رسالة فى حقيقة الإيمان شرعاً

سر

ال

ة

�

ح

يقق

يم اإلة

�ان �

جمعها

نزار حمادي

هـ1437محرم

- 2 -

- 3 -

الرحمن الرحيمبسم اهللا

الحمد هللا الذي حبب إلينا اإليمان، وزينه يف قلوبنا بالدليل

، وكره إلينا الفسوق والعصيان، وقبح يف صدورنا الكفر والربهان

على سيدنا محمد الذي جعل األعمال ن، والصالة والسالم والطغيا

أمارة اإليمان، وزينها بكلمتي الشهادة وسائر األحكام، وعلى آله

.الكراموصحبه

الشرع، فر القبلة يف مسمى اإليمان يف عاختلف أهلوبعد، فقد

ب ألصل النجاة تعريف اإليمان الشرعي المستوج والصواب

ه بهيئج مملا عيم فولسلر لهدح وبل القيقدصت «: بأنهاألخروية

ا يقدص، تاالمج إملا عيم فاالمجإ، ويالصف تملا عيم فيالصفتة، وررض

.» الم أيللد لان كاءوا، سقلطا ممازج

ل عن معناه اللغوي، نق الشرع لم يفألن اإليمان يف، ما أنه تصديقأ

قال لسان األمة وسيف السنة القاضي أبو بكر الباقالينفقد إن الذي «:

سلف األمة من الفقهاء وغيرهم أن اهللا سبحانه عليه أهل الحق وجميع

وتعالى لم ينقل شيئا من األسماء اللغوية إلى معان وأحكام شرعية،

- 4 -

عربي، وال أجرى سائر األسماء وال خاطب األمة إال باللسان ال

. )1(»والتخاطب إال على ما كان جاريا عليه يف وضع اللغة

، وهو أن تنسب باختياركلتصديق ل موضوع اللغة يفواإليمان

إمام المفسرين ابن جرير قال إلى المخرب أو المخرب عنه، قالصد

ـ اإليمان اسم للتصديق كما قالته العرب وجاء يف كتاب اهللا: الطربي

E ﴿: ا عن إخوة يوسف من قيلهم ألبيهم يعقوب خرب ـهتعالى ذكر

L K J I H G F﴾ ]بمعنى ما أنت ]١٧: وسفي

.)2(بمصدق لنا على قيلنا

يف تفسير قوله نقل اإلمام الطربي عن ابن عباس و

ثم قال اإلمام ،»ونقدصي«: هقول ]٣: لبقرةا[ ﴾- . / ﴿: تعالى

.)3(التصديق: ومعنى اإليمان عند العرب: الطربي

)387ص( التقريب واإلرشاد )1(

)190ص(ير يف معالم الدين، التبص)2(

)240ص/1ج( جامع البيان عن تفسير آي القرآن، )3(

- 5 -

التصديق؛ : اإليمان يف اللغة :قال سعد الملة والدين التفتازاين

ولم ينقل يف ،مة اللغة وداللة موارد االستعمالبشهادة النقل عن أئ

.الشرع إلى معنى آخر

إليه إال بدليل،ارص األصل، فال ي خالف)1( فألن النقلالا أوأم

نة خطاب العرب به، بل كان ذلك وأما ثانيا فألنه كثر يف الكتاب والس

أول الواجبات وأساس المشروعات، وامتثل من امتثل من غير

م، وإنما فه وال توقف إلى بيان، ولم يكن من الخطاب بما ال ياستفسار

ل بعض التفصيل حيث وفصناحتيج إلى بيان ما يجب اإليمان به، فبي

اهللا بنمؤ تنأ «: لجربيل لما سأله عن اإليماننبي قال ال

على تعويال»تؤمن« الحديث، فذكر لفظ »هلسر وهبتك وهتكئالمو

،)2(»مكين دمكملع يماك آتيلربا جذه «:ظهور معناه عندهم، ثم قال

قال الشيخ األبي )1( إخراج اللفظ عن موضوعه لغة واستعماله يف غير موضوعه : النقل:

)130ص/2إكمال اإلكمال ج(. وإليه عنهلقال لعالقة بين ما ن

. ن واإلسالم واإلحسان وأشراط الساعةاإليمابيان باب ، اإليمان يف مسلم) 2(

)33ص(

- 6 -

ا ا، بل تلبيسا وإرشادولو كان اإليمان غير التصديق لما كان هذا تعليم

. )1(وإضالال

قال الحافظ تقي الدين بن الصالح هذا بيان «: )هـ643ت(

أن تؤمن«: ألصل اإليمان، وهو التصديق الباطن؛ إذ قوله أن : معناه»

تصدق «)2( .

