Top Banner
2 د مفتتح العد والعشرونلثامند ا العد- ؤى تربوية ر مفتتح نحو التغييرواطنة سعي ام الكردي وسياعية متنوعة أبرزها اجتم قطاعاتل معن العم، بعد رحلة طويلة مغستو بواللي أو البرازيسرحي، رحل ا2009 لعامر من هذا اول من أيا في ا أو»نتدىا« سرح ا يسمى بتوظيفه، وقد عرف أكثر ما عرف»ضطهدينمسرح ا« ولبه ا هدة، وقد سمى كتا ضط شة واّ همت الفقيرة والفئا اشهدسرحي داخل اداء اشتركون في اث يا لهم شأن فيها، بحي يعالج قضاي الذيسرحيشهد ا في اتفرج يقوم على إشراك ا، الذي»نبرا« سلوب يستخدمون هذا ا الذينعلم متزايد من اد. وهناك عد عليهد الواقعضطها هد من ا ضطتخليص اة في محاولة لحات بديل اقترا لتقديا نظربعة من زوالناختلفة وات النظر اعتبار وجها اة، تأخذ بعمتنوعات عميقة ودفعه إلى مستويب و الطوار بطوير مستوى اسرحي في ت اة تقوم فيساسيهمة بوال اقي. إن مسا حقيجتماعي على إحداث تغيير اً دراعتباره قاوب إلى اسلون هذا ا يتبنن رين الطموح بكثيعة، ويصل متنوً حادم اقترا ليقًثهدااعتباره مشارج فيها بتف، وإشراك اً مسرحيا- دَ هد ومضطهِ ة على مضطلقائمدلة أو العاغير ا- جتمعيةى حبك الصور ا ظني علسرحيشهد اجسدة في انية انسات اقا الععيد تشكيلاقفه، ويمواسه وحونصة بجسده ومشاعره و إلى اه ينتقل فقط، إنً ، وليس لفظياً عمليافعل كير الفرجة مع ال على تضافقل إنه يعمل، أو لنفعلز الفرجة إلى الشاهد يجتاتفرج/اعدل. إن امة الظلم وإقاى إزاحة ال علشتغل وفق رؤية تلتغيير قائمة.ت اكنا تكون مجرد العيشعني ي ً طنا ... فأن تكون موا« :ليا ي تار أن يختمهالمسرح، وقد اخي للعاليوم الة السنوية للرسا ليكتب ام اختير بواللعا في هذا اذه الرغبة، من بوال، ها فيها فلسط ،لعالمء مختلفة من ا في أنحاعلم كثير من ا. وقد استلهم» إلى تغييرهعني السعيا يع ما، وإجتمي كنف م فدث بوال ا شأن فيه. وح لن، بل أن يكونجري نتفرج على ما يعيش فيه، وليس فقط أنجتمع الذي نر في اع إلى إحداث تغييتطلي ت الكبيرة التعرف كثير ي، التيً عمليا»ضطهدينتعليم ا« قدم نظريةري، الذيلو فري باو»خيربيه ا« ً وفيال، فإنه بقي أصيجتماعي كدور اناط بنا عن التغيير ادراك،عي أو الفهم أو ا شأن لها بالوتذكر، وفظ وت تخزن وبة إلى خزائنطل الث يتحولنشأته، حي الذي أ»م البنكيتعليال« فهومينا معلم من مسعى إلى إزاحته.ن ثم فلن ت عليها، ومد الواقعضطها تعي ا وبالتاليغيير تقوم علىن الرغبة في الت ،يعهم يكن جماس إن لمعظم النلغالب م في ااين، ور الكثيرتشملتد ل يير أو الرغبة فيهلتأكيد إن طموح التغ بالس، أغدق،، ألذ، أنفع، أس، أروع، أجملياة أفضل، أحسن، أمتعن أن تكون ا؛ إنهم يريدولحياة أن تكون عليهلناس ل يريد افق مع ماوقع يتوا تلى بعضيتخالفون على بعضها ولناس ع يتوافق ا، والتي نهاية لها التيتفضيل الة من أفعاللقائمذه اح، ... إلى آخر ه، أصل، أعدل أورع، أنبل على تقديرناً ؟ إن ذلك يقوم أساساق لذلك أن يتحقكن ن كيفها. ولكرها وتأويلوى تفسي على مست، بللغاية فحسب مستوى ايس على آخر، لقاته، منظومة عجتماعي، وضمنق السيا ضمن اتعليم من وجهة ترى ال إلى دورنانظر ن يتطلب أنً تربوياكون فاعل نجتماعي، فأن ا لدورنا التربوي، فدورناً ودا ومحدً بدا صغيراهما إحداث تغيير موم على إحداث فرق؛ أي أن يقنبغي يجتماعي ا دورناها. إنصلة عنه وعن منبت ال جدر بأن يكونل هناك ما هو أ، فهً قع كئيبا بدا الواهما م حقيقيى فاعل إلا من متفرجط ما سينتقل بنالضبعي، وهذا بجتما ا دورنافصم عن ينلتغيير من واقع كهذا؟! لً فعا داعلم مع اور الدائملتحاركة واشاه أن يقوم على اكن ل قها، بل يطلستوى الذيظر عن اارات بغض النم لن يحدث عبر قرتعلي إن إحداث فرق في ال ى تفصيل مجرديس بناء علعارفهم، ول ومهم وخبراتهمناء على تارب والب. ...فرادذلك اجتمعية وكت اساؤسهل واديرين واطلبة وا والدرسة، الطريق إلى ا، فيعلم، في غرفة اي حجرة الصفدرسة، في ساحتها، فجتمع، في اة، في ايا في اجريا ي قير حقي يقوم على تقدي. ... ق إلى البيت، الطري وفيص وبإخدأب يعملون ببة ظروفهم، فإنهم من صعوى الرغم، وعلعلم الكثير من ا هناكرى أن بشكل خاص، نعلم، مع اربتنانا، وعبر ت إنخرينركة ار، ومشاستمة، والتجريب اى التجربة الواقعي يقوم عل الذيستمر التراكميتأني اى النمو اهي تقوم في جوهرها علية عالية، و وبدافعا أن عليننبغي ظروفه، ي وفيعلم في واقع ا إحداث فرق جوهرينبغيكثر فأكثر، فإنه يينمو أ يستمر ذلك وة ومحاورتها، ولكيتشكلبرات ا في ا
149

رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

Mar 30, 2016

Download

Documents

رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009
Welcome message from author
This document is posted to help you gain knowledge. Please leave a comment to let me know what you think about it! Share it to your friends and learn new things together.
Transcript
Page 1: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

2

ح العددمفتت

رؤى تربوية - العدد الثامن والعشرون

مفتتح

املواطنة سعي نحو التغيير

وسيم الكردي

البرازيلي أوغستو بوال، بعد رحلة طويلة من العمل مع قطاعات اجتماعية متنوعة أبرزها 2009، رحل املسرحي في األول من أيار من هذا العام بتوظيفه ملا يسمى مبسرح »املنتدى« أو هدة، وقد سمى كتابه األول »مسرح املضطهدين«، وقد عرف أكثر ما عرف الفقيرة واملهمشة واملضط الفئات »املنبر«، الذي يقوم على إشراك املتفرجني في املشهد املسرحي الذي يعالج قضايا لهم شأن فيها، بحيث يشتركون في األداء املسرحي داخل املشهد هد من االضطهاد الواقع عليه. وهناك عدد متزايد من املعلمني الذين يستخدمون هذا األسلوب لتقدمي اقتراحات بديلة في محاولة لتخليص املضطاملسرحي في تطوير مستوى احلوار بني الطالب ودفعه إلى مستويات عميقة ومتنوعة، تأخذ بعني االعتبار وجهات النظر املختلفة والنابعة من زوايا نظر متنوعة، ويصل الطموح بكثيرين ممن يتبنون هذا األسلوب إلى اعتباره قادرا على إحداث تغيير اجتماعي حقيقي. إن مساهمة بوال األساسية تقوم في ظني على حبك الصور املجتمعية -غير العادلة أو القائمة على مضطهد ومضطهد- مسرحيا، وإشراك املتفرج فيها باعتباره مشاهدا/ممثال ليقدم اقتراحا عمليا، وليس لفظيا فقط، إنه ينتقل إلى املنصة بجسده ومشاعره وحواسه ومواقفه، ويعيد تشكيل العالقات اإلنسانية املجسدة في املشهد املسرحي وفق رؤية تشتغل على إزاحة الظلم وإقامة العدل. إن املتفرج/املشاهد يجتاز الفرجة إلى الفعل، أو لنقل إنه يعمل على تضافر الفرجة مع الفعل كي

تكون ممكنات التغيير قائمة.

في هذا العام اختير بوال ليكتب الرسالة السنوية لليوم العاملي للمسرح، وقد اختار أن يختمها مبا يلي: » ... فأن تكون مواطنا ال يعني مجرد العيش في كنف مجتمع ما، وإمنا يعني السعي إلى تغييره«. وقد استلهم كثير من املعلمني في أنحاء مختلفة من العالم، مبا فيها فلسطني، من بوال، هذه الرغبة الكبيرة التي تتطلع إلى إحداث تغيير في املجتمع الذي نعيش فيه، وليس فقط أن نتفرج على ما يجري، بل أن يكون لنا شأن فيه. وحني حتدث بوال عن التغيير املناط بنا كدور اجتماعي أصيل، فإنه بقي وفيا »ألبيه األخير« باولو فريري، الذي قدم نظرية »تعليم املضطهدين« عمليا، التي يعرف كثير من معلمينا مفهوم »التعليم البنكي« الذي أنشأته، حيث يتحول الطلبة إلى خزائن تخزن وحتفظ وتتذكر، وال شأن لها بالوعي أو الفهم أو اإلدراك،

وبالتالي ال تعي االضطهاد الواقع عليها، ومن ثم فلن تسعى إلى إزاحته.

بالتأكيد إن طموح التغيير أو الرغبة فيه متتد لتشمل الكثيرين، ورمبا في الغالب معظم الناس إن لم يكن جميعهم، ألن الرغبة في التغيير تقوم على توقع يتوافق مع ما يريد الناس للحياة أن تكون عليه؛ إنهم يريدون أن تكون احلياة أفضل، أحسن، أمتع، أروع، أجمل، ألذ، أنفع، أسلس، أغدق، أورع، أنبل، أعدل، أصلح، ... إلى آخر هذه القائمة من أفعال التفضيل التي ال نهاية لها، والتي يتوافق الناس على بعضها ويتخالفون على بعض آخر، ليس على مستوى الغاية فحسب، بل على مستوى تفسيرها وتأويلها. ولكن كيف ميكن لذلك أن يتحقق؟ إن ذلك يقوم أساسا على تقديرنا لدورنا االجتماعي، فأن نكون فاعلني تربويا يتطلب أن ننظر إلى دورنا من وجهة ترى التعليم ضمن السياق االجتماعي، وضمن منظومة عالقاته، ال منبت الصلة عنه وعنها. إن دورنا االجتماعي ينبغي أن يقوم على إحداث فرق؛ أي إحداث تغيير مهما بدا صغيرا ومحدودا، فدورنا التربوي ال ينفصم عن دورنا االجتماعي، وهذا بالضبط ما سينتقل بنا من متفرجني إلى فاعلني حقيقيني مهما بدا الواقع كئيبا، فهل هناك ما هو أجدر بأن يكون

دافعا للتغيير من واقع كهذا؟!

إن إحداث فرق في التعليم لن يحدث عبر قرارات بغض النظر عن املستوى الذي يطلقها، بل ميكن له أن يقوم على املشاركة والتحاور الدائم مع املعلمني والطلبة واملديرين واألهل واملؤسسات املجتمعية وكذلك األفراد... . والبناء على تاربهم وخبراتهم ومعارفهم، وليس بناء على تفصيل مجرد ال يقوم على تقدير حقيقي ملا يجري في احلياة، في املجتمع، في املدرسة، في ساحتها، في حجرة الصف، في غرفة املعلمني، في الطريق إلى املدرسة،

وفي الطريق إلى البيت، ... .

إننا، وعبر تربتنا، مع املعلمني بشكل خاص، نرى أن هناك الكثير من املعلمني، وعلى الرغم من صعوبة ظروفهم، فإنهم يعملون بدأب وبإخالص وبدافعية عالية، وهي تقوم في جوهرها على النمو املتأني املستمر التراكمي الذي يقوم على التجربة الواقعية، والتجريب املستمر، ومشاركة اآلخرين في اخلبرات املتشكلة ومحاورتها، ولكي يستمر ذلك وينمو أكثر فأكثر، فإنه ينبغي إحداث فرق جوهري في واقع املعلمني وفي ظروفه، ينبغي علينا أن

Page 2: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

3

ددلع

ح اتت

مف

نطور عبر نظامنا التعليمي نظام حوافز فعاال ونوعيا، يقوم جوهريا، على نوعية العطاء واملساهمة التي يقدمونها. إن املعلمني قادرون على حتقيق نتائج ر ما لديهم، وتنبني على تربتهم، وتتيح لهم مجاال ملتعة التجريب واالستكشاف، وينبغي أن يدركوا رائعة إذا تسنى لهم أن يعبروا تربة مختلفة تقدالرسمي املجتمع باملقابل؛ املجتمع يتغير أن يتحقق دون أن لعملهم، ومعنى حقيقيا لوجودهم، ولكرامتهم، وهذا ال ميكن أن هناك معنى حقيقيا

واألهلي، املؤسسي والفردي.

على تبقى أن لألمور ويريد وأدها، على ويعمل التغيير، محاوالت يصد من فسنجد نتوقعها، التي بالبساطة ليست املسألة أن ندرك أن وعلينا حالها، وأن يبقى التعليم على حاله، فال مصلحة له في تغيير يقوم على العدالة والتشارك والتنوع واالختالف، ويتيح مجاال لإلبداع والتقدم العلمي واالجتماعي، إن هذا يتطلب تفاعل اجتماعي، ليس على مستوى التغيير في نوعية التعليم وحسب، بل ينبغي أن يرافق ذلك تغيير في السياق الذي يقوم عليه التعليم وظروفه، ومكوناته، وآليات عمله، ومنهجيات إدارته، وطرائق تعامله مع املعلمني؛ سواء على مستوى »تأهيلهم واإلشراف على أدائهم«، أم على مستوى حقوقهم وكرامتهم املهنية وحقوقهم اإلنسانية التي ال ينبغي التفريط فيها إذا أريد للتعليم أن يسهم في ارتقاء مجتمعنا ومتكينه من تفعيل مشروعه السياسي، الذي يتطلع إلى احلرية، ومشروعه االجتماعي الذي يتطلع إلى التقدم والرقي، ولكن ضمن مفهوم إنساني ال ينبغي

التفريط فيه، وهو »العدالة« وفي كل مستوياتها، وارتباط ذلك بالتأكيد بتجويد األداء، وحتسني املساهمة الفردية واملؤسسية ونوعيتها.

طالبات خالل حصة تدريبية في مدرسة غزة للموسيقى بعد إعادة افتتاح مقرها اجلديد.

Page 3: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

4

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرونف الثقافة العلمية

مل

التعليم »كعملية« متارس وكمنتوج يتحقق في سياق »املشروع املجتمعي« عبر خلق أفراد فاعلني، ومعارف قابلة لالستخدام ومناهج تفكير وتأمل فاعلة ومرنة، فإذا كانت الغاية األهم للتعليم هي تغيير العالم، فإن نقطة الرسو األولى هي تغيير الرؤيا وشكل التحديق وموقع املعرفة وأدوات

الفهم.

وقد بدأنا هذا املسار من توجهات عدة، هي نفسها نتاج لتجربة العمل، ونتاج للحوار الدائم مع املعلمني، حوار »معرفي تطبيقي« ميس املمارسة، صلة ذات فكرية فاعلية بوصفها ويقاربها حدوثها حقل في ويحدث مبركز احلياة. وذلك عبر العمل مع املعلمني لبناء تارب تعليمية تتجاوز فاعلة أشكال نحو التلقائي والفعل التلقني وحدود املنهاج رهانات املمكنات والدالالت، إلنتاج ممارسات جديدة وحلول ومفتوحة على مبتكرة وإعادة هيكلة العالقات التربوية ضمن تصورات جديدة، تنفتح على أشكال من التأمل البعدي املبني على قاعدة معرفية تضمن له عدم البقاء في أسر احلدوس العفوية، واالرتال التلقائي، الذي ينفتح على التجارب هذه في ما تكشف جديدة وتعبيرات جديدة خطابات خلق من عمق في العالقات، وما مسها من تغيير، وتولد للمعلم عني ثالثة، نحو الثانية ويوجه باألولى، وذاكرته عمله تاريخ رؤية من ميكنه ما الذاتي املتصاعد املتصاعد، نظرة نحو النظرتني في التغيير ويجمع أفق

واالجتماعي.

ومبا أننا نتطلع إلى إحداث فرق في التعليم، فقد اعتمدنا أسلوب عمل نطالب بسياسات نبني كيف، تعليم نوعي، أن »نحكي عن يقوم على وقرارات توفر مناخاته وممكناته، ولكننا لم نكتف بذلك، بل انخرطنا مع املعلمني في إحداث هذا الفارق، عبر املمارسة، ومن خاللها، ومن اعتمدنا في ذلك على فيها، والعمل على تطويرها »وقد التأمل خالل في حتوالت إلى أفضت حوارية سياقات عبر مبوقعه«، املعلم »وعي املهنة كعمل في سياق إعادة وضع للمهنة والدور«، من خالل »نظرته

بناء الذات الشخصية، والدور االجتماعي النشط.

بعضهما، بجوار احلجر دق في يعمالن حجارين عن حتكي قصة ثمة سئال: ماذا تفعالن؟ فأجاب األول: أدق احلجر، وأجاب اآلخر: أبني

رؤيتها تنتج كتجربة امللف هذا “تولد” وضمنها الرؤيا هذه وفي التي الرؤيا إنتاج تعيد تربة هي عميقة تربة كل حيث وتعبيراتها، تنتجها بشكل يجعلها فعال منتجا وخطابا داال. وهذا التصور هو نتاج لتنامي تربة العمل مع املعلمني والتفكير فيها، ما أنتج تعبيرات مختلفة العلوم ومجتمع براديغم جديد، علوم وثقافة علمية، اجتماعية منها: املعرفة، تعليم وثقافة علمية ضمن “الشرط اإلنساني للمعرفة والشرط اخلاصة؛ هويته للملف يعطي ما وهذا والتربية”، للتعليم االجتماعي أم الفكري، الطابع ذات املعرفية املواد أم املترجمة، املواد عبر سواء أن ترى توجهات من تنطلق فكلها التطبيقية، الطبيعة ذات األبحاث مع موضوعات اللحظية الناس معارف تفاعل نتاج العلوم هي “نتائج عاملهم ضمن منجهيات عصرهم”، وبالتالي فهذه النتائج دائمة التغير ما دامت الصيرورة صفة مالزمة لظواهر العالم ومعارف البشر ومنهجيات على التعليم بناء تعني التربوي اإلطار في ذلك ترجمة وإن املعاجلة، والتخييل”، والكتابة البحث في ومناهجها العلوم مضامني “جدلية “باسكال” يرى وكما والثقافة، السياق على وتعتمد نسبية، فاحلقيقة وبالتالي مضادة”، حقيقة بل اخلطأ، ليس العميقة احلقيقة “فنقيض ومناهج إنتاجها سياقات عن “حقائق” معزولة بوصفها املعرفة فتعليم تفكيرها، هو تعليم ينطلق من املنجز ويقاربه كمطلق، ويغفل “احلي”؛ والسياق، اللحظة وضرورات املنهج، وحيوية البحث سيرورة أي الذاتي “الدور ويتجاهل والسياسة، واالقتصاد الثقافة وتداخالت للتعليم احلواري املضمون “يلغي الذي الشيء والباحثني”، للعلماء

والتعلم من خالل إغفال اجلانب الذاتي واجلانب النسبي في العلوم”.1

إذا كان ال تعليم وال تعلم إال ضمن سياق هو إنساني من حيث تفاعله إنساني »فعل هو فالتعليم تنظيميه، شكل في كذلك وهو األصلي، الطابع«، وهو من صنع اإلنسان من حيث تشكله، وما دام التعليم صنعة اإلنسانية والتعلم جزءا منها، فإن ذلك يتطلب وضع التربية ومضامينها في اإلنسان موضعة املعرفة »فمهمة اإلنساني؛ الشرط ضمن املعرفية فإن »دور التصور، يؤكد موران. ومن هذا العالم ال فصله عنه« كما أم معلمني أكانوا سواء األفراد؛ وفي احلياة وفي املجتمع في التعليم« ولهذا يقوده، الذي املنظور وشكل له النظرة بشكل يتحدد متعلمني، موضعة إعادة السابقة- ملفاتنا في -كما هذا ملفنا في نحاول فإننا

ملف املعرفة كإطار للعلوم والثقافةفاعلية الفكر بني مجتمع املعرفة واجتماعيتها

مالك الرمياوي

إن الثقافة هي املجال الرمزي الناظم للمجتمع وللحياة فيه )وهذا ما بينه الفكر احلديث(، فالرمزية ليست أثرا للمجتمع، بل إن املجتمع هو أثر للرمزية، كما يرى “شتراوس”، فالفكر بالنسبة للثقافة هو التاريخ فيها؛ أي مبعنى املتغير وصانع التغيير، فإن كانت الثقافة هي “إطار اشتغاله” ومادته وموضوعه، فإنه محركها والفاعل الرئيسي في “خلق ديناميتها”، ما يعني أنه إذا “كانت الثقافة هي جغرافية احلياة، فإن الفكر هو “الزمن

التاريخي” فيها”.

Page 4: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

5

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

ويعيد النظر في دوره من خالل فتح الدور على أجندة جديدة وتخيالت اجتماعية تنويرية وإبداعية تفتح احلوار االجتماعي على أقصى ممكناته، الثقافي، والتعدد التنوير طموحات على والتحرر، احلرية أسئلة على وعلى أسئلة املعرفة وسياساتها إلعادة موضعتها كدعامة للكفاح ال أداة للسيطرة. وهذا هو املعلم الذي يعلم أحرفا وأرقاما وكلمات ومهارات وورشة فاعل سياق ضمن يضعها ألنه ومشاعر، وتوجهات وطرائق الطالب عقولهم وأجسادهم، ويختبرون معارف، فيها اشتغال يشغل تعلمهم، موضوعات ويدركون االستخدام، مواضع في ويضعونها البناء انخراط حقيقي في التعليم هو ويكونون مسؤولني عنه. إن هذا التحرر ومشروع الكفاحية، املساهمة وفي للمجتمع، االجتماعي

الوطني، عبر اقتراح متخيالت جديدة في التعليم واحلياة والسياسية.

فكل املنظور(، في )االختالف يعكس اإلجابة في والفارق مسجدا. منهما يهيكل دوره ويراه بطريقة مختلفة، فاألول ال يرى من عمله إال سياق في يراه اآلخر حني في وحرفته، وحرفيته، وانعزاله، حلظته، منوه وتشابكه حتى يصبح بناء متكامال، وهذا ينطبق على التعليم وعلى أو حروفا يعلم أو حجرا« »يدق نفسه يرى معلم فثمة املعلم، منظور

أرقاما ... وآخر يرى نفسه يبني مجتمعا.

يرهن نوع املعلمني، من نوعني ثمة أن القول ميكننا احلكاية هذه ومن للمؤسسة السياسية واألجندة والروتني الوظيفة حدود في دوره وللتوجهات الثقافية التقليدية ويرسخ مفاهيم الثبات واالتكال والعفوية في ذاته وعند طالبه، ونوع آخر يفتح املهنة على آفاق إنسانية واجتماعية

طفلة تعزف على آلة الكمان خالل حصة تدريبية في مدرسة غزة للموسيقى.

الهامش

1 للتعمق في هذه املوضوعات واملقوالت، انظر في مواد امللف، مقالة كل من أشرف البطران، ونادر وهبة، ويوسف تيبس، ومشهور البطران وآخرين.

Page 5: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

6

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرونف الثقافة العلمية

مل

موح الواقع والط الثقافة العلمية بنين

وليد املسعودي

وتاريخ الصراع بني العلم والكنيسة يحمل في طياته صراعا بني طبقات دينية كهنوتية وإقطاعية من جهة، وبني تارية عقالنية برجوازية ناهضة من جهة أخرى، بدأت مع علماء وفالسفة مثل فرنسيس بيكون، ورينيه ديكارت، وكوبرنيكوس، وغاليلو، ونيوتن، وباسكال ... الخ، بعد أن مت االنتقال من مفهوم “الذاتية” التابع إلى نظام سلطة الكنيسة، ضمن قيم اجلماعة التي تفكر بدال عنه وحتيط وجوده إلى مفهوم الذاتية الذي قيم على معتمدا ومنظم، تراكمي بشكل إنتاجه ويعيد وجوده يطور احلرية واالختيار والبحث العلمي املستمر، وصوال إلى معرفة ال متلك النهاية أو احلدود مع املعرفة العلمية احلديثة، وذلك بسبب ما أسلفنا من العلوم في احلديثة املكتشفات به جاءت ما عن فضال أعاله، ممهدات التي غيرت معنى الزمان واملكان من الثبات واجلمود إلى التغيير واحلركة

الدائبة، متمثلة بالنظرية النسبية الينشتاين.

إن مفهوم العلم في شكله احلديث أصبح مؤسسا على النظام والتراكم واملرونة والنسبية واحلركة والتغيير ... الخ، وهذه األسس هي وليدة

احلداثة الغربية وتطورها املتصاعد بشكل مستمر.

العربية مجتمعاتنا في العلم ثقافة تظهر كيف أو يبدو كيف ولكن أو “تزمنه” يتجاوز أن لدينا املفهوم ذلك استطاع وهل اإلسالمية؟ وقتنا إلى اإلسالم ظهور منذ وثقافات وحقب أجيال عبر صنميته املعرفة إيصال في نواة علمية ذاتها في املدرسة الراهن؟ وهل تشكل سياسية من اجلاهزة السلطة أشكال ترسمها معينة محددات دون هل املجتمع عن وماذا الخ؟ ... واقتصادية وثقافية واجتماعية ميلك النظام أو االنتماء إلى ثقافة النظام واملعرفة املنظمة ضمن أشكال التي تقف في طريق العقبات معرفة غير سلطوية أو قسرية؟ وما هي العلم أو التفكير العلمي؟ وكيف ميكننا أن نحقق العلم كسلطة وطاقة بشرية نفاذة إلى املستقبل، وجعلها مؤثرة وجاهزة ضمن حيز التفكير

والسلوك في ذهنية األفراد واملجتمع على حد سواء؟

ال تزال املعرفة العلمية أو مفهوم العلم لدينا ال يحمل املكانة الطبيعية، فيظهر متداخال مع معارف وثقافات ال تنتمي إلى العلم بصلة، بل تنتمي وحقب أجيال عبر واملوروثة السائدة واالجتماعية الدينية املعرفة إلى التفكير في احلي جاهزها وتشكل مجتمعاتنا ذهنية حتيط غابرة، زمنية والسلوك، فتظهر املعرفة غير خاضعة إلى لغة العلم في املعنى احلديث، تلك املعرفة التي تشيع السؤال والشك والتغيير والبناء التراكمي املستمر، معرفة مؤدجلة مبثوث في داخلها اخلضوع والطاعة واحترام اجلهل وعدم االهتمام بالعلم، ألنه في النهاية حكر على أقلية من النخبة؛ سواء كانت

داخل العقيدة الدينية أم لدى احلزب العقائدي الشمولي.

إن مفهوم العلم يتحدد من خالل كونه املعرفة املنظمة التي تعيد مساءلة ذاتها بشكل فاحص ودقيق، عبر أدوات من اخلبرة واملهارة واالكتشاف الدؤوب واملستمر، وألن العلم يحتوي على االتساق املنطقي الذي من اكتشاف أجل من أومينيس- روالن يرى -كما به يضحى أن املمكن النظريات مع العالم يعيشه الذي الكبير الصراع من الرغم على جديد العقل ما هو موجود في التغيير، على عكس أو الزعزعة تقبل التي ال الديني الذي يعتمد االتساق بشكل ثابت ونهائي، باعتباره أصال معرفيا الالعلم.1 خانة في صيرورته ثم ومن بشرية، غير جهات من صادرا للعلم، مبعزل عن ينطبق بشكل حقيقي على طبيعة فهمنا وذلك األمر الوسائل التي صنعته، وهنا نقصد بالعلم جميع اإلدراكات التي يتمثلها العقل العربي اإلسالمي من معارف وحقائق، توضع في خانة الصواب والتصديق، وعدم محاولة نقدها أو تاوزها، وذلك باعتبار أن مفهوم العلم لدينا ينقسم إلى العلم األولي املنبثق من الذات اإللهية التي علمت الثاني هو املكتسب اإلنسان و”أرشدته” إلى احلقيقة واحلكمة، والعلم محصلة باعتباره األول مستوى إلى يصل أن ميكن ال الذي والبشري

يرتبط مفهوم العلم في العقل الغربي احلديث بالتطورات املتراكمة التي حدثت على صعيد عالقة اإلنسان مع الطبيعة واملجتمع من تطورات في مجال التجارة، والصناعة، وبداية املكتشفات العلمية التي غيرت شكل احلياة على األرض منذ أربعة قرون وال تزال في وتيرة متصاعدة ومتنامية من التشكل، وإعادة اإلنتاج، في صور متعددة من التخصص والتنوع واالختالف، بعد أن كان )أي العلم( تابعا وخاضعا ومهيمنا عليه من قبل أشكال املعرفة التقليدية التي حتارب اإلبداع والتجديد، متمثلة بسلطة الكنيسة التي كانت تضع علومها في خانة املقدس، الذي ال ميكن أن يخضع إلى لغة العلم والتجربة ومتثيله بشكل بشري. هكذا كانت “املعرفة العلمية” معرفة دينية غير مؤسسة على النظام والعقل، تستند إلى األسطورة

والرمز والتعالي ... الخ.

Page 6: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

7

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

لدى األجيال الصاعدة، ذلك األمر غائب عن احلضور داخل املؤسسة التربوية في العراق على سبيل املثال، فكل ما يتعلمه التالميذ في مختلف هيمنة بسبب الذاكرة، من يزول ما سرعان الدراسية الزمنية املراحل تلك التي احلالية، التدريس لطرق بدائل توفير وعدم احلفظ”، “ثقافة ربط خالل من التالميذ، قبل من ورغبة متعة أكثر الدرس مادة تعل نأكله، الذي بالغذاء بدءا اليومي، واألمثلة كثيرة بالواقع العلمية املادة وانتهاء بالتكنولوجيا التي نستعملها بشكل يومي، أو بالعالم الذي نعيشه أنه عالم متغير أو غير ثابت على صورة معينة، وذلك األمر وال ندرك يتم من خالل الدخول إلى التطبيق العملي للعلوم ومعرفتها عن قرب، أي من خالل وسائل اإليضاح التي تعل مادة العلم أكثر حيوية، وهذه الوسائل تشمل الصور واللوحات واألفالم املتحركة والثابتة، فضال عن توفر أو وجود معامل العلوم املختبرية والزيارات امليدانية التطبيقية، كل ذلك غائب -مع األسف الشديد- داخل مؤسساتنا التربوية، األمر الذي تتعلق مراحل بال النمو عن عاطال الطلبة لدى التربوي الزمن يجعل باالنتقال من مرحلة النمو واكتساب املعارف املتراكمة، وتكوين املالمح احلقيقية للشخصية التربوية، وصوال إلى مراحل االختيار وتثبيت الهوية النقد عناصر متتلك التي تلك التربوية، للشخصية واملختلفة اجلديدة

والبناء على صعيد املستقبل.

إلى فاعل غير جماد من حتويله إمكانية من يعاني التربوي الصف إن مادة قابلة للحياة والتطور، بفعل عملية التلقني التي كثيرا ما يستخدمها القائمون على العملية التربوية في كثير من املدارس، فمادة التاريخ تدرس بطريقة الروي واحلكاية للحدث التاريخي من خالل ربطه باحلاضر ورمبا املستقبل، من خالل القيم واملعايير وما يغيب هنا صفة املنهج أو العقل هو ما بقدر وثقافات أحداث سلسلة ليس التاريخ ذلك يجعل الذي سلسلة من التطورات والتغيرات تشهدها الذاكرة اإلنسانية طيلة حقبها الزمنية املعاشة، وهكذا احلال مع علوم الفيزياء التي يجري تلقينها نظريا إلى الطلبة دون معرفة األسس التي تستند إليها؛ أي علوم الفيزياء، التي من خاللها مت تغيير الكثير من املعارف والثقافات التي كان اإلنسان يؤمن اجلاذبية فنظرية والسلوك، واملعرفة القيم من املطلق مجال ضمن بها ذلك كل معرفي، علمي بشكل وليس رياضي، نظري بشكل تدرس أو علمي، غير مجتمعا واجلديد الصاعد املجتمع يجعل أن شأنه من أنصاف معلمني سرعان ما تزول من ذاكرته جميع املعارف واملعلومات

التي حتصل عليها أو عرفها في قادم السنوات.

من الهائل الكم وجود من العراق في التربوية املؤسسة تشهده وما أنصاف أو أرباع املعلمني ال يشير إلى أن مؤسستنا التربوية قادرة على إلى يؤدي الذي األمر األقل، على الراهنة أزمنتنا في أزماتها تاوز العلمية املواد أو العلم مدرسي من كبير بشكل محدود عدد وجود ناجع إمكانية حتصيلها بشكل الدراسية وعدم املستويات بسبب تردي جند فإننا العراقية، املدارس أكثر داخل إحصائية أجرينا ولو وأكيد، العلوم، مواد في وليس االجتماعيات مواد في التعليمي الفائض وذلك إن دل على شيء فانه يدل على أن املؤسسة التربوية في طريقها اإلنسان طاقة وتديد التواصل، على قدرتها حيث من الزوال إلى وذاكرته، وإعادة الروح إليه من جديد، ولو أجرينا أيضا مقارنة زمنية والثقافة واملكان الزمان حيث من مختلفني تربويني جيلني بني علمية األول اجليل جند فإننا العلمية، واملعارف املعلومات من الكثير حول

“احلياة الدنيا” وما فيها من نقصان وعدم اكتمال بشكل مستمر، وهكذا في ثنائية ال ميكن أن تلتقي أو تتوحد في إطار النقد والتجاوز، على الرغم من وجود الكثير من النصوص التي حتث على املعرفة والعلم والبصيرة، املعرفة لصالح وإمياني تأويلي بشكل تستخدم األمر نهاية في أنها إال وجودها؛ ألزمنة محايث بشكل تستخدم ال أي وترسيخها؛ الدينية أي وجود املعنى املنبثق منها في األزمنة القدمية املرتبطة بعوامل وظروف إنتاجها من بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية، ثقافية ... الخ. وعلى واملسلمني العرب والفالسفة” “العلماء من الكثير وجود من الرغم احملصلة في فإنه فيها، وأبدعوا كثيرة علمية قضايا في اشتغلوا الذين النهائية -كما أسلفنا- ال ميكنهم أن يتجاوزا الثابت أو األصول احملركة

لطبيعة فهمنا ملفردة علم أو عقل من خالل البناء والتراكم والتجاوز.2

إن املجتمعات احلديثة املعاصرة أوجدت حداثتها من خالل نقد التعالي املجتمع على وفرضه املعنى بوجود تتحكم التي تلك وامليتافيزيقا، بشكل نهائي، هكذا فعلت احلداثة الغربية مع رموزها أن قتلتهم، “وهنا استخدام تعبير فرويد في مسـألة قتل األب”، ولم تبق لوجودهم أي شيء يذكر إال في مجال التاريخ والذاكرة البشرية، واألمثلة كثيرة، وبخاصة الغيبية الفيزياء يقتل أن استطاع الذي نيوتن مع بدءا العلم، في مجال املرتبطة بالقرون الوسطى واستبدالها بقوانني احلركة واجلاذبية، وأنه ال يوجد فضاء مطلقا على الرغم من أن نيوتن كان قلقا حول مسألة غياب املكان أو الفضاء املغلق، ألنها ال تنسجم مع فكرته عن الله، على الرغم

من أن قوانينه نصت على ذلك األمر؛ أي عدم وجود فضاء مطلقا.3

أيضا أن الذي استطاع بدوره أيضا ماكس بالنك نيوتن وجد بعد ومن يتجاوز وينسف مع )ميكانيكا الكم( “أهم مرتكزات العلم النيوتوني في نسفت التي اينشتاين نسبية مع احلال وكذلك القياس، وضبط الثبات مبدأ املطلق في العلم”،4 وبذلك تكون التجربة الغربية قائمة على نفي ثابتة حتيط أو جذور ثوابت مطلقة النفي بشكل مستمر، وأنه ال توجد ذاكرة من لدينا موجود ما عكس على مستقبله وحتدد البشري الوعي في وتاوزه زعزعته ميكن ال الذي واملقدس، الثابت بوعي مؤطرة األزمنة الراهنة على األقل، األمر الذي يجعل تفكيرنا في العلم وأهميته

محددا ضمن خانة النسيان واإلهمال إلى حد بعيد.

املدرسة والعلم

إن املدرسة ال تشكل اليوم بعدا مؤثرا في ذهنية الطلبة في العراق، ورمبا في العالم العربي، على حد سواء، وذلك لتخليها عن كونها نواة علمية مؤثرة على األجيال االجتماعية الصاعدة، تاركة الساحة أو األفكار بيد الهامش “مؤسسات أو كما أسميناها في مقاالت أخرى األصوليات، العقائدي، الشمولي االستبداد أوجدها التي تلك االجتماعي”، املؤسسات وهذه واملدرسة، األسرة املؤسستني أولى على انتصرت طبقات لدى املتردية والثقافية واالقتصادية االجتماعية بالبيئة مرتبطة اجلهل من قامتة صورة وترسم عنه بدال تفكر املجتمع، من عريضة من العلمية التربية مناهج في موجود هو وما والعنف، والتخلف فيزياء وكيمياء ورياضيات يتم تلقينه بشكل مفرغ من واقعيته؛ أي عدم العلمية في العلم واملواد ثقافة بالواقعي من أجل صيرورة العلمي ربط علمية ثقافية ذاكرة تكوين ثم ومن واملعرفي، الذهني الرسوخ حالة

Page 7: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

8

ف الثقافة العلميةمل

عقبات في طريق العلم

العلمي، التفكير الدكتور فؤاد زكريا مجموعة عقبات في طريق يحدد من املمكن أن ندرجها كالتالي:

أوال. األسطورة واخلرافةاألولى تقدم تفسيرا نهائيا للعالم، وتشتغل على وعي اإلنسان البدائي، وذلك باعتبار أن األسطورة تنتمي إلى فضاءات ما قبل العلم، ومنتجة والنقد، والشك السؤال يحيطها ال التي اجلاهزة املعرفة من للمعلوم تخرج أي عقب؛ على رأسا العالم تقلب أن حتاول األسطورة وهذه امليت من احلي وليس احلي من امليت، أو وفقا لتعبير الدكتور فؤاد زكريا تفسر غير احلي من احلي على عكس ما يسعى إليه العلم من تفسير احلي من غير احلي. أما اخلرافة »فإنها جزئية تتعلق بظاهرة أو حادثة واحدة«.6 ومجتمعاتنا العربية اإلسالمية على الرغم من ظهور »احلداثة« مبختلف املدن ظهور عن فضال واقتصادية، واجتماعية ثقافية من أشكالها حيث من فإنها احلديثة، التقنية واستخدام العمران وتطور احلديثة بالشكل األزمنة تداخل من تعاني زالت ما واملعرفة والسلوك التفكير الذي يجعلها تتعامل مع العلم ضمن نظرة الفائدة املادية من االستعمال والتفكير العلمي في مجال العلوم فحسب، أي مجال الكيمياء والفيزياء الشعور دون احلديثة التكنولوجيا استخدام مجال أو والبيولوجيا، باإلمكانية التي أنتجتها، أو عملية التطور والتوحيد بني العلوم الطبيعية واإلنسانية. فعملية التفكير بطريقة علمية حديثة باألفكار ذاتها وطريقة انبثاقها من اإلنسان، تخلو من أية علمنة مرتبطة بالوعي بأن هذه األفكار والنضج والشباب الطفولة مراحل في متر اإلنساني، باجلسد أشبه دائم. بشكل ومتطورة متغيرة جدلية ضمن وهكذا ... والشيخوخة اإلنسان يصيب وما واحلياة الطبيعة ظواهر تفسر مجتمعاتنا زالت ما من كوارث وأمراض وحروب ... الخ بطريقة غير علمية، من خالل يدل فإنه شيء على دل إن وذلك واخلرافة،7 األسطورة لغة استخدام على تراجع بنية التعليم والتربية العلمية في هذه املجتمعات، األمر الذي بالبحث رائدا في تطور مفهوم احلقيقة وجعلها مرتبطة العلم ال يجعل واملالحظة الدائمة وفقا حلاجات املجتمعات وتطورها، بل يجعله تابعا، في خدمة األفكار اخلرافية وتشجيع محاربة اإلبداع واجلديد واملختلف

عن اجلاهز االجتماعي املوروث.

ثانيا. اخلضوع للسلطةثانية العقبات التي تقف في طريق الفكر العلمي هي اخلضوع للسلطة، واملعتقدات واألفكار األفراد لتشمل تفرعاتها، في متتد العقبة وهذه إلى األخيرة هذه حتولت إذا وبخاصة الخ، ... السياسية واألنظمة مرجعية مطلقة حتدد مستقبل اإلنسان ضمن إطارها، وتسم املجتمعات املطلقة املرجعية يتم متثلها؛ أي أن بعد التجديد واإلبداع، بالعجز عن شيء كل فيغدو والتأثير، احلضور متتلك كاريزمية شخصية قبل من مفكرا به من خالل هذه الشخصية ودورها في صياغة األفكار والعلوم أم العلم مجال في سواء املرجعيات؛ بهذه زاخر والتاريخ والقوانني. مثال أرسطو وشخصية والسياسية، االجتماعية األنثروبولوجيا مجال وخمسمائة ألف من أكثر والثقافي الفكري والتقديس التأبيد في حي غاليلو مع امليكانيك عصر خالل من إال مكانته تتزعزع ولم عام،

في حقبة السبعينيات أكثر حضورا، من حيث الذاكرة العلمية واملعرفة املتوفرة لديه حول قضايا تخص العلم واحلياة ووجود اإلنسان من اجليل الثاني، الذي يعيش في أزمنتنا الراهنة على الرغم من التطورات الهائلة والكبيرة في مجاالت العلوم املختلفة من تقنية واتصاالت ومعلومات .. الخ. كل ذلك يعكس أثر البيئة السياسية واالقتصادية واالجتماعية املدرسة- -أي األخيرة دامت ما التربوي، وحضورها املدرسة على حملددات وفقا الطلبة مع وتتعامل السلطوي السياسي مسار تتبع الضبط العسكري الذي ال ميكن تاوزه، األمر الذي يجعل قيمة العلم تبثها األيديولوجيات؛ التي متدنية ومتراجعة لصالح املعارف اجلاهزة أم من املباشر، القسري السلطة ووجودها قبل املنتجة من تلك سواء خالل التعبئة اليومية ملؤسسات الهامش االجتماعي، تلك التي حتاول أن تعل اإلنسان ممرا لها من حيث املكتسبات واحلضور السلطوي إلى

حد بعيد.5

املجتمع والعلم

املنظمة واملعرفة النظام من يخلو يكاد الذي املجتمع مع احلال كذلك البحث حرية فيها تشيع التي تلك احلديثة، املدينة صنع في والهادفة وغريب جديد هو ما لكل التطورية اإلبداعية الهوية واحترام والفكر عن بنية املجتمع املوروثة والتقليدية، فمجتمعاتنا تتعامل مع العلم ضمن بالدهشة يتسم متناقضني، األول أو طريقني اتاهني النسبي في حدود واالغتراب عن املنتج العلمي لغة وثقافة وممارسة، والثاني يتسم باالزدراء التي احلديثة العلمية املكتشفات كل أن باعتبار وذلك عليه، والتعالي استغرقت من العلماء املزيد من اجلهد والبحث والعناء املستمر، وصوال إلى احلالة الناجزة له؛ أي املكتشف العلمي، كل ذلك يواجه باالزدراء وعدم االكتراث به، والتعالي عليه، ألنه في النهاية مرسوم في ذاكرتنا عالقة وألن الكرمي«، »القرآن الدينية نصوصنا في موجود أو الثقافية بالعلم تكاد تكون شبه معدومة من حيث االتصال والتفاعل، املجتمع اخلرافة إلى أقرب العراق( )منوذج املجتمع ذلك يكون ما كثيرا فإنه الذي يجعله أقرب البشري على االكتشاف، األمر العقل وإنكار قدرة فإنها ثقافية، أشكال فيه وجدت وإن البسيط، العاطفي املجتمع إلى من الواقع يستغرق الذي والصوفي الشعري إلى بدورها أقرب تكون خالل لغة اخليال واحللم وتأثير األفراد عليه من أصحاب »الكرامات«؛ الذين وجدوا في أزمنة غابرة أم البشري سواء من كانوا عابرين للزمن من كانوا ميتلكون سمات حتريك وعي اجلماهير من خالل لغة األسطورة

واخلرافة في العالم العربي في األزمنة الراهنة.

