This document is posted to help you gain knowledge. Please leave a comment to let me know what you think about it! Share it to your friends and learn new things together.
Transcript
الطب النبوى
ابن قیم الجوزیة وقد أتینا على جمل من ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى
المغازى والسیر والبعوث والسرایا، والرسائل، والكتب التى كتب . بھا إلى الملوك ونوابھم
ونحن نتبع ذلك بذكر فصول نافعة فى ھدیھ فى الطب الذى لغیره، ونبین ما فیھ من الحكمة التى تعجز تطبب بھ، ووصفھ
عقول أكثر األطباء عن الوصول إلیھا، وأن نسبة طبھم إلیھا كنسبة طب العجائز إلى طبھم، فنقول وباهللا المستعان، ومنھ نستمد
: الحول والقوة
وھما . مرض القلوب، ومرض األبدان: المرض نوعان . لقرآنمذكوران فى ا
مرض شبھة وشك، : ومرض القلوب نوعان قال تعالى فى مرض . ومرض شھوة وغى، وكالھما فى القرآن
یا نساء النبى لستن {: الشھوات، فقال تعالىوأما مرض كأحد من النساء، إن اتقیتن فال تخضعن بالقول فیطمع الذى فى
واهللا .. ، فھذا مرض شھوة الزنى]32: األحزاب [}قلبھ مرض . أعلم
...) یتبع)
@
فصل
ن فى مرض األبدا
لیس على األعمى حرج {: فقال تعالى.. وأما مرض األبدان : الفتح [} وال على األعرج حرج وال على المریض حرج
وذكر مرض البدن فى الحج والصوم والوضوء ]. 61: النور][17ھمھ وعقلھ لسر بدیع یبین لك عظمة القرآن، واالستغناء بھ لمن ف
حفظ الصحة، : عن سواه، وذلك أن قواعد طب األبدان ثالثةفذكر سبحانھ ھذه . والحمیة عن المؤذى، واستفراغ المواد الفاسدة
. األصول الثالثة فى ھذه المواضع الثالثة
فمن كان منكم مریضا أو على سفر {: فقال فى آیة الصوم ، فأباح الفطر للمریض لعذر ]184: البقرة [}من أیام أخرفعدة
المرض؛ وللمسافر طلبا لحفظ صحتھ وقوتھ لئال یذھبھا الصوم فى السفر الجتماع شدة الحركة، وما یوجبھ من التحلیل، وعدم الغذاء الذى یخلف ما تحلل؛ فتخور القوة وتضعف، فأباح للمسافر الفطر
. حفظا لصحتھ وقوتھ عما یضعفھا
فمن كان منكم مریضا أو بھ أذى من {: وقال فى آیة الحج ، فأباح ]196: البقرة [}رأسھ ففدیة من صیام أو صدقة أو نسك
للمریض، ومن بھ أذى من رأسھ، من قمل، أو حكة، أو غیرھما، ن یحلق رأسھ فى اإلحرام استفراغا لمادة األبخرة الردیئة التى أ
أوجبت لھ األذى فى رأسھ باحتقانھا تحت الشعر، فإذا حلق رأسھ،
تفتحت المسام، فخرجت تلك األبخرة منھا، فھذا االستفراغ یقاس . علیھ كل استفراغ یؤذى انحباسھ
الدم إذا : ومدافعتھا عشرةواألشیاء التى یؤذى انحباسھا ھاج، والمنى إذا تبیغ، والبول، والغائط، والریح، والقىء،
وكل واحد من ھذه العشرة . والعطاس، والنوم، والجوع، والعطش . یوجب حبسھ داء من األدواء بحسبھ
وقد نبھ سبحانھ باستفراغ أدناھا، وھو البخار المحتقن فى أس على استفراغ ما ھو أصعب منھ؛ كما ھى طریقة القرآن الر
. التنبیھ باألدنى على األعلى
وإن كنتم {: فقال تعالى فى آیة الوضوء.. وأما الحمیة مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو المستم النساء
، ]6: المائدة ][43: النساء [}دوا ماء فتیمموا صعیدا طیبافلم تجفأباح للمریض العدول عن الماء إلى التراب حمیة لھ أن یصیب
جسده ما یؤذیھ، وھذا تنبیھ على الحمیة عن كل مؤذ لھ من داخل أو خارج، فقد أرشد سبحانھ عباده إلى أصول الطب، ومجامع
اعده، ونحن نذكر ھدى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم فى ذلك، قو . ونبین أن ھدیھ فیھ أكمل ھدى
فمسلم إلى الرسل صلوات اهللا .. فأما طب القلوب وسالمھ علیھم، وال سبیل إلى حصولھ إال من جھتھم وعلى
رفة بربھا، وفاطرھا، أیدیھم، فإن صالح القلوب أن تكون عاوبأسمائھ، وصفاتھ، وأفعالھ، وأحكامھ، وأن تكون مؤثرة لمرضاتھ
ومحابھ، متجنبة لمناھیھ ومساخطھ، وال صحة لھا وال حیاة ألبتة إال بذلك، وال سبیل إلى تلقیھ إال من جھة الرسل، وما یظن من
لط ممن یظن ذلك، وإنما ذلك حصول صحة القلب بدون اتباعھم، فغحیاة نفسھ البھیمیة الشھوانیة، وصحتھا وقوتھا، وحیاة قلبھ وصحتھ، وقوتھ عن ذلك بمعزل، ومن لم یمیز بین ھذا وھذا،
فلیبك على حیاة قلبھ، فإنھ من األموات، وعلى نوره، فإنھ منغمس . فى بحار الظلمات
فصل
ن فى أن طب األبدان نوعا
: فإنھ نوعان.. وأما طب األبدان
نوع قد فطر اهللا علیھ الحیوان ناطقھ وبھیمھ؛ فھذا ال یحتاج فیھ إلى معالجة طبیب، كطب الجوع، والعطش، والبرد،
. والتعب بأضدادھا وما یزیلھا
ما یحتاج إلى فكر وتأمل، كدفع األمراض .. والثانى ابھة الحادثة فى المزاج، بحیث یخرج بھا عن االعتدال، إما المتش
إلى حرارة، أو برودة، أو یبوسة، أو رطوبة، أو ما یتركب من إما مادیة، وإما كیفیة، أعنى إما أن : اثنین منھا، وھى نوعان
یكون بانصباب مادة، أو بحدوث كیفیة، والفرق بینھما أن أمراض ل المواد التى أوجبتھا، فتزول موادھا، ویبقى الكیفیة تكون بعد زوا
. أثرھا كیفیة فى المزاج
وأمراض المادة أسبابھا معھا تمدھا، وإذا كان سبب المرض معھ، فالنظر فى السبب ینبغى أن یقع أوال، ثم فى المرض
أو األمراض اآللیة وھى التى تخرج . ثانیا، ثم فى الدواء ثالثاعن ھیئتھ، إما فى شكل، أو تجویف، أو مجرى، أو العضو
خشونة، أو مالسة، أو عدد، أو عظم، أو وضع، فإن ھذه األعضاء إذا تألفت وكان منھا البدن سمى تألفھا اتصاال، والخروج عن
االعتدال فیھ یسمى تفرق االتصال، أو األمراض العامة التى تعم . المتشابھة واآللیة
ھى التى یخرج بھا المزاج عن : واألمراض المتشابھة االعتدال، وھذا الخروج یسمى مرضا بعد أن یضر بالفعل إضرارا
. محسوسا
أربعة بسیطة، وأربعة مركبة، : وھى على ثمانیة أضرب الحار : والمركبة. البارد، والحار، والرطب، والیابس: فالبسیطة
رطب، والحار الیابس، والبارد الرطب، والبارد الیابس، وھى إما الأن تكون بانصباب مادة، أو بغیر انصباب مادة، وإن لم یضر
. المرض بالفعل یسمى خروجا عن االعتدال صحة
حال طبیعیة، وحال خارجة عن : وللبدن ثالثة أحوال بھا یكون البدن : ولىفاأل. الطبیعیة، وحال متوسطة بین األمرین
ھى متوسطة : والحال الثالثة. بھا یكون مریضا: صحیحا، والثانیةبین الحالتین، فإن الضد ال ینتقل إلى ضده إال بمتوسط، وسبب خروج البدن عن طبیعتھ، إما من داخلھ، ألنھ مركب من الحار یكون والبارد، والرطب والیابس، وإما من خارج، فألن ما یلقاه قد
موافقا، وقد یكون غیر موافق، والضرر الذى یلحق اإلنسان قد یكون من سوء المزاج بخروجھ عن االعتدال، وقد یكون من فساد العضو؛ وقد یكون من ضعف فى القوى، أو األرواح الحاملة لھا، ویرجع ذلك إلى زیادة ما االعتدال فى عدم زیادتھ، أو نقصان ما
عدم نقصانھ، أو تفرق ما االعتدال فى اتصالھ، أو االعتدال فى اتصال ما االعتدال فى تفرقھ، أو امتداد ما االعتدال فى انقباضھ؛ أو خروج ذى وضع وشكل عن وضعھ وشكلھ بحیث یخرجھ عن
. اعتدالھ
ھو الذى یفرق ما یضر باإلنسان جمعھ، أو یجمع فیھ ما : فالطبیبقھ، أو ینقص منھ ما یضره زیادتھ، أو یزید فیھ ما یضره تفر
یضره نقصھ، فیجلب الصحة المفقودة، أو یحفظھا بالشكل والشبھ؛ ویدفع العلة الموجودة بالضد والنقیض، ویخرجھا، أو یدفعھا بما یمنع من حصولھا بالحمیة، وسترى ھذا كلھ فى ھدى رسول اهللا
لم شافیا كافیا بحول اهللا وقوتھ، وفضلھ صلى اهللا علیھ وس ومعونتھ
فصل
فى ھدى النبى صلى اهللا علیھ وسلم فى التداوى واألمر بھ
فكان من ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فعل التداوى فى نفسھ، واألمر بھ لمن أصابھ مرض من أھلھ وأصحابھ، ولكن لم
أصحابھ استعمال ھذه األدویة المركبة التى یكن من ھدیھ وال ھدى ، بل كان غالب أدویتھم بالمفردات، وربما ))أقرباذین((تسمى
أضافوا إلى المفرد ما یعاونھ، أو یكسر سورتھ، وھذا غالب طب األمم على اختالف أجناسھا من العرب والترك، وأھل البوادى
لروم والیونانیون، وأكثر طب الھند قاطبة، وإنما عنى بالمركبات ا بالمفردات
وقد اتفق األطباء على أنھ متى أمكن التداوى بالغذاء ال یعدل عنھ إلى الدواء، ومتى أمكن بالبسیط ال یعدل عنھ إلى
. المركب
وكل داء قدر على دفعھ باألغذیة والحمیة، لم یحاول : قالوا وال ینبغى للطبیب أن یولع بسقى األدویة، فإن : قالوا.باألدویةدفعھ
الدواء إذا لم یجد فى البدن داء یحللھ، أو وجد داء ال یوافقھ، أو وجد ما یوافقھ فزادت كمیتھ علیھ، أو كیفیتھ، تشبث بالصحة،
وعبث بھا، وأرباب التجارب من األطباء طبھم بالمفردات غالبا، . ھم أحد فرق الطب الثالثو
والتحقیق فى ذلك أن األدویة من جنس األغذیة، فاألمة والطائفة التى غالب أغذیتھا المفردات، أمراضھا قلیلة جدا، وطبھا
بالمفردات، وأھل المدن الذین غلبت علیھم األغذیة المركبة ك أن أمراضھم فى الغالب یحتاجون إلى األدویة المركبة، وسبب ذل
إلى الخلق، وإغاثة الملھوف، والتفریج عن المكروب، فإن ھذه األدویة قد جربتھا األمم على اختالف أدیانھا ومللھا، فوجدوا لھا
من التأثیر فى الشفاء ما ال یصل إلیھ علم أعلم األطباء، وال . تجربتھ، وال قیاسھ
ھذا أمورا كثیرة، ورأیناھا وقد جربنا نحن وغیرنا من تفعل ما ال تفعل األدویة الحسیة، بل تصیر األدویة الحسیة عندھا
بمنزلة األدویة الطرقیة عند األطباء، وھذا جار على قانون الحكمة اإللھیة لیس خارجا عنھا، ولكن األسباب متنوعة، فإن القلب متى
الداء والدواء، ومدبر الطبیعة اتصل برب العالمین، وخالقومصرفھا على ما یشاء كانت لھ أدویة أخرى غیر األدویة التى
یعانیھا القلب البعید منھ المعرض عنھ، وقد علم أن األرواح متى قویت، وقویت النفس والطبیعة تعاونا على دفع الداء وقھره،
ھ، وفرحت بقربھا من بارئھا، فكیف ینكر لمن قویت طبیعتھ ونفسوأنسھا بھ، وحبھا لھ، وتنعمھا بذكره، وانصراف قواھا كلھا إلیھ،
وجمعھا علیھ، واستعانتھا بھ، وتوكلھا علیھ، أن یكون ذلك لھا من أكبر األدویة، وأن توجب لھا ھذه القوة دفع األلم بالكلیة، وال ینكر
لناس، وأغلظھم حجابا، وأكثفھم نفسا، وأبعدھم عن ھذا إال أجھل ااهللا وعن حقیقة اإلنسانیة، وسنذكر إن شاء اهللا السبب الذى بھ
أزالت قراءة الفاتحة داء اللدغة عن اللدیغ التى رقى بھا، فقام . حتى كأن ما بھ قلبة
هللا نتكلم فھذان نوعان من الطب النبوى، نحن بحول ا علیھما بحسب الجھد والطاقة، ومبلغ علومنا القاصرة، ومعارفنا
المتالشیة جدا، وبضاعتنا المزجاة، ولكنا نستوھب من بیده الخیر . كلھ، ونستمد من فضلھ، فإنھ العزیز الوھاب
فصل
فى األحادیث التى تحث على التداوى وربط األسباب بالمسببات
من حدیث أبى الزبیر، عن )): صحیحھ((روى مسلم فى لكل : ((جابر بن عبد اهللا، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال )). داء دواء، فإذا أصیب دواء الداء، برأ بإذن اهللا عز وجل
قال : عن عطاء، عن أبى ھریرة قال)): الصحیحین((وفى ما أنزل اهللا من داء إال أنزل لھ : ((اهللا صلى اهللا علیھ وسلم رسول )). شفاء
من حدیث زیاد بن عالقة عن )): مسند اإلمام أحمد((وفى كنت عند النبى صلى اهللا علیھ وسلم، : ((أسامة ابن شریك، قال
: ى ؟ فقالیا رسول اهللا؛ أنتداو: وجاءت األعراب، فقالوا
نعم یا عباد اهللا تداووا، فإن اهللا عز وجل لم یضع داء إال وضع )) )). الھرم: ((ما ھو ؟ قال: ، قالوا))لھ شفاء غیر داء واحد
إن اهللا لم ینزل داء إال أنزل لھ شفاء، علمھ : ((وفى لفظ )). وجھلھ من جھلھ من علمھ
إن اهللا : ((من حدیث ابن مسعود یرفعھ)): المسند((وفى عز وجل لم ینزل داء إال أنزل لھ شفاء، علمھ من علمھ، وجھلھ
)). من جھلھ
: قلت: عن أبى خزامة، قال)): السنن((و)) المسند((وفى یا رسول اهللا؛ أرأیت رقى نسترقیھا، ودواء نتداوى بھ، وتقاة
)). ھى من قدر اهللا: ((نتقیھا، ھل ترد من قدر اهللا شیئا ؟ فقال
فقد تضمنت ھذه األحادیث إثبات األسباب والمسببات، ، ))لكل داء دواء((كون قولھوإبطال قول من أنكرھا، ویجوز أن ی
على عمومھ حتى یتناول األدواء القاتلة، واألدواء التى ال یمكن لطبیب أن یبرئھا، ویكون اهللا عز وجل قد جعل لھا أدویة تبرئھا، ولكن طوى علمھا عن البشر، ولم یجعل لھم إلیھ سبیال، ألنھ ال
ولھذا علق النبى صلى اهللا علیھ علم للخلق إال ما علمھم اهللا، وسلم الشفاء على مصادفة الدواء للداء، فإنھ ال شىء من
المخلوقات إال لھ ضد، وكل داء لھ ضد من الدواء یعالج بضده، فعلق النبى صلى اهللا علیھ وسلم البرء بموافقة الداء للدواء، وھذا
الدواء متى جاوز درجة الداء فى قدر زائد على مجرد وجوده، فإنالكیفیة، أو زاد فى الكمیة على ما ینبغى، نقلھ إلى داء آخر، ومتى
قصر عنھا لم یف بمقاومتھ، وكان العالج قاصرا، ومتى لم یقع المداوى على الدواء، أو لم یقع الدواء على الداء، لم یحصل
دواء، لم ینفع، ومتى الشفاء، ومتى لم یكن الزمان صالحا لذلك الكان البدن غیر قابل لھ، أو القوة عاجزة عن حملھ، أو ثم مانع
یمنع من تأثیره، لم یحصل البرء لعدم المصادفة، ومتى تمت المصادفة حصل البرء بإذن اهللا وال بد، وھذا أحسن المحملین فى
. الحدیث
مراد بھ الخاص، ال سیما أن یكون من العام ال: والثانى والداخل فى اللفظ أضعاف أضعاف الخارج منھ، وھذا یستعمل فى كل لسان، ویكون المراد أن اهللا لم یضع داء یقبل الدواء إال وضع
لھ دواء، فال یدخل فى ھذا األدواء التى ال تقبل الدواء، وھذا كقولھ تدمر كل شىء بأمر { : عاد تعالى فى الریح التى سلطھا على قوم
كل شىء یقبل التدمیر، ومن شأن : أى] 25: األحقاف [}ربھا . الریح أن تدمره، ونظائره كثیرة
ومن تأمل خلق األضداد فى ھذا العالم، ومقاومة بعضھا ن لھ لبعض، ودفع بعضھا ببعض، وتسلیط بعضھا على بعض، تبیكمال قدرة الرب تعالى، وحكمتھ، وإتقانھ ما صنعھ، وتفرده
بالربوبیة، والوحدانیة، والقھر، وأن كل ما سواه فلھ ما یضاده . ویمانعھ، كما أنھ الغنى بذاتھ، وكل ما سواه محتاج بذاتھ
افى وفى األحادیث الصحیحة األمر بالتداوى، وأنھ ال ین التوكل، كما ال ینافیھ دفع داء الجوع، والعطش، والحر، والبرد
بأضدادھا، بل ال تتم حقیقة التوحید إال بمباشرة األسباب التى نصبھا اهللا مقتضیات لمسبباتھا قدرا وشرعا، وأن تعطیلھا یقدح فى نفس التوكل، كما یقدح فى األمر والحكمة، ویضعفھ من حیث
یظن معطلھا أن تركھا أقوى فى التوكل، فإن تركھا عجزا ینافى التوكل الذى حقیقتھ اعتماد القلب على اهللا فى حصول ما ینفع العبد
فى دینھ ودنیاه، ودفع ما یضره فى دینھ ودنیاه، وال بد مع ھذا االعتماد من مباشرة األسباب؛ وإال كان معطال للحكمة والشرع،
. فال یجعل العبد عجزه توكال، وال توكلھ عجزا
إن كان الشفاء قد : وفیھا رد على من أنكر التداوى، وقال وأیضا، فإن . قدر، فالتداوى ال یفید، وإن لم یكن قد قدر، فكذلك
المرض حصل بقدر اهللا، وقدر اهللا ال یدفع وال یرد، وھذا السؤال . لذى أورده األعراب على رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلمھو ا
وأما أفاضل الصحابة، فأعلم باهللا وحكمتھ وصفاتھ من أن یوردوا مثل ھذا، وقد أجابھم النبى صلى اهللا علیھ وسلم بما شفى وكفى،
ھذه األدویة والرقى والتقى ھى من قدر اهللا، فما خرج شىء : فقالفال سبیل إلى . دره، بل یرد قدره بقدره، وھذا الرد من قدرهعن ق
الخروج عن قدره بوجھ ما، وھذا كرد قدر الجوع، والعطش، والحر، والبرد بأضدادھا، وكرد قدر العدو بالجھاد، وكل من قدر
. الدافع، والمدفوع، والدفع: اهللا
ھذا یوجب علیك أن ال تباشر : ویقال لمورد ھذا السؤال سببا من األسباب التى تجلب بھا منفعة، أو تدفع بھا مضرة، ألن
المنفعة والمضرة إن قدرتا، لم یكن بد من وقوعھما، وإن لم تقدر اد لم یكن سبیل إلى وقوعھما، وفى ذلك خراب الدین والدنیا، وفس
العالم، وھذا ال یقولھ إال دافع للحق، معاند لھ، فیذكر القدر لیدفع لو شاء اهللا ما أشركنا {: حجة المحق علیھ، كالمشركین الذین قالوا
لو شاء اهللا ما عبدنا من دونھ من { ، و]148: األنعام [}وال آباؤنا، فھذا قالوه دفعا لحجة اهللا ]35: النحل [}ال آباؤناشىء نحن و
. علیھم بالرسل
بقى قسم ثالث لم تذكره، وھو : وجواب ھذا السائل أن یقال أن اهللا قدر كذا وكذا بھذا السبب؛ فإن أتیت بالسبب حصل المسبب،
. وإال فال
ر لى السبب، فعلتھ، وإن لم یقدره لى إن كان قد: فإن قال . لم أتمكن من فعلھ
فھل تقبل ھذا االحتجاج من عبدك، وولدك، وأجیرك : قیل إذا احتج بھ علیك فیما أمرتھ بھ، ونھیتھ عنھ فخالفك ؟، فإن قبلتھ،
ك، فال تلم من عصاك، وأخذ مالك، وقذف عرضك، وضیع حقوق.. وإن لم تقبلھ، فكیف یكون مقبوال منك فى دفع حقوق اهللا علیك
یا رب؛ ممن : أن إبراھیم الخلیل قال: ((وقد روى فى أثر إسرائیلىفما بال : قال. منى: فممن الدواء ؟ قال: قال. منى: الداء ؟ قال
)) ء على یدیھ رجل أرسل الدوا:الطبیب؟ قال
، تقویة ))لكل داء دواء: ((وفى قولھ صلى اهللا علیھ وسلم لنفس المریض والطبیب، وحث على طلب ذلك الدواء والتفتیش
علیھ، فإن المریض إذا استشعرت نفسھ أن لدائھ دواء یزیلھ، تعلق أس، وانفتح لھ باب قلبھ بروح الرجاء، وبردت عنده حرارة الی
الرجاء، ومتى قویت نفسھ انبعثت حرارتھ الغریزیة، وكان ذلك سببا لقوة األرواح الحیوانیة والنفسانیة والطبیعیة، ومتى قویت ھذه األرواح، قویت القوى التى ھى حاملة لھا، فقھرت المرض
أمكنھ طلبھ وكذلك الطبیب إذا علم أن لھذا الداء دواء .ودفعتھوأمراض األبدان على وزان أمراض القلوب، وما . والتفتیش علیھ
جعل اهللا للقلب مرضا إال جعل لھ شفاء بضده، فإن علمھ صاحب . الداء واستعملھ، وصادف داء قلبھ، أبرأه بإذن اهللا تعالى
فصل
فى في ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى االحتماء من التخم، والزیادةاألكل على قدر الحاجة، والقانون الذى ینبغى مراعاتھ فى األكل
والشرب
: عنھ صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال: وغیره)) المسند((فى ما مأل آدمى وعاء شرا من بطن، بحسب ابن آدم لقیمات یقمن ((
لت لطعامھ، وثلث لشرابھ، وثلث صلبھ، فإن كان ال بد فاعال، فث )). لنفسھ
أمراض مادیة تكون عن زیادة مادة : األمراض نوعان أفرطت فى البدن حتى أضرت بأفعالھ الطبیعیة، وھى األمراض
األكثریة، وسببھا إدخال الطعام على البدن قبل ھضم األول، ى یحتاج إلیھ البدن، وتناول األغذیة القلیلة والزیادة فى القدر الذ
النفع، البطیئة الھضم، وإالكثار من األغذیة المختلفة التراكیب المتنوعة، فإذا مأل اآلدمى بطنھ من ھذه األغذیة، واعتاد ذلك،
أورثتھ أمراضا متنوعة، منھا بطئ الزوال وسریعھ، فإذا توسط فى در الحاجة، وكان معتدال فى كمیتھ وكیفیتھ، الغذاء، وتناول منھ ق
كان انتفاع البدن بھ أكثر من انتفاعھ بالغذاء الكثیر ومراتب الغذاء : والثالثة. مرتبة الكفایة: والثانیة. مرتبة الحاجة: أحدھا: ثالثة
فلیأكل فى ثلث بطنھ، ویدع الثلث اآلخر للماء، والثالث للنفس، وھذا من أنفع ما للبدن والقلب، فإن البطن إذا امتأل من الطعام ضاق عن الشراب، فإذا ورد علیھ الشراب ضاق عن النفس،
لھ بمنزلة حامل الحمل الثقیل، ھذا وعرض لھ الكرب والتعب بحمإلى ما یلزم ذلك من فساد القلب، وكسل الجوارح عن الطاعات، وتحركھا فى الشھوات التى یستلزمھا الشبع، فامتالء البطن من
وأما إذا . ھذا إذا كان دائما أو أكثریا. الطعام مضر للقلب والبدنو ھریرة بحضرة النبى كان فى األحیان، فال بأس بھ، فقد شرب أب
والذى بعثك بالحق ال : صلى اهللا علیھ وسلم من اللبن، حتى قال أجد لھ مسلكا، وأكل الصحابة بحضرتھ مرارا حتى شبعوا
والشبع المفرط یضعف القوى والبدن، وإن أخصبھ، وإنما . ، ال بحسب كثرتھیقوى البدن بحسب ما یقبل من الغذاء
ولما كان فى اإلنسان جزء أرضى، وجزء ھوائى، وجزء مائى، قسم النبى صلى اهللا علیھ وسلم، طعامھ وشرابھ ونفسھ
فأین حظ الجزء النارى ؟ : على األجزاء الثالثة فإن قیل
فى البدن إن : ھذه مسألة تكلم فیھا األطباء، وقالوا: قیل . جزءا ناریا بالفعل، وھو أحد أركانھ وأسطقساتھ
ونازعھم فى ذلك آخرون من العقالء من األطباء وغیرھم : لیس فى البدن جزء نارى بالفعل، واستدلوا بوجوه: وقالوا
أن ذلك الجزء النارى إما أن یدعى أنھ نزل عن : أحدھا إنھ تولد : ھذه األجزاء المائیة واألرضیة، أو یقالاألثیر، واختلط ب
أن النار بالطبع : فیھا وتكون، واألول مستبعد لوجھین، أحدھما. صاعدة، فلو نزلت، لكانت بقاسر من مركزھا إلى ھذا العالم
أن تلك األجزاء الناریة ال بد فى نزولھا أن تعبر على كرة : الثانىھى فى غایة البرد، ونحن نشاھد فى ھذا العالم أن الزمھریر التى
النار العظیمة تنطفئ بالماء القلیل، فتلك األجزاء الصغیرة عند مرورھا بكرة الزمھریر التى ھى فى غایة البرد ونھایة العظم،
. أولى باالنطفاء
إنھا تكونت ھھنا فھو أبعد : وھو أن یقال: وأما الثانى ألن الجسم الذى صار نارا بعد أن لم یكن كذلك، قد كان قبل وأبعد،
صیرورتھ إما أرضا، وإما ماء، وإما ھواء النحصار األركان فى ھذه األربعة، وھذا الذى قد صار نارا أوال، كان مختلطا بأحد ھذه
األجسام، ومتصال بھا، والجسم الذى ال یكون نارا إذا اختلط بنار وال واحد منھا، ال یكون مستعدا ألن بأجسام عظیمة لیست
لم ال تكون ھناك أجزاء ناریة تقلب ھذه األجسام، : فإن قلتم وتجعلھا نارا بسبب مخالطتھا إیاھا ؟
الكالم فى حصول تلك األجزاء الناریة كالكالم : قلنا فىاألول
إنا نرى من رش الماء على النورة المطفأة : فإن قلتم تنفصل منھا نار، وإذا وقع شعاع الشمس على البلورة ظھرت النار
منھا، وإذا ضربنا الحجر على الحدید، ظھرت النار، وكل ھذه ختالط، وذلك یبطل ما قررتموه فى القسم الناریة حدثت عند اال
. األول أیضا
نحن ال ننكر أن تكون المصاكة الشدیدة : قال المنكرون محدثة للنار، كما فى ضرب الحجارة على الحدید، أو تكون قوة
تسخین الشمس محدثة للنار، كما فى البلورة، لكنا نستبعد ذلك جدا ام النبات والحیوان، إذ لیس فى أجرامھا من االصطكاك ما فى أجر
یوجب حدوث النار، وال فیھا من الصفاء والصقال ما یبلغ إلى حد البلورة، كیف وشعاع الشمس یقع على ظاھرھا، فال تتولد النار
ألبتة، فالشعاع الذى یصل إلى باطنھا كیف یولد النار ؟
أن األطباء مجمعون على : فى أصل المسألة: نىالوجھ الثا أن الشراب العتیق فى غایة السخونة بالطبع، فلو كانت تلك
السخونة بسبب األجزاء الناریة، لكانت محاال إذ تلك األجزاء الناریة مع حقارتھا كیف یعقل بقاؤھا فى األجزاء المائیة الغالبة
ع أنا نرى النار العظیمة تطفأ بالماء دھرا طویال، بحیث ال تنطفئ م . القلیل
أنھ لو كان فى الحیوان والنبات جزء نارى : الوجھ الثالث بالفعل، لكان مغلوبا بالجزء المائى الذى فیھ، وكان الجزء النارى
مقھورا بھ، وغلبة بعض الطبائع والعناصر على بعض یقتضى طبیعة الغالب، فكان یلزم بالضرورة انقالب طبیعة المغلوب إلى
انقالب تلك األجزاء الناریة القلیلة جدا إلى طبیعة الماء الذى ھو . ضد النار
أن اهللا سبحانھ وتعالى ذكر خلق اإلنسان فى : الوجھ الرابع كتابھ فى مواضع متعددة، یخبر فى بعضھا أنھ خلقھ من ماء، وفى
من تراب، وفى بعضھا أنھ خلقھ من المركب بعضھا أنھ خلقھمنھما وھو الطین، وفى بعضھا أنھ خلقھ من صلصال كالفخار،
وھو الطین الذى ضربتھ الشمس والریح حتى صار صلصاال كالفخار، ولم یخبر فى موضع واحد أنھ خلقھ من نار، بل جعل ذلك
. خاصیة إبلیس
عن النبى صلى اهللا علیھ )): صحیح مسلم((وثبت فى خلقت المالئكة من نور، وخلق الجان من مارج من : ((وسلم قال
)). نار، وخلق آدم مما وصف لكم
وھذا صریح فى أنھ خلق مما وصفھ اهللا فى كتابھ فقط، مادتھ شیئا من ولم یصف لنا سبحانھ أنھ خلقھ من نار، وال أن فى
النار
أن غایة ما یستدلون بھ ما یشاھدون من : الوجھ الخامس الحرارة فى أبدان الحیوان، وھى دلیل على األجزاء الناریة، وھذا
ال یدل، فإن أسباب الحرارة أعم من النار، فإنھا تكون عن النار خونة تارة، وعن الحركة أخرى، وعن انعكاس األشعة، وعن س
الھواء، وعن مجاورة النار، وذلك بواسطة سخونة الھواء أیضا، . وتكون عن أسباب أخر، فال یلزم من الحرارة النار
من المعلوم أن التراب والماء إذا اختلطا : قال أصحاب النار فال بد لھما من حرارة تقتضى طبخھما وامتزاجھما، وإال كان كل
ج لآلخر، وال متحدا بھ، وكذلك إذا ألقینا البذر فى منھما غیر ممازالطین بحیث ال یصل إلیھ الھواء وال الشمس فسد، فال یخلو، إما
أن یحصل فى المركب جسم منضج طابخ بالطبع أو ال، فإن حصل، فھو الجزء النارى، وإن لم یحصل، لم یكن المركب مسخنا بطبعھ،
عرضیا، فإذا زال التسخین العرضى، لم بل إن سخن كان التسخینیكن الشىء حارا فى طبعھ، وال فى كیفیتھ، وكان باردا مطلقا، لكن من األغذیة واألدویة ما یكون حارا بالطبع، فعلمنا أن حرارتھا إنما
. كانت، ألن فیھا جوھرا ناریا
یكون فلو لم یكن فى البدن جزء مسخن لوجب أن .. وأیضا فى نھایة البرد، ألن الطبیعة إذا كانت مقتضیة للبرد، وكانت خالیة عن المعاون والمعارض، وجب انتھاء البرد إلى أقصى الغایة، ولو
كان كذلك لما حصل لھا اإلحساس بالبرد، ألن البرد الواصل إلیھ إذا كان فى الغایة كان مثلھ، والشىء ال ینفعل عن مثلھ، وإذا لم
ل عنھ لم یحس بھ، وإذا لم یحس بھ لم یتألم عنھ، وإن كان ینفعدونھ فعدم االنفعال یكون أولى، فلو لم یكن فى البدن جزء مسخن
وأدلتكم إنما تبطل : قالوا. بالطبع لما انفعل عن البرد، وال تألم بھاألجزاء الناریة باقیة فى ھذه المركبات على حالھا، : قول من یقول
إن صورتھا : وطبیعتھا الناریة، ونحن ال نقول بذلك، بل نقول . النوعیة تفسد عند االمتزاج
...) یتبع)
إن األرض والماء : لم ال یجوز أن یقال: قال اآلخرون @والھواء إذا اختلطت، فالحرارة المنضجة الطابخة لھا ھى حرارة
عند كمال نضجھ مستعد الشمس وسائر الكواكب، ثم ذلك المركبلقبول الھیئة التركیبیة بواسطة السخونة نباتا كان أو حیوانا أو
معدنا، وما المانع أن تلك السخونة والحرارة التى فى المركبات ھى بسبب خواص وقوى یحدثھا اهللا تعالى عند ذلك االمتزاج ال من
اإلمكان ألبتة، أجزاء ناریة بالفعل ؟ وال سبیل لكم إلى إبطال ھذا وقد اعترف جماعة من فضالء األطباء بذلك
ھذا یدل على أن : وأما حدیث إحساس البدن بالبرد، فنقول فى البدن حرارة وتسخینا، ومن ینكر ذلك ؟ لكن ما الدلیل على
انحصار المسخن فى النار ؟ فإنھ وإن كان كل نار مسخنا، فإن ھذه . بعض المسخن نار: س كلیة بل عكسھا الصادقالقضیة ال تنعك
وأما قولكم بفساد صورة النار النوعیة، فأكثر األطباء على بقاء صورتھا النوعیة، والقول بفسادھا قول فاسد قد اعترف
، وبرھن ))الشفاء((بفساده أفضل متأخریكم، فى كتابھ المسمى بـ وباهللا .. لى طبائعھا فى المركباتعلى بقاء األركان أجمع ع
. التوفیق
فصول
فى عالج النبى صلى اهللا علیھ وسلم للمرضى باألدویة الطبیعیة ] ] وكان عالجھ صلى اهللا علیھ وسلم للمرض ثالثة أنواع
. باألدویة الطبیعیة: أحدھا
. باألدویة اإللھیة: والثانى
. ب من األمرینبالمرك: والثالث
ونحن نذكر األنواع الثالثة من ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم، فنبدأ بذكر األدویة الطبیعیة التى وصفھا واستعملھا، ثم نذكر
. األدویة اإللھیة، ثم المركبة
وھذا إنما نشیر إلیھ إشارة، فإن رسول اهللا صلى اهللا علیھ ھادیا، وداعیا إلى اهللا، وإلى جنتھ، ومعرفا باهللا، وسلم إنما بعث
ومبینا لألمة مواقع رضاه وآمرا لھم بھا، ومواقع سخطھ وناھیا لھم عنھا، ومخبرھم أخبار األنبیاء والرسل وأحوالھم مع أممھم، وأخبار تخلیق العالم، وأمر المبدأ والمعاد، وكیفیة شقاوة النفوس
. وسعادتھا، وأسباب ذلك
فجاء من تكمیل شریعتھ، ومقصودا .. وأما طب األبدان لغیره، بحیث إنما یستعمل عند الحاجة إلیھ، فإذا قدر على
االستغناء عنھ، كان صرف الھمم والقوى إلى عالج القلوب دھا واألرواح، وحفظ صحتھا، ودفع أسقامھا، وحمایتھا مما یفس
ھو المقصود بالقصد األول، وإصالح البدن بدون إصالح القلب ال ینفع، وفساد البدن مع إصالح القلب مضرتھ یسیرة جدا، وھى
أنھ ماء زمزم، واحتج أصحاب ھذا القول بما : والثانى ، عن أبى جمرة نصر بن عمران ))صحیحھ((رواه البخارى فى
: كنت أجالس ابن عباس بمكة، فأخذتنى الحمى فقال: الضبعى قال: بماء زمزم، فإن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال أبردھا عنك
بماء : ((أو قال)) إن الحمى من فیح جھنم، فأبردوھا بالماء((
وراوى ھذا قد شك فیھ، ولو جزم بھ لكان أمرا ألھل مكة )). زمزم . بماء زمزم، إذ ھو متیسر عندھم، ولغیرھم بما عندھم من الماء
إنھ على عمومھ، ھل المراد بھ الصدقة : ثم اختلف من قال والصحیح أنھ استعمال، وأظن . بالماء، أو استعمالھ ؟ على قولین
المراد الصدقة بھ أنھ أشكل علیھ استعمال : أن الذى حمل من قالالماء البارد فى الحمى ولم یفھم وجھھ مع أن لقولھ وجھا حسنا،
أن الجزاء من جنس العمل، فكما أخمد لھیب العطش عن وھوالظمآن بالماء البارد، أخمد اهللا لھیب الحمى عنھ جزاء وفاقا،
ولكن ھذا یؤخد من فقھ الحدیث وإشارتھ، وأما المراد بھ . فاستعمالھ
م إذا ح: ((وقد ذكر أبو نعیم وغیره من حدیث أنس یرفعھ )). أحدكم، فلیرش علیھ الماء البارد ثالث لیال من السحر
الحمى : ((عن أبى ھریرة یرفعھ)) سنن ابن ماجھ((وفى )). كیر من كیر جھنم، فنحوھا عنكم بالماء البارد
سن، عن سمرة وغیره، من حدیث الح)) المسند((وفى ، ))الحمى قطعة من النار، فأبردوھا عنكم بالماء البارد: ((یرفعھ
وكان رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم إذا حم دعا بقربة من ماء، . فأفرغھا على رأسھ فاغتسل
ذكرت الحمى : من حدیث أبى ھریرة قال)): السنن((وفى عند رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، فسبھا رجل، فقال رسول اهللا
ال تسبھا فإنھا تنفى الذنوب، كما تنفى : ((صلى اهللا علیھ وسلم )). النار خبث الحدید
ناول لما كانت الحمى یتبعھا حمیة عن األغذیة الردیئة، وت األغذیة واألدویة النافعة، وفى ذلك إعانة على تنقیة البدن، ونفى أخباثھ وفضولھ، وتصفیتھ من مواده الردیة، وتفعل فیھ كما تفعل
النار فى الحدید فى نفى خبثھ، وتصفیة جوھره، كانت أشبھ
األشیاء بنار الكیر التى تصفى جوھر الحدید، وھذا القدر ھو . علوم عند أطباء األبدانالم
وأما تصفیتھا القلب من وسخھ ودرنھ، وإخراجھا خبائثھ، فأمر یعلمھ أطباء القلوب، ویجدونھ كما أخبرھم بھ نبیھم رسول
اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، ولكن مرض القلب إذا صار مأیوسا من . برئھ، لم ینفع فیھ ھذا العالج
مى تنفع البدن والقلب، وما كان بھذه المثابة فسبھ فالح . ظلم وعدوان
: وذكرت مرة وأنا محموم قول بعض الشعراء یسبھا
زارت مكفرة الذنوب وودعت تبا لھا من زائــــر ومــودع
: لى ترحالھا مـاذا ترید ؟ فقلتقالت وقد عزمت ع أن ال ترجعى
تبا لھ إذ سب ما نھى رسول اهللا صلى اهللا علیھ : فقلت : ولو قال. وسلم عن سـبھ
أھال بھا من زائر : زارت مكفرة الذنـوب لصبھا ومـــودع
: قالت وقد عزمت على ترحالھا ماذا ترید ؟ فقلت أن ال تقلعى
. فأقلعت عنى سریعا. لكان أولى بھ، وألقلعت عنھ
حمى یوم كفارة سـنة :((وقد روى فى أثر ال أعرف حالھ أن الحمى تدخل فى كل األعضاء : الن؛ أحدھما، وفیھ قو))
أنھا تؤثر فى البدن تأثیرا ال یزول بالكلیة إلى : والثانى لم من شرب الخمر: ((سنة، كما قیل فى قولھ صلى اهللا علیھ وسلم
إن أثر الخمر یبقى فى جوف العبد، )): تقبل لھ صالة أربعین یوما . واهللا أعلم.. وعروقھ، وأعضائھ أربعین یوما
قال أبو ھریرة ما من مرض یصیبنى أحب إلى من الحمى، كل عضو ألنھا تدخل فى كل عضو منى، وإن اهللا سبحانھ یعطى
. حظھ من األجر
من حدیث رافع بن خدیج )) جامعھ((وقد روى الترمذى فى إذا أصابت أحدكم الحمى وإن الحمى قطعة من النار : ((یرفعھ
ة الماء فلیطفئھا بالماء البارد، ویستقبل نھرا جاریا، فلیستقبل جریبسم اهللا، اللھم اشف : بعد الفجر وقبل طلوع الشمس، ولیقل
وینغمس فیھ ثالث غمسات ثالثة أیام، فإن . عبدك، وصدق رسولكبرىء، وإال ففى خمس، فإن لم یبرأ فى خمس، فسبع، فإن لم یبرأ
)). تكاد تجاوز تسعا بإذن اهللافى سبع فتسع، فإنھا ال
وھو ینفع فعلھ فى فصل الصیف فى البالد الحارة : قلت على الشرائط التى تقدمت، فإن الماء فى ذلك الوقت أبرد ما یكون لبعده عن مالقاة الشمس، ووفور القوى فى ذلك الوقت لما أفادھا
تمع فیھ قوة القوى، وقوة النوم، والسكون، وبرد الھواء، فتجالدواء، وھو الماء البارد على حرارة الحمى العرضیة، أو الغب
الخالصة، أعنى التى ال ورم معھا، وال شىء من األعراض الردیئة والمواد الفاسدة، فیطفئھا بإذن اهللا، ال سیما فى أحد األیام
بحران األمراض المذكورة فى الحدیث، وھى األیام التى یقع فیھاالحادة كثیرا، سیما فى البالد المذكورة، لرقة أخالط سكانھا،
. وسرعة انفعالھم عن الدواء النافع
فصل
فى ھدیھ فى عالج استطالق البطن
من حدیث أبى المتوكل، عن أبى سعید )): الصحیحین((فى إن أخى : اهللا علیھ وسلم، فقال أن رجال أتى النبى صلى((الخدرى،
، ))اسقھ عسال: (( استطلق بطنھ فقال: یشتكى بطنھ وفى روایةفلم : قد سقیتھ، فلم یغن عنھ شیئا وفى لفظ: فذھب ثم رجع، فقال
اسقھ : ((یزده إال استطالقا، مرتین أو ثالثا كل ذلك یقول لھصدق اهللا، وكذب بطن : ((الثة أو الرابعةفقال لھ فى الث)). عسال )). أخیك
إن أخى عرب : ((فى لفظ لھ)) صحیح مسلم((وفى بفتح )) العرب: ((، أى فسد ھضمھ، واعتلت معدتھ، واالسم))بطنھ
ع وھو غذاء مع األغذیة، ودواء مع األدویة، وشراب م األشربة، وحلو مع الحلوى، وطالء مع األطلیة، ومفرح مع
المفرحات، فما خلق لنا شىء فى معناه أفضل منھ، وال مثلھ، وال قریبا منھ، ولم یكن معول القدماء إال علیھ، وأكثر كتب القدماء ال ذكر فیھا للسكر ألبتة، وال یعرفونھ، فإنھ حدیث العھد حدث قریبا،وكان النبى صلى اهللا علیھ وسلم یشربھ بالماء على الریق، وفى
ذلك سر بدیع فى حفظ الصحة ال یدركھ إال الفطن الفاضل، وسنذكر . ذلك إن شاء اهللا عند ذكر ھدیھ فى حفظ الصحة
: مرفوعا من حدیث أبى ھریرة)) سنن ابن ماجھ((وفى غدوات كل شھر، لم یصبھ عظیم من من لعق العسل ثالث ((
، ))العسل والقرآن: علیكم بالشفاءین: ((، وفى أثر آخر))البالءفجمع بین الطب البشرى واإللھى، وبین طب األبدان، وطب
. األرواح، وبین الدواء األرضى والدواء السمائى
ى وصف لھ النبى صلى اهللا علیھ إذا عرف ھذا، فھذا الذ وسلم العسل، كان استطالق بطنھ عن تخمة أصابتھ عن امتالء،
فأمره بشرب العسل لدفع الفضول المجتمعة فى نواحى المعدة واألمعاء، فإن العسل فیھ جالء، ودفع للفضول، وكان قد أصاب
اء فیھا للزوجتھا، فإن المعدة أخالط لزجة، تمنع استقرار الغذالمعدة لھا خمل كخمل القطیفة، فإذا علقت بھا األخالط اللزجة، أفسدتھا وأفسدت الغذاء، فدواؤھا بما یجلوھا من تلك األخالط،
والعسل جالء، والعسل من أحسن ما عولج بھ ھذا الداء، ال سیما . إن مزج بالماء الحار
سقیھ العسل معنى طبى بدیع، وھو أن الدواء وفى تكرار یجب أن یكون لھ مقدار، وكمیة بحسب حال الداء، إن قصر عنھ،
لم یزلھ بالكلیة، وإن جاوزه، أوھى القوى، فأحدث ضررا آخر، فلما أمره أن یسقیھ العسل، سقاه مقدارا ال یفى بمقاومة الداء، وال
ن الذى سقاه ال یبلغ مقدار الحاجة، یبلغ الغرض، فلما أخبره، علم أفلما تكرر ترداده إلى النبى صلى اهللا علیھ وسلم، أكد علیھ
المعاودة لیصل إلى المقدار المقاوم للداء، فلما تكررت الشربات بحسب مادة الداء، برأ، بإذن اهللا، واعتبار مقادیر األدویة،
. ن أكبر قواعد الطبوكیفیاتھا، ومقدار قوة المرض والمریض م
صدق اهللا وكذب بطن : ((وفى قولھ صلى اهللا علیھ وسلم ، إشارة إلى تحقیق نفع ھذا الدواء، وأن بقاء الداء لیس ))أخیك
لقصور الدواء فى نفسھ، ولكن لكذب البطن، وكثرة المادة الفاسدة . فیھ، فأمره بتكرار الدواء لكثرة المادة
ولیس طبھ صلى اهللا علیھ وسلم كطب األطباء، فإن @طب النبى صلى اهللا علیھ وسلم متیقن قطعى إلھى، صادر عن
وطب غیره أكثره حدس . الوحى، ومشكاة النبوة، وكمال العقلوظنون، وتجارب، وال ینكر عدم انتفاع كثیر من المرضى بطب
إنما ینتفع بھ من تلقاه بالقبول، واعتقاد الشفاء بھ، النبوة، فإنھوكمال التلقى لھ باإلیمان واإلذعان، فھذا القرآن الذى ھو شفاء لما فى الصدور إن لم یتلق ھذا التلقى لم یحصل بھ شفاء الصدور من أدوائھا، بل ال یزید المنافقین إال رجسا إلى رجسھم، ومرضا إلى
وأین یقع طب األبدان منھ، فطب النبوة ال یناسب إال مرضھم، األبدان الطیبة، كما أن شفاء القرآن ال یناسب إال األرواح الطیبة والقلوب الحیة، فإعراض الناس عن طب النبوة كإعراضھم عن