سئل أي هريرة أن رسول اهللا عن أبي لصحيحاويف

الحافظ ابن حجر فقال .)3(»إيمان باهللا ورسوله«: قال فالعمل أفضل؟

. )4(المراد باإليمان هنا التصديق، هذه حقيقته: العسقالين

هو مفهوم اإليمان لغة، وباعتبار تضمنه فهذا: قال الشيخ الزبيدي

h g ﴿ :معنى اإلقرار واالعرتاف يتعدى بالباء، كما قال تعالى

ik j﴾ ]وباعتبار تضمنه معنى اإليمان والقبول يعدى ]٢٨٥: لبقرةا ،

) 184ص/5ج( شرح المقاصد )1(

) 132ص (صيانة صحيح مسلم، ) 2(

.باب من قال إن اإليمان هو العملأخرجه البخاري يف كتاب اإليمان، ) 3(

)98ص/1ج(فتح الباري )4(

- 7 -

، والحكم الواحد يقع تعليقه ]٢٦: لعنكبوتا[ ﴾ W V U ﴿: بالالم، ومنه

بأنه واحد : آمنت باهللا، أي: بمتعلقات متعددة باعتبارات مختلفة، مثل

ل وآمنت بالرسو. متصف بكل كمال منزه عن كل وصف ال كمال فيه

أي بأنه مبعوث من اهللا صادق فيما أخرب به، وآمن بالمالئكة، أي بأهنم :

.)1(بأهنا منزلة من عنده: عباد اهللا المكرمون، وآمنت بكتب اهللا، أي

> = ﴿: فلقوله تعالى،وأما أنه تصديق القلب دون اللسان

G F E D C B A @ ? >﴾ ]فإنه قد ]٨: لبقرةا

ى اإليمان، فعلم أن المراد هذه اآلية التصديق اللساين ونفأثبت يف

: حه قوله تعالى التصديق القلبي دون اللساين كما يوضباإليمان

﴿ m l k j i h g f e d

s r q p o n﴾ ]وقوله تعالى، ]٤١: لمائدةا :

.]٢٢: لمجادلةا[ ﴾7 8 9 : ; ﴿

)243ص/2ج(سادة المتقين، إتحاف ال ) 1(

- 8 -

، ال مع اإلقرار باللسان فقط، وال »هدح وبل القتصديق«وأما أنه

بيانا لحقيقة معه ومع بقية األركان؛ فألن المذكور يف حديث جربيل

إنما هو التصديق اإليمان الشرعي من غير ذكر إقرار اللسان ،)1(حده و

د التصديق يف مقام البيان ل األركان معه، واالقتصار على مجروعم

ى أن اإليمان الشرعي المستوجب ألصل النجاة علوالتعليم دليل

. وحدهاألخروية هو التصديق القلبي

اهللاال إهل إ الن أملع يوه وات منم«: ويؤيده حديث الصحيح

فإن المراد بالعلم هنا هو العلم، )2(»ةن الجلخد عجامم ال التصديقي

ال والتكذيب أن العلم المجامع لإلباء لوضوح؛ولب والقلإلذعان

دخول فتعليق، الجنة، بل ينافيه الختصاصها بالمؤمنينيجامع دخول

على أن الندليل» ال إله إال اهللا«د علم الجنة على مجر هبا ليس قط

أصل النجاة عليه، وإنما هو إلجراء األحكام يف الدنيا وكمال فلتوق

وجه الداللة من الحديث التفريق بين اإليمان واإلسالم، : قال الشيخ الزبيدي)1(

إتحاف السادة المتقين، . (فجعل اإليمان عمل القلب، واإلسالم عمل الجوارح

)237ص/2ج

.باب من لقي اهللا باإليمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة، اإليمان يف مسلم أخرجه ) 2(

- 9 -

أمرت أن أقاتل «: كما يوضحه قوله ،النجاة يف اآلخرة

الناس حتى يقولوا ال إله إال الـله، فمن قال ال إله إال الـله فقد عصم :

مني ماله ونفسه إال بحقه، وحسابه على الـله يدل علىالحديث ، ف )1(»