وهكذا نقول إن مجتمعاتنا تتعامل مع العلم ليس ضمن مقياس احلاضر ضمن بل آخر، إلى طور من واالنتقال التطور وحتقيق واملستقبل تقف التي تلك املوروثة، واملعرفة بالقدمي واالهتمام القدم مقياس جدارا صلبا أمام التجديد والتغيير واالهتمام بالعلم، فما دام القدمي واإلنسان، والكون احلياة عن النهائية أفكارنا طبيعة يرسم من هو العلمية؟ وما هي العلم واملكتشفات ترتى من التي الفائدة فما هي أهمية سعي اإلنسان إلى حتصيل العلم ما دام كل شيء مرسوما ومعدا سلفا في ذاكرتنا الثقافية التي لن تتغير وتغدو صاحبة االتاه العلمي املرتبطة بوقائع األشياء املشاهدة عيانيا فكرا وسلوكا النظرة وترسيخ

ومعرفة؟

Page 8: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

9

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

أن نظريته أصبح معموال بها فيما بعد.12 يقول غاستون باشالر »لم يوقف شيء عجالت تقدم املعرفة العلمية سوى عقيدة العام الباطلة التي سادت منذ أرسطو حتى باكون ذاته، والتي ال تزال بنظر كثير من العقول عقيدة أساسية في املعرفة«.13 وبذلك يكون العام واملنتشر في حالة حتوله إلى عقيدة عامال أساسيا في جمود الفكر ونهاية حقيقية

ملفهوم احلركة والتسارع في التقدم البشري.> الشهرة: وهنا ترتبط بعالقة املجتمع مع األفراد املشاهير الذين يأخذون أزمنة في الشهرة ميتلكون الذين األفراد أو غيرهم، وزمان زمانهم وجودهم، ويكون لرأيهم حضور طاغ ومؤثر على الناس بحيث يلغي وجودهم الفكري واإلنساني حول ما يصدر من هؤالء املشاهير، وألن هؤالء ميتلكون الشهرة، فإن أفكارهم سرعان ما تد القبول والتقليد، ومجتمعاتنا منهم، يصدر ما حول والعلم احلقيقة مستوى عن بعيدا أهمية حضورهم من الرغم املشاهير على بسلطة هؤالء كثيرا ابتليت غيرهم أزمنة إلى أفكارهم ترحيل يتم أن ولكن الفعلي، زمنهم في ذلك فإن القدمي، واملجتمع البيئة ومحايثة النقد عامل وجود دون احلال وهكذا عنهم، املختلف وإيجاد والتغيير التطور عامل يفقدنا الراهنة، فإنهم يشكلون عالمة الشهرة في األزمنة الذين ميتلكون مع في التميز واالختالف والتأثير على املجتمع بشكل إيجابي أو سلبي، وما هو موجود لدينا ال يحمل التأثير املرتبط بالشخص املبدع، العالم، بقدر ما هو مرتبط مبزدوجتني من الشهرة، األولى مرتبطة برجل الدين

»بوصفه العالم إلى القدمية أرسطو نظرة مع عنيفا الذي خاض صراعا على مبنية احلركة في نظرية تقول كانت كما األرض، حول متمركزا كبيرا سندا متثل كانت أرسطو لدى النظرة وهذه ميتافيزيقية«.8 أسس ونصيبنا والعلوم، األفكار في املتعددة ومرجعياتها الوسطى للقرون نحن املجتمعات العربية اإلسالمية كان وافرا من القبول مبطلقات أرسطو بشكل ال يقبل الرفض، وصوال إلى جعله مع أفالطون في مصاف النص

املقدس، أو مبنزلة األئمة املعصومني لدى الفارابي.9

ومن أهم الدعامات التي تستند إليها هذه العقبة:

> القدم: إن السلطة دائما ما تستند إلى القدمي في تبرير وجودها، وذلك الن القدمي قد متثل في ذهنية الناس وأصبح في مجال املقدس، األمر الذي يجعل املجتمع عاجزا عن اإلتيان بالبديل واملختلف عنه، ومن ثم يتم تقسيم الزمان بطريقة مقلوبة تقول إن التطور يبدأ مع القدمي وينتهي القاعدة، هو واملستقبل الهرم هو املاضي يكون بحيث اجلديد، مع املتخلفة املجتمعات لدى شيء لكل محورا القدمي يكون وهكذا والقوانني. واألنظمة األفكار من مطلقة سلطات بها تتحكم التي بكثير، األمر ذلك من يخرج ال اإلسالمية العربية مجتمعاتنا وحال التي احلديثة، املجتمعات مع تغيرت ما سرعان النظرة هذه ولكن للمعرفة التأريخ بأهمية تعي قبله، وما عشر الثامن القرن منذ بدأت املستمر، التراكم طريق عن املتصاعدة السلسلة مبثابة وعدها البشرية الذي للماضي وليس للمستقبل وصل صلة احلاضر يكون وبذلك كان يأخذ في زمانيته صفات الله، باعتباره محركا للمعرفة واألفكار وباروك، هوبر، طروحات في متثل ذلك كل الخ، ... والقوانني الذهبي العصر إلى نظروا وهيوم، وغيرهم ممن وفيكو، واسبينوزا، للبشرية باعتباره املستقبل وليس املاضي، وبذلك مت االنتقال من الزمن األسطوري، املقدس إلى الزمن الفعلي املرتبط بالتأثير والفعل البشري

إلى حد بعيد.10عن يختلف ولكنه للسلطة، اخلضوع دعائم أهم من االنتشار: <أما للتاريخ، العمودي الطولي أو القدم أن األخير يسير في االتاه وكثيرا البشر، على التأثير من األفقي االتاه يأخذ فإنه االنتشار املنفرد التفكير أمام عقبة متثل الناس بني املنتشرة األفكار تكون ما العامة األفكار أن بسبب وذلك التقليدية، املجتمعات في واحلر تد التصديق والقبول أكثر من غيرها، باعتبار أن اجلميع يؤمن بها، يحدثنا والتاريخ وأسسها، مضامينها في الشك يجوز ال ثم ومن واملرجعيات العامة األفكار سلطة حتدوا الذين العلماء عن كثيرا البخارية« الذي قوبل اختراعه »اآللة املطلقة، فها هو جيمس وات أن استطاع أنه إال الناس، قبل من والسخرية التهكم من بالكثير يقدم للبشرية »عمالقا في مرحلة الطفولة غير فيها معالم حياة الناس ومستوياتهم«،11 ولكن قد يكون هنالك باملقابل تأثير األفكار العامة في جديد كل يرفضوا بأن أنفسهم، العلماء لدى السائدة واملبادئ باملبادئ وقوانني العلم، من دون أن يوجد االتساق املنطقي املرتبط اجليولوجيا عالم فيغنر( )ألفريد عن هنا ومثالنا الصارمة، العلم والظواهر اجلوية األملاني، الذي نشر كتابا العام 1915 أصل القارات واحمليطات حتدث فيه عن نظريته في االجنراف القاري »وهي تنص على أن أجزاء من القشرة األرضية ليست ثابتة بشكل نهائي«. قوبل هذا العالم بالرفض النهائي والشرس من قبل العلماء على الرغم من

مشهد من مسرحية »عطسة« نظمها مسرح احلرية في جنني.

Page 9: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

10

ف الثقافة العلميةمل

الفالسفة، وإحراق كتبهم واتهامهم بالتكفير واخلروج على نسق األمة – الشريعة اإلسالمية.16

رابعا. التعصبوذلك األخير يوجد عندما يغلب األفراد قيم التطرف والعصبية واللجوء إلى تقديس الهوية الداخلية للمجتمع؛ سواء أكان ذلك املجتمع ينتمي مجال في التطرف أو املذهب أو والدين والقومية الطائفة حدود إلى الرأي العلمي واألدبي واملعرفي، فكل ذلك يعيق عملية املساءلة وتفريغ ثم أنها األخيرة والنهائية، ومن تعتقد التي املطلقة الذات من حدودها املرونة تتطلب التي اجلديدة، العلمية املعرفة أمام عقبة التعصب يكون بالعقل اجلمعي يرتبط ما النهائي حولها، والتعصب عادة اليقني وعدم لدى مجتمعاتنا، الذي يصنع لدى األفراد الكثير من املوانع التي تؤثر في

سلوكهم على تقبل اآلخرين واحترام وجودهم املعرفي واإلنساني.

خامسا. اإلعالم املظللوذلك األخير من أبرز »مهددات« املعرفة العلمية، وذلك باعتباره نشاطا يكون ما عادة الوعي وذلك عليه، العاملني قبل من واعية بطريقة يتم والعلمية احلياد صفة عنها تغيب وتصورات أليديولوجيات مصاحبا هذه وراء تقف التي والغايات املصالح جميع عنها املعوض لتكون املؤسسة اإلعالمية أو تلك بشكل نسبي، وال توجد مؤسسة إعالمية في بعقد مصابة تكون أن دون الهادفة العلمية املعرفة تتبنى العربي العالم السائدة، واالجتماعية السياسية السلطة مسار تتبع التي األيديولوجيا وهكذا نقول إن اإلعالم املظلل يلعب اليوم دورا كبيرا في بناء الكثير من واملجتمعات واألحداث املعارف من الكثير حول املغلوطة التصورات مشوشة عالقة إعالميا الشرق مع الغرب فعالقة املعاصر، عاملنا في وغير علمية من قبل الطرفني، من خالل التغذية العكسية التي تصنعها في اإلسالمي العربي يضع أيديولوجي فاألول الطرفني، مؤسسات نسبي، بشكل وأيديولوجية سياسية لغايات واملتخلف البدائي صورة نسبية حول اآلخر لدينا من تصورات ما هو موجود احلال مع وكذلك املختلف من كونه أكثر »سلبية من حيث األخالق والقيم التي يحملها«، احلضارة قيمة على وليس فحسب اجلنس على التركيز يكون وهنا والتغيرات التي طرأت على املجتمعات احلديثة طيلة أربعة قرون خلت، والتي أسست ما هو موجود اليوم من مجتمع يتبع مسار التقدم ويخضع كل شيء إلى العقل والعلم صانع احلضارة ورائدها الوحيد في األزمنة

املعاصرة.

كيف يكون العلم ممكنا؟

التجريب مقاييس على قائم حديث كمفهوم العلم حتقيق إمكانية إن واملالحظة والتراكم والنسبية في مجتمعات ما قبل العلم أو احلداثة يالقي الكثير من املعوقات واملشاكل التي تترتب على القول العلمي واجلرأة في مخاطبة الواقع ضمن معيار النقد وإعادة النظر باألسس كافة التي يستند باملعرفي ليس تصطدم املعوقات وهذه اإلسالمي، العربي الفكر إليها الذي يتحكم في السلطوي بالسياسي والثقافي والتربوي فحسب، بل طبيعة إنتاج ذلك الفكر وتغييب مسألة التطور والنظرة إلى املستقبل بشكل إيجابي متفائل، فتحقيق العلم ينبغي أن مير من خالل حتقيق مجموعة من »اإلمكانيات« تتعلق باملعرفة والسياسة واملجتمع والتربية من املمكن أن

والتعالي املجاز لغة خالل من اجلماهير على طاغ بشكل يؤثر الذي الرياضة مجاالت في احلضور تد والثانية األيديولوجي، الرمزي، والغناء والسينما ... الخ، بحيث تصبح العالمة األخيرة أكثر تأثيرا التقليد إلى حد العالمة األخيرة يندمجون مع هذه الذين الناس على

وإلغاء الكيان الشخصي والوجودي.> الرغبة أو التمني: من دعائم اخلضوع للسلطة الرغبة أو التمني، وهي سياسيا احلاكمة السلطة ولدى خاص بشكل األفراد لدى موجودة األفكار خالل من امتيازاته على يحافظ فالذي وثقافيا، واقتصاديا واأليديولوجيات كافة، دينية أو دنيوية، فإن خانة احلقيقة والتصديق تكون وفقا ملا يتمنى ويرغب ضمن مجال مصاحله وحياته التي يريد، كذلك احلال مع السلطة التي تتشبث بـ »حقيقتها« بعيدا عن درجة وجود اجلدوى من التطور أو حتقيق العلم، مبا يفيد املجتمع ككل، والتاريخ يحدثنا كثيرا عن النماذج الفكرية التي حاربت اإلبداع العلمي والثقافي بعيدا عن مستوى احلقيقة والعلم، والكنيسة من أجل مصالح دنيوية املقرب غاليلو مبنظار النظر رفضوا عندما األمر لذلك واضح مثال جدا، والذي يضع السماء أمام العني بشكل دقيق وجوهري أفضل من رؤيتها ضمن عاملهم الذي تعودوا وارتاحوا له كثيرا، وذلك باعتباره عاملا يسوده اليقني واالطمئنان والراحة ال ميكن أن يتنازلوا عنه بسهولة االمتيازات ويلغي وجودهم كثيرا يغير الذي اجلديد، العلم لصالح

التي يحصلون عليها.14

ثالثا. إنكار قدرة العقلإحدى العقبات التي تقف في طريق التفكير العلمي هي إنكار قدرة العقل املعرفة األدبية البشري في اإلبداع واالكتشاف، وبخاصة في مجاالت والفنية، التي يتم فيها التعويض عن العقل من خالل وجود قوى تتمثل في »احلدس« أو اإللهام، وهذه القوى ال يستطيع اإلنسان احلصول عليها قد التي ذاتها احلدس فكرة قبل من بل واملالحظة، التجربة خالل من تكون مرتبطة بقوى من خارج العقل البشري، أو يكون دور العقل في اإلبداع دورا ثانويا، وذلك األمر وجد لدى املذهب الكالسيكي الذي للعالم، محرك البشري« الوجود »خارج أول عقل بوجود يعتقد كان ومن خالله تصدر العقول األخرى، في حني أن عقل احلداثة كان نقديا، أو كما يعبر عنها جان فرانسوا ليوتار بأنها »تصوغ التناهي وتقدم العقل الذي يحضر املعاقلة على أساس املعاقلة نفسها«، أما ما بعد احلداثة فإنها

تريبية نقدية أو ذرائغية.15

إن إنكار قدرة العقل البشري في اإلبداع يقود إلى فكرة التعميم، ومن مساءلة عن تعجز التي للمجتمعات رئيسية سمة ميثل الذي الثبات ثم مصادرها املعرفية وإخضاعها إلى مجال العقل والنقد، ومن ثم محاولة العربية احلضارة في والنقل العقل أهل بني الصراع وتاريخ تاوزها. اإلسالمية يشير في حقيقته إلى صراع بني أهل النظر والعقل وبني أهل في العقلي والدليل البرهان من عقله يتخذ األول واملوروث، الثبات موجود وما واحلدس، الفيض على يعتمد والثاني واملعرفة، اإلميان أن شأنها من التي املتراكمة البشرية املعرفة وجود يحتمل ال بينهما تعطي للعقل مساحة أكبر للفهم واحلرية، وبخاصة بعد أن ساد الشكل كونها عن الفلسفة تخلت أن بعد طويلة قرون طيلة املعرفة من الثاني مرشدة للعقل والتقدم البشري ذاته، من خالل مهاجمة العقل املتسائل من الكثير محاربة وفي تزندق(، متنطق )من عبارات في واملتفلسف

Page 10: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

11

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

أشكال هذه الطبقات أو النصوص املعرفية والثقافية، أو ظهرت بشكل أكثر من غيرها، فالنص األول هو الطبقة األولى التي منعت اإلسالم من التعدد في الفهم واإلدراك هو نص البداوة والعصبية التي حاول اإلسالم ومآل بأصل املرتبطة املؤمنة، األمة أو الدين إلى القبيلة من ينقلها أن واحد، ولكن كل ذلك لم يتحقق، فذلك النص سحب نفسه إلى الدين الثاني والنص وحقيقته، معامله فشيئا شيئا يغير أن واستطاع اجلديد، باختالف الشريفة النبوية والسيرة الكرمي« »القرآن اإلسالم نص هو تنوعاتها وأشكالها بني الفرق واملذاهب اإلسالمية، وذلك النص يعاني لوجوه النص حماال أن أصبح هذا منذ والتلقي الفهم في إشكالية من كثيرة ومتعددة ومتناقضة مع بعضها البعض، األمر الذي حدا بالسلطة النص من واحدة نسخة على االعتماد إلى بعد فيما املنتصرة السياسية التي األيديولوجيا مع تتفق ال ألنها النسخ، بقية وتاوز املعرفي، ميتلك، وهي أيديولوجيا التبرير والدفاع عن الذات وغايتها املصلحية، والنص الثالث هو نص اآلخر، أو هو طبقة احلداثة الغربية ومكتسباتها طريق عن وليس والوصاية، الهيمنة طريق عن تزال وال جاءت التي

التفاعل واإلبداع.

تعلنا نشارك في صناعة احلضارة ال متلقني لها ومستهلكني لكل ما هو العاملي التوحد املعرفية والثقافية، وبخاصة أن بنيتنا جديد وغريب عن املراكز قبل من مؤسسا أصبح والثقافة والسياسة االقتصاد شروط في وليس األطراف التي يراد لها دائما أن تكون في مؤخرة احلضارة والتقدم

ال غير.

أوال. إمكانية التحول في بنية املعرفةأولى اإلمكانيات التي من شأنها أن حتدث التحول في بنية اإلنسان هي طبيعة املعرفة وكيفية تلقيها ومدى استجابة املجتمع لها من حيث القبول والرفض واملساءلة والتجاوز، ومبا أن املعرفة السائدة لدينا »املجتمعات دفاعية آليات إلى تستند ثابتة جاهزة، معرفة هي اإلسالمية« العربية منذ مهبط السدود األولى )تعبير باشالر(، فان مسألة البدء بالتصحيح العلمية، واملعرفة العلم لتدارك أساسية غاية املغلق الرأس وتاوز ومهبط السدود األولى يعلمنا أن النص املعرفي الثقافي متعدد ومتداخل بني القدمي واجلديد، وكأننا أمام طبقات أرض رسوبية يؤثر بعضها على اختلفت وإن والظهور، والتفاعل االندماج حيث من اآلخر، البعض

من دورة للتصوير السينمائي للشباب نظمها مسرح احلرية في جنني.

Page 11: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

12

ف الثقافة العلميةمل

وهذه النصوص الثالثة وجدت لدينا كنسخ معرفية من خالل شخصية شأنه من فالتعدد واالختالف، التعدد يقبل ال الذي الواحد الشمولي أن يحدث التراكم والتغيير، ومن ثم املساءلة والرفض، ذلك األمر كان معموال به قبل أن تهبط السدود األولى للمعرفة، ليصبح النص الديني على سبيل املثال مطلقا وغير متعدد الوجوه وال يحتمل النسبية والصور

املختلفة.17

إن أولى اإلمكانيات في تاوز سياق املعرفة اجلاهزة يتمثل في العودة إلى الذات بشكل معرفي، وتوضيح أنه ال ميكن بناء منظومة معرفية معينة مبعزل عن الوقائع واألشياء التي حتيطها، أي أنها معرضة للتواصل مع البيئة احمليطة بها، ومن ثم كل ما يصدر عنها محكوم بتلك البيئة، وما في تتمثل هنا واألمثلة داخلية، وصراعات تقلبات من فيها يحدث طبيعة إنتاج النص الديني »القران الكرمي«، بدءا باألزمنة املكية وانتهاء بتشكيل دولة املدينة في األزمنة املدنية، كل ذلك جعل منظومة اإلسالم الزمن نهاية ومع الوجوه، وتعدد االختالف على مشكلة املعرفية اإلنتاجي لهذه املنظومة املتمثلة في حياة الرسول محمد )ص(، توقفت املعارف بأن تكون مختلفة ليؤسس احلد والصورة النهائية املنجزة بعد صراعات وحروب أهلية حول ملكية التأويل، وهكذا أصبحت املعرفة بل ألنها أصبحت الله فحسب، قبل ليست ألنها صادرة من نهائية، في سياق اجلاهز واملقنن غير اخلاضع للمساءلة والنقد واالجتهاد، وما الزمن أن بحكم السياق، ذلك من يخرج ال اليوم لدينا موجود هو املعرفي طيلة قرون طويلة لم يخضع إلى التبدل والتغيير، وإن ظهرت منذ والتجديد الديني اإلصالح بضرورة وطروحات دعوات هناك بداية القرن التاسع عشر إلى األزمنة الراهنة، إال أنها في النهاية كانت املعرفي الزمن بعيدا عن محايثة تخاطب األصول والنصوص األولى الزمن مع وليس الزمان، ذلك مع تتناسب رؤية إعطاء أو األول،

املعاش والراهن.

املعرفة ادعاء مسألة من حتررنا الثقافية ذاتنا حول العلمية املعرفة إن لدينا العقل مساحة إن تقول التي احلقيقة أمام وتضعنا نهائي، بشكل واملستحيل فيه الالمفكر لتشمل تتوسع أن لها وينبغي محدودة، حول الدوران أو الثبات تعرف ال معرفة إلى وصوال فيه، التفكير نفسها، تتبع اإلنشاء والتكوين بشكل دائم، وذلك األمر يتم من خالل الذات الثقافي واملعرفي«، وتفريغ الواقع »واقعنا إلى مضمار الدخول الذي يهيمن على طريقة تفكيرها، وسلوكها من األسطوري واخلرافي ونظرتها إلى املستقبل واالنتقال من مرحلة التفكير ما قبل علمي )املرتبط واإلميان واخللق اإلبداع على البشري العقل بقدرة االعتراف بعدم املاضي هرما الذي يجعل املقدس بالزمن ارتباطا البشري التقدم بفكرة للمستقبل( إلى مرحلة التفكير والبحث عن األسباب في نشوء املعارف واالحتكاك التفاعل من سلسلة ضمن وعلمي جدلي بشكل واألفكار والتالقح مع الثقافات األخرى، مصاحبا ملفاهيم العلم احلديثة، متمثلة بالتنظيم، والتراكم، والدقة والتجريد، والنسبية، واليقني، مع األخذ الدائبة نحو آفاق الثبات، بل احلركة بنظر االعتبار أن األخير ال يحمل

مجهولة يكتشفها العقل البشري.

ثانيا. إمكانية التحول في بنية الدولة أو مفهومهانقصد التاريخ، وهنا تعتمد على العربي العالم في الدولة بنية تزال ال

بإعادة إنتاج التاريخ السياسي القائم على العصبية والغلبة وتأثير الصراع أو التاريخ من نخرج لم وكأننا واالختالف، التعايش على واخلالف نحن نعيش في التاريخ مثلما يعيش السمك في املاء وفقا لتعبير جان بول

سارتر.18

التطورات والتغيرات في األجهزة اإلدارية والتنظيمية وعلى الرغم من تقليديتها تتجاوز أن تستطع لم األخيرة فإن الدولة، ملفهوم واألمنية القائمة على االحتكار من قبل األقلية »حزب، عشيرة، عائلة مالكة .. إلى التطور واالنتقال يبتعد عن املفهوم ذلك الذي يجعل األمر الخ«، سياقات الدولة احلديثة، ومنوذج الدولة السائد لدينا أكثر قمعية واحتكارا »فرادات« نسبي بشكل فيه توجد وال والعلم، واملعرفة احلقيقة ملفهوم الدولة ذاتها، ألنها بنية املختلف في بشرية مختلفة تستطيع أن تؤسس تعتمد القولبة والتمثيل العضوي لقيمها من قبل املجتمع، أو ألنها تعلم إلى ضمنية بصورة دعوتها خالل من وذلك عنها، االستغناء الناس يتم والتي وطموحات، رغبات من فيها وما الدنيا احلياة عن التخلي تعويضها باملثال األخالقي في حياة ما بعد املوت. وهنا تتقدم األخالق التضحية قيم ضمن الدنيوي باملفهوم أو الديني باملفهوم الدولة على الفناء وإنكار الذات وصهر املجتمع ككل في كيان واحد، يعيش حالة في متعاليات ورموز تتعلق باألمة أو الدين والشريعة أو الزعيم والقائد واملرتبطة حقيقتها ضمن الدولة حالة يلغي الذي األمر الخ، ...بكونها أداة قهر وغلبة وسيطرة طبقات معينة على أخرى، بعيدا عن قيم املشاركة والتدرج املجتمعي أو االنتقال من بنية مجتمعية إلى أخرى أكثر تطورا في صياغة مفهوم الدولة،19 وارتباطها بالعلم يكاد معدوما، ليس من حيث تبنيها قيم العلم احلديثة فحسب، بل لعدم قدرتها على مواكبة العلوم اجلديدة وإرسال البعثات العلمية املستمرة بشكل دائم، فضال عن خوفها من أن تصبح التربية العلمية أداة لتغيير املجتمع، ومن ثم نهايتها بشكل حتمي؛ أي نهاية قبولها كجهاز إداري وسياسي فاقد الشرعية، ألنه يستند إلى املاضي سلوكا وثقافة وممارسة جلميع مكتشفات احلداثة

والعلم ضمن حدود النسبي وليس املطلق.

إن إمكانية حتول الدولة إلى العلم أو تعاشقها للعلم حسب تعبير ليوتار يحتاج إلى حتقيق مجموعة إمكانيات أخرى متفرعة ندرجها كالتالي:

> إمكانية االرتباط بالزمن العلمي احلديث: وذلك األمر يتحقق من خالل تاوز مسألة فساد احلس باألزمنة التاريخية والعيش في املاضي، أو مستمر بشكل والتبدل التغير سمات يحمل العالم أن إدراك دون الذي األمر البعض، بعضها مع ومتداخلة مختلفة أزمنة في العيش يجعلنا الذي األمر الواحد، الزمن داخل التجانس عدم إلى يؤدي فاقدي حلركية التاريخ وحضوره البشري. إن تعاشق الدولة مع العلم ميكنها من السيطرة على الزمن، ومينع تداول األفكار واملعارف بشكل ثابت ومتواصل أو مينع توريث رأس املال الثقافي توريثا وراثيا )حسب

تعبير بيار بورديو( بني األجيال القادمة واجلديدة.بنية احلظوظ الدراسية لدى الطبقات كافة: وذلك إمكانية تطور <نسيان املدنية باملراكز االهتمام مسألة تاوز خالل من يتحقق األمر التربية حلظوظ بالنسبة والنائية الريفية واملناطق واألطراف الضواحي االجتماعية الطبقات أكثر بني الدراسية احلظوظ فتطور والتعليم، يكون مدعوما بوجود إستراتيجية عمل اقتصادي واجتماعي وثقافي،

Page 12: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

13

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

تستطيع أن تؤثر على املجتمع وتخلق سلوكا عاما حول قضايا اإلنسان، التي حتكم الفردية الذات ذاتها من سيطرة املعرفة وتساهم في حتوالت اجلماهير »رجل الدين على سبيل املثال« إلى حضور املجتمع الذي يفكر فيه الفرد بشكل حر، وميتلك اإلرادة في تفسير وتأويل الكثير من القضايا املتعلقة باملستقبل، تلك التي عادة ما تكون محتكرة من قبل نخبة أو أقلية من األفراد؛ سواء داخل العقيدة الدينية أم احلزبية األيديولوجية. وهذه تؤثر مثلما عليه وتؤثر علمي بشكل املجتمع داخل تشتغل املؤسسات الرغم على الراهنة األزمنة في املجتمع على والفنية األدبية املؤسسات من انحسار املؤسسات التي نذكر هنا، ولكن وجودها يعتمد على انتشار وذلك العلم، إلى ومعرفة سياسة ذاتها الدولة وحتول العلمية املعرفة

األمر يتحقق من خالل:

> العمل على ترسيخ االهتمام بقضية العلمنة: وهنا نقصد بالعلمنة ضمن اتاهني، األول تاريخي يعنى بنشأة العلمانية وبدايتها األولى مع احتادها إلى وصوال الدنيوي، الزمني بالوجود ترتبط التي وما الراهنة األزمنة إلى قرون، أربعة منذ احلديثة العلمية املنجزات صاحبها من تعثرات وانتكاسات وحتوالت إلى سياقات »العلموية« التاسع عشر، فضال عن وجود القرن العلم في والتطرف في عبادة تلك وبخاصة التجارب، من الكثير لدى والفشل النجاح عوامل وتركيا ولبنان تونس في العربي واإلسالمي العالم في التي حدثت ... الخ أما االتاه الثاني فهو يأخذ بنظر االعتبار الواقع االجتماعي الراهن، ومدى صيرورة التجربة العلمانية وطبيعة انتشارها، فضال عن وجود مواطن الضعف في كيفية قبولها من قبل املجتمع العربي، والسلوك والثقافة اإلعالم في مؤسساتيا انحسارها كيفية في أو البشري ... الخ، واالتاه االجتماعي للعلمانية يعنى بنشر األخيرة اجتماعيا والدخول في سجال حواري مع األفكار السائدة التقليدية فكرة طرح خالل من إقصاء أو استبعاد آليات هناك توجد أن دون

العلمانية ذاتها.العربي: العقل داخل فيه الالمفكر دائرة توسيع على العمل <بالالمعقول االهتمام دائرة توسيع خالل من يتحقق األمر وذلك تاريخية معينة، ثقافة املعروف ومحاولة وصفة ضمن والغيبي وغير واحلداثة، العلم قبل ما أزمنة أي بشريا محددة أزمنة في وجدت وألن الالمفكر فيه يكاد يكون هائال في مجتمعاتنا العربية اإلسالمية، اإلبستيمولوجية العوائق وجود وبيان كشفه محاوالت تظهر لذلك التي تتحكم في حضوره ذات أهمية كبيرة، تلك املتعلقة مبجموعة من السلطة والتمثالت التي حتيط الوعي الفردي واجلمعي على حد سواء، واخللق الله طبيعة في التفكير املجتمع على يحرم ديني هو ما منها واجلنة والنار والوحي واملالئكة وجميع املعقوالت اإللهية التي تقف فوق قدرة اإلنسان ووجوده، ومنها ما هو اجتماعي مرتبط باألعراف على االجتماعية واملشاركة العمل املرأة على حترم التي االجتماعية التفكير في الناس سبيل املثال، ومنها ما هو اقتصادي وسياسي مينع طبيعة السلطة ومدى انتقالها وصيرورتها لدى أقلية تتحكم في مصائر املجتمعات وحتدد سلوكهم ومستقبلهم. إن توسيع دائرة الالمفكر فيه الرأي إبداء في احلرية كبير من قدر توفير يعني العربي العقل داخل وإخضاع الالمعقول إلى العلم والتفكير العلمي، وإنه ال توجد عوائق معرفية معينة تقف أمام اإلنسان في التغيير من طبيعة اجتماعية معرفية املعرفة تقدما وتطورا على صعيد عالقة اإلنسان مع أكثر إلى أخرى

إقصاء دون اجلميع لتشمل والتعليم التربية جغرافية تطور إلى تقود السابقة األزمنة في عليه معموال األمر كان كما يذكر تهميش، أو )العراق( واحلالية أيضا، فتطور احلظوظ الدراسية لدى أكثر الطبقات االجتماعية، وبخاصة تلك التي تعيش حتت مستوى خط الفقر يجنبنا مسألة االستبعاد االجتماعي لدى األجيال اجلديدة القادمة، وكل ذلك باملراحل وانتهاء اآلمنة« »البداية األولى الدراسية املراحل منذ يبدأ املتقدمة من الدراسة من أجل تفادي خطر البطالة ووجود تفاوت واسع

وكبير في الفرص واإلمكانيات ضمن حدود األزمنة القادمة.20التعليم: مسألة في النسبي االستقالل مسألة حتقيق إمكانية <معبر أو هو الدولة إلى تابعا العربي العالم في التعليم يكون ما كثيرا مدرسة أو تعليما نتصور أن ميكننا وال األيديولوجي. جهازها عن الذي األمر واأليديولوجية، احلزبية الدولة شعارات فيها توجد ال النظر ثم ومن والشمولية، املطلقة األفكار يعيشون التالميذ يجعل إلى مفهوم احلقيقة من جانب واحد، وهو اجلانب الذي تصدره الدولة التالميذ تلقي طبيعة على يؤثر الذي األمر األيديولوجية، وحقيقتها للعلوم واملعارف، وال يجعلنا منلك احلماس والرغبة في تعزيز التطور نعيشها التي الكبيرة العلمية الفواصل أو احلواجز ردم ومحاولة مقياس وفق تعيش أن تستطع لم أو العلم، تدرك لم كمجتمعات التعليم استقاللية إن املعاصر. والزمن العالم حركية وفهم العلم بشكل نسبي عن الدولة ميكننا من تاوز مفهوم احلقيقة الثابتة التي تدور حول املجتمع بشكل تاريخي، وذلك األمر يتحقق من خالل دمقرطة التربية، في احلديثة األساليب واتباع والتعليمية التربوية املؤسسات نظريا وتطبيقيا من خالل استخدام الوسائل احلديثة في التعليم، متمثلة واملهارات اخلبرات من واالستفادة »الكومبيوتر«، احلاسوب بأجهزة اليابانية، ومحاولة التجربة املتقدمة، وبخاصة الدول التدريسية لدى تطبيقها منوذجيا لدى أكثر املدارس لدينا، فضال عن االهتمام باجلانب التطبيقي اإلنساني في التربية والتعليم متمثلة في تاوز أساليب اإلكراه والعنف ضد التالميذ، ومحاولة جعل الصف التربوي أو املدرسي أكثر متعة ورغبة من قبل الطلبة أنفسهم، فضال عن االهتمام بالعلوم واملواد ضرورة من الرغم على واالجتماعية األدبية املواد من أكثر العلمية األخيرة وأهميتها، على أن تدرس بشكل يلغي عناصر األيديولوجيا املواد أكثر في معموال األمر كان كما واملجتمعي، الذاتي والتبجيل العربية، واللغة التاريخ، علوم مثل سابقا؛ العراق في الدراسية

والتربية الوطنية واإلسالمية ... الخ.

ثالثا. إمكانية التحول في بنية املجتمعال ميكن أن تظهر التحوالت في بنية املجتمع من طبيعة إلى أخرى أكثر تطورا ما لم تظهر حتوالت أخرى مرافقة أو مصاحبة لها أو متقدمة عليها أو العكس من ذلك وفقا لطبيعة املجتمع ومدى امتالكه حملددات التغيير والتطور، وهذه التحوالت هي ما ذكرناها أعاله في بنية الدولة واملعرفة، والن التحوالت األخيرة تؤثر كثيرا على املجتمع ومدى تعاطيه مع قضية بسبب بسهولة يتحقق ال قد األمر ذلك أن إال العلمي، والفكر العلم عن الناس يعزل واألسطوري اخلرافي الفكر من طويل تاريخ وجود من والغريب اجلديد حول مسبق بشكل وعيها ويؤطر العلمية املعرفة العلوم واملكتشفات احلديثة، لذلك توجد هنالك إمكانيات أخرى لتحول املجتمع إلى العلم مرتبطا بوجود الكثير من املؤسسات واملنظمات التي بحيث الدولة، عن مستقل بشكل العلمي والتفكير العلم قضية تتبنى

Page 13: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

14

ف الثقافة العلميةمل

املثلثات في كتب الذي الطوسي الدين نصير إلى نشير هنا ومنهم العلم، واجلبر والهيئة وإنشاء االصطرالبات وكيفية استعمالها، وكان ميتلك معرفة منظمة وحسا كبيرا في أهمية العلوم املكتسبة من طب وفلسفة وتفضيلها على

1 اومينيس، روالن )2008(. فلسفة الكوانتم .. فهم العلم املعاصر وتأويله، ط 1، الكويت: عالم املعرفة، ص: 316.

2 األمثلة كثيرة حول العلماء والفالسفة العرب واملسلمني الذين اشتغلوا على

والعلم واإلبداع ... الخ.

رابعا. إمكانية التحول في بنية التربيةالعالم في العلمية التربية واقع أعطينا وصفا موضوعيا حول سبق وأن العربي »منوذج العراق«، ومدى غياب أهم الوسائل واألهداف احلقيقية أو األثر غياب عن فضال وتطبيقي، نظري بشكل العلوم تدريس في الذي األمر الدراسية، املراحل انتهاء بعد الطلبة لدى العلمية الذاكرة داخل واإلمكانيات القابليات ضعف ليس حقيقي بشكل يعكس الدولة اهتمام ضعف أو تردي كذلك بل فحسب، التربوية املؤسسة بالعلم والتربية العلمية، األمر الذي ينعكس سلبا على املجتمع العربي واملجتمع، والسياسة االقتصاد بنى في التحول إمكانيات ضعف مع

لتكتمل الصورة بشكل سلبي إلى حد بعيد.

إن عملية التحول في بنية التربية العلمية حتتاج إلى جهد كبير يتمثل في أو والتطبيق النظر جانب ضمن ليس العلمي، الدرس هيكلة إعادة املادة الدراسية فحسب، بل يشمل املؤسسة التربوية ذاتها بشكل يجعل يقود الذي العلمي الكادر لدى ويقينا رسوخا أكثر العلمي الدرس

العملية التربوية ولدى الطلبة أنفسهم، وذلك األمر يتحقق من خالل:

> علمنة اخلطة الدراسية: وذلك من خالل التفكير بالعلوم وأهميتها من األخرى األدبية املناهج بقية على وتغليبها الدراسية املناهج في التعلق وتاوز الطلبة، لدى الواقعية العلمية النظرة ترسيخ أجل املجتمع تخص التي القضايا من للكثير السطحية والنظرة العاطفي العربي في األزمنة الراهنة، تلك املرتبطة بالتاريخ الثقافي واملعرفي، الذي يؤثر كثيرا على طبيعة تقبلنا للجديد والغريب عن البنية املعرفية السائدة، وعلمنة اخلطة الدراسة تبدأ من توضيح ماهية العلم ونشأته بشكل اإلنسان جمعها التي العلمية واملعارف املعلومات حيث من العوامل توضيح عن فضال الراهنة، األزمنة إلى وعملي، نظري لدى وتوضيحها العلمية والنظرة العلم أمام وقفت التي األساسية املرتبطة السلطة وحضور واخلرافة باألسطورة املرتبطة تلك الطلبة، سابقا، ذكرنا كما اإلعالمي والتضليل والتعصب واالنتشار بالقدم كذلك من خالل ترسيخ أهمية التفكير العلمي حول الظواهر الطبيعية احلقائق إلى واخلضوع التأمل لغة عن يبعدنا بشكل واالجتماعية التقليدية واملوروثة دون التفكير بنشأتها، وفقا ملقاييس العلم والنظرة العلمية احلديثة تلك املرتبطة بأحكام الكيفيات والكميات وليس عن طريق املاهيات والتأمل فحسب، كما هو موجود لدينا بشكل تاريخي »طالبية« أجيال خلق إلى تؤدي الدراسية اخلطة علمنة إن مزمن. بالتقدم وتؤمن والثقافي العقلي االنفتاح متتلك بعد فيما واجتماعية واملعرفة اجلديدة، وال تعاني من عقد التاريخ، تلك التي تعل الغريب

مهابا ومخيفا إلى حد بعيد.

أو العلم معامل إلى الدخول يشكل العلم: معامل إلى الدخول <ممارسة التجريب العلمي مهمة أساسية أخرى في سبيل علمنة الواقع التربوي وتغييره، إذ يؤدي الدخول إلى ممارسة العلوم بشكل تطبيقي خالل من وتعقلها العلوم دراسة في التالميذ قابليات تنمية إلى ترسيخ عن فضال احمليطة، واالجتماعية الطبيعية البيئة مع التفاعل املشكالت حل على ومساعدتهم الطلبة لدى الطبيعية الظواهر فهم التي تواجههم.21 وهكذا نقول إن تريب العلوم يجعل مادة الدرس أكثر واقعية ويجعل الطلبة أكثر اهتماما بها، بحيث تصبح املعلومات التي يتعلمونها وظيفية قائمة على الفهم واإلدراك وليست معلومات

مجردة قائمة على احلفظ والتلقني.> تنمية اإلبداع في تدريس العلوم: ال ميكن أن يعطى العلم كمهمة تدريسية دون االرتباط باإلبداع، إذ يغدو اجلهد التدريسي الذي تقوم والفائدة اجلدوى عن بعيد وتكرار إعادة مجرد التربوية املؤسسة به العلمية للطلبة والتالميذ، أو هو باألحرى عملية تدمير للزمن التربوي الذي يعيشه الطلبة طيلة املراحل الدراسية، فاإلبداع يعلمنا كيف نقيس الزمن مبعيار احلاضر، وليس مبعيار املاضي، ومبا أن احلاضر ال يحوي مهمة التربوي الصف داخل وترسيخه تكريسه عملية فان اإلبداع، يدور الذي الواحد والزمن التكرار واإلعادة أساسية من اجل تاوز يأخذ األمر وذلك واملختلف، اجلديد من مفرغ بشكل نفسه حول بعدين مرتبطني مع بعضهما البعض؛ األول مرتبط بتدريس القائمني على العملية التربوية من كادر تدريسي وإداري بأهمية اإلبداع ودوره في حتقيق التقدم البشري، والثاني معني بتعليم الطلبة قيمة االكتشاف

بشكل نظري وعملي،22 وذلك من خالل:

للبشرية قدمتها التي واملنجزات العلوم بأهمية التاريخي التعريف >حجم ومدى أنفسهم، العلماء بعظمة الطلبة وتعريف جمعاء، عن فضال تواجههم، كانت التي والتحديات واملعوقات املشاكل

اجلرأة التي كانت لديهم في حتديد قولهم العلمي والثقافي.< تنمية وعي احلرية داخل املدرسة والصف التربوي من خالل احترام فضال التالميذ، لدى العادية غير واألفكار العادية غير األسئلة واحلدود القيود من املتحرر املتسائل العقل على التالميذ تربية عن

واإلكراهات ... الخ. < تدريب الطلبة على لغة املخالفة واالعتراض واالختالف الذي يقود

إلى تقديس الغريب واجلديد داخل املؤسسة التربوية.التجريب داخل لقيمة املدرسي أو التربوي الزمن الكثير من توفير >العلم واملختبرات، فضال عن احلرية في استخدام األجهزة معامل احلديثة مثل أجهزة الكومبيوتر، والتلفزيون، ملشاهدة األفالم التي

تعنى باملادة العلمية.23وليد املسعوديكاتب وباحث من العراق

الهوامش

Page 14: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

15

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

في األزمنة احلديثة من معارف مختلفة ومتناقضة تتفاعل مع بعضها، لتنتج فيما بعد املختلف اجلديد ضمن جدلية متواصلة، على الرغم من أن التعدد في تأويل النص الذي كان سائدا لدينا ميثل بداية حسنة للخروج من الفكرة

الواحدة والشمولية التي تقف فوق التاريخ والزمان واحلقيقة.18 مجلة العرب والفكر العاملي، عدد 9، شتاء 1990، بيروت: مركز اإلمناء

القومي، ص: 144.19 يحدد املفكر عبد الله العروي تاريخيا أن هناك مقالتني حول الدولة، األولى

وأن الدولة، مفهوم تتقدم على إنها أي الرئيس؛ الهرم فيها متثل األخالق من احلقيقية بالغاية تتعلق مسبقة أفكار من ناشئة اصطناعية هي األخيرة دون والعابر املؤقت صورة حتمل التي األرض، هذه على اإلنسان حياة ... واملتع والرغبات الذات بتحقيق متعلق دنيوي هو ما فيها يوجد أن الخ. أما الثانية، فإنها طبيعية ناشئة عن ضرورة االجتماعي الطبيعي للبشر أنفسهم، ومن ثم هي دولة معقولة حتمل التجانس ما دامت تستطيع أن حتقق الرفاه والسعادة واحلرية لإلنسان من خالل مبدأ التعاون والتضحية من قبل املجتمع، وهذه النظرة إلى الدولة ترى اإلنسان كائنا خيرا في طبعة إذا ترك وكال والسعادة. احلرية ويحقق ويبدع ويكتشف يعمل طبيعته إلى األخير الكثير اإلنساني، وحتجب الواقع والوهم حول صورة املثال املقالتني حتمل واإللغاء القمع من طويل بتاريخ املتعلقة تلك البشري الصراع حقائق من الديني واألخالقي، بالتعالي تتعلق اإلنساني، من خالل مفردات للوجود أو تتعلق بوهم املجتمع الطبيعي كامل اإلنسانية من حيث النشأة واألصل. راجع: العروي، عبد الله )2001(. مفهوم الدولة، املركز الثقافي العربي،

ط7، ص: 13-12.20 إن املقارنة بني املدن والضواحي على الرغم من تردي املدينة العراقية وحتولها

إلى ريف كبير ال ميكن وصفها أو تعريفها من حيث عدم االهتمام واإلقصاء زالت فما الخ، ... واجتماعية وسياسية اقتصادية ألسباب والتهميش مدينة الثورة »الصدر« حاليا تشكل معمال خدميا للمدينة )بغداد(، دون أن والعمالي واملهني اخلدمي التوريث في تاوز مسألة اإلمكانيات فيها يوجد بالطرق والوسائل كافة، لذلك جند أن أكثر خريجي كليات العلوم والطب ال ينتمون إلى هذه الضاحية ضمن حدود النسبي، بل هناك االنتماء إلى كليات اآلداب والتربية واالجتماع وغيرها، وذلك إن دل على شيء، فإنه يدل على

ضعف القابليات واإلمكانيات في حتقيق ذلك األمر.21 تريب تدريس العلوم باملدخل الياباني في بعض مدارس املرحلة االبتدائية،

النشر الكويت: مجلس التربوية، املجلة الله، د. منصور عبد السالم فتح العلمي - جامعة الكويت، العدد 67، حزيران 2003، ص: 123.

22 هنالك من يفسر نشوء عملية اإلبداع من خالل عاملني، األول وراثي يعتمد

على اإلمكانات الوراثية من مواهب وقدرات عقلية وإبداعية، وذلك الرأي الشكل هذا على واألمثلة بأفالطون، جذورها ترتبط قدمية امتدادات له عازفا تسعني متلك عائلته كانت الذي بيتهوفن مثل كثيرة، اإلبداع من الثاني، العامل أما وكذلك احلال مع غوته، وفان كوخ، وميخائيل أجنلو. مبؤثرات عالقة له وليست املكتسبة العقلية املمكنات عبر يتم اكتسابي فإنه الوراثة، بل يعتمد على مؤثرات البيئة احمليطة كالعائلة واملدرسة واملجتمع، كلها واقتصادية، وثقافية اجتماعية من باملبدع احمليطة الظروف عن فضال تؤثر على اإلبداع في شكل أو بآخر، وهذا الشكل من اإلبداع مثاله اينشتاين .)1990( حسني قاسم صالح، راجع: وغيرهم، وباسكال وبيكاسو

سيكولوجيا اإلبداع الفني، بغداد: دار الشؤون الثقافية، ص: 9.العلم دار بيروت: ،3 ط وتربيته، اإلبداع .)1979( فاخر عاقل، 23

للماليني، ص: 156.

العلوم التقليدية من فقه وحديث، وصوال حتديد امتيازات أكثر لدى الطلبة جواد محمد رضا، راجع: والطب. الفلسفة دراسة على يقبلون الذين للطباعة السالسل ذات ،1 ط اإلسالمي، التربوي الفكر أئمة .)1989(

والنشر والتوزيع، ص: 136-135.املأمون بغداد: دار ،1 الزمن، ط تاريخ موجز 3 هوكنغ، ستيفن )1990(.

للثقافة واإلعالم، ص: 40.في مستقبلية رؤى .. والعوملة النفس علم .)2001( مصطفى حجازي، 4التربية والتنمية، ط 1، لبنان – بيروت: شركة املطبوعات للتوزيع والنشر،

ص: 51.5 في استطالع أجري من قبلنا مع عدد من طلبة العلوم في املدارس اإلعدادية بني جيلني مختلفني حول مفردات ومعلومات تلقيناها في مراحلنا الدراسية األولى بعد التخرج من اجلامعة، وجدنا أن نسبة كبيرة من هؤالء الطلبة ينتمون إلى اجليل احلالي يجهلون كثيرا ماهية التنفس مثال أو القلب وطبيعة عمله أو إيجاد تعريف بسيط له، وذلك إن دل على شيء فانه يدل -كما أسلفنا- على

التراجع عن تكوين ذاكرة علمية اجتماعية لدى األجيال القادمة.عالم سلسلة الكويت: ط3، العلمي، التفكير .)1988( فؤاد زكريا، 6

املعرفة، ص: 61-60.7 يفسر الكثير من العامة في العراق االحتالل األميركي بأنه إرادة الله بأن سلط اإللهية اإلرادة تكون وبذلك ظالم، وحاكم مستبد نظام على كبيرة قوى يسير األمر وهذا أنفسهم، البشر سلوك في والتحكم الفعل مصدر هي باملقارنة مع التفكير باملرض على سبيل املثال، وكيفية حدوثه بعيدا عن العلل اإلنسان وما موجود تدخل بعيدا عن أي األمر، لذلك احلقيقية واألسباب من سلطات سياسية واقتصادية واجتماعية فاسدة ال تقدم اخلدمات الصحية

والتربوية بذلك الشأن.8 التفكير العلمي، مرجع سبق ذكره، ص: 83.

الفارابي، عند السياسية الفلسفة .)1979( السالم عبد العالي، عبد بن 9ط1، بيروت: دار الطليعة، ص: 27.

التواريخ إلى الكلي التاريخ من التاريخي الزمان .)1991( يفوت، سالم 10

الفعلية، ط1/ بيروت: دار الطليعة، ص: 15 – 16.11 سليم، محمد صابر، وسعد عبد الوهاب نادر )1968(. اجلديد في تدريس

العلوم، ط1، بغداد، ص: 41.12 اومينيس، مصدر سبق ذكره، ص: 316.

13 باشالر، غاستون )1981(. تكوين العقل العلمي، ط1، بيروت – لبنان:

املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ص: 47.14 التفكير العلمي، مصدر سابق، ص: 92.

15 ليوتار، جان فرانسوا )1984(. »استطالع حول مغامرات العقل في الفكر

والعلم املعاصرين«، مجلة دراسات عربية، ص: 140.16 من املمكن هنا املقارنة بني العقل اجلمعي في املجتمعات العربية اإلسالمية،

وهو السائد اليوم، وبني العقل الفردي في احلضارة الغربية احلديثة، فاألول ومن البشري، للعقل املفارقات وجميع والوحي الله من معقوالته يستمد فضاء من واالنتقال اإلبداع يحرم ذاته، على منغلق جمعي، عقل هو ثم متحررة كذرة فيه الفرد يوجد فإنه الفردي، العقل بينما آخر، إلى معرفي فيه جميع تتحرك العالم، وذلك األخير غير مطلق تعقل متتلك اإلرادة في

املعقوالت واملعارف بطبيعة نسبية في االعتقاد واليقني.التناقض يحمل ال اإلسالم ظهور بداية في سائدا كان الذي التعدد إن 17

واالختالف مع األصول واملبادئ التي يستند إليها، بل هو تعدد ضمن طبيعة موجود هو عما التعدد ذلك يختلف وهنا وتأويله، املعرفي النص تفسير

Page 15: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

16

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرونف الثقافة العلمية

مل

إلى الوصول نستطيع بأننا واإلدعاء الشخصية، وامليول النوازع عن وتنتهي احلواس، أو باملشاهدة تبدأ التقنيات من سلسة عبر “احلقيقة” “موضوعية األولى أسطورتان: العملية هذه يقود وما علمية. مبعرفة العلوم”، والثانية “الطريقة العلمية”، أسطورتان أثبت مؤرخو العلوم أن

العلوم وعملية إنتاج املعرفة العلمية بريئتني منهما.

