Top Banner
ﻁﻪ ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻤﻥ ﺘﺼﻠﻭﻥ ﻜﻴﻑ ﺘﻌﻠﻤﻭﺍ ﺍﺭﺒﺠﻰ ﻤﺎﻴﻭ١٩٧٢ ﺍﻻﺨﺭ ﺭﺒﻴﻊ١٣٩٢ ١
62

تعلّموا كيف تُصلّون

Nov 14, 2014

Download

Documents

محمود محمد طه
Welcome message from author
This document is posted to help you gain knowledge. Please leave a comment to let me know what you think about it! Share it to your friends and learn new things together.
Transcript
Page 1: تعلّموا كيف تُصلّون

محمود محمد طه

من سلسلة الثورة الثقافية

تعلموا كيف تصلون

١٩٧٢ مايو –اربجى

١٣٩٢ربيع االخر

١

Page 2: تعلّموا كيف تُصلّون

-:اإلهداء

!!النساء ، والرجال

!!الشابات ، والشبان

، ))مطية((هل أدلكم على

-تبلغ بكم منازل العز ، والشرف

عز الدنيا ، وشرف اآلخرة ؟؟

!! إذن فاسمعوا

، ))المطية((هذه

إن هي ،

..))الذكية((إال الصالة

٢

Page 3: تعلّموا كيف تُصلّون

بسم اهللا الرحمن الرحيم

حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم ، وأبصارهم ، وجلودهم ، بما كانوا ((أنطقنا اهللا الذي أنطق كل : لم شهدتم علينا ؟؟ قالوا : وقالوا لجلودهم * يعملون

وما كنتم تستترون أن يشهد * يه ترجعون شيء ، وهو خلقكم ، أول مرة ، وإلولكن ظننتم أن اهللا ال يعلم كثيراً . .عليكم سمعكم ، وال أبصاركم ، وال جلودكم

الذي ظننتم بربكم ، أرداكم ، فأصبحتم من ،وذلكم ظنكم* مما تعملون ))الخاسرين

صدق اهللا العظيم

المقدمة

وهي السلسلة التي سنوالي إصدارها ،))تعلموا كيف : ((هذا أول كتاب يصدر من سلسلة حتى نشيع في الناس األسلوب العلمي إلنجاز كل عمل يرمي إلى خدمة الناس ، وإلـى إخصـاب

،في المقام األول ، وهذا األسلوب العلمي نفسه سيعنى .حياتهم ، وإلى تيسير طرق كسب عيشهم ه ، وذلك بتقريب المسافة بين فكره بخدمة غرض الفرد بإعانته على توحيد القوى المودعة في بنيت

، وقوله ، وعمله ، حتى يصبح يفكر كما يريد ، ويقول كما يفكر ، ويعمل كما يقول ، ثم ال تكون تعلموا كيـف : ((هذا الكتاب اسمه . . باألحياء واألشياء ،نتيجة قوله ، وال عمله ، إال براً ، وخيراً

، ذلك بأنها أسرع عمل يفضي إلى توحيد البنيـة والصالة أفضل ، وأهم ، عمل العبد . .))تصلونمستوى العمل للمعاد ، ومستوى العمل : وقد تحدثنا عنها في هذا الكتاب على مستويين ..البشرية

..))السالم((وحضرة )) اإلحرام((بحضرة : للمعاش ، وهما ما أسميناهما

. .آذن الصبح بانبالجنحن نعيش اليوم في أخريات الثلث األخير من ليل الوقت ، وقد فكما . . كالثلث األخير من ليل اليوم منصوص على مدحه وتفضيله،والثلث األخير من ليل الوقت

أن الثلث األخير من ليل اليوم برزخ بين الليل والنهار ، فكذلك الثلث األخير من ليل الوقت ، فانه اللحظة ((مستقبل ، ألنه وقت برزخ بين الدنيا واآلخرة ، وفيه قربت المسافة بين الماضي وال

إذ فيه يتمكن اإلنسان ، بفضل اهللا ، ثم بفضل تأدبه بأدب الشريعة ، وأدب الحقيقة ، )) الحاضرة ، غير موزع بين األسف على الماضي ، وال الخوف من ))لحظته الحاضرة((أن يعيش ..لي المجودبحضرتيها ، موظفة لتحقيقه للمص، وهذا ما ذكرنا أن الصالة . .المستقبل

نما هما اليـوم شـقيقتان، اليوم لم تعد الدنيا واألخرى ضرتين كما كانتا في الماضي ، وإ ولذلك فانه يجب على العابد . . وتؤدي إحداهما لألخرى فوراً ، وعلى التو .ختالف مقدار إتختلفان

هـذا يـوم . .))هاك بهـاك ((أجر اهللا على العبادة اليوم . .أن يترقب الجزاء على عبادته في التو ومعرفة العارفين ، اليوم . . ، فليس بين العبادة واالستجابة مسافة ))أدعوني أستجب لكم : ((تحقيق تعبده اليوم ويؤتيك أجرك غـداً فـي . .إن اهللا أكرم من أن تعامله حاضراً ويعاملك نسيئة : تقول ؟ فكذلك أجـر اهللا ؟رقه ألم يأمر هو في شريعته بأن نعطي األجير أجره قبل أن يجف ع . .اآلخرة

،ن أنت لم تجد ثواب صـالتك إف. .))هاك بهاك ((هو . .على العمل ، فإنما هو على الفور ، والتو

٣

Page 4: تعلّموا كيف تُصلّون

وال .علم أن صالتك باطلـة أ وبرد رضا يغمر قلبك ، ويسعده ، في توه ف ،حين تصليها ، طمأنينة حبب ((: ثه المشهور ، ألم يقل المعصوم ، في حدي . .تظنن أن أجرك عليها مكتوب في مكان آخر

!! ؟؟ بلى ، قـد قـال ))إلّي من دنياكم ثالث ، النساء ، والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصالة وهذا هو ما عنيناه بأن أجر اهللا على العبـادة . . يعني طمأنينة نفسي ، ورضا بالي ))وقرة عيني ((

آلخرة ، وانما معناه أن اآلخـرة ليس معنى هذا بالطبع ، إنكار ا . .))هاك بهاك ((المجودة إنما هو يا أيها الـذين ((: قال تعالى ، في هذا المعنى . . فما يكون تمامه هناك ، يبدأ اليومـهنا ، واليوم

آمنوا توبوا إلى اهللا توبة نصوحاً ، عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ، ويدخلكم جنات تجري من ذين آمنوا معه ، نـورهم يسـعى ، بـين أيـديهم ، تحتها األنهار ، يوم ال يخزي اهللا النبي ، وال

ربنا : ((قولهم . .))نك على كل شيء قدير إ. .غفر لنا أربنا أتمم لنا نورنا ، و : وبايمانهم ، يقولون . . يشير إلى أنهم قد بدأت أنوارهم في الدنيا ، وهم إنما يطلبون تمامها في اآلخرة ))أتمم لنا نورنا

تطالب بمعناها ، في سرعة تحقيق األجر ، اليوم بأكثر مما كان عليه وحكم الوقت يجعل هذه اآلية المراد من هذا الحديث أن يحاسب العابد نفسه ليكون على بينة مـن صـحة . .الشأن في الماضي

إن أنـت ،فإنه إذا كان المراد من الصالة هو الرضا باهللا رباً ، ومدبراً ألمورنا ، فإنـك . .صالته منه قبل أن تصلي ، فيجب ،فت من مصالك ، ولم يكن قلبك أرضى باهللا صليت ركعتين ، وانصر

حذر أن تظـن أن أجرهـا أو. .أن تعلم أن صالتك باطلة ، وأنها ال تستحق ، وال تستوجب أجراً ولما كانت الصالة وسيلة إلى الرضا فإن الرضـا . . تعطاه في اآلخرة ،مكتوب لك في مكان آخر

وبتحرير العقل من الخوف يـتم . .لنفس ، وتحرير العقل من الخوف هو أيضاً وسيلة إلى طمأنينة ا اهللا نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً ، مثـاني ، : ((وإلى ذلك اإلشارة بقوله تعالى .. كمال الحياة

ذلك هـدى اهللا . .ثم تلين جلودهم ، وقلوبهم ، إلى ذكر اهللا . .تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ..))ومن يضلل اهللا فما له من هاد. .يهدي به من يشاء

ألن في وهو اإلنسان ، في المكان األول ، ..كتاب اهللا ، في األصل هو األكوان جميعها : يقول تعـالى ، فـي ذلـك . .جتمعت آيات الظاهر ، وآيات الباطن إ - جسمه وعقله -اإلنسان

أو لم يكف بربك أنه على . .ه الحق سنريهم آياتنا ، في اآلفاق ، وفي أنفسهم ، حتى يتبين لهم أن (( )) كل شئ شهيد ؟؟

والقرآن ، المحفوظ بين دفتي المصحف ، والمقروء باللغـة . .جسم اإلنسان هو كتاب اهللا في هذا ،))المثاني((و. .العربية ، إنما هو صورة لفظية ، وصوتية ، وعلمية ، لهذا الكتاب العظيم

ومن كـل شـئ خلقنـا زوجـين ، لعلكـم : ((ال تعالى ق. .الكتاب العظيم ، إنما تعني الزوجين فـي )) المثاني((كما أن . .نفس الرب ، ونفس العبد الكامل : وأعلى الزوجين النفسان . .))تذكرون

. .المعنى البعيد عند الرب ، والمعنى القريب الذي تنزل ، وتدنى ، لتفهيم العبد: القرآن تعني

الذي )) العنصري(( ، إشارة إلى الخوف ))ون ربهم تقشعر منه جلود الذين يخش ((: ثم قال هـذا ، . .جاء به الكتاب األول ، هذا الخوف الذي حجر الجلد ، وكثفه ، وجعله درعاً واقياً للحي

الذي جاء بـه ))العرفاني((ثم هو ، في المكان الثاني ، إشارة إلى هذا الخوف . .في المكان األول ثـم . .))رأس الحكمة مخافة اهللا : ((ار إليه بالعبارة الحكيمة وهو الخوف المش . .القرآن في وعيده

نما يجئ لين الجلود بطمأنينة النفس ، بعـد إو. .))، وقلوبهم، إلى ذكر اهللا ثم تلين جلودهم : ((قال هذا في . .))إلى ذكر اهللا : ((قال . .وما طمأنينة النفس إال نتيجة العلم باهللا . .نقباضها بفعل الخوف إ

عنى لعلكم تذكرون أنكـم عبيـد ، وأن اهللا . . في تلك ))لعلكم تذكرون : ((بعد أن قال . .هذه اآلية وهذا إقرار قد شهدتم به ، وأذعنتم له ، في عالم األرواح ، ولكنكم نسـيتموه فـي عـالم . .ربكم

٤

Page 5: تعلّموا كيف تُصلّون

ولقـد يسـرنا : (( هذه هي وظيفة القـرآن .وإنما مقصود القرآن أن يذكركم ما نسيتم . .األجسادوعن ذلك اإلقرار الذي نسيناه ، وهو مطلـوب منـا اليـوم ، )) ن للذكر ، فهل من مدكر ؟؟ القرآ

وإذ أخذ ربك من بني آدم ، من ظهورهم ، ذريتهم ، وأشهدهم علـى : ((ودائماً ، جاء قوله تعالى لين إنا كنا عن هذا غـاف : أن تقولوا ، يوم القيامة !! شهدنا !!بلى: ألست بربكم ؟؟ قالوا : أنفسهم

* ؟؟إنما أشرك آباؤنا من قبل ، وكنا ذرية من بعدهم ، أفتهلكنا بما فعل المبطلـون : أو تقولوا * إنما جاء القرآن يرسم لنا طريق الرجوع إلـى هـذا . .))وكذلك نفصل اآليات ، ولعلهم يرجعون

، التـي ))هللاال الـه إال ا : (( الغرض من شهادة .العهد الذي شهدنا فيه بعبوديتنا ، وربوبية ربنا ألست بربكم : وأشهدهم على أنفسهم ((وظف القرآن لتحقيقها ، إنما هو أن تسوقنا إلى هذه الشهادة

فإذا تمت لنا هذه الشهادة ، بأن تذكرناها ، حق التذكر ، يتم لنا قوله !!)) شهدنا !! بلى : ؟؟ قالوا تساع حياة إن الجلود والقلوب إنما يعني ولي. .))ثم تلين جلودهم ، وقلوبهم ، إلى ذكر اهللا : ((تعالى

نتشـار وظيفـة إفلين القلوب ، والجلود يعني . .الفكر ، وحياة الشعور ، وتلك هي الحياة الكاملة في الجسم كله ، بدالً من تمركزه في مواضع بأعيانها من الجسم ، هـي الحـواس )) اإلحساس((

. .فليراجع)) رسالة الصالة((نا وقد تحدثنا عن ذلك في مقدمة كتاب. .الخمس المعروفة

ولقد صـدرنا هـذه . .المهم عندنا ، هنا اآلن ، هو الجسم البشري ، وجوارحه وأعضاؤه المقدمة بآيات تدل على أن أعضاءنا مسئولة ، وأنها تشهد علينا بما نفعل في هـذه الحيـاة ، وأن

وأشهدوا ذوي ((: يقول تعالى .دول وفي شريعة اهللا ال تقبل إال شهادة الع .شهادتها مقبولة عند اهللا وما كنتم تستترون أن يشهد علـيكم : ((يقول تبارك ، وتعالى .. ))قيموا الشهادة هللا أعدل منكم ، و

ثم هـو )) أن اهللا ال يعلم كثيراً مما تعملون : سمعكم ، وال أبصاركم ، وال جلودكم ، ولكن ظننتم كم فأصبحتم من أ أرد .لكم ظنكم الذي ظننتم بربكم وذ(: (يقول ، بعد هذه اآلية الغريبة حقاً ، يقول

..))الخاسرين

والحقيقة التي يجب أن نعلمها ، لنخرج من هذا الظن الفاسد ، الذي جلب علينا الخسران ، هي أن كل ذرة من ذرات أجسادنا إنما ي مشروع إنسان كامل ، ومسئول ، له عقل ، وله قلب ،

نما يكفينـا إولكننا ال نقف عنده اآلن ، و!! وهذا كالم غريب . . هو نموذج مصغر منا -وله جسد ونحن ، عن تهذيبها ، وعن تعليمها ، وعن تسديدها ، . .أن نعلم أن حواسنا ، وجوارحنا ، مسئولة

وهذا ما من أجله أوردنا لك هيئة الوضوء ، بالطريقة التي ذكرناها مـن محاسـبتك . .مسئولونثناء الوضوء ، ألنها هي األبواب التي تـدخل علـى القلـب ألعضائك ، وجوارحك وحواسك ، أ

وإلى هـذا . .أو النور ، إن كان تصرفها تصرف عقال . .الظالم ، إن كان تصرفها تصرف جهال ويقول . .))أفال تبصرون ؟؟ . .وفي أنفسكم * وفي األرض آيات للموقنين : ((اإلشارة بقوله تعالى

فسدت فسد سائره ، أال لحت صلح سائر الجسد ، وإذا إن في الجسد مضغة ، إذا ص : ((المعصوم : وفي هذا المعنى جاء قولهم . .)).وهي القلب

..نشطت للعبادة األعضاء * إذا حلت الهداية قلباً

فيجب أن نروض أعضاءنا ، وجوارحنا ، على الطاعة ، وذلك بحفظ عقولنا وقلوبنا ، من المعصية ، وبالمجاهدة حتى نحفظهـا فـي حظيـرة الغفلة ، وبمحاسبة حواسنا ، وجوارحنا على

إن اهللا خبير . .ذلك أزكى لهم . .قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ، ويحفظوا فروجهم : ((الطاعة وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ، ويحفظن فروجهن ، وال يبدين زينتهن ، * بما يصنعون

ال يبدين زينتهن إال لبعولتهن ، أو آبائهن إال ما ظهر منها ، وليضربن بخمرهن على جيوبهن ، و

٥

Page 6: تعلّموا كيف تُصلّون

، أو آباء بعولتهن ، أو أبنائهن ، أو أبناء بعولتهن ، أو إخوانهن ، أو بنـي إخـوانهن ، أو بنـي أو الطفل ،أخواتهن ، أو نسائهن ، أو ما ملكت أيمانهن ، أو التابعين غير أولي األربة من الرجال

وتوبوا . . وال يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ..الذين لم يظهروا على عورات النساء . .))إلى اهللا ، جميعاً ، أيها المؤمنون ، لعلكم تفلحون

يا أيها الـذين ((: من لطائف إشارات العارفين في القرآن قولهم ، في قوله تبارك وتعالى إن : قالوا ))ن اهللا مع المتقين علموا أ أ الكفار ، وليجدوا فيكم غلظة ، و آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من

فيجب عليك أن تجاهد عينك فال تنظـر إلـى .الذين يلوننا من الكفار إنما هم جوارحنا ، وحواسنا محرم ، ويجب أن تجاهد سمعك ، ولسانك ، ويدك ، ورجليك ، وفرجك ، وبطنك ، وأن تحفظهـا

علمـوا أن اهللا أو: ((ت على ذلك وثق أن اهللا ناصرك ، ومؤيدك ، ما دم . .جميعاً ، بقوة ، وبشدة وجهاد هذه هو ما أسماه المعصوم بالجهاد األكبر ، وذلك حين كان يقول ، في غير . .))مع المتقين

رجعنا من الجهاد األصغر إلـى الجهـاد : ((مرة ، عند عودته من غزوات الجهاد في سبيل اهللا اد األكبر معلن منذ اليوم ، وأن الجه ،يجب أن يكون واضحاً فان الجهاد بالسيف منسوخ .. ))األكبر

ن اهللا بمحض فضله ، ثم بفضل حكم الوقت ، إنما يريد للناس ، منـذ اليـوم ، أن إف. .، منذ اليوم مئات المرات ، مـن ،هذا أصعب !! وهذا ، لعمري . .يعيشوا في سبيله ، ال أن يموتوا في سبيله

ويـأمر كـل )) نبيه((قال تعالى ، يأمر .. برسماه المعصوم بالجهاد األك أذاك ، وهو ما من أجله مستقيم ، قل إنني هداني ربي إلى سراطٍ ((: الذين هم إخوانه ، من ورائه )) المسلمين((واحد من

، ينسكي ، ومحيا و قل إن صالتي ، * ديناً قيماً ، ملة إبراهيم ، حنيفاً ، وما كان من المشركين حياة كلها هللا ، . .))له ، وبذلك أمرت ، وأنا أول المسلمين ال شريك * ومماتي ، هللا رب العالمين

ن قانونك الـذي يجـب أن إن كنت تريد أن تحيا هللا ف إف. .منشطها ، ومكرهها . .مثواهامتقلبها ، و * يره ، ، خيراً فمن يعمل ، مثقال ذرةٍ : ((يكون دائماً بين عينيك إنما هو قوله ، تبارك من قائل

يره . .من يعمل خيراً يره ، ومن يعمل شراً يره ))!! يره. ((.)) يره ، ، شراً ومن يعمل ، مثقال ذرةٍ ، للتـو ، )) الحاضرة((، )) الناجزة((وال يمنعه من الرؤية . .، ال غداً ))اللحظة(( بل يره ))اليوم((

هم يرون نتائج ما يعملون للتو، و : و لكن الحاضرين ، غير الغافلين ، يرون ..، إال الغفلة وللحظةما عصيت اهللا تعالى معصية إال وجدتها ، في نفسي ، أو في ولدي : (( قال أحد العارفين .للحظة

. .))، أو في زوجتي ، أو في دابتي

. .ثم أفعل ، بعد ذلك ، ما شئت ، فإنما هي أعمالك ترد عليك)) كما تدين تدان: ((علم أنك أ

قـط ، بعيد ، ما أحسنت ألحدٍ منذ زمنٍ ،أنا : يقال أن اإلمام علياً بن أبي طالب قال مرةً . .وقد علموا أن أفعال اإلمام كلها إحسان للناس . .فاستغرب الناس هذه القولة . . قط وال أسأت ألحدٍ

ما أحسنت إال لنفسي ، : ستغرابهم قد طال ، وأنهم لم يهتدوا إلى وجه القول ، قال لهم إفلما رأى ومـا ربـك . .من عمل صالحاً فلنفسه ، ومن أساء فعليها (( !! :دونكم القرآن . .وال أسأت إال لها

جعل هـذا أأما أنت ف . .))م فلها ن أسأت إإن أحسنتم أحسنتم ألنفسكم ، و : ((أو قال . .)) للعبيد بظالٍمشعرها أنها إن قصرت في واجب الحق ، ثم أخذت حقاً ، فإنـه أ و . وحدث به نفسك كثيراً .دليلك

وإن هي قصـرت فـي . .ى العقل بالجهل ، وعلى القلب بالظالم يعود على الجسم بالمرض ، وعل إن أنت مثالً كنـت . .واجب المروءة فإن التقصير يعود عليها ، وعلى التو ، بنقص في المروءة

ودخل رجل شـيخ ، أو - في البص -شاباً ، جلداً ، وكنت تجلس على مقعد في المركبة العامة م يجد مقعداً ، فظل هو قائماً ، ممسكاً بأطراف المقاعـد ، مرأة شابة ، ول إرأة شيخة ، أو حتى إم

علم أن مروءتك قد أخذت تـنقص ، أنتباهاً ، وال تأبه له ، ف إوظللت أنت جالساً مكانك ، ال تعيره

٦

Page 7: تعلّموا كيف تُصلّون

. .ا شعوراً مادياً ، وملموساً من تلك اللحظة ، وسيجيء الوقت ، وسريعاً ، حيث تشعر بنقصها هذ . .)) يره، شراًومن يعمل ، مثقال ذرٍة: ((ن هذا قانون المعاوضة إف

ثقافة العقل واليد

. .هو أكبر الوسائل إلنجاب الفرد الحر ، الكامل . .إن قيمة المجتمع للفرد ال تساويها قيمة ولقد يكفي أن يقال هنا أنه الوسيط الذي فيه يتحرك الفرد ، وفيه يمارس العبادة ، ويمتحن األخالق

. .يه يجد األمن ، ويستشعر الحب ، ويباشر التعاون ، والعمل ، ويحصل العلـم وف. .، ويميز القيم وبالعلم ، والعمل وفق هذا العلم ، يتوكد وجود الفرد ، وتنضج شخصـيته ، وتقـوى ، وتتحقـق

. .حريته ، وتتسع حياته ، وتخصب

واليد ، إنما وثقافة العقل ، . .إن الوقت قد أنى الذي فيه يعنى كل فرد بتثقيف عقله ، ويده تراف ، أو إح عمالً يدوياً ، تكون له به خبرة ، ويمارسه عن - كل فرد -ق الفرد ذتتحقق بأن يح

ليـدوي ن قيمة العمـل ا إف!! وليكن معلوماً . .إتقانبعن هواية ، ويتجه دائماً إلى أدائه بحذق ، و مل من توحيـد العقـل ، نما هي ، وبقدر أهم ، فيما يثمره هذا الع إليست في كسب العيش فقط ، و

وهذا التوحيد هو من أقرب السبل إلى توحيد القوى المودعة في البنية البشـرية . .والعين ، واليد تلك القوى إنما هـي العقـل ، . .التي بتوحيدها ، وبقدر مبلغ إتقان توحيدها ، تتم الحياة وتكتمل

، أو ميكانيكيـاً ، أو ، أو بنـاءً فأنت ، على سبيل المثال ، إذا كنت نجـاراً . .والقلب ، والجسد وممارسة إتقـان . .ساعاتياً ، فإنك إنما تباشر عملك الفني هذا بعقل يعلم ، وعين ترى ، ويد تنفذ

ستمرار ، إلى إيجاد نوع من التعاون ، ونوع من التوحيـد ، بـين هـذه إصنعتك هذه تسوق ، ب ، تتوحد جوارحه يكـون قويـاً ، ونافـذاً والعقل الذي .العقل ، والعين ، واليد : الجوارح الثالث

. .وهذه هي ما تسمى بثقافة العقل ، واليد. .ومسيطراً

حتراف الحرفة ، إذن ، وال تجويد الحرفة ، وإتقانها ، من أجل كسـب العـيش ، إفليس ولو أن الناس علمـوا قيمـة العمـل . . بما ال يقاس ،نما قيمته وراء ذلك ، وفوق ذلك إفحسب ، و تطاعوا توجيهه توجيهاً ذكياً ، لحققوا به مكاسب يجدون بركتها في أسالفني ، الماهر ، و اليدوي ،

كتساب مهارة فنية يمارسـها ثم لما بقى أحد من الناس إال وسعى إل . .أبدانهم ، وعقولهم ، وقلوبهم التعليم ويمكن القول بأن . .كحرفة أساسية ، أو كهواية إضافية ، ينفع ، وينتفع بها ، ساعات فراغه

الرسمي نفسه يجب أن يتجه لتعليم كل مواطن ، ومواطنة ، حرفة يدوية بها يستطيع إتقان عمـلٍ . .ما

)) إحـرام ((إن الصالة ، إذا فهمت ، وعرفت على ما قدمناها عليه هنا ، من أنها حضرتا ـ )) السالم(( عبادة وحضرة ))اإلحرام((، وحضرة )) سالم((و ا دفـع معاملة ، والمعاملـة قوامه

الضرر عن الناس ، وتوصيل الخير إليهم ، ألصبحت الحياة كلها صالة ، وألصبح إتقان األعمال إن . .التي يكسب منها الفرد عيشه ، ويعود منها بالنفع على اآلخرين ، أكبـر القربـات إلـى اهللا

النقـاء ، والخلـوص مـن الشـوائب ، )) النصـيحة ((و . .))النصـيحة ((القاعدة هي أن الدين . .تكون هللا ، ولرسول اهللا ، ولكتاب اهللا ، وللحاكم ، ولعامة النـاس )) النصيحة((و . .واإلخالص

. .قولة رسول اهللا. .))فمن غشنا ليس منا((

٧

Page 8: تعلّموا كيف تُصلّون

الخلق عيال اهللا ، ((و )) المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده : ((والقاعدة في المعاملة إصالح ذات ((و . .))أحب األعمال إلى اهللا إغاثة الملهوف ((و . .))فأحبهم إلى اهللا ، أنفعهم لعياله

ال ((و . .))يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهـم خصاصـة ((و . .))قولوا للناس حسناً ))و. .))البين . .))خير في كثير من نجواهم ، إال من أمر بصدقة ، أو معروف ، أو إصالح بين الناس

إنمـا بعثـت ألتمـم : ((وله قولة أخرى . .ملة هي قولة المعصوم الشا ))الدين المعاملة ((وكما أن قيمة العبادة للفرد العابـد ، فكـذلك قيمـة . .إن العبادة هي المعاملة . .))مكارم األخالق

. . ثم هي لفائدة الجماعة في المكان الثاني. هذا في المكان األول.المعاملة ، إنما هي للفرد المعامل

جعل العبادة مدرسة فيها نتلقى الطاقة التي بها نخلص إن حكم الوقت الحاضر يقضي بأن ن وبـين تحصـيل . .ن نجعل المجتمع وسيطاً فيه نتحرك لنطبق محصول العبادة ألخدمة الناس ، و

الطاقة والمعرفة بخدمة الناس ، وبين تطبيق هذه الطاقة ، وهذه المعرفة ، في واقع حياتنا ، وفـي وهو ثواب ناجز ، وحاضر ، وفوري ، نجده في عقولنا . .امجتمعنا ، ننتظر من اهللا ثواب عبادتن

. .بصفاء الفكر ، وفي قلوبنا بسالمة الطوية ، وفي أجسادنا بصحة الحواس ، والجوارح

ونحـن ، مـن أجـل . .أداء الواجب المباشر بإتقان : إن شعارنا المستمر يجب أن يكون وأيها الذي يليه ؟؟ ال بـد لنـا مـن تجويـد أيها المباشر ؟؟ : المقدرة على التمييز بين الواجبات

ونحن من أجل المقدرة على أداء الواجب المباشر بإتقان ، ال بد لنا من تجويد فننا الـذي . .العبادةنا نقـدم إفأما من أجل تجويد العبادة ف . .نمارسه من أجل كسب عيشنا ، ومن أجل خدمة مجتمعنا

نا سـنوالي إمن أجل تجويد أداء الواجب المباشر ف وأما . .))تعلموا كيف تصلون : ((هذا الكتاب وأول مـا . .))الثورة الثقافية ((حداث إ التي ستتكفل ، فيما بينها ، ب ،))تعلموا كيف ((:تقديم سلسلة

. .وآخر ما تنتهي به الثورة الثقافية إنما هـي نفوسـنا . . نفوسنا يإنما ه )) الثورة الثقافية ((تبدأ به ذلـك ألنهـا تطـور . . لها بداية ، وليست لها نهاية))الثورة الثقافية((ن إف!! وأحب لك أن تتذكر

ومـن أجـل أن تـؤدي . . من الكمال المطلق -مستمر للنفس البشرية في مراقي التدني من اهللا لنا هذه القيمة فيجب أن يكون أداؤنا للواجب المباشر محاكاة لصنع اهللا ، وتخلقاً )) الثورة الثقافية ((

ن التخلص من نقائصنا ، والدخول في كماالت اهللا ، منوط بهذا الصنيع ، وهو ما من إف. .بأخالقه إن ربي علـى سـراطٍ . .تخلقوا بأخالق اهللا : (( قال المعصوم ..أجله ندبنا أن نتخلق بأخالق اهللا

. .))كونوا ربانيين ، بما كنتم تعلمون الكتاب ، وبما كنتم تدرسون: ((وقال تعالى . .))مستقيم

والحكمة هي وضع األشياء في مواضعها ، هي إعطاء كـل . .خالق اهللا أعالها الحكمة وأالعلم ، واإلرادة ، : وتنفيذ الحكمة في الواقع المعاش إنما يتأتى بتوحيد هذا الثالوث . . حقه ذي حقٍ ة بعـد ولقد خلق اهللا ، تبارك وتعالى ، خلقه بالعلم ، واإلرادة ، والقدرة ، فبرزت الحكم . .والقدرةـ . .كمون رادة ، إونحن علينا ، من أجل التخلق بأخالق اهللا ، أن نقوم بكل عمل نعمله ، بعلم ، وب دقيق بما نريد عمله ، ثم تخطيط لهذا العمل ، وفق هذا العلـم أخرى ، بعلمٍ أو ، بعبارةٍ . .وبقدرة

. .تقانالدقيق ، ثم تنفيذ لهذا التخطيط ، جهد اإل

قدرة على توحيد ثالوث ، هـو م نحرز ال،العلم ، واإلرادة ، والقدرة : وبوحدة هذا الثالوث هذا الثـالوث .في غاية األهمية ، كوسيلة مفضية إلى الحرية الكاملة ، ومن ثم إلى الحياة الكاملة

في أول الطريق ، من يفكر كما يريد ، ذلك بأن الرجل الحر هو ، . .هو الفكر ، والقول ، والعمل دائماً ، مستعد لتحمل نتيجة فكـره ، وقولـه ، كر ، ثم يعمل كما يقول، ثم هو ، ثم يقول كما يف

٨

Page 9: تعلّموا كيف تُصلّون

ثم إن الحر ، في درجة متقدمة مـن . .وعمله ، أمام اهللا ، ثم أمام المجتمع ، وفق قانون دستوري يفكر كما يريد ، ويقول كما يفكر ، ويعمل كما يقول ، ثم ال تكون عاقبـة من المراقي ، إنما هو

نما من أجل وحدة هـذا إو. . باألشياءو وال قوله ، وال عمله ، إال براً ، وخيراً ، باألحياء ، فكره ، كبر مقتاً عنـد * يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما ال تفعلون ؟؟ ((: الثالوث المهم جاء قوله تعالى

ـلقـول ، والعمـل وهو الفكر ، واـ ))الفكر((هذه وحدة ثالوث . .))اهللا أن تقولوا ما ال تفعلون ـ وهو العقل ، والقلب ، والجسد ـ)) الحياة(( لوحدة ثالوث ـوهي وسيلة واسلة للوحدة الكبرى

وهو جماع . .ولكنه غاية الغايات ، ونهاية النهايات ) وليس للمطاف نهاية (وهذا هو نهاية المطاف نيا ، وفي دنيا البرزخ ، وفي في هذه الحياة الد . .التكليف الديني ، في جميع أكوان وجود اإلنسان

نما هي القـدر المقـدور إبل إن الحياة الكاملة ليست تكليفنا الديني فحسب ، و . .النار ، وفي الجنة أفحسبتم أنما : (( يقول تعالى في ذلك ..ن اإلنسان مكتوبة عليه الحرية ، ومكتوب له الكمال إف ..لنا

يا أيها اإلنسان إنك ((: ويقول تعالى في ذلك ، أيضاً ..))خلقناكم عبثاً ، وأنكم إلينا ال ترجعون ؟؟ وال حتـى !! ال. .))المـؤمن ((، ولـم يقـل )) اإلنسان ((:قال.. ))كادح إلى ربك كدحاً ، فمالقيه

وما له من ذلك بد ، وليس . .فعلم أن مطلق إنسان يالقي اهللا . .))اإلنسان((وإنما قال . .))المسلم((نما هي بتقريب الصفات من الصـفات إقاة اهللا بالسير في المسافات ، و وليست مال . .ختيارإله فيه

وليس لكمال الحيـاة نهايـة . . وبهذا تكمل الحياةـ هي بتقريب صفات العبد من صفات الرب ـثـورة (( وهذا السـير هـو ..ما هو السير السرمدي في مراقي القرب من اهللا إنفيبلغها الحي ، و

ألن السـير . . وهذه الثورة ال تنتهي ، ال في الدنيا ، وال في اآلخـرة ..))ثورة ثقافية ((و )) فكريةوأهل البرزخ ، في البـرزخ ، . .فأهل الدنيا ، في الدنيا ، سائرون . .إلى اهللا لن ينفك ، ولن يقف

فالسـير فـي ..و أهل الجنة ، في الجنة ، سـائرون : و أهل النار ، في النار، سائرون ..سائرونإن الثورة الثقافية لها بداية ، وليست لهـا : ومن أجل ذلك قلنا ..))األبد((نهاية ، بعد )) السرمد((

..سرمدي في مراقي الكمال المطلق)) تطور((ألنها . .نهاية

)) فللعقـل . ((.قتران العقـل بالجسـد إهو )) بالثورة الثقافية )) ((كريةالثورة الف ((قتران إو. .بمقتضـى العلـم )) عمل((، و )) علم ((،والنتيجة. .افيةالثورة الثق )) للجسد((الثورة الفكرية ، و

إليه يصعد الكلـم الطيـب ، والعمـل الصـالح : ((وآية ذلك من كتاب اهللا قوله ، تبارك وتعالى وهو أيضاً كل عمـل . .أعاله الصالة )) العمل الصالح ((و . .التوحيد)) الكلم الطيب ((و . .))يرفعهفالكلم الطيب حـظ العقـل ، والعمـل . .، وتوصيل الخير للناس )) الخدمة(( ، و ))المعاملة((في

. .بين العقـل والجسـد )) التوحيد((وبالعلم ، والعمل بمقتضى العلم ، يحدث . .الصالح حظ الجسد ـ إف)) ال إله إال اهللا : ((وهذا هو غرض الكلمة د نا قد قررنا ، وبتفصيل ، إن التوحيد صفة الموِح

. .)بفتح الحاء(د موَح، وليس صفة ال) بكسر الحاء(

، وأما منهاج )) البرزخ((وأما منهاج . .والخدمة للناس ، إنما هما منهاج الدنيا ، والصالة الكلـم . ((.))الذكر((، و )) الفكر((، في الترقي ، فإنما هو )) السرمد((، وأما منهاج )) اآلخرة((

، في أكوان ما )) الكلم الطيب ((كأن ف. .))الذكر (())العمل الصالح ((، و )) الفكر((هناك )) الطيب. .))القلـب ((فيها يكاد يكون حـظ )) العمل الصالح ((، ولكن )) العقل((بعد الدنيا ، هو أيضاً حظ

وبقاء اإلنسان منقسماً بين عقل ، وقلـب ، إنمـا هـو بقـاء )) للقلب((، والذكر )) للعقل((الفكر فإنما هـو )) المطلق((فأما التوحيد . .))الفينة((عد ب ))الفينة((وال يقع التوحيد ، إال في . .سرمدي

وهو ال يكون حظ اإلنسان إال بالميراث ، وذلك ميراث ال يـتم . .ال شريك له فيه . .حظ اهللا وحده منـذ ((وهي تبـدأ . .))الثورة الثقافية ((، و )) الثورة الفكرية ((هذه هي . .الرشد الستحقاقه برمته

٩

Page 10: تعلّموا كيف تُصلّون

قال تعالى في ذلك . .غافل ، قد هانت عليه نفسه ، فلم يحفل بمصيرها وال يغفل عنها إال . .))اليوم فـي ،صطفيناه ، في الدنيا ، وإنه إولقد !! ومن يرغب عن ملة إبراهيم ؟؟ إال من سفه نفسه ((:

لكل عاقـل ، حـازم ، يهمـه )) منذ اليوم ((تبدأ في الدنيا ، وتبدأ . ..)).اآلخرة ، لمن الصالحين بتقليـد . .وتبدأ بالصالة. .ضر ، وفي المستقبل القريب ، وفي المستقبل البعيد مصير حياته في الحا

وهذا الكتاب إنما هو في . .))بحضرتيها(( تبدأ بالصالة - األمي ، محمد ، النبي -)) قدوة التقليد ((ن كان يعلم تمام خلوصه له ، فهو المرجـو إ ف ..وهو عمل منا خالص لوجهه . .تبيين تلك البداية

و إن كان يعلم نقص خلوصه ، فهو المرجو أن يخلصه له ، من كل شائبة ، و أن يقبله :له أن يقب . .إنه سميع مجيب. . وأن ينفع به كل الناس ، حيث وجد الناس،