فهو غير معصوم الدم والمال، ومن نطق هبا الشهادةينطق بأنه من لم

له للسانه، فإذا توافقا حصبه على اهللا يف مواطأة قل وحساب،امهمصع

¢ £ ¤ ¥ ﴿: يف األخرى، وإال فال لقوله تعالىالنجاة

.]١٤٥: لنساءا[ ﴾¦ § ¨

لقبول واإلذعان وافظهر أن مدار النجاة األخروية على التصديق

قال رسول : قال أنس ديثحويدل على ذلك أيضا القلبي،

ما من أحد يشهد أن ال إله إال اهللا وأن محمد«: اهللا ا

رسول اهللا صدقا من قلبه إال حرمه اهللا على النار)2( فكما أنه إذا ، )1(»

باب األمر بقتال ، اإليمان يف مسلم؛ وباب وجوب الزكاة، الزكاة يف البخاريأخرجه) 1(

ال إله إال اهللا: الناس حتى يقولوا

تصديقه الجازم بحيث ال يخطر له نقيض ما صدق : ومعنى صدق القلب : القرطبي) 2(

به ، وذلك إما عن برهان فيكون علما ، أو عن غيره فيكون اعتقادا جزما المفهم، (.

)208ص/1ج

- 10 -

يف اآلخرة اللساينال ينفع التصديق يالتصديق واإلذعان القلبانتفى

التصديق واإلذعان القلبيقوإن نفع يف الدنيا، كذلك إذا تحق ال يضر

،ا وإن عوقب يف اآلخرة زمان،يف أصل النجاة األخروية اللساين انتفاء

. الدرجات المرتتبة على األعمالوفاته

:تنبيهات

مهمة ينبغي التنبيه عليها مسألة: قال الشيخ الزبيدي: لاألو*

أن قوهي أنه قد اتفق القائلون بعدم اعتبار اإلقرار على أنه يلزم المصد

به أتى به، فإن طولب به ولم يقر فهو كفر عناد، ضبوليعتقد أنه متى ط

. )2(طرهو ش: العناد، وقالوارفكوهبذا فسروا

: ووي فيما شرحه من صحيح البخاريقال اإلمام الن: الثاين*

الذي عليه أهل السنة أو جمهورهم أن من صدق بقلبه ونطق بلسانه

بالتوحيد ولكنه قصر يف األعمال الواجبة كرتك الصالة وشرب الخمر

العلم، باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن ال أخرجه البخاري يف كتاب ) 1(

)128. (يفهموا

)247ص/2ج( إتحاف السادة المتقين، )2(

- 11 -

7 8 9 : ﴿: ال يسمى مؤمنا عند اإلطالق؛ لقوله تعالى

F E D C B A @ ? > = < ;

I H G P O N M L K J

S R Q﴾ ]ولكنه ال يكون كافرا خارجا عن ]٤ – ٢: ألنفالا ،

ملة اإلسالم، بل هو عاص فاسق يستحق العذاب، وقد يعفى عنه وقد

يعذب، فإن عذب ختم له بالجنة )1( .

القول بأن مسمى اإليمان :قال الشيخ الزبيدي: الثالث*

ول األشعري والماتريدي، أو بالقلب التصديق بالقلب كما هو ق

واللسان كما هو مذهب الحنفية، قد ضم إليه يف تحقق اإليمان أمور

اإلخالل هبا إخالل باإليمان اتفاقا، كرتك كل م لصنم، وقتل ل سجودن

عمج ما أفة كل به وبالمصحف والكعبة، وكذا مخال، أو استخفافنبي

وقيد اإلمام عليه،عمجوإنكاره بعد العلم بأنه معليه من أمور الدين

النووي إنكار المجمع عليه بما إذا كان فيه نص ويشرتك يف معرفته

مع بنت الصلب سد الس االبنتن، ال كإنكار أن لب والعامالخاص

)أ ـ ب/56ق( شرح صحيح البخاري )1(

- 12 -

فإنه مجمع عليه وفيه نص لكنه مما يخفى على ؛حيث ال عاصب

. )1(العوام

ي بال خالف وهو جنالكامل الما على يطلق اإليمان شرعنعم

كما يف ،مجموع التصديق بالقلب واإلقرار باللسان والعمل باألركان

اإليمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول «:حديث ال إله إال اهللا، :

وأدناها إماطة األذى عن الطريق، والحياء من اإليمان للتنبيه على أن )2(»