املعرفة إنتاج إن عملية تقول التي النظر الورقة من وجهة أنطلق في هذه النظريات، هنا العلمية باملعرفة وأقصد العلماء- قبل من العلمية هي ما املختلقة- العلوم حقول في والتصنيفات واملبادئ، والقوانني، والسياسية، الفكرية الشخصية واأليديولوجيا بالنوازع منقادة إال عملية إنسانية جوانب وهي للعلماء، العلمية واالنتماءات الفكرية واألمناط وثقافية واجتماعية تدخل في صناعة العلوم. كما أجادل أيضا أن عملية ما يسمى بـ”االكتشافات العلمية”، وبخاصة ما يتعلق بالنظريات اجلديدة منها، ما هي إال عمليات إبداعية مسندة بالتخيالت العقلية لتفسير ظواهر من وبريئة موضوعية العلوم اعتبار قضية فإن بالتالي، معينة. طبيعية النوازع الشخصية، وأنها تعتمد على الطريقة أو املنهج العلمي للتوصل

إلى احلقيقة، قضية ممشكلة، ال بد من إبرازها ومحاورتها.

التاريخي- اجلدل عن احلديث إلى املوضوع هذا يقودني أن من بد وال اجلدل اخلصوص وجه وعلى العلمية، املعرفة بطبيعة املتعلق الفلسفي تعتبر التي الواقعية املدرسة األولى متناقضتني؛ فكريتني مدرستني بني املعرفة العلمية حقيقة موجودة خارج كياننا وقدراتنا ونوازعنا وتفكيرنا، وبالتالي ال بد من االجتهاد بطرق مختلفة للوصول إليها، والثانية املدرسة احلقيقة بأن وتؤمن إنسانيا-اجتماعيا، نتاجا املعرفة تعتبر التي النسباوية نسبية وتعتمد على السياق والتاريخ والثقافة. وقد وصل هذا اجلدال في املراحل من كثير في وبلغ الستينيات، فترة في له مستوى أعلى العلوم والدوريات العلمية واملؤمترات الكتب عبر احملتدم الصراع مستوى املتخصصة. لكن بعكس الصراعات الهدامة، فإن هذا الصراع جاء ليلقي

لقد مرت املسيرة التربوية في فلسطني بالعديد من التقلبات والتحديات، وكان أحد تلك التحديات تطوير نظام تعليمي قادر على مواكبة التغيرات ومنذ نوعي. مستوى ذي تعليم تقدمي نفسه الوقت وفي املعرفة، في قدرات تطوير إلى واحلاجة الفلسطينية، والتعليم التربية وزارة تأسيس املناهج بتطوير اطراد مستمر، حيث بدأت الفلسطيني ومتكينه في املعلم الفلسطينية التي نتج عنها كتب دراسية في مواضيع مختلفة، رافقها عملية الكتب املطروحة داخل املنهاج واملواضيع تنفيذ املعلمني على “تدريب” املدرسية. ومن حني إلى آخر، كانت تدخل علينا مفاهيم وتقنيات بحكم اللجوء إلى خبراء تربويني من اخلارج، وإلى مصادر ومراجع أجنبية يبدو أنها القت مكانا لها بأريحية في الوسط التربوي الفلسطيني، بدعوى أنها

كانت مفاهيم وتقنيات وطرقا ناجحة في املجتمع الغربي.

أريد في هذه املقالة أن أركز على موضوع العلوم وعلى جزئية بيداغوجية أصبحت في “الوعي الباطني” ملعلمي العلوم، حتى أضحت ممارسة تلقائية

الواعية أو “هابيتوس” بحسب بورديو، أال وهي مفهوم االستقصاء.

املستوى إلى ممارسة على املفهوم أن أحتدث عن كيفية حتول هذا أريد ال املترجمة واملصادر االستقصاء موضوع في التأهيل فبرامج الصفي، جامعاتنا من تخرج التي املاجستير ورسائل حتصى، ال املفهوم هذا عن الفلسطينية عديدة، وتؤكد على أهمية االستقصاء في عملية تعلم العلوم. لكن ما أريده هو تفكيك هذا املفهوم البيداغوجي تاريخيا وفلسفيا، ملساءلة

شرعيته في حقل العلوم الطبيعة، وفي عملية إنتاج املعرفة العلمية.

في صفوفنا باالستقصاء املتعلقة املمارسات تلك في قليال تأملنا ما وإذا االستقصاء روح من مجردة آلية تقنية ممارسات جندها وجدت”، “إن الظاهرة الطالب مع يتحاور عبرها التي الذهنية العمليات الفعلي- تلك بإشراك حواسه وخياله وما يحمله من خلفية ثقافية ومعتقدات وميول. فاالستقصاء في مدارسنا ما هو إال عملية إقصاء للظاهرة العلمية وعزلها

في الثقافة العلمية

جدلية »املوضوعية« وأسطورة الطريقة العلمية:نحو نظرة تكاملية بني العلوم والفنون

نادر وهبة

»العلوم بالنسبة لي عملية استقصاء، أضع خاللها الطالب في عملية ممنهجة تبدأ من تدوين دقيق ملا يالحظه الطالب، يليها فرض فرضيات، ثم تربة للتحقق من الفرضيات وجمع البيانات وحتليلها بهدف اخلروج مبعرفة علمية أو بنظرية ما«.

معلم علوم في مدرسة فلسطينية

»أهدف من العلوم أن أعلم املبادئ والقوانني من جهة، واملناهج العلمية من جهة أخرى عبر االستقصاء«.معلمة علوم في مدرسة فلسطينية

Page 16: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

17

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

ويتبعها بـ«البراديغم«- يعرف حسب كون ما أو العلماء معظم ممارسات فترة »العلوم غير العادية« التي يحدث خاللها ثورة أو انقالب على النظرية السائدة، سببها تراكم املعضالت )أو ظاهرة عدم التوقع حسب ترجمات تناقض التي التجريبية النتائج وتتجمع السائد، البراديغم داخل أخرى( النظرية، وهنا يصاب البراديغم السائد بنكسة في التفكير العلمي، األمر الذي يولد نواة لنظرية جديدة أو براديغم جديد، يقود العمل في العلوم. العلماء، من له املؤيدين ويجمع التنامي، في اجلديد البراديغم ويستمر إلى أن يصل مرحلة عمرية يعمل خاللها العلماء من جديد ضمن مرحلة »علوم عادية«، وهكذا تستمر احللقة. ويدعي كون أن الثورة العلمية التي فجأة على مرئي يحدث غير العادية« هي حتول »العلوم فترة بعد حتدث علم في اجلشتالطي كالتحول متاما الظاهرة أو العالم، إلى العالم نظرة في جاء ما أهمها العلوم، تاريخ من بأمثلة أقواله كون ويدعم النفس. كتابه الثورة الكبرنيكية،2 الذي يعرض فيه السياق التاريخي واالجتماعي نظرية لتطور الدينية واملعتقدات الشخصية النزعات فيه مبا والسياسي، النظرية حسب األرض من بدال الشمس مبركزية املتعلقة كبرنيكوس

األرسطية السابقة.

وما مييز البراديغمات املتنافسة -حسب كون- أنه ال يوجد بينها لغة تفاهم مشتركة، وبالتالي يستحيل مقارنة براديغم معني بآخر، وهو ما عرفه كون بـ الالقياسية. وهنا يتجلى مصطلح »الثورية« لدى كون، فالعلوم بطبيعتها ثورية وليست تراكمية كما كان ينظر لها نظيره بوبر؛ فالثورة العلمية لدى بالثورة العسكرية أو االنقالب السياسي في الدولة؛ كون أشبه ما تكون مبعنى أن لكل نظام أحكامه ومفاهيمه وقوانينه ومنهجياته التي تقود عمله. إال أن التحول الثوري في املعرفة العلمية وعملية ظهور براديغم جديد، جانب وهو للعالم، السيكولوجي اجلانب ذلك داخلة في ينطوي إمنا يدعي كون أنه يحصل للعالم أثناء التفكير العميق بتزامن تراكم معضالت في النظرية السابقة. فالتحول هنا عند كون أشبه ما يكون بتحول ديني، األمر الذي أثار سخط العلماء الذين كانوا يؤمنون بأن العلوم واملمارسة العلمية هما أبعد ما تكونان عن الدين. وكان أكثر الساخطني على كون فالسفة العلوم أصحاب املنهج الوضعي، الذين كرسوا حياتهم في وضع حدود وفواصل تعرف املمارسات العلمية عن املمارسات امليتافيزيقية مثل العلمية التحوالت أن ليدعي كون مثل شخص يأتي فكيف التنجيم،

الشهيرة التي ساهمت في تطور البشرية، ما هي إال حتول ديني؟

العادية« »العلوم مرحلة في العلماء عمل طبيعة هو هنا يهمني ما لكن حسب تصنيف كون. فكيف يختلف عمل العلماء في هذه املرحلة منه عن مرحلة »الثورة العلمية«؟ لنأخذ مثاال عرضه كون في كتابه ويتعلق بنظرية أرسطو في تفسير حركة األجسام. يقول كون إن النظرية األرسطية مثال قادت معظم العلوم واملمارسات العلمية من تارب وأبحاث فيما يتعلق باألجسام املتحركة ملئات السنني وشكلت إطارا فكريا أو براديغم أطلق عليه كون براديغم أرسطو. وكانت الظواهر حسب كون تخضع لهذا البراديغم ولتلك التفسيرات التي تتوافق مع نظرية أرسطو، حتى أن املعضالت التي كانت تواجه هذه النظرية كانت إما أن تطوع للبراديغم نفسه باللجوء إلى تفسيرات أو معادالت معينة تفسرها، وإما يتم إهمال املعضلة بالكامل. فمثال، يقول كون إن ما أتاح لبراديغم القوة الدافعة -وهي نظرية منافسة لنظرية أرسطو حول حركة األجسام- أن ينمو وسط براديغم أرسطو هو كانت األجسام حسب فإذا األخير. البراديغم في هذا املعضالت تراكم

مختبرات داخل العلمية املعرفة إنتاج وطبيعة العلوم طبيعة على الضوء هنا من لي بد املختلفة. وال ميادينهم في العلماء العلوم، وطبيعة عمل أن أبدأ بأفكار الفيلسوف “النسباوي” ثوماس كون، وبخاصة تلك التي مبثابة والتي كانت ،1962 العام 1 العلمية الثورات بنية كتابه جاءت في ضربة موجعة ألصحاب الفكر واملنهج الواقعي، وعلى رأسهم الفيلسوف

كارل بوبر.

أسطورة »الطريقة العلمية« ومفهومجديد لـ »االكتشافات العلمية«

الفكرة األساسية التي جاء بها ثوماس كون هي أن العلوم -كسائر احلقول الفكرية واأليديولوجيا الشخصية، بالنوازع تقاد األخرى- املعرفية وبالتالي للعلماء، العلمية واالنتماءات الفكرية، واألمناط والسياسية، املنهج أو الطريقة العلوم هي موضوعية، وأنها تعتمد على فإن فكرة أن العلمي للتوصل إلى احلقيقة، أصبحت من وجهة نظر كون فكرة مشككا ذاتانية عن بيرس حتدث فقد بحديثة، كون أفكار تكن لم ورمبا فيها. املشاهدة تعتمد على العلوم بأن يؤمن الذي كان بيكون ردا على العلوم املوضوعية البريئة، وهي بالتالي خالية من أية حتيزات. لكن ما مييز أفكار املعرفة إنتاج سوسيولوجيا وعلى العلوم تاريخ على اعتمدت أنها كون تعتبر التي النظريات تاريخ تطور بعض التاريخ، حيث عرض كون عبر وهي: حياتنا، أمناط وعلى تفكيرنا على أثرت التي النظريات أهم من نظرية مقابل اجلزيئية النظرية األرض، مقابل الشمس مركزية نظرية الفلوجستون، ونظرية القوى املؤثرة على اجلسم مقابل النظرية األرسطية في القوى الكامنة داخل األجسام، وأخيرا نظرية األشعة السينية ونظريات الكهرباء. فمن خالل هذه األمثلة، استطاع كون أن يعطي معاني جديدة مفهوم مثل هذا؛ عصرنا منذ سائدة زالت وما كانت وأدوار ملفاهيم »االكتشافات العلمية«، ودور »الصدفة«، و«حل املشكالت« في العلوم، سياقات في العلماء قبل من معها التعامل وآلية »املعضالت« ومفهوم مقابل النظرية وطبيعة ودورها، العلمية« »الطريقة ومفهوم مختلفة،

القانون، ودور »املجمع العلمي«، ومفهوم »االستقصاء«، وغيرها.

والثورات العلوم تطور تاريخ يراجع من أن في كون أفكار وتتلخص »العلوم مرحلة من تتكون حلقة عبر حتدث أنها يجد املهمة، العلمية العادية« -يعمل خاللها العلماء ضمن نظرية ما أو إطار فكري معني يقود

Page 17: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

18

ف الثقافة العلميةمل

يتبنيا أن العلماء اثنني من فيها، بل محيرة، حيث ميكن ألي املعضالت فعندما مختلفة. بخيارات منهما كل ويخرج املشتركة، القيم هذه مثل يأتي األمر إلى اختيار براديغم من بني براديغمات أخرى، فإن هذه املعايير

تفشل متاما في املساعدة على االختيار.

اختيار عملية إنها ويقول العلمية«، »الثورة مرحلة طابع كون ويفصل العالم نظرية ما مقابل أخرى منافسة، حتدث عندما يكون هناك نوع من لها منشورة بحثية ورقة مراجعة مثل املتنافسني؛ النظريتني بني االتصال ومشاهدتهم املنافس، العالم مختبر وزيارة املنافسة، بالنظرية عالقة أو مشابهة نتائج على للحصول بها قاموا التي التجربة إعادة ومحاولة فحص النتائج، والتواصل عبر املؤمترات املختلفة، وغيرها من األساليب تطويع بهدف املتنافسة النظريات أصحاب بني االحتكاك فيها يتم التي املشاهدات كل حسب نظريته. وعلى الرغم من عملية التواصل هذه، فإن اللغة واملصطلحات بني التيارات املتنافسة حتمل معاني ووظائف مختلفة »النجوم«، مثل فمصطلحات البراديغماتي. وانتمائه العالم بحسب وفهم وتأويالت تفسيرات لها »املركبات«، »املخلوط«، »الكواكب«، براديغم معني املتنافسة. وعندما يحاول عالم من النظريات مختلف بني فجأة نفسه يجد اآلخر، للبراديغم واملصطلحات املفاهيم يجرب أن اآلخر، لغة يتحدث -ذاتانية- عقالنية غير شخصية عوامل وبسبب املنافسة، وهنا يحدث النظرية التي تقود وميارس املصطلحات والقوانني

االنقالب.

استطاع كون أن يقلب املفاهيم الدوغماتية التي كانت سائدة حول طبيعة العلوم وتطور املعرفة العلمية ووضع عالمات استفهام على كل ما يتعلق باملنهج أو الطريقة العلمية واالكتشافات العلمية، وشكك في املوضوعية التي كان يعتقد أن العلماء كانوا ميارسونها. ولنفهم ذلك بشكل عملي، دعنا نأخذ مثاال آخر من تاريخ العلوم متعلقا بالكيمياء جلأ إليه كون إلثبات

أفكاره حول العلوم.

بتعبير يتعلق العلمية الثورات بنية كتابة في خاصة وحدة كون يخصص ما فيها حدثت التاريخ من وقائع كون ويختار العلمية«. »االكتشافات كون يبدأ األكسجني. اكتشاف واقعة وهي علمية، باكتشافات يسمى اكتشف الذي من »ترى التالي: السؤال بطرح املوضوع هذا في نقاشه بيرستلي )1804-1733( البريطاني جوزيف فعال: هل هو األكسجني

النظرية األرسطية تتحرك لهدف طبيعي؛ أي أن األجسام تتحرك لسبب الطبيعية، أماكنها إلى الوصول بهدف الطبيعة ملتطلبات وتلبية إرادي ما أعلى إلى ينطلق الذي الرمح مثل املقذوفات حركة تفسير ميكن فكيف بعد إزالة القوة عنه؟ وكيف ميكن تفسير حركة األجسام املتأرجحة؟ أسئلة كان ما، فترة في أرسطو. لبراديغم تهديدا وتشكل يوميا تطرح كانت باستطاعة أصحاب املدرسة األرسطية أن يخضعوا املعضالت لقوانينهم. فمثال، استطاع أتباع فكر أرسطو أن يفسروا ظاهرة املقذوفات بوجود فراغ حول السهم أو الرمح املقذوف يتولد بفعل أداة القذف قبل اإلطالق. ومبا أن الفراغ ظاهرة غير طبيعية بناء على مبادئ النظرية األرسطية، فإن الهواء إلى االستمرار في الرمح يدفع ما الرمح، الفراغ خلف تعبئة يسارع في االرتفاع حتى انتهاء جميع الفراغ املتولد خلفه، وعندها فقط يعاود الرمح إلى النزول نحو مبتغاه؛ أي إلى األرض. لكن ومع تراكم املعضالت، لم براديغم مناهض تولد إلى براديغم أرسطو من الصمود، ما أدى يستطع

مببادئ مختلفة وبنظره إلى الظاهرة نفسها بإطار نظري مختلف.

من خالل املثال السابق لبراديغم أرسطو، استطاع كون أن يظهر خصائص عمل العلماء ضمن البراديغم الواحد في إطار مرحلة »العلوم العادية«. يقول كون إن عمل العلماء في هذه املرحلة ليس إال حل أحاج أو مشاكل أن العلمي. ويضيف كون املنهج بخطوات العلماء عبر خطوات عرفها عملية حل أحجية أو مشكلة علمية ما بحاجة إلى توفر مصادر تتألف من »شبكة قوية من االلتزامات – الفكرية، والنظرية واألداتية، واملنهجية«.3 لذلك، تعتبر عملية حل األحاجي واملشاكل ضمن مرحلة العلوم العادية مع تتوافق ال التي فاملعضالت كون. قول حد على مضللة عملية هي ظاهرة )مثل البراديغم أو للنظرية تطوع أن إما النظرية؛ االلتزامات املقذوفات في نظرية أرسطو( وإما تهمل متاما. ليس ذلك فحسب، بل إن العلماء يدربون الواحد بالبراديغم العلمي اخلاص العلماء ضمن االحتاد الفكرية االلتزامات تقديس على مثال( اجلامعات في )الطلبة الواعدين والنظرية السابقة، ويورثونهم االلتزامات األداتية واملنهجية، التي تتمثل بطرق استقصاء ممنهج، ووصفات لعمل التجارب واألدوات املستخدمة. أسبابا السائد للبراديغم املتراكمة املعضالت في رأوا الذين أولئك أما النهياره كانوا يعملون في اخلفاء، وكثيرا وما كانوا يواجهون باالنتقادات

العنيفة خلروجهم عن األعراف السائدة في البراديغم.

وإذا كانت طبيعة العمل في مرحلة »العلوم العادية« غير مجدية، فإن كون يرى عكس ذلك متاما في مرحلة الثورة العلمية. إن التحول الذي يحدث على البراديغم نتيجة تراكم املعضالت التجريبية له طابع مختلف متاما عن االلتزامات عن احلر( )بخياره العالم فيه يتخلى العادية، العلوم مرحلة الفكرية والطرائقية املنهجية للبراديغم السائد ليتبنى تدريجيا التزاما فكريا طابع لها للعالم ذاتانية أمور تتدخل وذاك هذا وبني جديدا. ومنهجيا بالشيء وغيرها العليا واحلدس واإلميان بالقيم واملثل شخصي، وترتبط من األمور السيكولوجية املعقدة غير قابلة للقياس. يقول كون إن العالم في هذه املرحلة يضع قيما ومثال عليا شخصية حتت املقارنة - مثل مقولة ... تقفز« أن قبل جيدا وانظر »تأنى مقولة مقابل يخسر« يتردد »من كانت التي التقليدية املشتركة فالقيم للشخص. العليا املثل من وغيرها الدقة، مثل العادية العلوم مرحلة في عمله ضمن العلمي املتحد تقود والثبات، واملوضوعية عبر الطريقة العلمية، ومدى الشمولية في النتائج تتراكم عندما وبخاصة املرحلة، هذه في مثمرة غير معايير هي العلمية

Page 18: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

19

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

بيرستلي. لكن يقول كون الذي جمعه الغاز دائما يشبه صفات جمعه سبب أن على ينص الذي احلموضة مبدأ صاحب كان الفوازييه إن حموضة السوائل هو وجود الفلوجستون -بعكس ما هو متعارف عليه الهيدروجني هو سبب احلموضة- وكان الفوازييه يؤمن أيون بأن اآلن يسمى سائل من تتكون احلرارة أن -أي احلراري السائل بنظرية آنذاك فجميعها الباردة- إلى الساخنة األجسام من ينتقل الذي الكالوريك اكتشاف في احلق نعطي ملاذا الفلوجستون. لبراديغمات مشتقات

األكسجني إلى الفوازييه إذا؟

1774 العامني بني ما اكتشافه مت األكسجني أن في كون يشكك ال و1777، أو رمبا بعدهما بقليل، لكن متى بالتحديد؟ ال ميكن أن نعرف ذلك إال إذا درسنا السياق املعقد واألمناط الفكرية أو البراديغمات التي يعمل من خاللها العلماء أمثال الفوازييه وبيرتسلي. لقد واجه براديغم الفلوجستون عبر االحتراق نظرية حتكمه كانت الذي الفلوجستون معضالت كثيرة لم يستطع الفوازييه تطويعها أو إهمالها كما فعل زميله بيرستلي. فمن خالل األوراق التي أعلن عنها الفوازييه العام 1777، كان من الواضح أنه بات مقتنعا بأن هناك خطأ ما في نظرية الفلوجستون. كانت بداية هذا اإلدراك حسب كون مع بداية العام 1772. وكان العمل نظرية بخطأ إلحساسه إضافة مجرد لالفوازييه بالنسبة األكسجني في الفلوجستون السائدة. يقول كون: »إن ذلك الوعي املسبق للصعوبات بيرستلي العالم في أصل تارب ليرى هو جزء مهم، ساعد الفوازييه غازا لم يقدر بيرستلي على رؤيته بنفسه«.4 وهنا يربط كون »االكتشاف فاعلية إدراك وبداية السابق البراديغم خطأ إدراك بعملية العلمي« أو بشكل نفسه الشيء يرى أن العالم خالله يستطيع جديد براديغم

منظور مختلف.

ليس فهو العلمي« مفهوما جديدا، »االكتشاف يعطي أن كون نرى هنا عمال فرديا متمثال بشخص وزمن ومشاهدة بالصدفة، بل ال بد من توفر حالة وعي أو »إدراك أن شيئا ما موجودا ومعرفة ماهية هذا الشيء على الناجت في معظم األحيان عن وجود املعرفي السواء«.5 إن هذا اإلدراك يتطلب السابق، الفكري النموذج في التوقع عدم وحاالت معضالت البراديغم؟ ال بتغيير في إذا مرهون وقتا طويال. فهل االكتشاف اجلديد النظرية والبراديغم: الفرق بني السؤال أن ندرك بد لكي جنيب عن هذا إن تبني الشخص نظرية ما يعني إدراكه املعرفي بهذه النظرية، لكن تبني الشخص لبراديغم جديد هو أشمل وأعقد من ذلك بكثير، ويشمل تغييرا في املمارسة العلمية وطرائق إجراء التجارب؛ أي النظر إلى النهج بطريقة األجهزة من معني جهاز استخدام قرار »إن كون يقول أيضا. أخرى بطريقة خاصة يحمل معه افتراضا بأن أنواعا معينة من الظروف من دون سواها سوف تظهر«6. لنرجع إلى مثال األكسجني. يقول كون أن كل من بريستلي والفوازييه كانا يستعمالن تارب »روتينية« لقياس كمية الهواء وجودته والتزامهما بطريقة إجراء التجربة هذه »كانت التزاما في الوقت

نفسه بفكرة عدم وجود غازات ذات سلوك كسلوك األكسجني«.7

على العلمي، باالكتشاف املتعلقة املفاهيم يقلب أن كون استطاع وهنا يومنا هذا. ميكن مدارسنا حتى في نعلمها زلنا ما التي األقل معظمها، أن أخلص الفرق بني املفهوم التقليدي لالكتشاف العلمي واملفهوم املغاير

له من وجهة نظر كون في اجلدول التالي:

تساؤل كون وينبع 1794(؟«. - 1743( انتويني الفوازييه الفرنسي أم »اكتشفت« التي الشخصية حول الكتب في السائد االختالط من هذا األكسجني، فمعظمها ينسب هذا االكتشاف إلى بيرستلي العام 1774، 1775. وأيا كان املكتشف، فقد كان العام والقليل ينسبه إلى الفوازييه بفترة وتقرن ما، شخص إلى العلمية االكتشافات تنسب أن السائد من زمنية محددة. لكن إذا درسنا التاريخ، والسياق الذي كان يعمل به علماء

الكيمياء في تلك الفترة، ميكن أن نحدد اإلجابة مبعايير مختلفة كليا.

التي الفترة تلك في الكيمياء في السائدة البراديغمات إن كون يقول الفلوجستية. النظرية براديغمات هي الكيمياء علماء عمل تقود كانت عند »الفلوجستون« غاز خروج إلى تشير املخبرية التجارب وكانت أو االشتعال على يساعد ال غاز وهو الكيميائية، املركبات بعض حرق على التنفس. وكان بيرستلي من بني أولئك العلماء الذين كانوا يعملون هذا من به ويستدل يشاهده كان فما الفلوجستون. براديغمات ضمن املضاءة الشمعة يطفئ ألنه الفلوجستون، هو األنبوب في املجمع الغاز الفأر الذي كان يوضع أنه يقتل الغاز فيه، كما في اإلناء الذي مت تميع

في هذا اإلناء.

الثقافة دراسة من بد ال كون، سؤال عن اإلجابة حتديد نستطيع ولكي حقبة امتازت لقد املعنيني. العلماء فترة في السائدة العلمية واملعتقدات تقود الفلوجستون نظرية وكانت الهواء، مبكونات باالهتمام بيرستلي التجارب املخبرية وتقود التفسيرات على حد قول كون. وكان بيرستلي مهتما بالغاز الذي يخرج نتيجة حرق أكاسيد الزئبق. فالزئبق مادة لزجة ثقيلة يصعب إذابة الغازات فيها. وكان التحدي لبيرستلي أن يفاعل الزئبق يستطيع جهازا يصمم أن 1772 العام في بيرستلي واستطاع الغاز. مع بعد الناتة الغازات الزئبق، وأن يفحص الغازات فوق من خالله جمع احلرق. بالتالي، فإن معظم التجارب واألدوات املصممة كانت »منقادة« بالنظرية الفلوجستية. لكن عندما أحرق بيرستلي قطعة من أكسيد الزئبق )كانت تسمى آنذاك زئبق الكاكلس حسب النظرية الفلوجستية(، وفحص الغاز الناجت، وجد أن هذا الغاز يساعد على االحتراق، ويبقي الفأر في اجلرة على قيد احلياة؛ مبعنى أن صفات هذا الغاز املجمع كان متاما عكس صفات الفلوجستون. من املفروض حسب نظرية الفلوجستون أن يحرق يقول راسبا. الكاكلس ويبقى الفلوجستون ويخرج الكاكلس« »زئبق كون إن هذه التجربة شكلت معضلة بالنسبة لبيرستلي وألصحاب نظرية الفلوجستون بشكل عام. فهل غير بيرستلي من وجهة نظره بالنسبة لنظرية الفلوجستون؟ اجلواب هو ال، فقد استطاع بيرستلي أن يطوع املشاهدة أو الظاهرة -أي الظاهرة املتمثلة باملعضلة- إلى نظرية الفلوجستون، وأطلق على الغاز »هواء خال من الفلوجستون«. يتساءل كون: هل نستطيع أن كان إذا إنه كون يقول إذا؟ بيرستلي إلى األكسجني اكتشاف نعطي حق الذين أولئك جميع إلى يعطى أن يجب هذا احلق فإن نعم، اجلواب كارل األصل السويدي الكيميائي وأولهم قبله، من الغاز هذا جمعوا سكيل )1742 - 1786(، الذي استطاع أن يعزل هذا الغاز العام 1772، وأطلق عليه الهواء الناري، ألنه يساعد على االشتعال. هل نستطيع أن

نعطي احلق إلى أنتويني الفوازييه إذا؟

أكسيد منها أخرى مواد وعلى بيرستلي تارب الفوازييه أعاد لقد يتم الذي الغاز الكاكلس( وكان بكبريت آنذاك يعرف ما )أو الكبريت

Page 19: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

20

ف الثقافة العلميةمل

نفسه وبني االحتادات العلمية األخرى. فمثال، يتحدث هاغستروم8 عن أن الدافع الرئيسي الذي يقود العلماء في أبحاثهم هو استحواذ االعتراف من قبل األقران، وأن عمل العالم ضمن مجموعته ينطوي على عملية توافقية بني مصلحته الشخصية وبني قبوله بني أقرانه -فالعلماء في نهاية فإن وبالتالي االعتراف- مقابل بينهم فيما املعلومات يتبادلون األمر عمل اجلماعة العلمية هو أكثر بعدا عن املعتقد السائد بأنه منقاد مبعايير العمل من العقالنية احملضة والنزاهة على حد قول هاغستروم -مبعنى أجل االكتشاف وخدمة اإلنسانية- بل إن عملهم منقاد مبعايير اجلماعة العلمية التي ينتمون إليها. وهنا نذكر بيير بورديو عندما حتدث عن فئة العلماء كفئة تتبنى أيديولوجيا مهنية، وأن املعرفة بالنسبة لهذه اجلماعة هي الرأسمال الرمزي الذي يتبادلونه من أجل نيل االعتراف االجتماعي

والسلطة.9

أولئك من شديدة انتقادات القت هاغستروم أفكار لكن وعاصروا العلماء مختبرات في عاشوا الذين األنثروبولوجيني الذي التور برونو أهمهم من وكان العلماء. عمل حياة تفاصيل أن عن احلقائق10 صناعة وعملية املختبرات حياة كتابه في عبر تغيب وبورديو هاغستروم نظر وجهة من العلماء عمل إلى النظرة مجتمع في االجتماعي الفعل وتبسط املجموعة، في العالم دور العلماء بنظريات السيطرة واملصلحة واالعتراف وموازين القوى.11 تفسير في ما حد إلى تفيد قد املاركسية النظرية أن التور ويعتقد السلوك االجتماعي للعلماء، إال أن الوسط االجتماعي للمتحدات العلمية والوسط الذي يتحرك فيه العلماء هو أكثر تعقيدا من ذلك. ويتحدث التور عن نقطة ضعف لنظرية بورديو، بحيث أنها تهمل جوانب داخلية ونفسية هي في غاية الدقة والتفصيل، وتؤثر بشكل العوامل اخلارجية -مثل االعتراف- على حياة تؤثر قوي متاما كما عمل العلماء. ويدخل التور مصطلح »املصداقية« الذي يتفاعل مع الثقة عاملي ويربط العلماء، عمل ليقود وداخلية خارجية عوامل واالعتبار باملعتقد اخلاص للعالم، حيث كلما زاد مخزون املصداقية، زادت قدرة العلماء على االستثمار في السوق العلمية تبعا للعرض مخزون على يدل مفهوم »املصداقية« فإن وبالتالي والطلب، التور ويضيف أيضا. الرأسمالي االقتصادي باملفهوم استثماري أن هذا النوع من االستثمار -أي مخزون املصداقية- مير عبر قنوات مختلفة منها: أن يتم االتصال بالعالم من قبل علماء آخرين مبدين اهتمامهم مبوضوعه، أو قبوال لإلدعاءات العلمية التي ينشرها، أو أن يساندوه في مواقفه ويسمعوا ملا يقوله في أوساط اجتماعية مثل املؤمترات واملتحدات العلمية، أو أن يعرضوا عليه موقعا أفضل، أو أن يعتمدوا البيانات التي »يصنعها« في مختبره دون التشكيك بها، وجميعها أمور تتشابك مع بعضها البعض لتحرك حلقة »املصداقية«

على حد قول التور.

ويؤكد التور على أن تفاصيل األمور احلياتية داخل املختبرات ال ميكن لها أن تظهر في األوراق العلمية اجلاهزة، وال بد من فتح ما أسماه بـ »الصندوق األسود«؛ أي العيش بني العلماء وإجراء البحوث األنثروبولوجية التي من خاللها يتم الكشف عن حيرة العلماء في اتخاذ قراراتهم، وتنافسهم التور يقول يعيشونها. كانوا التي والتناقضات البعض، بعضهم مع املعرفة صورة الصورتني- هاتني تناولت »إذا :1 شكل إلى مشيرا

املفاهيم التقليدية لالكتشاف العلمي

املفهوم اجلديد لالكتشاف العلمي

إدراك الشيء ومعرفة ماهيته رؤية الشيء)مشاهدة مرفقة بنظرية(

بطيء، نشاط متراكم من عدم سريع، مفاجئ، صدفةالتوقع في البراديغم

عملية فردية)شخص + زمن(

أساسه اكتشاف علماء سابقني، من الصعب حتديد الزمن، يتطلب

تغييرا في براديغم املتحد العلمي

مفصول عن الطريقة العلمية: مبعنى أن الطريقة العلمية تنتج

االكتشاف العلمي أو املعرفة العلمية

مرتبط بالطريقة، فالوعي والتغيير لنمط فكري يتطلب تغييرا

في الطريقة أيضا. البراديغم السائد يحدد الطريقة والتجارب

واألدوات املستخدمة

ينتج عن اتباع خطوات استقصائية – تبدأ باملشاهدة املوضوعية،

ثم فرض الفرضيات، ثم التفسير، ثم االستنتاج، وبالتالي

االكتشاف

ينتج عن حتول أشبه ما يكون بالتحول السياسي أو الديني الذي

هو أبعد ما يكون عن الطريقة العلمية أو االستقصاء املمنهج،

فاملشاهدة في هذا السياق غير موضوعية؛ أي مثقلة ومنقادة

بنظريات البراديغم السائد

املعرفة العلمية أثناء الصناعة: عندمايتحول االستقصاء اإلمبريقي إلى خيار

إذا كان االستقصاء حسب كون ما هو إال طريقة تقنية حلل أحاج بسيطة ضمن البراديغم الواحد، وهذه الطريقة لم تثمر في ظهور تلك النظريات املهمة التي ساهمت في تغيير مجرى تفكير اإلنسان بالطبيعة والظاهرة، املهمة؟ حتدث النظريات التي ساهمت في ظهور تلك العوامل فما هي كون عن جانبني مهمني: جانب سيكولوجي-ذهني، وجانب اجتماعي، رؤية في التحول في عملية ليساهما بعضهما مع ميتزجان وهما جانبان بل بالتفصيل، اجلانبني عمل آليات إلى كون يدخل لم لكن الظاهرة. اكتفى بالقول إن القيم العليا للشخص، والنظريات التي يحملها، وقيم املجتمع العلمي الذي ينتمي إليه، وغيرها من الصفات الذاتانية، لها دور كبير وأساسي في الثورات العلمية. سوف أتناول فيما يلي ذلك اجلانب الصناعة، أثناء العلوم حول التور برونو أفكار وبخاصة االجتماعي،

وأتناول بعدها اجلانب السيكولوجي-الذهني في عنوان آخر.

علماء استطاع حيث العلوم، اجتماع علم حقل من العلوم إلى لننظر االجتماع، أمثال وارن هاغستروم والتور، الدخول إلى مجتمع العلماء العلمي املجتمع بني االجتماعية العالقات ليحللوا عملهم، وأماكن

Page 20: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

21

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

التي البنية ومن النتيجة من متيقنا بولينج العالم ابن بيتر »كان أوجدها والده، فكيف يشكك بنتائج عالم الكيمياء بولينج؟ لكن نفسه، اخلطأ لهذا ودهش رأيي في كريك زميلي أيدني عندما بدأت أتنفس الصعداء من جديد. هنا عرفت أننا ما زلنا في اللعبة. لكن لم يكن كالنا على دراية باخلطوات التي اتبعها العالم بولينج للتوصل إلى بنية الـ )DNA(. لو أن طالب في أي كلية في الكيمياء احلال. في الكيمياء دائرة من طرد قد لكان نفسه، اخلطأ ارتكب حاولنا أن نستقرئ ما إذا كان في ورقة بولينج )براديغمات( ثورية في الكيمياء لم ندر عنها، أو أن هناك عالقة جديدة بني األحماض توجد استثنائيا في املركبات الكبيرة، ما جعل بولينج يتوصل إلى ما توصل إليه. لكن نغمة الورقة لم يكن فيها أي دليل على أي نظرية يعرف سوف بولينج العالم أن نعرف كنا ... جديدة كيميائية الصحيحة البنية يكشف حتى توقف دون يعمل وسوف اخلطأ، أن نرجو الكيميائيني- زمالئه في هو الوحيد أملنا .)DNA( لـ تفاصيل بولينج، وأن ال يدخلوا في بذكاء قبل أكثر من ذي يثقوا البنية املقترحة. لكن مبا أن الورقة قد مت تقدميها إلى مؤمتر األكادميية جميع على الورقة توزع سوف آذار، أواسط مع وأنه العاملي، عن الكشف يتم أن قبل أيام مجرد لدينا يبقى فإنه العالم، أنحاء اخلطأ. في أحسن األحوال معنا ستة أسابيع قبل أن يتعرف بولينغ على الشكل الصحيح لـ )DNA(” )واتسون: 1968 في التور،

.)8 1987، ص:

باحملتوى السياق دمج آليات على املشهد هذا خالل من التور يؤكد العلمي عبر تعابير مثل التوتر، اللعبة، نغمة، تأخير ستة أسابيع، وهي الكلمات هذه ما. ملادة اجلزيئية البنية وصف في مألوفة غير كلمات لكنها املعرفة، إنتاج مرحلة في أي السياق، في األقل على موجودة املؤمترات مثل العلمية القنوات عبر املعرفة من التحقق حال تتالشى

ومراجعات اخلبراء.

مشهد 2: “يقوم جيم واتسون بتصوير تشكيالت عدة ألزواج القواعد الـ )DNA( من كتب مختلفة، ويجرب ترتيب التي تكون هذه القواعد مع بعضها، وفحص ما إذا كان التماثل يتحقق أم ال. وقد اندهش عندما وجد أن األدينني ميكن أن يتحد مع اجلوانني )DNA( أخرى، وكذلك آخر من سلسلة أدينني والسايتوسني والثاميني. قام واتسون بفحص التماثل وكيف

يرتبط سكر الفوسفات في املنتصف. يقول واتسون:

عالم جاءني لكن مكتبي، في التشكيالت بفحص »بدأت فحص فكرة على واعترض دونوهو جيري األمريكي البلورات بتصويرها قمت التي النماذج أن حيث بها، أقوم التي التماثل صحيحة. غير دونوهو رأي في كانت »دافيدسون« كتاب من )DNA( الـ لقواعد التماثالت كثيرة تضع كتبا إن هناك له قلت على شكل اينول )enol( متاما كما يعرضها كتاب دافيدسون. لم يقتنع جيري دونوهو بهذا الكالم، وأضاف أن الكثير من الكتب التمثيالت، بقية عن وتفضيلي فرضي بشكل التمثيالت تضع يكون أن أمتنى كنت مؤكدة. أو صحيحة أنها يعني ال هذا لكن جيري على حق، وأخذت نقده على محمل اجلد ... فهو يعرف

صورتان فهما املكشوف- بشكلها املعرفة وصورة أسود كصندوق مختلفتان متاما كما هو احلال بالنسبة للصورتني على وجه قطعة نقود: األولى العلوم أثناء العمل، والثانية العلوم جاهزة. يجب أن نتخذ قرارا هنا: يجب أن ندخل العلوم والتكنولوجيا من خالل باب صناعة العلوم

وليس من باب العلوم اجلاهزة«.21

شكل 1

كتابه في التور يعرضه مما جزءا أعرض أن التالية الفقرات في وأريد الصندوق »يفتح أن استطاع خالله من الذي الفعل13 أثناء العلوم األسود« املتعلق »باكتشاف« شكل احلمض النووي الـ )DNA( من قبل مذكرات من ومأخوذة منتقاة مشاهد أعرض سوف وكريك. واتسون واتسون نفسه،14 ويعرضها التور ليبرهن وجهة نظره من عملية صناعة

املعرفة العلمية.

مشهد 1: »يحصل كل من جيم واتسون وفرانسيس كريك على نسخة من الورقة التي كتبها العالم الكيميائي لينوس بولينج، حيث لهما بإحضارها الـ )DNA(، وقام فيها عن شكل يكشف ابن العالم بولينج واملدعو بيتر: يقول واتسون في مذكراته:

علينا دخل عندما مهما شيئا يخفي كان بيتر أن الواضح »من أحشائي، في تغطس معدتي وأن بوعكة شعرت عندها املختبر. فكل شيء عملناه قد ضاع هباء. لم أستطع الصبر ولم أحتمل التوتر وسألته عن ما يحمل من أخبار، فسارع بيتر بالقول: »إن منوذج الـ )DNA( هو ثالثي إهليجي، وإن جزيء الفوسفات هو في مركز الشكل اإلهليجي ويشكل العمود الفقري لبنية الـ )DNA(”. لقد الثالثي النموذج إلى هذا لنا األمر وكأنه مؤامرة، فقد توصلنا بدا العام املاضي، وتخلينا عنه. وعندها فكرت كيف أنه لو سمح لنا الشكل إلى توصلنا قد لكنا البنية هذه دراسة مبتابعة براغ رئيسنا

النهائي قبل بولينج” )واتسون: 1968 في التور، ص: 7(.

سكر موضع وفحص الورقة بقراءة وكريك واتسون »يسارع 2( في بنية الـ )DNA(، وما إذا كان كافيا ليحمل الفوسفات )شكل بنية الـ )DNA( بأكملها. لكن لدهشتهما، وجدا أن احللقات الثالث املوصوفة في ورقة بولينغ لم تكن حتمل ذرات الهيدروجني التي تربط احللقات بعضها ببعض، فمن دونها تسقط بنية الـ )DNA( متاما. إنه يقول الكيمياء. في العلماء أكبر ارتكبه الكيمياء أساسيات في خطأ

واتسون:

Ready Made Science

Science in the Making

Page 21: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

22

ف الثقافة العلميةمل

الهيدروجني روابط وتشكيالت القواعد وروابط تشكيالت عن عليها أكثر من أي عالم كيمياء في العالم، حتى من بولينج نفسه، خلبرته الطويلة في العمل مع بولينج وفي مختبر كال التكنولوجي في مجال علم تشكيل البلورات. لم يراودني أدنى شك بأن هذا يعرف بشيء ال يفتي أخبره ولم يقول، ما متاما يعرف الشخص عنه. فعدت إلى مكتبي وأنا قلق محاوال أن أتالعب بالتمثيالت لعلي أنقذ قانون التماثل” )واتسون: 1968 في التور، 1987،

ص: 9-8(

احلقائق واتسون جيم أخرج “لقد ويقول: املشهد على التور يعلق العلمية مباشرة من الكتب، حيث وفرت له صندوقا أسود جميال - مقابل تشكيل 2 األينول )انظر تشكيل األينول قانون تشكيالت أي لهذا بد ال كان لكن .)3 شكل في دونوهو جيري حسب الكيتون القانون من أن يخضع للتساؤل أو على األقل هذا ما كان يراه جيري عن الكتب في الكيميائيون يقوله ما واتسون يصدق فهل دونوهو. حقيقة األينول أم يصدق هذا العالم الذي درس مع بولينج وعمل في مجال اجلزيئات، ولم يفت في أمور غريبة طوال عمله خالل األشهر الستة مع واتسون وكريك؟ نالحظ كيف تختلط أمور مثل االنضباط، قرارا علميا. يتخذ النفسية مع واتسون لكي الذاتية واحلالة والسيرة من األفضل لواتسون أن يضحي بقانون “التماثل” بدال من التضحية في وتساعد مباشرة، احلقيقة كانت مهما دونوهو. جيري بنصيحة حل اللغز، فال بد من أن يتم التخلي عنها في هذا السياق. بالتالي، فإن الوجه األيسر )في شكل رقم 1( يعبر عن القوانني واملبادئ العاملية الوجه األمين وجهة نظر، أو محط بينما تصبح في كحقيقة مطلقة،

حتقق تعتمد على أمور إنسانية واجتماعية”.15

شكل2: الفوسفات في خارج احللقة

شكل 3: متثيل الكيتون مقابل متثيل األينول

متثيل الكيتون متثيل األينول

بالوجه به التور ما كان يقصد أن أوضح السابقني املشهدين أردت من الشاب للمعرفة العلمية وأهمية السياق في حتديد ممارسات العلماء ضمن احتاد علمي معني. حاول التور عبر مشاهد مختلفة من التاريخ أن يقارن أثناء »التصنيع«، فاألولى بني وجهني للعلوم: العلوم اجلاهزة والعلوم تخفي األدوات واملواد واألحاديث اجلانبية وعالقات القوى واملصداقية التي التي تظهر في الدوريات والصحف العلماء، وهي تلك في عمل تعطي االنطباع بأن العلوم ما هي إال ممارسة موضوعية بحتة. ومن خالل التي تلك مثل العلوم- مختبرات داخل حدثت لقصص تاريخي سرد تتعلق بنموذج الـ )DNA(، يؤكد التور أن اإلمبريقية املنقادة باالستقصاء والطريقة العلمية املزعومة قلما تقود العمل في فترة األزمات، بل تتحول عن حتدث عندما كون نتذكر وهنا أخرى. خيارات بني من خيار إلى تصرف العلماء املنقاد بالنوازع الشخصية واملعتقدات السابقة والقيم في اجلانب على الضوء يسلط هنا التور أن إال العلمية”. “الثورة مرحلة أفراد على يقتصر ال العصر هذا في العلمي العمل كون االجتماعي، علمي احتاد جماعة بل بيوتهم، أسفل مختبرات في وحدهم يعملون يعملون معا ضد متحدات أخرى منافسة، وهنا يدخل التور في خطاب نرى أن نستطيع خالله من الذي الواحد العلمي املتحد ضمن األفراد طبيعة العلوم. وألول مرة، يظهر التور تفاصيل حياة العلماء وخطابهم اآلالت مع ومشاكلهم الالواعية، املؤسساتية واإلمياءات وتفاوضهم املخبرية، وغيرها من املمارسة اليومية التي على حد قول التور تتفاعل عن التور أفكار مييز ما وهذا العلمية. والنظريات احلقائق صناعة مع بينما ينظر “سيرورة التفسيرات”، أفكار كون، حيث يدخل التور في كون إلى عمل العلماء في شريط زمني قصير وجمعي. وهنا يربط التور التفسيرات سيرورة وبني املجموعة، ضمن العالم أي “الفرد”؛ بني

وصناعة احلقائق.

الثورة الذهنية ودورها في الثورة العلمية

القوانني تلك وبخاصة العلمية، باملعرفة اإلعجاب معظمنا يبدي والنظريات املهمة في تاريخ اإلنسانية كنظرية كبرنيكوس املتعلقة مبركزية للذرة، والنظرية األرض، وقوانني جاليلو ونيوتن، منوذج روذرفورد وغيرها. والكهرومغناطيسية الضوئية والنظرية ألينشتاين، النسبية إنسانيا إبداعيا نتاجا العلمية املعرفة كون من اإلعجاب هذا ويأتي إبداع ذهني، لكن رمبا العلمية هي املعرفة أن متاما على واتفق ذهنيا.