االستشفاء بالقرآن الذى ھو الشفاء النافع، ولیس ذلك لقصور فى واهللا .. ث الطبیعة، وفساد المحل، وعدم قبولھالدواء، ولكن لخب
. الموفق
فصل
یخرج من بطونھا {: وقد اختلف الناس فى قولھ تعالى ، ھل الضمیر ]69: النحل [} شراب مختلف ألوانھ فیھ شفاء للناس
على قولین؛ راجع إلى الشراب، أو راجع إلى القرآن ؟)) فیھ((فى رجوعھ إلى الشراب، وھو قول ابن مسعود، وابن : الصحیح
عباس، والحسن، وقتادة، واألكثرین، فإنھ ھو المذكور، والكالم سیق ألجلھ، وال ذكر للقرآن فى اآلیة، وھذا الحدیث الصحیح وھو
. واهللا تعالى أعلم.. كالصریح فیھ)) صدق اهللا: ((قولھ
فصل
لطاعون، وعالجھ، واالحتراز منھ في ھدیھ في ا
عن عامر بن سعد بن أبى وقاص، عن )) الصحیحین((فى ماذا سمعت من رسول اهللا : أبیھ، أنھ سمعھ یسأل أسامة بن زید
قال رسول اهللا : صلى اهللا علیھ وسلم فى الطاعون؟ فقال أسامةز أرسل على طائفة من بنى الطاعون رج: ((صلى اهللا علیھ وسلم
إسرائیل، وعلى من كان قبلكم، فإذا سمعتم بھ بأرض، فال تدخلوا )). علیھ، وإذا وقع بأرض وأنتم بھا، فال تخرجوا منھا فرارا منھ
: عن حفصة بنت سیرین، قالت: أیضا)) الصحیحین((وفى : قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: ابن مالك قال أنس
)). الطاعون شھادة لكل مسلم((
نوع من الوباء، قالھ صاحب : الطاعون من حیث اللغة ورم ردئ قتال یخرج معھ : ، وھو عند أھل الطب))الصحاح((
ھ فى تلھب شدید مؤلم جدا یتجاوز المقدار فى ذلك، ویصیر ما حول. األكثر أسود أو أخضر، أو أكمد، ویؤول أمره إلى التقرح سریعا
فى اإلبط، وخلف األذن، : وفى األكثر، یحدث فى ثالثة مواضع . واألرنبة، وفى اللحوم الرخوة
أنھا قالت للنبى صلى اهللا علیھ : وفى أثر عن عائشة دة كغدة البعیر غ: ((الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال: وسلم
)). یخرج فى المراق واإلبط
إذا وقع الخراج فى اللحوم الرخوة، والمغابن، : قال األطباء وخلف األذن واألرنبة، وكان من جنس فاسد، سمى طاعونا،
وسببھ دم ردئ مائل إلى العفونة والفساد، مستحیل إلى جوھر سد العضو ویغیر ما یلیھ، وربما رشح دما وصدیدا، سمى، یف
ویؤدى إلى القلب كیفیة ردیئة، فیحدث القىء والخفقان والغشى، وھذا االسم وإن كان یعم كل ورم یؤدى إلى القلب كیفیة ردیئة حتى
یصیر لذلك قتاال، فإنھ یختص بھ الحادث فى اللحم الغددى، ألنھ داءتھ ال یقبلھ من األعضاء إال ما كان أضعف بالطبع، وأردؤه ما لر
حدث فى اإلبط وخلف األذن لقربھما من األعضاء التى ھى أرأس، . والذى إلى السواد، فال یفلت منھ أحد. وأسلمھ األحمر، ثم األصفر
ولما كان الطاعون یكثر فى الوباء، وفى البالد الوبیئة، ھو كل : وقیل. الطاعون: الوباء: ھ بالوباء، كما قال الخلیلعبر عن
. مرض یعم
والتحقیق أن بین الوباء والطاعون عموما وخصوصا، فكل طاعون وباء، ولیس كل وباء طاعونا، وكذلك األمراض العامة أعم
من الطاعون، فإنھ واحد منھا، والطواعین خراجات وقروح . رام ردیئة حادثة فى المواضع المتقدم ذكرھاوأو
ھذه القروح، واألورام، والجراحات، ھى آثار : قلت الطاعون، ولیست نفسھ، ولكن األطباء لما لم تدرك منھ إال األثر
. الظاھر، جعلوه نفس الطاعون
: والطاعون یعبر بھ عن ثالثة أمور
. ھذا األثر الظاھر، وھو الذى ذكره األطباء: دھاأح
الموت الحادث عنھ، وھو المراد بالحدیث : والثانى )). الطاعون شھادة لكل مسلم: ((الصحیح فى قولھ
السبب الفاعل لھذا الداء، وقد ورد فى الحدیث : والثالث : ، وورد فیھ))نى إسرائیلأنھ بقیة رجز أرسل على ب: ((الصحیح
)). أنھ دعوة نبى: ((، وجاء))أنھ وخز الجن((
وھذه العلل واألسباب لیس عند األطباء ما یدفعھا، كما لیس عندھم ما یدل علیھا، والرسل تخبر باألمور الغائبة، وھذه
ن تكون اآلثار التى أدركوھا من أمر الطاعون لیس معھم ما ینفى أبتوسط األرواح، فإن تأثیر األرواح فى الطبیعة وأمراضھا وھالكھا أمر ال ینكره إال من ھو أجھل الناس باألرواح وتأثیراتھا، وانفعال
األجسام وطبائعھا عنھا، واهللا سبحانھ قد یجعل لھذه األرواح تصرفا فى أجسام بنى آدم عند حدوث الوباء، وفساد الھواء، كما
یجعل لھا تصرفا عند بعض المواد الردیئة التى تحدث للنفوس ھیئة ردیئة، وال سیما عند ھیجان الدم، والمرة السوداء، وعند ھیجان المنى، فإن األرواح الشیطانیة تتمكن من فعلھا بصاحب
ھذه العوارض ما ال تتمكن من غیره، ما لم یدفعھا دافع أقوى من ن الذكر، والدعاء، واالبتھال والتضرع، والصدقة، ھذه األسباب م
وقراءة القرآن، فإنھ یستنزل بذلك من األرواح الملكیة ما یقھر ھذه وقد جربنا نحن . األرواح الخبیثة، ویبطل شرھا ویدفع تأثیرھا
وسنزید ھذا المعنى إن شاء اهللا تعالى إیضاحا وبیانا عند دعوات، الكالم على التداوى بالرقى، والعوذ النبویة، واألذكار، وال
وفعل الخیرات، ونبین أن نسبة طب األطباء إلى ھذا الطب النبوى، كنسبة طب الطرقیة والعجائز إلى طبھم، كما اعترف بھ حذاقھم
وأئمتھم، ونبین أن الطبیعة اإلنسانیة أشد شىء انفعاال عن األرواح، وأن قوى العوذ، والرقى، والدعوات، فوق قوى األدویة،
. ى إنھا تبطل قوى السموم القاتلةحت
أن فساد الھواء جزء من أجزاء السبب التام، : والمقصود والعلة الفاعلة للطاعون، فإن فساد جوھر الھواء الموجب لحدوث الوباء وفساده، یكون الستحالة جوھره إلى الرداءة، لغلبة إحدى
نتن، والسمیة فى أى وقت الكیفیات الردیئة علیھ، كالعفونة، والكان من أوقات السنة، وإن كان أكثر حدوثھ فى أواخر الصیف،
وفى الخریف غالبا لكثرة اجتماع الفضالت المراریة الحادة وغیرھا فى فصل الصیف، وعدم تحللھا فى آخره، وفى الخریف لبرد الجو، وردغة األبخرة والفضالت التى كانت تتحلل فى زمن
العاھة عن إذا طلع النجم ارتفعت: ((وقد روى فى حدیث وفسر بطلوع الثریا، وفسر بطلوع النبات زمن الربیع، )). كل بلد، فإن كمال ]6: الرحمن [} والنجم والشجر یسجدان{: ومنھ
طلوعھ وتمامھ یكون فى فصل الربیع، وھو الفصل الذى ترتفع فیھ . اآلفات
تكثر وقت طلوعھا مع الفجر وأما الثریا، فاألمراض . وسقوطھا
أشد أوقات السنة )): مادة البقاء((قال التمیمى فى كتاب وقت سقوط : فسادا، وأعظمھا بلیة على األجساد وقتان، أحدھما
وقت طلوعھا من : والثانى. الثریا للمغیب عند طلوع الفجرنزلة من منازل القمر، المشرق قبل طلوع الشمس على العالم، بم
وھو وقت تصرم فصل الربیع وانقضائھ، غیر أن الفساد الكائن . عند طلوعھا أقل ضررا من الفساد الكائن عند سقوطھا
ما طلعت الثریا وال نأت إال : یقال: وقال أبو محمد بن قتیبة . بعاھة فى الناس واإلبل، وغروبھا أعوه من طلوعھا
وفى الحدیث قول ثالث ولعلھ أولى األقوال بھ أن المراد اآلفة التى تلحق الزروع والثمار فى : الثریا، وبالعاھة: بالنجم
فصل الشتاء وصدر فصل الربیع، فحصل األمن علیھا عند طلوع الثریا فى الوقت المذكور، ولذلك نھى صلى اهللا علیھ وسلم عن
الكالم على : والمقصود. مرة وشرائھا قبل أن یبدو صالحھابیع الث . ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم عند وقوع الطاعون
فصل
نھى النبى صلى اهللا علیھ وسلم عن الدخول إلى األرض التى ھو بھا أو الخروج منھا
وقد جمع النبى صلى اهللا علیھ وسلم لألمة فى نھیھ عن األرض التى ھو بھا، ونھیھ عن الخروج منھا بعد الدخول إلى
وقوعھ كمال التحرز منھ، فإن فى الدخول فى األرض التى ھو بھا تعرضا للبالء، وموافاة لھ فى محل سلطانھ، وإعانة لإلنسان على نفسھ، وھذا مخالف للشرع والعقل، بل تجنب الدخول إلى أرضھ
سبحانھ إلیھا، وھى حمیة عن من باب الحمیة التى أرشد اهللا . األمكنة، واألھویة المؤذیة
: وأما نھیھ عن الخروج من بلده، ففیھ معنیان
حمل النفوس على الثقة باهللا، والتوكل علیھ، : أحدھما . والصبر على أقضیتھ، والرضى بھا
محترز من أنھ یجب على كل: ما قالھ أئمة الطب: والثانى الوباء أن یخرج عن بدنھ الرطوبات الفضلیة، ویقلل الغذاء، ویمیل إلى التدبیر المجفف من كل وجھ إال الریاضة والحمام، فإنھما مما
یجب أن یحذرا، ألن البدن ال یخلو غالبا من فضل ردىء كامن فیھ، وذلك یجلب . فتثیره الریاضة والحمام، ویخلطانھ بالكیموس الجید
علة عظیمة، بل یجب عند وقوع الطاعون السكون والدعة، وتسكین ھیجان األخالط، وال یمكن الخروج من أرض الوباء
والسفر منھا إال بحركة شدیدة، وھى مضرة جدا، ھذا كالم أفضل األطباء المتأخرین، فظھر المعنى الطبى من الحدیث النبوى، وما
. البدن وصالحھمافیھ من عالج القلب و
ال : ((ففى قول النبى صلى اهللا علیھ وسلم: فإن قیل ، ما یبطل أن یكون أراد ھذا المعنى الذى ))تخرجوا فرارا منھ
ذكرتموه، وأنھ ال یمنع الخروج لعارض، وال یحبس مسافرا عن سفره ؟
س یتركون لم یقل أحد طبیب وال غیره إن النا: قیل حركاتھم عند الطواعین، ویصیرون بمنزلة الجمادات، وإنما ینبغى فیھ التقلل من الحركة بحسب اإلمكان، والفار منھ ال موجب لحركتھ إال مجرد الفرار منھ، ودعتھ وسكونھ أنفع لقلبھ وبدنھ، وأقرب إلى
غنى عن وأما من ال یست. توكلھ على اهللا تعالى، واستسالمھ لقضائھالحركة كالصـناع، واألجراء، والمسافرین، والبرد، وغیرھم فال
اتركوا حركاتكم جملة، وإن أمروا أن یتركوا منھا ما ال : یقال لھم . واهللا تعالى أعلم.. حاجة لھم إلیھ، كحركة المسافر فارا منھ
ة وفى المنع من الدخول إلى األرض التى قد وقع بھا عد : حكم
. تجنب األسباب المؤذیة، والبعد منھا: أحدھا
. األخذ بالعافیة التى ھى مادة المعاش والمعاد: الثانى
أن ال یستنشقوا الھواء الذى قد عفن وفسد : الثالث . فیمرضون
ضوا بذلك، أن ال یجاوروا المرضى الذین قد مر: الرابع . فیحصل لھم بمجاورتھم من جنس أمراضھم
)). إن من القرف التلف: ((مرفوعا)) سنن أبى داود((وفى
. القرف مداناة الوباء، ومداناة المرضى: قال ابن قتیبة
حمیة النفوس عن الطیرة والعدوى، فإنھا تتأثر : الخامس . الطیرة على من تطیر بھا بھما، فإن
وبالجملة ففى النھى عن الدخول فى أرضھ األمر بالحذر وفى النھى عن . والحمیة، والنھى عن التعرض ألسباب التلف
أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام، حتى إذا )):الصحیح((وفى كان بسرغ لقیھ أبو عبیدة بن الجراح وأصحابھ، فأخبروه أن
ادع لى : الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا، فقال البن عباسفدعوتھم، فاستشارھم، وأخبرھم أن : المھاجرین األولین، قال
خرجت ألمر، فال : وا، فقال لھ بعضھمفاختلف. الوباء قد وقع بالشاممعك بقیة الناس، وأصحاب : وقال آخرون. نرى أن ترجع عنھ
رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، فال نرى أن تقدمھم على ھذا ادع لى األنصار، : ارتفعوا عنى، ثم قال: الوباء، فقال عمر
لمھاجرین، واختلفوا فدعوتھم لھ، فاستشارھم، فسلكوا سبیل اادع لى من ھھنا من : ارتفعوا عنى، ثم قال: كاختالفھم، فقال
مشیخة قریش من مھاجرة الفتح، فدعوتھم لھ، فلم یختلف علیھ
نرى أن ترجع بالناس وال تقدمھم على ھذا : منھم رجالن، قالواھر، فأصبحوا إنى مصبح على ظ: الوباء، فأذن عمر فى الناس
یا أمیر المؤمنین؛ أفرارا من قدر : فقال أبو عبیدة بن الجراح. علیھلو غیرك قالھا یا أبا عبیدة، نعم نفر من قدر اهللا : اهللا تعالى ؟ قال
تعالى إلى قدر اهللا تعالى، أرأیت لو كان لك إبل فھبطت وادیا لھ ما خصبة، واألخرى جدبة، ألست إن رعیتھا عدوتان، إحداھ
الخصبة رعیتھا بقدر اهللا تعالى، وإن رعیتھا الجدبة رعیتھا بقدر فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغیبا فى : قال. اهللا تعالى ؟
إن عندى فى ھذا علما، سمعت رسول اهللا : بعض حاجاتھ، فقالإذا كان بأرض وأنتم بھا فال تخرجوا : ((لصلى اهللا علیھ وسلم یقو
)). فرارا منھ، وإذا سمعتم بھ بأرض فال تقدموا علیھ
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى داء االستسقاء وعالجھ
: من حدیث أنس بن مالك، قال)): الصحیحین((فى
وعكل على النبى صلى اهللا علیھ وسلم، قدم رھط من عرینة ))فاجتووا المدینة، فشكوا ذلك إلى النبى صلى اهللا علیھ وسلم، فقال
لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من أبوالھا وألبانھا، ففعلوا، فلما صحوا، عمدوا إلى الرعاة فقتلوھم، واستاقوا اإلبل، وحاربوا
فبعث رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم فى آثارھم، اهللا ورسولھ،فأخذوا، فقطع أیدیھم، وأرجلھم، وسمل أعینھم، وألقاھم فى
)). الشمس حتى ماتوا
والدلیل على أن ھذا المرض كان االستسقاء، ما رواه إنا اجتوینا: ((فى ھذا الحدیث أنھم قالوا)) صحیحھ((مسلم فى
وذكر تمام )).... المدینة، فعظمت بطوننا، وارتھشت أعضاؤنا . الحدیث
مرض مادى : داء من أدواء الجوف واالستسقاء: والجوى سببھ مادة غریبة باردة تتخلل األعضاء فتربو لھا إما األعضاء
الظاھرة كلھا، وإما المواضع الخالیة من النواحى التى فیھا تدبیر لحمى وھو أصعبھا وزقى، : األخالط، وأقسامھ ثالثةالغذاء و
. وطبلى
ولما كانت األدویة المحتاج إلیھا فى عالجھ ھى األدویة الجالبة التى فیھا إطالق معتدل، وإدرار بحسب الحاجة وھذه
األمور موجودة فى أبوال اإلبل وألبانھا، أمرھم النبى صلى اهللا شربھا، فإن فى لبن اللقاح جالء وتلیینا، وإدرارا علیھ وسلم ب
وتلطیفا، وتفتیحا للسدد، إذ كان أكثر رعیھا الشیح، والقیصوم، والبابونج، واألقحوان، واإلذخر، وغیر ذلك من األدویة النافعة
. لالستسقاء
وھذا المرض ال یكون إال مع آفة فى الكبد خاصة، أو مع شاركة، وأكثرھا عن السدد فیھا، ولبن اللقاح العربیة نافع من م
. السدد، لما فیھ من التفتیح، والمنافع المذكورة
. لبن اللقاح یشفى أوجاع الكبد، وفساد المزاج: قال الرازى لبن اللقاح أرق األلبان، وأكثرھا مائیة وحدة، : وقال اإلسرائیلى
فلذلك صار أقواھا على تلطیف الفضول، وإطالق . أقلھا غذاءوالبطن، وتفتیح السدد، ویدل على ذلك ملوحتھ الیسیرة التى فیھ
إلفراط حرارة حیوانیة بالطبع، ولذلك صار أخص األلبان بتطریة الكبد، وتفتیح سددھا، وتحلیل صالبة الطحال إذا كان حدیثا، والنفع
ء خاصة إذا استعمل لحرارتھ التى یخرج بھا من من االستسقاالضرع مع بول الفصیل، وھو حار كما یخرج من الحیوان، فإن
ذلك مما یزید فى ملوحتھ، وتقطیعھ الفضول، وإطالقھ البطن فإن . تعذر انحداره وإطالقھ البطن، وجب أن یطلق بدواء مسھل
من أن طبیعة : ت إلى ما یقالوال یلتف: قال صاحب القانون واعلم أن لبن النوق دواء نافع : قال. اللبن مضادة لعالج االستسقاء
لما فیھ من الجالء برفق، وما فیھ من خاصیة، وأن ھذا اللبن شدید المنفعة، فلو أن إنسانا أقام علیھ بدل الماء والطعام شفى بھ، وقد
عوا إلى بالد العرب، فقادتھم الضرورة إلى جرب ذلك فى قوم دف.. بول الجمل األعرابى، وھو النجیب: وأنفع األبوال. ذلك، فعوفوا
. انتھى
دلیل على التداوى والتطبب، وعلى طھارة : وفى القصة بول مأكول اللحم، فإن التداوى بالمحرمات غیر جائز، ولم یؤمروا
سالم بغسل أفواھھم، وما أصابتھ ثیابھم من مع قرب عھدھم باإل . أبوالھا للصالة، وتأخیر البیان ال یجوز عن وقت الحاجة
وعلى مقاتلة الجانى بمثل ما فعل، فإن ھؤالء قتلوا )). صحیح مسلم((الراعى، وسملوا عینیھ، ثبت ذلك فى
. وعلى قتل الجماعة، وأخذ أطرافھم بالواحد
وعلى أنھ إذا اجتمع فى حق الجانى حد وقصاص استوفیا معا، فإن النبى صلى اهللا علیھ وسلم قطع أیدیھم وأرجلھم حدا هللا
. على حرابھم، وقتلھم لقتلھم الراعى
وعلى أن المحارب إذا أخذ المال، وقتل، قطعت یده ورجلھ . فى مقام واحد وقتل
وعلى أن الجنایات إذا تعددت، تغلظت عقوباتھا، فإن ھؤالء ارتدوا بعد إسالمھم، وقتلوا النفس، ومثلوا بالمقتول،
. وأخذوا المال، وجاھروا بالمحاربة
وعلى أن حكم ردء المحاربین حكم مباشرھم، فإنھ من ر القتل بنفسھ، وال سأل النبى المعلوم أن كل واحد منھم لم یباش
. صلى اهللا علیھ وسلم عن ذلك
وعلى أن قتل الغیلة یوجب قتل القاتل حدا، فال یسقطھ العفو، وال تعتبر فیھ المكافأة، وھذا مذھب أھل المدینة، وأحد
. الوجھین فى مذھب أحمد، اختاره شیخنا، وأفتى بھ
فصل
ھ وسلم فى عالج الجرح فى ھدیھ صلى اهللا علی
عن أبى حازم، أنھ سمع سھل بن سعد )) الصحیحین((فى . یسأل عما دووى بھ جرح رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یوم أحد
جرح وجھھ، وكسرت رباعیتھ، وھشمت البیضة على : ((فقالى اهللا علیھ وسلم تغسل رأسھ، وكانت فاطمة بنت رسول اهللا صل
الدم، وكان على بن أبى طالب یسكب علیھا بالمجن، فلما رأت فاطمة الدم ال یزید إال كثرة، أخذت قطعة حصیر، فأحرقتھا حتى إذا
صارت رمادا ألصقتھ بالجرح فاستمسك الدم، برماد الحصیر فى حبس الدم، ألن فیھ ، ولھ فعل قوى))المعمول من البردى
تجفیفا قویا، وقلة لذع، فإن األدویة القویة التجفیف إذا كان فیھا لذع ھیجت الدم وجلبتھ، وھذا الرماد إذا نفخ وحده، أو مع الخل
. فى أنف الراعف قطع رعافھ
. ھالبردى ینفع من النزف، ویمنع: وقال صاحب القانون ویذر على الجراحات الطریة، فیدملھا، والقرطاس المصرى كان قدیما یعمل منھ، ومزاجھ باردیابس، ورماده نافع من أكلة الفم،
. ویحبس نفث الدم، ویمنع القروح الخبیثة أن تسعى
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى العالج بشرب العسل، والحجامة، ى والك
عن سعید بن جبیر، عن ابن )): صحیح البخارى((فى : الشفاء فى ثالث: ((عباس، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم، قال
قال : للدارقطنى، من حدیث نافع قال)) األفراد((وفى كتاب تبیغ بى الدم، فابغ لى حجاما؛ وال یكن : ((اهللا ابن عمرلى عبد
صبیا وال شیخا كبیرا، فإنى سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم الحجامة تزید الحافظ حفظا، والعاقل عقال، فاحتجموا على : ((یقول
معة، والسبت، واألحد، اسم اهللا تعالى، وال تحتجموا الخمیس، والجواحتجموا االثنین، وما كان من جذام وال برص، إال نزل یوم
تفرد بھ زیاد بن یحیى، وقد رواه أیوب : قال الدارقطنى)). األربعاءواحتجمــوا یوم االثنین والثالثاء، وال : ((عن نافع، وقال فیھ
)). یوم األربعاء تحتجموا
من حدیث أبى بكرة، أنھ )) سننھ((وقد روى أبو داود فى إن رسول اهللا صلى اهللا : كان یكره الحجامة یوم الثالثاء، وقال
یوم الثالثاء یوم الدم وفیھ ساعة ال یرقأ فیھا : ((علیھ وسلم، قال )). الدم
فصل
ضمن ھذه األحادیث المتقدمة استحباب التداوى، وفى واستحباب الحجامة، وأنھا تكون فى الموضع الذى یقتضیھ الحال؛
وإن آل إلى قطع شىء من الشعر، فإن ذلك : وجواز احتجام المحرموفى وجوب الفدیة علیھ نظر، وال یقوى الوجوب، وجواز . جائز
أن رسول اهللا صلى )) صحیح البخارى((فى احتجام الصائم، فإن
ھل یفطر بذلك، أم ال : ، ولكن))احتجم وھو صائم((اهللا علیھ وسلم الفطر بالحجامة، لصحتھ عن رسول اهللا : ؟ مسألة أخرى، الصواب
صلى اهللا علیھ وسلم من غیر معارض، وأصح ما یعارض بھ ن ال یدل على عدم الفطر إال بعد حدیث حجامتھ وھو صائم، ولك
. أنھ كان مقیما: الثانى. أن الصوم كان فرضا: أحدھا. أربعة أمورأن : الرابع. أنھ لم یكن بھ مرض احتاج معھ إلى الحجامة: الثالث
)). أفطر الحاجم والمحجوم: ((ھذا الحدیث متأخر عن قولھ
دمات األربع، أمكن االستدالل بفعلھ فإذا ثبتت ھذه المق صلى اهللا علیھ وسلم على بقاء الصوم مع الحجامة، وإال فما
المانع أن یكون الصوم نفال یجوز الخروج منھ بالحجامة وغیرھا، أو من رمضان لكنھ فى السفر، أو من رمضان فى الحضر، لكن
ن بھ مرض إلى الفطر، أو دعت الحاجة إلیھا كما تدعو حاجة میكون فرضا من رمضان فى الحضر من غیر حاجة إلیھا، لكنھ
، ناقل ))أفطر الحاجم والمحجوم: ((وقولھ. مبقى على األصلفیتعین المصیر إلیھ، وال سبیل إلى إثبات واحدة من ھذه . ومتأخر
. المقدمات األربع؛ فكیف بإثباتھا كلھا
دلیل على استئجار الطبیب وغیره من غیر عقد : وفیھا . إجارة، بل یعطیھ أجرة المثل، أو ما یرضیھ
دلیل على جواز التكسب بصناعة الحجامة، وإن : وفیھا كان ال یطیب للحر أكل أجرتھ من غیر تحریم علیھ، فإن النبى صلى
جره، ولم یمنعھ من أكلھ، وتسمیتھ إیاه اهللا علیھ وسلم أعطاه أ . خبیثا كتسمیتھ للثوم والبصل خبیثین، ولم یلزم من ذلك تحریمھما
دلیل على جواز ضرب الرجل الخراج على عبده كل : وفیھا یوم شیئا معلوما بقدر طاقتھ، وأن للعبد أن یتصرف فیما زاد على
ع من التصرف، لكان كسبھ كلھ خراجا ولم یكن خراجھ، ولو منلتقدیره فائدة، بل ما زاد على خراجھ، فھو تملیك من سیده لھ
. واهللا أعلم.. یتصرف فیھ كما أراد
فصل
في ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم في قطع العروق والكي
النبى من حدیث جابر بن عبد اهللا، أن )) الصحیح((ثبت فى صلى اهللا علیھ وسلم بعث إلى أبى بن كعب طبیبا، فقطع لھ عرقا
. وكواه علیھ
ولما رمى سعد بن معاذ فى أكحلھ حسمھ النبى صلى اهللا . الكى: ھو)) الحسم((و. علیھ وسلم، ثم ورمت، فحسمھ الثانیة
أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم كوى سعد : وفى طریق آخر بن معاذ فى أكحلھ بمشقص، ثم حسمھ سعد بن معاذ أو غیره من
. أصحابھ
أن رجال من األنصار رمى فى أكحلھ : وفى لفظ آخر . بمشقص، فأمر النبى صلى اهللا علیھ وسلم بھ فكوى
...) یتبع)
وقد أتى النبى صلى اهللا علیھ وسلم : وقال أبو عبید @: قال أبو عبیدة)). اكووه وارضفوه: ((برجل نعت لھ الكى، فقال
. الحجارة تسخن، ثم یكمد بھا: الرضف
حدثنا سفیان، عن أبى الزبیر، عن : وقال الفضل بن دكین . ن النبى صلى اهللا علیھ وسلم كواه فى أكحلھأ: جابر
من حدیث أنس، أنھ كوى من )) صحیح البخارى((وفى . ذات الجنب والنبى صلى اهللا علیھ وسلم حى
وفى الترمذى، عن أنس، أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم
)). ن الشوكةكوى أسعد بن زرارة م))
وما أحب أن : ((وقد تقدم الحدیث المتفق علیھ وفیھ
)). وأنا أنھى أمتى عن الكى: ((، وفى لفظ آخر))أكتوى
وغیره عن عمران بن حصین، أن )) جامع الترمذى((وفى فابتلینا فاكتوینا فما : قال النبى صلى اهللا علیھ وسلم نھى عن الكى
فما أفلحن وال : نھینا عن الكى وقال: وفى لفظ. أفلحنا، وال أنجحنا . أنجحن
إنما كوى سعدا لیرقأ الدم من جرحھ، وخاف : قال الخطابى وى من والكى مستعمل فى ھذا الباب، كما یك. علیھ أن ینزف فیھلك
. تقطع یده أو رجلھ
وأما النھى عن الكى، فھو أن یكتوى طلبا للشفاء، وكانوا . یعتقدون أنھ متى لم یكتو، ھلك، فنھاھم عنھ ألجل ھذه النیة
إنما نھى عنھ عمران بن حصین خاصة، ألنھ كان : وقیل ، فنھاه عن كیھ، فیشبھ أن یكون بھ ناصور، وكان موضعھ خطرا
. واهللا أعلم.. النھى منصرفا إلى الموضع المخوف منھ
كى الصحیح لئال یعتل، فھذا : الكى جنسان: وقال ابن قتیبة ، ألنھ یرید أن یدفع القدر ))لم یتوكل من اكتوى: ((الذى قیل فیھ
. عن نفسھ
كى الجرح إذا نغل، والعضو إذا قطع، ففى ھذا : نىوالثا . الشفاء
وأما إذا كان الكى للتداوى الذى یجوز أن ینجع، ویجوز أن . انتھى.. ال ینجع، فإنھ إلى الكراھة أقرب
فى حدیث السبعین ألفا الذین )) الصحیح((وثبت فى الذین ال یسترقون، وال یكتوون، ((أنھم یدخلون الجنة بغیر حساب
)). وال یتطیرون، وعلى ربھم یتوكلون
فعلھ، : فقد تضمنت أحادیث الكى أربعة أنواع، أحدھا : الثناء على من تركھ، والرابع: عدم محبتھ لھ، والثالث: والثانى
اهللا تعالى، فإن فعلھ یدل على النھى عنھ، وال تعارض بینھا بحمد وأما الثناء على . جوازه، وعدم محبتھ لھ ال یدل على المنع منھ
وأما النھى عنھ، فعلى . تاركھ، فیدل على أن تركھ أولى وأفضلسبیل االختیار والكراھة، أو عن النوع الذى ال یحتاج إلیھ، بل یفعل
. هللا أعلموا.. خوفا من حدوث الداء
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج الصرع
من حدیث عطاء بن أبى رباح، )) الصحیحین((أخرجا فى . بلى: أال أریك امرأة من أھل الجنة ؟ قلت: قال ابن عباس: قال: ى اهللا علیھ وسلم فقالتھذه المرأة السوداء، أتت النبى صل: قال
إن شئت صبرت : ((إنى أصرع، وإنى أتكشف؛ فادع اهللا لى، فقال. أصبر: ، فقالت))ولك الجنة؛ وإن شئت دعوت اهللا لك أن یعافیك
. فإنى أتكشف، فادع اهللا أن ال أتكشف، فدعا لھا: قالت
صرع من األرواح الخبیثة : الصرع صرعان: لتق ھو الذى یتكلم فیھ : والثانى. األرضیة، وصرع من األخالط الردیئة
. األطباء فى سببھ وعالجھ
وأما صرع األرواح، فأئمتھم وعقالؤھم یعترفون بھ، وال الخیرة یدفعونھ، ویعترفون بأن عالجھ بمقابلة األرواح الشریفة
العلویة لتلك األرواح الشریرة الخبیثة، فتدافع آثارھا، وتعارض فى بعض كتبھ، )) بقراط((أفعالھا وتبطلھا، وقد نص على ذلك
ھذا إنما ینفع من الصرع الذى : فذكر بعض عالج الصرع، وقالاح، فال وأما الصرع الذى یكون من األرو. سببھ األخالط والمادة
. ینفع فیھ ھذا العالج
وأما جھلة األطباء وسقطھم وسفلتھم، ومن یعتقد بالزندقة فضیلة، فأولئك ینكرون صرع األرواح، وال یقرون بأنھا تؤثر فى
بدن المصروع، ولیس معھم إال الجھل، وإال فلیس فى الصناعة وجود شاھد بھ، وإحالتھم ذلك على الطبیة ما یدفع ذلك، والحس وال
. غلبة بعض األخالط، ھو صادق فى بعض أقسامھ ال فى كلھا
المرض اإللھى، : وقدماء األطباء كانوا یسمون ھذا الصرع . إنھ من األرواح: وقالوا
وغیره، فتأولوا علیھم ھذه التسمیة، )) جالینوس((وأما ا سموه بالمرض اإللھى لكون ھذه العلة تحدث فى إنم: وقالوا
أمر من جھة المصروع، : وعالج ھذا النوع یكون بأمرین وأمر من جھة المعالج، فالذى من جھة المصروع یكون بقوة
نفسھ، وصدق توجھھ إلى فاطر ھذه األرواح وبارئھا، والتعوذ صحیح الذى قد تواطأ علیھ القلب واللسان، فإن ھذا نوع ال
محاربة، والمحارب ال یتم لھ االنتصاف من عدوه بالسالح إال أن یكون السالح صحیحا فى نفسھ جیدا، وأن یكون : بأمرین
الساعد قویا، فمتى تخلف أحدھما لم یغن السالح كثیر طائل، فكیف یكون القلب خرابا من التوحید، والتوكل، : ن جمیعاإذا عدم األمرا
. والتقوى، والتوجھ، وال سالح لھ
من جھة المعالج، بأن یكون فیھ ھذان األمران : والثانى ، أو ))اخرج منھ: ((أیضا، حتى إن من المعالجین من یكتفى بقولھ
، والنبى ))قوة إال باهللا ال حول وال: ((، أو بقول))بسم اهللا: ((بقولاخرج عدو اهللا، أنا رسول : ((صلى اهللا علیھ وسلم كان یقول
)). اهللا
وشاھدت شیخنا یرسل إلى المصروع من یخاطب الروح اخرجى، فإن ھذا ال یحل لك، : قال لك الشیخ: التى فیھ، ویقول
ربما خاطبھا بنفسھ، وربما كانت الروح ماردة فیفیق المصروع، وفیخرجھا بالضرب، فیفیق المصروع وال یحس بألم، وقد شاھدنا
. نحن وغیرنا منھ ذلك مرارا
أفحسبتم أنما {: وكان كثیرا ما یقرأ فى أذن المصروع ]. 115: المؤمنون [}رجعون خلقناكم عبثا وأنكم إلینا ال ت
: وحدثنى أنھ قرأھا مرة فى أذن المصروع، فقالت الروح فأخذت لھ عصا، وضربتھ بھا فى عروق : قال. نعم، ومد بھا صوتھ
عنقھ حتى كلت یداى من الضرب، ولم یشك الحاضرون أنھ یموت ھو ال : أحبھ، فقلت لھاأنا : ففى أثناء الضرب قالت. لذلك الضرب
ھو ال یرید أن یحج : فقلت لھا. أنا أرید أن أحج بھ: قالت. یحبكال ولكن طاعة هللا : قلت: أنا أدعھ كرامة لك، قال: معك، فقالت
فقعد المصروع یلتفت یمینا : فأنا أخرج منھ، قال: ولرسولھ، قالتوھذا : ما جاء بى إلى حضرة الشیخ ؟ قالوا لھ: الوشماال، وق
وعلى أى شىء یضربنى الشیخ ولم أذنب، ولم : الضرب كلھ ؟ فقال . یشعر بأنھ وقع بھ الضرب ألبتة
وكان یعالج بآیة الكرسى، وكان یأمر بكثرة قراءتھا .المصروع ومن یعالجھ بھا وبقراءة المعوذتین
فھذا النوع من الصرع، وعالجھ ال ینكره إال قلیل الحظ .. وبالجملةمن العلم والعقل والمعرفة، وأكثر تسلط األرواح الخبیثة على أھلھ
تكون من جھة قلة دینھم، وخراب قلوبھم وألسنتھم من حقائق تلقى الروح الذكر، والتعاویذ، والتحصنات النبویة واإلیمانیة، ف
الخبیثة الرجل أعزل ال سالح معھ، وربما كان عریانا فیؤثر فیھ . ھذا
ولو كشف الغطاء، لرأیت أكثر النفوس البشریة صرعى ھذه األرواح الخبیثة، وھى فى أسرھا وقبضتھا تسوقھا حیث
لفتھا، وبھا الصرع شاءت، وال یمكنھا االمتناع عنھا وال مخااألعظم الذى ال یفیق صاحبھ إال عند المفارقة والمعاینة، فھناك
. یتحقق أنھ كان ھو المصروع حقیقة، وباهللا المستعان
وعالج ھذا الصرع باقتران العقل الصحیح إلى اإلیمان بما صب عینیھ وقبلة قلبھ، جاءت بھ الرسل، وأن تكون الجنة والنار ن
ویستحضر أھل الدنیا، وحلول المثوالت واآلفات بھم، ووقوعھا خالل دیارھم كمواقع القطر، وھم صرعى ال یفیقون، وما أشد داء ھذا الصرع، ولكن لما عمت البلیة بھ بحیث ال یرى إال مصروعا،
ا، بل صار لكثرة المصروعین عین لم یصر مستغربا وال مستنكر . المستنكر المستغرب خالفھ
فإذا أراد اهللا بعبد خیرا أفاق من ھذه الصرعة، ونظر إلى أبناء الدنیا مصروعین حولھ یمینا وشماال على اختالف طبقاتھم،
ویعود فمنھم من أطبق بھ الجنون، ومنھم من یفیق أحیانا قلیلة،إلى جنونھ، ومنھم من یفیق مرة، ویجن أخرى، فإذا أفاق عمل
. عمل أھل اإلفاقة والعقل، ثم یعاوده الصرع فیقع فى التخبط
فصل
فى صرع األخالط
وأما صرع األخالط، فھو علة تمنع األعضاء النفسیة عن منعا غیر تام، وسببھ خلط غلیظ لزج األفعال والحركة واالنتصاب
یسد منافذ بطون الدماغ سدة غیر تامة، فیمتنع نفوذ الحس والحركة فیھ وفى األعضاء نفوذا تاما من غیر انقطاع بالكلیة، وقد
تكون ألسباب أخر كریح غلیظ یحتبس فى منافذ الروح، أو بخار
و كیفیة الذعة، فینقبض ردىء یرتفع إلیھ من بعض األعضاء، أالدماغ لدفع المؤذى، فیتبعھ تشنج فى جمیع األعضاء، وال یمكن
أن یبقى اإلنسان معھ منتصبا، بل یسقط، ویظھر فى فیھ الزبد . غالبا
وھذه العلة تعد من جملة األمراض الحادة باعتبار وقت د من جملة األمراض المزمنة باعتبار وجوده المؤلم خاصة، وقد تع
طول مكثھا، وعسر برئھا، ال سیما إن تجاوز فى السن خمسا وعشرین سنة، وھذه العلة فى دماغھ، وخاصة فى جوھره، فإن
إن الصرع یبقى فى )): أبقراط((قال . صرع ھؤالء یكون الزما . ھؤالء حتى یموتوا
عرف ھذا، فھذه المرأة التى جاء الحدیث أنھا كانت إذا تصرع وتتكشف، یجوز أن یكون صرعھا من ھذا النوع، فوعدھا النبى صلى اهللا علیھ وسلم الجنة بصبرھا على ھذا المرض، ودعا
لھا أن ال تتكشف، وخیرھا بین الصبر والجنة، وبین الدعاء لھا . ان، فاختارت الصبر والجنةبالشفاء من غیر ضم
وفى ذلك دلیل على جواز ترك المعالجة والتداوى، وأن عالج األرواح بالدعوات والتوجھ إلى اهللا یفعل ما ال ینالھ عالج
األطباء، وأن تأثیره وفعلھ، وتأثر الطبیعة عنھ وانفعالھا أعظم من ة، وانفعال الطبیعة عنھا، وقد جربنا ھذا مرارا تأثیر األدویة البدنی
نحن وغیرنا، وعقالء األطباء معترفون بأن لفعل القوى النفسیة، وانفعاالتھا فى شفاء األمراض عجائب، وما على الصناعة الطبیة
. أضر من زنادقة القوم، وسفلتھم، وجھالھم
ه المرأة كان من ھذا النوع، ویجوز أن صرع ھذ: والظاھر أن یكون من جھة األرواح، ویكون رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم
قد خیرھا بین الصبر على ذلك مع الجنة، وبین الدعاء لھا . واهللا أعلم.. بالشفاء، فاختارت الصبر والستر
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج عرق النسا
من حدیث محمد بن سیرین، )) سننھ((روى ابن ماجھ فى سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : عن أنس بن مالك، قال
دواء عرق النسا ألیة شاة أعرابیة تذاب، ثم تجزأ ثالثة : ((یقول )). أجزاء، ثم یشرب على الریق فى كل یوم جزء
وجع یبتدىء من مفصل الورك، وینزل من : عرق النساء خلف على الفخذ، وربما على الكعب، وكلما طالت مدتھ، زاد
نزولھ، وتھزل معھ الرجل والفخذ، وھذا الحدیث فیھ معنى لغوى، . ومعنى طبى
واز تسمیة ھذا المرض فدلیل على ج: فأما المعنى اللغوى النسا ھو العرق : بعرق النسا خالفا لمن منع ھذه التسمیة، وقال
. نفسھ، فیكون من باب إضافة الشىء إلى نفسھ، وھو ممتنع
أن العرق أعم من : وجواب ھذا القائل من وجھین؛ أحدھما كل الدراھم أو : نحوالنسا، فھو من باب إضافة العام إلى الخاص
. بعضھا
أن النسا ھو المرض الحال بالعرق؛ واإلضافة فیھ : الثانى وسمى بذلك ألن : قیل. من باب إضافة الشىء إلى محلھ وموضعھ
ألمھ ینسى ما سواه، وھذا العرق ممتد من مفصل الورك، وینتھى الوحشى فیما بین عظم إلى آخر القدم وراء الكعب من الجانب
. الساق والوتر
فقد تقدم أن كالم رسول اهللا صلى اهللا : وأما المعنى الطبى عام بحسب األزمان، واألماكن، : علیھ وسلم نوعان؛ أحدھما
. واألشخاص، واألحوال
خاص بحسب ھذه األمور أو بعضھا، وھذا من : والثانى ھذا خطاب للعرب، وأھل الحجاز، ومن جاورھم، ھذا القسم، فإن
وال سیما أعراب البوادى، فإن ھذا العالج من أنفع العالج لھم، فإن
ھذا المرض یحدث من یبس، وقد یحدث من مادة غلیظة لزجة، اإلنضاج، والتلیین، : فیھا الخاصیتان)) األلیة((فعالجھا باإلسھال و
وھذا المرض یحتاج عالجھ إلى ھذین . ج، واإلخراجففیھا اإلنضا . األمرین
یابسة، وثیاب القطن معتدلة الحرارة، وثیاب الحریر ألین من . القطن وأقل حرارة منھ
بل ولبسھ ال یسخن كالقطن، )): ((المنھاج((قال صاحب ھو معتدل، وكل لباس أملس صقیل، فإنھ أقل إسخانا للبدن، وأقل عونا فى تحلل ما یتحلل منھ، وأحرى أن یلبس فى الصیف، وفى
)) البالد الحارة
ولما كانت ثیاب الحریر كذلك، ولیس فیھا شىء من الیبس حكة، إذ الحكة ال والخشونة الكائنین فى غیرھا، صارت نافعة من ال
تكون إال عن حرارة ویبس وخشونة، فلذلك رخص رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم للزبیر وعبد الرحمن فى لباس الحریر
لمداواة الحكة، وثیاب الحریر أبعد عن تولد القمل فیھا، إذ كان . مزاجھا مخالفا لمزاج ما یتولد منھ القمل
وأما القسم الذى ال یدفىء وال یسخن، فالمتخذ من الحدید، فإذا كان : ونحوھا، فإن قیل... والرصاص، والخشب، والتراب
ھذا السؤال یجیب عنھ كل طائفة من طوائف : قیل المسلمین بجواب، فمنكرو الحكم والتعلیل لما رفعت قاعدة التعلیل
. من أصلھا لم یحتاجوا إلى جواب عن ھذا السؤال
ومثبتو التعلیل والحكم وھم األكثرون منھم من یجیب عن یعة حرمتھ لتصبر النفوس عنھ، وتتركھ هللا، فتثاب ھذا بأن الشر
. على ذلك ال سیما ولھا عوض عنھ بغیره
ومنھم من یجیب عنھ بأن خلق فى األصل للنساء، كالحلیة بالذھب، فحرم على الرجال لما فیھ من مفسدة تشبھ الرجال
. بالنساء
حرم لما یورثھ من الفخر والخیالء : الومنھم من ق . والعجب
حرم لما یورثھ بمالمستھ للبدن من األنوثة : ومنھم من قال والتخنث، وضد الشھامة والرجولة، فإن لبسھ یكسب القلب صفة
ال وعلى من صفات اإلناث، ولھذا ال تكاد تجد من یلبسھ فى األكثر إشمائلھ من التخنث والتأنث، والرخاوة ما ال یخفى، حتى لو كان
من أشھم الناس وأكثرھم فحولیة ورجولیة، فال بد أن ینقصھ لبس الحریر منھا، وإن لم یذھبھا، ومن غلظت طباعھ وكثفت عن فھم
أنھ یحرم : أصح القولینھذا، فلیسلم للشارع الحكیم، ولھذا كان . على الولى أن یلبسھ الصبى لما ینشأ علیھ من صفات أھل التأنیث
وقد روى النسائى من حدیث أبى موسى األشعرى، عن إن اهللا أحل إلناث أمتى : ((النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال )). ورھاالحریر والذھب، وحرمھ على ذك
حرم لباس الحریر والذھب على ذكور أمتى، : ((وفى لفظ )). وأحل إلناثھم
نھى رسول : ((عن حذیفة، قال)) صحیح البخارى((وفى اهللا صلى اهللا علیھ وسلم عن لبس الحریر والدیباج، وأن یجلس
)). ھم فى الدنیا، ولكم فى اآلخرةھو ل: ((، وقال))علیھ
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج ذات الجنب
من حدیث زید بن أرقم، أن )) جامعھ((روى الترمذى فى تداووا من ذات الجنب بالقسط : ((النبى صلى اهللا علیھ وسلم، قال
)). البحرى والزیت
. حقیقى وغیر حقیقى: وذات الجنب عند األطباء نوعان ورم حار یعرض فى نواحى الجنب فى الغشاء المستبطن : فالحقیقىألم یشبھھ یعرض فى نواحى الجنب عن : وغیر الحقیقى. لألضالع
ریاح غلیظة مؤذیة تحتقن بین الصفاقات، فتحدث وجعا قریبا من نب الحقیقى، إال أن الوجع فى ھذا القسم ممدود، وفى وجع ذات الج
. الحقیقى ناخس
قد یعرض فى الجنب، )): القانون((قال صاحب والصفاقات، والعضل التى فى الصدر، واألضالع، ونواحیھا أورام
وقد . مؤذیة جدا موجعة، تسمى شوصة وبرساما، وذات الجنبأوجاعا فى ھذه األعضاء لیست من ورم، ولكن من تكون أیضا
. ریاح غلیظة، فیظن أنھا من ھذه العلة، وال تكون منھا
واعلم أن كل وجع فى الجنب قد یسمى ذات الجنب : قال صاحبة الجنب، : اشتقاقا من مكان األلم، ألن معنى ذات الجنب
