالق 54/5).)8) األشياء والنظائر البن نجيم ص 85، واألشباه والنظائر للسيوطي 83.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

313

مقيد بظهور سبب موجب للعزل))). ألن الذي ينصب الناظر غري القايض إما الواقف وإما من له والية النصب كالويص واملوقوف عليهم -عند من يثبت هلم هذه الوالية-، وهؤالء واليتهم عىل الوقف خاصة يف حني والية القايض عليه عامة، ومن املقرر فقها أن الوالية اخلاصة أقوى من الوالية العامة)))، فل جيوز للقايض عزل الناظر املنصوب من قبلهم بدون سبب موجب للعزل. كام أن الواقف إذا رشط للوقف ناظرا وجب اتباع رشطه؛ ملا تقرر من

أن رشط الواقف كنص الشارع، فل جيوز للقايض خمالفة رشطه بل مسوغ.ومن ثم فقد رصح احلنفية بأن القايض إذا عزل الناظر املرشوط له النظر فإن عزله ال

ينفذ، وال يصري الذي نصبه القايض بدل املعزول ناظرا)3).وإذا كان القايض ال يعزل الناظر املنصوب من قبل غريه إال بسبب موجب لعزله اتفاقا،

وكذا الناظر املنصوب من قبله عىل الراجح، فسنذكر فيام يأيت موجبات عزل الناظر.ثالثا: موجبات عزل الناظر:

جيب عىل القايض عزل الناظر إن ظهر سبب موجب لعزله، ويأثم القايض لو ترك الناظر يستمر يف عمله يف هذه احلالة.

الناظر؛ وذلك حتقيقا ملصلحة الواقف هو ناظر ولو كان وهذا احلكم يرسي عىل كل الوقف واملوقوف عليه ودفع الرضر عنهام.

بل لو رشط الواقف أن ليس للقايض أن خيرج الوقف من يده ألي سبب فل يلتفت إىل رشطه؛ ألنه خمالف حلكم الرشع فيبطل، وجيب عىل القايض عزله إن ظهر سبب موجب

لعزله؛ كالويص فإنه يعزل وإن رشط املويص عدم نزعه وإن خان)4).وموجبات عزل الناظر هي:

أ- الفسق:من خرجت إذا طبة الر فسقت العرب تقول األمور، عن اخلروج اللغة: يف الفسق ،88/4 الدسوقي وحاشية ،((0/( الدرية والعقود ،(45/5 الرائق والبحر ،4(9 ،386/3 عابدين ابن حاشية (((

ومغني املحتاج )/395، وكشاف القناع 65/4)، ورشح األزهار 489-488/3.

))) انظر: األشباه والنظائر للسيوطي ص 54)، واألشباه والنظار البن نجيم ص 60).)3) حاشية ابن عابدين 386/3، والبحر الرائق 45/5)، واألشباه والنظائر البن نجيم 95).

الدرية والعقود ،386-384/3 املحتار ورد املختار والدر ،(65/5 الرائق والبحر ،44(/5 رشوحها مع اهلداية (4()/0))، ورشح روض الطالب )/)47، ومغني املحتاج )/393.

النظارة على الوقف

314

فاسقة. تصغري وهو وإفسادها، الناس عىل خلروجها فويسقة الفأرة وسميت قرشها، والفسق أيضا العصيان والرتك ألمر اهلل عز وجل واخلروج عن طريق احلق))).

والفسق يف االصطلح: هو ارتكاب كبرية أو اإلرصار عىل صغرية))).الفسق عرض فإذا الناظر، عزل موجبات من الفسق أن يف الفقهاء بني خلف وال للناظر انعزل عن النظارة)3)؛ ألن املقصود من النظارة حفظ الوقف وفسق الناظر خيل هبذا

املقصود)4)، وألن الفسق يمنع تولية النظارة ابتداء فيمنع دوامها)5).وقد استثنى بعض الفقهاء حاالت أجازوا فيها بقاء الناظر يف النظارة وإن فسق، وهي:

)( أجاز املالكية بقاء الناظر إن فسق إذا ريض املوقوف عليه بنظارته وكان املوقوف عليه مالكا ألمر نفسه)6).

عليهم املوقوف من كان إذا فسق إن الناظر بقاء اإلمامية)8) وبعض احلنابلة)7) أجاز )(وثبتت له النظارة بصفة أصلية، وهم يف هذه احلالة ال يشرتطون عدالته بل جيوز أن يتوىل

النظارة وإن كان فاسقا، وإذا جاز ذلك يف ابتداء النظارة جاز يف دوامها.3( أجاز احلنابلة بقاء الناظر إن فسق إن كان مرشوطا من قبل الواقف وأمكن حفظ الوقف

))) القاموس املحيط 76/3)، ولسان العرب 0)/308.))) الدر املختار ورد املحتار 377/4، والرشح الكبري مع الدسوقي 65/4)-66)، واملنهاج مع مغني املحتاج 7/4)4، وكشاف القناع 8/6)4-9)4، والبحر الزخار 50/4، والروضة البهية 8/3))-30). وهذا التعريف للفسق هو احلد بالغلبة أو الكبرية باإلرصار الفقهاء، وزاد احلنفية »أو غلبتها« ألن الصغرية عندهم تأخذ حكم املتفق عليه بني األدنى كرسقة اخلسة صغائر أو كذب كثرة أو كبرية مبارشة هو الفسق املالكية: وقال .)377/4 عابدين ابن حاشية )انظر: لقمة، وحددوا كثرة الكذب بام زاد عىل كذبة واحدة يف السنة إن مل يرتتب عليه فساد )الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي املسلمني وفيه هتك حرمة الكبرية. فقال احلنفية: إهنا كل ما كان شنيعا بني الفقهاء يف حد 65/4)-66)(. واختلف الدين )انظر: حاشية ابن عابدين 377/4(. وقال الشافعية: هي ما فيه وعيد شديد بنص كتاب أو سنة، وقال اإلمام: هي كل جريمة تؤذن بقلة اكرتاث مرتكبها بالدين، وقيل: هي املعصية املوجبة للحد )انظر: هناية املحتاج 78/8)، ومغني

املحتاج )/7)4(. وقال احلنابلة: هي ما فيه حد يف الدنيا أو وعيد يف اآلخرة )انظر: رشح منتهى اإلرادات 547/3).)3) البحر الرائق 70/4)، والدر املختار ورد املحتار 385/3، ومغني املحتاج )/393، ورشح روض الطالب )/)47،

وكشاف القناع 70/4)، والبحر الزخار 65/4)، والروضة البهية 77/3).)4) اإلسعاف 49.

)5) كشاف القناع 70/4).

)6) مواهب اجلليل 9/)4.)7) رشح منتهى اإلرادات )/504.

)8) مفتاح الكرامة 9/)4.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

315

بضم أمني إليه، فإن مل يمكن حفظه منه بذلك عزله القايض))).ويتعلق بفسق الناظر مسائل نذكرها فيام يأيت:

املسألة األوىل: اختالف العلامء يف انعزال الناظر بفسقه أو استحقاقه العزل.باستحقاقه أم الفسق عليه الناظر بمجرد طروء انعزال الفقهاء عىل قولني يف اختلف

العزل بذلك وأنه ال ينعزل إال بعزل القايض؟* القول األول: جلمهور الفقهاء الشافعية))) واحلنابلة)3) والزيدية)4) واإلمامية)5)، وهو أن الناظر ينعزل بطروء الفسق عليه وال حيتاج يف عزله إىل عزل القايض؛ ألن العدالة رشط

يف الناظر فإذا ختلف الرشط ختلف املرشوط وخرج الناظر عن كونه ناظرا.* القول الثاين: للحنفية، وهو أن الناظر إذا طرأ عليه الفسق استحق العزل وال ينعزل، وجيب عىل القايض عزله، وإنام مل ينعزل الناظر بالفسق؛ ألن العدالة من رشائط األولوية ال

من رشائط الصحة، فتصح نظارة الفاسق ويستحق العزل حفاظا عىل الوقف)6).وملا سبق أن اخرتناه من أن العدالة رشط صحة وليست رشط أولوية؛ نرى األخذ بام

ذهب إليه مجهور الفقهاء.املسألة الثانية: توبة الناظر الفاسق:

اتفق الفقهاء عىل أنه إذا تاب الناظر بعد أن عزل عن النظارة بسبب فسقه فإن النظارة تعود إليه؛ ألن العزل إنام كان بسبب الفسق وقد زال بالتوبة)7).

وعند بعض املذاهب تقييدات لعودة النظارة إىل الناظر بعد توبته، نذكرها فيام يأيت:)( قال احلنفية: ال يعيد القايض الناظر إىل النظارة إذا تاب وأناب إال أن يقيم بينة أنه صار

أهل لذلك، فإن أقام البينة أعاده)8).

))) رشح منتهى اإلرادات )/504.))) هناية املحتاج 399/5، وحتفة املحتاج 88/6).

)3) كشاف القناع 469/3.

)4) البحر الزخار 65/4).)5) الروضة البهية 77/3).

)6) البحر الرائق 44/5)، والدر املختار ورد املحتار 385-384/3.)7) رشح فتح القدير 5/)45، وحاشية ابن عابدين 384/3، ومغني املحتاج )/393، وكشاف القناع 70/4)، ورشح

األزهار 490/3، والروضة البهية 77/3).)8) رشح فتح القدير 5/)45.

النظارة على الوقف

316

)( قياد الشافعية))) واإلمامية))) عودة النظارة إىل الناظر إذا تاب الناظر املرشوط يف الوقف من قبل الواقف، أما إذا مل يكن الناظر مرشوطا من قبل الواقف فإن النظارة ال تعود إليه

وإن تاب.وإنام تعود النظارة للمرشوط له دون غريه لقوته، إذ ليس ألحد عزله وال االستبدال به،

وما عرض له من الفسق مانع من ترصفه ال سالب لواليته)3).يقتيض اإلمام)4) وكلم فتاويه يف النووي ذكره ما هذا األنصاري: زكريا الشيخ قال

خلفه. والصحيح عند الشافعية هو ما ذكره النووي)5).والنظارة األصلية النظارة بني تاب، إذا الناظر إىل النظارة عودة يف الزيدية فرق )3الفرعية أو املستفادة: ففي النظارة الفرعية ال تعود النظارة إىل الناظر إذا تاب، إال باالختبار يف مدة طويلة قدروها بسنة وجتديد التولية له من قبل القايض. ويف النظارة األصلية تعود

النظارة إىل الناظر الفاسق بمجرد التوبة، وال حيتاج إىل اختبار وال جتديد تولية)6).الرتجيح:

الناظر عودة ينبغي ال إذ واالعتبار، باألخذ جدير احلنفية ذكره الذي القيد أن نرى الفاسق فكيف يقبل التوبة، إذ األصل عدم قبول قول النظارة بمجرد إعلنه الفاسق إىل قول الناظر بمجرد أنه تاب، ومن ثم كان ال بد من أن يقيم البينة عىل دعواه حتى يقبل قوله، الواقف وغريه؛ قبل املرشوط من والناظر الفرعي والناظر الناظر األصيل سواء يف ذلك

حفاظا عىل األوقاف من العبث والضياع.وقول الشافعية بأن الفسق مانع من الترصف ال سالب للوالية يتعارض مع اشرتاطهم

))) مغني املحتاج )/393، وهناية املحتاج 399/5، وحتفة املحتاج 88/6).))) الروضة البهية 77/3)، وجواهر الكلم 8)/3).