)247ص/2ج( إتحاف السادة المتقين، )1(

قال اإلمام النووي فيما شرحه من . اإليمانبعباب ش، اإليمان يف مسلمأخرجه ) 2(

قد صنف العلماء يف تعيين هذه الشعب كتبا كثيرة، من أغزرها فوائد : صحيح البخاري

وأعظمها جاللة كتاب المنهاج ألبي عبد اهللا الحليمي، ثم حذا اإلمام الحافظ أبو بكر

مزيد عليه يف كتابه شعب البيهقي حذوه وزاد عليه وأتى من التحقيق والفوائد بما ال

وقال اإلمام الحافظ أبو حاتم بن حبان البستي. اإليمان، فرحمهما اهللا ورضي عنهما :

تتبعت معنى هذا الحديث مدة، وعددت الطاعات، فإذا هي تزيد على هذا العدد شيئا

كثيرا، فرجعت إلى السنن فعددت كل طاعة عدها رسول اهللا ي من اإليمان فإذا هملسو هيلع هللا ىلص

تنقص عن البضع والسبعين، فرجعت إلى كتاب اهللا وقرأته بالتدبر وعددت كل طاعة

عدها اهللا تعالى من اإليمان فإذا هي تنقص عن البضع والسبعين، فضممت إلى الكتاب

السنن، وأسقطت المعاد، فإذا كل شيء عده اهللا تعالى ورسوله من اإليمان تسع ملسو هيلع هللا ىلص

- 13 -

بالمأمورات اإلتيانواألعمال ب القيامهبحصياإليمان الكامل

واالجتناب عن المنهيات حسب االستطاعة، حتى كأن األعمال من

داخلة يف حقيقة اإليمان أجزاء أجزائه التي ال تنفك عنه، ال لكوهنا

؛ ألن انتفاء الشيء بانتفاء النجاة كما مررعي المستوجب ألصل الش

.جزئه ضروري

حقيقة اإليمان التصديق بالقلب، «: ويوضحه قول اإلمام البغوي

وهو بمصدق لنا،: أي]١٧: وسفي[ ﴾H G F E ﴿: قال اهللا تعالى

أن هذا العدد يف الكتاب ملسو هيلع هللا ىلصينقص، فعلمت أن مراد النبي وسبعون ال يزيد عليها وال

)أ/62ق. (ذكر أبو حاتم كل ذلك يف كتاب وصف اإليمان وشعبه. والسنن

صاحب الصحيح، وكتاب ) هـ354ت (هو الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان وابن حبان

ميذه ومن تال .الثقات، وكتاب معرفة المجروحين، وكتاب مشاهير األمصار، وغيرها

الحافظ الدارقطني، والحاكم النيسابوري، وكفاه : الحفاظ أئمة أهل الحديث األشاعرة

يقول الحافظ ابن حبان يف مقدمة كتاب الثقات مبينا عقيدة أهل .فخرا أن تخرجا به

الحمد هللا الذي ليس له حد محدود فيتوافى«: الحديث يف ذات اهللا تعالى وصفاته أي (

وال له أجل معدود فيفنى، ). يتوانى فمعناه يتعب من الونى وهو التعبوإن كانت. يكثر

وال يحيط به جوامع المكان، وال يشتمل عليه تواتر الزمان، وال يدرك نعمته بالشواهد

. »والحواس، وال يقاس صفات ذاته بالناس

- 14 -

االعتقاد بالقلب واإلقرار باللسان والعمل باألركان، : يف الشريعة

.)1(»ا؛ لوجه من المناسبة ألنه من شرائعه إيماناإلقرار ولم العيمفس

ليس اإليمان «: رحمه اهللالبصري قول الحسن أيضاويوضحه

فإنه ،»قه العمل يف القلب وصدرقتمني وال بالتحلي، ولكن هو ما وبال

يدل على أن العمل خارج عن حقيقة اإليمان، لكنه مصد بمعنى ، لهق

: على نحو قوله،ه يف القلبقه وتحققدى ص علأنه دال

. ة على اإليمان بالبعث والمجازاليل أي د،)2(»انهر بةقدالصو«

ألصل بق ويراد به المستوجطلا قد ياإليمان شرعفوبالجملة،

وقد يطلق ويراد به ما يستوجب ما هو أساس يف النجاة،: أيالنجاة،

والمذكور يف حديث جربيل هو ،وز بالدرجات النجاة والفكمال

وهو الذي ، الشعب وما يف معناه هو الثاينحديثالمذكور يف ل، واألو

.»اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل باألركان«قال عنه السلف بأنه