١٠

Page 11: تعلّموا كيف تُصلّون

بسم اهللا الرحمن الرحيم

يا أيها الـذين * شكروا لي وال تكفرون أو. .ذكروني أذكركم أف(( )) إن اللّه مع الصابرين. .ستعينوا بالصبر ، والصالةإآمنوا

) صدق اهللا العظيم(

الباب األول

المدخل

وهو كتاب يشـفع كتابنـا . .))تعلموا كيف تصلون : ((مه إس، )) الصالة((هذا كتاب عن وقد كانت طبعته األولـى . .، الذي يجري ، اآلن ، في طبعته السادسة )) رسالة الصالة ((: األول

. .١٩٦٦ ، وكان هذا يوافق شهر يناير من عام ١٣٨٥عام في شهر اهللا المبارك رمضان من

: سـمه إممكناً ، وهو ما من أجلـه جعـل )) رسالة الصالة ((هذا الكتاب يحاول أن يجعل تحقيق نه ، إذا كانت أعلى العبـادات اللفظيـة إف. .والصالة أشرف عمل العبد . .))تعلموا كيف تصلون ((

وكيفية الصالة غير معلومة . .))الصالة((العبادات العملية هي ن أعلى إ، ف )) ال إله إال اهللا : ((هي نما أردنا بهذا الكتـاب إو. .وقيمة الصالة مجهولة عند الناس جهالً تاماً . .لدى الناس بصورة كافية

كافياً ، يعيد إليها بعض ما إلى تبيين الكيفية بصورة جلية ، وإلى إظهار القيمة من الصالة إظهاراً . . والتفضيل،رامةتستحق من الك

إن الصالة ليست عمل السذج ، والبلهاء ، والغافلين ، والعاجزين ، كما يظـن المثقفـون نما الصالة عمل هؤالء جميعاً ، وهي ، إلى ذلك ، وفوق ذلك ، وقبـل إو. .على عصرنا الحاضر

عنده مكانـة ، ذلك ، عمل المثقفين ، والعلماء ، والفنانين ، والفالسفة ، وعمل كل مفكر ، للفكر نما دعوتنا تتوجه إفنحن ال نحاول محاولتنا هذه لندعو إلى الصالة المؤمنين وحدهم ، و . .وكرامة

ذلك بأنا موقنون أن عصـرنا الحاضـر هـو ..إلى أصحاب الفكر الحر ، الكريم ، حيث وجدوا لـم بتحـدٍ ـ من حيث هو دين ـ وهو ، من هذا المستوى ، يواجه الدين ..عصر الفكر ، والعلم

أيستطيع الدين : ومضمون هذا التحدي هو . .يسبق له مثيل في تاريخ البشرية الطويل ، العريض أن يرتفع إلى مخاطبة العقول النيرة ، وإقناعها ، فـي مسـتوى جميـع ـ من حيث هو دين ـ

هو ال تطلعاتها ، وتساؤالتها ؟؟ أم يظل ، كسابق عهده ، يطالب باإليمان ، ويفرض اإلذعان ، ثم . .يكاد يسعى إلى ما فوق ذلك ؟؟

ولكـن . .غني عن القول أن اإليمان ، بصورة من الصور ، قاعدة للعلم ، وللعقيدة معـاً وهذا . .العلم يتسامى باإليمان إلى اإليقان ، في حين أن العقيدة تقف ، أو تكاد تقف ، عند اإليمان

. . مما يغني عن تفصـيله هنـا ))ية من اإلسالم الرسالة الثان : ((حديث قد جرى تفصيله في كتابنا عصر التكنولوجيـا ، -أننا إنما نعيش في عصر العلم ، والفكر : والذي يهمنا أن نقرره اآلن هو

١١

Page 12: تعلّموا كيف تُصلّون

وعصر الفضاء ، وعصر دقائق العلم بخواص المادة ، ونستقبل ، كل يوم ، مزيداً من دقائق العلم ومـا حاجتنـا . .صالة ، إنما هو حاجتنـا بالحوالـة وليس هذا العلم هو حاجتنا باأل -بكل أولئك

نريد أن نجدها ، وأن نعرفها ، . .نحن نبحث عن أنفسنا . .باألصالة إال العلم بدقائق النفس البشرية . .هذا هو العلم الحقيقي الذي سيتوج العلم المادي الحاضر ، ويوجهـه . .وأن نكون في سالم معها

ن الصالة إنما هي منهاج إلى أن إنما هو دعوة إلى هذا العلم ، و وعندنا ، نحن المسلمين ، أن القرآ بها تتسامى النفس ، من مرحلة اإليمان إلى مراقي اإليقان ، التي تدخل بهـا . .تحقيق هذا الغرض

وهذا هو مطلب . .مداخل الحياة الخالدة ، تلك الحياة التي ال تؤوفها آفة الجهل ، والنقص ، والعجز : طلب العناصر ، جميعها ، منذ فجر الوجود ، وقبل ظهور الحياة في المسـرح بل هو م . .الحياة

إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهـم أجـراً ((ويدعو اإلنسان بالشـر ، دعـاءه * وأن الذين ال يؤمنون باآلخرة أعتدنا لهم عذاباً أليماً * كبيراً

المسـلمون ، والمؤمنـون ، : ههنا ثالثة أصناف من النـاس . .))وكان اإلنسان عجوال بالخير ، نـه إوأما الكـافرون ف . .نه يبشرهم إوأما المؤمنون ف . .ن القرآن يهديهم إفأما المسلمون ف . .والكفار ..ختالف مقدار إختالف بين الوجهين إال واإلنذار إنما هو الوجه اآلخر للتبشير ، وما اإل . .ينذرهم

: نتهى األمر إلى أن قولـه إ إنما هو الهداية ، ف - التبشير واإلنذار -ذلك بأن الغرض من كليهما إنما يعني أنه يهدي جميع الناس ، على تفاوت في المقـدار ))إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ((

يقع ضالل من وجميع الناس مهديون ، ومهتدون ، في المآل ، وال . .ستعداد، سببه التفاوت في اإل وما هي التي هي أقوم ؟؟ هي النفس . .وهذه هي الحكمة وراء العقوبة بالنار . .ضل إال في الحال

كالهمـا : ستواء بين طرفين ستقامة هي اإل واإل. .ستقامةإشارة إلى اإل )) أقوم((ففي كلمة !! العليا ـ . .))التفريط((، وطرف )) اإلفراط((طرف : مقصر ، ومعيب ي الروحانيـة ، طرف اإلفراط ف

عتدال ، إوالنفس العليا إنما هي . . وهذا األخير إنما يعني الحيوانية .وطرف التفريط في الروحانية واإلنسـان ، فـي . .ستواء ، فضائل الروحانية ، وفضائل الحيوانية إستقامة ، تلتقي فيها ، على إو

. .في أن يكون روحانياً صـرفاً وليس كماله . .نشأته ، برزخ ، التقت عنده الروحانية ، والحيوانية نما كماله في أن يكون مزجاً معتدالً ، ومستوياً بين إ و .وال هو بالطبع في أن يكون حيوانياً صرفاً

. .ن اهللا قد خلق خلقاً هم عقول بال شهوة ، وهؤالء هم المالئكة إهذين الطرفين ، وبتعبير آخر ، ف ثم جاءت النشأة البشرية - إبليس وذريته -السة وخلق خلقاً هم شهوة بال عقول ، وهؤالء هم األب

والنفس العليا ، في هذه النشأة ، إنمـا هـي الـنفس . .شهوة ركب عليها عقل ، وأمر بسياستها : نما جـاءت الشـرائع لتعـين إو. .الخاضعة ، في شهواتها ، لمقتضيات العقل القوي ، المستحصد

وفي مقابلة النفس العليا ، النفس السفلى ، وهـذه . .العقول على هذه القوة ، وعلى هذا االستحصاد وما أبرئ نفسي ، إن النفس ألمارة بالسوء ، إال ما رحم : ((هي ما سميت بالنفس األمارة بالسوء

نه تعالى أشار إلى إوحين أشار إلى النفس السفلى في هذه اآلية ، ف . .))إن ربي غفور رحيم . .ربينـه ، إف. .))إال ما رحم ربي : (( وذلك حين قال ، من تلك اآلية رتفاع منها نحو النفس العليا ، اإل

خـتالف ستثناء ، قد فتح الباب الموصل بين النفس السفلى ، والنفس العليا ، ومعلوم أن اإل بهذا اإل فكل مرحلة ، يقطعها السالك ، من مراحل الـنفس ، تمثـل . .ختالف مقدار إبينهما إنما هو دائماً

لما هو دونها ، وهي نفسها تكون في منزلة نفس سفلى بالنسبة لما هو أعلى منها نفساً عليا بالنسبة ذلك بأن السير في هذه المراقي إنما هو سير سرمدي ، ليس . .وإلى غير نهاية . .، وهكذا دواليك

. .له حد فيحده ، وال نهاية فيبلغها ، وإنما كل كامل فوقه أكمل منه ، وكل عالم فوقه أعلـم منـه . .)) عليمفوق كل ذي علٍم: ((ك اإلشارة بقوله تعالى وإلى ذل

١٢

Page 13: تعلّموا كيف تُصلّون

ا وجهين ألمر واحد ، جاء قوله مومن أجل اإلشارة للنفس العليا ، والنفس السفلى ، وكونه تـدى إهمن : ((قوله . ..)).هتدى فإنما يهتدي لنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها إمن : ((تعالى

إنما هو من عرف الطريق ، ولزم الطريق ، الموصل من ، يعني إن العارف ))فإنما يهتدي لنفسه والضمير بالهاء من . ..)).ومن ضل فإنما يضل عليها : ((ثم قال . .نفسه السفلى ، إلى نفسه العليا

يرجع للنفس ، ولكنه ليس للنفس العليا ، وإنما هو يرجع للنفس السفلى ، وذلك لقرينـة )) عليها(( الجاهل مـن ظـل ،))ومن ضل فإنما يضل عليها : ((يعني بقوله فهو إذن إنما . .))ضل: ((قوله

تجـاه إيتخبط في ظلمات شهوات نفسه السفلى ، وقد فقد ، في متاهاتها ، الطريق الخارج منها في . .نفسه العليا

هتدى فإنما يهتدي لنفسه إفمن . .وأن أتلو القرآن : ((وفي نفس هذا المعنى جاء قوله تعالى وما ربـك . .سيريكم آياته فتعرفونها . .الحمد هللا : وقل * نما أنا من المنذرين إ: ، ومن ضل فقل . .))بغافل عما تعملون

سـيرك : ((وقال بعض العارفين ، في مضمار اإلشارة إلى النفس العليا ، والنفس السفلى العمـل والعلم أداته العقل ، و . .والسير إنما هو علم ، وعمل بمقتضى العلم )) منك ، وصولك إليك

علـم مـا ال -وأدنى العلم ، فيما نحن بصدده ، في هذا الكتاب ، هو علم الشريعة . .أداته الجسد وأدنى العمل ، فيما نحن بصدده ، في هذا الكتاب ، هو الصالة الشـرعية ، -تصح العبادة إال به

ة إلى غاية ، هذه وليست الصالة غاية في ذاتها وإنما هي وسيل . .بحركاتها ، وكيفياتها ، المعروفة .الغاية هي توحيد البنية البشرية

اإلنسان منقسم

،لقد سلفت اإلشارة إلى أن اإلنسان ، في نشأته ، إنما هو برزخ بين المالئكـة األعلـين ولقد قررنا إن العقل قد - العقل ، والشهوة -لتقاء النور ، والظالم إهو نقطة . .واألبالسة األسفلين

: قال تعالى . .ن لم يكن أوعلى هذا قام التكليف ، وبه ظهر اإلنسان ، بعد . .ةأمر بترويض الشهو )) قـد ((هنا تعنـي )) هل((و . .))حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً ؟؟ على اإلنسان هل أتى ((

وهو لم . .فقد مر على اإلنسان دهر دهير كان أثناءه يتقلب في مراحل الحيوانية السفلى . .التحقيقيةتباع اللـذة ، إوقانون السائمة . .ألنه لم يكن مكلفاً ، وإنما كان سائماً )) شيئاً مذكوراً ((يومئذ يكن

وقانون المكلف هو قـانون الحـرام والحـالل ، . .حيث وجدت ، والفرار من األلم ، حيث أمكن كان نإو. .جتناب المنهيات إوهو ، في جملته ، يعني عمل المأمورات ، و . .وقانون النهي واألمر

قـانون -وبدخول هذا القانون . .في هذا وذاك مشقة على النفس ، وحرمان لها من دواعي جبلتها وكل مشقة يحتملهـا . . وبدأ سيره نحو اإلنسانية ، مبتعداً عن الحيوانية ..نقسم اإلنسان إ -التكليف

ـ في هذا اإل عـد عـن ة بُ تجاه ، إنما هي منزلة قرب من إنسانيته ، تمثل ، في حد ذاتهـا ، منزلرتفاع من النفس السفلى ، إلـى إأن السلوك ، إنما هو : وهذا ما أشرنا إليه عندما قلنا . .حيوانيته

..))سيرك منك ، وصولك إليك: ((وهو ما قاله العارف ، حين قال . .النفس العليا

ل تغاء اللـذة الحـال إبستجابة لما أوجب الشارع ، و إوبالتجافي عن اللذة الحرام العاجلة ، التمييز بين ما ينبغي و لما ال قوي عقله لحاجته إلى . .اآلجلة ، قوي عقل اإلنسان ، وقويت إرادته

١٣

Page 14: تعلّموا كيف تُصلّون

ندفاع نحو اللذة الحاضـرة ، السيطرة على دواعي نفسه إلى اإل و قويت إرداته لحاجته إلى : ينبغيبين عقل كابت ، نكبتت رغائب أصبح بها اإلنسان منقسم إوبهذا الصنيع . .كما هو العهد بالحيوان ..هنا تمثل قوة اإلدراك ، وقوة السيطرة)) العقل((وكلمة . .ورغائب نفس مكبوتة

نقسام اإلنسان لم يبدأ بظهور قانون الحالل والحرام ، كما جاءت به األديان ، وإنما بدأ إو وفي الحـق ، إن هـذا . . سحيقة وقد سبق ظهور المجتمع ظهور األديان بآمادٍ . .بظهور المجتمع

ن ظهور المادة العضوية ، من المـادة غيـر إف. .نقسام قد أخذ بداياته منذ ظهور الحياة نفسها اإلنقسام المادة بين إالعضوية ، ذلك الظهور الذي يؤرخ بدء الحياة ، في صورها البسيطة ، إنما هو

وقد ظل الكثيف يلطف ، واللطيف يزداد لطافة ، حتـى بلغـا ، فـي مرحلـة . .كثيف ، ولطيف نقسـام أخـذ بداياتـه فلكأن اإل . .اإلنسانية ، أن أصبح اللطيف يمثل العقل ، والكثيف يمثل الجسد

ولكنه تعقد ، وتشـعب ، وترسـبت . .هو هي . .نقسام هو مرادف للحياة بل إن اإل . .بظهور الحياة زداد إثـم . .ه ، وعاداته ، وتقاليده فطبقاته ، طبقة فوق طبقة ، بظهور المجتمع اإلنساني ، وأعرا

وبتوكيد فكرة الغيب فيها ، وبالدعوة إلى اإليمان . .تعقيداً ، بظهور األديان ، في صورها المعقدة وقد عالجنا مسألة الكبت كلها بصورة مفصلة في مقدمة الطبعة الرابعة من كتابنا . .، وإلى التوحيد

واألمر الذي نريـد أن . .، بما يغنينا هنا عن اإلعادة ، فليراجع في موضعه )) رسالة الصالة : ((نقسام قد كان ، في جميع أطـواره ، ، هو أن اإل كافٍ بتفصيٍلهناك ن كان قد ورد إنقرره هنا ، و

فلوال الخوف ما ظهرت الحياة ، في المكان األول ، ولواله ما ترقـت الحيـاة . .بدافع من الخوف بلغ كمالها إال إذا تحـررت مـن ولكن الحياة ، مع ذلك ، لن ت . .بظهور العقل ، في المكان الثاني

ولقـد رسـب هـذا . .فلكأن الخوف صديق في بدايات النشأة ، عدو في أخرياتها . .الخوف تماماً المسـتوى : وهي تقع على مسـتويين . .الخوف ، في النفس البشرية ، عقداً ال يحصيها الحصر

د بمستوييها هي الحائل وهذه العق . .الموروث في عمر الحياة ، والمستوى المكتسب في عمر الفرد هي الحجاب القائم بين قلب اإلنسان ، حيث الحقائق األزليـة ، وعقـل . .اآلن بين اإلنسان والعلم

وعمل كل العبادة إنمـا . .نعكاسات هذه الحقائق األزلية عليها اإلنسان ، حيث المرآة التي تتطلع إل لى هذه إو. .، المكتسبة ، والموروثة هو محاولة تلطيف هذا الحجاب الحائل ، وذلك بحل هذه العقد

بـل ران !! كـال : ((جباً ، وردت اإلشارة بقوله ، جل من قائل لى كونها حُ إالعقد بمستوييها ، و هم لصالو الجحـيم أنثم * نهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون أ!! كال * على قلوبهم ما كانوا يكسبون

، تشير إلى الحيل التي ال .)) .ما كانوا يكسبون ((: قوله . .))هذا الذي كنتم به تكذبون : ثم يقال * تخاذها الخوف على الحياة ، في المكان األول ، والخوف على الرزق ، إتحصى ، والتي دفعنا إلى

بدء )) بيومئذ((وهو يعني . .))هم عن ربهم يومئذ لمحجوبون إن!! كال ((ثم قال . .في المكان الثاني ذاك يوم ظهور الحجاب بين الرب . .المكتسبة في النشأة األولى النشأة األخرى ، بتحصيل األعمال

هذا ليس غائباً اليوم تماماً ، وال الحجـاب )) يومئذ((ولكن . .، والعبد الجاهل ، على أكثف صوره والحكمة المرادة من تصليتهم الجحيم إنمـا . .))هم لصالو الجحيم إنثم ((ثم قال . .غائباً اليوم تماماً

وهذه التصلية هي . .الذي عجزوا عن رفعه ، بتحصيل العلم ، في النشأة األولى هي رفع الحجاب ومن ههنا ، عرف العارفون أن التصلية بالجحيم ، إنما هي مرحلية . .جزاء وفاق ، وعدل مطلق

.. ن ذلك تعالى اهللا ، علواً كبيراًع. .نتقاماًإهي رحمة ، وليست . .، وليست سرمدية

١٤

Page 15: تعلّموا كيف تُصلّون

رفع الحجب

جاءت - بين الحادث ، والقديم - أجل رفع هذه الحجب القائمة بين العقل والقلب وإنما من أن يؤتيه اهللا الكتاب ، والحكم ، والنبوة ما كان لبشرٍ ((: رساالت السماء على ألسنة الرسل البشر

تاب ، ولكن كونوا ربانيين ، بما كنتم تعلمون الك. . كونوا عباداً لي ، من دون اهللا :، ثم يقول للناس أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم . . أرباباً ، والنبيين ،وال يأمركم أن تتخذوا المالئكة * وبما كنتم تدرسون

إن ربـي علـى سـراط . .تخلقوا بـأخالق اهللا : ((وعلى هذه جاء قول المعصوم )) مسلمون ؟؟ لخارجية ، التي ال واألحدية هي الصمامة الداخلية ، وا . .))األحدية((وأعلى أخالق اهللا . .))مستقيم

وسبيل اإلنسان إلى التخلـق . .تنقسم ، لبراءتها من األغيار ، ولخلوها من الفجوات ، ومن الفراغ وسـبيل . .والواحدية هي التفرد الذي ال يشبهه شبيه . .))بالواحدية((إنما هو التخلق )) باألحدية((

وسبيل اإلنسـان إلـى تجويـد . .))اهللاال إله إال ((اإلنسان إلى التخلق بالواحدية تجويد التوحيد ، مـن أعالهـا : والمعاملة ، كالعملة ، ذات وجهـين . .والعبادة معاملة . .التوحيد ، تجويد العبادة

وأعلى معاملة العبد . .))الصالة((وأعلى معاملة الرب . .ومن أدناها معاملة الخلق . .معاملة الرب ، وإنمـا ) كانت هذه موجودة في أدنى المنازل وإن(وليست الرحم هنا قرابة الدم ، . .صلة الرحم

إن اهللا ((: قال تعالى ، في ذلـك . .الرحم هنا بمعناها الواسع ، وهي رحم العبودية للمعبود الواحد يعظكـم . .وينهى عن الفحشاء ، والمنكر ، والبغي . .يأمر بالعدل ، واإلحسان ، وإيتاء ذي القربى

. .ون صلة بينك ، وبين اهللا ، حتى تكون معه كما هو معـك قمة الصالة أن تك . .))لعلكم تذكرون وقمة المعاملة أن تنشأ الصلة ، بينك ، وبين األشياء ، واألحياء ، فتتصرف فيها وأنت . .وهيهات

وهذه دائمـاً ممكنـة ، فـي مسـتوى مـن . .تتوخى الحكمة التي ترضي خالقها ، في تصريفها وبالمحبة . . محبة األحياء ، واألشياء -معرفة منازل المحبة المستويات ، للعارفين الذين تبلغ بهم ال

..نتحرر من الخوف ، ونتخلص من الحجب ، التي رسبها هذا الخوف ، في صور عقد نفسية

الصالة وسيلة

ويجمل بنا هنا أن نقرر حقيقة ، كثيراً ما قررناها ، ولكن . .الصالة وسيلة ، وليست غاية ن ليست هنـاك غايـة فـي ذاتهـا إال أ: تلك الحقيقة هي . .اًة ، دائم تكرار تقريرها مرجو الفائد

. .وكل شئ ، في الوجود ، إنما هو وسيلته ، بما في ذلك القرآن ، واإلسالم ، والتشريع . .اإلنسان ، لكي ننتفع بها ، أن نعرفهـا علينا نه ليتحتم أبل . .عتبار الصالة وسيلة إوما ينبغي أن نتردد في

. . ، من الطبعة الخامسـة ٧٤في صفحة . .))رسالة الصالة : ((لنا ذلك في كتابنا ّصولقد ف . .هكذا ..فليراجع في موضعه

ولقد قلنـا - أخالق اهللا -هي وسيلة إلى التخلق باألخالق الكاملة . .فالصالة وسيلة ، إذن وهذه . .غيارفي حق العبد براءة ظاهره ، وباطنه ، من األ )) األحدية((و . .))األحدية((أن أعالها

وأقرب ، إلى . .وهو ترق سرمدي . .وإنما يقع ، دائماً ، الترقي في مراقيها . .صفة ال يتم تحقيقها وهي ، في حقه ، تحقيق فرديتـه التـي . .))الواحدية((، )) األحدية((العبد ، من أخالق اهللا ، عن

وقـد فصـلنا . .))ال إله إال اهللا: ((وهذا إنما يتم بتجويد الكلمة . .ينماز بها عن سائر أفراد القطيع وفي أماكن أخرى من . .))ال إله إال اهللا : (( في كتابنا الذي صدر باسم ))ال إله إال اهللا ((القول في

١٥

Page 16: تعلّموا كيف تُصلّون

أن التوحيـد : والذي يهمنا هنا هو أن نقرر . .فليراجع في موضعه . .))القرآن((كتبنا ، وبخاصة د عن ستغناء الموحَ إ، وذلك لمكان )) بفتح الحاء ((دال الموحَ )) بكسر الحاء (د إنما هو صفة الموحِ

فبتوحيـدنا هللا إنمـا . .د لتوحيد بنيته المنقسمة على نفسها دين ، ولمكان حاجة الموحِ توحيد الموحِ وأدنى مراتب توحيدنا هللا ، من وجهة النظر السلوكية ، العلمية ، تتمثل فـي . .نبتغي توحيد بنيتنا

ونسـتعيض عنـه الثقـة ، ..ننا وحدة الفاعل هذه نتحرر من الخوف ستيقاإوب. .))الفاعل((وحدة . .ستيقاننا وحدة الفاعل هذه بفضل اهللا ، ثم بفضل الصالةإوإنما يكون . .والطمأنينة ، ورضا البال

وعلمنا في هـذا . .وجميعهم قد جاءوا بها . .))ال إله إال اهللا : ((نحن نعلم ، بما علمنا الرسل ، أنه ناء ، إال إذا ما ترسخ هو علم بالتعلم ، هو علم كسبي ، وهو ، من ثم ، علم قليل الغِ المستوى إنما

. .وال يقع ترسخه إال نتيجـة للممارسـة العمليـة . .في النفس ، وبترسخه في النفس يصبح يقيناً ) )الـوهبي ((وهذا العلم . .))الكسبي((، في مقابل العلم )) الوهبي((فبالممارسة العملية يجئ العلم

إن ربي على . .تخلقوا بأخالق اهللا : ((تجاه ما قال المعصوم إ، وبه تتأثر األخالق في )) العلم((هو )) تقـوا اهللا أو((قوله . .))قوا اهللا ، ويعلمكم اهللا أتو: (( وهو هو المعنى بقوله تعالى )) مستقيم سراٍطـ ))ويعلمكـم اهللا ((عملوا بالشريعة ، وهي العلم الكسبي ، أ: يعني ، أو العلـم )) الـوهبي ((م العل

قال تعالى عن الخضر ، في قصة ما جرى بينه . .، بال واسطة )) الذات((ألنه من لدن )) اللدني((هـذا . .)) من عندنا ، وعلمناه من لدنا علما من عبادنا ، آتيناه رحمةً فوجدا عبداً ((: وبين موسى

األنبيـاء ، والرسـل ، ال . .))بال واسـطة ((وهو ال يؤخذ إال عن اهللا . .))العلم((العلم اللدني هو ولقد جاء في هذا المعنى حديثان ، عن النبي ، مأخوذان . .وإنما هم يعلمون الوسيلة إليه . .يعلمونه. .))من عمل بما علم أورثه اهللا علم ما لم يعلم : ((أولهما . .))تقوا اهللا ، ويعلمكم اهللا أو: ((عن آية وال تـزال هـذه . .ومن يرد به اهللا خيراً يفقهه في الدين. .واهللا يعطيإنما أنا قاسم ، : ((وثانيهما

قوله ، فـي الحـديث . .))األمة قائمة على أمر اهللا ، ال يضرهم من خالفهم ، حتى يجئ أمر اهللا أورثه اهللا علم . ((. يعني من عمل بالشريعة ، في العبادة ، والمعاملة ))من عمل بما علم ((: األول

وحين يوجب العلـم . .))أسرار األلوهية ((عنى بها علمه اهللا العلم اللدني ، وهو علم ))ما لم يعلم ، وهي األدب )) العبودية((تجويد )) بأسرار األلوهية ((يوجب العلم )) العبادة((تجويد )) بالشريعة((

نـا والحديث الثاني أوضح في الداللة على أن النبي ، إنما يعلم . .الواجب على العبد ، نحو الرب ، يعني ، إنما أنـا ))إنما أنا قاسم : ((قال . .))اللدني((الوسيلة ، التي بها نتوسل إلى منازل العلم

والحقيقة هي أسـرار . .))الحقيقة((يعني ، واهللا يعطي )) واهللا يعطي : ((قوله . .))للشريعة((معلم هذا الذي يفنـي )) بالفقه((عني هو ال ي ))ومن يرد به اهللا خيراً يفقهه في الدين : ((قوله . .األلوهية

، ))الباطنة((معرفة أسرار الحكمة : وإنما يعني . .الناس أعمارهم في دراسته ، وتحصيله ، اآلن التي سلفت اإلشـارة )) أسرار األلوهية : ((ي ما عنيناها بعبارة هوهذه . .))الظاهر((في فعل اهللا

وال تزال هذه األمة قائمة على أمـر ((:وفي عجز الحديث سر عظيم ، وذلك حيث يقول . .إليها . .))اهللا ، ال يضرهم من خالفهم ، حتى يجئ أمر اهللا

إليـه . .من كان يريد العزة فلله العزة جميعـاً : ((قال تعالى عن التوحيد ، وعن الصالة يصعد الكلم الطيب ، والعمل الصالح يرفعه ، والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ، ومكـر

وما تحمل من أنثى ، . .واهللا خلقكم من تراب ، ثم من نطفة ، ثم جعلكم أزواجاً * هو يبور أولئكإن ذلك على . .وما يعمر من معمر ، وال ينقص من عمره ، إال في كتاب . .وال تضع ، إال بعلمه

وصعود . .))ال إله إال اهللا : (( يعني بالكلم الطيب ))إليه يصعد الكلم الطيب : ((قوله . .))اهللا يسير . .رتفاعها في المكانة ، تحقيقاً في قلوب الموحدينإالكلم الطيب إنما هو

١٦

Page 17: تعلّموا كيف تُصلّون

وإلـى . .أولها عندنا ، في األرض ، وآخرها عند اهللا ، في إطالقه )) ال إله إال اهللا ((:فإنقسط ، شهد اهللا أنه ال إله إال هو ، والمالئكة ، وأولو العلم ، قائماً بال : ((ذلك اإلشارة بقوله تعالى

فقد شهد اهللا بذاته . .هذه هي شهادة التوحيد ، في مراتب التنزل . .))ال إله إال هو ، العزيز الحكيم شـهد اهللا أنـه ال إلـه إال . ((.المطلقة)) األحدية((، وهي )) بالوحدانية((، لذاته ، في إطالقه ،

هللا ، )) بالوحدانيـة ((شهدوا ثم تنزلت الشهادة ، من هذا اإلطالق ، إلى مرتبة المالئكة ، ف . .))هوثـم . .وقد شهدت المالئكة في السموات ، وفي األرض . .وهي درجة دون سابقتها ، بما ال يقاس

وهي شهادة جـاء . .))ال إله إال اهللا : ((تنزلت الشهادة إلى أولي العلم ، في األرض ، فجاء قولنا وهي شـهادة دون شـهادة . .))تحقيقال((، ويختلفون في )) اللفظ((بها جميع الرسل ، يتفقون في اهللا ، ))بوحدانية(( ، صاعدة نحو اهللا ، تبتغي أن تشهد ))التحقيق((المالئكة ، ولكنها متطورة في

ن هذا هـو تكليـف إومهما يكن من شئ ، ف !! وهيهات . .كما شهد اهللا لذاته ، بذاته ، في إطالقه تها للمالئكة ، إال في معنـى إعـانتهم علـى أداء وشهادة المالئكة بوحدانية اهللا ليست قيم . .العباد

لنرقى عليها )) ال إله إال اهللا : ((تنزلت الشهادة . .واجبهم في إعانة الناس على تحقيق هذا التوحيد فنحن في صعودنا فـي سـلم هـذا . .، ونصعد بها ، إلى الذاكر ، المذكور ، والشاهد ، المشهود

عنـى )) والعمل الصالح يرفعـه : ((قوله . .راز وحدة بنيتنا التوحيد ال نخدم غير ذواتنا وذلك بإح الـذي يرفـع )) العمل الصالح ((وأعلى . .بالعمل الصالح عمل الخير ، والبر ، باألحياء واألشياء

سـتيقانه فـي إإنما يعني )) الكلم الطيب ((إن رفع : ولقد قلنا . . ، إنما هو الصالة ))الكلم الطيب ((ستيقنا العلم باهللا ، تحررنا إفإذا . .ستيقان إال بممارسة العمل وال يقع اإل ..صدور الذين أوتوا العلم

من الخوف ، الذي دفعه ، إلى صدورنا ، الحرص على الحياة ، وعلى الرزق ، وجهلنا بحقيقـة ، لـدى )) ال إلـه إال اهللا : ((وقد قلنا أن أدنى منازل العلـم بحقيقـة . .األمر ، على ما هو عليه

ن نحن شهدنا ، في هذه المرتبة ، قوله إف. .))الفاعل((لمجودين ، إنما هو شهود وحدة السالكين ، ا ، شهوداً ذوقياً ))وعلى اهللا فليتوكل المؤمنون . .هو موالنا . .لن يصيبنا إال ما كتب اهللا لنا : قل : ((

وهو خيـر كتب عليكم القتال ، وهو كره لكم ، وعسى أن تكرهوا شيئاً ، ((: ، وآمنا بقوله تعالى يماناً قوياً ، يوشك أن إ ))لكم ، وعسى أن تحبوا شيئاً ، وهو شر لكم ، واهللا يعلم ، وأنتم ال تعلمون

ومن أجل هذا التطمين ، الـذي . .يذهب عنا الحزن ، وأن تطمئن قلوبنا ، وأن نتحرر من الخوف العمـل ((و )) الطيب الكلم: ((هو سبيل التحرير من الخوف ، جاء ، في صدر اآلية ، التي تذكر

وهو ، لتوكيد وحـدة الفاعـل . .))من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً ((: ، جاء بقوله )) الصالح، قال تعالى فيهما )) للشر((و )) للخير((هذه ، قد ساق ، قبل هذه اآلية ، آيتين تقرران أنه الفاعل

ن يشاء ، ويهدي من يشاء ، فال تذهب ن اهللا يضل م إ ف ؟أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً ؟ ((: واهللا الذي أرسل الرياح ، فتثير سحاباً ، فسقناه * إن اهللا عليم بما يصنعون . .نفسك عليهم حسرات

هكذا قال ، قبل أن يجـئ باآليـة . .)) ، فأحيينا به األرض بعد موتها ، كذلك النشور ميتٍ إلى بلدٍ وهاتان اآليتان شديدتا الداللة ، والوضوح ، . .))لصالحوالعمل ا ((، )) الكلم الطيب : ((التي تذكر

الكلـم : ((ثم هو يلحق ، لزيادة هذا التقرير ، باآلية التي تـذكر . .أيضاً ، في تقرير وحدة الفاعل آية ، هي أيضاً شديدة الداللة ، وشديدة الوضوح ، في أمر وحدة )) العمل الصالح ((، و )) الطيب

واهللا خلقكم من تراب ، ثم من نطفة ، ثم جعلكـم ((: أوردناها من قبل الفاعل ، وهي قوله ، وقد وما يعمر ، من معمر ، وال يـنقص مـن . .وما تحمل من أنثى ، وال تضع ، إال بعلمه . .أزواجاً

. .))إن ذلك على اهللا يسير. .عمره ، إال في كتاب

١٧

Page 18: تعلّموا كيف تُصلّون

طريق العودة

تقوا ربكم ، الذي إ!! يا أيها الناس ((: ى قال تعال . .اإلنسان عن اهللا صدر ، وإلى اهللا يعود تقوا اهللا الـذي أو. . واحدة ، وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجاالً كثيراً ، ونساء خلقكم من نفسٍ

تبارك )) نفسه((الواحدة هي )) النفس((هذه . .))إن اهللا كان عليكم رقيبا . .حامتساءلون به ، واألر وعندما يقول ، سـبحانه . .، في المكان الثاني )) آدم((هي نفس ، وتعالى ، في المكان األول ، ثم

إنمـا يشـير )) إلى ربك الرجعـى أن* أن رآه استغنى * إن اإلنسان ليطغى !! كال : ((وتعالى وليست الرجعى إلى اهللا بقطع المسافات ، وإنما هي بالعلم . .األول)) الصدور((إلى )) بالرجوع((. .ذلك بأننا نشبهه ، وقد خلقنا على صـورته . .بد من صفات الرب هي بتقريب صفات الع . .باهللا

ونحن ، كل . .ي ، وعالم ، ومريد ، وقادر ، وسميع ، وبصير ، ومتكلم هو ، سبحانه وتعالى ، حّ بيـد أن . .واحد منا ، قد جعله اهللا حياً ، وعالماً ، ومريداً ، وقادراً ، وسميعاً ، وبصيراً ، ومتكلماً

)) بـالرجعى ((والمراد . .ه وتعالى ، في نهاية الكمال ، وصفاتنا في طرف النقص صفاته ، سبحان وهذا الصنيع هو ، في الواقع !! وهيهات . .أن نحاول تكميل صفاتنا هذه حتى تنطبق على صفاته

: وهذا هو المعبر عنه بقوله ، سبحانه وتعـالى . .بل هو جماع كل التكاليف . .، تكليفنا األساسي نك كـادحٌ إ!! يا أيها اإلنسان : ((وهو المراد بقوله ، سبحانه وتعالى . .))بك المنتهى وأن إلى ر ((

إن . .تخلقـوا بـأخالق اهللا : ((وهو أيضاً المقصود من قول المعصوم . .))إلى ربك كدحاً فمالقيه ، )) الملـك ((، ثم رد إلـى )) الملكوت((ولقد خلق اإلنسان كامالً في . .)) مستقيم ربي على سراطٍ

لقد خلقنا اإلنسـان فـي : ((قال تعالى . .، فيكون ملكاً في مملكته ) ملكوته(إلى )) بملكه((ليرقى غيـر فلهم أجـرٌ . .إال الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات * ثم رددناه أسفل سافلين * أحسن تقويم

. .واإلرادة عالم العلـم ، - عالم العقول -)) األرواح((عالم )) الملكوت(( ومعنى عالم ..))ممنون. .وفي عالم الملكوت العلم ، أو العقل ، ظاهر متميـز . .))األجساد((عالم )) الملك((ومعنى عالم

وقد سير الخوف األجساد في المراقي حتـى . .وفي عالم الملك العلم ، أو العقل ، كامن في الجسد ..أبرز منها عقولها ، وعلومها

، كما يفهم علماء الدين من ظـاهر الـنص ، إن اإلنسان لم يبرز في عالم الملك مكتمالً وهذه هي . .برز في صورة ذرة غاز الهيدروجين . .وإنما برز بصورة بدائية ، سحيقة في البدائية

ثم * لقد خلقنا اإلنسان في أحسن تقويم : (التي أشار إليها تعالى في قوله )) أسفل سافلين : ((عبارة : ومـن . . غيـر ممنـون ، وعملوا الصالحات ، فلهم أجرٌ إال الذين آمنوا * رددناه أسفل سافلين

وفي مرحلة معينـة بـرزت . .))أحسن تقويم ((تخذ اإلنسان طريق الرجعى إلى إ ))أسفل سافلين ((. . وبروز الحياة هو بروز المادة العضوية من المادة غيـر العضـوية .الحياة بعد أن كانت كامنة

