Top Banner
قلوب ال أحوالد مؤذن د. عبير أحم

أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

Oct 27, 2015

Download

Documents

Welcome message from author
This document is posted to help you gain knowledge. Please leave a comment to let me know what you think about it! Share it to your friends and learn new things together.
Transcript
Page 1: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال القلوب

د. عبير أحمد مؤذن

Page 2: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

2أحوال ال�قلوب

أحوال القلوب

ولا الحق من نزل وما ه الل لذكر بهم قلو تخشع أن آمنوا ذين ل ل يأن ألم ﴿ تعالى: قال

منهم فاسقون ﴾ بهم وكثير فقست قلو الأمد اب من قبل فطال عليهم يكونوا كالذين أوتوا الكت

]الحديد: 16[.

قلب فذلك أغلف قلب بعة: أر »القلوب اليمان: بن حذيفة الجليل الصحابي عن ويروى

الكافر، وقلب مصفح فذلك قلب المنافق، وقلب أجرد فيه سراج يزهر فذاك قلب المؤمن، وقلب

ها قيح ها ماء طيب، ومثل النفاق مثل القرحة يمد فيه نفاق وإيمان.. فمثل الإيمان كمثل شجرة يمد

هما ما غلب عليه غلب«. ودم ، فأي

مقدمة

له من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، له، نستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بال� إن الحمد ل�

له وحده لا شريك له فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا ال� من يهده ال�

له وأن محمدا عبد ورسوله.

وبعد..

يل وذو شجون لا تكفيه الصفحات، وقد ذكر القلب في لو تحدثنا عن القلوب فالحديث طو

القرآن مائة ونيف وأربعين مرة، وذكر الصدر في القرآن نيف وأربعين مرة، والصدر يشير إلى

أو آذان بها لهم قلوب يعقلون القلب لأنه مكانه قال تعالى ﴿ أفلم يسيروا في الأرض فتكون

دور ﴾ ]الحج: 46[. تي في الص ها لا تعمى الأبصار وللكن تعمى القلوب ال يسمعون بها فإن

Page 3: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 3

والعقيدة الإيمان والعمل القلب ومكنوناته وأثرها على أهمية إلى تنبهنا الأرقام ولعل هذه

ية المطهرة في مواطن عدة. كذلك ذكر القلب في السنة النبو

فكلمة القلب كلمة صغيرة اللفظ كبيرة المعنى ولو حاولنا ولوج بحرها فلن نجد شاطئا.

وأنا في هذه العجالة سأحاول شرحها والولوج في بعض أسرارها والتعرف على بعض أحوالها

له تبارك وتعالى يغ عنها إلا هالك كتاب ال� وأمراضها مستندة في هذا على المحجة البيضاء التي لا يز

له أن ينفع بها ويجعلها في ميزان حسناتي. له عليه وسلم)1) لعل ال� وسنة نبيه المصطفى صلى ال�

كما أهدي هذه المحاولة إلى كل إنسان على وجه البسيطة يحاول إصلاح قلبه لأنه يرتكز عليه

له عليه وسلم: له صلى ال� صلاح سائر الجسد وسائر العمل فعن النعمان بن بشير قال: قال رسول ال�

هات استبرأ قى المشب اس، فمن ات هات لا يعلمها كثير من الن لال بين، والحرام بين، وبينهما مشب »الح

بهات: كراع يرعى حول الحمى، يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل لدينه وعرضه، ومن وقع في الش

ه في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد ملك حمى، ألا إن حمى الل

ه، ألا وهي القلب« متفق عليه. ه، وإذا فسدت فسد الجسد كل كل

له وإن أبغضنا له أحد، إن أحببنا فل� له تعالى فلا يكن فيها مع ال� لعل قلوبنا تنصلح وتخلص ل�

له وحده لا شريك بنا ل� له، وهكذا تكون كل نبضة من نبضات قلو له وإن تركنا فل� له، وإن عملنا فل� فل�

له التوفيق. له. هذا وبال�

له عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها له صلى ال� ية قال وعظنا رسول ال� ))) عن العرباض بن سار

يغ له إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا قال قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يز القلوب فقلنا يا رسول ال�

عنها بعدي إلا هالك من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين

المهديين عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد.

ية - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 41[. ]الراوي: العرباض بن سار

Page 4: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

4أحوال ال�قلوب

)1(

القلوب السليمة

إن مما لا شك فيه أن القلوب السليمة هي القلوب التي تتصف بصفات السلامة ولها صفات

عدة منها:

له - والانشراح الإيمان - الخشوع - السكينة - التقوى - الرأفة والرحمة - الهداية - الإخبات ل�

للحق - الاطمئنان - الطهارة - العلم - الإنابة - الذكرى - التآلف مع القلوب المؤمنة - الخوف من

له عز وجل - اللين. ال�

له تعالى يوم القيامة فتنفعهم هذه صفات القلوب السليمة وهي قلوب المؤمنين الذين يأتون بها ال�

ه بقلب سليم )89( ﴾ ]الشعراء[. ا من أتى الل عنده ﴿ يوم لا ينفع مال ولا بنون )88( إل

والسلامة في القلب هي صفة المؤمنين العارفين فها هو إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة

لإبراهيم شيعته من وإن فقال جل شأنه﴿ القلب بسلامة له له ال� شهد الرحمن والسلام خليل

ه بقلب سليم)84( ﴾ ]الصافات[. ب )83( إذ جاء ر

له الهادي إلى سواء السبيل. وإليكم شرح عاجل لهذه الصفات وال�

أبدأ بصفات القلوب السليمة.

Page 5: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 5

الصفة الأولى : الإيمان

القلوب السليمة هي قلوب عامرة بالإيمان قد نقاها الإيمان وجلاها من كل أدران الرذيلة

وعندما يلج الإيمان القلب ويستقر فيه يظهر ذلك على سلوك صاحبه.

والإيمان قول باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان؛ يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية،

يق. ه، وأدناها إماطة الأذى عن الطر وهو بضع وسبعون شعبة؛ أعلاها شهادة أن لا إله إلا ال�

له بن عمر عن أبيه رضي وجاء تعديد لأركان الإيمان في الحديث الشريف الذي رواه عبد ال�

م ذات يوم، إذ طلع علينا رجل له عليه وسل له صلى ال� له عنهما، قال: بينما نحن عند رسول ال� ال�

ى جلس ا أحد، حت فر، ولا يعرفه من عر، لا يرى عليه أثر الس شديد بياض الثياب، شديد سواد الش

د يه على فخذيه، وقال: يا محم م، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كف له عليه وسل بي صلى ال� إلى الن

له ا الل م: »الإسلام أن تشهد أن لا إله إل له عليه وسل له صلى ال� أخبرني عن الإسلام، فقال رسول ال�

لاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج م، وتقيم الص له عليه وسل له صلى الل دا رسول الل وأن محم

يصدقه، قال: فأخبرني البيت إن استطعت إليه سبيلا«، قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله، و

له، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره عن الإيمان، قال: »أن تؤمن بالل

لم فإن تراه، ك كأن له الل تعبد قال: »أن الإحسان، قال: فأخبرني عن قال: صدقت، وشره«،

ائل« قال: اعة، قال: »ما المسئول عنها بأعلم من الس ه يراك«، قال: فأخبرني عن الس تكن تراه فإن

اء يتطاولون تها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الش ب لد الأمة ر فأخبرني عن أمارتها، قال: »أن ت

له ورسوله لت: ال� ائل؟« ق قال لي: »يا عمر أتدري من الس ا، ثم انطلق فلبثت ملي في البنيان«، قال: ثم

يل أتاكم يعلمكم دينكم«. رواه مسلم والإمام أحمد والنسائي والبيهقي وإسحاق ه جبر أعلم، قال: »فإن

في مسنده. ]راجع باب النفاق في كتاب نهج الأبرار للمؤلفة[

Page 6: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

6أحوال ال�قلوب

بلسانهم لأن بالإيمان له كفارا مع إقرارهم ال� المنافقين الذين سماهم له حال ال� وقد وصف

سول لا يحزنك الذين يسارعون في اللكفر من ها الر الإيمان لم يخالط قلوبهم فقال سبحانه ﴿ يا أي

ين اعون لقوم آخر اعون ل�لكذب سم بهم ومن الذين هادوا سم ا بأفواههم ولم تؤمن قلو الذين قالوا آمن

م تؤتوه فاحذروا ومن يتم هلذا فخذوه وإن ل لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوت

نيا بهم لهم في الد لئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلو يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أول

خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ﴾ ]المائدة: 41[.

يصدقه فالإيمان الذي يطلبه رب العزة والجلال منا هو إيمان القلب الذي تصدقه الجوارح و

العمل.

الصفة الثانية : الخشوع

له سبحانه يراقبه في كل حركاته وسكناته ويستمد منه القوة القلب السليم هو قلب خاشع ل�

ذين آمنوا أن تخشع ل ومن القرآن الحياة التي تنعش هذا القلب وتجعله يستمر قال تعالى ﴿ ألم يأن ل

اب من قبل فطال عليهم الأمد ه وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكت بهم لذكر الل قلو

بهم وكثير منهم فاسقون ﴾ ]الحديد: 16[. فقست قلو

Page 7: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 7

الصفة الثالثة : السكينة

القلب السليم قلب ساكن لا يعرف التردد ولا الإضراب ولا الأمراض النفسية ولا الخوف

له مما سوى ال�

له يكافئ المؤمنين بزرع السكينة في قلوبهم. هو قلب هادئ. لأن ال�

القلب تجد اللكفار نزال وعند والأهوال الشدائد وعند وخوفهم الناس اضطراب فعند

المؤمن ساكن غير مضرب ولا خائف.

فإن هذا لذلك والقدر ويتشبع منه بالقضاء الإيمان القلب تأتي عندما يتشرب والسكينة

له له القلب عندما يعلم أنه لو اجتمعت الإنس والجن على أن ينفعوه بشيء لم ينفعوه إلا بما قدر ال�

له له رفعت الأقلام وجفت الصحف ولو اجتمعوا على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بما كتب ال�

له له الحياة فسيعيش ولو في له له الموت سيأتيه ولو كان في بروج مشيدة ولو كتب ال� فلو كتب ال�

له وقضائه. ساحات الوغى)1) وأن عمره ورزقه وما هو كائن وما سيكون كله من قدر ال�

له وماذا يرهب ولم لا يطمئن ويستكين؟! عندما يعلم القلب هذا فمم يخاف ومن يرتجي سوى ال�

وللكم سمعنا عن قلوب طارت هلعا وخوفا، أما القلوب السليمة التي استقر بها الإيمان بالقضاء

والقدر فقد حلت بها السكينة وصمدت في أصعب المواقف وأخطرها قال تعالى ﴿ هو الذي أنزل

ه الل ماوات والأرض وكان ه جنود الس ع إيمانهم ولل ليزدادوا إيمانا م كينة في قلوب المؤمنين الس

عليما حكيما ﴾ ]الفتح: 4[.

وسنتطرق لإكمال هذا الموضوع في الحديث عن الطمأنينة. ]وقد فصلت بين السكينة والطمأنينة

مع قرب معنييهما وسيأتي سبب ذلك في حينه[.

وت والجلبة. الجلبة والحرب لما فيها من الص (1(

Page 8: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

8أحوال ال�قلوب

الصفة الرابعة : التقوى

يأتمر بأوامره وينتهي عن نواهيه له تعالى في كل أموره ال� القلب السليم قلب تقي، يراقب

يعظم شعائره. و

ها من تقوى القلوب ﴾ ]الحج: 32[. ه فإن قال تعالى ﴿ ذلك ومن يعظم شعائر الل

له عليه وسلم: »المسلم له صلى ال� له عنه قال: قال رسول ال� وفي الحديث عن أبي هريرة رضي ال�

ات مر ثلاث صدره إلى ويشير هاهنا« قوى الت يحقره ولا يخذله، ولا يظلمه لا المسلم، أخو

وماله، دمه، حرام، المسلم على المسلم كل المسلم، أخاه يحقر أن ر الش من امرئ »بحسب

وعرضه«. رواه مسلم

]راجع باب التقوى في كتاب نهج الأبرار للمؤلفة[.

الصفة الخامسة : الرأفة والرحمة )1(

الذات بل يحب الأنانية وحب السليم هو قلب رؤوف رحيم بمن حوله لا يعرف القلب

الناس ويحب الخير لكل الناس حتى أني قرأت عن أحد الصالحين وكان خراسانيا أنه سرقت منه

ا في الحرم فقال له الفضيل لماذا تبكي؟ فقال: فقدت دنانير دنانير فجاء إلى الفضيل بن عياض باكي

فعلمت أنها سرقت مني فبكيت. قال: أتبكي من أجل الدنانير؟! قال: لا للكني بكيت لعلمي أني

حمة وقد رؤف به بالضم رأفة ورأفة ورأف به يرأف مثل قطع يقطع رأفا بفتح الهمزة ورئف أفة أشد الر ))) الر

ه من كلام العرب فهو رءوف على فعول ورؤف أيضا على فعل. به من باب طرب كل]المصدر: مختار الصحاح[.

Page 9: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 9

له أنا وهذا السارق فرحمت السارق فبكيت. سأقف بين يدي ال�

له! وأحدنا يكاد لا له في قلوب الصالحين؟! يرحم سارقه؟! سبحان ال� فأي رحمة هذه جعلها ال�

بائه! يعرف الرحمة ولا حتى لأقرب أقر

له له سبحانه وتعالى في قلب الحبيب المصطفى صلى ال� وليس بعد الرحمة والرأفة التي وضعها ال�

عليه وسلم رحمة، حتى في أشد المواقف يوم القيامة الناس كلهم في ذعر وخوف وكلهم يصيح

تي..)الحديث. تي أم نفسي نفسي إلا هو عليه الصلاة والسلام فداه روحي وولدي يصيح )أم

كما كان في الدنيا عليه الصلاة والسلام يهتم لأمر أمته ويرحم حالهم حتى وإن عذبه اللكفار

وكذبوه وكالوا له ولأصحابه أشد أنواع الأذى فها هو عليه الصلاة والسلام يرحمهم ويرأف بهم

ولا يدعو عليهم.

له سبحانه أن قلب نبينا كله رحمة لا يعرف الغلظة فقال جل شأنه ﴿ فبما وقد أخبرنا ال�

وا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم نفض ا غليظ القلب لا رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظ

ل على الله إن الله يحب المتوكلين ﴾ ]آل عمران: 159[. وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوك

له عز وجل: له عليه وسلم؛ قال ال� فلا مكان للغلظة في هذا القلب الرحيم قلب المصطفى صلى ال�

حيم ﴾ يص عليكم بالمؤمنين رؤوف ر م حر ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنت

]التوبة: 128[.

يص علينا، الرؤوف الرحيم، فعن فما أعظم هذا القلب الذي عز عليه عناد المعاندين، الحر

م إذ جاءه رسول إحدى بناته، يدعوه إلى ابنها له عليه وسل بي صلى ال� ا عند الن أسامة بن زيد قال: كن

ه ما أخذ وله ما أعطى، وكل م: »ارجع إليها فأخبرها أن لل له عليه وسل بي صلى ال� في الموت، فقال الن

ها، ها قد أقسمت لتأتين سول أن ى، فمرها فلتصبر ولتحتسب«، فأعادت الر شيء عنده بأجل مسم

Page 10: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

10أحوال ال�قلوب

بي إليه ونفسه م وقام معه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، فدفع الص له عليه وسل بي صلى ال� فقام الن

رحمة ه، ما هذا؟ قال: »هذه سعد: يا رسول ال� ، ففاضت عيناه، فقال له ها في شن تقعقع كأن

حماء«. ) متفق عليه ). ه من عباده الر ما يرحم الل ه في قلوب عباده، وإن جعلها الل

ينزعها مما يشاء قال تعالى: ﴿ له في قلب من يشاء من عباده و والرأفة والرحمة نعمة يضعها ال�

بعوه ينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين ات ينا على آثارهم برسلنا وقف قف ثم

ه فما رعوها حق رعايتها فآتينا ا ابتغاء رضوان الل ة ابتدعوها ما كتبناها عليهم إل ي رأفة ورحمة ورهبان

الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون ﴾ ]الحديد: 27[.

له عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن له صلى ال� وعن أبي هريرة قال: قبل رسول ال�

له له صلى ال� حابس. فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر إليه رسول ال�

عليه وسلم ثم قال: »من لا يرحم لا يرحم« متفق عليه

له عليه وسلم: »من لا يرحم لا يرحم، ومن لا يغفر لا يغفر له، وعن جرير عن النبي صلى ال�

ومن لا يتب لا يتب عليه«. ]صححه الألباني - حديث رقم: 6600 في صحيح الجامع[.

]راجع باب رحمة المؤمن بالخدم والعبيد. في كتاب صفات المؤمنين وأخلاق الموحدين للمؤلفة وباب المؤمن مع الوالدين والعلماء

وكبار السن والصغار. وباب رحمة المؤمن حتى بالحيوان. من نفس الكتاب[.

الصفة السادسة : الهداية

له لأنه أمن به وصدق رسله فالهداية جزاء الإيمان العاجل. القلب السليم قلب قد هداه ال�

Page 11: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 11

يغ لأنه يعرف له فلا يضل القلب ولا يز وعندما يستقر الإيمان في القلب تأتي الهداية من ال�

له وجنة يغ ولا ضياع، في نهايته نيل رضا ال� يق مستقيم لا عوج فيه ولا ز يقه جيدا، إنه طر طر

ه يهد قلبه له الهداية مكافأة للقلب على إيمانه فقال جل شأنه ﴿ ومن يؤمن بالل له، وقد جعل ال� ال�

له لي وللكم الهداية. ه بكل شيء عليم ﴾ ]التغابن:11[. أسأل ال� والل

له تعالى والذل له الصفة السابعة : الإخبات لل

والإخبات هو منتهى الخضوع الذي يرافقه تذلل فالقلب المخبت هو قلب خاشع ذليل منكسر

له فلا يجادل فيها له ولا ينكسر أو يذل لأحد سواه جل شأنه، وهو يطمئن لأوامر ال� بين يدي ال�

يطيع دافعا لأهوائه وشهواته. ولا يناقش بل يسمع و

يطيع ولا يناقش ولا إذا القلب عندما يكون مخبتا يكون بالأصل مؤمنا ملتزما للكنه يسمع و

له. يعارض وما كان له أن يعارض أو يكون له خيرة في أمره إذا جاء أمر ال�

بهم بك فيؤمنوا به فتخبت له قلو ه الحق من ر له تعالى: ﴿ وليعلم الذين أوتوا العلم أن قال ال�

ستقيم ﴾ ]الحج: 54[. ه لهاد الذين آمنوا إلى صراط م وإن الل

له تعالى. فالقلب السليم هو القلب الذي دله العلم على الإيمان فاهتدى وأخبت ل�

اللهم ارزقنا سلامة القلوب.

Page 12: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

12أحوال ال�قلوب

والصفة الثامنة : الانشراح

ينشرح القلب للحق إن كان سليما، وينشرح للباطل إن كان سقيما، فإذا انشرح للحق انفسح

ه صدره للإسلام فهو على نور واستنار وإذا انشرح للباطل ضاق وأظلم قال تعالى: ﴿ أفمن شرح الل

ه أولئك في ضلال مبين ﴾ ]الزمر: 22[. بهم من ذكر الل يل ل�قاسية قلو به فو من ر

يجعل يضله أن يرد للإسلام ومن يشرح صدره يهديه أن الله يرد وقال سبحانه: ﴿ فمن

يؤمنون ﴾ الرجس على الذين لا ماء كذلك يجعل الله في الس د ع يص ما ضيقا حرجا كأن صدره

]الأنعام: 125[.

من وعاقبة الانشراح لللكفر والباطل وخيمة قال تعالى: ﴿ من كفر بالله من بعد إيمانه إلا

ن شرح باللكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب لكن م أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ول

عظيم ﴾ النحل106

له تعالى قلوبا منشرحة للحق كما سأله موسى من قبل﴿ قال رب اشرح لي صدري ﴾ نسأل ال�

]طه: 25[.

وهذه كانت أول دعوة لموسى عليه السلام عندما كلمه ربه وأمره بتبليغ دعوته وأمره بالتوجه

إلى فرعون فطلب شرح الصدر وتيسير الأمر ﴿ قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري ﴾

]طه: 26-25[.

فلماذا كان هذا أول طلب ولماذا كان هذا الدعاء والطلب بشرح الصدر قبل تيسير الأمر؟!

لأن قلبه إذا ضاق بسبب تكذيبهم فلن يستطيع الاستمرار بالدعوة لذلك قال ﴿ وأخي هارون هو

بون ﴾ ]القصص: 34[. أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذ

يضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ﴾ ﴿ قال ربي إني أخاف أن يكذبون و

Page 13: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 13

]الشعراء: 13-12[.

فإذا ضاق الصدر ولم ينطلق اللسان فكيف سيستمر بالدعوة لذلك دعا ربه أن يشرح صدره

وييسر أمره وأن يعينه بأخيه هارون.

ونخلص إلى أن القلب قد ينشرح للحق فيدخله النور وقد ينشرح لللكفر والباطل فيضيق ذرعا

بهذا اللكفر والضلال.

له عليه وسلم فقال له تعالى قلوبا منشرحة كما شرح قلب حبيبنا وقرة أعيننا محمدا صلى ال� نسأل ال�

مخاطبا إياه ﴿ ألم نشرح لك صدرك ﴾ ]الشرح: 1[.

الصفة التاسعة : الاطمئنان

إذا استقر الإيمان بالقلب اطمئن ولم يبالي بالدنيا في يد من كانت، فإذا وصل القلب إلى هذه

له، ولم يرج سواه، يقول الحق الدرجة من الإيمان رضي وقنع وزهد بالدنيا وعافها، ولم يخف إلا ال�

مهما كلفه ذلك وهذه درجة رفيعة من درجات الإيمان.