)3) هناية املحتاج 399/5، وحتفة املحتاج 88/6).إمام املعايل، أبو النيسابوري، اجلويني يوسف بن اهلل بن عبد امللك احلرمني )9)4-478هـ( هو عبد إمام اإلمام هو (4(احلرمني، من كبار فقهاء الشافعية أصويل متكلم أديب، ولد يف جوين من نواحي نيسابور، أخذ الفقه واحلديث عن والده، الوزير له بنى احلافظ، نعيم أبو وأجازه مجاعة من احلديث وسمع االسفراييني، األسكاف القاسم أيب عن واألصول نظام امللك »املدرسة النظامية« وتوالها ملدة 30 عاما. من تصانيفه: »هناية املطلب« يف الفقه، و»الربهان« يف أصول الفقه،

و»اإلرشاد« يف أصول الدين ]طبقات الشافعية الكربى 349/3، األعلم 60/4[.)5) رشح روض الطالب مع حاشية الرميل عليه )/)47.

)6) رشح اإلزهار مع حواشيه 490/3-)49.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

317

العدالة يف ناظر الوقف.

املسألة الثالثة: عدم جتزيء الفسق:الفسق ال كلها؛ ألن عنها يعزل فإنه أوقاف وفسق ناظرا عىل عدة الشخص كان إذا يتجزأ، بمعنى أنه ال يمكن اعتبار الناظر عدال يف بعض تلك األوقاف وفاسقا يف بعضها ا فاسقا يف مجيعها، وذلك أن الفسق صفة تتعلق اآلخر، فهو إما أن يكون عدال يف مجيعها وإما

بالناظر ال بأعيان الوقف))).ب( اخليانة:

اخليانة يف اللغة: أن يؤمتن اإلنسان فل ينصح، والغدر، والنقص، وعدم أداء األمانة))).وعىل ونقضه)3)، العهد نكث عىل معنيني: عىل الفقهاء اصطلح يف اخليانة وتطلق

تضييع األمانة)4).واملقصود بخيانة الناظر: هو أن يترصف ترصفا غري جائز عاملا به)5).

يف آثرنا لكن جائز)6)، غري ترصفا ترصف إذا الناظر بفسق الفقهاء بعض رصح وقد أو إرصار بارتكاب حمظور رشعي من كبرية الفسق العزل إىل ختصيص تقسيم موجبات عىل صغرية، وختصيص اخليانة بارتكاب حمظور عقدي من خمالفة ملا تقتضيه وظيفة النظارة.وال خلف بني الفقهاء يف أن اخليانة من موجبات عزل الناظر، فإذا خان الناظر انعزل

عن النظارة؛ ألن املقصود من النظارة حفظ الوقف واخليانة ختل هبذا املقصود)7).وجيب عىل القايض عزل الناظر اخلائن ولو كان الناظر الواقف أو رشط الواقف عدم الضياع اعتبار هلذا الرشط ملخالفته حلكم الرشع، وحمافظة عىل األوقاف من إذ ال عزله،

))) العقود الدرية )/0))، وانظر: مغني املحتاج )/394، وهناية املحتاج 399/5.))) القاموس املحيط 0/4))، ولسان العرب 3)/44).

)3) املغرب ص 56)، والكليات )/))3، ط وزارة الثقافة واإلرشاد القومي، دمشق، )98)م.)4) رشح فتح القدير 36/5)، والبناين عىل رشح الزرقاين 8/)9.

)5) البحر الرائق 53/5)، وحاشية ابن عابدين 384/3.)6) العقود الدرية )/0)).

األزهار ورشح ،(70/4 القناع وكشاف ،47(/( الطالب روض ورشح ،3(9/6 والذخرية ،49 ص اإلسعاف (7(.489/3

النظارة على الوقف

318

والعبث، ويأثم القايض برتكه الناظر اخلائن))).وال يعزل القايض الناظر إال بخيانة ظاهرة بيانة، وال يعزله بمجرد الطعن يف أمانته أو

جمرد شكاية املستحقني للوقف بل حتى يثبتوا عليه خيانة))).ويعترب الناظر خائنا يف الصور اآلتية:

)( إذا ترصف الناظر ترصفا يؤدي إىل ضياع الوقف أو غلته أو تلفهام.ومن أمثلة ذلك ما يأيت: بيع الناظر الوقف أو بعضه)3)؛ ادعاء الناظر أن الوقف ملكه)4)؛ عىل منه خياف ممن الوقف الناظر أجر إذا للوقف)5)؛ شيئا يتلف من الناظر يمنع مل إذا أن يمكنه ما الوقف الناظر من غلة يد التعمري، وكان يف الناظر عن امتنع إذا الوقف)6)؛ يعمر به وأجربه القايض عىل العامرة، ومل يقم هبا)7)؛ إذا هتاون الناظر يف استخلص الريع

من املستأجر)8).دار الناظر لو سكن يأيت: ما أمثلة ذلك له. ومن منفعة فيه الناظر ترصفا إذا ترصف )(الوقف ولو بأجر املثل، ألنه ال جيوز له السكنى ولو بأجر املثل)9)؛ إذا زرع الناظر أرض عىل الوقف غلة من الناظر رصف إذا منه)0))؛ والنفقة البذر كان ولو لنفسه الوقف

نفسه)))).الناظر إذا أعار يأيت: أمثلة ذلك ما بالوقف. ومن الناظر ترصفا فيه رضر إذا ترصف )3

))) البحر الرائق 5/)5)، 65)، ورشح فتح القدير 5/)44، والدر املختار ورد املحتار 384/3-385، ورشح روض الطالب )/)47.

))) البحر الرائق 5/)5)، 65)، والدر املختار ورد املحتار 9/3)4، والعقود الدرية )/))).)3) البحر الرائق 53/5)، وحاشية ابن عابدين 384/3، والعقود الدرية )/0)).

)4) اإلسعاف ص 60، والعقود الدرية )/0)).)5) البحر الرائق 53/5).

)6) اإلسعاف ص 69، والعقود الدرية )/0)).)7) أحكام األوقاف للخصاف ص )0)، والبحر الرائق 5/)5)-53)، وحاشية ابن عابدين 384/3.

)8) العقود الدرية )/0)).)9) حاشية ابن عابدين 384/3.

)0)) أحكام األوقاف للخصاف 69)، والبحر الرائق 5/)6)، وحاشية ابن عابدين 385-384/3.)))) العقود الدرية )/0)).

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

319

الوقف)))؛ إذا أجر الناظر الوقف بأقل من أجر املثل مما ال يتغابن الناس يف مثله وكان عاملا بذلك، أما إن فعل الناظر ذلك عن طريق السهو والغفلة وكان مأمونا مل تكن خيانة من الناظر وال خيرج القايض الوقف من يده، وإنام يأمره بإجارته باألصلح)))؛ إذا قدم

الناظر الرصف عىل املستحقني عىل العامرة)3).4( إذا مل يراع الناظر رشط الواقف)4). كام إذا مل يعط الناظر املوقوف عليهم ما رشط هلم)5)،

أو امتنع الناظر من إعارة الكتب املوقوفة)6).5( إذا ادعى الناظر أمرا يكذبه الظاهر فإنه تزول أمانته وتظهر خيانته)7).

واملسائل واألحكام التي أوردنامها يف الفسق من انعزال الناظر بالفسق أم باستحقاقه العزل به، وتوبة الناظر الفاسق، وعدم جتزيء الفسق وما فيهام من خلف جتريان يف خيانة الناظر أيضا.

ج( العجز:اختلف الفقهاء يف اعتبار العجز من موجبات عزل الناظر عىل قولني:

واحلنابلة)))) والشافعية)0)) واملالكية)9) احلنفية)8) فقهاء جلمهور األول: القول *واإلمامية))))، وهو أن العجز من موجبات عزل الناظر، فإذا عجز الناظر عن قيامه بأعامل املقصود هذا وال حيصل وتنميته الوقف حفظ النظارة عنها؛ ألن مقصود انعزل النظارة

بالعجز. وجيب عىل القايض عزل الناظر إذا كان عاجزا نظرا ملصلحة الوقف)3)).

))) البحر الرائق 57/5).))) أحكام األوقاف للخصاف ص 05)، والبحر الرائق 58/5)، وحاشية ابن عابدين 400/3-)40، والعقود الدرية

.((0/()3) العقود الدرية )/0)).

)4) العقود الدرية )/0))، وكشاف القناع 70/4).)5) حاشية ابن عابدين 385/3.)6) حاشية ابن عابدين 384/3.

)7) حاشية ابن عابدين 5/3)4، والعقود الدرية )/7)).

)8) اإلسعاف ص 49، والدر املختار ورد املحتار 385/3.)9) الذخرية 9/6)3.

)0)) رشح روض الطالب )/)47.)))) كشاف القناع 70/4).

)))) الروضة البهية 77/3).)3)) العقود الدرية )/00)، ورشح روض الطالب )/)47، ومغني املحتاج )/393.

النظارة على الوقف

320

ورصح احلنفية بأن العجز الذي يوجب عزل الناظر هو العجز الكيل، الذي ال يستطيع معه الناظر تعاطي مصالح الوقف بالكلية، أما العجز اجلزئي الذي يستطيع معه الناظر فعل ما يفعله أو فلج إن كان الناظر أو طرش أو خرس الكامل: لو عمي العزل))). قال أمثاله فل يوجب

بحيث يمكنه الكلم من األمر والنهي واألخذ واإلعطاء فله األجر الذي عينه له الواقف))).وما رصح به احلنفية هو ما يفهم من مذهب احلنابلة حيث نصوا عىل أنه يضم إىل الناظر

الضعيف قوي أمني)3).عجز فإذا الناظر، عزل موجبات من ليس العجز أن وهو للزيدية، الثاين: القول *

الناظر عن القيام بام يتوجب عليه فإن القايض ال يعزله وإنام يضم إليه من يعينه)4).الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه مجهور الفقهاء من اعتبار العجز من موجبات عزل الناظر. وما رصح به احلنفية من اعتبار العجز الكيل دون العجز اجلزئي جدير باالعتبار لعدم إخلله

باملقصود من النظارة.كام أنه ال يتعارض أيضا مع ما ذهب إليه الزيدية من عدم اعتبار العجز من موجبات عزل الناظر؛ ألنه حممول عىل العجز اجلزئي ال العجز الكيل، بدليل قوهلم: »إن القايض يضم إليه من يعينه«، إذ تدل هذه العبارة عىل أن الناظر يستطيع القيام ببعض أعامل النظارة ومن يضم إليه يعينه يف بقيتها، فيدل ذلك عىل أن املراد بالعجز هو العجز اجلزئي ال الكيل وهبذا بأقواهلم عمل فيه ألن واالختلف، التعارض من أوىل والتوفيق الفقهاء. أقوال تتوافق

مجيعا وهو أوىل من العمل بقول بعضهم وترك أقوال البعض اآلخر.د( املصلحة:

اختلف الفقهاء يف اعتبار املصلحة من موجبات عزل الناظر عىل قولني:

))) رشح فتح القدير 5/)45، والعقود الدرية )/99).))) رشح فتح القدير 5/)45.

)3) كشاف القناع 70/4).)4) رشح األزهار 489/3.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

321

املصلحة أن والزيدية)3)، وهو املالكية))) والشافعية))) فقهاء جلمهور األول: القول *ليست من موجبات عزل الناظر، فل جيوز للقايض عزل الناظر للمصلحة.