عرض فى الجنب ألم عن أى والغرض بھ ھھنا وجع الجنب، فإذا إن : فى قولھ)) بقراط((سبب كان نسب إلیھ، وعلیھ حمل كالم
المراد بھ كل من بھ : قیل. أصحاب ذات الجنب ینتفعون بالحماموجع جنب، أو وجع رئة من سوء مزاج، أو من أخالط غلیظة، أو
. لذاعة من غیر ورم وال حمى
وأما معنى ذات الجنب فى لغة الیونان، : ل بعض األطباءقا فھو ورم الجنب الحار، وكذلك ورم كل واحد من األعضاء الباطنة،
. وإنما سمى ذات الجنب ورم ذلك العضو إذا كان ورما حارا فقط
الحمى، : ویلزم ذات الجنب الحقیقى خمسة أعراض، وھى . ناخس، وضیق النفس، والنبض المنشارىوالسعال، والوجع ال
والعالج الموجود فى الحدیث، لیس ھو لھذا القسم، لكن للقسم الثانى الكائن عن الریح الغلیظة، فإن القسط البحرى وھو
العود الھندى على ما جاء مفسرا فى أحادیث أخر صنف من خلط بالزیت المسخن، ودلك بھ مكان القسط إذا دق دقا ناعما، و
الریح المذكور، أو لعق، كان دواء موافقا لذلك، نافعا لھ، محلال لمادتھ، مذھبا لھا، مقویا لألعضاء الباطنة، مفتحا للسدد، والعود
. المذكور فى منافعھ كذلك
لبطن، حار یابس، قابض یحبس ا: العود: قال المسیحى ویقوى األعضاء الباطنة، ویطرد الریح، ویفتح السدد، نافع من . ذات الجنب، ویذھب فضل الرطوبة، والعود المذكور جید للدماغ
ویجوز أن ینفع القسط من ذات الجنب الحقیقیة أیضا إذا كان : قالواهللا .. حدوثھا عن مادة بلغمیة، ال سیما فى وقت انحطاط العلة
. علمأ
من األمراض الخطرة، وفى الحدیث : وذات الجنب بدأ رسول اهللا صلى اهللا علیھ : عن أم سلمة، أنھا قالت: الصحیح
وسلم بمرضھ فى بیت میمونة، وكان كلما خف علیھ، خرج وصلى مروا أبا بكر فلیصل : ((بالناس، وكان كلما وجد ثقال، قال
، واشتد شكواه حتى غمر علیھ من شدة الوجع، فاجتمع ))ناسبالعنده نساؤه، وعمھ العباس، وأم الفضل بنت الحارث، وأسماء
: بنت عمیس، فتشاوروا فى لده، فلدوه وھو مغمور، فلما أفاق قال، وأشار ))من فعل بى ھذا ؟ ھذا من عمل نساء جئن من ھھنا((
یا : ى أرض الحبشة، وكانت أم سلمة وأسماء لدتاه، فقالوابیده إل)) فبم لددتمونى: ((قال. رسول اهللا؛ خشینا أن یكون بك ذات الجنب
: فقال. بالعود الھندى، وشىء من ورس وقطرات من زیت: ؟ قالواعزمت علیكم أن ال : ((قال، ثم ))ما كان اهللا لیقذفنى بذلك الداء((
)). یبقى فى البیت أحد إال لد إال عمى العباس
عن عائشة رضى اهللا تعالى عنھا )) الصحیحین((وفى لددنا رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، فأشار أن ال تلدونى، : قالت
ألم أنھكم أن : ((قالكراھیة المریض للدواء، فلما أفاق : فقلناتلدونى، ال یبقى منكم أحد إال لد غیر عمى العباس، فإنھ لم
)). یشھدكم
ما یسقى اإلنسان فى : اللدود: قال أبو عبید عن األصمعى : وأما الوجور. أحد شقى الفم، أخذ من لدیدى الوادى، وھما جانباه
. فھو فى وسط الفم
: والسعوط. ھو الدواء الذى یلد بھ: واللدود بالفتح : قلت . ما أدخل من أنفھ
وفى ھذا الحدیث من الفقھ معاقبة الجانى بمثل ما فعل سواء، إذا لم یكن فعلھ محرما لحق اهللا، وھذا ھو الصواب
قد ذكرناھا فى موضع آخر، وھو المقطوع بھ لبضعة عشر دلیالمنصوص أحمد، وھو ثابت عن الخلفاء الراشدین، وترجمة
المسألة بالقصاص فى اللطمة والضربة، وفیھا عدة أحادیث ال . معارض لھا ألبتة، فیتعین القول بھا
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج الصداع والشقیقة
أن : حدیثا فى صحتھ نظر)) سننھ((ن ماجھ فى روى اب النبى صلى اهللا علیھ وسلم كان إذا صدع، غلف رأسھ بالحناء،
)). إنھ نافع بإذن اهللا من الصداع: ((ویقول
ألم فى بعض أجزاء الرأس أو كلھ، فما كان منھ : والصداع ى شقیقة؛ وإن كان شامال لجمیعھ فى أحد شقى الرأس الزما یسم
الزما، یسمى بیضة وخودة تشبیھا ببیضة السالح التى تشتمل على . الرأس كلھ، وربما كان فى مؤخر الرأس أو فى مقدمھ
سخونة : وحقیقة الصداع. وأنواعھ كثیرة، وأسبابھ مختلفة ار یطلب النفوذ من الرأس، الرأس، واحتماؤه لما دار فیھ من البخ
فال یجد منفذا، فیصدعھ كما یصدع الوعى إذا حمى ما فیھ وطلب النفوذ، فكل شىء رطب إذا حمى، طلب مكانا أوسع من مكانھ الذى
كان فیھ، فإذا عرض ھذا البخار فى الرأس كلھ بحیث ال یمكنھ . السدر: التفشى والتحلل، وجال فى الرأس، سمى
: والصداع یكون عن أسباب عدیدة
. من غلبة واحد من الطبائع األربعة: أحدھا
یكون من قروح تكون فى المعدة، فیألم الرأس : والخامس . لذلك الورم التصال العصب المنحدر من الرأس بالمعدة
، فتصعد إلى من ریح غلیظة تكون فى المعدة: والسادس . الرأس فتصدعھ
یكون من ورم فى عروق المعدة، فیألم الرأس : والسابع . بألم المعدة لالتصال الذى بینھما
صداع یحصل من امتالء المعدة من الطعام، ثم : والثامن . ینحدر ویبقى بعضھ نیئا، فیصدع الرأس ویثقلھ
الجماع لتخلخل الجسم، فیصل إلیھ یعرض بعد: والتاسع . من حر الھواء أكثر من قدر
صداع یحصل بعد القىء واالستفراغ، إما لغلبة : والعاشر . الیبس، وإما لتصاعد األبخرة من المعدة إلیھ
صداع یعرض عن شدة الحر وسخونة : والحادى عشر . الھواء
یعرض من شدة البرد، وتكاثف األبخرة ما : والثانى عشر . فى الرأس وعدم تحللھا
. ما یحدث من السھر وعدم النوم: والثالث عشر
ما یحدث من ضغط الرأس وحمل الشىء : والرابع عشر . الثقیل علیھ
ما یحدث من كثرة الكالم، فتضعف قوة : والخامس عشر . جلھالدماغ أل
ما یحدث من كثرة الحركة والریاضة : والسادس عشر . المفرطة
ما یحدث من األعراض النفسانیة، : والسابع عشر . كالھموم، والغموم، واألحزان، والوساوس، واألفكار الردیئة
ما یحدث من شدة الجوع، فإن األبخرة ال : والثامن عشر . فیھ، فتكثر وتتصاعد إلى الدماغ فتؤلمھتجد ما تعمل
ما یحدث عن ورم فى صفاق الدماغ، ویجد : والتاسع عشر . صاحبھ كأنھ یضرب بالمطارق على رأسھ
ما یحدث بسبب الحمى الشتعال حرارتھا فیھ : والعشرون . واهللا أعلم.. فیتألم
فصل
فى سبب صداع الشقیقة
وسبب صداع الشقیقة مادة فى شرایین الرأس وحدھا حاصلة فیھا، أو مرتقیة إلیھا، فیقبلھا الجانب األضعف من جانبیھ،
وتلك المادة إما بخاریة، وإما أخالط حارة أو باردة، وعالمتھا وإذا ضبطت . الخاصة بھا ضربان الشرایین، وخاصة فى الدموى
. ربان، سكن الوجعبالعصائب، ومنعت من الض
أن ھذا : لھ)) الطب النبوى((وقد ذكر أبو نعیم فى كتاب النوع كان یصیب النبى صلى اهللا علیھ وسلم، فیمكث الیوم
. والیومین، وال یخرج
خطبنا رسول اهللا صلى اهللا : عن ابن عباس قال: وفیھ . علیھ وسلم، وقد عصب رأسھ بعصابة
)). وارأساه: ((أنھ قال فى مرض موتھ)): الصحیح((وفى وكان یعصب رأسھ فى مرضھ، وعصب الرأس ینفع فى وجع
. الشقیقة وغیرھا من أوجاع الرأس
@
فصل
فى عالج صداع الشقیقة
وعالجھ یختلف باختالف أنواعھ وأسبابھ، فمنھ ما عالجھ نھ ما عالجھ بتناول الغذاء، ومنھ ما عالجھ باالستفراغ، وم
بالسكون والدعة، ومنھ ما عالجھ بالضمادات، ومنھ ما عالجھ بالتبرید، ومنھ ما عالجھ بالتسخین، ومنھ ما عالجھ بأن یجتنب
. سماع األصوات والحركات
ناء، ھو إذا عرف ھذا، فعالج الصداع فى ھذا الحدیث بالح جزئى ال كلى، وھو عالج نوع من أنواعھ، فإن الصداع إذا كان من
حرارة ملھبة، ولم یكن من مادة یجب استفراغھا، نفع فیھ الحناء نفعا ظاھرا، وإذا دق وضمدت بھ الجبھة مع الخل، سكن الصداع،
ھ، وھذا ال وفیھ قوة موافقة للعصب إذا ضمد بھ، سكنت أوجاعیختص بوجع الرأس، بل یعم األعضاء، وفیھ قبض تشد بھ
. األعضاء، وإذا ضمد بھ موضع الورم الحار والملتھب، سكنھ
، وأبو داود فى ))تاریخھ((وقد روى البخارى فى أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ما شكا إلیھ أحد )) السنن((
، وال شكى إلیھ وجعا فى ))احتجم: ((فى رأسھ إال قال لھوجعا )). اختضب بالحناء: ((رجلیھ إال قال لھ
عن سلمى أم رافع خادمة النبى صلى اهللا : وفى الترمذى كان ال یصیب النبى صلى اهللا علیھ وسلم قرحة : علیھ وسلم قالت
وضع علیھا الحناء وال شوكة، إال
فصل
فى الحناء ومنافعھ وخواصھ
والحناء بارد فى األولى، یابس فى الثانیة، وقوة شجر الحناء وأغصانھا مركبة من قوة محللة اكتسبتھا من جوھر فیھا
مائى، حار باعتدال، ومن قوة قابضة اكتسبتھا من جوھر فیھا . دأرضى بار
ومن منافعھ أنھ محلل نافع من حرق النار، وفیھ قوة موافقة للعصب إذا ضمد بھ، وینفع إذا مضغ من قروح الفم
ویبرىء القالع الحادث فى أفواه الصبیان، . والسالق العارض فیھوالضماد بھ ینفع من األورام الحارة الملھبة، ویفعل فى الجراحات
عل دم األخوین، وإذا خلط نوره مع الشمع المصفى، ودھن الورد، ف . ینفع من أوجاع الجنب
ومن خواصھ أنھ إذا بدأ الجدرى یخرج بصبى، فخضبت أسافل رجلیھ بحناء، فإنھ یؤمن على عینیھ أن یخرج فیھا شىء
عل نوره بین طى ثیاب وإذا ج. منھ، وھذا صحیح مجرب ال شك فیھالصوف طیبھا، ومنع السوس عنھا، وإذا نقع ورقھ فى ماء عذب یغمره، ثم عصر وشرب من صفوه أربعین یوما كل یوم عشرون
درھما مع عشرة دراھم سكر، ویغذى علیھ بلحم الضأن الصغیر، . فإنھ ینفع من ابتداء الجذام بخاصیة فیھ عجیبة
وحكى أن رجال تشققت أظافیر أصابع یده، وأنھ بذل لمن یبرئھ ماال، فلم یجد، فوصفت لھ امرأة، أن یشرب عشرة أیام
حناء، فلم یقدم علیھ، ثم نقعھ بماء وشربھ، فبرأ ورجعت أظافیره . إلى حسنھا
حسنھا ونفعھا، وإذا والحناء إذا ألزمت بھ األظفار معجونا عجن بالسمن وضمد بھ بقایا األورام الحارة التى ترشح ماء أصفر
نفعھا، ونفع من الجرب المتقرح المزمن منفعة بلیغة، وھو ینبت الشعر ویقویھ، ویحسنھ، ویقوى الرأس، وینفع من النفاطات،
. جلین، وسائر البدنوالبثور العارضة فى الساقین والر
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى معالجة المرضى بترك إعطائھم ما یكرھونھ من الطعام والشراب، وأنھم ال یكرھون على تناولھما
، وابن ماجھ، عن عقبة بن ))جامعھ((روى الترمذى فى ال : ((وسلم قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ: عامر الجھنى، قال
تكرھوا مرضاكم على الطعام والشراب، فإن اهللا عز وجل یطعمھم )). ویسقیھم
ما أغزر فوائد ھذه الكلمة : قال بعض فضالء األطباء النبویة المشتملة على حكم إلھیة، ال سیما لألطباء، ولمن یعالج
المریض إذا عاف الطعام أو الشراب، فذلك المرضى، وذلك أن الشتغال الطبیعة بمجاھدة المرض، أو لسقوط شھوتھ، أو نقصانھا لضعف الحرارة الغریزیة أو خمودھا، وكیفما كان، فال یجوز حینئذ
. إعطاء الغذاء فى ھذه الحالة
واعلم أن الجوع إنما ھو طلب األعضاء للغذاء لتخلف لطبیعة بھ علیھا عوض ما یتحلل منھا، فتجذب األعضاء القصوى ا
من األعضاء الدنیا حتى ینتھى الجذب إلى المعدة، فیحس اإلنسان بالجوع، فیطلب الغذاء، وإذا وجد المرض، اشتغلت الطبیعة بمادتھ
وإنضاجھا وإخراجھا عن طلب الغذاء، أو الشراب، فإذا أكره لى استعمال شىء من ذلك، تعطلت بھ الطبیعة عن المریض ع
فعلھا، واشتغلت بھضمھ وتدبیره عن إنضاج مادة المرض ودفعھ، فیكون ذلك سببا لضرر المریض، وال سیما فى أوقات البحران، أو
ضعف الحار الغریزى أو خموده، فیكون ذلك زیادة فى البلیة،
ینبغى أن یسـتعمل فى ھذا الوقت وال . وتعجیل النازلة المتوقعةوالحال إال ما یحفظ علیھ قوتھ ویقویھا من غیر استعمال مزعج
للطبیعة ألبتة، وذلك یكون بما لطف قوامھ من األشربة واألغذیة، واعتدل مزاجھ كشراب اللینوفر، والتفاح، والورد الطرى، وما
المعتدلة الطیبة فقط، أشبھ ذلك، ومن األغذیة مرق الفراریجوإنعاش قواه باألراییح العطرة الموافقة، واألخبار السارة، فإن
. الطبیب خادم الطبیعة، ومعینھا ال معیقھا
واعلم أن الدم الجید ھو المغذى للبدن، وأن البلغم دم فج قد ر، نضج بعض النضج، فإذا كان بعض المرضى فى بدنھ بلغم كثی
القوة التى وكلھا اهللا سبحانھ بتدبیر البدن وحفظھ وصحتھ، . وحراستھ مدة حیاتھ
ار المریض واعلم أنھ قد یحتاج فى الندرة إلى إجب على الطعام والشراب، وذلك فى األمراض التى یكون معھا اختالط
العقل، وعلى ھذا فیكون الحدیث من العام المخصوص، أو من أن المریض : المطلق الذى قد دل على تقییده دلیل، ومعنى الحدیث . قد یعیش بال غذاء أیاما ال یعیش الصحیح فى مثلھا
فإن اهللا : ((وفى قولھ صلى اهللا علیھ وسلم معنى لطیف زائد على ما ذكره األطباء ال )) یطعمھم ویسقیھم
یعرفھ إال من لھ عنایة بأحكام القلوب واألرواح، وتأثیرھا فى طبیعة البدن، وانفعال الطبیعة عنھا، كما تنفعل ھى كثیرا عن
النفس إذا حصل لھا ما : ن نشیر إلیھ إشارة، فنقولالطبیعة، ونحیشغلھا من محبوب أو مكروه أو مخوف، اشتغلت بھ عن طلب
الغذاء والشراب، فال تحس بجوع وال عطش، بل وال حر وال برد، بل تشتغل بھ عن اإلحساس المؤلم الشدید األلم، فال تحس بھ، وما
د فى نفسھ ذلك أو شیئا منھ، وإذا اشتغلت من أحد إال وقد وجالنفس بما دھمھا، وورد علیھا، لم تحس بألم الجوع، فإن كان
الوارد مفرحا قوى التفریح، قام لھا مقام الغذاء، فشبعت بھ، وانتعشت قواھا، وتضاعفت، وجرت الدمویة فى الجسد حتى تظھر
دمویتھ، فإن الفرح یوجب فى سطحھ، فیشرق وجھھ، وتظھرانبساط دم القلب، فینبعث فى العروق، فتمتلئ بھ، فال تطلب
األعضاء حظھا من الغذاء المعتاد الشتغالھا بما ھو أحب إلیھا، وإلى الطبیعة منھ، والطبیعة إذا ظفرت بما تحب، آثرتھ على ما ھو
. دونھ
مؤلما أو محزنا أو مخوفا، اشتغلت وإن كان الوارد بمحاربتھ ومقاومتھ ومدافعتھ عن طلب الغذاء، فھى فى حال
فإن ظفرت فى ھذا . حربھا فى شغل عن طلب الطعام والشرابالحرب، انتعشت قواھا، وأخلفت علیھا نظیر ما فاتھا من قوة
ھا بحسب الطعام والشراب، وإن كانت مغلوبة مقھورة، انحطت قواما حصل لھا من ذلك، وإن كانت الحرب بینھا وبین ھذا العدو
سجاال، فالقوة تظھر تارة وتختفى أخرى، وبالجملة فالحرب بینھما على مثال الحرب الخارج بین العدوین المتقاتلین، والنصر للغالب،
. والمغلوب إما قتیل، وإما جریح، وإما أسیر
لھ مدد من اهللا تعالى یغذیھ بھ زائدا على ما : فالمریض ذكره األطباء من تغذیتھ بالدم، وھذا المدد بحسب ضعفھ وانكساره وانطراحھ بین یدى ربھ عز وجل، فیحصل لھ من ذلك ما یوجب لھ
قربا من ربھ، فإن العبد أقرب ما یكون من ربھ إذا انكسر قلبھ، عندئذ قریبة منھ، فإن كان ولیا لھ، حصل لھ من ورحمة ربھ
األغذیة القلبیة ما تقوى بھ قوى طبیعتھ، وتنتعش بھ قواه أعظم من قوتھا، وانتعاشھا باألغذیة البدنیة، وكلما قوى إیمانھ وحبھ
لربھ، وأنسھ بھ، وفرحھ بھ، وقوى یقینھ بربھ، واشتد شوقھ إلیھ وجد فى نفسھ من ھذه القوة ما ال یعبر عنھ، وال ورضاه بھ وعنھ،
. یدركھ وصف طبیب، وال ینالھ علمھ
ومن غلظ طبعھ، وكثفت نفسھ عن فھم ھذا والتصدیق بھ، فلینظر حال كثیر من عشاق الصور الذین قد امتألت قلوبھم بحب
و مال، أو علم، وقد شاھد الناس ما یعشقونھ من صورة، أو جاه، أ . من ھذا عجائب فى أنفسھم وفى غیرھم
عن النبى صلى اهللا )): الصحیح((وقد ثبت فى علیھ وسلم، أنھ كان یواصل فى الصیام األیام ذوات العدد، وینھى
وفى التمر خاصیة عجیبة لھذا الداء، وال سـیما تمر المدینة، وال سـیما العجوة منھ، وفى كونھا سبعا خاصیة أخرى،
د بن من حدیث عامر بن سع)): الصحیحین((تدرك بالوحى، وفى : قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: أبى وقاص، عن أبیھ قال
من تصبح بسبع تمرات من تمر العالیة لم یضره ذلك الیوم سم (( )). وال سحر
من أكل سبع تمرات مما بین البتیھا حین : ((وفى لفظ )). سم حتى یمسى یصبح، لم یضره
. رطب فیھا: وقیل. والتمر حار فى الثانیة، یابس فى األولى معتدل، وھو غذاء فاضل حافظ للصحة ال سیما لمن اعتاد : وقیل
الغذاء بھ، كأھل المدینة وغیرھم، وھو من أفضل األغذیة فى البالد لدرجة الثانیة، وھو لھم أنفع الباردة والحارة التى حرارتھا فى ا
منھ ألھل البالد الباردة، لبرودة بواطن سكانھا، وحرارة بواطن سكان البالد الباردة، ولذلك یكثر أھل الحجاز والیمن والطائف، وما
یلیھم من البالد المشابھة لھا من األغذیة الحارة ما ال یتأتى ھم یضعون فى أطعمتھم من لغیرھم، كالتمر والعسل، وشاھدنا
الفلفل والزنجبیل، فوق ما یضعھ غیرھم نحو عشرة أضعاف أو أكثر، ویأكلون الزنجبیل كما یأكل غیرھم الحلوى، ولقد شاھدت من یتنقل بھ منھم كما یتنقل بالنقل، ویوافقھم ذلك وال یضرھم لبرودة
ظاھر الجسد، كما تشاھد میاه اآلبار أجوافھم، وخروج الحرارة إلىتبرد من الصیف، وتسخن فى الشتاء، وكذلك تنضج المعدة من
. األغذیة الغلیظة فى الشتاء ما ال تنضجھ فى الصیف
وأما أھل المدینة، فالتمر لھم یكاد أن یكون بمنزلة الحنطة ة من أجود أصناف لغیرھم، وھو قوتھم ومادتھم، وتمر العالی
تمرھم، فإنھ متین الجسم، لذیذ الطعم، صادق الحالوة، والتمر یدخل فى األغذیة واألدویة والفاكھة، وھو یوافق أكثر األبدان، مقو
للحار الغریزى، وال یتولد عنھ من الفضالت الردیئة ما یتولد عن من تعفن األخالط غیره من األغذیة والفاكھة، بل یمنع لمن اعتاده
. وفسادھا
وھذا الحدیث من الخطاب الذى أرید بھ الخاص، كأھل المدینة ومن جاورھم، وال ریب أن لألمكنة اختصاصا ینفع كثیر من األدویة فى ذلك المكان دون غیره، فیكون الدواء الذى قد ینبت فى ھذا المكان
نفع إذا نبت فى مكان غیره نافعا من الداء، وال یوجد فیھ ذلك اللتأثیر نفس التربة أو الھواء، أو ھما جمیعا، فإن لألرض خواص وطبائع یقارب اختالفھا اختالف طبائع اإلنسان، وكثیر من النبات یكون فى بعض البالد غذاء مأكوال، وفى بعضھا سما قاتال، ورب
من أمراض ھى أدویة أدویة لقوم أغذیة آلخرین، وأدویة لقومآلخرین فى أمراض سواھا؛ وأدویة ألھل بلد ال تناسب غیرھم، وال
. تنفعھم
وأما خاصیة السبع، فإنھا قد وقعت قدرا وشرعا، فخلق اهللا عز وجل السموات سبعا، واألرضین سبعا، واألیام سبعا،
وار، وشرع اهللا سبحانھ لعباده واإلنسان كمل خلقھ فى سبعة أطالطواف سبعا، والسعى بین الصفا والمروة سبعا، ورمى الجمار
وقال صلى اهللا . سبعا سبعا، وتكبیرات العیدین سبعا فى األولى
وإذا صار للغالم سبع ((، ))مروھم بالصالة لسبع: ((علیھ وسلم . روایة فى)) سنین خیر بین أبویھ
أمھ : ((، وفى ثالثة))أبوه أحق بھ من أمھ: ((وفى روایة أخرىوأمر النبى صلى اهللا علیھ وسلم فى مرضھ أن یصب )) أحق بھ
علیھ من سبع قرب، وسخر اهللا الریح على قوم عاد سبع لیال، على قومھ بسبع ودعا النبى صلى اهللا علیھ وسلم أن یعینھ اهللا
كسبع یوسف، ومثل اهللا سبحانھ ما یضاعف بھ صدقة المتصدق بحبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة، والسنابل التى رآھا صاحب یوسف سبعا، والسنین التى زرعوھا دأبا سبعا،
عاف كثیرة، ویدخل وتضاعف الصدقة إلى سبعمائة ضعف إلى أض . الجنة من ھذه األمة بغیر حساب سبعون ألفا
فال ریب أن لھذا العدد خاصیة لیست لغیره، والسبعة : والشفع. جمعت معانى العدد كلھ وخواصھ، فإن العدد شفع ووتر
. شفع أول، وثان: كذلك، فھذه أربع مراتب: والوتر. أول وثانأول، وثان، وال تجتمع ھذه المراتب فى أقل من سبعة، وھى ووتر
عدد كامل جامع لمراتب العدد األربعة، أعنى الشفع والوتر، واألوائل والثوانى، ونعنى بالوتر األول، الثالثة، وبالثانى الخمسة؛
وبالشفع األول االثنین، وبالثانى األربعة، ولألطباء اعتناء عظیم كل شىء فى )): بقراط((وقد قال . ، وال سیما فى البحارینبالسبعة
ھذا العالم فھو مقدر على سبعة أجزاء، والنجوم سبعة، واألیام سبعة، وأسنان الناس سبعة، أولھا طفل إلى سبع، ثم صبى إلى أربع عشرة، ثم مراھق، ثم شاب، ثم كھل، ثم شیخ، ثم ھرم إلى
تعالى أعلم بحكمتھ وشرعھ، وقدره فى منتھى العمر، واهللا تخصیص ھذا العدد، ھل ھو لھذا المعنى أو لغیره ؟
ونفع ھذا العدد من ھذا التمر من ھذا البلد من ھذه البقعة بعینھا من السم والسحر، بحیث تمنع إصابتھ، من الخواص التى
األطباء، لتلقاھا وغیرھما من )) جالینوس((و)) بقراط((لو قالھا عنھم األطباء بالقبول واإلذعان واالنقیاد، مع أن القائل إنما معھ
الحدس والتخمین والظن، فمن كالمھ كلھ یقین، وقطع وبرھان . ووحى، أولى أن تتلقى أقوالھ بالقبول والتسلیم، وترك االعتراض
تكون بالخاصیة وأدویة السموم تارة تكون بالكیفیة، وتارة . واهللا أعلم.. كخواص كثیر من األحجار والجواھر والیواقیت
فصل
ویجوز نفع التمر المذكور فى بعض السموم، فیكون الحدیث من العام المخصوص، ویجوز نفعھ لخاصیة تلك البلد،
وتلك التربة الخاصة من كل سم، ولكن ھھنا أمر ال بد من بیانھ، وھو أن من شرط انتفاع العلیل بالدواء قبولھ، واعتقاد النفع بھ؛
فتقبلھ الطبیعة، فتستعین بھ على دفع العلة، حتى إن كثیرا من المعالجات ینفع باالعتقاد، وحسن القبول، وكمال التلقى، وقد شاھد
الناس من ذلك عجائب، وھذا ألن الطبیعة یشتد قبولھا لھ، وتفرحالنفس بھ، فتنتعش القوة، ویقوى سلطان الطبیعة، وینبعث الحار
الغریزى، فیساعد على دفع المؤذى، وبالعكس یكون كثیر من األدویة نافعا لتلك العلة، فیقطع عملھ سوء اعتقاد العلیل فیھ،
واعتبر ھذا . وعدم أخذ الطبیعة لھ بالقبول، فال یجدى علیھا شیئااألدویة واألشفیة، وأنفعھا للقلوب واألبدان، والمعاش بأعظم
والمعاد، والدنیا واآلخرة، وھو القرآن الذى ھو شفاء من كل داء، كیف ال ینفع القلوب التى ال تعتقد فیھ الشفاء والنفع، بل ال یزیدھا
إال مرضا إلى مرضھا، ولیس لشفاء القلوب دواء قط أنفع من شفاؤھا التام الكامل الذى ال یغادر فیھا سقما إال أبرأه، القرآن، فإنھ
ویحفظ علیھا صحتھا المطلقة، ویحمیھا الحمیة التامة من كل مؤذ ومضر، ومع ھذا فإعراض أكثر القلوب عنھ، وعدم اعتقادھا
الجازم الذى ال ریب فیھ أنھ كذلك، وعدم استعمالھ، والعدول عنھ بنو جنسھا حال بینھا وبین الشفاء بھ، إلى األدویة التى ركبھا
وغلبت العوائد، واشتد اإلعراض، وتمكنت العلل واألدواء المزمنة من القلوب، وتربى المرضى واألطباء على عالج بنى جنسھم وما وضعھ لھم شیوخھم، ومن یعظمونھ ویحسنون بھ ظنونھم، فعظم
وعلل أعیا علیھم المصاب، واستحكم الداء، وتركبت أمراض
احتمى، وقف مرضھ عن التزاید، فإن المریض إذا. المرضىوإن كنتم {: تعالىواألصل فى الحمیة قولھ. وأخذت القوى فى دفعھ
الغائط أو المستم النساء اء أحد منكم منمرضى أو على سفر أو ج، فحمى المریض ] 6:المائدة [} صعیدا طیبافلم تجدوا ماء فتیمموا
.یضرهمن استعمال الماء، ألنھ
وغیره، عن أم المنذر بنت قیس )) سنن ابن ماجھ((وفى ل على رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ومعھ دخ: قالتاألنصاریة،
ولنا دوالى معلقة، فقام رسول اهللا على، وعلى ناقھ من مرض،یأكل منھا، فطفق صلى اهللا علیھ وسلم یأكل منھا، وقام على. حتى كف))إنك ناقة: ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یقول لعلى
وسلقا، فجئت بھ، فقال النبى صلى اهللا علیھوصنعت شعیرا : قالت
من : ((، وفى لفظ فقال))من ھذا أصب، فإنھ أنفع لك: ((وسلم لعلى )).فأصب، فإنھ أوفق لكھذا
قدمت على النبى: أیضا عن صھیب، قال)) سنن ابن ماجھ((وفى ، ))ادن فكل: ((فقالصلى اهللا علیھ وسلم وبین یدیھ خبز وتمر،
یا : ؟ فقلت)) أتأكل تمرا وبك رمد: ((فأكلت، فقالفأخذت تمراالناحیة األخرى، فتبسم رسول اهللا صلى اهللا رسول اهللا؛ أمضغ من
.علیھ وسلم
إن اهللا إذا أحب: (( وفى حدیث محفوظ عنھ صلى اهللا علیھ وسلمیا، كما یحمى أحدكم مریضھ عن الطعامعبدا، حماه من الدن
)).والشراب
)).الدنیاإن اهللا یحمى عبده المؤمن من: ((وفى لفظ @
الحمیة رأس: ((وأما الحدیث الدائر على ألسنة كثیر من الناسھذا ف)) الدواء، والمعدة بیت الداء، وعودوا كل جسم ما اعتاد
ھو من كالم الحارث ابن كلدة طبیب العرب، وال یصح الحدیث إنماعلیھ وسلم، قالھ غیر واحد من أئمة رفعھ إلى النبى صلى اهللا
أن المعدة )):ویذكر عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم. الحدیثحوض البدن، والعروق إلیھا واردة، فإذا صحت المعدة صدرت
)).ق بالصحة، وإذا سقمت المعدة، صدرت العروق بالسقمالعرو
رأس الطب الحمیة، والحمیة عندھم للصحیح فى: وقال الحارثالمضرة بمنزلة التخلیط للمریض والناقھ، وأنفع ما تكون الحمیة
المرض، فإن طبیعتھ لم ترجع بعد إلى قوتھا، والقوة للناقھ منقابلة، واألعضاء مستعدة، فتخلیطھ ھاضمة ضعیفة، والطبیعةال
.یوجب انتكاسھا، وھو أصعب من ابتداء مرضھ
واعلم أن فى منع النبى صلى اهللا علیھ وسلم لعلى من األكل منالدوالى، وھو ناقھ أحسن التدبیر، فإن الدوالى أقناء من الرطب
لألكل بمنزلة عناقید العنب، والفاكھة تضر بالناقھ تعلق فى البیتالمرض لسرعة استحالتھا، وضعف الطبیعة عن دفعھا، فإنھا من
وھى مشغولة بدفع آثار العلة، وإزالتھا لم تتمكن بعد من قوتھا، .من البدن
وفى الرطب خاصة نوع ثقل على المعدة، فتشتغل بمعالجتھحھ عما ھى بصدده من إزالة بقیة المرض وآثاره، فإما أن وإصال
تتزاید، فلما وضع بین یدیھ السلق تقف تلك البقیة، وإما أنأنفع األغذیة للناقھ، فإن والشعیر، أمره أن یصیب منھ، فإنھ من
والتلیین، وتقویة فى ماء الشعیر من التبرید والتغذیة، والتلطیفالسلق، فھذا و أصلح للناقھ، وال سیما إذا طبخ بأصولالطبیعة ما ھ
من أوفق الغذاء لمن فى معدتھ ضعف، وال یتولد عنھ من األخالط .ما یخاف منھ
حمى عمر رضى اهللا عنھ مریضا لھ، حتى إنھ: وقال زید بن أسلم .من شدة ما حماه كان یمص النوى
حمیة من أنفع األدویة قبل الداء، فتمنع حصولھ، وإذافال: وبالجملة .حصل، فتمنع تزایده وانتشاره
فصل
ومما ینبغى أن یعلم أن كثیرا مما یحمى عنھ العلیل والناقھوالصحیح، إذا اشتدت الشھوة إلیھ، ومالت إلیھ الطبیعة، فتناول
ھضمھ، لم یضره الذى ال تعجز الطبیعة عنمنھ الشىء الیسیرالطبیعة والمعدة تتلقیانھ بالقبول تناولھ، بل ربما انتفع بھ، فإن
یكون أنفع من تناول والمحبة، فیصلحان ما یخشى من ضرره، وقدصلى اهللا ما تكرھھ الطبیعة، وتدفعھ من الدواء، ولھذا أقر النبى
التمرات الیسیرة، وعلم علیھ وسلم صھیبا وھو أرمد على تناول .أنھا ال تضره
ومن ھذا ما یروى عن على أنھ دخل على رسول اهللا صلى اهللا وسلم وھو أرمد، وبین یدى النبى صلى اهللا علیھ وسلم تمر علیھ
؟ ورمى إلیھ بتمرة، ثم بأخرى )) یا على؛ تشتھیھ)):یأكلھ، فقال )).حسبك یا على: ((سبعا، ثم قالإلیھ حتى رمى
من حدیث عكرمة، عن )) سننھ((ومن ھذا ما رواه ابن ماجھ فى : عباس، أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم عاد رجال، فقال لھابنأشتھى كعكا فقال : أشتھى خبز بر وفى لفظ: فقال؟)) ما تشتھى((
من كان عنده خبز بر، فلیبعث إلى : ((وسلمصلى اهللا علیھالنبى )).مریض أحدكم شیئا، فلیطعمھإذا اشتھى: ((، ثم قال))أخیھ
ففى ھذا الحدیث سر طبى لطیف، فإن المریض إذا تناول ما عن جوع صادق طبیعى، وكان فیھ ضرر ما، كان أنفع یشتھیھ
كان نافعا فى نفسھ، فإن صدق ا مما ال یشتھیھ، وإنوأقل ضررالطبیعة وكراھتھا شھوتھ، ومحبة الطبیعة یدفع ضرره، وبغض
.للنافع، قد یجلب لھا منھ ضررا
فتھضمھ فاللذیذ المشتھى تقبل الطبیعة علیھ بعنایة،: وبالجملةالنفس إلیھ بصدق الشھوة، على أحمد الوجوه، سیما عند انبعاث
.واهللا أعلم.. القوةوصحة
فصل
والدعة، بالسكون،فى عالج الرمدفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم وترك الحركة، والحمیة مما یھیج الرمد
التمر، وقد تقدم أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم حمى صھیبا منوھو أرمد، وحمى علیا من الرطب لـما أصابھ وأنكر علیھ أكلھ،
.الرمد
أنھ صلى اهللا علیھ )): الطب النبوى((وذكر أبو نعیم فى كتاب كان إذا رمدت عین امرأة من نسائھ لم یأتھا حتى تبرأ ))وسلم )).عینھا
ین، وھوورم حار یعرض فى الطبقة الملتحمة من الع: الرمدبیاضھا الظاھر، وسببھ انصباب أحد األخالط األربعة، أو ریح حارة
الرأس والبدن، فینبعث منھا قسط إلى جوھر تكثر كمیتھا فىفترسل الطبیعة إلیھا من الدم العین، أو ضربة تصیب العین،
لھا، وألجل عرض والروح مقدارا كثیرا، تروم بذلك شفاءھا مما .ذلك یرم العضو المضروب، والقیاس یوجب ضده
حار : واعلم أنھ كما یرتفع من األرض إلى الجو بخاران، أحدھماحار رطب، فینعقدان سحابا متراكما، ویمنعان : واألخریابس،
فكذلك یرتفع من قعر المعدة إلى أبصارنا من إدراك السماء،عنھما علل شتى، فإن فیمنعان النظر، ویتولدمنتھاھا مثل ذلك،
الزكام، وإن قویت الطبیعة على ذلك ودفعتھ إلى الخیاشیم، أحدثالجنب، دفعتھ إلى اللھاة والمنخرین، أحدث الخناق، وإن دفعتھ إلى
أحدث الشوصة، وإن دفعتھ إلى الصدر، أحدث النزلة، وإن انحدر القلب، أحدث الخبطة، وإن دفعتھ إلى العین، أحدث رمدا، وإن إلى
أحدث السیالن، وإن دفعتھ إلى منازل الدماغ، انحدر إلى الجوف،أوعیة الدماغ منھ وامتألت بھ عروقھ، أحدث النسیان، وإن ترطبت
وإن. والسھر یابساأحدث النوم الشدید، ولذلك كان النوم رطبا،الصداع طلب البخار النفوذ من الرأس، فلم یقدر علیھ، أعقبھ
والسھر، وإن مال البخار إلى أحد شقى الرأس، أعقبھ الشقیقة، قمة الرأس ووسط الھامة، أعقبھ داء البیضة، وإن برد وإن ملك
سخن أو ترطب وھاجت منھ أریاح، أحدث منھ حجاب الدماغ أوحتى غلب الحار ، وإن أھاج الرطوبة البلغمیة فیھالعطاس
الغریزى، أحدث اإلغماء والسكات، وإن أھاج المرة السوداء حتىأظلم ھواء الدماغ، أحدث الوسواس، وإن فاض ذلك إلى مجارى
الطبیعى، وإن ترطبت مجامع عصب الرأس العصب، أحدث الصرعالبخار من مرة الفالج، وإن كانوفاض ذلك فى مجاریھ، أعقبھ
الصدر صفراء ملتھبة محمیة للدماغ، أحدث البرسام، فإن شركھ .فى ذلك، كان سرساما، فافھم ھذا الفصل
أن أخالط البدن والرأس تكون متحركة ھائجة فى حال: والمقصودحركة كلیة للبدن الرمد، والجماع مما یزید حركتھا وثورانھا، فإنھ
الروح من البدن بالقلب، ومنھ ینشأ النفس والبدن، فإن أول تعلقفألجل أن ترسل الطبیعة، وأما حركة. الروح، وتنبث فى األعضاء
.إرسالھما یجب إرسالھ من المنى على المقدار الذى یجب
فالجماع حركة كلیة عامة یتحرك فیھا البدن وقواه،: وبالجملةوطبیعتھ وأخالطھ، والروح والنفس، فكل حركة فھى مثیرة
دفعھا وسیالنھا إلى األعضاء الضعیفة، لألخالط مرققة لھا توجبفأضر ما علیھا حركة لعین فى حال رمدھا أضعف ما تكون،وا
.الجماع
وقد یدل ركوب السفن أن)): الفصول((فى كتاب )) بقراط((قال ھذا مع أن فى الرمد منافع كثیرة، منھا ما . الحركة تثور األبدان
من من الحمیة واالستفراغ، وتنقیة الرأس والبدن یستدعیھعما یؤذى النفس والبدن من فضالتھما وعفوناتھما، والكف
وفى . الشاقةالغضب، والھم والحزن، والحركات العنیفة، واألعمال .ال تكرھوا الرمد، فإنھ یقطع عروق العمى: أثر سلفى
ومن أسباب عالجھ مالزمة السكون والراحة، وترك مس العینوقد . أضداد ذلك یوجب انصباب المواد إلیھا واالشتغال بھا، فإن
مثل أصحاب محمد مثل العین، ودواء العین ترك: السلفقال بعضعالج الرمد : ((وقد روى فى حدیث مرفوع، اهللا أعلم بھ. مسھا
لحار، وھو من أنفع األدویة للرمد ا)) البارد فى العینتقطیر الماءیستعان بھ على إطفاء حرارة الرمد إذا كان فإن الماء دواء بارد
رضى اهللا عنھ، المرأتھ زینب حارا، ولھذا قال عبد اهللا بن مسعودصلى اهللا علیھ لو فعلت كما فعل رسول اهللا: وقد اشتكت عینھا
الماء، ثم ینكوسلم كان خیرا لك وأجدر أن تشفى، تنضحین فى عشفاء أذھب البأس رب الناس، واشف أنت الشافى، ال: ((تقولین
خاص وھذا مما تقدم مرارا أنھ)). إال شفاؤك، شفاء ال یغادر سقماببعض البالد، وبعض أوجاع العین، فال یجعل كالم النبوة الجزئى
الكلى العام جزئیا خاصا، فیقع من الخطإ، كلیا عاما، والالخاص .واهللا أعلم.. یقعوخالف الصواب ما
فصل
یجمد فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج الخدران الكلى الذى معھ البدن
: النھدىمن حدیث أبى عثمان)) غریب الحدیث((ذكر أبو عبید فى جرة فأكلوا منھا، فكأنما مرت بھم ریح،أن قوما مروا بش
قرسوا الماء فى : ((فأجمدتھم، فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلم: ، ثم قال أبو عبید))وصـبوا علیھم فیما بین األذانینالشنان،
قد قرس البرد، إنما ھو من : وقول الناس. بردوایعنى)): قرسوا((یقال : األسقیة والقرب الخلقان: والشنان.بالسین لیس بالصاد ھذا
وإنما ذكر الشنان دون الجدد ألنھا . شـنة:شن، وللقربة: للسقاءأذان الفجر : ، یعنى))بین األذانین)):وقولھ. أشد تبریدا للماء
.كالمھانتھى.. واإلقامة، فسمى اإلقامة أذانا
وھذا العالج من النبى صلى اهللا علیھ وسلم من: بعض األطباء قالأفضل عالج ھذا الداء إذا كان وقوعھ بالحجاز، وھى بالد حارة
الغریزى ضعیف فى بواطن سكانھا، وصب الماء یابسة، والحارأبرد أوقات الیوم یوجب جمع البارد علیھم فى الوقت المذكور وھو
قواه، فیقوى القوة غریزى المنتشر فى البدن الحامل لجمیعالحار الالدافعة، ویجتمع من أقطار البدن إلى باطنھ الذى ھو محل ذاك
الداء، ویستظھر بباقى القوى على دفع المرض المذكور، فیدفعھ وجل،بإذن اهللا عز
أو غیرھما، وصف ھذا الدواء)) جالینوس((أو )) بقراط((ولو أن .الداء، لخضعت لھ األطباء، وعجبوا من كمال معرفتھلھذا
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى إصالح الطعام الذى یقع فیھ الذباب وإرشاده إلى دفع مضرات السموم بأضدادھا
من حدیث أبى ھریرة، أن رسول اهللا صلى اهللا )) الصحیحین((فى وقع الذباب فى إناء أحدكم، فامقلوه، فإن فى إذا: ((وسلم قالعلیھ )).جناحیھ داء، وفى اآلخر شفاءأحد
عن أبى سعید الخدرى، أن رسول اهللا )) سنن ابن ماجھ((وفى أحد جناحى الذباب سم، واآلخر شفاء، : ((اهللا علیھ وسلم قالصلى )).الشفاءام، فامقلوه، فإنھ یقدم السم، ویؤخروقع فى الطعفإذا
أمر فقھى، وأمر طبى: ھذا الحدیث فیھ أمران
مات فھو دلیل ظاھر الداللة جدا على أن الذباب إذا.. فأما الفقھىفى ماء أو مائع، فإنھ ال ینجسھ، وھذا قول جمھور العلماء، وال
ووجھ االستدالل بھ أن النبى . سلف مخالف فى ذلكالیعرف فىبمقلھ، وھو غمسھ فى الطعام، ومعلوم صلى اهللا علیھ وسلم أمر
فلو كان ینجسھ . الطعام حاراأنھ یموت من ذلك، وال سیما إذا كانإنما أمر لكان أمرا بإفساد الطعام، وھو صلى اهللا علیھ وسلم
دى ھذا الحكم إلى كل ما ال نفس لھ سائلة، كالنحلةبإصالحھ، ثم عإذ الحكم یعم بعموم علتھ، . والزنبور، والعنكبوت، وأشباه ذلك
النتفاء سببھ، فلما كان سبب التنجیس ھو الدم المحتقن فى وینتفىمفقودا فیما ال دم لھ سائل انتفى الحكم الحیوان بموتھ، وكان ذلك
.یس النتفاء علتھبالتنج
إذا كان ھذا ثابتا فى: ثم قال من لم یحكم بنجاسة عظم المیتةالحیوان الكامل مع ما فیھ من الرطوبات، والفضالت، وعدم
الذى ھو أبعد عن الرطوبات والفضالت، الصالبة، فثبوتھ فى العظم .لىفالمصیر إلیھ أوواحتقان الدم أولى، وھذا فى غایة القوة،
ال ما: وأول من حفظ عنھ فى اإلسالم أنھ تكلم بھذه اللفظة، فقالنفس لھ سائلة؛ إبراھیم النخعى وعنھ تلقاھا الفقھاء والنفس فى
یعبر بھا عن الدم، ومنھ نفست المرأة بفتح النون إذا :اللغة .ولدتحاضت، ونفست بضمھا إذا
اغمسوه)): امقلوه((معنى : أبو عبیدوأما المعنى الطبى، فقال ھما یتماقالن، : لیخرج الشفاء منھ، كما خرج الداء، یقال للرجلین
.الماءإذا تغاطا فى
والحكة واعلم أن فى الذباب عندھم قوة سمـیة یدل علیھا الورم،یؤذیھ، العارضة عن لسعھ، وھى بمنزلة السالح، فإذا سقط فیما
بسالحھ، فأمر النبى صلى اهللا علیھ وسلم أن یقابل تلك اتقاهسبحانھ فى جناحھ اآلخر من الشفاء، السمیة بما أودعھ اهللا
السمیة المادة النافعة، فیغمس كلھ فى الماء والطعام، فیقابل المادة، بل وأئمتھموھذا طب ال یھتدى إلیھ كبار األطباء. فیزول ضررھا
ھو خارج من مشكاة النبوة، ومع ھذا فالطبیب العالم العارفالموفق یخضع لھذا العالج، ویقر لمن جاء بھ بأنھ أكمل الخلق
.وأنھ مؤید بوحى إلھى خارج عن القوى البشریةعلى اإلطالق،
كوقد ذكر غیر واحد من األطباء أن لسع الزنبور والعقرب إذا دلموضعھ بالذباب نفع منھ نفعا بینا، وسكنھ، وما ذاك إال للمادة التى
الشفاء، وإذا دلك بھ الورم الذى یخرج فى شعر العین فیھ من .رؤوس الذباب، أبرأهالمسمى شعرة بعد قطع
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج البثرة
تابھ عن بعض أزواج النبى صلى اهللا علیھ ذكر ابن السنى فى كدخل على رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم وقد خرج : قالتوسلم،
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج األبدان بما اعتادتھ من األدویة واألغذیة، دون ما لم تعتده
، وإذا أخطأهھذا أصل عظیم من أصول العالج، وأنفع شىء فیھالطبیب، أضر المریض من حیث یظن أنھ ینفعھ، وال یعدل عنھ إلى