له والذي لا يخشى الاطمئنان إذن هو تللكم الراحة النفسية التي يصل إليها القلب المتعلق بال�

سواه.

وفي قصة قرأتها عن أبي الحسن الزاهد تقول القصة }كان أحمد بن طولون أحد ولاة مصر من

أشد الظلمة حتى قيل فيه أنه قتل ثمانية عشر ألف إنسان صبرا )أي يقطع عنه الطعام والشراب

Page 14: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

14أحوال ال�قلوب

له عليه وسلم »أفضل ال� له صلى ال� إليه أبو الحسن الزاهد عملا بقول رسول حتى يموت) فذهب

الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر«. ]رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه ورواه أحمد والنسائي

عن طارق بن شهاب، وصححه الألباني.[ لهذا الحديث وعملا به ذهب إليه وقال له: »إنك ظلمت

أبي على يطلق ثم أسد يجزع أن وأمر ابن طولون غضبا شديدا فغضب له«، بال� الرعية وخوفه

الحسن، وفعلا أطلقوا الأسد الجائع وأبو الحسن جالس لا يتحرك ولا يبالي والناس ينظرون باكين

أو خائفين على هذا الرجل الصالح. فأخذ الأسد يزأر ويتقدم ويتأخر ثم سكت وطأطأ رأسه

واقترب من أبي الحسن فشمه وانصرف ولم يمسه بسوء. فتعجب الناس. ثم استدعى ابن طولون

أبا الحسن وقال له: بماذا كنت تفكر والأسد عندك وأنت لا تلتفت إليه ولا تكترث به؟ فأجاب:

إني كنت أفكر في لعاب الأسد إن مسني أهو طاهر أم نجس؟ فقال له: ألم تخف الأسد؟ قال: لا

له كفاني ذلك. فإن ال�

له هذه؟! وأي إيمان هذا؟!!! له أي طمأنينة هذه؟! وأي ثقة بال� يا ال�

له في قلوب عباده فيكفيهم الخوف مما سواه فهم يسلمون له نعم.. إنها الطمأنينة التي يضعها ال�

في كل أمورهم ثم بعد ذلك ﴿ ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾ ]البقرة: 62[.

له تعالى، قال تعالى ﴿ الذين آمنوا وتطمئن ومن الأمور التي تساعد القلب على الطمأنينة ذكر ال�

بهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ﴾ ]الرعد: 28[. وقال سبحانه ﴿ وما جعله الله إلا قلو

يز الحكيم ﴾ ]آل عمران: 126[. من عند الله العز صر إلا بكم به وما الن بشرى للكم ولتطمئن قلو

من عند الله صر إلا بكم وما الن بشرى ولتطمئن به قلو وقال عز وجل ﴿ وما جعله الله إلا

إن الله عزيز حكيم ﴾ ]الأنفال: 10[.

له تعالى المؤمنين بألف من الملائكة، فقد كان المشركون ألفا والمؤمنون وكان هذا حين أمد ال�

Page 15: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 15

له خمسة آلاف بعد ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا يوم بدر، وكانت الملائكة في البداية ألفا فجعلهم ال�

له تعالى أن النصر من عنده وليس بسبب ذلك لمزيد من الاطمئنان في نفوس المؤمنين، وأخبرهم ال�

أعداد الملائكة، وما إرسال الملائكة إلا لتطمين القلوب إلى النصر.

والراحة والهدوء والقناعة بالرضا والطمأنينة هي شعور سليم قلب هو المطمئن فالقلب إذا

من أكره وقلبه له تعالى وراحة الضمير قال تعالى: ﴿ من كفر بالله من بعد إيمانه إلا لأحكام ال�

﴾ ولهم عذاب عظيم الله من فعليهم غضب صدرا باللكفر ن شرح م لكن ول بالإيمان مطمئن

يغرقونه بالماء ويتفننوا في ]النحل: 106[. نزلت في عمار بن ياسر عندما كان المشركون يعذبونه و

ابتداع أساليب تعذيبه حتى قاربهم إلى بعض ما يريدون.

وماذا يريدون؟!

التعذيب، فتركوه. آلهتهم بخير، ففعل ذلك دون وعي منه وتحت وطأة يذكر يريدونه أن

له عليه وسلم يشتكيه فقال له الحبيب المصطفى له صلى ال� فراح يبكي.. فجاء نبي الرحمة رسول ال�

»كيف تجد قلبك« قال: »مطمئن بالإيمان« قال: »فإن عادوا فعد«. ]المصدر بعض كتب التفاسير

كالطبري وابن كثير وغيرها بتصرف وجمع[.

له وبقدرته على وها هو إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام الذي آمن بال�

البعث يطلب من ربه دليلا ماديا ملموسا ليزداد إيمانا مع إيمانه واطمئنانا مع اطمئنانه، قال تعالى

لكن ليطمئن قلبي قال لى ول ﴿ وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيلي الموتى قال أولم تؤمن قال ب

ادعهن يأتينك سعيا اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ير فصرهن إليك ثم بعة من الط فخذ أر

يون) طلبوا المائدة واعلم أن الله عزيز حكيم ﴾ ]البقرة: 260[. كذلك أصحاب عيسى )الحوار

بنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون أكل منها وتطمئن قلو يد أن ن لتطمئن قلوبهم لصدق نبيهم ﴿ قالوا نر

Page 16: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

16أحوال ال�قلوب

اهدين ﴾ ]المائدة: 113[. عليها من الش

له ونعم الوكيل ففي صحيح البخاري عن وحين ألقي عليه السلام في النار كان قوله حسبنا ال�

لام حين ألقي في ه ونعم الوكيل ﴾ قالها إبراهيم عليه الس له عنهما: ﴿ حسبنا الل اس رضي ال� ابن عب

اس قد جمعوا للكم فاخشوهم فزادهم إيمانا م حين قالوا ﴿ إن الن ه عليه وسل د صلى ال� ار وقالها محم الن

ه ونعم الوكيل ﴾ فما أعظم هذه الطمأنينة. وقالوا حسبنا الل

الشريفين عن وابصة بن بنا نعرج على هذين الحديثين تعالوا الطمأنينة أكثر ولنتعرف على

يد أن لا أدع شيئا من البر م وأنا أر له عليه وسل ه صلى ال� له عنه قال رأيت رسول ال� معبد رضي ال�

ت ركبتي ركبته فقال لي: ى مس ا سألته عنه، فقال لي: »ادن يا وابصة« فدنوت منه حت والإثم إل

ه أخبرني، قال: »جئت تسألني عن لت: يا رسول ال� »يا وابصة أخبرك عما جئت تسأل عنه؟« ق

يقول: » يا وابصة لاث فجعل ينكت بها في صدري، و لت: نعم، فجمع أصابعه الث البر والإثم« ق

د فس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب، وترد ما اطمأن إليه الن استفت قلبك، البر

اس وأفتوك« رواه أحمد بإسناد حسن والمنذري. در، وإن أفتاك الن في الص

البر م، عن وسل عليه له ال� صلى له ال� سألت رسول ، قال: الأنصاري سمعان بن اس و الن عن

اس«. لع عليه الن لق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يط حسن الخ والإثم فقال: »البر

رواه مسلم والترمذي.

م قال: »نحن ه عليه وسل ه صلى ال� له عنه أن رسول ال� يرة رضي ال� وفي الصحيحين عن أبي هر

م إذ قال: ﴿ رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم ه عليه وسل ك من إبراهيم صلى ال� أحق بالش

ه لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن لى وللكن ليطمئن قلبي ﴾ ]البقرة: 260[، ويرحم ال� تؤمن قال ب

اعي«. شديد، ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف، لأجبت الد

Page 17: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 17

الصفة العاشرة : الطهارة

له تعالى، وعندما ال� تبلغ القلوب المؤمنة درجة الطهارة عندما يكون هواها تبعا لما جاء به

يات فاطر يلة والريبة وتنقي نفسها من الأهواء والشهوات وتلجأ إلى رب البر تتخلص من أدران الرز

الأرض والسموات حتى يكون هواها تبعا لشرعه ونهجه.

ها الذين يل: ﴿ يا أي وفي البعد عن كل ريبة وإثم طهارة للقلوب كما قال تعالى في محكم التنز

ين إناه وللكن إذا دعيتم فادخلوا ا أن يؤذن للكم إلى طعام غير ناظر بي إل آمنوا لا تدخلوا بيوت الن

ه لا بي فيستحيي منكم والل يؤذي الن فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذللكم كان

بهن بكم وقلو موهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذللكم أطهر لقلو يستحيي من الحق وإذا سألت

ه ه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذللكم كان عند الل ما كان للكم أن تؤذوا رسول الل

بهن ﴾. بكم وقلو عظيما ﴾ ]الأحزاب: 53[. والشاهد قوله تعالى ﴿ ذللكم أطهر لقلو

ا آمن قالوا الذين من اللكفر في يسارعون الذين يحزنك لا سول الر ها أي يا تعالى: ﴿ وقال

يأتوك لم ين لقوم آخر اعون ل�لكذب سم اعون سم الذين هادوا بهم ومن قلو تؤمن بأفواههم ولم

م تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله يتم هلذا فخذوه وإن ل يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوت

نيا خزي ولهم بهم لهم في الد لئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلو فتنته فلن تملك له من الله شيئا أول

له قلوبهم، لأن الإيمان لم يدخلها أصلا في الآخرة عذاب عظيم ﴾ ]المائدة: 41[. هؤلاء لم يطهر ال�

ونخلص إلى ما قلناه آنفا أن في البعد عن كل ريبة طهارة للقلب وسيأتي ذكر القلوب غير الطاهرة

له تعالى في مكانه. في حينه بحول ال�

بنا من الشرك والشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق. اللهم طهر قلو

هم إني أعوذ بك من م كان يقول: »ال� له عليه وسل بي صلى ال� ه عنها: أن الن عن عائشة رضي ال�

Page 18: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

18أحوال ال�قلوب

ار، ومن ار وعذاب الن اللكسل والهرم، والمأثم والمغرم، ومن فتنة القبر، وعذاب القبر، ومن فتنة الن

هم اغسل عني ال، ال� ج شر فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة الفقر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الد

نس، وباعد وب الأبيض من الد يت الث لج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نق خطاياي بماء الث

بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب« متفق عليه.

هم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر م »قل: ال� له عليه وسل وكذلك حديث النبي صلى ال�

بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي.. الحديث«. فذكر التعوذ من شر القلب.

رواه الترمذي وأبي داود، وصححه الألباني في المشكاة )2472)، صحيح أبي داود )1387).

، علي تعن ولا أعني يدعو: »رب م وسل عليه له ال� صلى بي الن قال: كان اس، عب ابن وعن

، وانصرني على من بغى ، واهدني ويسر هداي إلي ، وامكر لي ولا تمكر علي وانصرني ولا تنصر علي

ل هم اجعلني لك شاكرا، لك ذاكرا، لك راهبا، لك مطواعا إليك، مخبتا، أو منيبا، رب تقب ، ال� علي

قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة تي، واهد بتي، وأجب دعوتي، وثبت حج بتي، واغسل حو تو

قلبي«. ]صحيح سنن أبي داود[.

وبنحوه صحيح الظلال )384)، تخريج السيوطي )حم 4 ك) عن ابن عباس. تحقيق الألباني

)صحيح)، وانظر حديث رقم: )3485) في صحيح الجامع.

الصفة الحادية عشر : العلم

وهو أول درجات الإيمان، فالعلم يهدي للإيمان كما أسلفنا في الإخبات، فالقلب إذا عرف

Page 19: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 19

ربه وقدرة ربه وعظمة ربه آمن به، قال تعالى ﴿ بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم

مون ﴾ ]العنكبوت: 49[. ال ا الظ نا إل وما يجحد بآيات

له، له لأن كل العلوم تهدي إلى ال� فالقرآن معجزة حسية يشعر بها القلب العارف العالم بال�

فالقلب العالم هو قلب مؤمن سليم فالقلب يعقل أو يعمى عن الحقيقة؛ أي يعلم أو يجهل.

م كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب قال تعالى واصفا حال قلوب اللكفار: ﴿ ولقد ذرأنا لجهن

لئك كالأنعام بل هم أضل يسمعون بها أول يبصرون بها ولهم آذان لا يفقهون بها ولهم أعين لا لا

لئك هم الغافلون ﴾ ]الأعراف: 179[. فدلت هذه الآبة على أن عدم الإيمان والغفلة والجهل أول

سببه عدم فقه القلب وعلمه فهم عندما عميت فلوبهم صاروا كالصم العمي عند كل آية وعند كل

له تعالى. عبرة وأمام كل دليل واضح على وحدانية ال�

وقال سبحانه: ﴿ أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها

دور ﴾ ]الحج: 46[. أي أولم يسيروا في تي في الص ها لا تعمى الأبصار وللكن تعمى القلوب ال فإن

يعرفوا قصص الأمم السابقة ويسمعوا بآذانهم ما يدلهم على الأرض فيتعلموا من العلوم المختلفة و

له؟! نعم، إنها لا تعمى الأبصار وللكن تعمى البصيرة )بصيرة القلب)فالحجج والبراهين الدلة على ال�

يق الإيمان به واضحة جلية، وللكن القلوب العمياء لا تتعلم من تجارب الآخرين ولا له وعلى طر ال�

له تعالى عن حال المنافقين وكيف أنه أدخل تعتبر بغيرها ولا يهديها العلم إلى بارئها، وقد أخبرنا ال�

القرآن إلى قلوبهم فسمعوه ووعوه وعلموه للكنهم لم يستفيدوا من هذا العلم شيئا فلم يؤمنوا ولن

اه في قلوب يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم الذي ينتظرهم يوم القيامة قال تعالى: ﴿ كذلك سلكن

ى يروا العذاب الأليم)201( ﴾ ]الشعراء[. المجرمين)200( لا يؤمنون به حت

ا يكبر في صدوركم فسيقولون من وقال تعالى ﴿ قل كونوا حجارة أو حديدا )50( أو خلقا مم

Page 20: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

20أحوال ال�قلوب

يقولون متى هو قل عسى أن يكون ة فسينغضون إليك رؤوسهم و ل مر يعيدنا قل الذي فطركم أو

يبا )51( ﴾ ]الإسراء[. قر

أي قل لهم يا محمد فليكونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يعظم في قلوبهم خلقه فأيا ما كانوا

له الذي ال� مما يكبر في نفوسهم تصوره فسيعيدهم التي ليس فيها حياة أو غيرها المواد من هذه

أنشأهم أول مرة. فدلهم على العلم فالعلم يهدي للإيمان بالموجد والقادر على البعث بعد الموت.

]راجع باب العلم في كتاب صفات المؤمنين وأخلاق الموحدين للمؤلفة[.

الصفة الثانية عشر : الإنابة

له، العائد إليه ليغسله من آثامه وذنوبه، هو قلب سليم تتجدد سلامته كلما القلب المنيب إلى ال�

حمن الر اب حفيظ )32( من خشي أو لكل آب وتاب وأناب قال تعالى: ﴿ هذا ما توعدون

نيب)33( ﴾ ]سورة ق[. بالغيب وجاء بقلب م

له لمن خشيه وجاءه بقلب تائب راجع إليه في السراء والضراء فهو إنها الجنة التي أعدها ال�

حاضر مع ربه دائما لا ينتظر أن تذكره به مصيبة تصيبه أو حادث يلم به، إنه منيب كثير الرجوع

له واللجوء إليه. إلى ال�

]راجع باب أوان التوبة وشروطها وفوائد الاستغفار في كتب نهج الأبرار للمؤلفة[.

Page 21: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 21

الصفة الثالثة عشر : الذكرى

له تعالى في آياته، والعبر التي تستنبط منها، والتي لا يعيها ولا يعرفها إنها التذكرة التي يكررها ال�

له دائما. إلا القلب السليم الحاضر مع ال�

أما القلب السقيم فتمر عليه العبرة تلو العبرة، والعظة تلة العظة، وهو مغلق لا يعي ولا يتعظ.

بلسانه للقرآن قارئ والتدبر، وكم من التفكر وبدأ والعقل الذهن إذا حضر حضر فالقلب

والقلب مشغول غائب فلا تذكر ولا تدبر ولا اعتبار ولا وعي.

له، فتجده منفتحا جاهزا لاستقبال له وبذكر ال� له وبآيات ال� أما القلب السليم فلا ينشغل إلا بال�

له مثلا الآية الواحدة التي قد يمر عليها غيره بعجل أما هو المواعظ والعبر والتفكر، فيقرأ في كتاب ال�

فقد يغشى عليه وقد يبكي وقد يخشع وقد ترتجف منها أوصاله وقد يستنبط منها كتابا كاملا أو عدة

مجلدات فهل قلب كقلب؟! وتذكر كتذكر؟!

مع وهو شهيد ﴾ ]ق: 37[. من كان له قلب أو ألقى الس قال تعالى ﴿ إن في ذلك لذكرى ل

الصفة الرابعة عشر : التآلف مع القلوب المؤمنة

إن القلوب السليمة إذا اجتمعت لهي قلوب متآلفة مترابطة متحابة تخلت عن أدران الدنيا

له له بينها ومزجها حتى كادت أن تكون قلبا واحدا يعيش ل� وعن الأنانية وحب الذات فألف ال�

له. له ويحب كل ما يحب ال� له، يحب ال� له إن أبغض فل� إذا أحب ففي ال�

نصره وبالمؤمنين ب دك الذي أي فإن حسبك الله هو يدوا أن يخدعوك قال تعالى: ﴿ وإن ير

Page 22: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

22أحوال ال�قلوب

ف أل لكن الله بهم ول فت بين قلو ا أل أنفقت ما في الأرض جميعا م بهم لو ف بين قلو )62( وأل

ه عزيز حكيم )63( ﴾ ]الأنفال[. بينهم إن

نعم هي المحبة التي لا تقدر بثمن، ولن يبلغها أحد ولن يستطيع تحقيقها أحد ولو أنفق ما في

له هو القادر الأرض جميعا من خيرات وثروات لن يستطيع أن يزرع تلك الألفة وتلك المحبة فإن ال�

له بين القلوب التي اجتمعت له وفيه. على ذلك وحده، فهذه الألفة والمحبة خصها ال�

له عليها الثواب العظيم والأجر اللكريم، حتى أن المتحابين فيه يوم القيامة على وقد أعطى ال�

منابر من نور يغبطهم الأنبياء والشهداء والصالحون، يأنسون تحت ظلال العرش، ومحبة الصالحين

له عليه له صلى ال� يرة، قال: قال رسول ال� له تعالى له، فعن أبي هر والخلق عونا للعبد دليل محبة ال�

يل، ثم ه جبر ه، قال: فيحب يل فقال: إني أحب فلانا فأحب له إذا أحب عبدا دعا جبر م: »إن الل وسل

يوضع له القبول ماء، قال ثم ه أهل الس وه، فيحب له يحب فلانا فأحب ماء فيقول: إن الل ينادي في الس

يل، يل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، قال فيبغضه جبر في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبر

توضع له البغضاء في له يبغض فلانا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم ماء إن الل ينادي في أهل الس ثم

الأرض«. رواه مسلم.

ون له يقول يوم القيامة: »أين المتحاب م: إن ال� له عليه وسل له صلى ال� وعنه، قال: قال رسول ال�

ا ظلي«. رواه مسلم. هم في ظلي يوم لا ظل إل بجلالي، اليوم أظل

له تبارك وتعالى: له عليه وسلم يقول: »قال الل له صلى ال� وعن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول ال�

«. رواه مالك. وفي في . والمتباذلين ين في . والمتزاور في . والمتجالسين في للمتحابين تي وجبت محب

ون بي ون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم الن : المتحاب ه عز وجل رواية الترمذي قال: »قال الل

هداء«. )صحيح). والش]راجع كتاب مواقف من حياتنا في هذا الموضوع ففيه توسع في هذا الموضوع باب - لا خوف عليهم ولا هم يحزنون-[.

Page 23: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 23

له عز وجل الصفة الخامسة عشر : الوجل والخوف من الل

له جل ال� الدائم من الخوف فيه: الإيمان علامات القلب، ومن في السلامة علامات من

جلاله، وهذا الخوف إذا استقر في القلب وقى صاحبه من الوقوع في مطبات المعصية لأنه لا يجرؤ

عليها، فكلما عاين مطبا من مطبات الآئام والرذيلة خاف ورجع.

له سبحانه وتعالى في ومن أسباب الخوف أو مما يقوي هذا الشعور بالخوف استشعار مراقبة ال�

بهم ما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلو السر والعلن وكثرة ذكره وتدبر آياته، قال تعالى: ﴿ إن

لون ﴾ ]الأنفال: 2[. بهم يتوك ليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ر وإذا ت

ين على ما أصابهم والمقيمي ابر بهم والص ه وجلت قلو وقال عز من قائل: ﴿ الذين إذا ذكر الل

ا رزقناهم ينفقون ﴾ ]الحج: 35[. لاة ومم الص

له صلى له عنه، قال: وعظنا رسول ال� ية رضي ال� باض بن سار وفي الحديث الشريف عن العر

ها موعظة ه كأن م موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا: يا رسول ال� ه عليه وسل ال�

ه من يعش ر عليكم عبد، وإن اعة وإن تأم مع والط له، والس تقوى الل ع، فأوصنا، قال: »أوصيكم ب مود

واجذ وا عليها بالن اشدين المهديين عض لفاء الر ة الخ تي وسن منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسن

اكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة«. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان وإي

في صحيحه وقال الترمذي حديث حسن صحيح.