وآية ذلك أن . .اً حياة ، أن يكون الحي شاعراً بحياته صطالحإوأدنى درجات الحياة ، التي نسميها وقد بـدأت هـذه الحيـاة . .يتحرك حركة تلقائية ، وأن يتغذى ، وأن يتناسل بصورة من الصور

الواحدة إنما تمثل اإلنسان ، في منزلة متقدمـة مـن )) الخلية((وهذه ..الواحدة)) الخلية((بحيوان عهـد . .فتتح عهد جديـد أالخطوة الجليلة ، والخطيرة ، وبهذه . .منازل سيره في طريق الرجعى

وبـدأت . .وبعهد الحياة ، والموت هذا ، دخل الخوف في المنطقة . .عهد الحياة ، والموت . .عظيموقد . .وهذه هي بداية اإلدراك . .وهذه القسمة تمثل بداية ظهور اللطيف من الكثيف . .الحياة تنقسم

يحس بكل ) قرأ اإلنسان إ(الواحدة ، )) الخلية((وكان حيوان . .لحسكان اإلدراك البدائي يتمثل في ا رتقت ، ورهف إحساسها بالخطر الذي يتهـددها ، فظهـرت إثم تعقدت الحياة ، و . .جسده الرخو

. .الحاجة إلى الوظائف المختلفة ، فكان على الجلد أن يتكثف ، ويغلظ ، ليكون درقـة ، ودرعـاً

١٨

Page 19: تعلّموا كيف تُصلّون

.وهكذا بدأ نشوء الحواس . .ير الجلد ، أن تقوم بوظيفة الحس وكان على بعض أعضاء الجسد ، غ ونحن ، لطول ما ألفنا الحواس الخمس ، نتورط في خطأ جسيم إذ نظن أن األحياء قـد خلقـت ،

والحق غير ذلك ، ذلك بأن الحواس قد ظهرت ، الواحدة تلو األخرى ، . .وحواسها الخمس مكتملة -ففي البدء كان اللمس بالجسم كلـه . .ظائف أعضاء الحي تقت الحياة ، وتعقدت و إروذلك كلما

رتقـت وظيفـة إثم . . ثم لما توظف الجلد في الوقاية خصصت بعض األجزاء في اللمس -بالجلد فامتدت هذه الوظيفة امتداداً لطيفـاً ، . .حتاج الحي للمس الخطر ، والخطر على البعد إالحس لما

وليس هذا بترتيب ظهور للحواس ، . .الذوق ، ثم كان الشم فكان السمع ، ثم كان النظر ، ثم كان حتياجه لألخريـات ، إفإن بعض األحياء يحتاج لحاسة معينة ، أكثر من . .كتمالإوال هو بترتيب

ونشوء هذه الحواس ، . .فتقوى هذه على حساب أولئك ، مع وجود األخريات بصورة من الصور . . من منازل حياة اإلنسان ، وهي راجعة إلى مصدرها وظهورها ، وقوتها ، تمثل منازل معينة ،

ن ، في اإلنسان إو. .ن الحيوانات العليا ذات خمس حواس إف!! واآلن . .))وأن إلى ربك الرجعى ((وال يكون ، بعد الحاسـة السـابعة ، . .، الحاسة السادسة ، والحاسة السابعة ، في أطوار االكتمال

وهذا ال ينتهي ، فإنمـا . .يها ، وكمالها ق يكون تطور في تر تطور في زيادة عدد الحواس ، وإنما والحاسة السادسة هي العقل ، حين يقوى ، ويستحصد ، ويوحد معطيات الحـواس . .هو سرمدي

ويراه ، ،المختلفة ، حتى يكون ، بقوة هذا التوحيد ، لدى إدراكه ألي شئ ، كأنه يحسه ، ويسمعه حين أن وظيفـة العقـل وفي. .ما الحاسة السابعة فهي القلب وأ. . واحد ويذوقه ، ويشمه ، في آنٍ

وجميع الحواس ، وعلى رأسها العقل القوي ، إنما هي خـدم . .ن وظيفة القلب الحياة إاإلدراك ، ف وهي قد خرجت منها ، في صورة طالئع ، تستكشـف الطريـق ، وتـؤمن خـط . .لهذه الحاسة

. . أن الخوف قد كان صديقاً في ثياب عـدو :نا وقد ذكر . .وكانت دواعي الخوف كثيرة . .الرجعى وننتهي إلـى المواءمـة .ن ندرك حقيقة الخوف ، وكيف أنه صديق أوالمحاولة ، كل المحاولة ،

تـدرك فوال يستقيم لنا ذلك إال عندما تقوى العقـول ، . .بيننا وبين بيئتنا ، ال العداء ، والمناجزة ويومئذ ينطلق القلب من . .لحب ، واألنس ، محل الخوف األمر ، على ما هو عليه ، ويومئذ يحل ا

االنقباض الذي أورثه إياه الخوف ، فيدفع ، بانطالقته هذه ، دم الحياة قوياً ، إلى كل ذرات الجسد ، وكل خاليا الجلد ، تلك التي كان الخوف قد حجرها ، وجعل منها درقة ، ودرعاً لوقاية الحيـاة

فيكون الجسم حيـاً . .عور لكل الجسد ، ويعود الحس المرهف لكل الجلد ويومئذ يعود الش . .البدائية: وتكون أرض الجسد الحي ، يومئذ ، هي المعنية بقولـه تعـالى . .كله ، لطيفاً كله ، جميالً كله

هتـزت ، وربـت ، وأنبتـت مـن كـل زوجٍ إوترى األرض هامدة ، فإذا أنزلنا عليها الماء ((فإذا بلغنا هذه المرحلة فقد بدأنا نرد . .إشارة إلى الحواس )) بهيج وٍجمن كل ز : ((قوله . .))..بهيج

قلنا أهبطوا منها جميعاً ، فإما يـأتينكم ((: المورد الذي عنه صدرنا ، يوم قال عنا ، عز من قائل وقد جاءنا هذا الهدى بالتوحيد ، . .))مني هدى ، فمن تبع هداي فال خوف عليهم ، وال هم يحزنون

وإنما نـرد ، بظهـور الحاسـة .)) .إليه يصعد الكلم الطيب ، والعمل الصالح يرفعه (( :والصالة .. وليس للحياة الكاملة نهاية كمال ، وإنما كمالها ، دائماً ، نسـبي ..السابعة ، مورد الحياة الكاملة

-لكمـال وهي منطلقة دائماً ، متطورة دائماً ، تطلب الحياة المطلقة الكمال ، عند الكامل المطلق ا وهذا مطلبها السرمدي -عند اهللا

ن آيات القـرآن أ: حتى لقد قيل . .ها نشأ القرآن حول))ال إله إال اهللا: ((إن التوحيد ، كلمة تجه التوحيد إو. . وبوعيدها ، قد جلست للهاربين من اهللا في الطرقات ، تردهم إليه ، بوعدها جميعاً

ـ ((: قال تعالى . . الخوف فبدأ بتوحيد . .إلى تخليص الحي من الخوف وف إنما ذلكم الشـيطان يخّقال . .))رأس الحكمة مخافة اهللا : ((وجاء . .))وخافوني ، إن كنتم مؤمنين . .فال تخافوهم . .أولياءه

١٩

Page 20: تعلّموا كيف تُصلّون

تعالى ، في الخوف من اهللا ، في المرحلة األولى ، وفي الخالص من هذا الخوف ، في المرحلـة كتاباً ، متشابهاً ، مثاني ، تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ،اهللا نزل أحسن الحديث ((: الثانية

ومن يضلل اهللا . .ذلك هدى اهللا ، يهدي به من يشاء . .، ثم تلين جلودهم ، وقلوبهم ، إلى ذكر اهللا ، إشارة إلـى الخـوف ))تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ((: قوله تعالى .)) .فما له من هادٍ

ثم تلين : ((قوله تعالى . .لحياة ، كثف الجلد لحماية الحياة ، كما سبق أن قررنا الذي ، في أوليات ا ثمرها العلم بحقائق األمور ، حيث ليس للخوف ي، إشارة إلى الطمأنينة من الخوف التي )) جلودهم

يهدي بـه . .ذلك هدى اهللا : ((ولذلك فقد أشار تعالى بقوله . .مكان ، وإنما المكان للحب ، واألنس . . ومن لم يهتد إلى العلم بحقائق األشياء ، كما هي عليه ، فسيظل في خـوف مسـتمر )) يشاء من

فكأنه قال فما لـه . .))ومن يضلل اهللا فما له من هاد ((: ولذلك فقد أشار ، تبارك وتعالى ، بقوله ))ثم تلين جلودهم ، وقلوبهم إلـى ذكـر اهللا ((: وفي قوله . .من هاد يهديه إلى األمن من الخوف

ضـل المعتبرة ، عند اهللا ، والتي بهـا فُ ..ل هو الحياةب. .ن القلب هو قوام الحياة إف. .ألمرجماع ا مـا وسـعني أرضـي ، وال ((: قال تعالى ، في حديث قدسي . .اإلنسان ، وساد ، سائر األكوان

وسـع وليس الوسع ، هنا ، وسع مكان ، وإنما هو . .))وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن . .سمائيفإذا ما فاض القلب بهذه المعرفة دفع دم الحياة ، قوياً ، إلى كل ذرات الجسـد ، وكـل . .المعرفة

والمعرفة بحقائق . .فحيي الحي الحياة الكاملة ، التي ال يؤوفها المرض ، وال الموت . .خاليا الجلد لشـر فـي أصـل ال مكان ل . .إن الوجود ، في أصله خير كله : األشياء ، كما هي عليه ، تقول ومن ثم ، فليس هناك مـا . .وسبب الشر هو جهلنا بهذه الحقيقة . .الوجود ، وإنما الشر في مظهره وليس الجهل بضربة الزب علينا ، وإنما نحن نخرج عنه ، كل . .يوجب الخوف ، إال هذا الجهل

كم ، هـو الـذي يصـلي علـي ((: قال تعالى . .حين ، إلى العلم ، وذلك بمحض فضل اهللا علينا ستيقان هذه الحقيقة إونحن ال نستطيع أن نبلغ من . .))ومالئكته ، ليخرجكم من الظلمات إلى النور

إال إذا علمنا -بعض ما نفضي به إلى الحب ، بدالً من الخوف ، إال إذا أخذنا من اهللا بال واسطة نسـتطيع أن نلقـاه إال إذا ونحن ال . . وليس إلى ذلك العلم من سبيل إال إذا لقينا اهللا -العلم اللدني

، غير مشتغلين بالماضـي ، )) اللحظة الحاضرة ((عشنا متحلين بأدب الوقت ، وهو أن نعيش في قال . .وهو هو مقتضى التوحيد . .الذي يسعى لتأديبنا به )) القرآن((وهذا هو أدب . .وال بالمستقبل

، مـن قبـل أن في كتـابٍ ما أصاب من مصيبة ، في األرض ، وال في أنفسكم ، إال ((: تعالى واهللا ال يحب . .لكيال تأسوا على ما فاتكم ، وال تفرحوا بما آتاكم * إن ذلك على اهللا يسير . .نبرأها

ومن يتـول فـإن اهللا هـو الغنـي . .الذين يبخلون ، ويأمرون الناس بالبخل * فخور كل مختالٍ وسـيرد . .نه لهـو الصـالة أبل . .وهذا األدب هو ما من أجل تحقيقه فرضت الصالة . .))الحميد

أن كـل : وأيسر ما يقال عنه هنا . .في موضع آخر ، من كتابنا هذا )) أدب الوقت ((الحديث عن ولذلك ، فان المعرفة بحقائق األشياء ، كما هي عليه ، تقـرر . .الوسائل إنما شرعت لتجعله ممكناً

فـي تـولي السـلطة ، لتكـون أن الناس أشراك في خيرات األرض ، وأشراك :أمراً ثانياً وهو العدالة -وعلى بنتهما الشرعية )) الديمقراطية((، و )) شتراكيةاإل(( المجتمع قائمة على ))وسيلة((

وهو لن يبلغ . .ذلك بأن المجتمع أقوى الوسائل ، بعد وسيلة اإلسالم ، ووسيلة القرآن . .االجتماعيةني على أسس تؤمن اإلنسـان علـى إال إذا بُ التوسل به إلى تحرير اإلنسان من الخوف غايته هذه

.شتراكية ، والديمقراطيةاإل: ومن ههنا . .رزقه ، وعلى حريته ، وعلى كرامته

٢٠

Page 21: تعلّموا كيف تُصلّون

الفكر

فليس بيننا وبين اهللا مسافات نقطعها ، وإنما بيننا وبينه حجـب . .الفكر هو طريق العودة : بيننا وبين اهللا تقع في مسـتويين وهذه الحجب الحائلة . .والفكر هو طريق رفع الحجب . .نرفعها

وإنما جاء الدين ، بأوامره ، ونواهيه ، ليؤدب .مستوى حجب الظلمات ، ومستوى حجب األنوار ذلـك بـأن . .العقل بأدب الشريعة ، وبأدب الحقيقة ، حتى يستقيم ، فال يميل ، يمنة ، وال يسـرة

د كانت النفس صـماء ، ففتقهـا الخـوف ، فق. .الجوالن السريع بين اليمين واليسار هو آفة الفكر الفكر هو جوالن العقل بين الـذاكرة . .والفكر إنما هو وظيفة العقل . .ونتيجة لهذا الفتق نشأ العقل

وصحيح ، . .والروح إنما هي الطرف اللطيف من النفس . .أو قل بين النفس ، والروح . .والخيالآفة الفكر ، كما قلنا ، هـي خفـة .ف من الروح أيضاً ، التعبير بأن النفس إنما هي الطرف الكثي

والفكر السليم هو الفكر المستقيم . .في أحدهما اإلفراط وفي ثانيتهما التفريط : جوالنه بين طرفين ونقطة الجمع بـين اإلفـراط والتفـريط هـي المسـماة . .في نقطة الجمع بين اإلفراط والتفريط

هدنا السـراط إ: (( اإلشارة إليه في أم الكتاب وردت وهي هي السراط المستقيم الذي . .باالستقامةالسراط : ((هذا . .))سراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ، وال الضالين * المستقيم ، وهـم ))المغضـوب علـيهم : (( هو السواء ، الوسط بين طرفين ، فـي أحـدهما ))المستقيم

.))الروحانيـة (( فـي ))المفرطون((وهم ) الضالين(، وفي ثانيهما )) المادية((في )) المفرطون((ستقامة أعز مطالب الرجال ، ألنها هي مرتبة الوجود الكامل ، الذي ال يتوزعه الـوهم بـين واإلاللحظـة ((ستقامة هـي العـيش فـي فاإل. .نقضى ومستقبل غائب ، لما يحن حينه بعد إ قد ماٍض

مشـتغالً بتجويـد الواجـب )) ة الحاضرة اللحظ((ستطعت أن تعيش في أن أنت إف. .))الحاضرة من غيـر أن -المباشر ، من غير أن تذهب نفسك أسفاً على الماضي ، وال وخوفاً من المستقبل

نك تكون قد وردت معين الحياة إيستخفك النصر ، إذا نجحت ، أو أن يقتلك اليأس ، إذا أخفقت ، ف بذلك مستمتعاً بكمال حياة الفكر ، وكمال وتكون . .الكاملة ، التي منها صدرت ، في سحيق اآلماد

هنالك الحياة اآلمنة ، من جميـع . .حياة الشعور ، في داخل حصن آمن ، ليس للشر إليه من سبيل ذلك موعود اهللا ، وإنما ينال موعـود اهللا . .اآلفات ، من المرض ، ومن الشيخوخة ، ومن الموت

ستقامة أصـعب واإل. .ضل الفكر السليم ، المستقيم ، ثم بف )) واهللا ذو الفضل العظيم ((بفضل اهللا ، يشير بـذلك : قالوا ))خواتهاأشيبتني هود و : ((ولذلك فقد قال المعصوم . .األمور على العارفين

نـه بمـا إ. .ستقم كما أمرت ، ومن تاب معك ، وال تطغـوا أف: ((إلى قوله تعالى من سورة هود هو مـا ))التوقف الفكري (( و .))التوقف الفكري ((ستقامة يحصل وفي مقام اإل ))تعملون بصير

والشهود الذاتي هـو . .وبرفع حجاب الفكر هذا يتم الشهود الذاتي . .))برفع حجاب الفكر ((يعرف وفي هذا . .تفق للنبي الكريم ، في المعراج العظيم ، بعد أن تخلف جبريل ، عند سدرة المنتهى إما

وقد حكى القرآن عن حالة النبي ، فـي . .))الصلة((الة فرضت ص - مقام الشهود الذاتي -المقام ما زاغ : ((قوله )) ما زاغ البصر ، وما طغى * إذ يغشى السدرة ما يغشى : ((ذلك المقام ، فقال فكأنه أشار إلـى . . إشارة إلى عدم جوالن فكر النبي بين الماضي والمستقبل ))البصر ، وما طغى

في هذا المقام ، وحدة ذاتية ، في وحدة زمانية ، فـي وحـدة ، النبي رفع حجاب الفكر ، فقد كان رأى ذات - خرج عن الزمان ، والمكان ، فرأى من ال يحويه الزمـان ، وال المكـان -مكانية

نتسـخ بصـري فـي إليلة عرج بـي : ((وهو قد قال ، عن هذا المقام ، يصف وحدة ذاته . .اهللاند عودته ، وعند نزوله إلى مقـام سـدرة المنتهـى ، ثم إن النبي ، ع . .))بصيرتي ، فرأيت اهللا

وأمر أن يعرج بها ، في ليلـه ، ونهـاره ، )) المعراج(( صالة ))الصالة الشرعية ((فرضت عليه

٢١

Page 22: تعلّموا كيف تُصلّون

ستقامة المطلقة ، في مقام اإل )) الجمعية الذاتية ((يبتغي أن يبعثه اهللا ذلك المقام الذي بلغه في لحظة . .))ر ، وما طغىما زاغ البص((: أو تكاد ، حيث

والطمع طـرف مـن . .والفكر مؤوف بآفات ال حصر لها ، وسببها ، جميعها ، الخوف ولذلك . . ليطب آلفات الفكر - اإلسالم والقرآن -وإنما جاء الدين . .والهوى صنو الطمع . .الخوف

ن هواه ال يؤمن أحدكم حتى يكو ((: فقد بدأت الشريعة بتقرير حقيقة كبرى ، حواها قول المعصوم الكتاب األول الطبعة األولى ، ،))أسئلة وأجوبة : (( كتابنا مقدمة وقد جاء في . .))تبعاً لما جئت به

: شئ عن تسديد الدين للعقول لتستوي ، وتستحصد ، يحسن بنا أن نسوقه للقراء ههنا

، ))حقيقـة أدب ال((و )) أدب الحق ((اإلسالم والقرآن وسيلة إنما ، من أجل رياضة العقول على ( إذا سـئلت ،فأنت. .حتى تقوى على دقة التفكير ، جاء اإلسالم ، وأنزل القرآن وشرعت الشريعة

واهللا ، . .نه منهاج حياة ، وفقه تراض العقول ، لتقوى على دقة التفكيـر إ: عن اإلسالم ، فقل لهم ولعلهـم . . إلـيهم وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مـا نـزل ((: تبارك وتعالى ، يقول ، في ذلك

يعني القرآن المحتوي على الحقيقـة ، كلهـا ، )) وأنزلنا إليك الذكر ((: قوله تعالى . .))يتفكرونالحقيقة التي هي أعلى من مستواك ، والحقيقـة التـي فـي مسـتواك ، . .وعلى الشريعة ، كلها

ة التـي فـي وعلى الشريعة التي هي في مستواك ، والشـريع . .والحقيقة التي في مستوى أمتك يعني لتفصـل لهـم الشـريعة التـي ))لتبين للناس ما نزل إليهم : (( قوله تعالى -مستوى أمتك

قولـه . .حترامهم للشريعةإيحتاجونها ، وطرفاً من الحقيقة التي يطيقونها ، مما يزيد في فهمهم ، و بالشريعة ، بعقول ، يعني مرهم أن يعملوا )) ولعلهم يتفكرون : ((من قوله تعالى . .))و: ((تعالى

وراء كـل العلـل ، ،هو المعلـول )) لعلهم يتفكرون : ((قوله تعالى . .مفتوحة ، وقلوب حاضرة يتفكرون فـي مـاذا ؟؟ فـي . .والمطلوب ، وراء كل المطالب ، والمقصود ، وراء كل المقاصد

!! والـة مقصود بالح . .فإنما هذا تفكير مقصود لغيره !! ليس فحسب !! السموات واألرض ؟؟ ال وفـي األرض آيـات ((: قال تعـالى . .وأما التفكير المقصود باألصالة فهو تفكيركم في أنفسكم

. .))أفال تبصرون ؟؟!! وفي أنفسكم * للموقنين

رياضة العقول

واآلية التي صدرنا بها هذه المقدمة إنما جاءت بسبيل من رياضة العقول ، حتـى تقـوى ستقبلوا الـدين بالعقيـدة ، ولـم إ ، يعني الذين )) أيها الذين آمنوا يا. ((.على دقة الفكر ، وحريته

يعني إن تعملوا بالشـريعة ، فتـأتمروا )) إن تتقوا اهللا . ((.))مسلمين((يستيقنوه بالفكر ، فيصبحوا ، يعني نوراً في عقولكم ، به تفرقون بين الحق )) يجعل لكم فرقاناً . ((.باألمر ، وتنتهوا عند النهي

يعني يجعل لكم مقدرة في عقولكم ، بفضل التقوى ، بها تقوون على التفكير الـدقيق ، . .والباطلالحرام ما حاك فـي نفسـك ، (( بين الحالل والحرام ..والتمييز السليم ، بين ما يليق وما ال يليق

، وبقدر ما تدق التقوى )) ثمرة((، والفرقان )) شجرة(( والتقوى ..))وخشيت أن يطلع عليه الناس وكذلك الفرقان ، . .فالتقوى تبدأ من صورتها الغليظة ، ثم تسير نحو الدقة . .يدق الفرقان ، ويقوى

وصـورة . .يبدأ من بداية بسيطة ، وضعيفة ، ثم يسير نحو الدقة ، والقوة ، تبعاً لسـير التقـوى الحـديث التقوى ، والفرقان ، ومسيرتهما ، نحو الدقة ، من الغلظة ، يحكيها ، أحسـن حكايـة ،

الحالل بين ، والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات ، ال يعلمهن كثير من النـاس ، : ((الشريف

٢٢

Page 23: تعلّموا كيف تُصلّون

فكأن التقوى ، في بدايتها ، ال تحتاج إلى كبير ..) ولعرضه ،ستبرأ لدينه إتقى الشبهات ، فقد إفمن ثم يبدأ السير ، .. دقة عناء ، وكذلك قوة العقل ، المميزة بين الحالل والحرام ، ال تحتاج الى شدة

وهي منطقة فيهـا تبـدأ - نحو منطقة األمور المشتبهات -من الطرفين الغليظين ، نحو الوسط وفيها أيضاً تبدأ الحاجة إلى . .الحاجة إلى قوة فكرية ، زائدة ، بها يقع التمييز بين الحالل والحرام

. . به مأمور ، وترك ما هو عنه منهـي قوة في اإلرادة ، زائدة ، بها تقوم القدرة على فعل ما هو أو قل ، تصبح قوة على التمييز ، ومقدرة . . بمقتضى العلم ، وعمالً وتصبح التقوى ، ههنا ، علماً

..على التركيز ، حسب ما يمليه التمييز

مستويات التقوى والفرقان

قوى شـجرة ، نه ، كما قررنا ، الت إ وللفرقان مستويات تقابلها ، ف ،التقوى إذن مستويات . .))وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم. ((.والفرقان ثمرة

وأغلظ مستويات التقوى ما يكون للمؤمن العادي ، وهو مستوى الحالل البين ، والحـرام . .وأول منزلة تلي منزلة المؤمن العادي ، منزلة الورع . .))بندول الفكر ((وبينهما يتأرجح . .البين

فهو ال يعمل إال إذا علـم ، . .ديد الحذر ، المتيقظ الوجدان ، الشديد التيقظ الورع هو الحذر ، الش نه هو الذي يتـرك سـبعين أ: وهو قليالً ما يعلم ، وذلك لزيادة شكه على علمه ، ولذلك قيل عنه

وهذه مرحلة هامة جـداً . .باباً من الحالل خوف الحرام ، يترك ما ال بأس به ، خوف ما به بأس ثم تكون المنزلة . .تنبه الفكري ، تلي التبلد الفكري ، الذي يكون عليه المؤمن العادي من مراحل ال

وفيها ، بفضل اهللا ، ثـم بفضـل . .الثالثة ، وهي تلي منزلة الورع ، وهي منزلة صاحب اليمين ال تتلبس عليه وجوه . .المجاهدة في المنزلتين السابقتين ، يكون السالك قوي الفكر ، قوي العزيمة

وهـو إنمـا . .الرأي ، فهو يدرك بسرعة ، ويميز بدقة ، ويحمل نفسه على العمل بعزائم األمور .سمي صاحب اليمين ألن عمله ضد رغائب نفسه ، في غالب أحواله ، كأنه ضد صاحب الشمال

ثم تلي هذه المنزلة ، بفضل اهللا ، ثم بفضل المجاهدة في المنازل السوابق ، منزلة البـر ، والبـر ثر إدراكا من صاحب اليمين ، وأكثر تسامحاً ، فهو رفيق بنفسه ، وبالناس ، وذلك بفضل سعة أك

ن صاحب اليمين ، حين قبضته بقية الورع الذي ورثه من منزلة الورع ، التي خـرج إف. .علمه فترى البر سمحاً ، متسامحاً . .عنها ، ولما يتخلص من عقابيلها ، بسط العلم صاحب منزلة األبرار

، واسع األفق ، يرى الوجوه المختلفة لكل قضية فكرية ، أو سلوكية ، تعرض عليه ، بطريقة فيها والمقربون هم الذين يكونون عند ربهـم ، . .ثم تلي منزلة البر منزلة المقرب . .سعة ، وفيها دقة

ا ، صـبحو أف. .يق الجهل علـى سـواهم ع العلم عليهم ما ضّ غالب أحوالهم ، وهم علماء ، قد وسّ طيبين ، متسامحين ، محبين لألشياء ، واألحياء ، في ،بفضل اهللا ، ثم بفضل سعة علمهم ، رحماء يدعون إلى الرضا باهللا ، والمصالحة مـع النـاس ، . .سالم مع ربهم ، ومع أنفسهم ، ومع الناس

رفوا هؤالء هم ملح األرض ، ع . . كما تنشر الشمس النور ، والحرارة ، والدفء ،وينشرون الحب وزمـنهم فكـر . .بتغـاء وجـه اهللا إوتقوى هؤالء هي عمل ، أو ترك للعمل ، . .، أو لم يعرفوا

وفكرهم ليس تعمالً ، وإنما أصـبح طبيعـة ، . .فجميع أوقاتهم معمورة بالفكر ، والعمل . .متصلوساخها تنبع فيهم المعاني ، والمعارف ، كما ينبع الماء النمير من العين الثرة ، وقد تطهرت من أ

ستقامة أن تكون على السراط المستقيم ، في الفكر واإل. .ستقامةوعبادة المقربين اإل . .، وأوضارها ستقامة إال لمن تخلص من ذنبه ، مـا وال تتم اإل . .، والقول ، والعمل ، فال تميل يسرة ، وال يمنة

٢٣

Page 24: تعلّموا كيف تُصلّون

، وعـود اهللا البـد آتٍ وم ،ولكن هذا موعود اهللا ألهل قرباه !! وهيهات . .تقدم منه ، وما تأخر يا أيها الـذين ((: ولقد قال في اآلية التي صدرنا بها هذه المقدمة . .فوعده ، تعالى ، غير مكذوب

إن تتقوا اهللا يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سـيئاتكم ، ويغفـر لكـم ، واهللا ذو الفضـل !! آمنوا . . لكم خطيئاتكم الموروثة من لدن آدم يعني يغفر ))ويكفر عنكم سيئاتكم : ((قوله تعالى . .))العظيم

ويغفـر : ((قوله تعالى . .وتلك تتمثل في الكبت على العقل الباطن المتوارث عبر التاريخ البشري والخطيئة المكتسبة تتمثل فـي . . يشير إلى الخطيئة المكتسبة ، في مقابلة الخطيئة الموروثة ))لكم

وإنما يكون التكفير والمغفرة برفـع . .ناء عمر أحدنا الكبت الواقع على العقل الباطن ، المكتسب أث بنور العقـل القـوي . .))بالفرقان((هذا الكبت ، الموروث ، والمكتسب ، وإنما يكون رفع الكبت

الذي يتخلل السراديب المظلمة ، حيث ترقد الرغائب المكبوتة على حواشي العقل البـاطن خـالل )) بالرين((ى ، هذه السراديب المظلمة حول العقل الباطن وقد سمى ، تبارك وتعال . .ماليين السنين

بـل ران !! كال ((: ليها نسب غفلتنا ، وجهلنا ، وحجبنا عن الحقيقة ، فقال ، تبارك وتعالى إ، و فبقدر ما يرفع هذا . .))نهم ، عن ربهم يومئذ ، لمحجوبون إ!! كال * على قلوبهم ما كانوا يكسبون

. .بقدر ما تكون قوة العقل ، ودقة الفكـر ، ووحـدة البنيـة البشـرية - هذا الكبت - ))الرين((وأصحاب هذه البنية الموحدة هم أصحاب العقول التي ، بقوة فكرها ، تفلـق الشـعرة ، وتملـك

وبقدر قوة التمييز تكـون سـالمة السـلوك ، . .أيهما أبيض ، وأيهما أسود : التمييز بين فلقتيها ) وسالمة القلب ، وصفاء الذهن

ههنا ست درجات من درجات القرب . .))أسئلة وأجوبة ((: نتهى ما جاء في مقدمة كتابنا إينزلها النازل وهو يسير في طريق العودة ، هذه ست درجات أوالها درجة المؤمن . .من الكمال

العادي الذي يكون في مستوى الحالل ، وثانيتها درجة الورع ، وثالثتها درجة صاحب اليمـين ، ستقامة ، وهو ، هو بعتها درجة البر ، وخامستها درجة المقرب ، وسادستها درجة صاحب اإل ورا

ال ذكـر )) النفس األمارة ((وهذه الدرجات الست هي في مقابلة النفوس السبع ، غير أن . .الكامل. .))اللوامـة ((فكأن المؤمن العادي في مقابلة الـنفس . .لها هنا ، ألنها دون مرتبة المؤمن العادي وكل مستقيم يعرف تقصيره عـن بلـوغ . .ستقامة نهاية ، وكما أنه ليس للكمال نهاية ، فليست لإل )) خواتهاإشيبتني هود و : ((وهذا ما جعل المعصوم يقول . .المدى المطلوب من هذا األمر الخطير

. .تضى العلم وكل هذه المراتب التي ورد ذكرها إنما يبلغنا إياها العلم ، والعمل بمق . .، كما ذكرنا ..وأعلى العلم التوحيد ، وأعلى العمل الصالة

الفكر هو السنة

وأنزلنـا إليـك : ((قال تعالى . .لقد كرم اإلسالم الفكر كل التكريم ، وأعظمه كل اإلعظام )) وأنزلنا إليك الذكر : ((قوله ، تبارك وتعالى )) ولعلهم يتفكرون . .الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم

يعنـي لتوضـح للنـاس ، بالتشـريع ، ))لتبين للناس ما نزل إليهم ((: قوله . .رآن كله يعني الق هـو الغـرض )) ولعلهم يتفكـرون ((: قوله . .وبالتفسير ، ما نزل إلى مستواهم من جملة القرآن

فلكأن اإلسالم كله إنما . .المطلوب من إرسال الرسول ، ومن إنزال القرآن ، ومن تشريع الشريعة تفكر ساعة أفضـل مـن عبـادة ((: ولقد قال المعصوم . .حرير الفكر ، ولتسديد الفكر هو نهج لت النبوية المشرفة إنما كانت نهجاً مرسوماً لمحاربة العادة ، وإليقـاظ )) السنة(( ثم إن ))سبعين سنة

يجري هذا منها في أبسط المستويات ، وأيسرها ، مما يستوي في المشاركة فيـه األمـي . .الفكر

٢٤

Page 25: تعلّموا كيف تُصلّون

كان يفضـل . .فهو قد كان ، في حركاته وسكناته ، يقدم ميامنه على مياسره . .ل ، والمتعلم الجاهفإذا . . بيت الخالء ، مثالً ، يقدم شماله ، ويؤخر يمينه على كان إذا دخل . .الميامن ويخصها بالبر

وإذا خـرج قـدم . .وكان ، إذا دخل المسجد ، قدم يمينـه . .قضى حاجته ، وخرج ، قدم يمينه وثير ، هو أوطأ من النعل ، وأراد أن ينتعل نعله ، قـدم وكان إذا كان قائماً على فراشٍ . .شماله ..و إذا كان الفراش الذي تحت قديمه غليظاً و النعل أوطأ منه قدمه رجله اليمنـى .. اليسرى رجله

حرك الفكـر ، فبمثل هذا الصنيع البسيط يت . .تقبل القبلة ، ويتوسد يده اليمنى إسضطجع إوكان إذا طريـق )) السنة((وبهذه البداية البسيطة يسلك السالك لنهج . .وينشط ، وتدخل في األعمال الروح

وتفضيل الفاضل على المفضـول . .ذلك ألن الحكمة إنما هي وضع الشيء في موضعه . .الحكمةأعلى القمم ، لى إوهذه البداية البسيطة تتداعى بنا . .من الحكمة ، ألنه وضع األشياء في مواضعها

ألن العبودية ، وهي أعلى مراتب السالكين ، إنما هي وضع الشيء في مكانه ، إنما هـي تقـديم ولذلك فقد قـال زعـيم الطائفـة . .الفاضل على المفضول ، إنما هي تقديم الرب ، وتأخير العبد

))مامـك إ((ليكـون ))اهللا(( يعني قدم ))وقدم إماما كنت أنت إمامه ((: الصوفية أبو القاسم الجنيد المشرفة )) السنة((وهذه العبودية الرفيعة يوصل إليها الفكر ، حين ينهج نهج . .وكن أنت مؤتماً به

.، في بدايتها هذه البسيطة ، الموغلة في البساطة

ولقد قرن . .نه هو الشكر أيضاً أونقول . .ووضع األشياء في مواضعها قلنا أنه هو الحكمة ومـن . .شكر هللا أأن : ولقد آتينا لقمان الحكمة ((: ين الحكمة والشكر ، فقال ، سبحانه وتعالى ، ب

نه قال ، عن ندرة ، وعـزة ، إثم . .))ومن كفر ، فان اهللا غني حميد . .يشكر ، فإنما يشكر لنفسه وقليـل مـن عبـادي ((: قوله . .))وقليل من عبادي الشكور . .أعملوا آل داوود شكراً ((: الشكر عني أن من العباد من نزلوا بعـض منـازل العبوديـة ، وقصـروا عـن منـازل ي. .))الشكور

ستعمال النعمة فيما خلقـت إفالشكر هو . . قمة العلم ، وقمة العمل ))الشكر((ذلك ألن . .))الشكر((ونعـم اهللا ال . .فكأنه علم بدقائق النعم ، ومقدرة على تنفيذ العمل فيها ، وفق رضـوان اهللا . .له

ن تعـدوا نعمـة اهللا ال إو((: نعمة واحدة من نعمه ال تحصـى ، قـال تعـالى بل إن . .تحصى . .))نعم اهللا((: ولم يقل ))نعمة اهللا((: قال ))إن اهللا لغفور رحيم. .تحصوها

الصالة والصوم

. .ذكروني ، أذكـركم أف((: لى الصالة ، والصوم إالتي صدرنا بها هذا الكتاب تشير اآلية إن اهللا مـع . .ستعينوا بالصـبر ، والصـالة إ!! يا أيها الذين آمنوا * تكفرون شكروا لي ، وال أو

. . يعني كونوا معي بحضور عقولكم أكن معكم بنصري ))ذكركمأأذكروني : ((قوله . .))الصابرينإنمـا هـو فالنصر ))إن تنصروا اهللا ينصركم ، ويثبت أقدامكم ((: هذه مثل قوله ، تبارك وتعالى

و ..ل ، و قلب ق الحضور معه بجميعة ع ))فذكر اهللا ((..ل العارضة على الجبلة على دواعي الجه قم الصالة أو((: نه قد قال ، سبحانه وتعالى ، لموسى الكليم إ، ولذلك ف الذكر غرض تحققه الصالة

إن الصالة تنهى . .تل ما أوحي إليك من الكتاب ، وأقم الصالة أ(( وقال لمحمد الحبيب ))..لذكريإن الصالة تنهـى ((: قوله . .))واهللا يعلم ما تصنعون . .ولذكر اهللا أكبر . .حشاء ، والمنكر عن الف

ستدامة الـذكر ، ألنهـا ، إلوهي وسيلة . .))الصالة الشرعية (( هذه هي ))عن الفحشاء ، والمنكر تنور القلب ، وتصفي الفكر ، وتهدي جيشان الخـواطر ، إنماحين تنهى عن الفحشاء ، والمنكر ،

: وقوله . .فذكر اهللا هو الحضور معه بال غفلة . .تقل بذلك الغفلة ، وتطول الحضرة ، وهي الذكر ف

٢٥

Page 26: تعلّموا كيف تُصلّون

فكأنه قد جـاء ، فـي هـذه اآليـة ، بصـالة . .))الصلة((إشارة إلى صالة )) ولذكر اهللا أكبر (( وهي الصالة الحقيقية ، التـي إليهـا ))الصلة(( ، وهي الصالة الشرعية ، وبصالة ))المعراج((

)) الروح((قام م)) المعراج((تقوم من صالة )) الصلة((فصالة . .يكون المعراج بالصالة الشرعية ، يعنـي مـن ))الصـلة ((مقدار من صـالة )) المعراج((ن لم يكن في صالة إف. .))الجسد((من