األدویة فى كتب الطب إال طبیب جاھل، فإن مالءمة ما یجده مناستعدادھا وقبولھا، وھؤالء أھل األدویة واألغذیة لألبدان بحسب
والورد اللینوفر البوادى واألكارون وغیرھم ال ینجع فیھم شرابأھل الطرى وال المغلى، وال یؤثر فى طباعھم شیئا، بل عامة أدویة
الحضر وأھل الرفاھیة ال تجدى علیھم، والتجربة شاھدة بذلك،ومن ذكرناه من العالج النبوى، رآه كلھ موافقا لعادة العلیل تأمل ما
لعالج یجب فھذا أصل عظیم من أصول ا.وأرضھ، وما نشأ علیھحتى قال طبیب العرب االعتناء بھ، وقد صرح بھ أفاضل أھل الطب
الحمیة :بل أطبھم الحارث ابن كلدة، وكان فیھم كأبقراط فى قومھوفى. رأس الدواء، والمعدة بیت الداء؛ وعودوا كل بدن ما اعتاد
ك عن األكل یعنى بھ الجوع، اإلمسـا: األزم دواء، واألزم: لفظ عنھاألدویة فى شــفاء األمراض االمتالئیة كلھا بحیث وھو من أكبر
المستفرغات إذا لم یخف من كثرة إنھ أفضل فى عالجھا من .وغلیانھااالمتالء، وھیجان األخالط، وحدتھا
فعضو عصبى مجو: المعدة)). المعدة بیت الداء: ((وقولھكالقرعة فى شكلھا، مركب من ثالث طبقات، مؤلفة من شظایا
تسمى اللیف، ویحیط بھا لحم، ولیف إحدى الطبقات دقیقة عصبیةوالثالثة بالورب، وفم المعدة أكثر بالطول، واألخرى بالعرض،
خمل، وھى محصورة فىعصبا، وقعرھا أكثر لحما، فى باطنھاھذه وسط البطن، وأمیل إلى الجانب األیمن قلیال، خلقت على
الصفة لحكمة لطیفة من الخالق الحكیم سبحانھ، وھى بیت الداء، للھضم األول، وفیھا ینضج الغذاء وینحدر منھا بعد وكانت محال
ویتخلف منھ فیھا فضالت قد عجزت القوة ذلك إلى الكبد واألمعاء،الغذاء، أو لرداءتھ، أو لسوء لھاضمة عن تمام ھضمھا، إما لكثرةا
بعضھا مما ال ترتیب فى استعمالھ، أو لمجموع ذلك، وھذه األشیاءیتخلص اإلنسان منھ غالبا، فتكون المعدة بیت الداء لذلك، وكأنھیشیر بذلك إلى الحث على تقلیل الغذاء، ومنع النفس من اتباع
.والتحرز عن الفضالتالشھوات،
طبع العادة: ((فألنھا كالطبیعة لإلنسان؛ ولذلك یقال.. وأما العادة، وھى قوة عظیمة فى البدن، حتى إن أمرا واحدا إذا قیس ))ثان
وإن كانت تلك . مختلفة العادات، كان مختلف النسبة إلیھاإلى أبدانرى مثال ذلك أبدان ثالثة حارة األخاألبدان متفقة فى الوجوه
تناول األشیاء الحارة، عود: المزاج فى سن الشباب، أحدھاعود تناول األشیاء :والثالث. عود تناول األشیاء الباردة: والثانى
متى :والثانى. المتوسطة، فإن األول متى تناول عسال لم یضر بھفالعادة ركن عظیم فى . ضر بھ قلیالی: والثالث. تناولھ، أضر بھ
ومعالجة األمراض، ولذلك جاء العالج النبوى حفظ الصحة،األغذیة واألدویة وغیر بإجراء كل بدن على عادتھ فى استعمال
.ذلك
فصل
بخیبر فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج السم الذى أصابھ من الیھود
ن معمر، عن الزھرى، عن عبد الرحمن بن ذكر عبد الرزاق، عأن امرأة یھودیة أھدت إلى النبى صلى اهللا علیھ : ابن مالككعب
ھدیة، وحذرت : ؟ قالت)) ما ھذه: ((مصلیة بخیبر، فقالوسلم شاة من الصدقة، فال یأكل منھا، فأكل النبى صلى اهللا علیھ:أن تقول
ھل : ((، ثم قال للمرأة))أمسكوا: ((ثم قالوسلم، وأكل الصحابة،
إن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم لما: سوقالت طائفة من الناأصیب بھذا الداء، وكان یخیل إلیھ أنھ فعل الشىء ولم یفعلھ،ظن
مادة دمویة أو غیرھا مالت إلى جھة الدماغ، وغلبت أن ذلك عنمزاجھ عن الحالة الطبیعیة لھ، على البطن المقدم منھ، فأزالتوأنفع المعالجة، من أبلغ األدویة،وكان استعمال الحجامة إذ ذاك
فاحتجم، وكان ذلك قبل أن یوحى إلیھ أن ذلك من السحر، فلماجاءه الوحى من اهللا تعالى، وأخبره أنھ قد سحر، عدل إلى العالج
استخراج السحر وإبطالھ، فسأل اهللا سبحانھ، فدلھ الحقیقى وھوأنشط من عقال، وكان غایة كأنماعلى مكانھ، فاستخرجھ، فقام
جوارحھ، ال على عقلھ ھذا السحر فیھ إنما ھو فى جسده، وظاھرالنساء، بل وقلبھ، ولذلك لم یكن یعتقد صحة ما یخیل إلیھ من إتیان
یعلم أنھ خیال ال حقیقة لھ، ومثل ھذا قد یحدث من بعض .واهللا أعلم..األمراض
فصل
اإللھیة ھى أنفع عالجات السحر فى أن األدویة
ومن أنفع عالجات السحر األدویة اإللھیة، بل ھى أدویتھ النافعةبالذات، فإنھ من تأثیرات األرواح الخبیثة السفلیة، ودفع تأثیرھا
یعارضھا ویقاومھا من األذكار، واآلیات، والدعوات التى یكون بماا كانت أقوى وأشد، كانت أبلغ فى وتأثیرھا، وكلمتبطل فعلھا
جیشین مع كل واحد منھما عدتھ النشرة، وذلك بمنزلة التقاءلھ، فالقلب إذا كان وسالحھ، فأیھما غلب اآلخر، قھره، وكان الحكم
ممتلئا من اهللا مغمورا بذكره، ولھ من التوجھات والدعواتل بھ یطابق فیھ قلبھ لسانھ، كان ھذا واألذكار والتعوذات ورد ال یخ
األسباب التى تمنع إصابة السحر لھ، ومن أعظم من أعظم .العالجات لھ بعد ما یصیبھ
الضعیفة أن سحرھم إنما یتم تأثیره فى القلوب: وعند السحرةالمنفعلة، والنفوس الشھوانیة التى ھى معلقة بالسفلیات، ولھذا
غالب ما یؤثر فى النساء، والصبیان، والجھال، وأھل فإنمن الدین والتوكل والتوحید، ومن ال البوادى، ومن ضعف حظھ
.والتعوذات النبویةنصیب لھ من األوراد اإللھیة والدعوات
فسلطان تأثیره فى القلوب الضعیفة المنفعلة التى یكون.. وبالجملةوالمسحور ھو الذى یعین على نفسھ، : لیات، قالوامیلھا إلى السف
متعلقا بشىء كثیر االلتفات إلیھ، فیتسلط على قلبھ فإنا نجد قلبھواألرواح الخبیثة إنما تتسلط على بما فیھ من المیل وااللتفات،
بمیلھا إلى ما یناسب تلك أرواح تلقاھا مستعدة لتسلطھا علیھاللعدة ة، وبفراغھا من القوة اإللھیة، وعدم أخذھااألرواح الخبیث
التى تحاربھا بھا، فتجدھا فارغة ال عدة معھا، وفیھا میل إلى ما.. یناسبھا؛ فتتسلط علیھا، ویتمكن تأثیرھا فیھا بالسحر وغیره
.أعلمواهللا
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى االستفراغ بالقىء
عن معدان بن أبى طلحة، عن أبى)) جامعھ((ترمذى فى روى الأن النبى صلى اهللا علیھ وسلم قاء، فتوضأ فلقیت ثوبان : الدرداء
صدق، أنا صببت لھ : دمشق، فذكرت لھ ذلك، فقالفى مسجد .أصح شىء فى البابوھذا: قال الترمذى. وضوءه
ة التى ھى أصول االستفراغ، أحد االستفراغات الخمس: القىء. اإلسھال، والقىء، وإخراج الدم، وخروج األبخرة والعرق:وھى
.السـنةوقد جاءت بھا
))خیر ما تداویتم بھ المشى: ((فقد مر فى حدیث.. فأما اإلسھالفقد تقدم فى أحادیث .. وأما إخراج الدم)). السنا((وفى حدیث
.الحجامة
.فنذكره عقیب ھذا الفصل إن شاء اهللا.. راغ األبخرةوأما استف
الطبیعة فال یكون غالبا بالقصد، بل بدفع.. وأما االستفراغ بالعرق .لھ إلى ظاھر الجسد، فیصادف المسام مفتحة، فیخرج منھا
من والقىء استفراغ من أعال المعدة، والحقنة من أسفلھا، والدواء .اأعالھا وأسفلھ
.منھا اإلصالح. فالطب بكسر الطاء فى لغة العرب، یقال على معانلطف : أى. لھ طب باألمور: ویقال. إذا أصلحتھ: طببتھ: یقال
:الشاعرقال. وسیاسة
برأى ثاقبوإذا تغیر من تمیم أمرھا كنت الطبیب لھا
كل حاذق طبیب عند العرب، قال أبو: قال الجوھرى. الحذق: ومنھاطب : یقال للرجل. الحذق باألشیاء والمھارة بھا: أصل الطب: عبیدوقال . كذلك، وإن كان فى غیر عالج المریضإذا كان: بیبوط
قال . لحذقھ وفطنتھحاذق، سمى طبیبا: رجل طبیب؛ أى: غیره :علقمة
النساء طبیبفإن تسألونى بالنســـاء فإننى خبیر بأدواء
نھى رسول اهللا صلى اهللا : عن أبى ھریرة ، قال )) السنن((وفى .وسلم عن الدواء الخبیث علیھ
، أنھ سأل عن طارق بن سوید الجعفى)) صحیح مسلم((وفى صلى اهللا علیھ وسلم عن الخمر ، فنھاه ، أو كره أن یصنعھا النبى
إنھ لیس بدواء ولكنھ داء : ((أصنعھا للدواء ، فقال إنما: ، فقال . ((
أنھ صلى اهللا علیھ وسلم سئل عن الخمر یجعل فى)) السنن((وفى رواه أبو داود ،)) اء ولیست بالدواءإنھا د: ((الدواء ، فقال
.والترمذى
قلت : عن طارق بن سوید الحضرمى ؛ قال )) صحیح مسلم((وفى : اهللا ؛ إن بأرضنا أعنابا نعتصرھا فنشرب منھا ، قال یا رسول: إن ذلك : ((إنا نستشفى للمریض قال : قلت فراجعتھ ،)) . ال((
)) .داءاء ولكنھلیس بشف
أن طبیبا ذكر ضفدعا فى دواء عند رسول)) سنن النسائى((وفى .اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، فنھاه عن قتلھا
بالخمر ، من تداوى: ((ویذكر عنھ صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال )) .فال شفاه اهللا
ذكرنا ة عقال وشرعا ، أما الشرع فماالمعالجة بالمحرمات قبیحوأما العقل ، فھو أن اهللا سبحانھ إنما. من ھذه األحادیث وغیرھا
حرمھ لخبثھ ، فإنھ لم یحرم على ھذه األمة طیبا عقوبة لھا ، كما منافبظلم من الذین ھادوا حر{: على بنى إسرائیل بقولھ حرمھ
، وإنما حرم على ھذه]160: النساء [}علیھم طیبات أحلت لھماألمة ما حرم لخبثھ ، وتحریمھ لھ حمیة لھم ، وصیانة عن تناولھ
أن یطلب بھ الشفاء من األسقام والعلل ، فإنھ وإن أثر ، فال یناسبأعظم منھ فى القلب بقوة الخبث الذى یعقب سقمافى إزالتھا ، لكنھ
.قد سعى فى إزالة سقم البدن بسقم القلب فیھ ، فیكون المداوى بھ
وأیضا فإن تحریمھ یقتضى تجنبھ والبعد عنھ بكل طریق ، وفىاتخاذه دواء حض على الترغیب فیھ ومالبستھ ، وھذا ضد مقصود
كما نص علیھ صاحب الشریعة ، فال داءالشارع ، وأیضا فإنھ .یجوز أن یتخذ دواء
وأیضا فإنھ یكسب الطبیعة والروح صفة الخبث ، ألن الطبیعةتنفعل عن كیفیة الدواء انفعاال بینا ، فإذا كانت كیفیتھ خبیثة ،
الطبیعة منھ خبثا ، فكیف إذا كان خبیثا فى ذاتھ ، ولھذا اكتسبتعباده األغذیة واألشربة والمالبس الخبیثة ، م اهللا سبحانھ علىحر
.وصفتھ لما تكسب النفس من ھیئة الخبث
تمیل وأیضا فإن فى إباحة التداوى بھ ، وال سیما إذا كانت النفوسإلیھ ذریعة إلى تناولھ للشھوة واللذة ، ال سیما إذا عرفت النفوس
مزیل ألسقامھا جالب لشفائھا ، فھذا أحب شىء إلیھا نافع لھا أنھالذریعة إلى تناولھ بكل ممكن ، وال ریب أن بین سد ، والشارع سد
.وفتح الذریعة إلى تناولھ تناقضا وتعارضا الذریعة إلى تناولھ ،
یظن اوأیضا فإن فى ھذا الدواء المحرم من األدواء ما یزید على مفیھ من الشفاء ، ولنفرض الكالم فى أم الخبائث التى ما جعل اهللا
فیھا شفاء قط ، فإنھا شدیدة المضرة بالدماغ الذى ھو مركز لنا .وكثیر من الفقھاء والمتكلمین ،العقل عند األطباء
ضرر الخمرة: فى أثناء كالمھ فى األمراض الحادة )) أبقراط((قال ویرتفع بارتفاعھ األخالط . ألنھ یسرع االرتفاع إلیھ . رأس شدید بال
.البدن ، وھو لذلك یضر بالذھن التى تعلو فى
إن خاصیة الشراب اإلضرار بالدماغ)) : الكامل((وقال صاحب .والعصب
:وأما غیره من األدویة المحرمة فنوعان
اعدتھ الطبیعة على دفع تعافھ النفس وال تنبعث لمس: أحدھما بھ كالسموم ، ولحوم األفاعى وغیرھا من المستقذرات ، المرض
.لھا ، فیصیر حینئذ داء ال دواء فیبقى كال على الطبیعة مثقال
مثال ما ال تعافھ النفس كالشراب الذى تستعملھ الحوامل: والثانى یم ذلك ، فالعقل ، فھذا ضرره أكثر من نفعھ ، والعقل یقضى بتحر
.مطابق للشرع فى ذلك والفطرة
وھاھنا سر لطیف فى كون المحرمات ال یستشفى بھا ، فإن شرطالشفاء بالدواء تلقیھ بالقبول ، واعتقاد منفعتھ ، وما جعل اهللا فیھ
الشفاء ، فإن النافع ھو المبارك ، وأنفع األشیاء أبركھا ، من بركةالناس أینما كان ھو الذى ینتفع بھ حیث حل ، بارك منوالم
ھذه العین مما یحول بینھ وبین ومعلوم أن اعتقاد المسلم تحریموتلقى طبعھ لھا اعتقاد بركتھا ومنفعتھا ، وبین حسن ظنھ بھا ،
وأسوأ بالقبول ، بل كلما كان العبد أعظم إیمانا ، كان أكره لھادا فیھا ، وطبعھ أكره شىء لھا ، فإذا تناولھا فى ھذه الحال ، اعتقاداء لھ ال دواء إال أن یزول اعتقاد الخبث فیھا ، وسوء الظن كانت
كما یحلقھا المریدون. حلق الرأس لغیر اهللا سبحانھ : والثانى أنا حلقت رأسى لفالن ، وأنت حلقتھ : لشیوخھم ، فیقول أحدھم
سجدت لفالن ، فإن حلق الرأس : أن یقول ن ، وھذا بمنزلةلفالتمام الحج ، حتى إنھ عند خضوع وعبودیة وذل ، ولھذا كان منالنواصى بین فإنھ وضع. الشافعى ركن من أركانھ ال یتم إال بھ
یدى ربھا خضوعا لعظمتھ ، وتذلال لعزتھ ، وھو من أبلغ أنواع، ولھذا كانت العرب إذا أرادت إذالل األسیر منھم وعتقھ ، العبودیة
وأطلقوه ، فجاء شیوخ الضالل والمزاحمون للربوبیة حلقوا رأسھالشرك والبدعة ، فأرادوا من مریدیھم الذین أساس مشیختھم على
رؤوسھم لھم ، كما زینوا لھم أن یتعبدوا لھم ، فزینوا لھم حلقالرأس بین ھو وضع: د لھم ، وسموه بغیر اسمھ ، وقالوا السجو
یدى الشیخ ، ولعمر اهللا إن السجود هللا ھو وضع الرأس بین یدیھ وزینوا لھم أن ینذروا لھم ، ویتوبوا لھم ، ویحلفوا ،سبحانھ
اتخاذھم أربابا وآلھة من دون اهللا ، قال تعالى بأسمائھم ، وھذا ھویؤتیھ اهللا الكتاب والحكم والنبوة ثم یقول ما كان لبشر أن{ :
كنتم كونوا عبادا لى من دون اهللا ولكن كونوا ربانیین بماللناسركم أن تتخذوا یأموال* تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون
آل [}أیأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمونالمالئكة والنبیین أربابا ، ].80- 79: عمران
ما تؤثر فى اإلنسان كیفیتھا بمجرد الرؤیة من غیر اتصال : ومنھا لشدة خبث تلك النفس ، وكیفیتھا الخبیثة المؤثرة ، والتأثیر ،بھ
، كما یظنھ من قل علمھ االتصاالت الجسمیةغیر موقوف علىالتأثیر یكون تارة باالتصال ، ومعرفتھ بالطبیعة والشریعة ، بل
الروح نحو من وتارة بالمقابلة ، وتارة بالرؤیة ، وتارة بتوجھبالوھم یؤثر فیھ ، وتارة باألدعیة والرقى والتعوذات ، وتارة
تأثیرھا على الرؤیة ، بل قد والتخیل ، ونفس العائن ال یتوقففیوصف لھ الشىء ، فتؤثر نفسھ فیھ ، وإن لم یره ، ،یكون أعمى
المعین بالوصف من غیر رؤیة ، وقد وكثیر من العائنین یؤثر فىكفروا لیزلقونك بأبصارھم لما وإن یكاد الذین{:قال تعالى لنبیھ
من شر * قل أعوذ برب الفلق { : وقال [51:القلم [} ذكرسمعوا ال* ومن شر النفاثات فى العقد * غاسق إذا وقب ومن شر*ما خلق فكل عائن حاسد ، ولیس كل حاسد عائنا} حاسد إذا حسد ومن شر
من أعم من العائن ، كانت االستعاذة منھ استعاذةفلما كان الحاسد العائن ، وھى سھام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود
تارة وتخطئھ تارة ، فإن صادفتھ مكشوفا ال وقایة والمعین تصیبھبد ، وإن صادفتھ حذرا شاكى السالح ال علیھ ، أثرت فیھ ، وال
وربما ردت السھام على صاحبھا للسھام ، لم تؤثر فیھ ، منفذ فیھالنفوس واألرواح ، ، وھذا بمثابة الرمى الحسى سواء ، فھذا من
وأصلھ من إعجاب العائن بالشىء ،. وذاك من األجسام واألشباح ثم تتبعھ كیفیة نفسھ الخبیثة ، ثم تستعین على تنفیذ سمھا بنظرة
وقد یعین الرجل نفسھ ، وقد یعین بغیر إرادتھ ، بل ،لمعینإلى ایكون من النوع اإلنسانى ، وقد قال أصحابنا بطبعھ ، وھذا أردأ مابذلك ، حبسھ اإلمام ، وأجرى إن من عرف: وغیرھم من الفقھاء
.قطعا لھ ما ینفق علیھ إلى الموت ، وھذا ھو الصواب
فصل
ى أنواع المقصود بالعالج النبوى لھذه العلةف
أبو العالج النبوى لھذه العلة ، وھو أنواع ، وقد روى: والمقصود مررنا بسیل ، : عن سھل بن حنیف ، قال )) سننھ((داود فى فاغتسلت فیھ ، فخرجت محموما ، فنمى ذلك إلى رسول فدخلت ،
: قال )) . مروا أبا ثابت یتعوذ: ((فقال وسلم ،اهللا صلى اهللا علیھ
ال رقیة إال فى نفس ، : ((صالحة ؟ فقال یا سیدى ؛ والرقى: فقلت )) .أو حمة ، أو لدغة
م الذى ال شىء أعظم منھ ،أعوذ بوجھ اهللا العظی: ((ومنھا وبكلماتھ التامات التى ال یجاوزھن بر وال فاجر ، وأسماء اهللا
ما علمت منھا وما لم أعلم ، من شر ما خلق وذرأ وبرأ الحسنى ،شر ال أطیق شره ، ومن شر كل ذى شر أنت ، ومن شر كل ذى
)).على صراط مستقیمن ربىآخذ بناصیتھ ، إ
وأنت رب اللھم أنت ربى ال إلھ إال أنت ، علیك توكلت ،: ((ومنھا العرش العظیم ، ما شاء اهللا كان ، وما لم یشأ لم یكن ، ال حول والقوة إال باهللا ، أعلم أن اهللا على كل شىء قدیر ، وأن اهللا قد أحاط
ء علما ، وأحصى كل شىء عددا ، اللھم إنى أعوذ بك من شىبكلوشر الشیطان وشركھ ، ومن شر كل دابة أنت آخذ شر نفسى ،
)) .على صراط مستقیمبناصیتھا ، إن ربى
وإلھ كل تحصنت باهللا الذى ال إلھ إال ھو ، إلھى: ((وإن شاء قال شىء ، واعتصمت بربى ورب كل شىء ، وتوكلت على الحى الذى
یموت ، واستدفعت الشر بالحول وال قوة إال باهللا ، حسبى اهللاالونعم الوكیل ، حسبى الرب من العباد ، حسبى الخالق من المخلوق
أن غسلھا بالماء یطفىء تلك الناریة ، ویذھب بتلك: والمقصود .السمیة
وفیھ أمر آخر ، وھو وصول أثر الغسل إلى القلب من أرق وأسرعھا تنفیذا ، فیطفىء تلك الناریة والسمیة بالماء ، المواضع
كما أن ذوات السموم إذا قتلت بعد لسعھا ، ین ، وھذافیشفى المعووجد راحة ، فإن أنفسھا تمد خف أثر اللسعة عن الملسوع ،
قتلت ، خف األلم ، فإذا. أذاھا بعد لسعھا ، وتوصلھ إلى الملسوع واشتفاء نفسھ وإن كان من أسبابھ فرح الملسوع ،. وھذا مشاھد
.قتل عدوه ، فتقوى الطبیعة على األلم ، فتدفعھ ب
غسل العائن یذھب تلك الكیفیة التى ظھرت منھ ، وإنما.. وبالجملة .ینفع غسلھ عند تكیف نفسھ بتلك الكیفیة
فقد ظھرت مناسبة الغسل ، فما مناسبة صب ذلك الماء : فإن قیل المعین ؟على
بة ، فإن ذلك الماء ماء طفىء بھ تلكھو فى غایة المناس: قیل الناریة ، وأبطل تلك الكیفیة الردیئة من الفاعل ، فكما طفئت بھ
بالفاعل طفئت بھ ، وأبطلت عن المحل المتأثر بعد الناریة القائمةالذى یطفأ بھ الحدید یدخل فى مالبستھ للمؤثر العائن ، والماء
طفىء بھ ناریة طباء ، فھذا الذىأدویة عدة طبیعیة ذكرھا األ .العائن ، ال یستنكر أن یدخل فى دواء یناسب ھذا الداء
فطب الطبائعیة وعالجھم بالنسبة إلى العالج النبوى ،.. وبالجملة كطب الطرقیة بالنسبة إلى طبھم ، بل أقل ، فإن التفاوت الذى بینھم
تفاوت الذى بینھم وبین الطرقیة األنبیاء أعظم ، وأعظم من الوبیناإلنسان مقداره ، فقد ظھر لك عقد اإلخاء الذى بین بما ال یدرك
أحدھما لآلخر ، واهللا یھدى من الحكمة والشرع ، وعدم مناقضةالتوفیق منھ كل باب یشاء إلى الصواب ، ویفتح لمن أدام قرع باب
.لبالغة ، ولھ النعمة السابغة ، والحجة ا
فصل
فى ستر محاسن من یخاف علیھ العین بما یردھا عنھ
ومن عالج ذلك أیضا واالحتراز منھ ستر محاسن من یخاف علیھ)) شرح السـنة((العین بما یردھا عنھ ، كما ذكر البغوى فى كتاب
ونتھ دسموا ن: عثمان رضى اهللا عنھ رأى صبیا ملیحا ، فقال أن: )) دسموا نونتھ((ومعنى : العین ، ثم قال فى تفسیره ، لئال تصیبھ
النقرة التى تكون فى ذقن الصبى : والنونة سودوا نونتھ ،: أى .الصغیر
إنھ رأى : لھ عن عثمان )) غریب الحدیث((وقال الخطابى فى سألت : أبو عمرو فقال. دسموا نونتھ : تأخذه العین ، فقال صبیا
. النقرة التى فى ذقنھ : أراد بالنونة : فقال أحمد بن یحیى عنھ ،سودوا ذلك الموضع من ذقنھ ، لیرد :أراد . التسوید : والتدسیم
اهللا صلى اهللا علیھ قال ومن ھذا حدیث عائشة ان رسول. العین سوداء: أى وسلم خطب ذات یوم ، وعلى رأسھ عمامة دسماء
:أراد االستشھاد على اللفظة ، ومن ھذا أخذ الشاعر قولھ
العینما كان أحوج ذا الكمال إلى عیب یوقیـھ مـن
فصل
فى الرقى التى ترد العین
أنھ ،ومن الرقى التى ترد العین ما ذكر عن أبى عبد اهللا الساجىض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فارھة ، وكان فى كان فى بع
عائن ، قلما نظر إلى شىء إال أتلفھ ، قیل ألبى عبد اهللا الرفقة رجللیس لھ إلى ناقتى سبیل ، فأخبر : العائن ، فقال احفظ ناقتك من:
فنظر غیبة أبى عبد اهللا ، فجاء إلى رحلھ ،العائن بقولھ ، فتحینأبو عبد اهللا ، فأخبر أن إلى الناقة ، فاضطربت وسقطت ، فجاءفدل ، . علیھ دلونى: العائن قد عانھا ، وھى كما ترى ، فقال
بسم اهللا ، حبس حابس ، وحجر یابس ،: فوقف علیھ، وقال ناس إلیھ ، وشھاب قابس ، ردت عین العائن علیھ ، وعلى أحب ال
ینقلب ثم ارجع البصر كرتین* البصر ھل ترى من فطور فارجع{حدقتا فخرجت] 4-3: الملك [}إلیك البصر خاسئا وھو حسیر
.العائن ، وقامت الناقة ال بأس بھا
فصل
العام لكل شكوى بالرقیة فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى العالج اإللھیة
: من حدیث أبى الدرداء ، قال )) : سننھ((روى أبو داود فى من اشتكى منكم : ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یقول سمعت
ربنا اهللا الذى فى السماء ، تقدس : فلیقل شیئا ، أو اشتكاه أخ لھاء واألرض كما رحمتك فى السماء ، فاجعل السماسمك ، أمرك فى
حوبنا وخطایانا أنت رب الطیبین ، رحمتك فى األرض ، واغفر لناشفائك على ھذا الوجع ، فیبرأ أنزل رحمة من رحمتك ، وشفاء من
)) .بإذن اهللا
علیھ عن أبى سعید الخدرى ، أن جبریل )) صحیح مسلم((وفى یا محمد ؛ أشتكیت ؟ : أتى النبى صلى اهللا علیھ وسلم فقال السالمباسم اهللا أرقیك من : ((فقال جبریل علیھ السالم )) .نعم: ((فقال
شر كل نفس أو عین حاسد اهللا یشفیك ، كل شىء یؤذیك ، من )) .باسم اهللا أرقیك
ال رقیة: ((ون فى الحدیث الذى رواه أبو داود فما تقول: فإن قیل ذوات السموم كلھا ؟: ، والحمة )) إال من عین، أو حمة
فى أنھ صلى اهللا علیھ وسلم لم یرد بھ نفى جواز الرقیة: فالجواب ال رقیة أولى وأنفع منھا فى العین والحمة : غیرھا ، بل المراد بھ
لیھ سیاق الحدیث ، فإن سھل ابن حنیف قال لھ لما ع، ویدل ال رقیة إال فى نفس: ((الرقى خیر ؟ فقال أو فى: أصابتھ العین
ویدل علیھ سائر أحادیث الرقى العامة والخاصة ، وقد)) أو حمةقال رسول اهللا صلى اهللا علیھ : روى أبو داود من حدیث أنس قال
)) .إال من عین ، أو حمة ، أو دم یرقأال رقیة: ((وسلم
رخص رسول اهللا صلى اهللا :((عنھ أیضا )) صحیح مسلم((وفى )) .وسلم فى الرقیة من العین والحمة والنملةعلیھ
فصل
بالفاتحةفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى رقیة اللدیغ
:من حدیث أبى سعید الخدرى ، قال )) لصحیحینا((أخرجا فى @انطلق نفر من أصحاب النبى صلى اهللا علیھ وسلم فى سفرة ))
نزلوا على حى من أحیاء العرب ، فاستضافوھم ، سافروھا حتىفلدغ سید ذلك الحى ، فسعوا لھ بكل شىء ال فأبوا أن یضیفوھم ،
لو أتیتم ھؤالء الرھط الذین نزلوا : بعضھم فعھ شىء ، فقالینیا أیھا الرھط : فأتوھم ، فقالوا .لعلھم أن یكون عند بعضھم شىء
بكل شىء ال ینفعھ ، فھل عند أحد ؛ إن سیدنا لدغ ، وسعینا لھألرقى ، ولكن واهللا إنىنعم: منكم من شىء ؟ فقال بعضھم
حتى تجعلوا لنا جعال ، استضفناكم ، فلم تضیفونا ، فما أنا براق
: علیھ ، ویقرأ فصالحوھم على قطیع من الغنم ، فانطلق یتفلفانطلق یمشى ، فكأنما أنشط من عقال ،}الحمد هللا رب العالمین {
فقال ،فأوفوھم جعلھم الذى صالحوھم علیھ: قال وما بھ قلبة،ال تفعلوا حتى نأتى رسول : اقتسموا ، فقال الذى رقى : بعضھم
علیھ وسلم ، فنذكر لھ الذى كان ، فننظر ما یأمرنا ، اهللا صلى اهللاصلى اهللا علیھ وسلم ، فذكروا لھ ذلك ، فقدموا على رسول اهللا
قد أصبتم ، اقسموا : ((ثم قال ؟ ،)) وما یدریك أنھا رقیة(( :فقال )) .واضربوا لى معكم سھما
قال رسول : من حدیث على قال )) سننھ((وقد روى ابن ماجھ فى )) .خیر الدواء القرآن: ((اهللا علیھ وسلم اهللا صلى
الظن ومنافع مجربة ، فماومن المعلوم أن بعض الكالم لھ خواص بكالم رب العالمین ، الذى فضلھ على كل كالم كفضل اهللا على خلقھ
ھو الشفاء التام ، والعصمة النافعة ، والنور الھادى ، الذىلو أنزل على جبل لتصدع من عظمتھ والرحمة العامة ، الذى
القرآن ما ھو شفاء ورحمة من وننزل{: قال تعالى . وجاللتھ ھھنا لبیان الجنس ال )) من((و] .82: اإلسراء [}للمؤمنین
لنفى األصل، والفرع والنظیر ، والمماثل مما اختصت بھ وصارتإثبات كل الكمال ، وفى )) الصمد((تعدل ثلث القرآن ، ففى اسمھ
نفى كل )) األحد((وفى . لتنزیھ عن الشبیھ والمثال انفى الكفء .األصول الثالثة ھى مجامع التوحید شریك لذى الجالل ، وھذه
وفى المعوذتین االستعاذة من كل مكروه جملة وتفصیال ، فإناالستعاذة من شر ما خلق تعم كل شر یستعاذ منھ ، سواء أكان فى
م أو األرواح ، واالستعاذة من شر الغاسق وھو اللیل ، األجساالقمر إذا غاب ، تتضمن االستعاذة من شر ما ینتشر وآیتھ وھو
التى كان نور النھار یحول بینھا وبین فیھ من األرواح الخبیثة .القمر ، انتشرت وعاثت االنتشار ، فلما أظلم اللیل علیھا وغاب
ذة من شر النفاثات فى العقد تتضمن االستعاذة من شرواالستعا .السواحر وسحرھن
واالستعاذة من شر الحاسد تتضمن االستعاذة من النفوس الخبیثة .المؤذیة بحسدھا ونظرھا
تتضمن االستعاذة من شر شیاطین اإلنس والجن : والسورة الثانیة ذة من كل شر ، ولھما شأن عظیم فقد جمعت السورتان االستعا،
من الشرور قبل وقوعھا ، ولھذا أوصى فى االحتراس والتحصنبقراءتھما عقب كل النبى صلى اهللا علیھ وسلم عقبة بن عامر
وفى ھذا سر عظیم فى)) جامعھ((صالة ، ذكره الترمذى فى ما تعوذ : وقال . استدفاع الشرور من الصالة إلى الصالة
وقد ذكر أنھ صلى اهللا علیھ وسلم سحر فى .المتعوذون بمثلھما علیھ بھما ، فجعل كلما قرأ إحدى عشرة عقدة ، وأن جبریل نزل
كلھا ، وكأنما أنشط من آیة منھما انحلت عقدة ، حتى انحلت العقد .عقال
،فإن فى الملح نفعا لكثیر من السموم وأما العالج الطبیعى فیھ ،یضمد بھ مع )) : القانون((وال سیما لدغة العقرب ، قال صاحب
وفى الملح من . العقرب ، وذكره غیره أیضا بذر الكتان للسعالسموم ویحللھا ، ولما كان فى القوة الجاذبة المحللة ما یجذب
جمع بین الماء ج إلى تبرید وجذب وإخراجلسعھا قوة ناریة تحتاالمبرد لنار اللسعة ، والملح الذى فیھ جذب وإخراج ، وھذا أتم مایكون من العالج وأیسره وأسھلھ ، وفیھ تنبیھ على أن عالج ھذا
.واهللا أعلم .. والجذب واإلخراج الداء بالتبرید
جاء رجل : عن أبى ھریرة قال )) صحیحھ((وقد روى مسلم فى یا رسول اهللا ؛ ما لقیت من : النبى صلى اهللا علیھ وسلم ، فقال إلى
أعوذ : أما لو قلت حین أمسیت : ((البارحة فقال عقرب لدغتنى التامات من شر ما خلق ،بكلمات اهللا
)) .لم تضرك
نفع من الداء بعد حصولھ ،واعلم أن األدویة الطبیعیة اإللھیة توتمنع من وقوعھ ، وإن وقع لم یقع وقوعا مضرا ، وإن كان
الطبیعیة إنما تنفع ، بعد حصول الداء ، مؤذیا ، واألدویةوقوع ھذه األسباب ، وإما أن فالتعوذات واألذكار ، إما أن تمنع
وتھ وضعفھ وقتحول بینھا وبین كمال تأثیرھا بحسب كمال التعوذ، فالرقى والعوذ تستعمل لحفظ الصحة ، وإلزالة المرض ، أما
من حدیث عائشة كان رسول اهللا )) الصحیحین((فكما فى : األول قل ھو {: إذا أوى إلى فراشھ نفث فى كفیھ صلى اهللا علیھ وسلم
، وما بلغت یده من ثم یمسح بھما وجھھ. والمعوذتین اهللا أحد .}جسده
ال اللھم أنت ربى: ((وكما فى حدیث عوذة أبى الدرداء المرفوع ، وقد تقدم )) إلھ إال أنت علیك توكلت وأنت رب العرش العظیم
من قالھا أول نھاره لم تصبھ مصیبة حتى یمسى ، ومن )) :وفیھ )) .م تصبھ مصیبة حتى یصبحنھاره لقالھا آخر
البقرة من قرأ اآلیتین من آخر سورة)) : ((الصحیحین((وكما فى )) .فى لیلة كفتاه
من: ((عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم )) صحیح مسلم((وكما فى لم ما خلق ، أعوذ بكلمات اهللا التامات من شر: نزل منزال فقال
)) .یضره شىء حتى یرتحل من منزلھ ذلك
أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم )) سنن أبى داود((وكما فى یا أرض ؛ ربى وربك اهللا ، أعوذ :((فى السفر یقول باللیل كان
یدب علیك ، أعوذ باهللا من شرك وشر ما فیك ، وشر ماباهللا منوأسود ، ومن الحیة والعقرب ، ومن ساكن البلد ، ومن والد أسد )) .ولدوما
فكما تقدم من الرقیة بالفاتحة ، والرقیة للعقرب: وأما الثانى .وغیرھا مما یأتى
فصل
ملةفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى رقیة الن
أنھ صلى اهللا )) صحیح مسلم((قد تقدم من حدیث أنس الذى فى )) .رخص فى الرقیة من الحمة والعین والنملة((وسلم علیھ
دخل : عن الشفاء بنت عبد اهللا ، قالت )) سنن أبى داود((وفى : ل رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم وأنا عند حفصة ، فقاعلى
)) .رقیة النملة كما علمتیھا الكتابةأال تعلمین ھذه((
نملة قروح تخرج فى الجنبین ، وھو داء معروف ، وسمى: النملة ، ألن صاحبھ یحس فى مكانھ كأن نملة تدب علیھ وتعضھ ،
زعمون أن كان المجوس ی: ثالثة ، قال ابن قتیبة وغیره وأصنافھاخط على النملة ، شفى صاحبھا ، ومنھ ولد الرجل من أختھ إذا
:قول الشاعر
نخط على النملوال عیب فینا غیر عرف لمعشر كرام وأنا ال
الجاھلیة أن الشفاء بنت عبد اهللا كانت ترقى فى: وروى الخالل ملة ، فلما ھاجرت إلى النبى صلى اهللا علیھ وسلم وكانت قدمن الن
یا رسول اهللا ؛ إنى كنت أرقى فى الجاھلیة : بایعتھ بمكة ، قالت : وإنى أرید أن أعرضھا علیك ، فعرضت علیھ فقالت من النملة ،
ھم من أفواھھا ، وال تضر أحدا ، اللبسم اهللا ضلت حتى تعودترقى بھا على عود سبع مرات ، :اكشف البأس رب الناس ، قال
حجر بخل خمر حاذق ، وتطلیھ وتقصد مكانا نظیفا ، وتدلكھ على .تعلیم النساء الكتابة دلیل على جواز: وفى الحدیث . على النملة
فصل
رقیة الحیة فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى
بضم : الحمة ،)) ال رقیة إال فى عین ، أو حمة: ((قد تقدم قولھ .الحاء وفتح المیم وتخفیفھا
رخص رسول اهللا : ((من حدیث عائشة )) سنن ابن ماجھ((وفى )) .اهللا علیھ وسلم فى الرقیة من الحیة والعقربصلى
لدغ بعض أصحاب رسول : لزھرى ، قال ویذكر عن ابن شھاب ا: صلى اهللا علیھ وسلم حیة ، فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلم اهللایا رسول اهللا ؛ إن آل حزم كانوا یرقون : ؟ فقالوا ))ھل من راق((
ادعو عمارة : ((نھیت عن الرقى تركوھا ، فقال رقیة الحیة ، فلما)) ال بأس بھا: ((رقاه ، فقال فدعوه ، فعرض علیھ)) حزمبن
.فأذن لھ فیھا فرقاه
فصل
والجرحفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى رقیة القرحة
كان رسول اهللا : ((عن عائشة قالت )) الصحیحین((أخرجا فى علیھ وسلم إذا اشتكى اإلنسان أو كانت بھ قرحة أو جرحصلى اهللا
ھذا من العالج المیسر النافع المركب ، وھى معالجة لطیفة یعالجسیما عند عدم غیرھا من بھا القروح والجراحات الطریة ، ال
موجودة بكل أرض ، وقد علم أن طبیعة التراب األدویة إذ كانت
لرطوبات القروح والجراحات التى الخالص باردة یابسة مجففةسیما فى تمنع الطبیعة من جودة فعلھا ، وسرعة اندمالھا ، ال
ن القروح والجراحاتالبالد الحارة ، وأصحاب األمزجة الحارة ، فإیتبعھا فى أكثر األمر سوء مزاج حار ، فیجتمع حرارة البلد
وطبیعة التراب الخالص باردة یابسة أشد من ،والمزاج والجراحفتقابل برودة التراب حرارة ،برودة جمیع األدویة المفردة الباردةوجفف ، ویتبعھا أیضا غسلالمرض ، ال سیما إن كان التراب قد
وفى ھذا المقام تفاوتت عقول الخالئق ، وظھرت حقائق الرجال ،الحالوة المنقطعة على الحالوة الدائمة التى ال تزول ، فأكثرھم آثر
مرارة ساعة لحالوة األبد ، وال ذل ساعة لعز األبد ، وال ولم یحتمللعافیة األبد ، فإن الحاضر عنده شھادة ، والمنتظر محنة ساعة
وسلطان الشھوة حاكم ، فتولد من ذلك غیب ، واإلیمان ضعیف ،النظر الواقع على ثار العاجلة ، ورفض اآلخرة ، وھذا حالإی
یخرق ظواھر األمور ، وأوائلھا ومبادئھا ، وأما النظر الثاقب الذى .حجب العاجلة ، ویجاوزه إلى العواقب والغایات ، فلھ شأن آخر
فادع نفسك إلى ما أعد اهللا ألولیائھ وأھل طاعتھ من النعیم المقیم ، األبدیة ، والفوز األكبر ، وما أعد ألھل البطالة واإلضاعة سعادةوال
والحسرات الدائمة ، ثم اختر أى القسمین ألیق من الخزى والعقابشاكلتھ ، وكل أحد یصبو إلى ما یناسبھ ، وما بك ، وكل یعمل علىالحاجة إلیھ من تستطل ھذا العالج ، فشدةھو األولى بھ ، وال
.التوفیقالطبیب والعلیل دعت إلى بسطھ ، وباهللا
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج الكرب والھم والغم والحزن
من حدیث ابن عباس ، أن رسول اهللا )) الصحیحین((أخرجا فى ال إلھ إال اهللا العظیم : ((صلى اهللا علیھ وسلم كان یقول عند الكرب
الحلیم ، ال إلھ إال اهللا رب العرش العظیم ، ال إلھ إال اهللا رب السموات السبع ، ورب األرض
)) .رب العرش الكریم
عن أنس ، أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ )) جامع الترمذى((وفى یا قیوم برحمتك یا حى : ((كان إذا حزبھ أمر ، قال ((وسلم ، )) .أستغیث
أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم ، كان إذا : ((وفیھ عن أبى ھریرة )) سبحان اهللا العظیم: ((أھمھ األمر ، رفع طرفھ إلى السماء فقال
)) .یا حى یا قیوم: ((، وإذا اجتھد فى الدعاء قال
بكر الصدیق ، أن رسول اهللا ، عن أبى)) سنن أبى داود((وفى اللھم رحمتك : دعوات المكروب : ((صلى اهللا علیھ وسلم قال
أرجو ، فال تكلنى إلى نفسى طرفة عین ، وأصلح لى شأنى كلھ ، ال )) .إلھ إال أنت
صلى قال لى رسول اهللا: وفیھا أیضا عن أسماء بنت عمیس قالت أال أعلمك كلمات تقولیھن عند الكرب أو فى : ((اهللا علیھ وسلم
:الكرب
)) .اهللا ربى ال أشرك بھ شیئا((
.وفى روایة أنھا تقال سبع مرات
عن ابن مسعود ، عن النبى صلى اهللا )) مسند اإلمام أحمد((وفى اللھم إنى : ھم وال حزن فقال ما أصاب عبدا: ((علیھ وسلم قال
عبدك ، ابن عبدك ، ابن أمتك ، ناصیتى بیدك ، ماض فى حكمك ، عدل فى قضاؤك ، اسألك بكل اسم ھو لك سمیت بھ نفسك ، أو
، أو استأثرت بھ فى أنزلتھ فى كتابك ، أو علمتھ أحدا من خلقكأن تجعل القرآن العظیم ربیع قلبى ، ونور : علم الغیب عندك
.واهللا المستعان .. لجوى القلب وغمھ وھمھ وحزنھ من الجھاد
فى دفع ھذا الداء ، فلما فیھا )) ال حول وال قوة إال باهللا((وأما تأثیر من كمال التفویض ، والتبرى من الحول والقوة إال بھ ، وتسلیم
وعموم ذلك لكل األمر كلھ لھ ، وعدم منازعتھ فى شىء منھ ، تحول من حال إلى حال فى العالم العلوى والسفلى ، والقوة على
ذلك التحول ، وأن ذلك كلھ باهللا وحده ، فال یقوم لھذه الكلمة شىء .
إنھ ما ینزل ملك من السماء ، وال یصعد إلیھا : وفى بعض اآلثار ، ولھا تأثیر عجیب فى طرد )) ة إال باهللاال حول وال قو((إال بـ
.واهللا المستعان .. الشیطان
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج الفزع ، واألرق المانع من النوم
شكى خالد إلى النبى : عن بریدة قال )) جامعھ((روى الترمذى فى ؛ ما أنام اللیل من یا رسول اهللا : صلى اهللا علیھ وسلم ، فقال
:األرق ، فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلم
اللھم رب السموات السـبع وما أظلت : إذا أویت إلى فراشك فقل ((، ورب األرضین ، وما أقلت ، ورب الشیاطین وما أضلت ، كن لى
لقك كلھم جمیعا أن یفرط على أحد منھم ، أو یبغى جارا من شر خ )) .على ، عز جارك ، وجل ثنـاؤك ، وال إلھ غیرك
عن عمرو بن شعیب ، عن أبیھ ، عن جده أن رسول : وفیھ أیضا أعوذ بكلمات : ((اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، كان یعلمھم من الفزع
اهللا التامة من غضبھ ، وعقابھ ، وشر عباده ، ومن ھمزات وكان عبد اهللا : ، قال )) الشیاطین ، وأعوذ بك رب أن یحضرون
بن عمرو یعلمھن من عقل من بنیھ ، ومن لم یعقل كتبھ ، فأعلقھ .، وال یخفى مناسبة ھذه العوذة لعالج ھذا الداء علیھ
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج داء الحریق وإطفائھ
قال رسول اهللا : یذكر عن عمرو بن شعیب عن أبیھ عن جده قال إذا رأیتم الحریق فكبروا ، فإن التكبیر : ((صلى اهللا علیھ وسلم
)) .یطفئھ
لما كان الحریق سببھ النار ، وھى مادة الشیطان التى خلق منھا ، وكان فیھ من الفساد العام ما یناسب الشیطان بمادتھ وفعلھ ، كان
للشیطان إعانة علیھ ، وتنفیذ لھ ، وكانت النار تطلب بطبعھا العلو ساد ھما ھدى والفساد ، وھذان األمران وھما العلو فى األرض والف
الشیطان ، وإلیھما یدعو ، وبھما یھلك بنى آدم ، فالنار والشیطان كل منھما یرید العلو فى األرض والفساد ، وكبریاء الرب عز وجل
.تقمع الشیطان وفعلھ
ولھذا كان تكبیر اهللا عز وجل لھ أثر فى إطفاء الحریق ، فإن عز وجل ال یقوم لھا شىء ، فإذا كبر المسلم ربھ ، أثر كبریاء اهللا
تكبیره فى خمود النار وخمود الشیطان التى ھى مادتھ ، فیطفىء
واهللا أعلم .. الحریق ، وقد جربنا نحن وغیرنا ھذا ، فوجدناه كذلك .