﴾ راجعون بهم ر إلى هم أن وجلة بهم قلو و آتوا ما يؤتون والذين ﴿ وجل عز له ال� وقال

]المؤمنون: 60[.

م ه عليه وسل ه صلى ال� م قالت: سألت رسول ال� ه عليه وسل بي صلى ال� وعن عائشة، زوج الن

أهم عائشة: قالت ]المؤمنون: 60[ ﴾ وجلة بهم قلو و آتوا ما يؤتون والذين الآية: ﴿ هذه عن

Page 24: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

24أحوال ال�قلوب

ون يصل و يصومون الذين هم وللكن ديق، الص بنت يا »لا قال: ويسرقون؟ مر الخ بون يشر الذين

يرات وهم لها سابقون ﴾ قون، وهم يخافون أن لا تقبل منهم ﴿ أولئك يسارعون في الخ ويتصد

]المؤمنون: 61[«.

أخرجه الترمذي )201/2) وابن جرير )26/18) والحاكم )393/2-394) والبغوي في

تفسيره )25/6) وأحمد )159/6 و205) وانظر »السلسلة الصحيحة« )255/1).

له للأعمال الصالحة والخوف فالخوف ليس فقط من الذنوب بل أيضا الخوف من عدم تقبل ال�

ياء والشرك الخفي واتهام النفس بالتقصير دائما وحضها على الإخلاص في العبادة والخضوع من الر

والخشوع فيها ويتقال عباداته ويثابر عليها. فكل هذا يندرج تحت هذا المعنى.

له تعالى وقدرته فيرهبه ويخافه. ومن كان له تعالى يلج القلب المدرك لعظمة ال� والخوف من ال�

له تعالى -. قلبه كذلك كان هذا من علامات السلامة في القلب - إن شاء ال�

له عز وجل). )وسيأتي في معرض الحديث عن القلوب السقيمة بيان الخوف مما سوى ال�

ية المذكور آنفا على هامش حديث العرباض بن سار

أحب أن أقف أمام تللكم الموعظة والتي قالها لقلوب وجلة وأحب أن أقف بالتحديد أمام

اشدين لفاء الر ة الخ تي وسن ه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسن آخر جملة فيها »وإن

اكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة«. واجذ وإي وا عليها بالن المهديين عض

أصدق فإن بعد، ا م: »أم وسل عليه له ال� صلى النبي له عنه عن ال� وأمام حديث جابر رضي

Page 25: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 25

د، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل له، وإن أفضل الهدي هدي محم اب ال� الحديث كت

اعة حتكم الس اعة هكذا، صب ار. أتتكم الساعة بغتة، بعثت أنا والس بدعة ضلالة، وكل ضلالة في الن

، تكم، أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي ومس

، وأنا ولي المؤمنين. وعلي

)صحيح) انظر حديث رقم: )1353) في صحيح الجامع.

له تعالى: ون فيه ما ليس منه، فقد قال ال� له كامل فليحذر أولئك الذين يدس لأذكر بأن دين ال�

في مخمصة ﴿ اليوم أكملت للكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت للكم الإسلام دينا فمن اضطر

حيم ﴾ ]المائدة: 3[. غير متجانف لإثم فإن الله غفور ر

م: »من أحدث في أمرنا له عليه وسل ه صلى ال� ه عنها، قالت: قال رسول ال� وعن عائشة رضي ال�

هذا ما ليس فيه، فهو رد« متفق عليه.

ية الصحيحة وما أجمع عليه العلماء والفقهاء وما ورد من فعلينا بالقرآن اللكريم والسنة النبو

له. الصحيح عن السلف الصالح وما دون ذلك فالحذر الحذر يا أحباب ال�

له الصفة السادسة عشر : ال�ين لذكر الل

له سبحانه وتعالى وللكنه يجد في قلبه وحشة من الناس من يحاول أن يقرأ القرآن أو يذكر ال�

له. عند الذكر بل قد يشعر بالضيق إذا سمع الذكر أو أراد أن يذكر ال�

شيئ ما في قلبه غير سليم فما هو يا ترى؟!

Page 26: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

26أحوال ال�قلوب

القلب الذي تولع بالغناء والوسيقى سيجد وحشة وبعدا في رحاب القرآن، القلب الذي تعلق

له. له لماذا؟! لقد فقد صاحب هذا القلب اللين لذكر لذكر ال� له سيجد بعدا وغربة عند ذكر ال� بغير ال�

الإيمان البعد والقسوة هي قلوب سليمة قد عرفت له ولا تعرف ال� تلين لذكر التي القلوب

وحلاوته ولذة القرب وسعادة الطاعة وعرفت الخشية فذكرت واقشعرت الجلود ثم لانت الجلود

له لذلك هي قلوب سليمة مؤمنة خاشعة تلذذت بالذكر وأحست بالرهبة والوجل والقلوب إلى ذكر ال�

ابا ل أحسن الحديث كت ه نز له تعالى عنها في محكم آياته فقال جل شأنه: ﴿ الل ثم لانت وقد أخبر ال�

ه ذلك بهم إلى ذكر الل لين جلودهم وقلو ت هم ثم ب منه جلود الذين يخشون ر ثاني تقشعر تشابها م م

ه فما له من هاد ﴾ ]الزمر: 23[. ه يهدي به من يشاء ومن يضلل الل هدى الل

له يدي رسول ال� . قال: أخذ ب ومنه اللين الذي ذكر في الحديث الشريف عن أبي أمامة الباهلي

لين لي قلبه«. رواه أحمد. م فقال لي: »يا أبا أمامة إن من المؤمنين من ي له عليه وسل صلى ال�

وبعد.

كانت هذه أوصاف للقلوب السليمة وللكن على عكس القلوب السليمة التي لا تعرف الغل

ولا الحسد ولا البغضاء لأنها قلوب طاهرة متآلفة لينة... إلخ.

له وإياكم سقم له وقانا ال� فهناك قلوب على الإتجاه المعاكس إنها القلوب السقيمة والعياذ بال�

القلوب. وفيما يلي نبدأ بذكر أوصاف القلوب السقيمة.

Page 27: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 27

)2(

القلوب السقيمة

إن العلل والأمراض التي تجتاح القلوب كثيرة، هذه العلل تمرض القلوب وتسقمها ولعل

أخطر هذه الأمراض:

يغ - الغيظ - الريبة - الانصراف عن الشرك واللكفر- النفاق - مخالفة القلب اللسان - الز

له - الطبع - الرين - الغمرة - الأكنة على القلوب أو غلف القلب - الحق - الرهبة من غير ال�

له - إنكار الحق والتنكر له والتكبر عليه - تفرق القلوب القسوة - الغفلة واللهو - الرعب من غير ال�

له - الغلظة - الأقفال على القلوب - الضيق - العمى - العصبية وحمية الجاهلية - تشرب عبادة غير ال�

له - القلوب غير الطاهرة - الحقد والغل والغيظ. - الاشمئزاز من ذكر ال�

له تعالى عن كل داء وعلة على حدة، مستشهدة بالآيات القرآنية والأحاديث وسأتحدث بحول ال�

ية، فلعل معرفة أصل الداء تكون السبب لمعرفة الدواء والسعي نحو الشفاء. النبو

بنا مما اعتراها من البعد والأهواء. له وإياكم سائر الأسقام وشفى قلو وقانا ال�

رض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بهم م له تعالى في وصف المنافقين: ﴿ في قلو قال ال�

بما كانوا يكذبون ﴾ ]البقرة: 10[.

رض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا بهم م وقال جل شأنه: ﴿ فترى الذين في قلو

وا في أنفسهم نادمين ﴾ دآئرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسر

]المائدة: 52[.

ل رض غر هلؤلاء دينهم ومن يتوك بهم م وقال سبحانه: ﴿ إذ يقول المنافقون والذين في قلو

Page 28: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

28أحوال ال�قلوب

على الله فإن الله عزيز حكيم ﴾ ]الأنفال: 49[.

قيتن فلا تخضعن بالقول بي لستن كأحد من النساء إن ات وقال جل من قائل: ﴿ يا نساء الن

عروفا ﴾ ]الأحزاب: 32[. لن قولا م فيطمع الذي في قلبه مرض وق

والأمراض أنواع منها أمراض خطيرة لا يمكن علاجها إلا باستئصال أصل المرض وزرع

الإيمان وكافة صفات القلوب السليمة مكانه، وأمراض طارئة فيكون علاجها بمعالجة هذا المرض

والبعد عنه والتحلي أيضا بصفات القلوب السليمة فهذه الأمراض علاجها بالابتعاد عن أسباب

هذا المرض.

سأتطرق يليه إلي المبحث في ثم ومن الخطيرة الأمراض عن سأتكلم التالي حديثي وفي

له تعالى. للحديث عن الأحوال الطارئة بإذن ال�

الصفة الأولى : النفاق

النفاق هو إظهار الصلاح والخير وإبطان اللكفر والشر

وهو مرض قلبي، ديني، اجتماعي، أخلاقي، خطير.

فصاحب هذا المرض قلبه مريض حيث لم يذكر مرض القلب في القرآن اللكريم إلا للدلالة

على النفاق وهو مرض ديني لأن صاحب هذا المرض لا دين يردعه بل هو صالح في علانيته

كافر في سره، وهو مرض أخلاقي لأن المنافق صاحب أخلاق سيئة كاللكذب والغدر والخيانة

وإخلاف الوعود والفجور عند المخاصمة والغش عند البيع... الخ.

Page 29: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 29

ويزرع المحبة أواصر فيفكك مجتمعه في فسادا يعيث المنافق لأن اجتماعي مرض وهو

الضغائن والأحقاد.

له فاضحه والنفاق مرض مكانه القلب ثم يظهر على المنافق وعلى سلوكه ما يدل عليه لأن ال�

المرض علامات وأعراض المؤمنون، ولهذا بها عليه يستدل التي الأقوال أو التصرفات ببعض

تصيب القلب فيمرض بأمراض هي أعراض النفاق.

وكما أسلفت فلم يذكر مرض القلب في القرآن إلا للدلالة على النفاق، كما مر معنا في الآيات

حكمة وذكر يقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة م السابقة، وكما في قوله تعالى ﴿ و

رض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم ﴾ بهم م فيها القتال رأيت الذين في قلو

لقونه بهم إلى يوم ي له تعالى صراحة في قوله تعالى: ﴿ فأعقبهم نفاقا في قلو ]محمد: 20[. ولقد ذكره ال�

بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ﴾ التوبة77.

له وإياكم النفاق والشقاق وسوء الأخلاق ولقراءة المزيد حول هذا المرض الخطير جنبني ال�

راجع باب النفاق في كتاب نهج الأبرار للمؤلفة.

الصفة الثانية : مخالفة القلب ال�سان

وهذا عرض من أعراض النفاق وهو أصل هذا المرض الخبيث حيث يبدي الإنسان شيئا

ة يرضونكم بأفواههم ويخفي غيره قال تعالى: ﴿ كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذم

بهم وأكثرهم فاسقون ﴾ ]التوبة: 8[، وقال سبحانه: ﴿ وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم وتأبى قلو

Page 30: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

30أحوال ال�قلوب

أقرب منهم يومئذ ل�لكفر بعناكم هم ت قتالا لا نعلم لو قالوا ادفعوا أو الله في سبيل قاتلوا تعالوا

بهم والله أعلم بما يكتمون ﴾ ]آل عمران: 167[. ا ليس في قلو للإيمان يقولون بأفواههم م

ا آمن الذين قالوا من في اللكفر الذين يسارعون يحزنك سول لا ها الر أي وقال سبحانه: ﴿ يا

يأتوك لم ين لقوم آخر اعون ل�لكذب سم اعون سم الذين هادوا بهم ومن قلو تؤمن بأفواههم ولم

م تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله يتم هلذا فخذوه وإن ل يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوت

نيا خزي ولهم بهم لهم في الد لئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلو فتنته فلن تملك له من الله شيئا أول

في الآخرة عذاب عظيم ﴾ ]المائدة: 41[.

فما يظهر على صاحب هذا المرض وما يقوله بلسانه هو غير ما يخفي بقلبه وكما أسلفت هو

له فقرة مستقلة النفاق وجعلت لم أدرجه تحت عنوان النفاق ولخطورته عرض من أعراض

فاللكثير ممن ينفي عن نفسه صفة النفاق ولا يصدقها على نفسه ويستبعد أن يكون منافقا يجد في

بنا.. اللهم آمين. له وإياكم وطهر قلو نفسه مثل هذه الصفة عافاني ال�

يغ)1( الصفة الثالثة : الز

يغ عنه أي وهذا عرض من أعراض النفاق والشرك، حيث يعلم القلب الحق وللكن يز

حكمات هن أم اب منه آيات م يبتعد عنه ولا يصل إليه. قال تعالى: ﴿ هو الذي أنزل عليك الكت

يق، أي أماله. وزاغت الشمس، أي . وأزاغه عن الطر يغ. وزاغ البصر، أي كل يغ: الميل. وقد زاغ يز ))) الز

مالت، وذلك إذا فاء الفيء. وقوم زاغة عن الشيء، أي زائغون. ]المصدر المحيط في اللغة[.

يغ، والياء أفصح. ]المصدر جمهرة اللغة[. يق يزوغ ويز زاغ يزوغ زوغا، وهو الميل عن القصد، وزاغ عن الطر

Page 31: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 31

يله بعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأو يغ فيت بهم ز ا الذين في قلو اب وأخر متشابهات فأم الكت

أولوا إلا ر يذك نا وما ب ر من عند به كل ا آمن يقولون العلم في اسخون والر الله إلا يله تأو يعلم وما

الألباب ﴾ ]آل عمران: 7[.

يغ قال تعالى: عن دعاء هؤلاء المؤمنين: له تعالى لهداية قلوبهم فلا تز والمؤمنون يتوجهون إلى ال�

اب ﴾ ]آل عمران8[. ك أنت الوه بنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إن نا لا تزغ قلو ب ﴿ ر

أعلاه السابقة الآية في يغ ز قلبه في من ذكر بعد الدعاء هذا وتعالى سبحانه له ال� أورد

الدعاء هو سبيل فكأن هذا ﴾ الألباب أولوا إلا ر يذك وما قال سبحانه ﴿ ثم ]آل عمران 7[

ر إلا نا وما يذك ب ا به كل من عند ر يغ عرفه أولوا الألباب فهم يدعون قائلين ﴿ آمن الوقاية من الز

اب ﴾ ك أنت الوه إن إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة بنا بعد نا لا تزغ قلو ب أولوا الألباب ر

]آل عمران: 8-7[.

يق الحق والصلاح والرشاد والإيمان لأن هذا يغ ويدعو ربه ليهديه طر فالمؤمن يخاف من الز

الداء خطير وعلاجه بيد العلي القدير الذي القلوب بين أصبعين من أصابعه، بل حتى إمام الهدى

له عليه وسلم هو اللجوء ونبي الرحمة المهداة خاف من هذا الداء الخطير فكان أكثر دعائه صلى ال�

لت لأم إلى رب القلوب ومثبت القلوب أن يثبت قلبه على الهدى فعن شهر بن حوشب، قال: ق

م إذا كان عندك؟ قالت له عليه وسل له صلى ال� سلمة: يا أم المؤمنين، ما كان أكثر دعاء رسول ال�

له ما لأكثر كان أكثر دعائه: »يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك«. قالت: فقلت: يا رسول ال�

بين وقلبه إلا ليس آدمي ه إن دعائك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك؟ قال: »يا أم سلمة

له، فمن شاء أقام، ومن شاء أزاغ«. السلسلة الصحيحة )126/5). وتلا أصبعين من أصابع الل

بنا بعد إذ هديتنا ﴾ ]آل عمران: 8[. نا لا تزغ قلو ب معاذ بن معاذ - وهو أحد رواة الحديث - ﴿ ر

Page 32: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

32أحوال ال�قلوب

يق الحق والصلاح والرشاد والإيمان بعد أن يكون قد عرفه فيضل يغ إذن هو مخالفة طر فالز

يقه إلى يصل به طر يق الضلال و يق ولا يستطيع العودة إليه فيسلك طر صاحب هذا المرض الطر

تؤذونني له. وهذا مستنبط من قوله تعالى: ﴿ وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم الهلاك والعياذ بال�

الفاسقين ﴾ لا يهدي القوم ه بهم والل قلو ه الل ا زاغوا أزاغ إليكم فلم ه أني رسول الل علمون ت وقد

له قلوبهم فلا تعرف الحق ]الصف: 5[. أي عندما زاغوا عن الحق أي تركوه إلى غيره أزاغ ال�

ولن يدخلها الحق.

الصفة الرابعة : الغيظ من المؤمنين)1(

وهذا عرض من أعراض النفاق أو اللكفر أو الشرك حيث يغتاظ القلب من المؤمنين ولا

يتمنى لهم الخير ويبغضهم.

أما القلب السليم فقد نجا من هذا المرض، فحتى لو اغتاظ من اللكفار أنفسهم فينجيه إيمانه

ه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم وجهاده قال تعالى: ﴿ قاتلوهم يعذبهم الل

ه عليم حكيم )15( ﴾ ]التوبة[. ه على من يشاء والل بهم ويتوب الل مؤمنين )14( ويذهب غيظ قلو

له تعالى فيهم: ﴿ يا فمرض الغيظ في القلب يصيب قلوب المنافقين والمشركين الذين قال ال�

))) الغيظ: غضب كامن للعاجز. يقال: غاظه فهو مغيظ. قالت قتيلة بنت النضر ابن الحرث وقتل النبي صلى

له عليه وسلم أباها صبرا: ال�

حنق ما... من الفتى وهو المغيظ الم ك لو مننت ورب ما كان ضر

قال ابن السكيت: ولا يقال أغاظه. وغايظه فاغتاظ وتغيظ بمعنى. ]المصدر الصحاح في اللغة[.

Page 33: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 33

م قد بدت البغضاء من وا ما عنت خذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ود ها الذين آمنوا لا تت أي

ا للكم الآيات إن كنتم تعقلون )118( ها أنتم أولاء ن أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بي

وا عليكم الأنامل ا وإذا خلوا عض اب كله وإذا لقوكم قالوا آمن ونكم وتؤمنون بالكت ونهم ولا يحب تحب

دور )119( ﴾ ]آل عمران[. ه عليم بذات الص من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الل

أو المنافقين الحديث عن في معرض لوجدناها جاءت القرآن في الغيظ ولو راجعنا كلمة

المشركين كما في الآيات:

ا آمن قالوا لقوكم وإذا كله اب بالكت وتؤمنون ونكم يحب ولا ونهم تحب أولاء أنتم ها ﴿ - 1

﴾ دور الص بذات عليم ه الل إن بغيظكم موتوا قل الغيظ من الأنامل عليكم وا عض خلوا وإذا

]آل عمران: 119[.

سول الله ولا يرغبوا فوا عن ر 2 - ﴿ ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخل

هم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون فسه ذلك بأن بأنفسهم عن ن

كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر يلا إلا ار ولا ينالون من عدو ن موطئا يغيظ اللكف

المحسنين ﴾ ]التوبة: 120[.

ليقطع ماء ثم نيا والآخرة فليمدد بسبب إلى الس ه في الد ن ينصره الل 3 - ﴿ من كان يظن أن ل

فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ ﴾ ]الحج: 15[.

ا ي ه قو ه المؤمنين القتال وكان الل ه الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الل 4 - ﴿ ورد الل

عزيزا ﴾ ]الأحزاب: 25[.

دا يبتغون عا سج ار رحماء بينهم تراهم رك اء على اللكف ه والذين معه أشد سول الل د ر حم 5 - ﴿ م

وراة ومثلهم في جود ذلك مثلهم في الت ه ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر الس فضلا من الل

Page 34: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

34أحوال ال�قلوب

ار اع ليغيظ بهم اللكف ر الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الز

غفرة وأجرا عظيما ﴾ ]الفتح: 29[. ات منهم م الح ه الذين آمنوا وعملوا الص وعد الل

وشفاء الغيظ بكظم لتصفهم فجاءت الصادقين الصالحين المؤمنين عن الحديث عند أما

الصدر كما في الآيات:

اس والله يحب اء والكاظمين الغيظ والعافين عن الن ر اء والض ر 1 - ﴿ الذين ينفقون في الس

المحسنين ﴾ ]آل عمران: 134[.

قوم مؤمنين ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور بأيديكم ه الل يعذبهم 2 - ﴿ قاتلوهم

ه عليم حكيم )15( ﴾ ]التوبة[. ه على من يشاء والل بهم ويتوب الل )14( ويذهب غيظ قلو

أما قلوب المؤمنين فليس فيها غل على مؤمن أبدا بل من شروط الإيمان محبة المؤمنين فعن أبي

ى تؤمنوا، ة حت ن م: »لا تدخلون الج له عليه وسل له صلى ال� له عنه، قال: قال رسول ال� يرة رضي ال� هر

لام بينكم« رواه مسلم. كم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا الس وا، أولا أدلل ى تحاب ولا تؤمنوا حت

ى يحب م قال: »لا يؤمن أحدكم، حت له عليه وسل بي صلى ال� له عنه عن الن وعن أنس رضي ال�

لأخيه ما يحب لنفسه«. متفق عليه.

ة من لا يأمن جاره ن م قال: »لا يدخل الج له عليه وسل له صلى ال� يرة، أن رسول ال� وعن أبي هر

بوائقه«. متفق عليه واللفظ لمسلم.