OH O

Page 22: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

23

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

يسأل الطالب كان احلل وأثناء .4 شكل في املتمثلة الظاهرة لتفسير نفسه وبصوت مسموع: »ملاذا يزداد طول الزنبرك بشكل عام؟ ماذا لو كان شكل الزنبرك مربعا لولبيا وليس دائريا«. وقام برسم منوذج معدل

لذلك على الورق )شكل 7(.

شكل 7

شكل 8

»التقوس«، فرضية وعلى ،7 شكل في املرسوم النموذج على بناء في الرفيع الزنبرك من أكثر العريض الزنبرك يستطيل أن يفترض فإنه الطالب: يقول متاما. العكس األمر يحدث في حقيقة لكن ،4 شكل اللف املربع؟ هل السلك أرفض منوذج ملاذا؟ هل افهم أن أستطيع »ال الدائري للزنبرك يختلف عن اللف الرباعي؟ إنها معضلة علي أن أفكر في حلها«، لكن جميع ما كان يفكر به الطالب حلل املعضلة كان منحصرا استطالة وراء الرئيسي السبب أنها على »التقوس«، فرضية إطار في

الزنبركات بشكل عام.

ملحوظ تقدم حدث الطالب؟ لدى التفكير في اإلبداع حدث متى .)8 )شكل امللفوف السداسي السلك منوذج الطالب استخدم عندما الرباعي وبني الطالب عراكا ذهنيا ما بني منوذج السلك فبعد أن خاض السبب يكون رمبا آخر عامال هناك أن الطالب أدرك التقوس، فرضية الزنبركات ومتددها، وهو عامل »الفتل« أو »اللف«. إن هذا وراء شد العامل هو الذي يحافظ على اخلاصية الزنبركية للزنبرك؛ أي هو العامل الذي يجعل زنبركا ما يستطيل أكثر من اآلخر بعد وضع ثقل معني عليه. الذي الذهني العراك أن نفسه مع الطالب حوار من كليمنت يستنتج وخطوات تفكيره قادت التي »التقوسية« اخلاصية بني الطالب خاضه الظاهرة في السابق، وبني عدم قدرته على تفسير حل املشكلة بشكلها شكل 4 أدى إلى نوع من االنطالقة الثورية نحو حل للمشكلة. ويلجأ كليمنت إلى حتليل بروتوكوالت تفكير الطالب بصوت عال ليبرهن على حلالة مرافقا وكان وحلظيا، سريعا كان الطالب تفكير في التحول أن سيكولوجية تعبر عن فرح الطالب بهذا التقدم، ذلك بعد حالة اإلحباط التي تزامنت خالل مرحلة ما قبل االنطالقة، التي كان يفكر فيها الطالب

أختلف مع أولئك الذين ينظرون إلى هذا اإلبداع على أنه نتاج أو مخرج كما لو كان املخرج لوحة فنية أو جهازا تكنولوجيا ما. فاإلبداع يشمل أيضا ذلك اجلانب العملياتي من التفكير أثناء سيرورة العمل العلمي، التي من خاللها مت إنتاج هذه املعرفة العلمية. فهل اإلبداع في اجلانب أنه أم إمبريقية منفصلة نتاج تفكير ممنهج عبر مشاهدات العملياتي هو نتاج ثورة »ذهنية« مبعنى االنقالب على منط التفكير املمنهج املتمثل في االستقصاء اإلمبريقي؟ سأحاول اإلجابة عن هذا السؤال في هذا اجلزء عبر دراسة قام بها عالم النفس الذهني كليمنت،16 حيث تابع تفكير أحد تالمذة الفيزياء أثناء قيام األخير بحل مسألة في متدد الزنبرك باستخدام

بروتوكول التفكير بصوت عال.

شكل 4

شكل 5

شكل 6

بصوت خاطره في يجول عما ويتحدث يفكر أن الطالب من طلب 4 الزنبركني في شكل أي من التالي: السؤال عال، وهو يجيب عن يستطيل أكثر من اآلخر؟ وملاذا؟ وطلب منه أن يفسر اإلجابة باستخدام الطالب به فكر ما أول كان البداية في توضيحية. ومناذج متثيالت أن ليظهر ،)5 الشكل )انظر هو منوذج لسلك معدني قصير ومنحني التقوس في السلك، الذي يعتمد على معامل التمدد للمادة، هو الذي تفسيره لعدم النموذج هذا عن يرض لم لكنه ميتد. الزنبرك يجعل ما رسم منوذجا آخر 4. وسرعان الزنبركني في شكل الفرق في متدد ميثل الزنبرك على شكل سلك معدني منحن بشكل متعرج )شكل 6(

Page 23: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

24

ف الثقافة العلميةمل

حتديد الفرق بني العلوم وامليتافيزيقيا؟ والسؤال األهم، هل االستقصاء والطريقة العلمية هي الكفيلة في حتديد الفرق بني العلوم وامليتافيزيقيا؟ أسئلة تبقى مفتوحة، وما زال اجلدل حولها مستمرا بني فالسفة العلوم. بني تفرق حدود وضع حاولوا الذين أولئك حتدى قد كون كان وإذا العلوم والالعلوم مبرهنا، عبر تاريخ تطور النظريات، بأن تلك املعارف امليتافيزيقيا، فهل يوجد تشبه معارف املهمة تطورت عبر طرق العلمية معنى ألن نضع محددات بني العلوم وامليتافيزيقيا أو بني العلوم والفنون أو حتى بينها وبني املعرفة الدينية؟ رمبا حان الوقت لكي ننظر إلى العلوم بشكل مختلف، وأن نطرح أسئلة جديدة. فبدال من التفكير في وضع محددات بني العلوم والالعلوم، ملاذا ال نسأل ما الذي يجمع بني العلوم أطر فكرية األمور ضمن إلى ننظر أن الضروري والالعلوم؟ وهل من

معينة دون األخرى؟

وبدال من أن نفكر من خالل أطر فكرية وبراديغمات، ونعمل من خالل طرق علمية مؤطرة واستقصاء تقني ممنهج، رمبا علينا أن نطلق العنان في صفوفنا إلى تفكير نقدي باملسلمات الفكرية واألطر البراديغماتية، وأن على تشجع أخرى عناصر املتبعة التقنية االستقصاء حلقة إلى نضيف اإلبداع الفكري. وقد حاولت من خالل ما سبق أن أعرض مفهوما مغايرا لإلبداع في العلوم عن ذلك املفهوم الذي يعبر عن مخرج ما، أو »اكتشاف علمي« كمنتج يربط املعرفة العلمية اجلديدة بشخص وزمن معينني، إلى إبداع فكري يشمل أنه العلمية على املعرفة املفهوم الذي ينظر إلى ذلك التخيل واالختالق وممزوج بالقيم الفردية واملعتقدات الثقافية االجتماعية العلوم في العمل سيرورة ضمن واالعتراف العلمية، املتحدات وقيم هو اإلبداع نقيض أن أبني أن النقاش خالل وحاولت الصناعة. أثناء وحل االستقصاء، خطوات مثل ممنهجة لطرق وصفات ضمن العمل

املشكالت، التي اختزلت حتت عنوان »الطريقة العلمية«.

يتحدث بوهم17 عن ضرورة »اللعب باألفكار« في أثناء تدريس العلوم. فالبراديغم يجعل األفراد يفكرون ويعملون بشكل غير واع، ويأخذون هذه في اخلوض دون مسلمات أنها على املعرفية األمور من الكثير الذين أولئك يجعل براديغم، ضمن العمل إن جديد. من املسلمات ميكن معضلة أي أن يظنون ألنهم ما، نوعا مرتاحني بضمنه يعملون ونحن الزنبرك. مسألة حل أثناء الطالب مع حصل كما متاما حلها، براديغماتية فكرية أطر في االستقصاء في نعمل العلوم صفوف في وبشكل املجهر، عبر ما خلية رؤية إلى مثال الطالب -نوجه محددة العلمي لها، الشكل يتوافق مع الذي معني، لكي يستنتج شكل اخللية أو نخطط التجارب بشكل معني لكي جنعل الطالب يستنتج أن مصباحني موضوعني في دائرة كهربائية على التوالي يضيئان بشكل خافت أكثر من لكنها استقصائية، تارب فجميعها التوازي- دائرة على املوزعة تلك

تسعى إلى التأكيد على قانون أو مبدأ علمي ما ضمن براديغم معني.

اإلبداع يحصل في أي وقت -ليس في الضرورة في مرحلة الثورة العلمية حسب كون- لكن شريطة أن يكون هناك لعب حر باألفكار.18 ملاذا ننظر إلى العلوم من إطار فكري واحد؟ وملاذا يجب أن نعمل على أساس أن هناك نظرية واحدة صحيحة من تلك النظريات العديدة لتفسير ظاهرة ما؟ نظريتي شرودجنر وهايسنبرغ بني إبداعية تمع فكرية معادلة مثال فهناك في النظرية الكمية، وهناك أيضا معادلة رياضية أخرى تربط بني نظريتي

من خالل منوذج التقوس السابق. وقد عرف كليمنت مرحلة االنطالقة عنه حتدث الذي اجلشتالطي التحول تشبه فهي بالبصيرة، التفكير في كون سابقا. واستطاع كليمنت أيضا أن يعرف منوذجني للتفكير الذهني النفعي« »التفكير منوذج األول املعضلة، حل أثناء الطالب خاضهما واملتمثل في تبني الطالب لفرضية »التقوس« كأساس لتمدد الزنبركات، أما الوقت. لبعض لو أيضا حتى بطبيعته، ومريح تفكير حدسي وهو النموذج الثاني فهو النموذج التفسيري واملتمثل في تبني الطالب لفرضية »اللف أو الفتل« في املعدن لتفسير الظاهرة. ويبدو أن النموذج النفعي هو بناء ذهني إمبريقي، فعبر املشاهدة نستطيع أن نرى »امنغاط« الزنبرك وانثناء أجزائه أثناء وضع الثقل عليه. لكن النموذج التفسيري هو منوذج خفي غير مرئي وال يعتمد على اإلمبريقية بشكل مباشر، بل هو أقرب إلى منوذج تخيلي، وال يظهر كجزء من التفكير إال باللجوء إلى تشبيهات مرئية معينة. فهل ميكن أن نستنتج أن اإلمبريقية والتفكير اخلطي ال ميكن الذي التفكير النوع من الفرق بني هذا بثورة وإبداع فكري؟ ما يأتيا أن العادي الذي يقوم به التفكير خاضه الطالب في توصله إلى احلل وبني

اإلنسان في حل املشكالت اليومية؟

املتعلق التفكير أن نرى أن نستطيع السابق، الزنبرك مثال إلى إذا عدنا كان التقوس، فرضية الطالب استخدام أثناء أي النفعي؛ بالنموذج للطالب. الذهنية البنية في مسبقا مدرجة خطوات عبر تقنيا تفكيرا ففرضية التقوس كانت حتكم تفكير الطالب وتتحكم في خطوات احلل. السداسي، السلك منوذج مبساعدة حصل رمبا املفاجئ التحول لكن الذي استحث تفكيرا مغايرا جنم عنه هدم وإعادة بناء بنية معرفية سابقة كثيرة مناسبات في الطالب عنها عبر واإلحباط اليأس من مرحلة بعد أثناء احلل. فهل يحدث هذا لدى العلماء في مرحلة الثورة العلمية التي العادية« في عمل »العلوم إن القول حتدث عنها كون سابقا؟ هل ميكن العلماء -حسب كون- تشبه ذلك التفكير النفعي حسب كليمنت؟ هل تنجم عن عملية تنتج معرفة علمية مهمة التي اإلبداعي التفكير عملية حترر من األطر الفكرية السائدة أو البراديغمات التي حتكم طريقة العمل والتفكير؟ أم أن اإلبداع عملية تزاوج بني األطر الفكرية املختلفة ورؤيتها

على أنها متشابهة بدال من كونها مختلفة؟

مرحلة التخلي عن االستقصاء كالطريقة العلمية – دور اخليال في اإلبداع

رمبا قصوت قليال عن االستقصاء، فهي طريقة عمل في العلوم دخلت صفوفنا حديثا. وأقول ذلك ألننا في أمس احلاجة إلى التفكير باستقصاء امليتافيزيقيا وبني العلوم بني محددات ويضع احملسوس من يبدأ والغيبيات. ال بد لنا من أن منتلك الثقافة العلمية والتفكير العلمي الذي االختباء تستحق مثال- -كالكسوف علمية ظاهرة كانت إذا ما يحدد لنراقبها ونتعلم عنها أكثر؟ لكن هل نستطيع فعل أم نخرج البيوت في ذلك حقا؟ هل نستطيع أن نضع محددات متيز بني العلوم واملتافيزيقيا؟ والتجريب املشاهدة إلى الظاهرة خضوع -فكرة اإلمبريقية تكون رمبا احلسي- هي مناسبة لذلك. لكن إذا كانت املشاهدة نفسها غير موضوعية بيرتسلي مع حصل كما الفكرية واألطر السابقة بالنظريات ومنقادة والفوازييه –-كالهما رأى غازا يتصاعد من األنبوب، لكن األول رآه غاز الفلوجستون أما الثاني فرآه أكسجينا- فهل نعتمد على اإلمبريقية في

Page 24: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

25

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

في تستحضر ما-بني-تخصصية تكاملية معرفة إلى وحتتاج للطبيعة، سياق ما من أجل عمل إبداعي يتمثل بإنتاج معرفة علمية معينة.

ومن مبررات تكامل العلوم والفنون هو أن للعلوم في مرحلة اإلبداع جانبا الفنون. وهنا يقول جيروم ستولنيتز20 إن للجانب جماليا يشبه ذلك في التأمل، العاطفي، التفاعل االهتمام، مركزية: حلظات أربع اجلمالي الوعي. لنأخذ التفاعل العاطفي مثال، حيث أنه السياق الذي تفعل فيها عكس وهو اإلنسان- -أي املستقبل على فعلها الدراسة حتت األجسام املفهوم السائد في العلوم واملتبع في مدارسنا من عمليات إخضاع اجلسم ستولنيتز ويشبه اإلمبريقي. االستقصاء عبر واالستكشاف للفحص املستمع على تفرض فاملوسيقى للموسيقى، املستمع فعل بردة ذلك التأمل التفاعل يحث على النغمات، وهذا حتريك أصابعه أو رجليه مع فمرحلة املوسيقي. الفعل أي اجلمالي- العمل لهذا والتقدير الوعي ثم الوعي األخيرة هي حالة محاورة اجلسم أو الظاهرة التي من خاللها تبنى

املعرفة.

وأخيرا، ليس املطلوب في هذه املرحلة التخلي عن االستقصاء، لكن به العمل وطرق االستقصاء، ملفهوم بناء إعادة هو مطلوب هو ما التخيل واحملاكاة. املطلوب أيضا في صفوف في الصفوف، ليشمل ومساءلة التشكيك الطالب نعلم وأن باألفكار«، »نلعب أن العلوم املسلمات العلمية، فطبيعة العلوم عبر ما سبق هي تخيلية إبداعية تتغير عبر الزمان واملكان. املطلوب هو استقصاء نقدي بكل ما حتمله الكلمة

من معنى.

– 1902( مكلينتوك باربرا اجلينات لعاملة بإجابة املقالة هذه أنهي 1992( عندما سئلت عن العوامل التي قادتها إلى اكتشاف أمناط ترتيب

الكروموسومات في نبات الذرة امللون، إذ تقول:

»دع األجسام التي تتعامل معها تأخذك إلى املكان الذي تريد الوصول ألن تليها، التي اخلطوة هي ما خطوة كل في تخبرك ودعها إليه، كل خطوة كفيلة في تكوين ترتيب ذهني جديد في عقلك. فأنت ال تتبع منطا فكريا قدميا ألنك مقتنع بأن هناك اجلديد، وبالتالي تركز في عملك على أنه ال بد من أن يكون هناك ما هو جديد. أنت ال تستطيع أن تتحكم في ذلك، فاجلسم )حتت الدراسة( والعقل يكمالن بعضهما

البعض«.21

نادر وهبة – مركز القطان

بالضوء التفكير ميكن حيث املوجية، والنظرية الكمية – النظرية الضوء على أنه جزيئات محمولة مبوجات.

أريد أن أؤكد على فكرة بوهم حول اللعب احلر بني األفكار والنظريات، ودور مناذج احملاكاة والتشبيهات في رؤية نظريتني مختلفني في مرحلة معينة على أنهما متالقيتان ومتكاملتان. رمبا هنا يكمن التشابه بني عمل كل من العالم املبدع والفنان املبدع: فكالهما له القدرة الذهنية على املفاوضة بني متناقضة، وكالهما أنها األولى الوهلة من تبدو التي املختلفة النظريات مكمالت ما مرحلة في ورؤيتها املختلفة النظريات بني الربط يستطيع وهذا مشتركة، لغة في بينها والتكامل جمعها وميكن البعض، لبعضها عكس ادعاءات كون حول الالقياسية، وأن لكل فكرة أو نظرية لغة خاصة يتحرر الذي التفكير ذلك ديسوسور هو اإلبداعي حسب فالتفكير بها.

من التقنية احلسابية واالنفتاح نحو ما هو غير متوقع.

العلماء بها يقوم والتي الطبيعة، حتاكي التي والتشبيهات النماذج إن الظواهر وتفسيرها، هي أحد عناصر اإلبداع والتخيل في من أجل فهم العلوم، التي تشكل أرضية مشتركة للعلوم والفنون. ويؤسس غوته لنظرة تكاملية بني العالم والفنان، ويقول إن العالم “يحول الواقع اخلارجي أو عن الظاهرة فصل وعبر الظاهرة، لظالل حساس انتباه عبر الظاهرة استخالص خاللها يتم التي اللحظة تلك في بنائها وإعادة الطبيعة، هذه، االستخالص عملية وعبر املثيرة، ومزاياها وصفاتها، مميزاتها، هذه، االستخالص عملية إن أكبر”.19 بقيمة العالم( )أي يخترعها تقليد عملية هي الذرة(، منوذج )مثال النماذج وبناء باحملاكاة واملتمثلة

الهوامش

1 كون، ثوماس س. )2007(. بنية الثورات العلمية، ت: حيدر حاج إسماعيل، بيروت: املنظمة العربية للترجمة.2 Kuhn, Thomas, S. The Copernican revolution (1957). Harvard University Press, Cambridge.

3 كون، ثوماس س. )2007(. بنية الثورات العلمية. ت: حيدر حاج إسماعيل، بيروت: املنظمة العربية للترجمة، ص: 42.4 املرجع السابق، ص: 129.5 املرجع السابق، ص: 128.6 املرجع السابق، ص: 134.

Page 25: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

26

ف الثقافة العلميةمل

7 املرجع السابق، ص: 134.8 Hagstrom, Warren. The scientific community. Illinois University Press. 1975.9 Bourdieu, Pierre, et al. Academic discourse (Richard Teese, Trans. 1994). Oxford: Polity. 1965.10 Latour, Bruno & Woolgar, Steve. Laboratory life: The construction of scientific facts. Princeton University Press.

1986.11 دوبوا، ميشيل )2008(. مدخل إلى علم اجتماع العلوم، ت: سعود املولى، بيروت: املنظمة العربية للترجمة.

12 Latour, B. Science in action: How to follow scientists and engineers through society. Cambridge, MA: Harvard University Press. 1987. P: 7.

13 Ibid. 198714 Watson, James. The Double Helix: A Personal Account of the Discovery of the Structure of DNA, Atheneum, 1980.15 Latour, B. Science in action: How to follow scientists and engineers through society. Cambridge, MA: Harvard

University Press. 1987.P: 9.16 Clement, J. Learning via model construction and criticism: Protocol evidence on sources of creativity in science. In

Glover, J., Ronning, R., & Reynolds, C. (Ed.), Handbook of creativity: Assessment, theory and research. NY: Plenum, 341-381. 1989

17 Bohm, David & Peat, David. Science, order and creativity. Routledge, 1987.18 Ibid. 1987.19 Goethe, in McCarthy, John. Remapping Reality. Chaos and Creativity in Science and Literature. Radopi B. V. New

York. 2006: p: 88.20 Stolnitz, Jerome. The aesthetic attitude: The philosophy of the visual arts. Ed. By Philip Alperson. New York: Oxford

University Press, 1992.21 Keller, Evelyn Fox. A Feeling for the Organism: The Life and Work of Barbara McClintock. In McCarthy, John.

Remapping Reality: Chaos and Creativity in Science and Literature. Radopi B. V. New York. 2006: p: 105.

من إحدى فعاليات جمعية الكمنجاتي في جنني.

Page 26: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

27

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

اإلطار النظري

من حشد هي مما أكثر تفكير وطريقة بحث منهج طبيعتها في العلوم العلمي املنهج نتاج هي األخيرة فتلك والنظريات، والقوانني املعارف السليم، العلمي والتفكير واالستقصاء البحث عمليات على القائم وآخرون: )الكاللدة وطريقة« »مادة أنها على العلوم إلى ينظر لذلك 95(. فالعلوم ليست املعلومات فحسب، بل الطريقة التي نتوصل من خاللها إلى تلك املعلومات. وملا كان هدف التعليم هو متكني الطلبة من العمليات التركيز على بالضرورة العلوم واملعرفة، فإن ذلك يعني فهم )زيتون، نشأتها وظروف وطبيعتها املعرفة هذه روح تعكس التي 2007: 38(، فاملهم أن نصل بالطلبة إلى معرفة علمية موضوعية ذات معنى تتأطر في سياق عمل بحثي وتريبي يعكس الطبيعة احلقيقة لها، وليس فقط الوصول بهم إلى املعرفة ونتائجها كما تظهر في سياق كتب

العلوم املدرسية.

إن موضوعية املعرفة العلمية وإمكانية حتقيقها صفيا أمر مرهون بالقدرة على توفير بيئة تعلم حقيقية تعزز منهجية التفكير النقدي التساؤلي، أو الطالب يساءل إثارة األسئلة؛ أي جعل بتربية باولو فريري كما يسميه املنعكسة واأليديولوجيات املصالح عن ويكشف ويحاورها املعرفة فيها، وال يكتفي باكتسابها وإيداعها كما هي. فاملعرفة تصبح موضوعية كلما استطعنا نقدها ومحاججتها وإثارة اجلدل حولها )قاسم، 1986: 343(. لكن اجلدل في جوهره ومضمونه كما يصفه فيورباخ ليس فعال مونولوجيا، إنه حوار بني األنا واألنت، ويكون قائما على احلجة املنطقية والبرهان املقنع بالتجربة )مجاهد، 1985: 12(. السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ما هي سبل إنتاج احلجة املنطقية املقنعة؟ وما الذي ميكن

أن نستفيده من محاورتنا أو مساءلتنا للمعرفة العلمية؟

فاعليته ضمان ميكن ال العلمي واجلدال احلجاج أسلوب أن بتقديرنا كعمليات العلوم إلى النظرة سياق عن مبعزل الصفي الفعل إطار في وكطريقة للبحث واالستقصاء والتفكير. وهذا يقتضي بالضرورة وجود معارفهم بناء في االنشغال للطلبة يتيح فعال، تعلمي تعليمي مناخ ترك لقد .)87 :2007 )زيتون، والفعل الفكر بحرية لهم ويسمح ونظرية التعليمية العملية عناصر على واضحا أثرا احلداثة بعد ما فكر التعلم، فلم يعد املعلم مثال مجرد ناقل حملتوى التعلم من املعارف، وال

ملخص

نتاجا العلمية واملعرفة العلم موضوعية حول البحثية الورقة هذه تأتي وتتويجا ملسيرة العمل ضمن مشروع الثقافة العلمية، الذي أجنز بالتعاون بني مركز القطان للبحث والتطوير التربوي ومجموعة من طلبة الصف العاشر في مدرستي بنات أبو فالح الثانوية والروم األرثوذكس في رام

الله، إضافة إلى معلمتني ومعلم.

افتراضات أو أسئلة قبلية تسبق الشروع في العمل أية ولم تكن هنالك وظفت التي واملعلومات البيانات مصادر لكن املشروع، هذا خالل وحتى 2007 األول كانون من امتدت التي البحثية، التجربة هذه في آب 2008، والتي مت فيها االعتماد على انطباعات الطلبة وتأمالتهم، تعقد كانت التي اللقاءات خالل الفيديو عبر املسجلة احلوارات وكذا بشكل دوري خالل الفترة املذكورة، إضافة إلى مجموعة السير الذاتية املقابالت خالل تدون كانت التي واملالحظات املشاركون، كتبها التي مكنتنا قد - التجربة لقاءات هامش على ترى كانت التي الشخصية التحليل أظهر حيث الطلبة، على اإليجابية التغيرات بعض رصد من النوعي للبيانات احملصلة من املصادر السابقة وجود حتسن ملموس في قدرات الطلبة على مساءلة املعرفة العلمية وجعلها محال للحوار والنقد، ورفض البعض اعتبارها مسلمات تعلو على ذلك من جهة، ومن جهة أخرى كشف التحليل عن إدراك املشاركني لنسبية املعرفة وعدم حيادها خالل من وذلك واالقتصادية، السياسية املصلحة عن استقاللها أو انخراطهم معا، معلمني وطلبة، في أنشطة استقصائية وبحثية مكنتهم من الوصول إلى كثير من املعارف املتناقضة، التي أفضت بهم إلى التمييز

بني ما هو حقيقية علمية ورأي علمي.

وتظهر النتائج أيضا وجود حتسن في قدرات الطلبة على استخدام احلجة سياق في تبنوها، التي ونظرياتهم أفكارهم عن الدفاع في العلمية

احلوارات والنقاشات العلمية التي جرت خالل التجربة.

وتعرض هذه الورقة في املقابل بعض اإلشكاليات التي واجهتها على مستوى الشراكة في التجربة من جانب، وعلى مستوى املمارسات واملعتقدات التي يحملها الطلبة حول العلوم واملعرفة العلمية من جانب آخر. كما خرجت

ببعض التوصيات الهادفة إلى تطوير هذه التجربة وتعميمها.

م طبيعة العلم في سياق لفهن التفاعل الصوموضوعية املعرفة العلمية

توجه لتنمية قدرات الطلبة في نقد املعرفة العلميةومساءلتها وإثارة اجلدل حولها - بحث إجرائي تشاركي

أشرف البطران

Page 27: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

28

ف الثقافة العلميةمل

والنهائي وال يقبل النزوع نحو الستاتيكية والثبات. فكل معرفة أو نظرية علمية هي مقبولة في زمانها ومكانها، وما أن تأتي نظرية جديدة لها قدرة تفسيرية عالية حتى حتتوي القدمية أو تلغيها، بحيث تصبح األخيرة جزءا :1978 )زكريا، العلم تهم مؤرخ ما بقدر العلم تهم التاريخ، ال من

.)17

لذا، ال ينبغي علينا النظر إلى العلم وأفكاره في سياق الفعل البيداغوجي إلى بها نرتقي أن أو واملساءلة، النقاش تقبل ال مسلمات أنها على جدلية صيرورة إطار في تبنى العلمية فاملعرفة الديني، اإلجالل مرتبة ال نهائية بني العقل والتجربة، وبالتالي فهي قابلة إلعادة بناء نفسها في فتاريخ بناؤها سابقا، التي مت املعارف إثبات خطأ كل حلظة من خالل Gaston) العلم هو تاريخ أخطائه واملعرفة فيه هي دوما تصحيح لوهم

.(Bashlar, 2006: 195

على املعرفة »تبنى العلمي العقل تكوين كتاب في باشالر ويضيف بعني األخذ ضرورة بذلك يقصد ولعله أخرى«. معرفة أنقاض بناء نحو منها واالنطالق الطلبة، لدى السابقة املعارف االعتبار أبيض بعقل املدرسية معارفه يقابل ال فالطالب جديدة، معارف منظومته ضمن معه يحمل بل سابقة، معرفية نقوش أية من خال املضطربة أو اخلاطئة والتصورات املعتقدات من مجموعة الفكرية عن للكشف جيدا منوذجا ميثل العلمي فاجلدل العلمية. املعرفة إزاء للمعرفة النقدية املناقشات سياق وفي والتصورات. املعتقدات تلك بالنهاية يفضي الذي األمر وتصحيحها، معاجلتها تتم املدرسية، كما العلمية فاملعرفة ورزانة. اتساقا أكثر جديدة معارف تكوين إلى أو فشلها، ثبت التي السابقة معارفنا تصحيح بفعل تنمو بوبر يقول عدم دقتها. لذا، يقترح تعريض مخرجات العلم من معارف وقوانني ونظريات علمية إلى أعنف نقد ممكن من قبل جمهور العلماء لتحديد مدى دقتها وموضوعيتها قبل عبورها النسق العلمي كمعارف موثوقة. فموضوعية املعرفة العلمية ال تتحقق إال مبصادقة أكبر عدد من العقول عليها. وهذا ينطبق على موضوعية املعرفة املدرسية، ففي إطار هذه للطلبة تتيح سياقات ضمن مدرسيا املعرفة تقدمي ينبغي الرؤية، فرصة إجراء اختبارات وتارب عليها، وإبراز نقائضها التي تدحضها معيار هو املعارف من غيرها عن العلمية املعرفة مييز فما وتكذبها، تكذيبها ليس ،(popper, 1997: 120-122) للتكذيب قابليتها مبعنى إبطالها، بل زيادة املعرفة فيها. فاملعرفة العلمية احلقة هي تلك التي تصمد أمام امتحان التجربة واختبار التكذيب، ومبقدار صمودها تكتسب قيمتها العلمية، وهذه هي طبيعة العلم، فالعلم ال يسعى وراء يهتم ما بقدر األشياء بقيمة يهتم وال والنهائية، القطعية اإلجابات أكثر دقة تقدمي صورة الدينامية، من أجل بتفسيرها وكشف حركتها

وموضوعية عن العالم الذي نعيش، وليكون أكثر قابلية للفهم.

املشاركون في البحث

بالتعاون بني مركز القطان للبحث والتطوير التشاركي أجنز هذا البحث الثانوية فالح أبو بنات مدرستي في العاشر الصف وطلبة التربوي، 9 طالبات هن: عزيزة موسى، والروم األرثوذكس، وكان من األولى تهاني عيسى العمري، روان عبد الكرمي أبو عيدة، رنال محمد، نسرين

الطلبة في وضعية التلقي السلبي لها، فاملعرفة في التصور املابعد حداثي تبنى وال تكتشف، كما أنها نتاج عملية تفاوض اجتماعي، مبعنى هي تدعي احلداثة، تبنى من قبل العقل، الذي تبنيه الثقافة السائدة والواقع دفع السياق، هذا في التعليم ومهمة معه. يتفاعل الذي االجتماعي .)2007 الطلبة وحتفيزهم على بناء معرفتهم الذاتية وإنتاجها )راشد، على الطلبة تساعد التي العمليات أهم من العلمي االستقصاء ولعل تكوين حجج واستدالالت علمية مستقاة من واقع ممارساتهم البحثية، بناء ويصوغون ويحللونها بياناتهم يجمعون صغار علماء مبثابة فهم العلمية وحججهم حلولهم خاللها من ويطرحون فرضياتهم، عليها

التي تدعم وجهة نظرهم.

أما الشق الثاني من السؤال، فإن هدف اجلدل العلمي ورسالته األساسية فالتساؤل هو بالتساؤالت. العلمية وإحاطتها القضايا تكمن في نقض حجر الزاوية في اجلدل العلمي، كما أن املعرفة العلمية احلقة هي التي تبدأ بسؤال وتنتهي بسؤال. فأسئلة العلم األساسية هي دائما على شكل كيف؟ وملاذا؟ وماذا إذا؟ ولم هو هكذا؟ فظهور السؤال هو مبثابة إعالن مبدئي عن التحام الذات باملوضوع؛ الذات مبا هي عقل وفكر ووجدان، يبدأ عندما فالطالب لذا، ومربضها. املعرفة مهجع هو مبا واملوضوع بالتفكير يجر معه أسئلته ومعارفه ويخلطها بأسئلة ومعارف جديدة، في بناء باتاه املعرفي، يسير في حركة نشطة محاولة منه إلرضاء طموحه

املعنى من خالل التأمل والتفكير النقدي.

وفي هذا السياق، تصبح املعارف مفتوحة لتفسيرات وتأويالت أخرى، وحتيل إلى معنى أعمق وأكثر تنوعا، معنى يتشكل ضمن سياق واقعي أصيل قائم على جدل العالقة بني العقل والتجربة، الذات واملوضوع. فيها )أي األسئلة( ومن خاللها تسقط أبدية املعارف، وينكشف بعدها العلمية املعرفة الصفي حول فاجلدل .)21 :1985 النسبي )مجاهد، السجال ذاتية عقوال الطلبة من ويجعل العلمي، للتفكير جيد مثال دائما، ال تقبل املكتوب ملجرد أنه مكتوب. كما يساهم في تطوير قدرات

الطلبة على بناء تفسيرات علمية صحيحة وفهمها.

فكرة معها تغيرت كثيرة معارف العلمي التطور مسيرة راكمت لقد نيوتن هي فيزياء بأن فيه يعتقد الذي كان الوقت العلمية، ففي احلقيقة منتهى العلم ومستقره، جاءت فيزياء أينشتاين لتبتلعها وحتتويها، وتثبت أن ما كان يعد حقائق مطلقة قي حينه ما هي إال حقائق نسبية قابلة للتغيير من حالة تعكس ال للتغير القابلية وهذه مستمر. بشكل والتصحيح العلم ومرونته تعكس روح ما بقدر العلم، في مسيرة والنقص العجز فاحلقائق وتبديدها. األولى أوهامه تصحيح تاه الدؤوبة وحركته واملعارف العلمية كبنية ومنظومة تخرج من رحم التصحيحات املستمرة يرفض لذلك، .(popper, 2000: 254) السابق املعرفي للبناء العلماء فكرة بلوغ احلقيقة ويقبلون ببعض الشكوك كجزء من الطبيعة، إن هذا املنطق ال يقتصر على العلم فحسب، بل ينسحب أيضا إلى ميدان العمل البيداغوجي، فمن الضروري أن يعرف الطلبة أن نتائج العلوم من املعارف والقوانني هي ليست قطعية أو نهائية، بل تتسم بالثبات النسبي Roland) اكتشاف علمي جديد للطعن واالجنراح مع كل قابلة وهي Omnes, 2002: 322). فالعلم يشيد بناءات مؤقتة ما يلبث أن يقيم باملطلق يعترف ال إذن فهو جديد. بثوب متنكرا عنه يرحتل حتى فيها

Page 28: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

29

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

صياغتنا أثناء أساسيا ومرجعا ناظما خطا لنا بالنسبة شكلت والتي التي التجربة هذه إطار في به العمل سيتم الذي التعليمي للمقترح العلم طبيعة لفهم سياق الصفي »التفاعل البحث هذا عنوان حملت وموضوعية املعرفة العلمية« )راجع، رؤى تربوية،ع 25، ص: 31(، حيث برزت لنا في هذه املرحلة مجموعة من األسئلة التي ينبغي اإلجابة التجربة، هذه خالل أهداف من إليه نصبو ما حتقيق نستطيع كي عنها

ومنها على سبيل املثال.

إلى الوصول الذي سيتم االشتغال عليه، بحيث يضمن املوضوع ما <تعليم فعال ونشط؟

هذا توفير تضمن التي التعليمية واإلستراتيجيات األساليب هي ما <املناخ التعليمي؟

> ما هو دور الطالب واملعلم ودورنا كباحثني في هذه التجربة؟

بني مناقشات جرت األسئلة، تلك عن لإلجابة محاوالتنا إطار وفي كمشكلة العاملي« االحترار »ظاهرة تبني مت حيث املركز، في الباحثني حقيقية تقود التعليم في هذا املشروع. فالتعلم يحدث على أفضل وجه عندما يواجه الفرد مشكلة أو موقفا تعليميا محيرا يعمل فيه عقلة ويجسد مشكلة لكونها القضية لهذه اختيارنا ويأتي الذاتية. معرفته خالله من ووجهات اآلراء تعدد على مفتوح جدلي طابع وذات البنية ضعيفة النظر. وهذا ما يعنينا، الرأي والرأي اآلخر وما بينهما من فضاء إشكالي ميكن استغالله كقاعدة أساسية للحوار واجلدل والتفكير، تفكير يقتضي البحث والتقصي من أجل حتقيق فهم موضوعي لهذه الظاهرة قبل احلكم

عليها واتخاذ قرار بشأنها.

سيتم التي التعليمية األساليب حتديد مت فقد الرؤية، هذه سياق في استخدامها في هذه التجربة، ومنها التعلم التعاوني، والتعلم بأسلوب والعصف احلوار، وأسلوب العلمي، واالستقصاء املشكالت، حل الصفي التفاعل سياق في األساليب هذه فاعلية ضمان إن الذهني. أمر مرهون بتوفر مناخ دميقراطي يسمح بتحقيق بيئة تعلم دافئة، تستثير التفكير، وتهيئ الفرصة للتفاعل واحلوار بيننا كباحثني ومعلمني وطلبة، احلوار لهذا وسيطا فيه املعرفة وتكون أنفسهم، الطلبة بني وكذلك اإلعالن مت فقد التصور، هذا ضمن األطراف. جميع بني والنقاش العديد من طلبات االنتساب إطار ذلك على املشروع وحصلنا في عن ومن جميع محافظات الوطن، إال أننا آثرنا العمل مع املدارس التي تقع ضمن لواء رام الله نظرا لبعد مكان املدارس األخرى عن مركز القطان الكائن في رام الله من جهة، وحتسبا للظروف األمنية التي قد تشهدها جهة من التجربة هذه استمرارية تعيق رمبا والتي البعيدة، احملافظات

أخرى.

فحص املمارسات واملعتقدات

بعد أن وقع االختيار على الطلبة، متت دعوتهم واملعلمني املشاركني معهم القطان مبركز تعريفهم مت حيث ،2007/12/8 بتاريخ اجتماع إلى وقدمنا لهم تصورا عاما عن املشروع وعن مجموعة األنشطة املقترحة، وبناء البحث. لقضية اختيارنا حول جيدة انطباعات على حصلنا كما املشاركني على االلتقاء مرتني في كل شهر، عليه، فقد مت االتفاق مع

فهيم، كفى حسن شومان، لينا هارون شومان، أفنان نسيم، دعاء إياد، ومن الثانية 4 طالب هم: معاذ صالح، عيس رجا خورية، عمر شكري

اخلطيب، مجدي محمود.

وقد اشترك في هذه التجربة أيضا كل من املعلمة عالية أبو لنب من مدرسة أجريت وقد األهلية. الكلية مدرسة من غنيم ورندة فالح أبو بنات بالتعاون مع الباحث عواد شرف وهو محاضر في جامعة القدس، ومن املهتمني بالعمل البحثي السيما في املجال البيئي، حيث شارك الباحث

في العديد من املؤمترات العلمية احمللية والدولية.

هدف البحث وأدواته

فيه يجتمع مكاني حيز أو مناخ توفير إلى البحثية التجربة هذه هدفت بأنشطة والقيام والتكنولوجيا، العلوم عن للحديث والطلبة املعلمون للتحري عن طبيعتها، والتأمل مبعتقداتهم حولها، وذلك بهدف تغييرها والدفع بها نحو األفضل. وألجل ذلك، فقد مت توظيف أساليب تعليمية التعلم ومنها الصفية، املمارسة أثناء العلوم هذه طبيعة وتسد تعكس باالستقصاء، والتعلم التعاوني، والعصف الذهني، وحل املشكالت. تنمية إلى سعينا التي األهداف من مجموعة العمل أثناء لنا ظهر وقد

قدرات املشاركني فيها، وهي على النحو التالي.

> تأصيل عادة البحث واالستقصاء العلمي لدى املشاركني بشكل يضمن لهم الوصول إلى معرفة موضوعية.

عن والكشف ومساءلتها، العلمية املعرفة نقد نحو املشاركني دفع <املصالح واأليديولوجيات التي تقف وراءها.

العلمي احلوار استخدام اجلدل وأسلوب املشاركني في تنمية قدرات <داخل الغرفة الصفية.

البحث لقواعد تخضع التي املعارف بني التمييز من املشاركني متكني <العلمي، وتلك التي ال تالمس أدواته.

هذه في البيانات جلمع األدوات من العديد البحث وظف وقد هذا : التجربة، وهي على النحو التالي

> انطباعات املشاركني وتأمالتهم في التجربة.> احلوارات التي كانت تتم بني املشاركني خالل اللقاءات املتتالية.

تدور كانت التي النقاشات خالل دونت التي املالحظات مجموعة <على هامش لقاءات التجربة.

> أشرطة الفيديو التي مت تصويرها وتفريغها على أوراق لتسهيل عملية التحليل والتأمل.

> مجموعة السير الذاتية التي كتبها بعض املشاركني خالل التجربة.

مراحل البحث

أساسية، هي مراحل في ثالث التشاركي اإلجرائي البحث انتظم هذا على النحو التالي:

أوال. مرحلة البناء والتصوروهبة، نادر الباحث الزميل صاغها التي املفاهيمية الورقة من انطالقا

Page 29: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

30

ف الثقافة العلميةمل

جاهزة، املعلومات تأتينا املدرسة في “نحن روان: الطالبة وأضافت في تقريرا نقدم فإننا البحث، منا طلب وإذا للحصول فقط وهو مناقشة، دون املوضوع

على العالمات”.

كما كشف هذا احلوار من جانب آخر عن وجود بعض املعتقدات اخلاطئة إلى تنظر فالغالبية العلمية، واملعرفة العلوم طبيعة حول الطلبة لدى واأليديولوجية، السياسية القيود من ومتحررة ثابتة أنها على املعرفة وليس هنالك ما يدعو حملاورتها وإثارة اجلدل حولها، وقد علل الطلبة سياقات في مدرسيا يوضعون ال كونهم إلى املعرفة، إلى النظرة هذه كما يستقبلونها فهم فيها، الرأي وإبداء مناقشتها من متكنهم حقيقية هي، وكما وردت في الكتب املدرسية، حتى انعكست في نفوسهم إلى

ما يشبه اإلميان بأن املعرفة في شتى أبعادها وآفاقها هي ثابتة ونهائية.

بشكل املعلومات نتلقى املدرسة في “نحن تقول إحدى الطالبات: مباشر دون إعمال للعقل في البحث والتفكير مبساءلة نقوم ال أننا كما ... التجريب أو بها نشكك ملاذا ثم بها، التشكيك أو املعرفة ونحن تعلمنا مثال أن القوانني العلمية ثابتة وال

تتغير”.ميكن وال ثابتة العلمية املعرفة أن “أعتقد وتضيف كفا:

التشكيك بها”.“ال أتصور أن املعارف تتغير ... األشياء التي عيسى: ندرسها اآلن هي نفسها التي درسها من قبلنا، أن إلى إشارة أي مناهجنا في أر لم أنني كما

املعرفة قدميا كانت تختلف عما هي اآلن”.

إن جوانب القصور التي يعاني منها الطلبة؛ سواء على صعيد املعتقدات تعكس ما بقدر الطلبة، لدى فطريا سلوكا تعكس ال املمارسات، أم بيئته أسير هو فالطالب السائد، والتعليمي الثقافي املناخ عن صورة مساوئ عن تكشف السابقة االقتباسات ولعل التعليمية. وثقافته التعليم التقليدي وعيوبه، فالطالب في سياق الفعل الصفي، وفي ظل هذا النمط من التعلم ال يتجاوز دوره حد املتلقي السلبي للمعلومات، مبا يعرض عليه من معارف دون احلاجة يؤمن أن الوحيدة هي ومهمته

وذلك لكي يتسنى لنا الشروع في العمل.

في سياق هذا اللقاء تقدمنا للطلبة بورقة حتت عنوان »اختبر عاداتك!«، وتتضمن مجموعة من األسئلة الهادفة إلى اختبار قدرتهم على التحليل والتفكير واملناقشة من جانب، وكذلك حتديد ما ميتلكونه من معرفة حول قضية البحث من جانب آخر. فمعرفتهم القبلية حول املوضوع ستشكل جسر العبور ألية معارف الحقة. وقد الحظنا في أثناء املناقشة أن الطلبة عاجزون عن الربط بني أسئلة الورقة وموضوع البحث. وللتدليل على

ذلك، نسوق االقتباسات التالية التي أخذت من شريط الفيديو.

يقول الطالب عيسى في سياق رده على أحد األسئلة: »ما عالقة عمل االحتباس ظاهرة في اإللكترونية األجهزة أن االحتباس احلراري املعروف احلراري؟ من املصانع والسيارات واحتراق ناجت عن غازات

الغابات«.أو الشتاء فصل في العنب آكل أن عالقة »ما وتضيف طالبة أخرى: أتناول السمك الطازج واملجمد بحالة االحترار

الكوني؟«.

مبوضوع وعالقتها األسئلة ملضمون اإلدراك وعدم التعثر هذا نبرر إننا غياب من أساسا واملنبثقة للمعرفة، الشمولية النظرة غياب إلى البحث عن ومعزولة منفصلة كمادة العلوم يدرسون فهم التكاملي. املنهج فكرة أو بالتكنولوجيا، للعلوم مثال عالقة فال األخرى. املعرفية الفروع سياق الرياضيات بالفن. فاملعرفة املعزولة في حقل ضيق ال قيمة لها البتة، إال إذا Robert m,) أدمجت في سائر حقول املعرفة األخرى كما يقول شرونغر105 :1978). وإذ نعتقد من جانبنا أن إحاطة املشاركني بفهم جيد لظاهرة

االحترار العاملي، ال ميكن أن يتم مبعزل عن فهم جيد ملبدأ عمل الثالجة.

في لقاء آخر عقد بتاريخ 2007/12/15، مت فيه إجراء حوار ونقاش مع الطلبة بهدف الكشف عن معتقداتهم وعن الكيفية التي ينظرون بها غير الطلبة أن النقاش أثناء لنا ظهر وقد العلمية، واملعرفة العلوم إلى معتادين على املمارسة البحثية، ويعتمدون بشكل أساسي على ما يقدمه لهم املعلم من معلومات وبيانات. وقد أشار الطلبة في كثير من املواقف التي املعلومات بالنسبة لهم ال تعدو كونها مجموعة من العلوم إلى أن تقدم لهم في أغلب األحيان بشكل سردي ال يتجاوز املنصوص عنه في وهم واالستقصاء، البحث عمليات منطق عن بعيد وبشكل الكتب، بدورهم يقومون بتلقيها وحفظها دون أدنى قدرة على مساءلتها ونقدها، فهي بالنسبة لهم ليست معرفة من أجل احلياة، بل مجرد معلومات تثبت

في الذهن إلى حني موعد اختبار تذكرها. فمثال الطالبة عزيزة تقول: مصدر هو املعلم أن طالبة كوني من “أعتقد يطلب التي احلاالت هي ونادرة املعلومات، كان وإن ومعلومات، بيانات جمع فيها منا فإن ذلك يكون بدافع احلصول على العالمات وليس بهدف إثارة نوع من اجلدل حولها ... سوى علي وما جاهزة، تصلنا املعلومات يكون ذلك وبعد فيها، واالمتحان حفظها

نسيانها أمرا سهال”.