* القول الثاين: للحنفية، وهو أن املصلحة من موجبات عزل الناظر، فيجوز للقايض عزل الناظر املنصوب من قبله إذا رأى مصلحة يف ذلك، أما الناظر املنصوب من قبل غريه

فل جيوز له عزله للمصلحة)4).الرتجيح:

نرى األخذ بام ذهب إليه احلنفية إذا كان العزل حيقق النفع واملصلحة للوقف ال للناظر الوقف مصلحة تعارضت إذا ألنه املعزول؛ الناظر مصلحة ذلك عارض وإن اجلديد

ومصلحة الناظر نرى تقديم مصلحة الوقف لعموم نفعه، وما عما نفعه تقدم مصلحته.مسألة: ادعاء الناظر عزله بغري جنحة عند قاض ثان:

إذا أخرج القايض ناظرا عن النظارة ثم مات القايض أو عزل، فتقدم الناظر املخرج إىل القايض الثاين مدعيا بأن ذلك القايض أخرجه بغري جنحة فإن القايض الثاين ال يعيده إىل النظارة؛ ألن أمر األول حممول عىل السداد، وألن قضاء الثاين ليس أوىل من قضاء األول؛ عمل بالقاعدة الفقهية التي تقول: القضاء املبني عىل اجتهاد ال ينقض باجتهاد قاض آخر.ولكن يكلفه أن يقيم عنده بينة أنه أهل وموضع للنظر يف هذا الوقف، فإن فعل أعاده)5).

املبحث الثاين»العزل احلكمي«

النظارة، طريف أحد إرادة عن خارج بسبب يقع الذي العزل هو احلكمي: العزل وأسباب العزل احلكمي هي:

أ( اجلنون:النظارة؛ ألنه انعزل عن الناظر فإذا طرأ اجلنون عىل الناظر اجلنون، من أسباب عزل

))) حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري 88/4.))) مغني املحتاج )/395.)3) رشح األزهار 489/3.

)4) البحر الرائق ومنحة اخلالق 54/5)، وحاشية ابن عابدين 386/3.)5) رشح فتح القدير 5/)45.

النظارة على الوقف

322

وألن ناظرا، كونه عن الناظر وخرج املرشوط زال زال فإذا العقل، الناظر يف يشرتط املجنون ال ينظر يف ملكه املطلق، فل ينظر يف الوقف أوىل))).

وقيد احلنفية اجلنون الذي يعزل بسببه الناظر باجلنون املطبق إذا دام سنة، أما إذا دام أقل من ذلك فل يعزل بسببه))).

ولو برأ الناظر من علته وعاد إليه عقله عادت النظارة إليه إن كانت مرشوطة له من قبل الواقف، أما إن كان منصوبا من قبل القايض فل تعود له النظارة)3).

ب( املوت:يفرق الفقهاء يف اعتبار املوت سببا لعزل الناظر بني كون الناظر منصوبا من قبل القايض

وبني كونه منصوبا من الواقف.ال الناظر أن يف الفقهاء بني خلف ال فإنه القايض قبل من منصوبا الناظر كان فإن )(م شخصا للنظارة كان تقديمه حكام، ينعزل بموت القايض أو عزله؛ ألن القايض إذا قداوأحكام القايض ال تنقض بموته وال بعزله، ولئل تتعطل املصالح ويرتتب الرضر عىل

الوقف بذلك.ومن ثم فإن الناظر يستمر يف عمله وال حيتاج أن يمضيه القايض الذي ويل بعده)4).

وقد تردد الطرسويس يف ذلك فقال: وينبغي أن يكون حمموال عىل ما إذا عمم له الوالية إىل الوالية جعل إذا والواقف الواقف، بمنزلة القايض فإن موته، وبعد حياته يف وواله رجل ثم مات ومل يقل يف حياته وبعد موته تبطل واليته فكذا القايض ...، اللهم أن يقال: إن والية القايض أعم من والية الواقف وفعله حكم فتكون واليته بمنزلة حكمه، وحكمه

ال يبطل بموته وال بعزله)5).وذهب الزيدية إىل أن الناظر إذا كان منصوبا من قبل اإلمام فإنه ينعزل بموته، لبطلن

ما هو فرع عليه)6).))) رشح فتح القدير 5/)45، هناية املحتاج 399/5، كشاف القناع 70/4)، الروضة البهية 77/3).

))) رشح فتح القدير 5/)45، وحاشية ابن عابدين 385/3، والعقود الدرية )/))).)3) رشح فتح القدير 5/)45، وحاشية ابن عابدين 385/3، وهناية املحتاج 339/5.

)4) حاشية ابن عابدين 3/))4، ومواهب اجلليل 40/6، ))، ومغني املحتاج 383/4، كشاف القناع 93/6).)5) أنفع الوسائل 35)-36).

)6) البحر الزخار 65/4)، ورشح األزهار 3/)49-)49.

الباب الرابع : مراقبة الناظر ومحاسبته وتضمينه وعزله

323

)( وإن كان الناظر منصوبا من قبل الواقف فقد اختلف الفقهاء بعزله بسبب موت الواقف عىل قولني:

بموت ينعزل الواقف قبل من املوىل الناظر أن احلنفية، وهو لبعض األول: القول *الناظر وكيل عن النظارة يف حياته وبعد موته؛ ألن للناظر الواقف إذا رشط إال الواقف

الواقف، والوكيل ينعزل بموت املوكل، وهذا عىل قول أيب يوسف املفتى به))).وينبغي أن يكون ذلك كذلك يف موت الويص فينعزل الناظر إن كان منصوبا من قبله.

وما ذكره بعض احلنفية هو ما يستنبط من مذهب املالكية))) والزيدية)3)؛ حيث يقولون ببقاء والية الواقف عىل وقفه وأن له عزل الناظر بغري سبب؛ ألنه وكيله.

قبل من املوىل الناظر أن وهو واإلمامية)6)، واحلنابلة)5) للشافعية)4) اآلخر: القول *الواقف ال ينعزل بموت الواقف النتفاء واليته عىل الوقف، وعليه فل يكون الناظر وكيل عنه، إال أن يرشط الواقف النظارة لنفسه ثم يويل غريه فإنه ينعزل بموت الواقف؛ لكونه

وكيل عنه.بل رصح احلنابلة بأن ناظر الوقف لو وكل يف النظارة مل ينعزل الوكيل بموت الناظر؛

ألنه مترصف عىل غريه)7).وال خيفى أن هذه املسألة متفرعة عن بقاء والية الواقف عىل وقفه، فمن يقول ببقائها فل وكيل يعتربه مل ببقائها يقول ال ومن بموته، فينعزل الواقف عن وكيل الناظر اعترب

ينعزل بموت الواقف.الرتجيح:

نرى األخذ بانعزال الناظر بموت الواقف إال إذا رشط الواقف النظارة له يف حياته وبعد مماته؛ ملا سبق ترجيحه واختياره من بقاء والية الواقف عىل وقفه.

))) أحكام الوقف هللل 03)-04)، ورشح فتح القدير 4/5)4، والبحر الرائق 44/5)، 49)، وحاشية ابن عابدين 385/3.))) مواهب اجلليل 37/6 وما بعدها، وحاشية الدسوقي 88/4.

)3) رشح األزهار 489-488/4.)4) هناية املحتاج 398/5-399، ومغني املحتاج )/395-393.

)5) كشاف القناع 68/4)، )7).)6) الروضة البهية 77/3).)7) كشاف القناع 468/3.

النظارة على الوقف

324

الخاتمة

325

الخـاتمةاحلمد هلل الذي بفضله تتم الصاحلات، والصلة والسلم عىل املبعوث رحة للعاملني، وبعد:النظارة عىل الوقف عرضا حسنا، وأن فأرجو أن أكون قد وفقت يف عرض موضوع أكون قد استوفيت املسائل املتعلقة بالنظارة، وال شك أن هذا عمل برش وهو ال خيلو بحال من األحوال من النقص والزلل، وقد اجتهدت بقدر استطاعتي يف حتري الصواب، فام كان

من خطأ فمني ومن الشيطان، وما كان من صواب فمن اهلل تعاىل.وفيام يأيت أهم ما توصلت إليه من خلل هذه الدراسة:

)) النظارة هي: الوالية عىل الوقف.والناظر هو: املتويل عىل الوقف والقيم عليه أو املرشف عىل املتويل.

)) النظارة عىل الوقف مرشوعة، وجيب نصب ناظر عىل الوقف.3) ال ختلو حقيقة النظارة من أن تكون عقد وكالة أو عقد إيصاء أو والية تثبت ابتداء ملن

يستحقها.4( تنقسم النظارة إىل عدة أقسام باعتبارات خمتلفة:

أ( فتنقسم باعتبار الصفة التي تثبت هبا النظارة للناظر إىل: نظارة أصلية ونظارة مستفادة أو فرعية.

ونظارة عامة نظارة إىل: وعدمه الوقف عىل الناظر نظر عموم باعتبار وتنقسم ب( خاصة.

ج( وتنقسم باعتبار تفويض الناظر بالقيام بجميع أعامل النظارة أو بعضها إىل: نظارة مطلقة ونظارة مقيدة.

د( وتنقسم باعتبار شخصية الناظر إىل: نظارة طبيعية ونظارة اعتبارية.هـ( وتنقسم باعتبار تعدد الناظر وعدم تعدده إىل: نظارة فردية ونظارة مجاعية.

و( وتنقسم باعتبار وجود مرشف عىل الناظر أو عدم وجوده إىل: نظارة إرشافية ونظارة غري إرشافية.

5) أركان النظارة يف حقيقتها أربعة هي: مفوض النظارة، والناظر، والصيغة واملنظور عليه. ض النظارة وهو من له والية نصب الناظر، وهو الواقف ثم وصية أ( الركن األول: مفو

النظارة على الوقف

326

ثم املوقوف عليه إذا كان معينا ثم القايض.والبلوغ، العقل، طبيعيا شخصا كان إذا فيه ويشرتط الناظر، الثاين: الركن ب( والعدالة، اإلسلم، جهات من جهة أو مسلام عليه املوقوف كان إذا واإلسلم ا أن يعرتف الترشيع هبذه الشخصية والكفاية. ويشرتط فيه إذا كان شخصا اعتباري

بصفة مستقلة عن غريها.معينا، كان إذا عليه واملوقوف ووصيه، الواقف، من لكل األصلية النظارة وتثبت

والقايض.وتثبت النظارة الفرعية ملن رشط الواقف النظارة له ووكيل الواقف.

الثانية: املرتبة النظارة. له رشطت ملن األوىل: املرتبة مراتب: أربع النظار ومراتب للواقف. املرتبة الثالثة: لويص الواقف. املرتبة الرابعة: للموقوف عليه إذا كان معينا أو مجعا

حمصورا، وللقايض إذا كان املوقوف عليه غري معني أو جهة ال تعقل.من وقبول النظارة ض مفوا من إجياب عن عبارة وهي الصيغة، الثالث: الركن ج( الناظر، وال يشرتط يف صيغة النظارة ألفاظ معينة فتنعقد النظارة بكل لفظ يدل عىل

معناها.وتعترب مبارشة الناظر أعامل النظارة قبوال، وال يعترب سكوته قبوال. وال يشرتط فورية

القبول لصحة النظارة، فتصح النظارة مع تراخي القبول.د( الركن الرابع: املنظور عليه، وهو العني املوقوفة، ويشرتط فيه رشوط الوقف.