يعاته وأوامره ونواهيه بتفصيلاتها ومن هذه الأحاديث وغيرها كثير نجد أن أحكام الشرع وتشر

جاءت لتحمي قلب المؤمن من الأمراض، فجاءت الوصية بصلة الرحم وبالإحسان للغير وبإكرام

الضيف والوصية بالجار وإفشاء السلام وإطعام الطعام والصدقة وعدم المن بالصدقات... إلى غير

ذلك من الأحكام والتشريعات والأوامر والنواهي لتشيع المحبة والألفة بين المسلمين ولتحفظ عليهم

Page 35: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 35

له وإياكم منها. سلامة صدورهم من الأمراض. أعاذني ال�

اللهم أذهب غيظ قلوبنا وارزقنا قلوبا سليمة صحيحة وثبتنا على دينك وعلى طاعتك. اللهم

آمين.

الصفة الخامسة : الريبة)1(

وهو عرض من أعراض النفاق، صاحبه مرتاب؛ أي: يشك ويحتار ويخاف قلبه باستمرار

له تعالى ويشك في حقيقة من أن يفتضح أمره وينكشف نفاقه، بل يخاف من كل شيء ما عدا ال�

كل شيء، فالقلب المرتاب هو في شك وخوف مستمر قال تعالى: ﴿ لا يزال بنيانهم الذي بنوا

بهم والله عليم حكيم ﴾ ]التوبة: 110[. إنه مسجد الضرار الذي ع قلو أن تقط بهم إلا يبة في قلو ر

له عليه وسلم بهدم بناه المنافقون ليكون وسيلتهم لهدم هذا الدين من القواعد وأمر الرسول صلى ال�

له عز وجل الوحي على رسوله ليعلمه عن حقيقة هذا المسجد، هذا المسجد وإحراقه عندما أرسل ال�

فت عاقبته. هر. والحاجة. وما رابك من أمر تخو . وصرف الد ك يب: الش ريب: الر (((

ك والخوف، وفي لغة: أرابني. وأراب الأمر: صار ذا ريب. وأراب يبني: إذا أدخل عليك الش ورابني الأمر ير

يبة. وارتبت به: أي ظننت به ]المصدر المحيط في اللغة[. يب: صار ذا ر جل المر الر

يبة باللكسر، وهي التهمة والشك. ورابني فلان، إذا رأيت يب: ما رابك من أمر. والاسم الر . والر يب: الشك الر

. يبة، فهو مريب. وارتاب فيه، أي شك منه ما يريبك وتكرهه. وهذيل تقول: أرابني فلان. وأراب الرجل: صار ذا ر

يب: الحاجة. قال الشاعر: هر. والر يبك. وريب المنون، حوادث الد بت به، إذا رأيت منه ما ير واستر

قضينا من تهامة كل ريب... وخيبر ثم أجممنا السيوفا ]المصدر الصحاح في اللغة[.

Page 36: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

36أحوال ال�قلوب

قلوبهم المسجد الشك والنفاق والغيظ بسبب هدمه حتى تتقطع فلا يزال في قلوب أهل هذا

وتتمزق بالموت.

يبهم بهم فهم في ر ما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلو وقال تعالى: ﴿ إن

له ومن البعث والقيامة فهم دون ﴾ ]التوبة: 45[. أي أن قلوبهم في تردد وشك من وجود ال� يترد

يعيشون في ترددهم وريبتهم تلك دائما.

أما القلوب السليمة المؤمنة فلا يدخلها هذا التردد وهذا الريب أبدا ولو اعتراها عارض من

له تعالى واللجوء إليه فتراها مطمئنة مؤمنة له وكلمة التوحيد والاستعاذة بال� الشيطان دفعته بذكر ال�

خاشعة ناصعة.

بنا سبيلا. اللهم آمين. اللهم أعذنا من الريبة والشك ولا تجعل لها إلى قلو

الصفة السادسة : الانصراف عن الحق

له سبحانه بهذا يقه للحق ولا يجد الحق فيه موضعا، فقد عاقبه ال� القلب السقيم لا يعرف طر

له سبحانه يعاقب من يتكبر في الأرض أو من الداء بسبب عناده وجحوده وإصراره على اللكفر فال�

له عز له عز وجل وعن التدبر والتفكر في آيات ال� يشرك وينافق بأن يصرف قلبه عن الإيمان بال�

وجل مهما عاين من المواعظ والعبر ومهما سمع من آيات الحكيم الحميد من الوعد والوعيد والأمثلة

ظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد على ذلك كثيرة جدا قال تعالى: ﴿ وإذا ما أنزلت سورة ن

يفقهون ﴾ ]التوبة: 127[. هم قوم لا بهم بأن انصرفوا صرف الله قلو ثم

Page 37: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 37

له له قلوبهم هي جملة دعاء - والدعاء في القرآن اللكريم يفيد الإقرار فقد حكم ال� - صرف ال�

تعالى على قلوبهم بالانصراف عن الحق والطاعة جزاء نفاقهم قال تعالى: ﴿ سأصرف عن آياتي

شد لا سبيل الر يؤمنوا بها وإن يروا لا الحق وإن يروا كل آية في الأرض بغير رون الذين يتكب

نا وكانوا عنها غافلين ﴾ بوا بآيات هم كذ خذوه سبيلا ذلك بأن خذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يت يت

]الأعراف: 146[.

اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك.

م، يقول: »إن له عليه وسل له صلى ال� ه سمع رسول ال� له بن عمرو بن العاص، يقول: أن عن عبد ال�

قال حمن، كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء« ثم ها بين إصبعين من أصابع الر قلوب بني آدم كل

بنا على طاعتك«. رواه مسلم. م: »ال�هم مصرف القلوب صرف قلو له عليه وسل له صلى ال� رسول ال�

له الصفة السابعة : الرهبة من غير الل

له والخوف مما سواه، له إلى القلب تسيطر عليه الرهبة من غير ال� عندما يدخل الشك بقدرة ال�

وهذا عرض من أعراض النفاق صاحبه يخاف من أي شيء مهما كان لأن قلبه سقيم لا يعرف

السكينة ولا الطمأنينة فهو يخاف المخلوق أكثر من خوفه من الخالق. لماذا؟!

له القوة والثبات له فكيف سيستمد من إيمانه بال� له وغير مستشعر لعظمة ال� لأنه غير متعلق بال�

والطمأنينة؟!

له سبحانه بسبب جهله وغفلته ولعدم فقهه قال ال� فهذا القلب مرعوب من أي شيء غير

Page 38: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

38أحوال ال�قلوب

ا يفقهون ﴾ ]الحشر: 13[. هم قوم ل ه ذلك بأن تعالى: ﴿ لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الل

الصفة الثامنة : الطبع)1(

فإذا الأمراض الخطيرة كالنفاق والشرك وهو ليس مرض عادي بل هو من مضاعفات

له تعالى ولم يستأصل مرض القلب بالنفاق أو اللكفر مرضا شديدا وأهمل العلاج ولم يلجأ إلى ال�

المرض جاءه مرض الطبع، وهو في حد ذاته مرض خطير جدا يدل على تدهور وتأخر حالة

صاحبه فما هو الطبع؟!

تعالى له ال� إنه عقاب من الحق، يصله ولا - يعقل لا - يفقه لا عليه المطبوع القلب إن

للكافرين والمنافقين بسبب عنادهم وإصرارهم على ما هم فيه.

بهم لئك الذين طبع الله على قلو وهذا المرض يشعر صاحبه بالغفلة والضياع وعدم الفهم ﴿ أول

والطبع: الختم. والطبع: صدأ السيف، الختم: الطبع، ختم يختم ختما. والخاتم: الفاعل. والخاتم: الاسم، (((

بع، ران على قلبه ين: الط يتام مثله، ومنهم من يهمز الخاتم. والختام: الطين الذي يختم على الكتاب. الر والخاتام والخ

ين. ]المصدر المحيط في اللغة[. ير

بع، من قولهم: طبع الرجل على الشيء طبعا، إذا جبل عليه. والطبيعة: الخليقة التي جبل عليها. وطبعت الط

الكتاب، إذا ختمته، والخاتم: الطابع. وطبعت الحلو طبعا، إذا ملأتها، وطبعتها تطبيعا كذلك. والطبع: النهر المملوء

ماء، بتسكين الباء، والجمع أطباع. قال لبيد:

ت بالوحل ]المصدر جمهرة اللغة[. وا فاترا مشيهم... كروايا الطبع هم فتول

ابع بالفتح الخاتم واللكسر فيه لغة وطبع على الكتاب ختم. وطبع بع الختم وهو التأثير في الطين ونحوه. والط والط

ة وباب الكل قطع. ]المصدر مختار الصحاح[. يف. والدرهم عملهما وطبع من الطين جر الس

Page 39: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 39

لئك هم الغافلون ﴾ ]النحل: 108[. وسمعهم وأبصارهم وأول

له اللكذب والكافرين بعد إيمانهم ومن استحبوا وسياق الحديث كان على الذين يفترون على ال�

قلوبهم على ختم أي يفقهون لا لأنهم قلوبهم على له ال� طبع فهؤلاء الآخرة على الدنيا الحياة

ه بالغفلة والضلال والضياع فلا يجد الحق إليها منفذا ﴿ فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الل

ا قليلا ﴾ ه عليها بكفرهم فلا يؤمنون إل بنا غلف بل طبع الل وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلو

]النساء: 155[.

له وقالوا له وقتلوا الأنبياء وكفروا بآيات ال� والحديث هنا عن اليهود الذين نقضوا عهدهم مع ال�

قلوبنا غلف - أي قلوبنا مغلفة يا محمد فلا يصلها شيء مما تقول -، فكان العقاب على هذه الجرائم

له على قلوبهم أي جاءها الختم بالضلال والتيه الأبدي فلن يؤمن منهم إلا من العظيمة أن طبع ال�

له من هذا الداء العظيم، وهم قليل، قال تعالى من دعاء موسى على فرعون: ﴿ وقال موسى عافاه ال�

نا اطمس ب وا عن سبيلك ر نا ليضل ب نيا ر ياة الد ينة وأموالا في الح ك آتيت فرعون وملأه ز نا إن ب ر

ى يروا العذاب الأليم ﴾ ]يونس: 88[. أي: اجعل بهم فلا يؤمنوا حت على أموالهم واشدد على قلو

رباطا من القسوة على قلوبهم واشدد عليه وهو غاية الطبع.

مع يكونوا بأن المنافقين المتخلفين عن جيش العسرة: ﴿ رضوا وقال سبحانه ذاكرا حال

بهم فهم لا يفقهون ﴾ ]التوبة: 87[. الخوالف وطبع على قلو

له عليهم وعقوبته لهم وهذا نتيجة الطبع لا يفقهون - لا يدرون شيئا من الحق - هذا حكم ال�

على قلوبهم الذي استحقوه بسبب نفاقهم وتخلفهم عن الجهاد وقد ذكر حالهم مرة أخرى في

بيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع ما الس نفس السورة قال تعالى: ﴿ إن

بهم فهم لا يعلمون ﴾ ]التوبة: 93[. الخوالف وطبع الله على قلو

Page 40: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

40أحوال ال�قلوب

له سبحانه عن أحوال الأمم السابقة وكيف أنه حل عليهم داء الطبع على ال� لنا وقد ذكر

له فكان هذا عقابهم، قال تعالى: ﴿ تلك القرى القلوب بسبب تكذيبهم الرسل وعدم إيمانهم بال�

بوا من قبل كذلك نقص عليك من أنبآئها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذ

ين ﴾ ]الأعراف: 101[. يطبع الله على قلوب الكافر

له على قلوبهم فلن يؤمنوا إذن أبدا وسيموتون كافرين. فقد كذبوا ولم يصدقوا الرسل فطبع ال�

له بدون علم، قال تعالى: وقد يأتي الطبع نتيجة تكبر على الحق والتجبر والمجادلة في آيات ال�

الذين آمنوا كذلك ه وعند الل بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند ه ﴿ الذين يجادلون في آيات الل

ار ﴾ ]غافر: 35[. ه على كل قلب متكبر جب يطبع الل

ه الباطل ه يختم على قلبك ويمح الل ه كذبا فإن يشأ الل وقال تعالى: ﴿ أم يقولون افترى على الل

دور ﴾ ]الشورى: 24[. ه عليم بذات الص ويحق الحق بكلماته إن

له اللكذب ولم يغير في الدين أو له جل وعلا أن الرسول لم يفتر على ال� وفي هذه الآية يبين ال�

له عليه وسلم له على قلبه، لذلك شهدت هذه الآية للرسول صلى ال� يبدل لأنه لو فعل ذلك لختم ال�

بأمرين مهمين:

له لم يزد فيه ولم ينقص. له اللكذب وقد بلغ الدين كما أتاه من ال� أولهما: أنه لم يفتر على ال�

له عليه وسلم من هذا المرض والبلاء العظيم )الختم). وثانيهما: براءة وسلامة قلبه صلى ال�

بعثنا من بعده له سبحانه وتعالى بقوله: ﴿ ثم والختم والطبع معنى واحد لمرض خطير وصفه ال�

بوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب اءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذ رسلا إلى قومهم فج

بهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم المعتدين ﴾ ]يونس: 74[. وقال سبحانه: ﴿ ختم الله على قلو

غشاوة ولهم عذاب عظيم ﴾ ]البقرة: 7[. والحديث هنا عن المنافقين.

Page 41: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 41

إذا الختم والطبع هو )غشاوة على القلب، فلا ينفذ الحق إليه، فيبقى في الضلال إلى أن يأتيه

الموت فيلقى العذاب الأليم يوم القيامة).

بهم و نشاء أصبناهم بذنو ذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن ل ل وقال سبحانه: ﴿ أولم يهد ل

بهم فهم لا يسمعون ﴾ ]الأعراف: 100[. ونطبع على قلو

- لو نشاء نطبع على قلوبهم بسبب ذنوبهم فلا يسمعون الحق ولا يدخل قلوبهم ولا يعقلونه -.

ه على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل خذ إلهه هواه وأضله الل وقال سبحانه: ﴿ أفرأيت من ات

رون ﴾ ]الجاثية: 23[. ه أفلا تذك على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الل

هذا جاءه الختم على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة - أي: على بصيرته - فلا يرى الحق

له ونواهيه فكان كمن جعل من أهوائه وشهواته إلها يأمره لأنه اتبع أهواءه وشهواته وترك أوامر ال�

ينهاه فهو يميل مع ما يشتهيه ولا يردعه رادع إذ لا إله له إلا هواه يميل معه حيث مال فاستحق و

له من حال أهل الضلال. الختم والضلال والعمى والعياذ بال�

وسبب الطبع هو الذنوب المتتابعة على القلب فينغلق فلا يصل إليه الحق ثم يأتيه الطبع فلا

له وإياكم. يهتدي بعد أبدا. أعاذني ال�

Page 42: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

42أحوال ال�قلوب

الصفة التاسعة : الران)1(

وهذا المرض أيضا من مضاعفات النفاق واللكفر الخطيرة. والران هو الطبع مع الخلط أن

له عنه )هو القلب غلب عليه الذنب حتى طبع عليه وخالطه فكأنه صار منه. قال الحسن رضي ال�

الذنب على الذنب حتى يسود القلب).

وهو كالطبع يسبب التيه والضياع وعدم خلوص الحق إلى القلب وهو يعتري القلب حينما

ا كانوا يكسبون ﴾ ]المطففين: 14[. بهم م تتراكم عليه الذنوب قال تعالى: ﴿ كلا بل ران على قلو

له. أي غلبت على قلوبهم فغطتها وسيطرت عليها فصدئت وامتنع عنها التنور بنور ال�

م، قال: »إن له عليه وسل ه صلى ال� له عنه، أن رسول ال� يرة رضي ال� وفي الحديث عن أبي هر

المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر، صقل قلبه، فإن زاد،

ا كانوا يكسبون ﴾ بهم م ابه: ﴿ كلا بل ران على قلو ه في كت ان الذي ذكره الل زادت، فذلك الر

]المطففين: 14[«.

له من واللفظ والحاكم في صحيحه وابن حبان وابن ماجه والنسائي الترمذي وصححه رواه

يقين قال في أحدهما صحيح على شرط مسلم. طر

ين. بع، ران على قلبه ير ين: الط رين: الر (((

ا كانوا بهم م : ﴿ كلا بل ران على قلو يونا، ومنه قوله عز وجل أس: إذا رسخ فيه؛ ر مر في الر عاس والخ وران الن

يكسبون ﴾.

ين به: انقطع به. ين به: أي ذهب به الموت، وإذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه. ور وأصبح قد ر

ين. والران: مثل الر

ة أصابتهم. ]المصدر المحيط في اللغة[. وأران القوم فهم مرينون: هللكت مواشيهم أو هزلت من شد

Page 43: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 43

الصفة العاشرة : الغمرة)1(

وهذا المرض عرض من أعراض النفاق والشرك وفيه يغفل القلب ويجهل فيصبح مغمورا

بالغفلة والجهل والذنوب يحيطون به من كل جانب فلا يصله الحق ولا يلجه إيمان مهما وضحت

أمامه الدلائل وسطع نور الحق فلن يصل هذا النور إلى القلب المغمور أي المغموس قال تعالى:

بهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ﴾ ]المؤمنون: 63[. ﴿ بل قلو

والغمرة كما أسلفت هي انغماس القلب في الجهل والغفلة والذنوب حيث تعلو القلب وتحيط

بهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم به فيضل ولا يهتدي قال تعالى: ﴿ بل قلو

لها عاملون ﴾ ]المؤمنون: 63[. أي دعهم في ضلالهم وغفلتهم حتى يدركهم الموت فيموتوا على

له وإياكم ورزقنا سلامة القلوب حتى نلقاه بقلوب سليمة. اللهم آمين). ذلك. )عافاني ال�

الصفة الحادية عشر : الأكنة على القلوب أو تغليف القلوب

وهي الأغطية والأغشية غير الملموسة وغير المادية، إنها أغطية تغطي القلب فلا يفقه الحق

لأن هناك حائلا بينه وبين الحق، وقد اعترف اللكفار بهذه الأكنة ولمسوها على قلوبهم وشعروا

ه عنهم الل بنا غلف بل ل له اعترافهم هذا في أكثر من موضع، قال تعالى: ﴿ وقالوا قلو بها وقد سجل ال�

ا يؤمنون ﴾ ]البقرة: 88[. بكفرهم فقليلا م

بغير حق وقولهم الأنبياء وقال تعالى: ﴿ فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم

ة. ]المصدر المحيط في اللغة[. د والغمرة: منهمك الباطل. وكذلك الحرب والش (((

Page 44: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

44أحوال ال�قلوب

قليلا ﴾ ]النساء: 155[. بنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قلو

نا وقر ومن بيننا وبينك حجاب ا تدعونا إليه وفي آذان ة مم بنا في أكن وقال تعالى: ﴿ وقالوا قلو

نا عاملون ﴾ ]فصلت: 5[. فاعمل إن

له تعالى: ﴿ ومن له تعالى بسبب التمادي في اللكفر والضلال فقد قال ال� وهو عقاب من ال�

ة أن بهم أكن ا جعلنا على قلو إن مت يداه فأعرض عنها ونسي ما قد به بآيات ر ن ذكر مم أظلم

يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ﴾ ]اللكهف: 57[.

ة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا بهم أكن ن يستمع إليك وجعلنا على قلو وقال سبحانه: ﴿ ومنهم م

أساطير ى إذا جآؤوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا يؤمنوا بها حت وإن يروا كل آية لا

لين ﴾ ]الأنعام: 25[. الأو

له فلم يفقهوها وإن رأوها وعاينوها. وهذا فالغلاف على قلوبهم حجب عنهم التدبر في آيات ال�

عرض من أعراض اللكفر والشرك صاحبه لا يعي الحق ولا يسمعه ولا يصل إليه وإذا سمع الذكر

ة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا بهم أكن له جل في علاه: ﴿ وجعلنا على قلو أعرض ونفر منه، قال ال�

وا على أدبارهم نفورا ﴾ ]الإسراء: 46[. ك في القرآن وحده ول ب وإذا ذكرت ر

الصفة الثانية عشر : القسوة

القلب القاسي مهما شاهد من الآيات والمعجزات فإنه لا يتزعزع ولا يتحرك فيه الإيمان أو

له تعالى فصاحبه لا يعتبر ولا يتعظ، فهو مرض الخشوع لذلك كان هذا المرض عقاب من ال�

Page 45: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 45

له لليهود بسبب ذنوبهم، قال تعالى: ﴿ فبما خطير يصيب قلب المنافق أو الكافر، وكان عقاب ال�

ا ذكروا به ا مم واضعه ونسوا حظ بهم قاسية يحرفون الكلم عن م اهم وجعلنا قلو نقضهم ميثاقهم لعن

قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ﴾ نة منهم إلا لع على خآئ ولا تزال تط

]المائدة: 13[.

ولا الحق من نزل وما ه الل لذكر بهم قلو تخشع أن آمنوا ذين ل ل يأن ألم وقال سبحانه: ﴿

منهم فاسقون ﴾ بهم وكثير فقست قلو الأمد اب من قبل فطال عليهم يكونوا كالذين أوتوا الكت

]الحديد: 16[.

له في له تعالى قلوبهم قاسية صلبة لا تتعظ ولا تعتبر، وهذا عكس اللين لذكر ال� لقد جعل ال�

للعبر وحلاوة للذكر وحلاوة له يجد حلاوة ال� لذكر القلب يلين فعندما السليمة. القلوب صفات

للخشوع؛ إنها حلاوة الإيمان.

له هذه الحلاوة، وهو عقاب دنيوي بسببه لا يلين القلب مهما أما القلب القاسي فقد حرمه ال�

بكم قست قلو عظمت الآيات والعبر قال تعالى واصفا حال اليهود أيضا بعد حادثة البقرة ﴿ ثم

ق ق ر منه الأنهار وإن منها لما يش من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفج

ا تعملون ﴾ ]البقرة: 74[. فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عم

إذا فقلوبهم أقسى من الحجارة لأن من الحجارة ما يشقق فيخرج منه الماء على شكل ينابيع

له، أما قلوبهم فلا تستجيب. فرغم أنهم رأوا حادثة البقرة وإنباء وأنهار ومنها ما يهبط من خشية ال�

الميت بقاتله بعد أن ضرب ببعضها إلا أنهم لم يتعظوا أو يعتبروا أو يخشعوا.