Page 30: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

31

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

التفكير إثارة إلى ذلك وراء من نهدف وكنا وغاياته، الفيلم مضمون لالستغالل املعرفة قابلية مدى إدراك نحو ودفعهم الطلبة لدى الناقد والتضليل، وأنها أيضا ليست حيادية أو مستقلة عن املصلحة السياسية )Democs( لعبة الطلبة مارس ذاته، السياق وفي واالقتصادية. )deliberative meeting of citizens( في تعليم وتعلم القضايا بيانات على اشتملت محادثة بطاقات على مبني نشاط وهو اجلدلية، قواعد الطلبة إكساب خاللها من وأردنا الظاهرة، حول ومعلومات مبنية قرارات اتخاذ من ومتكينهم وآلياتهما، العلمي واحلجاج احلوار على دالئل واستدالالت منطقية في إطار بيئة تعلم تعاونية تفاعلية على النشاط جلستا جدل علمي يفصل شكل مجموعات. وقد أعقب هذا كل يتبنى فريقني إلى الطلبة فيهما انقسم حيث زمني، فارق بينهما الفريقني عن نظريته يدافع كال أن منهما نظرية مختلفة، واملطلوب هو البحثية. بحجج وبيانات علمية مستقاة من واقع األنشطة واملمارسات وقد لوحظ خالل هذه الفعاليات نزوع بعض الطلبة نحو توظيف التفكير العلمي والتفكير الناقد أثناء املمارسة اجلدلية، ومن كال الطرفني، فكانوا يقابلون احلجة باحلجة والرأي بالرأي والسؤال بالسؤال. فاملهم في ذلك هو أن يدرك الطلبة أن املعارف العلمية قابلة للنقاش والتشكيك، وأنها ليست موضوعية مبا يكفي، فكل معرفة متتلك جزءا من احلقيقة وال ميكن

قبولها دون متحيص أو مساءلة.

هذه خالل مورست التي والفعاليات األنشطة أن ذكره اجلدير ومن بالفيديو، كما كلف الطلبة التجربة قد مت تصويرها في جميع مراحلها بكتابة انطباعاتهم وتأمالتهم عقب االنتهاء من كل نشاط، وذلك بهدف التأمل في أداء املشاركني وممارساتهم، ومالحظة التغيرات التي طرأت

عليهم خالل العمل في هذا املشروع.

ثالثا. مرحلة التقييممستقلة كمرحلة نسوقها ال فإننا التقييم، مرحلة عن نتحدث حني بكتابة للطلبة تكليف من سابقا ورد ما على فبناء بذاتها، ومنفردة في انخراطهم أثناء ممارساتهم حول ذاتية وسير وتأمالت انطباعات يشير ذلك فإن التجربة، هذه خالل نفذت التي والفعاليات األنشطة إلى أنهم كانوا في حالة تقييم ومتابعة لألداء بشكل متواصل وعلى مدى امتداد هذه التجربة. كما كانت تعرض هذه الكتابات على الباحثني في الطلبة أفكار التغير في نقاشات حولها لتحديد مستوى املركز، وتري في املشاركني رافقت التي التطورات مدى من وللتأكد ومعتقداتهم. سياق هذه املرحلة، فقد مت عقد جلسة تقييميه ختامية جرى فيها محاورة هذه خالل دونوها التي وتأمالتهم انطباعاتهم في ومناقشتهم الطلبة الفترة. وفي إطار هذه اجللسة حتدث وسيم الكردي مدير مركز القطان وإمكانية التجربة، حول واقتراحاتهم آرائهم إلى واستمع الطلبة إلى تطويرها، حيث أبدى الطلبة استعدادهم للمشاركة واالنخراط مجددا

في مشاريع بحثية مماثلة.

في هذه املرحلة أيضا متت مراجعة أشرطة الفيديو، وقراءة كتابات الطلبة من »انطباعات، وتأمالت، وسير ذاتية ومقابالت شخصية«، باإلضافة إلى امللخصات التي كان يتم تفريغها من أشرطة الفيديو بعد االنتهاء من كل نشاط، وذلك بهدف حتليلها وحتديد أثر هذه التجربة وما أحدثته من

تغييرات على الطلبة، سواء على صعيد املمارسات أم املعتقدات.

نشأتها ظروف وأبعادها، مضامينها الستكشاف عملية تطبيقات إلى يبني هنا من واملكانية. الزمانية املؤثرات مع تفاعالتها وتطوراتها، فهي دغمائيا، وثوقيا موقفا منها ويأخذ املعرفة، مع عالقته الطالب حقائق مقدسة ثابتة وغير قابلة للتغير والتبديل. كما أن األساليب التي املعرفة، إلى النظرة هذه الطلبة لدى تؤصل املعارف خاللها من تقدم فهي ال تتيح لهم فرصة ملناقشتها ونقدها أو حتى إبداء الرأي فيها. ألنها

معرفة قادمة من عقول العلماء ومن بني دفات الكتب.

تعديال على املقترح التعليمي في ضوء فحص املمارسات واملعتقداتبعد أن مت الكشف عن جوانب الضعف التي تعاني منها حالة الدراسة، التجربة، لهذه التعليمي املقترح مراجعة فيه مت اجتماعا الباحثان عقد جوانب معاجلة على وقدرتها األنشطة مالءمة مدى لتقييم وذلك الضعف هذه. وقد وجدنا أن بعضا منها يستلزم اإلثراء والتعزيز، حيث واجلدل احلوار حلقات من مبزيد املقترح تضمني على الباحثان اتفق على قدرتهم تعزز واستقصائية بحثية بأنشطة واملسند الهادف العلمي ربط األفكار وتميع األدلة وتقييمها، بشكل يتيح لهم بناء حجج علمية رصني علمي بأسلوب ومواقفهم آرائهم عن الدفاع من متكنهم قوية بعيد عن منطق االنفعال والعاطفة. كما يرجع سبب اختيارنا ملثل هذه األنشطة أيضا، إلى محاولة تطوير مهارات التفكير الناقد لدى الطلبة، ودفعهم باتاه محاورة املعرفة العلمية ونقدها بشكل موضوعي وعلني

من قبل الطالب واملعلمني.

ثانيا. مرحلة التنفيذاملرحلة على جلسات األولى خالل هذه لقاءاتها في التجربة اعتمدت ناحيتني؛ من اجلليد لكسر متهيدي كإجراء الذهني والعصف احلوار والطلبة املعلمني بني احلواجز يكسر دافئ مناخ في خلق تتمثل األولى بأنهم شركاء وعلى حد سواء في أنفسهم، ويشعر اجلميع الطلبة وبني البحث، لقضية املشاركني تهيئة بها فيراد األخرى أما التجربة. هذه حيث تضمنت هذه املرحلة حلقات نقاش علمي وفلسفي حول أسباب وأفكارهم بآرائهم اإلدالء على الطلبة تشجيع بهدف وذلك الظاهرة، والتعبير عن أبنيتهم املعرفية في هذا اجلانب. وقد راعينا في ذلك ضرورة عليها، أحكام مسبقة إصدار املطروحة، وعدم األفكار بكل الترحيب أو توجيه النقد ألي منها، فشعور الطالب بأن أفكاره وآراءه محال للنقد أفكار أو آراء بأية اإلدالء على إقدامه أمام حائال سيقف والسخرية، البحثي السؤال صياغة من املناقشات هذه إطار في متكنا لقد جديدة. الذي جاء ضمن الصيغة االستفهامية التالية: هل الظاهرة هي نتاج لدورة السؤال هذا شكل لقد اإلنساني؟ الفعل نتاج هي أم الطبيعية األرض زهم على خوض غمار البحث في حافزا قويا أثار فضول املشاركني وحفجلة األسباب والعلل التي أدت إلى وجودها، حيث جلأ الطلبة في ذلك إلى مصادر متنوعة جلمع املعلومات واألدلة، من قبيل نشرات وأبحاث كما اإللكترونية. واملواقع الوثائقية والبرامج الصحف ومتابعة علمية مواقف على والتعليق كيوتو«، »بروتوكول قراءة إلى البحث قادهم مجموعة اإلطار هذا في أيضا لهم قدمنا وقد منه. الصناعية الدول ومنها للبيانات، مصادر ذاته الوقت في اعتبرت التي األنشطة من متناقضة تناولت مقاالت وتقارير علمية مثال، جلسات عصف فكري أثناء غور« »أل أنتجه صلة ذا فيلما عرضنا وكذلك الظاهرة، بشأن حول وحوار نقاش حلقة العرض تبع ثم األمريكية، للرئاسة ترشحه

Page 31: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

32

ف الثقافة العلميةمل

بفعل أم طبيعية بصددها نحن التي الظاهرة هل املعلم أشرف: فاعل؟

أخذت احلرارة درجات أن ما، كتاب في قرأت الطالبة كفى: ورمبا ... الصناعية الثورة بعد والزيادة باالرتفاع في االرتفاع عن املسؤولة هي الزيادة هذه تكون

درجات احلرارة.نسبة في والسيارات املصانع سببتها التي الزيادة املعلم مهيوب: عن عاجزا النبات جعلت الكربون أكسيد ثاني

امتصاصها.ملاذا ال تتجه أنظارنا إلى العوامل الطبيعية كالبراكني؟، الطالبة تهاني:

فهي تنتج ثاني أكسيد الكربون بكميات ضخمة.ارتفاع على تأثير لها مثال امللتهبة األرض نواة هل الطالب معاذ:

احلرارة؟أنه ال، ألن االرتفاع في احلرارة يحدث على أتصور الطالبة دعاء:

السطح وال عالقة لنواة األرض مبا يحدث.أن بدليل صحيح، غير دعاء تطرحه ما أن أعتقد املعلم مهيوب: احلرارة تنتقل من الوسط الساخن إلى األقل سخونة، درجة، 100 األرض حرارة درجة أن لنفترض املنتقلة احلرارة كمية ستكون هل درجة، 0 والسطح 2 السطح لو كانت حرارة فيما نفسها الكمية تساوي

درجة، بالتأكيد ال.

نالحظ من خالل هذا املشهد أن هنالك منطا مختلفا من اخلطاب الصفي املعلم يحدد ما وغالبا يجيب، والطالب يسأل املعلم حيث املعهود، سلفا الطلبة األقدر على اإلجابة، ليطمئن إلى أن ما قدمه من معرفة قد مت استيعابه وفهمه، فيما يبقى اجلزء األكبر منهم في حالة من السكون والتلقي السلبي لهذه املعارف. من هنا تنبني عالقة الطالب مع املعرفة، كعقائد ذهنه في لتترسخ واملساءلة، احلوار منطق عن بعيد سياق في وحقائق مجردة ال شك في ثباتها. لنعيد النظر في املشهد مرة أخرى، من هنا املعلم فليس والطالب، للمعلم مختلفا دورا هنالك أن سنجد ميسك بزمام األمور ويسيطر على معظم وقت احلصة، كما أن الطالب ليس في وضعية التلقي والتبعية، بل طالب يسأل ويناقش ويطرح وجهة مبعزل ال، أو بنعم عنه اإلجابة ميكن ال “معاذ” الطالب فسؤال نظر. عن تفسير منطقي سليم يدعم اإلجابة أو يدحضها. كما نرى فيه أيضا محفزا لآلخرين على إبداء آرائهم وأفكارهم، فتعليق “دعاء” دفع املعلم ألن يبدي اعتراضا معلال بقانون علمي وتفسير منطقي. إن هذا النمط احلواري املتعدد األطراف واالتاهات، من شأنه أن يلغي مركزية املعلم في التفاعل الصفي، ويعزز استقاللية الطلبة في التأمل والتفكير، ويتيح فيهم يعزز كما واخلبرات، والرؤى لألفكار الفعال التبادل فرصة لهم ما والتعبير، املناقشة على ويشجعهم التسليم، وعدم التساؤل روح

مينحهم فهما أعمق ومعنى أشمل حملتوى التعلم.

“احلقيقة فيلم عرض مت الصفي، اخلطاب لتفعيل محاولتنا إطار وفي بظاهرة يتعلق فيلم وهو ،)Inconvenient Truth( املزعجة” لرئاسة ترشحه فترة في غور” “أل أعده قد كان احلراري، االحتباس الواليات املتحدة األميركية. كانت لنا أهداف وغايات متعددة من وراء املشاركني، لدى الناقدة والنظرة التساؤل إثارة ومنها العرض، هذا

نتائج البحث

هذه خالل تطورن قد الطالبات أن للبيانات النوعي التحليل أظهر في نرغب النتائج نعرض هذه أن قبل لكننا في جوانب عدة، التجربة التأكيد على أن هذه التطورات والتغيرات مرتبطة بالسياق واللحظة التي اللحظات بهذه املعجبة ذاتنا املقابل في ننفي ال أننا كما فيها، جاءت املمارسات في التأمل على املبنية اإلجرائية األبحاث وكسائر العابرة. من البحث نتائج فإن اقتناصها، بعد الشاردة اللحظات تأويل وإعادة هذا املنظور غير قابلة للتعميم، لكنها في الوقت ذاته تتلمس من املعلمني تأمال أكثر يكونوا أن إلى الصفية الغرفة داخل أدائهم بتطوير املهتمني لتلك استبصارا أكثر يكونوا وأن جانب، من وأفعالهم لذواتهم ونقدا

اللحظات التي تعبر بال حسيب أو رقيب من جانب آخر.

حلقات أن إلى اإلجرائي البحث في املشاركات الطالبات أشارت مناخ خلق في ساهمت قد التجربة بها ابتدأت التي األولى احلوار تعليمي أشعرهن بالراحة والطمأنينة، حيث تبادل املشاركون فيه اآلراء واألفكار وعبروا خاللها عن رؤيتهم ووجهات نظرهم إزاء قضية البحث كسر في تعبيرهن حد على ساهم الذي األمر والباحثني، املعلمني مع احلواجز النفسية بني الطلبة وقلص الفجوة القائمة بينهم وبني املعلمني.

وقد عبر املشاركون عن ذلك في كثير من انطباعاتهم.

»اكتشفت في هذا املشروع أن هنالك شيئا كتبت عزيزة في تأمالتها: في هو وما املدرسة في هو عما مختلفا بني فرق ال أنه الحظت أيضا، مخيلتي من ليتعلم جاء فكالنا والطالب، املعلم

اآلخر«.أنا كما التجربة هذه في نفسي أجد »ال وأضافت املعلمة رندة: ... الصفية الغرفة داخل حقيقة علية وطالبات طالبا معا نتعلم أننا هنا أالحظ

ومعلمات«.طالب بني فرق ال أنه شخصيا »شعرت وعبرت دعاء في انطباعاتها: ومعلم، وأن كليهما يأخذ العلم عن اآلخر ومثال وخبراته، معلوماته من ويستفيد إلى جانبنا الذي وقف أستاذ أشرف ذلك وشجعنا على االستمرار في العمل، وكان

يقول لنا دائما أننا جيدون في أدائنا«.

اتسم بدفء نفسيا واجتماعيا التأسيسية مناخا املرحلة لقد شكلت هذه بني احلواري التفاعل إمكانات وعززت املشاركني، بني العالقات في مهما دورا املرحلة هذه في احلوار لعب حيث والطلبة، املعلمني وإبداء األفكار توليد على الطلبة وشجع الصفي، التفاعل إحداث القدرة لها فاعلة ككيانات وجودهم إلثبات منهم محاولة في اآلراء، على التعبير واملناقشة. وللتدليل على ذلك، أورد هذا املقطع احلواري الفيديو، والذي يظهر فيه الطلبة واملعلمون الذي أخذ من أحد أشرطة وهم يطرحون وجهات نظر منطقية ومتباينة، متكنوا خاللها من صياغة

السؤال البحثي.

Page 32: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

33

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

لها في املدرسة، في هذا العرض استشعرت مدى خطورة املوضوع وجسامة الكارثة ... “أل غور” غاية لـ أن يكون لكن هذا ال مينع

ومصلحة شخصية من ورائه.قوية دالئل يقدم غور أل .... تأمالتها: في عزيزة الطالبة وكتبت االحتباس آثار عن موثقة ومعلومات الشك أوجه املقابل في لكنني احلراري... األسئلة: من مجموعة وأطرح العمل لهذا حتديدا؟ الظاهرة هذه غور أل اختار ملاذا احلرجة الفترة هذه في عرضها ملاذا ثم بالذات؟ أهو لكسب تعاطف الناس واللعب اخلطر، يستشعر فعال هو أم مبشاعرهم؟ وبالتالي يحذرهم من العواقب، ولكي نكون موضوعيني أكثر أعتقد أنه في كلتا احلالتني، أود ما لكن الناس. أنظار لفت استطاع قد الفيلم هذا أشاهد أن لي قدر لو أنه قوله خارج سياق مشروع الثقافة العلمية، ملا كنت

قد طرحت كل تلك التساؤالت.

حيادية لعدم إدراكهن الواقع في يعكس ال الطالبات عنه عبرت ما إن املعرفة وانعزالها عن املصالح الشخصية والسياسية واالقتصادية فحسب، عبارتها في عزيزة الطالبة إليه تطرقت مضمر بعد أيضا فيه يظهر بل السابقة حني تقول: “أهو لكسب تعاطف الناس واللعب مبشاعرهم؟”؛ مبعنى أن املعرفة العلمية كخطاب لها تأثير وسلطة متارسها علينا كأفراد وجماعات بشكل سري وعلني، ويتمثل ذلك بفرضها أمناط محددة من التفكير والوعي والسلوك، وكذلك طرق معينة لرؤية األشياء في العالم من حولنا، وذلك مبا يتوافق مع “موشور” الرؤية السياسية واأليديولوجية للسلطة ومؤسساتها املنتجة للمعرفة. من هنا تفقد األخيرة موضوعيتها وحيادها بعد أن تصبح غارقة في شباك لعبة الكلمات، كلمات وصيغ ملتوية، تتآلف معا لتشكل جسرا لعبور القول األيديولوجي الذي يستمد من املعرفة العلمية مشروعية وجوده، وضمان استمرارية فعله وتسويقه

لذاته ثقافيا واجتماعيا.

كما أظهرت البيانات أيضا أن بعض املشاركني قد استطاعوا التمييز بني املعرفة العلمية والرأي العلمي، السيما بعد أن عرضنا لهم تقارير علمية دفعهم حيث احلراري، االحتباس ظاهرة حول متناقضة بيانات حتوي هذا التناقض إلى إجراء مزيد من البحث واالستقصاء للتأكد من صدق هذه البيانات، األمر الذي عزز موطن الشك في نفوسهم، وبخاصة بعد أن حصلوا على مزيد من هذه البيانات املتضاربة. لكنني في املقابل كنت أحلظ بعض الطلبة في بداية هذه التجربة، يتعاملون مع مثل هذه التقارير تقاريرهم في املختصون العلماء نها يضم موثوقة، معلومات أنها على العلمية حول القضايا التي يدرسونها، دون أن يدركوا أن تلك هي مجرد آراء شخصية وأحكام فردية غير موضوعية وغير قابلة للقياس من الناحية

العلمية. فمثال:

حرارة ارتفاع سبب يرجعون “العلماء تقول إحدى الطالبات: األرض إلى زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون

ودفعهم نحو التشكيك مبوضوعية املعرفة العلمية، وحفزهم على إدراك فاملعرفة السياسية واالقتصادية. أو استقاللها عن املصلحة عدم حيادها سلطة، أو كما هي في تعبير بيكون “املعرفة قوة”، لذا ينبغي التخلي عن التصور املثالي للمعرفة، والكف عن اعتبارها معرفة حيادية أو متحررة من طابعها األيديولوجي، أو أن يتم التعامل معها على أنها خارج إطار اجلانب هذا املعلمني نحن نغفل ما فكثيرا ورهاناتها. القوة عالقات للمعرفة من شروحاتنا الصفية ونتعامل معها كصيغ مجردة ومنعزلة عن في الثالث نيوتن فقانون األخرى، اخلطابات مع التفاعل صيرورات الفعل ورد الفعل على سبيل املثال، نتناسى أن السلطة قد طوعته لصناعة أدوات املوت والدمار من خالل صناعة القاذفات واملقذوفات، ونتجاهل البشر وفق تقسيم وتصنيف والتطور في النشوء لنظرية النازية استغالل ترتيب هرمي يتربع على عرشه العرق اآلري األصفر. لذا، جند أن من الضروري أن يدرك الطلبة هذا البعد للمعرفة. ال على أن نظهرها كمعرفة العالم وحتليله، أبيض، تنحصر مهمتها في وصف برداء بريئة ومتدثرة وتبيان طبيعة العالقات والروابط احلقيقية بني األشياء فيه، بل نظهر أيضا أنها معرفة غارقة في املمارسة األيديولوجية، وأنها مهما حاولت النزوع نحو املوضوعية والعلمية، فإن ذلك لن ينجيها من قبضة السلطة، ومن إمكانية استغاللها في إعادة إنتاج شرعيتها )راشد، 2007(. لقد أشارت وتأمالت انطباعات من وكذلك الفيديو، شريط من احملصلة البيانات والتضليل، للتأويل العلمية القضايا قابلية مدى أدركوا أنهم الطلبة، السلطة معرفة لصالح والتدجني التوظيف واالستحواذ، االستغالل وإمكانية بالذات املعرفة ارتباط ملدى إدراكهم عن فضال ومصلحتها،

استغالله لها في حتقيق أمان ورغبات وأحالم وشهوات ذاتية.

هذا الفيلم يعكس مدى تشابك العلم بالبعد تقول املعلمة عاليـة: السياسي والثقافي للمجتمع.

الظاهرة ال أن هذه لي بالنسبة املهم واجلديد الطالبة تهاني تقول: من واالقتصاد، السياسية عن فصلها ميكن معاهدة على أمريكا توقع لم ملاذا أدرك هنا وضعها على سيؤثر ذلك ألن كيوتو، الفرد رفاهية مستوى وعلى االقتصادي

فيها.حقيقة أمام الفيلم هذا وضعني الواقع، في وتضيف الطالبة كفى: أثناء تعرضنا أنها وهم وخيال اعتقدت طاملا

Page 33: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

34

ف الثقافة العلميةمل

بوش جورج األميركي الرئيس نرى مثال السياسة الظاهرة تسير بشكل إن يقولون الذين العلماء يؤيد النقيض، الفريق يؤيد غور أل بينما طبيعي، والعلماء احملايدون منقسمون فيما بينهم وال يعطون

قراءات دقيقة”.

الهادفة إلثارة األنشطة الطلبة، وعبر جملة ملعتقدات أثناء معاجلتنا في بعض فينا أثارت إشكالية لنا تلت املعرفة، إزاء الناقد تفكيرهم املخاوف، حيث وجدنا أن مسألة الشك باملعرفة لدى إحدى الطالبات قد تاوزت فهمنا للشك مبا هو فعل تأملي يقود إلى معرفة أكثر صدقا وموضوعية. فقد عبرت الطالبة روان في أحد انطباعاتها عقب حصولها

على معلومات متناقضة بشأن ظاهرة االحترار العاملي بالتالي:

الرغم من ارتفاعا أصال في درجات احلرارة على أن هنالك “أنا أشك أنني مقتنعة بأن هنالك ارتفاعا”. وفي سياق آخر أضافت: “... والله

أنا صرت أشك في كل شيء”.

اجلدل حلقات في تشارك لن أنها ثالث موقف في الطالبة عبرت وقد العلمي، ألنها لم تعد مقتنعة بكل ما يطرح بخصوص هذه القضية.

إن خطورة ما سجلته الطالبة يكمن في إمكانية انتقال هذا الشك العميق تغدو بحيث املدرسي، السياق في لها تقدم التي املعارف محتوى إلى ما الشك في كل إلى احلالة بها أن تصل أو لها، قيمة املعارف ال تلك هذا إلى األمور تصل أن نريد ال فنحن حولها. من ويدور بها يحيط الطلبه العلمية، بل ما أردنا حتقيقه ودفع املعرفة املستوى من الشك في تاهه هو إدراكهم لعدم يقينية املعرفة، وأنها نسبية ذات طابع براغماتي

يقبل النقد واملساءلة والشك التأملي.

ناقشنا هذه االنطباعات مع الطالبة، وأوضحنا لها أن كثيرا من املعارف العلمية هي مبثابة حقائق، وأن هدفنا من وراء هذه األنشطة هو محاولة تغيير أدائكم داخل الصفوف، وحتفيز نظرتكم الناقدة إلى املعرفة، بحيث تستطيعون مساءلتها وإثارة اجلدل حولها. ونحن نطرح الشك هنا كبديل عن اليقني وكمحفز لفحص وتقومي املعرفة واألفكار واحلجج من أجل الوصول إلى أحكام متوازنة، تفضي في نهاية املطاف إلى مزيد من املعرفة

والفهم. وليس الشك كمحاولة إلبطال املعرفة العلمية وتعطيلها.

لقد شكلت هذه الشكوك ومن خلفها تساؤالت املشاركني امللحة حول في جمعوها التي البيانات في التناقض وكذلك الظاهرة هذه صدق اجلدل مسيرة انطالقة في أساسيا عامال العلمي التحري عملية سياق في هذه التجربة، ولعل التناقضات كانت العامل احلاسم في تفجير هذا تلقاء من ينفجر ال فهو وخلفيته طبيعته كانت مها اجلدل ألن اجلدل، نفسه كما يقول ماركيوز. لذا، فقد تقدمنا للطلبة مبجموعة من القصص التي تتضمن بيانات ومعلومات حول الظاهرة، وهدفنا من خاللها إلى وكذلك واحلجج األفكار مجموعة استخالص على الطلبة تدريب األسئلة التي متكنهم من التصدي ألفكار وحجج محامي الشيطان، وهو شخصية مركزية في القصة قام أحد الباحثني بلعب دورها، حيث تتبنى

هذه الشخصية فكرة أن ال عالقة لإلنسان بهذه الظاهرة.

هذه العلمية التقارير وحسب اجلو. في الصناعية الثورة الزيادة منذ النسبة بدأت في

حتى وقتنا احلالي”.األرض حرارة درجة إن يقولون “العلماء وتضيف الطالبة عزيزة: مائة إلى ثالث درجات مئوية خالل ستصل

سنة”.

العلمية املعرفة بني التمييز على القدرة وعدم السريعة األحكام هذه إن والرأي العلمي، يرجعان باألساس إلى ضعف معرفة الطلبة لطبيعة العلوم واملعرفة العلمية، من حيث قابلية األخيرة لالختبار والدحض، وارتباطها منضبط تفكير أسلوب إلى أساسا يستند الذي العلمي باملنهج الوثيق واإلمكانات املنطقية والفروض الدقيقة املالحظة بني يجمع وحذر، ومبرهنا مبررة تكون التي تلك هي الصحية العلمية فاملعرفة التجريبية. عليها بأدلة وإثباتات منطقية وعقلية منبثقة من التجربة ومن الفكر العلمي الرصني، على عكس الرأي الذي يصفه باشالر بأنه “يفكر بشكل ناقص، من نابعا وتلقائيا ذاتيا يعد زاوية- الرأي -من أصال”، ألن يفكر بل ال فكرة ذهنية غالبا ما تكون مرتبطة مبصالح ومنافع شخصية مباشرة، ومن يستطيع ال التي املسائل من كثير في االعتقاد لنفسه يتيح أخرى زاوية أبستمولوجي عائق أنه الرأي في باشالر يرى لذا، وبرهنتها. تبريرها

ينبغي تاوزه أوال قبل الوصول إلى معرفة علمية حقيقية.

وإذ نعتقد من خالل البيانات أن بعض املشاركني قد تاوزوا هذا العائق خالل من وذلك املعرفة، طبيعة حول واعتقاداتهم أفكارهم وتغيرت انخراطهم معا بشكل جماعي في عمليات البحث واالستقصاء، حيث جلأ املشاركون إلى استخدام اإلنترنت كمرجع رئيسي في البحث. كما البيانات التي يجمعونها تخضع للحوار واملساءلة والتقييم داخل كانت

مجموعات صغيرة، ويتم عرض نتائجها شفويا أو كتابيا.

كتبت الطالبة روان في تأمالتها: »كنا في املجموعة نطرح آراء مختلفة، لكن في النهاية الرأي الذي يصمد هو الذي يحظى بإجماع اآلخرين«.

أفكار من يطرح ما أن املشاركون أدرك املعرفي، احلراك هذا إطار في ونظريات في هذا السياق هو ليس دقيقا أو موضوعيا مبا يكفي العتباره يكون مشتركا بني جميع أن فما هو موضوعي يجب معارف موثوقة. العلماء. من هنا أصبح الطلبة أكثر حذرا في تعاملهم مع هذه التقارير،

ويوجهون النقد والشك ملثل هذه البيانات غير املبررة.

»أعتقد أن ليس كل ما يقوله العلماء في هذا املجال يقول أحد الطلبة: صحيحا، فبعض العلماء يقدرون أنه خالل مائة سنة ترتفع درجة حرارة األرض ثالث درجات، سوف قد يكون هذا الكالم صحيحا أو غير صحيح، وهذا

يدعونا إلى الشك مبا يطرح من توقعات«.يقدمون تقارير متناقضة، فتنبؤهم بارتفاع “العلماء وأضافت عزيزة: أو 6-1.4 من القادم العقد خالل األرض حرارة يبقي مساحة للشك، وهو في 1-3.5، سيظل من

النهاية مجرد آراء وتنبؤات”.في املتناقضة- املعلومات من كثير إلى “توصلت روان:

Page 34: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

35

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

هذا النحو يشير، من جانب، إلى أن هنالك شيئا معطوبا ينبغي التحقق منه والتأكد من مصداقيته. ويعكس، من جانب آخر، أسلوبا علميا في التفكير وقدرة على توليف املوضوعات املختلفة وربطها وإعادة صياغتها أسباب من تساؤالتهم فانتقال نظرهم. ووجهات آراءهم يخدم مبا احليوانات، انقراض إلى ثم األوزون، طبقة إلى القطبني جليد ذوبان يكشف عن فهم تكاملي ونظرة شاملة للموضوع، متكنوا من خاللهما انتقاء أسئلتهم وحججهم بدقة. إن تفعيل هذا النوع من احلوار النقدي التدريسي داخل الصف، من أثناء الفعل العلمية للمعارف والنظريات الفهم على ويساعدهم الذهنية، املتعلمني قدرات يضاعف أن شأنه والتحليل وتكوين اآلراء واختبار األفكار، كما ينمي فيهم روح التفكير اجلماعي والتفكير العلمي الناقد. فبالنسبة لهذا النوع من التفكير، فإن كل معرفة هي جواب عن سؤال، فإذا لم يكن هنالك سؤال، فال ميكن أن تكون هنالك معرفة علمية أبدا كما يقول باشالر. فالسؤال أو االستفسار هو ضمانة املتعلم ملعرفة الصحيح من اخلطأ، واستمرارها بشكل اطرادي سيدفع بهم نحو عدم القبول والتسليم باملعرفة العلمية كما هي، أو دون إجراء محاكمة عقلية ونقدية لها. هذه ناحية، والناحية األخرى فإن هذا والعلوم املعرفة لنظرية فهم تكوين على الطلبة يساعد واجلدل احلوار وتعلم شيء عن طبيعتها، وعن الكيفية التي يتوصل من خاللها العلماء

إلى معارفهم، فيذهب إلى تقدير جهودهم في تطور هذه العلوم.

على الطلبة بعض قدرات في حتسن وجود أيضا البيانات أظهرت كم بالبيانات واألدلة، وهذا التحسن العلمية املقنعة واملدعمة صوغ احلجة أثناء احلوارات التي كانوا يسوقونها لنوعية احلجج يعكس حالة مغايرة التي كانت تري في بداية هذه التجربة، حيث اتسمت حججهم في هذه

املرحلة بالضعف واالعتماد على احلد األدنى من البيانات والتبريرات.

سأعرض في هذا السياق نوعني من احلجج؛ حجج ضعيفة وأخرى قوية، لنموذج وفقا بتحليلهما وسأقوم الفيديو، شريط من مأخوذة وكلتاهما »توملن« في اجلدل العلمي، الذي يصف فيه العناصر األساسية التي ينبغي توافرها في أي حجة قوية؛ سواء أكانت في البيئات القانونية أم في ميدان هذا أن علما أدناه، الشكل في موضح هو كما وذلك العلوم، تدريس

النموذج ليس مثاليا لتقييم نوعية احلجج العلمية كما أشار توملن نفسه:1

مناقشة علمية استطاعوا خوض قد الطلبة أن الفيديو أظهر شريط وقد اآلخر أفكار متزيق الطرفني كال فيها يحاول مبحكمة أشبهها أن ميكن

وفروضه. كما سيظهر في هذا املشهد.

أعتقد أن موقفي بعد قراءة القصص لم يتغير، وما زلت أعتقد نادر: أنه ال توجد دالئل تقنعني بأن أغير رأيي.

ذوبان تفسر مباذا إذن وواقعية، ملموسة دالئل تريد كنت إذا عزيزة: اجلليد في منطقة القطبني؟

قدميا احلرارة، درجات في مستمر تغير التاريخ عبر هنالك نادر: ارتفعت حرارة األرض درجة مئوية واحدة ثم انخفضت، ثم درجات فيها ترتفع سلسلة أنها أعتقد اجلليدي. العصر أتى

احلرارة وتنخفض.أنت تقول إنه قدميا ارتفعت حرارة األرض ثم انخفضت بشكل تهاني:

طبيعي، لكن مباذا تفسر سبب ظهور ثقب قي طبقة األوزون؟تنتج كميات ضخمة من التي البراكني قدميا كان هنالك آالف نادر: الغازات املختلفة وبكميات أكبر مما تنتجه جميع السيارات على

األرض. ثم ما يدريك أيضا أن الثقب هو سبب االحترار؟تبني أن هنالك انقراضا لبعض احليوانات مثل الضفدع الذهبي، نسرين: هل لك أن تبني لنا ما هي أسباب انقراضه إذا لم يكن االحتباس

احلراري هو السبب؟أسباب بفعل انقرضت التي احلية الكائنات من العديد هنالك نادر: االحتباس بفعل تنقرض لم مثال فالديناصورات أخرى، احلراري. كما أن انقراض كائن في منطقة ما يساهم في وجود

كائن آخر بديل عنه.

محاولة فيه نقرأ واجلواب السؤال على القائم احلواري املشهد هذا إن من كال الطرفني لهدم واقع حالة ونقدها، ويدل من زاوية أخرى على ليس جوهره في اجلدل لكن املسألة، لفهم آخر معيار لديه السائل أن “فن طرح األسئلة بقدر ما هو سؤاال وجوابا بل هو كما قال جارودي وإذ احلق. التساؤل هو احلق فاجلدل عليها”، اجلواب إلعطاء طريقة نعتقد من خالل ما سبق أن املشاركني قد جنحوا في إثارة أسئلة متنوعة ذات صلة صحيحة باملوضوع حتى لو كانت مبعنى احلوار، فتتابعها على

QUALIFIERS

DATA CLAIM

REBUTTALWARRENT

BACKING

TOULMINS ARGUMENT PATTERN

Page 35: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

36

ف الثقافة العلميةمل

العام بينما في ،1992 العام أشد األعوام برودة بعد انخفضت 2005 كانت درجات احلرارة مرتفعة، ثم في العام 2007. السؤال هنا ملاذا ترتفع احلرارة ومن ثم تنخفض )البيانات( على الرغم من أن كمية اإلشعاع واألرض نفسها هي األرض إلى الداخل الشمسي )التبرير( مكانها؟ في والشمس موضعها تغير لم من هائال كما تصدر البراكني أن الطالبة أضافت ثم السيارات تنتجه مما أكثر الكربون أكسيد ثاني غاز اللوم على اإلنسان وحده؟ والطائرات، فلماذا نلقي

)دعائم النظرية(.إن سبب التغير املناخي راجع إلى االستغالل البشع من الطالبة عزيزة: الصناعية ألنشطته وكذلك البيئة، ملوارد اإلنسان قبل في الكربون أكسيد ثاني نسبة زيادة في تتسبب التي اجلو )اإلدعاء(. وحسب التقارير العلمية هذه النسبة، بدأت في الزيادة منذ الثورة الصناعية حتى وقتنا احلالي ... أمريكا وحدها تنتج حوالي %24 من مجموع ما اإلنسان استمر ما وإذا جميعا، األرض سكان ينتجه في االعتماد على الصناعة ستصل النسبة إلى 40 مليار طن سنويا )البيانات(، ثم أضافت أن غاز ثاني أكسيد الغازات احلابسة للحرارة )التبرير(، الكربون من أهم أن احمليطات والنباتات متتص غاز إلى أيضا وأشارت النظرية(، )دعائم حاجتها قدر الكربون أكسيد ثاني عن عاجزة أصبحت املطردة الزيادة بسبب لكنها

امتصاص هذا الكم الهائل )التعديالت(.

إن هذه احلجج التي ساقتها الطالبتان تختلف بشكل كلي عن تلك التي طرحتاها في بداية التجربة، سواء من حيث البيانات أو التبريرات املنطقية. وإذ نعزو هذا التحسن في نوعية احلجج إلى النشاطات االستقصائية التي خاضها املشاركون، وإلى مصادر البيانات املتعددة التي استخدموها في سياق عملية البحث والتحري العلمي لإلجابة عن السؤال البحثي املتعلق بطبيعة الظاهرة. لقد انبثق عن هذا االنقسام نشوء نوع من التنافس بني النظريتني، فبدا الطلبة منشغلني بحماسة في املمارسة البحثية وفي تميع باملقابل عن التي تعزز مصداقية نظريتهم، ويفتشون البيانات والدالئل

دالئل متكنهم من دحض النظرية األخرى وتكذيبها.

> اإلدعاء )Claim(: سؤال أو استنتاج يظهر على شكل قول قد يكون صحيحا أو غير صحيح.

التي تدعم البيانات واملعارف واحلقائق البيانات )Data(: مجموعة <اإلدعاء وتفعل اجلدل.

قد التي األسباب مجموعة وهو :)Warrants( التعليل أو التبرير <العالقة تبرر علمية، معطيات مبادئ، قواعد، شكل على تكون

القائمة بني البيانات واالدعاءات.> التعديالت )Qualifiers(: الظروف التي يعمل اإلدعاء في إطارها

بشكل صحيح.األساسية االفتراضات مجموعة :)Backing( النظرية دعائم <

واملنطقية التي عادة ما تكون محل إجماع وتوافق.فيها يكون التي الظروف :)Rebuttals( اإلدعاء مزاعم دحض <

اإلدعاء باطال وغير صحيح.

النوع األول: حجج ضعيفةكما أشرنا سابقا إلى أن مسيرة اجلدل قد بدأت من أرضية بال استنارة، فكان احلراري، االحتباس ظاهرة طبيعة حول تساؤالتهم من بدأت الطلبة أثناء النقاش يدلون بآراء واعتقادات غير مبررة أو مسندة ببيانات تدعم ادعاءاتهم وتقوي موقفهم منها، وهذا أمر ضروري من أجل بناء

حجة صحيحة فمثال؛

اإلنساني، الفعل نتاج احلراري االحتباس تقول الطالبة نسرين: فنشاطات اإلنسان وأعماله وممارساته من أهم

أسباب هذه القضية.

طبيعية احلراري االحتباس ظاهرة أن »أعتقد عزيزة: الطالبة وتضيف وبشرية، فقد كان هناك ارتفاع من قبل، وزاد

بفعل التطور اإلنساني«.

إن سبب اختياري للطالبتني نسرين وعزيزة وعرضي حلججهما الضعيفة طرأت التي التغيرات إلظهار وهادفا متعمدا كان التجربة هذه بداية في عليهما في هذا اجلانب. فقد وجدت من خالل مراجعتي لشرط الفيديو أنهما فقط من مجموع الطالب والطالبات قد استطاعتا تقدمي حجج أدعي أنها قوية، علما أن تلك احلجج لم تأت في سياق كامل ومرتب على النحو الذي ستظهر فيه، لكنها في الوقت ذاته متثل مجمل ما قالته الطالبتان في إلى فريقني، الطلبة انقسام أثيرت عقب التي العلمي سياق حلقة اجلدل اإلنساني. الفعل نتاج أنها يرى واآلخر طبيعية الظاهرة أن يدعي فريق وقد آثرت تميع ما قالته الطالبتان في سياق معني وبشكل يتالءم مع منوذج

»توملن« في اجلدل العلمي ليسهل علينا تقييم نوعية هذه احلجج.

النوع الثاني: حجج قويةيشهد األرض ومناخ طبيعي، بشكل تسير الظاهرة الطالبة نسرين: طبيعيا فترات ساخنة وفترات باردة. )اإلدعاء( بدليل أن األرض شهدت عصرا جليديا ثم أخذت درجات العام بأن احلرارة بعد ذلك باالرتفاع. وتضيف أيضا وأنا وبعده، قبله ملا بالنسبة باردا عاما كان 1992من كان 2007 العام أن )BBC( موقع على قرأت

Page 36: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

37

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

ففي كمثال. الضوء طبيعة ولنأخذ جديد. براديغم أو معرفي ملنظور ينظر كان نيوتن فيه عمل الذي البراديغم أو املفاهيمي النموذج إطار إلى الضوء على أنه ذو طبيعة جسيمية، يتكون من جسيمات متناهية في أن األولى حقيقتني، على التفسيري منوذجه في اعتمد حيث الصغر، الضوء يسير في خطوط مستقيمة، والثانية أن الضوء يتحلل عند مروره من معني نوع من منها كل يتألف عدة ألوان إلى زجاجي منشور في اجلسيمات، وهي تسير بسرعات مختلفة. لكن براديغم نيوتن عجز عن تفسير ظاهرة احليود واالنتشار للضوء، ما سرع بظهور منوذج تفسيري يد على املوجية النظرية في ومتثل اخلاصيتني هاتني تعليل استطاع آخر كريستيان هوينغز. فإذا سلطنا مصدرا ضوئيا على حاجز به ثقب، فإن الضوئية البقعة هذه اتساع ويزداد احلاجز خلف ستتكون ضوئية بقعة اعتمدها التي األولى احلقيقة يناقض وهذا الثقب. عن ابتعدنا كلما نيوتن في دعمه للنظرية اجلسمية، لكن نيوتن كان يرد بأن الضوء لو كان موجيا النعطف عند الظالل كما ينعطف الصوت عند احلواف ويصبح مسموعا. جاءت بعد ذلك تارب أكثر دقة تثبت انعطاف الضوء، وأنه ميتلك خواص موجية. ظل هذان النموذجان عاجزين عن تفسير سلوك الضوء، وأثقلت التناقضات كاهل النموذجني، إال أن تارب أينشتاين األخيرة قد أعادة احلياة مرة أخرى إلى النظرية اجلسيمية، لكنها لم تلغ الضوء أن خالله أثبت تفسيري منوذج وقدم أيضا، املوجية النظرية وأدى موجية طبيعة ذات وهي »فوتونات«، تدعى منفصلة جسيمات اكتشافه هذا إلى والدة حقل علمي جديد عرف مبيكانيكا الكم، الذي

يصف طبيعة تصرفات اجلسيمات األساسية في حياتنا.

املهم فيما طرح أن العلماء ال يقبلون النظريات العلمية كحلول للمشكالت يجادلون وال النقدية، واملناقشة والتفنيد للبحث إخضاعها عن مبعزل وضع الضروري من أن ونرى عاطفي. منظور من العلمية القضايا في النظريات مناقشة فرصة لهم تتيح فهي السياقات، هذه مثل في الطلبة العلمية، ويتعلمون في إطار هذه املناقشات كيفية تنسيق األدلة وتوظيفها ممارساتهم وحي من واستدالالت بدالئل مسندة علمية تفسيرات لبناء البحثية. ويبدو ذلك جليا خالل احلجج القوية التي عرضناها سابقا. فكال ببيانات ودالئل وليس دفاعا عاطفيا كما الطالبتني تدافعان عن نظريتيهما هو حال حججهن الضعيفة التي ظهرت سابقا. لكن في املقابل إذا أمعنا في »توملن منوذج مع مقارنة عمل وحاولنا القوية احلجج في جيدا النظر التي العناصر جملة من مفقودا عنصرا هنالك أن سنجد العلمي« اجلدل اقترحها للحجة القوية وهو »دحض مزاعم اإلدعاء«. وهذا يشير إلى أن يظهرن ولم نظرياتهن ينتقدن لم فهن لنظريتها، كل متحيزات الطالبات فيها يكون التي وتلك بشكل صحيح، اإلدعاء فيها يعمل التي الظروف وبتقديرنا اجلدل. أثناء إخفاءه تعمدن قد الطالبات أن ونعتقد باطال. كانوا أيضا العلماء أن يثبت العلم فتاريخ للطالبات. مبرر شيء هذا أن الرغم من وجود حجج وينتصرون إلدعاءاتهم على لنظرياتهم ينحازون علمية تدحض تلك االدعاءات. ولنأخذ نظرية الفلوجستون كمثال، فقد ظل أنصار هذه النظرية متمسكني بها دون براهني أو أدلة، ومنهم بريستيلي الذي ظل يعتقد بهذه النظرية حتى وافته املنية، على الرغم من كفاية األدلة العلمية التي قدمها الفوازييه، والتي أثبت من خاللها أن ال وجود لشيء أسمه الفلوجستون، وتوصل من خالل تاربه إلى نظرية جديدة قدم فيها تفسيرا منطقيا لعملية االحتراق، حيث اعتبر األخير ناتا عن احتاد كيميائي .)Thomas Kwon، 1978: 92( بني املادة احملترقة وغاز األكسجني

احلوار على قادرة أكون »لكي تأمالتها: في الطالبات إحدى تكتب مني يستدعي ذلك فإن العلمي، واجلدل والتأكد املعلومات عن والتفتيش البحث

من مصداقيتها«.يتعلق ما شيء عن أبحث كنت »عندما وكتبت طالبة أخرى: من بدافع عنه أبحث باملوضوع،

داخلي«.

إن ما عبرت عنه الطالبات يشير في الواقع إلى األهمية التي يحظى بها االستقصاء العلمي، ليس كطريقة في التعلم فحسب، بل أيضا كأسلوب لصياغة احلجة العلمية والبرهان املنطقي. فمن خاللها يستطيع الطلبة بناء وتطوير معارفهم الذاتية وتفسيراتهم اخلاصة التي مييلون من إطارها إلى ويتمكنون شأنها، عال مهما وتقييمها العلمية والنظريات املعارف نقد في ضوء ما استقصوه من بيانات ومعلومات من اتخاذ قرارات وحتديد يدرسون الذين الطالب بعكس بها. احلر االقتناع على قائمة مواقف مادة العلوم بشكل سردي بعيد عن منطق العمليات، حيث مييلون إلى االستسالم والتسليم باملعارف والقوانني والنظريات، ثقة منهم في سلطة املقنعة واحلجة البرهان بسبب وليس املدرسي، الكتاب وفي معلمهم

.(Thomas Kwon, 1978: 119)

بعض مواقف تغير هو األدلة، عن البحث عملية أثناء الفتا كان ما الطلبة من نظرياتهم التي كانوا يتبنونها في ضوء ما كان يستجد معهم من بيانات. فالطالبة نسرين مثال كانت تدعم فكرة أن الظاهرة فعل إنساني، ومن ثم تغيرت نظرتها إلى ذلك والعكس صحيح بالنسبة للطالبة عزيزة )قارن موقف الطالبات في احلجج الضعيفة والقوية(. ونبرر هذا التغير في املواقف إلى أن الطالبات ضمن النموذج املفاهيمي الذي يشتغلن عليه العلمي التحري فيها، قد ووجهن خالل عملية يبحثن التي النظرية أو وتفسيراتهن تصوراتهن مع وتتناقض تتعارض وبيانات مبعلومات األولية للقضية. ويبدو أن تلك التناقضات ظلت تتراكم إلى أن وصلت حد اإلشباع، األمر الذي أفضى إلى هذه الرؤية االنقالبية في املواقف، فاضطررن بذلك إلى استبدال النظريات التي اشتغلن عليها، لتتبنى كل منهن النظرية النقيضة، علما أن موقف الطالبات بشكل عام قد انحرف عن كلتا النظريتني عقب االنتهاء من املناقشة النقدية، حيث تولدت عنها نظرية جديدة احتوت النظريتني معا. وهذا ما أيدته أيضا نتائج االستبانة

النهائية التي سنتطرق لها الحقا.

السؤال هنا، كيف لنا أن نقرأ صيرورة هذا التحول والتنقل في مواقف الطلبة من النظريات التي تبنوها؟ وهل له ما يبرره من الناحية العلمية؟

وإن كان، فهل هنالك من شواهد عبر تاريخ العلم تدعم ذلك.