6) حكم النظارة: هو ثبوت والية الترصف للناظر يف العني املوقوفة.الناظر الناظر؛ وإلزام إىل املوقوفة العني بتسليم النظارة ض إلزام مفو للنظارة حقان: (7

بمبارشة أعامل النظارة.النظارة من عقود اللزمة؛ اجلائزة غري العقود النظارة من يأيت: ما النظارة 8( خصائص الشكلية؛ غري الرضائية العقود من النظارة املستمرة؛ العقود من النظارة األمانات؛

النظارة قد تكون عقد تربع وقد تكون عقد معاوضة.عليه جيب وأعامل هبا، القيام عليه جيب أعامل يف اإلطلق عند الناظر وظيفة تتمثل (9

االمتناع عنها، وأعامل جائزة، وذلك عىل النحو اآليت:

الخاتمة

327

والنفقة بعامرته الوقف حفظ فهي: هبا القيام الناظر عىل جيب التي األعامل فأما أ( الغلة وحتصيل الوقف، واستغلل الواقف، رشوط وتنفيذ فيه، واملخاصمة عليه أجور وحتديد الوقف وظائف يف والتقرير املستحقني، حقوق وأداء وحفظها،

املوظفني، وحتري األحظ واألنفع للوقف.الوقف واستبداله، إبدال الناظر االمتناع عنها فهي: التي جيب عىل ب( وأما األعامل وبإذن غلة للوقف يكون أال وبرشط احلاجة عند إال الوقف عىل واالستدانة القايض، وتأجري الوقف ملدة طويلة، والترصف يف الوقف ترصف امللك، والزيادة

يف عني الوقف، وإحداث الوظائف.ج( واألعامل اجلائزة لناظر الوقف هي: إقامة الناظر غريه يف نظارة الوقف، واستثامر ما

فضل من غلة الوقف، وإجراء تغيري يف الوقف.0)) تتمثل وظيفة الناظر عند التقييد باألعامل التي حددها له الواقف فقط دون بقية أعامل النظارة، فالذي جيب عىل الناظر فعله عند التقييد هو العمل الذي حدده له الواقف أو

القايض، والذي جيب عىل الناظر االمتناع عنه عند التقييد شيئان:أ( بقية أعامل النظارة التي أسندها الواقف أو القايض إىل ناظر آخر.ب( األعامل التي جيب عىل الناظر االمتناع عنها يف النظارة املطلقة.

))) النظارة قد تكون بأجر وقد تكون بغري أجر، وقد نصا الفقهاء عىل حاالت اعتربوا الناظر فيها متربعا هي: إن ريض الناظر بالعمل بغري أجر؛ إذا مل يرشط الواقف للناظر أنه يعمل بغري الناظر املعهود من له شيئا وكان ناظرا ومل يعني القايض إذا عني شيئا؛

أجر؛ وكيل الناظر.))) أخذ األجر عىل النظارة مرشوع، وجيوز للناظر أن يأخذ أجره من غلة الوقف.

3)) الذي يقدر أجر الناظر إما الواقف أو القايض، وذلك عىل النحو اآليت:أ( حق الواقف يف تقدير أجر الناظر مطلق، فله أن يقدر ما شاء للناظر من األجر وإن زاد عن أجر املثل، ويستحق الناظر ما قدره له الواقف إال إذا قدر له الواقف أقل من أجر املثل ومل يرض الناظر بذلك، فله أن يرفع األمر إىل القايض لريفع له أجره

إىل أجر املثل.

النظارة على الوقف

328

ب( يقدر القايض أجر الناظر يف حالة ما إذا مل يقدر الواقف للناظر أجرا، وحالة ما إذا قدر الواقف للناظر أجرا أقل من أجر املثل، ويف كلتا احلالتني يقدر القايض للناظر

أجر املثل.4)) يشرتط الستحقاق الناظر األجر رشطان: الرشط األول: أن يكون األجر مقدرا، فإن الناظر أال يعمل إال مل يكن األجر مقدرا من الواقف أو القايض فإن كان املعهود من بأجر فإنه يستحق أجر مثله، وإن كان املعهود منه أنه يعمل بغري أجر فل يستحق شيئا.

الرشط اآلخر: العمل.5)) إذا كان أجر الناظر مقدرا من الواقف أو القايض فإنه يستحق أجره من وقت مبارشته كان إن أيضا املبارشة وقت من أجره يستحق فإنه منهام مقدرا يكن مل وإن للنظارة، املعهود منه أنه ال يعمل إال بأجرة، وإن كان املعهود منه أنه ال يعمل بأجرة فإنه يستحق

أجره من حني رفع األمر إىل القايض.ا، يراقب أعامل النظار، وذلك بطريقتني: الطريقة األوىل: أن 6)) يعترب القايض ناظرا عاميتوىل القايض بنفسه مراقبة أعامل النظار واإلرشاف عليهم، فإن فعل الناظر ما ال يسوغ

له فعله اعرتض عليه القايض. الطريقة الثانية: أن يضم القايض للناظر ثقة أمينا.7)) لكل من املستحقني والقايض حماسبة الناظر.

إىل والدفع الغلة رصف يف ادعاه فيام يمني بل قوله يقبل فإنه أمينا الناظر كان إذا ((8املستحقني، وإن كان الناظر غري أمني أو كان أمينا واهتمه القايض أو طعن يف أمانته ومل أمرا أو ادعى الناظر بيمينه. وإذا ظهرت خيانة من يقبل قوله فإنه بينة عىل ذلك تقم

يكذبه الظاهر فإنه ال يقبل قوله إال ببينة.وال يقبل قول الناظر يف الدفع ألرباب الوظائف.

تقصري صور ومن التعدي. أو بالتقصري إال تلف ما يضمن ال أمانة، يد الناظر يد ((9إذا والتجهيل الناظر، ترصف يف املصحلة ظهور وعدم احلفظ، يف اإلمهال الناظر: الوقف الناظر يف الناظر: االستهلك، وترصف تعدي الناظر فجأة. ومن صور مات ملصلحته، وترصف الناظر يف الوقف بخلف مصلحة الوقف، ورصف الغلة بخلف

رشط الواقف.

الخاتمة

329

0)) ال يضمن الناظر يف احلاالت اآلتية:. أ( ما تلف أو ضاع من غري تقصري من الناظر وال تعد

ب( ما فعله الناظر بإذن القايض.ج( اإلكراه.

د( ما ادعاه الناظر.ا، وإما أن يكون عزال حكميا. فالعزل القصدي ))) عزل الناظر إما أن يكون عزال قصديالعزل احلكمي اجلنون النظارة، وأسباب الناظر وقد يكون من مفوض قد يكون من

واملوت.))) جيوز للواقف أن يعزل نفسه عن نظارة الوقف، وينعزل بعزل نفسه. ومن صور عزل

الناظر نفسه النزول عن وظيفة النظارة، وإقرار الناظر بالنظارة لغريه.3)) جيوز للواقف أن يعزل الناظر، وحقه يف العزل مطلق فله عزله متى شاء ولو من غري

سبب.4)) جيوز لويص الواقف وللموقوف عليه املعني عزل الناظر املنصوب من قبلهام.

5)) جيوز للقايض عزل الناظر، وحقه يف عزله ليس مطلقا بل مقيد بظهور سبب موجب للعزل سواء كان الناظر منصوبا من قبله أم من قبل غريه، وموجبات عزل الناظر هي:

ب( اخليانة.أ( الفسق.

د( املصلحة.ج( العجز.

هذا ما يرسه اهلل يل، وأسأل اهلل العيل القدير أن جيعل هذا العمل يف ميزاين، وأن يكون من العلم النافع الذي ينفع صاحبه بعد وفاته، قال رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص: »إذا مات اإلنسان انقطع عنه عمله إال من ثلثة: إال من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له«))).

وصىل اهلل عىل سيدنا حممد وعىل آله وصحبه وسلم.

))) أخرجه مسلم 55/3)).

النظارة على الوقف

330

قائمة المراجع

331

قائمة املراجعأوال: كتب التفسري:

)- أحكام القرآن أليب بكر بن عبداهلل املعروف بابن العريب، مطبعة عيسى احللبي، الطبعة األوىل.)- اجلامع ألحكام القرآن أليب عبداهلل حممد بن أحد القرطبي، دار الكتب املرصية، )95)م.

ثانيا: كتب احلديث النبوي الرشيف:)- التلخيص احلبري يف ختريج أحاديث الرافعي الكبري للحافظ أحد بن عيل بن حجر العسقلين،

رشكة الطباعة الفنية املتحدة بمرص.)- الدراية يف ختريج أحاديث اهلداية للحافظ أحد بن عيل بن حجر العسقلين، مطبعة الفجالة

بمرص 964)م.3- سنن ابن ماجه أليب عبد اهلل بن يزيد القزويني، مطبعة عيسى احللبي، )95)م.

4- سنن أيب داود أليب داود سليامن بن األشعث السجستاين، مطبعة عيسى احللبي، )95)م.5- سنن الرتمذي أليب عيسى حممد بن عيسى بن سورة، مطبعة مصطفى احللبي، 937)م.

6- سنن أيب داود أليب داود سليامن بن األشعث، مطبعة عيسى احللبي، )95)م.7- سنن الرتمذي أليب عيسى حممد بن عيسى بن سورة، مطبعة مصطفى احللبي، 937)م.

8- سنن الدار قطني لعيل بن عمر الدار قطني، دار املحاسن بالقاهرة، 966)م.9- السنن الكربى أليب بكر أحد بن احلسني بن عيل البيهقي، جملس دائرة املعارف العثامنية بحيدر

آباد، اهلند، )35)هـ.0)- سنن النسائي أليب عبد الرحن أحد بن شعيب النسائي، املطبعة املرصية باألزهر.

))- رشح صحيح مسلم أليب زكريا حييى بن رشف النووي، املطبعة املرصية باألزهر، 930)م.))- صحيح ابن خزيمة أليب بكر حممد بن إسحاق بن خزيمة السلامي، املكتب اإلسلمي.

3)- صحيح البخاري مع رشحه فتح الباري ألحد بن عيل حجر العسقلين، الطبعة السلفية.

4)- صحيح مسلم أليب احلسني مسلم بن احلجاج القشريي، مطبعة عيسى احللبي، 955)م.5)- عمدة القارئ رشح صحيح البخاري للحافظ أيب حممد حممود بن أحد العيني، املطبعة املنريية.الكربى التجارية املكتبة املناوي، الرؤوف عبد ملحمد الصغري اجلامع رشح القدير فيض -(6

بمرص، 938)م.

النظارة على الوقف

332

القديس مكتبة اهليثمي، بكر أيب بن عيل الدين نور للحافظ الفوائد ومنبع الزوائد جممع -(7بالقاهرة، 353)م.

دائرة النيسابوري، حممد بن اهلل عبد بن حممد احلاكم للحافظ الصحيحني عىل املستدرك -(8املعارف النظامية بحيدر آباد، اهلند، )34)هـ. 9)- املسند لإلمام أحد بن حنبل، املطبعة امليمنية.

اجلنان دار البوصريي، الكناين بكر أيب بن ألحد ماجه ابن زوائد يف الزجاجة مصباح -(0986)م، الطبعة األوىل.

))- املصنف يف األحاديث واآلثار للحافظ عبد اهلل بن حممد بن أيب شيبة، الدار سلفية، بومباي اهلند، 980)م.

))- املوطأ لإلمام مالك بن أنس، مطبعة عيسى احللبي، )95)م.3)- نصيب الراية ألحاديث اهلداية للعلمة مجال الدين أيب حممد عبد اهلل بن يوسف الزيلعي،

مطبعة دار املأمون بمرص، 938)م

ثالثا: كتب البالغة واملعاجم والتعريفات: 4)- أساس البلغة أليب القاسم حممود بني عمر الزخمرشي، مطبعة دار الكتب املرصية بالقاهرة،

))9)م.5)- تاج العروس للسيد حممد مرتىض الزبيدي، املطبعة اخلريية بمرص، 306)هـ، الطبعة األوىل

6)- التعريفات لعيل بن حممد اجلرجاين، مطبعة مصطفى احللبي.7)- هتذيب األسامء واللغات أليب زكريا حميي بن رشف النووي، املطبعة املنريية.

8)- دستور العلامء للقايض بن عبد الرسول األحد نكري، دائرة املعارف النظامية بحيدر آباد، اهلند، الطبعة األوىل.