ويجد الشيطان مسلكا ومدخلا سهلا للقلب القاسي فهو مرتعه ومسرحه وملعبه، قال تعالى:

المين لفي شقاق بهم وإن الظ رض والقاسية قلو بهم م ذين في قلو ل يطان فتنة ل لقي الش ﴿ ليجعل ما ي

Page 46: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

46أحوال ال�قلوب

بعيد ﴾ ]الحج: 53[.

يطان ما ين لهم الش بهم وز لكن قست قلو عوا ول وقال سبحانه: ﴿ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضر

كانوا يعملون ﴾ ]الأنعام: 43[.

له له.. لا يتضرع إليه إلا في البأس والمصائب. وقد حذر ال� إذا القلب القاسي لا يلجأ إلى ال�

ه صدره للإسلام فهو على عز وجل أصحاب القلوب القاسية فقال عز من قائل: ﴿ أفمن شرح الل

ه أولئك في ضلال مبين ﴾ ]الزمر: 22[. بهم من ذكر الل يل ل�قاسية قلو به فو نور من ر

بنا لذكرك يا أرحم الراحمين. اللهم ارحمنا وألن قلو

الصفة الثالثة عشرة والرابعة عشرة : الغفلة وال�هو

كثيرا مرضان وهما والذكر، والطاعة العبادة عن فيلهيانه القلب يان يعتر مرضان وهذان

له من حال أهل الضلال-. الشيوع في زماننا هذا )فما أكثر الغافلين! وما أكثر اللاهين!)- نعوذ بال�

له سبحانه أمر اللكفار الذين يستمعون الذكر وهو يلعبون بأن قلوبهم لاهية قال وقد ذكر ال�

ا بشر مثللكم أفتأتون السحر وأنتم جوى الذين ظلموا هل هذا إل وا الن بهم وأسر تعالى: ﴿ لاهية قلو

تبصرون ﴾ ]الأنبياء: 3[، أي: ساهية قلوبهم عن القرآن غافلة عن تدبره وفهمه.

يا القلب أضلته الأهواء فخاب وخسر، قال تعالى: ﴿ واصبر نفسك وهذان المرضان إذا اعتر

نيا ياة الد ينة الح يد ز يدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تر هم بالغداة والعشي ير ب مع الذين يدعون ر

بع هواه وكان أمره فرطا ﴾ ]اللكهف: 28[. ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا وات

Page 47: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 47

أي لا تطع يا محمد من جعلنا قلبه ساهيا غافلا فاتبع هواه فضاع وهلك وأسرف على نفسه

له له صلى ال� ]وهذه الآية نزلت في رأس اللكفر أمية بن خلف الجمحي حيث طلب من رسول ال�

يقال نزلت في عيينة بن حصن حيث عليه وسلم طرد الفقراء وتقريب صناديد أهل مكة فنزلت، و

له عليه وسلم وعنده سلمان الفارسي فقال عيينة إذا نحن أتيناك فأخرج هذا دخل على النبي صلى ال�

وأدخلنا فنزلت الآية[.

له للكبر أو هوى فانغمس في فالقلب اللاهي والقلب الغافل هو قلب انصرف عن عبادة ال�

ذنوبه وشهواته وآثر دنياه وسها عن الحق وغفل عنه وألهاه عنه كل ما عداه.

له الصفة الخامسة عشرة : الرعب من غير الل

له تعالى في قلوب الكافرين والمشركين عند نزال المؤمنين، وهو غير الرهبة وهذا المرض يلقيه ال�

له يلقيه له خوف مستمر أما الرعب فهو أشد من الرهبة وهو عقاب ال� حيث أن الرهبة من غير ال�

عند الحروب في صدور أعدائه ليعز دينه وليظفر المؤمنين بالنصر بمنه وكرمه إن كتب لهم النصر قال

ك إلى الملآئكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا ب تعالى: ﴿ إذ يوحي ر

بوا منهم كل بنان ﴾ ]الأنفال: 12[. بوا فوق الأعناق واضر عب فاضر الر

ومن يشاقق الله ورسوله الله وا هم شآق وهذا العقاب سببه اللكفر، قال تعالى: ﴿ ذلك بأن

ورسوله فإن الله شديد العقاب ﴾ ]الأنفال: 13[.

فهذه الآية بينت سبب هذا العقاب، وهو الرعب في قلوب اللكفار الذي تحدثت عنه الآية

Page 48: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

48أحوال ال�قلوب

له ورسوله. التي سبقتها وكان السبب هو العداء والشقاق ل�

اب من وقال تعالى في وصف معركة أخرى ﴿ هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكت

ه من ه فأتاهم الل هم مانعتهم حصونهم من الل وا أن ل الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظن ديارهم لأو

بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا بون عب يخر الر بهم حيث لم يحتسبوا وقذف في قلو

ار نيا ولهم في الآخرة عذاب الن بهم في الد لاء لعذ ه عليهم الج أولي الأبصار )2( ولولا أن كتب الل

ه شديد العقاب )4( ﴾ ]الحشر[. ه فإن الل ه ورسوله ومن يشاق الل وا الل هم شاق )3( ذلك بأن

ه المؤمنين القتال وكان ه الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الل وقال تعالى: ﴿ ورد الل

بهم اب من صياصيهم وقذف في قلو ا عزيزا )25( وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكت ي ه قو الل

يقا )26( وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها يقا تقتلون وتأسرون فر عب فر الر

ه على كل شيء قديرا )27( ﴾ ]الأحزاب[. وكان الل

آية آل عمران تحدثت عن غزوة أحد، وآية الأنفال تحدثت عن غزوة بدر، وآيات الأحزاب

يظة، وآيات الحشر تحدثت عن يهود بني النضير. تحدثت عن يهود بني قر

له قال تعالى: ﴿ إذ يغشيكم له تعالى فهي صابرة وعلى يقين بنصر ال� أما القلوب المؤمنة فيثبتها ال�

بط على يطان ولير ماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الش ينزل عليكم من الس عاس أمنة منه و الن

بكم ويثبت به الأقدام ﴾ ]الأنفال: 11[. أي يثبت قلوبكم بالصبر واليقين عند لقاء العدو قلو

ا رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا له وتؤمن بنصره وقضائه، وقال تعالى: ﴿ ولم فتستسلم لأمر ال�

ا إيمانا وتسليما ﴾ ]الأحزاب: 22[. ه ورسوله وما زادهم إل ه ورسوله وصدق ال� ما وعدنا ال�

Page 49: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 49

الصفة السادسة عشرة : العصبية وحمية الجاهلية

إن المؤمنين إخوة لا فرق بينهم بين كبير وصغير، غني وفقير، أبيض وأسود، وعلى العكس

المرض الجاهلي )العصبية وحمية الجاهلية) فيصيب قلوب يأتي هذا الإيمانية، تماما من الأخوة

اللكفار ويسبب الغضب الشديد والأنفة من ضعاف الناس بل ومن الحق أيضا.

وهي خصلة الجهل والغرور صاحبها لا يرى إلا نفسه وأعوانه، قال تعالى: ﴿ إذ جعل الذين

ه سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة ة فأنزل الل اهلي ة الج ة حمي مي بهم الح كفروا في قلو

ه بكل شيء عليما ﴾ ]الفتح: 26[. والحمية هنا هي أنفة قوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الل الت

فمنعوا المسلمين من دخول المسجد الحرام الطيش والجهل والغرور الذي أصاب قلوب اللكفار

يوم الحديبية، وهي نفسها صفة الغرور التي صرفت قلوب كثير منهم عن الحق والدخول في الدين

له عليه وسلم لا لشيء إلا لأنه اتبعه ضعاف الناس الإسلامي مع علمهم بصدق النبي اللكريم صلى ال�

وفقراءهم ومماليكهم.

الصفة السابعة عشرة : تفرق القلوب

له والعمل فيه وله لأنها إن القلوب المؤمنة قلوب متآلفة مترابطة متحابة، جمعها الحب في ال�

أنها مريضة إلا ذللكم غير أبدت مهما المتنافرة المشتتة السقيمة تلك على عكس قلوب سليمة،

له سبحانه عن قلوب يهود بني النضير فقال عز باللكفر والنفاق فتفرقت وتشتت. وقد حدثنا ال�

نة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا حص ا في قرى م وجل: ﴿ لا يقاتلونكم جميعا إل

Page 50: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

50أحوال ال�قلوب

ا يعقلون ﴾ ]الحشر: 14[. هم قوم ل ى ذلك بأن بهم شت وقلو

له قلوب اللكفار والمنافقين فلا هدى يجمعها ولا خير يربطها. شتت ال�

له الصفة الثامنة عشرة : تشرب عبادة غير الل

له) أو صرف بعض أنواع يضة كقلوب اللكفار والمنافقين )عبادة غير ال� تتشرب القلوب المر

له بسبب اللكفر أو النفاق أو الإعراض عن الحق. له ويمتزج فيها حب عبادة غير ال� العبادات لغير ال�

والعبادة ليست فقط الصلاة والزكاة والحج وتقديم القرابين وغير ذلك من أنواع العبادة، بل

له كمن يذهب إلى قبور الصالحين ويدعوهم أو يقدم لهم هي كل فعل يراد به التقرب إلى غير ال�

القرابين أو يجعل لهم نصيب من دعائه أو يتقرب إليهم بأي نوع من أنواع القربات ليرفع حاجة أو

له يدعو دعوة ولعل البعض يقول كما قال أسلافهم في الجاهلية الأولى إنما ندعوهم ليقربونا إلى ال�

يعطي ه زلفى ﴾ وهل يضر وينفع و بونا إلى الل ا ليقر له ﴿ ما نعبدهم إل زلفى فهم واسطتنا عند ال�

له؟! ويمنع إلا ال�

وللكن في دين هؤلاء نجد الواسطة في المعاملات حتى مع رب العزة والجلال فلا بد من

اع يب أجيب دعوة الد له تعالى يقول: ﴿ وإذا سألك عبادي عني فإني قر واسطة لقبول العمل وال�

هم يرشدون ﴾ ]البقرة: 186[. إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعل

يين من يصرف الدعاء المحض لصاحب له، بل أزيد فهناك من القبور فلا حول ولا قوة إلا بال�

له الضريح ويتوجه إليه بالدعاء والطلب، فهذا كفر صريح، وكل عمل من أنواع العبادات خصه ال�

Page 51: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 51

لنفسه وقام بعض الناس بتقديمه إلى غيره يندرج تحت هذا البند.

له، وها هم اليهود الذين خلفهم موسى عليه السلام عندما واعده ربه قد أشربوا عبادة غير ال�

ة واسمعوا قالوا سمعنا ور خذوا ما آتيناكم بقو قال تعالى: ﴿ وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الط

﴾ ؤمنين م كنتم إن إيمانكم به يأمركم بئسما قل بكفرهم العجل بهم قلو في بوا وأشر وعصينا

]البقرة: 93[.

لقد امتزج في قلوبهم حب عبادة العجل وتشربتها قلوبهم بسبب كفرهم.

له من حال أهل الضلال. نعوذ بال�

الصفة التاسعة عشرة : الغلظة)1(

هو مرض يصيب القلب فلا يرأف بأحد ولا يحب إلا ذاته فصاحبه أناني متجهم الوجه وهو

له هذه الصفة عن قلب الحبيب المصطفى عكس الرأفة والرحمة في القلوب السليمة ولقد نفى ال�

ا غليظ له عليه وسلم حيث قال عز وجل: ﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظ صلى ال�

ل على وا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوك نفض القلب لا

الله إن الله يحب المتوكلين ﴾ ]آل عمران: 159[.

القلب الغليظ هو القلب الجاف الذي لا شفقة فيه ولا رحمة.

وب: وجدته غليظا، واستغلظته. جر. وأغلظت هذا الث بات والش الغلظ: مصدر الغليظ في الخلقة. واستغلظ الن (((

مين. هو ذو غلظة وغلاظة وغلظة. وغلظت عليه وأغلظت. ة في الي غليظ: الشد والت

والغلظ من الأرض: الخشن، والمغلظ: الذي نزل فيه. المصدر السابق.

Page 52: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

52أحوال ال�قلوب

الصفة العشرون : القلوب المقفلة

ينغلق القلب بالأقفال والمغاليق فلا ينفتح للحق ولا يفهم الحق ولا يتدبره إذا أعرض عن

الذكر والطاعة؛ فمثل هذا القلب لو استمع القرآن لن يفهمه أو يفقه معانيه، ولو فقهه ما استفاد من

رون القرآن أم على قلوب أقفالها ﴾ ]محمد: 24[. عبره ومواعظه، قال تعالى: ﴿ أفلا يتدب

فأصحاب هذه القلوب لن تنفتح قلوبهم للحق بسبب هذه الأقفال.

الصفة الحادية والعشرون : الضيق

هذا المرض هو من علامات الضلال فإذا ضل القلب ضاق وأصيب بالكآبة والحرج وسبب

كل هذا عدم الإذعان لصوت الإيمان، قال تعالى: ﴿ فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام

ماء كذلك يجعل الله الرجس على د في الس ع ما يص ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأن

الذين لا يؤمنون ﴾ ]الأنعام: 125[.

وضيق الصدر هو عدم انشراحه فيبدأ عرض هذا المرض بأن ينشرح القلب فيه لللكفر أو

له تعالى فيبدأ بالضيق شيئا فشيئا وينسلب منه نور الحق فيصبح حرجا الباطل فيأتيه العقاب من ال�

كأنه يختنق والحرج هو شدة الضيق.

Page 53: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 53

الصفة الثانية والعشرون : العمى

إذا عاين المرء الحق ولم يره قلبه كان أعمى القلب.

له ولا يصغي للحق رغم ما يجد من آيات بينات والقلب الذي لا يعقل ولا يستنير بنور ال�

وبراهين واضحات هو قلب أعمى.

على للحق وتستجيب والعظات العبر تعقل مستنيرة عاقلة قلوب فهي السليمة القلوب أما

في يسيروا أفلم تعالى: ﴿ قال الحق، عن أعرضت التي العمياء السقيمة القلوب تلك عكس

ها لا تعمى الأبصار وللكن تعمى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإن

دور ﴾ ]الحج: 46[. تي في الص القلوب ال

له الصفة الثالثة والعشرون : الاشمئزاز من ذكر الل

له وما إنه من المضاعفات الخطيرة لمرضي اللكفر أو النفاق، صاحبه ينفر من أي شيئ يذكره بال�

أكثر المرضى بهذا المرض في زماننا هذا فترى أحدهم يرفع صوت آلة التسجيل بصوت الأغاني

ومزامير الشيطان فإذا سمع القرآن ضاق صدره، تراه يقلب محطات القمر الصناعي أو الراديو على

الإذاعات والقنوات المختلفة فإذا مر بقناة خير أو صوت قارئ غيره بسرعة وشعر بذلك الضيق

في صدره، وإذا وجد جماعة من الناس قد جمعهم اللهو والعبث والمعصية ارتاح للجلوس معهم

وانفرجت أساريره وإذا مر بحلقة ذكر أو قراءة قرآن ولى معرضا مسرعا ولم يعقب.

فليحذر من يجد في قلبه مثل هذا المرض الخطير الفظيع الشنيع.

ت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين ه وحده اشمأز قال تعالى: ﴿ وإذا ذكر الل

Page 54: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

54أحوال ال�قلوب

له وحده. من دونه إذا هم يستبشرون ﴾ ]الزمر: 45[. أي ينقبض قلبه إذا صرف التوحيد ل�

له من حال أهل الضلال. نعوذ بال�

الصفة الرابعة والعشرون : القلوب غير الطاهرة

إنها قلوب لم تتخلص من الأمراض المستعصية ولم تعالجها، إنها قلوب ممتلئة بالأدران وباللكفر

والضلال. إنها قلوب عليلة سقيمة لأنها غير نظيفة وغير طاهرة فأصحابها هم اللكفار والمشركون

سول ها الر له لهم فقد تمادوا في الضلال واللكفر، قال تعالى: ﴿ يا أي والمنافقون لذلك لم يطهرها ال�

بهم ومن الذين ا بأفواههم ولم تؤمن قلو لا يحزنك الذين يسارعون في اللكفر من الذين قالوا آمن

ين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن اعون لقوم آخر اعون ل�لكذب سم هادوا سم

لئك الذين م تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أول يتم هلذا فخذوه وإن ل أوت

نيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ﴾ ]المائدة: 41[. بهم لهم في الد لم يرد الله أن يطهر قلو

الصفة الخامسة والعشرون والسادسة العشرون : الحقد والغل

هما مصطلحان لمعنى واحد، وهو حمل الضغينة في القلب على المؤمنين وعلى دينهم بلا أسباب

له المؤمنين هذا المرض وجعل قلوب أهل الجنة خالية منه. منطقية. وقد جنب ال�

مد لله الذي قال تعالى: ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الح

Page 55: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 55

ة ن نا بالحق ونودوا أن تللكم الج ب ا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ر هدانا لهلذا وما كن

موها بما كنتم تعملون ﴾ ]الأعراف: 43[. أورثت

له تعالى ليخلصهم من هذا المرض: ﴿ والذين جاؤوا من بعدهم والمؤمنون دائموا اللجوء إلى ال�

ك نا إن ب ذين آمنوا ر ل نا غلا ل ب نا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلو نا اغفر لنا ولإخوان ب يقولون ر

له تعالى فيهم: ﴿ ونزعنا ما في حيم ﴾ ]الحشر: 10[. ليكونوا من أهل الجنة الذين قال ال� رؤوف ر

تقابلين ﴾ ]الحجر: 47[. صدورهم من غل إخوانا على سرر م

إذا فالأحقاد الشديدة والأضغان هي مرض يصيب القلب إذا استعد لهذا المرض، والضغينة

في القلب على المؤمنين ضعف في الإيمان - هذا إذا لم يكن خال من الإيمان أصلا -.

فالضغينة إذا كانت تجاه المؤمنين ودينهم فهي نفاق مهما أظهر صاحبه من صلاح. وقد حمل

له عليه وسلم وعذبوه. له على الإسلام فكالوا للمسلمين وضايقوا النبي اللكريم صلى ال� أعداء ال�

أما المنافقون الذين كانوا يعيشون في المدينة وبين المسلمين فقد كانوا يخفون تللكم الأحقاد في

له كشف عن هذه الأحقاد وعن أصحابها فقال عز وجل: ﴿ أم حسب الذين في قلوبهم للكن ال�

ه أضغانهم ﴾ ]محمد: 29[. ن يخرج الل رض أن ل بهم م قلو

قلوب أو أي عرض من أعراضه من المرض بإزالة هذا وتعالى له سبحانه ال� وقد تكفل

ه بأيديكم المؤمنين ولو كان تجاه اللكفار وذلك بالإيمان والجهاد فقال سبحانه: ﴿ قاتلوهم يعذبهم الل

ه على بهم ويتوب الل ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين )14( ويذهب غيظ قلو

ه عليم حكيم )15(﴾ ]التوبة [. من يشاء والل

وكما أن هناك صفات للقلوب السليمة وصفات للقلوب السقيمة فإن هناك حالة طارئة مؤقتة

له ويسر. تصيب القلب. وهي ما سأبدأ ببيانه بعد ذلك إن شاء ال�

Page 56: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

56أحوال ال�قلوب

الحالات الطارئة

الحالات الطارئة أو العابرة: منها الحسن، ومنها القبيح.

تمر على القلب فإما إن تكون عارض مر وانتهى، أو تبقى في القلب وتستقر فيه، فإن هي

استقرت فإلى أمرين:

إن كانت حسنة فهي صفة جيدة من صفات القلوب السليمة.

وإن كانت قبيحة ومرضا عارضا فستتحول إن لم يتدارك صاحبها الأمر ويسرع بالعلاج إلى

له لا حل له إلا علاجه واستئصاله. صفة أو داء مستعص من أمراض القلوب السقيمة والعياذ بال�

ومن هذه الحالات:

الحسرة -الخوف -التمني - السهو أو تعمد الخطأ -الغفلة التي من السهو - القلوب المؤلفة -

يغ عن الحق بعدما يكون معه - القلوب تعادي وتصاحب وتتآلف الإصغاء أو الإذعان للحق - الز

يين أمر ما في القلب - إنشغال القلب بأمر ما والفراغ مما سواه - التشابه - التنافر - الوسوسة -تز

-الضيق المؤقت - الإثم - الأسرار والمشاعر المختلفة.

له التوفيق.. وفيما يلي سأبدأ بشرح مفصل كما فعلت في الصفات السابقة وبال�

Page 57: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 57

الحالة الأولى : الحسرة

معينة وتزول مع زوال لوقت معين ولظروف القلب وأسبابها، تصيب وقتها لها هي حالة

أسبابها.

وهي ندامة واغتمام على ما فات ولا يمكن إرجاعه، وقد حدث هذا مع المنافقين من أهل

المدينة الذين قالوا لإخوانهم المنافقين ممن يخرجون في الأسفار والغزوات ﴿ لو كانوا عندنا ما

ماتوا وما قتلوا ﴾ ]آل عمران: 156[.