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى حفظ الصحة
ل البدن وصحتھ وبقاؤه إنما ھو بواسطة الرطوبة لما كان اعتداالمقاومة للحرارة ، فالرطوبة مادتھ ، والحرارة تنضجھا ، وتدفع
فضالتھا ، وتصلحھا ، وتلطفھا ، وإال أفسدت البدن ولم یمكن قیامھ ، وكذلك الرطوبة ھى غذاء الحرارة ، فلوال الرطوبة ،
وأفسدتھ ، فقوام كل واحدة منھما ألحرقت البدن وأیبستھبصاحبتھا ، وقوام البدن بھما جمیعا ، وكل منھما مادة لألخرى ، فالحرارة مادة للرطوبة تحفظھا وتمنعھا من الفساد واالستحالة ،
والرطوبة مادة للحرارة تغذوھا وتحملھا ، ومتى مالت إحداھما إلى زاج البدن االنحراف بحسب ذلك ، الزیادة على األخرى ، حصل لم
فالحرارة دائما تحلل الرطوبة ، فیحتاج البدن إلى ما بھ یخلف علیھ ما حللتھ الحرارة لضرورة بقائھ وھو الطعام والشراب ، ومتى زاد
على مقدار التحلل ، ضعفت الحرارة عن تحلیل فضالتھ ، فى البدن ، وأفسدت ، فحصلت فاستحالت مواد ردیئة ، فعاثت
األمراض المتنوعة بحسب تنوع موادھا ، وقبول األعضاء وكلوا واشربوا {: واستعدادھا ، وھذا كلھ مستفاد من قولھ تعالى
، فأرشد عباده إلى إدخال ما یقیم ] 31: األعراف [}وال تسرفواوض ما تحلل منھ ، وأن یكون بقدر ما البدن من الطعام والشراب ع
ینتفع بھ البدن فى الكمیة والكیفیة ، فمتى جاوز ذلك كان إسرافا ، وكالھما مانع من الصحة جالب للمرض ، أعنى عدم األكل والشرب
.، أو اإلسراف فیھ
فحفظ الصحة كلھ فى ھاتین الكلمتین اإللھیتین ، وال ریب أن البدن ى التحلل واالستخالف ، وكلما كثر التحلل ضعفت الحرارة دائما ف
لفناء مادتھا ، فإن كثرة التحلل تفنى الرطوبة ، وھى مادة الحرارة
، وإذا ضعفت الحرارة ، ضعف الھضم ، وال یزال كذلك حتى تفنى الرطوبة ، وتنطفئ الحرارة جملة ، فیستكمل العبد األجل الذى كتب
فغایة عالج اإلنسان لنفسھ ولغیره حراسة .ھ أن یصل إلیھ اهللا لالبدن إلى أن یصل إلى ھذه الحالة ، ال أنھ یستلزم بقاء الحرارة
والرطوبة اللتین بقاء الشباب والصحة والقوة بھما ، فإن ھذا مما لم یحصل لبشر فى ھذه الدار ، وإنما غایة الطبیب أن یحمى
عن مفسداتھا من العفونة وغیرھا ، ویحمى الحرارة عن الرطوبةمضعفاتھا ، ویعدل بینھما بالعدل فى التدبیر الذى بھ قام بدن
اإلنسان ، كما أن بھ قامت السموات واألرض وسائر المخلوقات ، إنما قوامھا بالعدل
ى یمكن ومن تأمل ھدى النبى صلى اهللا علیھ وسلم وجده أفضل ھدحفظ الصحة بھ ، فإن حفظھا موقوف على حسن تدبیر المطعم
والمشرب ، والملبس والمسكن ، والھواء والنوم ، والیقظة والحركة ، والسكون والمنكح ، واالستفراغ واالحتباس ، فإذا حصلت ھذه على الوجھ المعتدل الموافق المالئم للبدن والبلد
، كان أقرب إلى دوام الصحة أو غلبتھا إلى انقضاء والسن والعادة األجل
ولـما كانت الصحة والعافیة من أجل نعم اهللا على عبده ، وأجزل عطایاه ، وأوفر منحھ ، بل العافیة المطلقة أجل النعم على اإلطالق ، فحقیق لمن رزق حظا من التوفیق مراعاتھا وحفظھا وحمایتھا
.ما یضادھا ع
: من حدیث ابن عباس ، قال )) صحیحھ((وقد روى البخارى فى نعمتان مغبون فیھما كثیر : ((قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم
)) .الصحة والفراغ: من الناس
وغیره من حدیث عبید اهللا بن محصن األنصارى )) الترمذى((وفى من أصبح معافى : ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال: ، قال
فى جسده ، آمنا فى سربھ ، عنده قوت یومھ ، فكأنما حیزت لھ أیضا من حدیث أبى ھریرة ، عن النبى )) الترمذى((وفى )) . الدنیا
عبد یوم أول ما یسأل عنھ ال: ((صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال ألم نصح لك جسمك ، ونروك من : القیامة من النعیم ، أن یقال لھ
: ومن ھاھنا قال من قال من السلف فى قولھ تعالى )) . الماء البارد عن الصحة: قال ] 8: التكاثر [}ثم لتسئلن یومئذ عن النعیم{
أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم قال )) : اإلمام أحمد مسند((وفى یا عباس ، یا عم رسول اهللا ؛ سل اهللا العافیة فى : (( للعباس
)) .الدنیا واآلخرة
سمعت رسول اهللا صلى اهللا : وفیھ عن أبى بكر الصدیق ، قال اة ، فما أوتى أحد بعد سلوا اهللا الیقین والمعاف: ((علیھ وسلم یقول
الیقین خیرا من
، فجمع بین عافیتى الدین والدنیا ، وال یتم صالح العبد )) العافیةفى الدارین إال بالیقین والعافیة ، فالیقین یدفع عنھ عقوبات اآلخرة
.، والعافیة تدفع عنھ أمراض الدنیا فى قلبھ وبدنھ
سلوا اهللا : ((دیث أبى ھریرة یرفعھ من ح)) سنن النسائى((وفى العفو والعافیة والمعافاة ، فما أوتى أحد بعد یقین خیرا من
وھذه الثالثة تتضمن إزالة الشرور الماضیة بالعفو ، )) . معافاةوالحاضرة بالعافیة ، والمستقبلة بالمعافاة ، فإنھا تتضمن المداومة
.عافیة واالستمرار على ال
ما سئل اهللا شیئا أحب إلیھ من : ((مرفوعا )) الترمذى((وفى )) .العافیة
یا رسول : عن أبى الدرداء ، قلت : وقال عبد الرحمن بن أبى لیلى اهللا ؛ ألن أعافى فأشكر أحب إلى من أن أبتلى فأصبر ، فقال رسول
)) .هللا یحب معك العافیةورسول ا: ((اهللا صلى اهللا علیھ وسلم
ویذكر عن ابن عباس أن أعرابیا جاء إلى رسول اهللا صلى اهللا : ما أسأل اهللا بعد الصلوات الخمس ؟ فقال : علیھ وسلم ، فقال لھ
سل اهللا : ((، فأعاد علیھ ، فقال لھ فى الثالثة )) سل اهللا العافیة(( )) .اآلخرةالعافیة فى الدنیا و
وإذا كان ھذا شأن العافیة والصحة ، فنذكر من ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى مراعاة ھذه األمور ما یتبین لمن نظر فیھ أنھ أكمل ھدى على اإلطالق ینال بھ حفظ صحة البدن والقلب ، وحیاة الدنیا
حول وال قوة إال واآلخرة ، واهللا المستعان ، وعلیھ التكالن ، وال .باهللا
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى المطعم والمشرب
فأما المطعم والمشرب ، فلم یكن من عادتھ صلى اهللا علیھ وسلم حبس النفس على نوع واحد من األغذیة ال یتعداه إلى ما سواه ،
انا ، فإن لم فإن ذلك یضر بالطبیعة جدا ، وقد سیتعذر علیھا أحییتناول غیره ، ضعف أو ھلك ، وإن تناول غیره ، لم تقبلھ الطبیعة
، واستضر بھ ، فقصرھا على نوع واحد دائما ولو أنھ أفضل بل كان یأكل ما جرت عادة أھل بلده بأكلھ من .األغذیة خطر مضر
ى ھدیھ اللحم ، والفاكھة ، والخبز ، والتمر ، وغیره مما ذكرناه ف فى المأكول ، فعلیك بمراجعتھ ھناك
وإذا كان فى أحد الطعامین كیفیة تحتاج إلى كسر وتعدیل ، كسرھا وعدلھا بضدھا إن أمكن ، كتعدیل حرارة الرطب بالبطیخ ، وإن لم یجد ذلك ، تناولھ على حاجة وداعیة من النفس من غیر إسراف ،
فال تتضرر بھ الطبیعة
ذا عافت نفسھ الطعام لم یأكلھ ، ولم یحملھا إیاه على كره ، وكان إوھذا أصل عظیم فى حفظ الصحة ، فمتى أكل اإلنسان ما تعافھ
: قال أنس . نفسھ ، وال تشتھیھ ، كان تضرره بھ أكثر من انتفاعھ
ما عاب رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم طعاما قط ، إن اشتھاه ولما قدم إلیھ الضب المشوى لم . إال تركھ ، ولم یأكل منھ أكلھ ، و
ال ، ولكن لم یكن بأرض : ((أھو حرام ؟ قال : یأكل منھ ، فقیل لھ فراعى عادتھ وشھوتھ ، فلما لم یكن )) . قومى ، فأجدنى أعافھ
ولم یعتاد أكلھ بأرضھ ، وكانت نفسھ ال تشتھیھ ، أمسك عنھ ، .یمنع من أكلھ من یشتھیھ ، ومن عادتھ أكلھ
وكان یحب اللحم ، وأحبھ إلیھ الذراع ، ومقدم الشاة ، ولذلك سم أتى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم )) : ((الصحیحین((وفى .فیھ
وذكر أبو عبیدة وغیره )) .بلحم ، فرفع إلیھ الذراع ، وكانت تعجبھضباعة بنت الزبیر ، أنھا ذبحت فى بیتھا شاة ، فأرسل إلیھا عن
رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أن أطعمینا من شاتكم ، فقالت ما بقى عندنا إال الرقبة ، وإنى ألستحى أن أرسل بھا إلى : للرسول
:رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، فرجع الرسول فأخبره ، فقال أرسلى بھا ، فإنھا ھادیة الشاة وأقرب إلى : ارجع إلیھا فقل لھا ((
وال ریب أن أخف لحم الشاة لحم )) الخیر ، وأبعدھا من األذىالرقبة ، ولحم الذراع والعضد ، وھو أخف على المعدة ، وأسرع
مع ثالثة أوصاف ؛ انھضاما ، وفى ھذا مراعاة األغذیة التى تجخفتھا على : الثانى . كثرة نفعھا وتأثیرھا فى القوى : أحدھا
سرعة ھضمھا ، وھذا أفضل : الثالث . المعدة ، وعدم ثقلھا علیھا والتغذى بالیسیر من ھذا أنفع من الكثیر من . ما یكون من الغذاء
.غیره
اللحم والعسل : الثالثة أعنى وكان یحب الحلواء والعسل ، وھذه والحلواء من أفضل األغذیة ، وأنفعھا للبدن والكبد واألعضاء ، ولالغتذاء بھا نفع عظیم فى حفظ الصحة والقوة ، وال ینفر منھا
وكان یأكل الخبز مأدوما ما وجد لھ إداما ، . إال من بھ علة وآفة )) ھو سـید طعام أھل الدنیا واآلخرة: ((ول فتارة یأدمھ باللحم ویقوتارة بالبطیخ ، وتارة بالتمر ،فإنھ وضع ((رواه ابن ماجھ وغیره
وفى ھذا من )) . ھذا إدام ھذه: ((تمرة على كسرة شعیر ، وقال تدبیر الغذاء أن خبز الشعیر بارد یابس ، والتمر حار رطب على
خبز الشعیر بھ من أحسن التدبیر، ال سیما أصح القولین ، فأدم نعم : ((لمن تلك عادتھم، كأھل المدینة ، وتارة بالخل ، ویقول
، وھذا ثناء علیھ بحسب مقتضى الحال الحاضر ، ال )) اإلدام الخلتفضیل لھ على غیره ، كما یظن الجھال ، وسبب الحدیث أنھ دخل
؟ )) ھل عندكم من إدام: ((، فقدموا لھ خبزا ، فقال على أھلھ یوما: والمقصود )) . نعم اإلدام الخل: ((فقال . ما عندنا إال خل : قالوا
أن أكل الخبز مأدوما من أسباب حفظ الصحة ، بخالف االقتصار ، وجعلھ إلصالحھ الخبز : وسمى األدم أدما . على أحدھما وحده
إنھ : ((ومنھ قولھ فى إباحتھ للخاطب النظر . مالئما لحفظ الصحة أقرب إلى االلتئام والموافقة ، فإن : ، أى )) أحرى أن یؤدم بینھما
.الزوج یدخل على بصیرة ، فال یندم
وكان یأكل من فاكھة بلده عند مجیئھا ، وال یحتمى عنھا ، وھذا أسباب حفظ الصحة ، فإن اهللا سبحانھ بحكمتھ جعل أیضا من أكبر
فى كل بلدة من الفاكھة ما ینتفع بھ أھلھا فى وقتھ ، فیكون تناولھ من أسباب صحتھم وعافیتھم ، ویغنى عن كثیر من األدویة ، وقل
من احتمى عن فاكھة بلده خشیة السقم إال وھو من أسقم الناس وما فى تلك الفاكھة من .دھم من الصحة والقوة جسما ، وأبع
الرطوبات ، فحرارة الفصل واألرض ، وحرارة المعدة تنضجھا وتدفع شرھا إذا لم یسرف فى تناولھا ، ولم یحمل منھا الطبیعة فوق ما تحتملھ ، ولم یفسد بھا الغذاء قبل ھضمھ ، وال أفسدھا
، وتناول الغذاء بعد التحلى منھا ، فإن القولنج بشرب الماء علیھا كثیرا ما یحدث عند ذلك ، فمن أكل منھا ما ینبغى فى الوقت الذى
.ینبغى على الوجھ الذى ینبغى ، كانت لھ دواء نافعا
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى ھیئة الجلوس لألكل
إنما أجلس كما : ((، وقال )) كئاال آكل مت: ((صح عنھ أنھ قال )) .یجلس العبد ، وآكل كما یأكل العبد
أنھ نھى أن یأكل الرجل وھو منبطح )) سننھ((وروى ابن ماجھ فى وقد فسر االتكاء بالتربع ، وفسر باالتكاء على الشىء .على وجھھ
وكان یأكل وھو مقع )) آكل كما یأكل العبد: ((للعبودیة ، ولھذا قال ، ویذكر عنھ أنھ كان یجلس لألكل متوركا على ركبتیھ ، ویضع
اضعا لربھ عز وجل ، بطن قدمھ الیسرى على ظھر قدمھ الیمنى تووأدبا بین یدیھ ، واحتراما للطعام وللمؤاكل ، فھذه الھیئة أنفع ھیئات األكل وأفضلھا ، ألن األعضاء كلھا تكون على وضعھا
الطبیعى الذى خلقھا اهللا سبحانھ علیھ مع ما فیھا من الھیئة األدبیة لى وضعھا الطبیعى ، وأجود ما اغتذى اإلنسان إذا كانت أعضاؤه ع
، وال یكون كذلك إال إذا كان اإلنسان منتصبا االنتصاب الطبیعى ، وأردأ الجلسات لألكل االتكاء على الجنب ، لما تقدم من أن المرىء ، وأعضاء االزدراد تضیق عند ھذه الھیئة ، والمعدة ال تبقى على
وإن كان المراد باالتكاء االعتماد على الوسائد والوطاء الذى تحت الجالس ، فیكون المعنى أنى إذا أكلت لم أقعد متكئا على األوطیة
كنى والوسائد ، كفعل الجبابرة ، ومن یرید اإلكثار من الطعام ، ل .آكل بلغة كما یأكل العبد
فصل
وكان یأكل بأصابعھ الثالث ، وھذا أنفع ما یكون من األكالت ، فإن األكل بأصبع أو أصبعین ال یستلذ بھ اآلكل ، وال یمریھ ، وال یشبعھ إال بعد طول ، وال تفرح آالت الطعام والمعدة بما ینالھا فى كل أكلة
ذھا على إغماض ، كما یأخذ الرجل حقھ حبة أو حبتین أو ، فتأخنحو ذلك ، فال یلتذ بأخذه ، وال یسر بھ ، واألكل بالخمسة والراحة
یوجب ازدحام الطعام على آالتھ ، وعلى المعدة ، وربما انسدت تمالھ ، اآلالت فمات ، وتغصب اآلالت على دفعھ ، والمعدة على اح
وال یجد لھ لذة وال استمراء ، فأنفع األكل أكلھ صلى اهللا علیھ وسلم .وأكل من اقتدى بھ باألصابع الثالث
فصل
ومن تدبر أغذیتھ صلى اهللا علیھ وسلم وما كان یأكلھ ، وجده لم یجمع قط بین لبن وسمك ، وال بین لبن وحامض ، وال بین غذائین
من كل حلو دخلھا ، وإنما یضر بالعرض لصاحب الصفراء لحدتھ وحدة الصفراء ، فربما ھیجھا ، ودفع مضرتھ لھم بالخل ، فیعود حینئذ لھم نافعا جدا ، وشربھ أنفع من كثیر من األشربة المتخذة
كثرھا ، وال سیما لمن لم یعتد ھذه األشربة ، وال من السكر أو أألفھا طبعھ ، فإنھ إذا شربھا ال تالئمھ مالءمة العسل ، وال قریبا منھ ، والمحكم فى ذلك العادة ، فإنھا تھدم أصوال ، وتبنى أصوال
وأما الشراب إذا جمع وصفى الحالوة والبرودة ، فمن أنفع شىء ، ومن أكبر أسباب حفظ الصحة ، ولألرواح والقوى ، والكبد للبدن
والقلب ، عشق شدید لھ ، واستمداد منھ ، وإذا كان فیھ الوصفان ، حصلت بھ التغذیة ، وتنفیذ الطعام إلى األعضاء ، وإیصالھ إلیھا
.أتم تنفیذ
والماء البارد رطب یقمع الحرارة ، ویحفظ على البدن رطوباتھ ألصلیة ، ویرد علیھ بدل ما تحلل منھا ، ویرقق الغذاء وینفذه فى ا
.العروق
فأثبتت طائفة : ھل یغذى البدن ؟ على قولین : واختلف األطباء التغذیة بھ بناء على ما یشاھدونھ من النمو والزیادة والقوة فى
.البدن بھ ، وال سیما عند شدة الحاجة إلیھ
: بین الحیوان والنبات قدر مشترك من وجوه عدیدة منھا و: قالوا النمو واالغتذاء واالعتدال ، وفى النبات قوة حس تناسبھ ، ولھذا كان غذاء النبات بالماء ، فما ینكر أن یكون للحیوان بھ نوع غذاء
.، وأن یكون جزءا من غذائھ التام
غذاء ومعظمھ فى الطعام ، وإنما ونحن ال ننكر أن قوة ال: قالوا وأیضا الطعام إنما : قالوا . أنكرنا أن ال یكون للماء تغذیة ألبتة
: قالوا .یغذى بما فیھ من المائیة ، ولوالھا لما حصلت بھ التغذیة وألن الماء مادة حیاة الحیوان والنبات ، وال ریب أن ما كان أقرب
ذیة ، فكیف إذا كانت مادتھ إلى مادة الشىء ، حصلت بھ التغوجعلنا من الماء كل شىء {: األصلیة ، قال اهللا تعالى
، فكیف ننكر حصول التغذیة بما ھو مادة ]30: األنبیاء [}حى الحیاة على اإلطالق ؟
وقد رأینا العطشان إذا حصل لھ الرى بالماء البارد ، : قالوا ونشاطھ وحركتھ ، وصبر عن الطعام ، وانتفع تراجعت إلیھ قواه
بالقدر الیسیر منھ ، ورأینا العطشان ال ینتفع بالقدر الكثیر من الطعام ، وال یجد بھ القوة واالغتذاء ، ونحن ال ننكر أن الماء ینفذ
الغذاء إلى أجزاء البدن ، وإلى جمیع األعضاء ، وأنھ ال یتم أمر ، وإنما ننكر على من سلب قوة التغذیة عنھ ألبتة ، الغذاء إال بھ
.ویكاد قولھ عندنا یدخل فى إنكار األمورالوجدانیة
وأنكرت طائفة أخرى حصول التغذیة بھ ، واحتجت بأمور یرجع حاصلھا إلى عدم االكتفاء بھ ، وأنھ ال یقوم مقام الطعام ، وأنھ ال
ال یخلف علیھا بدل ما حللتھ الحرارة ، یزید فى نمو األعضاء ، وونحو ذلك مما ال ینكره أصحاب التغذیة ، فإنھم یجعلون تغذیتھ
بحسب جوھره ، ولطافتھ ورقتھ ، وتغذیة كل شىء بحسبھ ، وقد شوھد الھواء الرطب البارد اللین اللذیذ یغذى بحسبھ ، والرائحة
.ء ، فتغذیة الماء أظھر وأظھر الطیبة تغذى نوعا من الغذا
أنھ إذا كان باردا ، وخالطھ ما یحلیھ كالعسل أو : والمقصود الزبیب ، أو التمر أو السكر ، كان من أنفع ما یدخل البدن ، وحفظ
علیھ صحتھ ، فلھذا كان أحب الشراب إلى رسول اهللا صلى اهللا ر ینفخ ، ویفعل ضد ھذه والماء الفات. علیھ وسلم البارد الحلو
.األشیاء
ولما كان الماء البائت أنفع من الذى یشرب وقت استقائھ ، قال النبى صلى اهللا علیھ وسلم وقد دخل إلى حائط أبى الھیثم بن
؟ فأتاه بھ، فشرب منھ ، )) ھل من ماء بات فى شـنة: ((التیھان ك ماء بات فى شنة وإال إن كان عند: ((رواه البخارى ولفظھ
والماء البائت بمنزلة العجین الخمیر ، والذى شرب لوقتھ )) .كرعنابمنزلة الفطیر ، وأیضا فإن األجزاء الترابیة واألرضیة تفارقھ إذا
بات ، وقد ذكر أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم كان یستعذب لھ الماء كان رسول اهللا صلى اهللا : وقالت عائشة . ائت منھ ، ویختار الب
.علیھ وسلم یستقى لھ الماء العذب من بئر السقیا
والماء الذى فى القرب والشنان ، ألذ من الذى یكون من آنیة الفخار واألحجار وغیرھما ، وال سیما أسقیة األدم ، ولھذا التمس
ء بات فى شـنة دون غیرھا من النبى صلى اهللا علیھ وسلم مااألوانى ، وفى الماء إذا وضع فى الشنان ، وقرب األدم خاصة
لطیفة لما فیھا من المسام المنفتحة التى یرشح منھا الماء ، ولھذا كان الماء فى الفخار الذى یرشح ألذ منھ ، وأبرد فى الذى ال یرشح
مل الخلق ، وأشرفھم نفسا ، وأفضلھم ، فصالة اهللا وسالمھ على أكھدیا فى كل شىء ، لقد دل أمتھ على أفضل األمور وأنفعھا لھم فى
القلوب واألبدان ، والدنیا واآلخرة
كان أحب الشراب إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ : قالت عائشة ب ، كمیاه وھذا یحتمل أن یرید بھ الماء العذ. وسلم الحلو البارد
ویحتمل أن . العیون واآلبار الحلوة ، فإنھ كان یستعذب لھ الماء یرید بھ الماء الممزوج بالعسل ، أو الذى نقع فیھ التمر أو الزبیب
یعمھما جمیعا: وقد یقال وھو األظھر .
إن كان عندك ماء بات فى شن وإال : ((وقولھ فى الحدیث الصحیح ، فیھ دلیل على جواز الكرع ، وھو الشرب بالفم من )) اكرعن
الحوض والمقراة ونحوھا ، وھذه واهللا أعلم واقعة عین دعت الحاجة فیھا إلى الكرع بالفم ، أو قالھ مبینا لجوازه ، فإن من
إنھ یضر : الناس من یكرھھ ، واألطباء تكاد تحرمھ ، ویقولون بالمعدة ، وقد روى فى حدیث ال أدرى ما حالھ عن ابن عمر ، أن
النبى صلى اهللا علیھ وسلم نھانا أن نشرب على بطوننا ، وھو :الكرع ، ونھانا أن نغترف بالید الواحدة وقال
ى ال یلغ أحدكم كما یلغ الكلب ، وال یشرب باللیل من إناء حت(( ))یختبره إال أن یكون مخمرا
وحدیث البخارى أصح من ھذا ، وإن صح ، فال تعارض بینھما ، إذ ، )) وإال كرعنا: ((لعل الشرب بالید لم یكن یمكن حینئذ ، فقال
والشرب بالفم إنما یضر إذا انكب الشارب على وجھھ وبطنھ ،
والغدیر ، فأما إذا شرب منتصبا بفمھ من كالذى یشرب من النھر .حوض مرتفع ونحوه ، فال فرق بین أن یشرب بیده أو بفمھ
فصل
وكان من ھدیھ الشرب قاعدا ، ھذا كان ھدیھ المعتاد
وصح عنھ أنھ نھى عن الشرب قائما ، وصح عنھ أنھ أمر الذى .عنھ أنھ شرب قائما شرب قائما أن یستقىء ، وصح
بل مبین أن النھى : ھذا ناسخ للنھى ، وقالت طائفة : فقالت طائفة ال : لیس للتحریم ، بل لإلرشاد وترك األولى ، وقالت طائفة
بن المبارك ، والبیھقى ، وغیرھما عن النبى وقد روى عبد اهللا إذا شرب أحدكم فلیمص الماء مصا ، وال : ((صلى اهللا علیھ وسلم
والكباد بضم الكاف وتخفیف الباء ھو )) .یعب عبا ، فإنھ من الكبادحدة على وجع الكبد ، وقد علم بالتجربة أن ورود الماء جملة وا
الكبد یؤلمھا ویضعف حرارتھا ، وسبب ذلك المضادة التى بین ولو . حرارتھا ، وبین ما ورد علیھا من كیفیة المبرود وكمیتھ
ورد بالتدریج شیئا فشیئا ، لم یضاد حرارتھا ، ولم یضعفھا ، وھذا ھ مثالھ صب الماء البارد على القدر وھى تفور ، ال یضرھا صب
.قلیال قلیال
ال : ((عنھ صلى اهللا علیھ وسلم )) جامعھ((وقد روى الترمذى فى تشربوا نفسا واحدا كشرب البعیر ، ولكن اشربوا مثنى وثالث ،
)) .وسموا إذا أنتم شربتم واحمدوا إذا أنتم فرغتم
، وحمد اهللا فى آخره تأثیر وللتسمیة فى أول الطعام والشراب .عجیب فى نفعھ واستمرائھ ، ودفع مضرتھ
إذا ذكر اسم : إذا جمع الطعام أربعا ، فقد كمل : قال اإلمام أحمد اهللا فى أولھ ، وحمد اهللا فى آخره ، وكثرت علیھ األیدى ، وكان من
.حل
فصل
ر بن عبد اهللا ، قال من حدیث جاب)) صحیحھ((وقد روى مسلم فى غطوا اإلناء ، : ((سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یقول :
وأوكوا السقاء ، فإن فى السنة لیلة ینزل فیھا وباء ال یمر بإناء لیس علیھ غطاء ، أو سقاء لیس علیھ وكاء إال وقع فیھ من ذلك
)) .الداء
ھذا مما ال تنالھ علوم األطباء ومعارفھم ، وقد عرفھ من عرفھ و: قال اللیث بن سعد أحد رواة الحدیث . من عقالء الناس بالتجربة
.األعاجم عندنا یتقون تلك اللیلة فى السنة ، فى كانون األول منھا
وفى .وصح عنھ أنھ أمر بتخمیر اإلناء ولو أن یعرض علیھ عودا عرض العود علیھ من الحكمة ، أنھ ال ینسى تخمیره ، بل یعتاده
أنھ ربما أراد الدبیب أن یسقط فیھ ، فیمر : حتى بالعود ، وفیھ .على العود ، فیكون العود جسرا لھ یمنعھ من السقوط فیھ
وصح عنھ أنھ أمر عند إیكاء اإلناء بذكر اسم اهللا ، فإن ذكر اسماهللا عند تخمیر اإلناء یطرد عنھ الشیطان ، وإیكاؤه یطرد عنھ الھوام ، ولذلك أمر بذكر اسم اهللا فى ھذین الموضعین لھذین
.المعنیین
من حدیث ابن عباس ، أن رسول )) صحیحھ((وروى البخارى فى .اهللا صلى اهللا علیھ وسلم نھى عن الشرب من في السقاء
أن تردد أنفاس الشارب فیھ یكسبھ : عدیدة ، منھا وفى ھذا آدابأنھ ربما غلب : ومنھا . زھومة ورائحة كریھة یعاف ألجلھا
أنھ ربما كان فیھ : ومنھا . الداخل إلى جوفھ من الماء ، فتضرر بھ أن الماء ربما كان فیھ قذاة أو : ومنھا . حیوان ال یشعر بھ،فیؤذیھ
أن الشرب : ومنھا . راھا عند الشرب ، فتلج جوفھ غیرھا ال یكذلك یمأل البطن من الھواء ، فیضیق عن أخذ حظھ من الماء ، أو
.یزاحمھ ، أو یؤذیھ ، ولغیر ذلك من الحكم
أن رسول اهللا )) : جامع الترمذي((فما تصنعون بما فى : فإن قیل اخنث فم : ((د ، فقال صلى اهللا علیھ وسلم دعا بإداوة یوم أح
نكتفى فیھ بقول الترمذى : قلنا .، ثم شرب منھا من فیھا )) اإلداوة
ھذا حدیث لیس إسناده بصحیح ، وعبد اهللا ابن عمر العمرى : انتھى ... یضعف من قبل حفظھ ، وال أدرى سمع من عیسى ، أو ال
.اه عنھ ، عن رجل من األنصار یرید عیسى بن عبد اهللا الذى رو.
فصل
: من حدیث أبى سعید الخدرى ، قال )) سنن أبى داود((وفى نھى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم عن الشرب من ثلمة القدح ((
وھذا من اآلداب التى تتم بھا مصلحة )) . ، وأن ینفخ فى الشراب :دح فیھ عدة مفاسد الشارب ، فإن الشرب من ثلمة الق
أن ما یكون على وجھ الماء من قذى أو غیره یجتمع إلى : أحدھا .الثلمة بخالف الجانب الصحیح
أنھ ربما شوش على الشارب ، ولم یتمكن من حسن : الثانى .الشرب من الثلمة
ل إلیھا أن الوسخ والزھومة تجتمع فى الثلمة ، وال یص: الثالث .الغسل ، كما یصل إلى الجانب الصحیح
أن الثلمة محل العیب فى القدح ، وھى أردأ مكان فیھ ، : الرابع فینبغى تجنبھ ، وقصد الجانب الصحیح ، فإن الردىء من كل شىء ال خیر فیھ ، ورأى بعض السلف رجال یشترى حاجة ردیئة ، فقال
.لمت أن اهللا نزع البركة من كل ردىء ال تفعل ، أما ع:
أنھ ربما كان فى الثلمة شق أو تحدید یجرح فم الشارب : الخامس .، ولغیر ھذه من المفاسد
فإنھ یكسبھ من فم النافخ رائحة كریھة .. وأما النفخ فى الشراب فأنفاس : ة وبالجمل. یعاف ألجلھا ، وال سیما إن كان متغیر الفم
النافخ تخالطھ ، ولھذا جمع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم بین النھى عن التنفس فى اإلناء والنفخ فیھ ، فى الحدیث الذى رواه
نھى : الترمذى وصححھ ، عن ابن عباس رضى اهللا عنھما ، قال
فیھ رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أن یتنفس فى اإلناء ، أو ینفخ.
من حدیث أنس ، )) الصحیحین((فما تصنعون بما فى : فإن قیل )) أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم كان یتنفس فى اإلناء ثالثا(( .؟
نقابلھ بالقبول والتسلیم ، وال معارضة بینھ وبین األول ، فإن : قیل ألنھ آلة الشرب معناه أنھ كان یتنفس فى شربھ ثالثا ، وذكر اإلناء
أن إبراھیم ابن رسول اهللا : ، وھذا كما جاء فى الحدیث الصحیح .فى مدة الرضاع : صلى اهللا علیھ وسلم مات فى الثدى ، أى
فصل
وكان صلى اهللا علیھ وسلم یشرب اللبن خالصا تارة ، ومشوبا لحارة خالصا وفى شرب اللبن الحلو فى تلك البالد ا. بالماء أخرى
ومشوبا نفع عظیم فى حفظ الصحة ، وترطیب البدن ، ورى الكبد ، وال سیما اللبن الذى ترعى دوابھ الشیح والقیصوم والخزامى وما
أشبھھا ، فإن لبنھا غذاء مع األغذیة ، وشراب مع األشربة ، .ودواء مع األدویة
إذا أكل : ((اهللا علیھ وسلم عنھ صلى)) الترمذى((وفى جامع اللھم بارك لنا فیھ ، وأطعمنا خیرا منھ ، وإذا : أحدكم طعاما فیلقل
اللھم بارك لنا فیھ ، وزدنا منھ ، فإنھ لیس شىء : سقى لبنا فلیقل ھذا حدیث : قال الترمذى )) . یجزئ من الطعام والشراب إال اللبن
.حسن
فصل
أنھ صلى اهللا علیھ وسلم كان ینبذ لھ )) صحیح مسلم((وثبت فى أول اللیل ، ویشربھ إذا أصبح یومھ ذلك ، واللیلة التى تجىء ، والغد ، واللیلة األخرى ، والغد إلى العصر ، فإن بقى منھ شىء
.سقاه الخادم ، أو أمر بھ فصب
ح فیھ تمر یحلیھ ، وھو یدخل فى الغذاء ھو ما یطر: وھذا النبیذ والشراب ، ولھ نفع عظیم فى زیادة القوة ، وحفظ الصحة ، ولم
.یكن یشربھ بعد ثالث خوفا من تغیره إلى اإلسكار
فصل
فى تدبیره صلى اهللا علیھ وسلم الملبس
وكان من أتم الھدى ، وأنفعھ للبدن ، وأخفھ علیھ ، وأیسره لبسا لعا ، وكان أكثر لبسھ األردیة واألزر ، وھى أخف على البدن وخ
.من غیرھا ، وكان یلبس القمیص ، بل كان أحب الثیاب إلیھ
وكان ھدیھ فى لبسھ لما یلبسھ أنفع شىء للبدن ، فإنھ لم یكن یطیل أكمامھ ، ویوسعھا ، بل كانت كم قمیصھ إلى الرسغ ال یجاوز
الید ، فتشق على البسھا ، وتمنعھ خفة الحركة والبطش ، وال .تقصر عن ھذه ، فتبرز للحر والبرد
وكان ذیل قمیصھ وإزاره إلى أنصاف الساقین لم یتجاوز الكعبین ، فیؤذى الماشى ویؤوده ، ویجعلھ كالمقید ، ولم یقصر عن عضلة
.لبرد ساقیھ ، فتنكشف ویتأذى بالحر وا
ولم تكن عمامتھ بالكبیرة التى یؤذى الرأس حملھا ، ویضعفھ ویجعلھ عرضة للضعف واآلفات ، كما یشاھد من حال أصحابھا ، وال بالصغیرة التى تقصر عن وقایة الرأس من الحر والبرد ؛ بل
: وسطا بین ذلك ، وكان یدخلھا تحت حنكھ ، وفى ذلك فوائد عدیدة تقى العنق الحر والبرد ، وھو أثبت لھا ، وال سیما عند فإنھا
ركوب الخیل واإلبل ، والكر والفر ، وكثیر من الناس اتخذ الكاللیب عوضا عن الحنك ، ویا بعد ما بینھما فى النفع والزینة ، وأنت إذا
تأملت ھذه اللبسة وجدتھا من أنفع اللبسات وأبلغھا فى حفظ صحة .بدن وقوتھ ، وأبعدھا من التكلف والمشقة على البدن ال
وكان یلبس الخفاف فى السفر دائما ، أو أغلب أحوالھ لحاجة .الرجلین إلى ما یقیھما من الحر والبرد ، وفى الحضر أحیانا
الھوام لسعتھا وال تعتور علیھا األھویة والریاح المؤذیة الرتفاعھا فتؤذى ساكنھا ، وال فى غایة االرتفاع ، ولیست تحت األرض
علیھا ، بل وسط ، وتلك أعدل المساكن وأنفعھا ، وأقلھا حرا وبردا ، وال تضیق عن ساكنھا ، فینحصر ، وال تفضل عنھ بغیر منفعة وال فائدة ، فتأوى الھوام فى خلوھا ، ولم یكن فیھا كنف تؤذى
ا من أطیب الروائح ألنھ كان یحب ساكنھا برائحتھا ، بل رائحتھالطیب ، وال یزال عنده ، وریحھ ھو من أطیب الرائحة ، وعرقھ
من أطیب الطیب ، ولم یكن فى الدار كنیف تظھر رائحتھ ، وال ریب .أن ھذه من أعدل المساكن وأنفعھا وأوفقھا للبدن ، وحفظ صحتھ
فصل
مر النوم والیقظةفى تدبیره صلى اهللا علیھ وسلم أل
من تدبر نومھ ویقظتھ صلى اهللا علیھ وسلم وجده أعدل نوم ، وأنفعھ للبدن واألعضاء والقوى ، فإنھ كان ینام أول اللیل ،
ویستیقظ فى أول النصف الثانى ، فیقوم ویستاك ، ویتوضأ ویصلى ھا من النوم ما كتب اهللا لھ ، فیأخذ البدن واألعضاء والقوى حظ
والراحة ، وحظھا من الریاضة مع وفور األجر ، وھذا غایة صالح ولم یكن یأخذ من النوم فوق . القلب والبدن ، والدنیا واآلخرة
القدر المحتاج إلیھ ، وال یمنع نفسھ من القدر المحتاج إلیھ منھ ، لى النوم وكان یفعلھ على أكمل الوجوه ، فینام إذا دعتھ الحاجة إ
على شقھ األیمن ، ذاكرا اهللا حتى تغلبھ عیناه ، غیر ممتلئ البدن من الطعام والشراب ، وال مباشر بجنبھ األرض ، وال متخذ للفرش المرتفعة ، بل لھ ضجاع من أدم حشوه لیف ، وكان یضطجع على
فى النوم ونحن نذكر فصال . الوسادة ، ویضع یده تحت خده أحیانا ، والنافع منھ والضار
النوم حالة للبدن یتبعھا غور الحرارة الغریزیة والقوى : فنقول طبیعى ، وغیر : إلى باطن البدن لطلب الراحة ، وھو نوعان
.طبیعى
إمساك القوى النفسانیة عن أفعالھا ، وھى قوى الحس : فالطبیعى ه القوى عن تحریك البدن والحركة اإلرادیة ، ومتى أمسكت ھذ
استرخى ، واجتمعت الرطوبات واألبخرة التى كانت تتحلل وتتفرق بالحركات والیقظة فى الدماغ الذى ھو مبدأ ھذه القوى ، فیتخدر
.ویسترخى ، وذلك النوم الطبیعى
وأما النوم غیر الطبیعى ، فیكون لعرض أو مرض ، وذلك بأن الرطوبات على الدماغ استیالء ال تقدر الیقظة على تستولى
تفریقھا ، أو تصعد أبخرة رطبة كثیرة كما یكون عقیب االمتالء من الطعام والشراب ، فتثقل الدماغ وترخیھ ، فیتخدر ، ویقع إمساك
.القوى النفسانیة عن أفعالھا ، فیكون النوم
سكون الجوارح وراحتھا مما : إحداھما وللنوم فائدتان جلیلتان ،یعرض لھا من التعب ، فیریح الحواس من نصب الیقظة ، ویزیل
.اإلعیاء والكالل
ھضم الغذاء ، ونضج األخالط ألن الحرارة الغریزیة فى : والثانیة وقت النوم تغور إلى باطن البدن ، فتعین على ذلك ، ولھذا یبرد
.النائم إلى فضل دثار ظاھره ویحتاج
أن ینام على الشق األیمن ، لیستقر الطعام بھذه : وأنفع النوم الھیئة فى المعدة استقرارا حسنا ، فإن المعدة أمیل إلى الجانب
األیسر قلیال ، ثم یتحول إلى الشق األیسر قلیال لیسرع الھضم بذلك كبد ، ثم یستقر نومھ على الجانب األیمن ، الستمالة المعدة على ال
لیكون الغذاء أسرع انحدارا عن المعدة ، فیكون النوم على الجانب األیمن بداءة نومھ ونھایتھ ، وكثرة النوم على الجانب األیسر
.مضر بالقلب بسبب میل األعضاء إلیھ ، فتنصب إلیھ المواد
ى الظھر ، وال یضر االستلقاء علیھ للراحة من وأردأ النوم النوم عل)) المسند((غیر نوم ، وأردأ منھ أن ینام منبطحا على وجھھ ، وفى
مر النبى صلى اهللا : ، عن أبى أمامة قال )) سنن ابن ماجھ((وعلیھ وسلم على رجل نائم فى المسجد منبطح على وجھھ ، فضربھ
)) .اقعد فإنھا نومة جھنمیة قم أو: ((برجلھ ، وقال
وأما نوم المریض على )) : التقدمة((فى كتاب )) أبقراط((قال بطنھ من غیر أن یكون عادتھ فى صحتھ جرت بذلك ، فذلك یدل
على اختالط عقل ، وعلى ألم فى نواحى البطن ، قال الشراح لكتابھ
لى ھیئة ردیئة من غیر سبب ظاھر وال ألنھ خالف العادة الجیدة إ: .باطن
والنوم المعتدل ممكن للقوى الطبیعیة من أفعالھا ، مریح للقوة النفسانیة ، مكثر من جوھر حاملھا ، حتى إنھ ربما عاد بإرخائھ
العصب ، ویكسل ، ویضعف الشھوة ، إال فى الصیف وقت الھاجرة ، وأردؤه نوم أول النھار ، وأردأ منھ النوم آخره بعد العصر ، قم : ورأى عبد اهللا بن عباس ابنا لھ نائما نومة الصبحة ، فقال لھ
لتى تقسم فیھا األرزاق ؟، أتنام فى الساعة ا
نومة : فالخلق . خلق ، وحرق ، وحمق : نوم النھار ثالثة : وقیل : والحرق . الھاجرة ، وھى خلق رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم
نومة : والحمق . نومة الضحى ، تشغل عن أمر الدنیا واآلخرة ، فاختلس عقلھ ، من نام بعد العصر : قال بعض السلف . العصر
:وقال الشاعر . فال یلومن إال نفسھ
أال إن نومات الضحى تورث الفتى خباال ونومات العصیـر جنون
ونوم الصبحة یمنع الرزق ، ألن ذلك وقت تطلب فیھ الخلیقة ال لعارض أو أرزاقھا ، وھو وقت قسمة األرزاق ، فنومھ حرمان إ
وأما التى یلزمھا سیالن العرق فمفرطة ، وأى عضو كثرت ریاضتھ قوى ، وخصوصا على نوع تلك الریاضة ، بل كل قوة فھذا شأنھا ، فإن من استكثر من الحفظ قویت حافظتھ ، ومن
قوتھ المفكرة ، ولكل عضو ریاضة تخصھ استكثر من الفكر قویت، فللصدر القراءة ، فلیبتدئ فیھا من الخفیة إلى الجھر بتدریج ، وریاضة السمع بسمع األصوات ، والكالم بالتدریج ، فینتقل من
األخف إلى األثقل ، وكذلك ریاضة اللسان فى الكالم ، وكذلك .لمشى بالتدریج شیئا فشیئا ریاضة البصر ، وكذلك ریاضة ا
وریاضة النفوس بالتعلم والتأدب ، والفرح والسرور ، والصبر واإلقدام والسماحة ، وفعل الخیر ، ونحو ذلك مما والثبات ،
الصبر والحب ، : ترتاض بھ النفوس ، ومن أعظم ریاضتھا والشجاعة واإلحسان ، فال تزال ترتاض بذلك شیئا فشیئا حتى
.تصیر لھا ھذه الصفات ھیآت راسخة ، وملكات ثابتة
وسلم فى ذلك ، وجدتھ أكمل وأنت إذا تأملت ھدیھ صلى اهللا علیھ .ھدى حافظ للصحة والقوى ، ونافع فى المعاش والمعاد
وال ریب أن الصالة نفسھا فیھا من حفظ صحة البدن ، وإذابة أخالطھ وفضالتھ ، ما ھو من أنفع شىء لھ سوى ما فیھا من حفظ
یام اللیل من أنفع صحة اإلیمان ، وسعادة الدنیا واآلخرة ، وكذلك قأسباب حفظ الصحة ، ومن أمنع األمور لكثیر من األمراض المزمنة ، ومن أنشط شىء للبدن والروح والقلب ، كما فى
یعقد : ((عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم ، أنھ قال )) الصحیحین((ضرب الشیطان على قافیة رأس أحدكم إذا ھو نام ثالث عقد ، ی
علیك لیل طویل ، فارقد ، فإن ھو استیقظ ، فذكر : على كل عقدة اهللا انحلت عقدة ، فإن توضأ ، انحلت عقدة ثانیة ، فإن صلى
انحلت عقده كلھا ، فأصبح نشیطا طـیب النفس ، وإال أصبح خبیث )) .فس كسالنالن
وفى الصوم الشرعى من أسباب حفظ الصحة وریاضة البدن .والنفس ما ال یدفعھ صحیح الفطرة
وأما الجھاد وما فیھ من الحركات الكلیة التى ھى من أعظم أسباب القوة ، وحفظ الصحة ، وصالبة القلب والبدن ، ودفع فضالتھما ،
مر إنما یعرفھ من لھ منھ نصیب ، وزوال الھم والغم والحزن ، فأوكذلك الحج ، وفعل المناسك ، وكذلك المسابقة على الخیل ،
وبالنصال ، والمشى فى الحوائج ، وإلى اإلخوان ، وقضاء حقوقھم
، وعیادة مرضاھم ، وتشییع جنائزھم ، والمشى إلى المساجد .ال ، وغیر ذلك للجمعات والجماعات ، وحركة الوضوء واالغتس
وھذا أقل ما فیھ الریاضة المعینة على حفظ الصحة ، ودفع الفضالت ، وأما ما شرع لھ من التوصل بھ إلى خیرات الدنیا
.واآلخرة ، ودفع شرورھما ، فأمر وراء ذلك
فعلمت أن ھدیھ فوق كل ھدى فى طب األبدان والقلوب ، وحفظ مھما ، وال مزید على ذلك لمن قد أحضر رشده صحتھا ، ودفع أسقا
.وباهللا التوفیق ..