9)- طلبة الطلبة لعمر بن حممد النسفي، دار القلم، بريوت، 986)م.بمرص، امليمنية املطبعة آبادي، الفريوز الشريازي يعقوب بن ملحمد املحيط القاموس -30

9)3)هـ.دمشق، القومي، واإلرشاد الثقافة وزارة الكفوي، موسى بن أيوب البقاء أليب الكليات -3(

الطبعة الثانية.)3- لسان العرب أليب الفضل حممد بن مكرم بن منظور، دار صائد ودار بريوت، 955)م.

قائمة المراجع

333

33- متن اللغة للشيخ أحد رضا، دار مكتبة احلياة، بريوت، 958)م.34- خمتار الصحاح ملحمد بن أيب بكر الرازي، دار املعارف بمرص، 973)م.

35- املصباح املنري ألحد بن حممد املقري الفيومي، دار الكتب العلمية، بريوت، 978)م.36- املطلع عىل أبواب املقنع أليب عبد اهلل بن أيب الفتح البعيل، املكتب اإلسلمي، 965)م.

37- معجم مقاييس اللغة أليب احلسني أحد بن فارس بن زكريا، مطبعة عيسى احللبي، )37)هـ.38- املعجم الوسيط، إصدار جممع اللغة العربية بمرص، مطبعة مرص، 960)م.

املعارف دائرة املطرزي، جملس السيد عبد بن نارص الفتح املعرب أليب ترتيب املغرب يف -39النظامية بحيدر آباد، اهلند، 8)3)هـ.

40- النظم املستعذب يف رشح غريب املهذب مطبوع مع املهذب ملحمد بن أحد بن بطال، دار املعرفة، بريوت، 959)م.

)4- أحكام األوقاف أليب بكر أحد بن عمرو الشيباين املعروف باخلصاف، مطبعة ديوان عموم األوقاف املرصية 904)م.

رابعا: كتب الفقه:

أ( الفقه احلنفي: )4- أحكام الصغار ملحمد بن حسني األسرتوشني، دار الفضيلة بالقاهرة.

اهلند، آباد، العثامنية بحيدر املعارف دائرة الرأي، الوقف هللل بن حييى بن مسلم 43- أحكام 355)هـ.

44- االختيار لتعليل املختار لعبد اهلل بن حممود املوصيل، دار املعرفة، بريوت، 975)م، الطبعة الثالثة.

اهلندية املطبعة الطرابليس، بكر أيب بن موسى بن ألبراهيم األوقاف أحكام يف اإلسعاف -45بالقاهرة، 0)3)هـ.

العلمية، بريوت، بابن نجيم، دار الكتب إبراهيم الشهري الدين بن 46- األشباه والنظائر لزين 985)م.

الرشق، مطبعة الطرسويس، أحد بن عيل بن إلبراهيم املسائل حترير إىل الوسائل أنفع -476)9)م.

الطبعة بالقاهرة، العلمية املطبعة إبراهيم، بن الدين لزين الدقائق كنز الرائق رشح البحر -48

النظارة على الوقف

334

األوىل.49- بدائع الصنائع أليب بكر بن مسعود بن أحد الكاساين، املطبعة اجلاملية بمرص، 8)3)هـ.

50- تبيني احلقائق رشح كنز الدقائق لعثامن بن عيل الزيلعي، املطبعة األمريية، 3)3)هـ.الشلبي، أحد الدين لشهاب املحتار رد هبامش مطبوع احلقائق تبيني عىل الشلبي حاشية -5(

املطبعة األمريية، 3)3)هـ.)5- الدر املختار هبامش رد املحتار ملحمد بن عيل بن حممد احلصكفي، مطبعة بوالق، )7))هـ. 53- الدر املنتقى يف رشح امللتقى مطبوع هبامش جممع األهنر ملحمد بن عيل بن حممد احلصكفي،

دار الطباعة العامرة، 6)3)هـ.54- رد املحتار عىل الدر املختار )حاشية ابن عابدين ( ملحمد أمني بن عمر بن عبد العزيز املعروف

بابن عابدين، مطبعة بوالق، )7))هـ. 55- روضة القضاة أليب القاسم عيل بن حممد السمناين، مؤسسة الرسالة، بريوت، 984)م.

56- رشح فتح القدير ملحمد بن عبد الواحد بن عبد احلميد، املطبعة امليمنية، 306)هـ.57- رشح جملة األحكام العدلية لعيل حيدر، دار الكتب العلمية، بريوت.

58- العقود الدرية يف تنقيح الفتاوى احلامدية ملحمد أمني بن عمر بن عبد العزيز املعروف بابن عابدين، املطبعة األمريية ببوالق، 300)هـ.

امليمنية، املطبعة البابريت، حممود بن ملحمد القدير فتح هبامش مطبوع اهلداية عىل العناية -59306)هـ.

60- الفتاوى اهلندية ملجموعة من علامء اهلند، املطبعة األمريية ببوالق، 0)3)هـ.اخلوارزمي الدين شمس بن الدين جللل القدير فتح بذيل مطبوع اهلداية عىل الكفاية -6(

الكرالين، املطبعة امليمنية، 306)هـ. )6- كنز احلقائق مطبوع مع تبيني احلقائق أليب الربكات عبد اهلل بن أحد النسفي، املطبعة األمريية،

3)3)هـ.63- املبسوط ملحمد بن أحد بن أيب سهل الرسخيس، مطبعة السعادة بمرص، )33)هـ.

64- جممع األهنر رشح ملتقى األبحر لعبد اهلل بن حممد بن سليامن املعروف بداماد أفندي، املطبعة العثامنية، 7)3)هـ.

65- جممع الضامنات لغانم بن حممد البغدادي ، املطبعة اخلريية بمرص، 308)هـ، الطبعة األوىل.

قائمة المراجع

335

حسني احلاج مطبعة طبعة اخلادمي، حممد سعيد أليب احلقائق جمامع رشح الدقائق منافع -66أفندي، االستانة، تركيا، 308)هـ.

67- منحة اخلالق عىل البحر الرائق ملحمد أمني بن عمر بن عبد العزيز املعروف بابن عابدين، املطبعة العلمية بمرص، الطبعة األوىل.

68- اهلداية مطبوع مع رشح فتح القدير لعيل بن أيب بكر بن عبد اجلليل املرغيناين، املطبعة امليمنية، 306)هـ.

ب( الفقه املالكي: 69-البهجة يف رشح التحفة أليب احلسن عيل بن عبد السلم التسويل، مطبعة مصطفى احللبي،

)95)م. 70- التاج واإلكليل ملخترص خليل مطبوع هبامش مواهب اجلليل ملحمد بن يوسف العبدري

الشهري باملواق، مكتبة النجاح، ليبيا.)7- حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري ملحمد بن أحد بن عرفة الدسوقي، مطبعة عيسى احللبي. )7- حاشية الرهوين عىل رشح الزرقاين ملحمد بن أحد بن حممد الرهونى، املطبعة األمريية ببوالق

7)3)هـ.73- حاشية الصاوي عىل الرشح الصغري ألحد بن حممد الصاوي، دار املعرفة، القاهرة.

74- حاشية العدوي عىل رشح اخلريش عىل خمترص خليل مطبوع هبامش رشح اخلريش لعيل بن أحد الصعيدي العدوي، املطبعة األمريية ببوالق، 7)3)هـ.

75- حاشية العدوي عىل كفاية الطالب الرباين لعيل بن أحد الصعيدي العدوي، مطبعة مصطفى احللبي، 938)م.

76- الذخرية ألحد بن إدريس بن عبد الرحن القرايف، دار الغرب اإلسلمي، بريوت، 994)م.77- رشح اخلريش عىل خمترص خليل ملحمد بن عبد اهلل بن عيل اخلريش، املطبعة األمريية ببوالق،

7)3)هـ.78- رشح الزرقاين عىل خمترص خليل للشيخ عبد الباقي الزرقاين، مطبعة حممد أفندي مصطفى

بمرص، 307)هـ.79- الرشح الصغري عىل أقرب املسالك إىل مذهب اإلمام مالك ألحد بن حممد بن أحد الدردير،

دار املعرفة، القاهرة.

النظارة على الوقف

336

80- الرشح الكبري عىل خمترص خليل هبامش حاشية الدسوقي ألحد بن حممد بن أحد الدردير، مطبعة عيسى احللبي.

)8- عقد اجلواهر الثمينة يف مذهب عامل املدينة جللل الدين بن عبد اهلل بن نجم بن شاس، دار الغرب اإلسلمي، بريوت، 995)م.

الفتوى عىل مذهب اإلمام مالك أليب عبد اهلل حممد بن أحد عليش، املالك يف العيل فتح -8(مطبعة مصطفى احللبي، 958)م.

83- الفروق ألحد بن إدريس بن عبد الرحن القرايف، دار إحياء الكتب العربية بمكة املكرمة، 344)هـ، الطبعة األوىل.

84- الفواكه الدواين رشح رسالة ابن أيب زيد القريواين ألحد بن غنيم النفراوي، مطبعة مصطفى احللبي، 955)م.

85- قوانني األحكام الرشعية ملحمد بن أحد بن جزي، دار القلم، بريوت.86- كفاية الطالب الرباين لرسالة ابن أيب زيد القريواين أليب احلسن عيل بن حممد املنويف، مطبعة

مصطفى احللبي، 938)م.87- املعيار املعرب واجلامع املغرب عن فتاوى علامء أفريقية واألندلس واملغرب ألحد بن حييى

الونرشييس، دار الغرب اإلسلمي، بريوت، )98)م. 88- مواهب اجلليل لرشح خمترص خليل ملحمد بن حممد بن عبد الرحن احلطاب، مكتبة النجاح،

ليبيا.

ج( الفقه الشافعي: 89- األحكام السلطانية لعيل بن حممد بن حبيب املاوردي، دار الكتب العلمية، بريوت، 978)م.90- أدب القضاء أليب إسحاق إبراهيم بن عبد اهلل املعروف بابن أيب الدم، دار الفكر، سورية،

)98)م.)9- األشباه والنظائر لعبد الرحن بن أيب بكر بن حممد السيوطي، دار الكتب العلمية، بريوت،

983)م.)9 - إعانة الطالبني عىل حل ألفاظ فتح املعني أليب بكر املشهور بالسيد البكري بن السيد حممد

الدمياطي، مطبعة مصطفى احللبي، 938)م.93- األم لإلمام حممد بن إدريس الشافعي، مكتبة الكليات األزهرية، )96)م.

قائمة المراجع

337

94- حتفة املحتاج ألحد بن حممد بن عيل اهليتمي، املطبعة امليمنية، 5)3)هـ.95- حاشية ابن قاسم العبادي عىل حتفة املحتاج مطبوع مع حتفة املحتاج ألحد ابن قاسم العبادي،

املطبعة امليمنية، 5)3)هـ.التجارية املكتبة البجريمي، عمر بن لسليامن الطلب منهج رشح عل البجريمي حاشية -96

الكربى بمرص.بالقاهرة، الكربى التجارية املكتبة للشيخ سليامن اجلمل، املنهج 97- حاشية اجلمل عىل رشح

357)هـ.98- حاشية الرميل عىل رشح روض الطالب مطبوع مع رشح روض الطالب أليب العباس أحد

الرميل الكبري، املكتبة اإلسلمية.الشربامليس، بن عيل لعيل املحتاج املحتاج مطبوع مع هناية الشربامليس عىل هناية 99- حاشية

مطبعة مصطفى احللبي، 967)م.00)- حاشية الرشواين عىل حتفة املحتاج للشيخ عبد احلميد الرشواين، املطبعة امليمنية، 5)3)هـ.

)0)- حاشية القليويب عىل رشح املحىل ألحد بن أحد بن سلمة، مطبعة عيسى احللبي.)0)- احلاوي للفتاوى لعبد الرحن بن أيب بكر السيوطي، مطبعة مصطفى احللبي، 938)م.