: وينطبق عليهـا الحـديث . .الحضور مع اهللا ، قل هذا الحضور أو كثر ، فإنها ال تكون صالة فـاهللا . .، حوت كل العلم )) واهللا يعلم ما تصنعون ((: قوله تعالى . .))صل لم يقم الصالة رب م ((

والفرق بـين . .))الصوم ضياء ، والصالة نور ((: هناك حديث يقول . .صانع كل صانع وصنعته ، والقمـر ))ضـياء ((هو الذي جعل الشـمس : ((محكي في قوله تعالى )) الضياء((و )) النور((يفصـل . .ما خلق اهللا ذلك إال بالحق . .وقدره منازل ، لتعلموا عدد السنين ، والحساب ، ))نورا((

فـالجرم . . المعـار ))النـور ((والنـور . . األصـيل ))النور((فالضياء . .))اآليات لقوم يعلمون وعندهم . . نوره مستمد من غيره ، كالقمر ))المنور(( نوره منه ، كالشمس ، والجرم ))المضيء((

، والشمس ، والقمر ، من آيات اآلفاق تمثل الثالوث المودع في البنية البشرية ، مـن أن األرض سنريهم آياتنا ، في اآلفاق ، وفي أنفسهم ، حتـى : ((واهللا ، تبارك وتعالى ، يقول . .آيات النفوس

، من آيات اآلفاق ))فالشمس(( ))أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد ؟؟ . .يتبين لهم أنه الحق من ))العقل(( ، من آيات اآلفاق ، في مقابلة ))القمر. ((. ، من آيات النفوس ))القلب((، في مقابلة . .، مـن آيـات النفـوس )) الجسد(( ، من آيات اآلفاق ، في مقابلة ))واألرض((. .آيات النفوس

. .مضـياً هو حظ الروح فهو يشحذ الذكاء ، ويعطيه نفـاذاً ، و ماإن الصيام ، إن : ومعنى الحديث يشحذ الذكاء ، ألنه يؤثر على الدم ، فينقيه ماوالصيام ، إن . .))الفطنة(( تنيم ))البطنة((ومعلوم أن

إن الشيطان ((: وقد جاء في حديث المعصوم . .ندفاعات الشهوة إ ويحد بذلك من طيش ، و ه، ويقلل )) روح((ء ذكـا م فإذا ما شحذ الصو ..))يجري من أحدكم مجرى الدم ، فضيقوا مجاريه بالصوم

ن عقله يكتسب نوراً بتعرضه لضياء الروح ، فـي إ أقبل على الصالة ، ف بدعاالعابد ، ثم إن هذا ال .أوضاع صالته المختلفة ، كما يكتسب القمر النور من ضياء الشمس ، وهو ينزل منازله المختلفة

سبعة لينتصف فيها بـالنور ، -والقمر ينزل أربعة عشر منزالً ليصير ، في نهايتها ، بدراً كامالً يحكي ، في الحجم ، جرم الشمس ، حتى لكأنه قد عكس ، -وسبعة أخرى ليصير فيها بدراً كامالً

،والصالة ، في كل ركعة منها ، سبع حركات . . وهذا فيما يرى الرائي . بنوره ، جميع ضيائها -صليت ركعتين ، وفكرك حاضر فـي فأنت إذا كنت سالكاً مجوداً ، و . .تمثل منازل القمر السبعة

صالتك ، فيجب أن تعلم أن كل حركة ، من حركاتك األربع عشرة ، تختلف عن الحركـة التـي ، مـن )) شريعتك((ن كانت تشبهها ، وما ذاك إال ألنها بمثابة منزل جديد ينزله قمر إسبقتها ، و

ستضاءت صفحة إبدرك ، كأنما كتمل إ ما أنت أكملت الركعتين ، فكأنما قد فإذا..))حقيقتك((شمس . .عقلك ، بنور المعرفة المنبثقة من ضياء روحك فتوازي العقل والقلب

يقابله )) والقمر(( ، ))والشمس(( ، ))األرض(( في -هذا الثالوث المتمثل في آيات اآلفاق وقـد كانـت آيـات اآلفـاق مرتتقـة ، . .))والعقل)) ((والقلب)) ((الجسد: ((، من آيات النفوس

أو لم يـر ((: ذلك قال تعالى ، في . .))الشمس(( ، في ))والقمر(( ، ))األرض((كانت . .نفتقتإف فهي قد كانـت . . وكذلك آيات النفوس ))ن السموات واألرض كانتا رتقاً ففتقناهما ؟؟ أالذين كفروا

لك باطن اآلية وينطبق على ذ . . فانفتقا عنه ))القلب(( ، كانا في ))الجسد(( ، و ))لعقلا ((..مرتتقةفنحن نعلم أن النفس األمارة نفس صماء ، غير منقسمة . .، حين ينطبق ظاهرها على آيات اآلفاق

نفتقـت إ ما أخذت في المجاهدة ، بحسـب التكليـف ، فإذا..، وهي ال تأمر إال بالشهوة الحاضرة وقـد بـرز . .امة نزلت منزلة النفس اللو -نقسام من هذا اإل - من هنا و إنما . .نقسامهاإوظهر

٢٦

Page 27: تعلّموا كيف تُصلّون

، مـن ))القمـر (( ، و ))األرض(( ، كمـا بـرزت ))القلـب (( ، من ))العقل(( ، و ))الجسد((فقد كانت الشمس هي األصل ، فبرزت من الشمس األرض ، وبـرز مـن األرض . .))الشمس((

، ثم بـرز ))الجسد(( هو األصل ، ثم برز من القلب ))القلب((ن إوفي البنية البشرية ، ف . .القمروقد تحدثنا عن . .هذه الثالث ، في الباطن ، تقابل تلك الثالث ، في الظاهر . .))العقل((من الجسد

، الطبعة الرابعـة ، ممـا ))رسالة الصالة ((: أصل هذه النشأة بتفصيل مناسب في مقدمة كتابنا . .ا الثالوث ولكن ، الذي يهمنا هنا ، هو أن مهمة التوحيد هي أن يوحد هذ . .يغني عن اإلعادة هنا

. .د، وليس هو صفة الموحَ ) بكسر الحاء (د ، هو صفة الموحِ نماوقد سبق أن قررنا أن التوحيد إ والدين يطالب بوحدة هذه . .لى وحدة قوى البنية البشرية إلى التوحيد هي حاجتنا إن حاجتنا وقلنا أ

كبـر * ولون ما ال تفعلون ؟؟ يا أيها الذين آمنوا لم تق ((: قال تعالى . .القوى ، في أول ما يطالب وهذه هـي . . فلكأنه يطالب بوحدة الفكر ، والقول ، والعمل ))ن تقولوا ما ال تفعلون أمقتاً عند اهللا

ستيقان إلى إلتوحيد ، والصالة ، هما وسيلتنا وقلنا آنفاً أن ا . .نتصر على الخوف إصفة الحر الذي : ، فقـال ))بالصـبر (( ))الصـوم ((ر عـن وفي اآلية عب . .العلم ، الذي به نتحرر من الخوف

ألن الصوم رياضة تطالب بالصبر عن دواعي الجبلة ، وغرضها ، ))ستعينوا بالصبر والصالة إ((وليسـت . . السالك يحتاجها في جميع مقامات العبادة ، في والصبر فضيلة . .في ذلك ، تقوية الفكر

يـوفى الصـابرون أجـرهم بغيـر إنما((: نه قد قال إولذلك ف . .د صفة تعادلها افي صفات العب ومـن . . نفسـه ))اهللا((ن أجره إكل عامل في الطاعات أجره بحساب ، إال الصابر ، ف . .))حساب

جزاؤه ؟؟ من وجد فـي :قالوا((: إشارات الصوفية قولهم ، في هذا المقام ، في جزاء الصابرين ما في اآلية إن ))هو((. . هو جزاؤه ن اهللا إيعنون أن من وجد في قلبه الصبر ف . .))رحله فهو جزاؤه تكـون فإنمـا ))إن اهللا مع الصابرين ((: وهذا مأخوذ من قوله تعالى . .))اهللا((يشيرون بها الى

فـي (( عبادة ، والصـبر ))هللا((فالصبر . . ، في مراتب التنزل ، حسب درجات الصبر ))المعية((. . محبة ))عن اهللا (( معرفة ، والصبر )) اهللا مع(( مجاهدة ، والصبر ))باهللا(( جهاد ، والصبر ))اهللا

والصابر في درجات الصـبر . .اهللا معه بالذات )) معية((فالصابر عن اهللا ، وهو المحب ، تكون كـل -معه باألسماء ، أو بالصفات ، أو باألفعال )) المعية(( تكون إنماالمختلفة ، التي ذكرناها ،

. .))وموما منا إال له مقام معل. ((.حسب مقامه

لصوم التـزام بمحاربـة ا و إنما وليس الصوم هو اإلمساك عن شهوتي البطن والفرج ، متخلياً عـن نتصار للفكر ، بدوام الحضور ، حتى ليصبح الصائم حاضراً مع اهللا ، و إالعادات ، و

حتى إن السالك ، في هـذا . .رتقاء درجات الصائم ترتقي درجات المصلي إوب. .كل ما سوى اهللا الذين آمنوا ، ولم ((: توى ، بالصوم ، وبالصالة ، ليبلغ مقام من قال ، سبحانه وتعالى ، عنه المس

يعني الشرك الخفـي ، إنماوالظلم هنا . .))وهم مهتدون . .أولئك لهم األمن . .يلبسوا إيمانهم بظلم الصـخرة أخفى من دبيب النملة السوداء ، في ((: نه ليدق حتى يصبح إ: الذي عنه قال المعصوم

لى هذه المقامات ، يعينها في حسن التوسل إليها إإن الصالة وسيلة . .))الصماء ، في الليلة الظلماء سـتعينوا بالصـبر ، :إ!! يا أيها الذين آمنـوا ((: ، صنوها الصوم ، وهذا هو معنى قوله تعالى

)) الجبلة(( على دواعي ستعينواإ، يعني )) ستعينواإ: ((قوله . .))إن اهللا مع الصابرين . .والصالة ..لى نور العلمإ حتى تخرجوا من ظالم الغفلة ))ةالغفل((لى إ

٢٧

Page 28: تعلّموا كيف تُصلّون

الصالة جلسة نفسية

وقتنا الحاضر ، وقت الـذكاء الحـاد ، والحـس !! لى الصالة إما أحوج وقتنا الحاضر ميع حيرة الشباب ، المتمثلة فـي مجـا ..ومع ذلك ، وقت القلق ، والتوتر ، والحيرة !! المرهف

وحيرة الشيوخ ، الذين عجزوا عن هداية ، وقيـادة ، أطفـال ، وشـباب األجيـال . .))الهيبيز((هـذه . .وقتنا الحاضر ، وقت المشاكل النفسية ، واألمـراض العصـبية . .المعاصرة من أبنائهم

بـأمراض : ((األمراض التي ، من فرط ما تفشت ، وذاعت بين الناس ، وجدت مـن يسـميها ولكـن . . المدنية صحة للقلوب ، وللعقول ، ولألجساد إنما وليست للمدنية أمراض ، و ..))المدنية

فـي وهي ، . .ستهالكوقتنا الحاضر هو وقت الحضارة الغربية التي جعلت وكدها اإلنتاج ، واإل سـائل اإلعـالن المختلفـة ستهالك ، وتـدعو بو لى المزيد من اإل إسبيل مواصلة اإلنتاج ، تدعو

زدادت حاجات اإلنسان ، لحد جعله في خوف دائـم مـن إتى لقد الك المختلفة ، ح ستهلطرائق اإل العجز عن تحصيل هذه المطالب ، التي أوهمته الحضارة المادية ، اآللية ، الحاضرة ، أنها حاجة

. .لى أسرتهإحياة ، أو موت ، بالنسبة إليه ، و

)) التكنولوجيـة ((يـة إنني ال أشكو من الوضع الحاضر ، وال أرفـض الحضـارة الغرب عتبرها مرحلة هامة جداً من مراحـل تطـور أ على العكس ، فإني ألرحب بها ، و بل ، . .المادية

هـو مـا وأعتبر أن القلق ، والحيرة ، والرفض الذي ساقتنا إليه ، إن . .الفرد ، والمجتمع البشري وما ذاك إال هو عالمة صحة ألنه يرشدنا ألصل المرض ، . .عالمة صحة ، وليس عالمة مرض

. .ابينهلجهلنا بحقيقة البيئة التي نعيش فيها ، وعجزنا ، من ثم ، عن المواءمة بين حياتنا و

لقد ظللنا ، نحن البشر ، دائماً نحاول التعرف على بيئتنا ، ونحاول ، على هدى من هذه وقد بدأنا من مكـان . .المعرفة ، أن نوجد نوعاً من التوافق ، والتناسق بين حياتنا وبين هذه البيئة

لقد مضى وقت كنا نعتقد فيه أن البيئة الطبيعية ، المادية ، التي نعيش فيها هي عدو لنـا ، . .بعيدوقد مألتنا عداوتها ، وشكاستها ، وأنيابها الزرق ، ومخالبها الحمـر ، بـالخوف . . العداوة ةشديد

وكنا ، دائماً . .ستفاضةإعديد من كتبنا ، ب الشديد ، الذي تحدثنا عنه ، في مقدمة كتابنا هذا ، وفي ال القرن ((ونحن ، اليوم ، وفي مجتمع حضارة . .، وال نزال ، نخدع بالمظهر ، ونذهل عن المخبر

ن هذه البيئة الجديدة ، التي قد طورهـا تقـدم اآللـة ، إف. . ، نقف في مفترق الطرق ))العشرينإمـا أن : التحدي يعرض علينا إحدى خصـلتين هذا. .تطويراً يشبه القفزة ، تواجهنا بتحد حاسم

لى الهاوية ، فيكون مصيرنا إلى مستوى المواءمة بين حياتنا ، وبين بيئتنا ، وإما أن ننحدر إنرتفع إننا ، بفضل اهللا ، . .مصير األحياء التي عجزت عن المقدرة على المواءمة بين حياتها وبين البيئة

، قد أصبحنا نعيش في كوكب موحد جغرافياً ، وأصـبحنا ، ))التكنولوجي((ثم بفضل هذا التقدم متقاربين ، مهما بعدت أقطارنا ، فـي أطـراف هـذا ، جيراناً )) التكنولوجي((بفضل هذا التقدم أصـبح علينـا أن . .وأصبح علينا أن نتحلى باألخالق التي تليق بحسن الجوار . .الكوكب الصغير

وبفضل اهللا ، ثم بفضل العلم المادي ، الذي هـو سـمة هـذه . .نتوحد أخالقياً ، كما توحدنا مادياً وضح لنا أن المادة التي مظهرهـا . .الحضارة ، وضحت لنا الوحدة التي تنتظم المظاهر المختلفة

و بل إن العلم التجريبي قد أظهر لنا أن المادة ، كما تظهر ليست هناك ، . .التعدد جوهرها الوحدة إرادة اهللا ، خـالق . .))اإلرادة((هذه الطاقة يسميها الـدين . . ، وتجذب طاقة تدفع . . هي طاقة إنما

إن . .األكوان ، وخالق اإلنسان ، وجاعل األكوان مطية لإلنسان ، بها يرتفق ليبلغ منازل كمالـه اليوم قد برزت ، بفضل اهللا ، ثم بفضل هذه المشاكل التي تواجهنا بها هـذه ))الدين((حاجتنا إلى

٢٨

Page 29: تعلّموا كيف تُصلّون

نريد اآلن أن نقف لنراجع ما رسبته فينا الجهاالت الماضية ، من عقد . .ربية المادية الحضارة الغ لـى إوهنـا تبـدو حاجتنـا . .نفسية أخذت تنطلق ، في وقتنا الحاضر ، بغير قيد ، وبغير عقال

لى أن ننفصـل عـن إهي منهاج يعطينا الفرصة . .إن الصالة جلسة نفسية بهذا المعنى . .الصالة فإننـا ))داخلنـا ((لى النظر في إ نجد فيها السبيل ))خلوة((الحاضرة ، وأن نكون في ))الدوامة((

ـ ))الخارجي((نعرف عن عالمنا عـن - ))الـداخلي ((ا أضعاف ، أضعاف ما نعرف عن عالمنهذه حقيقة ظهرت لنا ، . .ن البيئة التي نعيش فيها هي بيئة روحية ، ذات مظهر مادي إ ف -نفوسنا

إننا نحـن نعـيش محـاطين . .ريق العلم التجريبي ، وأيضاً عن طريق الدين ألول مرة ، عن ط ، وأن نعـرف ))اهللا((جب علينـا أن نعـرف و فقد ))سالم((ولكي نعيش في . .بالمظاهر اإللهية

وقد ظللنا دائماً نعيش فيها ، . .أسرار صنعه فينا ، هذا الصنع الذي هو بيئتنا التي نعيش فيها اآلن فإذا حققنا ، و صححنا علمنا بها فسيعننا هذا العلم الجديد علـى أن . .، تمام الجهل ولكننا نجهلها

نناقشـها ، ..نرجع لمناقشة هذه العقد النفسية ، الموروثة ، والمكتسبة ، التي رسبها فينا الجهـل لـى نـور الحيـاة ، وحركـة إونصححها ، ونسلط عليها النور لتخرج من ظالمها ، وسجنها ،

. .نا في هذه المقدمةيومئذ تنبعث الحياة الحرة ، الكاملة ، في بنيتنا ، على النحو الذي بّيو. .الحرية

وما خلقنا السموات ، واألرض ، ((: قال تعالى فيها . .وسر صنع اهللا في كونه هو الحكمة اهمـا ما خلقن ((قوله . .))ولكن أكثرهم ال يعلمون . .ما خلقناهما إال بالحق * وما بينهما ، ال عبين

نهايـة ((الحكمة هي . .والحكمة هي وضع األشياء في مواضعها . . يعني إال بالحكمة ))إال بالحق وقد تكون الرحمة في صورة عذاب ، ولكن الحكمة وراء العـذاب ، . .))نهاية الرحمة ((و )) العلم

لطفل العليـل فا. .ولكننا نحن كاألطفال . .المراد منه الشفاء من العلة . .لمراكالحكمة وراء الدواء نرفض العذاب نماونحن إ . .ويجهل أن وراء مرارته حالوة العافية . .يرفض الدواء لمجرد أنه مر

وعسـى أن . .كتب عليكم القتال وهو كـره لكـم : ((ولذلك فقد قال تعالى . .بنحو من هذا الجهل وأنـتم ال . .واهللا يعلـم . . لكـم وعسى أن تحبوا شيئاً وهـو شـرٌ . . لكم تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ

فقد وجب اإليمان بما ال لكولذ. .))واهللا يعلم وأنتم ال تعلمون ((: هذا هو موطن اآلفة . .))تعلمونبل الحقيقة أن العقل الذي يعرف . .واإليمان أصل في العلم ، وأصل في الدين . .نعلم ، ريثما نعلم

الواجب يقضي أن بل. . عنده قدر نفسه ال يمكن أن يرفض شيئاً لمجرد أنه ال يجد العلم به ، عتيداً وأما رفضنا إياه قبـل ذلـك ، . .، إذا جهلنا شيئاً ، أن نؤمن به ، ريثما ينكشف لنا حقه من باطله

. .دعاء كبير ، إذ نجعل عقولنا حكماً على األشـياء إ يمثل جهالً بحقيقة أنفسنا ، وينطوي على نماإلى منهاج يـروض العقـول علـى إحتاجين ولذلك فقد أصبحنا م .وهذا ما يحصل من أحدنا دائماً

إن مثل هذا العقل المؤدب هو وحده الذي ..التواضع ، وعلى المحايدة ، وعلى البراءة من الغرض مـا خلقناهمـا إال ((: الذي به خلـق اهللا السـموات ، واألرض - قانون الحق -يدرك القانون

إن القانون هو العقـل الـذي ال ((: و وقديما قال أرسط . .))القانون (())بالحق(( يعني ..))بالحق نحاول ماونحن إن . . يحكي صورة العقل الكلي ماوهو إن . .هذا هو القانون الكلي . .))يتأثر بالرغبة

؟؟ وبقدر ما تحاكي ))تخلقوا بأخالق اهللا : ((أليست التوصية . .أن نسير بعقولنا خلف العقل الكلي . .ق هذا القانون ، الذي ما هـو إال أثـره ، وصـنعه عقولنا العقل الكلي ، بقدر ما ندرك من دقائ

فنبلغ بذلك األمن ، . .وبقدر ما ندرك من دقائق هذا القانون ، بقدر ما تسير حياتنا في مواءمة معه م هـذا غونصحح عقد الماضـي فنـن . .ق الغيب ونستمتع بالحرية من الخوف ، ونطلع على دقائ

. .التصحيح من التشويش الداخلي

٢٩

Page 30: تعلّموا كيف تُصلّون

سة نفسية بمعنى أنها فرصة للنظر الداخلي ، ولمناقشة العقد النفسية المكبوتـة فالصالة جل ن للعقل سبع طبقات ، إوفي التعريف العرفاني ، السلوكي ، العلمي ، ف . .في طبقات العقل الباطن

أولها النفس األمـارة ، ثـم الـنفس : وقد ورد ذكرها جميعها في القرآن . .تعرف بالنفوس السبع ثم النفس الملهمة ، ثم النفس المطمئنة ، ثم النفس الراضية ، ثم النفس المرضـية ، ثـم اللوامة ،

هي درجات في مراتب اإلدراك التي بها يطلع العقل على ماوهذه النفوس السبع إن . .النفس الكاملة و ..الحقائق ، ويعرج في سمواتها ، وذلك بفضل اهللا ثم بفضل العبادة المجودة ، وأعالها الصالة

وسبح بحمد ربك قبل طلـوع ! !صبر على ما يقولون أف((: الصالة قال ، جل من قائل عن ماإن في هذه اآلية عنى بـ ))الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى

لعلـك : (( ثـم قـال ..وقد أورد فيها األوقات الخمسة في اليـوم والليلـة . .))صل)) ((سبح(( هذا الرضـا .. هو بربوبية الرب ، وهو التسليم له ، وزيادة ماوالرضا المقصود هنا إن . .))ضىتر

هو تعبير آخر عن التواؤم مع البيئة ، والمالءمة واالتساق ، وهذا ما به نحصل على الطمأنينـة ، .. فالصالة جلسة نفسية بهذا المعنى..وبرد الراحة ، والتخلص من الخوف

االستغفاربين االعتراف و

ستغفار ، التـي تتفـق ، جلسة اإل ))الصالة جلسة نفسية ((ومما يزيد في توضيح قولنا أن عنـد ))عتـراف اإل((عند المسلمين ، هناك )) ستغفاراإل(( وقبل ..اد ، المجودين ، باألسحار للعّب

لقرن الثامن هذا بدأ في المسيحية بعد حياة المسيح ، في حوالي ا ))عترافاإل(( ومبدأ ..المسيحيينما ربطتم في األرض ، ربـط : الحق أقول لكم (( وهو يستمد من قول المسيح لتالميذه ..الميالدي

خذوا ((: ثم إن المسيح قد قال لهم أيضاً ..)) وما حللتم في األرض ، حل في السماء ..في السماء ..))سك عليه ومن أمسكتم عليه الغفران يم..من غفرتم له خطاياه تغفر له: الروح القدس

ومن الفروض الدينية على كـل ..عتراف أمام كاهن مهم جداً والمسيحيون يعتبرون أن اإل الخطيئـة : وهم يقسمون الخطايا الى نـوعين ..مسيحي أن يعترف ، على األقل ، مرة في السنة

بـدون وهذه يمكن مغفرتهـا )) العرضية(( والخطيئة .، وهذه ال تغفر إال باالعتراف )) المميتة(( ..عتراف إ

عتراف هي تفريغ البال من الهموم التي تغم القلب ، حتى تحصل الراحة والحكمة وراء اإل إن : ( يقولون ))عترافاإل(( مثالً هم في ..لى ذلك بعدة صلوات إهم ليتوسلون نإ و ..بنقاء الضمير

واء ألمراضـنا فهو قوة لضـعفنا ، ود ..))وضع لنا سر التوبة للخالص ((: مخلصنا بجنان سام النفسية الكثيرة ، بل هو نور يجعلنا نعرف تجارب العالم ، وغش الشيطان ، وشـهوات الـنفس ،

لى هذا السر إ إننا بالتقرب المتواتر ..ستعداد كامل إولذا يلزمنا أن نتقدم إليه كثيراً ، بإيمان حي ، و عد عنه ، ونؤخره ، نتأخر فـي وبمقدار ما نبت ..نتقدم في الكمال المسيحي ، ونحفظ طهارة نفوسنا

..)الفضيلة ، ونضيع هدوء الروح

أيها الروح القدس ((: عتراف يتوجهون بصالة قصيرة ، كأن يقول أحدهم وهم ، قبل اإلعترافي األخير ، فأندم عليها ، ندامة صادقة ، إرتكبتها بعد إنور عقلي ألعرف الخطايا التي !! وبعد هذه الصالة القصيرة يأخذ ..))عترافاهن في كرسي اإلعترافا تاما ، للكإعترف بها ، أو

٣٠

Page 31: تعلّموا كيف تُصلّون

..قترفه من ذنوب ، وخطاياإستحضار ما قد إالمعترف في فحص ضميره ، محاوال ، بذاكرته ، عترافه السابق ؟؟ إ وهل هو أخفى خطيئة مميتة في .. ، أو مساًءكإهماله في الصالة ، صباحاً

، أو زوجة ، فهل قام بواجباته نحو كان زوجاًو إذا؟؟ هل قام بواجبات الوالدين ؟ : وأيضاًاألسرة ، واألبناء ؟؟ وأيضاً هل قصر في حب أحد ؟؟ وهل وشى بأحد ، أو شتمه ؟؟ وهل سرق

ثم هو ، بعد أن يستحضر طائفة .. الخ الذنوب ، والخطايا.؟؟ لعب ميسراً ؟؟ شرب خمراً ؟؟لهي إني نادم على جميع إيا ((: أخرى ، كأن يقول كبيرة من هذه الخطايا يتوجه بصالة قصيرة

لى إ ، أال أعود ثابتاًخطاياي التي بها أهنتك ، أنت ، المستحق كل محبة ، وأقصد ، قصداًأن : عتراف إل وطريقة ا..)) فساعدني على الثبات ، وال تسمح أن أبتعد عنك بالخطيئة..رتكابهاإ

باركني يا أبت ألني خاطئ ، أو ((: ، ويقول عتراف ، ويركعيتقدم التائب من كرسي اإلنفتاح ، وسيكون في وضع مريح ، يوحي بالطمأنينة ، والسرية ، ويغري باإل..))..خاطئة

ه بعضهما بويكون النور الذي يريان . . وقد يفصل بين الكاهن والتائب شباك صغير..والصراحة . .ويعدد خطاياه. .ه التي ورطته في الخطيئة خافتاً ، ومطمئناً ، ويأخذ التائب في سرد ظروفنوراً

ويجيب على أسئلة الكاهن ، حين يسأله ، في . .ويكون مستعداً للصراحة ، والوضوح ، والصدق: وسيجيبه الكاهن .. ويطلب المغفرة..رتكبإ ويظهر الندم على كل ما …وضوح وفي صدق

عمال الخير ، أو بعض الصلوات بعض أ وهي عادةً.. وسيعطيه كفارة..))مغفورة لك خطاياك((عتراف ، عند المسيحيين ، يعتبر نائباً والكاهن ، في اإل..، أو بعض القراءات من الكتاب المقدس

يضاً أحلك أليحلك ربنا ، يسوع المسيح ، وأنا ((: فهو يقول ، مثالً ، للمعترف ..عن المسيح والكاهن ..))ضمن السلطة المخولة لي(( : ، أو يقول ، في أثناء وعده التائب الغفران ))بسلطانه

ملزم بأن يحتفظ بأسرار المعترفين ، وذلك ، بالطبع ، مما يطمئن المعترف ، ويشجعه على فتح ، و )) المسيحية(( في ))فاإلعترا(( هو هذا ..مكنونات صدره ، وتنقية ضميره ، وراحة باله

تطوير ، و ترق، على مبدأ )) ستغفارفاإل (..اإلستغفار)) اإلسالم((ندنا نحن في يعادله ع ، بحيث يكون صنواً ، و عدالً ، رقدالل ، و جال و هو ، عندنا ، من عظم الشأن ..)اإلعتراف((: نبي بالرفيق األعلى ، كانوا يقولونلا و قد كان األصحاب يقولون ، بعد أن إلتحق ..ي الكريمللنب

: يشيرون بذلك إلى قول اهللا تعالى " ..ي اآلخركان لنا أمانان من العذاب، فذهب أحدهما ، و بق") اإلسالم( و في .." و مان اهللا معذبهم ، و هم يستغفرون ..و ما كان اهللا ليعذبهم ، و أنت فيهم" و في حديث للمعصوم قال، و هو ينهى عن ..و ال حتى للنبي!! ممنوع ، ال ) اإلعتراف( و هذه .. ).. اهللا عليه ، فال يكشف ستر اهللا عنهإذا إقترف أحدكم ذنباً ، فستره) : اإلعتراف(

، في حط ) اإلستغفار( و يقوم ..كرامة لضمير اإلنسان ، و لحرمته ، و لحريته ، ال تدانيها كرامة ذلك بأن..بآماد بعيدة) إلعترافا(الهموم ، و الغموم ، و األوزار ، عن الصدر بقدر يقصر عنه

و لكنه ، ..نفسه ، كل اإلطمئنان ، لبشر مثله ، فيودعه أسرارهاإلنسان الذكي ال يمكن أن تطمئن الصدق ، ألنه به ـ ال يمكن إال أن يكون صادقاً ، كل رلربه ـ حين يستغفر ) يعترف(حين

و ألنه يعلم أنه ال ..بينه و بين ربه ـ بينه و بين نفسه) اإلعتراف( يجري ، إذمطمئن على سره خائنة األعين ، و ما تخفي لميع: " و هو ، سبحانه و تعالى ..يستطيع أن يكتم اهللا حديثاً

توكيد الخطيئة للنفس حتى تنساق إلى وإنما ه) اإلعتراف( و في الحق فإن المراد من .."الصدورالندم ، و حتى تستغفر بجمعيتها ، و بكليتها ـ تستغفر بلسان حالها ، و مقالهاـ فتتم بذلك

زم على عدم عع الفوري عن الذنب ، و الندم على ما فات منه ، و الاإلقال: أركانه ) اإلستغفار( و .. الحديث فإنه هو أصدق..لمكان الصدق منهالنفوس ) اإلستغفار( و إنما يريح ..العودة فيه

مجرد أقوال تجري على اللسان ، و ) اإلستغفار ( و ليس ..الصدق دائماً يريح ،و يحرر النفوسإستعراضك لشريط أعمال اليوم ) اإلستغفار(ى المسبحة ، و إنما أعداد من المرار تحصى عل

٣١

Page 32: تعلّموا كيف تُصلّون

السابق، تستعرضها ،و تقيمها، و تحدد مبلغ الخطأ فيها ، بصورة تفعم النفس بالندم عليها ، حتى ، بهذه ) اإلستغفار (.. الغفارتندفع ، في جمعية ، و إمتثال، و إنكسار ، تطلب المغفرة من اهللا

سحر ، بعد صالة الثلث، و في هدوء الليل، و في جلسة خشوع ، و سكينة الصورة ، يجري في ال، ووقار ، تجلس فيها جلسة الصالة ، غير متربع ، و ال ماد رجلك ، و إنما تجلس و أنت

ل ظالمها بصورة قه الهيئة ، يحط عن النفس ثبهذ) اإلستغفار(ك بين يدي اهللا ـ حضرتعرتستشحسياً ـ و تكفي منه المرات القالئل لتحقيق الغرض ود شعوراً حسية ، يشعر بها العابد المج

ي تجريه العادة علىاللسان ، و تعدد مراته على المسبحة ، كما و لكن اإلستغفار الذ..مرجو منهالفكر، ) اإلستغفار( إن ..هو مألوف عادة الناس اآلن ، ليس فيه غناء، ولو عدد آالف المرات

نفس إلىعتبة لصورة تملك القدرة على سوق اب الماضي ، يسترجع ، و يحاسب، علىأخطاءلك فهو إستغفار ذ أما غير ..، و هي منكسرة ، خاضعة ، تستشعر جرم خطيئتها) اإلعتراف(

، ) اإلعتراف(ه الجلسة التي يجري فيها و قيمة هذ..قالت رابعة العدوية، كما ) إلستغفار(يحتاج الداخلي ،و علىمناقشة )الخواطر(تشويش ) تنغيم(لى ، هي أنها تعين ع) اإلستغفار(عن طريق

لكبت عنها ، صدر ، كمحاولة لتنويرها ، و إلقناعها ، ولتفريج التجري في ا التي) الثرثرة(رة المرض ناس اآلن في صولاظهر علىي يصنيع، من التوتر ، و من القلق الذا الفتتخلص ، بهذ

إيمان أكيد بأن اهللا ال فراهللا تعالي بجمعية ، ا التخلص ، عندما تستغ يعينك على هذ..العصبيين أسرفوا على أنفسهم ال تقنطوا قل يا عبادي الذ: "لى ، يقول او تعنب، فهو ، تبارك يتعاظمه ذ

ه أشمل آية في رجاء هذ.. )..نه هو الغفور الرحيم إ..نوب جميعاًلذامن رحمة اهللا ، إن اهللا يغفر ري عليه قيد، و هي، من ثم ، مسيطرة على آية ي ال يجق الذو هي تستمد من اإلطال ..المغفرة

يغفر أن إن اهللا ال : "أخرى ، باب المغفرة فيها أيضاً واسع، و تلك هي قوله ، تبارك و تعالى جلسة " عظيماً و من يشرك باهللا فقد إفترى إثماً ..لك لمن يشاءيشرك به، و يغفر ما دون ذ

و ..نوب ، إال و قد وضعته تغادر صغيرة ، و ال كبيرة من الذا اإليمان، ال، مع هذ) اإلستغفار(إن الصالة جلسة (ا هو ما عنيناه بقولنا هذ..لمجود ، كأنما نشط من عقالينهض المستغفر ا

..)نفسية

٣٢

Page 33: تعلّموا كيف تُصلّون

البــاب الثــاني

باب األول ، لا، و قد حاولنا في ) وا كيف تصلونتعلم: (ا هو الباب الثاني من كتاب هذ ..يفتها ، أن نبين كيفيتها ، لكي تؤدي وظا الباب و نحن نحاول ، في هذ..ة الصالةن وظيفأن نبي

ا الباب ، من تكرار عبارة شديدة األهمية ، و هي أن الصالة أهم عملو ال بد ، في مستهل هذهي ) ليةالعم( العابدات ، فإن أهم" ال إله إال اهللا: "هي ) اللفظية(ا كانت أهم العبادات فإذ..العبد

و من ههنا جاء القرن ..متالزمتان ال ينفكان عن بعضهما) الصالة(و " ال إله إال اهللا"و . .الصالةاسة الصالة ، فإنها و لنف.." يرفعه و العمل الصالح..كلم الطيبالإليه يصعد : "بينهما في القرآن

ي به تتم ذتقيم لهم فراغ البال اليس و ما زهد الزاهدون في الدنيا إال ل..لم تتم ، و هي لن تتم ألحدوأمر أهلك بالصالة ، " قال تعالى ..دنيا ، و اآلخرةلا قد جعل اهللا الصالة وسيلة خيري و..الصالة

هنا ) وىالتق(و " .. و العاقبة للتقوى.. نخن نرزقك.. ال نسألك رزقاً..و أصطبر عليها الصالة في إجتالب خيري الدنيا ،و اآلخرة ه المكانة السامية التي تحتلها و من أجل هذ..)الصالة(

النساء ،و : من دنياكم ثالثيحبب إل: " و كان يقول ..، كان النبي يفزع إليها، كلما حزبه أمرتعني رضا نفسه، و راحة باله ، و ) وقرة عينه (.. "..صالةلارة عيني في وجعلت ق..الطيب

و .. ، وظف العارفون كل حياتهم في سبيلها و لعزة الصالة، و لصعوبة تمامها..إطمئنان قلبهو ، اته ذلك بأن الزهد ليس بغاية في ذ..كما قلنا ، فإنهم إنما من أجلها زهدوا في طيبات الدينا

مصلي لاير حاجات الحياة ، مما يوزع قلب من الجوالن في كثرة تدبإنما هو وسيلة لفراغ البال ، و إنما من ..هاصالة إنما يكون قبل الدخول فيل اي فعن صالته ، ثم إنهم قد علموا أن الحضور

..ه الحقيقة شرعت الطهارة الحسية بالماء، أو بالصعيد قبلها ، و جعلت طرفاً فيهاأجل هذ

صل فإنك اآلن ال تصلي

الصالة في صدرك فأقبل ما عظم أمر) الكتاب(ا من هذ) الباب األول(فإذا علمت من ا حديث يساق لكل مسلم ، هذ..ضىلم أنك لم تكن تصلي ، فيما م و أع..علىصالتك بروح جديدة

صل فإنك لم تكن تصلي ـ و :" و التدين ـ ي يومنا الحاضر ، مهما كان حظه من المجاهدة ،فاإلقالع الفوري : و للتوبة النصوح ثالثة أركان.."التوبة النصوح: "أول ما تبدأ به عهدك الجديد

ندم على ما مضى من التقصير ، و اإلصرار على عدم العودة إلىتقصير نب ، والعن الذ و لتوكيد تخليفك الماضي وراء ظهرك ، إغتسل غسل الجنابة ، كأنك ..الماضي، مهما يكن األمر

..، و الحضور معه ، و اإلستتار) إسم اهللا(كر أهما ذ: و للغسل آداب ..م لتوكقد دخلت اإلسال ن و لتكو.)إسم اهللا(كر نسترها عن الجن بذنا عن الناس بالمالبس ، إنما فإننا ، حين نستر عورت