فصل
فى الجماع والباه وھدى النبى صلى اهللا علیھ وسلم فیھ
وأما الجماع والباه ، فكان ھدیھ فیھ أكمل ھدى ، یحفظ بھ الصحة ، وتتم بھ اللذة وسرور النفس ، ویحصل بھ مقاصده التى وضع
لھا ، فإن الجماع وضع فى األصل لثالثة أمور ھى مقاصده ألج :األصلیة
حفظ النسل ، ودوام النوع إلى أن تتكامل العدة التى قدر : أحدھا .اهللا بروزھا إلى ھذا العالم
.إخراج الماء الذى یضر احتباسھ واحتقانھ بجملة البدن : الثانى
نیل اللذة ، والتمتع بالنعمة ، وھذه وحدھا قضاء الوطر ، و: الثالث ھى الفائدة التى فى الجنة ، إذ ال تناسل ھناك ، وال احتقان
.یستفرغھ اإلنزال
. یرون أن الجماع من أحد أسـباب حفظ الصحة : وفضـالء األطباء ، الغالب على جوھر المنى النار والھواء)) : جالینوس((قال
ومزاجھ حار رطب ، ألن كونھ من الدم الصافى الذى تغتذى بھ األعضاء األصلیة ، وإذا ثبت فضل المنى ، فاعلم أنھ ال ینبغى
إخراجھ إال فى طلب النسل ، أو إخراج المحتقن منھ ، فإنھ إذا دام الوسواس والجنون ، : احتقانھ ، أحدث أمراضا ردیئة ، منھا
، وغیر ذلك ، وقد یبرئ استعمالھ من ھذه األمراض والصرعكثیرا ، فإنھ إذا طال احتباسھ ، فسد واستحال إلى كیفیة سمیة
توجب أمراضا ردیئة كما ذكرنا ، ولذلك تدفعھ الطبیعة باالحتالم إذا .كثر عندھا من غیر جماع
أن ال : ثالثا ینبغى للرجل أن یتعاھد من نفسھ: وقال بعض السلف یدع المشى ، فإن احتاج إلیھ یوما قدر علیھ ، وینبغى أن ال یدع
األكل ، فإن أمعاءه تضیق ، وینبغى أن ال یدع الجماع ، فإن البئر .إذا لم تنزح ، ذھب ماؤھا
من ترك الجماع مدة طویلة ، ضعفت قوى : وقال محمد بن زكریا ورأیت جماعة : قال . مجاریھا ، وتقلص ذكره أعصابھ ، وانسدت
لجماع أن یعلو الرجل المرأة ، مستفرشا لھا بعد وأحسن أشكال االمالعبة والقبلة ، وبھذا سمیت المرأة فراشا ، كما قال صلى اهللا
، وھذا من تمام قوامیة الرجل )) الولد للفراش : (( علیھ وسلم }الرجال قوامون على النساء{: على المرأة ، كما قال تعالى
:، وكما قیل ] 34: النساء[
إذا رمتھا كانت فراشا یقلنى وعند فراغى خادم یتملق
، ] 187: البقرة[} ھن لباس لكم وأنتم لباس لھن{: وقد قال تعالى ھ وأكمل اللباس وأسبغھ على ھذه الحال ، فإن فراش الرجل لباس ل، وكذلك لحاف المرأة لباس لھا ، فھذا الشكل الفاضل مأخوذ من
ھذه اآلیة ، وبھ یحسن موقع استعارة اللباس من كل من الزوجین .لآلخر
وفیھ وجھ آخر ، وھو أنھا تنعطف علیھ أحیانا ، فتكون علیھ :كاللباس ، قال الشاعر
ا تثنت فكانت علیھ لباساإذا ما الضجیع ثنى جیدھ
وأردأ أشكالھ أن تعلوه المرأة ، ویجامعھا على ظھره ، وھو خالف الشكل الطبیعى الذى طبع اهللا علیھ الرجل والمرأة ، بل نوع الذكر واألنثى ، وفیھ من المفاسد ، أن المنى یتعسر خروجھ كلھ ، فربما
.ضو منھ فیتعفن ویفسد ، فیضر بقى فى الع
.فربما سال إلى الذكر رطوبات من الفرج : وأیضا
فإن الرحم ال یتمكن من االشتمال على الماء واجتماعھ : وأیضا .فیھ ، وانضمامھ علیھ لتخلیق الولد
فإن المرأة مفعول بھا طبعا وشرعا ، وإذا كانت فاعلة : وأیضا .فت مقتضى الطبع والشرع خال
وكان أھل الكتاب إنما یأتون النساء على جنوبھن على حرف ، .ھو أیسر للمرأة : ویقولون
وكانت قریش واألنصار تشرح النساء على أقفائھن ، فعابت الیھود وا حرثكم نساؤكم حرث لكم فأت{: علیھم ذلك ، فأنزل اهللا عز وجل
].223: البقرة[} أنى شئتم
إذا : كانت الیھود تقول : عن جابر ، قال )) الصحیحین (( وفى أتى الرجل امرأتھ من دبرھا فى قبلھا ، كان الولد أحول ، فأنزل اهللا
إن شاء مجبیة ، وإن شاء غیر مجیبة ، غیر : (( وفى لفظ لمسلم )) .أن ذلك فى صمام واحد
)) : الصمام الواحد((المنكبة على وجھھا ، و)) : المجببة (( و .الفرج ، وھو موضع الحرث والولد
قط على لسان نبى من األنبیاء ، ومن نسب فلم یبح : وأما الدبر .إلى بعض السلف إباحة وطء الزوجة فى دبرھا ، فقد غلط علیھ
قال رسول اهللا : عن أبى ھریرة ، قال )) سنن أبى داود (( وفى )) .ملعون من أتى المرأة فى دبرھا : (( صلى اهللا علیھ وسلم
ال ینظر اهللا إلى رجل جامع امرأتھ : ((وفى لفظ ألحمد وابن ماجھ )).فى دبرھا
من أتى حائضا ، أو امرأة فى دبرھا ، : ((وفى لفظ للترمذى وأحمد أو كاھنا فصدقھ ، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى اهللا علیھ
)) .وسلم
ل والنساء فى األدبار من أتى شیئا من الرجا: ((وفى لفظ للبیھقى )).فقد كفر
حدثنى زمعة بن صالح ، عن ابن )) : مصنف وكیع (( وفى طاووس ، عن أبیھ ، عن عمرو بن دینار ، عن عبد اهللا بن یزید ؛
قال رسول اهللا صلى : قال عمر بن الخطاب رضى اهللا عنھ : قال الحق ، ال تأتوا النساء إن اهللا ال یستحیى من : (( اهللا علیھ وسلم )) .فى أدبارھن : (( ، وقال مرة )) فى أعجازھن
قال رسول اهللا : عن على بن طلق ، قال )) : الترمذى (( وفى ال تأتوا النساء فى أعجازھن ، فإن اهللا ال : (( صلى اهللا علیھ وسلم
)) .یستحى من الحق
من حدیثھ عن المحاملى ، عن سعید : البن عدى )) الكامل (( وفى حدثنا محمد بن حمزة ، عن زید بن رفیع : بن یحیى األموى ، قال
ال تأتوا : (( ، عن أبى عبیدة ، عن عبد اهللا بن مسعود یرفعھ )) .النساء فى أعجازھن
رفوعا وروینا فى حدیث الحسن بن على الجوھرى ، عن أبى ذر م )) .من أتى الرجال والنساء فى أدبارھن ، فقد كفر : ((
وروى إسماعیل بن عیاش ، عن سھیل بن أبى صالح ، عن محمد استحیوا من اهللا ، فإن اهللا ال : (( ابن المنكدر ، عن جابر یرفعھ
)) .ى حشوشھن یستحیى من الحق ، ال تأتوا النساء ف
إن اهللا ال یستحیى : (( ورواه الدارقطنى من ھذه الطریق ، ولفظھ )) .من الحق ، ال یحل مأتاك النساء فى حشوشھن
سئل قتادة عن : حدثنا ھدبة ، حدثنا ھمام ، قال : وقال البغوى حدثنى عمرو بن شعیب ، عن : ل الذى یأتى امرأتھ فى دبرھا ؛ فقا
تلك : (( أبیھ ، عن جده ، أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال )) .اللوطیة الصغرى
حدثنا : حدثنا عبد الرحمن ، قال )) : مسنده (( وقال أحمد فى ھمام ، أخبرنا عن قتادة ، عن عمرو بن شعیب ، عن أبیھ ، عن
.، فذكره جده
: أنزلت ھذه اآلیة : عن ابن عباس : أیضا )) المسند (( وفى فى أناس من األنصار ، أتوا ] 223: البقرة[} نساءكم حرث لكم{
ائتھا على كل : (( رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، فسألوه ، فقال )) .حال إذا كان فى الفرج
جاء عمر بن : عن ابن عباس ، قال : ضا أی)) المسند (( وفى یا رسول اهللا : الخطاب إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، فقال
حولت رحلى : ؟ قال )) وما الذى أھلكك : (( فقال . ھلكت : : فلم یرد علیھ شیئا ، فأوحى اهللا إلى رسولھ: البارحة ، قال
ال ینظر اهللا إلى : (( عن ابن عباس مرفوعا )) : الترمذى (( وفى )) .رجل أتى رجال أو امرأة فى الدبر
ن الحسین بن دوما ، عن وروینا من حدیث أبى على الحسن ب: كفر باهللا العظیم عشرة من ھذه األمة : (( البراء بن عازب یرفعھ
القاتل ، والساحر ، والدیوث ، وناكح المرأة فى دبرھا ، ومانع الزكاة ، ومن وجد سعة فمات ولم یحج ، وشارب الخمر ،
تن ، وبائع السالح من أھل الحرب ، ومن نكح ذات والساعى فى الف )) .محرم منھ
حدثنا عبد اهللا بن لھیعة ، عن مشرح بن : وقال عبد اهللا بن وھب ھاعان ، عن عقبة بن عامر ، أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم
أدبارھن : ؛ یعنى )) ملعون من یأتى النساء فى محاشھن: (( قال .
من حدیث أبى ھریرة ، )) مسند الحارث بن أبى أسامة (( وفى خطبنا رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قبل : وابن عباس قاال
وفاتھ ، وھى آخر خطبة خطبھا بالمدینة حتى لحق باهللا عز وجل ، دبرھا أو رجال أو صبیا ، من نكح امرأة فى: (( وعظنا فیھا وقال
حشر یوم القیامة ، وریحھ أنتن من الجیفة یتأذى بھ الناس حتى یدخل النار ، وأحبط اهللا أجره ، وال یقبل منھ صرفا وال عدال ،
، قال أبو )) ویدخل فى تابوت من نار ، ویشد علیھ مسامیر من نار .ھذا لمن لم یتب: ھریرة
وذكر أبو نعیم األصبھاني ، من حدیث خزیمة بن ثابت یرفعھ ، )).إن اهللا ال یستحي من الحق ، ال تأتوا النساء في أعجازھن((
: أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع ، قال : وقال الشافعي عن عمرو بن أحیحة بن أخبرني عبد اهللا بن علي بن السائب ،
الجالح ، عن خزیمة بن ثابت ، أن رجال سأل النبي صلى اهللا علیھ ، فلما ولى ، )) حالل: ((وسلم عن إتیان النساء في أدبارھن ، فقال
كیف قلت ، في أي الخربتین ، أو في أي الخرزتین ، : ((دعاه فقال أم من دبرھا في . في قبلھا ؟ فنعم أو في أي الخصفتین أمن دبرھا
دبرھا ، فال ، إن اهللا ال یستحیي من الحق ، ال تأتوا النساء في )).أدبارھن
عمي ثقة ، وعبد : فما تقول ؟ فقال : فقیل للشافعي : قال الربیعن اهللا بن علي ثقة ، وقد أثنى على األنصاري خیرا ، یعني عمرو ب
الجالح ، وخزیمة ممن ال یشك في ثقتھ ، فلست أرخص فیھ ، بل .انھي عنھ
ومن ھاھنا نشأ الغلط على من نقل عنھ اإلباحة من السلف : قلت واألئمة ، فإنھم أباحوا أن یكون الدبر طریقا إلى الوطء في الفرج ،
)) في((بـ )) من((فیطأ من الدبر ال في الدبر ، فاشتبھ على السامع ولم یظن بینھما فرقا ، فھذا الذي أباحھ السلف واألئمة ، فغلط
.علیھم الغالط أقبح الغلط وأفحشھ
قال ] 222: البقرة[} فأتوھن من حیث أمركم اهللا{: وقد قال تعالىفأتوھن من حیث {: سألت ابن عباس عن قولھ تعالى : مجاھد
تأتیھا من حیث أمرت أن : ، فقال ] 222: بقرةال[} أمركم اهللافي : وقال علي بن أبي طلحة عنھ یقول . تعتزلھا یعني في الحیض
.الفرج ، وال تعده إلى غیره
: أحدھما : وقد دلت اآلیة على تحریم الوطء في دبرھا من وجھین أنھ أباح إتیانھا في الحرث ، وھو موضع الولد ال في الحش الذي
من {: ضع األذى ، وموضع الحرث ھو المراد من قولھ ھو موفأتوا حرثكم أنى {: اآلیة قال ] 222: البقرة[} حیث أمركم اهللا
وإتیانھا في قبلھا من دبرھا مستفاد من ] 223: البقرة[} شئتممن أین شئتم من أمام أو : أنى شئتم ، أي : اآلیة أیضا ، ألنھ قال
.الفرج : فأتوا حرثكم ، یعني : قال ابن عباس . ن خلف م
وإذا كان اهللا حرم الوطء في الفرج ألجل األذى العارض ، فما الظن بالحش الذي ھو محل األذى الالزم مع زیادة المفسدة بالتعرض النقطاع النسل والذریعة القریبة جدا من أدبار النساء إلى أدبار
.الصبیان
)...یتبع(
فللمرأة حق على الزوج في الوطء ، ووطؤھا في : وأیضا @ .دبرھا یفوت حقھا ، وال یقضي وطرھا ، وال یحصل مقصودھا
فإن الدبر لم یتھیأ لھذا العمل ، ولم یخلق لھ ، وإنما الذي : وأیضا ھیئ لھ الفرج ، فالعادلون عنھ إلى الدبر خارجون عن حكمة اهللا
.ا وشرعھ جمیع
فإن ذلك مضر بالرجل ، ولھذا ینھي عنھ عقالء األطباء : وأیضا من الفالسفة وغیرھم ، ألن للفرج خاصیة في اجتذاب الماء
المحتقن وراحة الرجل منھ والوطء فى الدبر ال یعین على اجتذاب .جمیع الماء ، وال یخرج كل المحتقن لمخالفتھ لألمر الطبیعى
ن وجھ آخر ، وھو إحواجھ إلى حركات متعبة جدا یضر م: وأیضا .لمخالفتھ للطبیعة
فإنھ محل القذر والنجو ، فیستقبلھ الرجل بوجھھ ، : وأیضا .ویالبسھ
فإنھ یضر بالمرأة جدا ، ألنھ وارد غریب بعید عن الطباع : وأیضا .، منافر لھا غایة المنافرة
فإنھ من أكبر أسباب زوال النعم ، وحلول النقم ، فإنھ : ا وأیضیوجب اللعنة والمقت من اهللا ، وإعراضھ عن فاعلھ ، وعدم نظره إلیھ ، فأى خیر یرجوه بعد ھذا ، وأى شر یأمنھ ، وكیف حیاة عبد
قد حلت علیھ لعنة اهللا ومقتھ ، وأعرض عنھ بوجھھ ، ولم ینظر .إلیھ
فإنھ یذھب بالحیاء جملة ، والحیاء ھو حیاة القلوب ، فإذا : أیضا وفقدھا القلب ، استحسن القبیح ، واستقبح الحسن ، وحینئذ فقد
.استحكم فساده
فإنھ یحیل الطباع عما ركبھا اهللا ، ویخرج اإلنسان عن : وأیضا ن الحیوان ، بل ھو طبع طبعھ إلى طبع لم یركب اهللا علیھ شیئا م
منكوس ، وإذا نكس الطبع انتكس القلب ، والعمل ، والھدى ، فیستطیب حینئذ الخبیث من األعمال والھیئات ، ویفسد حالھ
.وعملھ وكالمھ بغیر اختیاره
.فإنھ یورث من الوقاحة والجرأة ما ال یورثھ سواه : وأیضا
لمھانة والسفال والحقارة ما ال یورثھ فإنھ یورث من ا: وأیضا .غیره
فإنھ یكسو العبد من حلة المقت والبغضاء ، وازدراء : وأیضا الناس لھ ، واحتقارھم إیاه ، واستصغارھم لھ ما ھو مشاھد
بالحس ، فصالة اهللا وسالمھ على من سعادة الدنیا واآلخرة فى ، وھالك الدنیا واآلخرة فى مخالفة ھدیھ ھدیھ واتباع ما جاء بھ
.وما جاء بھ
فصل
.نوعان ؛ ضار شرعا ، وضار طبعا : والجماع الضار
. المحرم ، وھو مراتب بعضھا أشد من بعض : فالضار شرعا والتحریم العارض منھ أخف من الالزم ، كتحریم اإلحرام ،
لمظاھر منھا قبل التكفیر ، والصیام ، واالعتكاف ، وتحریم اونحو ذلك ، ولھذا ال حد فى ھذا الجماع ... وتحریم وطء الحائض
.
فنوعان ؛ نوع ال سبیل إلى حلھ ألبتة ، كذوات : وأما الالزم المحارم ، فھذا من أضر الجماع ، وھو یوجب القتل حدا عند طائفة
اهللا وغیره ، وفیھ حدیث من العلماء ، كأحمد ابن حنبل رحمھ .مرفوع ثابت
ما یمكن أن یكون حالال ، كاألجنبیة ، فإن كانت ذات زوج : والثانى فإن كانت مكرھة ، . حق هللا ، وحق للزوج : ، ففى وطئھا حقان
ففیھ ثالثة حقوق ، وإن كان لھا أھل وأقارب یلحقھم العار بذلك ن كانت ذات محرم منھ ، صار فیھ صار فیھ أربعة حقوق ، فإ
.فمضرة ھذا النوع بحسب درجاتھ فى التحریم . خمسة حقوق
نوع ضار بكیفیتھ كما تقدم ، : وأما الضار طبعا ، فنوعان أیضا ونوع ضار بكمیتھ كاإلكثار منھ ، فإنھ یسقط القوة ، ویضر
وأنفع أوقاتھ ، ما كان بعد انھضام الغذاء فى المعدة وفى زمان معتدل ال على جوع ، فإنھ یضعف الحار الغریزى ، وال على شبع ،
اضا شدیدة ، وال على تعب ، وال إثر حمام ، وال فإنھ یوجب أمر .استفراغ ، وال انفعال نفسانى كالغم والھم والحزن وشدة الفرح
وأجود أوقاتھ بعد ھزیع من اللیل إذا صادف انھضام الطعام ، ثم یغتسل أو یتوضأ ، وینام علیھ ، وینام عقبھ ، فتراجع إلیھ قواه ،
.الحركة والریاضة عقبھ ، فإنھا مضرة جدا ولیحذر
فصل
فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج العشق
ھذا مرض من أمراض القلب ، مخالف لسائر األمراض فى ذاتھ وأسبابھ وعالجھ ، وإذا تمكن واستحكم ، عز على األطباء دواؤه ،
انھ فى كتابھ عن طائفتین وأعیا العلیل داؤه ، وإنما حكاه اهللا سبحمن النساء ، وعشاق الصبیان المردان ، فحكاه عن : من الناس
امرأة العزیز فى شأن یوسف ، وحكاه عن قوم لوط ، فقال تعالى وجاء أھل المدینة {: إخبارا عنھم لـما جاءت المالئكة لوطا
واتقوا اهللا وال * فى فال تفضحون قال إن ھؤآلء ضی* یستبشرون قال ھؤآلء بناتى إن كنتم *قالوا أو لم ننھك عن العالمین * تخزون ] .73-68: الحجر [}لعمرك إنھم لفى سكرتھم یعمھون* فاعلین
رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم حق وأما ما زعمھ بعض من لم یقد: قدره أنھ ابتلى بھ فى شأن زینب بنت جحش ، وأنھ رآھا فقال
وأخذت بقلبھ ، وجعل یقول لزید بن )) . سبحان مقلب القلوب((وإذ تقول للذى أنعم اهللا {: حتى أنزل اهللا علیھ )) أمسكھا: ((حارثة وأنعمت علیھ أمسك علیك زوجك واتق اهللا وتخفى فى نفسك علیھ
] 37: األحزاب [}ما اهللا مبدیھ وتخشى الناس واهللا أحق أن تخشاه، فظن ھذا الزاعم أن ذلك فى شأن العشق ، وصنف بعضھم كتابا
شق األنبیاء ، وذكر ھذه الواقعة ، وھذا فى العشق ، وذكر فیھ عمن جھل ھذا القائل بالقرآن وبالرسل ، وتحمیلھ كالم اهللا ما ال
یحتملھ ، ونسبتھ رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم إلى ما برأه اهللا منھ ، فإن زینب بنت جحش كانت تحت زید بن حارثة ، وكان
زید بن ((وسلم قد تبناه ، وكان یدعى رسول اهللا صلى اهللا علیھ، وكانت زینب فیھا شمم وترفع علیھ ، فشاور رسول اهللا )) محمد
صلى اهللا علیھ وسلم فى طالقھا ، فقال لھ رسول اهللا صلى اهللا ، وأخفى فى نفسھ )) أمسك علیك زوجك واتق اهللا: ((علیھ وسلم
د ، وكان یخشى من قالة الناس أنھ تزوج أن یتزوجھا إن طلقھا زیامرأة ابنھ ، ألن زیدا كان یدعى ابنھ ، فھذا ھو الذى أخفاه فى
نفسھ ، وھذه ھى الخشیة من الناس التى وقعت لھ ، ولھذا ذكر سبحانھ ھذه اآلیة یعدد فیھا نعمھ علیھ ال یعاتبھ فیھا ، وأعلمھ أنھ
فیما أحل اهللا لھ ، وأن اهللا أحق أن ال ینبغى لھ أن یخشى الناس
یخشاه ، فال یتحرج ما أحلھ لھ ألجل قول الناس ، ثم أخبره أنھ سبحانھ زوجھ إیاھا بعد قضاء زید وطره منھا لتقتدى أمتھ بھ فى
ذلك ، ویتزوج الرجل بامرأة ابنھ من التبنى ، ال امرأة ابنھ لصلبھ ، وحالئل أبنائكم الذین من {: فى آیة التحریم ولھذا قال
ما كان محمد {: ، وقال فى ھذه السورة ] 23:النساء [}أصالبكموما جعل {: ، وقال فى أولھا ] 40: األحزاب [}أبا أحد من رجالكم
، فتأمل ] 4: األحزاب [} م بأفواھكمأدعیاءكم أبناءكم ، ذلكم قولكھذا الذب عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، ودفع طعن
.الطاعنین عنھ ، وباهللا التوفیق
كان رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یحب نساءه ، وكان .. نعم ا وال أحبھن إلیھ عائشة رضى اهللا عنھا ، ولم تكن تبلغ محبتھ لھ
لو كنت متخذا : ((ألحد سوى ربھ نھایة الحب ، بل صح أنھ قال وإن : ((، وفى لفظ )) من أھل األرض خلیال التخذت أبا بكر خلیال
)) .صاحبكم خلیل الرحمن
فصل
وعشق الصور إنما تبتلى بھ القلوب الفارغة من محبة اهللا تعالى ، ضة عنھ ، المتعوضة بغیره عنھ ، فإذا امتأل القلب من محبة المعر
اهللا والشوق إلى لقائھ ، دفع ذلك عنھ مرض عشق الصور ، ولھذا كذلك لنصرف عنھ السوء والفحشاء ، {: قال تعالى فى حق یوسف على أن اإلخالص ، فدل] 24: یوسف [}إنھ من عبادنا المخلصین
سبب لدفع العشق وما یترتب علیھ من السوء والفحشاء التى ھى ثمرتھ ونتیجتھ ، فصرف المسبب صرف لسببھ ، ولھذا قال بعض
العشق حركة قلب فارغ ، یعنى فارغا مما سوى معشوقھ : السلف ، إن ]11: قصص ال[}وأصبح فؤاد أم موسى فارغا{: قال تعالى .
فارغا من كل شىء إال من موسى لفرط : كادت لتبدى بھ أى محبتھا لھ ، وتعلق قلبھا بھ
استحسان للمعشوق ، وطمع فى : والعشق مركب من أمرین الوصول إلیھ ، فمتى انتفى أحدھما انتفى العشق ، وقد أعیت علة
تكلم فیھا بعضھم بكالم یرغب عن العشق على كثیر من العقالء ، و .ذكره إلى الصواب
قد استقرت حكمة اهللا عز وجل فى خلقھ وأمره على وقوع : فنقول التناسب والتآلف بین األشباه ، وانجذاب الشىء إلى موافقھ
ومجانسھ بالطبع ، وھروبھ من مخالفھ ، ونفرتھ عنھ بالطبع ، العالم العلوى والسفلى ، إنما ھو فسر التمازج واالتصال فى
التناسب والتشاكل ، والتوافق ، وسر التباین واالنفصال ، إنما ھو بعدم التشاكل والتناسب ، وعلى ذلك قام الخلق واألمر ، فالمثل إلى
مثلھ مائل ، وإلیھ صائر ، والضد عن ضده ھارب ، وعنھ نافر ، الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منھا ھو{: وقد قال تعالى
، فجعل سبحانھ علة ]189: األعراف [} زوجھا لیسكن إلیھاسكون الرجل إلى امرأتھ كونھا من جنسھ وجوھره ، فعلة السكون
المذكور وھو الحب كونھا منھ ، فدل على أن العلة لیست بحسن صورة ، وال الموافقة فى القصد واإلرادة ، وال فى الخلق والھدى ال
.، وإن كانت ھذه أیضا من أسباب السكون والمحبة
: عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال )) الصحیح((وقد ثبت فى األرواح جنود مجندة ، فما تعارف منھا ائتلف ، وما تناكر منھا ((
وغیره فى سبب ھذا الحدیث )) مسند اإلمام أحمد((وفى )) . فاختلأن امرأة بمكة كانت تضحك الناس ، فجاءت إلى المدینة ، فنزلت :
: على امرأة تضحك الناس ، فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلم .الحدیث )) ... األرواح جنود مجندة((
بحانھ أن حكم الشىء حكم مثلھ ، فال تفرق وقد استقرت شریعتھ سشریعتھ بین متماثلین أبدا ، وال تجمع بین مضادین ، ومن ظن
خالف ذلك ، فإما لقلة علمھ بالشریعة ، وإما لتقصیره فى معرفة
التماثل واالختالف ، وإما لنسبتھ إلى شریعتھ ما لم ینزل بھ سلطانا كون من آراء الرجال ، فبحكمتھ وعدلھ ظھر خلقھ وشرعھ ، ، بل ی
وبالعدل والمیزان قام الخلق والشرع ، وھو التسویة بین .المتمائلین ، والتفریق بین المختلفین
: قال تعالى . وھذا كما أنھ ثابت فى الدنیا ، فھو كذلك یوم القیامة من دون اهللا *زواجھم وما كانوا یعبدون احشروا الذین ظلموا وأ{
].22: الصافات [}فاھدوھم إلى صراط الجحیم
: قال عمر بن الخطاب رضى اهللا عنھ وبعده اإلمام أحمد رحمھ اهللا .أزواجھم أشباھھم ونظراؤھم
قرن كل : أى ] 7: التكویر [}وإذا النفوس زوجت{: وقال تعالى صاحب عمل بشكلھ ونظیره ، فقرن بین المتحابین فى اهللا فى الجنة ، وقرن بین المتحابین فى طاعة الشیطان فى الجحیم ،
وغیره )) مستدرك الحاكم((فالمرء مع من أحب شاء أو أبى ، وفى وما إال حشر ال یحب المرء ق: ((عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم
)) .معھم
المحبة فى اهللا وهللا ؛ : والمحبة أنواع متعددة ؛ فأفضلھا وأجلھا .وھى تستلزم محبة ما أحب اهللا ، وتستلزم محبة اهللا ورسولھ
محبة االتفاق فى طریقة ، أو دین ، أو مذھب ، أو نحلة ، : ومنھا .ما أو قرابة ، أو صناعة ، أو مراد
محبة لنیل غرض من المحبوب ، إما من جاھھ أو من مالھ : ومنھا أو من تعلیمھ وإرشاده ، أو قضاء وطر منھ ، وھذه ھى المحبة
العرضیة التى تزول بزوال موجبھا ، فإن من ودك ألمر ، ولى عنك .عند انقضائھ
محب والمحبوب ، وأما محبة المشاكلة والمناسبة التى بین الفمحبة الزمة ال تزول إال لعارض یزیلھا ، ومحبة العشق من ھذا النوع ، فإنھا استحسان روحانى ، وامتزاج نفسانى ، وال یعرض
فى شىء من أنواع المحبة من الوسواس والنحول ، وشغل البال ، .والتلف ما یعرض من العشق
العشق ما ذكرتم من االتصال والتناسب فإذا كان سبب : فإن قیل الروحانى ، فما بالھ ال یكون دائما من الطرفین ، بل تجده كثیرا من
طرف العاشق وحده ، فلو كان سببھ االتصال النفسى واالمتزاج .الروحانى ، لكانت المحبة مشتركة بینھما
شرط ، أو أن السبب قد یتخلف عنھ مسببھ لفوات: فالجواب لوجود مانع ، وتخلف المحبة من الجانب اآلخر ال بد أن یكون ألحد
:ثالثة أسباب
علة فى المحبة ، وأنھا محبة عرضیة ال ذاتیة ، وال یجب : األول .االشتراك فى المحبة العرضیة ، بل قد یلزمھا نفرة من المحبوب
محبوبھ لھ ، إما فى خلقھ ، مانع یقوم بالمحب یمنع محبة : الثانى .أو خلقھ أو ھدیھ أو فعلھ ، أو ھیئتھ أو غیر ذلك
مانع یقوم بالمحبوب یمنع مشاركتھ للمحب فى محبتھ ، : الثالثولوال ذلك المانع ، لقام بھ من المحبة لمحبھ مثل ما قام باآلخر ،
فال یكون قط إال من فإذا انتفت ھذه الموانع ، وكانت المحبة ذاتیة ، الجانبین ، ولوال مانع الكبر والحسد ، والریاسة والمعاداة فى
الكفار ، لكانت الرسل أحب إلیھم من أنفسھم وأھلیھم وأموالھم ، ولما زال ھذا المانع من قلوب أتباعھم ، كانت محبتھم لھم فوق
.محبة األنفس واألھل والمال
فصل
العشق لما كان مرضا من األمراض ، كان قابال أن: والمقصود للعالج ، ولھ أنواع من العالج ، فإن كان مما للعاشق سبیل إلى
وصل محبوبھ شرعا وقدرا ، فھو عالجھ ، كما ثبت فى
قال : من حدیث ابن مسعود رضى اهللا عنھ ، قال )) الصحیحین((ر الشباب ؛ من استطاع یا معش: ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم
منكم الباءة فلیتزوج ، ومن لم یستطع فعلیھ بالصوم ، فإنھ لھ وأمره . أصلى ، وبدلى : فدل المحب على عالجین )) . وجاء
باألصلى ، وھو العالج الذى وضع لھذا الداء ، فال ینبغى العدول .عنھ إلى غیره ما وجد إلیھ سبیال
عن ابن عباس رضى اهللا عنھما ، )) سننھ((روى ابن ماجھ فى ولم نر للمتحابین مثل : ((عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال
وھذا ھو المعنى الذى أشار إلیھ سبحانھ عقیب إحالل )) . النكاحف یرید اهللا أن یخف{: النساء حرائرھن وإمائھن عند الحاجة بقولھ
فذكر تخفیفھ فى ھذا ] 28: النساء [}عنكم ، وخلق اإلنسان ضعیفاالموضع ، وإخباره عن ضعف اإلنسان یدل على ضعفھ عن احتمال
ھذه الشھوة ، وأنھ سبحانھ خفف عنھ أمرھا بما أباحھ لھ من أطایب النساء مثنى وثالث ورباع ، وأباح لھ ما شاء مما ملكت
یمینھ ، ثم أباح لھ أن یتزوج باإلماء إن احتاج إلى ذلك عالجا لھذه .الشھوة ، وتخفیفا عن ھذا الخلق الضعیف ، ورحمة بھ
فصل
وإن كان ال سبیل للعاشق إلى وصال معشوقھ قدرا أو شرعا ، أو ھو ممتنع علیھ من الجھتین ، وھو الداء العضال ، فمن عالجھ ،
نفسھ الیأس منھ ، فإن النفس متى یئست من الشىء ، إشعار استراحت منھ ، ولم تلتفت إلیھ ، فإن لم یزل مرض العشق مع
الیأس ، فقد انحرف الطبع انحرافا شدیدا ، فینتقل إلى عالج آخر ، وھو عالج عقلھ بأن یعلم بأن تعلق القلب بما ال مطمع فى حصولھ
، وصاحبھ بمنزلة من یعشق الشمس ، وروحھ نوع من الجنون متعلقة بالصعود إلیھا والدوران معھا فى فلكھا ، وھذا معدود عند
.جمیع العقالء فى زمرة المجانین
وإن كان الوصال متعذرا شرعا ال قدرا ، فعالجھ بأن ینزلھ منزلة لعبد ونجاتھ موقوف المتعذر قدرا ، إذ ما لم یأذن فیھ اهللا ، فعالج ا
على اجتنابھ ، فلیشعر نفسھ أنھ معدوم ممتنع ال سبیل لھ إلیھ ، وأنھ بمنزلة سائر المحاالت ، فإن لم تجبھ النفس األمارة ، فلیتركھ
إما خشیة ، وإما فوات محبوب ھو أحب إلیھ ، وأنفع : ألحد أمرین سرورا ، فإن العاقل متى وازن بین لھ ، وخیر لھ منھ ، وأدوم لذة و
نیل محبوب سریع الزوال بفوات محبوب أعظم منھ ، وأدوم ، وأنفع ، وألذ أو بالعكس ، ظھر لھ التفاوت ، فال تبع لذة األبد التى ال خطر لھا بلذة ساعة تنقلب آالما ، وحقیقتھا أنھا أحالم نائم ، أو
یأمره بإیثار ھذا المحبوب العاجل بما فیھ جالبا علیھ ما جلب ، .والمعصوم من عصمھ اهللا
فإن لم تقبل نفسھ ھذا الدواء ، ولم تطاوعھ لھذه المعالجة ، فلینظر ما تجلب علیھ ھذه الشھوة من مفاسد عاجلتھ ، وما تمنعھ من
، فإنھا أجلب شىء لمفاسد الدنیا ، وأعظم شىء تعطیال مصالحھا لمصالحھا ، فإنھا تحول بین العبد وبین رشده الذى ھو مالك أمره
.، وقوام مصالحھ
فإن لم تقبل نفسھ ھذا الدواء ، فلیتذكر قبائح المحبوب ، وما یدعوه إلى النفرة عنھ ، فإنھ إن طلبھا وتأملھا ، وجدھا أضعاف
محاسنھ التى تدعو إلى حبھ ، ولیسأل جیرانھ عما خفى علیھ منھا ، فإن المحاسن كما ھى داعیة الحب واإلرادة ، فالمساوئ داعیة
البغض والنفرة ، فلیوازن بین الداعیین ، ولیحب أسبقھما وأقربھما منھ بابا ، وال یكن ممن غره لون جمال على جسم أبرص
وم ولیجاوز بصره حسن الصورة إلى قبح الفعل ، ولیعبر من مجذ .حسن المنظر والجسم إلى قبح المخبر والقلب
فإن عجزت عنھ ھذه األدویة كلھا لم یبق لھ إال صدق اللجأ إلى من یجیب المضطر إذا دعاه ، ولیطرح نفسھ بین یدیھ على بابھ ،
، مستكینا ، فمتى وفق لذلك ، فقد مستغیثا بھ ، متضرعا ، متذلالقرع باب التوفیق ، فلیعف ولیكتم ، وال یشبب بذكر المحبوب ، وال
.یفضحھ بین الناس ویعرضھ لألذى ، فإنھ یكون ظالما متعدیا
وال یغتر بالحدیث الموضوع على رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، عن على بن مسھر ، عن أبى یحیى الذى رواه سوید بن سعید
القتات ، عن مجاھد ، عن ابن عباس رضى اهللا عنھما ، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم ، ورواه عن أبى مسھر أیضا ، عن ھشام بن عروة ، عن أبیھ ، عن عائشة ، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم ،
لملك ابن عبد العزیز بن ورواه الزبیر بن بكار ، عن عبد االماجشون ، عن عبد العزیز بن أبى حازم ، عن ابن أبى نجیح ،
عن مجاھد ، عن ابن عباس رضى اهللا عنھما ، عن النبى صلى اهللا وفى )) من عشق ، فعف ، فمات فھو شھید: ((علیھ وسلم أنھ قال
فإن ھذا الحدیث ال یصح عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، وال یجوز أن یكون من كالمھ ، فإن الشھادة درجة عالیة عند اهللا ، مقرونة بدرجة الصدیقیة ، ولھا أعمال وأحوال ، ھى شرط فى
.عامة وخاصة : حصولھا ، وھى نوعان
.الشھادة فى سبیل اهللا : فالخاصة
. لیس العشق واحدا منھا )) الصحیح((والعامة خمس مذكورة فى وكیف یكون العشق الذى ھو شرك فى المحبة ، وفراغ القلب عن اهللا ، وتملیك القلب والروح ، والحب لغیره تنال بھ درجة الشھادة
لصور للقلب فوق كل إفساد ، ، ھذا من المحال ، فإن إفساد عشق ابل ھو خمر الروح الذى یسكرھا ، ویصدھا عن ذكر اهللا وحبھ ،
والتلذذ بمناجاتھ ، واألنس بھ ، ویوجب عبودیة القلب لغیره ، فإن قلب العاشق متعبد لمعشوقھ ، بل العشق لب العبودیة ، فإنھا كمال
، فكیف یكون تعبد القلب لغیر الذل ، والحب والخضوع والتعظیماهللا مما تنال بھ درجة أفاضل الموحدین وساداتھم ، وخواص
األولیاء ، فلو كان إسناد ھذا الحدیث كالشمس ، كان غلطا ووھما ، وال یحفظ عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم لفظ العشق فى
.حدیث صحیح ألبتة
منھ حرام ، فكیف یظن بالنبى صلى اهللا ثم إن العشق منھ حالل ، وعلیھ وسلم أنھ یحكم على كل عاشق یكتم ویعف بأنھ شھید ، فترى
من یعشق امرأة غیره ، أو یعشق المردان والبغایا ، ینال بعشقھ درجة الشھداء ، وھل ھذا إال خالف المعلوم من دینھ صلى اهللا
یف والعشق مرض من األمراض التى علیھ وسلم بالضرورة ؟ كجعل اهللا سبحانھ لھا األدویة شرعا وقدرا ، والتداوى منھ إما
واجب إن كان عشقا حراما ، وإما مستحب
وأنت إذا تأملت األمراض واآلفات التى حكم رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ألصحابھا بالشھادة ، وجدتھا من األمراض التى ال
لھا ، كالمطعون ، والمبطون ، والمجنون ، والحریق ، عالجوالغریق ، وموت المرأة یقتلھا ولدھا فى بطنھا ، فإن ھذه بالیا من
اهللا ال صنع للعبد فیھا ، وال عالج لھا ، ولیست أسبابھا محرمة ، وال یترتب علیھا من فساد القلب وتعبده لغیر اهللا ما یترتب على العشق ، فإن لم یكف ھذا فى إبطال نسبة ھذا الحدیث إلى رسول
اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، فقلد أئمة الحدیث العالمین بھ وبعللھ ، فإنھ ال یحفظ عن إمام واحد منھم قط أنھ شھد لھ بصحة ، بل وال بحسن ، كیف وقد أنكروا على سوید ھذا الحدیث ، ورموه ألجلھ
قال أبو أحمد بن عدى . م ، واستحل بعضھم غزوه ألجلھ بالعظائھذا الحدیث أحد ما أنكر على سوید ، وكذلك قال )): كاملھ((فى
إنھ مما أنكر علیھ ، وكذلك قال ابن طاھر فى : البیھقى أنا : ، وقال )) تاریخ نیسابور((وذكره الحاكم فى )) الذخیرة((
إنھ لم یحدث بھ عن غیر سوید ، وھو أتعجب من ھذا الحدیث ، ف، )) الموضوعات((ثقة ، وذكره أبو الفرج بن الجوزى فى كتاب
وكان أبو بكر األزرق یرفعھ أوال عن سوید ، فعوتب فیھ ، فأسقط النبى صلى اهللا علیھ وسلم وكان ال یجاوز بھ ابن عباس رضى اهللا
.عنھما
ل جعل ھذا الحدیث من حدیث ھشام بن ومن المصائب التى ال تحتمعروة ، عن أبیھ ، عن عائشة رضى اهللا عنھا ، عن النبى صلى
ومن لھ أدنى إلمام بالحدیث وعللھ ، ال یحتمل ھذا . اهللا علیھ وسلم البتة ، وال یحتمل أن یكون من حدیث الماجشون ، عن ابن أبى
ابن عباس رضى اهللا حازم ، عن ابن أبى نجیح ، عن مجاھد ، عنعنھما مرفوعا ، وفى صحتھ موقوفا على ابن عباس نظر ، وقد رمى الناس سوید بن سعید راوى ھذا الحدیث بالعظائم ، وأنكره
ھو ساقط كذاب ، لو كان لى فرس : علیھ یحیى بن معین وقال وقال . متروك الحدیث : ورمح كنت أغزوه ، وقال اإلمام أحمد
كان قد عمى فیلقن ما لیس : لیس بثقة ، وقال البخارى : ى النسائیأتى بالمعضالت عن الثقات یجب : من حدیثھ ، وقال ابن حبان
.انتھى .. مجانبة ما روى
إنھ صدوق كثیر : وأحسن ما قیل فیھ قول أبى حاتم الرازى كبر كان ربما ھو ثقة غیر أنھ لما: التدلیس ، ثم قول الدارقطنى
.انتھى .. قرئ علیھ حدیث فیھ بعض النكارة ، فیجیزه
وعیب على مسلم إخراج حدیثھ ، وھذه حالھ ، ولكن مسلم روى من حدیثھ ما تابعھ علیھ غیره ، ولم ینفرد بھ ، ولم یكن منكرا وال
.واهللا أعلم .. شاذا بخالف ھذا الحدیث
فصل
علیھ وسلم فى حفظ الصحة بالطیبفى ھدیھ صلى اهللا
لما كانت الرائحة الطیبة غذاء الروح ، والروح مطیة القوى ، والقوى تزداد بالطیب ، وھو ینفع الدماغ والقلب ، وسائر
كان أحد المحبوبین من الدنیا إلى أطیب . الطیبة نسبة قریبة .الطیبین صلوات اهللا علیھ وسالمھ
أنھ صلى اهللا علیھ وسلم كان ال یرد )) : صحیح البخارى (( وفى .الطیب
من عرض : ((عنھ صلى اهللا علیھ وسلم )) صحیح مسلم (( وفى )).علیھ ریحان ، فال یرده فإنھ طیب الریح ، خفیف المحمل
، عن أبى ھریرة رضى اهللا )) النسائي((و)) سنن أبى داود((وفى من عرض علیھ طیب ، : ((عنھ ، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم )).رائحةفال یرده ، فإنھ خفیف المحمل طیب ال
: عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال )) : مسند البزار((وفى إن اهللا طیب یحب الطیب ، نظیف یحب النظافة ، كریم یحب ((
أنھ إذا جعل فى الثیاب منع السوس، ورائحتھ : رهومن منافع قشتصلح فساد الھواء والوباء، ویطیب النكھة إذا أمسكھ فى الفم، . ویحلل الریاح، وإذا جعل فى الطعام كاألبازیر، أعان على الھضم
وعصارة قشره تنفع من نھش األفاعى )): القانون((قال صاحب .انتھى.. شره ضمادا، وحراقة قشره طالء جید للبرصشربا، وق
فملطف لحرارة المعدة، نافع ألصحاب المرة الصفراء، : وأما لحمھ.. أكل لحمھ ینفع البواسیر: وقال الغافقى. قامع للبخارات الحارة
، مثل قولھ ))شفاء من كل داء: ((جدا، وقولھوھي كثیرة المنافع كل شيء : أي] 25: األحقاف[} تدمر كل شيء بأمر ربھا{: تعالى
یقبل التدمیر ونظائره، وھي نافعة من جمیع األمراض الباردة،
وتدخل في األمراض الحارة الیابسة بالعرض، فتوصل قوى األدویة .یسیرھاالباردة الرطبة إلیھا بسرعة تنفیذھا إذا أخذ
وغیره، على الزعفران في قرص )) القانون((وقد نص صاحب الكافور لسرعة تنفیذه وإیصالھ قوتھ، ولھ نظائر یعرفھا حذاق
الصناعة، وال تستبعد منفعة الحار في أمراض حارة بالخاصیة، األنزروت وما یركب معھ من : فإنك تجد ذلك في أدویة كثیرة، منھا
ه من المفردات الحارة، والرمد ورم أدویة الرمد، كالسكر وغیر .حار باتفاق األطباء، وكذلك نفع الكبریت الحار جدا من الجرب
والشونیز حار یابس في الثالثة، مذھب للنفخ، مخرج لحب القرع، نافع من البرص وحمى الربع، والبلغمیة مفتح للسدد، ومحلل
ل، وان دق وعجن بالعس. للریاح، مجفف لبلة المعدة ورطوبتھاوشرب بالماء الحار، أذاب الحصاة التي تكون في الكلیتین
والمثانة، ویدر البول والحیض واللبن إذا أدیم شربھ أیاما، وإن سخن بالخل، وطلي على البطن، قتل حب القرع، فإن عجن بماء الحنظل الرطب، أو المطبوخ، كان فعلھ في إخراج الدود أقوى،
الزكام البارد إذا دق وصیر في ویجلو ویقطع، ویحلل، ویشفي من .خرقة، واشتم دائما، أذھبھ
ودھنھ نافع لداء الحیة، ومن الثآلیل والخیالن، وإذا شرب منھ ثقال بماء، نفع من البھر وضیق النفس، والضماد بھ ینفع من الصداع
البارد، وإذا نقع منھ سبع حبات عددا في لبن امرأة، وسعط بھ .ا بلیغاصاحب الیرقان، نفعھ نفع
وإذا طبخ بخل، وتمضمض بھ، نفع من وجع األسنان عن برد، وإذا استعط بھ مسحوقا، نفع من ابتداء الماء العارض في العین،
وإن ضمد بھ مع الخل، قلع البثور والجرب المتقرح، وحلل األورام البلغمیة المزمنة، واألورام الصلبة، وینفع من اللقوة إذا تسعط
رب منھ مقدار نصف مثقال إلى مثقال، نفع من لسع بدھنھ، وإذا شالرتیالء، وإن سحق ناعما وخلط بدھن الحبة الخضراء، وقطر منھ
في األذن ثالث قطرات، نفع من البرد العارض فیھا والریح .والسدد
وإن قلي، ثم دق ناعما، ثم نقع في زیت، وقطر في األنف ثالث .ض معھ عطاس كثیرقطرات أو أربع، نفع من الزكام العار
وإذا أحرق وخلط بشمع مذاب بدھن السوسن، أو دھن الحناء، وطلي بھ القروح الخارجة من الساقین بعد غسلھا بالخل، نفعھا
بماء بارد من وإذا سحق ناعما، واستف منھ كل یوم درھمین عضھ كلب كلب قبل أن یفرغ من الماء، نفعھ نفعا بلیغا، وأمن على
وإذا استعط بدھنھ، نفع من الفالج والكزاز، . نفسھ من الھالك .وقطع موادھما، وإذا دخن بھ، طرد الھوام
وإذا أذیب األنزروت بماء، ولطخ على داخل الحلقة، ثم ذر علیھا لجیدة العجیبة النفع من البواسیر، الشونیز، كان من الذرورات ا
ومنافعھ أضعاف ما ذكرنا، الشربة منھ درھمان، وزعم قوم أن .اإلكثار منھ قاتل
قد تقدم أن النبي صلى اهللا علیھ وسلم أباحھ للزبیر، ولعبد : حریرالرحمن بن عوف من حكة كانت بھما، وتقدم منافعھ ومزاجھ، فال
.حاجة إلى إعادتھ
ھذا ھو الحب الذي یتداوى بھ، : نیفة الدینوريقال أبو ح: حرفوھو الثفاء الذي جاء فیھ الخبر عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم،
: الرشاد، وقال أبو عبید: الحرف، وتسمیھ العامة: ونباتھ یقال لھ .ھو الحرف: الثفاء
والحدیث الذي أشار إلیھ، ما رواه أبو عبید وغیره، من : قلتهللا عنھما، عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم حدیث ابن عباس رضي ا
رواه أبو )) ماذا في األمرین من الشفاء ؟ الصبر والثفاء: ((أنھ قال .داود في المراسیل