)60ص/1ج( معالم التنزيل )1(

مسلم يف الطهارة، باب فضل الوضوء )2(

- 15 -

أرادوا بذلك أن األعمال شرط يف «: قال الحافظ ابن حجر

ال يف كمال الشيء إذا انتفىرهو معتبومن المعلوم أن ما ، )1(»هالكم

. وهو ظاهر، أصله دون، ذلك الشيءينتفي بانتفائه إال كمال

سلف أهل السنة رضي اهللا :محمود مقديشأبو الثناء قال الشيخ

اإليمان مجموع االعتقاد واإلقرار والعمل، عنهم وإن نقل عنهم أن

ر وعم باألول فقط ـ بأن أقل أخنوأهنم سموا مل بما كلف به من غير

أن يصدق به ـ مناف ها كاإلشارة من ترك الشهادة وما يقوم مقامنا، ومق

د أو ال ـ كافرا، ومنا منها ـ سواء اعتقا متمكداألخرس عام ن أخل

قا، إال أن مرادهم باإليمان المفسر هبذا بالعمل بأن ارتكب الكبيرة فاس

؛ إلطباقهم على أن مرتكب الكبيرة ال يخرج يمان الكاملاإلالمجموع

عن اإليمان، بخالف اإليمان المفسر به عند غيرهم، فإن المراد به

.)2(عندهم أصل اإليمان

)61ص/1ج( الباري، فتح ) 1(

)أ/215ق/2ج( طالع سعد السعود على تفسير أبي السعود، ) 2(

- 16 -

من أخل بالعمل فهو فاسق: وقال أيضا اتفاقا، والفسوق مختلف

» اإليمان هو التصديقإن« :ا من قالفيه عند أصحاب المذاهب، أم

قرا مؤمفالفاسق عنده إذا كان مصدقا من، وكذا هو على مذهب �

ا مركبا من تلك األمور ا واحدثين ألهنم لم يجعلوا اإليمان شيئالمحد

ا على واحد من التصديق وسائر الطاعات إيمانالثالثة، بل جعلوا كل

اصي الذي اإليمان، فالعل أصة، فال يلزم من انتفاء الطاعات انتفاءدح

به مؤمن فاسق، أيرق وي الحققيصد خارج عن الطاعة عند أهل :

