Top Banner
80

سؤال الكيان

Jul 21, 2016

Download

Documents

tanit

الجزء الثاني من سلسلة "الراهنية والتأويل".. للدكتور عبدالمنعم المحجوب
Welcome message from author
This document is posted to help you gain knowledge. Please leave a comment to let me know what you think about it! Share it to your friends and learn new things together.
Transcript
Page 1: سؤال الكيان
Page 2: سؤال الكيان
Page 3: سؤال الكيان

)2(

Page 4: سؤال الكيان

راهنية التأويل )2(

ســؤال الكيـانتأليف: عبد المنعم المحجوب

الطبعة الثانية

© جميع الحقوق محفوظة

مجلة

أسبوعية سياسية شاملة

طبع في إبريل 2015

مطابع األهرامجمهورية مصر العربية

المدير الفني وتصميم الغالف: سامح الكاشفاإلخراج الفني والتنفيذ: أحمد نجدي

Page 5: سؤال الكيان

المحتويات

تقديم .................................................................................... 9

بين للتخوم المتعالي شبه الترسيس الكيان.. »ما« ـ 1الوجود والحضور ............................................................... 17ـ حاشية ................................................................................ 292 ـ الكيان بوصفه إرادة ....................................................... 333 ـ الكيان والتاريخ .............................................................. 454 ـ سوق الكيان ................................................................... 59

خاتمة ................................................................................... 63

هوامش ................................................................................ 69

Page 6: سؤال الكيان
Page 7: سؤال الكيان

في تجديد ذكرى الفارابي

سعيا )بعبارته( إلى: »مدينة الجماعية.. مدينة األحرار«

حيث »ال أحد أولى بالرئاسة من أحد«.

Page 8: سؤال الكيان
Page 9: سؤال الكيان

9

تقديم

1ـ إلى أي حد أصبح اإلمكان جزءا من استعادة أفالطونية كونية للمعرفة غير المدرجة في المدونات االجتماعية؟ وفي صيغة أخرى: إلى أي حد ـ ضد الممكنات الراديكالية ـ أصبح الكيان

نمطيا ومشدودا إلى مثال قياسي مفترض؟

ثمة انطباع بأن بروتوكوال أخالقيا للتغير أصبح سائدا في العالم وتنميط الثقافية، الخصوصيات تعويم بأدوات معزز وهو االستجابة، والتشريع للمستقبل الكوسموبوليتي، وإنجازات النص التشعبي واللغة الواحدة، في مقابل اإلرادة وإثبات الذات، ومترية العالقة باآلخر، والشجاعة من أجل اإليثوس القومي، والجهاد في سبيل الوجود، وغيرها من تقاليد الثورة وتحقيق

الذات والبحث عن األفضل.

إن هذا البروتوكول العملي ال يستند إلى فلسفة قوية، ولكنه

Page 10: سؤال الكيان

10

يتميز ـ في مقابل ذلك ـ بقدرة وقابلية تشميليتين تستطيعان توظيف الفلسفة لصالح تسويغ أثره وما ينتج عنه من تواضعات تنعكس ـ والبد ـ على مجمل النصوص ووسائط التفكير التي تتناوله بالبحث والتساؤل، وتحفز االستجابات وتنمطها، وتنتجـ

بالتواتر والتراكم ـ أمثلة متعالية وشبه متعالية.

لقد تضاءلت المراحل والفترات والعهود واألزمنة إلى الدرجة التي يمكن لنا أن نعد فيها التاريخ قياسا بالنسبة لـ»اآلن« والـ»هنا« اختزاال عابرا للسيرورات االجتماعية الدقيقة التي يضعها المؤرخ

على رأس مقدمات بحثه.

إن العالم يجابه نزع الخصوصيات ال بافتقاده المتسارع للسمات الثقافية التي تميز كل جزء منه، فقط، بل بتنميط إدراكنا للزمن أيضا. األزمنة االجتماعية آخذة في االنصهار في فوهة سوداء لمستقبل مرتد يحاكي مسار »البوميرانغ« اسمها التاريخ العام. لقد أشار فوكو إلى إشكالية الفصل بين التاريخ والتاريخ العام، ويبدو أن هذه اإلشارة تتأكد في أكثر من حيز تاريخي، وتتصل بأكثر من حقل من حقول التداول المعرفي. وقد يكون من المجدي في الفصول القادمة إعادة طرح هذه اإلشكالية بالنسبة للعولمة التي تتبدى بوصفها اختزاال للسيرورات االجتماعية المنفصلة،

وبوصفها توضيعا جديدا للتاريخ الشامل.

Page 11: سؤال الكيان

11

2ـ ال يمكن إغفال السيرورات االجتماعية ونحن نقرأ التبدالت المحيطة بالكيان بأبعاده العديدة، فمشهد الكيان في حد ذاته ليس إال التبدي الخارجي لهذه السيرورات، وأي محاولة لنزع فكرة وجوده عن فعلها المتواصل سوف توقعنا في شرك المثالية التاريخية. إننا نجد في هذا الفعل نموذجا للصيرورة، للكينونة الراهنة، لنقل للراهنية، ذلك يعني أيضا اعتمادنا نموذجا تأويليا

لمحاوالتنا الدورية ونحن نقرأ وقتنا.

، وربما يفضل بعضنا وصفه بالمثالي، أو حتى هذا النموذج ذاتيبالتحقق االجتماعي لأليدوس القومي، لكن ذلك ال يحول دون المضي في التشديد الضروري على أن المثالية التاريخية، بقدر ما تنجح في تعميم تجريداتها، بقدر ما تعزل الكيان عن راهنيته

وفعليته.

إننا في الحقيقة في حاجة إلى توطين المفهوم أكثر مما تعوزنا مفهمة الكيان، لذا يرى الكاتب أن الزدوجة المعتادة في توضيع هذه المسألة إنما تعود إلى أسباب تمهيدية وتوصيفية، أكثر مما تقتضيها الضرورة الفكرية الجادة، وإني ألرجو أن ينسحب هذا التنويه على مجمل ما سيطلع عليه القارئ في الصفحات القادمة التي تعتمد على التوازن بين المفهمة والتوطين في رؤية الكيان.

Page 12: سؤال الكيان

12

مالحظة: هذه الرؤية قابلة في بعض انعطافات النص إلى التلبس بطابع الرؤيا، ألجل أنها تمتح منها حافز التقدم إلى األمام، دون

أن يسودها هذا الطابع، كما آمل.

3 ـ إذا عبرنا من سماء المفاهيم إلى مواطن تشكلها، علينا هنا أن نفكر ما إذا كانت الصيغ المتعددة والمتراكمة للعولمة سببا في مثل هذا العبور الدوري. وربما علينا أن نستدعي التمفصالت التاريخية الكبرى لنقارن على حواف المتوسط بين تاريخ ورؤى ثالثة تكونات منفصلة: هلنيستية، يهودية ـ مسيحية، وإسالمية. إن مساراتها بقدر ما تبدو مستقلة في تأسسها على أنماط منفصلة من »اإليثوس القومي التاريخي«، بقدر ما هي متماسة ومشتركة في تحويل الكيان العالمي إلى حقل انعطاف متداخل االعتبارات ومتصل النهايات، بحيث تتحول »الحكايات التأسيسية الكبرى« ـ كما يسميها جان فرانسوا ليوتارـ إلى »سرد« متواتر، لتواجه فناءها الحتمي ضد إرادتها، وتعلن بينية، واختزال بالمحصلة انكفاء الخطابات إلى وحدات خطابية الظاهرة في الحدث، أي تنميط مرجعية التحوالت في العالم. وربما من هذه الجهة ينبغي علينا أن نرتب لنا موقعا جانبيا جديدا لقراءة

ونقد األصوليات الحديثة التي تتنازع العالم اآلن.

4ـ نحن إذنـ في هذا الوقت، مثلما في كل وقت آخرـ مجبرون على الوقوف أمام كيفيات مفترضة لرؤية ومعالجة التبدالت

Page 13: سؤال الكيان

13

التاريخية واستكناه سلمها العام، بالرغم من أن القناعة تسكننا بأن ال معيار مطلقا يمكن له أن ينظم قراءتنا.

إن السؤال األساس الذي يمكن لهذه القراءة أن تنبني عليه هو: إلى أي حد تتمكن هذه الـ»نحن« من مقاربة النموذج التداولي، أو المثال القياسي المفترض؟ وثمة سؤال مستبطن هنا: ما صحة تمثيل أنفسنا كجزء من تاريخ النماذج التاريخية، دون أن نتخلى

عن عزلتنا المنهجية؟

لهذا السؤال جينولوجياه الخاصة. أوال ما المدى الذي نتمكن فيه من استخدام كلمة »نحن« ببساطة اإلشارة، أي دون أن نلجأ لمحددات تعريفية من خارج مفهوم الـ»نحن« هذا؟ ثم ما المدى المشترك بين ما ندعو له )أو ندعيه( من نماذج تاريخية وبين ما نجده أمامنا كنموذج وحيد ذي فرادة منهجية، ولكنه سائد متغلب على جينولوجيا األفكار وتضاريس االبستمولوجيا وانفتاحات

النص والمدونات التأريخية؟

5 ـ إن المفاهيم ليست الجزء الوحيد الذي تنتمي إليه األفكار، التبدل من طور األفكار تصنعها األحداث، الوقائع، قابليات إلى طور. أي أن األفكار هي صنيعة الزمن، ال بحكم اشتراط الميقات، ولكن بفعل تجاوزه، أي باختراق جدار اللحظة التي يسعى سياسيون ومفكرون إلى تأبيدها. إن كل فكرة هي نبوءة

Page 14: سؤال الكيان

14

إذا تسلخت عن قاعدة حرق المراحل )هنا ـ اآلن(، )التي تعتبر Scola للتغيير(، وذهبت باتجاه عتبة تصورية أو منطقة أولى استكناه الما بعد، أي بالمحافظة على فضاء التكون »هنا« لتمر إلى طوره الجديد، التالي، المحتدم وربما المجهول، أي »وبعد«. نحتكم إذن ـ في الفصول القادمة ـ إلى هذه المعادلة الثورية:

»هنا ـ وبعد«.)1(

6 ـ في طبقة تحتية من التفكير في الثورة نتوقف عند اعتبار أن يلزمنا بالمبدأ القديم المتمثل التمثل األيديولوجي المدرسي نعمد بإرادة إلى إعادة صوغه، في حرق المراحل، وبقدر ما برغبة تجاوزه، بقدر ما نركن إلى إعطائه صيغة أخرى مختلفة، إنه استدعاء اضطراري؛ ألننا من الناحية العملية سوف نتوقف باستمرار عند التنويعة الهامة التي أشاد بها ألتوسير في رصد األنظمة الفكرية التي ال مجال للبت بقطيعتها مع غيرها، أو بانقطاعها عن السياق الذي ولدت فيه؛ الفارق بالطبع ـ بقدر ما هو أيديولوجيـ هو على نحو أوضح فارق تقني ذو صلة ببحث تبدالت نصف قرن من دراسة األمثلة: الفوضوية )الالسلطوية(، الماركسية، الليبرالية، والرأسمالية؛ ثم على األخص: تلمس موت العولمة كمرحلة قادمة مازالت أجنتها تتخلق وتتكون في

جيوب طرفية في العالم.