وقوتھ في الحرارة والیبوسة في الدرجة الثالثة، وھو یسخن، ویلین البطن، ویخرج الدود وحب القرع، ویحلل أورام الطحال،
وإذا ضمد .الجرب المتقرح والقوباء ویحرك شھوة الجماع، ویجلوبھ مع العسل، حلل ورم الطحال، وإذا طبخ مع الحناء أخرج
الفضول التي في الصدر، وشربھ ینفع من نھش الھوام ولسعھا، وإذا دخن بھ في موضع، طرد الھوام عنھ، ویمسك الشعر
المتساقط، وإذا خلط بسویق الشعیر والخل، وتضمد بھ، نفع من .وحلل األورام الحارة في آخرھا عرق النسا،
وإذا تضمد بھ مع الماء والملح أنضج الدمامیل، وینفع من االسترخاء في جمیع األعضاء، ویزید في الباه، ویشھي الطعام، وینفع الربو، وعسر التنفس، وغلظ الطحال، وینقي الرئة، ویدر الطث، وینفع من عرق النسا، ووجع حق الورك مما یخرج من
الفضول، إذا شرب أو احتقن بھ، ویجلو ما في الصدر والرئة من .البلغم اللزج
وإن شرب منھ بعد سحقھ وزن خمسة دراھم بالماء الحار، أسھل الطبیعة، وحلل الریاح، ونفع من وجع القولنج البارد السبب، وإذا
.سحق وشرب، نفع من البرص
ما، وینفع من وإن لطخ علیھ وعلى البھق األبیض بالخل، نفع منھالصداع الحادث من البرد والبلغم، وإن قلي، وشرب، عقل الطبع ال سیما إذا لم یسحق لتحلل لزوجتھ بالقلي، وإذا غسل بمائھ الرأس،
.نقاه من األوساخ والرطوبات اللزجة
قوتھ مثل قوة بزر الخردل، ولذلك قد یسخن بھ : قال جالینوسأوجاع الرأس، وكل واحد من أوجاع الورك المعروفة بالنسا، و
العلل التي تحتاج إلى تسخین، كما یسخن بزر الخردل، وقد یخلط أیضا في أدویة یسقاھا أصحاب الربو من طریق أن األمر فیھ معلوم أنھ یقطع األخالط الغلیظة تقطیعا قویا، كما یقطعھا بزر
.الخردل، ألنھ شبیھ بھ في كل شيء
هللا علیھ وسلم، أنھ عاد سعد بن أبي یذكر عن النبي صلى ا: حلبةادعوا لي طبیبا، فدعي الحارث : وقاص رضي اهللا عنھ بمكة، فقال
لیس علیھ بأس، فاتخذوا لھ فریقة، وھي : بن كلدة، فنظر إلیھ فقالالحلبة مع تمر عجوة رطب یطبخان، فیحساھما، ففعل ذلك، فبرئ
الیبوسة في وقوة الحلبة من الحرارة في الدرجة الثانیة، ومن األولى، وإذا طبخت بالماء، لینت الحلق والصدر والبطن، وتسكن السعال والخشونة والربو، وعسر النفس، وتزید في الباه، وھي جیدة للریح والبلغم والبواسیر، محدرة الكیموسات المرتبكة في
األمعاء، وتحلل البلغم اللزج من الصدر، وتنفع من الدبیالت تستعمل لھذا األدواء في األحشاء مع السمن وأمراض الرئة، و
.والفانیذ
وإذا شربت مع وزن خمسة دراھم فوة، أدرت الحیض، وإذا ودقیقھا إذا خلط .طبخت، وغسل بھا الشعر جعدتھ، وأذھبت الحزاز
بالنطرون والخل، وضمد بھ، حلل ورم الطحال، وقد تجلس المرأة ھ من وجع الرحم في الماء الذي طبخت فیھ الحلبة، فتنتفع ب
وإذا ضمد بھ األورام الصلبة القلیلة . العارض من ورم فیھالحرارة، نفعتھا وحللتھا، وإذا شرب ماؤھا، نفع من المغص
.العارض من الریاح، وأزلق األمعاء
وإذا أكلت مطبوخة بالتمر، أو العسل، أو التین على الریق، حللت فعت من السعال البلغم اللزج العارض في الصدر والمعدة، ون
.المتطاول منھ
وھي نافعة من الحصر، مطلقة للبطن، وإذا وضعت على الظفر المتشنج أصلحتھ، ودھنھا ینفع إذا خلط بالشمع من الشقاق
.العارض من البرد، ومنافعھا أضعاف ما ذكرنا
قال رسول اهللا صلى : ویذكر عن القاسم بن عبد الرحمن، أنھ قاللو علم : وقال بعض األطباء)) فوا بالحلبةاستش: ((اهللا علیھ وسلم
.الناس منافعھا، الشتروھا بوزنھا ذھبا
حرف الخاء
، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم، أنھ ))الصحیحین((ثبت فى : خبزتكون األرض یوم القیامة خبزة واحدة یتكفؤھا الجبار بیده : ((قال
)).م خبزتھ فى السفر نزال ألھل الجنةكما یكفؤ أحدك
من حدیث ابن عباس رضى اهللا )): سننھ((وروى أبو داود فى كان أحب الطعام إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ : ((عنھما، قال
.،والثرید من الحیس))وسلم الثرید من الخبز
رضى اهللا أیضا، من حدیث ابن عمر) سننھ(وروى أبو داود فى وددت أن عندى : ((قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: عنھ، قال
، فقام رجل من ))خبزة بیضاء من برة سمراء ملبقة بسمن ولبن؟ )) فى أى شىء كان ھذا السمن: ((القوم فاتخذه، فجاء بھ، فقال
)).عھارف: ((فقال. فى عكة ضب: فقال
أكرموا : ((وذكر البیھقى من حدیث عائشة رضى اهللا عنھا ترفعھوالموقوف أشبھ، فال )). الخبز، ومن كرامتھ أن ال ینتظر بھ اإلدام
.یثبت رفعھ، وال رفع ما قبلھ
وأما حدیث النھى عن قطع الخبز بالسكین، فباطل ال أصل لھ عن النھى عن قطع : لم، وإنما المروىرسول اهللا صلى اهللا علیھ وس
.اللحم بالسكین، وال یصح أیضا
سألت أحمد عن حدیث أبى معشر، عن ھشام بن : ((قال مھناعروة، عن أبیھ، عن عائشة رضى اهللا عنھا، عن النبى صلى اهللا
ال تقطعوا اللحم بالسكین، فإن ذلك من فعل : ((علیھ وسلملیس بصحیح، وال یعرف ھذا، وحدیث عمرو بن : فقال)). عاجماأل
كان : أمیة خالف ھذا، وحدیث المغیرة یعنى بحدیث عمرو بن أمیةوبحدیث المغیرة . النبى صلى اهللا علیھ وسلم یحتز من لحم الشاة
.أنھ لما أضافھ أمر بجنب فشوى، ثم أخذ الشفرة، فجعل یحز
فصل
فى أنواع الخبز
وأحمد أنواع الخبز أجودھا اختمارا وعجنا، ثم خبز التنور أجود أصنافھ، وبعده خبز الفرن، ثم خبز الملة فى المرتبة الثالثة،
.وأجوده ما اتخذ من الحنطة الحدیثة
خالتھ، وأكثر أنواعھ تغذیة خبز السمیذ، وھو أبطؤھا ھضما لقلة ن .ویتلوه خبز الحوارى، ثم الخشكار
وأحمد أوقات أكلھ فى آخر الیوم الذى خبز فیھ، واللین منھ أكثر .تلیینا وغذاء وترطیبا وأسرع انحدارا، والیابس بخالفھ
ومزاج الخبز من البر حار فى وسط الدرجة الثانیة، وقریب من بوسة، والیبس یغلب على ما جففتھ النار االعتدال فى الرطوبة والی .منھ، والرطوبة على ضده
وفیھ حدیثان باطالن موضوعان على رسول اهللا فى زمن الصیف، فضل دھن البنفسج على سائر : ((صلى اهللا علیھ وسلم، أحدھما
فضل دھن : ((والثانى)). األدھان، كفضلى على سائر الناس )).البنفسج على سائر األدھان، كفضل اإلسالم على سائر األدیان
دھن زھره، بل دھن حار رطب، كدھن البان، ولیس: ومنھایستخرج من حب أبیض أغبر نحو الفستق، كثیر الدھنیة والدسم،
ینفع من صالبة العصب، ویلینھ، وینفع من البرش، والنمش، والكلف، والبھق، ویسھل بلغما غلیظا، ویلین األوتار الیابسة،
: ل مختلق ال أصل لھویسخن العصب، وقد روى فیھ حدیث باطومن منافعھ أنھ )).ادھنوا بالبان، فإنھ أحظى لكم عند نسائكم((
یجلو األسنان، ویكسبھا بھجة، وینقیھا من الصدأ، ومن مسح بھ وجھھ وأطرافھ لم یصبھ حصى وال شقاق، وإذا دھن بھ حقوه
.، وتقطیر البولومذاكیره وما واالھا، نفع من برد الكلیتین
حرف الذال
: عن عائشة رضى اهللا عنھا قالت)): الصحیحین((ثبت فى : ذریرةطیبت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم بیدى، بذریرة فى حجة ((
)).الوداع لحلھ وإحرامھ
.تقدم الكالم فى الذریرة ومنافعھا وماھیتھا، فال حاجة إلعادتھ
تقدم فى حدیث أبى ھریرة المتفق علیھ فى أمره صلى اهللا : بابذعلیھ وسلم بغمس الذباب فى الطعام إذا سقط فیھ ألجل الشفاء الذى
فى جناحھ، وھو كالتریاق للسم الذى فى الجناح اآلخر، وذكرنا .منافع الذباب ھناك
لنبى صلى اهللا علیھ وسلم أن ا: ((روى أبو داود، والترمذى: ذھبرخص لعرفجة ابن أسعد لما قطع أنفھ یوم الكالب، واتخذ أنفا من ورق، فأنتن علیھ، فأمره النبى صلى اهللا علیھ وسلم أن یتخذ أنفا
.ولیس لعرفجة عندھم غیر ھذا الحدیث الواحد)). من ذھب
الدنیا، وطلسم الوجود، ومفرح النفوس، ومقوى زینة: الذھبالظھور، وسر اهللا فى أرضھ، ومزاجھ فى سائر الكیفیات، وفیھ
حرارة لطیفة تدخل فى سائر المعجونات اللطیفة والمفرحات، وھو .أعدل المعادن على اإلطالق وأشرفھا
اب، ولم ینقصھ ومن خواصھ أنھ إذا دفن فى األرض، لم یضره الترشیئا، وبرادتھ إذا خلطت باألدویة، نفعت من ضعف القلب، والرجفان العارض من السوداء، وینفع من حدیث النفس،
كثیرة فى مقام أبدا، فى حبرة ونضرة، فى دور عالیة سلیمة : نعم یا رسول اهللا، نحن المشمرون لھا، قال: ، قالوا))بھیة
.إن شاء اهللا: ، فقال القوم))إن شاء اهللا تعالى: قولوا((
ب الریح، فكل أھل بلد یخصونھ بشىء من الریحان كل نبت طیذلك، فأھل الغرب یخصونھ باآلس، وھو الذى یعرفھ العرب من
.الریحان، وأھل العراق والشام یخصونھ بالحبق
فأما اآلس، فمزاجھ بارد فى األولى، یابس فى الثانیة، وھو مع ألرضى البارد، ذلك مركب من قوى متضادة، واألكثر فیھ الجوھر ا
وفیھ شىء حار لطیف، وھو یجفف تجفیفا قویا، وأجزاؤه متقاربة .القوة، وھى قوة قابضة حابسة من داخل وخارج معا
وھو قاطع لإلسھال الصفراوى، دافع للبخار الحار الرطب إذا شم، شھ فى مفرح للقلب تفریحا شدیدا، وشمھ مانع للوباء، وكذلك افترا
.البیت
ویبرىء األورام الحادثة فى الحالبین إذا وضع علیھا، وإذا دق ورقھ وھو غض وضرب بالخل، ووضع على الرأس، قطع الرعاف، وإذا سحق ورقھ الیابس، وذر على القروح ذوات
ء الرطوبة نفعھا، ویقوى األعضاء الواھیة إذا ضمد بھ، وینفع داالداحس، وإذا ذر على البثور والقروح التى فى الیدین والرجلین،
.نفعھا
وإذا دلك بھ البدن قطع العرق، ونشف الرطوبات الفضلیة، وأذھب نتن اإلبط، وإذا جلس فى طبیخھ، نفع من خراریج المقعدة والرحم،
لعظام التى لم ومن استرخاء المفاصل، وإذا صب على كسور ا .تلتحم، نفعھا
ویجلو قشور الرأس وقروحھ الرطبة، وبثوره، ویمسك الشعر المتساقط ویسوده، وإذا دق ورقھ، وصب علیھ ماء یسیر، وخلط
بھ شىء من زیت أو دھن الورد، وضمد بھ، وافق القروح الرطبة .الحادة، والشرى والبواسیروالنملة والحمرة، واألورام
وحـبھ نافع من نفث الدم العارض فى الصدر والرئة، دابغ للمعدة ولیس بضار للصدر وال الرئة لجالوتھ، وخاصیتھ النفع من
استطالق البطن مع السعال، وذلك نادر فى األدویة، وھو مدر یالء، ولسع العقارب، للبول، نافع من لذع المثانة، وعض الرت
.والتخلل بعرقھ مضر، فلیحذر
وأما الریحان الفارسى الذى یسمى الحبق، فحار فى أحد القولین، ینفع شمھ من الصداع الحار إذا رش علیھ الماء، ویبرد، ویرطب . بالعرض، وبارد فى اآلخر، وھل ھو رطب أو یابس ؟ على قولین
أن فیھ من الطبائع األربع، ویجلب النوم، وبزره حابس : والصحیحلإلسھال الصفراوى، ومسكن للمغص، مقو للقلب، نافع لألمراض
.السوداویة
]68: الرحمن [}فیھما فاكھة ونخل ورمان{:قال تعالى: رمان
مان من رمانكم ما من ر: ((ویذكر عن ابن عباس موقوفا ومرفوعاوذكر . والموقوف أشبھ)) ھذا إال وھو ملقح بحبة من رمان الجنة
كلوا الرمان بشحمھ، فإنھ دباغ : ((حرب وغیره عن على أنھ قال )).المعدة
وإذا استخرج ماؤه بشحمھ، وطبخ بیسیر من العسل حتى یصیر كالمرھم، واكتحل بھ، قطع الصفرة من العین، ونقاھا من
خ على اللثة، نفع من األكلة العارضة الرطوبات الغلیظة، وإذا لطلھا، وإن استخرج ماؤھما بشحمھما، أطلق البطن، وأحدر .الرطوبات العفنة المریة، ونفع من حمیات الغب المتطاولة
وأما الرمان المز، فمتوسط طبعا وفعال بین النوعین، وھذا أمیل ، وحب الرمان مع العسل طالء للداحس إلى لطافة الحامض قلیال
ومن ابتلع ثالثة من : والقروح الخبیثة، وأقماعھ للجراحات، قالوا .جنبذ الرمان فى كل سنة، أمن من الرمد سنتھ كلھا
حرف الزاي
ة وال یوقد من شجرة مباركة زیتونة ال شرقی{: قال تعالى: زیت ]35: النور [}غربیة یكاد زیتھا یضىء ولو لم تمسسھ نار
وفى الترمذى وابن ماجھ من حدیث أبى ھریرة رضى اهللا عنھ، عن كلوا الزیت وادھنوا بھ، فإنھ : ((النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال
)).من شجرة مباركة
قال : عن ابن عمر رضى اهللا عنھ، قال: بیھقى وابن ماجھ أیضاوللائتدموا بالزیت، وادھنوا بھ، : ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم
)).فإنھ من شجرة مباركة
یابس، والزیت بحسب : الزیت حار رطب فى األولى، وغلط من قالضیج أعدلھ وأجوده، ومن الفج فیھ زیتونھ، فالمعتصر من الن
برودة ویبوسة، ومن الزیتون األحمر متوسط بین الزیتین، ومن األسود یسخن ویرطب باعتدال، وینفع من السموم، ویطلق البطن، ویخرج الدود، والعتیق منھ أشد تسخینا وتحلیال، وما استخرج منھ
، وألطف وأبلغ فى النفع، وجمیع أصنافھ بالماء، فھو أقل حرارة .ملینة للبشرة، وتبطىء الشیب
وماء الزیتون المالح یمنع من تنفط حرق النار، ویشد اللثة، وورقھ ینفع من الحمرة، والنملة، والقروح الوسخة، والشرى،
.ویمنع العرق، ومنافعھ أضعاف ما ذكرنا
، عن ابنى بسر السلمیین رضى ))سننھ((ى أبو داود فى رو: زبددخل علینا رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، : اهللا عنھما، قاال
.فقدمنا لھ زبدا وتمرا، وكان یحب الزبد والتمر
الزبد حار رطب، فیھ منافع كثیرة، منھا اإلنضاج والتحلیل، التى تكون إلى جانب األذنین والحالبین، وأورام ویبرىء األورام
الفم، وسائر األورام التى تعرض فى أبدان النساء والصبیان إذا استعمل وحده، وإذا لعق منھ، نفع في نفث الدم الذى یكون من
الرئة، وأنضج األورام العارضة فیھا
الصلبة العارضة من المرة وھو ملین للطبیعة والعصب واألورام السوداء والبلغم، نافع من الیبس العارض فى البدن، وإذا طلى بھ على منابت أسنان الطفل، كان معینا على نباتھا وطلوعھا، وھو
نافع من السعال العارض من البرد والیبس، ویذھب القوباء یضعف شھوة والخشونة التى فى البدن، ویلین الطبیعة، ولكنھ
الطعام، ویذھب بوخامتھ الحلو، كالعسل والتمر، وفى جمعھ صلى
اهللا علیھ وسلم بین التمر وبینھ من الحكمة إصالح كل منھما باآلخر
نعم الطعام الزبیب : ((أحدھما. روى فیھ حدیثان ال یصحان: زبیب.نعم الطعام الزبیب یذھب (( :والثانى)). یطیب النكھة، ویذیب البلغم
النصب، ویشد العصب، ویطفىء الغضب، ویصفى اللون، ویطیب وھذا أیضا ال یصح فیھ شىء عن رسول اهللا صلى اهللا )). النكھة
ویستحب كل وقت، ویتأكد عند الصالة والوضوء، واالنتباه من النوم، وتغییر رائحة الفم، ویستحب للمفطر والصائم فى كل وقت
ولحاجة الصائم إلیھ، وألنھ مرضاة للرب، لعموم األحادیث فیھ،ومرضاتھ مطلوبة فى الصوم أشد من طلبھا فى الفطر، وألنھ
.مطھرة للفم، والطھور للصائم من أفضل أعمالھ
رأیت : عن عامر بن ربیعة رضى اهللا عنھ، قال)): السنن((وفى .، وھو صائمرسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ما ال أحصى یستاك
.یستاك أول النھار وآخره: قال ابن عمر: وقال البخارى
وأجمع الناس على أن الصائم یتمضمض وجوبا واستحبابا، والمضمضة أبلغ من السواك، ولیس هللا غرض فى التقرب إلیھ
بالرائحة الكریھة، وال ھى من جنس ما شرع التعبد بھ، وإنما ذكر یب الخلوف عند اهللا یوم القیامة حثا منھ على الصوم؛ ال حثا ط
.على إبقاء الرائحة، بل الصائم أحوج إلى السواك من المفطر
.وأیضا فإن رضوان اهللا أكبر من استطابتھ لخلوف فم الصائم
.وأیضا فإن محبتھ للسواك أعظم من محبتھ لبقاء خلوف فم الصائم
ضا فإن السواك ال یمنع طیب الخلوف الذى یزیلھ السواك عند وأیاهللا یوم القیامة، بل یأتى الصائم یوم القیامة، وخلوف فمھ أطیب
من المسك عالمة على صیامھ، ولو أزالھ بالسواك، كما أن الجریح ح المسك، یأتى یوم القیامة، ولون دم جرحھ لون الدم، وریحھ ری
.وھو مأمور بإزالتھ فى الدنیا
وأیضا فإن الخلوف ال یزول بالسواك، فإن سببھ قائم، وھو خلو المعدة عن الطعام، وإنما یزول أثره، وھو المنعقد على األسنان
.واللثة
ى وأیضا فإن النبى صلى اهللا علیھ وسلم علم أمتھ ما یستحب لھم فالصیام، وما یكره لھم، ولم یجعل السواك من القسم المكروه، وھو یعلم أنھم یفعلونھ، وقد حضھم علیھ بأبلغ ألفاظ العموم والشمول،
وھم یشاھدونھ یستاك وھو صائم مرارا كثیرة تفوت اإلحصاء، ال تستاكوا بعد: ویعلم أنھم یقتدون بھ، ولم یقل لھم یوما من الدھر
.واهللا أعلم.. الزوال، وتأخیر البیان عن وقت الحاجة ممتنع
روى محمـد بن جریر الطبرى بإســناده، من حدیث صھیب : سـمنعلیكم بألبان البقر، فإنھا شفاء، وسمنھا دواء، ولحومھا ((یرفعھ
رواه عن أحمد بن الحسن الترمذى، حدثنا محمد ابن موسى )) داءحدثنا دفاع ابن دغفل السـدوسى، عن عبد الحمید بن النسائى،
.صیفى بن صھیب، عن أبیھ، عن جده، وال یثبت ما فى ھذا اإلسناد
والسمن حار رطب فى األولى، وفیھ جالء یسیر، ولطافة وتفشیة األورام الحادثة من األبدان الناعمة، وھو أقوى من الزبد فى
أنھ أبرأ بھ األورام الحادثة )): جالینوس((ذكر اإلنضاج والتلیین، وفى األذن، وفى األرنبة، وإذا دلك بھ موضع األسنان، نبتت سریعا،
وإذا خلط مع عسل ولوز مر، جال ما فى الصدر والرئة، والكیموسات الغلیظة اللزجة، إال أنھ ضار بالمعدة، سیما إذا كان
.بلغمیامزاج صاحبھا
وأما سمن البقر والمعز، فإنھ إذا شرب مع العسل نفع من شرب : السم القاتل، ومن لدغ الحیات والعقارب، وفى كتاب ابن السنى
لم یستشف الناس : عن على بن أبى طالب رضى اهللا عنھ قال .بشىء أفضل من السمن
من )): سننھ((اجھ فى روى اإلمام أحمد بن حنبل، وابن م: سمك: حدیث عبد اهللا بن عمر، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال
)).السمك والجراد، والكبد والطحال: أحلت لنا میتتان ودمان((
أصناف السمك كثیرة، وأجوده ما لذ طعمھ، وطاب ریحھ، وتوسط ، ولم یكن صلب اللحم وال یابسھ، وكان مقداره، وكان رقیق القشر
فى ماء عذب جار على الحصباء، ویتغذى بالنبات ال األقذار، وأصلح أماكنھ ما كان فى نھر جید الماء، وكان یأوى إلى األماكن
الصخریة، ثم الرملیة، والمیاه الجاریة العذبة التى ال قذر فیھا، وال .، المكشوفة للشمس والریاححمأة، الكثیرة االضطراب والتموج
أجوده ما كان قریب العھد بالتملح، وھو حار یابس، وأما المالح، فوكلما تقادم عھده ازداد حره ویبسھ، والسلور منھ كثیر اللزوجة،
وإذا أكل طریا، كان ملینا للبطن، . ویسمى الجرى، والیھود ال تأكلھا دق وإذا ملح وعتق وأكل، صفى قصبة الرئة، وجود الصوت، وإذووضع من خارج، أخرج السلى والفضول من عمق البدن من
.طریق أن لھ قوة جاذبة
وماء ملح الجرى المالح إذا جلس فیھ من كانت بھ قرحة األمعاء فى ابتداء العلة، وافقھ بجذبھ المواد إلى ظاھر البدن، وإذا احتقن
.بھ، أبرأ من عرق النسا
أجود ما فى السمك ما قرب من مؤخرھا، والطرى السمین منھ و .یخصب البدن لحمھ وودكھ
...)یتبع(
من حدیث جابر بن عبد اهللا رضى اهللا )): الصحیحین((وفى @ بعثنا النبى صلى اهللا علیھ وسلم فى ثالثمائة راكب، : ((عنھ قال
ساحل، فأصابنا جوع شدید، وأمیرنا أبو عبیدة بن الجراح، فأتینا العنبر، فأكلنا منھ : حتى أكلنا الخبط، فألقى لنا البحر حوتا یقال لھا
نصف شھر، وائتدمنا بودكھ حتى ثابت أجسامنا، فأخذ أبو عبیدة )).ضلعا من أضالعھ، وحمل رجال على بعیره، ونصبھ، فمر تحتھ
دخل على : عن أم المنذر، قالتروى الترمذى وأبو داود، : سلقرسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ومعھ على رضى اهللا عنھ، ولنا
دوال معلقة، قالت
فجعل رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یأكل وعلى معھ یأكل، فقال : : ، قالت))مھ یا على فإنك ناقھ: ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم
یا : ((جعلت لھم سلقا وشعیرا، فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلمفحدیث حسن : قال الترمذى)). على؛ فأصب من ھذا، فإنھ أوفق لك
.غریب
مركب : رطب فیھا، وقیل: السلق حار یابس فى األولى، وقیلمنھ وفى األسود . منھما، وفیھ برودة ملطفة، وتحلیل، وتفتیح
قبض ونفع من داء الثعلب، والكلف، والحزار، والثآلیل إذا طلى بمائھ، ویقتل القمل، ویطلى بھ القوباء مع العسل، ویفتح سدد الكبد
.والطحال
وأسوده یعقل البطن، وال سیما مع العدس، وھما ردیئان، ئھ لإلسھال، وینفع من یلین مع العدس، ویحقن بما: واألبیض
، فإنھ ماھیة مركبة من صبر ))الصبر نصف اإلیمان: ((صبرنصف صبر، : اإلیمان نصفان: وشكر، كما قال بعض السلف
إن فى ذلك آلیات لكل صبار {: ونصف شكر، قال تعالى ].5: إبراھیم [}شكور
: د، وھو ثالثة أنواعوالصبر من اإلیمان بمنزلة الرأس من الجسصبر على فرائض اهللا، فال یضیعھا، وصبر عن محارمھ، فال
یرتكبھا، وصبر على أقضیتھ وأقداره، فال یتسخطھا، ومن استكمل ولذة الدنیا واآلخرة ونعیمھا، . ھذه المراتب الثالث، استكمل الصبرأحد إال على جسر الصبر، كما والفوز والظفر فیھما، ال یصل إلیھ
ال یصل أحد إلى الجنة إال على الصراط، قال عمر ابن الخطاب .خیر عیش أدركناه بالصبر: رضى اهللا عنھ
وإذا تأملت مراتب الكمال المكتسب فى العالم، رأیتھا كلھا منوطة صاحبھ علیھ، ویدخل تحت بالصبر، وإذا تأملت النقصان الذى یذم
قدرتھ، رأیتھ كلھ من عدم الصبر، فالشجاعة والعفة، والجود .واإلیثار، كلھ صبر ساعة
فالصبر طلسم على كنز العلى من حل ذا الطلسم فاز بكنزه
ر، فما حفظت وأكثر أسقام البدن والقلب، إنما تنشأ من عدم الصبصحة القلوب واألبدان واألرواح بمثل الصبر، فھو الفاروق األكبر،
والتریاق األعظم، ولو لم یكن فیھ إال معیة اهللا مع أھلھ، فإن اهللا مع الصابرین ومحبتھ لھم، فإن اهللا یحب الصابرین، ونصره ألھلھ،
ولئن صبرتم لھو خیر {ھلھ، فإن النصر مع الصبر، وإنھ خیر ألیا أیھا الذین آمنوا {: ، وإنھ سبب الفالح]126: النحل [}للصابرین
: آل عمران [}اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا اهللا لعلكم تفلحون200[
من حدیث قیس ابن )) یلالمراس((روى أبو داود فى كتاب : صبرماذا فى : ((رافع القیسى، أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال
)).األمرین من الشفاء ؟ الصبر والثفاء
دخل على : من حدیث أم سلمة، قالت: ألبى داود)) السنن((وفى و سلمة، وقد جعلت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، حین توفى أب
إنما ھو صبر یا : ؟ فقلت)) ماذا یا أم سلمة: ((على صبرا، فقالإنھ یشب الوجھ، فال تجعلیھ إال : ((رسول اهللا، لیس فیھ طیب، قال
.ونھى عنھ بالنھار)) باللیل
ضول الصبر كثیر المنافع، ال سیما الھندى منھ، ینقى الفالصفراویة التى فى الدماغ وأعصاب البصر، وإذا طلى على
الجبھة والصدغ بدھن الورد، نفع من الصداع، وینفع من قروح .األنف والفم، ویسھل السوداء والمالیخولیا
والصبر الفارسى یذكى العقل، ویمد الفؤاد، وینقى الفضول یة من المعدة إذا شرب منھ ملعقتان بماء، ویرد الصفراویة والبلغم
الشھوة الباطلة والفاسدة، وإذا شرب فى البرد، خیف أن یسھل دما
الصوم جنة من أدواء الروح والقلب والبدن، منافعھ تفوت : صوماإلحصاء، ولھ تأثیر عجیب فى حفظ الصحة، وإذابة الفضالت،
نفس عن تناول مؤذیاتھا، وال سیما إذا كان باعتدال وحبس ال .وقصد فى أفضل أوقاتھ شرعا، وحاجة البدن إلیھ طبعا
ثم إن فیھ من إراحة القوى واألعضاء ما یحفظ علیھا قواھا، وفیھ خاصیة تقتضى إیثاره، وھى تفریحھ للقلب عاجال وآجال، وھو أنفع
زجة الباردة والرطبة، ولھ تأثیر عظیم فى حفظ شىء ألصحاب األم .صحتھم
وھو یدخل فى األدویة الروحانیة والطبیعیة، وإذا راعى الصائم فیھ ما ینبغى مراعاتھ طبعا وشرعا، عظم انتفاع قلبھ وبدنھ بھ،
وحبس عنھ المواد الغریبة الفاسدة التى ھو مستعد لھا، وأزال الحاصلة بحسب كمالھ ونقصانھ، ویحفظ الصائم مما المواد الردیئة
ینبغى أن یتحفظ منھ، ویعینھ على قیامھ بمقصود الصوم وسره وعلتھ الغائیة، فإن القصد منھ أمر آخر وراء ترك الطعام
والشراب، وباعتبار ذلك األمر اختص من بین األعمال بأنھ هللا ة بین العبد وبین ما یؤذى قلبھ سبحانھ، ولـما كان وقایة وجن
یا أیھا الذین آمنوا كتب علیكم {: وبدنھ عاجال وآجال، قال اهللا تعالى: البقرة [}الصیام كما كتب على الذین من قبلكم لعلكم تتقون
وھى حمیة عظیمة فأحد مقصودى الصیام الجنة والوقایة، ]. 188اجتماع القلب والھم على اهللا تعالى، : النفع، والمقصود اآلخر
وتوفیر قوى النفس على محابھ وطاعتھ، وقد تقدم الكالم فى بعض .أسرار الصوم عند ذكر ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فیھ
حرف الضاد
رسول من حــدیث ابن عباس، أن )) الصحیحین((ثبت فى : ضـب: اهللا صلى اهللا علیھ وسلم سئل عنھ لما قدم إلیھ، وامتنع من أكلھ
ال، ولكن لم یكن بأرض قومى، فأجدنى أعافھ، : ((أحرام ھو ؟ فقال ))وأكل بین یدیھ وعلى مائدتھ وھو ینظر
من حدیث ابن عمر رضى اهللا عنھما، عنھ )) الصحیحین((وفى :لیھ وسلم قالصلى اهللا ع
)).ال أحلھ وال أحرمھ((
وھو حار یابس، یقوى شھوة الجماع، وإذا دق، ووضع على .موضع الشوكة اجتذبھا
الضفدع ال یحل فى الدواء، نھى رسول : قال اإلمام أحمد: ضفدعاه فى اهللا صلى اهللا علیھ وسلم عن قتلھا، یرید الحدیث الذى رو
أن (( من حدیث عثمان بن عبد الرحمن رضى اهللا عنھ)) مسنده((طبیبا ذكر ضفدعا فى دواء عند رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم
)).فنھاه عن قتلھا
من أكل من دم الضفدع أو جرمھ، ورم بدنھ، : قال صاحب القانونترك األطباء استعمالھ وكمد لونھ، وقذف المنى حتى یموت، ولذلك
.خوفا من ضرره
.مائیة وترابیة، والترابیة یقتل أكلھا: وھى نوعان
حرف الطاء
حبب : ((ثبت عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال: طیب )).النساء والطیب، وجعلت قرة عینى فى الصالة: إلى من دنیاكم
لیھ وسلم یكثر التطیب، وتشتد علیھ الرائحة وكان صلى اهللا ع .الكریھة، وتشق علیھ
وكل حدیث فى الطین فإنھ ال یصح، وال أصل لھ عن رسول اهللا وق، صلى اهللا علیھ وسلم، إال أنھ ردىء مؤذ، یسد مجارى العر
وھو بارد یابس، قوى التجفیف، ویمنع استطالق البطن، ویوجب .نفث الدم وقروح الفم
، قال أكثر ]29: الواقعة[}وطلح منضود{: قال تعالى: طلحھو الذى قد نضد بعضھ )): المنضود((و. ھو الموز: المفسرین
:وقیل. على بعض، كالمشط
شجر ذو الشوك، نضد مكان كل شوكة ثمرة، فثمره ال)): الطلح((قد نضد بعضھ إلى بعض، فھو مثل الموز، وھذا القول أصح،
واهللا .. ویكون من ذكر الموز من السلف أراد التمثیل ال التخصیص .أعلم
وھو حار رطب، أجوده النضیج الحلو، ینفع من خشونة الصدر ل، وقروح الكلیتین، والمثانة، ویدر البول، ویزید فى والرئة والسعا
المنى، ویحرك الشھوة للجماع، ویلین البطن، ویؤكل قبل الطعام، ویضر المعدة، ویزید فى الصفراء والبلغم، ودفع ضرره بالسكر أو
] 10: ق[}ع نضیدوالنخل باسقات لھا طل{: قال تعالى: العسل طلع ]148: الشعراء [}ونخل طلعھا ھضیم{: ، وقال تعالى
ما یبدو من ثمرتھ فى أول ظھوره، وقشره یسمى : طلع النخلالمنضود الذى قد نضد بعضھ على بعض، )): النضید((الكفرى، و
وإنما یقال لھ
.فلیس بنضید ما دام فى كفراه، فإذا انفتح)) نضید((
فھو المنضم بعضھ إلى بعض، فھو كالنضید )): الھضیم((وأما .أیضا، وذلك یكون قبل تشقق الكفرى عنھ
ذكر وأنثى، والتلقیح ھو أن یؤخذ من الذكر وھو : والطلع نوعان، فیكون ذلك ))التأبیر((مثل دقیق الحنطة فیجعل فى األنثى، وھو
.بین الذكر واألنثى بمنزلة اللقاح
عن طلحة بن عبید اهللا رضى اهللا )): صحیحھ((وقد روى مسلم فى مررت مع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم فى نخل، : ((عنھ، قال
یأخذون : ؟ قالوا)) ما یصنع ھؤالء: ((فرأى قوما یلقحون، فقال :قال. من الذكر فیجعلونھ فى األنثى
، فبلغھم، فتركوه، فلم یصلح، فقال النبى ))ك یغنى شیئاما أظن ذل((إنما ھو ظن، فإن كان یغنى شیئا، : ((صلى اهللا علیھ وسلم
فاصنعوه، فإنما أنا بشر مثلكم، وإن الظن یخطئ ویصیب، ولكن ما .انتھى.. ))قلت لكم عن اهللا عز وجل، فلن أكذب على اهللا
ودقیق طلعھ إذا . طلع النخل ینفع من الباه، ویزید فى المباضعةتحملت بھ المرأة قبل الجماع أعان على الحبل إعانة بالغة، وھو فى البرودة والیبوسة فى الدرجة الثانیة، یقوى المعدة ویجففھا،
.ویسكن ثائرة الدم مع غلظة وبطء ھضم
یحتملھ إال أصحاب األمزجة الحارة، ومن أكثر منھ فإنھ ینبغى والأن یأخذ علیھ شیئا من الجوراشات الحارة، وھو یعقل الطبع،
ویقوى األحشاء، والجمار یجرى مجراه، وكذلك البلح، والبسر، واإلكثار منھ یضر بالمعدة والصدر، وربما أورث القولنج،
.وإصالحھ بالسمن، أو بما تقدم ذكره
حرف العین
من حدیث حبیب بن یسار، عن ابن عباس )) الغیالنیات((فى : عنبرأیت رسـول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یأكل : رضى اهللا عنھ قال
.العنب خرطا
بن وفیھ داود: ال أصل لھذا الحدیث، قلت: قال أبو جعفر العقیلى .كان یكذب: عبد الجبار أبو سلیم الكوفى، قال یحیى بن معین
أنھ كان یحب العنب : ویذكر عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم .والبطیخ
وقد ذكر اهللا سبحانھ العنب فى ستة مواضع من كتابھ فى جملة ھو من نعمھ التى أنعم بھا على عباده فى ھذه الدار وفى الجنة، و
أفضل الفواكھ وأكثرھا منافع، وھو یؤكل رطبا ویابسا، وأخضر ویانعا، وھو فاكھة مع الفواكھ، وقوت مع األقوات، وأدم مع اإلدام، ودواء مع األدویة، وشراب مع األشربة، وطبعھ طبع
حمد الحرارة والرطوبة، وجیده الكبار المائى، واألبیض أ: الحباتمن األسود إذا تساویا فى الحالوة، والمتروك بعد قطفھ یومین أو
ثالثة أحمد من المقطوف فى یومھ، فإنھ منفخ مطلق للبطن، والمعلق حتى یضمر قشره جید للغذاء، مقو للبدن، وغذاؤه كغذاء
لطبیعة، التین والزبیب، وإذا ألقى عجم العنب كان أكثر تلیینا ل .واإلكثار منھ مصدع للرأس، ودفع مضرتھ بالرمان المز
...)یتبع(
ومنفعة العنب یسھل الطبع، ویسمن، ویغذو جیده غذاء حسنا، @ وھو أحد الفواكھ الثالث التى ھى ملوك الفواكھ، ھو والرطب
.والتین
.قد تقدم ذكر منافعھ: عسل
.علیك بالعسل، فإنھ جید للحفظ: قال الزھرى: یجقال ابن جر
وأجوده أصفاه وأبیضھ، وألینھ حدة، وأصدقھ حالوة، وما یؤخذ من الجبال والشجر لھ فضل على ما یؤخذ من الخالیا، وھو بحسب
مرعى نحلھ
من حدیث سعد بن أبى وقاص رضى )): الصحیحین((فى : عجوةمن تصبح : ((ن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قالاهللا عنھ، ع
)).بسبع تمرات عجوة، لم یضره ذلك الیوم سم وال سحر
من حدیث جابر، وأبى سعید : وابن ماجھ)) سنن النسائى((وفى العجوة من : ((رضى اهللا عنھما، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم
، وھى شفاء من السم، والكمأة من المن ، وماؤھا شفاء الجنة )).للعین
إن ھذا فى عجوة المدینة، وھى أحد أصناف التمر بھا، : وقد قیلومن أنفع تمر الحجاز على اإلطالق، وھو صنف كریم، ملذذ، متین
.للجسم والقوة، من ألین التمر وأطیبھ وألذه
ذكر التمر وطبعھ ومنافعھ فى حرف التاء، والكالم على وقد تقدم .دفع العجوة للسم والسحر، فال حاجة إلعادتھ
من حدیث جابر، فى قصة أبى )) الصحیحین((تقدم فى : عنبرعبیدة، وأكلھم من العنبر شھرا، وأنھم تزودوا من لحمھ وشائق
لى النبى صلى اهللا علیھ وسلم، وھو إلى المدینة، وأرسلوا منھ إأحد ما یدل على أن إباحة ما فى البحر ال یختص بالسمك، وعلى أن
.میتتھ حالل
واعترض على ذلك بأن البحر ألقاه حیا، ثم جزر عنھ الماء، فمات، وھذا حالل، فإن موتھ بسبب مفارقتھ للماء، وھذا ال یصح، فإنھم
وه میتا بالساحل، ولم یشاھدوه قد خرج عنھ حیا، ثم جزر إنما وجد .عنھ الماء
فلو كان حیا لما ألقاه البحر إلى ساحلھ، فإنھ من المعلوم : وأیضا .أن البحر إنما یقذف إلى ساحلھ المیت من حیواناتھ ال الحى منھا
شرطا فى فلو قدر احتمال ما ذكروه لم یجز أن یكون : وأیضااإلباحة، فإنھ ال یباح الشىء مع الشك فى سبب إباحتھ، ولھذا منع النبى صلى اهللا علیھ وسلم من أكل الصید إذا وجده الصائد غریقا
فى الماء للشك فى سبب موتھ، ھل ھو اآللة
أم الماء ؟
وأما العنبر الذى ھو أحد أنواع الطیب، فھو من أفخر أنواعھ بعد مسك، وأخطأ من قدمھ على المسك، وجعلھ سید أنواع الطیب، ال
ھو : ((وقد ثبت عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال فى المسك، وسیأتى إن شاء اهللا تعالى ذكر الخصائص ))أطیب الطیب
والمنافع التى خص بھا المسك، حتى إنھ طیب الجنة، والكثبان .مقاعد الصدیقین ھناك من مسك ال من عنبرالتى ھى
والذى غر ھذا القائل أنھ ال یدخلھ التغیر على طول الزمان، فھو كالذھب، وھذا ال یدل على أنھ أفضل من المسك، فإنھ بھذه
وأما ما یظنھ الجھال أنھ كان سماط الخلیل الذى یقدمھ ألضیافھ، فكذب مفترى، وإنما حكى اهللا عنھ الضیافة بالشواء، وھو العجل
.الحنیذ
سئل ابن المبارك عن الحدیث الذى : كر البیھقى عن إسحاق قالوذوال على : جاء فى العدس، أنھ قدس على لسان سبعین نبیا، فقالسلم بن : لسان نبى واحد، وإنھ لمؤذ منفخ، من حدثكم بھ ؟ قالوا
وعنى أیضا،،؟: قال. عنك: عمن ؟ قالوا: سالم، فقال
حرف الغین
ذكور فى القرآن فى عدة مواضع، وھو لذیذ االسم على م: غیثالسمع، والمسمى على الروح والبدن، تبتھج األسماع بذكره،
والقلوب بوروده، وماؤه أفضل المیاه، وألطفھا وأنفعھا وأعظمھا بركة، وال سیما إذا كان من سحاب راعد، واجتمع فى مستنقعات
.الجبال
ائر المیاه، ألنھ لم تطل مدتھ على األرض، وھو أرطب من سفیكتسب من یبوستھا، ولم یخالطھ جوھر یابس، ولذلك یتغیر
.ویتعفن سریعا للطافتھ وسرعة انفعالھ
.وھل الغیث الربیعى ألطف من الشتوى أو بالعكس ؟ فیھ قوالن
ینئذ أقل، فال حرارة الشمس تكون ح: قال من رجح الغیث الشتوىتجتذب من ماء البحر إال ألطفھ، والجو صاف وھو خال من األبخرة
الدخانیة، والغبار المخالط للماء، وكل ھذا یوجب لطفھ وصفاءه، .وخلوه من مخالط
الحرارة توجب تحلل األبخرة الغلیظة، : وقال من رجح الربیعى، فیخف بذلك الماء، وتقل أجزاؤه وتوجب رقة الھواء ولطافتھ
األرضیة، وتصادف وقت حیاة النبات واألشجار وطیب الھواء
: وذكر الشافعى رحمھ اهللا عن أنس بن مالك رضى اهللا عنھما، قالكنا مع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، فأصابنا مطر، فحسر
إنھ حدیث عھد : ((قالرسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ثوبھ، و، وقد تقدم فى ھدیھ فى االستسقاء ذكر استمطاره صلى اهللا ))بربھ
ودافعة الھم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارھا وأعطاھا حقھا، وأحسن تنزیلھا على دائھ، وعرف وجھ االستشفاء
.والتداوى بھا، والسر الذى ألجلھ كانت كذلك
. قتھولما وقع بعض الصحابة على ذلك، رقى بھا اللدیغ، فبرأ لو )).وما أدراك أنھا رقیة: ((فقال لھ النبى صلى اهللا علیھ وسلم
ومن ساعده التوفیق، وأعین بنور البصیرة حتى وقف على أسرار ھذه السورة، وما اشتملت علیھ من التوحید، ومعرفة الذات
واألسماء والصفات واألفعال، وإثبات الشرع والقدر والمعاد، ید الربوبیة واإللھیة، وكمال التوكل والتفویض إلى من وتجرید توح
لھ األمر كلھ، ولھ الحمد كلھ، وبیده الخیر كلھ، وإلیھ یرجع األمر كلھ، واالفتقار إلیھ فى طلب الھدایة التى ھى أصل سعادة الدارین،
وعلم ارتباط معانیھا بجلب مصالحھما، ودفع مفاسدھما، وأن اقبة المطلقة التامة، والنعمة الكاملة منوطة بھا، موقوفة على الع
التحقق بھا، أغنتھ عن كثیر من األدویة والرقى، واستفتح بھا من .الخیر أبوابھ، ودفع بھا من الشر أسبابھ
وھذا أمر یحتاج استحداث فطرة أخرى، وعقل آخر، وإیمان آخر، دة، وال بدعة باطلة إال وفاتحة الكتاب وتاهللا ال تجد مقالة فاس
متضمنة لردھا وإبطالھا بأقرب الطرق، وأصحھا وأوضحھا، وال تجد بابا من أبواب المعارف اإللھیة، وأعمال القلوب وأدویتھا من
عللھا وأسقامھا إال وفى فاتحة الكتاب مفتاحھ، وموضع الداللة ائرین إلى رب العالمین إال وبدایتھ علیھ، وال منزال من منازل الس
.ونھایتھ فیھا
وما تحقق . ولعمر اهللا إن شأنھا ألعظم من ذلك، وھى فوق ذلكعبد بھا، واعتصم بھا، وعقل عمن تكلم بھا، وأنزلھا شفاء تاما،
وعصمة بالغة، ونورا مبینا، وفھمھا وفھم لوازمھا كما ینبغى وال شرك، وال أصابھ مرض من أمراض القلوب إال ووقع فى بدعة
.لماما، غیر مستقر
وإنھا المفتاح األعظم لكنوز األرض، كما أنھا المفتاح لكنوز .. ھذاالجنة، ولكن لیس كل واحد یحسن الفتح بھذا المفتاح، ولو أن طالب الكنوز وقفوا على سر ھذه السورة، وتحققوا بمعانیھا،
كبوا لھذا المفتاح أسنانا، وأحسنوا الفتح بھ، لوصلوا إلى تناول ور .الكنوز من غیر معاوق، وال ممانع
ولم نقل ھذا مجازفة وال استعارة؛، بل حقیقة، ولكن هللا تعالى حكمة بالغة فى إخفاء ھذا السر عن نفوس أكثر العالمین، كما لھ
والكنوز المحجوبة قد . نھمحكمة بالغة فى إخفاء كنوز األرض عاستخدم علیھا أرواح خبیثة شیطانیة تحول بین اإلنس وبینھا، وال
تقھرھا إال أرواح علویة شریفة غالبة لھا بحالھا اإلیمانى، معھا منھ أسلحة ال تقوم لھا الشیاطین، وأكثر نفوس الناس لیست بھذه
یقھرھا، وال ینال من سلبھا المثابة، فال یقاوم تلك األرواح وال شیئا، فإن من قتل قتیال فلھ سلبھ
ھى نور الحناء، وھى من أطیب الریاحین، وقد روى : فاغیةمن حدیث عبد اهللا بن بریدة، )) شعب اإلیمان((البیھقى فى كتابھ
خرة سید الریاحین فى الدنیا واآل: (( عن أبیھ رضى اهللا عنھ یرفعھ، وروى فیھ أیضا، عن أنس بن مالك رضى اهللا عنھ، ))الفاغیة
كان أحب الریاحین إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : ((قالواهللا أعلم بحال ھذین الحدیثین، فال نشھد على رسول )). الفاغیة
.اهللا صلى اهللا علیھ وسلم بما ال نعلم صحتھ