يتقدم العلم إن العلمية، الثورات بنية الشهير كتابه في كوون يقول القائم بالنظام تطيح ما عادة والثورة ثورية، صيرورة ضمن ويتطور وتستبدل مكانه نظاما آخر جديدا على نحو دراماتيكي. ويقصد كوون بالنظام؛ النموذج التفسيري، أو كما عبر عنه بـ«البراديغم«، ويرى من النتائج جملة عبر إال يتأتي ال آخر إلى براديغم من االنتقال أن جانبه التي تناقض النظرية أو النموذج أو التفسير السائد واملتفق عليه، بالتالي وجب تاوزه والتخلي عنه لصالح منوذج تفسيري آخر يكون مبثابة بداية

Page 37: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

38

ف الثقافة العلميةمل

املوقف الثاني:حاولت الطالبة دعاء مرة أخرى خالل اجلدل العلمي االستعانة بآية من البحث، الظاهرة موضع الكرمي كدليل على تورط اإلنسان في القرآن األكبر العذاب دون األدنى العذاب من »ولنذيقنهم تعالى قال دعاء: لعلهم يرجعون(. وقد ادعت الطالبة من خالل تفسيرها لهذه اآلية، أن ظاهرة التغير املناخي مبا حتمله من تلوث وغالء وبالء إمنا هي إنذار من الله، ونوع من العذاب األدنى. لكن زميلتيها كفا وعزيزة ملا تذهبا هذه الطالبات إدراك إلى املواقف التغير في نعزو هذا تأييدها. وإذ املرة في لطبيعة املعرفة العلمية ومدى قابليتها للتشكيك والطعن والتغيير بعكس إشكالية، ليست ألنها تنمو، ال ثابتة فهي الراسخة، الدينية العقائد رهافة في الزيادة مستوى على وتقدمه منوه يرتهن الذي العلم بعكس

إشكالياته وعمقها.

على نحكم أن يجوز وال والتبديل، للتغير قابل »العلم كفا: عبارة االحتباس ظاهرة أن لنفترض الطريقة، بهذه األشياء خطأ على القرآن سيكون هذا بوصفك وخيال، وهم عن

وهذا مستحيل«.إبعاد أفضل لكنني اإلسالمي، الدين وأحترم مسيحي »أنا عيسى: ألنها العلمية األمور عن اإلسالم أم املسيحية سواء الدين؛ تتغير بعكس الدين ... . أنا أستطيع أن أرجع إلى الكتاب إذا الفائدة ما لكن علمية، أمور على أدلة وأجد املقدس

طرحتها كأدلة على أناس ليسوا مسيحيني أو مدينني«.باالحتباس وربطها الشكل بهذا اآلية تفسير أن »أعتقد عزيزة: احلراري غير منطقي ... لنفترض أننا نتناقش مع عالم غير مسلم حول قضية االحتباس احلراري، أعتقد أن من الصعب إقناعه بوجهة نظرنا إذا قدمنا أدلة من الدين الذي هو ال يؤمن يفهم الذي باألسلوب نناقشه أن األفضل من أن وأرى به،

وهو منطق العلم.

ضمن ينتظمان والدين العلم من كال أن والباحثني العلماء بعض يرى منهجني متباينني ال مجال ملقارنة أو مقايسة أحدهما باألخر، فلكل منهما حقله اخلاص، فإذا كان مجال العلم هو الطبيعة وهدفه فيها إدراك وتعليل ظواهرها وكذا حتليل أطرها عبر احلس والعقل، فإن مجال الدين هو الله وهدفه التقرب إليه عبر النصوص املقدسة التي نزل بها الوحي. في سياق هذا التصور، فإن العلم والدين يتمظهران في شكلني مستقلني من أشكال لها يتسع نفسية ال اإلنساني وأخرى العقل قوامها فيزيائية احلياة، حياة الوجود الفيزيائي وهي حياة املشاعر والتأمل الروحي واالبتهال إلى الله. أم اللغة صعيد على سواء املنهجي؛ التباين بهذا والدين العلم أن طاملا األهداف والطرائق، إذن فليس هنالك أي تناقض بينهما، وإن كان فهو تناقض ظاهري سطحي راجع إلى االختالف في طبيعة كل منهما، فإذا البشرية في الدينية التجربة الدينية هي محاوالت لوضع »العقائد كانت التي احلقائق لوضع محاوالت هي العلمية العقائد فإن محددة، صيغة تكتشفها احلواس في قوانني مقبولة« كما يقول )whitehead(. ويرى أينشتاين من جانبه أنه ال ميكن أن يكون هنالك تضاد بني الدين والعلم، فعالقة العلم مع الدين فالعلم بال دين أعرج، والدين بال علم أعمى”. فيما واجلمال، األخالق نحو العلم الدين فيها يوجه تبادلية عالقة هي

مينع العلم الدين من النزوع نحو عالم البدع واألساطير والوثنية.

مواقف نتجت أثناء فعل اجلدل

ليست بينهما العلم والدين، وهذه اجلدلية قائمة بني ثمة عالقة جدلية كانت ولطاملا بعيد. أمد منذ قائمة هي بل والطارئ، اجلديد بالشيء عالقة العلم بالدين موضع نقاش ونزاع بني العلماء والفالسفة ورجال الدين. إن هذه اجلدلية قد انسحبت إلى جلسات احلوار والنقاش خالل مسبق. تخطيط ودون عفوي سياق في تأتي وكانت التجربة، هذه سأورد هنا موقفني متباينني أخذا من شريط الفيديو ويظهر فيهما تفاعال الطالبة بها تأتي كانت التي الدينية املعرفة مع واملعلمني للطلبة مختلفا التغيرات أن فيها تثبت تسويقها كحجج ودالئل علمية دعاء، وحتاول

املناخية احلاصلة قد تنبأ بها القرآن والسنة من قبل.

املوقف األول:مروجا العرب بالد تعود حتى الساعة تقوم دعاء: “قال )ص(: ال وربطته احلديث الطالبة فسرت وقد وأنهارا”. بالتغير املناخي من خالل إدعائها أن جزيرة العرب النفط هذا وأن بالنفط، غنية صحراوية منطقة الغابات. حتلل بفعل تكونت عضوية مادة أصله ما اجلارية املناخية التغيرات أن الطالبة وافترضت هي إال إجراء متهيدي ألن تعود هذه املناطق غابات

خضراء كما كانت.

لقد خلق هذا احلديث والتفسير سجاال بني الطالبات وإحدى املعلمات التي أبدت اعتراضها على محاولة ربط املعرفة العلمية باملعرفة الدينية.

“عند احلديث عن األشياء العلمية أفضل أن أفصل الدين املعلمة رندة: عليه للتدليل أذهب وال إنساني فعل العلم ألن عنها، تلك بأن أحيانا أشعر أنني كما مثال، القرآن من بآيات

اآليات هي فوق مستوى اإلدراك والتفسير العقلي”.“أنا ال أستطيع أن أفصل العلم عن الدين، وأرى أن العلم عزيزة:

مكمل للدين”.القضايا من كثيرا وأن خصوصا عزيزة، مع أتفق “أنا كفا: من القرآن في وردت قد حديثا اكتشفت التي العلمية

قبل”.

للتغير قابل إنساني فعل هو العلم أن من املعلمة ادعته ما أتفهم إنني فعال أيضا يعد كممارسة الدين أن أرى املقابل في لكنني والتبديل، بها يتم التي الكيفية في هو اآلخر عن أحدهما مييز ما لكن إنسانيا، الذي مييزه العلمية. فلكل منهما منهجه اخلاص، املعرفة إلى الوصول وال والتكذيب التجريب الختبارات يخضع مثال فالعلم اآلخر، عن شيء فيه محصنا ويتسم بالقداسة. كما يشترط فيه أيضا الثبات املنطقي الداخلي. فتفسيراته يجب أن حتظى بقبول مختلف فروع العلم األخرى. والتكذيب، للتجريب قابل غير فهو الدين، يكون ذلك عكس وعلى وال تخضع نصوصه املقدسة ملنطق السؤال العلمي، “فالدين مبني على أساس اإلميان املطلق الذي ال تساؤل فيه” على حد تعبير لويس وولبرت

.(Lewis wolpert, 1993: 74)

Page 38: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

39

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

واملعطيات العقلية دون معطيات حسية جوفاء، »املقوالت كانط يقول بالتالي، فإن كل معرفة أو نظرية احلسية دون مقوالت عقلية عمياء”. علمية تتضمن أصوال عقلية وتريبية، فال تكون التجربة ممكنة احلدوث هذا وحتى احلس. معطيات تنظم على قادر عقل هنالك يكن لم ما بات معا، آن في تريبية عقالنية املعرفة أن يفترض الذي االتاه حتوالت العلم شهد أن بعد السيما تأهيل، إعادة إلى وبحاجة قاصرا أبستمولوجية عميقة، انتقل فيها الواقع املادي من اإلطار املاكروسكوبي الدقائق عالم إلى واحملسوس املجرد العالم ومن امليكروسكوبي، إلى مباشرة غير عوالم أمام نقف أصبحنا بالتالي الصغر، واملتناهي املعقد يصعب وصفها، وأكثر ما يستطيع العلم تقدميه في هذا اجلانب هو بناء مناذج تقريبية لتسهل عملية الفهم والتفسير، كنموذج نيلز بور الذري، ذرة ومنوذج ،)DNA( جزيء بناء في وكريك واطسون منوذج أو البنزين. لذلك يشهد العلم نزوعا نحو تاوز املسار اخلطي املتبع لعملية اإلنتاج املعرفي، الذي يبدأ باملالحظة ومير بصياغة الفروض والتجربة، وصوال إلى التفسير والنتيجة، ليأخذ اإللهام والتأمل واخليال واحلدس

موقعه ضمن هذا املسار.

هل تعتقد أن املعرفة العلمية املوجودة في الكتب املدرسية قد تتغير في املستقبل؟ وضح ذلك.

متاثلت إجابات الطلبة حول هذا السؤال، حيث أجمعوا على أن املعرفة العلمية هي متغيرة وليست حقائق مطلقة، وقد دلل بعض الطلبة على كثير في إغفاله يتم الذي التاريخ هذا العلم. تاريخ من بأمثلة ذلك أثناء تدريسنا للعلوم. كما أن هذه اإلجابات تعكس حالة من األحيان مغايرة لتلك التي حملتها الطالبات إزاء املعرفة العلمية في بدايات هذه التجربة، حيث عبرت الطالبة روان عن التالي: »املعرفة العلمية متغيرة وغير ثابتة، فالعالم الذي قال إن األرض مركز الكون مت تعديل نظريته، أحيانا مثلنا يصيبون بشر فالعلماء الكون. الشمس هي مركز أن وقيل ما كل تصديق عدم علينا يجب بالتالي، أخرى. أحيانا ويخطئون يقولونه«. كما أشارت الطالبة تهاني إلى أن املعارف العلمية يتم إنتاجها وفق ظروف خاصة، وال تكمن علميتها إال مبقدار انطباقها على الواقع على بناء املعرفة إلى يتوصلون »العلماء بالفعل عليه هو مما قريب أو مواقف وحاالت وظروف معينة، فيمكن لهذه الظروف أن تتغير وتتغير

معها تلك املعارف«.

أصول تبيان من علوم كمعلمي لنا بد ال البيداغوجي الفعل سياق في تطوراتها تظهر قصصية حبكة سياق في وتقدميها العلمية املعارف العلم تقديس رفض نحو الطلبة سيدفع بالضرورة وهذا التاريخية، واعتبار املعرفة صيرورة دائمة احلركة ولها تاريخ، هذا التاريخ ليس خطا واصال بني نقطتني، إنه تاريخ التواءات وتعرجات ثورات وصراعات، عن عبارة هو العلم فتاريخ وتصويبات. أخطاء وهزائم، انتصارات أفكار تصحح أخطاءها باستمرار كما يقول بوبر. لذا جند من الضروري أن نولي تاريخ املعرفة اهتماما خاصا، ألنه من جانب قد يشكل مصدر صلة ذات تكون ال قد جديدة أشياء اكتشاف في للطلبة بالنسبة إلهام مبحتوى الدرس ومضمونه من جانب، ومن جانب آخر يتعرف الطلبة على أصول املعارف العلمية والسياق الذي نشأت وتطورت فيه، والذي

يعكس في الوقت ذاته مسيرة تطور الفكر اإلنساني بكليته.

حتليل نتائج االستبانة

مت تقدمي هذه االستبانة للطلبة قبيل إجراء املناقشة النهائية التي متحورت حول انطباعاتهم املتعلقة بطبية العلم وموضوعية املعرفة العلمية، وذلك الدراسة، لها توصلت التي وواقعيتها النتائج دقة اختبار إعادة بهدف علما أن هنالك بعض البنود التي وردت في االستبانة لم يتم التطرق لها

خالل هذه التجربة.

وقوانني،ونظريات. مبادئ، من العلمية املعرفة بإنتاج العلماء يقوم يقوم كيف ترى الدراسية. الكتب في موجود املعارف هذه وبعض

العلماء بإنتاج مثل هذه املعارف العلمية؟

السؤال حول دور املالحظة والتجربة الطلبة عن هذا متحورت إجابات من فمنهم العلمية. املعارف إلى العلماء خاللها من يتوصل كطرائق يتم املعارف بأن ادعوا وآخرون الصحيح الطريق هي التجربة إن قال احلصول عليها عن طريق املشاهدات اإلمبريقية، فيما ذهب طرف ثالث فكتبت الصدفة. اكتشافها مبحض املعارف مت من كثيرا إن القول نحو

الطالبة روان التالي:

التجارب إجراء طريق عن املعارف هذه بإنتاج العلماء »يقوم واالختبارات على املوضوع الذي يتبناه العالم، وبعضها يتم اكتشافه عن طريق الصدفة ودون تخطيط، فنيوتن عندما اكتشف اجلاذبية كان جالسا

حتت شجرة«.

الظواهر في والتفكير والتأمل املشاهدة طريق »عن دعاء: وعبرت الطبيعية«.

وأجابت نسرين: »العلماء ينتجون املعرفة من خالل مالحظاتهم الدقيقة وقدرتهم على فهم وتفسير هذه املالحظات«.

صحيح أن كثير من املعارف العلمية التي توصل إليها العلماء هي معارف إمبريقية حسية، لكن ذلك ال يعني أن نغالي باحلس ونغفل دور العقل لكنه التفاحة، سقوط شاهدوا نيوتن قبل فاملاليني إليها، الوصول في لذا، السقوط. إدراك معنى النافذة ببصره وبصيرته استطاع وحده من

Page 39: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

40

ف الثقافة العلميةمل

مثل لها، تطبيق إلى للوصل املفاهيم فهو عبارة عن ربط ملجموعة من قانون السرعة، حيث نحتاج حلساب السرعة إلى املسافة والزمن، وهو قابل للتطبيق على أرض الواقع، من خالل تربة تثبت دقته”. وعلقت الطالبة كفا في إجابتها أيضا على أن “النظرية العلمية تفسر لنا الظواهر التي نشاهدها وتقدم لنا حلوال للمشاكل، أما القانون فهو دليل وبرهان

من الواقع.

من ينبثق العلمي القانون أن إلى إشارات الطالبتني إجابات في نلمس فيما به تطرقن ما عكس على التجربة، نتائج وتؤيده واخلبرة الواقع يخص النظرية، حيث ربطتا نشوء النظرية العلمية باملالحظة واملشاهدة اإلمبريقية. وهذا صحيح في جانب منه، لكن النظرية من زاوية أخرى تعتمد بدرجة كبيرة على اخليال واحلدس واإللهام إلى جانب معطيات حول تدور وهي األرض ير لم مثال فكوبرنيكوس وتفاصيله. الواقع احلواس كل به قهر الذي عقله على أساسي بشكل واعتمد الشمس، التي حاولت تضليله وإبعاده عن فكرة مركزية الشمس ودوران األرض حولها )الكاللدة وآخرون: 67(. أما اجلانب األقوى يتعلق مبا طرحته للمشكالت. حلوال لنا تقدم العلمية النظريات كون في كفا، الطالبة السببية. مبعنى أن لكل فالعلم أساسا مبني على املشكالت وعلى مبدأ مشكلة سببا، وفي سياق عمليات البحث والتحري عن تلك األسباب على تأطيرها يتم التي املنطقية والتبريرات املرحلية احللول ابتداع يتم شكل قوانني ونظريات تخضع بالضرورة لعمليات فحص وتفنيد، نقد ومحاججة عقالنية من قبل العلماء قبل اعتمادها، وذلك لتحديد قوتها فالنظريات األخرى، النظريات مع واتفاقها اتساقها ومدى التفسيرية popper,) املشكالت لتلك ومبدئية مؤقتة حلول إال هي ما العلمية

.(1997: 189

ما هو الفرق بني املعرفة العلمية والرأي العلمي؟ وضح ذلك.

والرأي العلمية املعرفة بني التمييز عام بشكل الطالبات استطاعت العلمية هي إجابات مقنعة عن املعرفة أن العلمي، حيث أجمعن على األسئلة التي يواجهها العلماء، ويتم التأكد منها خالل عمليات البحث واالستقصاء العلمي. كما أشارت بعض الطالبات إلى أن املعرفة العلمية أكثر صدقا وثباتا وقابلية للتعميم من الرأي العلمي. وذلك ألنها تستند الرأي بعكس العلماء، جمهور قبل من عليها متفق وبراهني أدلة إلى

افرض/ي أنك ذهبت إلى بائع زهور، ورأيت على الرف عبوة زجاجية مكتوبا عليها “سائل يجعل نباتاتك تنمو بسرعة كبيرة - جربه اآلن!”. كونك كنت زرعت نباتات من قبل، بالتالي هل تشك باالدعاء املكتوب.

فكر/ي بتجربة متكنك من فحص هذا االدعاء.

إجاباتهن في واتهن اإلدعاء هذا صحة في شككن الطالبات غالبية القرار، ولعل قبل إصدار احلكم واتخاذ العلمي التفكير نحو توظيف في كبير بشكل ساهمت قد التجربة هذه خالل نفذت التي األنشطة حتفيز النظرة الناقدة لدى الطلبة إزاء ما يقرؤون ويسمعون، وأن يكونوا ما، قضية حيال قرار باتخاذ األمر يتعلق حني علمية رؤية أصحاب متارس ما غالبا رنانة وشعارات عناوين حتت تأتي التي تلك السيما سلطتها على عقولنا، وتذهب بتفكيرنا نحو السذاجة والفضول. لقد اتباعهن إلى تشير التي اإلجراءات من مجموعة الطالبات اقترحت والتأكد من صدقها. املزاعم، تفنيد هذه في العلمي البحث خطوات

فكتبت إحداهن التالي:

“مبا أنه بائع زهور، أحضر نباتني من نوع الزهور نفسه، واترك أحدهما على حاله بشكل طبيعي وأجرب السائل على النبات اآلخر، وأالحظ

الفرق، وبهذه الطريقة أثبت صحة هذا اإلدعاء”.

إن هذا النمط من التفكير مياثل إلى حد ما تفكير العلماء وإجراءاتهم التي يتبعونها في تاربهم، كتجربة كلود برنارد مع األرانب ولويس باستور ودودة القز، وتارب مندل على نبات البازيالء، الذي مكنهم في النهاية عليها، واخلروج يشتغلون التي العلمية القضايا التحقق من صدق من

من تاربهم بنتائج أكثر دقة وموضوعية.

هل يوجد فرق بني النظرية العلمية والقانون العلمي؟ وضح ذلك من خالل أمثلة.

لم تتطرق الطالبات إلى فروقات جوهرية بني النظرية العلمية والقانون العلمي؛ سواء من حيث الثبات والتطبيق أم القدرة على التنبؤ والقابلية للتعميم. وقد حصرن إجاباتهن في وظيفة النظرية من حيث قدرتها على قبيل من علمية نظريات على أمثلة وأعطني الطبيعية، الظواهر تفسير نظرية دالتون الذرية االنفجار العظيم، ونظرية كوبرنيكوس. فريق آخر من الطالبات انطوت إجاباتهن على فهم ورؤية خاطئة للقانون العلمي، حلل يستخدمونها وحروف وعالمات رموز مجرد أنه على له فنظرن على وقدرتها بالواقع ارتباطها حيث من القوانني وليست ما. مسألة رموز إما العلمي “القانون أن الطالبات إحدى كتبت فمثال متثيله. وإما إشارات وإما حروف )القاعدة( التي نستخدمها للوصول إلى حل وأضافت أخرى “إن القانون العلمي عبارة رياضية نستخدمها معني”.

حلل مسألة ما”.

طالبتان فقط من مجموع الطالبات حاولن االقتراب من مفهوم النظرية املغالطات بعض تضمن التي الفروقات بعض إلى وأحملن والقانون، التي نرغب في تبيانها. فكتبت الطالبة عزيزة مثال أن “النظرية عبارة عن تفسير ملجموعة من املالحظات والظواهر الطبيعية التي حتدث من حولنا القانون أما علمي. أساس على تفسيرها ومحاولة معني، ظرف في

Page 40: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

41

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

التجربة، هذه خالل تطورن أنهن الطالبات سجلته ما خالل من يبدو البعض املعرفة، بحيث أصبح لدى وتغيرت كثير من معتقداتهن حول باملصلحة وربطها العلمية باملعرفة والتشكيك النقد على املقدرة واأليديولوجيا. وقد أرجعت الطالبات هذه القدرة إلى حلقات احلوار واجلدل التي كانت تدور في هذه التجربة. وهذه بعض االقتباسات التي املعتقدات “ما هي التالي: السؤال لهن الطالبات عندما وجهت كتبتها التي كنت حتملها عن املعرفة العلمية وتشعر بأن تغيرا قد طرأ عليها خالل

هذه التجربة؟ وضح ذلك”.

ما يعرف بالشك في بعض األمور التي لدي “أصبح عزيزة: رأي إلى التوصل دائما وأحاول بصحتها، اقتنع ال بالنسبة لي كما أكتشف أيضا أن كل شخص منطقي

لديه معرفة في داخله”.إن احلوار طريقة رائعة في التدريس، وهو ما ينقصنا وأضافت الطالبة: في املدرسة، وقد تعلمت من خالله طرقا جديدة في القدرة لدي أصبح وذاك هذا من واألهم التفكير، على إيصال وجهة نظري إلى اآلخرين بطرق سليمة

حتقق مبتغاي.لي هي املوجودة في الكتب، بالنسبة املعرفة “كانت روان: للمعرفة نظرتي أصبحت املشروع هذا في لكن اإلنترنت مثل مختلفة مراجع في وأبحث مختلفة، كما أصبحت أيضا أبحث عن حقائق األمور واألشياء

التي أشك بها”.ميكن وال ثابتة العلمية املعرفة أن أعتقد “كنت كفا: الفكرة هذه فتغيرت اآلن أما بها، التشكيك وأصبحت مقتنعة بأن املعرفة قابلة للتغير والتعديل، ويجب التشكيك بها، ألن الشك يجلب معه اليقني. ومن األشياء التي أعجبتني أنه عندما كنت أبحث عن شيء ما يتعلق باملوضوع، كنت أبحث عنه بدافع من

داخلي وليس من أجل العالمات”.كثيرة، منها البحث أشياء التجربة من هذه “تعلمت دعاء: التي ال الشك نحو األشياء املعلومات، وتوجيه عن نقتنع بها وليس التسليم بها، وأن تكون املعرفة العلمية في املدرسة عن طريق اجلدل واحلوار وليس عن طريق بآرائنا التمسك من متكننا الطريقة هذه ألن التلقني نفسه الوقت وفي صحيحة، كانت إذا بها والوثوق ومحاولة أفكارهم طرح عند اآلخرين آراء احترام

تغيير مواقفنا إذا اقتنعنا بأنها غير صحيحة”.

خامتة وتوصيات

لقد وجدنا من خالل هذا البحث اإلجرائي، وعبر ما تطرقنا له من نتائج في هذه التجربة، أن تغيرا قد طرأ على معتقدات املشاركني فيما يتعلق بطبيعة املعرفة العلمية، فبعد أن كان الطلبة ينظرون إلى األخيرة على أنها معرفة ثابتة ومحصنة مبا يكفي ضد النقد والشك، أصبحوا ميوضعونها للتغير قابليتها مدى إدراك من مكنتهم ونقدية حتليلية رؤية إطار في والتبديل من جانب، وأنها ليست منعزلة عن املصالح الذاتية والسياسية

الذي ال ميثل إال صاحبه. وللتدليل على ذلك أقتبس بعضا من إجابات الطالبات.

منها التحقق ويتم العلماء، أسئلة عن ناتة العلمية »املعرفة دعاء: إلى وبالرجوع واالستقصاء، البحث عمليات طريق عن مجرد فهو العلمي، الرأي أما مقنعة. وهي متنوعة مصادر

قول يقتنع به صاحبه دون أن يقتنع به اآلخرون«.املعرفة أما خاطئا، أو صائبا يكون أن ميكن العلمي »الرأي تهاني:

فهي مكتسبة من دالئل وبراهني«.ثابتة وتكون اآلخرين، بني مشترك شيء العلمية »املعرفة أفنان: فيه عن وجهة العالم ويعبر فيقوله الرأي أما بشكل مؤقت،

نظره دون أن يتقيد بنظرية شخص آخر.

اتفق العلماء على أن األرض تشهد ارتفاعا في درجات احلرارة، لكنهم يعتقد فالبعض بينهم حول سبب هذا االرتفاع. فيما ما زالوا مختلفني الفعل اإلنساني وأنشطته الصناعية املختلفة، والبعض نتاج الظاهرة أن

اآلخر يعتقد أنها نتاج لدورة األرض الطبيعية.

ما هو رأيك في هذه القضية؟ وضح إجابتك.

فيها تسبب قضية هي العاملي االحترار ظاهرة أن على الطلبة أجمع ذلك، في الطبيعة دور يستبعدوا لم ذاته الوقت في لكنهم اإلنسان، حيث عبرت بعض الطالبات عن أن األرض شهدت في مراحل سابقة الفعل أن إال الطبيعية، لدورتها تبعا ساخنة وأخرى باردة فترات

اإلنساني قد فاقم هذه الظاهرة وأخرجها عن سياقها الطبيعي.

هل أنت متفاجئ من اختالف العلماء في حتديد سبب ظاهرة االحتباس يستخدمون املجال هذا في العلماء جميع أن املعروف فمن احلراري؟ العلماء لتفسير سبب ظهورها. كيف ميكن أن يستخدم البيانات نفسها

البيانات نفسها ومع ذلك يتوصلون إلى نتائج مختلفة؟ وضح ذلك.

متايزت إجابات الطلبة عن هذا السؤال، حيث عبر فريق من الطلبة عن مبررين الظاهرة، سبب حتديد في العلماء اختالف من تفاجئهم عدم لهم وكذلك والبحث، التفكير في اخلاصة طريقته عالم لكل أن ذلك أدواتهم املتمايزة في الدقة، التي متكنهم من الوصول إلى املعلومات التي في ضوئها يتم حتديد النتائج، حيث كتبت إحدى الطالبات في إجابتها وطرائقه فيها يعمل التي بيئته له شخص كل ألن متفاجئة، لست “أنا اخلاصة في التفكير التي تعطيه أدلته وبراهينه التي تثبت صحة كالمه”. الطالبات أبدى عدم رضاه عن هذا االختالف، وشكك فريق آخر من دقيقة موضوعية معلومات إلى الوصول على العلماء قدرة عدم في يشهده الذي الكبير التطور هذا بعد السيما القضية، هذه سبب تظهر العلماء، يكون مشتركا بني جميع أن فما هو موضوعي يجب العلم، “أن العلماء يستخدمون معدات تكنولوجية حيث ادعت الطالبة عزيزة إلى معلومات مشتركة الوصول الذي مينعهم من حساسة ودقيقة، فما بناء قراراتهم يبنون رمبا الصناعية الدول في العلماء أن بتقديري ...على السياسة واالقتصاد، فيأخذون جانبا معينا من البيانات ويتركون ما

يتعارض مع مصاحلهم ومصالح الدولة”.

Page 41: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

42

ف الثقافة العلميةمل

في احملتوى والتخصص.

على الرغم من أن هذه التجربة قد عاجلت معظم املعتقدات اخلاطئة عند الطلبة التي مت الكشف عنها خالل اللقاءات األولى، والتي في إطارها متت صياغة مجموعة األهداف التي سقناها آنفا، فإنه كان بإمكاننا الظفر العلمية، العلوم واملعرفة إدراك طبيعة مبزيد من اإلجنازات على صعيد للتجريب قابلة التجربة عليها اشتغلت التي القضية كانت لو فيما التجربة أغرقت فقد اجلانب، هذا لفقدان ونتيجة املباشرة. واملالحظة من خالل مجموعة األنشطة في التركيز على دور العقل في بناء املعارف احلجج وبناء النتائج، واستخالص التساؤالت، كطرح وإنتاجها، والرأي العلمية املعرفة بني واملقارنة العلمي، واجلدل والتفسيرات، العقل. إلى تنسب نشاطات في مجملها وتلك إلخ، الشخصي ... فيما أغفلت تلك األنشطة اجلانب اإلمبريقي احلسي وعالقته بصيرورة اإلنتاج املعرفي. لذا أعتقد ومن خالل نتائج االستبانة التقييمية األخيرة، أن هنالك مؤشرات ومجموعة من االستدالالت التي ميكن في ضوئها تظهر طبيعة تعليمية أنشطة أو تارب على ظواهر طبيعية بناء مستقبال

العلوم اإلمبريقية والعقالنية في آن معا.

فقد نفسه، الوقت في ومعلم كباحث الشخصي املستوى وعلى عملت هذه التجربة على إثراء مخزوني املعرفي في مجال التخصص، وكذلك تخصصاتهم، اختالف على وتدخالتهم املعلمني فمشاركات الباحثني والطلبة، كانت تخلق جوا من التفاعل النشط بني هذه األطراف وبشكل يسمح بتبادل األفكار واخلبرات. كما كانت هذه التدخالت تنزع في كثير من األحيان نحو مناقشة بعض املواقف الصفية وسبل حتسينها أدائي مستوى على إيجابي بشكل انعكس الذي األمر وتطويرها، الوظيفي. كما أنني أصبحت أكثر إميانا ووعيا بأهمية البحث اإلجرائي، ليس فقط في تقييم ونقد ممارساتي الصفية وتطويرها فحسب، بل أيضا التعلم من الطلبة في التي يرغب في حتديد األساليب واإلستراتيجيات خاللها، وكذلك اإلجراءات التي ينبغي أن أقيم بها أداءهم الصفي، فقد استنتجت من خالل هذا البحث أن أساليب التقييم التقليدية واملتمثلة في نتائج دقيقة. التحصيلية هي إجراء غير منصف وال يعطي االختبارات االعتبار بعني تأخذ أخرى، تقييم إجراءات ذلك جانب إلى وأقترح

قدرتهم على احلوار، واملناقشة، ونقد املعرفة.

توصيات: > تكرار مثل هذه التجارب مع األخذ بعني االعتبار العمل على ظواهر والطلبة املعلمني من أكبر عدد وإشراك والتجريب للمالحظة قابلة

فيها.التي املتغيرات أثر لتحديد صفيا، املشاركني والطلبة املعلمني متابعة <

حتدثها مثل هذه التجارب.> تعميم هذه التجربة وعرض نتائجها عبر الصفحة اإللكترونية ومجلة واأليام املؤمترات ضمن عنها للحديث املجال وإتاحة تربوية، رؤى

الدراسية التي يعقدها املركز.> العمل على تطوير قدرات املعلمني في استخدام اجلدل العلمي وتوظيفه

صفيا.البحث مناهج على املعلمني بتدريب يعنى خاص مساق تقدمي <

اإلجرائي.

بالدرجة التغيير هذه جاءت إن دوافع واأليديولوجية من جانب آخر. األولى نتيجة للمناخ احلواري الذي أتاح للطالب فرصة التفاعل واملناقشة واحلوار الدائم مع زمالئه املتعلمني ومع املعلمني والباحثني املشاركني في لالختالف فرصة احلوار على املبني التعلم في وجدنا وقد التجربة، واالعتراض وتعدد اآلراء وليس االتفاق أو اخلروج برؤية موحدة حول املوضوعات التي كانت تطرح. كما أن مشاركة املعلمني الطلبة في احلوار مدارسنا، أغلب في املتبعة التقليدية الترسيمات كسر في ساهمت قد فنوعية اخلطاب بدت مغايرة ملا هو سائد ومألوف وتوفرت فيه مساحة من السابقة، معارفهم استحضار على الطلبة إمكانات فيها تعززت احلرية

وتوليد األفكار وطرح التساؤالت التي كانت تثري هذا احلوار وتغنيه.

مت توظيف أنواع متعددة من أساليب التعلم خالل هذه التجربة، واعتمدنا بشكل رئيسي على توظيف منهجية الشك نظرا للمعتقدات التي حملها أن هذه إليها سابقا، وقد وجدنا تطرقنا التي العلمية املعرفة إزاء الطلبة الطريقة تعزز وتنمي في الطلبة مهارة التفكير العلمي الناقد وتثير دافعيتهم نحو ممارسة عمليات العلوم كالبحث واالستقصاء، وهذا ينعكس بشكل إيجابي ليس على إدراك الطلبة وفهمهم لطبيعة املعرفة العلمية فحسب، الطالبة أشارت فقد للحياة، كطريقة استخدامه على أيضا ينسحب بل عزيزة إلى أنها جلأت في أكثر من مناسبة الستخدام االستقصاء كطريقة الطالبة، ذكرت كما مرة فذات األمور، بعض مصداقية من للتأكد أصيبت قد املسلسل بطلة أن التلفزيونية، املسلسالت أحد تتابع وهي عن والبحث اإلنترنت استخدام إلى بذلك فاضطرت عضال، مبرض أسباب ومسببات هذا املرض ودرجة خطورته. على هذا النحو يتجاوز االستقصاء العلمي دوره كأسلوب لتنفيذ بعض األنشطة واملواقف الصفية

إلى إمكانية استخدامه وتوظيفه ضمن مواقف حياتية حقيقية.

وجهة فمن عدة، محاذير على تنطوي املقابل في الشك منهجية لكن في اإلغراق أن وجدنا التجربة، لهذه معايشتنا خالل ومن نظرنا الطلبة، فما بنتائج سلبية على استخدام الشك صفيا من شأنه أن يعود ساور الطالبة روان من شك نتيجة حصولها على بيانات متناقضة حول الظاهرة ورفضها االنضمام إلى حلقات اجلدل كان مؤشرا على ذلك، أن للطلبة يظهر أن الطريقة هذه يستخدم حني املعلم على ينبغي لذا الشك هو مجرد خطوة في عملية التفكير ويقود إلى معرفة أكثر انضباطا وموضوعية. صحيح أن التناقض في املعلومات والبيانات قد يولد حالة من اإلرباك والالاتزان عند الطلبة، لكننا نرى فيه من زاوية أخرى أمرا هذا في وجدنا فقد بناءة. بطريقة واستغالله ضبطه أمكن إذا محمودا العلمي واجلدل احلوار تفجير في حاسما وعامال قويا حافزا التناقض منها قدمنا جزءا التي انطباعاتهم كثير من في الطلبة الطلبة، وعبر بني املعلم يتعني على لذا الطريقة. بهذه العلوم تعلم في يرغبون أنهم عن في استمراره في ويرغب صفيا العلمي اجلدل الستخدام يعمد الذي من ألنها املتناقضات، هذه بني تهدئة عالقة يقيم ال أن احلصة إطار وبناء الفروض وفرض التساؤالت طرح على الطالب تشجع جانب وثباتها. وصنميتها قدسيتها املعارف سياقها في وتفقد التفسيرات، أن شيء ألي ميكن ال والتي تقاوم، ال التي الكلية القوة هو »فاجلدل يقف في وجهها، مهما اعتبر هذا الشيء نفسه محصنا وثابتا.)هيجل، 1985: 21(، فضال عن أن اجلدل العلمي يزود الطلبة بشيء عن طبيعة العلوم واملعرفة العلمية، ويعمل على تعميق املستوى املعرفي لدى املعلم

Page 42: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

43

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

الهامش

1 Establishing the Norms of scientific Argumentation in classrooms ,Drivers &others,p-293.

املراجع

املراجع باللغة العربية:< أوميس، روالن )2008(. فلسفة الكوانتم، ت: مينى اخلولي، الكويت: سلسلة عالم املعرفة.

< بوانكاريه، هنري )2006(. قيمة العلم، بيروت: دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع.< بوبر، كارل )1986(. منطق الكشف العلمي، ت: ماهر عبد القادر، ط1، بيروت: دار النهضة.

< بوبر، كارل )1997(. أسطورة اإلطار، ت: مينى اخلولي، ط1، الكويت: سلسلة عالم املعرفة.< زكريا، فؤاد )1978(. التفكير العلمي، ط1، الكويت: سلسلة عالم املعرفة.

< زيتون، عايش محمود )2007(. النظرية البنائية وإستراتيجيات تدريس العلوم، ط1، عمان - األردن: دار الشروق للنشر.< شاملز، آالن )1991(. نظريات العلم، الدار البيضاء - املغرب: دار توبقال للنشر.

< عبد املنعم، مجاهد )1985(. رحلة في أعماق اجلدل العلمي، ط1، القاهرة: دار الثقافة للنشر والتوزيع.< عبد الكرمي، راشد )2007(. “أثر ما بعد احلداثة على التعليم”، ورقة مقدمة للقاء اجلمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية، الرياض.

الفكر العلمي اجلديد، ت: عادل العوا، ط2، بيروت – لبنان: املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر. < غاستون، باشالر )1982(. < غاستون، باشالر )2006(. تكوين مفهوم املمارسة األبستمولوجية، ت: محمد هشام، ط1، أفريقيا الشرق.

< الكاللدة، علي وآخرون )1995(. الثقافة العلمية، رام الله، فلسطني: وزارة التربية والتعليم.< كوون، توماس )1962(. بنية الثورات العلمية، ت: شوقي جالل، الكويت: سلسلة عالم املعرفة.

< مكنيف، جني )2001(. ترجمات في مجال البحوث اإلجرائية، ت: إسماعيل فقعاوي، ط1، رام الله – فلسطني: مركز القطان للبحث والتطوير التربوي.< وولبرت، لويس )2001(. طبيعة العلم غير الطبيعية، ت: سمير حنا، القاهرة: املجلس األعلى للثقافة.

املراجع باللغة اإلجنليزية:> Abd-El-Khalick, F. (2002, April). The development of conceptions of the nature of scientific knowledge and knowing

in the middle and high school years: A cross-sectional study. Paper presented at the annual meeting of the National Association for Research in Science Teaching, New Orleans, LA.

> Shirley Simon & OTHERS,(2006 February), Learning to Teach Argumentation Research and development in the science classroom, P-240.

مشهد من مسرحية »مزرعة احليوانات« لطلبة مدرسة التمثيل في مسرح احلرية في جنني.

Page 43: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

44

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرونف الثقافة العلمية

مل

من االنشغال مبقولة املعرفة، نفتتح هذه الصفحات حول العلوم املعرفية بغية االطالع على املنجز اإلنساني في هذا احلقل، ونقدم هذه الترجمة لفصلني والفضاءات الوالدة تلك وإشكاالت املعرفة علوم ميالد سياقات يناقشان والفصالن اخلطابي. الدين عز ترجمة فينيو جورج الفرنسي للكاتب اجلديدة الناتة من انفتاحها على حقول العلوم النفسية واالجتماعية واللسانية، ويتصديان لطرح أسئلة في صلب مضمون املعرفة وعمليات تشكلها واشتغالها. كما يتصديان لقضيتني أساسيتني وهما: املجاالت اجلديدة للعلوم املعرفية وأسئلتها اجلوهرية وآفاقها. فهناك حتديد ملسار هذه العلوم األبحاث تطورت التي املجاالت على انفتاح وهناك الخ، ... واالستدالل والفهم، والوعي، كالتذكر، للذهن الكبرى بالوظائف تهتم التي

املعرفية في إطارها، مثل العلوم العصبية، والسيكولوجيا، واللسانيات، واملعلوميات، ما يؤكد على أن مستقبل هذه العلوم واعد بالعطاء.

هيئة التحرير

املعرفية.

اإلنسان، حول بأسئلة يتعلق األمر أن من الرغم وعلى وباختصار، العلوم هذه تاريخ أن على يتفق اجلميع فإن الفلسفة، بظهور مقترنة األولى فالبدايات .(,Gardner 1985) نسبيا حديث "اجلديدة" ترجع إلى أواخر الثالثينيات ثم إلى األربعينيات، عندما تصور املنطقي تورينغ (Turing) سنة 1931، منوذجا رياضيا حلاسوب قابل للبرمجة 1950، عندما (ordinateur programmable)؛ ثم حوالي سنة 1988) فلسفي منظور من الذكية" "اآللة هذه تصور صياغة أعاد الذي الرياضي املنطق ازدهار املرحلة هذه وستعرف .(,Hodgesاجلديدة. للحسابات الضرورية واألدوات املفاهيم بناء على سيعمل وهو ما سيؤدي سنة 1943، إلى ميالد أول سبرنتيقا، كتعبير عن مشروع ،1989) فيزيائي هو ما ضمن ذهني هو ملا اآللي أو املادي االختزال Andler). وتطورت هذه السبرنتيقا ما بني سنتي 1946 و1953 على يد كل من وينر (Wiener) وماكولش، (Mc Culloch) في البداية؛ ثم بفضل عشرات اللقاءات التخصصية )ومن ضمنها محاضرات ماسي وفزيولوجيون وسيكولوجيون رياضيون فيها شارك التي )Macy

وسوسيولوجيون ولسانيون وأنثربولوجيون.

أن درجة إلى وتطويرها، املعرفية العلوم توجيه في ذلك كل وساهم حد إلى قائمة زالت ما حينها، أجنزت التي املفاهيمية الصيغ بعض مثل بهذا اخلصوص، كبير تأثير العلمية اللقاءات لبعض اليوم. وكان Teleological( الغائبة اآلليات حول 1946 سنة نيويورك ملتقى سنة )Symposium Hixon( هكسون وملتقى ،)mechanisms

ترجمات في العلوم املعرفية

جورج فينيو*، ترجمة: د. عز الدين اخلطابي

)1(

العلوم املعرفية.. فضاء جديد لرهانات عدة

1. التاريخ والنشأة

"وصف هو ،(Andler) أندلر حسب املعرفية، العلوم موضوع إن اإلنساني وقدراته، كاللغة، واالستدالل، للذهن الرئيسية الوضعيات واصطناعها وتفسيرها والتخطيط، والتنشيط، والتنسيق، واإلدراك،

.(Andler, 1989) "أيضا

نقبل هذا التعريف، لكننا نشير مع ذلك إلى أنه يتضمن نقطتني سلبيتني: فهو من جهة، يدفع إلى التفكير في اخلاصية "الشمولية" لهذه العلوم املسماة معرفية "علوم جديدة للذهن"؛ وهو من جهة أخرى، يدفع إلى االعتقاد توجد احلقيقة، وفي فلسفية. وليست وصفية بل محض، علمية أنها مواقف عديدة حول "طبيعة" ما هو إنساني، والنماذج التي ميكن بناؤها بخصوص نوعية هذه الطبيعة وتصرفاتها. ويعتبر أول منوذج لهذه املواقف -التحديثية في األساس- أن ميالد املعرفية يرجع إلى نهاية اخلمسينيات، وذلك في سياق مرتبط بنشأة املعلوميات (informatique). وهنا تبرز أهمية "الذاكرة" املميزة للعلوم املعرفية، التي سيحكم املستقبل على مدى يالحظ كما حتديدها، في املزدوجة الصعوبة أيضا تبرز لكن جناعتها؛ وتارة الدراسة؛ موضوعات بحسب "امتدادية"، بطريقة تارة أندلر، تعتبر التي املقترحة النظرية االختيارات إلى بالنظر "مكثفة"، بطريقة

اختزالية بالنسبة لقدراتنا اإلنسانية.

وهنا تبدو الطبيعة اإلشكالية لكل تعريف؛ لكن رمبا كان ذلك هو الرهان املثير لهذا الفضاء احملفز على النقاشات والتأمالت الذي تشكله العلوم

Page 44: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

45

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

املستقبلية. وأفضل طريقة لفهمها، هي التأكد من تقدمها عبر مختلف امليادين املتخصصة التي قد تتباين نتائجها أو تتفق فيما بينها.

3. املواد التخصصية داخل العلوم املعرفية

ما هي املواد التخصصية التي تنخرط في هذه العلوم؟ من املؤكد أن األمر والسيكولوجيا والفلسفة االصطناعي والذكاء العصبية بالعلوم يتعلق واللسانيات. فما الذي ميكن أن يجمع بينها إذن؟ إنه االهتمام بالعالقة فإن عنها. وبشكل عام، الناتة والتصرفات الوظائف بتحليل وأيضا ألجهزتنا املكونة للظواهر جديد "علم" ببناء شك، دون يتعلق األمر السيكو-بيولوجية وللتفاعالت بني هذه األجهزة وبني سلوكاتنا، مبا فيها لكننا نسجل اللغة والثقافات. تتخذ صيغا رمزية عالية مثل التي تلك ففي األنثروبولوجيا. بخصوص كبرى مفارقة أندلر- فعل -كما هنا لعبت املعرفية، للعلوم والتاريخية املفاهيمية للصياغة األولى البدايات األنثروبولوجيا دورا مهما، ما فتئ أن أصبح ثانويا في الوقت احلالي. هو ما بخصوصية يهتم بناؤه، يراد الذي العلم ألن مثير، أمر وهذا

إنساني في شموليته وتنوعه.

أم عاجال، مع االعتراف أنه سيتم تدارك هذا "النسيان" آجال ونعتقد باملساهمات املهمة للسيكولوجيا االجتماعية التي تعتبر قنطرة بني ما هو "فردي" وما هو "جماعي"، أو اللسانيات، لكن على شرط أن تهتم

بالعالقات القائمة بني اللغة واملعنى والتعابير الثقافية.

النماذج تطوير إلى الساعية األبحاث متابعة فهو حاليا، املطلوب أما والعصبية الضرورية؛ العمل أدوات على للتوفر الرياضية، املنطقية الداخلية الوظائف نفسه، اآلن في نفهم لكي احلسية، والفسيولوجية

والتجليات اخلارجية "لعتادنا األساسي".

4. األبحاث في مجال املعرفة

خانات ثالث ضمن املعرفة مجال في األبحاث تصنيف ميكن لذلك، :(Imbert, 1987)

الكفايات أو االستعدادات بدراسة املهتمة األولى، الكبرى العائلة <واإلدراك واللغة االستدالل أي للكلمة؛ الكالسيكي باملعنى املعرفية، مستويات وعلى منفردة تدرس األمور هذه أصبحت فقد والفعل. مختلفة ومستقلة بعضها عن البعض اآلخر، بعد أن كانت وظائفها تالحظ وضمن الواحدة الوضعية داخل بينها، فيما مترابطة خارجية كمنجزات

مختلف الوضعيات.مكونات حتديد فيها مت التي املعرفية، لألبحاث الكبرى الثانية العائلة <ومنجزات مختلف أمناط اآلليات، الفسيولوجية العصبية )في البيولوجيا(

أو اإللكترونية واآللية )في الذكاء االصطناعي(.> العائلة الثالثة، حتدد وظيفيا استعمال هذه اآلليات عبر وصفها كإجراءات قابلة للتفكيك إلى عمليات أولية، وصياغتها كخصائص قابلة للصورنة.

وتظهر في هذه احلالة الثالثة واألخيرة تباعدات دالة بني األبحاث، بحيث العصبي النضج مثل لعتادنا األولي الوضع بنية مبالحظة بعضها يقوم البنائي الوضع والقدرات؛ وربط هذا )Maturation Nerveuse(

مدى على األعمال وهذه الفكرية احلركة هذه تدعيم مت وقد .1948مبعهد عليه وسهر كولش ماك أسسه الذي املختبر قبل من سنة عشرين الفترة، 1969. وفي هذه وفاته سنة إلى حني ،)MIT( التكنولوجيا اآللي، اإلنسان في نظرية طور الذي )Neumann( نومان اسم ملع احلواسيب حول الالحقة التصورات بلورة في رئيسي بشكل ساهمت

وفي التنظيرات املتعلقة بطبيعة العمليات الذهنية.