03)- احلاوي الكبري لعيل بن حممد بن حبيب املاوردي، دار الفكر، 994)م. 04)- روضة الطالبني ليحيى بن رشف النووي، املكتب اإلسلمي، بريوت، 975)م.

05)- رشح روض الطالب لزكريا بن حممد بن زكريا األنصاري، املكتبة اإلسلمية.06)- رشح املحىل هبامش حاشية القليويب وعمرية جللل الدين املحيل، مطبعة عيسى احللبي.

07)- رشح املنهج هبامش حاشية اجلمل لزكريا بن حممد بن زكريا األنصاري، املكتبة التجارية بالقاهرة، 357)هـ.

08)- فتاوى الرميل مطبوع هبامش الفتاوى الكربى لشهاب الدين أحد بن أحد بن حزة الرميل، املكتبة اإلسلمية.

09)- الفتاوى الكربى الفقهية ألحد بن حممد بن عيل اهليتمي، طبعة املكتبة اإلسلمية.0))- مغني املحتاج ملحمد الرشبيني اخلطيب، مطبعة مصطفى احللبي، 958)م.

والشئون األوقاف وزارة الزركيش، اهلل عبد بن هبادر بن ملحمد القواعد يف املنثور -(((اإلسلمية، الكويت.

النظارة على الوقف

338

الطبعة املعرفة، بريوت، 959)م، دار الشريازي، بن عيل إبراهيم املهذب أليب إسحاق -(((الثانية.

3))- هناية املحتاج ملحمد بن أحد بن حزة الرميل، مطبعة مصطفى احللبي، 967)م.

د( الفقه احلنبيل:إحياء دار املرداوي، أحد بن سليامن بن لعيل اخللف من الراجح معرفة يف اإلنصاف -((4

الرتاث العريب، بريوت، 980)م، الطبعة الثانية. 5))- التنقيح املشبع يف حترير أحكام املقنع لعيل بن سليامن بن أحد املرداوي، املطبعة السلفية.

6))- رشح منتهى اإلرادات ملنصور بن يونس بن صلح الدين ، عامل الكتب، بريوت.7))- الطرق احلكمية يف السياسة الرشعية إلبن القيم اجلوزية، مطبعة السنة املحمدية بالقاهرة،

953)م.8))- الفروع ملحمد بن مفلح بن حممد، دار املعرفة، بريوت.

9))- القواعد لعبد الرحن بن أحد بن لعبد الرحن، دار املعرفة، بريوت.0))- كشاف القناع ملنصور بن يونس بن صلح الدين البهويت، دار الفكر، بريوت )98)م.

)))- جمموعة فتاوى ابن تيمية ألحد بن عبد احلليم بن عبد السلم، الرياض، الطبعة األوىل، 383)هـ.

املكتب الرحيباين، السيوطي مصطفى للشيخ املنتهى غاية رشح النهى أويل مطالب -(((اإلسلمي، دمشق )96)م، الطبعة األوىل.

3))- املغني لعبد اهلل بن أحد بن حممد بن قدامة، هجر، )99)م.

هـ( الفقه الظاهري:4))- املحىل لعيل بن أحد بن سعيد بن حزم، املطبعة املنريية، )35)هـ.

و( الفقه الزيدي:5))- البحر الزخار ألحد بن حييى بن املرتىض، مطبعة السنة املحمدية بالقاهرة 949)م.

6))- رشح األزهار املنتزع من الغيث املدرار لكامئم األزهار يف فقه األئمة األطهار لعبد اهلل بن مفتاح، مطبعة حجازي بالقاهرة، 357)هـ.

قائمة المراجع

339

ز( املذهب األمامي:الرتاث إحياء دار النجفي، للشيخ حممد حسن اإلسلم الكلم يف رشح رشائع 7))- جواهر

العريب، بريوت )98)م، الطبعة السابعة.الرتاث دار إحياء العاميل، الدين اجلعبي لزين الدمشقية اللمعة البهية يف رشح الروضة -((8

العريب، بريوت، )99)م. يف اآلداب مطبعة احليل، احلسن بن جلعفر واحلرام احللل مسائل يف اإلسلم رشائع -((9

النجف، 969)م.30)- املبسوط يف فقه اإلمامية ملحمد بن حسن بن عيل الطويس، دار الكتاب اإلسلمي، بريوت.

)3)- مفتاح الكرامة يف رشح قواعد العلمة ملحمد اجلواد بن حممد بن حممد احلسيني العاميل، املطبعة الرضوية بالقاهرة، 4)3)هـ.

ح( املذهب األبايض:)3)- رشح كتاب النيل وشفاء العليل ملحمد بن يوسف أطفيش، دار الفتح، بريوت، )97)م.33)- اإليضاح لعامر بن عيل الشامخي، وزارة الرتاث القومي والثقافة بسلطنة عامن، 983)م.

34)- املصنف ألحد بن عبد اهلل الكندري، وزارة الرتاث القومي والثقافة بسلطنة عامن، 984)م.

خامسا: كتب الفقه العام: 35)- أحكام املعاملت الرشعية للشيخ عيل اخلفيف، دار الفكر العريب، الطبعة الثالثة. 36)- أحكام الوقف واملواريث ألحد إبراهيم بك، املطبعة السلفية بالقاهرة، 937)م.

37)- قانون الوقف مطبوع ضمن جمموعة القوانني املرصية املختارة من الفقه اإلسلمي ملحمد فرج السنهوري، مطبعة مرص بالقاهرة، 949)م.

38)- املدخل الفقهي العام للدكتور مصطفى الزرقا، مطابع ألف باء، دمشق، 949)م.39)- املوسوعة الفقهية، إصدار وزارة األوقاف والشؤون اإلسلمية، الكويت.

النظارة على الوقف

340

قائمة الكتب والدراسات الصادرة عن األمانة العامة لألوقاف في مجال الوقف والعمل الخيري التطوعي

341

قائمة الكتب والدراسات الصادرة عن األمانة العامة لألوقافيف جمال الوقف والعمل اخلريي التطوعي

أوال: سلسلة الرسائل اجلامعية:حممد اللطيف م.عبد التكنولوجية،)ماجستري(، القدرات تنمية يف اإلسلمي الوقف دور -(

الرصيخ، 5)4)هـ/004)م، ]الطبعة الثانية )43) هـ/0)0)م[.]الطبعة 7)4)هـ/006)م، الشعيب، اهلل عبد خالد د. )دكتوراه(، الوقف، عىل النظارة -(

الثانية منقحة )44) هـ/9)0)م[.نموذجا«، الكويت بدولة لألوقاف العامة »األمانة املدين املجتمع تنمية يف الوقف دور -3

)دكتوراه(، د. إبراهيم حممود عبد الباقي، 7)4)هـ/006)م.سعد اهلل د.عبد )ماجستري(، الكويت، بدولة األوقاف أموال استثامرات كفاءة تقييم -4

اهلاجري،7)4)هـ/006)م، ]الطبعة الثانية منقحة 436) هـ/5)0)م[.البقاع »حمافظة استثامره وطرق إدارته )943)-000)م( لبنان يف اإلسلمي الوقف -5

نموذجا«،)دكتوراه(، د. حممد قاسم الشوم، 8)4)هـ/007)م. 6- دراسة توثيقية للعمل التطوعي يف دولة الكويت: مدخل رشعي ورصد تارخيي، )دكتوراه(،

د. خالد يوسف الشطي، 8)4)هـ/007)م، ]الطبعة الثانية )43)هـ/0)0)م[.7- فقه استثامر الوقف ومتويله يف اإلسلم )دراسة تطبيقية عن الوقف يف اجلزائر(، )دكتــوراه(،

د. عبد القادر بن عزوز، 9)4) هـ/008)م.غانم، سليم مجال عصام )ماجستري(، )50))-798)م(، بمرص التعليم يف الوقف دور -8

9)4) هـ/008)م.9- دور املؤسسات اخلريية يف دراسة علم السياسة يف الواليات املتحدة األمريكية/دراسة حالة

مؤسسة فورد )950)-004)(، )ماجستري(، رهيام أحد خفاجي، 430)هـ/009)م.0)- نظام النظارة عىل األوقاف يف الفقه اإلسلمي والتطبيقات املعارصة )النظام الوقفي املغريب

نموذجا(، )دكتوراه(، د. حممد املهدي، )43) هـ/0)0)م.))- إسهام الوقف يف متويل املؤسسات التعليمية والثقافية باملغرب خلل القرن العرشين )دراسة

حتليلية(، )ماجستري(، عبد الكريم العيوين، )43)هـ/0)0)م. اجلزائر األوقاف يف إىل حالة اإلشارة )مع والتطبيق النظرية بني األوقاف واستثامر ))- متويل

وعدد من الدول الغربية واإلسلمية(، )دكتوراه(، د. فارس مسدور، )43)هـ/))0)م.

النظارة على الوقف

342

3)- الصندوق الوقفي للتأمني، )ماجستري(، هيفاء أحد احلجي الكردي، )43)هـ/))0)م.املفرجي، خالد زياد د. العراق،)ماجستري(، يف األوقــاف إلدارة القانوين التنظيم -(4

)43)هـ/))0)م.د. كامل )دكتوراه(، اجلزائر(، )دراسة حالة األوقاف قطاع ملؤسسات اإلداري اإلصلح -(5

منصوري، )43)هـ/))0)م.6)- الوقف اجلريب يف مرص ودوره يف التنمية االقتصادية واالجتامعية والثقافية من القرن العارش بن مهني بن أحد )ماجستري(، نموذجا(، اجلاموس )وكالة اهلجريني الرابع عرش القرن إىل

سعيد مصلح، 433)هـ/))0)م.7)- التأمني التعاوين من خلل الوقف اإلسلمي )املشكلت واحللول يف ضوء جتربتي باكستان

وجنوب إفريقيا(، )ماجستري(، مصطفى بسام نجم، 435)هـ/3)0)م.8)- وقف حقوق امللكية الفكرية )دراسة فقهية مقارنة(، )دكتوراه(، د. حممد مصطفى الشقريي،

435) هـ/4)0)م.9)- األمانة العامة لألوقاف يف دولة الكويت ودورها يف تنمية املجتمع )التنمية األرسية نموذجا(،

)ماجستري(، حممد عبد اهلل احلجي، 436) هـ/5)0)م.ما تطبيق مع مقارنة )دراسة باألوقاف خاصة رشعية أحكام بتطبيق السامي األمر -(0الكندري، عيل أحد مريم )ماجستري(، الكويت(، بدولة لألوقاف العامة األمانة به تقوم

437)هـ/6)0)م.الرحن عبد )ماجستري(، فقهية(، )دراسة املعارصة وتطبيقاته األوقاف تعاضد أحكام -((

رخيص العنزي، 437) هـ/6)0)م.))- الوقف النقدي واستثامره يف ماليزيا )خطة مقرتحة لتطبيقه يف نيجرييا(، )دكتوراه(، د.عبد

الكبري بللو أديلين، 438) هـ/6)0)م.3)- الوقف واحلياة االجتامعية يف مدينة دمشق خلل العرص األيويب )570-658هـ/74))-

59))م(، )ماجستري(، مبارك عشوي فلح جازع، 438) هـ/7)0)م.د.حبيب ومدوناهتا،)دكتوراه(، األوقاف أحكام يف وأثرمها الفقهية والضوابط القواعد -(4

غلم رضا نامليتي، )44) هـ/9)0)م.

ثانيا: سلسلة األبحاث الفائزة يف مسابقة الكويت الدولية ألبحاث الوقف:)- إسهام الوقف يف العمل األهيل والتنمية االجتامعية، د. فؤاد عبد اهلل العمر، ))4)هـ/000)م،

]الطبعة الثانية )43) هـ/0)0)م[.الوقفي، د. أحد حممد السعد وحممد عيل العمري، )- االجتاهات املعارصة يف تطوير االستثامر

))4)هـ/000)م.