فهذه الكلمات كانت سببا في زرع الحسرة والندامة في قلوب أولئك المنافقين فصار الأمر

إلى أن منافقين ماتوا ومنافقين يزرعون الحسرة في قلوب بعضهم البعض على موت بعضهم، قال

بوا في الأرض أو ها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضر تعالى: ﴿ يا أي

ميت ه يحيي وي بهم والل ه ذلك حسرة في قلو ى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الل كانوا غز

ه بما تعملون بصير ﴾ ]آل عمران: 156[. والل

الحالة الثانية : الخوف

المسلمين في القلوب فتخاف من أمر ما، وقد حدث هذا مرة مع قد تصيب هذه الحالة

له تعالى أنه وصل من شدة خوفهم أن قلوبهم ال� غزوة الخندق سنة خمس للهجرة فقد أخبرنا

صارت تخفق بشدة حتى صار هذا الخفق الشديد ملموسا من الرقبة، قال تعالى: ﴿ إذ جاؤوكم

نونا ﴾ ه الظ ون بالل ناجر وتظن لغت القلوب الح من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وب

Page 58: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

58أحوال ال�قلوب

]الأحزاب: 10[.

له عز وجل أيضا عن حال القلوب يوم القيامة وما سيعتريها من الخوف والفزع وقد أخبرنا ال�

له لي وللكم الأمن يوم الوعيد). عند مشاهدة الأهوال )إلا من رحم ربي - أسأل ال�

ومن شدة الموقف والهول يوم القيامة ستكون القلوب أيضا ملموسة دقاتها من عند الحنجرة

المين من حميم ولا ما ل�ظ ناجر كاظمين القلوب لدى الح إذ الآزفة قال تعالى: ﴿ وأنذرهم يوم

شفيع يطاع ﴾ ]غافر: 18[.

الحالة الثالثة : التمني والنية والشهوة

يتمنى القلب شيئا معينا في وقت معين، وقد يكون هذا الشيء أو لا يكون، فالأمنية حالة تطرأ

ما يحييكم واعلموا سول إذا دعاكم ل ها الذين آمنوا استجيبوا لله ول�ر على القلب، قال تعالى: ﴿ يا أي

له سبحانه في هذه الآية ه إليه تحشرون ﴾ ]الأنفال: 24[. ذكر ال� أن الله يحول بين المرء وقلبه وأن

القلب كناية عن الأمنية لأنها أحيانا تسيطر على القلب ويمتلئ بها فتأخذ مكانه ويخفق بها.

له فقلبه دائم الخفقان بهذه الأمنية. له وتمنى ما عند ال� فيا لهناء من خفق قلبه ل�

له يحول بين المرء وما يتمناه من طول الحياة وفسحة الآمال بالموت و معنى الآية السابقة أن ال�

فجأة.

لتركبوا منها ومنها تأكلون )79( وللكم فيها الأنعام الذي جعل للكم ه وقال تعالى: ﴿ الل

منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون )80( ﴾ ]غافر[.

Page 59: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 59

والحاجة هي أمنية المرء التي يسعى في إنجازها وهنا هي الغرض أو المكان.

ون من هاجر إليهم ولا يجدون في ار والإيمان من قبلهم يحب ءوا الد وقال تعالى: ﴿ والذين تبو

نفسه فأولئك يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح ا أوتوا و صدورهم حاجة مم

هم المفلحون ﴾ ]الحشر: 9[.

له وسام السخاء واللكرم والجود في قرآن يتلى إلى يوم القيامة. إنهم الأنصار الذين قلدهم ال�

يعطونهم من أموالهم وممتلكاتهم ومهما بلغت بهؤلاء الأنصار الخصاصة أي فهم يحبون المهاجرين و

المجاعة وشدة الفقر فهم لا يتمنون استرداد شيء أعطوه للمهاجرين )إنهم لا يتمنون ذلك ولا حتى

له وقاهم البخل والأنانية فكانوا من المفلحين. مجرد أمنية) ولو كانوا بحاجة ماسة لأن ال�

فالإنسان إذن يتمنى ويشتهي وينوي بقلبه.

الحالة الرابعة : السهو أو تعمد الخطأ

هي حالة طارئة تطرأ للقلب، يسهو فيخطئ، أو يتعمد الخطأ، فإن سها فلا يؤاخذ على خطئه،

أما إن تعمد الخطأ فقد نواه واستقر عليه لذلك يؤاخذ به، قال تعالى: ﴿ ادعوهم لآبائهم هو أقسط

م تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ه فإن ل عند الل

حيما ﴾ ]الأحزاب: 5[. ه غفورا ر بكم وكان الل دت قلو ا تعم وللكن م

ه بكم والل غو في أيمانكم وللكن يؤاخذكم بما كسبت قلو ه بال� وقال عز وجل: ﴿ لا يؤاخذكم الل

غفور حليم ﴾ ]البقرة: 225[.

Page 60: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

60أحوال ال�قلوب

وهو اليمين يحلفه المرء ولا يقصد به اليمين، أو أن يحلف على شيء معتقدا صحته ويتبين له

بعد ذلك غير ما حلف عليه فهذا لا يؤاخذ وللكن نؤاخذ على ما تعمد القلب من الحلف الكاذب

وغيره.

الحالة الخامسة : الغفلة التي من السهو

قد يطرأ على القلب حالة من الغفلة والسهو في وقت ما، وقد ينتبه منها فيعود، وقد يستقر عليها

فتتحول إلى ذللكم الداء المستعصي في القلوب السقيمة، فإن تنبه وكانت لحظة عابرة آب بعدها

القلب إلى رشده فهذا من السهو الذي قد يحدث معنا أحيانا حتى في الصلاة فنسهو بعدد ركعاتها

مثلا فنسجد بعدها سجود السهو، أو يحدث في الصيام فنأكل أو نشرب ساهين ناسين، أو يحدث

يعود. يلتفت إلى معصية ما وللكنه سرعان ما ينتبه و في حياتنا اليومية فيسهو القلب و

له سبحانه الآيات والعبر التي نأخذها من ذكر الأمم السابقة في القرآن اللكريم أنها ولقد ذكر ال�

تنفع من حضر قلبه وانتبه فكان قلبه غير ساه ولا غافل، فقال عز وجل: ﴿ إن في ذلك لذكرى

مع وهو شهيد ﴾ ق37. من كان له قلب أو ألقى الس ل

Page 61: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 61

الحالة السادسة : القلوب المؤلفة

إنها القلوب المستمالة إلى الدين، التي ترغب فيه. وقد كان لهذه القلوب حصة في أموال

يعطيهم وسلم عليه له ال� النبي صلى وإنما كان المال إلى بحاجة وليسوا بالفقراء ليسوا فهم الزكاة

يق الإحسان إليهم ليدخلوا في الدين أو يكفوا شرهم عنه. ليتآلفهم على الإسلام عن طر

بهم وفي الرقاب فة قلو دقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤل ما الص قال تعالى: ﴿ إن

ه عليم حكيم ﴾ ]التوبة: 60[. ه وال� يضة من ال� بيل فر ه وابن الس والغارمين وفي سبيل ال�

الحالة السابعة : الإصغاء إلى الحق أو الإذعان له

القلوب المصغية إلى الحق هي التي تميل إليه، وقد تلازم هذه الحالة صاحبها أو تفارقه، فإن

لازمته ترك الأهواء والشهوات وانصاع للحق دائما.

فقد ه الل إلى با تتو إن أبويهما: ﴿ له عنهما وعن ال� تعالى مخاطبا عائشة وحفصة رضي قال

بعد ذلك المؤمنين والملائكة يل وصالح ه هو مولاه وجبر فإن الل بكما وإن تظاهرا عليه صغت قلو

ظهير ﴾ ]التحريم: 4[.

له عليه وسلم. له صلى ال� أي إن تبتما فقد مال قلباكما إلى ما يجب عليكما تجاه رسول ال�

Page 62: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

62أحوال ال�قلوب

يغ عن الحق الذي يكون فيه الحالة الثامنة : الز

قد يكون قلب مع الحق، والحق فيه ويملؤه، للكنه أحيانا في وقت ما يميل عن هذا الحق أي

يغ لا يجتمعان إلا طغى أحدهما على الآخر. فإما أن ينصاع القلب للحق يغ عنه، والصلاح والز يز

يغ فيصبح داء خطيرا مستعصيا. والميل عن الحق لا يلحق القلوب يعود، وإما أن يستمر في الز و

ين بي والمهاجر ه على الن له منه، فقال جل شأنه: ﴿ لقد تاب الل المؤمنة كاملة الإيمان فقد نجاها ال�

ه تاب عليهم إن يق منهم ثم يغ قلوب فر بعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يز والأنصار الذين ات

بهم رءوف رحيم ﴾ ]التوبة: 117[.

يغ عن الحق فيترك الجهاد يق منهم لهول المعركة و من شدة الجوع والعطش أن يز أي كاد فر

له تعالى فثبتوا. يغوا ولم يتركوا الجهاد ثم أدركتهم التوبة والرأفة والرحمة من ال� وللكنهم لك يز

الحالة التاسعة : القلوب تعادي وتصاحب وتتآلف

إن هذه الأحوال تعتري القلب فتصاحبه وتلازمه فتصبح عادة أو تطرأ عليه فتكون حالة

له سبحانه بين قلوب المؤمنين فصارت قلوبا متحابة دائما لأنها قلوب سليمة. طارئة. وقد ألف ال�

والقلب قد يعادي شخصا ثم يصاحبه أو العكس للكن القلوب المؤمنة صحيحة الإيمان التي لا

له هي قلوب متآلفة متحابة. يكون ارتباطاتها إلا ل�

ه عليكم إذ كنتم أعداء قوا واذكروا نعمت الل ه جميعا ولا تفر قال تعالى: ﴿ واعتصموا بحبل الل

ار فأنقذكم منها كذلك يبين نعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من الن بكم فأصبحتم ب ف بين قلو فأل

Page 63: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 63

كم تهتدون ﴾ ]آل عمران: 103[. ه للكم آياته لعلل الل

نصره وبالمؤمنين دك ب ه هو الذي أي يدوا أن يخدعوك فإن حسبك الل وقال تعالى: ﴿ وإن ير

ف أل ه بهم وللكن الل فت بين قلو أنفقت ما في الأرض جميعا ما أل بهم لو ف بين قلو )62( وأل

ه عزيز حكيم )63( ﴾ ]الأنفال[. بينهم إن

له عليه وسلم حينما كانت القلوب متحابة مترابطة متآلفة، أما الآن هذا على عهده صلى ال�

بنا أو قلوب بعضنا من البغضاء والشحناء واللكراهية، ذلك لأنه لم تعد فإننا لنستحي مما اعترى قلو

له. له، ولا حول ولا قوة إلا بال� له وفي ال� علاقاتنا ل�

الحالة العاشرة : الوسوسة

هي حالة تصيب القلب وهو داء الوسواس فقد يوسوس فيه إنسان أو شيطان بأمر ما ليس

له عز وجل في فيه خير فإما أن يستجيب أو لا يستجيب، وللكنها حالة واقعة للقلب ذكرها ال�

اس )3( اس )2( إله الن اس )1( ملك الن سورة الناس فقال جل شأنه: ﴿ قل أعوذ برب الن

اس )6( ﴾ ة والن اس )5( من الجن اس )4( الذي يوسوس في صدور الن ن من شر الوسواس الخ

]سورة الناس[.

Page 64: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

64أحوال ال�قلوب

الحالة الحادية عشرة : تزين أمر ما في القلب

في وقت ما وفي حالة معينة قد يتزين أمر ما في القلب أي يرغب فيه ويحبه وقد يكون هذا

ين في الأمر خيرا أو شرا وللكنه واقع وحالة تطرأ على القلب وحدث مرة أن بعض المنافقين ز

له عليه وسلم إلى المدينة عندما خرج معتمرا يوم الحديبية فتخيلوا قلوبهم عدم عودة الرسول صلى ال�

له عليه وسلم وبدون المؤمنين فأحبوا ذلك الأمر وتزين في قلوبهم ورغبوا فيه المدينة بدونه صلى ال�

له فاضحهم ومخزيهم بهذا الأمر. وللكن هيهات إن ال�

بكم ين ذلك في قلو سول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وز قال تعالى: ﴿ بل ظننتم أن لن ينقلب الر

وء وكنتم قوما بورا ﴾ ]الفتح: 12[. وظننتم ظن الس

لقد زين لهم الشيطان ذلك فأحبوه ورغبوا به.

الحالة الثانية عشرة : الانشغال بأمر ما والفراغ مما سواه

قد ينشغل القلب بأمر ما فيتلهى به عما سواه، وهذه حالة تمر على القلب فتطول وتقصر

بدرجة أهمية هذا الأمر وتعلق القلب به، فقد ينشغل القلب بالمال أو بالمنصب أو بأمور هامة أو

يات الدنيا فيتفرغ لها أو يتفرغ لرغباته وشهواته أو قد يتفرغ القلب بأمور تافهة أو بأي من مغر

يات الدنيا وراءه. له نابذا أهواءه وشهواته ومغر لعبادة ال�

وأي من هذه الأحوال قد تمر حالة مؤقتة وقد تسيطر فتكون دائمة. وقد حدث مع أم موسى

له لها أن اقذفيه في اليم فقذفته والتقطه آل فرعون بأن انشغل قلبها عليه السلام بعد أن أوحى ال�

Page 65: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 65

له وثبتها. بأمره ولم تعد تفكر إلا بهذا الأمر حتى طمأنها ال�

بطنا على قلبها لتكون قال تعالى: ﴿ وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ر

من المؤمنين ﴾ ]القصص: 10[.

له على قلبها أي أن فؤادها أصبح فارغا من كل ما عدا موسى ابنها الرضيع، ولولا أن ربط ال�

فقواها بالصبر وثبتها بالاطمئنان لأخبرت فرعون أنه ولدها.

الحالة الثالثة عشر : التنافر

وهو عكس التآلف، فالقلوب كالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها

اختلف.

م، يقول: »الأرواح جنود له عليه وسل بي صلى ال� ه عنها، قالت: سمعت الن فعن عائشة رضي ال�

دة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف«. رواه البخاري. مجن

كذلك القلوب.

وقد يحدث التنافر في وقت ما لسبب ما ثم يحدث التآلف أو قد يحدث العكس، أو قد

تسيطر إحدى الحالتين على القلب فتكون تآلفا أو تنافرا دائما، وحدث أن تنافرت قلوب المنافقين

يظة ويهود بني النضير. من يهود بني قر

معكم، فنزلت يظة ناس من أهل قر أسلم دي قال: قد أبي حاتم عن الس فقد أخرج ابن

ئن اب ل الذين كفروا من أهل الكت إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم فيهم هذه الآية ﴿ ألم تر

Page 66: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

66أحوال ال�قلوب

هم لكاذبون ﴾ ه يشهد إن كم والل أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرن

له سبحانه فضح ]الحشر: 11[. وسبب هذا التنافر بينهم هو القتال والعداوة التي كانت بينهم وال�

نة أو من وراء جدر بأسهم ا في قرى محص حال قلوبه فقال جل في علاه: ﴿ لا يقاتلونكم جميعا إل

هم قوم لا يعقلون ﴾ ]الحشر: 14[. ى ذلك بأن بهم شت بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلو

القلوب تتنافر فعندما القلوب، تفرق في المستعصية الأمراض في ذلك ذكر تقدم وقد

ويستمر معها التنافر تكون مرضا مستعصيا، وعندما يطرأ ذلك على القلب ثم يزول لزوال سببه أو

لغير ذلك فتكون حالة طارئة.

الحالة الرابعة عشر : التشابه

قد تتشابه بعض القلوب في استجاباتها وردود أفعالها تجاه الأمور كما حدث هذا مع المشركين

واللكفار الذين تشابهت قلوبهم في ردة الفعل تجاه الأنبياء والرسل مع قلوب أسلافهم، وهي حالة

تعتري القلب فقد تتشابه القلوب في الخير أو في الشر.

ه أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم قال تعالى: ﴿ وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الل

ا الآيات لقوم يوقنون ﴾ ]البقرة: 118[. ن بهم قد بي مثل قولهم تشابهت قلو

Page 67: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 67

الحالة الخامسة عشر : الضيق المؤقت

إنه ليس ضيقا بسبب اللكفر والضلال الذي يسيطر على القلب كما مر في القلوب السقيمة،

له مثلا لذلك قلوب المنافقين يوم ضاقت صدورهم عن وللكنه ضيق عابر لسبب ما. وقد ضرب ال�

ا الذين يصلون قتال المؤمنين وعن قتال قومهم فهم ليسوا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء قال تعالى: ﴿ إل

إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء

ه للكم عليهم لم فما جعل الل طهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم الس ه لسل الل

سبيلا ﴾ ]النساء: 90[.

والحصر هو شدة الضيق، فهم في ذلك الوقت مر عليهم هذا الضيق في قلوبهم فلا يريدون

يقين. قتال أي من الفر

له عليه وسلم له تعالى عن هذا الضيق حينما نفاه عن قلب نبيه اللكريم صلى ال� وقد أخبرنا ال�

اب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين ﴾ فقال سبحانه: ﴿ كت

]الأعراف: 2[. ومعنى ذلك لا يضيق قلبك يا محمد عند تبليغ قومك للقرآن والرسالة من تكذيبهم

له عليه وسلم. لك، وهذا ما كان.. فلم يضق صدر الحبيب المصطفى صلى ال�

أنزل لولا يقولوا أن صدرك به إليك وضائق بعض ما يوحى وقال تعالى: ﴿ فلعلك تارك

ه على كل شيء وكيل ﴾ ]هود: 12[. والآية ليست ما أنت نذير والل عليه كنز أو جاء معه ملك إن

له يض له صلى ال� يضا على الدعوة وعدم الاكتراث بالملكذبين وبأقوالهم وتحر تقريرا، بل حضا وتحر

له عليه وسلم على يض له صلى ال� عليه وسلم على أن لا يترك شيئا مما يوحى إليه مخافة التكذيب وتحر

عدم ضيق الصدر والانزعاج بسبب هذا التكذيب.. وهذا ما كان. فلم يضق صدر المصطفى صلى

له عليه وسلم ولم يترك شيئا مما أوحي إليه مخافة التكذيب، وكان موسى عليه السلام قد خاف على ال�

Page 68: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

68أحوال ال�قلوب

يضيق بون )12( و نفسه من مثل هذا الضيق بسبب التكذيب: ﴿ قال رب إني أخاف أن يكذ

صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون )13( ﴾ ]الشعراء[.

وهو لم يصب قلب موسى عليه السلام فقد دعا ربه أن يشرح صدره وأن يعينه بأخيه هارون

ه طغى ﴾ ]طه: 24[ أن إن له تعالى: ﴿ اذهب إلى فرعون فكانت أول دعوة له بعد أن أمره ال�

دعا: ﴿ قال رب اشرح لي صدري )25( ويسر لي أمري )26( واحلل عقدة من لساني )27(

يفقهوا قولي )28( ﴾ ]طه[.

ك يضيق صدرك بما يقولون له عليه وسلم: ﴿ ولقد نعلم أن وقال تعالى مخاطبا نبي الرحمة صلى ال�

اجدين )98( ﴾ ]الحجر[. )97( فسبح بحمد ربك وكن من الس

دله على الداء والدواء.

فإذا أحسست بأن هذا الضيق قد يصيب صدرك بسبب تكذيبهم فادفعه وعالجه بالتسبيح

له عليه وسلم لا له والسجود له واللجوء إليه فينشرح الصدر، وهذا ما كان.. إذ كان صلى ال� بحمد ال�

له عليه وسلم دائم له ويسبح بحمده كما أن قرة عينه جعلت في الصلاة فكان صلى ال� يفتأ لسانه يذكر ال�

له. اللجوء إلى ال�

الحالة السادسة عشر : الإثم

قد يرتكب القلب الإثم ويستمر فيه أو يتوب عنه، والإثم حالة تعتري القلب فيصبح آثما أو

يعرفه. يقلع فيصبح قلبا منيبا، ويشعر القلب بالإثم و يتوب و

Page 69: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 69

له، أخبرني بما يحل لت: يا رسول ال� له عنه قال: ق ففي الحديث عن أبي ثعلبة الخشني رضي ال�

فس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه ما سكنت إليه الن ، قال: »البر م علي لي، ويحر

فس، ولم يطمئن إليه القلب، وإن أفتاك المفتون«. الن

رواه أحمد بإسناد جيد. انظر حديث رقم: )2881) في صحيح الجامع.

لق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن حسن الخ اس بن سمعان مرفوعا: »البر و وعن الن

اس«. لع عليه الن يط

رواه مسلم وانظر حديث رقم: )2880) في صحيح الجامع.

يد أن م وأنا أر له عليه وسل ه صلى ال� له عنه قال رأيت رسول ال� وعن وابصة بن معبد رضي ال�

ت ى مس ا سألته عنه، فقال لي: »ادن يا وابصة« فدنوت منه حت لا أدع شيئا من البر والإثم إل

ه أخبرني، قال: لت: يا رسول ال� ركبتي ركبته فقال لي: »يا وابصة أخبرك عما جئت تسأل عنه؟« ق

لاث فجعل ينكت بها في صدري، لت: نعم، فجمع أصابعه الث »جئت تسألني عن البر والإثم« ق

فس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك ما اطمأن إليه الن يقول: »يا وابصة استفت قلبك، البر و

اس وأفتوك« رواه أحمد بإسناد حسن والمنذري. در، وإن أفتاك الن د في الص في القلب، وترد

يتردد في قبولها، فالقلب الذي لم يعود على استقرار الآثام فيه يشعر بها بمجرد دخولها ويشك و

أما إن اعتادها ألفها ومن ذلك من يكتم الشهادة قال تعالى: ﴿ وإن كنتم على سفر ولم تجدوا

ه ولا تكتموا ب ه ر ق ال� من أمانته وليت با فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤت كات

ه بما تعملون عليم ﴾ ]البقرة: 283[. ه آثم قلبه وال� هادة ومن يكتمها فإن الش

اللهم نسألك قلوبا طاهرة غير آثمة اللهم آمين.