2. امليالد الفعلي للعلوم املعرفية

هكذا تولدت العلوم املعرفية انطالقا من املعطيات السالفة الذكر. وبالنسبة الرمزي التاريخ فإن وأبستميولوجييها، احلركة هذه مؤرخي من للعديد حول ملتقى جهة، من انعقد حيث ،1956 سنة إلى يرجع امليالد لهذا )Symposium of information Theory( املعلومات نظرية بإدراج املهتمني واللسانيني السيكولوجيني جهود فيه تضافرت الذي جهة ومن احلاسوب؛ على معرفية اصطناعية عمليات ضمن أعمالهم رسميا اإلعالن فيه مت الذي )Darmouth( دارموث ملتقى أخرى، "املعرفة" موضوع برز ذلك، وإثر االصطناعي". "الذكاء ميالد عن الذي ستحاول مختلف املواد التخصصية )disciplines( منحه مضامني

وتوجهات نوعية.

وميلر )Bruner( برونر السيكولوجيان بادر ،1960 سنة وفي Center for) املعرفية الدراسات مركز بتأسيس (Miller)Cognitive Studies) بجامعة هارفارد (Harvard) الذي سيعرف إشعاعا متميزا على مدى عشر سنوات على األقل. وفي السنة نفسها، ،(Galanter) (Pribam) وغالنتر مليلر وبريبام صدر مؤلف مشترك حيث ،Plans and the structure of behavior وعنوانه: اقتراح ومت النفس، بعلم الكالسيكية السلوكية النزعة في النظر أعيد املقاربة السبرنتيقية بديال. بعد ذلك، وحتديدا سنة 1967، أصدر نيسر (Neisser) كتابا بعنوان (Cognitive psychologie) دعا فيه إلى التي دافع السبرنتيقية للمقاربة تبني مقاربة سيكولوجية جديدة، مغايرة بإمكان أن اعتبرا اللذان ،(Simon) وسيمون (Newel) نيويل عنها

احلاسوب تزويدنا بنموذج اشتغال الذهن اإلنساني.

املراكز ازدهار سنوات منازع، دون هي السبعينيات سنوات وكانت "العلوم بـ يعرف أصبح ما حول والندوات واملجالت املتخصصة التبادالت الباحثني ومن الغرض شبكة من أقيمت لهذا املعرفية". وقد العلمية على نطاق عاملي، مكنت من حدوث تطورات ال يستهان بها خالل فترة الثمانينيات. وفي هذا اإلطار، سيفقد الذكاء االصطناعي الذي كان يعتبر مرجعا أساسيا، الكثير من أهميته وهيمنته بفعل تقدم األبحاث في مجال العلوم العصبية، وأيضا بفضل التمثالت اجلديدة للظواهر اإلنسانية الناجمة عن الفلسفة والسيمانتيقا املعرفية واألنثربولوجيا. ويبدو لبعض املعرفية الدراسات وكأن الكالسيكية، بالتصورات املتشبثني املتشككني

هي مجرد موضة عابرة ومرحلة من مراحل هيكلة املعارف.

وهذا غير صحيح، فاملواجهات املعلنة هي أيضا مؤشرات على تبادالت )Copernicien( خفية، إذ جند أنفسنا أمام "ثورة" باملعنى الكوبرنيكيللكلمة، في صياغة معارفنا ومناهجنا التي ال نعرف بالضبط ما هي آفاقها

Page 45: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

46

ف الثقافة العلميةمل

يستهان بها:

بل وحتليلها، ووصفها املعرفية الظواهر ضبط املمكن من أوال. ذلك أن فيه شك ال ومما األخرى؛ تلو الواحدة واصطناعها إحياء يتعني التي الفلسفية األسئلة من العديد بانبعاث سيسمح

.)Gardner, 1985( تقاليدها من جديداالختصاصات متداخلة املعرفية العلوم إن ثانيا. هدفها فإن وبالتالي بالضرورة، )Interdisciplinaires(نوع من جديدة مفاهيم صياغة في املساهمة هو األساسي، "علم بناء مراحل من مرحلة تشكل ،)Transversal( ممتد

معرفي" مستقبلي.االجتماعية العوامل تدخل أهمية إنكار املستحيل من كان إذا ثالثا. بإمكاننا فإن املعرفة، في والثقافية والتاريخية والعاطفية على سلبا سينعكس ما أولى، مرحلة في تاهلها باملقابل، ال لكنها إذن؛ الفرضيات هي هذه اإلبستيمولوجية. نتائجها عرفته الذي الهائل التطور هذا أسباب لتفسير ذلك مع تكفي من وكان األخيرة. العقود خالل املعرفية التخصصية املواد الالزم حدوث هذا التطور الهائل في العلوم العصبية وفي مجال املعلوميات، وحتديدا من خالل التطور التقني للحواسيب املتميزة الكالسيكية الهندسات في النظر أعادت التي املتنامية، بدقتها

لبناء اآلالت ولتشغيلها.

وكأمثلة على ذلك نذكر:

تطوير فيه مت الذي )neuro chimie( العصبية الكيمياء مجال <للعمليات احليوية الكيمياء وعناصر مواد في النسقي البحث تثوير وبالتالي والهرمونات(، الناقلة )العصيات الدماغية للدماغ والتبسيطية التقليدية التصورات )révolutionner(

وللعصيب.الذي )neuro physiologie( العصبية الفسيولوجيا ميدان <مختلف ودراسة املعزولة العصيبات نشاط تسجيل من اليوم مكن

الوضعيات الكهرو-عصبية )neuro-électriques( للعضوية.> مجال علم التشريح العصبي )neuro anatomie(، حيث حققت اخلرائط ميدان في لها نظير ال دقة الدماغي، التصوير تقنيات

.)cartographies neuronales( العصبونية> ميادين املعلوميات والرياضيات والفيزياء، حيث ساهمت التنظيرات وإجناز البرمجيات )logiciels( أو اللغات "ذات مستوى عال" في

حتقيق مرونة غير متوقعة في معاجلة املعطيات وصياغتها.

مصدرا جهة، من تشكل الغزيرة، واملقاربات املعطيات هذه إن مصدرا أخرى، جهة ومن املعرفية؛ العلوم بصدد احلاصل للخلط أثارتها على شكل التي العلوم اتخذتها هذه التي للمواقف احلاسمة مواجهات فلسفية، حيث لعب "االعتقاد" دورا أكبر من دور احلكمة القائم األساسي التعارض ضمن يالحظ ما وهو اإلبستيمولوجية، لهذا مقاربة لذلك، ال ميكن ألية املعرفية واالقترانية. النزعتني بني واألبحاث األعمال لتعدد نظرا بالشمولية، تتصف أن املوضوع

وتباينها.

مختلف بتحليل اآلخر البعض يقوم حني في للتعلم، باستعداداتنا التعلم بعد الطبيعية أنساقنا ستتخذها التي النهائي الوضع أشكال

واكتساب قدرات وظيفية نوعية.

وتظل الصعوبات قائمة بخصوص الوسائل املستعملة لربط هذه األوضاع من صعوبات تبرز كما جيد. بشكل النهائية األوضاع بتلك األصلية على نفسه التطورية املقاربة بتطبيق األمر يتعلق عندما نفسه، احلجم الذكاء االصطناعي، والقيام بفصل األوضاع األولى عن األوضاع الثانية

.)Machine Learning( لآللة

ما كافيا، املعرفية العلوم في لألبحاث الثالثي الترتيب هذا ويبدو السيكولوجيا طورتها التي واخلصبة القيمة باألبحاث نهتم ال دمنا عمليات بخصوص مدة، منذ االجتماعية والسيكولوجيا العامة نفسه األمر وينطبق االجتماعي. التمثل ظواهر أو واالنتباه التذكر االقتراني املنظور ضمن واملندرجة املتميزة األعمال من العديد على

.(Connexioniste) (Andler, 1989)

وتزداد صعوبة ترتيب اإلشكاليات، عندما يتعلق األمر بتوزيعها بحسب الفرضيات التي يحاول البعض اقتراحها على النسق املعرفي اإلنساني، وتتميز عنها، الناتة واملنهجية اإلستراتيجية االختيارات وبحسب

نقاشات املدارس ومواجهاتها بهذا اخلصوص بكثرتها وحيويتها.

األنطولوجية الفرضيات تشمل خطاطة أندلر سيقترح هكذا، انتشارا؛ وتتجلى الثالث األكثر )Hypothèses Ontologiques(

بساطة هذه اخلطاطة في ما يلي:

خالص فيزيائي مستوى على وتفسيرها املعرفية الظواهر وصف يبدو متثيلي مبستوى تكملتهما يتعني لذلك كافيني، غير وفيزيائي( )بيوكيميائي )Niveau Représentationnel(. "فحاالت األنساق الفيزيائية املأخوذة

بعني االعتبار، تشكل معلومات؛ وبهذا املقتضى فهي تعتبر أيضا معرفية".

بل ميكن فقط، فيزيائية احلاالت، الطارئة على هذه التحوالت ليست اعتبارها كحسابات للتمثالت التي حتملها.

إذا كان من املمكن حتديد كل ظاهرة معرفية كعملية منتجة للعالقات بني )Réponse( أو اجلواب )Réaction( واالستجابة )Stimulus( املثيرعلى هذا املثير، فإنه باملقابل، من غير املمكن إرجاع التحليل والتعريف احلقيقة، التي متت مالحظتها. وفي العملية لنتائج هذه مرة، في كل فإن أساس هذه األخيرة يقوم في اللحظة الفاصلة بني املثير واالستجابة، أن يعني ما وهو نتائجها؛ بحسب نسبي بشكل تعريفها وجب لذلك الظواهر إلى بالنظر الداخلية العمليات بها تتميز استقاللية دوما هناك

التي أثارتها أو أنتجتها.

5. االختيارات املنهجية واإلبستيمولوجية الكبرى

ستساهم هذه الفرضيات في انبثاق اختيارات منهجية وإبستيمولوجية ال

Page 46: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

47

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

.)Church( وتشورش )Turing( املنطق الذي حتكم في أعمال تورينغ

من محددة كسلسلة حساب كل يفهم الباحثني، لهذين فبالنسبة األلغوريتمي– وهي اإلجراء –وذلك هو رموز املنجزة على العمليات عن وبالتالي املعرفي، النسق عن أو "اآللة" عن متاما مستقلة سلسلة الذهن اإلنساني. هكذا، ستشكل "الوظائف القابلة للحساب" نوعا التي العليا، نقل لم إن التامة )idéalisation( املثالية النمذجة من تتجلى كنوع طبيعي غير آبه بالتعريفات والوضعيات املتنوعة. وستكون التمثالت الذهنية بهذا املقتضى، خاضعة للعمليات املنجزة من طرف آلة ordinateur( كنموذج مجرد للحاسوب الرقمي )Turing( تورينغnumérique(. وبالتالي، وكجواب على السؤال الرابع، فإن مشكل العالقة بني اجلسم – كنظام فيزيائي – والذهن – كمجال حلماية التمثالت الذهنية – التي أثيرت على مدى تاريخ الفلسفة، تختزل هنا في اعتبارات الطارئة" )token identity(، والتي مادية محض، تخص "الهوية

مفادها أن كل حالة ذهنية تقابل حالة فيزيائية.

طبعا، فإن هذا األمر يعيد النظر في مقوالت احلاالت الذهنية التي حتدثت النزعة املعرفية وأضفت عليها عنها السيكولوجيا، والتي "استثمرتها" صبغة الوضعيات الوظيفية، محددة بذلك منطلقها وسيرورتها؛ لذلك .)fonctionnalisme( اقترن هذا املوقف الفلسفي بالنزعة الوظيفيةونيويل )Fodor( فودور من كل ميثله الذي املوقف هذا ويخضع نظر إلعادة نقل لم إن شديد لنقد ،)Simon( وسيمون )Newel( .)Putnam( )1988( في الوقت احلالي، وبخاصة من طرف بوتنامفيزيائية فيتعلق بعدة السؤال اخلامس، املقدم في األجوبة عن املثال أما متوقفة على صورة فإن هذه األجوبة الذهن. طبعا، لوظائف عاكسة ألنه و"مطمئنة"، جذابة صورة مبثابة هو األخير فهذا احلاسوب. يشكل في اآلن نفسه عدة فيزيائية خاضعة للقوانني اآللية ونظاما ملعاجلة حساب من ملقاطع مطابقة حاالتها مختلف اعتبار ميكن التي املعلومة ال لذلك، لآللة. الفيزيائي التشكل حاالت مع مباشرة متوافق غير الرغم من تدخل الفيزيائية، على القوانني ميكن تصوره من وجهة نظر إكراهات آلية ووظيفية على مستوى العمليات التي ينجزها؛ فهو يعتبر تورينغ؛ وخير الذي حدده منوذج باملعنى متتالية"، "آلة ذات حاالت

دليل على ذلك، هندسة احلواسيب اجلديدة ووظائفها.

املعرفية، العلوم خطاب ضمن يعتبر ال احلاسوب فإن وباختصار، طرف من معتمدة صورة كونه من الرغم على استعارة، وال منوذجا سوى يشكل ال أنه اليوم، نعلم ونحن األولية. التأمالت من العديد تعويض نسبي لوظائف الذهن البشري، لكنه يعتبر في اآلن نفسه حقال ومن الذهن؛ لهذا الوظيفية العمليات على للتعرف مهمة، لتجارب وما الذهنية أنشطتنا بني خاصة مستقبلية عالقات عن يعلن أن املمكن

يقتضيه املجتمع؛ وذلك على مستوى االقتصاد والشغل.

وال تتعلق املسألة مبعرفة ما إذا كان احلاسوب "يترجم" وظائف الذهن،

)2(

أسئلة العلوم املعرفية وآفاقها

إن األعمال املختلفة املنجزة في إطار العلوم املعرفية التي تهم مجاالت neuro( العصبية العلوم وتطور االصطناعي، الذكاء مثل متنوعة أساسا تتمحور املعرفية، واللسانيات والسيكولوجيا، ،)Sciencesالنقاشات في هذا املعرفة وطبيعتها وهندستها. وتتلخص حول معنى cognitivisme( الصدد في التقابل القائم بني النزعة املعرفية الكالسيكيةClasique(، والنزعة االقترانية )connexionnisme(. وقد سادت األولى مدة طويلة في مجال األبحاث املعرفية، في حني ما زالت الثانية هذا تاوز على قادر )أمنوذج( براديغم أي يبرز ولم طريقها. تتلمس التقابل. لهذا ليس املطلوب من القارئ االختيار بني إحدى النزعتني،

بل احلكم فقط على أهمية هذه باملقارنة مع تلك.

1. النزعة املعرفية الكالسيكية

حساب مبثابة هي معرفية فرضية عن الدفاع في املعرفي املوقف يتمثل بواسطة محيطها في وتؤثر تتكيف عضوية فكل الذهنية. التمثالت بداخله؛ نشاطها من وأيضا احمليط، هذا من مستقاة داخلية متثالت أخرى ومعتقدات أنشطة مع ستتكيف التمثالت هذه فإن وباملقابل، وستخضع مبقتضى ذلك للتعديل. وهنا تطرح على الفور مجموعة من

األسئلة، وهي:

1. ما مصدر هذه "التمثالت الذهنية" وكيف تبلورت؟التمثالت وموضوع متثلها؟ 2. ما هي طبيعة العالقة بني هذه

احلساب على التمثالت هذه بني والتفاعل التبادل يقوم هل .3)calcul(؟

طبيعة حول فرضيات إلى التمثالت هذه عن فكرتنا تعود هل .4التاريخي ]األمنوذج[ البراديغم إلى ببساطة أو والبشر األشياء

"احلاسوبي" الذي انتشر بفضل املعلوميات؟النسق لتزويد كافية فيزيائية )dispositif( عدة توجد هل وأخيرا، املعرفي اإلنساني باالنعكاس )reflet(، واالصطناع )simulation(؟

.(Andler, 1989)

عندما نفحص أجوبة الباحثني في مجال العلوم املعرفية، فإن كل شيء يبدو واضحا؛ ذلك أن التمثالت الذهنية بالنسبة إليهم، شبيهة "بصيغ" املنطق يبنيها التي اللغات مبعنى جيد"، بشكل مصاغة "بتعابير أو représentations-( الرياضي. هكذا، تتوفر هذه التمثالت – الصيغللدراسة وللتعريف؛ وأيضا قابلني formules( على صرف وتركيب

على سيمانتيقا حتدد عالقتها بالوضعيات التي متت إثارتها أو متثلها.

الداللة وعلم )Syntaxe( التركيب علم بني صارم تواز إقامة إذن يتعني ظاهرة كل بأن االعتقاد فيه يتم الذي بالقدر وذلك ،)sémantique(ومن ظاهرة أشكال من انطالقا أي تركيبية؛ بطريقة تفسر أن ميكن داللية قواعد تركيبية منظمة لهذه األشكال. وبهذا املعنى، يجيب أصحاب االتاه املعرفي عن السؤالني األول والثاني. وهم يجيبون عن السؤال الثالث، وفق

Page 47: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

48

ف الثقافة العلميةمل

من قدرتها على "التعليم الطبيعي"، انطالقا من املعلومات املستقاة من التي الكالسيكية املعرفية النماذج لقدرة مغايرة القدرة وهذه احمليط.

يتعني برمجتها باستمرار.

إن هذه القدرة ليست هي القوة الوحيدة للشبكات االقترانية. فسلوكاتها متنح أيضا خصائص مميزة. وعلى سبيل املثال، فإن شبكة من العصبونات لعينة منوذج وبناء ناقصة معطيات تعديل أو تعميم بإمكانها الشكلية ما. وعلى الرغم من التشويش عليها أو تدميرها جزئيا، فإنها تستطيع املعرفية، النماذج نتائج مقبولة؛ فعلى خالف التعلم من جديد وتقدمي Andler,( )ad hoc( الغرض لهذا معلومات تقدمي عبر العملية تتم وظائفها طبيعة خالل من املتميزة اخلصائص هذه وتفسر .)1989كل ففي ذلك: مع مبوازاة تنجزها التي الكثيفة العمليات ومن ذاتها، والعمليات الوحدات بعدد املستقلة العمليات من عدد يوجد مرحلة يستمد ما، شبكة تطور حتليل فإن لذلك، مواز". "بشكل املنجزة فكل الكالسيكية؛ البرمجة من وليس الدينامية األنساق من معطياته املمكن ومن صارم، منطقي بشكل محليا وتؤثر مستقلة تعتبر وحدة أخرى؛ تأثيرات طرف من للدعم أو للتعديل التأثير هذا يخضع أن وبتعبير آخر، فإن كل حالة مستقرة للنسق هي عبارة عن توازن وليست مقارنة العميقة باألصالة الشكل، بهذا املنجز التمثل منط ويتسم غاية. في تخزن األنظمة فهذه االصطناعي. للذكاء الكالسيكية باألنظمة على باالطالع البرنامج ويقوم والقواعد؛ املوضوعات وصف ذاكرتها هذا املخزون بغرض تنظيم وتفعيل القواعد الضرورية لتحويل املعطيات املقدمة. باملقابل، فإن الشبكة االقترانية تنظم وصالتها العصبية وتعمل بنفسها على ضبط انتظام احمليط الذي ال تسعى إلى "وصفه"، بل إلى

.(Andler, 1989) جعله "منعكسا" بهذا القدر أو ذاك من األمانة

بقدرة البداية، بل النسق من يتوفر عليها بـ "معرفة" إذن يتعلق فاألمر حقيقية على التكيف الداخلي مع احمليط، بغرض ضبط تنظيماته البارزة التي بالشبكات االستشهاد اإلطار، هذا في وميكننا معها. والتالؤم تنشيط عملية سيطابق مفهوم فكل "املوزعة". التمثالت تستخدم العديد متثيل على ستعمل وحدة كل فإن وباملقابل، عدة، وحدات من املفاهيم. وما متثله الوحدة فعليا، يكتسي وضع "عالمة مصغرة" أي مكونا دالليا أوليا )proto sémantique( ميكنه التموضع داخل وليست "سياقية" قواعد من انطالقا والتنظيمات الترتيبات مختلف شكلية، أي متكيفة مع احمليط ومع املشاكل الواجب حلها. وغني عن البيان، أن تميع هذه "العالمة املصغرة" هو الذي يكتسي وحده، قيمة

داللية في كل عملية.

3. أسئلة املعنى والتمثل

بعودتنا إلى األسئلة السابقة، سنالحظ أننا لم جنب عن السؤال الرابع، الشبكات االقترانية املبنية من طرف التمثالت إذا كانت طبيعة ما حول البراديغم إلى راجعة ببساطة، أنها أو األشياء لطبيعة انعكاس هي املقدمة فاخلطابات املعلومات. ملعاجلة اختياره مت الذي )األمنوذج( بهذا اخلصوص، من طرف أصحاب االتاه االقتراني، ال تشرح األمر ذلك، على وكمثال عالقة؛ تظل األسئلة من العديد ألن بوضوح؛ عندما تعلن شبكة اقترانية أنها وظيفية، فهل يتعلق األمر بالنزعة املعرفية

لنا إن اآللة "تصطنع" األنشطة اإلنسانية، فإن ذلك يعني فعندما يقال مبعرفة بل العكس، وليس اآللة هذه مع اإلنسان تكيف احلقيقة، في كيف تعمل هذه األجهزة التجريبية التي نصنعها، ونقصد بها اآلالت،

على إلهامنا في حتليل أنشطتنا التنظيمية، ذات االرتباط بذكائنا.

2. النزعة االقترانية

باملقابل، يفسر املنتظرة"، املعلوماتية "الثورة إزاء املتخذ احلذر إن يتعلق فاألمر للذهن. كفلسفة أبدا تظهر لم االقترانية النزعة أن كيف من العديد صياغة إلى الهادفة واملناهج األبحاث مبجموع باألحرى، ما البراغماتي اإلجراء هذا ويشبه مغايرة. بطريقة املعرفية العمليات االنطالق مت حيث البداية، في االصطناعي الذكاء بخصوص حدث اإلجراءات لبلورة التأمالت بعض ومن احلاسوب- -وهي أداة من للعبة األولى البرامج أو النوعية املشاكل بعض حل وحتديدا األولى، الشطرجن، قبل اختبار العالقة بني هذه اإلجراءات وبعض القضايا العامة (Andler, 1989). وفي احلقيقة، فإن النزعة االقترانية هي حركة من ترتكز فهي ذلك، ومع املعنى. بحصر "مدرسة" منها أكثر األفكار، Von( أيضا على منوذج آلي أساسي، وإن كان مغايرا لنموذج فون نومانالعصبونات من "مجردة" بشبكة األمر يتعلق حيث ،)Neumann neural( احملاكاة عصبونات أو )neurones formels( الصورية

net( املستلهمة من العلوم العصبية.

النماذج استحضرنا ما إذا هنا، واضحا اإلبستيمولوجي القلب ويبدو تتشكل االقترانية فالشبكة للمعرفة، واملقطعية واآللية الكالسيكية منط وفق بينها فيما واملتفاعلة لإلنسان احملاكية اآلالت من كمجموعة بسيط؛ فعن طريق االقتران -الشبيه بعصبونات اجلهاز العصبي- تقوم تكون بحيث )ج(، لآللة سلبي أو إيجابي اصطناع بنقل )ع( اآللة العملية إما مثيرة وإما مانعة، وتكون محددة بحالة نشاط )ع(، ومصاغة اآلالت وهذه للقناة. )synaptique( العصبية الوصلة شاكلة على ذات وهي بينها، فيما متشابهة الشبكة داخل املوجودة الوحدات أو عتبات؛ أي أنها قادرة على مقارنة املجموع املتوازن لعمليات االصطناع بعتبة ما، وعلى القيام بنشاطها عندما تتم تاوز هذه األخيرة. باملقابل،

فإن نشاطها يتوقف عندما ال يتم بلوغ هذه العتبة.

وميكننا في كل مرحلة من مراحل التطور، حتديد النسق بواسطة موجه قيم لتحسني نتاج هو أخرى، إلى مرحلة من انتقال فكل التنشيط، نشاط نسق معني، إما بواسطة كل الوحدات، وإما اعتمادا على وحدة التي التنشيط، بفرض موجة الشبكة داخل وتبدأ كل عملية مبفردها. تشكل املعطى األول أو املدخل )Input(، الذي سينشر عبر استعمال قاعدة االنتقال، وينتهي عند بلوغ الشبكة حالة من التوازن، ميثلها املوجه

.)Out put( املساوي لواحد وهو املخرج

وخالل كل هذه العملية احلسابية، تظل هوية الشبكة قائمة بفضل موجه الوصلة العصبية الذي ستشكل "كفايتها". ويقال أيضا، إن "معارف" الشبكة تخزن داخل هذا االقتران؛ ولكننا ال نعلم -ما دامت األبحاث جارية بهذا اخلصوص- كيف ميكن لشبكة من العصبونات الشكلية أن مستمدة االقترانية الشبكات قدرة بأن علما مباشرة، املعارف تكتسب

Page 48: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

49

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

املعرفي اإلنساني يكتسب معناه النسق تنطلق من كون البسيطة املعرفية اخلارجي. بالوسط احتكاكه عبر الداخلية، الرموز لهذه معناه ومينح "الرموز ضبط كيفية آلي، وبشكل بسهولة نحدد أن ميكن ال وألنه املالئمة التصوير عملية إلى اللجوء يتم فإنه املعنى، لهذا الداخلية" النزعة تظل لذلك، احلاسوب. مثل االصطناعية املعرفية لألنظمة ميكن ال التي الداخلية التمثالت لنموذج أسيرة الكالسيكية املعرفية تشكيلها بالتجربة وال بفضل وراثة جينية، ألنها تظهر -أثناء املعاجلة!- على شكل مالئم مللفوظات اللغة الصورية، وبالتالي تكون قابلة للتأويل )interprétables( عبر حتويالت حسابية، لكنها تركيبية. وباملقابل، ميكن لهذه التركيبات أن حتدد "معنى" مكونات النسق. وهذا مثال جيد املركزية )assertions( التأكيدات تتضمنه الذي الدائري لالستدالل

داخل النزعة املعرفية الكالسيكية.

فمن وجهة نظر وظيفية، تعتبر األنظمة املعرفية "أنساق ملعاجلة املعلومة!" التي البنائية خصائصها بفضل املختلفة مهامها مع وظيفيا تتالءم وهي يعبر عنها بلغة صورية، تنطبق فيها القواعد على املعطيات! وهنا أيضا تكتسب شرعيتها في تزويدنا بالتمثالت املطابقة )adéquates( للعالم! إجناز قادرا على الكونية، تورينغ آلة مثل احلاسوب، بذلك، سيصبح كل العمليات املطلوبة لتنظيم املعطيات والقواعد كتمثالت. ويعتبر هذا االنزالق، من احلاسوب إلى الذهن والعكس، شرطا ضروريا أو كافيا على األقل، لتمثل مختلف قدراتنا ووظائفنا الذهنية! واملشكل هو أنه إذا كان االتاه األول -من احلاسوب إلى الذهن- يشتغل بطريقة مرضية؛ فإن األمر سيكون غير ذلك، عندما نتعامل مع األشياء من منظور تطبيق النموذج املعلوماتي على الظواهر الذهنية. فكيف تظهر احلاالت الذهنية ثمن هو وما العصبية؟ والفسيولوجية السيكولوجية مبختلف تلياتها،

هذا االختزال؟ هنا سيبرز سؤاالن فرعيان، وهما:

> كيف سنتعامل مع احلدوس السيكولوجية املشتركة التي تعتبر حاالتنا )propositionnelles( الذهنية من جرائها، مجرد مواقف قضويةأن هذا منطلق أو "أنكر" شيئا )من أو "تخوف" نوع "أعتقد" من

الشيء هو عبارة عن قضية(؟> ما هي العالقات القائمة بني األبحاث الذهنية واحلاالت الدماغية؟

يجيب فودور )Fodor( على السؤال األول، مؤكدا على أنه من املمكن تخوف، )أعتقد، العالقات من النوع هذا بواسطة ذهنية حالة حتديد أنكر( وعلى أن الذهن يقيم في كل مرة، تقابال مع قضية يعبر عنها بلغة Fodor,) ذهنية املسماة الفكر" "لغة هي تكون قد داخلية، صورية 1975). بخصوص السؤال الثاني، يدعي أصحاب االتاه املعرفي أنه إن بل ال توجد فقط حالة عصبية فسيولوجية مقابلة لكل حالة ذهنية، لهذه منوذج مبثابة هي محددة، مقولة ضمن أيضا تندرج األخيرة هذه بينها القائمة السببية للروابط أي تلعبه، الذي وللدور الذهنية احلالة وبني احلاالت الذهنية األخرى. ومن وجهة النظر هذه، ال شيء يلزم اللهم ما وحالة عصبية فسيولوجية، ذهنية بالربط "مباشرة" بني حالة token( الطارئة الهوية أطروحة وتسمح وعرضي. طارئ بشكل بذكاء باجلمع الكالسيكي، املعرفي االتاه أصحاب لدى )identityبني املطلب الفيزيائي -ألنه من الالزم أن يكون هناك مرتكز فيزيائي ملا هو "ذهني"- واحلاجيات التخصصية للتفسير السيكولوجي، املستقل

الكالسيكية نفسها؟ وكيف ميكن موضعة هذه األشكال املختلفة للنزعة الوظيفية؟ ثم كيف نفسر عجز الشبكات االقترانية عن الصياغة املباشرة للتمثالت املبنية، مثل اللغة واالستدالالت؟ وأخيرا، هل آالت شبكة مكونات مجرد أو مثالية عصبونات عن عبارة هي احملاكاة عصبونات

أولية؟

وهناك إمكانيتان لإلجابة عن هذا السؤال: فإما أن الشبكات املعنية هي مجرد أنها وإما ناقصة، بل كافية غير العصبي، للجهاز مناذج مجرد وحدات باعتبارها اآللة، لتوطني الكالسيكية للنماذج مختلف شكل

أولية.

بالنسبة الشبكة؟ تتموقع أين التالي: األساسي السؤال يطرح وهنا البيولوجيا مستويات من أدنى بيني مبستوى مكانها يوجد للبعض، أساسي. وظيفي مستوى وهو واللسانيات؛ والسيكولوجيا العصبية وهنا تواجهنا مشكلة تستدعي احلل، وهي: "أن صاحب التوجه املعرفي مطالب بإقناعنا بأن كل ما يحدث في مجال املعرفة هو استدالل صوري لتمثالت شبه لسانية. أما صاحب التوجه االقتراني، فيعتبر على العكس أن كل شيء يرجع إلى الترابط والترتيب واجلمع اإلحصائي للمعطيات شبه احلسية. فمن جهة جند براديغم املنطق الصوري، ومن جهة أخرى

.)Andler, 1989( ."جند براديغم اإلدراك

)Hobbes( هوبز بتصور الصلة وثيق الكالسيكي املعرفي االتاه إن املصاغ سنة 1751، الذي مفاده أن التعقل هو احلساب. وسيجد مفهوم تليه اللغة!- فيها -مبا والطبيعية العقالنية ألنشطتنا كنموذج احلساب مناطقة أعمال في العشرين، القرن من الثالثينيات خالل النهائي، هو واحلساب، التعقل معنى أصبح الفترة، تلك ومنذ تورينغ. مثل تنظيم وتطبيق عمليات أولية متتالية، مندرجة داخل فهرس منتظم وفق قواعد، كما هو الشأن بالنسبة لعمل احلاسوب. وبالتدريج، أصبحت بها من يقوم التي املتتالية اإلجراءات األقل احلاسوب -أو على صورة بدل الطبيعية املعطيات إلخضاع يطبقها التي والقواعد احلساب أجل النظام لفكرة بالنسبة )paradigmatique( أمنوذجية لها- اخلضوع

املعرفي.

العديد من النسق الصوري عمم على املفارقة، هي أن منوذج والنتيجة وضعيات احلياة اليومية، بل واكتسب شرعيته "لتصوير" الطريقة التي وكما الرمزية. لتمثالتنا حساب شكل على أي معارفنا؛ بها تشتغل )axiomes( لألوليات تميع من يتشكل الصوري النسق فإن نعلم، والقواعد التي تسمح، من خالل تطبيقها على الرموز بانبثاق مبرهنات األوليات وستضمن جمل. أو ملفوظات وصيغ )théorèmes(وبهذا أولية". "كمعطيات ناتة صيغة كل معنى توافق والقواعد، إلى صيغة من باالنتقال تسمح التي املنطق قواعد ستقوم املقتضى، أخرى ملفوظات من انطالقا "صادقة"، ملفوظات بإنتاج أخرى، على مؤشر مجرد هي احلقيقة أن اعتبار على أيضا؛ "صادقة" "االنزواء" داخل شروط أولية، مت اختيارها لتعريف سياق ما، وال تهم

في هذا اإلطار، أمناط الوقائع أو الوضعيات التي ستخضع للترميز.

لكن "كيف تكتسب الرموز معناها؟" (Andler, 1987). إن الفرضية

Page 49: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

50

ف الثقافة العلميةمل

.)computo-representationnel( التمثلي" – "احلاسوبي لبرنامج الفقير الشكل يأخذ أن الطبيعية للظواهر تفسير فال ميكن ألي أكثر خاضع كمجال االصطناعي، الذكاء يعزل ما وهو احلاسوب! هذه وتتزايد والدقيقة. املختصة التكنولوجيات لتدقيقات فأكثر،

القطيعة حاليا، داخل العالقة بني الذكاء االصطناعي والسيكولوجيا.

العليا باملستويات بدءا املعرفية، الظواهر وصف في "طبقات" فهناك يقدمها التي املعلومات" "مبعاجلة تقوم اآللة أن فيها يفترض -التي دماغنا- وانتهاء باملستويات السفلى التي ال يتعني فيها على اآللة، إنتاج ماليني العمليات األولية وغير املقطعية التي تنظمها وتضمنها الترابطات

القائمة بني عصيباتنا.

وألن فقط! به مسلم أمر احلالتني، بني )isomorphie( فالتشاكل الذكاء االصطناعي الكالسيكي أدرك ذلك، فإنه ال يستطيع في أفضل

احلاالت، سوى إعادة إنتاج "مقاطع من الذكاء".

من واحد منط على إال حاليا يتوفر ال االصطناعي الذكاء فإن هكذا، الوجود وهو الفعل )Andler, 1987(. وتفسير ذلك هو أن الصياغة األولى للمشكل املطروح، حتدد في أغلب احلاالت من طرف املستعمل عرض مرة كل في ويتعني الباحث. طرف من وليس السائل، أو السؤال بشكل دقيق، حيث حتدد فيه "العناصر األولية" للمشكل الذي يجب حله واخلطوات الواجب اتباعها والنماذج التي يتم تشكيلها بدقة تقدمي احلل. التي ميكنها العملية تدريجيا تستنتج التي اآللة عن طريق يقتضي قرار فكل منطقية. طبيعة من دوما الوضعية تكون وبذلك، االستدالل على قضية انطالقا من قضايا مت االستدالل عليها من قبل؛

.(Andler, 1987) عن تفسير الفسيولوجيا العصبية

مختلف يصيب الذي العارض مبعنى "طارئ"، هو ما استقاللية إن العصبية، أسسه عن "منفصال" يعتبر الذي الطارئ وهذا تصرفاتنا، يسمحان بتبرير كل من املقتضيات السيكولوجية والبناءات املقترحة من األخير هذا تعايش في الغموض ويتجلى االصطناعي. الذكاء طرف فعالية، بكل القيام على قادرة عدة أنظمة -تنتج مطبقة كتكنولوجيا كعلم االصطناعي الذكاء فكرة مع ومحددة- مخصوصة إنسانية مبهام "ذكية" آالت إنتاج إلى الرامية الذكية لتصرفاتنا العامة باملبادئ مهتم إنتاجها، مت التي النماذج على األمر التبس وهنا املستقبل. في متاما بحصر تقني هو وما سيكولوجي هو ما بني لديها اخللط وقع حيث املعرفية العلوم حتديد مستوى على احلاصل التشويش نتيجة املعنى، شانك مثل البعض ذهب اإلطار، هذا وفي وملناهجها. ألهدافها )Schank( إلى التأكيد على أن موضوع الذكاء االصطناعي هو دراسة "الذكاء الطبيعي". فما الذي سيبقى إذن للفالسفة واألنثروبولوجيني العلوم في للمتخصصني فباألحرى واللسانيني، والسيكولوجيني البداية، منذ فيها املبالغ االصطناعي الذكاء طموحات إن العصبية؟ جعلت ادعاءاته العلمية احلالية مشبوهة؛ ذلك أن التوجه املتنامي حاليا، مصوغات أو خبيرة أنظمة إلجناز مطبقة كتكنولوجيا تصنيفه يروم

)modules( ملعاجلة املعطيات.

4. أفول النزعة املعرفية الكالسيكية

مما ال شك فيه، أن الفشل النسبي للطموحات العلمية للذكاء االصطناعي، البراديغم عن املعرفي االتاه ألصحاب التدريجي االبتعاد إلى يعود

من دورة دراما للفتيان نظمها مسرح احلرية في جنني.

Page 50: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

51

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

سلوكنا لعقلنة األنظمة هذه داخل املقترحة "القواعد" وضع هو فما اليومي؟ علما بأن تأثير هذه األخيرة ينحصر في االعتقاد أن األمور تري على ما يرام، وأن اللغة تشتغل آليا بهذا القدر أو ذاك، وأنه من األفضل مشتركا خطأ هنا نواجه أننا فيه، شك ال ومما الطريقة! بهذه نفكر أن التعقيد، بالغة الذكاء داخل مستويات البحث عن عمليات إلى يدفعنا كل ذلك يؤكد كما بسيطة، سلوكية مستويات على بها اإلحاطة بدل وينوغراد أو )Hoffstadter( وهوفشتادتر )Schank( شانك من

.)Winograd(

هكذا، ميكننا عرض صعوبات الذكاء االصطناعي وإنتاجاته على الشكل التالي:

> إن القواعد االستكشافية املختارة لتفادي االنفجار التركيبي تظل محلية "جانبية"، وتطبق بشكل محدود مينع من كل تعميم، وإال مت السقوط

.)pétition de principe( في خطأ منطقي في مجال البرهنةوجهت التي االختيارات بإخفاء البرامج أصحاب يقوم ما غالبا <

أعمالهم في البداية.املتخذة(؛ القواعد يثير ما )أي > ويتخذ موقفهم شكل "ميتا-قواعد" عوامل أو سياقات على مطبقة لالختيار صيغ هي األخيرة وهذه وضعيات؛ لكنها تخفي الشروط، وبخاصة األسباب التي أدت إلى اختيار هذه العوامل التي ستستمد منها "القواعد". وجدير بالذكر، أن ذلك )Andler, 1987(؛ بالدقة؛ ترتبط السياق مسألة أن "متفتحة" طبيعية وضعيات على يشتغل الذي االصطناعي الذكاء بالضرورة، من أجل تنظيمها، وبالتالي اختزالها، مطالب لكي يدعم موقفه، بافتراض أن معارفنا قابلة دوما للوصف والترجمة، من خالل بنيات قارة تؤسس وترتب أمناط هذه العمليات و"تؤطرها". وهو ما يفسر ازدهار هذه النماذج القائمة جميعها على مبدأ تأطير املعلومات

والظروف نفسه.

(frames, scripts, memory organisation packets)؛ )explicatifs( تفسيرية محلية، سيناريوهات عن عبارة وهي واحتمالية )prédictifs( أو منوذجية )exemplaires( تهم سياقات في يتم وال بالكاد. جزئية كانت وإن ،)descriptifs( وصفية السيناريوهات هذه بني القائمة الروابط عن احلديث احلاالت، أغلب يحصل أن ميكن وعما أخرى، دون املعارف بعض اختيار دقة وعن إذا ما طورنا هذه "األمناط" من املعطيات، لعرض هذه "الكتلة" من

املعارف.

يتعلق )frame problem( نتحدث هنا عن مشكل سياقي آخر ولن الوضعيات وبتحديد محيطه يكتشف آلي إنسان من املتخذ باملوقف

املوجهة الكتشافه وتأثيره على محيطه.

تهم مما أكثر احلدود تهم التساؤالت هذه جميع فإن احلقيقة، وفي في االصطناعي الذكاء يعتبر فهل تاوزها. يتعني التي اإلكراهات املستعملة املناهج وهل البعض؟ طرف من املعلنة الطموحات مستوى قريبة -كما يزعم هذا البعض- إن لم تكن مماثلة للمناهج املستخدمة من

طرف ذهننا "ملعرفة" أو حلل املشاكل؟

أخرى ممكنة. اختبارات بني اختبارا من دوما تشكل العملية لكن هذه وميكن تلخيص هذه العملية الكالسيكية، كما فعل أندلر، انطالقا من

اخلطاطة التالية:

»استدالل منطقي + مراقبة + معارف»inférence + contrôle + connaissances

القضايا. مخزون املعارف وتشكل القرار، هيئة املراقبة تشكل بحيث غير أن هذه اخلطاطة تثير مشاكل جمة، نعرض لها كالتالي:

الالزم من فإنه استداللية، عمليات عن نتحدث دمنا ما أوال، النوع االحتمالي، اإلشارة إلى أن األمر يتعلق بوضع من وليس االستنباطي. فمن )ب( ومن )أ(، املتضمنة لـ )ب( نقل يضمن ال االستدالل هذا ولكن )أ(؛ على نستدل في غموض إذن فهناك .)Andler, 1987( احلقيقة

معاجلة اإلجراءات "الطبيعية" السببية.التركيبي "لالنفجار راعيا دورا تلعب املراقبة كانت إذا ثانيا، أنها أي – ")l’explosion combinatoire( règles( استكشافية قواعد وضع البداية، منذ تستدعي heuristiques( لتحديد عدد املسالك املمكنة الكتشاف الوضعية والوصول إلى الكل، فإنه ال شيء يؤكد أن هذا في املدرجة القواعد أمناط فتعدد الصحيح. احلل هو توضيح في هذه، النظر وجهة من يساهم ال البرامج،

األمور.التي املهام أغلب أن مؤخرا االصطناعي الذكاء اكتشف وأخيرا، ثالثا كبيرا من تستدعي عددا بها ومعاجلتها، القيام يتعني عليه وثيقة مبعارف األمر يتعلق عندما وبخاصة املعلومات، في ويتم .)sens commun( املشترك باحلس الصلة أغلب طرف من املقترح احلل إلى اللجوء اإلطار، هذا أنظمة اخلبراء، حيث تدرج معارف مختص أو خبير داخل واملعرفية الداللية املكتسبات إخضاع دون محدد، مجال بالقيام تسمح وقواعد وقائع بناء بغرض وذلك للتنظير؛ بالعديد من عمليات التقومي واملعاجلة والبحث عن حلول مدقق، منظور ضمن هذا، كل وينجز املعني. للمجال )univoques( املعنى يروم احلصول على أجوبة أحادية .)hiérarchisées( على أسئلة دقيقة وخاضعة للتراتبالذكاء منعت املشترك، احلس "مشكلة أن هي والنتيجة اإلنسان" عالم في حرية بكل التغلغل من االصطناعي أنظمة أفضل هشاشة تبرز وهنا .)Andler, 1987(يبتعد عندما سليمة، غير أجوبة تنتج قد التي اخلبراء حتديد أجل من املوضوعة األولية املعطيات عن السؤال املجال والعالقات بني مكوناته: "فبإمكاننا، على املستوى الوصفي اخلالص نفسه، أن نشك في كون عملية "الوضع" ال إذ ملسعاه، أمينة صورة ترسم اخلبير، لها يخضع التي الحقا وتبريرها بنائها إعادة على إال اخلبير هذا يعمل من يحافظ جزئيا على سلوكه فهو وبذلك و"عقلنتها"،

.)Andler, 1987( "اخلارج

Page 51: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

52

ف الثقافة العلميةمل

والفسيولوجيا العصبي التشريح وكأن تنبها على عملوا الكالسيكي، العصبية لم يوجدا أصال! وبهذا املقتضى، فإن املنظور التحليلي للوضعيات وللتعليم، بتعابير القواعد وتركيباتها، ال يعتبر مشوها فقط، بل يتجاهل كليا واقع املالحظات. وكما أكد دريفوس )Dreyfus(، فإن هذه القواعد )interprétation volontariste( اإلرادي التأويل يبرزها التي املؤهالت تكتسب عندما مباشرة تختفي األولي، التعلم عمليات في في "نشتغل" فنحن هكذا، اجلسم. مستوى على وتستقر والكفايات وضعية اخلبرة كما في احلياة اليومية، بطريقة شاملة، عبر التعرف الفوري أو بتصورات أخرى التصورات والوضعيات واملشكالت ومقارنتها على التحليلية اإلجراءات إلى الرجوع يتم وال قبل. من مكتسبة بخطاطات لتفكيك مشكلة أو البحث عن انحصار أو تاهل نظام من العمليات، إال

.)Dreyfus, 1984( في حالة وجود عوائق أو عطل

الصدد، في بونتي في هذا ميرلو- وتكمن اخلطورة هنا، ونحيل على عبر ما، مبعنى الستينيات )Behaviorisme( سلوكية إلى الرجوع حاالتنا على وليس فقط، والظاهرة العمومية سلوكياتنا على التأكيد في جهازنا املتمثل )Bête noire( "البعبع" ذلك الداخلية، وتاهل هذا وإلنهاء األخير، وفي .)Andler, 1987( املركزي العصبي العرض حول ثغرات النزعة املعرفية الكالسيكية؛ نثير االنتباه إلى اجلهل أيضا وهو بالذهن؛ عالقتهما في واجلسم الدماغ حول القائم الكبير جهل كلي بالعوامل العاطفية واالجتماعية والثقافية املساهمة بشكل كبير في إقرار خصوصية األنساق احلية واإلنسانية. ونحن نعلم مع ذلك، كيف نفهم وال وتنيرها. املعرفية أنشطتنا العوامل هذه تخترق كيف التي )technicistes( التقنوية التنظيرات مستقبل عن احلديث ميكن

تهل هذه األبعاد األساسية ألنشطتنا املعرفية.

)Maturana( وتعمل انتقادات أخرى، مثل تلك الصادرة عن متوراناباملعنى ثورية، نظر وجهة إدراج على ،)varela( )1987( وفاريال اجلذري للكلمة، حيث مت رفض املقدمتني الكالسيكيتني للنزعة املعرفية أنظمتنا وهما من جهة، وجود عالم خارجي محدد سلفا ويتعني على هذه كون أخرى، جهة ومن كانعكاس؛ وإدراكه اكتشافه املعرفية

األنظمة املعرفية تشتغل كآالت ملعاجلة املعلومات مبداخل ومخارج.

منتظمة مستقلة، بآالت باألحرى، يتعلق األمر فإن إليهما، وبالنسبة ذاتيا، باعتبارها تقنيات متحركة ذاتيا، ال تتفاعل مع احمليط اعتمادا على املعلومات، بل على تدفق للطاقة يعدل من حاالتنا الداخلية ومن أنظمة

استقرارنا احمللية والعامة.

على الوقوف بل اخلارجية، األحداث حتليل ليس املهم، وسيكون الدينامية الداخلية والشاملة للنظام املعرفي، وكيف تتشكل هذه الدينامية تدريجيا على شكل "تميع ثنائي وبنائي" للنسق وللمحيط، وخصوصا على مستوى احلفاظ على الوحدة البيولوجية بغض النظر عن االختالفات phylo( القائمة. فتاريخ نوعنا اجتماعي وهو نوعي وذهني وجسميوالتفاعالت اللغة فإن املنظور، هذا ومن .)et ontogenétique

االجتماعية أثبتت فعاليتها منذ بداية تشكل معارفنا.