قائمة الكتب والدراسات الصادرة عن األمانة العامة لألوقاف في مجال الوقف والعمل الخيري التطوعي

343

3- الوقف والعمل األهيل يف املجتمع اإلسلمي املعارص )حالة األردن(، د. يارس عبد الكريم احلوراين، ))4)هـ/)00)م.

4- أحكام الوقف وحركة التقنني يف دول العامل اإلسلمي املعارص )حالة مجهورية مرص العربية(، عطية فتحي الوييش، 3)4)هـ/)00)م.

جربيل، عيل الفتاح عبد عيل املعارص، مرص تاريخ يف الوقف أحكام تقنني حركة -54)4)هـ/003)م.

مائة عام، خالد السعودية خلل العربية اململكة والثقافة يف التعليم الوقف ودوره يف دعم -6 (43( ومنقحة مزيدة الثانية- ]الطبعة 4)4)هـ/003)م، اخلويطر، عيل بن سليامن بن

هـ/))0)م[.7- دور الوقف يف جمال التعليم والثقافة يف املجتمعات العربية واإلسلمية املعارصة )دولة ماليزيا

املسلمة نموذجا(، د. سامي حممد الصلحات، 4)4)هـ/003)م.8- التطور املؤسيس لقطاع األوقاف يف املجتمعات اإلسلمية )حالة مرص(، مليحة حممد رزق،

7)4)هـ/006)م.اململكة حالة )دراسة املعارصة اإلسلمية املجتمعات يف األوقاف لقطاع املؤسيس التطور -9

العربية السعودية(، حممد أحد العكش، 7)4)هـ/006)م.0)- اإلعلم الوقفي )دور وسائل االتصال اجلامهريي يف دعم وتطوير أداء املؤسسات الوقفية(، د. سامي حممد الصلحات، 7)4)هـ/006)م، ]الطبعة الثانية منقحة )44)هـ/9)0)م[.))- تطوير املؤسسة الوقفية اإلسلمية يف ضوء التجربة اخلريية الغربية )دراسة حالة(، د. أسامة )43)هـــ/0)0)م، ومنقحة الثانية-مزيدة ]الطبعة 8)4)هـــ/007)م، األشقر، عمر

الطبعة الثالثة منقحة )44) هـ/9)0)م[.))- استثامر األموال املوقوفة )الرشوط االقتصادية ومستلزمات التنمية(، د. فؤاد عبد اهلل العمر،

8)4)هـ/007)م.3)- اقتصاديات نظام الوقف يف ظل سياسات اإلصلح االقتصادي بالبلدان العربية واإلسلمية

)دراسة حالة اجلزائر(، ميلود زنكري وسمرية سعيداين، )43)هـ/))0)م.4)- دور الوقف يف إدارة موارد املياه واملحافظة عىل البيئة يف اململكة العربية السعودية، أ.د.نويب

حممد حسني عبد الرحيم، )43)هـ/))0)م.عزوز، بن عبدالقادر د. أ. البيئة، عىل واملحافظة املياه موارد إدارة يف الوقف دور -(5

)43)هـ/))0)م.

النظارة على الوقف

344

6)- أثر سياسات اإلصلح االقتصادي عىل نظام الوقف )السودان حالة دراسية(، الرشيد عيل صنقور، )43)هـ/))0)م.

7)- توثيق األوقاف حاية للوقف والتاريخ )وثائق األوقاف السنية بمملكة البحرين(، حبيب غلم نامليتي، 435)هـ/3)0)م.

هـ/4)0)م، (435 سامل، مبارك أحد ومقارنتها، وقفية حلجج ونامذج األوقاف توثيق -(8]الطبعة الثانية منقحة )44) هـ/9)0)م[.

خمتار الدين نور د. أ. اإلسلمية، للرشيعة العامة املقاصد حتقيق يف الوقف نظام إسهام -(9اخلادمي، 436) هـ/5)0)م، ]الطبعة الثانية منقحة )44) هـ/9)0)م[.

0)- دور الوقف يف تفعيل مقاصد الرشيعة، د. حيد قهوي، 436) هـ/5)0)م.د.رضـا العربية(، مرص مجهورية )حالة واآلليات املعوقات املغتصبة: األوقاف اسرتداد -((

حممد عبد السلم عيسى، 437) هـ/6)0)م.))- دور الوقف يف دعم األرسة، د. عبد القادر بن عزوز، 438) هـ/7)0)م.

رياح، السلم عبد د. الراهنة، املشكلت حل يف اإلسلمي للوقف االجتامعية الوظيفة -(3440) هـ/8)0)م.

النظم منهج وفق تطبيقية )دراسة الوقفية املؤسسات بتطوير وعلقتها الوقف حوكمة -(4اخلبرية(، د. إسامعيل مومني/د. أمني عوييس، 440) هـ/8)0)م.

ثالثا: سلسلة الكتب: حسني حسني ود. غدة أبو الستار عبد د. للوقف، املحاسبية واألسس الفقهية األحكام -(

شحاته، الطبعة األوىل 998)م.)- نظام الوقف يف التطبيق املعارص )نامذج خمتارة من جتارب الدول واملجتمعات(، حترير: حممود للبحوث اإلسلمي املعهد مع بالتعاون 3)4)هـــ/003)م، األوىل الطبعة مهدي، أحد

والتدريب التابع للبنك اإلسلمي للتنمية بجدة.3- استطلع آراء املواطنني حول اإلنفاق اخلريي يف دولة الكويت، إعداد األمانة العامة لألوقاف،

4)4)هـ/003)م. LE WAQF EN ALGÉRIE À L’ÉPOQUE OTTOMANE XVII è - -4

XIXè، د.نارص الدين سعيدوين، 8)4)هـ/007)م ]الطبعة الثانية 430)هـ/009)م[.5- التعديات الصهيونية عىل األوقاف واملقدسات اإلسلمية واملسيحية يف فلسطني )948)-))0)م(،

إبراهيم عبد الكريم، 433)هـ/))0)م.

قائمة الكتب والدراسات الصادرة عن األمانة العامة لألوقاف في مجال الوقف والعمل الخيري التطوعي

345

6- األربعون الوقفية، د. عيسى صوفان القدومي، 436) هـ/5)0)م.عبد لبنى أنموذجا، )اآلفاق-التحديات(/الكويت االجتامعية واملسؤولية الثالث القطاع -7

العزيز صاحلني، 436) هـ/5)0)م.8- مرشوع قانون الوقف الكويتي )يف إطار استثامر وتنمية املوارد الوقفية(، د. إقبال عبد العزيز

املطوع، الطبعة الثانية 437) هـ/5)0)م.9- دور الوقف يف مواجهة الغلو والتطرف، د. حازم عيل ماهر، 437) هـ/6)0)م.

0)- املرأة والوقف.. العلقة التبادلية )املرأة الكويتية أنموذجا(، أ. إيامن حممد احلميدان، 437) هـ/6)0)م.

))- مدونة األوقاف املغربية )دراسة منهجية يف األسس واألبعاد يف ضوء القانون االسرتشادي للوقف(، د. جميدة الزياين، 438) هـ/6)0)م.

رابعا: سلسلة الندوات:)- ندوة: نظام الوقف واملجتمع املدين يف الوطن العريب )بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي الكويت، بدولة العامة لألوقاف األمانة بالتعاون مع العربية الوحدة نظامها مركز دراسات وعقدت يف بريوت بني 8و)) أكتوبر )00)م، شارك فيها لفيف من الباحثني واألكاديميني،

الطبعة األوىل مايو 003)م، والثانية سبتمرب 0)0)م. Les Fondations Pieuses(Waqf( En Méditerranée :Enjeux De Société,Enjeux -(

الثانية 430) هـ/0)0)م[. De Pouvoir، جمموعة من املفكرين، 004)م، ]الطبعة التي أوقاف ملجلة األوىل الدولية الندوة ومناقشات )بحوث والعوملة« »الوقف ندوة أعامل -3بجدة للتنمية اإلسلمي البنك مع بالتعاون الكويت بدولة لألوقاف العامة األمانة نظمتها أبريل 008)م حتت إىل 5) الفرتة من 3) املتحدة يف العربية اإلمارات بدولة زايد وجامعة شعار »الوقف والعوملة...استرشاف مستقبل األوقاف يف القرن احلادي والعرشين«(، 0)0)م.حسني حسني ود. غدة أبو الستار عبد د. للوقف، املحاسبية واألسس الفقهية األحكام -4

شحاته، الطبعة الثانية 435) هـ/4)0)م.5- نظام الوقف يف التطبيق املعارص )نامذج خمتارة من جتارب الدول واملجتمعات(، حترير: حممود

أحد مهدي، ]الطبعة الثانية 436)هـ/5)0)م[.6- تأصيل ريع الوقف )املوضوع الثالث يف منتدى قضايا الوقف الفقهية السابع املنعقد بالعاصمة البوسنية »رساييفو« يف الفرتة من 9 إىل )) شعبان 436) هـ املوافق 7) إىل 9) مايو 5)0)م(،

437)هـ/6)0)م.

النظارة على الوقف

346

خامسا: سلسلة الكتيبات:5)4)هـ/نوفمرب اآلخرة مجادى األوىل الطبعة زكي، عيسى د. الوقف، أحكام موجز -(

994)م، والطبعة الثانية مجادى اآلخرة 6)4)هـ/نوفمرب 995)م. احلديثة، الدراسات بعض نتائج وحتليل العمل أساليب تطوير اإلسلمي: الوقف نظام -(د.أحد أبو زيد، بالتعاون مع املنظمة اإلسلمية للرتبية والعلوم والثقافة »اإليسيسكو« بالرباط

باململكة املغربية، ))4)هـ/000)م. 3- الوقف اإلسلمي: جماالته وأبعاده، د. أحد الريسوين، بالتعاون مع املنظمة اإلسلمية للرتبية

والعلوم والثقافة »اإليسيسكو« بالرباط باململكة املغربية، ))4)هـ/)00)م.

سادسا: سلسلة الرتمجات:)- من قسامت التجربة الربيطانية يف العمل اخلريي والتطوعي، مجع وإعداد وترمجة: بدر نارص

املطريي، 5)4)هـ/994)م. )- وقفيات املجتمع: قوة جديدة يف العمل اخلريي الربيطاين، تأليف: كالبانا جويش، ترمجة: بدر

نارص املطريي، صفر 7)4)هـ/يونيو996)م. 3- املؤسسات اخلريية يف الواليات املتحدة األمريكية، تأليف: اليزابيث بوريس، ترمجة: املكتب

الفني باألمانة العامة لألوقاف، مجادي اآلخرة 7)4)هـ، نوفمرب 996)م. ل.نيو آن تأليف: األموال«، مجع عملية تقييم »دليل الربحية غري للمنظامت األموال مجع -4

وبمساعدة وللسون يس ليفيس، ترمجة: مطيع احللق، 997/7)م. 5- اجلمعيات اخلريية للمعونات اخلارجية )التجربة الربيطانية(، تأليف: مارك روبنسون، تقديم

وترمجة: بدر نارص املطريي، 9)4)هـ/998)م.6- املحاسبة يف املؤسسات اخلريية، مفوضية العمل اخلريي إلنجلرتا وويلز، يوليو 998)م.

7- العمل اخلريي التطوعي والتنمية: اسرتاتيجيات اجليل الثالث من املنظامت غري احلكومية )مدخل إىل التنمية املرتكزة عىل اإلنسان(، تأليف: ديفيد كورتن، ترمجة: بدر نارص املطريي، ))4)هـ/)00)م.

Islamic Waqf Endowment( -8(: نسخة مرتمجة إىل اللغة االنجليزية عن كتيب »الوقف اإلسلمي: جماالته وأبعاده«، )00)م.