. نة والمحدثينالس

وأما عند الخوارج فهو كافر ألهنم يجعلون المعصية خروجا من

ن أحدهما وقع اإليمان، وال واسطة بين الكفر واإليمان، فمن خرج م

. يف اآلخر

من اإليمان غير واقع يف الكفر ألن وأما عند المعتزلة فهو خارج

بين منزلتين، فبين الكفر واإليمان تقابل التضاد، ال عندهم منزلةقسالف

- 17 -

تقابل التناقض كما عند الخوارج، فيجوز أن يرتفعا عند المعتزلة، ال

. )1(عند الخوارج

حقق الشيخ عبد القاهر البغدادي مذهب أهل الحديث يف وقد

اإليمان جميع إن: قال الباقون من أصحاب الحديثو«: اإليمان فقال

: الطاعات فرضها ونفلها، وهو على ثالثة أقسام

قسم منه يخرج صاحبه من الكفر ويتخلص به من الخلود يف ـ

وهو معرفته باهللا تعالى وبكتبه ورسله وبالقدر خيره : النار إن مات عليه

الى ونفي التشبيه ألزلية هللا تعوشره من اهللا، مع إثبات الصفات ا

التعطيل عنه، ومع إجازة رؤيته تعالى واعتقاد سائر ما تواترت األخبار و

.الشرعية به

م منه يوجب العدالة وزوال اسم الفسق عن صاحبه، ـ وقس

.وهو أداء الفرائض واجتناب الكبائر: ويتخلص به من دخول النار

)ب/216ق/2ج( طالع سعد السعود على تفسير أبي السعود، ) 1(

- 18 -

قين الذين يدخلون وقسم منه يوجب كون صاحبه من السابـ

وهو أداء الفرائض والنوافل مع اجتناب الذنوب الجنة بال حساب،

. )1(كلها

فألن » ةورر ضه بهيئج مملا عيم فولس للريقدصت«وأما أنه

ب جربيل التي يج من جملة األمور المذكورة يف حديثبتالك

q p ﴿ : المشتمل على نحو القرآنمن أفرادها هبا، والتصديق

w v u t s r﴾ ]المتضمن ]٧: لحشرا تباعه ا لوجوب

ه مجيئمل على وجوب التصديق بجميع ما عفيما يأمر وينهى، المشتمل

، من األمور المذكورة بعضها يف حديث جربيل تفصيالبه ضرورة

.ها يف ضمن الكتب إجماالتوبقي

ةه العاممما يكون بحيث يعل» ةرور به ضه مجيئملعما «ـوالمراد ب

ووجوب ، ة والنبو،حدانية واستدالل، كالون غير افتقار إلى نظرم

، 1، طبعة مدرسة اإللهيات بدار الفنون الرتكية بإستانبول، ط249 أصول الدين، ص) 1(

م1928

- 19 -

بالضرورة أنه جاء به كالمسائل معل وخرج به ما ال ي،الصالة والزكاة

.االجتهاديةالنظرية

رف الشرع ليس هو يف عاإليمان: قال الشيخ محمود مقديش

ي بالضرورة ـ أمل مخصوصة عا، بل هو التصديق بأمورقالتصديق مطل

وإن كانت ا ـ أهنا من دين رسول اهللا �ا بديهي�ا ضروريعلم

ة والبعث يف نفسها على النظر واالستدالل، كالتوحيد والنبوةفمتوق

ه من دينه كل واحد منها وإن كان نظريا يف نفسه لكن كونوالجزاء، فإن

ا إذا ة والسالم معلوم بالضرورة، فالشخص إنما يكون مؤمنعليه الصال

صدق بجميع ذلك وجزم ومخالفه التكذيب، وينافيه ه،بل وأذعن له بق

ف والرتدالتوق هبا إجماال، ثم إهنا إذا لوحظت إجماال كفى التصديقد،

هبا تفصيال، حتى لو لم يصدق التصديقت تفصيال وجبظحولوإذا

ة الصالة عند السؤال عنها كان كافرايضربف)1( .

، فهو »االمج إملا عيم فاالمجإو، تفصيالمل فيما عيالصتف «:وأما

به إلى أنه يشرتط التفصيل فيما علم مجيئه إشارة

)أ/214ق/2ج( طالع سعد السعود على تفسير أبي السعود، ) 1(

- 20 -

واإلنجيل، ، والتوراة، وعيسى، وموسى، وميكائيل، كجربيل،ضرورة

أنه إلى إشارة، و من ذلك كان كافران يصدق بواحد معين من لمإحتى

لنا م اهللاهصصسل الذين لم يقم كذلك كالرعل فيما لم ييكفي اإلجمال

! " # $ % & ' ﴿: ال؛ قال تعالىيف كتابه مفص

فإن االندراج ]٧٨: افرغ[ ﴾) ( * + , - .

.سل كاف يف ذلكمجمال يف الر

ما اعتبار الجوأ من حديث يف التصديق فألنه المتبادروالثبات م ز

بادر هو ت األحاديث الصحيحة على أن هذا المتجربيل، وقد دل

ذهب بنعلي هاتين فمن ا«: ألبي هريرةالمراد؛ منها قوله

ـمستيقنا بها قلبهـ لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن ال إله إال اهللا

. فإنه دليل على اعتبار الجزم الناشئ عن االستيقان)1(»نةره بالجفبش

من لقي اهللا باإليمان وهو غير شاك فيه دخل أخرجه مسلم يف كتاب اإليمان، باب ) 1(

الجنة وحرم على النار .