Page 15: سؤال الكيان

15

7ـ نستلهم هنا أنساق التحوالت، وتوطناتها المؤقتة في األشكال االجتماعية والتاريخية والثقافية، واتصال هذه األنساق بماهية في تنعكس كما العامة مشهديته ونستلهم الكيان، وشروط نصوص مختلف المراحل، وأخيرا األساطير التي تغذي استمراره وتمنحه الجرأة على إعالن الفرادة والتميز والجهاد ضد غيره من تبديات الكيان، ونخلص إلى الدفاع عن موضوعة قديمة تواصل حضورها، وتلح التحوالت على أسبابها، أعني: »ديمومة التحول«، التي نستطيع أن نقرأ صيغتها النبوئية في مبدأ طاوي قديم، وربما نجد تجريدها المضاد في شعار »الثورة الدائمة«، ولكنها باألساس ليست سوى صورة من صور »التدافع«، هذا المفهوم كما وطنته المنظومة اإلسالمية ضمن أطياف تأويلية

متعددة.

إن هذا »التوليف« بين الخطابات على اختالف األزمنة واألمكنة هو أحد آليات وأساليب قراءة التاريخ العام، في محاولة الستكناه ما قد نتفق على تسميته هنا »أيدوس« التحول، الصيغة المجردة لـ»الال ثبات«، الذي ينتج من خالل تفاعالته االجتماعية والثقافية

حضارة ترصد بوصفها كيانا مستقال.

Page 16: سؤال الكيان
Page 17: سؤال الكيان

)1(

»ما« الكيانالترسيس شبه المتعالي للتخوم بين الوجود والحضور

Page 18: سؤال الكيان
Page 19: سؤال الكيان

19

»متى كانت المدينة كاملة تسقط منفعة هذا القول«ابن باجة، تدبير المتوحد

1ـ إذا كنا سنفترض منظومة محددة يصدر عنها مفهوم الكيان سنقول أنه يصدر عن التشميل األيديولوجي التداولي لمجمل الفعاليات، وما أنجزه تراكمها من مسارات وأنساق ينظر إليها بوصفها متواطئة ومتظافرة إلنتاج تاريخها الخاص. فالحديث عن الكيان هو بقدر كبير حديث عن التاريخ، أو باألحرى عن نمط من أنماط تأويل التاريخ، أي باستباق التسويغ في تداول التاريخ، ال نتيجة لتعاقد عام عليها؛ إنه حديث عن معرفة الخصوصية ال عن المشترك اإلنساني، عن األحقية المتكونة كصورة أولية ال عن الحق، عن مستوى من إعالء الذاتية بوصفها نفيا لآلخر، ال عن مفهوم الذاتية بوصفها اكتشافا قابال للتجدد يمنحها ديمومة الحضور في العالم، فضال عن

مجرد الوجود فيه.

Page 20: سؤال الكيان

20

2 ـ يمكننا البدء دائما من عالقة الوجود بالحضور ليكون وجود شرط فالحضور الكيان، لحظة تحديد مكنتنا في الكيان، وال يمكننا تصور كيان ميت إال بقدر ما ال نتصور قابلية حضوره، أي عطالته، على أننا نقول لحظة الكيان، ألن ما نستطيع موضعته على الدوام ليس سوى شكل من أشكال الكيان، ومظهر من مظاهر تحيناته. فما الذي يوجد؟ وما الذي يحضر؟ وما مدى راهنية هذين »الحدين« )الوجود والحضور( وهما متساويا اإلمكان؟ وهل عالقتهما تضافرية، أم أنهما ـ على العكس من ذلك ـ يتأرجحان على طرفين نقيضين، كلما صعد أحدهما في التداول بوصفه شبه متعال، كلما مورس خفض على اآلخر مثل صنجتي ميزان ال تتزنان؟ وهل تحديد مفهوم الكيان يظل غالبا على تحديد كيان الكيان، بغض النظر عن التبدالت التي تجعل من شكالنية الكيان معطى أوليا ال يمكن تجاوزه لتحديد الكيان؟ وباختصار: ألسنا مقبلين على اشتراع مفارقة جديدة كلما جئنا إلى هوية الكيان؟ وأننا وراء مفهوم الكيان نواجه على الدوام تلك التبدالت غير المرتقبة؟ ونتعامل معها وقد حلت بديال عن كيان مفترض، يتراجع بدوره بينما ينجح شكل من أشكاله

Page 21: سؤال الكيان

21

فقط في الظهور كاختزال له؟ لكن أال يكون ذلك الشكل الوحيد من أشكال الكيان هو ـ آخر األمر ـ الحقيقة اليتيمة لوجود الكيان نفسه، وأن ما عداها إنما هو استيهام ينتج عن

عمليات متصلة من اإلعالء!

3 ـ إن استباق التسويغ واألحقية ونفي حضور اآلخر في فهم الكيان هي »عمليات« تصبح فيها الذات مرجعية ذاتها، فتطابق بين األيدوس والعالم الذي يقع تذويته، أي تتم موقعته من مبدأ الذات وضمن حدودها، ال بفعل انتهاء العالم إلى الذات بقوة وجودها في محيطه، ولكن بفعل استيهامي يحيل حضوره إلى

وجودها.

العالم في الحضور أما احتياز، العالم في الوجود ـ 4فهو تفعيل، هو تحويل الحيوز الشخصية والجماعية إلى مجاالت مشتركة، ربما كان امتياز تراث التنوير انه انتهى إلى تذويت الحيز، وتحويل الفضاء العام إلى امتداد طبيعي للفضاء الذاتي غير الطبيعي ـ طالما أن الطبيعي هنا هو االجتماعي، أي المتميز باشتراكه، ال بانطوائه أو إضماره أو فرادته ـ إال أن الصدمات التي بعثها نقد الحداثة وتراثها التنويري تكشفت عن النهايات »المقولية« )نهاية اإلنسان،

Page 22: سؤال الكيان

22

نهاية التاريخ، نهاية األيديولوجيا، ...( والتي يمكن إحالتها إلى صيغة من االكتمال تصطدم بها قدرية عصر التنوير، بفعل التضاعف المعتمل في استبدال راهنية الوجود بصورة

الحضور.

إن اإلحراج المترتب على التفكير في النهايات على هذا النحو تدعمه النقلة التليماطيقية التواصلية التي بيأت الذات والموضوعـ معاـ في مشهدية رقمية واحدة، والتي حولت الطبيعة والكون، اإلنسان من صانع ومادة لوهم سيادة إلى مرتهن لصورة هذه السيادة. من صورة مادية إلى مادة

صورية.

5 ـ كان تأكيد الحضور وتفعيل الوجود فعالية إنسانية أفقية؛ كان امتدادا لمسار اكتشاف سطح األرض والهيمنة عليه، وهو مسار اخترعت فكرته وردة الرياح اليونانية، وجعله الفينيقيون ممكنا. وقد اكتمل هذا المسار في القرن السابع عشر، منطلقا من أوروبا ومتوغال في العالم مضاعفا األيكومين القديم، ومنتهكا حجب التخوم كاشفا أساطيرها، فأعاد ترتيب أبعاد الفضاء اإلقليدي راسما للعالم عتبته ونهايته األوروبيتين، وأسقط خرافة التطابق بين األيدوس القومي ومجاله الحيوي،

Page 23: سؤال الكيان

23

باعتبارهما موضوعا وشكال يعكسه. لقد شهد مسار اإلكتشاف والهيمنة اكتماله العملي في أواخر القرن التاسع عشر، كما شهد اكتماله المفهومي في أواخر القرن العشرين، محوال المقولة في النهاية تلك ومجسدا مركز، إلى العتبة تلك

االستحواذية: العولمة.

6ـ نتعامل في الواقع مع مشهدية الكيان، نستدعي تبديه الشكالني، وخارجيته التي ليست سوى جلودنا، بينما نبث )نحن الذوات المفردة والمونادات المؤقتة( في صورته إمالءات األيدوس بقدر إلى وجود شبه متعال؛ ولكنه بالتالي ليتحول القومي، قابليته لهذا التحول فإنه يتوقف عن الحضور إال من خالل هذه القابلية، من هنا يكون التشكيك في الوجود مسألة متسقة تماما

مع عطالة الحضور.