Page 70: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

70أحوال ال�قلوب

الحالة السابعة عشر : الأسرار والمشاعر المختلفة

يكتمه وقد لا يفعل، فهي حالة تطرأ على القلب فالأسرار، مكانها قد يخفي القلب سرا و

له خالقها. القلوب ولا يعلم بخفايا القلوب إلا ال�

له سبحانه هذا الأمر وهو إخفاء الأسرار في القلوب فحدثنا عن المنافقين في كذا وقد ذكر ال�

اس من يعجبك قوله في موضع وكيف أنه عليم بخفايا قلوبهم وأسرارهم فقال تعالى: ﴿ ومن الن

ه على ما في قلبه وهو ألد الخصام ﴾ ]البقرة: 204[. وقد يقول الإنسان قولا نيا ويشهد الل ياة الد الح

وفي قلبه خلافه وقد يظهر شعورا وفي قوله خلافه، ومن ذلك ما أظهر المنافقون من حب الرسول

له عليه وسلم ودينه وإخفائهم العداوة والبغضاء له في صدورهم. صلى ال�

والعواطف والمشاعر في القلب واحدة لا تتعارض فلو اجتمع شعوران مختلفان كالخير والشر

أو الصلاح والإثم أو الحب واللكره فلا بد أن يطغى أحد الشعورين على الآخر، إنه قلب واحد

الذين يظاهرون من نسائهم أو به أولئك تعالى في هذا ما خص له ال� أنزل وشعور واحد، وقد

ه لرجل ينسبون إلى أنفسهم أبناء ليسوا من أصلابهم وقد منعهم إذ قال جل شأنه: ﴿ ما جعل ال�

هاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أم

بيل ﴾ ]الأحزاب: 4[. ه يقول الحق وهو يهدي الس ذللكم قوللكم بأفواهكم وال�

فبهذا القلب الواحد لا يشعر الزوج تجاه زوجته شعوره نحو أمه، ولا يشعر تجاه ابنه بالتبني

شعوره تجاه ابنه الذي من صلبه. فلا تكون الزوجة زوجة مرة وأما مرة، وهكذا فالمشاعر محلها

القلب وهي إن تعارضت فهو يتسع لأحدها.

Page 71: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 71

باب العقل في القلب

ه سمعه بصفين يقول: »إن العقل في القلب، ه عنه، أن عن عياض بن خليفة، عن علي رضي ال�

فس في الرئة«. أفة في الطحال، والن حمة في اللكبد، والر والر

رواه البخاري في الأدب المفرد، حسن إسناده الشيخ الألباني.

مخموم القلب

مخموم »كل قال: أفضل؟ اس الن أي م: وسل عليه له ال� صلى ه ال� لرسول قيل الحديث وفي

، قي قي الن القلب، صدوق ال�سان« ، قالوا: صدوق اللسان، نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: »هو الت

، ولا حسد«. حديث صحيح. رواه ابن ماجة. لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غل

م: »من يأخذ مني خمس خصال له عليه وسل له صلى ال� يرة، قال: قال رسول ال� وعن أبي هر

هن يدي فعد له. قال: »فأخذ ب لت أنا يا رسول ال� ؟« قال: ق ، أو يعلمهن من يعمل بهن فيعمل بهن

اس، وأحسن له لك تكن أغنى الن اس، وارض بما قسم الل ق المحارم تكن أعبد الن قال: »ات فيها« ثم

حك، فإن كثرة اس ما تحب لنفسك تكن مسلما، ولا تكثر الض إلى جارك تكن مؤمنا، وأحب ل�ن

ميت القلب«. حك ت الض

حديث صحيح. رواه الترمذي وأحمد.

Page 72: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

72أحوال ال�قلوب

الحزن في القلب

يته يلة غلام، فسم م: »ولد لي ال� له عليه وسل له صلى ال� عن أنس بن مالك، قال: قال رسول ال�

بعته، يه وات أبو سيف، فانطلق يأت يقال له إلى أم سيف، امرأة قين دفعه باسم أبي إبراهيم« ثم

فانتهينا إلى أبي سيف وهو ينفخ بكيره، قد امتلأ البيت دخانا، فأسرعت المشي بين يدي رسول

م، وسل عليه له ال� صلى له ال� رسول أمسك، جاء سيف أبا يا فقلت: م، وسل عليه له ال� صلى له ال�

له أن يقول، فقال إليه، وقال ما شاء ال� ه ، فضم بي م بالص له عليه وسل بي صلى ال� فأمسك فدعا الن

م، فدمعت عينا رسول له عليه وسل له صلى ال� نفسه بين يدي رسول ال� أنس: لقد رأيته وهو يكيد ب

له يا نا، والل ب ا ما يرضى ر م فقال: »تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إل له عليه وسل له صلى ال� ال�

ا بك لمحزونون«. إبراهيم إن

رواه مسلم.

ه عنهما، قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، ه بن عمر رضي ال� وفي الصحيحين عن عبد ال�

ه اص، وعبد ال� حمن بن عوف، وسعد بن أبي وق م يعوده مع عبد الر له عليه وسل بي صلى ال� فأتاه الن

ا دخل عليه فوجده في غاشية أهله، فقال: »قد قضى« قالوا: لا يا ه عنهم، فلم بن مسعود رضي ال�

م بكوا، له عليه وسل بي صلى ال� ا رأى القوم بكاء الن م، فلم له عليه وسل بي صلى ال� ه، فبكى الن رسول ال�

ه لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، وللكن يعذب بهذا - وأشار فقال: »ألا تسمعون إن الل

بكاء أهله عليه«. ب ب إلى لسانه - أو يرحم، وإن الميت يعذ

Page 73: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 73

الحفظ والوعي

م؟ له عليه وسل ه صلى ال� عن أبي سعيد الخدري قال: ألا أخبركم بما سمعت من في رسول ال�

بة،...إلخ. الحديث. و عرضت له الت سمعته أذناي، ووعاه قلبي » إن عبدا قتل تسعة وتسعين نفسا ثم

رواه ابن ماجة وأحمد.

يضة باب علاج القلوب المر

يضة؟! هل من أمل في الشفاء؟! هل هناك علاج للقلوب المر

المؤمنين لهي خير له وحب رسوله وحب ال� لا شك أن القلوب التي تضمر الإيمان وحب

شر لهي وللمؤمنين ولرسوله له ل� والعداوة والشرك والنفاق اللكفر تضمر التي والقلوب القلوب،

القلوب وأسقمها.

له وللكن وسقم القلب أنواع، فإن كان السقم لا يؤثر على العقيدة ولا يمسها فالقلب مؤمن بال�

اس قد ها الن أي يه بعض الشوائب، فهذا علاجه بالقرآن والتمسك بالإيمان، قال تعالى: ﴿ يا تعتر

دور وهدى ورحمة للمؤمنين ﴾ ]يونس: 57[. ما في الص بكم وشفاء ل جاءتكم موعظة من ر

ا المين إل يد الظ وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يز

خسارا ﴾ ]الإسراء: 82[.

أأعجمي وعربي قل هو لت آياته ا لقالوا لولا فص وقال عز وجل: ﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجمي

ذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان ل ل

Page 74: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

74أحوال ال�قلوب

بعيد ﴾ ]فصلت: 44[.

أما الأمراض الخطيرة التي تؤثر على الإيمان والعقيدة فليس من علاج بعد الإيمان والقرآن

إلا مواجهة المرض واستئصاله ومعالجة القلب منه بصفة عكسية من صفات القلوب السليمة.

باب أثر الذنوب على القلوب

القلوب على الفتن »تعرض يقول: م وسل عليه له ال� صلى له ال� رسول سمعت حذيفة: عن

أنكرها، نكت فيه سوداء، وأي قلب نكتة بها، نكت فيه كالحصير عودا عودا، فأي قلب أشر

ماوات فتنة ما دامت الس ه فا فلا تضر ى تصير على قلبين، على أبيض مثل الص بيضاء، حت نكتة

ا ما أشرب ا كاللكوز، مجخيا لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا، إل والأرض، والآخر أسود مرباد

من هواه«. رواه مسلم.

م قال: »إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة ه عليه وسل ه صلى ال� يرة عن رسول ال� عن أبي هر

ان الذي ذكره سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر، صقل قلبه، فإن زاد، زادت، فذلك الر

بهم ما كانوا يكسبون ﴾ ]المطففين: 14[«. ابه: ﴿ كلا بل ران على قلو ه في كت الل

حديث حسن انظر حديث رقم: )1670) في صحيح الجامع. واللفظ لابن ماجة. أخرجه

مسلم و الترمذي وابن ماجه وأحمد والبيهقي والبغوي وابن حبان والحاكم.

م قال: »إن العبد إذا ه عليه وسل ه صلى ال� يرة، عن رسول ال� وفي رواية الترمذي عن أبي هر

يد أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه، وإن عاد ز

Page 75: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 75

بهم ما كانوا يكسبون ﴾ ه« ﴿ كلا بل ران على قلو ان الذي ذكر الل ى تعلو قلبه، وهو الر فيها حت

]المطففين: 14[«. »هذا حديث حسن صحيح«. التعليق الرغيب )268/2).

له عنهما )إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورا في القلب، وسعة في وقال ابن عباس رضي ال�

القبر في وظلمة الوجه، في للسيئة سوادا وإن الخلق. قلوب في ومحبة البدن، في وقوة الرزق،

والقلب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق) اهل.

يعتادها فتقتله. فالمعاصي تظلم القلب وتوهنه وتضعفه ثم يألفها و

﴾ يكسبون كانوا ما بهم قلو على ران بل كلا ﴿ الران لأية تفسيره في الحسن وقال

]المطففين: 14[: )هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب) اهل.

فيبصر، القلب تنور والطاعة متردد، سقيم العاصي والقلب سليم، مطمئن الصالح فالقلب

والمعصية تظلم القلب فيعمى، واللكف عن الذنوب يورث حلاوة في القلب هي حلاوة الطاعة

له تعالى، وهذه هي الجنة في الدنيا التي قالوا عنها من لم يدخل جنة وحلاوة الإيمان إلى أن يلقى ال�

له تعالى بقلب سليم. الدنيا لم يدخل جنة الآخرة. ثم يلقى المؤمن الطائع ال�

له بن المبارك: قال عبد ال�

رأيت الذنوب تميت القلوب *** وقد يورث الذل إدمانها

وترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسك عصيانها

ية: )قال بعض السلف إن هذه القلوب جوالة وفي كتاب الداء والدواء يقول ابن قيم الجوز

فمنها ما يجول حول العرش ومنها ما يجول حول الحش). والحش هو مكان قضاء الحاجة. اهل.

وذلك حسب نقائها وصفائها وسلامتها أو مرضها وسقمها.

وفي كتاب زاد المعاد: طب القلوب

Page 76: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

76أحوال ال�قلوب

فأما طب القلوب فمسلم إلى الرسل صلوات ال�ه وسلامه عليهم ولا سبيل إلى حصوله إلا من

بها وفاطرها وبأسمائه وصفاته وأفعاله جهتهم وعلى أيديهم فإن صلاح القلوب أن تكون عارفة بر

مناهيه ومساخطه ولا صحة لها ولا حياة البتة مرضاته ومحابه متجنبة ل وأحكامه وأن تكون مؤثرة ل

لقيه إلا من جهة الرسل وما يظن من حصول صحة القلب بدون اتباعهم إلا بذلك ولا سبيل إلى ت

ية وصحتها وقوتها وحياة قلبه وصحته وقوته فغلط ممن يظن ذلك وإنما ذلك حياة نفسه البهيمية الشهوان

ميز بين هذا وهذا فليبك على حياة قلبه فإنه من الأموات وعلى نوره فإنه عن ذلك بمعزل ومن لم ي

منغمس في بحار الظلمات.

القلب والسحابة

ا وله سحابة م يقول: »ما من القلوب قلب، إل له عليه وسل ه صلى ال� عن علي: سمعت رسول ال�

ت عنه فأضاء«. كسحابة القمر، بينا القمر مضيء إذ علت عليه سحابة، فأظلم إذ تجل

في والسيوطي ،(196/2( الحلية في نعيم وأبو ،(247/5( الأوسط في الطبراني رواه

الجامع الصغير، وحسنه الألباني في صحيح الجامع )5682).

يطان فيها مطمع). لش ه بن مسعود: )الإثم حواز القلوب، فما كان من نظرة فل عن عبد ال�

صحيح الإسناد. أخرجه الطبراني في اللكبير )8749)، وهناد في الزهد )934)، وأبي داود

في الزهد )125)، والمنذري )88/3)، وصحح إسناده الألباني في الصحيحة )221/6).

Page 77: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 77

باب بيان حال قلوب اللكفار والمشركين يوم القيامة، وقلوب المؤمنين

إنها أهوال القيامة، وما أدراك ما أهوال يوم القيامة ثم ما أدراك ما أهوال يوم القيامة التي

لشدتها تضطرب القلوب وتخاف وتخشع الأبصار وتذل، قال تعالى: ﴿ قلوب يومئذ واجفة )8(

أبصارها خاشعة )9( ﴾ ]النازعات[.

له تعالى يوم القيامة. إنها قلوب تتقلب بين الخوف مما كسبت وبين الرجا بالعفو والرحمة من ال�

لاة وإيتاء الزكاة يخافون ه وإقام الص لهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الل قال تعالى: ﴿ رجال لا ت

ب فيه القلوب والأبصار ﴾ ]النور: 37[. يوما تتقل

أما المؤمنون الصادقون فهم آمنون من هذه الأهوال ومن الخوف قال تعالى: ﴿ لا يحزنهم

يطمئنهم اهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ﴾ ]الأنبياء: 103[. و الفزع الأكبر وتتلق

له سبحانه وتعالى: ﴿ يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون ﴾ ]الزخرف: 68[. ال�

يل راجعه في كتاب أما من هم الذين يستحقون هذا الأمن وهذا النداء؟ فهذا مبحث طو

مواقف من حياتنا للمؤلفة.

هل تتغير القلوب؟!

له نعم تتغير وتتقلب وتتحول ويزيد فيها الإيمان وينقص وتمرض وتشفى ولذلك كان رسول ال�

له عليه وسلم كثيرا ما يدعو »يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك« فعن أنس قال: كان صلى ال�

م يكثر أن يقول: »يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك«. قال: فقلنا يا له عليه وسل بي صلى ال� الن

Page 78: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

78أحوال ال�قلوب

ا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: فقال: »نعم، إن القلوب بين أصبعين له، آمن رسول ال�

له عز وجل يقلبها«. إسناده على شرط مسلم، رواه أحمد والترمذي وغيرهما. من أصابع الل

له لت لأم سلمة: يا أم المؤمنين، ما كان أكثر دعاء رسول ال� وعن شهر بن حوشب، قال: ق

م إذا كان عندك؟ قالت كان أكثر دعائه: »يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على له عليه وسل صلى ال�

له، ما أكثر دعاءك: يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك؟ دينك« قالت: فقلت له: يا رسول ال�

له عز وجل ما شاء بين أصبعين من أصابع الل ا وقلبه ، إل ه ليس من آدمي قال: »يا أم سلمة، إن

أقام، وما شاء أزاغ«. حديث صحيح. رواه الترمذي وأحمد والطيالسي.

ك بنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إن نا لا تزغ قلو ب ولهذا كان دعاء المؤمنين﴿ ر

اب ﴾ ]آل عمران: 8[. أنت الوه

يشة م: »مثل القلب كر له عليه وسل ه صلى ال� ، قال: قال رسول ال� عن أبي موسى الأشعري

ياح ظهرا لبطن«. رواه البغوي في شرح السنة )164/1)، حسنه ابن حجر بأرض فلاة تقلبها الر

العسقلاني في تخريج المشكاة )100/1)، وبنحوه المناوي في تخريج أحاديث المصابيح )112/1).

هل يؤاخذ الإنسان على إحساسات قلبه؟!!

نعم يؤاخذ.

لأن العقيدة هي مجموعة من المعتقدات والأفكار الراسخة في العقل التي يؤمن بها أو يصدقها

القلب. والإيمان عمل القلب والجوارح.

Page 79: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 79

والنفاق مكانه القلب، وقد مر معنا تفصيل كلا الأمرين.

له كل ذلك مكانه القلب، له وموالاة اللكفار وأعداء ال� له والبغض في ال� كذلك الحب في ال�

ماوات وما في يعلم ما في الس ه و الل يعلمه قال تعالى: ﴿ قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه

ه على كل شيء قدير ﴾ ]آل عمران: 29[. الأرض والل

دور ه عليم بذات الص بكم والل محص ما في قلو ه ما في صدوركم ولي وقال تعالى: ﴿ وليبتلي الل

﴾ ]آل عمران: 154[.

م وا ما عنت خذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ود ها الذين آمنوا لا تت وقال تعالى: ﴿ يا أي

ا للكم الآيات إن كنتم تعقلون ﴾ ن قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بي

]آل عمران: 118[.

ك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ﴾ ]القصص: 69[. ب وقال تعالى: ﴿ ور

ك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ﴾ ]النمل: 74[. ب وقال تعالى: ﴿ وإن ر

وقد مر معنا أنه لا يجتمع ضدان في القلب إلا وطغى أحدهما على الآخر فلا يجتمع حب

له والحب فيه مع حب أعدائه وموالاتهم في قلب واحد، ولا يجتمع حب القرآن وحب مزامير ال�

الشيطان في قلب واحد، ولا يجتمع الصلاح والضلال وحب العمل الصالح مع حب العصية ولا

حب متضادين إلا وطغى أحدهما على الآخر، ولهذا على المؤمن أن يأخذ بتلابيب قلبه فلا يحب

له له أن يكرهه ويبتعد عنه، والمؤمن يعلم أنه لا يملك قلبه له ولا يكره إلا ما أراد ال� إلا ما يرضي ال�

له تعالى مصرف القلوب وماللكها ومقلبها )يا مقلب القلوب، بل هو يجاهد ويجتهد ثم يلجأ إلى ال�

بنا على طاعتك). ثبت قلبي على دينك)، )ويا مصرف القلوب، صرف قلو

دور ﴾ ]المائدة: 7[. ه عليم بذات الص له تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور﴿ إن الل لأن ال�

Page 80: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

80أحوال ال�قلوب

دور ﴾ ]الحديد: 6[. ﴿ يعلم دور ﴾ ]الأنفال: 43[. ﴿ وهو عليم بذات الص ه عليم بذات الص ﴿ إن

دور ﴾ ]التغابن: 4[. ه عليم بذات الص ون وما تعلنون والل يعلم ما تسر ماوات والأرض و ما في الس

دور ﴾ ]غافر: 19[. وقال سبحانه: ﴿ أفلا يعلم إذا بعثر ما نة الأعين وما تخفي الص ﴿ يعلم خائ

بير )11( ﴾ ]العاديات[. هم بهم يومئذ لخ ب دور )10( إن ر ل ما في الص في القبور )9( وحص

له خبير له سبحانه ما في الصدور من خفايا وأسرار وجمع من صحائف الأعمال فال� أي جمع ال�

بما تكنه القلوب منذ خلقها سبحانه إلى أن بعثها وحاسبها على مكنوناتها.

وللكن هل يؤاخذ الإنسان على كل إحساسات قلبه ومكنونات صدره؟!

طبعا ليست كل الإحساسات يؤاخذ عليها، بل ما طرأ على قلبه وتفكيره فطرده وجاهده

فهذا لا يؤاخذ عليه ولا يحاسب، بل له أجر جهاده. أما ما أثر على العقيدة والسلوك والإيمان

والعمل فهذا ما يؤاخذ عليه ويحاسب.

له أما المشاعر التي تغزو القلب أحيانا في حدود الحلال والمباح فلا يؤاخذ عليه، فهذا رسول ال�

له عليه وسلم قد أحب نساءه جميعا وعدل بينهن جميعا، وللكنه القلب الذي لا يملك مشاعره صلى ال�

المباحة قد مال لعائشة وفضلها وأحبها وللكن هذا لم يؤثر على سلوكه مع باقي الزوجات من العدل،

هم هذا قسمي، فيما أملك فلا تلمني، فيما له عليه وسلم معتذرا إلى ربه »ال� له صلى ال� فقال رسول ال�

تملك، ولا أملك« رواه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي وإسناده جيد.

إنه حب مباح حلال، ومع ذلك اعتذر إلى ربه بهذا الدعاء.

له صلى له له قلبه وأخرج حظ الشيطان منه، عن أنس، »أن رسول ال� كيف لا؟! وقد غسل ال�

لعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، لام، وهو ي يل عليه الس م: أتاه جبر له عليه وسل ال�

غسله في طست من ذهب بماء زمزم، يطان منك، ثم فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الش

Page 81: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 81

دا قد قتل، لأمه، وأعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره - فقالوا: إن محم ثم

ون«، قال أنس: »فكنت أرى أثر المخيط في صدره«. فاستقبلوه، وهو منتقع الل

رواه أحمد، وهو حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم.