سن أن تردد كلمات ، علماها حاضراً ، و قد تعريت عن مالبسك ، في مكان مستور ، يستح فإنه .. ، يافاعاً يزل ، يومئذو هو لملقاسم الجنيد ، ، إبي اه ذ أخته ، و تلميبنإل سرى السقطيال

اهللا ..لى اهللا ناظٌر إ..اهللا معي: تبدل مالبسك ، أو حين تخلعها للحمام قل حين: "قد قال له إنه ما إنتفع بشئ : كر أبو القاسم الجنيد ، فيما بعد ، و هو زعيم الطائفة الصوفيةولقد ذ " ..اهدش

ثم أبدأ بغسل يديك ـ أعني .. فرددها أنت ، حين تخلع مالبسك للغسل..ه الكلماتما إنتفع بهذ أغسلهما ..فيهما الماء لك بإصغاء اإلناء حتىينصبن تدخلهما في اإلناء ،و ذيك ـ من غير أكف

٣٣

Page 34: تعلّموا كيف تُصلّون

ثم توضأ . .غسله بشمالك جيداًأفي االناء ، وصب الماء على فرجك ، و ثالثاً ، ثم أدخل يمينكخذ الماء وأدخل أصابعك في أصول الشعر ، . .وضوءك للصالة ، غير أنك ال تصل إلى رجليك

بتل ، أفض على رأسك إحتى إذا رأيت أن الجلد ، تحت الشعر ، قد . .ك ، وفي لحيتكفي رأس. .ثم أفض الماء على سائر جسدك ، مع الدلك السريع ، مبتدئاً بالميامن. .ثالث حفنات من الماء

سراف ومن آداب الغسل عدم اإل. .الوضوءثم أغسل رجليك ، مع تخليل األصابع ، كما تفعل في ومن آدابه ، التي يجب أن تراعى دائماً ، أنك ال تشرع فيه إال بعد أن تكون قد ذهبت ..في الماءغتسلت هذه الغسلة ، بنية تصحيح التوبة ، حتى إذا ما إف. . الخالء لتستبرئ من الفضالتإلى بيت

ال ثم . .سالم يجب ما قبلهقبل على اهللا بثقة من يعلم أن اإلسالم من جديد ، فألكأنك قد دخلت اإل . .تعد إلى التقصير أبداً

الوضوء

نما من أجل الحضور في الصالة فرض الوضوء مقدمة لها ، وهو طرف منها ، تجـب إوسـتبراء مـن ، أولها الذهاب لبيت الخـالء لإل بوللوضوء آدا . .له من الحرمة ما يجب للصالة

على نية النيابـة عـن ن لم يتيسر بالمسواك فباألصبع ، إالفضالت ، ثم السواك ، حيث أمكن ، ف سم اهللا ، والحضور في الوضوء ، في كـل حركاتـه ، وذلـك بتنقـل النيـة ، إالسواك ، وذكر

فال تنو الوضوء عند غسل الوجه ، مثالً ، ثم تذهب في غفلة ، . .وبتجديدها ، عند جميع األعضاء م طـرف مـن ن الوضوء السـلي إف. .أو في جوالن بال ، أو في ثرثرة مع من يجالسك من الناس

ن حكمة مشروعيته تقوم على تطهير أوفي الحق ، . .الصالة ، كما قلنا ، فال تصح الثرثرة أثناءه ))الحسـي (( ، بالمـاء ))الحسية((فأنت ، حين تطهر األعضاء من النجاسة . .الظاهر ، والباطن

نه إف. .))العلم( (- ))المعنوي(( بالماء ))المعنوية(( من النجاسة - القلب -يجب أن تطهر الباطن أنزل من السماء ((: وفي قوله تعالى . .))لباطنل(( ))العلم(( يقابله ))لظاهرل(( ))الماء((عندهم أن

بتغاء حلية إ ، ومما يوقدون عليه في النار ، حتمل السيل زبداً رابياً أ ، فسالت أودية بقدرها ، ف ماًءوأما ما ينفـع . .فأما الزبد فيذهب جفاء . .كذلك يضرب اهللا الحق والباطل . .أو متاع ، زبد مثله ،

الماء القرآن ، األوديـة : بن عباس إ قال ))كذلك يضرب اهللا األمثال . .الناس فيمكث في األرض .القلوب

ديم رجلك اليسرى ، وأنت داخل ، بدأ بتقأ ، ))لألدبخانة((بريقك لتذهب إعندما تأخذ جلس ، غير مستقبل القبلة ، وال ألسانك ، ثم سم اهللا في قلبك ، من غير أن تلفظه بإستحضر أو

ثم ، وأنت تستبرئ، فكر جيداً في هذه . .ومن الخير أن تكون القبلة عن يمينك. .مستدبرها في كسبك ن تذكرت حراماًإالفضالت التي تفرزها ، هل كانت من أكل حالل ، وشرب حالل ؟؟ ف

، فهل أسرفت في ا كان كسبك حالالًذإف. .ستغفر ، وحاول أن تصحح من كسبكأندم عليه ، وأفتبرأت ، وتطهرت ، ففكر في عظيم النعمة إسذا أنت فرغت ، وإعتدلت ؟؟ ثم إتناوله ؟؟ أم هل

ثم . .ثم ، عند الخروج ، قدم رجلك اليمنى. .عليك في هذا التخلص من األذى ، وكن شاكراً هللا كما تفعل في الصالة ، وأن تكون ذا أخذت مجلسك للوضوء ، فيجب أن تستقبل القبلة ،إأنت ،

ذا كان إو. . فضعه عن شمالك مقفوالًناًءإناء الذي تتوضأ منه ذا كان اإلإف. .مستور العورة كذلكوال تدخل يدك فيه ، ولكن أصغه حتى تصب الماء على . . فضعه عن شمالك ، أوالً مفتوحاًاًءإن

صابع ، ، وفواصل األنامل ، وما بين األ ، تخلل خطوط راحتيك غسل كفيك ثالثاًأف. .يدك اليمنى

٣٤

Page 35: تعلّموا كيف تُصلّون

وفي الغسلة الثانية للكفين ، ومن أجل ضمان تخليل ما تحت األظافر ، . .وظاهر األظافر ، وتحتهاضرب برؤوسها المجتمعة على الماء المتجمع في راحة كفك اليسرى أبع يدك اليمنى ، وام أصُض

فعل بأصابع يدك اليسرى على راحة يدك أو. .ر، مرة ، أو مرتين ، لكيما يتخلل الماء تحت األظافلى جهة اليمين ، إناء المفتوح ثم حول اإل. .غسل الكفين الغسلة الثالثةأثم . .اليمنى مثل ذلك

وأعلم أن األبواب التي يدخل منها الظالم ، أو النور ، على . .لتدخل فيه يدك ، وتواصل وضوئكحن حاسبنا أنفسنا على ما نجترح بحواسنا ، وجوارحنا ن نإف. .نما هي الحواس ، والجوارحإالقلب

. .سترسلنا بغير حساب ، وال رقابة ، دخل على القلب الظالمإن نحن إو. .، دخل على القلب النوروالمراقبة تعني حضور الفكر ، . .))المحاسبة(( ، و ))المراقبة((وعلمنا ، في هذا الباب ، يقع بين والمحاسبة تعني تذكر الخطأ بعد وقوعه ، وجبره . . قبل وقوعهساعة العمل ، حتى ندفع الخطأ

وبذلك . .))المراقبة((يتم جبر ما أفلت عن )) بالمحاسبة: ((وهم يقولون . .ستغفار ، والتوبةباإلوقد بينا كيف أن . .ستدراك ما فات على المراقبة إل))محاسبة((نما هي جلسة إن جلسة الوضوء إف

فاذا أنت جلست ، وغسلت يديك ، . .))بيت الخالء((اء من الفضالت في ستبرالمحاسبة تبدأ باإل بين -ماذا فعلت ، بهذين الكفين ، بين الصالتين : سترجع ، في فكرك أبالكيفية ، التي وصفنا ، ف

صالتك الماضية ، والصالة التي تتهيأ لها اآلن ؟؟ هل آذيت بهما أحداً ؟؟ أم هل قبضت بهما ماالً ن تذكرت إل قبضتهما عن فعل معروف ؟؟ أم هل فعلت بهما فعالً ال يحل لك ؟؟ فحراماً ؟؟ وه

ثم هكذا . .لى الخيرإذ وفقك إشكر اهللا ، أن تذكرت خيراً فإستغفر ، وأندم ، وتب ، وأشراً ، فن كان قد تيسر لك إف. .صبعكأفبعد كفيك مضمض فمك ثالثاً ، تستاك ب. .فتنقل في سائر وضوئك

ستياك إلصبعك أن يسد مسد اأستياكك بإنو بأال فإستياك بالمسواك فذاك ، و، اإل، في البداية هل قلت به باطالً ؟؟ هل آذيت به . .وفي أثناء المضمضة حاسب نفسك على لسانك. .بالمسواك

أحداً ؟؟ هل قبضته عن قولة الحق ؟؟ وعن الذكر ؟؟ وعن القرآن ؟؟ وأسنانك هل أكلت بها لحوم أكلت بها حراماً ؟؟ فإن كان أكلك حالالً فهل أسرفت فيه ؟؟ فإن أنت تذكرت ، من الغافلين ؟؟ هل

ستنشق الماء إثم . .ذكرت خيراً فكن هللا من الشاكرينتن إو. .ستغفرأكل أولئك ، شراً فتب ، وستنثر في كل مرة ، وحاسب في أثناء ذلك ، ما ذا أو. .ثالثاً ، بحفنة واحدة ، أو بثالث حفنات

هل رفعته على الناس ، في غطرسة ؟؟ هل شممت به ما ال يحل لك ؟؟ هل دسسته . .فكفعلت بأنلى المرفقين ، ثالث إثم يديك . .فيما ال يعنيك من شئون الناس ؟؟ ثم أغسل وجهك ثالث مرات

لى أسفل ، وعرض إوفي المرة الثانية أقم ذراعك األيمن رأسياً ، حتى يخر الماء منه . .مراتضرب مرفقك أ ذراعك األيمن ، ونليسرى ، حتى تجمع فيه الماء الذي يخر عتحته كف يدك ا

. .ثم أغسل ذراعك الغسلة الثالثة. .فق قد شمله ، وتخلله الماءرعليه ثالثاً ، لكيما يكون عقب المفعل بذراعك األيسر ، وأنت تحاسب نفسك ، في كل ذلك ، وعلى كل عضو من هذه أثم هكذا فثم أمسح . .أسك ، بماء مجدد ، مرة واحدة ، بكفيك ، تقبل بهما ، وتدبرثم أمسح ر. .األعضاء

جترحته إأذنيك ، بماء مجدد ، ظاهرهما ، وباطنهما ، وحاسب في أثناء ذلك ، نفسك على ما وكن هللا من الشاكرين ، إن تذكرت . .ن تذكرت شراًإستغفر ، أفتب ، و. .برأسك ، وبأذنيك

، وخلل األصابع ، وخلل خطوط راحة القدم ، غسل اليمنى ثالثاًأ، فذهب إلى قدميك أثم . .خيراًفعل مثل ذلك برجلك اليسرى ، وأنت أو. .حرص على غسل العقبين جيداًأو. .وخلل األظافر

هل مشيت بهما نحو حرام ؟ ؟ هل جترحت برجليك ؟؟ إماذا . .تحاسب نفسك ، في أثناء ذلك. .ستغفرأ فتب ، ون تذكرت شراًإف بهما أحداً ؟ ؟ قبضهما عن السعي في الخير ؟ ؟ هل آذيت

جاسةذا فرغت من هذا الوضوء فإن جسدك قد تطهر من النإف.. فكن شاكراً هللاًن تذكرت خيرإوويرجى لك ، بهذه . .ستغفار ، فتبرأ من الغفلةالحسية ، وقلبك قد الن بنار الندم ، وتنور بنور اإل

٣٥

Page 36: تعلّموا كيف تُصلّون

نما يكون الحضور في إ: ((هذا من معاني قولهم . . تحضر فيهاالهيئة ، إذا دخلت في الصالة ، أن . .))الصالة قبل الدخول فيها

. .والواقع غير ذلك . . طويالً ولقد يظهر لك أن هذه الصورة من الوضوء ، تستغرق زمناً ستعراضك لشريط أعمالك ، عند غسـلك إو. .فإن الوضوء ، ال بد فيه من المواصلة ، ومن الدلك

. .بطاء ، وال التراخي الطويل ، في مواصلة حركات الوضـوء مختلفة ، ال يقتضي اإل ألعضائك ال ، يستغرقك النـدم عليهـا طـوال فتـرة رتكبتها بيدك ، مثالً إنك قد تنشغل بخطيئة واحدة ، إثم

الوضوء ، وذلك لجسامة الخطأ الذي قد يطالعك منها ، ثم ال يكـون بعملـك هـذا بـأس ، وال ستحضـار إتفق لك هذا ب إفإذا ما . .نما هو تليين القلب بنار الندم على الخطيئة إ المهم إن. .تقصير

من توضـأ ، ((: عن مثل هذا الوضوء جاء حديث المعصوم . .خطيئة واحدة فإن المقصود قد تم وال بد من تقليل . ..)).فأحسن الوضوء ، خرجت خطاياه من جسده ، حتى تخرج من تحت أظافره

لك الماء الشكر على النعمة ، فإن الماء ، كما بينا ، هو المظهر الحسي للعلم ، وتنوي بتقلي . .الماءسـتطعت أن إفإذا أنـت . .وليس لتقليل الماء من حد . .وهو أكبر النعم الحسية ، بعد نعمة الحياة

فـإن هـذا . .حذر أن تتوضأ من الماسورة ، كما يفعل الناس اآلن أو. .فعل راشداً أتتمسح بالماء ف وال . .وال تتوضـأ فـي الحمـام . .ع ، يذهب ببركة الوضوء ، ومن ثم ، ببركة الصالة خطأ شني

فإنه ، كمـا قلنـا ، فـإن . .وال تتوضأ في مكان غير طاهر . .تتوضأ وأنت غير مستور العورة . .الوضوء طرف من الصالة ، وأنه يجب له ، ما يجب لها من الحرمة ، والرعاية

فـال . .سـتعماله إستضرارك ب الماء ، أو إل كلعدم وجود هذا ، وقد يكون فرضك التيمم ، ستمتع بالرخصة التي رخص بها اهللا لك ، أو. .وال تشدد على نفسك ، وال تضيق . .تتردد في ذلك

نمـا هـي إوليست العبادة ، قوة ، و . . وأعلم أن نفسك ال تستغني عن الرفق … ثم كن هللا شاكراً يحـب أن ((: تبارك وتعالى ،واهللا. .اجة إلى الرفق ستغناء ، بل أظهر الح فال تظهر اإل . .ضعفن أنت قدرت على الماء فال تنصرف عنه إلـى إف. .))ى رخصه ، كما يحب أن تؤتى عزائمه تؤت

سواء أكانـت نجاسـتك ستعمال الصعيد ، إن أنت عجزت عن الماء ، فال تتردد في إو. .الصعيدوإنما جعلت الطهـارة الكبـرى ، . .نينستمر بك هذا الحال عدة س إكبرى أم صغرى ، حتى ولو

أن السموات ، : أو لم ير الذين كفروا : ((قال تعالى . .والصغرى ، بالماء ألنه أصل الحياة األول ثم إذا تعذر )) ففتقناهما ، وجعلنا من الماء كل شيء حي ؟؟ أفال يؤمنون ؟؟ واألرض ، كانتا رتقاً

. .ومن آياته أن خلقكم من تراب ((: قال تعالى . .لثانيالماء حل محله التراب ، ألنه أصل الحياة ا نا قد أمرنا ، من أجل الطهارة الحسية ، أن نرجع إلـى أصـل إف. ..)).ثم إذا أنتم بشر تنتشرون

وفي ذلك إشارة إلى وجوب الرجوع ، من أجل الطهارة المعنوية إلى . .الحياة الحسية ، وهو الماء وهذا هو الذي أوجـب أن . . وإنما يكون الرجوع إلى اهللا بالعلم ..صل الحياة الحقيقي ، وهو اهللا أ

ولقـد . . إلى جنب مع طهارتنا الحسية بالمـاء تسير طهارتنا المعنوية ، الداخلية ، بالعلم ، جنباً . .نما يكون على الصعيد الطيب ، وهو التـراب الطـاهر إوالتيمم . .فليلتزم. .فصلنا ذلك تفصيالً

ال ))خضـراء ((فيصح التيمم ، مثال ، على طوبة . .عي ، غير المصنوع ويلحق به الحجر الطبي ويصح على حجر طبيعي ، ال على حجر مصـنوع مـن األسـمنت ، . .))محروقة((على طوبة

ضربة للوجه ، وضـربة لليـدين إلـى :هو ضربتان بالكفين . .والتيمم في غاية البساطة . .مثالوبالصعيد يصح اإلستبراء مـن . .ا يجب في الوضوء ويجب في التيمم من الحضور م . .المرفقين

. .البول والغائط أيضا

٣٦

Page 37: تعلّموا كيف تُصلّون

وكذلك بالتيمم الواحد ، . .ويمكنك أن تصلي ، بالوضوء الواحد ، الوقتين ، والثالثة أوقات ومن باب أولى ، أن تجـدد . .ولكن يستحسن ، وإلى درجة كبيرة ، أن تجدد الوضوء لكل صالة

نك ستجد بركة إف. .فعلأ على وضوء ف ستطعت أن تكون دائماً إوإذا . .هالتيمم ، وذلك لمكان سهولت ستطعت أن تصلي ركعتين ، عقب كل وضوء ، فذلك الخير الـذي ال إن إو. .ذلك ، على التحقيق

وعجزت عن أن : ن كان فرضك الماء إو. . ، وإال ففي مجرد الوضوء خير كثير يحصيه محصٍ نه يعطيك الطهارة التي تحفظك ، سائر يومك ، إعيد ، ف ضرب الص أتكون على وضوء به دائما ، ف

بيد أنك ال تصلي بهذا التيمم ، ما دام فرضك الماء ، . . ، في حركاتك وسكناتك وتكون لك سالحاً . .ال الصعيد

وهذا أمر كثيـراً . .لبول ، أو الغائط ، أو الريح اتغالب )) حاقن((حذر أن تصلي وأنت أولكسل عن تجديد الوضوء ، وهو عمل يدل على عـدم تقـدير الصـالة ما يقع من الناس ، بفعل ا

هذا أمر في غاية الخطورة ويجـب . .ومن ال يعظم أمر الصالة ال يجد من بركتها شيئا . .عندهم . .التفطن له

الة ــالص

ذا فرغت من الوضوء ، بالكيفية التي ذكرنا ، فال تجعل بين فراغك منه ، وشروعك في إف ، وما يكن بينك ، بعد فراغك من الوضوء ، وبين الصالة ، من وقـتٍ . . طويالً الصالة ، وقتاً

ولكن كن . .فال تمأله بالغفلة ، والثرثرة ، التي توزعك بعد أن حصلت على جمعيتك بعد الوضوء واألدب في العبادة كالروح فـي . .ولكل هيئة أدب . .أن لكل عبادة هيئة : علم أو. .في ذكر، وفكر

في )) بأدبه(( ويصل ))الجنة(( إلى ))بعبادته((ن العبد ليصل إ: لقد قال بعض العارفين و. .الجسدوسـنذكر . .ن آدابها ال تكاد تحصى إما كانت الصالة عزيزة ونفيسة ، ف ول. .))اهللا((عبادته ، إلى

: منها ههنا نزراً

أوقاتها

، وال نها تصبح نفـالً إه ف ذا ما وقعت قبل إف. .معلوم أن الصالة ال تصح إال إذا دخل وقتها حتفاء بمقدمـه ، ومن األدب مع الوقت مراعاته ، والشعور بحضرته ، واإل . .تغني غناء الفرض

ستعداد لها بالطهارة قبل مقدم الوقـت ، وهذا يقتضي اإل . .ومن األدب مع الصالة أداؤها في أوله الصالة بالساعة ، ولكن قسها وال تقس أوقات . .حتى إذا ما دخل أول الوقت لم يشغلك عنها شاغل

وبتجويدك هـذا . .نك بذلك تلتزم الظاهر الذي تنبني عليه الشريعة إف. .بمواقع األرض من الشمس نك تحـرز ، إثم . . إلى حقيقتك –لتزام يرجى لك أن تصل بظاهر شريعتك إلى باطن شريعتك اإل

ركات الفكر ، والذكر ، ببركة إلى ذلك تقليب وجهك في السماء ، في الليل ، وفي النهار ، فتجد ب ظروا ماذا في السموات واألرض ؟؟ ومـا تغنـي اآليـات ، أنقل : ( طاعة األمر ، لقوله تعالى

ن فـي خلـق السـموات ، واألرض ، إ((: ولقوله تعـالى . .))والنذر ، عن قوم ال يؤمنون ؟؟ وعلـى ، وقعـوداً قيامـاً الذين يذكرون اهللا * ألولي األلباب ختالف الليل ، والنهار ، آلياتٍ إو

٣٧

Page 38: تعلّموا كيف تُصلّون

، سـبحانك ، فقنـا ربنا ما خلقت هذا باطالً . .جنوبهم ، ويتفكرون في خلق السموات ، واألرض ..)).. الناربعذا

. .فإنه يدخل بزوال الشمس عن كبد السماء وينتهي بغروب الشـمس . .ولنبدأ بوقت الظهر فوقتـه . .ينتهي بغروب الشـمس و. .فهو يبدأ منذ أن يصير ظل كل شيء مثله . .ثم وقت العصر

ن وقته يـدخل إف. .ثم المغرب . .فهما ، في الوقت ، مشتركان . .يسير مع وقت الظهر إلى نهايته ن وقته يدخل بمغيب الشـفق إثم العشاء ف . .بغروب الشمس ، وال ينتهي إال بدخول وقت الصبح

غرب إلى نهايته ، فهما في الم وقت األحمر ، وال ينتهي إال بدخول وقت الصبح ، فوقته يسير مع ن وقت المغرب هـو أطـول إ هنا ، على خالف األمر الشائع ، ويالحظ. .الوقت مشتركان أيضاً

ن وقته يدخل بطلوع الفجر الصـادق ، وينتهـي بشـروق إف. .ثم نجيء لوقت الصبح . .األوقات علـى شـرط أن ستيقظ ، إنه يصلي ، أداء ، ال قضاء متى إالشمس ، إال من غلب عليه النوم ، ف

وكل صالة ، أدبها ، وبركتها ، فـي أن تصـلى ألول . .ستيقاظهإيأخذ في التأهب للصالة بمجرد واألدب معها ، على كل حال . .ن خيرها في تأخيرها ، على أال ينام عنها إالوقت ، إال العشاء ، ف

وصالة الثلث . .لثلثن نومك عليها يعينك على القيام لصالة ا إف. .، أن تجعلها آخر عملك من اليوم وهي قد كانت مكتوبة على النبي ، ولم يكن األصحاب . . ، وبركة هي أهم صالتك ، وأكثرها نفعاً

وهي اليوم ، بفضل اهللا ، ثم بفضل حكم الوقت ، . .إال مندوبين إليها ندبا ، غير مكلفين بها شرعاً تبعـث سـنة النبـي ، بعـد قد أصبحت مكتوبة على هذه األمة المعاصرة ، التي يطلب إليها أن

شـوقاه وا((: ندثارها ، لترقى ببعثها إلى مقام األخوان ، أولئك الذين تشوق إليهم النبي حين قال إ!! بل أنتم أصحابي : أو لسنا إخوانك يا رسول اهللا ؟؟ قال : قالوا !! خواني الذين لما يأتوا بعد إلبـل أنـتم : خوانك يارسول اهللا ؟؟ قـال إ أولسنا :قالوا!! خواني الذين لما يأتوا بعد شوقاه إل وا

قوم يجيئون في : خوانك ؟؟ قال إمن : قالوا !! خواني الذين لما يأتوا بعد شوقاه إل وا!! أصحابي : قـالوا !! بل منكم : منا أم منهم ؟؟ قال : قالوا !! آخر الزمان ، للعامل منهم أجر سبعين منكم

. ..)). الخير أعوانا ، وال يجدون على الخير أعواناألنكم تجدون على: لماذا ؟؟ قال

ومـن الليـل : ((وآية فرضية صالة الثلث على النبي ، وتخصيصه بها ، قول اهللا تعالى يا أيها المزمـل : ((وقول اهللا تعالى . ..)).عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا . .فتهجد به نافلة لك

نا إ* ورتل القرآن ترتيال . .أو زد عليه * نقص منه قليال إنصفه ، أو * إال قليال . .قم الليل !! * ن لك في النهـار سـبحاً إ* وأقوم قيال . . هي أشد وطأً ن ناشئة الليلٍ إ* ثقيال سنلقي عليك قوالً

تخذه أف. .رب المشرق ، والمغرب ، ال إله إال هو * سم ربك ، وتبتل إليه تبتيال إذكر أو* طويال به يتهيأ لتلقـي عداداًإعداد القائم بالثلث إ ، وهي ات تجيء فضيلتها أيضاً وفي هذه اآلي . .))وكيال

نما هـو القـرآن ، إالقول الثقيل ، في حق النبي ، . .)) ثقيال نا سنلقي عليك قوالً إ((: العلم اللدني لـم وكيف يعده القيام لتلقي الع ..نما هو العلم اللدني إوفي حق العباد ، المجودين ، . .والعلم اللدني

س ، لسكون الليـل ، فنما هو وقت صفاء الن إألن ذلك الوقت من الليل : اللدني العظيم ؟؟ الجواب يعني يواطيء فيها القلب ، اللسـان ، ))وأقوم قيال . .إن ناشئة الليل هي أشد وطأً ((: وهدوء البال

، فتفـيض فيستقر القول ، ويستقيم الخاطر ، ويطمئن القلب ، وتستوي لكـل أولئـك ، الفطـرة .. من جميع أقطاره، يغمر القائم ، الموفق إلى التجويدلهية ، اللدنية فيضاناًالمعارف اإل

نما هي قـول إوآية فرضيتها على األمة المعاصرة ، التي يرجى لها أن تنجب األخوان ، هللا غفـور وا. .يحببكم اهللا ، ويغفر لكم ذنـوبكم . .إن كنتم تحبون اهللا فاتبعوني : قل : ((اهللا تعالى

)) الشـريعة ((تبـاع إ في عهد األصحاب ، فـي حـدود تباع ظل قائماً وهذا األمر باإل . .))رحيم

٣٨

Page 39: تعلّموا كيف تُصلّون

. .)نـدباً (، و )) تطوعـاً ((، أي )) لتزاماًإ)) ((السنة((تباع الميسور من إ، وفي حدود )) زاماًإل(( األخوان ، يصـبح لترقى بها مراقي )) السنة((ليها بعث إولكنه اليوم ، في عهد األمة التي يطلب

ن إف : ويجب أن يكون مفهوماً . . ذلك كما قلنا ، بفضل اهللا ، ثم بفضل حكم الوقت . شريعةً اًملزم)) شـريعة ((هي )) األصحاب((، في حين أن شريعة )) النبي)) ((سنة(( هي ))األخوان((شريعة

عة الثالثة مما يغني عن ، الطب )) طريق محمد : (( في كتابنا وقد فصلنا ذلك تفصيالً . .))الرسول((ويجب أن يقام إليه بعد . .ووقت صالة القيام أوله نصف الليل . .فليراجع في موضعه . .عادته هنا إ

نوم ، يأخذ الجسد فيه راحته ، لتبلغ النفس فيه صفاءها ، وتدرك جمعيتها ، حتـى تقبـل علـى . .صالة القيام ثالث ركعات وأدنى . .وآخر وقت صالة القيام طلوع الفجر الكاذب . .الصالة برغبة

ن كنت إويجب أن ال تفرط فيها ، . .وهذه الصالة عظيمة ، عظيمة . .وأعالها ثالث عشرة ركعة التي يصليها النـاس ، ))التراويح((ن صالة إف : ويجب أن يكون واضحاً . .تبتغي مداخل العرفان

ليست )) صالة القيام ((ها منذ حين ، وإلى عهدنا الحاضر ، في أول الليل ، في رمضان ، ويسمون بتدعها أمير المؤمنين ، عمر بن الخطاب ، إ)) بدعة((نما هي إو. .طالقهي بصالة قيام ، على اإل

وقال ، لمن كان ينتظـر خروجـه . .ثر ما جرى من النبي للناس ، في ليلتين أوقفها بعدهما أعلى نه قد وجد ، على عهـده ، إمر ف وأما ع . .خشيت أن تكتب عليكم : إليهم ، من األصحاب ، ألدائها

. .ختالط قـراءتهم إووجد بعضهم يشوش على بعض ، ب . .رادىالناس يصلونها ، في المسجد ، فُ طلع عليهم ، ذات ليلة ، وهم يصـلونها خلـف إثم . .فجمعهم. .))لو جمعناهم على إمام : ((فقال

. .)) أفضل من الذي يقومونـه نها لبدعة ، ونعمت البدعة ، والذي ينامون عنه إ((: إمامهم ، فقال يعني الوقت ، من الليل ، الذي ينامون عنه ، وهو الثلث األخير ، أفضل من الوقت الذي يقومونه

وقـد أنـى لهـا أن . .تمارس إلى يومنا الحاضر )) التراويح((وقد ظلت بدعة . .منه ، وهو أوله ، ال )) السنة((نه وقت التزام إ ف ..ذلك بأن حكم الوقت اليوم يقضي بإيقاف كل البدع الحسنة . .تقف

صغيرة ، وال كبيرة ، نحتاجها في أمر معاشنا ، وأمـر )) السنة((فلم تغادر . .وكس ، وال شطط ن حكم الوقت الحاضر ليقضي ببعث السنة التي عجـز أو. .داًي سد معادنا ، إال وجهت فيه توجيهاً

وال تزد ، فـي صـالة . .ثلث من الليل وال تنم ال . .))التراويح((ال تصل . .تباعها األصحاب إعن وإن فاتتك ، لنوم غلب عليك . .الليل ، عن الثالث عشرة ، ال في رمضان ، وال في غير رمضان

تأتي مـن . . ، إلى اثنتي عشرة ، أو ستاً اثنين ، أو أربعاً . .قضها في الضحى ، وصلها شفعية أ، ف ن ذلك الصنيع إف. .بة لها على فوات الثلث قضها بنية توكيدها الى النفس ، كعقو أو. .ذلك ما تطيق

. . عليها ، ينهضها من الليليورث النفس من الندم على فواته ما يوقظ فيها رقيباً

هيئة الصالة

فأما حضرة اإلحرام فهي . .))السالم((، وحضرة )) اإلحرام((حضرة : للصالة حضرتان تمام إ، وتنتهي ب )) بتكبيرة اإلحرام ((ي تبدأ وه. .الصالة الشرعية المعروفة ، ألوقاتها ، وكيفياتها

وأمـا حضـرة . .))السالم عليكم : ((ركعاتها ، وترية كانت ، أم شفعية ، وبالخروج منها بعبارة حـرام فـي الصـالة لى حضرة اإل إسالمك إحرام ، وتنتهي ب تبدأ بالخروج من حضرة اإل فالسالم ولكلتا حضرتي الصـالة . .))الدين المعاملة : ((ي وهي ، هي المعاملة التي قال عنها النب . .المقبلة

ومن . .دائهماأوالمعنى الشامل آلداب كلتيهما هو الحضور مع اهللا أثناء . .آداب ، ال تستقيم إال بها قديم ، وأنـت فال تقبل عليها بوضوءٍ . .غ نفسك لها حرام فرّ أجل الوفاء بالحضور في حضرة اإل

٣٩

Page 40: تعلّموا كيف تُصلّون

وإذا . .فاستبرئ ، وجدد وضوءك )) لبيت الخالء ((ذهب أبل . )).بيت الخالء ((تشعر بالحاجة إلى بالطعام ، والشراب ، حتى تكفي حاجة نفسك ، لتقبل أبدأكنت في حاجة إلى طعام ، أو شراب ، ف

إذا قـدم : ((قال المعصـوم . .لى الطعام ، والشراب إعلى الصالة ، وهي في جمعية ، ال تتلفت نما مـن قلـة إو. .)).. صالة المغرب ، وال تعجلوا عن عشائكم بدأوا به قبل أن تصلوا أالعشاء ، ف

لى الفطور ، فيتنـاول أحـدهم إ، اآلن ، في رمضان ، حين يجلسون الفقه يتورط كثير من الناس ثم هم ، بعـد . .واحدة ، ويجرع جرعتين من الماء المطلق ، ثم ينهض لصالة المغرب )) بلحة((

لى إفبمثل هذا الصنيع تنقص الصالة ، ألن حاجة النفس . .الصالة ، يقبلون على األكل ، والشرب الطعام ، والشراب وقد صامت عنهما طوال النهار ، وهما حاضران أمامهـا ، وتنبعـث منهمـا رائحتهما الشهية ، هذه الحاجة تجعل النفس موزعة ، كثيرة التلفت ، ممـا يـنقص حظهـا مـن

بتناول حاجتنا من الطعام ، ال أن نتفرغ للطعام والفقه يقضي علينا بأن نتفرغ للصالة . .الحضورستقبل القبلة ، وباعد أسم اهللا ، و إذكر ألى الصالة ، بعد ذلك ، ف إذا قمت إف. .بالتخلص من الصالة نصب قامتك ، في غير توتر ، وال شد للعضالت ، ولكن حاول أن تسترخي أبين رجليك قليال ، و

اهللا . .اهللا أكبـر ((: قامـة هكـذا اإلو. .قم الصالة أثم . .حضر نية الصالة أو. .تصاب قامتك إنمع . .حي على الفالح . .حي على الصالة . .ن محمدا رسول اهللا أشهد أ. .ن ال اله اال اهللا أأشهد . .أكبر

ستحضـر نيـة أ ثم ،))..ه اال اهللا إلال . .كبرأاهللا . .كبرأاهللا . .قد قامت الصالة . .قد قامت الصالة كفيهمـا ، رفع يديك ، بحـذاء منكبيـك ، فاتحـاً أثم . . أنت مقبل على أدائها الصالة المعينة التي

، عند التكبيرة ، أن محاوالً. . ، بهذه الهيئة ، التخلي عن كل شئ القبلة بهما ، ومستشعراً مستقبالًثم ضع يمينك علـى . .وأهو بيديك )) اهللا أكبر : ((ثم قل . .شئ في صدرك )) أكبر)) ((اهللا((يكون و . .ستالم قلبك بيديك ، لتثبته من الجوالن إ ، فوق قلبك ، في حالة قبضك ، فلكأنك تحاول شمالك

نما يستقيم للمصلي في إولكن السدل . .أكمل منه )) السدل((و. .، في الصالة ، مرحلي )) القبض(( شرع في القـراءة بفاتحـة أثم . . بغير عناءستواء ، والنضج ، مما يجعل الحضور ميسراًحالة اإل

. .المعاني و تتأمل في فكر ، ت ، تظهر الحروف ، وتظهر الكلمات ، وت ، ومتمكناً هالًتمالكتاب ، م شـرع فـي قـراءة أثـم . .فقل آمـين . .))..غير المغضوب عليهم ، وال الضالين : ((ذا قلت إف

الـذي أنقـض * ووضعنا عنـك وزرك * ألم نشرح لك صدرك : ((فإذا قرأت ، مثال . .السورة* فإذا فرغت فانصب * إن مع العسر يسرا * فإن مع العسر يسرا * ورفعنا لك ذكرك * ظهرك

وال تقل ، كما يقول المفسرون . .نما هو لك إالخطاب )) كاف((فاعلم أن . ..)).وإلى ربك فارغب ن المعني ، في المقـام األول ، هـو إ. .يا محمد )) ألم نشرح لك صدرك ((، )) الكاف((، في هذا

فقـد وقـع . . معني ولكنك أنت أيضاً . .رح صدره فهو أكبر من شُ . .ر أدنى ريب محمد ، من غي الخطـاب هـذا فسـتخرج مـن )) كاف((ذا لم تر نفسك في إو. .لصدرك شرح على قدر مقامك ، )) محمـد ((، والمخاطب هـو )) اهللا((سيكون المتكلم هو . . زائداً الصورة ، ألنك ستكون طرفاً

نـه ليغريـك بشـرود إذا الوضع ال يعينك على الحضور ، بل وه. . فقط وستكون أنت متفرجاً ذا فرغت من قراءة السورة ، وأنت تحاول أن تكون في جمعية ، فاركع ، ممكنا يـديك إف. .البال

، وليكن رأسك فـي سـواء حتى ال يكون محدودباًهصره قليالًأو. .من ركبتيك ، ومسويا ظهرك سبحان ربـي !! سبحان ربي العظيم : (( ركوعك ، وقل ، في . .ظهرك ، غير منكس ، وال متدل

نحنائك أمـام إتقولها في تمهل ، وتفكر ، وتصور لحالك في . .!!))سبحان ربي العظيم !! العظيم . . ، وال تشد عضالتك شداً ال تنتر جسمك نتراً . .رفع من الركوع ، في تؤدة ، وأناة أثم . .عظمته

. .ولك الحمـد !! اللهم ، ربنا . .سمع اهللا لمن حمده : ((وقل ، في قيامك هذا . .حتى تستوي قائماً تقولها في تمهل ، وفي تؤدة ، تبين الحـروف ، وتوضـح )).. فيه ، مباركاً ، طيباً ، كثيراً حمداً

ن كان الثـوب ال إو. .وال تكفكف ثوبك ، أثناء ذلك. .ثم أهو للسجود. .الكلمات ، وتتذوق المعنى

٤٠

Page 41: تعلّموا كيف تُصلّون

مـن ة ، فال تحك أجزاء جسدك ، كما يفعل كثيـرٌ نن أعضاؤك ساك ولتك. .يريحك فال تصل فيه وضع راحتـي يـديك حـذو . .ن التثاؤب دليل كل ، وغفلة إوال تتثاءب أثناء الصالة ، ف . .الناس