- 21 -

اد محمأشهد أن ال إله إال اهللا وأن«: ومنها قوله

فإنه ، )1(» فيهما إال دخل الجنة شاكعبد غير ال يلقى اهللا بهما ،رسول اهللا

بانتفاء الشك يف حصول ، فالتقييدك مع الشمزمن الواضح أن ال ج

. على اعتبار الجزم فيهما كما هو ظاهرة هبما دليلالنجا

، فألن التصديق المذكور يف » الم أيللد لان كاءوا، سقلطم«وأما

التصديق الناشئ معا عن دليل، فيد بأن يكون ناشئحديث جربيل لم يقي

مقذوف يف بل عن نور،عن نظر واستدالل، والصادر ال عن دليل

ه على التصديق بما علم مجيء النبي صاحبلب يحملالق

تصديقا جازما وإن لم يكن من أهل النظر واالستدالل

.أصال

واألحاديث الصحيحة دالة على أن هذا اإلطالق هو المراد، أعني

أن النجاة األخروية حاصلة بالتصديق القلبي الجازم الذي ليس

أحد يشهد أن ال إله ما من ،يا معاذ«: لصاحبه دليل كقوله

نفس التخريج السابق ) 1(

- 22 -

إال اهللا وأني رسول اهللا ص وقوله ، )1(» اهللا على النارهم قلبه إال حرنا مقد

ال إله إال اهللا، ثم مات على ذلك إال دخل : ما من عبد قال«: ملسو هيلع هللا ىلص

د للجنة إال على مجرودخولهه على النار ق تحريمفلم يعل )2(»الجنة

. ال أو كان ثمة دليل سواء،اإلخالص والصدق من قلبه

اإليمان يف يف أنواعلم أن حديث جربيل عليه السالم صريح

القلبي بما ذكر، وهو غير اإلسالم، وأمالشريعة هو التصديق ا جعل

من هجز بوا فعلى سبيل التجواإلقرار باللسان وأعمال األبدان إيمان

كما ه وعالماته وأماراتهالمناسبة وضرب من المقاربة ألهنا من لواحق

.مر يف كالم اإلمام البغوي رحمه اهللا

أن يقع يف القلب نسبةدمجربذلك من التصديق وليس المراد

ن غير إذعان معن ذلك ر أو المخب الوارد بذلكربالصدق إلى الخ

غة وش فذلك باطل ل، القلب يفع لما وق وقبولوتسليم وإال لزم أنعا،ر

أخرجه البخاري يف كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن ال ) 1(

)128. (يفهموا

.كتاب اللباس، باب الثياب البيضيأخرجه البخاري ف) 2(

- 23 -

بذلك ر اآلخموالي وهلسر وهبتك وهتكئالم وهـاللبيكون كل من صدق

، وظاهر أنه ليس كذلك؛ الواجب اإليمان الشرعيا مؤمنيكوناالعتبار

كما يشهد مين بصدقه ا من الكفار كانوا عال كثيرفإن

: تعالىله وقو]١٤٦: البقرة[﴾ & '﴿: لذلك قوله اهللا تعالى

بالتصديق اإلذعان المراد، بل ]١٤: النمل[ ﴾! " # $﴿

النفس إليه واطمئناهنا له وسكون يف القلب، واالنقيادوالقبول لما وقع

، ثم بناء األعمال الشرعية ر العناد والتكبكر يكون بتبه، وذلك القبول

.على ذلك التصديق

الحسن رف به الشيخ أبوعوهذا هو المقصود بالتصديق الذي

إن : وكان يقول«: كما حكى عنه ابن فورك فقالاإليمان األشعري

اإليمان هو تصديق الق ، وهو اعتقاد المعتقد صدق مبل . )1(»ه بنمؤ ين

وقوع صدق الرسول د ال يكفي عند األشعري مجر أنهيعني

يف قلب المصدق، فإن ذلك الوقوع قد يكون ا ضطراريا

ال كسبيا، بل يشرتط أن ينضم لذلك القدر الضروري إذعان المصدق

) 153ص ( مجرد مقاالت اإلمام األشعري، )1(

- 24 -

أن يعتقد صدقه اعتقادا جازما، وأن بلما جاء به الرسول

يحدث به نفسه ويسلم به تسليما، وهذه األعمال القلبية أمور كسبية

.ف يف قلب المكلزائدة على مجرد وقوع صدقه

على أن اإليمان الشرعي هو ذلك صنشعري وعبارة اإلمام األ

ر باإلذعان والتسليم المفس القلبي الذي هو التصديق الكسبيالعمل

، ويدل على ذلك قول اإلمام ابن لما جاء به الرسول

التعظيم: وكان يقول«: ضا أيفورك بعد ذلك حاكيا عن اإلمام األشعري

، والخضوعةبحيمان، وكذلك الم اإلطر له من شهللا تعالى واإلجالل

ا باهللا تعالى يجعله شرطا يف اإليمان برسوله وما يجعله شرط

التهاون بالرسول واالستخفاف به كفر، كما أن ؛ ألن

التهاون بأمر اهللا تعالى واالستخفاف به كفر «)1( .