9- فريق التميز: االسرتاتيجية العامة للعمل التطوعي يف اململكة املتحدة، مرشوع وقف الوقت، ترمجة: إدارة الدراسات والعلقات اخلارجية باألمانة العامة لألوقاف، 4)4)هـ/003)م.

إىل مرتمجة نسخة :)Kuwait Awqaf Public Foundation: An overview( -(0اللغة االنجليزية عن كتيب »نبذة تعريفية عن األمانة العامة لألوقاف بدولة الكويت«، 004)م.

قائمة الكتب والدراسات الصادرة عن األمانة العامة لألوقاف في مجال الوقف والعمل الخيري التطوعي

347

أحكام »موجز لكتيب مرتمجة نسخة :)A Summary Of Waqf Regulations( -((الوقف«، 7)4)هـ/006)م، ]الطبعة الثانية )43)هـ/0)0)م[.

A Guidebook to the Publications of Waqf Projects› Coordinating( -((اللغة االنجليزية عن كتيب »دليل إىل مرتمجة نسخة :)State in the Islamic Worldالثانية الطبعة [ 007)م، اإلسلمي«، العامل يف للوقف املنسقة الدولة مشاريع إصدارات

433) هـ/))0)م مزيدة[. A Guidebook to the Projects of Waqf Projects› Coordinating( -(3االنجليزية عن كتيب »دليل اللغة إىل مرتمجة نسخة :)State in the Islamic World

مشاريع الدولة املنسقة يف العامل اإلسلمي«، 007)م.Women And Waqf, Iman Mohammad Al Humaidan -(4, : نسخة مرتمجة

عن كتاب »املرأة والوقف«، 8)4)هـ/007)م. The Contribution of Waqf to non-Governmental Work and -(5عن مرتمجة نسخة :Social Development , Dr.Fuad Abdullah Al Omar

كتاب »إسهام الوقف يف العمل األهيل والتنمية االجتامعية«، 435)هـ/3)0)م.6)- األوقاف يف مقدونيا خلل احلكم العثامين، تأليف وترمجة: د. أحد رشيف، مراجعة وحترير

علمي: إدارة الدارسات والعلقات اخلارجية، 435) هـ/4)0)م.Assetizing the Waqf Proceeds -(7: هو ترمجة لكتاب »تأصيل ريع الوقف« الذي هو املوضوع الثالث يف منتدى قضايا الوقف الفقهية السابع املنعقد بدولة البوسنة واهلرسك(، 438)هـ/6)0)م.

سابعا: جملة أوقاف )جملة نصف سنوية تعنى بشؤون الوقف والعمل اخلريي(:- صدر منها 36 عددا حتى مايو 9)0)م.

ثامنا: إصدارات منتدى قضايا الوقف الفقهية:األمانة نظمته الذي املنتدى الفقهية األول )بحوث ومناقشات الوقف منتدى قضايا أعامل -(العامة لألوقاف بالتعاون مع البنك اإلسلمي للتنمية بجدة، واملنعقد بدولة الكويت يف الفرتة

من 5)-7) شعبان 4)4)هـ املوافق ))-3) أكتوبر 003)م(، 5)4)هـ/004)م. )- أعامل منتدى قضايا الوقف الفقهية الثاين )بحوث ومناقشات املنتدى الذي نظمته األمانة العامة لألوقاف بالتعاون مع البنك اإلسلمي للتنمية بجدة، واملنعقد بدولة الكويت يف الفرتة من 9) ربيع األول-) ربيع اآلخر 6)4)هـ املوافق 8-0) مايو 005)م(، 7)4)هـ/006)م.

النظارة على الوقف

348

3- أعامل منتدى قضايا الوقف الفقهية الثالث )بحوث ومناقشات املنتدى الذي نظمته األمانة العامة لألوقاف بالتعاون مع البنك اإلسلمي للتنمية بجدة، واملنعقد بدولة الكويت يف الفرتة

من ))-3) ربيع اآلخر 8)4)هـ املوافق 8)-30 أبريل 007)م(، 8)4)هـ/007)م.األمانة نظمته الذي املنتدى الرابع )بحوث ومناقشات الفقهية الوقف منتدى قضايا أعامل -4العامة لألوقاف ووزارة األوقاف والشؤون اإلسلمية يف اململكة املغربية والبنك اإلسلمي للتنمية باململكة العربية السعودية، املنعقد بالعاصمة املغربية »الرباط« يف الفرتة من 3 -5 ربيع

اآلخر 430)هـ املوافق 3/30-)/009/4)م(، )43)هـ/))0)م.5- أعامل منتدى قضايا الوقف الفقهية اخلامس )بحوث ومناقشات املنتدى الذي نظمته األمانة باجلمهورية لألوقاف العامة واملديرية الدينية الشؤون رئاسة مع بالتعاون لألوقاف العامة مجادى ((-(0 من الفرتة يف بإسطنبول واملنعقد بجدة، للتنمية اإلسلمي والبنك الرتكية

اآلخرة )43) هـ املوافق 3)-5) مايو ))0)م(، 433)هـ/))0)م.6- منتدى قضايا الوقف الفقهية السادس )بحوث ومناقشات املنتدى الذي نظمته األمانة العامة اإلسلمي والبنك قطر بدولة اإلسلمية والشؤون األوقاف وزارة مع بالتعاون لألوقاف هـ الفرتة من 3 -4 رجب 434) »الدوحة« يف القطرية بالعاصمة واملنعقد بجدة، للتنمية

املوافق 3) -4) مايو 3)0)م(، 435)هـ/3)0)م.7- منتدى قضايا الوقف الفقهية السابع )بحوث ومناقشات املنتدى الذي نظمته األمانة العامة لألوقاف بالتعاون مع املشيخة اإلسلمية بدولة البوسنة واهلرسك والبنك اإلسلمي للتنمية بجدة، واملنعقد بالعاصمة البوسنية »رساييفو« يف الفرتة من 9 إىل )) شعبان 436) هـ املوافق

7) إىل 9) مايو 5)0)م(، 436)هـ/5)0)م.8- قرارات وتوصيات منتديات قضايا الوقف الفقهية )من األول إىل السابع(، 437)هـ/5)0)م.9- منتدى قضايا الوقف الفقهية الثامن )أبحاث ومناقشات املنتدى الذي نظمته األمانة العامة والبنك املتحدة باململكة اإلسلمية للدراسات أكسفورد مركز مع بالتعاون لألوقاف الفرتة من ) إىل 3 شعبان 438) هـ للتنمية بجدة، واملنعقد بمدينة أكسفورد يف اإلسلمي

املوافق 7) إىل 9) أبريل 7)0)م(، 438)هـ/7)0)م.0)- مدونة أحكام الوقف الفقهية )النسخة التجريبية(، 439) هـ/7)0)م.

))- منتدى قضايا الوقف الفقهية التاسع )أبحاث ومناقشات املنتدى الذي نظمته األمانة العامة األردنية باململكة اإلسلمية واملقدسات والشؤون األوقاف وزارة مع بالتعاون لألوقاف الفرتة من ن« يف بالعاصمة األردنية »عاما للتنمية بجدة، واملنعقد اهلاشمية والبنك اإلسلمي

9-)) شعبان 440) هـ املوافق 5)-7) أبريل 9)0)م(، 440)هـ/9)0)م.

قائمة الكتب والدراسات الصادرة عن األمانة العامة لألوقاف في مجال الوقف والعمل الخيري التطوعي

349

تاسعا: املراجع ومصادر املعلومات يف جمال الوقف:)- كشاف أدبيات األوقاف يف دولة الكويت، 999)م.

)- كشاف أدبيات األوقاف يف مجهورية إيران اإلسلمية، 999)م.3- كشاف أدبيات األوقاف يف اململكة األردنية اهلاشمية وفلسطني، 999)م.

4- كشاف أدبيات األوقاف يف اململكة العربية السعودية، 000)م.5- كشاف أدبيات األوقاف يف مجهورية مرص العربية، 000)م.

6- كشاف أدبيات األوقاف يف اململكة املغربية، )00)م.7- كشاف أدبيات األوقاف يف اجلمهورية الرتكية، )00)م.

8- كشاف أدبيات األوقاف يف مجهورية اهلند، 003)م.9- الكشاف اجلامع ألدبيات األوقاف، 008)م.

0)- مكنز علوم الوقف، 004)م.))- أطلس األوقاف/دولة الكويت، 434) هـ/3)0)م.

))- معجم تراجم أعلم الوقف، 435) هـ/4)0)م.جتريبية، نسخة األلـــف(، حــرف األول: ــزء )اجل الوقف مصطلحات قاموس -(3

436)هـ/5)0)م. جتريبية، نسخة والثاء(، والتاء الباء حرف الثاين: )اجلزء الوقف مصطلحات قاموس -(4

438)هـ/7)0)م.

النظارة على الوقف

350

األمانة العامة لألوقاف

هي هيئة حكومية مستقلة بدولة الكويت، معنية بإدارة األوقاف الكويتية واستثامرها، ورصف ريعها يف املصارف الرشعية طبقا لرشوط الواقفني ويف إطار أحكام القانون.

أسست األمانة بموجب املرسوم األمريي رقم 57) الصادر بتاريخ 9) مجادى األوىل 4)4)هـ املوافق 3) نوفمرب 993)م. وتتمثل رؤيتها يف »التميز يف استثامر الوقف، ورصف

ريعه، وتعزيز ثقافته برشاكة جمتمعية فاعلة«.

وتتلخص رسالتها يف »الدعوة للوقف، وإدارة شؤونه وفق الضوابط الرشعية من خلل عمل مؤسيس متميز كأداة لتنمية املجتمع الكويتي، وكنموذج حيتذى به حمليا وعامليا«.

مرشوع »مداد« الوقف

هو أحد املرشوعات العلمية الذي تنفذه األمانة العامة لألوقاف ممثلة لدولة الكويت املؤمتر لقرار طبقا الوقف«، جمال يف اإلسلمية الدول جلهود املنسقة »الدولة بصفتها السادس لوزراء أوقاف الدول اإلسلمية الذي انعقد بالعاصمة االندونيسية »جاكرتا« يف أكتوبر سنة 997)م. ويضم السلسل اآلتية: سلسلة األبحاث الفائزة يف مسابقة الكويت الندوات، الكــتب، سلسلة الرسائل اجلامعية، سلسلة الوقف، سلسلة الدولية ألبحاث

سلسلة الكتيبات، سلسلة الرتمجات.

سلسلة الرسائل اجلامعية

هتدف هذه السلسلة إىل نرش الرسائل اجلامعية )ماجستري أو دكتوراه( يف جمال الوقف والعمل اخلريي التطوعي، لتعريف عموم القراء باملسائل املتعلقة بقضايا الوقف والعمل

اخلريي التطوعي.

هذه الرسالة

التعريف حيث من الوقف، عىل للناظر املختلفة الفقهية اجلوانب يف تبحث واألقسام واألركان والرشوط، كام يتم التطرق إىل حقوق الناظر ووظيفته وواجباته وما يمنع منه وطريقة حماسبته وعزله حالة التقصري، إضافة للكيفية الرشعية لتعامله مع رشوط الواقف واستغالل الوقف وحتصيل الريع وأداء حقوق املستحقني، وختتتم

بخالصة بأهم ما ورد فيها من أحكام.

كلية من املقارن، الفقه يف )الدكتوراه( درجة عىل الرسالة هذه حصلت وقد الرشيعة والقانون بجامعة األزهر بجمهورية مرص العربية سنة 2000م.

األمانة العامة لألوقاف - دولة الكويتwww.awqaf.org.kw

رسالة األمانة العامة لألوقاف:نرش الثقافة الوقفية؛ لذا فكل إصداراهتا

غري خمصصة للبيع