7ـ إن ما نتمثله في )وعن( الكيان هو ما نود أن نحتفظ ألنفسنا به عنه، لكن ذلك ليس كل الكيان، إال إذا شئنا أن نتوهم فيه معرفة، أو باألحرى استيهام معرفة نستعين بها لدعم األيدوس القومي كما لو كان األيدوس وثنا، وكما لو كان ما يستقر في معرفتنا )لغتنا( عنه تالوة مقدسة في طقس إنشاء التطابق بين األيدوس والواقع. الكيان إذن هو مجموع إحاالته التي يعتمد

Page 24: سؤال الكيان

24

عليها لكي يوجد، وال يمكن حل هذه القضية المتناقضة إال بالتفكير فيها كتغذية ارتجاعية للمفهوم الذي تصدر عنه فكرة الكيان. ففكرة الكيان تتضاعف عبر عمليات متصلة من اإلعالء، ذلك يتحقق عبر تاريخ من التشميل األيديولوجيـ عندما يتعلق األمر باأليدوس القومي خاصة ـ ويتم تحويل هذه الفكرة إلى مبدأ مؤسس للتصورات، وهو تحويل شبه ميتافيزيقي، فتلك التصورات تنتهي بدورها إلى أن تتحول إلى محفزات للواقع، وموضوع للممارسة، ومحتوى للخطابات. هذا التحويل هو وحده الذي يشكل امتيازا قويا للكيان لكي يحقق حضوره؛ وهو يتصل بكل ممارسة إنسانية تقريبا.

هكذا، آخر األمر، ليس الكيان سوى استثناء ما ليس هو.

8 ـ يحيل الكيان إلى الفاعلية، ال الهوية. الفاعلية تحقق وإرادة تحقق، هي انتشار ال يتوقف عند اإلحداثيات الدالة على المجال فيصطنع له إحداثيات جديدة ليواصل تقدمه باكتشاف واحتياز مناطق نفوذ جديدة، وإن كانت وهمية، ألنها آخر األمر تتشكل وتتموضع فتمد حدود المجال وتمنحه سعة. الفاعلية إذن هي صنيعة العالقة والتقاطع واصطراع اإلرادات؛ الهوية رغبة تحقق ال تشبع، نقطة ارتكاز في إحداثيات المجال، صلة مفردة ال توجد

Page 25: سؤال الكيان

25

خارج االرتباط الذي ينشأ من حركة الفاعلية، الهوية طفح يسبق الكيان.)2(

9 ـ يختبر الكيان عمليات متصلة من التجويز تجعله عبر ـ قيمي الحضور، وغير خاضع لإلكراهات األخالقية والمنطقية والجمالية، ويصبح بين تحين وآخر مصدر إرادة وطرح تلك اإلكراهات. هكذا يصير الخطأ والصواب، الجمال والقبح، الخير والشر، والتقابالتـ الترابطات القيمية األخرى، دالالته الما صدقية التي تصدر عنه وتدل عليه. ويمكننا تقبل هذه العملية من التحويل واالستبدال باعتبارها جزءا من متوالية تواصلية، وهي فعالية عبر ـ بشرية ال تصدر عن طرف واحد، إنها باختصار: توجيه الجميع للجميع؛ لكن ذلك ال يحدث هو للكيان القومي ـ عبر الجماعي التمثل يكون أن دون المظلة التي تحمي هذه الفعالية وتتيح لها أسباب االستمرار

والتصاعد.

بها يوجد التي الطرق الكيان، أو باألحرى 10 ـ أشكال

ويظهر، هي مجموع متداخل، متصل غالبا، وغير محدد أصال، ولكنه خاضع للتحيين بين نقلة وأخرى، ومن هنا يمكن نسبته إلى ظهور دون آخر، وإلى وضع دون غيره،

Page 26: سؤال الكيان

26

إذ ال يمكن الحديث آخر األمر عن الكيان إال من مبدأ زمنيته وتاريخيته، أي بالقدرة على تحيينه ورصد أحد أو بعض

ظهوراته وتشكالته النسبية.

11 ـ الكيان مجال ال يمكن االستحواذ عليه، ولكن باإلمكان

امتالك رموزه وتوظيف دالالته.

12 ـ الكيان مجال ال يمكن االستحواذ عليه، ولكن باإلمكان

تدميره بتدمير رموزه أو إضعافها، توهينها، تغيير مساراتها، أو استبدالها، وإحالل رموز أخرى وتوطينها في األجزاء المشكلة

للكيان.

13 ـ ال يوجد كيان مكتمل، الكيان هو »مجموع« أجزائه،

هذه األجزاء ليست حوامل مادية فقط، إذ بغير اإلحاالت تلك تصير المفردة هوياتها وتمنحها عنها تصدر التي الحوامل عاطلة، العطالة ليست عدما، عطالة الفاعلية خمود وارتكاس، ويمكن تمثيل صورتها المادية بالخلية النائمة، فهي حية بال فاعلية، أي أنها توجد دون أن تكون حاضرة، وفي غير هذا الوضع، فإنها تتحين إحداثية لتنتقل من التجاور إلى المشاكلة، من التماهي إلى تحقيق هويتها، ومن تموقعها

Page 27: سؤال الكيان

27

الصامت إلى انفالت أطرافها ومالمسة الجوار بحثا عن حدود جديدة لها. ذلك ما يفعل وجود الكيان ويبث فيه االقتدار والحضور. لكن االستراتيجيات التي تندرج فيها وتتبعها تلك األجزاء ليست نسقية ومنتظمة، إن مسارها يشبه مسار زوبعة في صحراء تضرب الرمل وال شيء آخر، فهي من هذا الجانب ال »تنجز« شيئا، ولكن ما يعطي للزوبعة شكلها المرئي ويصنع مشهديتها الضاربة ليس سوى الرمل الساكن نفسه. كذلك هي أجزاء الكيان: في غير اللحظات التنبوء به، وقد التي تهجع فيها فإنها تتبع مسارا ال يمكن يفضي بها إلى المزيد من البحث واالشتراع دون أن تحقق هويتها، ودون أن تنتقل من التجاور إلى المشاكلة، فتعود إلى النقطة اإلحداثية نفسها التي صدرت عنها، وتغرق في صمتها؛ إال أنها تكون أثناء ذلك الفرد والعود قد تشكلت. ال شيء يمكنه أن يثبت غير ذلك، ال شيء أيضا يمكنه أن يثبت العكس. إنها ممكنة الوجود دائما، ولكنها غير ممكنة الحضور بقدر مواز. فما الذي تصنعه ال اتساقية األجزاء هذه بالكيان؟ ربما ال شيء إذا كانت تلك األجزاء طرفية بالنسبة إلى مجموعها، أما ـ من جهة أخرى، وإذا كان مسار

Page 28: سؤال الكيان

28

وحيز ذلك الفرد والعود متصل اإلحداثيات ـ فإن ما ينبغي أن نتقبله هو تصحر الكيان.

14 ـ صحراء الكيان ـ مع ذلك ـ تضمر حديقة قديمة.

Page 29: سؤال الكيان

29

حا�شية

1ـ اكتشاف الصحراءـ لمن ال يعرفهاـ )من يعرف الصحراء؟(، يبدأ من الذات. ليست المشاهدة عنصره، بل نهوض من العمق. واالكتشاف عادة يأتي عارضا، ال خريطة هناك لتتبعها بقدر ما تتبع العالمات التي يتزود بها عرضا. تلتزم الصحراء الصمت، تلك عادتها، الناس يبثون العالمات التي يعتقدون أنها تفصح عنها. يستأنسون بهذا. لكن العالمات تمنح نفسها، إذا ظهرت؛ تسقط من تلقاء نفسها بين أيدي الضاربين خببا في الرمال. ال يمكن تلقينها، ال يمكن تذكرها، أو تحويلها إلى كلمات، إذا تحولت إلى كلمات فإن ذلك يشي بوالدة نبي، ولكن األنبياء اآلن يولدون بعد فوات األوان. لالكتشاف يبدأ من رغبة في وصول مكان ما، ال نهائي، جوهري، وغير مسبوق، مكان مرصود لشخص ما )سـ(يضيء حياته بأسطورة خاصة، مكان يصنعه النداء أوال. هو أشبه بالتوجه نحو اطالنطس الغارقة في ال أين

Page 30: سؤال الكيان

30

من الصحراء الكبرى. هنا هي اطالنطس الداخل. التعلق بها محوره الذات. ال كتب وال مخطوطات قديمة تدل عليها. التعلق والعالقة في اللغة العربية من جذر واحد، التعلق بالصحراء استعادة نسب مفقود، استدعاء عالقة قرابة، الصحراء فقط من

يقوم بتوحيد السالالت.

2ـ بقايا عظام، رسومات ألسماك، أفراس نهر، زرافات، وعول، وحاد القرون، فهود، سالحف، بشر )أيضا، طبعا( قواقع كبيرة، قواقع صغيرة، حطام فخاريات، رؤوس سهام، نصال، هاونات، مطاحن وأدوات حجرية أخرى، متناثرة في الشساعة الالمتناهية للرمال، وفي سفوح الهروج والجبال والهضاب واألمحال..

ولكن أين هي الصحراء؟

هذه شواهد ذاكرة أخرى بعيدة، واحدة أو أكثر من الحضارات الالمسماة التي عبرت من هنا، عناصر إلعادة بعث مشهد جارف، تداخل أزمنة، فوضى تاريخ لن يتصدى لكتابته أحد، ألنه، ببساطة

فادحة، هو الال ـ تاريخ الفذ.

3ـ غبار، غبار لغات لم تكتب ولن تقرأ. يصبح للبشر واألشجار والماء والسماء لونا واحدا. الغبار، الجزء المرئي من الفناء.

الموت، وإال فبما تخبر الصحراء عن نفسها؟

Page 31: سؤال الكيان

31

4 ـ السراب يسبق النظر، أينما يرى يكون هناك. النهار يشحذ تنثال كماء، الرمال تطمئن، يعثر على عالمة حيله، وبمشقة

الوحشة أقوى من السطوع، والتيه أقرب.

5 ـ عالمات الليل غير عالمات النهار، القمر ممتلئ حتى ليكاد يسقط، قش المدارات المضيء ينير السبيل، المسارب واضحة، والرمل البارد أكثر تماسكا، سمتان متضامنان، سمت في األرض، سمت في السماء. هذه إحدى ممارسات الرؤيا التي يعاد انتاجها

مرارا، الرؤية أفضل ليال.

6 ـ يتزودون بالعالمات ليعبروا.

ـ من يعبر الصحراء؟

ـ يمكن أن نجتازها فقط، الصحراء ذاتها عبور حاسم.