يل، وذكر فيه غسل قلب النبي صلى وروى البخاري في صحيحه حيث الإسراء والمعراج الطو

له عليه وسلم مرة أخرى. ال�

م له عليه وسل ه صلى ال� ه عنهما، أن نبي ال� عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة رضي ال�

ما قال: في الحجر - مضطجعا إذ أتاني آت، ب ثهم عن ليلة أسري به: »بينما أنا في الحطيم، - ور حد

: قال: وسمعته يقول: فشق ما بين هذه إلى هذه - فقلت للجارود وهو إلى جنبي: ما يعني به؟ فقد

أتيت إلى شعرته - فاستخرج قلبي، ثم ه يقول: من قص إلى شعرته، وسمعته نحره قال: من ثغرة

أعيد...« الحديث. حشي ثم بطست من ذهب مملوءة إيمانا، فغسل قلبي، ثم

غلاما صغيرا منذ كان منه الشيطان واستخرج حظ وسلم عليه له ال� قلبه صلى غسل لقد

له متفكر في آياته يخاف فكيف سيكون حال القلب المغسول، إنه قلب مطيع خائف وجل من ال�

له فيه كل له ويحذر الآخرة، وهو قلب رؤوف رحيم ليس فيه غلظة حليم كريم شجاع قد جمع ال� ال�

الصفات التي يحبها، واستخرج منه ما لا يحب، فكان هذا القلب بعد ذلك محطة الوعي والحفظ

له على قلبك بإذن ه نز يل فإن ا لجبر فكان ينزل عليه الوحي فلا ينساه قال تعالى: ﴿ قل من كان عدو

وح ما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين ﴾ ]البقرة: 97[. وقال سبحانه: ﴿ نزل به الر ه مصدقا ل الل

ين )194( ﴾ ]الشعراء[. الأمين )193( على قلبك لتكون من المنذر

Page 82: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

82أحوال ال�قلوب

له عليه وسلم والأنبياء عموما لا ينام قلب النبي صلى الل

الأنبياء تنام له عليه وسلم قال: »إنا معشر له صلى ال� ورى ابن سعد عن عطاء أن رسول ال�

بنا«. صححه الألباني في الصحيحة )1705). أعيننا ولا تنام قلو

ه عنها: كيف كانت صلاة رسول ال� ه سأل عائشة رضي حمن، أن عن أبي سلمة بن عبد الر

على إحدى في غيره في رمضان ولا يد يز في رمضان؟ قالت: ما كان م وسل عليه له صلى ال� ه ال�

بعا، فلا تسأل عن يصلي أر ، ثم بع ركعات، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن عشرة ركعة، يصلي أر

ه تنام قبل أن توتر؟ قال: »تنام عيني ولا يصلي ثلاثا، فقلت: يا رسول ال� ، ثم حسنهن وطولهن

ينام قلبي«. رواه البخاري.

هل للجن قلوب؟!

كما لباقي الأحياء، هل للجن قلوب؟!

قلوب لا لهم الجن والإنس كثيرا من م لجهن تعالى: ﴿ ولقد ذرأنا الجواب نجده في قوله

بها أولئك كالأنعام بل هم أضل بها ولهم آذان لا يسمعون بها ولهم أعين لا يبصرون يفقهون

أولئك هم الغافلون ﴾ ]الأعراف: 179[. إذا للجن قلوب، وقد تصح قلوبهم وتسلم، وقد تمرض

وتسقم. فمن الجن من آمن ونجا، ومنهم من كفر فهلك. وقصة سماعهم للقرآن معلومة، فاقرأ

سورة الأحقاف تعرف، واقرأ سورة الجن. ومنهم من كفر ولم يؤمن ولم يفقه قلبه فهذا سيحشره

له مع أخوته اللكفار من الإنس في نار جهنم. ال�

Page 83: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 83

استدراك

أحاديث صحيحة في القلب

من، هم أرق م: »أتاكم أهل الي له عليه وسل بي صلى ال� ه عنه، عن الن يرة رضي ال� عن أبي هر

كينة والس الإبل، أصحاب في يلاء والخ والفخر ية، يمان والحكمة يمان الإيمان با، قلو وألين أفئدة

والوقار في أهل الغنم«. متفق عليه.

ية« با، وأرق أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة يمان من، هم أضعف قلو وفي رواية »أتاكم أهل الي

وقال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ها إليه الحين، وأحب بكم قلوب عباده الص ية ر ية من أهل الأرض، وآن ه آن وفي الحديث »إن لل

ها«. حديث صحيح الإسناد. ألينها وأرق

م حديثين قد رأيت أحدهما، وأنا أنتظر له عليه وسل له صلى ال� ثنا رسول ال� عن حذيفة، قال: حد

نزل القرآن، فعلموا من القرآن، وعلموا ثنا: »أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم الآخر حد

ومة فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل جل الن ثنا عن رفع الأمانة قال: » ينام الر حد ة«، ثم ن من الس

ومة فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل المجل كجمر دحرجته ينام الن أثرها مثل الوكت، ثم

أخذ حصى فدحرجه على رجله - فيصبح على رجلك فنفط، فتراه منتبرا وليس فيه شيء - ثم

ى يقال ى يقال: إن في بني فلان رجلا أمينا، حت اس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حت الن

ة من خردل من إيمان«. متفق عليه. جل: ما أجلده ما أظرفه ما أعقله وما في قلبه مثقال حب ل�ر

Page 84: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

84أحوال ال�قلوب

يده لهو م قال: »تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي ب له عليه وسل بي صلى ال� عن أبي موسى، عن الن

يا من الإبل في عقلها« رواه البخاري. أشد تفص

له عليه وسلم، فقال له صلى ال� عن سلمة بن نفيل اللكندي قال: كنت جالسا عند رسول ال�

له، أذال الناس الخيل ووضعوا السلاح وقالوا: لا جهاد، قد وضعت الحرب رجل: يا رسول ال�

له عليه وسلم بوجهه، وقال: »كذبوا، الآن الآن جاء القتال، له صلى ال� أوزارها، فأقبل رسول ال�

له لهم قلوب أقوام ويرزقهم منهم حتى تقوم يغ الل ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق، ويز

له، الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وهو يوحى إلي أني الساعة وحتى يأتي وعد الل

ث، وأنتم تتبعوني أفنادا، يضرب بعضكم رقاب بعض، وعقر دار المؤمنين بالشام«. مقبوض غير ملب

صحح إسناده الألباني في الصحيحة )571/4)، وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم.

فه، م، ونحن نذكر الفقر ونتخو له عليه وسل ه صلى ال� رداء، قال: خرج علينا رسول ال� عن أبي الد

يغ قلب أحدكم ى لا يز ا، حت نيا صب الد يده، لتصبن عليكم تخافون؟ والذي نفسي ب فقال: »آلفقر

ه، لقد تركتكم على مثل البيضاء، ليلها ونهارها سواء«. ا هيه، وايم الل إزاغة إل

رواه ابن ماجة. وحسنه الألباني.

م قال: »لا يجتمع الإيمان واللكفر في قلب له عليه وسل له صلى ال� يرة، أن رسول ال� عن أبي هر

دق واللكذب جميعا، ولا تجتمع الخيانة والأمانة جميعا« حديث حسن. امرئ، ولا يجتمع الص

رواه أحمد )8593)، وابن وهب في جامعه )568/1، و537).

Page 85: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 85

م، على شاب وهو في ه عليه وسل له صلى ال� له عنه، قال: دخل رسول ال� وعن أنس رضي ال�

له بي، فقال رسول ال� له، وأخاف ذنو له يا رسول ال� الموت فقال له: »كيف تجدك؟« قال: أرجو ال�

له الذي يرجو، ا أعطاه الل م: »لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إل له عليه وسل صلى ال�

ا يخاف«. وآمنه مم

حديث صحيح. صححه الألباني في الصحيحة )1051).

ة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، ن و في الحديث »أعطيت سبعين ألفا يدخلون الج

، فزادني مع كل واحد سبعين ألفا«. بهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربي عز وجل وقلو

رواه أحمد، وصححه بمجموع طرقه الألباني في الصحيحة )1484).

ا في اثنتين: في له عليه وسلم قال: »لا يزال قلب اللكبير شاب وعن أبي هريرة عن النبي صلى ال�

نيا وطول الأمل«. متفق عليه. حب الد

ياة، وحب المال«. وفي أخرى عند أحمد في مسنده: »... حب الح

ياة، وكثرة المال«. حديث صحيح. وفي أخرى له عند أحمد أيضا: »... طول الح

تك ة مكاتبته، فقالت له: أنت غير داخل علي غير مر بقي با لها دخل عليها ب عن عائشة، أن مكات

م، يقول: »ما خالط له عليه وسل له صلى ال� له، فإني سمعت رسول ال� هذه، فعليك بالجهاد في سبيل ال�

ار«. له عليه الن م الل ا حر له، إل ج في سبيل الل قلب امرئ مسلم ره

حديث حسن صحيح. رواه أحمد.

Page 86: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

86أحوال ال�قلوب

م: »ما من نفس تموت تشهد أن له عليه وسل ه صلى ال� عن معاذ بن جبل قال: قال رسول ال�

ه لها«. ا غفر الل م، يرجع ذلك إلى قلب موقن إل له عليه وسل ه صلى الل ه وأني رسول الل ا الل لا إله إل

رواه ابن ماجة، وقال الألباني: حديث حسن صحيح.

م قال: له عليه وسل ه صلى ال� يه، أن رسول ال� ه بن مسعود، عن أب حمن بن عبد ال� عن عبد الر

اها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه ه عبدا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأد ر الل »نض

صيحة للمسلمين، ه، والن إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لل

ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم«.

رواه الشافعي في مسنده )234/1)، والترمذي )34/5)، والبيهقي في المدخل. وهو صحيح.

قال: ه أن وتعالى تبارك له ال� عن روى فيما م، وسل عليه له ال� صلى بي الن عن ذر، أبي عن

كم ما، فلا تظالموا، يا عبادي كلل بينكم محر على نفسي، وجعلته لم مت الظ »يا عبادي إني حر

ا من أطعمته، فاستطعموني كم جائع، إل ا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلل ضال إل

كم تخطئون ا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إن كم عار، إل أطعمكم، يا عبادي كلل

كم لن تبلغوا ضري نوب جميعا، فاستغفروني أغفر للكم، يا عبادي إن هار، وأنا أغفر الذ يل والن بال�

كم كانوا على للكم وآخركم وإنسكم وجن وني ولن تبلغوا نفعي، فتنفعوني، يا عبادي لو أن أو فتضر

للكم وآخركم وإنسكم أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في مللكي شيئا، يا عبادي لو أن أو

للكم كم كانوا على أفجر قلب رجل واحد، ما نقص ذلك من مللكي شيئا، يا عبادي لو أن أو وجن

كم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص وآخركم وإنسكم وجن

Page 87: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 87

ما هي أعماللكم أحصيها للكم، ا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إن ا عندي إل ذلك مم

ا نفسه« له ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إل اها، فمن وجد خيرا، فليحمد الل أوفيكم إي ثم

رواه مسلم.

م يقول: كان له عليه وسل له صلى ال� ا كما كان رسول ال� يد بن أرقم، قال: لا أقول للكم إل عن ز

بن، والبخل، والهرم، وعذاب، القبر ال�هم يقول: »ال�هم إني أعوذ بك من العجز، واللكسل، والج

ها ومولاها، ال�هم إني أعوذ بك من علم لا اها، أنت ولي آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زك

ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها«.

رواه مسلم.

ار رجل بكى من خشية لج الن م: »لا ي ه عليه وسل ه صلى ال� يرة قال: قال رسول ال� عن أبي هر

م«. ه ودخان جهن رع، ولا يجتمع غبار في سبيل الل بن في الض ى يعود ال� ه حت الل

رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح. ووافقه الألباني.

وزاد النسائي في أخرى: »في منخري مسلم أبدا«، وفي أخرى: »في جوف عبد أبدا، ولا

ح والإيمان في قلب عبد أبدا« يجتمع الش

صحيح. صححه الألباني.

م قال: »لا تقولوا كرم فإن اللكرم، قلب المؤمن«. له عليه وسل بي صلى ال� يرة، عن الن عن أبي هر

رواه مسلم.

Page 88: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

88أحوال ال�قلوب

غها، ه امرأ سمع مقالتي فبل ر الل م: »نض له عليه وسل ه صلى ال� يد بن ثابت، قال: قال رسول ال� عن ز

د، »ثلاث فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه«، زاد فيه علي بن محم

ة المسلمين، ولزوم جماعتهم«. صح لأئم ه، والن لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لل

رواه ابن ماجة، وأحمد في مسنده. وهو حديث صحيح.

ار مسلم قتل كافرا م قال: »لا يجتمعان في الن له عليه وسل ه صلى ال� يرة، أن رسول ال� عن أبي هر

م، ولا يجتمعان في ه وفيح جهن د وقارب، ولا يجتمعان في جوف مؤمن غبار في سبيل الل سد ثم

قلب عبد الإيمان والحسد«

رواه النسائي، وحسنه الألباني.

له). ملحوظة: )جميع الأحاديث صحيحة إن شاء ال�

له تعالى. بصدد اتباعه بذكر الأعمال القلبية إن شاء ال�

Page 89: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 89

له حسنها( الخاتمة )أسأل الل

من عرضا لمست أو منه رأيت وإن فاستزد، خيرا منه آنست فإن لقلبك.. فانظر وبعد

الأعراض أو مرضا من الأمراض فالأمر جد خطير، فإنه لو زادت به ضربة أو شعرت بوخز

ا فكيف إذا كان الداء هو سبب هلاكه الأبدي وخسرانك للدنيا والآخرة، لسارعت لعلاجه طبي

لا شك أن هذا أحرى وأولى لتداركك الداء بالعلاج ومبادرتك إلى التنقيب والبحث عن أصل

المرض وأسبابه ومن ثم علاجه أو استئصاله، والجأ إلى الرحمن أن يخلصك من الأدواء والأسقام

له عليه وسلم )اسلل سخيمة قلبي) فعن فهو الشافي لداء القلوب فقد كان من دعاء المصطفى صلى ال�

، وانصرني م يدعو يقول: »رب أعني ولا تعن علي ه عليه وسل بي صلى ال� اس، قال: كان الن ابن عب

، رب ، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى علي ، وامكر لي ولا تمكر علي ولا تنصر علي

ل اها منيبا، رب تقب ابا، لك مطواعا، لك مخبتا، إليك أو ارا، لك ره ارا، لك ذك اجعلني لك شك

قلبي، واسلل سخيمة تي، وسدد لساني، واهد بتي، وأجب دعوتي، وثبت حج بتي، واغسل حو تو

صدري«. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه.

أي أصلح قلبي وأزل يا رب ما فيه من أدران تنافي النقاء والصفاء وصفات السلامة، فإنك

له واجل عن قلبك كل غشاوة أو سهو أو غفلة أو بعد لو فعلت تسلم نفسك وتصفو روحك بإذن ال�

له تعالى بقراءة آياته والتفكر والتدبر فيها فالقرآن له سبحانه، واجعل الصلة دائمة بينك وبين ال� عن ال�

خير علاج وخير دواء للقلوب إذا داومت على قراءته بتمعن وتدبر وخشوع قال تعالى: ﴿ وننزل

ا خسارا ﴾ ]الإسراء: 82[. المين إل يد الظ من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يز

ذين ل لت آياته أأعجمي وعربي قل هو ل ا لقالوا لولا فص وقال سبحانه: ﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجمي

Page 90: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

90أحوال ال�قلوب

آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ﴾

]فصلت: 44[.

دور وهدى ما في الص بكم وشفاء ل اس قد جاءتكم موعظة من ر ها الن وقال سبحانه: ﴿ يا أي

ورحمة للمؤمنين ﴾ ]يونس: 57[.

وعليك بعبادته سبحانه والتقرب إليه بالفرائض والنوافل وعمل ما يرضيه وتجنب ما يسخطه

تك من الناجين المفلحين بإذن المولى الرحيم، فبذلك تجلى القلوب وتصفى وتشفى.

له عز وجل أسأل لي وللكم السلامة من كل داء وبلاء، وما رأيتم في هذا الكتاب هذا وال�

من خير فهو توفيق ورحمة ومنة وفضل من العلي القدير سبحانه، وما كان به من سهو وخطأ فمني

ومن الشيطان.

له رب العالمين. وآخر دعوانا إن الحمد ل�

له، وعلى آله وصحبه أجمعين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد بن عبد ال�

ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمته وكرمه. اللهم آمين.

له من قال آمين. ورحم ال�

ولا تنسونا بدعوة في ظهر الغيب.

له وبركاته. والسلام عليكم ورحمة ال�

ية. 1423هجر

ية. عدل ونقح 1429هجر

Page 91: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 91

الفهرسالعنوان............................................................................................................... الموضوع

مدخل...................................................................................................................... 2

2 .................................................................................................................................... مقدمة

القلوب السليمة ......................................................................................................... 4

الصفة الأولى : الإيمان........................................................................................ 5

6 ....................................................................................... الصفة الثانية : الخشوع

الصفة الثالثة : السكينة........................................................................................ 7

8 ........................................................................................ الصفة الرابعة : التقوى

الصفة الخامسة : الرأفة والرحمة ............................................................................ 8

10 ................................................................................... الصفة السادسة : الهداية

11 ....................................................... له تعالى والذل له الصفة السابعة : الإخبات لل

والصفة الثامنة : الانشراح................................................................................. 12

13 ............................................................................... الصفة التاسعة : الاطمئنان

الصفة العاشرة : الطهارة................................................................................... 17

الصفة الحادية عشر : العلم................................................................................. 18

الصفة الثانية عشر : الإنابة................................................................................ 20

الصفة الثالثة عشر : الذكرى............................................................................... 21

الصفة الرابعة عشر : التآلف مع القلوب المؤمنة.................................................... 21

Page 92: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

92أحوال ال�قلوب

23 ...................................... له عز وجل الصفة الخامسة عشر : الوجل والخوف من الل

24 ............................................. ية المذكور آنفا على هامش حديث العرباض بن سار

25 .................................................................. له الصفة السادسة عشر : ال�ين لذكر الل

القلوب السقيمة........................................................................................................ 27

الصفة الأولى : النفاق........................................................................................ 28

29 ...................................................................... الصفة الثانية : مخالفة القلب ال�سان

يغ........................................................................................... 30 الصفة الثالثة : الز

الصفة الرابعة : الغيظ من المؤمنين........................................................................ 32

يبة....................................................................................... 35 الصفة الخامسة : الر

الصفة السادسة : الانصراف عن الحق................................................................. 36

له....................................................................... 37 الصفة السابعة : الرهبة من غير الل

الصفة الثامنة : الطبع......................................................................................... 38

الصفة التاسعة : الران......................................................................................... 42

43 ...................................................................................... الصفة العاشرة : الغمرة

الصفة الحادية عشر : الأكنة على القلوب أو تغليف القلوب.................................... 43

الصفة الثانية عشر : القسوة................................................................................. 44

الصفة الثالثة عشرة والرابعة عشرة : الغفلة وال�هو.................................................... 46

47 ........................................................... له الصفة الخامسة عشرة : الرعب من غير الل

49 ..................................................... الصفة السادسة عشرة : العصبية وحمية الجاهلية

الصفة السابعة عشرة : تفرق القلوب.................................................................... 49

له........................................................... 50 الصفة الثامنة عشرة : تشرب عبادة غير الل

Page 93: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

أحوال ال�قلوب 93

الصفة التاسعة عشرة : الغلظة.............................................................................. 51

52 ......................................................................... الصفة العشرون : القلوب المقفلة

الصفة الحادية والعشرون : الضيق........................................................................ 52

53 ......................................................................... الصفة الثانية والعشرون : العمى

له..................................................... 53 الصفة الثالثة والعشرون : الاشمئزاز من ذكر الل

الصفة الرابعة والعشرون : القلوب غير الطاهرة....................................................... 54

54 .................................. الصفة الخامسة والعشرون والسادسة العشرون : الحقد والغل

الحالات الطارئة........................................................................................................ 56

الحالة الأولى : الحسرة ..................................................................................... 57

الحالة الثانية : الخوف....................................................................................... 57

الحالة الثالثة : التمني والنية والشهوة ..................................................................... 58

59 .................................................................... الحالة الرابعة : السهو أو تعمد الخطأ

الحالة الخامسة : الغفلة التي من السهو.................................................................. 60

61 ......................................................................... الحالة السادسة : القلوب المؤلفة

61 .................................................. الحالة السابعة : الإصغاء إلى الحق أو الإذعان له

يغ عن الحق الذي يكون فيه..................................................... 62 الحالة الثامنة : الز

الحالة التاسعة : القلوب تعادي وتصاحب وتتآلف ............................................... 62

63 ................................................................................. الحالة العاشرة : الوسوسة

الحالة الحادية عشرة : تزين أمر ما في القلب........................................................ 64

64 ......................................... الحالة الثانية عشرة : الانشغال بأمر ما والفراغ مما سواه

65 ................................................................................. الحالة الثالثة عشر : التنافر

Page 94: أحوال القلوب - بي دي اف للطباعة

94أحوال ال�قلوب

66 ............................................................................... الحالة الرابعة عشر : التشابه

الحالة الخامسة عشر : الضيق المؤقت................................................................... 67

الحالة السادسة عشر : الإثم............................................................................... 68

70 ..................................................... الحالة السابعة عشر : الأسرار والمشاعر المختلفة

باب العقل في القلب................................................................................................. 71

71 ............................................................................................................ مخموم القلب

الحزن في القلب ....................................................................................................... 72

الحفظ والوعي.......................................................................................................... 73

73 ........................................................................................ يضة باب علاج القلوب المر

74 ...................................................................................... باب أثر الذنوب على القلوب

القلب والسحابة......................................................................................................... 76

باب بيان حال قلوب اللكفار والمشركين يوم القيامة، وقلوب المؤمنين............................... 77

هل تتغير القلوب؟!.................................................................................................... 77

هل يؤاخذ الإنسان على إحساسات قلبه؟!!.................................................................... 78

82 ...................................................... له عليه وسلم والأنبياء عموما لا ينام قلب النبي صلى الل

82 ...................................................................................................... هل للجن قلوب؟!

83 ......................................................................... استدراك : أحاديث صحيحة في القلب

له حسنها(.......................................................................................... 89 الخاتمة )أسأل الل

الفهرس................................................................................................................... 91