. .صابعك غير مفرقـة أولتكن كفتا يديك مبسوطتين ، و . .منكبيك ، عندما تكون في هيئة السجود واستقبل . . وال تلصق ذراعيك باألرض وال بجنبيك ، بل جافهما .. برؤوس األصابع القبلة مستقبالً

وال تضـم . .ن جبهتك ، وأنفك ، من موضع سجودك ومكّ. .برؤوس أصابع رجليك القبلة أيضاً سبحان ربـي !! سبحان ربي األعلى ((: ثم قل ، في سجودك هذا . .ركبتيك ، بل أفرجهما ، قليالً

توضـح الحـروف ، وتبـين . . تقولها في تؤدة ، وطمأنينـة !!))سبحان ربي األعلى !! األعلى نكسارك ، أمام علـوه ، إشعر خضوعك ، وذلك ، و تسالكلمات ، وتتذوق طعمها ، ومعناها ، وت

قدم رجلك اليسرى ، وناصـباً جلس ، مفترشاً أثم . .رفع من سجودك هذا أثم . .وعظمته ، وقهره !! غفر لي أرب !! غفر لي أرب : ((وقل . . القبلة برؤوس أصابعها قدم رجلك اليمنى ، ومستقبالً

سجد ، سجدتك الثانية ، على نحو مـا أثم . . تقولها في تؤدة ، وأناة ، وتضرع ))!!غفر لي أرب !! سبحان ربـي األعلـى !! سبحان ربي األعلى : ((وقل ، كما قلت في األولى . .فعلت باألولى

رفع أثم . .ظمته ، كما فعلت في سجدتك األولى ستحضر علوه ، وع أو. .))!!سبحان ربي األعلى ثم . . ، جلسة خفيفة ، تنعقد بها الحركة السابعة من حركات الركعة ستو جالساً أمن هذا السجود ، و

فعل بركعتك الثانية مثل ما فعلت أثم . .تكبر تكبيرة القيام أثناء قيامك . . لركعتك الثانية نهض قائماً أنصب قـدم رجلـك أ بعد الركعتين ، فقدم قدم رجلك اليسرى ، و ذا جلست ، إف. .بركعتك األولى

سبابتك ، وضعها فوق ركبتك اليمنى قبض كفك اليمنى ، مفرداً أو. .جلس على مقعدتك أاليمنى ، و بسط كف يدك اليسرى ، وضعها على ركبتك اليسرى ، ثم حرك سبابتك اليمنى ، مع كلمـات أ، و

التحيـات هللا ، ((: ثم خذ في التشهد ، قل . . األصبع ، وبحركته فراد إ التوحيد ، ب التشهد ، موكداً السالم علينا ، وعلى . .ورحمة اهللا ، وبركاته !! السالم عليك أيها النبي . .والصلوات ، والطيبات

اللهـم صـل . . عبده ، ورسولهأشهد أن ال اله اال اهللا ، وأشهد أن محمداً . .عباد اهللا الصالحين براهيم ، وبارك على محمد إبراهيم ، وعلى آل إ آل محمد ، كما صليت على على محمد ، وعلى

ذا إف. .)).. مجيد نك حميدٌ إ. .براهيم ، في العالمين إبراهيم ، وآل إ، وآل محمد ، كما باركت على وال تمطط . .))السالم((وال تمدن كلمة ..كانت صالتك ثنائية ، فسلم ، على يمينك ، وعلى شمالك

. .، في سرعة ، ووضوح ، مع مراعاة الطمأنينة ، والسـكينة )) السالم عليكم ((: وقل ..حروفهافعل مثل ما فعلـت فـي الـركعتين أو. .نهض التمامها أذا كانت صالتك ثالثية ، أو رباعية ، ف إو

وفي الصالة الجهرية ال . .غير أنك ال تقرأ السورة ، وال تجهر بقراءتك ، في الجهرية . .األوليين.. ًوال تخفضه كثيـرا . . ، لئال يذهب الصوت العالي بالوقار ، وطمأنينة النفس وتك كثيراً تعل ص

بتـغ بـين ذلـك أوال تجهر بصالتك ، وال تخافت بهـا ، و : ((وفي الصالة السرية أسمع نفسك اال أنها ، حين تقـف ، ال تفـرج . .وال تختلف المرأة عن الرجل فيما ذكرنا ، من هيئة .)) .سبيالًتضم الكعبين ، وتفرج بين المشطين ، ليكون ذلك أدعى إلى حفـظ . .نما تضمهما إقدميها ، و بين

وفي السـرية . .ال أنها ال تجهر في صالتها ، في الجهرية ، إال ما يسمع القريب منها إو. .توازنهاـ ألنها ما ينبغي أن يظهر منها اال وجههـا ، ورا . .ال في الثياب التي تسترها إو. .تسمع نفسها احت

لى إنما هي ، في أدناها ، ما يستر من سرته إفي حين أن الثياب الساترة للرجل . .يديها ، وقدماها لصالتك ، حتى ال يمر الناس بينـك وبـين نك ، حين تصلي ، يجب أن تتخذ ساتراً أثم . .ركبته ، أن يكون عاليـاً نما هو يجب إ ، و ناًءإ ، أو ، مثالً بريقاًإوالساتر ال يكفي فيه أن يكون . .قبلتك

إلى مكان هادئ تأوى بل من الخير أن . .وال تصل في طريق الناس . . ، كالكرسي ، مثالً وظاهراً غير عادي فيشغل بالك ، كالصـور ، واألقمشـة وال تترك في قبلتك شيئاً . .، ومنحاز عن الناس

فمـن . . بالـك وال تصل على سجادة ذات صور ، وتخطيط كثير ، لئال يوزع . .الشديدة التخطيط

٤١

Page 42: تعلّموا كيف تُصلّون

ثناء صالتك ، أوليكن نظرك ، . .الخير أن تكون سجادتك بسيطة ، عادية ، ذات لون واحد بسيط المقصود . .ن العينين تصليان أيضاً إوال تغمض عينيك ، أثناء الصالة ، ف . .على موضع سجودك

ذن إدع حيلة فأنت ، فال ت . .وراء كل هذه الحيل هو أن تجد السبيل إلى جمعية نفسك ، فال تتوزع لقد ذكرنا ، في حديثنا هذا ، عـن . .وكن على ذلك من الحريصين . .ال فعلتها إتبلغك هذه الجمعية

، وهي الجلسة الخفيفة ، بين الركعة الوترية ، والركعـة هيئة الصالة ، حركة يهملها الناس دائماً لى الركعة الثانية ، أو إالقيام هذه الجلسة التي تكون بعد الرفع من السجدة الثانية ، وقبل ..الشفعية

هذه الجلسة الخفيفة هي التي تنعقـد بهـا الحركـة السـابعة . .لى الركعة الرابعة ، في الرباعية إقيام ، وركوع ، ورفع من الركوع ، . .ن كل ركعة ، من ركعاتنا ، ذات سبع حركات إف. .للركعة

ستراحة هذه تتميز الحركـة لسة اإل نما بج إو. .وسجود أول ، ورفع منه ، وسجود ثان ، ورفع منه ولقـد : ((قال تعالى . .نما تشير إلى أطوار الخلقة السبعة إوهذه سبع الحركات ، . .السابعة للركعة

ثم خلقنـا النطفـة علقـة ، * مكين ثم جعلناه نطفة في قرارٍ * نسان من ساللة من طين خلقنا اإل فتبارك . .ثم أنشأناه خلقا آخر . .نا العظام لحما ، فكسو فخلقنا العلقة مضغة ، فخلقنا المضغة عظاماً

ن ربكم اهللا الذي خلق السموات ، واألرض ، في سـتة إ((: وقال تعالى . .))اهللا ، أحسن الخالقين والشمس ، والقمر ، والنجـوم . .يغشي الليل النهار ، يطلبه حثيثاً . .ستوى على العرش إأيام ، ثم

لـى الحركـة إفهو قد أشـار . .))مر تبارك اهللا رب العالمين أال له الخلق واأل . .مسخرات بأمره وفي اآليـة الثانيـة ، )) آخر ثم أنشأناه خلقاً : ((في اآلية األولى بقوله ، جل من قائل )) السابعة((

: وهذه العبارة عندنا تقابل في التوراة ، عند اليهود ، قولهم . .))ستوى على العرش إثم : ((بقوله والفـارق ، . . اليوم السابع ، بعد أن خلق السموات ، واألرض ، في ستة أيـام ستراح في إن اهللا إ

فـنحن . .لهي ، ثم حكم الوقت ، بالتقدم العرفـاني ، فارق معرفة ، جاء به الفضل اإل بيننا وبينهم مع فارق الوقت ، تعنى ، ولكن العبارة . .زه اهللا ، تبارك وتعالى ، من أن يمسه تعب ، أو لغوب نن

وفي كل موضع . .ن الصلوات فرضت ، لدى المعراج ، من فوق السموات السبع أثم . .دبشئ واح فمالئكة السماء األولى قيام ، يمثلـون . .من السموات ملك يمثل حركة من حركات الصالة السبع

ومالئكة السماء الثانية ركوع ، يمثلون حركة الركوع ، وهذه . .قيام الصالة األول ، وهذه عبادتهم ومالئكـة السـماء . .ومالئكة السماء الثالثة يمثلون الرفع من الركوع ، وهذه عبـادتهم . .معبادته

ومالئكة السماء الخامسة يمثلـون . .الرابعة سجود ، يمثلون حركة السجود األول ، وهذه عبادتهم ومالئكة السماء السادسة يمثلون السـجود الثـاني ، وهـذه . .الرفع من السجود ، وهذه عبادتهم

ومالئكة السماء السابعة يمثلون الرفع من السجود الثاني ، فـي وضـع هـذه الجلسـة . .دتهمعباسـتنقاذه مـن إنسان ليتم بها وأجور جميع هؤالء المالئكة مسخرة لإل . .الصغيرة ، وهذه عبادتهم

: يقول تعالى فـي ذلـك . .لى النور ، بفضل اهللا ، ثم بفضل هذا العون المالئكي العظيم إالظالم وكـان بـالمؤمنين . .و الذي يصلي عليكم ، ومالئكته ، ليخرجكم من الظلمات الـى النـور ه((

فأنت ، في أثناء حركات صالتك ، ينبغي أن تتذكر هذا الفضل الواسع ، وهذه النعمـة . .))رحيمانمـا إوهي ، فـي حقيقتهـا ، . .رتقاء في مراتب النفوس السبع إن الصالة إثم . .التي ال تحصى لى مرتبة النفس األولـى إثم نزل منها السلم ـ النفس الكاملة ـتبة النفس السابعة فرضت في مر

ففي مقـام . .لى النفس الكاملةإ ليرتقي بها المرتقي ، من هذه النفس األمارة ، ـ النفس األمارة ـومن هذه تنزل السلم ، فجاءت . .))الحقيقة((، وهي صالة )) الصلة((النفس الكاملة فرضت صالة

وقد أخبرنا النبي عـن كلتيهمـا . .، وهي الصالة الشرعية )) المعراج(( أدنى درجاته ، صالة فيولكنا لم نفهـم )) لى ربه إالصالة معراج العبد : ((وقال . .))الصالة صلة بين العبد وربه : ((فقال

بارتين ، فـال ، هاتين الع ، ودقيقاً جديداً وحكم الوقت يطلب الينا أن نفهم فهماً . .عنه ، كما ينبغي نما نعرج عليها ، كما هو مراد اهللا لنـا إنظل بصالتنا الشرعية في أول عتبة من عتبات السلم ، و

٤٢

Page 43: تعلّموا كيف تُصلّون

لـى الـنفس إنرقى من النفس األمارة ، . .أن نفعل ، لنرقى مراقي النفوس ، في القرب منه تعالى لى النفس المرضـية ، إ ، لى النفس الراضية إلى النفس المطمئنة ، إلى النفس الملهمة ، إاللوامة ،

ى حيث تتحقـق ، إلذا عرجنا بها إ، )) المعراج((وهذه المراقي تحققها صالة . .لى النفس الكاملة إلى مقـام إ)) المعراج((ن نعرج بصالة أونحن ال نستطيع . .))الصلة((عند النفس الكاملة ، صالة

. .))المعـراج ((في صالة )) الصلة(( ، من صالة ذا كان هناك قدر ، دائماً إال إ)) الصلة((صالة نـه ال تكـون إوفي الحـق ، ف . .ذا أحسنا األداء على نحو مما وصفنا لك هنا إال إوال يتم لنا ذلك

قل ـ)) الصلة((ذا كان فيها هذا القدر من صالة إال إطالق ، صالة ، على اإل )) المعراج((صالة ن هذا الحضور إثم . .))الصلة(( صالة هذا هو معنى. .أعني من الحضور مع اهللا فيهاـ أو كثر

لقد ذكرنـا لـك !! يزيد بالتجويد ، كل حين ، وغايته أن تكون مع اهللا ، كما هو معك ، وهيهات طالع على الحـديث والمطلوب منك هو أن تكثر من اإل . .ههنا هيئة واحدة ، من هيئات الصالة

نـك ، إف. .فهيئات صالته كثر . . ، وثالثة النبوي لتجد لنفسك ، من هيئات صالة النبي ، هيئة ثانية وبـالخروج مـن . .ابةتن هذا خليق أن يعينك على التنويع ، وعلى الخروج من الر إ تفعل ، ف إن .))اإلحرام((هذا يكفي هنا فيما يخص حضرة . .ابة تهش النفس ، وتبش ، وتنشطتالر

حضرة السالم

، وذلك )) اإلحرام((وجك من حضرة فهي تبدأ ، كما ذكرنا ، بخر )) السالم((وأما حضرة ، من جديد ، مـن صـالتك )) اإلحرام((، وتنتهي بدخولك في حضرة )) السالم عليكم : ((بقولك

وهـي الصـالة . .فحضرة السالم هي الصالة بين الصالتين . .))اهللا أكبر ((المقبلة ، وذلك بقولك . .وات ، والصـالة الوسـطى حافظوا على الصـل : ((وهي ، هي المعنية بقوله تعالى . .الوسطى

عن النبـي مأثوراً معلوم أنه وارد أن هناك حديثاً . .هي الصالة الوسطى . ..)).وقوموا هللا قانتين قاله يوم األحزاب يبين به أن الصالة الوسطى هي صالة العصر ، والحديث يرويه اإلمام علي بن

مأل اهللا بيوتهم ، وقبورهم ـ صالة العصرـشغلونا عن الصالة الوسطى : ((أبي طالب ، ومتنه إنما بعثـت ألتمـم : ((، وقال )) الدين المعاملة : (( أن النبي قد قال ، ولكنه معلوم أيضاً ))، ناراً

الـدين : ((حـين قـال فـي حديثـه األول )) المعاملة((نه جعل الدين كله إف. .))مكارم األخالق ومن هـذين . .))ال ألتمم مكارم األخالق إأبعث لم : ((وفي حديثه الثاني كأنه قد قال . .))المعاملة

)) الصـالة ((نه ليوجب علينا أن نفهـم ، أن أالحديثين يعطينا حكم الوقت الحق في أن نفهم ، بل حـافظوا علـى الصـلوات ، والصـالة : ((الوسطى ، التي أفردها بالعناية الخاصة ، حين قال

. .))المعاملة((لصالتين ، كما قلنا ، وهي تعني نما هي الصالة بين ا إ)) الصالة((، هذه )) الوسطىهي أن تعامل الناس بما تحـب )) المعاملة((في حسن والقاعدة. .هذا هو الفهم الذي يليق بعصرنا

ال يؤمن أحدكم حتى يحب ألخيه : ((ووارد قول المعصوم . .نه كما تدين تدان إف. .أن يعاملوك به ويستقيم مع عصـرنا . .)) ويده ،سلم المسلمون من لسانه المسلم من : ((ووارد . .))ما يحب لنفسه

سالم العام وهي الواردة في الحديث بمعنى اإل)) المسلمون((أن نفهم أن كلمة ـ مع حكم الوقت ـ المسلم من سلمت األحياء ، واألشياء ، مـن لسـانه . .نما تعني األحياء ، واألشياء إ، من هنا ،

، جماعه الحضور مـع )) حراماإل((، كما هو في حضرة )) مالسال((واألدب ، في حضرة . .ويدهتراقب . .ستدراك األمر قبل أن يفلت إفبالمراقبة . .))المحاسبة((و )) المراقبة((فهو يقع بين . .اهللا

ن أنت زدت عن هـذه ، فتحتمـل أذى إثم ، . ...جوارحك ، وحواسك ، وتدفع شرك عن الناس الصـالة ((ن أدنـى مراتـب إف. .لى الناس إ فتوصل الخير نت زدت عن هذه ، أن إثم ، . .الناس

ن أنت أعيتك المراقبة ، وأفلت منك الزمام ، إف. .حتمال األذى إنما هو كف األذى ، و إ)) الوسطى

٤٣

Page 44: تعلّموا كيف تُصلّون

والمحاسـبة تجـري . .نك بالمحاسبة ترقع ما وهن من سيرتك بين الناس إوتورطت في الهلكة ، ف وتجـري فـي جميـع أوقاتـك ، . .وبالكيفية التي بينا . .بأثناء الوضوء ، كما بينا ، في هذا البا

ذلـك ألن . .نها في السحر ، تكون في أحسـن حاالتهـا أثم . .وبخاصة عقيب تورطك في الخطأ ستجابة في ذلك ، وألن النفس تكون نشطة ، ومقبلة على فعل الخير ، وألن اإل الوقت يكون صافياً

. .ستغفاره في الباب األول ، عند الحديث عن فائدة اإلوهذا ما تحدثنا عن. .الوقت من الليل قريبة

ــ )) السـالم ((وحضـرة )) حراماإل((ضرة ـ حنك حين تعيش بين حضرتي الصالة إوما خلقت : ((ن اهللا ، تبارك وتعالى ، قد قال إف. .وهذا هو المراد منك . .تكون حياتك كلها صالة

ن اهللا هـو إ* زق ، وما أريـد أن يطعمـون ما أريد منهم من ر * ال ليعبدون إنس الجن ، واإل : قوله . .نفسهم ، وال لغيرهم ، يعني أل )) ما أريد منهم من رزق . ((..)).الرزاق ، ذو القوة المتين

ن اهللا هو الرزاق ، ذو القـوة إ: ((ثم قال . .يعني أنفسهم ، وال غيرهم )) وما أريد أن يطعمون ((لى هـذا إستطعنا أن نجود العبادة إذا إجويد العبادة ، ق يمكن أن يكون ت فكأن سبب الرز )) المتين

لو توكلتم على اهللا ، حق توكله ، لـرزقكم كمـا : ((ذلك بأن المعصوم قد قال . .المستوى الرفيع : وال أنت ؟؟ قـال : قالوا !! وما علم ذلك أحد . .يرزق الطير ، ولعلمتم العلم الذي ال جهل بعده

، مـن أن ، وأخطـرُ ن اهللا أجلُ إ: قال !! ن األنبياء تقصر عن شئ ما كنا نظ : قالوا !! وال أنا لو توكلتم علـى اهللا ، حـق : ((وفي موضع آخر ، عن الرزق ، قال . .!!))يحيط بما عنده أحد

مـرة !! ودونكم القرآن . ..)). ، وتروح بطاناً تغدو خماصاً . .توكله ، لرزقكم ، كما يرزق الطير . .نحن نرزقك . .صطبر عليها ، ال نسألك رزقاً أأمر أهلك بالصالة ، و و: ((نه قد قال إف. .أخرى

ذا إ. .))ال ليعبدون إنس ، وما خلقت الجن ، واإل ((ولقد قال العارفون في آية . ..)).والعاقبة للتقوى كانت الغاية من وجودنا هي أن نعبد اهللا فهل تتحقق هذه الغاية بصالتنا خمس صلوات ، في اليوم

، ال تأخذ منا ، في مجموعها ، أكثر من ثلث الساعة ، من األربع والعشرين سـاعة ؟؟ ، والليلة ؟؟ وهل تتحقق بأن نزكي بالعشـر ، أو نصـف ثني عشر شهراً إ من وهل تتحقق بصيامنا شهراً

العشر ، أو ربع العشر ، من مالنا ، نخرجه بعد أن نملك النصاب ، وبعد أن يحول ، علـى هـذا لى الحـج السـبيل ؟؟ إتطاع إس ؟؟ وهل تتحقق بأن نحج ، مرة في العمر ، لمن النصاب ، الحول

الحـد ((وهـي . .سـالم هذه هي األركان التي بني عليهـا اإل . .ما هذه هي الحد األدنى أ: قالوا ومن تهاون في أداء أي منهـا . . منها خرج من الملة من جحد واحداً . .سالمإما دونها . .))األدنى

هو أن نقارب بين عباداتنا ، وبين عادات حياتنا ، حتى تفضي والمطلوب حقاً . .كان من العاصين ن إ: قـل ((: قال تعالى يـأمر نبيـه . .والعبودية هي أن تكون كلك هللا . .لى عبوديتنا إبنا عبادتنا

وبذلك أمرت ، وأنا . .صالتي ، ونسكي ، ومحياي ، ومماتي ، هللا ، رب العالمين ، ال شريك له في سبيل اهللا ، حتـى متصالً لى أن تجعل حياتك كلها عمالً إنك يجب أن تتجه إ ف ))لمينأول المس

ن صالتي ، ونسـكي ، ومحيـاي ، وممـاتي ، هللا ، رب إقل : (( ، وذكراً يكون كل وقتك فكراً لى هـذا أن إوسبيلك . .هكذا فكن . .))وبذلك أمرت ، وأنا أول المسلمين . .العالمين ، ال شريك له

..))السالم((وحضرة )) حراماإل(( حضرة ـن حضرتي الصالة تعيش بي

يه يصـعد الكلـم إل: ((حرام ، عمدتها من كتاب اهللا ، قوله تعالى لقد قررنا أن حضرة اإل . .))ال اهللا إلـه إال : ((نما هـو إ، )) الكلم الطيب : ((وقلنا أن . .))والعمل الصالح يرفعه . .الطيب

ونحـب أن . .لصالة ، ثم هو كل عمل صالح ، في معاملة النـاس نما هو ا إ، )) العمل الصالح ((و . .نختم حديثنا لك هنا بأمر يعينك على نقل عبادتك لتشيع في كل حياتك

٤٤

Page 45: تعلّموا كيف تُصلّون

. .))ال أنـا إله إال ((و. .))ال أنت إله إال ((و. .))ال اهللا إله إال : ((هناك أربع صيغ للتوحيد ال إله إال : ((ي مقدمة الطبعة الثانية ، من كتابنا ولقد تحدثنا عن كل هذه ، ف . .))ال هو إله إال ((ووهي مأخوذة من . .))ال أنت إله إال ((وتهمنا هنا الصيغة الثانية ، وهي . .في صفحة عشرين )) اهللا

، فظن أن لـن نقـدر ذ ذهب مغاضباً إوذا النون ، : ((قول اهللا تعالى ، عن لسان يونس بن متى ولقـد قلنـا ))ني كنت من الظالمين إ!! ال أنت ، سبحانك إله إ أن ال : عليه ، فنادى في الظلمات

فهي صيغة خاصة ، ومجرد )) ال أنت إله إال ((وأما : ( ٢١عنها ، في ذلك الكتاب ، من صفحة ولقـد . .قبالإوهذا يوجب عليه ذكرها بحضور ، و . .لفظها يشعر قائلها بأنه أمام مخاطب حاضر

ذا قيلت في حالة ضيق تشبه حالـة صـاحبها إوهي ، . .للغفلةقيلت في حالة خلوة ليس فيها سعة سـم إنها إحين قالها ، أو قيلت في حالة معرفة باهللا توجب الحضور معه ، وتحارب الغفلة عنه ، ف

وتحقيق العبودية بها أقرب من تحقيقها بأي من الصـيغ األربـع التـي وردت . .))األعظم((اهللا لحضـرة ))الكلـم الطيـب (( هـي ))ال اهللا إ إله ال ((: نا أن ونحب أن نقرر ه .) .شارة اليها اإللـه اال إال ((ن و أ . . ، من حضرتي الصالة ، هي أولى ، بها وبغيرها ، ألنها أعـم ))حراماإل(( ، من حضرتي الصالة ، هي أولى بهـا ، ألنهـا ))السالم(( لحضرة ))الكلم الطيب (( هي ))أنت

تلك التي قلنـا أنهـا هـي الصـالة ))السالم((وخصوصيتها تناسب خصوصية حضرة . .أخصحـافظوا علـى و ((: الوسطى ، والتي خصصها اهللا بذكر زائد ، وذلك حين قال ، جل من قائل

معاملتك لربك ـ ))المعاملة(( هي حضرة ))السالم((وحضرة . .))الصلوات ، والصالة الوسطى : ( قد قال مام علياًلقد ذكرنا أن اإل. .ال نفسكإ وما هي ـ، ومعاملتك لنفسك ، ومعاملتك ألخيك

سـتغراب علـى وجـوه فلما رأى اإل . .)أنا منذ حين ما أحسنت ألحد قط ، وال أسأت ألحد قط مـن عمـل ((!! دونكم القـرآن !! ال لها إال لنفسي ، وال أسأت إما أحسنت : ( السامعين ، قال

حسـنتم أحسـنتم أن إ((: أو قـال . .))بيد للع وما ربك بظالمٍ . . فلنفسه ، ومن أساء فعليها صالحاً. .فأنـت أنـاني ، ومغـرض . .نما هي نفسك إعلم أنها أفأما أنت ف . .))ألنفسكم ، وإن أسأتم فلها

ال إنحن ال نعبد اهللا . .ننا ال نعمل لغير غرض إف. . ، ومغرضاً نما هو في أن تكون أنانياً إوكمالك من أجل ذلك من عبادة اهللا هو سعادتنا ، و ن غرضنا إ. .ومن ظن غير ذلك فهو جاهل . .لغرض

نما عنى إ ))نس ، اال ليعبدون وما خلقت الجن ، واإل ((: وهو حين قال ، تبارك وتعالى . .خلقنا اهللا باد ، ولكننـا نحـن هو غني عن العبادة ، والعُ . .نه هو تبارك ، وتعالى ، الغني الحميد إف. .ذلك

ليسعدوا علي بمعرفتهم إالنس ، وما خلقت الجن ، واإل : ني نما يع إذن ، إوقوله ، . .المحتاجون ..اي ، وذلك بوسيلة العبادةإي

، وقلنا أن كمالك في أن )) مغرض((، و )) نانيأ((نك إ: ذن ، ولقد قلنا إنما هي نفسك ، إ نمـا هـي إن األنانية المحمودة إ ف ولكن يجب أن يكون واضحاً . .))مغرضاً((، و )) أنانياً((تكون

الذي يكون في ))الغرض((وأن الغرض المحمود لهو . .))السفلى(( ، ال األنانية ))العليا((األنانية مسـتوى : ذن ، تقع فـي مسـتويين إوأنانيتك ، . .)الدنيا) ( جانب ( ال في . .))اهللا(( ))جنب((

نما يجـب إ وأنت ..))أنت(( ال ـ ))العليا((ومستوى األنانية . .))أنا((ال ـ )) السفلى((األنانية نما عن هـذه إو. .عليك أن تسير إلى أنانيتك العليا بمعارضة ، ومجاهدة ، دواعي أنانيتك السفلى

فاألنانية السفلى . .))ن أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك إ((: األنانية السفلى جاء قول المعصوم لـى إتقال من معسكر الشـيطان ، نإنما هو إوالسير . .عند الشيطان ، واألنانية العليا عند الرحمن

. .))ليكإسيرك منك ، وصولك ((: هذا هو معنى قولهم . .معسكر الرحمن

٤٥

Page 46: تعلّموا كيف تُصلّون

!! ال أنت ، سبحانك إله إال ((فقد أصبحت صيغة )) أنت((ولما كانت األنانية العليا هي ال وـلحضـرة المعاملـة ـ هي ألزم الصيغ لحضرة الصالة الوسطى . .))ني كنت من الظالمينإ

وصاحبك اآلخر هذا يشمل . .))صاحبك اآلخر ((نما تعني اهللا ، وتعنيك أنت ، وتعني إ هنا ))أنت(( تعنـي نفـي ))ال أنـت إلـه إال ((: ففي العبادة . . من زوجتكبتداًءإجميع األحياء ، واألشياء ، ء بـالنفي هـو قرار له بالتفرد بالربوبية ، وأولى هؤالء الشركا باإل الشريك ، ومخاطبة اهللا كفاحاً

ن صـيغة إومن أجل ذلك ف. . عابداًوأخرج حظ نفسك منها تكن عبداً. . أخلص العبادة هللاـنفسك تحقق العبودية بأسـرع ممـا تحققهـا أي ))ني كنت من الظالمين إ!! أنت ، سبحانك إالله إال ((

. .شارةليها اإلإصيغة من الصيغ األربع ، التي أسلفنا

والتشـمير ، والجـد ، فـي . . تعني نفي األنانية السفلى ))ال أنت إله إال ((: وفي السلوك ، وهـذا ))نفسك العليا (( في السلوك تعني ))أنت((ن إنه ،كما قلنا ، ف إف. .السير نحو األنانية العليا

ال يؤمن أحدكم حتى يكون هواه (: (يعني نفي الهوى من العمل ، وهو ما عناه المعصوم حين قال نا أنزلنا إ((: خالص العبادة هللا المطلوب في قوله تعالى إنما هذا مأخوذ من إو. .)) لما جئت به تبعاًتخذوا من دونـه إوالذين . .أال هللا الدين الخالص* له الدين عبد اهللا مخلصاً أف. .ليك الكتاب بالحق إ

ن اهللا إ. .لفـون ن اهللا يحكم بينهم في ما هم فيه يخت إ. .ما نعبدهم إال ليقربونا إلى اهللا زلفى : أولياء من شـوائب أغـراض ))الخالص((. .))أال هللا الدين الخالص . ((.))ال يهدي من هو كاذب كفار

تقان الصـالة إال بإوأنت ال تستطيع أن تتخلص من شوائب أغراض النفس السفلى . .النفس السفلى هنـا فـي ، ونحن))اإلحرام((وقد تحدثنا عن حضرة . .))السالم(( ، و ))حراماإل((في حضرتي

ـ .. تعني العمل مـن أجـل اآلخـرين ))ال أنت إ إلهال ((: ففي المعاملة . .))السالم((حضرة ن إ ف بأبسط األحياء، واألشياء ، في نتهاًءإ من زوجتك و بتداًءإ ، ))صاحبك اآلخر ((: هنا تعني ))أنت((

))أنـت ((. . ، أبـداً ))أنـا (( ، وال تقل دائماً ))أنت((: قل ))العمل للغير ((فليكن شعارك . .بيئتكنمـا هـو العمـل إ ))نفسك العليا (( التي هي ))أنت((لى ال إن أقرب طريق أ: وال تنس . .دائماًسعاد نفسك هـو السـبيل إن أقرب السبل إل . ..)).صاحبك اآلخر ((: التي هي ))أنت((سعاد ال إل

ن سـعادة نفسـك ، للبحث ع ))المباشر((تخذت الطريق إن أنت إف. .سعاد غيرك إلى إالذي يتجه ن طريقـك إ ، ف فأنت ، إذا كنت زوجاً . .لى التعاسة ، وبسرعة إنك من غير أدنى ريب ، تصل إفوما . .سعاد زوجتك إلى إنما ، يتجه إسعاد نفسك ، و إلى إ ))مباشرةً((لى السعادة الزوجية ال يتجه إ

لى سعادة نفسك إطريق ن ال إف: نسان إيقال عن الزوج هنا ، يقال عن الزوجة ، بل ويقال عن كل ال ((: ، هي التي تفكر فيها ، دائماً ))اهللا((فلتكن صيغة توحيدك . .سعادك اآلخرين إتجاه إيقع في

في مضمار العبادة ، وفي مضمار السلوك ، وفي مضمار المعاملـة ، علـى أن . .))ال أنت إله إ ، بـين فعـل تعـش ، دائمـاً ن ت إنك إف. .يكون فهمك ، في كل أولئك ، على نحو مما ذكرنا آنفاً

. .وهذا هو المراد منك. .))صالة دائمة((ذن ، في إحضرتي الصالة ، وتكن ،

أدب الوقت

ال واحدةً إوما أمرنا * إنا كل شئ خلقناه بقدر ((: قال تعالى . .قد جعل اهللا لكل شئ وقتاً ن مصـير األشـياء ، أ :وسر القدر . .واألمر هو القضاء ، وأعاله سر القدر . .)) بالبصر ،كلمٍح

ال الخيـر إ ))عند الـذات (( ، وليس ))الذات((ن سر القدر في أل. .لى الخير المطلق إواألحياء ، وهذا التنفيـذ . .والقدر هو تنفيذ القضاء في الزمان ، والمكان . .المحض ، فليس للشر هناك مكان

٤٦

Page 47: تعلّموا كيف تُصلّون

هو الذي خلقكم من طين ((: الى وقال تع . .))..نا كل شئ خلقناه بقدر إ: ((ليه اآلية إهو ما أشارت : وهذه اآلية هي في معنى قوله تعـالى ))ثم أنتم تمترون . .وأجل مسمى عنده . .، ثم قضى أجالً

ـ إن يأتي بآية أ وذرية وما كان لرسول من قبلك ، وجعلنا لهم أزواجاً ولقد أرسلنا رسالً (( ذن إال بقوله من اآلية السـابقة . .))وعنده أم الكتاب . .يمحو اهللا ما يشاء ، ويثبت * لكل أجل كتاب . .اهللاجل مسـمى أو((: ما قوله أ و .))يمحو اهللا ما يشاء ، ويثبت : (( هو بمعنى قوله ))ثم قضى أجالً ((

وفي . .شارة للتطور ، والتحول ، والترقي إوفي اآليتين . .))وعنده أم الكتاب (( فهو يعني ، ))عنده. . ترونها اهللا الذي رفع السموات بغير عمدٍ ((: ارة بقوله شمضمار الترقي ، في الزمن ، جاءت اإل

يدبر األمر ، يفصل . .وسخر الشمس ، والقمر ، كل يجري ألجل مسمى . .ستوى على العرش إثم . .أكبـر خلـق اهللا )) الـزمن ((و. .))الـزمن ((واألجل هو . .))اآليات ، لعلكم بلقاء ربكم توقنون

ليـه إوخلق لنا الكون لنسير بـه . .بشر ، قد خلقنا اهللا لنعبدهونحن ، ال . .هو الكون كله )) الزمن((: وهذا في معنى الحديث القدسي . .))نساننسان لي ، وخلقت األكوان لإل خلقت اإل ((: وهو قد قال

. .نسـان مطيـة اهللا فاإل. .))ما وسعني قلب عبدي المـؤمن إنرضي وال سمائي ، و أما وسعني ((حتوشتنا ظلمـات الجهـل ، قـد سـيرتنا إنا في بدء نشأتنا ، وقد نإثم . .نسانواألكوان مطية اإل لى مقـام علمنـا ، آثرنـا اهللا ، إ جهلناونحن ، كلما خرجنا من . .لى اهللا كرهاً إالعناصر الصماء

وسـيرنا . .ليهإصبحت العناصر وسيلتنا ، ومطيتنا ، في السير أ ، و ليه طوعاً إخترناه ، وسرنا أوـ نتصار على ما يستعبدنا من العناصر ، ألن سـيرنا نما يكون باإل إلى اهللا إ نمـا هـو إى اهللا ، إل

ونحن اآلن ، وفي مرحلة كبيـرة مـن . .نعتاق من كل رق لغير اهللا والعبودية هي اإل . .العبوديةنما هو عنصر إوأكبر عنصر له علينا أكبر سلطان . .مراحل تطورنا ، ال تزال تسترقنا العناصر

ال مظهر إ ))المكان(( ، فما ))الزمان((ن شئت ، هو عنصر إأو قل ، . .)) الزمان (( و ))المكان((لى الحرية من سلطان الزمان ، إنسان في عصر الفضاء الحاضر يشعر بالحاجة واإل. .))الزمان((

نتقاله ، يريد أن يبلغ بها من السرعة ما يلغي الزمان ، بالغاء إنه يطور في أدوات نقله ، و إولذلك ف هذا القـاهر ، هـو ))الزمان((وسلطان . .ليهاإولكنه يخطئ السبيل . . يبتغي الحرية هو. .المكان

: وذلك حين قالوا ، فيما حكـى اهللا لنـا فـي القـرآن . .الذي طوع للماضين أن يشركوه مع اهللا . .وما لهم بذلك من علم . .ال الدهر إوما يهلكنا . .نموت ونحيا . . حياتنا الدنيا إالما هي : وقالوا ((. . ، ال اآللـة ))المكان(( ، و ))الزمان((ن الدين هو وسيلتنا للحرية ، من إ. .))ال يظنون إن هم إ

يانا هي جوهر الحكمة في أن للعبـادات أوقاتـاً إ ))الزمن((ستعباد إومحاولة تحرير الدين لنا من تجب عليـك فهي. . وقت ـ ))ال اهللا ، محمد رسول اهللا إله إال (( -فللشهادة . .محددة تؤدى فيها

لقـد ((: قال تعالى . .تباعحين تبلغك دعوة الرسول ، من الرسول ، أو ممن هم على قدمه في اإل رحـيم بالمؤمنين ، رءوفٌ . . عليكم حريٌص. . عليه ، ما عنتم عزيٌز. .جاءكم رسول ، من أنفسكم

ذا إف. .))..لعظيموهو رب العرش ا . .عليه توكلت . .ال هو إله إال !! حسبي اهللا : ن تولوا فقل إف* ولكل ركن منهـا . .سالم ، وجبت عليك بقية األركان أوفيت بالشهادة ، وهي الركن األول من اإل

، وعلـى ، وقعـوداً ذكروا اهللا قياماً أذا قضيتم الصالة ف إف((: قال تعالى . .فللصالة أوقات . .وقتقولـه . .)) موقوتـا ؤمنين كتاباًكانت على الم ن الصالة إ. .طمأننتم فأقيموا الصالة إذا إف. .جنوبكم