7 ـ الصحراء هي الكون »السائل الذي ال حدود له« في حبة رمل. رمال في الصحراء هي فوتونات ضوء أعياها التجوال في مدارات أزلية قبل أن تعثر على مستقر لها. والشمس تسعى. إذا ألف آدم، كم من الشموس انطفأت. لكل آدم قصة خلق. إنليل متحوال في دهور وميثيا نظمت ناسا وقرابين وحكايات ومعمارا وأرسلت شعراء واستثمرها كهنة ومستبدون وكتبت شرائع. يا لجناية الكتابة. كتب الرقيم ليدون العالمة. التدوين

Page 32: سؤال الكيان

32

يثبت شرع وراثة. كيف لرقيم أن يورث عالمة تتبدل؟ هو والعالمات غير قارة. للعلم والعالمة جذر واحد. ربما للتذكير

دائما بهذه االستحالة.

Page 33: سؤال الكيان

)2(

الكيان بو�صفه اإرادة

Page 34: سؤال الكيان
Page 35: سؤال الكيان

35

1 ـ يلفت النظر في تداول مفهوم الكيان أنه ال يتطابق مع شيء. فأشد دعاة استعادة األمثلة التاريخية وأعتاهم نصرة بتمثل إنما يقومون الواقع وتوطينها إلعادة إحاللها في كيان مجرد. هذه العملية التجريدية تفقد الكيان أهم أسباب

حضوره.

الطرف المقابل لهؤالء هم الذين يطابقون بين الواقع في راهنيته وبين مفهوم الكيان. وهؤالء ال يقومون إال بتسطيح المفهوم ليندرج في آلية برغماتية تداولية تغفل عما يسببه المفهوم من

إحراجات منطقية.

الطرفان من جهة معرفة الواقع وسيرورة التاريخ ال يختلفان كثيرا، بل يشتركان في السمة التي تجعل من تمثالتهما الفكرية محض منطقة رمادية ال يمكن لمفهوم الكيان أن يتوطنها دون أن يصاب في مكوناته ودون أن يعيد تشكيل نفسه ليستجيب

Page 36: سؤال الكيان

36

لتمثل دون آخر. األول يريد للراهنية أن ترتد إلى أسبابها وعالتها القديمة، والثاني يريد لها أن تتبيأ مجاال مختلفا منقطعا عن هذه

األسباب.

2ـ لعل أفضل توصيف فينومينولوجي للكيان هو أنه وعاء تبدي الفاعلية، إذ ال يمكن تصور كيان يعي )من وعاء( قيمة صفرية، قيمة مطلقة، أو تصوره بفعالية محضة، متعالية. كما ال يمكن تصوره يعي مجاال تداوليا محضا مفرغا ـ بدعوى الراهنية ـ من قابلية التأويل والتحول إلى موضوع عبرـ تاريخي.. نحن في حاجة دائمة إلى التأكيد على التصعيد شبه المتعالي للكيان في مقابل حركتين من الخفض أو السلب: األولى تستهدف الكينونة المحضة المتعالية بشكل مطلق )التي يمثلها التيار األول ويمكننا أن نرى صداه يتردد بين طيف من األصوليين الجدد بمختلف أطيافهم وظهوراتهم كما في الوطن العربي والهند والصين ومفكري األقليات، على السواء(، والثانية تستهدف التفريغ البرغماتي، التداولي، األداتي والتواصلي )كما يتبناه اإلصالحيون الليبراليون واإلصالحيون القوميون

واإلصالحيون الدينيون، على السواء(.

راهنية أن تعني الكيان فهم ترتيب في النقلة هذه إن

Page 37: سؤال الكيان

37

إن المتعاليات. اعتواء شبه قدرته على هي إنما الكيان شبه المتعاليات هي توسط بين المثال وإرادة المثال، بين األيدوس والطموح إليه، ذلك يعني العملية االجتماعية وسيرورة التاريخ المرفوقتين باإلحالة إلى فاعلية قومية عبر التاريخ؛ ذلك أيضا ما يمنحنا )كأفراد( إمكانية االنتساب إلى الكيان، وقدرة تمثله؛ وأخيرا ذلك ما يجعله ينخرط في مياومتنا فيساهم في تشكيل إراداتنا وتمثالتنا وقابلياتنا

ويجعلنا نفهم صنع مصائرنا.

3ـ الكيان من جهة التأويل هذه هو ال حيادية الكينونة. هو الكينونة متمثلة عبر التاريخ.

4 ـ إن السؤال يتصل بالعالقة بين التمثل واإلرادة. نحن نزيح الرغبة ضمنا، وجزء من هذه اإلزاحة ينشأ عن التضمينات الجارفة للدالالت المتوطنة في تداول الرغبة. السؤال ليس: ماذا نريد؟ ولكنه: ماذا نستطيع أن نريد؟ ما الذي بإمكاننا أن نتمثله في هذه الرغبة. من المميز أن الخطاب في اللغة العربية عندما يتصل بالرغبة يتشكل في صيغة تلقائية فنسأل: ماذا تريد؟، أما عندما يتصل باإلرادة فإننا نسأل: ماذا قررت؟ إننا نضيف هذا المستوى في الخطاب أي )القرار( لنتعرف على

Page 38: سؤال الكيان

38

اإلرادة، ونضيف مستوى أدنى منه أي )اإلرادة( لنتعرف على الرغبة. هذه عتبة ظاهراتية للتفكير في إحاالت الكيان من خالل ثنائيتين هما الرغبة واإلرادة من جهة، والرغبة والقرار

من جهة أخرى.

5ـ إن جزءا من التغير )أو إعادة التشكل بمعنى التحول الذي يصيب الكيان ال بمعنى اإلصالح( يقتضي استبدال جميع التمثالت، إلى الحد الذي تبدو فيه العملية االجتماعية كما لو أنها قد بدأت للتو، وأن ما يفصح عنه التاريخ وما تدل عليه سيرورة المجتمعات لم يكن سوى إرهاص طويل

المدى.

6 ـ وطالما أننا ال ننشد وصف الكيان بالركون إلى تمظهراته، خاصة تلك المتجسدة في األيدوس القومي، بل نعمد إلى بحث مكوناته كمفهوم أوال، ثم شروط مأسسته، وتحويله إلى وجود شبه متعال. فإننا نكون مقبلين على استدراج إحاالته من حيث هو مجال ترميز العالقات وشبكة القوى التي تنتظم فيه كفعالية

وتحقق حضوره فضال عن وجوده.

7ـ لكن الكيان ليس مجرد مجموع إحاالته الضرورية والحاسمة، إنه فضاء اشتغال هذه اإلحاالت ومجال تبيئتها في اللغة والعمل،

Page 39: سؤال الكيان

39

في القيم والمواد، وفي فكرة الزمن وفعل المياومة. ذلك ما يجعل الكيان إرادة، أكثر مما يكون تمثال.

8 ـ األفراد ليسوا كيانات منفصلة، مفردة، هم أحداث كيانية. إن وجود األفراد بالنسبة إلى وجود الكيان هو كوجود الفاعلية بالنسبة إلى وجود المجال، ذلك يعني أن األفراد يعبرون بوجودهم عن ممكنات حضور الكيان. لكن الوجود الفردي وجود خفيف.

)المعنى الذي استلهمه كونديرا: الكائن في خفته(.

9 ـ هذا الوجود األخف من زنجفر)3( كانط ومع ذلك األكثر تمرئيا منه، ال ينطوي على ذات وموضوع، بل على وحدة، ويقودنا هذا المثال الدال على استعصاء التخييل، )ربما نستعين أيضا بقطة شرودنغر)4( الحية والميتة، أو غير الحية وغير الميتة في آن واحد، كمثال دال على استعصاء التعيين(، إلى التفكير

في واحدية أنطولوجية تميز الكيان.

10ـ ال يميز كيانا ما ذات أو موضوع، بل إرادة، ورغبة إرادة، ثمة

وحدات أساسية لمقايسة المثال، ال يمكننا هنا اقتباس اإلشارة إلى »جوهر« )الجوهر مرآة الكون بأسره ـ ليبنتز(، أو اقتباس اإلشارة إلى »موناد«، أو »علة«، ألن هذه االختزاالت الكليانية من طبيعة منغلقة وإضمارية، وأقصى ما يمكن أن تنتجه ـ في

Page 40: سؤال الكيان

40

شكل فيضـ هو صورتها الضد، في حين أن فهم الكيان ال يتيح نفسه إال من خالل الكثرة و»قابلية ـ كل ـ ذات«. كثرة وقابلية ال يعود بهما كيانا »جوهريا«، بل شبكة من المسارات وانعطافاتها، من التقاطعات وتكوين )وإعادة تكوين( الحيوز والفضاءات؛ الوحدات األساسية هي نقاط مشغولة أو شاغرة )بالفعل أو في االنتظار( على هذه الشبكة بالذات. نحن إذن أمام جغرافيا مرنة أو فضاء لدن)5(، وما نتحدث عنه هو حقول انعطاف متسارعة تترك وراءها التاريخ في كل مرة، ولكنها دائما ترمقه في األفق الذي بدأ يغيب، هناك الفوتونات التي ال ترى، ولكنـ مع ذلكـ ال يمكن التفكير فيها إال مضيئة، وال يمكن استدعاء حضورها إال بتلك الهاالت النابضة التي تلتف ال على شيء بل على ذاتها، مخلفة وراءها خطوطا ذنبية تتسارع في فراغ الذات، وتتالشى تدريجيا، كلما عاينا مسارها انعطفت. إنها موجة، حزم في تيار ا رصد من الموجات، ولكنها كتلة أيضا، كتلة صفرية. ليس مهممساراتها بقدر ما ينبغي إدراك حركة التراكز concentricity التي eccentricity تجعلها تنبض بانتظام، وإدراك طاقة الالتراكز التي تتيح لها االنفالت من سيطرة المركز، منخرطة في تحارف وانزياح ضرورين الستمرار الكيان وانتشاره باقتراح المزيد من األهليليجات.)6( ونستطيع التفكير في مثال الفوتونات بتصور

Page 41: سؤال الكيان

41

انقسامها: إلى دوال )ال إلى جسوم(، إلى لحيظات )ال إلى حيوز(، إلى إحاالت )ال إلى كلمات(.