بس، فیھا بعض القبض، وإذا وضعت وھى معتدلة فى الحر والیبین طى ثیاب الصوف حفظتھا من السوس، وتدخل فى مراھم
.الفالج والتمدد، ودھنھا یحلل األعضاء، ویلین العصب
ثبت أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم كان خاتمھ من : فضةة، ولم یصح عنھ فى فضة، وفصھ منھ، وكانت قبیعة سیفھ فض
المنع من لباس الفضة والتحلى بھا شىء البتة، كما صح عنھ المنع من الشرب فى آنیتھا، وباب اآلنیة أضیق من باب اللباس
والتحلى، ولھذا یباح للنساء لباسا وحلیة ما یحرم علیھن استعمالھ .والحلیة آنیة، فال یلزم من تحریم اآلنیة تحریم اللباس
فالمنع )). وأما الفضة فالعبوا بھا لعبا: (( عنھ)) السنن((وفى یحتاج إلى دلیل یبینھ، إما نص أو إجماع، فإن ثبت أحدھما، وإال
ففى القلب من تحریم ذلك على الرجال شىء، والنبى صلى اهللا ھذان : ((علیھ وسلم أمسك بیده ذھبا، وباألخرى حریرا، وقال
)).رام على ذكور أمتى، حل إلناثھمح
والفضة سر من أسرار اهللا فى األرض وطلسم الحاجات، وإحسان أھل الدنیا بینھم، وصاحبھا مرموق بالعیون بینھم، معظم فى النفوس، مصدر فى المجالس، ال تغلق دونھ األبواب، وال تمل
ستثقل مكانھ، تشیر األصابع إلیھ، مجالستھ، وال معاشرتھ، وال یوتعقد العیون نطاقھا علیھ، إن قال سمع قولھ، وإن شفع قبلت
شفاعتھ، وإن شھد زكیت شھادتھ، وإن خطب فكفء ال یعاب، وإن .كان ذا شیبة بیضاء فھى أجمل علیھ من حلیة الشباب
والغم والحزن، وضعف وھى من األدویة المفرحة النافعة من الھمالقلب وخفقانھ، وتدخل فى المعاجین الكبار، وتجتذب بخاصیتھا ما
یتولد فى القلب من األخالط الفاسدة، خصوصا إذا أضیفت إلى .العسل المصفى، والزعفران
ومزاجھا إلى الیبوسة والبرودة، ویتولد عنھا من الحرارة والجنان التى أعدھا اهللا عز وجل ألولیائھ یوم والرطوبة ما یتولد،
جنتان من ذھب، وجنتان من فضة، آنیتھما وحلیتھما : یلقونھ أربع .وما فیھما
وقد ثبت عنھ صلى اهللا علیھ وسلم
الذى یشرب فى : ((من حدیث أم سلمة أنھ قال)) الصحیح((فى )).جرجر فى بطنھ نار جھنمآنیة الذھب والفضة إنما ی
ال تشربوا فى آنیة : ((وصح عنھ صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قالالذھب والفضة، وال تأكلوا فى صحافھما، فإنھا لھم فى الدنیا ولكم
)).فى اآلخرة
ى فاتت علة التحریم تضییق النقود، فإنھا إذا اتخذت أوان: فقیلالعلة : الحكمة التى وضعت ألجلھا من قیام مصالح بنى آدم، وقیل
وھذه العلل فیھا ما فیھا، فإن التعلیل بتضییق النقود یمنع من لیس بآنیة وال نقد، والفخر التحلى بھا وجعلھا سبائك ونحوھا مما
والخیالء حرام بأى شىء كان، وكسر قلوب المساكین ال ضابط لھ، فإن قلوبھم تنكسر بالدور الواسعة، والحدائق المعجبة، والمراكب
الفارھة، والمالبس الفاخرة، واألطعمة اللذیذة، وغیر ذلك من د العلة، ویتخلف المباحات، وكل ھذه علل منتقضة، إذ توج
.معلولھا
فالصواب أن العلة واهللا أعلم ما یكسب استعمالھا القلب من الھیئة، والحالة المنافیة للعبودیة منافاة ظاھرة، ولھذا علل النبى صلى اهللا علیھ وسلم بأنھا للكفار فى الدنیا، إذ لیس لھم نصیب من العبودیة
بھا فى اآلخرة نعیمھا، فال یصلح استعمالھا لعبید اهللا التى ینالون فى الدنیا، وإنما یستعملھا من خرج عن عبودیتھ، ورضى بالدنیا
.وعاجلھا من اآلخرة
حرف القاف
وننزل من القرآن ما ھو شفاء ورحمة { : قال اهللا تعالى: قرآن ] 82: راءاإلس[} للمؤمنین
.ھھنا لبیان الجنس ال للتبعیض)) من((أن : والصحیح
یا أیھا الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما {: وقال تعالى ] .57: یونس[}فى الصدور
فالقرآن ھو الشفاء التام من جمیع األدواء القلبیة والبدنیة، وأدواء نیا واآلخرة، وما كل أحد یؤھل وال یوفق لالستشفاء بھ، وإذا الد
أحسن العلیل التداوى بھ، ووضعھ على دائھ بصدق وإیمان، وقبول .تام، واعتقاد جازم، واستیفاء شروطھ، لم یقاومھ الداء أبدا
لى وكیف تقاوم األدواء كالم رب األرض والسماء الذى لو نزل عالجبال، لصدعھا، أو على األرض، لقطعھا، فما من مرض من
أمراض القلوب واألبدان إال وفى القرآن سبیل الداللة على دوائھ .وسببھ، والحمیة منھ لمن رزقھ اهللا فھما فى كتابھ
وقد تقدم فى أول الكالم على الطب بیان إرشاد القرآن العظیم إلى لتى ھى حفظ الصحة والحمیة، واستفراغ أصولھ ومجامعھ ا
.المؤذى، واالستدالل بذلك على سائر أفراد ھذه األنواع
وأما األدویة القلبیة، فإنھ یذكرھا مفصلة، ویذكر أسباب أدوائھا أو لم یكفھم أنا أنزلنا علیك الكتاب یتلى { : قال. وعالجھا
، فمن لم یشفھ القرآن، فال شفاه اهللا، ] 51: عنكبوتال[}علیھم .ومن لم یكفھ، فال كفاه اهللا
من حدیث عبد اهللا بن جعفر رضى اهللا عنھ )): السنن((فى : قثاء)). أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم كان یأكل القثاء بالرطب((
.ورواه الترمذى وغیره
طب فى الدرجة الثانیة، مطفىء لحرارة المعدة القثاء بارد رالملتھبة، بطىء الفساد فیھا، نافع من وجع المثانة، ورائحتھ تنفع
من الغشى، وبزره یدر البول، وورقھ إذا اتخذ ضمادا، نفع من .عضة الكلب
وھو بطىء االنحدار عن المعدة، وبرده مضر ببعضھا، فینبغى أن یستعمل معھ ما یصلحھ ویكسر برودتھ ورطوبتھ، كما فعل رسول
اهللا صلى اهللا علیھ وسلم إذ أكلھ بالرطب، فإذا أكل بتمر أو زبیب أو .عسل عدلھ
:قسط وكست
من حدیث أنس رضى اهللا عنھ، )): الصحیحین((وفى . بمعنى واحدتم بھ الحجامة خیر ما تداوی: ((عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم
)).والقسط البحرى
من حدیث أم قیـس، عن النبى صلى اهللا علیھ )): المسند((وفى علیكم بھذا العود الھندى، فإن فیھ سـبعة أشــفیة منھا : ((وسلم
ى لطیف یدل على خفتھا، وغذاءھا ردىء، لكن فیھا جوھر مائواالكتحال بھا نافع من ظلمة البصر والرمد الحار، وقد اعترف
وممن ذكره المسیحى، . فضالء األطباء بأن ماءھا یجلو العین .وصاحب القانون، وغیرھما
:، فیھ قوالن))الكمأة من المن: (( وقولھ صلى اهللا علیھ وسلم
نزل على بنى إسرائیل لم یكن ھذا الحلو أن المن الذى أ: أحدھمافقط، بل أشیاء كثیرة من اهللا علیھم بھا من النبات الذى یوجد عفوا من غیر صنعة وال عالج والحرث، فان المن مصدر بمعنى المفعول
بھ فكل ما رزقھ اهللا العبد عفوا بغیر كسب منھ وال )) ممنون((أى سائر نعمھ منا منھ على عبده، عالج، فھو من محض، وإن كانت
، فإنھ من ))المن((فخص منھا ما ال كسب لھ فیھ، وال صنع باسم ، وھى ))الكمأة((بال واسطة العبد، وجعل سبحانھ قوتھم بالتیھ
، وھو یقوم مقام اللحم، ))السلوى((تقوم مقام الخبز، وجعل أدمھم ینزل على األشجار یقوم لھم مقام الذى )) الطل((وجعل حلواھم
.فكمل عیشھم. الحلوى
الكمأة من المن الذى أنزلھ : (( وتأمل قولھ صلى اهللا علیھ وسلمفجعلھا من جملتھ، وفردا من أفراده، )) اهللا على بنى إسرائیل
والترنجبین الذى یسقط على األشجار نوع من المن، ثم غلب .فا حادثااستعمال المن علیھ عر
أنھ شبھ الكمأة بالمن المنزل من السماء، ألنھ : والقول الثانى .یجمع من غیر تعب وال كلفة وال زرع بزر وال سقى
فإذا كان ھذا شأن الكمأة، فما بال ھذا الضرر فیھا، ومن : فإن قلت أین أتاھا ذلك ؟
وأحسن كل شىء فاعلم أن اهللا سبحانھ أتقن كل شىء صنعھ،خلقھ، فھو عند مبدإ خلقھ برىء من اآلفات والعلل، تام المنفعة لما
ھیىء وخلق لھ، وإنما تعرض لھ اآلفات بعد ذلك بأمور أخر من مجاورة، أو امتزاج واختالط، أو أسباب أخر تقتضى فساده، فلو
.ساد بھ، لم یفسدترك على خلقتھ األصلیة من غیر تعلق أسباب الف
ومن لھ معرفة بأحوال العالم ومبدئھ یعرف أن جمیع الفساد فى جوه ونباتھ وحیوانھ وأحوال أھلھ، حادث بعد خلقھ بأسباب اقتضت
حدوثھ، ولم تزل أعمال بنى آدم ومخالفتھم للرسل تحدث لھم من ألمراض، الفساد العام والخاص ما یجلب علیھم من اآلالم، وا
ظھر الفساد فى البر {: فإن لم یتسع علمك لھذا فاكتف بقولھ تعالى، ونزل ھذه اآلیة على ]41:الروم [}ى الناسوالبحر بما كسبت أید
أحوال العالم، وطابق بین الواقع وبینھا، وأنت ترى كیف تحدث اآلفات والعلل كل وقت فى الثمار والزرع والحیوان، وكیف یحدث
من تلك اآلفات آفات أخر متالزمة، بعضھا آخذ برقاب بعض، وكلما را، أحدث لھم ربھم تبارك وتعالى من أحدث الناس ظلما وفجو
اآلفات والعلل فى أغذیتھم وفواكھھم، وأھویتھم ومیاھھم، وأبدانھم وخلقھم، وصورھم وأشكالھم وأخالقھم من النقص
.واآلفات، ما ھو موجب أعمالھم وظلمھم وفجورھم
ولقد كانت الحبوب من الحنطة وغیرھا أكبر مما ھى الیوم، كما أنھ وجد : وقد روى اإلمام أحمد بإسناده. فیھا أعظمكانت البركة
فى خزائن بعض بنى أمیة صرة فیھا حنطة أمثال نوى التمر وھذه القصة، ذكرھا فى . ھذا كان ینبت أیام العدل: مكتوب علیھا
على أثر حدیث رواه)) مسنده((
م وأكثر ھذه األمراض واآلفات العامة بقیة عذاب عذبت بھ األمالسالفة، ثم بقیت منھا بقیة مرصدة لمن بقیت علیھ بقیة من
أعمالھم، حكما قسطا، وقضاء عدال، وقد أشار النبى صلى اهللا إنھ بقیة رجز أو عذاب : (( علیھ وسلم إلى ھذا بقولھ فى الطاعون
)).أرسل على بنى إسرائیل
لى قوم سبع لیال وثمانیة وكذلك سلط اهللا سبحانھ وتعالى الریح عأیام، ثم أبقى فى العالم منھا بقیة فى تلك األیام، وفى نظیرھا عظة
.وعبرة
وقد جعل اهللا سبحانھ أعمال البر والفاجر مقتضیات آلثارھا فى ھذا العالم اقتضاء ال بد منھ، فجعل منع اإلحسان والزكاة والصدقة سببا
لسماء، والقحط والجدب، وجعل ظلم المساكین، لمنع الغیث من اوالبخس فى المكاییل والموازین، وتعدى القوى على الضعیف سببا لجور الملوك والوالة الذین ال یرحمون إن استرحموا، وال یعطفون
إن استعطفوا، وھم فى الحقیقة أعمال الرعایا ظھرت فى صور اهللا سبحانھ بحكمتھ وعدلھ یظھر للناس أعمالھم فى والتھم، فإن
أن النھى عن التسوید البحت، فأما : فالجواب من وجھین، أحدھماإذا أضیف إلى الحناء شىء آخر، كالكتم ونحوه، فال بأس بھ، فإن
الوسمة، الكتم والحناء یجعل الشعر بین األحمر واألسود بخالف .فإنھا تجعلھ أسود فاحما، وھذا أصح الجوابین
أن الخضاب بالسواد المنھى عنھ خضاب التدلیس، : الجواب الثانىكخضاب شعر الجاریة، والمرأة الكبیرة تغر الزوج، والسید بذلك، وخضاب الشیخ یغر المرأة بذلك، فإنھ من الغش والخداع، فأما إذا
یتضمن تدلیسا وال خداعا، فقد صح عن الحسن والحسین رضى لماهللا عنھما أنھما كانا یخضبان بالسواد، ذكر ذلك ابن جریر عنھما
، وذكره عن عثمان ابن عفان، وعبد اهللا ))تھذیب اآلثار((فى كتاب بن جعفر، وسعد بن أبى وقاص، وعقبة بن عامر، والمغیرة بن
.د اهللا، وعمرو بن العاصشعبة، وجریر بن عب
عمرو بن عثمان، وعلى بن : وحكاه عن جماعة من التابعین، منھمعبد اهللا بن عباس، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن
األسود، وموسى بن طلحة، والزھرى، وأیوب، وإسماعیل بن .معدى كرب
، وحكاه ابن الجوزى عن محارب بن دثار، ویزید، وابن جریجوأبى یوسف، وأبى إسحاق، وابن أبى لیلى، وزیاد بن عالقة، وغیالن بن جامع، ونافع بن جبیر، وعمرو بن على المقدمى،
والقاسم بن سالم
@
شجرة العنب، وھى الحبلة، ویكره تسمیتھا كرما، لما روى : كرمال : ((قال عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ)) صحیحھ((مسلم فى
: وفى روایة)). الرجل المسلم: یقولن أحدكم للعنب الكرم، الكرمالكرم، : ال تقولوا: ((، وفى أخرى))إنما الكرم قلب المؤمن((
)).العنب والحبلة: وقولوا
:وفى ھـذا معنیـان
الكرم، لكثرة منافعھا أن العرب كانت تسمى شجرة العنب: أحدھماوخیرھا، فكره النبى صلى اهللا علیھ وسلم تسمیتھا باسم یھیج
النفوس على محبتھا ومحبة ما یتخذ منھا من المسكر، وھو أم .الخبائث، فكره أن یسمى أصلھ بأحسن األسماء وأجمعھا للخیر
لیس ((، و))رعةلیس الشدید بالص: ((أنھ من باب قولھ: والثانىأنكم تسمون شجرة العنب كرما لكثرة : أى)). المسكین بالطواف
منافعھ، وقلب المؤمن أو الرجل المسلم أولى بھذا االسم منھ، فإن المؤمن خیر كلھ ونفع، فھو من باب التنبیھ والتعریف لما فى قلب
والنور، والھدى، والتقوى، المؤمن من الخیر، والجود، واإلیمان،والصفات التى یستحق بھا ھذا االسم أكثر من استحقاق الحبلة
فقوة الحبلة باردة یابسة، وورقھا وعالئقھا وعرموشھا .. وبعد.لھمبرد فى آخر الدرجة األولى، وإذا دقت وضمد بھا من الصداع
وعصارة قضبانھ إذا . عدةسكنتھ، ومن األورام الحارة والتھاب الم
شربت سكنت القىء، وعقلت البطن، وكذلك إذا مضغت قلوبھا وعصارة ورقھا، تنفع من قروح األمعاء، ونفث الدم . الرطبة
ودمع شجره الذى یحمل على القضبان، . وقیئھ، ووجع المعدة كالصمغ إذا شرب أخرج الحصاة، وإذا لطخ بھ، أبرأ القوب
والجرب المتقرح وغیره، وینبغى غسل العضو قبل استعمالھا بالماء والنطرون، وإذا تمسح بھا مع الزیت حلق الشعر، ورماد
قضبانھ إذا تضمد بھ مع الخل ودھن الورد والسذاب، نفع من الورم العارض فى الطحال، وقوة دھن زھرة الكرم قابضة شبیھة
.ن الورد، ومنافعھا كثیرة قریبة من منافع النخلةبقوة دھ
روى فى حدیث ال یصح عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ : كرفسمن أكلھ ثم نام علیھ، نام ونكھتھ طیبة، وینام : ((وسلم، أنھ قال
، وھذا باطل على رسول اهللا ))آمنا من وجع األضراس واألسنانوسلم، ولكن البستانى منھ یطیب النكھة جدا، وإذا صلى اهللا علیھ
مین أخف وأجود غذاء، والجذع من المعز أقل من الحیوان الس .تغذیة، ویطفو فى المعدة
وأفضل اللحم عائذه بالعظم، واألیمن أخف وأجود من األیسر، والمقدم أفضل من المؤخر، وكان أحب الشاة إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم مقدمھا، وكل ما عال منھ سوى الرأس كان أخف
: جود مما سفل، وأعطى الفرزدق رجال یشترى لھ لحما وقال لھوأ )).خذ المقدم، وإیاك والرأس والبطن، فإن الداء فیھما((
وحمى الربع، وكثیر من األورام، الفیل، والسرطان، والوسواس،وھذا لمن لم یعتده، أو لم یدفع ضرره بالفلفل والثوم والدارصینى
.والزنجبیل ونحوه، وذكره أقل برودة، وأنثاه أقل یبسا
ولحم العجل وال سـیما السمین من أعدل األغذیة وأطیبھا وألذھا .، وإذا انھضم غذى غذاء قویاوأحمدھا، وھو حار رطب
عن أسماء رضى اهللا عنھا، )) الصحیح((ثبت فى : لحم الفـرسنحرنا فرسا فأكلناه على عھد رسول اهللا صلى اهللا علیھ : قالتوثبت عنھ صلى اهللا علیھ وسلم أنھ أذن فى لحوم الخیل، . وسلم
.أخرجاه فى الصحیحین. ونھى عن لحوم الحمر
ثبت عنھ حدیث المقدام بن معدى كرب رضى اهللا عنھ أنھ نھى وال ی قالھ أبو داود وغیره من أھل الحدیث. عنھ
واقترانھ بالبغال والحمیر فى القرآن ال یدل على أن حكم لحمھ حكم لحومھا بوجھ من الوجوه، كما ال یدل على أن حكمھا فى السھم فى
بحانھ یقرن فى الذكر بین المتماثالت الغنیمة حكم الفرس، واهللا س: تارة، وبین المختلفات، وبین المتضادات، ولیس فى قولھ
ما یمنع من أكلھا، كما لیس فیھ ما یمنع من غیر } لتركبوھا{الركوب من وجوه االنتفاع، وإنما نص على أجل منافعھا، وھو
.حان ال معارض لھماالركوب، والحدیثان فى حلھا صحی
فلحمھا حار یابس، غلیظ سوداوى مضر ال یصلح لألبدان .. وبعد .اللطیفة
فرق ما بین الرافضة وأھل السـنة، كما أنھ أحد : لحم الجملفالیھود والرافضة تذمھ وال . الفروق بین الیھود وأھل اإلسالمدین اإلسالم حلھ، وطالما أكلھ تأكلھ، وقد علم باالضطرار من
رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم وأصحابھ حضرا وسفرا
ولحم الفصیل منھ من ألذ اللحوم وأطیبھا وأقواھا غذاء، وھو لمن اعتاده بمنزلة لحم الضأن ال یضرھم ألبتة، وال یولد لھم داء، وإنما
ى أھل الرفاھیة من أھل الحضر الذین ذمھ بعض األطباء بالنسبة إلال یعتادوه، فإن فیھ حرارة ویبسا، وتولیدا للسوداء، وھو عسر
االنھضام، وفیھ قوة غیر محمودة، ألجلھا أمر النبى صلى اهللا علیھ وسلم بالوضوء من أكلھ فى حدیثین صحیحین ال معارض لھما،
ألنھ خالف المعھود من الوضوء فى وال یصح تأویلھما بغسل الید، كالمھ صلى اهللا علیھ وسلم، لتفریقھ بینھ وبین لحم الغنم، فخیر
ولو حمل . بین الوضوء وتركھ منھا، وحتم الوضوء من لحوم اإلبلمن مس : ((الوضوء على غسل الید فقط، لحمل على ذلك فى قولھ
)).فرجھ فلیتوضأ
آكلھا قد ال یباشر أكلھا بیده بأن یوضع فى فمھ، فإن فإن: وأیضاكان وضوؤه غسل یده، فھو عبث، وحمل لكالم الشارع على غیر
كان آخر األمرین : ((معھوده وعرفھ، وال یصح معارضتھ بحدیث من رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ترك الوضوء مما
:لعدة أوجھ)) مست النار
.ھذا عام، واألمر بالوضوء منھا خاص أن: أحدھا
أن الجھة مختلفة، فاألمر بالوضوء منھا بجھة كونھا لحم : الثانىإبل سواء أكان نیئا، أو مطبوخا، أو قدیدا، وال تأثیر للنار فى
وأما ترك الوضوء مما مست النار، ففیھ بیان أن مس . الوضوءء، فأین أحدھما من اآلخر ؟ ھذا فیھ إثبات النار لیس بسبب للوضو
سبب الوضوء، وھو كونھ لحم إبل، وھذا فیھ نفى لسبب الوضوء، .فال تعارض بینھما بوجھ. وھو كونھ ممسوس النار
أن ھذا لیس فیھ حكایة لفظ عام عن صاحب الشرع، وإنما : الثالثدم على اآلخر، متق: ھو إخبار عن واقعة فعل فى أمرین، أحدھما
أنھم قربوا إلى النبى صلى : ((كما جاء ذلك مبینا فى نفس الحدیثاهللا علیھ وسلم لحما، فأكل، ثم حضرت الصالة، فتوضأ فصلى، ثم قربوا إلیھ فأكل، ثم صلى، ولم یتوضأ، فكان آخر األمرین منھ ترك
، فاختصره الراوى ، ھكذا جاء الحدیث))الوضوء مما مست النارلمكان االستدالل، فأین فى ھذا ما یصلح لنسخ األمر بالوضوء منھ،
حتى لو كان لفظا عاما متأخرا مقاوما، لم یصلح للنسخ، ووجب .تقدیم الخاص علیھ، وھذا فى غایة الظھور
تقدم الحدیث فى حلھ، ولحمھ حار یابس، یقوى شھوة : لحم الضب .الجماع
حار یابس فى األولى، مجفف للبدن، صالح لألبدان : ـ لحم الظبى .الرطبة
بى مع میلھ وأفضل لحوم الوحش لحم الظ)): القانون((قال صاحب .إلى السوداویة
عن أنـس بن مالك، )): الصـحیحین((ثبت فى : ـ لحم األرانبأنفجنا أرنبا فسعوا فى طلبھا، فأخذوھا، فبعث أبو طلحة :(( قال
)).بوركھا إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم فقبلھ
ھا وركھا، معتدل إلى الحرارة والیبوسة، وأطیب: لحم األرنبوأحمده أكل لحمھا مشویا، وھو یعقل البطن، ویدر البول، ویفتت
.الحصى، وأكل رؤوسھا ینفع من الرعشة
من حدیث أبى قتادة )): الصحیحین((ثبت فى : ـ لحم حمار الوحشأنھم كانوا مع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : ((رضى اهللا عنھره، وأنھ صاد حمار وحش، فأمرھم النبى صلى اهللا فى بعض عم
)).علیھ وسلم بأكلھ وكانوا محرمین، ولم یكن أبو قتادة محرما
أكلنا زمن خیبر الخیل : ((عن جابر قال)): سنن ابن ماجھ((وفى )).وحمر الوحش
ولیست بحرام لقولھ غیر محمودة الحتقان الدم فیھا،: لحوم األجنة )).ذكاة الجنین ذكاة أمھ: ((صلى اهللا علیھ وسلم
ومنع أھل العراق من أكلھ إال أن یدركھ حیا فیذكیھ، وأولوا الحدیث فھو حجة على : قالوا. على أن المراد بھ أن ذكاتھ كذكاة أمھأنھم سألوا رسول اهللا صلى التحریم، وھذا فاسد، فإن أول الحدیث
یا رسول اهللا؛ نذبح الشاة، فنجد فى بطنھا : اهللا علیھ وسلم، فقالوا )).كلوه إن شئتم فإن ذكاتھ ذكاة أمھ: ((جنینا، أفنأكلھ ؟ فقال
فالقیاس یقتضى حلھ، فإنھ ما دام حمال فھو جزء من : وأیضااتھا ذكاة لجمیع أجزائھا، وھذا ھو الذى أشار إلیھ أجزاء األم، فذك
، كما تكون ذكاتھا ذكاة ))ذكاتھ ذكاة أمھ: ((صاحب الشرع بقولھسائر أجزائھا، فلو لم تأت عنھ السـنة الصریحة بأكلھ، لكان
واللبن على . حارة رطبة، مطلقة للطبیعة، مرطبة للبدن: والمائیةقوتھ عند حلبھ الحرارة : وقیل. اإلطالق أبرد وأرطب من المعتدل
.معتدل فى الحرارة والبرودة :والرطوبة، وقیل
وأجود ما یكون اللبن حین یحلب، ثم ال یزال تنقص جودتھ على ممر الساعات، فیكون حین یحلب أقل برودة، وأكثر رطوبة، والحامض بالعكس، ویختار اللبن بعد الوالدة بأربعین یوما،
ھ، وكان فیھ حالوة وأجوده ما اشتد بیاضھ، وطاب ریحھ، ولذ طعمیسیرة، ودسومة معتدلة، واعتدل قوامھ فى الرقة والغلظ، وحلب .من حیوان فتي صحیح، معتدل اللحم، محمود المرعى والمشرب
وھو محمود یولد دما جیدا، ویرطب البدن الیابس، ویغذو غذاء األمراض السوداویة، وإذا حسنا، وینفع من الوسواس والغم و
وشربھ . شرب مع العسل نقى القروح الباطنة من األخالط العفنة .مع السكر یحسن اللون جدا
، واإلكثار من فى الماء الواقف، والبول فیھ، والنظر إلى المصلوبقراءة ألواح القبور، والمشى بین جملین مقطورین، وإلقاء القمل
.فى الحیاض، وأكل سؤر الفأر، وأكثر ھذا معروف بالتجربة
أن اللبان مسخن فى الدرجة الثانیة، ومجفف فى : والمقصودن األولى، وفیھ قبض یسیر، وھو كثیر المنافع، قلیل المضار، فم
أن ینفع من قذف الدم ونزفھ، ووجع المعدة، واستطالق : منافعھالبطن، ویھضم الطعام، ویطرد الریاح، ویجلو قروح العین، وینبت
اللحم فى سائر القروح، ویقوى المعدة الضعیفة، ویسخنھا، ویجفف البلغم، وینشف رطوبات الصدر، ویجلو ظلمة البصر،ویمنع القروح الخبیثة من االنتشار، وإذا مضغ وحده، أو مع
الصعتر الفارسى جلب البلغم، ونفع من اعتقال اللسان، ویزید فى الذھن ویذكیھ، وإن بخر بھ ماء، نفع من الوباء، وطیب رائحة
.الھواء
حرف المیم
كان العالم، بل ركنھ مادة الحیاة، وسید الشراب، وأحد أر: ماءاألصلى، فإن السموات خلقت من بخاره، واألرض من زبده، وقد
.جعل اهللا منھ كل شىء حى
ھل یغذو، أو ینفذ الغذاء فقط ؟ على قولین، وقد : وقد اختلف فیھ .تقدما، وذكرنا القول الراجح ودلیلھ
حفظ على البدن رطوباتھ، ویرد وھو بارد رطب، یقمع الحرارة، وی .علیھ بدل ما تحلل منھ، ویرقق الغذاء، وینفذه فى العروق
:وتعتبر جودة الماء من عشرة طرق
.من لونھ بأن یكون صافیا: أحدھا
.من رائحتھ بأن ال تكون لھ رائحة البتة: الثانى
النیل من طعمھ بأن یكون عذب الطعم حلوه، كماء : الثالث .والفرات
.من وزنھ بأن یكون خفیفا رقیق القوام: الرابع
.من مجراه، بأن یكون طیب المجرى والمسلك: الخامس
.من منبعھ بأن یكون بعید المنبع: السادس
من بروزه للشمس والریح، بأن ال یكون مختفیا تحت : السابع .ارتھاألرض، فال تتمكن الشمس والریح من قص
.من حركتھ بأن یكون سریع الجرى والحركة: الثامن
.من كثرتھ بأن یكون لھ كثرة یدفع الفضالت المخالطة لھ: التاسع
من مصبھ بأن یكون آخذا من الشمال إلى الجنوب، أو من : العاشر .المغرب إلى المشرق
وإذا اعتبرت ھذه األوصاف، لم تجدھا بكمالھا إال فى األنھار .النیل، والفرات، وسیحون، وجیحون: األربعة
قال : من حدیث أبى ھریرة رضى اهللا عنھ قال)) الصحیحین((وفى سیحان، وجیحان، والنیل، : ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم
)).والفرات، كل من أنھار الجنة
عة قبولھ للحر سر: وتعتبر خفة الماء من ثالثة أوجھ، أحدھاالماء الذى یسخن سریعا، ویبرد سریعا )): أبقراط((قال . والبرد
.أخف المیاه
.بالمیزان: الثانى
أن تبل قطنتان متساویتا الوزن بماءین مختلفین، ثم یجففا : الثالث .بالغا، ثم توزنا، فأیتھما كانت أخف، فماؤھا كذلك
اردا رطبا، فإن قوتھ تنتقل وتتغیر والماء وإن كان فى األصل بألسباب عارضة توجب انتقالھا، فإن الماء المكشوف للشمال
المستور عن الجھات األخر یكون باردا، وفیھ یبس مكتسب من .ریح الشمال، وكذلك الحكم على سائر الجھات األخر
ذلك المعدن، ویؤثر والماء الذى ینبع من المعادن یكون على طبیعة .فى البدن تأثیره
وقد جربت أنا وغیرى من االستشفاء بماء زمزم أمورا عجیبة، واستشفیت بھ من عدة أمراض، فبرأت بإذن اهللا، وشاھدت من
قریبا من نصف الشھر، أو أكثر، وال یتغذى بھ األیام ذوات العدد یجد جوعا، ویطوف مع الناس كأحدھم، وأخبرنى أنھ ربما بقى
علیھ أربعین یوما، وكان لھ قوة یجامع بھا أھلھ، ویصوم، ویطوف .مرارا
أحد أنھار الجنة، أصلھ من وراء جبال القمر فى أقصى : ـ ماء النیلع ھناك، وسیول یمد بعضھا بعضا، بالد الحبشة من أمطار تجتم
فیسوقھ اهللا تعالى إلى األرض الجرز التى ال نبات لھا، فیخرج بھ ولما كانت األرض التى یسوقھ . زرعا، تأكل منھ األنعام واألنام
إلیھا إبلیزا صلبة، إن أمطرت مطر العادة، لم ترو، ولم تتھیأ رت المساكن والساكن، للنبات، وإن أمطرت فوق العادة، ض
وعطلت المعایش والمصالح، فأمطر البالد البعیدة، ثم ساق تلك األمطار إلى ھذه األرض فى نھر عظیم، وجعل سبحانھ زیادتھ فى
أوقات معلومة على قدر رى البالد وكفایتھا، فإذا أروى البالد م المصلحة بالتمكن من وعمھا، أذن سبحانھ بتناقصھ وھبوطھ لتت
الزرع، واجتمع فى ھذا الماء األمور العشرة التى تقدم ذكرھا، .وكان من ألطف المیاه وأخفھا وأعذبھا وأحالھا
: ثبت عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال فى البحر: ماء البحرملحا وقد جعلھ اهللا سبحانھ)). ھو الطھور ماؤه الحل میـتتھ((
أجاجا مرا زعاقا لتمام مصالح من ھو على وجھ األرض من اآلدمیین والبھائم، فإنھ دائم راكد كثیر الحیوان، وھو یموت فیھ
كثیرا وال یقبر، فلو كان حلوا ألنتن من إقامتھ وموت حیواناتھ فیھ لك، وینتن وأجاف، وكان الھواء المحیط بالعالم یكتسب منھ ذ
ویجیف، فیفسد العالم، فاقتضت حكمة الرب سبحانھ وتعالى أن جعلھ كالمالحة التى لو ألقى فیھ جیف العالم كلھا وأنتانھ وأمواتھ
لم تغیره شیئا، وال یتغیر على مكثھ من حین خلق، وإلى أن یطوى وأما الفاعلى، . ب لملوحتھاهللا العالم، فھذا ھو السبب الغائي الموج
.فكون أرضھ سبخة مالحة
فاالغتسال بھ نافع من آفات عدیدة فى ظاھر الجلد، وشربھ .. وبعدمضر بداخلھ وخارجھ، فإنھ یطلق البطن، ویھزل، ویحدث حكة
وجربا، ونفخا وعطشا، ومن اضطر إلى شربھ فلھ طرق من العالج .ھیدفع بھ مضرت
...)یتبع(
أن یجعل فى قدر، ویجعل فوق القدر قصبات وعلیھا : منھا@ صوف جدید منفوش، ویوقد تحت القدر حتى یرتفع بخارھا إلى الصوف، فإذا كثر عصره، وال یزال یفعل ذلك حتى یجتمع لھ ما یرید، فیحصل فى الصوف من البخار ما عذب، ویبقى فى القدر
.عاقالز
أن یحفر على شاطئھ حفرة واسعة یرشح ماؤه إلیھا، ثم : ومنھاإلى جانبھا قریبا منھا أخرى ترشح ھى إلیھا، ثم ثالثة إلى أن یعذب
وإذا ألجأتھ الضرورة إلى شرب الماء الكدر، فعالجھ أن . الماء یلقى فیھ نوى المشمش، أو قطعة من خشب الساج، أو جمراملتھبا یطفأ فیھ، أو طینا أرمنیا، أو سویق حنطة، فإن كدرتھ
.ترسب إلى أسفل
، عن أبى سعید الخدرى رضى ))صحیح مسلم((ثبت فى : مسـكأطیب الطیب : ((اهللا عنھ، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال
)).المسك
كنت أطیب : (( عنھاعن عائشة رضى اهللا)) الصحیحین((وفى النبى صلى اهللا علیھ وسلم قبل أن یحرم ویوم النحر قبل أن یطوف
وھو حار فى الثالثة یابس فى الثانیة، ینفع شمھ من الصداع البارد، والكائن عن البلغم، والسوداء، والزكام، والریاح الغلیظة، ویفتح السدد الحادثة فى الرأس والمنخرین، ویحلل أكثر األورام
ة، وإذا الباردة، فینفع من أكثر األورام واألوجاع الباردة الرطباحتمل، أدر الطمث، وأعان على الحبل، وإذا دق ورقھ الیابس، وكمد بھ، أذھب آثار الدم العارض تحت العین، وإذا ضمد بھ مع
ودھنھ نافع لوجع الظھر والركبتین، . الخل، نفع لسعة العقربلماء، وإذا ویذھب باإلعیاء، ومن أدمن شمھ لم ینزل فى عینیھ ا
استعط بمائھ مع دھن اللوز المر، فتح سدد المنخرین، ونفع من الریح العارضة فیھا، وفى الرأس
وإذا تضمد بھا، سلبت االلتھاب العارض فى المعدة، وتنفع من وإذا تضمد بورقھا وأصولھا، . النقرس، ومن أورام العین الحارة
وھى تقوى المعدة، وتفتح السدد العارضة .نفعت من لسع العقربالكبد، وتنفع من أوجاعھا حارھا وباردھا، وتفتح سدد الطحال فى
.والعروق واألحشاء، وتنقى مجارى الكلى
وأنفعھا للكبد أمرھا، وماؤھا المعتصر ینفع من الیرقان السددى، وال سیما إذا خلط بھ ماء الرازیانج الرطب، وإذا دق ورقھا،
ع على األورام الحارة بردھا وحللھا، ویجلو ما فى المعدة، ووض .ویطفئ حرارة الدم والصفراء
وأصلح ما أكلت غیر مغسولة وال منفوضة، ألنھا متى غسلت أو نفضت، فارقتھا قوتھا، وفیھا مع ذلك قوة تریاقیة تنفع من جمیع
.السموم
ن العشا، ویدخل ورقھا فى التریاق، وإذا اكتحل بمائھا، نفع موینفع من لدغ العقرب، ویقاوم أكثر السموم، وإذا اعتصر ماؤھا،
وصب علیھ الزیت، خلص من األدویة القتالة، وإذا اعتصر أصلھا، وشرب ماؤه، نفع من لسع األفاعى، ولسع العقرب، ولسع
.العینالزنبور، ولبن أصلھا یجلو بیاض
حرف الواو
من حدیث زید بن أرقم، عن )): جامعھ((ذكر الترمذى فى : ورسأنھ كان ینعت الزیت والورس من (( النبى صلى اهللا علیھ وسلم
.یلد بھ، ویلد من الجانب الذى یشتكیھ: ، قال قتادة))ذات الجنب
: ید بن أرقم أیضا، قالمن حدیث ز)) سننھ((وروى ابن ماجھ فى نعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم من ذات الجنب ورسا ((
)).وقسطا وزیتا یلد بھ
كانت النفساء تقعد بعد : ((وصح عن أم سلمة رضى اهللا عنھا قالتھا من نفاسھا أربعین یوما، وكانت إحدانا تطلى الورس على وجھ
)).الكلف
الورس یزرع زرعا، ولیس ببرى، ولست : قال أبو حنیفة اللغوى. أعرفھ بغیر أرض العرب، وال من أرض العرب بغیر بالد الیمنوقوتھ فى الحرارة والیبوسة فى أول الدرجة الثانیة، وأجوده
ینفع من الكلف، والحكة، األحمر اللین فى الید، القلیل النخالة، والبثور الكائنة فى سطح البدن إذا طلى بھ، ولھ قوة قابضة
صابغة، وإذا شرب نفع من الوضح، ومقدار الشربة منھ وزن وھو فى مزاجھ ومنافعھ قریب من منافع القسط البحرى، .درھم
فعة نفع منھا، وإذا لطخ بھ على البھق والحكة والبثور والس .والثوب المصبوغ بالورس یقوى على الباه
ورق النیل، وھى تسود الشعر، وقد تقدم قریبا ذكر : ھى: وسمة .الخالف فى جواز الصبغ بالسواد ومن فعلھ
حرف الیاء
: وھو الدباء والقرع، وإن كان الیقطین أعم، فإنھ فى اللغة: یقطینقال اهللا . ر ال تقوم على ساق، كالبطیخ والقثاء والخیاركل شج
]146:الصافات[}وأنبتنا علیھ شجرة من یقطین {: تعالى
ما : ما ال یقوم على ساق یسمى نجما ال شجرا، والشجر: فإن قیلشجرة من { : لھ ساق قالھ أھل اللغة فكیف قال
أن الشجر إذا أطلق، كان ما : فالجواب.؟] 146:فاتالصا[}یقطینلھ ساق یقوم علیھ، وإذا قید بشىء تقید بھ، فالفرق بین المطلق
.والمقید فى األسماء باب مھم عظیم النفع فى الفھم، ومراتب اللغة
ھو نبات الدباء، وثمره یسمى الدباء: والیقطین المذكور فى القرآنمن حدیث )): الصحیحین((وقد ثبت فى .والقرع، وشجرة الیقطین
أنس بن مالك، أن خیاطا دعا رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم فذھبت مع رسول اهللا صلى : لطعام صنعھ، قال أنس رضى اهللا عنھ
اهللا علیھ وسلم، فقرب إلیھ خبزا من شعیر، ومرقا فیھ دباء وقدید، فرأیت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یتتبع الدباء من : ل أنسقا
وقال أبو .حوالى الصحفة، فلم أزل أحب الدباء من ذلك الیومدخلت على أنس بن مالك رضى اهللا عنھ، وھو یأكل : طالوت
صلى یا لك من شجرة ما أحبك إلى لحب رسول اهللا: القرع، ویقول .اهللا علیھ وسلم إیاك
من حدیث ھشام بن عروة، عن أبیھ، عن )): الغیالنیات((وفى قال لى رسول اهللا صلى اهللا علیھ : عائشة رضى اهللا عنھا قالت
یا عائشة؛ إذا طبختم قدرا، فأكثروا فیھا من الدباء، فإنھا : ((وسلم )).تشد قلب الحزین
بارد رطب، یغذو غذاء یسیرا، وھو سریع االنحدار، وإن : قطینالیلم یفسد قبل الھضم، تولد منھ خلط محمود، ومن خاصیتھ أنھ
یتولد منھ خلط محمود مجانس لما یصحبھ، فإن أكل بالخردل، تولد منھ خلط حریف، وبالملح خلط مالح، ومع القابض قابض، وإن
أو ومن جمع فى معدتھ اللبن والسمك، فأصابھ جذام، أو برص .نقرس، فال یلومن إال نفسھ
ومن جمع فى معدتھ اللبن والنبیذ، فأصابھ برص أو نقرس، فال .یلومن إال نفسھ
ومن احتلم، فلم یغتسل حتى وطىء أھلھ، فولدت مجنونا أو مخبال، .فال یلومن إال نفسھ
اردا، وامتأل منھ، فأصابھ ربو، فال یلومن ومن أكل بیضا مسلوقا بومن جامع، فلم یصبر حتى یفرغ، فأصابھ حصاة، فال . إال نفسھ
.یلومن إال نفسھ
ومن نظر فى المرآة لیال، فأصابھ لقوة، أو أصابھ داء، فال یلومن )).إال نفسھ
فصل
مكفى التحذیر من الجمع بین البیض والس
احذر أن تجمع البیض والسمك، فإنھما : ((وقال ابن بختیشوع ))یورثان القولنج والبواسیر، ووجع األضراس
وإدامة أكل البیض یولد الكلف فى الوجھ، وأكل الملوحة والسمك .المالح واالفتصاد بعد الحمام یولد البھق والجرب
.كلى الغنم یعقر المثانةإدامة أكل
.االغتسال بالماء البارد بعد أكل السمك الطرى یولد الفالج
.وطء المرأة الحائض یولد الجذام
.الجماع من غیر أن یھریق الماء عقیبھ یولد الحصاة
)).طول المكث فى المخرج یولد الداء الدوى ((
، ))اإلقالل من الضار، خیر من اإلكثار من النافع: ((طوقال أبقرااستدیموا الصحة بترك التكاسل عن التعب، وبترك : ((وقال
)).االمتالء من الطعام والشراب
من أراد الصحة، فلیجود الغذاء، ولیأكل : ((وقال بعض الحكماءویتمدد بعد على نقاء، ولیشرب على ظمإ، ولیقلل من شرب الماء،
الغداء، ویتمش بعد العشاء، وال ینم حتى یعرض نفسھ على الخالء، ولیحذر دخول الحمام عقیب االمتالء، ومرة فى الصیف خیر من عشر فى الشتاء، وأكل القدید الیابس باللیل معین على
قطعت فى ثالث مجالس ، فلم أجد لذلك : ((قال بعض أھل النظر علة إال أنى أكثرت من أكل الباذنجان فى أحد تلك األیام ، ومن
)) .الزیتون فى اآلخر ، ومن الباقال فى الثالث
فصل
یعرف مقدارھا إال من حسن فھمھفى أسرار وحقائق ال
قد أتینا على جملة نافعة من أجزاء الطب العلمى والعملى، لعل الناظر ال یظفر بكثیر منھا إال فى ھذا الكتاب، وأریناك قرب ما بینھا
وبین الشریعة، وأن الطب النبوى نسبة طب الطبائعیین إلیھ أقل .جائز إلى طبھممن نسبة طب الع
واألمر فوق ما ذكرناه، وأعظم مما وصفناه بكثیر، ولكن فیما ذكرناه تنبیھ بالیسیر على ما وراءه، ومن لم یرزقھ اهللا بصیرة
على التفصیل، فلیعلم ما بین القوة المؤیدة بالوحى من عند اهللا، صائر التى منحھم اهللا والعلوم التى رزقھا اهللا األنبیاء، والعقول والب
.إیاھا، وبین ما عند غیرھم
ما لھدى الرسول صلى اهللا علیھ وسلم، وما لھذا : ولعل قائال یقولالباب، وذكر قوى األدویة، وقوانین العالج، وتدبیر أمر الصحة ؟ وھذا من تقصیر ھذا القائل فى فھم ما جاء بھ الرسول صلى اهللا
ھذا وأضعافھ وأضعاف أضعافھ من فھم بعض ما علیھ وسلم، فإنجاء بھ، وإرشاده إلیھ، وداللتھ علیھ، وحسن الفھم عن اهللا
.ورسولھ من یمن اهللا بھ على من یشاء من عباده
فقد أوجدناك أصول الطب الثالثة فى القرآن، وكیف تنكر أن تكون مشتملة على صالح شریعة المبعوث بصالح الدنیا واآلخرة
األبدان، كاشتمالھا على صالح القلوب، وأنھا مرشدة إلى حفظ صحتھا، ودفع آفاتھا بطرق كلیة قد وكل تفصیلھا إلى العقل
الصحیح، والفطرة السلیمة بطریق القیاس والتنبیھ واإلیماء، كما ھو فى كثیر من مسائل فروع الفقھ، وال تكن ممن إذا جھل شیئا
ولو رزق العبد تضلعا من كتاب اهللا وسـنة رسولھ، وفھما . عاداهتاما فى النصوص ولوازمھا، الستغنى بذلك عن كل كالم سواه،
.والستنبط جمیع العلوم الصحیحة منھ
فمدار العلوم كلھا على معرفة اهللا وأمره وخلقھ، وذلك مسلم إلى هللا علیھم وسالمھ، فھم أعلم الخلق باهللا وأمره الرسل صلوات ا
.وخلقھ وحكمتھ فى خلقھ وأمره
أصح وأنفع من طب غیرھم، وطب أتباع خاتمھم : وطب أتباعھموسیدھم وإمامھم محمد بن عبد اهللا صلوات اهللا وسالمھ علیھ
.أكمل الطب وأصحھ وأنفعھ: وعلیھم
ال من عرف طب الناس سواھم وطبھم، ثم وازن وال یعرف ھذا إبینھما، فحینئذ یظھر لھ التفاوت، وھم أصح األمم عقوال وفطرا، وأعظمھم علما، وأقربھم فى كل شىء إلى الحق ألنھم خیرة اهللا
من األمم، كما أن رسولھم خیرتھ من الرسل، والعلم الذى وھبھم .والحلم والحكمة أمر ال یدانیھم فیھ غیرھمإیاه،
من حدیث بھز بن حكیم، عن )): مسنده((وقد روى اإلمام أحمد فى قال رسـول اهللا صلى اهللا علیھ : أبیھ، عن جده رضى اهللا عنھ، قال
)) . أنتم توفون سبعین أمة أنتم خیرھا وأكرمھا على اهللا: ((وسلم كرامتھا على اهللا سبحانھ فى علومھم وعقولھم ، فظھر أثر
وأحالمھم وفطرھم ، وھم الذین عرضت علیھم علوم األمم قبلھم وعقولھم ، وأعمالھم ودرجاتھم ، فازدادوا بذلك علما وحلما
وعقوال إلى ما أفاض اهللا سبحانھ وتعالى علیھم من علمھ وحلمھ
یة لھم، والصفراویة للیھود، والبلغمیة ولذلك كانت الطبیعة الدموللنصارى، ولذلك غلب على النصارى البالدة، وقلة الفھم والفطنة،
وغلب على الیھود الحزن والھم والغم والصغار، وغلب على .المسلمین العقل والشجاعة والفھم والنجدة، والفرح والسرور
قائق إنما یعرف مقدارھا من حسن فھمھ، ولطف وھذه أسرار وح .وباهللا التوفیق.. ذھنھ، وغزر علمھ، وعرف ما عند الناس
ولذلك كانت الطبیعة الدمویة لھم ، والصفراویة للیھود ، والبلغمیة للنصارى ، ولذلك غلب على النصارى البالدة ، وقلة الفھم والفطنة
، وغلب على الیھود الحزن والھم والغم والصغار ، وغلب على .المسلمین العقل والشجاعة والفھم والنجدة ، والفرح والسرور
وھذه أسرار وحقائق إنما یعرف مقدارھا من حسن فھمھ ، ولطف .لتوفیق وباهللا ا.. ذھنھ ، وغزر علمھ ، وعرف ما عند الناس