: نتنبيها

نار وإن دين ال يدخلون ال الموحمقالة المرجئة أن: األول*

ا ومس هم، وهؤالءوالفسوق ألن ذلك ال ينقص إيمانعملوا الكبائر

) 154ـ 153ص ( مجرد مقاالت اإلمام األشعري )1(

- 25 -

إلرجائهم المعصية، أي تأخيرهم إياها عن االعتبار، أي أهنم » مرجئة«

وذلك حيث إنه ال يرتتب على فعلها عذاب،إهنا ال تعترب من : قالوا

نفع مع ا على أصلهم من أنه ال تضر مع اإليمان معصية كما ال تاستناد

. الكفر طاعة

وهؤالء هم الذين حكى اإلمام الطربي مقالتهم الفاسدة يف كتابه

أهل الكبائر من أهل : وقال آخرون«: فقال» التبصير يف معالم الدين«

وأقروا التوحيد الذين وحدوا وصدقوا رسول اهللا

بشرائع اإلسالم مؤمنون بإيمان جربيل وميكائل وهم من أهل الجنة،

ال يضرهم مع اإليمان ذنب صغيرة أو كبيرة كما ال ينفع مع : اوقالو

والوعيد إنما هو ألهل الكفر باهللا المكذبين بما : قالوا. الشرك عمل

.)«)1جاء به رسوله

ومقالة المعتزلة أن الفاسق ليس بمؤمن وإن مات على معصية من

. غير توبة دخل النار ال محالة ولم يخرج منها خالدا مع الكفار

) 179ص ( التبصير يف معالم الدين، لإلمام ابن جرير الطربي، )1(

- 26 -

ه من اإليمان قس فهجرخ ال ين الفاسق مؤملك أنذوالصواب يف

مه، ولكن ال ندخله يف المؤمنين حقا يف الصديقين والشهداء، وأن كوح

أهل الكبائر قد استوجبوا الوعيد ودخول النار، وجاز أن يعفو اهللا عنهم

.بكرمه ويسمح لهم بجوده

الحق يف ما يتعلق بأهل وقد حكى اإلمام الطربي مذهب أهل

هم : وقال آخرون«: قائال» التبصير يف معالم الدين«الكبائر يف كتابه

مؤمنون، غير أهنم لما ركبوا من معاصي اهللا فاجرتحوا الذنوب يف

مشيئة اهللا، إن شاء عفا عنهم بفضله فأدخلهم الجنة، وإن شاء عاقبهم

من النار بعد التمحيص بذنوهبم، فإنه يعاقبهم بقدر الذنب ثم يخرجهم

. )1(فيدخلهم الجنة

: قال اإلمام النووي فيما شرحه من صحيح البخاري: الثاين*

مذهب أهل الحق أنه ال يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ، وال يكفر أهل

ن جحد ما يعلم من دين اإلسالم ضرورة واعلم أن مالبدع واألهواء،

، إال أن يكون هرف بكمك ونحوها حكوجوب الصالة والزكاة والصوم

) 180ص ( التبصير يف معالم الدين، لإلمام ابن جرير الطربي، )1(

- 27 -

عهد باإلسالم، أو نشأ ببادية بعيدة ونحوه مما يخفى عليه ذلك، قريب

فيعرف ذلك فإن استمر على ج ه، وكذا حكم من رف بكمكه حدح

استحل الزنا أو الخمر أو القتل ونحوها من المحرمات التي يعلم

. لمها ضرورة، واهللا أعتحريم

ن تنقص نبيا تنقصمو ا ما حكم بكفره باإلجماع،

قال أصحابنا

: الكفر ثالثة أقسام: وغيرهم

ه شيئا مما بلا أو ينكر بقر باالعتقاد بأن يعتقد شيئا مكف:أحدهاـ

. ذكرناه

الكفار وال يقصد معناه فهذا الم باللفظ بأن يتكلم بك: والثاينـ

.كفر

المصحف يف عل بأن يسجد لصنم أو نحوه أو يلقي بالف:والثالثـ

فكل من فعل هذه مخ الكعبة بالعذرة والعياذ باهللا،القاذورات أو يض

- 28 -

،األشياء وأشباهها كفر بال خالف، وحكم فاعله حكم سائر المرتدين

. )1(عافانا اهللا وسائر المسلمين وباهللا التوفيق

)أ ـ ب/58ق(لبخاري شرح صحيح ا)1(