11 ـ نستطيع في الوقت نفسه مقاربة الكثرة التي تحيلنا إليها

مضاعفة التمثالت في مثال المدينة عند ليبنتز، فـ»كل جوهر هو بمثابة عالم بأكمله، هو مرآة لإلله، أو للكون بأسره« ولكن كل جوهر يعبر على طريقته »تقريبا كما تتراءى مدينة بعينها لناظرها، برؤى عديدة، بحسب المواقع المختلفة، التي يوجد فيها، كذلك

الوجود متعدد، على نحو ما، بمقدار ما فيه من جواهر«.)7(

12ـ من هذا التحيل التجريدي ربما ينهض سؤال هنا. لماذا أقوم

بدفع مفهوم الكيان إلى االنزالق في حقل انعطاف مجهول، بحيث ال يكون قادرا مرة أخرى ـ إذا افترضنا نهاية لرحلته المجهولة ـ على لملمة أطرافه والتكون من جديد باستعادة شكل من أشكاله القديمة؟ أرجئ التفكير في ذلك لو أن الخطوات السابقة لم تفعل سوى الغياب في التجريد وتجويز األمثلة، لكنني أعتقدـ ما زلت أعتقد ـ أن هذا التمثيل الفوتوني )مثلما نقول: تمثيل ضوئي( يحدث قطعا عموديا في مصفوفة العالقات )شبكة الفاعليات المنظمة للحيوز والفضاءات: الفردي، االجتماعي، الطبيعي، التاريخي، الذي يأتي، .. الخ(، وهو قادر على »استحضار«

Page 42: سؤال الكيان

42

اإلرادة المتكونة ـ ال كاستيهام ـ بل كحافز للفعالية. إن الكيان بوصفه إرادة يجعلنا نتوطن وسطا شبه متعال يلتقي فيه المثال بقابلية استدعائه، ويلتقي فيه األيدوس بممكنات تداوله، ويلتقي الكيان بوصفه التعبير عن أما فيه األصولي مع اإلصالحي، وجودا صلدا ال يشترط الحضور فإنه يقحم تصوراتنا في سياق حدية ال تقبل التفاعل، وبالمحصلة فإن مثل هذا السياق يصنع نهايته السريعة، مثل هذا السياق ينطفئ كجذوة في بركان من حمم الغضب التي صنعها بنفسه. إنه يموت بكبرياء، ولكنه

آخر األمر يموت.

13ـ ال يتعين الكيان في عدم الفاعلية. يترتب على هذا »المبدأ«

البسيط إلغاء مبدأ الشكالنية وإمكانات تبدي الكيان. لكن التعين هو جزء من شيئية الموضوعات.. الكيان تقاطع موضوعات المتناهية، لذا هو ـ من هذه الجهة ـ ال موضوع له. إنه في أكثر مستويات التفكير فيه وضوحا شكل تعددي، منزوع الموضوع. علينا بالطبع أن نستثني الفاعلية ألنها وحدها ما يعطيه شكال، وهي وحدها ما يجعل حضوره متصال بتاريخية وجوده، أي بجذوره.

14ـ كيف يمكن تصور كيان دون نسغ ويخضور؟ سيكون مجرد

شبكة متليفة fibromata تنحل إلى خطوط منفصلة تسيطر عليها

Page 43: سؤال الكيان

43

مشاريع يائسة للحكم الذاتي وتبيئة العالم في نموذج الذات، ولن تكون هذه نهايتها، ألن كل ساحة وفسحة وثنية بدل أن تكون حقل تواصل سوف تتحول إلى ميدان حرب عشوائية تحترق فيه األطراف، أما فكرة الكيان فإنها تغدو آنذاك متعالية تسبح كما

الطخرور على ارتفاع بعيد، وال ظل لها على األرض.

Page 44: سؤال الكيان
Page 45: سؤال الكيان

)3(

الكيان والتاريخ

Page 46: سؤال الكيان
Page 47: سؤال الكيان

47

1 ـ يحيل مفهوم الكيان إلى فاعلية محايثة تعتمد على تمثل األيدوس القومي وتوطين مثاله. إن هذه العملية التاريخية تقوم بتوظيف الزدوجة القائمة بين المجال والفاعلية، وذلك

ما يعطي الكيان بالمحصلة شكال وحضورا.

2ـ بمحايثة الفعالية للكيان يكون »هو ما هو«، بفعلها يتبدى حاضرا، وكما قد تنتفي حركتها وتخمد، فإن ما علينا أن نتقبله في صورة الكيان آنذاك هي فكرة جسد ميت. فحركة الكيان هي الفاعلية حية، هي عمل قوى شبكة من الفاعليات مختلفة األصول واآلثار. وما يعطي حركة الكيان شكال ـ بالتالي ـ ليس الكيان ذاته، بل العالقة التي تموضعه بالنسبة إلى كيان آخر؛ كالشمس التي نراها تتحرك بينما األرض هي التي تدور حولها، لكن ذلك أيضا ال يعني أن الشمس ثابتة، طالما أن ثباتها ليس ما صرنا ندركه، بل دوران األرض بنا.

3 ـ يتضاعف إعالء فكرة الكيان عبر التاريخ، ويتم تحويلها

Page 48: سؤال الكيان

48

ندعوه أن يمكن ما هذا للتصورات. مؤسس مبدأ إلى ميتافيزيقا الكيان. ولكن تلك التصورات قد تنتهي إلى أن تتحول بدورها إلى محفزات للواقع، وموضوع للممارسة، ومحتوى للخطابات، أي أنها تتشكل آخر األمر كجزء من تاريخية الكيان. هذه الموازنة تعبر عن إحراج فلسفي، أكثر مما تصف العالقة بين تصورنا لماضي الكيان وبين ممكنات

حضوره.

الكيان عن مجاله، نزع التاريخية ال يمكن الناحية ـ من 4سواء كان هذا المجال واقعيا أو افتراضيا، فالمجال أو »النهاية المحيطة« )بتعبير ابن رشد( ال يوجد في الماضي، إنه داللة الحضور التي يعلن بها الوجود عن نفسه، تماما مثلما البد للزمن من مكان، ألن الزمن آخر األمر ليس سوى إدراك الحركة في المكان، كذلك هي مسألة عالقة الحضور بالوجود، وعالقة الكيان بالمجال، فالحضور هو إدراك للفاعلية التي تحايث الكيان، كما أن الكيان هو إدراك ألبعاد المجال الذي يحتضن

فاعلية الكيان وحضوره.

بحدين عبارة التاريخي« »الكيان عبارة تصبح هنا من متناقضين، عماذا نعبر هنا؟ أعن قدم الكيان وأصلية وجوده، أم عن حضور الفاعلية فيه؟. إننا نستدعي في هذه العبارة حدين

Page 49: سؤال الكيان

49

متعامدين لنجعل من أحدهما صفة لآلخر، كما أننا نقوم في نفس الوقت باستبطان التناقض الذي يشيان به، دون التفكير

في إشكالية الوجود والحضور.

5 ـ ليس قدم مكونات الكيان هو الذي ينفي حضور الكيان، بل انتفاء الفعالية التي تستطيع جعل هذه المكونات تواصل تغذيتها

االرتجاعية للكيان.

تاريخية، ليس من طبيعة لكنه تاريخيا، يتكون الكيان إن إننا نتصوره جوهرا ذلك أننا نقوم دائما بافتراض أصليته، )مونادا( ال يقبل التحول؛ إذا جئنا إلى التاريخ اشترطنا التحول والسيرورة. الكيان من هذا الجانب في التأويل هو صيرورة

تقاوم السيرورة.

6 ـ كيان بدون تاريخ هو كيان غفل. لكن كيانا في التاريخ هو أيضا كذلك.

7 ـ ال ينشأ كيان لذاته، بل ألن األويكومين الذي يحيط به ويتقبل وجوده وممكنات حضوره مكتظ بعناصر ومقدمات جديدة للتحول، وألن فائض فعالية في العالم أصبح ممكنا وال بد من اعتوائه. وهو ال ينشأ من أجل ذاته وبها، بل من أجل أن يوجد بين آخرين، وتحديدا بين آخرين تنتهي أطراف مجاالتهم إلى الفراغ، وتالمس هدابياتهم المجهول، أو فكرة

Page 50: سؤال الكيان

50

عنه. كيان هرم سوف يمتثل للتحول، سوف يقبل االندراج واالمتصاص وإعادة التمثيل re-assimilation في كيان جديد، وسوف يتقبل إعادة التشكل وإن بعد مقاومة، ألنه ما أن يدرك ضرورة هذه العملية حتى يعيد توظيف مكوناته فيأخذ بالنتيجة

شكال جديدا.

8 ـ لنأخذ مثال األويكومين اليوناني. لقد استخدمت الكلمة للداللة على الجزء المعمور من األرض كما عرفه اإلغريق أيضا استخدمت لكنها معه، التعامل على ودربوا ومارسوه لضرورة جغرافية للداللة على الجزء األفروآسيوي من العالم القديم وهذا الجزء في جانب من معرفته بالنسبة للمؤرخين غير مخرط وغير محدد جغرافيا، بل إنه غير إنساني أيضا. كان الكيان، فاعلية مجال عن األولى بالداللة يعبرون اإلغريق الثانية عن مجال فراغ الكيان وحاجته إلى ويعبرون بالداللة المزيد من اإلنفاق القومي. لكن هذا التناقض الشكلي ال يعبر في الحالتين سوى عن ممكنات المجال بالنسبة للكيان، وبعبارة أخرى: نحن تماما في قلب نظرية االستعمار والفراغ في أحد

أكثر أشكالها بدائية.

إننا بإعادة بناء خريطة هيرودوت للعالم )450 ق.م( نميز لديه ثالثة كيانات قارية، هي آسيا، أوروبا، أفريقيا )كان اسمها ليبيا(،

Page 51: سؤال الكيان

51

إال أن الكلمة المعبرة عن الكيان اإلمبراطوري )أويكومين( لم تكن توحد في استخدام واحد بين هذه األجزاء، ولقد فضل اليونانيون أن يزاوجوا بين استخدامين متناقضين لنفس الكلمة األجزاء من جهة، السيطرة على هذه بالذات: السبب لهذا

واستحالة أغرقتها من جهة أخرى.