وقد تحدثنا عن أوقات الصالة . . ، يعني له وقت يؤدى فيه ))موقوتا((قوله . . يعني فرضاً ))كتاباً((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصـيام ، كمـا ((قال تعالى . . وقت وللصوم أيضاً . .في هذا الباب

، أو على سفر معدودات ، فمن كان منكم مريضاً أياماً* كتب على الذين من قبلكم ، لعلكم تتقون له ، فهو خيرٌ فمن تطوع خيراً . .وعلى الذين يطيقونه فدية ، طعام مسكين . .، فعدة من أيام أخر

شهر رمضان ، الذي أنزل فيه القرآن ، هدى للناس * ن كنتم تعلمون إ لكم ، ن تصوموا خيرٌ إ، و ، أو علـى ومن كان مريضـاً . . منكم الشهر فليصمه فمن شهد . .، وبينات من الهدى ، والفرقان

٤٧

Page 48: تعلّموا كيف تُصلّون

ولتكبـروا . .ولتكملوا العدة . .وال يريد بكم العسر . .يريد اهللا بكم اليسر . . أخر سفر ، فعدة من أيامٍ مـن طلـوع . . ثم هو ، في داخل شهر رمضان ، له وقت ))ولعلكم تشكرون . .اهللا على ما هداكم

شربوا ، حتى يتبين لكم الخيط األبيض ، من أوكلوا و ((: قال تعالى . .لى غروب الشمس إالفجر ، . .وهو مرور الحـول . .وللزكاة وقت . .))..ى الليل إلالخيط األسود ، من الفجر ، ثم أتموا الصيام

والنخل ، والزرع ، مختلفـاً . . جنات معروشات ، وغير معروشات أوهو الذي أنش ((: قال تعالى ذا أثمر ، وآتوا حقه ، يوم إكلوا من ثمره . . ، وغير متشابه ابهاًأكله ، والزيتون ، والرمان ، متش

الحـج أشـهر ((: قال تعـالى . .وللحج وقت . .))نه ال يحب المسرفين إ. .وال تسرفوا . .حصادهوما تفعلوا من . .فمن فرض فيهن الحج فال رفث ، وال فسوق ، وال جدال ، في الحج . .معلومات

وحين كـان !!)) تقوني ، يا أولي األلباب إو. .ن خير الزاد التقوى إف!! وتزودوا . .خير يعلمه اهللا ن كل عبادة علـم ، وعمـل إومن ثم ، ف . .ال به إن لكل عبادة علم ، ال تصح إلكل عبادة وقت ، ف

هيئـة فمثالً. . به هو فرض عين ، على كل عابد إالوالعلم الذي ال تصح العبادة . .بمقتضى العلم وهيئة الصـالة علـم ال . .وهو فرض عين على كل عابد . .ال به إضوء الوضوء علم ال يصح الو

ولكـل علـم – أعني على كل مـؤمن –على كل عابد وهو فرض عين. .ال بهإتصح الصالة أال هللا ((: ولذلك فقد قال . .خالص فيها لوجه اهللا وروح كل العلوم اإل . .ال به إوال ينتفع منه . .أدب

))الكلم الطيب ((و. .))والعمل الصالح يرفعه . .يه يصعد الكلم الطيب إل((: وقال ))..الدين الخالص كل عمل مجود ، مراد به وجه ))العمل الصالح (( و . .خالص ، هو الصدق ، هو التوحيد ، هو اإل

وبتمـام . .وبالعلم النافع ، والعمل المخلص ، تتم العبوديـة . .سواء ، أكان عبادة أو معاملة . .اهللالى هذه الغايـة ال إولكي نصل . .نعتاق ، حتى عن الزمان ، والمكان لتحرير ، واإل العبودية يتم ا

..بد أن نوفي بأدب الوقت ، في كل عبادة

فأما الشريعة فهي قاعدة التكليف العام ، وهـي . .هناك الشريعة ، والطريقة ، والحقيقة المؤكد الذي كان يلتزمه النبي ، وأما الطريقة فهي النهج . .أدنى درجات التكليف ، على المؤمن

وأما الحقيقة في حالة . .والسنة شريعة ، وزيادة . .وهي ، من ثم ، سنة النبي . .في خاصة نفسه القلوب التي تكون عليها من المعرفة باهللا ، نتيجة للعمل بالشريعة، أو للعمل بالطريقة ، حسـب

. . بـاطالً ذا كان عمالً إال إ. .قة ، يثمر حاالً ن كل عمل بالشريعة ، أو بالطري إف. .مقتضى الحال قولي شريعة ، وعملـي طريقـة ، ((: ولقد وردت هذه الثالث في حديث المعصوم ، حين قال

وهي . .لزام ، قصاراه وهي ، من ناحية اإل . .))لمؤمنا((والشريعة هي تكليف . .))وحالي حقيقة . .ليه ، منفتحة علـى الطريقـة إوهي ، بالنسبة . . ، تكليف في بداية أمره ))للمسلم((، بالنسبة

نفتاح الطريقـة علـى إومعنى . .الطريقة منفتحة على الحقيقةأن ثم . . شريعته السنة ))فالمسلم((لـى إلى نهج الطريقـة ، إن المسلم مطلوب منه الترقي المستمر ، من نهج الشريعة ، أ: الحقيقة

فتكـون . .جود ، يدخل في مقامات الشرائع الفردية سدد ، وذا إوفي نهج الحقيقة ، . .نهج الحقيقةلى اهللا بعـد إنه ، في مرتبة العبودية ، الطرق إف. .وهذه هي العبودية . . من حقيقته شريعته طرفاً نه قد قيـل ، كمـا سـلفت إف. .داب في العبادة تبلغ كل هذه المراتب بمراعاة األ ..أنفاس الخالئق

. .))..لى اهللاإدبه في عبادته ، ألى الجنة ، ويصل بإبعبادته ن العبد ليصل أ((: شارة اإل

في مستوى ))أدب وقت ((هناك . . لكل مستوى من المستويات الثالث )) وقت أدب((هناك . . فـي مسـتوى الحقيقـة ))أدب وقـت (( في مستوى الطريقة ، و ))أدب وقت ((الشريعة ، و

نما هو إ المشترك بين آداب الحضرات الثالث والقاسم. .والتفاوت تفاوت مقدار ، كما هو واضح فال تعجـل علـيهم ، ((: تقان الحضور نهاية فيبلغها ، قال تعالى وليس إل . .الحضور في الوقت

٤٨

Page 49: تعلّموا كيف تُصلّون

نسـان فاإل. .))نعد لهم األنفاس الطالعة ، والنازلة ((: قال الحسن البصري . .))نما نعد لهم عدا إثـم ((: فيم صرفها ؟؟ وفي قـول اهللا تعـالى . .همحاسب ، على كل جزئية ، من جزئيات حيات

نسـان ستهل اإل إالنعيم هو العمر ، منذ أن : قال بعض العارفين . .))لتسألن ، يومئذ ، عن النعيم ، فـي ))أدب الوقت ((وقمة . .يسأل عن كل شئ . .لى أن يضم في أكفانه إ يوم ميالده ، و صارخاً

تفقت لـه إ حالة النبي ، في تلك الجمعية الكبيرة ، التي هذا المستوى ، هو قول اهللا تعالى ، عن مـا ((: قوله تعالى . .))ما زاغ البصر وما طغى * ذ يغشى السدرة ما يغشى إ((: في المعراج

أن: يعنـي . .قد توقف جوالن الفكر بين الماضي ، والمستقبل : يعني . .))زاغ البصر وما طغى تحرر . .))المكان(( ، و ))الزمان((خرج ، بذلك ، عن حكم و: النبي قد تم له رفع حجاب الفكر

نما إو. .نعتاق الكبير ، من رق العناصر كتملت له العبودية هللا ، بهذا اإل أمن أكبر العناصر ، ف في الشـريعة ))أدب الوقت ((وأول . .تقان األدب في الشريعة ، وفي الطريقة إيحقق هذا المقام ب

سالم ، مـن جديـد ، ولـذلك وهي بمثابة الدخول في اإل . .جب على كل مسلم والتوبة ت . .التوبة قـالع اإل: وللتوبة ثالثـة أركـان . .المهإسنسان المجدد للتوبة أن يغتسل بنية تجديد فيحسن باإل

ذا صحت إف. .ليهاإصرار على عدم العودة الفوري عن الغفلة ، والندم على ما مضى منها ، واإل ن تكـرر إ حصـلت ، و إنلى الغفلـة ، و إه األركان الثالثة ، ال تضره العودة نسان التائب هذ لإل

ويمكنه أن يعود للتوبة كل حين ، بشرط واحد ، هو أن تصح له األركـان الثالثـة ، . .حصولهاالتائب من الذنب كمن ال ذنب له ، والتائب من الذنب ، وهـو ((: نه وارد في الحديث إف. . دائماًـ إ ف ))..ستهزئ بربه ر عليه ، كالم مص شـتغال بالواجـب اإل ))أدب الوقـت ((ن إذا تمت التوبة ف

، فقد وجـب ، مثالً ))حراماإل((ن كان الذي يلي التائب ، فور توبته ، هو حضرة إف. .المباشروقد وصفنا لك هيئة . .وأن يستعد لها بالطهارة قبل الدخول فيها . .عليه أن يدخل فيها ألول الوقت

ن كان الواجب المباشر الذي يلي التائـب هـو إو. . في هذا الباب من الكتاب ))رامحاإل((حضرة فـي حضـرة ))أدب الشريعة ((وأدنى . . فقد وجب عليه الدخول فيها فوراً ))السالم((حضرة

نـك إ ، ف ))الطريقة((ن أنت زدت ، وهذا أدخل في إثم ، . . عن الناس ))كف األذى (( ))السالم(( لناس إلى ا نك توصل الخير إن أنت زدت ، وهذا أدخل في الحقيقة ، ف إثم ، . .تحتمل أذى الناس

ولما كان غرض حضرتي الصالة . .لى الناس إ تكف األذى ، وتحتمل األذى ، وتوصل الخير ـ هو الحضور مع اهللا ، بمعنى أن يكـون الـنفس ، ـ)) السالم(( وحضرة ))حراماإل(( حضرة ـ

وأهم . . فيهما يقضي بالمراقبة ، والمحاسبة ))أدب الوقت ((ن إف. .يل اهللا الطالع والنازل ، في سب ـ . . على تنقيتها من الشوائب شديداً صراراًإفيجب أن يصر . .أعمال العابد لقمة عيشه نهم قـد إف

مـن ((: وقالوا ))..نبثقت الحكمة ، من قلبه على لسانه إ من أكل الحالل أربعين يوماً ((: قالوا وهذا . .))حالل أطاع اهللا ، أراد أو لم يرد ، ومن أكل الحرام عصى اهللا أراد او لم يرد أكل ال

نه ال إفـ دم كسب حرام ـ نه ، ما دام الدم الذي يجري في شرايينك دم خطيئة إف. .أمر واضح في حكم المستحيل أنـ وسيقوم هذا ببالك ـوفي وقتنا الحاضر . .لى حرام إيمكن اال أن يسوق

فـي ((: ليه النبي حين قال إن وقتنا الحاضر هو الذي أشار إف. .نسان عيشه من حالل يكسب اإل ن الخير كثير وعميم إولكن ، مع ذلك ، ف . .))آخر الوقت القابض على دينه كالقابض على الجمر

خـر وفي آ . .نه ، في وقت الغفلة ، أجر التائبين ، المجاهدين ، مضاعف إف. .لمن يتعرضون له قـوم : ((حديث المعصوم ، عن األخوان ، واألصحاب ، وقد أوردناه في موضع آخر ، قـال

بل منكم : منا أم منهم ؟؟ قال : قالوا . .يجيئون ، في آخر الزمان ، للعامل منهم أجر سبعين منكم نـه إ و))!!ألنكم تجدون على الخير أعوانا وال يجدون على الخير أعوانا : لماذا ؟ قال : قالوا !!

ال إ مـا أكـل المـؤمن منهـا ))عبيطاً(( لو كانت الدنيا دماً ((: لمن سعة الرحمة قول المعصوم قل ال أجد فـي ((: هو أحد المحرمات األربعة الواردة في قوله تعالى ))العبيط((والدم . .))حالالً

٤٩

Page 50: تعلّموا كيف تُصلّون

، أو لحم خنزير ، مسفوحاً ال أن يكون ميتة ، أو دماً إ على طاعم يطعمه ، لي محرماً إما أوحي ن ربك غفـور إضطر ، غير باغ ، وال عاد ، ف أفمن . . أهل لغير اهللا به نه رجس ، أو فسقاً إف

والمـؤمن ، . .نما مأخذ الحديث من هذه اآلية إو. .))المسفوح((فالدم العبيط هو الدم . .))..رحيم قتصـاره إوتناوله الكفاف ، و . .كفافال ال إ ألنه ال يتناول ال حالالً إفي جميع حاالته ، ال يأكل

ولقد تحدث المعصوم عـن هـذا . .عليه ، يجعله في حكم المضطر ، غير الباغي ، وال العادي فالتائـب ، المجاهـد ))حسب المؤمن من الزاد لقيمات يقمن صلبه ((: المؤمن ، في موضع آخر

خالص ، وصدق ، في مجال إل ب ذا عم إ، في وقتنا الحاضر ، يمكنه أن يحرز الرزق الحالل ، ، فيجب عليه أال يرضـى الوظيفـة ، أو عامالً ذا كان موظفاً إف. .العمل الذي يكسب منه قوته

أو صنع الخمر ، أو بيع الكالب ، أو تربيـة . . في عمل يحرمه الشرع ، كبيع الخمر ، مثالً المخصص له ، يجب عليه أن يتفانى في ))بالمرتب(( ، ))العمل((نه ، حين يقبل أثم . .الخنازير

، أكان عليه رقيب من أصحاب العمل ، أم لم أدائه ، وأن يحاسب نفسه على تجويد األداء ، سواءً عليه أن ينتج أكثر مما يتوقع منه أصحاب العمـل ، حـين . .))الرقيب(( هو ))اهللا((ن إف. .يكن

وال . .ن عليه ألن يزكـي دخلـه إلقمة ، ف ثم هو ، ليستوثق من حل ال . .))المرتب((خصصوا له من دخله ، على من هـم فـي ))يتصدق((نما أعني أن إأعني الزكاة الشرعية ، ذات المقادير ، و

غاسلة ، ومطهرة ، لبقية كسبه ، الذي يستهلكه هـو ، ))الصدقة((حاجة ، بغرض أن تكون هذه نكسار إنما يشعر ب إتطالة المحسن ، و سإوعليه ، حين يعطي هذه الصدقة ، أال يشعر ب . .ومن يعول

ثم ، بعد هذه الحيل ، في تنقية الكسب ، عليك أن تأخـذ . .الشاكر هللا ، على أن وفقه ذلك التوفيق اللهـم ((: ولذلك فقد كان المعصوم يقول . .ألن الكفاف ، من الدنيا ، دين . .الكفاف ، وأال تسرف

ال يدعو هذا الدعاء بدافع الخـوف أال يعطـى وهو ، بالطبع ، . .))جعل قوت آل محمد الكفاف أما ((: نه ، قد قال ، في موضع آخر إف. .نما بدافع الخوف أن يعطى أكثر من الكفاف إالكفاف ، و

ال ثالثة دريهمات أرصـدهن إ في سبيل اهللا ، نفقه جميعاً أ ، أحب أن يكون لي مثل جبل أحد ذهباً ما إنجعل قوته ، وقوت آله ، الكفاف ، يأتيه كل يوم ، ذن ، حين دعا اهللا أن ي إفهو ، . .))!!لدين

يدل على هـذا . .أراد أن يكون مخزنه عند اهللا ، ألنه أوثق بما عند اهللا ، منه بما في مخزنه هو تغـدو . .لو توكلتم على اهللا ، حق توكله ، لرزقكم كما يرزق الطيـر ((: قوله ، في موضع آخر

))!! ، وتروح بطانا خماصاً

نما هو إوالمقصود من ذلك ف . . قلة الطعام ، وقلة المنام ، وقلة الكالم ))أدب الوقت ((ومن ومن . . والبعد ))الغفلة((ى إلنما تهدي إلى الخير ، و إن الفضول ال تهدي إف. .))الفضول((محاربة

فـي الـدنيا ، متأهـب دائمـاً ))الزاهد((ن إف. .وهذا يحققه الزهد . . قصر األمل ))أدب الوقت ((لى المغـارات ، إوال يظنن أحد أن الزهد في الدنيا يعني الهروب من العمل ، واللجوء . .آلخرةل

نمـا هـي إن حكم الوقت الحاضر الذي أوجب علينا أن نفهم أن الصالة الوسـطى إف. .والفلواتفال . .ار اآلخرين ، والتفكير في سعادة اآلخرين إيثنما هو إالمعاملة يوجب علينا أن نفهم أن الزهد

ـ . .ولتكن رغائبك كثيرة للمحتاجين من الضعاف ، ومن األطفال . .تكن رغائبك كثيرة لنفسك ن إفنمـا هـو إن الزهـد إذن ف إو. .لى الخلق إنما هو طريق توصيلك الخير إلى اهللا إطريق وصولك

على التفاني في العمل ، والتوسع في الكسب ، على أال تأخذ من كسبك اال الكفاف ، ثم تعود بباقيه . .شـتراكية نه ، على مثل هذه األخالقيـة ، تقـوم اإل إف. .ليه ممن ال يطيقون الكسب إالمحتاجين

نمـا إألن الزاهد . .خرةلى اآل إستعداد للرحيل فالزهد يعين على قصر األمل في الدنيا ، وعلى اإل وكل سجين . .))الدنيا سجن المؤمن ، وجنة الكافر ((: ولذلك فقد قال المعصوم . .كنزه في اآلخرة

ن روح القدس نفث في روعـي أن أحبـب إ(( : وقال أيضاً. .لى يوم الخروج من السجن إيتشوق

٥٠

Page 51: تعلّموا كيف تُصلّون

يتجافى . .نما يحب من ال يفارق إلى أن العاقل ، الكيس ، إشارة إوهذه . .))نك مفارقه إمن أحببت ف كنـزك ، يكـون حيث يكون : ((وقال المسيح ، في هذا الباب . .عما في الدنيا ويبتغي ما عند اهللا

وليس هنـاك . . لآلخرةستعداداًإشارة الى أن الواجب أن يكون عملك في الدنيا إوفي هذا . .))قلبكنحصار في الصالة ، والحضور فيها ، مثل الزهد ، ألن به قصـر األمـل فـي ما يعين على اإل

يصرف فـي أال أيضاً)) أدب الوقت ((ومن . .وقصر األمل يعين على قلة جوالن الخاطر . .الدنياال ((: بن عطـاء اهللا فـي ذلـك إيقول . .ال الخيرين إفال تصحب في حياتك . .غير العمل النافع

وهـو مـن . .وهذا في غاية األهمية . ..)).تصحب من ال ينهضك حاله ، وال يدلك على اهللا مقاله لجنابـة ، غتسـالك ، غسـل ا إتمام التوبة ، تلك التي بدأنا بها هذا الحديث ، والتي بدأتها أنـت ب

من تمام هذه التوبة أن تقاطع من كنت تصاحب ، في . . بين ماضيك ومستقبلك فاصالً وجعلتها حداً ولـذلك . .لى عهد جديد إنك ال يمكن أن تحتفظ بزمالء الغفلة ، ثم تكون لك نقلة إزمن الغفلة ، ف

-: نهم يقولون إف

..اطعال مقإفما واصل العذال * قاطع لمن واصلت أيام غفلٍة

حتفظت إن إنك إف. .وهؤالء هم زمالء الغفلة . .يعنون بالعذال الذين يلومونك على التوبة . .حب الخير للناس )) أدب الوقت ((ومن . .بهم يزودوك ويقطعوك عن العهد الذي أنت عليه مقبل

ن عجزت عن توصيله فليكن في إستطعت أن توصل الخير للناس فال تقعد دون توصيله ، و إن إف ن بلغك أن أحـداً إف. . كراهة أن تشيع الفاحشة في الناس ))أدب الوقت ((ومن . .بك تعلق به لهم قل

أدب ((ومـن . .كره له ، ما تكره لها أتورط في فضيحة فال تسر لها ، وتصور نفسك في مكانه و . . أن تحب الوقت ، فتتشوق ، لمجيئ أوقات الصلوات ، كما يشتاق الحبيب للقاء الحبيـب ))الوقت

والجلـوس علـى . .))الكشـتينة (( لك ، فتقتلها في اللهو ، ولعـب ال تعتبر أوقات الفراغ عدواً والطرقات تبحلق في وجوه المارة ، وتضايق نساء جيرانك ، حين يخرجن ، ويدخلن ، في قضـاء

وكل . .نه لعمل غير مسئول إن هذا لمن أسوأ أعمال الرجال ، على التحقيق ، و إ. .حوائج بيوتهن ثم أليست الحياة أكبر النعم ؟ وما هي . .؟؟)) ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ((ألم يقل . . مسئول نسانإ

ـ ؟؟ هـذه التـي ))الساعات(( و ))الدقائق(( و ))الثواني((ن لم تكن إالحياة يعها فـي هـذه تضيل لى فراشك ، من الل إفعندما تأوي . . أال تنام وأنت تهم بمعصية ))أدب الوقت ((ومن . .السخافات

ستعرض شريط ما جرى منك ، وما جرى لك في اليوم ، ثم إ، وتتوسد يمينك ، وتستقبل القبلة ، ـ . .نو فعل الخير ، من غدك أنق صدرك من جميع األحقاد ، والضغائن ، و ن إومن أجل ذلـك ف

مع صالة العشاء أن تكون آخر عملك وأال تثرثر بعدها ، وأال تسمر مع من عسى ))أدب الوقت ((ن أحد الصوفية المعروفين قـد كـان يقـول إف. .جترار سيرهم رضون ألعراض الناس ، وإل يتع

كان ما سـوينا ((: ن لم يكونوا ، يقول إ ف ))هل عندنا مداح ؟؟ ((ألصحابه ، بعد صالة العشاء ، وصالة الليـل . . بهذه الصورة ييسر لك القيام لصالة الليل ))أدب الوقت ((و . .))خير النوم أخير

ن في ظالم الليل تكون النفس قريبة من عنصرها الذي منـه هم الصلوات ، بعد المكتوبة ، أل هي أ . .لى األذن ما يوزعهـا إن في ظالم الليل تتقيد الحركة ، فال يصل وألـ ظلمة الطين ـصدرت

وألن في قيد هاتين الحاستين شـيئا مـن . .لى العين ما يوزعها إوألن فيه يتقيد النظر ، فال يصل نسـان علـى أن وكل هذا يعـين اإل . . رهبة ، والخوف الخفيف ، الذي يجعل الداخل متيقظاً ال

، وتيقظ الحواس ، ليعيش في الداخل ))ةبالجل((ينسحب من الدوامة الخارجية التي تفرضها علينا ناشئة نإ((: وهذا ما عناه ، سبحانه وتعالى ، حين قال . . ألغوار النفس في ، ومكتشفاً ، سائحاً

. . ذخيرة العباد نها قد كانت دائماً إفال تفرط في صالة الليل ، ف . .)) ، وأقوم قيالً الليل هي أشد وطأً

٥١

Page 52: تعلّموا كيف تُصلّون

فـي ))أدب الوقـت ((ومن . .ليها ، في وقتنا الحاضر ، أوكد منها في أي وقت مضى إوالحاجة في صالة ))دب الوقت أ((ومن . .صالة الليل أن يقام لها بعد نوم ، يكون الجسم فيه قد أخذ راحته

في صـالة الليـل أن ))أدب الوقت ((ومن . .الليل أن يالحظ وقتها ، وهو الثلث األخير من الليل في صالة الليل أن تصلى في ثوب طـاهر ، أبـيض ، ))أدب الوقت ((ومن . .تصلى في الظالم

ـ . . ال في ثوب ملون ، أو مزركش ، حيث أمكنـنظيف . .اءيستوي في ذلك الرجـال والنسفلتكن حركتك مقتصدة فـي غيـر . . في صالة الليل أال تزعج اآلخرين بها ))أدب الوقت ((ومن

في صالة الليل أن تحضر أشياءك التي تحتاجهـا ))أدب الوقت ((ومن . . ، وال ضجيج ))جلبة((ومن الخيـر أن . .بريقإمن أول الليل فال تفتح النور تبحث عن مسواك ، أو عن سجادة ، أو عن

ذا كانت الليلـة إال إ فناء الدار ، فيوال بأس من صالتها . .ليها في ركن ، من البيت ، هادئ تصففـي هـاتين . .ذا كانت في فناء دارك لمبة شارع ، قد حرمتك من ظلمة الليـل إال إو. .مقمرة

في صالة الليل أال تسامر أحـداً ))أدب الوقت ((ومن . .لى ركن مظلم إالحالتين يستحسن أن تأوي ويجـب أن . . ، ال بخير ، وال بشـر وال تذكر أحداً . .فال تسلم على أحد . .ممن معك في المنزل

ن بعض الناس يقومون لصالة الصبح ويدخلون فـي إف. .لى طلوع الشمس إالحظ هذا من الثلث تن هذا الوقت هو أنفس أوقات اليوم ، ويجب أال يجري فيه إ. .سمر ، بعد صالته ، أو قبل صالته

وال أخيـر !! ، ال ال تذكر أحـداً . . ، ال بالشر ، وال بالخير ال تذكر أحداً . .))الواحد((كر ال ذ إ أال تصرفه في تعلم علم ال تحتاجه لتجويد العمل في العبـادة ، أو ))أدب الوقت ((ومن . .الناس

ألنـك ))الوضـوء ((نما يفرض عليك ، فرض عين ، تعلـم كيفيـة إنك أنت إف. .))المعاملة((ولكنه ليس بفرض عين عليـك . .وفرض عين عليك أن تتعلم كيفية الصالة ألنك تصلي . .تتوضأ

بـل إ ، من سكان أمـدرمان ، ولـيس عنـدك ذا كنت ، مثالً إأن تتعلم كيف تكون زكاة االبل ، لـى التقـوى ، إ ، فال يسوق ))شيطنة((نما هو علم إلى العمل ف إن كل علم ال يراد به إ. .تزكيها

فـال .. بمقتضى العلـم ))العمل(( ، و ))العلم((طريق العلم النافع هو . .لى الفسوق إ يسوق نماإونه قد قال إف. .))اهللا((نتظر أن يعلمك إعمل ، و أثم . .ال به إال العلم الذي ال تصح العبادة إتتعلم

ن الدين لم يمت ، إف. .نما كان هكذا يفعل إن السلف أوتذكر جيدا . .))واتقوا اهللا ، ويعلمكم اهللا ((: . .علمهم أكثر من عملهم. .))يعملون(( وال ))يعلمون((بحوا ال بعد أن أصإفي صدور الناس ،

ونحن ، لما كنا ، في هذا الكتيب ، مركزين على الصالة ، ولما كان الصيام صنو الصالة ، أكـان الصـيام سواء . . في الصيام ))أدب الوقت ((نه من الواجب علينا أن نذكر شيئا من ، إ، ف

وأن تكـون النيـة . . في الصيام أن تدخل فيه بنية ))أدب الوقت ((نه لمن إف. . ، أم مكتوباً تطوعاًستعانة ، بترك األكل إولكن ليكن صيامك . .فال يكن صيامك عن األكل والشراب فحسب . .متنقلة

. .سكناتك في اليوم والشرب ، على يقظة الشعور ، وشحذ الفكر ، لتقوم المراقبة لجميع حركاتك و في الصـيام أن ))أدب الوقت((ومن . . لنفسك عن الرغبة في كل ما سوى اهللا اًمفليكن صومك فط

نت ال يمكن أن تحب وقت الصيام أو. . ، أكان رمضان ، أو غير رمضان تحب وقت الصيام سواءً ذا إنت أف. .فطرنما يحرمك من عادات كثيرة ، عودت عليها نفسك ، في أوقات ال إذا كان الصيام إ

فال يمكن أن تحب رمضان ، وهو ) معروف ))كيف السفة ((و ( ، ))كييف سفة (( ، كنت ، مثالً نمـا يعنـي إشتياقك لساعة الغروب إوال بد أن تشتاق لساعة الغروب ، و . .))السفة((يحرمك من

مـن ، فال تتـورط فـي عـادات ومن أجل ذلك فقد وجب أن تعيش معتدالً . .كراهتك للصوم واال تعجـل . . في الصوم أن تعجل بالفطور ))أدب الوقت ((ومن . . تستولي على عقلك ))الكيف((

سراف ، قبل أن إأقبل على الفطور ، وخذ حاجتك منه ، في غير . .نفسك عن األخذ بحاجتها منه ذا كنـت ممـن إ في الصوم أن تؤخر السـحور ، ))أدب الوقت ((ومن . .تنهض لصالة المغرب

٥٢

Page 53: تعلّموا كيف تُصلّون

ن صيام المجودين يقوم على وجبة واحدة في اليـوم ، ولكـن الرخصـة بـأكثر إف. .يتسحرونسـراف ضان بأطايب األكل والشراب ، وباإل ستعداد لرم ومن أدب الصوم أال يجري اإل . .دةموجون الناس ، في الوقت الحاضر ، يأكلون في رمضان أكثـر ممـا إف. .ى الناس عليه اليوم نرالذي

وذلـك )) النهـار (( في الصيام أال تتعمد نوم ))أدب الوقت ((ومن . .ريأكلون في غيره من الشهو ))أدب الوقـت ((ومن . .بتكلف السهر في الليل ، في غير ذكر ، وال فكر ، كما يفعل الناس اليوم

، فتظهر رمضان وكأنـه موسـم للتبطـل ، ))لتقليل العمل ((في الصيام أال تتخذ الصوم ذريعة نك بذلك تعرضه للذم ، وهو أبرك الشهور ، وأبعدها عن الذم إ. .نتاج والكسل ، والنوم ، وقلة اإل

))أدب الوقت ((ومن . . ن تحتفظ به سراً أ ، ذا كان تطوعاً إ في الصوم ، ))أدب الوقت ((ومن . .ن السـنة إ ، لكثرة ما تعرف به ، ف مثالً ))الصائم((في الصوم أال تكون لك به شهرة ، كأن تسمى

فطـار لك ، حتى يصـبح اإل في الصوم أال يكون عادةً ))أدب الوقت (( ومن ..أن تصوم وتفطر آفة كل عبادة أن (( :نهم قد قالوا إن محاربة العادة ، روح العبادة ، ف إف. .أصعب عليك من الصيام

القيام مطلـوب ، . . قيام الثلثـ في الصيام مرافقته للقيام ))أدب الوقت((ومن . .))تصبح عادةوفي غير رمضان ، ولكنه في رمضان أوكد منه في غيره ، وذلك للقرينة القائمـة في رمضان ،

قم الثلث ، وأكثر مـن قـراءة . .))شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن . ((.بين رمضان والقرآن والقرآن . .ن القرآن ، في الصالة ، خير العبادةإفـ في الصالة ! ! أكررـالقرآن ، في الصالة

وأنت حين ، تقرأ القرآن ، . .ي رمضان ، أكثر مما يعطيها في غيره من األزمان يعطي أسراره ف ذا قـرئ إو((: قال ، جل من قائـل . .ستمع له وأنصت إفي رمضان ، في الثلث ، في الصالة ،

، وخيفة ، ذكر ربك ، في نفسك ، تضرعاً أو* لعلكم ترحمون . .نصتواأستمعوا له ، و أالقرآن ف ن الـذين عنـد ربـك ال إ* وال تكن من الغافلين . .قول ، بالغدو ، واآلصال ودون الجهر من ال

نوا حاضـرين ، ، يعني كو ))ستمعوا له إ((. .))يستكبرون عن عبادته ، ويسبحونه ، وله يسجدون ومما يعينك علـى . .ستمعوا بآذانكم ، وفكروا بعقولكم إ. .))فكروا(( و ))ستمعواأف((عند القراءة ،

نك كلما صليت بقرآن جديد ، كلمـا وجـدت إف. .جديد اآليات المقروءة في الصالة ت ))ستماعاإل((أمـا . . ، أثناء القراءة نسان حاضراً وهذه من أنفع الحيل ليكون اإل . .لى الحضور إ عقلك مشدوداً

نصـات أن نما معناه أن نحاول باإل إ ، و ))ستمعواأف((فليس معناه مرادفا لـ )) نصتواأو((: قوله فكأنـه ، . .ى القلب ، في غير تفكر في المعنى إل ، وذلك بأن يؤدي السمع ))حجاب الفكر ((نرفع لى القلب إذن تؤدي ن األ إ ، ف ))االنصات(( ، األذن تؤدي الى العقل ، وأما ، في ))ستماعاإل((في

يعنـي . .))ن ناشئة الليل هي أشـد وطـأً إ((: وهذا هو معنى قوله تعالى . .، بال واسطة العقل ذا خرج الصوت بالقرآن ، من اللسان ، أحدث نقرة ، في القلـب ، إف. .اطئ القلب فيها اللسان يو

فتكون األذن ، كأنما هي صبابة ، تصب نور القـرآن فـي . .من غير أن يتفكر العقل في المعنى ـ إوهذه تبعث واردات القرآن ، من القلب . .القلب صباً اًلى العقل ، فيكون العبد ، ساعتئذ ، متلقي

ال بفضـل اهللا ، ثـم بفضـل إوهو ال يتم ، . .نصات أعز حاالت التلقي واإل. .من اهللا بال واسطة أنك ، حيث ))نصاتاإل((ومن األدب الذي يعين على تحصيل . .))ستماعاإل((المران الطويل على

ل عنه له ، وال تنشغ ))ستمعأف((ي بيت مأتم ، أو من المذياع سمعت القرآن يتلى ، سواء ، أكان ف ، مرة يبلغك ، في وضوح ، حتى ولو وصلك صوت التالوة من مذياع الجيران ، متقطعاً . .بغيره

هـذا التنفيـذ ن إ. . ، وأن تتـابع ))تسـتمع ((ومرة ينخفض ، فال يكاد يبلغ أذنك ، فحـاول أن ركة ، يفيض عليك من الب ))ستمعوا له أف((: من قوله تعالي ))ستماعباإل(( ))مرلأل(( ))الحرفي((

أحب القرآن ، ووقـره ، وأعظـم شـأنه ، يـبح لـك . .))نصاتاإل((حسان والخير ما ينقلك إل ..بأسراره

٥٣

Page 54: تعلّموا كيف تُصلّون

نما أردنا بهـا أن تعـين العابـد إو. . أوقات العبادة طائفة صالحة ))آداب((لقد ذكرنا من مارسـتها ، ن الدخول فـي م أ: ونؤكد له . .المجود على البحث ، ليستزيد منها ، ال أن يكتفي بها

والذين جاهـدوا فينـا ((: ن موعود اهللا إف. .تقان مراعاتها ، يفتح أبواب الخير على مصاريعها إو . .هذا وعد غير مكذوب. .))ن اهللا لمع المحسنينإو. .لنهدينهم سبلنا

أن العبادات ، : ويكفي هنا أن نقرر . .نه ليس للذكر وقت إ ، ف وفي حين أن للعبادات وقتاً فأهل الدنيا ، في الدنيا ، يذكرون . .ولكن ليس للذكر وقت . .))الحياة الدنيا ((نما هو إر وقتها الكبي

وأهـل . .وأهل الجنة ، في الجنة ، يذكرون اهللا. .وأهل البرزخ ، في البرزخ ، يذكرون اهللا . .اهللا وسـيلة ))تهمعباد((ن هم العباد ، في الدنيا ، أن تكون إالنار ، في النار ، يذكرون اهللا ، ولذلك ف

ولقد ورد في ثالث اآليات ، التي سلف ذكرها ، قبل قليـل ، قولـه تعـالى ، . .))الذكر((لى إ، ودون الجهر من القول ، بالغدو ، ، وخيفةً ذكر ربك ، في نفسك ، تضرعاً أو((: حبيبه مخاطباً

تصـال إلى إنما أشار إ ))وال تكن من الغافلين ((: عندما قال . .))واآلصال ، وال تكن من الغافلين ن الذين عنـد ربـك ال يسـتكبرون عـن عبادتـه ، إ((: ثم قال . .نقطاعإالوقت بالذكر ، بال

. .))المالئكـة ((لـى إ ))ن الذين عنـد ربـك إ((: أشار بقوله تعالى ))ويسبحونه ، وله يسجدون ))العبيـد ((و . .))يـد العب((لى إ وأشار بها أيضاً . .والمالئكة ليس لهم ، من الذكر ، وقت فراغ

نما هي أن تكـون إذلك بأن العبودية . . ، أال يكون لهم ، عن الذكر ، وقت فراغ يحاولون ، دائماً ـ والسجود هنا عبادة ، وعبوديـة ))وله يسجدون((: ثم قال !! وهيهات . .مع اهللا كما هو معكوسجود العقول منه رفع . .ية وللعقول سجود العبادة ، وللقلوب سجود العبودـشريعة ، وحقيقة

نمـا قـال إو. . ، وال يرجع نه ال يرفع أبداً إذا سجد القلب ف إف. .، ولكن سجود القلوب ال رفع منه والغرض من هذه المساوقة في السـجود ، . . في حق سجود العقل ))..قتربأسجد، و أو((: تعالى

. .يكون هناك رفع ، أبد ، األبيدنما هو أن تسجد القلوب ، ثم الإالغرض من السجود والرفع منه ،

خاتمة

ويسـاق ، بصـورة . .لى كل المسـلمين إهذا الحديث يساق . .نكم ال تصلون إف!! صلوا !! صلوا . .لى الذين يعمرون منهم المساجد ، اليوم ، ويستشعرون الرضا عن أنفسهم إخاصة ،

نهـا إ. .نها ال روح فيها إتؤدونها ، ف وال تغرنكم هذه الحركات اآللية التي . .نكم اآلن ال تصلون إفالـدين ((: ولم يقل النبي الكـريم . . ، بدليل أن أخالقكم ليست أخالق المسلمين ))جثة بال روح ((