لقد كان اإلغريقـ كما كان الرومانـ مهووسين بفكرة أن »أحقر أن أدركوا المروع، ولعلهم تفاجؤهم بظهورها األشياء« قد كيانا )أويكومينا( مستلبا كان قابعا خلف األطراف التي وصفت بالالإنسانية. لقد أفصح التاريخ فيما بعد عن صدق حدسهم ونبوءتهم عندما أصبح التمركز جنوبيا مع الدولة الكنعانية في المتوسط )الفنيقيون(، ثم شرقيا مع الدولة اإلسالمية )العرب(، لكن جدل الكيانات هذا لم يغفل تلك الصفة )أحقر األشياء( فجعل اللغة العربية تخص العجم )اإلغريق والرومان( بصفة األعاجم، حرفيا: »البهائم«، مثلما جعل كنعانيي شمال أفريقيا يصفونهم بـ»القاذورات«.. بعد ذلك سوف يأتي الفارابي ليصف أوروبيي أقصى الشمال بأنهم »بهائم إنسية«، ألنهم لم يبلغوا مرحلة اإلنسان الكامل؛ وكان ذلك تقريبا أهم رد اعتبار ثقافي barbaros كلمة في اإلغريق عممها التي »بربر« صفة على

.balbus والرومان في كلمة

Page 52: سؤال الكيان

52

خريطة العالم وفقا لهيرودوت )450 ق.م.(

Page 53: سؤال الكيان

53

إالما يشير هذا المثال؟ إذا كان األويكومين مثاال داال جيدا على العالقة بين الكيان والمجال )بين وجود الكيان وحضوره( فإن

درسه المستخلص هو:

ـ إن الكيان ال يحقق حضوره إال من خالل مجال تاريخي جديد، أي بالتوسع.

ـ إن الكيان يصنع ضده، موته، نهايته، انتفاءه.. بالسيطرة.

ـ إن الكيان الطرفي الغفل )الذي تتطابق فيه األمة مع حدودها غير اآلمنة( ليس في منجأ من اندراجه في مجال فعالية كيان آخر،

أي: خضوعه للسيطرة.

لقد استخدمنا للتو ثالث كلماتـ حدود للتعبير عن جدل الكيان في التاريخ: توسع، سيطرة، خضوع. إال أن العالقة بين هذه الحدود ليست نسقية كما يمكن أن نفترض للوهلة األولى؛ إن التوسع قد يمد مجال الكيان دون أن يصنع حضورا، والسيطرة قد تعيد ترتيب أبعاد المجال دون أن تصنع كيانا جديدا، والخضوع قد يحيل مركزية الكيان إلى مجال الرتباطات األطراف وتأثيرها: اللغة وآدابها، اإلنتاج الزراعي القاري، الدين، ... الخ. إن التاريخ ال يقترح حلوال لمعضلة الكيان ذلك أن المثال الذي يتطابق فيه التكوين السياسي مع التكوين االجتماعي لألمة)8( لم يتحقق إال نادرا، وهوـ حتى اآلنـ ليس سوى رمز لتوهين وتائر االحتدام

Page 54: سؤال الكيان

54

في العالم. التاريخ لم يقترح بعد سوى االعتماد على القوة كأداة وحيدة مقنعة لتدعيم حدود الكيان، بالسيطرة على األطراف التي تكاد معالم الكيان تنصهر فيها، أي بتحويل هذه األطراف الدالة إلى احتياطي يمكن التضحية به دفاعا عن اإلحداثيات على المجال الذي يحتضن فاعلية الكيان وحضوره، بالرغم من أن التقدم القومي نتيجة استحواذ ما ألمة أخرى كان دائما ا باإلنسانية؛ ولهذا السبب عادة ما يحل تمثل اإلرادة ا وضار شربدال عن الفاعلية، أي أن األمم المهددة عادة ما تلجأ إلى سؤال الهوية)9( عبر التاريخ بدال عن سؤال الكيان وممكناته في الواقع.

9 ـ إن سؤال الهوية أصبح ظاهرة كونية، بفعل عدم االستقرار الذي يحتدم في العالم اآلن، وأهم أسباب عدم االستقرار هذا هو اإلحالل المتواصل للدولة كبديل عن األمة، وهذا اإلحالل يمثل أكثر أدوات العولمة فاعلية، وأكثرها تهديدا ـ في نفس الوقت ـ لثنائية الوجود والحضور التي انبنت عليها التراثات

األممية عبر التاريخ.

لم تعد األمة )أو أحد مكوناتها، كصورة العرق أو مبدأ االنتماء مثال(، مرجعية وحيدة لفكرة الكيان، ولهذا السبب اتخذ سؤال الهوية ذلك الطابع الكوني. هذا السؤال محمل بدالالت متغيرة، شأنه في ذلك شأن الوعي بالكيان كـ»كتلةـ فيـ العالم«، وهو كما

Page 55: سؤال الكيان

55

ألمحنا في طالعة الخطاب متصل بتعويم الخصوصيات الثقافية، وتنميط االستجابة، والتشريع للمستقبل الكوسموبوليتي، وغيرها من مظاهر التشميل المعولم لالستهالك سواء االقتصادي أو الثقافي، أو حتى االستهالك السياسي المتمثل في انتشار صورة الديمقراطية الليبرالية والوعي بحقوق اإلنسان من منظور أحادي

تم تعميمه وتصديره باعتباره المنظور الوحيد.

10 ـ لقد تخلص التكوين السياسي لألمم عبر تجارب تاريخية

طويلة من الخضوع للتكوين االجتماعي، لكن المستقبل يشي بأن ال بديل أمام الكيان القومي إال إعادة تفعيل عوامل التكوين االجتماعي للمحافظة على بقائه وللمنافحة عن حدوده السياسية، والثقافية أيضا. وهكذا فإن عوامل التكوين االجتماعي التي كانت في ما مضى سببا في فساد التكوين السياسي، سوف تتحول تدريجيا إلى وسيلة إلنقاذ الكيان والمحافظة عليه. الكيانـ دون

أن يهدأ ـ أمام ثالثة تشريعات ملحة:

ـ التشريع للوجود )التمثل وتوطين المتعالي(.

ـ التشريع للحياة )التدبير والتنظيم االجتماعي(.

ـ التشريع لالمتثال )عقيدة الرضوخ القومية(.

11 ـ إعالء الكيان، وتحويل النظمنة االجتماعية متجسدة في

الدولة إلى مدونة اسكاتولوجية تتمثل النهاية والمطاف األخير..

Page 56: سؤال الكيان

56

مسألة أخرى. هيغل الذي يمكن أن نبحث عنه ابتداء من القديس النفيس، جعل من بروسيا كيانا أخيرا، ومن أوغسطين وابن الملكية البروسية نهاية يتعذر اجتيازها لكل عقل حر، لقد أراد للكيان أن يتبدى في تجليه األخير، ربما تحققت رغبته بالنسبة

إلى بروسيا التي كانت آنذاك مقبلة على نهايتها.

12ـ في بطن الكيان يوجد انهدامه، توسعيا كان أم طرفيا. الكيانات

التوسعية صنعت مجدا تاريخيا موقوتا، أما الكيانات التي تطابقت فيها األمة مع حدودها القومية فقد انتهت إلى انخراطها في كيان )أو كيانات( أكبر، جميع األمثلة التاريخية التي يمكن استدعاؤها هنا تشي بمبدأ واحد تشترك فيه الكيانات يعبر عن جدل الفرد والعود الذي تصنعه األمم بنفسها. إن األيام متداوالت، العصر مظفور بين أطراف تغلب وتغلب، لكنها جميعا تبقى جزءا من التاريخ، ويعبر عن نفسه سياق أشمل يعبر معظمنا عنه باسم

باسم التداول.

لقد احتلت أوروبا أفريقيا في دورة تاريخية محددة بقوة السالح وبالطمع في الموارد. اآلن.. أفريقيا مقبلة على احتالل أوروبا بأدوات مختلفة، هذه حقيقة الجدل بين الكيانات، ال يمكن مقاومة الدورة التاريخية القادمة إال بالعودة في التاريخ، ال يمكن عكس اتجاه البوصلة إال بجعل مجالها ينحرف، وتلك مسألة

Page 57: سؤال الكيان

57

مستحيلة، ال يمكن إعادة أقلمة وتوضيع الكيانات السياسية التاريخية لمصلحة قومية أو قارية جديدة، ألن تلك القومية الكيانات ـ ببساطة الجدل التاريخي ـ هي كيانات مندثرة. إن ما ينهض في هذه الدورة التاريخيةـ والحديث ما زال عن أفريقياـ هو تحالف يصنع ذاته من أطراف موؤودة في نوع من ردة الفعل

التاريخية ستسود العالم.

استطراد: نعود إلى »أويكومين«.. لقد غفت هذه الكلمة لقرون عديدة، أي منذ أن تحطم الكيان االمبراطوي القديم)10(، إال أنها الحديث( الغربي االمبراطوري الكيان )في ظل ثانية بعثت لتستخدم في الثقافة التنصيرية الكاثوليكية بداللة »العالم المقبل«، أو »مملكة يسوع«، ثم أصبح من المسوغ استخدام الكلمة للداللة عل »العالم المسيحي«، أو »األجزاء المعمورة من األرض حيث تنتشر الديانة المسيحية«. أو للداللة على حركة التوحيد لجمع œcumenism يتم الكنائس المسيحية في كيان واحد. إال أن تفريغها دالليا كل يوم لتعني أيضا: حركة توحيد عالمية للديانات اإلبراهيمية: اليهودية، المسيحية واإلسالم، باالستفادة من التراث الروحي للشعوب التي تدين بها. وهو استخدام يفتقر إلى أدنى معطيات فهم التاريخ، خاصة إذا قمنا باستدعاء األمثلة التاريخية النموذجية من قبيل الحروب الصليبية مثال، إال أن المسارات

Page 58: سؤال الكيان

58

المستقبلية لهذا االستخدام قد تفصح عن تداول جديد غير معهود يرافع فيه أصحابه عن رؤية إنسانية جديدة. العولمة بطرحها األيديولوجي الحالي لن تكون ـ الختالف »إنسانيتها« ـ سببا لمثل هذه الرؤية، لكننا إذا تحدثنا عن »كيان في العالم« نستطيع توقع صيغ أممية تلتقي فيها الخطابات القومية، ويكون خطاب

التوحيد بين الديانات اإلبراهيمية مبدأ مؤسسا فيها.

Page 59: سؤال الكيان

)4(

�صوق الكيان

Page 60: سؤال الكيان
Page 61: سؤال الكيان

61

1 ـ إذا فكرنا في تداولية مفهوم الكيان يمكننا القول أن الكيان اإلنتاج، قابل إلعادة مثلما هو لإلنتاج واالستهالك، قابل وبعبارة أخرى: من الممكن تحويله إلى سلعة تمتثل لشروط السوق الرمزية. إن العملة الرائجة لهذه السوق هي التمثالت العابرة لألزمنة، واألمكنة أيضا. وضمن هذه الـ»عبر ـ بشرية« Trans-humanism تنشأ تبادلية تعاقدية مبنية على رسم حدود

الكيان، واالعتراف بتخوم اآلخر.

2ـ ال يشغر اآلخر الحيز الذي يدعي احتالله إال بقدر ما يستطيع »األنا« مضاهاته بدعوى مقابلة.

3ـ حضور اآلخر شيئي دائما. إن شيئيته واستدعاء وجوده كموضوعـ ال كذاتـ يجعل قيمته كإنسان متعلقة ومشروطة بحضوره كاستجابة، ال كموقف. الفكرة العامة هنا أن كيان اآلخر مشروط بترويج بضاعته

القابلة للتبادل المؤسس على تمرين التمثالت.

4ـ اآلخر مفهوم سلبي. إن تعيينه ال يتم إال باستدعاء غيريته وكونه

Page 62: سؤال الكيان

62

منفصال أصال، أي أن نفيه هو أساس تحققه، وبعبارة أخرى فإنه يحضر بسلب تحققه ممكنات التطابق والتشارك والتماثل، في مقابل إضفاء سمات التباين والتفاصل والتفاضل. ما يخفف من لب هو امتالك اآلخر شروط االستجابة لمتطلبات حدة هذا الس

التسويق. ينتسحب هذا التحديد على:

ـ النقيض: كما في مثال العدو أو الخصم.

ـ الغريب: كما في مثال األجنبي.

ـ المختلف: كما في مثال الهامشي والغامض.

هذه ثالثة أشكال نمطية لآلخر، ولكنها أشكال غير قارة ألنها عرضة للتبدل بمقتضى تفاعالت سوق الكيان.

5ـ ينجح تسويق الكيان بقدر ما ينجح الجحر الثقافي في إنتاج صورة أصلية غير مقتبسة أو مشتركة، والمثال األنجع هنا هو تبئير التمثالت

القومية. الصورة هي متوسط التداول بين اللغة والسلعة.

6 ـ على هذا النحو يكون حضور اآلخر بالنسبة إلى األنا حضورا ا في األساس، وتحوله إلى واقع، أي االعتراف بذاتيته، رهين صوريبأنماط التواصل التي ـ وإن لم تلغ االنفصال ـ تعمل على تذويت

المسافة التي يقع على طرفيها موقعا الرؤية والتعيين.

7 ـ الكيان ليس عرضا حيا، ولكنه ليس متحفا للفعالية كذلك.

Page 63: سؤال الكيان

خاتمـة

Page 64: سؤال الكيان
Page 65: سؤال الكيان

65

1ـ في خطاب المكنة والقوة يكمن جوهر الضعف والتداعي. قال عبدالله العروي: »إن التشديد على ضرورة تقوية الدولة باستمرار دليل على أنها ضعيفة باستمرار«؛ يمكننا استعارة هذا التوكيد ليتصل ال بالدولة وحدها، ولكن بالكيان أجمعه. ذلك يعني أن الكيان الذي ال يظهر إال براديكاليته، قد يكون األضعف في صون خطابه واستشراف مستقبله، من ذلك أن المؤسسة )السياسية، االجتماعية، الثقافية، االقتصادية( التي ال تعترف إال بخطاب واحد متأصل في الزمان والمكان، والتي ال تدرك عالقتها التكافلية بخصومها )المعارضة والمنافسة والعداوة( وتتبنى سحق خصومها دون إدراك حاجتها األساسية إلى الرجوع إليهم، إنما هي مؤسسة تموت.. وبمعنى آخر، )نستعير فيه حكمة الطاويين(: »ال بد للنظام من أعدائه، إذا شاء أن يستمر«. هكذا يمكن للمناقشة الحرة التي شرعنا بها أن تمضي بين درس في الفكر السياسي )كشف أساطير الدولة الحديثة، بدءا بفكرة المواطنة والدستور وتصعيد حدث ـ

Page 66: سؤال الكيان

66

كالحرب ـ ليكون خطابا كونيا ـ كالعولمة( وانتهاء بدرس التصوف الشرقي )حكمة الطاويين القدامى الذين سار صوفيو العرب على طريقتهمـ أعني اختزال التاريخ السياسي بخطاب مراقبيه الذين عاشوا على هامشه، دون أن يسمحوا له باإلفالت منهم(، لست في الحقيقة أفجر أسئلة دون عناء البحث عن إجاباتها، ولكنني ـ بهذا القدر أو ذاك ـ أرتب اجتهاداتي التي آمل من خاللها أن أكون قد قاربت حدا أدنى للقول واجتراح المناقشة بالتحرر من التمدرس، وبرفض الركون إلى الحلول التلفيقية والمشاريع اإلصالحية المرقعة، دونما حاجة إلى مواصلة التأكيد على أن هذا النص إنما ينهض من الحرية

وحدها كشرط ممكن الستمرار الخطاب وتواصله.

2 ـ يمكننا النظر إلى المثال االستبدادي )المثال الشرقي، أو األرثوذكسي، أو حتى المتخيل في كتابات الرحالة الغربيين في آماد القرن التاسع عشر(، كنموذج سردي مطلق ال »ماـ صدق« منطقي له، وال يمكن اعتماده للمقارنة، إال بقدر ما تسمح به رغبتنا في التعرف على بالغة االستبداد المضاد الذي عانينا الليبراليين ونعاني منه لقرون عديدة على أيدي المفكرين

»األحرار«.

3 ـ إن أولى أساطير الدولة الحديثة أنها غير قابلة للتبدل من

Page 67: سؤال الكيان

67

المتعاقد السياقات المتعاقد عليها. هذه السياقات خارج متمثلة، أي أنها ليست وليدة عليها هي باألساس سياقات البيئة التاريخية واالجتماعية التي ننتمي إليها كذوات فاعلة أو كالعبين اجتماعيين ندرك مساحة وفضاء خطابنا السياسي االجتماعي، ونحتكم إلى معيارية منهجية أنتجتها لنا تلك السياقات على نحو خاص لنعالج بها التباسات وارتباكات العالقات التي نتوسم أنها تنظمنا، أو على األقل نتوخى من خالل اتباعنا لها أن نتعرف على »نظامنا« الخاص الذي يصنع إلحداثياتها مدركة اجتماعية كذوات بيننا العالقة سياق

التاريخية االجتماعية إزاء العالم.

4ـ للدولة كمفهوم سياسي اجتماعي رهابه الخاص، أتحدث هنا عن فوبيا ترافق تداول المفهوم، وأتساءل ما إذا كان بإمكاننا أن نعمم فكرة رهاب المفاهيم على غير هذا المفهوم! بهدف نزع توائمها السيامية عنها، بدءا بالديمقراطية والليبيرالية، الشورى والالسلطوية، التوافق والمصالحة.. إلخ. ويدرك القراء أننا )أنا وهم( نتكاتف لنخلص أنفسنا على مدار الساعة

من رهابات عدة، لعل أشدها رهاب الدولة بثنائياتها.

5 ـ بقدر ما يصدر الكيان عن التشميل األيديولوجي التداولي لمجمل الفعاليات وما أنجزه تراكمها من مسارات وأنساق ينظر

Page 68: سؤال الكيان

68

إليها بوصفها متواطئة ومتضافرة إلنتاج تاريخها الخاص، بقدر ما يؤدي هذا التشميل األيديولوجي التداولي إلى نهاية الكيان.

تنشأ أوهام الكيان عن تحويل الحضور إلى معيش، ولكن قد ينتهي تفعيل إعالء عالقة المحايثة هذه بتسويغ أوهام الكيان.

6 ـ الوهم إمكان تجويز، قابلية للتجدد، ربما للنسيان، وإحالة ها بقوة األشياء إلى حاالت صفرية. بعد ذلك ـ طبعا ـ يجب مد

القطيعة.

Page 69: سؤال الكيان

69

هوام�ش

« الذي يشير إلى 1ـ توفر لنا اللغة العربية اختزاال معبرا يتمثل في الظرف »ثم« المكانية هذه تستخدم باستدعاء التحول والحركة المكان البعيد. إن »ثمفي المكان )= الزمان(. العربية توجز لنا بدقة هذه اإلحالة المكانية والزمانية « واإلشارة المكانية »ثمة«.. في حرفين، فهي تتضمن االستئناف الزماني »ثم« هذه باألداة الزمكانية، كلما أردنا بحث مسألة التحول. يمكننا أن نصف »ثم

إنه لفظ ينتمي إلى التفكير في المستقبل، ومقتضيات تواصل السيروة.2ـ الكيان هو حال األيس، أي الكينونة والوجد. ربما أصل »ليس« العربية هي »ال أيس«. إذا تمظهر الكيان يمنحنا هوية. الهوية تضمر الكينونة، لنفكر كذلك في identity أي الهوية، لنفكر في id بمعنى »طفح« السابقة

.entity على الكيان

3ـ الزنجفر: كبريت الزئبق األحمر القرمزي. يقول كانط: »إذا كان الزنجفر تارة ذا لون أحمر، وتارة أسود، تارة خفيفا، وتارة ثقيال، فلن تتاح فرصة لمخيلتي كيما تستقبل في الفكر الزنجفر الثقيل مع تصور اللون األحمر«.