ـسـالمية المعاملـة اإل ـوفي المعاملة الحسـنة . .))..الدين المعاملة((: نما قال إو. .))العبادةولكن قد تكون . .))سالميةالعبادة اإل ((نما هي ثمرة إ ))ةسالميخالق اإل األ((ألن . .العبادة موجودة

ن صالة المسلمين ، اليوم ، هي الصالة إ. .نما تعتبر عبادة باطلة إوهذه . .هناك عبادة بال معاملة * الذين هم يـراءون * الذين هم عن صالتهم ساهون * فويل للمصلين ((: التي قال عنها القرآن

ألن هيئتهم هيئة الصالة ، وحركاتهم حركات الصالة ))مصلين((ماهم ، س ))..ويمنعون الماعون والذي هم عنه ساهون . . بال محتوى ، صالتهم بال روح ))صالتهم(( ألن ))بالويل((وتوعدهم . .وقـد ــ ))المعراج(( في صالة ))الصلة((نما هي صالة إ ـنما هي روح الصالة في الصالة إف

لى إ هنا ))بالماعون(( ، أشار ))ويمنعون الماعون ((: ثم قال . .هم عن هذه ساهون . .شرحنا ذلك

٥٤

Page 55: تعلّموا كيف تُصلّون

الماعون أنهم قد مألوا القلوب بأصنام الدنيا ، ومطامعها ، ))ويمنعون((وعنى بقوله . .))القلوب((أما أحدهما فيكـاد يكـون فـي . .ومن هذه اآليات جاء حديثان كريمان . . هللا فلم يتركوا فيها مكاناً

وهذا ينطبق علـى . .))رب مصل لم تزده صالته من اهللا اال بعدا ((: ة ، وهو مستوى وعيد اآلي وهذا . .))رب مصل لم يقم الصالة ((: ا ثانيهما فهو أمو. .صالة بعض المصلين من الناس اليوم

. .ينطبق على صالة سائر الناس ، في يومنا الحاضر

نما هو في إسالم ، اليوم ، أن اإل : والحقيقة التي يحسن بالمسلمين أال يذهلوا عنها ، هي وهناك حديثان ، . .لى بعث إالمصحف فقط ، وأنه قد مات في صدور الرجال ، والنساء ، ويحتاج

يوشك أن تـداعى علـيكم ((: أنذر بهما المعصوم هذه األمة في أخريات أيامها ، قال في أحدهما : نحن ، يومئذ ، يا رسول اهللا ؟؟ قـال أو من قلة : قالوا . .األمم ، كتداعي األكلة على القصعة

والغثـاء هـو . .!!))بل أنتم ، يومئذ ، كثير ، ولكنكم غثاء ، كغثاء السيل ، ال يبـالي اهللا بكـم لـى أنكـم ال وزن لكـم ، إ ، ))ال يبالي اهللا بكم ((: وأشار بقوله . . الذي يحمله السيل ))الدفيس((

ألن ))ال اهللا إلـه إ عندما تكون قلوبهم خالية مـن ال والناس ال يكون لهم وزن عند اهللا . .كالغثاءال : ( وحديثه اآلخـر ) أثقل من جبل أحد ))ال اهللا إله إال (( من مثقال ذرةٍ : ( حديث النبي يقول

: نذار اآلخر هو قوله وحديث اإل . . )))ال اهللا إله إال (( من يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرةٍ ، بذراع ، حتى لو دخلوا جحـر ضـبٍ ، وذراعاً ، بشبرٍ قبلكم ، شبراً لتتبعن سنن من كان ((

تباعنا لسنن هؤالء ظـاهر إو. .))فمن ؟ : ليهود ، والنصارى ؟؟ قال أأ: قالوا !! خرب لدخلتموه فكأننا نحن المسلمين ، اليوم ، نذهب هللا في المسجد ، في األوقات ، ونصلي . .شارةإلى إال يحتاج

حين نتعامل بالربا ، ونكسب بوجوه الكسـب . . نشعر بوجوده حين نتعامل في السوق ، ولكننا ال . .المحظورة ، ونغش ، ونكذب ، وندلس

والحوادث ، والعبر ، التي تؤكد للمسلمين أنهم ليسوا على شئ كثيرة ، ولكن أهمها مشكلة ١٩٦٧ ، وعام ١٩٥٦ ، وعام ١٩٤٨نهزم المسلمون فيها عام إسرائيل ، فقد إالشرق األوسط مع

الذين يتخذون الكافرين أوليـاء مـن دون ((: يقول اهللا تعالى . .، وال يزال شبح الهزيمة يتابعهم : ويقـول تعـالى ، عـن المنـافقين . .))ن العزة هللا جميعاً إالمؤمنين ، أيبتغون عندهم العزة ؟؟ ف

العـزة ، ولرسـوله ، وهللا. .لئن رجعنا الى المدينة ليخـرجن األعـز منهـا األزل : يقولون ((ن تنصروا اهللا إ!! يا أيها الذين آمنوا ((: ويقول تعالى ))ولكن المنافقين ال يعلمون . .وللمؤمنين

. .))لكافرين على المؤمنين سـبيال لولن يجعل اهللا : ((ويقول تعالى . .))ينصركم ، ويثبت أقدامكم اهللا لليهود على المسلمين سبيال ، بـل ومع ذلك فقد جعل . .ذلك وعد اهللا ، وهو وعد غير مكذوب

)).. ، وقلوبهم شتىتحسبهم جميعاً((ال أن المسلمين ليسوا على شئ إفلم يبق . .أكثر من سبيل

قد بشرها ، وذلك حيث نه أيضاً إوفي حين أن النبي أنذر األمة ، في أخريات األيام ، ف من الغربـاء يـا : قالوا !! فطوبى للغرباء . .أ ، كما بد وسيعود غريباً سالم غريباً بدأ اإل ((: قال

وفي رواية أخرى ، عندما سـألوه عـن ))..ندثارهاإالذين يحيون سنتي بعد : رسول اهللا ؟؟ قال . .)) قليلة مهتدية ، في فئة كبيرة ضالة فئةٌ(( :من الغرباء يارسول اهللا ؟؟ قال: الغرباء ، فقالوا

٥٥

Page 56: تعلّموا كيف تُصلّون

!الصالة ماتت

والدعوة التـي .هي ، كما يؤديها الناس ، اليوم ، جثة بال روح . .ليومن الصالة ميتة ا إمـن . .نما هي من أجل بعث الصالةإيقوم بها الجمهوريون ، اليوم ، ويلقون في سبيلها مايلقون ،

، لتكون دافئة ، حية ، خالقة ، في قلوب الرجـال ، والنسـاء ، ))ال اهللا إله إال : ((أجل بعث نطلقت ، في شعاب مكة ، في مسـتهل القـرن السـابع إحين خرجت من منجمها ، و كعهدنا بها نما بدخول الفكـر علـى إو. .ذا دخل فيها الفكر ، فجددها إال إولن تعود الصالة حية . .الميالدي

الذين يحيـون سـنتي بعـد ((: وذلك ما عناه المعصوم حين قال . .))السنة((العبادة يكون بعث هي فكـر يأخـذ . . فكر يحارب العادة ))السنة((كيف أن : ينا في هذا الكتاب ولقد ب . .))ندثارهاإ

وعـودة . .بداياته في بساطة شديدة ، وذلك بتقديم الميامن على المياسر ، في العبادة ، وفي العادة لى الصالة ، في وقتنا الحاضر ، يمكن أن تكون في مثل هذه البسـاطة وأول إلى الحياة ، و إالفكر

وتقرير كون الصالة وسيلة ال يحتاج . .به ، هو أن نقرر أن الصالة وسيلة ، وليست غاية ما نبدأ ولقد تحدثنا عن ذلك فـي . .ذلك بأن ظاهر نص القرآن صريح فيها . .لى تخريج ، أو تأويل إمنا

: ن أدنى الذكاء يطالبنا بأن ننظر في عملنـا إ ف ))وسيلة((ذا كانت إف. .موضع آخر من هذا الكتاب ن إ نقف بها فـي أول مراحلهـا ؟؟ نحن ، أم هل ))الغاية(( نحو ))بالوسيلة((نحن متقدمون هل

وأنـت ، . .))السلم(( معناه ))المعراج((و . .))لى ربه إالصالة معراج العبد ((: المعصوم قد قال نـك ، إ، ف لى مكتب يقع في الدور الثاني ، من عمارة ، مـثالً إ، لغرض يخصك ، ذا كنت ذاهباً إ

هذا أمـر ال . .لى الدور الثاني إ الصاعد ))السلم((، ال تقف في الدرجة األولى ، من درجات بداهةًيجـري . .))السلم((، تصعد درجات تلقائياً نطالقاًإنما تنطلق رجالك ، إلى تفكير ، و إيحتاج منك

د الدرجة لى أين أنت ذاهب ، وال يمكن ، بحال من األحوال ، أن تقف عن إمنك هذا ، ألنك تعرف ن المسلمين ، اليوم ، من الناحية الروحية ، يقفـون عنـد أول إومع ذلك ، ف . .األولى من السلم

، اليعرفون الـى ألنهم ، روحياً !!لماذا ؟؟ الجواب قريب . .وال ينطلقون في درجاته : ))السلم((مـض فأصبحوا يتحركون في حلقة مفرغة ، كجمـل العصـارة ، يسـير مغ !!أين هم ذاهبون

:من غير أن يقطع مسافة ، يسير . .العينين

، ، من عند أنفسهم ، ضلوا الهدى ، حسداً* ستحبوا العمى ، على إوعن مذهبي ، لما . .وقد كلوا. .وما ظعنوا في السير عنه. * .لم يبرحوا من مكانهم . .وهم في السرى

هل نعرج . .يس صالتنا توجب علينا أن نصلي ، وأن نق ))لى ربه إالصالة معراج العبد ((، هل نحن ، بعد أن صلينا ركعتين ، مثالً . .لى اهللا ؟؟ وقياسنا هو مبلغ رضانا باهللا إبها كل لحظة

، ، وأسـلم قلبـاً ، وأطيـب نفسـاً سخى يداً أقد صرنا أرضى باهللا منا قبل أن نصلي ؟؟ هل نحن لـى إن صالتنا مؤدية توسيلها إن كنا كذلك ف إ، بعد الصالة ، منا ، قبل الصالة ؟؟ ف وأصفى فكراً

صـبر أف((: لى الرضا باهللا فقد ورد في ظاهر النص في قوله تعالى إوكون الصالة وسيلة . .اهللاعلى ما يقولون ، وسبح بحمد ربك ، قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها ، ومن آناء الليل ، فسبح

وقد جاء ، فـي . .))وصل((عناها م ))وسبح((قوله ، هنا ، . .))لعلك ترضى . .، وأطراف النهار . . وراء الصالة ))العلة(( هو ))الرضا((. .))لعلك ترضى ((. .هذه اآلية ، بأوقات الصالة الخمسة

، ال تعتـرض علـى تـدبيره ، وترضى به رباً تكون له عبداً . . هللا ))العبودية(( هو ))الرضا((و لـى الـرب ال إ ألن العروج ))لى ربه إالصالة معراج العبد ((: وهذا هو المعني بالحديث . .ياكإ

ستعملت الصالة حتى عرفت ربك ، وحتى تأدبـت إذا إف. .نما هو بالعلم إيكون بقطع المسافة ، و

٥٦

Page 57: تعلّموا كيف تُصلّون

قد جعل ))الوقت((ن حكم إ ف ويجب أن يكون واضحاً . .ليهإمعه بما يليق له ، فقد عرجت بالصالة ن بركة الصـالة ، إ ف أيضاً ون واضحاً ويجب أن يك . .))اآلفاق(( أهم من آيات ))النفوس((آيات

ولقـد قـال . .نها صالة باطلـة إرضا بال ، وطمأنينة نفس ، وصفاء فكر ، ف: ن لم تشعر بها إتصلي له اآلن ويـأجرك فـي ـ ويعاملك نسيئة ن اهللا أكرم من أن تعامله حاضراًإ: العارفون ن ندفع لألجير أجـره ، قبـل أن يجـف نه هو تبارك وتعالى ، يأمرنا في شرعه ، أ إ !!اآلخرة

: عرقه ، فكيف ال ننتظره أن يفعل بنا مثل هذا الصنيع ، على أيسـر تقـدير ؟؟ ألـم يقـل اهللا ن لم يكن إف. .))هاكبهاك ((أجر اهللا على الصالة . .نه قد قال إ !! بلى ))ستجب لكم ؟؟ أأدعوني ((

رب مصل لم يقم ((: ون ولم يقيموا الصالة نك ممن يصل إعلم ، أليك كذلك ، ف إاألمر ، بالنسبة ن كنت من العارفين بقدر نفسك ، المتواضعين ، فال تستبعد أن تكـون مـن إوأنت ، . .))الصالة

يقول ، جـل مـن . .))رب مصل لم تزده صالته ، من اهللا ، اال بعداً ((: الوارد في حقهم الوعيد قرأ إ* يلقاه منشورا خرج له ، يوم القيامة ، كتاباً نسان ألزمناه طائره في عنقه ، ون إوكل ((: قائل وكل خير تعمله يكتب فيـه ، . .كتابك هذا هو قلبك . .))كفى بنفسك ، اليوم ، عليك حسيبا . .كتابك ، خيراً فمن يعمل مثقال ذرةٍ ((: والقاعدة قول اهللا تعالى . .وكل شر تعمله يكتب فيه ، لتوه . .لتوهنصرفت من إ، ثم ، نفالً ن أنت صليت ركعتين ، مثالً إ ف )) ، يره شراً ومن يعمل مثقال ذرةٍ * يره

ياه هاتان الركعتان فال يقـومن إ أورثتك ))الرضا(( من مصالك ، وأنت ال تجد ، في قلبك ، شيئاً ن الكتاب عندك ، ففـتش إ. .ببالك أنهما مكتوبتان في مكان آخر ، وتجد أجرك عليهما يوم القيامة

))حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا؟؟ ((: ألم يقل المعصوم . .من الغافليننفسك ، وال تكن

نمـا إفنحن . .))الصلة((لى صالة إ وسيلة ـ الصالة الشرعية ـ ))المعراج((ن صالة إما فرضت علـى النبـي إن فرضيتها ، و صالة كبرى ، وهذه لم يكن جبريل حاضراً : لنا صالتان

الصالة صلة بين ((: وأخبرنا عنها النبي فقال . . ، وساطة جبريل وقد سقطت ، من بينه وبين ربه وأخبرنا عنها النبـي . .وصالة صغرى ، وهذه قد جاء جبريل بكيفيتها ، وأوقاتها . .))العبد وربه

لـى إ ))المعراج(( ولقد أمر تعالى النبي أن يعرج بصالة ))لى ربه إالصالة معراج العبد ((: فقال عسى أن يبعثـك ربـك . .ومن الليل فتهجد به نافلة لك ((: ل تعالى في حقه قا. .))الصلة((صالة . .لى صـالة الصـلة إفصلى النبي صالة معراجه يرتقي بها ، كل يوم ، )) !! محمودا مقاماً

وصالة المعـراج . .لى صالة صلتنا إوندبنا نحن لنصلي صالة معراجنا ، لنسير بها ، كل يوم ، يجئ من هذا الوضع أننا نصلي . .وهي شريعته ألمته ، كرسول . . كنبي هي شريعته الخاصة به ،

ولقـد . .صالة المعراج ، من حيث الهيئة ، كما يصليها ، غير أنه هو أصيل ، ونحن مقلـدون سـتعملنا صـالة إذا نحن إف. .))صلوا كما رأيتموني أصلي ((: جاءت عبارته لنا في التقليد هكذا

لى صالة الصلة إننا نعرج بها إ فـ حركة أجسادنا ، وحالة قلوبنا ـتقان إالمعراج في تقليد النبي بوعند العبودية تسقط الواسطة ، ويقوم العبـد فـي مواجهـة . .وبصالة الصلة تتم العبودية . .

. .الرب

ن الذي نحن عليه اليوم هو أصل الدين ، وبفضل اهللا ، ثم بفضل حكم الوقت الحاضـر إ ال في مستوى إسالم ال تكون ذلك بأن عودة اإل . .ياهإال إليس هناك دين ـ ))نالقرن العشري (( ـ

المعاصرة عـن اتجتماعيوقد ظهر عجز الفلسفات اإل . .حل مشكلة المجتمع الكوكبي المعاصر . .حالل السالم في األرض إنما تتمثل في إومشكلة المجتمع الكوكبي المعاصر . .حل هذه المشكلة

و إنما يستطيع اإلسالم وحده أن يحل ..ذا حل في كل نفس بشرية إال إ األرض وال يحل السالم في سالم في اإل . .، ألن توكيده ، في المكان األول ، على كل فرد بشري السالم، في كل نفس بشرية

٥٧

Page 58: تعلّموا كيف تُصلّون

ليـه ، وبخاصـة إ، الفرد البشري هو مدار التكليف ، ومدار المسئولية ، وكل شئ عداه وسـيلة الفرد غاية ، والمجتمـع ـ ائته هذه المقدرة على التنسيق بين الفرد والجماعة نما جإو. .المجتمع ومسـتوى ـ تشـريع العبـادة ـمستوى الفرد : من كون تشريعه يقع على مستويين ـ وسيلة

والمحك الذي تقصر عنه جميـع الفلسـفات ، وجميـع ـ )) المعاملة(( تشريع العادة ـالجماعة لما ...هو المقدرة على التوفيق بين حاجة الفرد ، وحاجة الجماعة . .محكنما هو هذا ال إاألديان ،

. .ظهار هذه الحقيقة الكبـرى إلتزمنا ب إسالم ، فقد لى عودة اإل إكنا نحن ، بفضل اهللا علينا ندعو لـى مسـتوى إوهي أن السالك ، المجود لتقليد النبي ، يبرز من مستوى الشريعة الجماعية ،

ويعطى شريعته الفردية مـن . .لى األصالة إويكون بذلك قد أفضى به التقليد . .ردية الشريعة الف وقد بينا ، في هذا الكتاب ، وفي غيره من كتبنا ، كيـف أن . .، بال واسطة النبي اهللا ، كفاحاً

. . الحقيقة))يعلم((الشريعة ، واهللا هو الذي )) وسيلة((النبي

نفسه ، حين جاء ))سالماإل((ولكن ، ألم يكن . .على الناس ن هذا الذي نقول به غريب إ، وهم فـي فنـاء ألم يطلع النبي الكريم عليهم ، يوماً . . عليهم للناس ، وهم في غفلتهم ، غريباً

سـتغربوا أ؟؟ فنفروا منـه ، و . . تفلحوا ))ال اهللا إله إال (( قولوا !!يا أيها الناس ((: الكعبة ، فقال ن هذا لشـئ إ ؟؟ واحداً لهاًإأجعل اآللهة ((: جاء القرآن يحكي عنهم ، أنهم قالوا قوله ، حتى لقد

بـدأ ((: لى هذه أشار النبي الكريم حين قـال إو. .أي شئ غريب . . أي شئ عجيب ))!!عجاب من الغرباء يا رسول اهللا ؟؟ قال : قالوا !!، كما بدأ فطوبى للغرباء غريباً ، وسيعودُ غريباً سالُماإلنما تستغربون قولنا ألنه يستمد مـن إوأنتم ، اليوم ، . .)) فئة قليلة مهتدية ، في فئة كبيرة ضالة :

وأنتم قد أصـبح التوحيـد . .التوحيد ، في مستوى جديد ، يليق بقامة المجتمع الكوكبي المعاصر وكونـوا . .))حقال((وال تعجلوا أنفسكم عن . .تقوا اهللا أف. . ، حتى في مستواه السلفي عليكم غريباً

أن األرض اليـوم تنتظـر عـودة : علموا أو. .تهموا أنفسكم ، قبل أن تتهموا اآلخرين أأذكياء ف في مستواه الذي ظلت جميـع عائداً ))سالمإلا((ال إ ))السالم((لى إوليس لها من سبيل . .سالماإل

، ظلت ، في جميع المجهودات البشرية ، حين كانت تستلهم األرض ، وحين كانت تتصل بالسماء ، كما تفعلون ، اليوم ، بمعارضة ))سالماإل((ال تكونوا عقبة في سبيل . .حاالتها ، تعمل لمجيئه

!!ولكن ال ضـير . .نما أنتم ، اليوم ، أعداء في ثياب أصدقاء إ. .))الحق(( ، و ))الخير ((دعوة : ألم يقل ، جل مـن قائـل . .تههو أكبر من األعداء وقد تكفل اهللا بنصر . .سالم ال يعادي ن اإل إف

؟؟ ))وكفى بـاهللا شـهيدا . .هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله (( !!ال بأنفسـكم إفال تهتموا . . ، هو مصدر راحتنا وطمأنينة بالنا ))وكفى باهللا شهيدا (( -: قوله

. . ،ال تكونوا له أعداء ،كما تفعلون اليوم))مللعل(( ، فكونوا أعواناًن كانت تهمكم حقاًإنها ، إف

وكل . .نما هي شريعة فردية إ ، في أصلها ، ))سالمشريعة اإل ((ن إف!! سمعوا قولي هذا أولقد مثلنا لهـذه . . مستفيضاً والقرآن يركز على الفردية ، تركيزاً . . فردية نما هي دائماً إالمسئولية

ننا نحن لم نقل مـا قلنـاه بـالرأي إف. .عادة هنا ني عن اإل الفردية في العديد من كتبنا ، مما يغ .عن ظن ، و ال عن شك ولم نقل ما قلناه . .الفطير ، غير المؤدب بأدب الشريعة ، وأدب الحقيقة

ال إن من العلم كهيئة المكنون ، ال يعلمـه إ((: ن المعصوم قد قال إ ف..نما هو العلم الصراحإ و .ني ألعيذكم باهللا أن تكونوا مـن إو. .))ال أهل الغرة باهللاإا تحدثوا به ال ينكره ذإف. .أهل العلم باهللا كانت شـريعته ، فـي ))فردية((سالم ، في أصله ، وفي حين كانت شريعة اإل . .أهل الغرة باهللا

لى الشريعة الفردية ، وبقريـب مـن إ ))وسيلة((ال إوما الشريعة الجماعية . .))جماعية((الفرع ، والذي يذهل الناس عن هذه الحقيقـة . .نجاب الفرد الكامل إل ))وسيلة((ى الذي به الجماعة المستو

٥٨

Page 59: تعلّموا كيف تُصلّون

من مثل قوله ، جـل ال يوم القيامة ، أخذاً إهو ظنهم أن الفردية التي يتحدث عنها القرآن ال تكون م لقد أحصاهم ، وعده * ال آتي الرحمن عبدا إن كل من في السموات ، واألرض ، إ((: من قائل

. .نما هي يـوم القيامـة إفعندهم ، من ههنا ، أن الفردية . ..)).وكلهم آتيه يوم القيامة فردا * عدا . .))ال وهو كائن اليومإما من شيئ كان ، أو يكون ، ((: ن أسرار التوحيد تقول إف!! علموا أولكن

ونحن ، كلما علمنا . .نولكنا نحن مذهولون عنها بجهلنا ، وبتوزعنا في الزم . .فالقيامة قائمة اليوم ولقد تحدثنا عن هذا ، في هذا الكتاب ، وذلك حـين . .، وكلما جودنا التوحيد ، كلما وحدنا الزمن

ننا لنبلـغ ، فـي لحظـة إنتصار على الزمن ، حتى إنما هو محاولة إذكرنا أن تحقيق العبودية ولقد . .صر على الزمان تماماً ، أن ننت ))ما زاغ البصر وما طغى ((: التوقف الفكري ، في مقام

حتى زرتم * لهاكم التكاثر أ((: ، اليوم ))يوم القيامة ((قال ، جل من قائل ، في عجزنا عن رؤية * لو تعلمون علـم اليقـين !! كال * سوف تعلمون !! ثم كال * سوف تعلمون !! كال * المقابر

لو !! كال ((قوله . .))، يومئذ ، عن النعيم ثم لتسألن * ثم لترونها عين اليقين * لترون الجحيم . .ال جهلنا ، وعلمنا الناقص إ يعني أنه ما يحجبنا عن الرؤية ))لترون الجحيم * تعلمون علم اليقين

نما يبدأ في الدنيا ، بالعبادة ، وما ترفع من الحجب ، ويزيد في اآلخرة ، بـالموت إولما كان العلم ، و ))بالعبادة(( فنحن نحصل ))ثم لترونها عين اليقين ((: قد قال نه إ، وما يرفع من الحجب ، ف

نحصل علوم اليقين ، ، ))موتوا قبل أن تموتوا ((: ، الذي قال عنه المعصوم ))بالموت المعنوي ((فمن النـاس مـن . .في مستوى علم اليقين ، ومستوى علم عين اليقين ، ومستوى علم حق اليقين

، حين يلم بـه المـوت نه ال يفاجأ بشئ غريب عليه تماماً أي ، حتى يحصل هذه بالموت المعنو ))زددت يقينا إلو رفع الحجاب ما ((: بن أبي طالب ، قال مرة مام علياً ن اإل أولقد قيل . .الحسي

. .تقانه للموت المعنويإيقول هذا لفرط

ومعلومـة !! يا نحن بشرية الثلث األخير من ليل الـدن !! نحن ، بشرية القرن العشرين بنفس هذا القدر . .)) ، وأقوم قيال ن ناشئة الليل هي أشد وطأً إ((: قيمة الثلث األخير من ليل اليوم

فهذه البشرية هي . .يجب أن نعلم قيمة الثلث األخير من ليل الدنيا ، وقيمة البشرية التي تعيشه وهي الموعودة بتحقيـق جنـة ..راً ، في وقتها ، كما ملئت جو الموعودة بأن تمأل األرض عدالً

وقالوا الحمد هللا الذي صدقنا وعده ، وأورثنا األرض ، نتبوأ من الجنة ((. .األرض ، في األرض الذي مـن ))اليوم اآلخر ((هذه البشرية المعاصرة هي بشرية . .))حيث نشاء ، فنعم أجر العاملين

. . ، في جميع حقب هذه الحياة الدنيا رسل الرسل ، وأنزلت الكتب ، وشرعت الشرائع أأجل تحقيقه ن الذين آمنوا ، والذين هادوا ، والنصارى ، والصابئين ، إ(( : والذي وارد ذكره في القرآن كثيراً

، فلهم أجرهم عند ربهم ، وال خوف علـيهم ، وال من آمن باهللا ، واليوم اآلخر ، وعمل صالحاً ولكن جاهليتها هذه أعلم ، وأرفع ، وأكثـر . .اليومهذه البشرية هي في جاهلية ، . .))هم يحزنون

نسانية ، ولطافة ، من جاهلية القرن السابع ، من جاهلية األصحاب ، بما ال يحتمل القياس ، إ ، جديدة ، دافئة، قوية، خالقة، كما كانت على ))ال اهللا إله إال ((: ذا عادت فيهم إف. .وال المقارنة

ما بظهوره تمـأل إن من البشرية سيظهر على هذه األرض ، و وى جديداً ن مست إعهد األصحاب ، ف نساني الكبيـر وهذه البشرية التي ستظهر ، في هذا المستوى اإل . .، كما ملئت جوراً األرض عدالً

: ليهم ، حين قال ، وهو بين أصحابه إشتاق إ الذين ))أخوان النبي ((نما هم إ، بمحض فضل اهللا ، بل أنـتم : خوانك يا رسول اهللا ؟؟ قال إأولسنا : قالوا !! ي الذين لما يأتوا بعد خوانشوقاه إل وا((

:خوانك يا رسول اهللا ؟؟ قـال إأولسنا : قالوا !! خواني الذين لما يأتوا بعد شوقاه إل وا!! أصحابي م قـو : خوانـك ؟؟ قـال إ من :قالوا!! خواني الذين لما يأتوا بعد شوقاه إل وا!! بل أنتم أصحابي

بل منكم : منا ، أم منهم ؟؟ قال : قالوا . .يجيئون في آخر الزمان ، للعامل منهم أجر سبعين منكم

٥٩

Page 60: تعلّموا كيف تُصلّون

هذه . .))ألنكم تجدون على الخير أعوانا ، وال يجدون على الخير أعوانا : ولماذا ؟؟ قال : قالوا !! . .سـالم ، ودينهـا اإل وكتابها القرآن ))محمد(( ، رسولها ))خواناأل((البشرية التي سيجئ منها

يقول تعالى ، فـي كـل . .نما تبلغ هذا المبلغ من الرفعة ، وكرامة المقام ، بمحض الفضل إوهي هو * يسبح هللا ما في السموات ، وما في األرض ، الملك ، القدوس ، العزيز ، الحكيم ((: أولئك

ويعلمهم الكتاب ، والحكمـة ، منهم ، يتلو عليهم آياته ، ويزكيهم ، الذي بعث في األميين رسوالً ذلك * وهو العزيز الحكيم . .وآخرين منهم لما يلحقوا بهم * ن كانوا من قبل لفي ضالل مبين إو

ولقد تحدثنا عن كل أولئك بتفصيل شامل . .))فضل اهللا ، يؤتيه من يشاء ، واهللا ذو الفضل العظيم ولكن الذي يهمنا . .فليراجع في موضعه . .))سالمالرسالة الثانية من اإل ((: في كتبنا وبخاصة في

والمبشـرون . .ونحن دعاة بعث السـنة . .هنا ، في ختام هذا الكتاب ، هو أننا نحن دعاة الصالة ، وال هو فليس قولنا ظناً . .لى ما نقول إونحن ، بفضل اهللا علينا ، نعرف طريقنا . .سالمبعودة اإل

نما نقوله لتوكيـد حقيقـة إ، و فتخاراًإنحن ال نقول هذا و. .نما هو صريح العلم إ بالرأي ، و عتسافاًإننا لعلى يقين تام أنهم ، اليـوم ، إو. .فنحن نريد للناس أن يصلوا . .لى توكيدها إالناس في حاجة

. .ال يصلون

خاتمة الخاتمة

ن قيمة الصالة فـي صـحة إف. .لى كل الناس ، ليصلوا إنختم كتابنا هذا بتوجه خالص . . والعقول ، والقلوب ، ال تعدلها قيمةاألبدان ،

ن الصالة ليست عمل البسطاء والسذج، والجهلة إ: للعلماء ، والفنانين ، والمثقفين ، نقول عمل العلماء ، والفنانين ..نما هي ، في المكان األول ، عمل األذكياء إ، والعجائز ، والعاجزين ، و

. .، والمثقفين

هي منهاج يتنقـل . .نما تستمد من العلم إ تستمد من العقيدة ، و سالم ، ال الصالة ، في اإل في األوضاع المختلفة ، ليجمع مراحل التطور المختلفة ، في سير الحياة ، على هـذا الكوكـب ،

. .لى هذا الكوكبإوقبل أن تنزل

:رها نحو مصدرتقاًءإلقد كانت الحياة ، وال تزال ، تمر بمراحل ثالث ، في سلم تطورها ،

لمـادة ا وهذه تشمل تطـور ـ الصرف ))الفزيولوجي(( التطور ـمرحلة التطور العضوي .١ . .غير العضوية ، والمادة العضوية ، قبيل ظهور العقول في المستوى البشري

ـ مرحلة التطور العضوي العقلي .٢ ، المتـأثر بالعقـل البشـري ، ))الفزيولـوجي (( التطور مرحلة عقول ، تؤثر في األجسـاد ـالمرحلة البشرية المعاصرة وهذه تشمل . .والمؤثر فيه

. .، وتتأثر بها ، في صراع وتجاذب

التطور الذي تتعاون فيه العقول ، والقلوب ، واألجساد ، في مراحل ـمرحلة التطور العقلي .٣ تـم نطالق الذي ال يعوقه معوق ، بعد أن نما هو اإل إو. .الترقي ، بدون تعارض ، وال تضاد

وهـي . .مامنـا أوهذه المرحلة ال تزال . .التحالف ، والتناسق ، بين الجسد ، والعقل ، والقلب

٦٠

Page 61: تعلّموا كيف تُصلّون

نسانية التي نترقب ظهورها ، من البشرية المعاصرة ، وسيكون ظهورها قفزة أكبر مرحلة اإل من تلك القفزة التي صحبت ظهور البشرية المعاصرة من مرحلـة الحيوانيـة التـي تمثلهـا

..))الفزيولوجي(( التطور ـة األولى ، من مراحل التطور المرحل

وهي تحاول أن تحقق . .سالم ، تستمد من هذه المراحل التطورية ن الصالة ، في اإلإ نسان المصلي بذكاء ، وبتجويد ، الكماالت التي تنتظر من يملك القدرة على توحيد جسده ، لإل

. .وعقله ، وقلبه

يعمل فيها العقل ، الذي شحذت ذكاءه العبادة ، ))نفسية((الم جلسة سن الصالة في اإل إعمل السحر في تنظيم النشاز الداخلي ، حتى يسكن جيشان الخواطر الداخلية ، وتنحـل العقـد

في الجسد ، وفي العقل ، ـتساق بين جميع القوى المودعة في البنية البشرية النفسية، ويتم اإل . .نقسام ، ويقوم السالم في جميع أطراف البنية البشريةفتحل بذلك الوحدة محل اإل ـوفي القلب

ن فيها إ. . لألمراض العصبية ، والعقلية ، المتفشية اليوم لعالجاً ))الذكية((ن في الصالة إ . .الصحة الداخلية ، والصحة الخارجية

!! نكم بالصـالة أولـى إف!! لوا ص: للعلماء ، والفنانين ، والمثقفين ، واألذكياء ، نقول ذلـك . .نكم بالصالة تحرزون الحياة الكاملة ، المتمثلة في حياة الفكر ، وحياة الشعور إف!! صلوا

!! وعلـى منهـاج هـذا الكتـاب !! صـلوا . .ألن بالصالة تتم وحدة الجسد ، والعقل ، والقلب . .ن شاء اهللا إوستحمدون سعيكم ،

: نا نقـول لهـم إ اليوم ، ويعمرون المساجد ، ف ))يصلون(( الذين وأما عامة المسلمين ، وال يكـون !! نها قد ماتت إف!! بعثوا صالتكم أ. .))ال تصلون (( ، ))اليوم((نكم ، إف !! ))صلوا((

ن الصالة جسد ، وروح إف !! ))بالمظاهر((دعوا خياكم أن ت إو!! ليها إرجاع الروح إال ب إبعثها . .عث فيه الحركة ، والحرارة ، والحياةيعمر الجسد ، ويب

. .نما هي جسـد ميـت إو. .طالق ، على اإل ))بصالة((وأما صالتكم ، اليوم ، فليست لـى الحيـاة النافعـة ، لكـم ، إ ))وسيلة((جعلوا صالتكم أو !! ))قدوة التقليد ((لى تقليد إعودوا

الفكـر ((لى إ ))وسيلة((جعلوا صالتكم أ. .تركوا هذه الهمهمة بالسبح أو. .ولألحياء ، واألشياء فقد كان المعصوم يخلو بربه ، في الثلث األخير من الليـل ، يصـلي ، ويفكـر ، . .))والعمل

بتغاء الخير لهم ، وتوصيل الهداية ، والصالح إويستغفر ، ثم يصبح بالنهار في خدمة الناس ، و . .))دة سبعين سنةتفكر ساعة أفضل من عبا((: وهو قد قال . .ليهم إ،

. .لـيهم إليك الذكر ، لتبين للناس ما نزل إوأنزلنا ((: وقال تعالى ، في قيمة العبادة كلها وجعل الصالة . .))ولعلهم يتفكرون ((. .))الفكر(( فجعل القيمة ، من الدين كله ، ))ولعلهم يتفكرون

حمد ربك ، قبل طلوع الشمس وسبح ، ب . .صبر على ما يقولون أف((. .))الرضا((لى إ ))وسيلة((، لعلك ترضـى ((. .))لعلك ترضى . .، وقبل غروبها ، ومن آناء الليل فسبح ، وأطراف النهار

. .الصافي)) الفكر((نما هو ثمرة إ ))الرضا((و. .))!!

بتغوا من الصالة مـا الصـالة حريـة إو!! صلوا . .نكم ، اليوم ، ال تصلون إف!! صلوا . .وضات البركات الناميات ، وال تقنعوا منها بهذه المظاهر الجوفاءليكم من فيإبتأديته

٦١

Page 62: تعلّموا كيف تُصلّون

٦٢

ال في الخلوات ، وال في الطرقات ، وال في المكاتـب ، وال فـي !! ال تهمهموا بالسبح نما كان يصـلي ، ويفكـر ، إ لم يكن يهمهم بالسبح ، و ))قدوة التقليد ((ن إالمركبات العامة ، ف

خالص ، فـي السـر ، أوصاني بـاإل : ربي بتسع ، أوصيكم بهن أوصاني ((: قال . .ويعملوأن أعفـو عمـن . .والقصد ، في الغنى ، والفقر . .والعدل ، في الرضا ، والغضب . .والعالنية ونطقـي . .وأن يكون صمتي فكـراً . .وأن أصل من قطعني . .وأن أعطي من حرمني . .ظلمني ))..ونظري عبرة. . ذكراً

!! هكذا فكونوا

لخيـركم ، !! عملـوا أو! عتبروا أو! وفكروا !! )) كثيراً ذكروا اهللا ذكراً أ((و! صلوا !!ولخير األحياء ، واألشياء

!!صلوا

نما أخرج ليبعث لكم الصالة إنه ، إ ف ))تعلموا كيف تصلون (( : ))الكتاب((وعلى هدى هذا . .، بعد أن قد ماتت

خالصـه إواهللا ، هو المسئول ، أن يكمل . .اهللا عمل خالص منا لوجه ))الكتاب((ن هذا إ ))العلـم ((وأن يعلمنـا . .وأن ينفعنا بما علمنا . .وأن ينفع بنا . .وأن يقبله منا . .لوجهه الكريم

!!ونعم النصير !! وهو نعم المولى . .نه سميع مجيبإ. .الذي ال جهل بعده