ما الفلسفة، جيل دولوز، 207.

4ـ أضفت مثال قطة شرودنغر، كنموذج ذهني معروف على مبدأ الاليقين،

Page 70: سؤال الكيان

70

عدت في ذلك إلى ذكرى المناضل الرفيق وجيه مطر الذي لم يكن يرى في الحكام العرب إال قططا مهجنة في مختبر شرودنغر، »فال هم أحياء

فيسمعون، وال هم أموات فينسون«.

اللوغوس«، انظر: »ورثة اللدن، المرنة والفضاء الجغرافيا 5 ـ حول الفصل الثالث.

6ـ يقول باشالر: »إننا ال نستطيع فصل الضويئة )الفوتون( عن شعاعها. الضويئة، بكل بداهة، هي نموذج يمثل الشيءـ الحركة«، )التفكير العلمي الجديد، 65(. لقد طور أينشتين المفهوم الحديث للفوتون )γ( في 1917، باسم كوانتم الضوء، وبعد ذلك بعقد من الزمان انتشر اسم الفوتون على يد غلبرت لويس. يظهر الفوتون قابلية لخاصية المادة واإلشعاع في نفس الوقت، إال أن التعبير عنه بالجسيم ليس كافيا، ألنه متناه في الصغر وال كتلة له، فهو »جسيم طاقوي« يمكن تتبع آثاره فقط، والفوتون حيادي الشحنة، له نفس سرعة الضوء تقريبا، وهو األساس في تكون الحقول الكهربائية والمغنطيسية، ويكون اإلشعاع الضوئي المرئي )أشعة الشمس( وغير المرئي )أشعة إكس، ..(. يمكن القول أنه يشغر كل مكان ودائما. وهو حامل للطاقة وال يتفاعل مع أي »شيء« آخر. ويمكن وصفه بالوسيط بين الحقول المغناطيسية أو بين التفاعالت الكهرومغناطيسية، يضم كل متر مكعب من الفضاء 400 مليون فوتون، وتدخل التطبيقات الفوتونية

اآلن في حواسيب الكوانتم.

IX، ترجمة د. البكاي ولد 7 ـ ليبنتز، مقال في ما بعد الطبيعة، الفقرة عبدالمالك.

8ـ تاريخ األمم يقدم لنا نماذج من تطابق التكوين السياسي مع التكوين االجتماعي، لكنه يرينا أيضا أن الزمن الذي يستقر فيه الكيان على هذا النحو ال يدوم طويال، إذ أن كل كيان قار يكون عادة مهدد ضمن جدلية

Page 71: سؤال الكيان

71

الفرد والعود إلى التحول بفعل عوامل التدني الداخلي أو االستعمار الخارجي، يبدو أن الكيان ال معنى خارج التحول. ثباته يعني موته.

9 ـ من أمثلة سؤال الهوية التردد الذي يلقي بظالله على النخب الروسية إزاء الهوية األوراسية )نسبة إلى أوراسيا( مثال، أو طرح الهوية األفراسية )نسبة إلى أفراسيا( بالنسبة إلى اليمن أو مصر في مثال آخر، أو الهوية القومية بالنسبة للسودان.. وهكذا. وليس ذلك بأقل أثرا من االنتماء إلى هوية إسالمية مفترضة بالنسبة لألفغان الذين لم تؤثر فيهم عدة قرون من محاوالت اندماج األعراق في كيان واحد، لنفكر أيضا في الباسك والكاتاالن والشيشان والتيبت والتاميل.. إلى آخر ذلك من األمثلة وهي

جد كثيرة.

10ـ كلما فكرنا في العالقة بين الديانة المسيحية واالمبراطورية الرومانية نجد أن كال منهما صنع نقيضه باحتضان اآلخر. تشظت اإلمبراطورية

وغادرت المسيحية إهابها الشرقي إلى األبد.

Page 72: سؤال الكيان
Page 73: سؤال الكيان

73

من مؤلفات د. عبدالمنعم المحجوب

اأول: درا�شات

ـ أصوات بابل.

مقاربات جينالوجية في اللغة والحراك السوسيوثقافي األفروآسيوي، وحديث عن المسارات الالنسقية للتآثر اللغوي، مع قراءة جديدة

للغات العاربة. دار تانيت للنشر والدراسات، ط1، 2014.

ـ معجم تانيت.

معجم في الحضارة الليبية ـ الفينيقية في شمال إفريقيا وحوض المتوسط وما يتصل بها من الحضارات المصرية واإلغريقية الرومانية وممالك نوميديا وموريتانيا الطنجية وموريتانيا القيصرية

والصحراء الكبرى. دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2013.

ـ فتنة الوراق.

من تراث نقد الفكر الديني في القرن الثالث الهجري، وهو أول ص ألبي عيسى محمد الوراق ويجمع شتات تراثه كتاب يخص

Page 74: سؤال الكيان

74

المبثوث في الكتب العربية القديمة. مركز ليبيا الوطن، طرابلس، ط1، 2013

ـ كتاب التبو.

أول كتاب يصدر باللغة العربية عن هوية التبو، ولغتهم، وتاريخهم المجهول، دار تانيت للنشر والدراسات، ط1، 2013.

ـ رحلة حنون.

طواف الملك القرطاجي البحار حنون حول ما عرف باألرجاء الليبوفينيقية وراء أعمدة هرقل، وإعادة تدقيق كرونولوجية في تاريخ تأسيس قرطاج، مع تذييل بأهم المدن الفينيقية في حوض

المتوسط. دار تانيت للنشر والدراسات، ط1، 2012.

ـ الكتاب األرجواني.

تأمالت متفرقة في تاريخ قرطاج الثقافي. دار الفارابي، بيروت، ط1، 2010.

ـ ممكنات الديمقراطية في ظل التنوع اإلثني والثقافي في إفريقيا.

بحث تم تقديمه للمؤتمر الدولي الذي عقد بأسمرة )أريتريا(، دار األصالة والمعاصرة، طرابلس، ط1، 2010.

ـ كانط.. من أجل سالم أبدي.. مسودة فلسفية.

Page 75: سؤال الكيان

75

الترجمة الكاملة للمسودة الفلسفية لكانط، مع تقديم وتعليقات وشروح ضافية. دار األصالة والمعاصرة، طرابلس، 2010.

واللغات العربية للغة السومرية الجذور .. اللغة قبل ما ـ األفروآسيوية.

نظرية لغوية تصحح وهما دام ألكثر من مائة سنة حول عزلة اللغة السومرية، مع نماذج تطبيقية وخالصات واستشراف. دار تانيت للنشر والدراسات، ط1، 2008. دار الكتب العلمية،

بيروت، ط2، 2013.

ـ القصور الديمقراطي.

السياسي، المواطنة، والقرار مناقشة حرة لمفاهيم: الحكم، وحديث عن »الجهاز االنطباعي للعالم«. سلسلة كتاب فضاءات،

طرابلس، ط1، 2005.

ـ ورثة اللوغوس.

العالمي المركز التأويل«. »راهنية األول من مشروع الجزء لدراسات وأبحاث الكتاب األخضر، طرابلس، 2004.

ـ ما وراء الغرب.. بصدد الذات واآلخر والثقافة.

مفهوم الغرب في ظالله الجغرافية والتاريخية والفلسفية والثقافية والسياسية. سلسلة كتاب فضاءات، طرابلس، 2003.

Page 76: سؤال الكيان

76

ـ الالدولة.

المنشأة العامة للنشر والتوزيع، طرابلس، ط1، 1987.

ثانيا: ق�شائد

ـ كلما شع النبيذ.

قصيدة صدرت طبعتها األولى سنة 2009 عن دار تانيت بتونس.

ـ عزيف.

قصيدة صدرت طبعتها األولى سنة 2002 عن دار تانيت بتونس.

ـ كتاب الوهم.

قصيدة صدرت طبعتها األولى سنة 1998 عن دار الملتقى ببيروت.

ثالثا: اإ�شدارات م�شتركة

ـ التحركات البشرية والهجرات اليمانية إلى الشام وشرق وشمال إفريقيا قبل اإلسالم وبعد ظهوره.

مع د. علي فهمي خشيم، د. محمد علي مسعود، وآخرين، المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب األخضر، طرابلس. جامعة محمد الخامس، الرباط، المغرب. مركز الدراسات االستراتيجية،

دمشق، ط1، 2001.

Page 77: سؤال الكيان

77

ـ شعرية النظر.

مع الفنان التشكيلي علي الزويك، مركز ليبيا الوطن، طرابلس، ط1، 2013.

رابعا: كتب �شدرت عنه

ـ متن التضاد.. جدل الظاهر والمضمر في كتاب الوهم. تأليف: محمد الزيات، مجلس الثقافة العام، 2008.

وليد تأليف: األخير. السومري المحجوب.. عبدالمنعم ـ الزريبي، الشركة التونسية العامة للطباعة والنشر، 2009.

Page 78: سؤال الكيان
Page 79: سؤال الكيان

صدر في هذه السلسلة

1 ـ )قراءات في السلم والحرب(، عبدالمنعم المحجوب.2 ـ )حبر المنفى(، عمر الكدي.

3 ـ )خاليا نائمة(، محمود البوسيفي.

4 ـ )أوراق تاريخية(، مختار الجدال.5 ـ )ما وراء الحجاب(، فتحي بن عيسى.

6 ـ )منفى(، ديوان شعر ـ عمر الكدي.7 ـ )مفهوم القوة في السياسة الدولية(، خالد الحراري

8 ـ )على جوك(، قصائد محكية بلهجة ليبية، سالم العالم.

يق بودوارة. 9 ـ )موسوعة الجهل النسبي(، مقاالت، الصد

Page 80: سؤال الكيان