دون االقترانية النزعة في يتمثل املعرفية، للنزعة البديل املوقف إن

املعرفية النزعة حول الشبهة تثير األسئلة هذه مثل أن الواضح من الكالسيكية، وتعيد النظر فيها أكثر فأكثر. ويتجلى هنا موقفان ناجمان النقد املتزايد املوجه إليها: فالبعض يركز على ما يعتريها من نقص عن إلى بالنظر املتناقضة ومن قصور؛ والبعض اآلخر يؤكد على خاصيتها على يركزان معا، واملوقفان للمعرفة. ذاك أو الطبيعي الشكل هذا تنفيذ في الذكاء اختزال فإن فودور، يقرر وكما "املعنى". مشكلة أما أولية، شيء، رموز في املعقدة الرموز معنى واختزال بسيطة مهام Andler,( إبراز الرابطة بني الرموز والعالم بلغة مادية، فهو شيء آخر

.)1987

ولذلك، حاول فودور تطوير نظرية سببية للداللة، بنجاح نسبي، حيث .)Foder, 1985( املعرفي والنظام لتفاعل احمليط نتاجا املعنى اعتبر عن الفوري التخلي جهته، من اقترح فقد ،)Searle( سورل أما املفاهيم )Searle, 1980(. غير أن أدق االنتقادات، صدر عن بوتنام )Putnam( الذي أكد أنه على الرغم من تبني أطروحات النزعة املعرفية كنظرية حاسوبية للتمثالت، فإن ذلك ال يشكل بأية حال من األحوال،

تأويالت لتمثالتنا الذهنية.

وبني التمثالت "حساب" بني اخلصوص هذا في التمييز ويجب املواقف )معتقدات، رغبات، ... الخ( التي تترجمها، دون أية إشارة التمثالث تكون أن وترسخها. هكذا، "يتعني تنقلها التي للمضامني

.(Putnam, 1983, 1988) "مؤولة مثل باقي العالمات األخرى

املعرفية النزعة هذه على العامة، االعتراضات من العديد فإن وأخيرا، الكالسيكية، يصدر عن اجلهل القائم بصدد العالقات بني الذهن والدماغ، ال احلاسوبية، األطروحات هذه كل ففي واجلسم. الذهن بني وأيضا تؤخذ مساهمات الفسيولوجيا العصبية بعني االعتبار. ولرمبا ردت علينا العصبية، ألنها "وظيفية" العلوم أعمال تتوافق مع بأنها املعرفية النزعة أن السذج- ميكن قول بعض الذهن -على حد من حيث طبيعتها وألن

يترسخ بالدماغ مثل البرنامج أو اللغة اآللية داخل اآللة.

،)Churchland( لكن العديدين، كما هو الشأن بالنسبة لتشرشالنديسلمون بأن املعارف الوحيدة التي ميكن أن تتطور في املستقبل، تتمثل في العلم املعرفي وفلسفة الروح، اللذين يستلهمان النماذج الفسيولوجية .)Churchland, 1986( رفيعا ويتضمنان مستوى وصفيا العصبية ويذهب هؤالء إلى التشكيك في بقاء السيكولوجيا بالشكل القائم حاليا الشعبية السيكولوجيا ذلك في مبا وحقولها، مناهجها مستوى على أو معتقدات )مخاوف، باملواقف املهتمة )folk psychologie(

رغبات( والتي تسعى النزعة املعرفية إلى حمايتها.

ال إليه، فبالنسبة تدقيقا؛ أكثر )Denette( دينيت نظر وجهة وتبدو التفسير على ذاك، بل يتعني االشتغال مجال لتفضيل هذا املستوى من ومن املستويات. مختلف بني املتبادلة والتفاعالت اإلكراهات على وجهة النظر هذه، ستحافظ السيكولوجيا املعرفية على دورها في تفسير

.)Denett, 1978( األشكال والوظائف اآللية

املعرفي االتاه أصحاب فإن واجلسم، الذهن بني العالقة مسألة أما

Page 52: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

53

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

اليوم تراجعوا االقتراني االتاه أصحاب لكن املعرفية. املواقف مع ورفضوا مفهوم النسق الصوري؛ فليست رموز هذا النسق هي التي يتم االشتغال عليها، بل القيم الرقمية. هنا حدثت القطيعة بني املوقفني: كل يتضمن املتبع، التحليل كان وكيفما املعرفي، النموذج "فداخل .)univoque-conventionnel( عليه متفقا وحيدا معنى عنصر أما داخل الشبكة، فإن املعنى على العكس، ال يظهر إال على مستوى ملفاهيم التدريجي باالنبثاق يسمح ما وهو األنشطة. من محدد غير هذه صياغة أيضا ويفسر تعاملها؛ في الشبكة تقدمت كلما جديدة، منطق إلى اللجوء ودون طبيعي بشكل معينة، سياقات في األخيرة .)...( ومنطي وجائز خاطئ هو ما منطق أي احتمالي، أو غامض تعمل أو الشبكات تنجزها التي املعرفية العمليات كل اعتبار وميكن للترابط كأشكال ومتنوع، ومباشر طبيعي بشكل صياغتها على وكترتيب األشكال على وتعرف كإدراك وأيضا التصورات، بني وعلى .)Andler, 1987( واستقراء" إدماج أو وتكملة وتصنيف الكاريكاتورية بالصيغ فيها كل شيء، يتم التي املعرفية النزعة خالف أصيلة، بطريقة هنا تعالج املعنى مسألة فإن االستنباطي، لالستدالل ترابط؛ أو اتفاق صيغة يتخذ )exogène( "خارجي" حتديد عبر

منوذج على املرتكزة واملناهج التيارات من العديد تشمل وهي منازع؛ الشبكة العصبونية )réseau neuronal(، بحيث تأخذ شكل شبكات أنشطتها. بانتشار يسمح ما بينها، فيما متواصلة بسيطة وحدات ذات وتتلخص فكرتها في كون الشبكة تتطور عندما ينشط احمليط، وبالتالي نشاطها، مستوى إبراز أو حتويل أو النظر بإعادة تقوم وحدة كل فإن بالنظر ملا تستقبله من معطيات -مؤثرة أو مانعة- من هذا احمليط أو من

الوحدات املجاورة لها واملتواصلة معها.

أن إلى العملية وتستمر جديدة قيمة العام النظام يكتسب هكذا، هذا عن صادرة كإجابة ذاك، أو القدر بهذا دائمة حالة على تستقر يتعلق األمر فإن اإلشارة، سبقت وكما احمليط. تدخل على النظام بعودة إلى اخلطوات األولى للسبرنتيقا، عندما بني ماك كولش وبيتس حساب املمكن من أنه ،1943 سنة )Mc Culloch et Pitts(الوظائف املنطقية بواسطة شبكات الوحدات املسماة عصبونات صورية )neurones formels(، معتبرين أن هذه الشبكات متثل "تسيدات إدراج مت بعد، وفيما .)embodiments of mind( للذهن" مستوى إضافي وهو املستوى الرمزي، الذي مكن من حصول تقارب

مشهد من مسرحية »عطسة« نظمها مسرح احلرية في جنني.

Page 53: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

54

ف الثقافة العلميةمل

"كفضاء جديد للرهانات" وإعادة تشكيل )reconfiguration( ليس التاريخي للسؤال أيضا بل املعرفة، ووظائف ودعامات لصيغ فقط حول عالقات اجلسم والذهن والدماغ والنشاطات الطبيعية أو املجردة. النقاش فإن واالقترانية، املعرفية النزعتني بني التاريخية للقرابة ونظرا برامج تعدد إلى بالنظر املستقبل، بينهما، بل سيتم في يقوم لن الكبير تفسيرية براديغمات أو براديغم النبثاق شك، دون تهيئ التي البحث للطريقة وباخلصوص لألشياء؛ معنى منحنا لطريقة وبالتالي ملعارفنا، واملجتمع جسدنا وأيضا املركزي العصبي جهازنا عبرها يساهم التي املعنى هذا تأسيس في اللغة- بينها -ومن الكبرى" الرمزية "بأجهزته العالم مبعرفة املتعلقة عملياتنا كل في جميعها املعطيات هذه وانخراط

ومتثله وإدراكه.

جورج فينيوترجمة: د. عز الدين اخلطابيعضو احتاد كتاب املغرب

auto-( يعرف بالتنظيم الذاتي )endogène( "وعبر حتديد "داخليمتثل صعوبات فإن األحوال، جميع وفي .)organisationاالقترانية األعمال أن كما حتل، لم املعرفي نظامنا ووظائف بناءات بعض ويفضل األمر. هذا في للحسم الكفاية فيه مبا متقدمة ليست ممثلي االتاه االقتراني، الذين يدركون صعوبة مواجهة النزعة املعرفية القائمة، التأكيد على أنهم يعاجلون املستوى امليكروسكوبي و"الرمزي املعرفية النزعة تعالج حني في ،)Subsymbolique( الفرعي" االتاه أصحاب فإن هكذا، "الرمزي". أو املاكروسكوبي املستوى االستدالل -مثل عال مستوى من املعرفية العمليات يحللون املعرفي في السياق؛ تدخل وتستدعي ببطئها تتميز التي الخ- ... والوعي حني يدرس أصحاب االتاه االقتراني الظواهر السفلى، مثل اإلدراك

الفوري أو اآللي املستقل عن السياق.

وهذه النقاشات هذه كل فحص عند نفسها تفرض التي اخلالصة إن املنظورات الشمولية تارة واجلزئية تارة أخرى، تخص صورة العلوم املعرفية

الهوامش

* جورج فينيو، مختص في العلوم املعرفية وحاصل على شهادات علمية في ميادين اللسانيات والسيكولوجيا والفلسفة. هو مدير أبحاث في املركز الوطني للبحث

العلمي بباريس، كما عمل مستشارا علميا وتقنيا في مجال العلوم املعرفية، لدى البعثة العلمية والتقنية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ما بني سنتي 1993 و1998، ومدير مختبر التواصل والسياسة باملركز الوطني للبحث العلمي ما بني سنتي 2000 و2005. من بني مؤلفاته نذكر:

1 مدخل إلى العلوم املعرفية، دار االكتشاف، باريس 1991.2 تنظيم التفكير، دار النشر لوسوي، باريس 1994.

3 بناء املعنى، منشورات جامعة الفال، كيبك 2005.4 اقتطف هذان الفصالن من مؤلف جورج فينيو مدخل إلى العلوم املعرفية، الصادر عن دار االكتشاف بباريس سنة 1991.

Georges Vignaux, Les sciences cognitives, une introduction, éditions La Découverte, Paris 1991, pp: 7/14 et 311/313.وقد ترجما خصيصا مللف الثقافة العلمية في مجلة رؤى تربوية، وقائمة املراجع اخلاصة بهما مثبتة في النسخة اإللكترونية.

من إحدى فعاليات جمعية الكمنجاتي في جنني.

Page 54: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

57

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

مسألة هي التحليلية والفلسفة املنطقية التجريبية مشكلة كانت فإذا العلم عبارات بني والفصل العلم، عبارات من التجريبي التحقق عن يتساءل إذ ذلك، من أبعد يذهب كواين فإن الزائفة، والعبارات الذي يشكل عنوان العلم، من هنا سؤاله، التي يدرسها املواضيع نوع يوجد«،6 الذي »ما أقصد، منطقية«، نظر »وجهة من األولى املقالة أن ذلك علمية. أو منطقية نظرية نقبل عندما أنطولوجيا به نلتزم عما حتيل ال أنها أي بوجودها، يلزمنا ال »البراق« مثل أسماء استعمال »فيلسوف« مثل احملاميل استعمال أن كما محددة. كائنات أي على في العبارة »سقراط فيلسوف« ال يعني أنها عامة. في حني أن استعمال ما بوجود شيء يلزمنا )Bound variables( بسور املقيدة املتغيرات مثال ذلك: »بعض الكالب بيض« يلزم عنها »يوجد شيء ما هو كلب وأبيض في الوقت نفسه«؛ لكن ال يلزم عنها تسليمنا بوجود »البياض« معيار إلى كواين يلجأ األمر، ولتوضيح عامة. كحدود »الكلبية« أو إعادة صياغة العبارات، باملوازاة مع نظرية األوصاف التي حل بها راسل من التخلص من املعيار هذا مكنه وقد املشهورة،7 الثالثة املعوصات كواين استطاع وعليه، ما. شيء بوجود بااللتزام واالحتفاظ األنواع بوجود اجلزم يرفض ألنه الكليات من الصياغة إعادة عبر يتخلص أن خاصة، صورنة بطريق قبلنا إذا إننا القول حاصل املجردة. الكائنات فسنضطر لقبول األنطولوجيا التي تناسبها. مبعنى آخر إن كل صورنة أو

نظرية منطقية لها أنطولوجيتها اخلاصة.

وعلى الرغم من أن التساؤل حول »ما الذي يوجد« ذو طابع أنطولوجي محض، فإن كواين ال يتردد في وضعه سعيا وراء التساؤل اجلذري حول

التحليلية، التالية: باملواضيع الفلسفية لكواين عموما النقاشات تتعلق الترادف، امتناع حتديد ترجمة العبارات النظرية، القضايا، امتناع حتديد امتناع األنطولوجية(، النسبية أو اإلحالة، متحيص امتناع )أو اإلحالة النزعة الطبيعية، النزعة الهوليستية، النزعة الفيزيائية، النظرية حتدد

التجريبية، النزعة السلوكية، النزعة املاصدقية ... الخ.

يستلزم فهم الفكر اإلبستيمولوجي والفلسفي لويالرد كواين فهم السياق اإلشكالي الذي ظهر فيه، وهو ما يلخصه في مستهل الفصل السابع من كتابه »النظريات واألشياء«، حيث يقول: »خالل القرنني املاضيني كان األفضل. نحو للتغير التجريبية النزعة فيها أفلحت أمور خمسة هناك أولها االنتقال من األفكار إلى الكلمات. وثانيها حتول اهتمام الدالليات من األلفاظ إلى القضايا. وثالثها انتقال اهتمام الدالليات من القضايا إلى نسق القضايا. ورابعها مبدأ املنهج الواحدي الذي وضعه مورتن وايت )Morton White( ومفاده ترك الثنائية: حتليلي- تركيبي. وخامسها سابقة أولى فلسفة نحو السعي عن التخلي أي الطبيعي؛ املذهب هو يتعلقان والثاني األول األمرين أن الواضح من الطبيعي«. العلم على بالفلسفة الوضعية والتحليلية، والثالث بالنزعة الكليانية أو الهوليستية، والرابع بنقد الوضعية املنطقية باعتماد نقد معتقدينها، واخلامس يلخص

فلسفة كواين الطبيعانية.5

الداللة واإلحالة، الوضعية ومفهوم النزعة بنقد ارتبطت فلسفة كواين التصور ل يعد أو يتجاوز لإلبستيمولوجيا جديد تصور تبني وبالتالي التحليلي السائد ملهمة الفلسفة أو اإلبستيمولوجيا على وجه اخلصوص.

اإلبستيمولوجيا الطبيعانية عند ويالرد كواين

د. يوسف تيبس

يعتبر كتاب »من وجهة نظر منطقية« أول كتاب فلسفي لويالرد فان أورمان كواين،1 كما يصرح بذلك في مقدمة 1980، وبالتالي أكثر كتبه مثارا للجدل، ألن الكتابات السابقة على هذا الكتاب منطقية بامتياز. وعلى الرغم من أن عنوان الكتاب يوحي بأن البحوث الواردة فيه منطقية صرفة،

فإن مفهوم املنطق عند كواين فلسفي باألساس، وهو ما يفسره العنوان الفرعي الذي يربط بني املنطقي والفلسفي في لفظ واحد مركب.

بني الوثيقة العالقة في التحقيق إنه اإلحالة وحتديده. مفهوم النظريات من خالل حتليل أو والعلم املنطق واألنطولوجيا بني كواين فلسفة تمع فريجه2 أو ووايتهيد راسل من يستقيها التي املنطقية األدوات ذلك في معتمدا واإلحالة، املعنى أمر في البت خالل من واألشياء النظريات وغيرهم، أو يبتكرها كلما دعت إلى ذلك احلاجة. يقول كواين: »إنني ال أقترح اعتماد الوجود على اللغة. ما نحن بصدد مناقشته ليس هو الواقع األنطولوجي بل االلتزام األنطولوجي للخطاب. إن ما يوجد ال يتوقف، بشكل عام، على استعمال املرء للغة، بل على ما يقر املرء بأنه يوجد«،3 وهذا األمر بالضبط هو ما يشكل األهمية القصوى، ومن ثم احلاجة امللحة ملن يسعى إلى فهم القضايا واملشاكل الفلسفية والعلمية املعاصرة؛ ألن »الفلسفة والعلوم تقدم إمكانيات النهائية االختالف حول ما يوجد«،4 ما يعني أن ما يهم »من وجهة نظر منطقية« ليس ما يوجد بل ما تقر نظرية ما

بوجوده.

Page 55: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

58

ف الثقافة العلميةمل

مختلفة؛ سواء داخل اللغة نفسها أم باخلصوص بني لغتني مختلفتني من خالل افتراض أو اصطناع8 تربة املعجمي أو اللغوي الذي يسعى إلى ترجمة لغة غريبة عنه، بدائية مثال، إلى لغته اخلاصة من دون أن يتوفر على سجل للترجمة أو مرشد؛ ويتساءل عن كيفية وضعه للتقابالت بني احلدود واأللفاظ، وبني العبارات، وبني الروابط املنطقية من اللغتني. مكونات بني الداللي التكافؤ من نوعا الترجمة هذه مثل تستلزم اللغتني، ما يعني أن نقد كواين للترجمة هو نقد باألساس للداللة، التي شكلت أساس التصور الوضعي ملعيار التحقق، وبخاصة مع رودولف كارناب، علة ذلك في نظر كواين أن اختبار سجل الترجمة ال يتوقف التي املفهومية خطاطاتنا على بل ،)fact of matter( الوقائع على اكتسبناها عبر تعلم اللغة. لذا، عندما نترجم، فإننا نسقط منطق لغتنا ومقوالتها ومعيشنا على اللغة املترجمة،9 إذ ندمج بشكل واع مقوالت الغريبة اللغة مقوالت اكتشاف يتم ال ثم ومن الغريب. لغة في لغتنا صحة مدى من للتحقق سبيل أو معيار يوجد ال وعليه ابتكارها، بل ومن الغريب، لغة في غرابة أو شذوذ أي فمالحظة هكذا الترجمة. سوى احلقيقة في ليس تخلفها، وحتى بالعقالنيتها أحيانا احلكم ثم شذوذ في لغة املترجم. بعبارة أدق، إن الترجمة هي فرض ملقوالت لغة املترجم على لغة الغريب. وبالتالي فهي محاولة إلزالة كل تعارض بني

ر«. ش« وفكر املترجم »املتحض الفكر »املتوح

وليبرهن كواين على ذلك يبدأ بتعريف ما يسميه »مثير الداللة« في ملفوظ ما، باعتباره تلك الفئة من املثيرات التي تدفع الشخص إلى االنتقال إلى امللفوظ؛ مثال: إذا كان امللفوظ هو »سيارة«، فسيتضمن »مثير الداللة« وصوت الطريق من ينبعث الذي الغبار )Stimulus-meaning(احملرك ... وكذا موضوعا طبيعيا له شكل وحجم محدد. وبناء عليه،

ميكن تقسيم العبارات إلى فئتني:السيارة، مثل )occassions sentences( ظرفية عبارات )1واألرنب، والشجرة ... الخ، التي ال تقبل إال عندما يظهر »مثير

الداللة«.النووية »الطاقة مثل )standing sentences( حملية عبارات )2خطيرة« التي ميكن أن تقبل في غياب »مثير الداللة«. وعليه، تكون عبارتان »مترادفتي املثير«، حسب كواين، إذا كان لهما »مثير الداللة« نفسه في اللغة نفسها. وهذا هو حال أغلب العبارات احلملية. يعتمد اللغوي أو واضع املعاجم أو املترجم على هذا النوع من الترادف ملعرفة يعمد فإنه املترجمة، اللغة إنه يجهل لغة غريبة وترجمتها. وحيث إلى ما يسميه كواين بـ »الفرضيات التحليلية«، وهي الفرضيات التي يحاول من خاللها اللغوي تفكيك أو حتليل العبارات أو امللفوظات إلى كلمات أو مفردات بشكل حدسي، ما يجعل إمكانية اخلطأ واردة دائما؛ مثال ذلك )psychosociology( التي قد يقسمها إلى أكثر من مادتني معجميتني أو أقل؛ أو »جافاجاي« في اللغة البدائية التي قد يالحظ املعجمي املترجم أنه لفظ »مثير- مرادف« لـ »أرنب«، دون الفرق أي وسيلة الكتشاف يتوفر على يبرهن على ذلك ألنه ال أن

الداللي بني »جافاجاي« و »أرنب«.

ترادف عن كواين، حسب احلديث، املقبول من كان إذا هكذا، عبارتني باعتماد املثير بناء على االتفاق اللغوي، فال معنى للتساؤل إن كانت لهما »الداللة نفسها«؛ أي التماثل الداللي، ألن لفظني يكونان،

التي ليست سوى خطابات حول ما يوجد أو العلمية النظريات أساس باألحرى حول ما تقر أنه موجود. إن وضع هذا السؤال، في نظر كواين، العالقة بني نوع بل فقط حتديد أو اجلوهر، املاهية إلى حتديد يهدف ال العبارات العلمية والواقع، وبالتالي حتديد مسألة تناظر الواحد بالواحد عيها النزعة الوضعية أو التجريبية املنطقية. وبالطبع يستلزم البت التي تدالذي سيضطر العبارات وتصنيفها، وهو األمر التناظر حتليل داللة في كواين إلعادة النظر في مسألة التمييز بني العبارات التحليلية التحصيلية، التي ال يضيف محمولها إلى موضوعها شيئا، والعبارات التركيبية التي

يستقى محمولها من التجربة، إنها بلغة كانط عبارات بعدية.

سيخصص كواين لهذا األمر املقالة الثانية من هذا الكتاب، أي »معتقدا في أهمية وأكثرها املقاالت أشهر من اعتبرت التي التجريبية«، النزعة القرن العشرين. متكن كواين من إبطال التمييز بني التحليلي والتركيبي، وبالتالي هدم نظرية التجريبية املنطقية في املعرفة، معتمدا مثال »ال واحد من العزاب متزوج«، ليبني أن الركائز التي تقوم عليها التحليلية، خاصة القابلية للتبادل واحلفاظ على الصدق، ليست فعالة بشكل مطلق: ميكن استبدال »غير متزوج« بـ »عازب« كمرادف لها، ما يضع مشكل الترادف والهوية الترادف على التحليلية )تقوم الداللة مشكل وكذا الداللي على احلفاظ مع اإلنابة أو للتبادل القابلية مبدأ وبالتالي الداللية(، الصدق. يستنتج كواين من هذا التحليل عدم وجود العبارات التحليلية املنطقية التجريبية النزعة إن وحيث للتبادل. القابلية مبدأ إلى املستندة الدالة العبارات اختزال كل إمكانية تقوم، من جهة، على فكرة كانت إلى عبارات بسيطة ترتبط مباشرة بالتجربة، يطلقون عليها اسم العبارات يسمح ما ،)Protokollsätze( البروتوكول عبارات أو األساسية بالتحقق من داللتها وبالتالي علميتها أو العكس؛ ومن جهة أخرى على عبارات حتصيلية ال يحتاج تأكيد صدقها أو كذبها إلى التجربة، بل فقط إلى التكافؤ أو الهوية بني حدودها، ما يجعلها حقائق منطقية غير قابلة حتليلية عدم تبيان إلى األول للمعتقد بالنسبة كواين سيعمد لإلبطال، الثاني للمعتقد بالنسبة وسيبرهن كذلك؛ تبدو التي العبارات بعض العلم تأسيس أو التحقق، عملية تسهيل أجل من االختزال عملية أن العلم عبارات اختبار وأن يقينيا، أمرا ليست املباشرة، التجربة على التجريبي ال يتم بشكل فردي، بل بشكل جماعي مترابط )هوليستي(؛ ومن ثم ال أحد قادرا، في نظر كواين، أن يعرف أي العبارات العلمية العبارات قابلة للتصحيح يجب تركها وإبطالها بشكل مسبق، ألن كل غير وبالتالي بديهية، أحيانا العبارات بعض تبدو قد املبدأ. حيث من قابلة لإلبطال، لكن السبب راجع إلى جهلنا بالشروط التي ستؤدي إلى تركها من قبيل اكتشاف »الكوانطا« الذي أدى إلى ترك مبادئ كانت تعتبر

ية والثالث املرفوع. بديهية وقبلية؛ مثل مبدأي العل

سيبتكر كواين لهذا الغرض جهازا مفاهيميا متسقا منطقيا يرتبط مبحاولته رفض معتقدي النزعة التجريبية املذكورين، أقصد، التمييز بني التحليلية والتركيبية واالختزالية؛ أهم هذه املفاهيم، امتناع حتديد الترجمة وامتناع

متحيص اإلحالة أو لنقل أسطورة الداللة.

امتناع حتديد الترجمة

التكافؤ الداللي بني عبارات البرهنة على استحالة وضع حاول كواين

Page 56: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

59

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

هذه إلى كواين منها ينظر التي النظر وجهة هي ما أخرى، بعبارة األمور، وكيف يتسنى له إدراك امتناع الترجمة وغياب الداللة كقوام للتكافؤ الداللي الذي أقره فريجه؟ ميكن اإلجابة انطالقا من التنبيه إلى ربط كواين بني اخلطاطة املفهومية والتنشئة االجتماعية التي يخضع لها تفرض لغة، كل وبالتالي مجتمع، كل إن اللغة. تعلم عبر اإلنسان تصوراتهم في تتحكم متعلميها، على مفهومية خطاطة تعلمها أثناء التخلص يقدرون على بكل مكوناته؛ وال للعالم وفهمهم وإدراكهم املفهومية للخطاطة خاضعة أيضا تكون الترجمة أن يستلزم ما منها، ميكن ال بل »محايثة«، ترجمة بذلك فتكون للمترجم، اخلاصة التخلص من هذه اخلطاطة. بعبارة أخرى، ال توجد »وجهة نظر بريئة« تند عن اخلطاطة املفهومية، لذا تضطر كل ترجمة أن تبدأ وتنتهي داخل النظر وجهة إن القول حاصل خاللها. ومن )at home( اخلطاطة نترجم املفهومية، فنحن الفلسفية لكواين هي احملايثة ضمن اخلطاطة وجهة نظرنا في اللغة الغريبة؛ ما يدفع كواين إلى التشكيك في إمكانية التجرد من خطاطتنا املفهومية، وبالتالي التمكن من تصور أمناط تفكير

مغايرة لنا.

امتناع متحيص اإلحالة

إذا كانت الداللة أسطورة ألن الترجمة، أي تغيير التركيب أو الصرف ملقوالت إسقاط مجرد الصدق، أو الداللة على احلفاظ مع اللغوي لغة املترجم على اللغة املترجمة، وكانت عناصر الدليل اللساني هي: حاصل الداللة تشكل بحيث املرجع؛ أو واملسمى واملدلول الدال العالقة بني الدال واملدلول، وهذه تبني وضعها عند كواين، واإلحالة هي حاصل العالقة بني الدال واملرجع؛ فما هو تصور كواين لإلحالة؟ بعبارة أخرى، هل يسلم كواين بوجود العيني؟ الواقع وما هو وضع اإلحالة دون الداللة كما يفعل فريجه؟ وهل ميكن أن نتحقق أو نختبر لدى اإلحالة ترتبط معرفة مواضيعه؟ بغية الداخل من قوال أو نظرية النزعة التجريبية والوضعيني املناطقة بالتحقق التجريبي؛ أي الربط بني غير احلسي. املعطى أو املباشرة والتجربة ما لنظرية العلمية العبارات أن كواين يعتبر املعطى احلسي مجرد أسطورة أيضا ألن األمر يتعلق، ذاتها املواضيع في إن بل باألحاسيس.14 باملواضيع وليس في نظره، ال توجد إال من خالل اللغة التي ترد فيها. علة ذلك أن املعطى احلسي يظل مشتتا إلى كيفيات ما لم يتم توحيدها عن طريق اإلدراك والتفكير ألن للتجربة؛ الوحدة متنح التي هي فاملواضيع املواضيع، خالل من الواقع يعطى لنا كـ« تعددية مواضيع قابلة للتعريف والتمييز، وبالتالي تتم اإلحالة عليها بحدود عامة ومفردة«.15 وهو ما يؤكده في مقال »ما تتغيا التي الفيزيائية، املفهومية اخلطاطة »إن يقول: إذ يوجد« الذي احلديث عن املواضيع اخلارجية، متنحنا امتيازات كبيرة لتبسيط تقاريرنا إدراكات ونعتبرها املبعثرة احلسية الوقائع ع جنم فعندما الشاملة. ملوضوع ما، فإننا نختزل تعقيد زخم التجربة احلسية في بساطة مفهومية إلسناد املوجه املبدأ بالفعل هي البساطة قاعدة إن تدبيرها. ميكن املعطيات احلسية إلى املواضيع«.16 إال أن البساطة غير كافية من أجل األولية حتى املواضيع، كل أن ذلك معينة؛ لنظرية التجريبي التبرير منها، نظرية.17 كما يقر كواين في نهاية كتاب »الكلمة والشيء« أن »ال تربة قادرة أن تبت في مسألة أنطولوجية«، ليس بسبب الطبيعة اخلاصة بوساطة بالتجربة ترتبط األخيرة هذه ألن بل األنطولوجية، لألسئلة

التحليلية الفرضيات من مجموعة ضمن مترادفني كواين، نظر في اخلاصة.

هناك متاثل بني الترجمة اجلذرية وصيرورة تعلم الطفل للغة، ألن »حالة مدى في البت الصعب من إذ الغريب«،10 حالة تشبه الطفل تعلم التطابق، في استعمال الطفل، بني األلفاظ واملواضيع، وبني استعماله للروابط اللغوية والروابط املنطقية. بل من املستحيل معرفة نوع املوضوع الذي حتيل عليه ملفوظاته ألنه من املستحيل معرفة إن كان الطفل يفرق حقا بني لفظ كمي )غير قابل للعد( مثل احلليب ولفظ مفرد يعني موضوعا مثل الطاولة؛ أو بني التفاحة كمادة أو كثلة وبني التفاحة كموضوع.11 حتديد امتناع عن احلديث عند كواين يسوقه الذي نفسه الدليل وهو امللفوظ مثال الداللة، من خالل امتناع حتديد اجلذرية، وكذا الترجمة »جافاجاي« )Gavagai( الذي يعني في هذه اللغة البدائية: »أرنب«، إذ في كل مرة يتلفظ البدائي بهذه اجلملة يدل في الوقت نفسه على جزء ملتصق باألرنب، ويضفي على قوله صفة »األرنبية«، ومرحلة من حياة األرنب، واملساحات املكانية املوجودة على يسار وعلى ميني األرنب... الخ. وبذلك إذا أراد اللغوي أن يعرف إن كان »جافاجاي« حدا عليه أن يسأل البدائي: »هل هذا اجلافاجاي هو نفسه اآلخر؟«، أو »هل هذا الـ: جافاجاي واحد أم اثنان؟«؛ وليفعل هذا عليه أن يترجم مكونات لغته إلى لغة البدائي، وهو ما يستلزم وضع فرضيات حتليلية. وحيث إن ترجمة املعطيات لتحديدها، البدائي تعتمد هذه لغة النظرية وحدود العبارات ترجمة عبارات اللغوي على تساعد التي املعطيات، أقصى إن وحيث اللغة البدائية، هي نفسها تلك التي تعني كل متعلم للغة على حتديد داللة التعابير اللغوية، هي معطيات تتعلق بالسلوك اللغوي للمتكلمني بهذه اللغة، لزم أن داللة العبارات النظرية وحدود اللغة يتم حتديدها باالستناد

إلى هذه املعطيات.

لكن ماذا عن الروابط املنطقية التي تعتبر كونية، هل تخضع هي كذلك املنطقية في األصل الروابط أن الرغم من الترجمة؟ على المتناع حتديد جزء من اللغة الطبيعية، إذ يتأسس السلوك الشفاهي على االتفاق حول احلقائق املنطقية، ويتم اكتساب االتفاق حول هذه األحكام، ألن »عادة النحوية«،12 العادات مع نفسه الوقت في تكتسب احلقائق هذه قبول يصونها كواين فإن نفسه؛ للمنطق تخضع أن املفروض من وبالتالي من هذا األمر، ألن معايير الترجمة، في نظره، هي معاييرنا وتعتمد في تعريفها على منطقنا، وال يوجد ما هو أفضل من هذه املعايير.13 غير أن هناك فرقا بني امتناع حتديد ترجمة الروابط املنطقية وذلك املتعلق باألسوار يتم األسوار في البت معيار أن إذ والكلي(، البعضي أو )الوجودي بواسطة معيار »ما هو موجود«؛ أي: »الوجود هو أن يكون قيمة متغير«.

وهو ما يصطلح عليه كواين مبعيار االلتزام األنطولوجي لنظرية ما.

من متوالية تستبدل عندما شيئا تنقل ال الترجمة إن القول حاصل احلروف أو الكلمات أو اجلمل بأخرى، مبعنى أنه ال يوجد شيء مشترك بني طرفي التكافؤ الداللي املفترض. بعبارة أدق، ال وجود ألي داللة ككائن لغوي ميكن أن يكون أساسا للترجمة، ومن ثم ال وجود لقضايا

هي دالالت للعبارات.

للتساؤل عن مرجعية كواين نفسه، يضعنا هذا األمر في حيرة تدفعنا

Page 57: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

60

ف الثقافة العلميةمل

حالة في وهي السفينة بتصليح املعرفة لتطور تشبيهه نوراث أوطو من إبحار. وهو تشبيه يختصر النزعة الطبيعية واإلبستيمولوجيا الطبيعانية21 يتبناها كواين. ذلك أن مهمة اإلبستيمولوجيا لم تعد هي تأسيس التي املعرفة بل التحقق من كيفية توصل اإلنسان إلى احلالة الراهنة للمعرفة؟ على تعمل التي اللغة تعلم فكرة على الطبيعانية اإلبستيمولوجيا تقوم اخلطاطة عبر املنطقية والقوانني والنظريات( )الفرضيات العلم تشكيل

املفهومية التي تتم مراجعتها بالنظر إلى التجارب اخلاصة.

بعبارة أدق، إن تطور املعرفة، حسب كواين، مندمج بشكل طبيعي في تطور النوع البشري، ومن ثم ال توجد ال فلسفة أولى وال منطق قبلي أو أولي يؤسسان املعرفة واملنطق. إن اإلبستيمولوجيا الطبيعانية هي، بلغة ميشيل سير، إبستيمولوجيا علمية ألنها تعنى بنفسها دون ما حاجة إلى ما يؤسسها، يقول كواين: »تعتني املعرفة واملنطق بنفسيهما« لذا »ميكن لإلبستيمولوجي أن يستعمل بكل حرية النظرية العلمية برمتها«.22 يلزم يسقط جسم اإلنسانية الذات كون لإلبستيمولوجيا كواين تصور عن ماديته على العالم انطالقا من بنية خطاطته املفهومية، فيكون احملصول هو نسق العلم. كما تتضمن اإلبستيمولوجيا املنطق ألنها تنظر في طبيعة

املواضيع واألشياء وقيمها وسبل تكميمها.

حاصل القول، إن تطبيع اإلبستيمولوجيا يعني التخلي عن تأسيس املعرفة بغير املعرفة نفسها، ومن ثم ما يجب تطبيعه هو الطبيعة اإلنسانية، وليس التأكيد باللغة والعلم والنظرية يعني املفهومية العقل. إن ربط اخلطاطة على قدرات اإلنسان الواقعية وحدودها، ذلك أن اإلنسان يتحدث عن

العالم، ككائن متجذر فيه، باللغة والعلم.

في الفلسفة، تختلف ال إذ والعلم الفلسفة بني الفصل كواين يرفض نظره، عن العلوم اخلاصة إال من حيث درجة العمومية، فبدل أن تهتم العلوم بوجود »البراق« مثال تهتم بوجود الفئات والصفات. كما تعالج الفلسفة قضاياها من خالل اللغة باعتماد االرتقاء الداللي من املادي إلى يوضح قضاياه أن الفيزيائي كما على الفيلسوف لذا، على الصوري. عن طريق إعادة بناء خطابه )معيار إعادة الصياغة(. لكن يجب أن يسلم بعدم وجود أي إمكانية لبناء لغة صورية منوذجية، طاملا أن املنطق ال يأتي بشيء جديد ال يوجد في اللغة الطبيعية، ومن ثم يجب أن نعمل ضمن مقاصدنا لبلوغ حتسينها إلى ونسعى املفهومية، خطاطاتنا أي لغتنا،

اإلبستيمولوجية والعلمية.

تبنيها التي الدوال الفلسفة هي وصف املنطلق، ستكون مهمة من هذا تستوفي حتى املفاهيم، مراجعة أجل من املنطقية، وبخاصة العلوم، يجب أوجز، بعبارة الفلسفة. تصفها التي الدوال فعالية أكثر بشكل تنقية القول العلمي من املواضيع املجردة، وبالتالي من الكليات، ومن الداللة ككائن مجرد، ومن املواضيع كحقائق واقعية، ومن املوجهات املنطقية؛ من أجل اإلبقاء على اخلطاطة املفهومية واملواضيعية، وااللتزام

األنطولوجي وقيم املتغيرات أو السور الوجودي.

د. يوسف تيبسأستاذ املنطق والفلسفة املعاصرة،جامعة محمد بن عبد الله، فاس، املغرب

التمحيص. لكن التي تعلها غير قابلة للبت أو النظريات العديد من كيف نعرف مواضيع نظرية ما؟ تبني صياغة السؤال حسب كواين، أنه دائما يستند بأسلوب مطلق ودائري،18 ألن اجلواب فارغ ألنه مصاغ ميكن ال أخرى، بعبارة برهان. دون مقبولة أخرى أنطولوجيا إلى قبول نظرية معينة إال في إطار نظرية أخرى تكون خلفية بالنسبة لألولى حول التساؤل اخلطأ من سيكون لذا ،)background Theory(أنطولوجيا نظرية علمية؛ بدل ذلك يجب التساؤل عما تقر بوجوده، بالنظر وبالتالي اخللفية؛ النظرية إلى بالنظر األنطولوجي التزامها أي إلى امتناع حتديد الترجمة ما بني النظرية »املوضوع« والنظرية اخللفية. العلمية النظريات أنطولوجيا البحث في ينتهي بد أن بعبارة أخرى ال إلى ما تسلم به هذه النظرية من مواضيع، فتشكل بذلك هذه األخيرة وأصلية خاصة مفهومية خطاطة ضمن به م املسل األصيل األساس البت عندما أو التمحيص ممتنعة الداخل، وتصبح تكون واضحة من

نود التحقق من مواضيعها من اخلارج.

وحيث ال توجد املواضيع بالفعل، أو لنقل إن اإلحالة إليها تتغير بالتناسب مع تطور اللغة، فإنها لن تكون معيارا للتحقق بل مجرد أسطورة أيضا. تتطور املواضيع بتطور الفكر البشري والعلمي خصوصا؛ وبذلك توجد الخ، ... والقرد والشجرة كالطاولة متوسطة »منوذجية« مواضيع والذرات كاجلسيمات وتطورا تعقيدا األكثر للمواضيع متثيال تشكل واإللكترونات ... الخ. وعليه، يفسر كواين تطور الفكر العلمي من املواضيع التي تدرك اللغة لتطور التابعة املفهومية خالل تطور اخلطاطة الفرضيات سوى معرفتنا ليست أخرى بعبارة تطورها؛ ملستوى وفقا للغتنا احملايثة املواضيع حول املفهومية، خلطاطتنا وفقا نضعها، التي اخلطاطة في تدريجي بشكل املواضيع أسطورة إدماج ويتم املتداولة. النوع التفكير األكثر »جناعة« من أجل بقاء انتقاء ألمناط املواضيعية عبر املفهومية، اخلطاطات لتطور خاضعة املواضيع أن وحيث البشري، حاصل للزوال. آيلة كواين، حسب احلالية، املواضيعية اخلطاطة فإن منظور من والرياضية، الفيزيائية األشياء »أنطولوجيات إن القول بالنسبية، تتصف أساطير مجرد الفينومينولوجية، املفهومية اخلطاطة وهي كذلك، في هذه احلالة، من الناحية اإلبستيمولوجية. إنها وجهة املختلفة«.19 اهتماماتنا واقتراحاتنا لها مقابل ضمن أخر، نظر من بني ابتكر اآللهة متاما من ابتكرها اإلنسان كما فما يوجد مجرد مواضعات أسطورة ... الفيزيائية فـ«املواضيع التجربة«، »مسار تبسيط أجل مناسبة«.20 وعليه، فقبول أسطورة املواضيع راجع إلى منفعتها بالنسبة

للعلم خصوصا، والفكر اإلنساني عموما.

املواضيع حول التخمينات أو الفرضيات بني املطابقة مشكل أن بيد والطبيعة يضل موضوعا، إذا كيف ميكن تفسير هذا التوافق بني اخلطاطة املفهومية )املعرفة( والطبيعة )العالم(؟ أو بعبارة أدق، إذا كانت نظريتنا هي العلة أن كواين يرى إليها؟ توصلنا فكيف صحيحة، العالم حول همة مفن عملية عن عبارة املعرفة ألن معا، والعلمي العادي اخلطاب اللغة؛ تعلم خالل من اكتسابها يتم التي املفهومية اخلطاطة بواسطة والتي تتطور بتطورها. يشكل هذا الترابط الدائري بني اخلطاطة املفهومية ثم اإلنسان، ومن لطبيعة السمات األساسية العلمية واللغة واملواضيع مهمة هي واملعيشية واالجتماعية املعرفية الطبيعة هذه في فالتفكير كواين يستقي ذلك، لتوضيح الطبيعانية. أو املطبعنة اإلبستيمولوجيا

Page 58: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

61

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

1 WILLARD VAN ORMAN QUINE (1908-2000).في حتى اللوجيستيقي، تصورهما في وواتهيد راسل من كال كواين تابع 2مقاله »أسس جديدة للمنطق الرياضي«، غير أنه عمل على اختصار رموزهما على عمل كما الرموز، من عدد أقل في الرياضيات« »مبادئ في الواردة تديد البعض منها، وبخاصة تبسيط مناهج البت في جداول الصدق والدوال الصدقية واملنطق احملمولي. يتبنى كواين املنطق املاصدقي لفريجه، لذا يرفض املنطق املوجه ألنه مصدر للغموض وااللتباس )انظر مقال »اإلحالة واجلهة«

من هذا الكتاب(3 W. V. O. Quine, [1953] From a Logical Point of View,

Harvard Univ. Press, 1980, p. 103.انظر ترجمتنا العربية لهذا الكتاب: من وجهة نظر منطقية: تسع مقاالت منطقية

وفلسفية، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 2009.4 W. V. O. Quine, [1960] Word and Object, MIT Press,

p. 233.5 Quine, W.V.O.,[1981] Theories and Things, Harvard

Univ. Press. Cambridge, Massachusetts & London, pp. 67-72.

العلمية املواضيع حول مباشرة لكنها مخالفة بطريقة يتكرر نفسه السؤال 6وعنوانها أخرى« ومقاالت األنطولوجيا »نسبية كتابه من األولى املقالة في

»احلديث عن املواضيع«. On( املشهور مقاله في الثالثة املعوصات هذه راسل برتراند يعرض 7

denoting( من خالل العبارات اآلتية:أ( »الغول غير موجود«.

ب( »أراد اخلليفة أن يعرف إن كان ابن حزم هو مؤلف طوق احلمامة«.ت( »امللك احلالي لفرنسا أصلع«.

تتعلق أنها وثانيا صادقة«، العبارة »إن أوال أمرين: تتضمن )أ( فالعبارة التناقض. الغول؛ وهما قضيتان غير مقبولتني معا الشتمالهما على بوجود فإذا افترضنا أن العبارة صادقة لزم عن ذلك أن الغول غير موجود، وبالتالي ال ميكنه أن يكون موضوع القضية احلملية املذكورة )أ(؛ أما إذا افترضنا صدق وجود ضرورة ذلك عن لزم الغول، بوجود تتعلق أنها أي الثاني، األمر الغول فينتفي صدق العبارة )أ(. أما العبارة )ب( فتتضمن القضية »ابن حزم احلمامة« طوق و»مؤلف حزم« »ابن إن وحيث احلمامة«؛ طوق مؤلف هو استبدال اإلنابة، لقاعدة تبعا ذلك، عن فيلزم نفسه، املسمى على يحيالن أحدهما باآلخر دون املس بالقيمة الصدقية للعبارة. وهكذا ميكن أن نحصل على العبارة اآلتية: »أراد اخلليفة أن يعرف إن كان ابن حزم هو ابن حزم«.

وهي عبارة فيها تكرار عبثي من الناحية املنطقية.في حني متثل العبارة )ت( خرقا ملبدأ عدم التناقض ألنها ونفيها معا كاذبان. فامللك احلالي لفرنسا ال ينتمي ال لفئة »األفراد الصلع« وال لفئة »األفراد غير

الصلع«، وبالتالي يستحيل تقومي هذه العبارة صدقيا.لتحليل وحل هذه املعوصات )Puzzles( سيلجأ راسل إلى إجراءين: أوال ،)subsistance( االعتباري والوجود )existence( الوجود بني التمييز فإذا كان األول يقتضي الوجود باملعنى املادي واملوضوعي للوجود الواقعي، فإن الثاني ال يستلزم ذلك، وبالتالي فإن آلهة األساطير واألعداد واألشكال هو والثاني عنها. احلديث أمكننا ملا وإال وجود، لها الرياضية والكائنات

الهوامش

نظرية األوصاف. أنظر هذا املقال في:Russell, Bertrand, [1956]: Logic and Knowledge, edited by Robert C. Marsh, ed. Capricorn Books 1971, pp.41-56.إلى االنتباه إلثارة فقط »مصطنعة« مسألة اجلذرية التجربة أن كواين يعتبر 8

شيء ال يتم االنتباه إليه؛ انظر الفصل الثاني من: الكلمة والشيء.9 W. V. O. Quine, [1953]. From a Logical Point of View,

chap. 3. P. 63.10 W. V.O. Quine, Relativité de l’ontologie et autres

essais, Trad. Jean Largeault, ed.Aubier-Montaigne, 1977, p. 23.

11 Ibid., p. 20.12 Quine, V. O. W., Philosophie de la logique, p. 151.

وتتبناه دافيدسون به قال الذي )charity( اإلحسان مبدأ كواين ينتقد 13

بطريقة دائما نترجم أن علينا أن ومفاده للتأويل، كمبدأ التحليلية الفلسفة تطابق عقالنية املترجم.

14 Quine, W.V.O., [1981] Theories and Things, p. 41.15 Quine, W.V.O., Relativité de l’ontologie et autres

essais, p. 13.16 Quine, W.V.O., [1953]. From a Logical Point of View,

chap. 1, P. 17.17 Quine, W.V.O., [1981] Theories and Things, p. 20.18 Quine, W.V.O., Relativité de l’ontologie et autres

essais, p. 66.19 Quine, W.V.O., [1953]. From a Logical Point of View,

p. 19.20 Ibid., p. 44.21 Quine, W.V.O., Relativité de l’ontologie et autres

essais, pp. 83-105.22 Quine, W.V.O., [1974] Roots of reference, The Paul

Carus lectures, ed., Open Court la sale Illinois, P. 2.

مشهد من إحدى املسرحيات ملدرسة التمثيل في مسرح احلرية في جنني.

Page 59: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

62

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرونف الثقافة العلمية

مل

مفهوم الطالب ف يعر أن مهما وليس وممارسة، لغة يصوغها أن املشاهدة، إمنا األهم هو ممارستها وإتقانها. هذا هو شأن االستقصاء بأنه مغيب كليا من فإننا جنزم العلمي أما اجلدل املناهج اجلديدة، في

هذه املناهج.

تؤكد األدبيات التربوية احلديثة على ضرورة إيالء أهمية قصوى ملفهوم العلم كطريقة في إنتاج املعرفة. إن مفهوم العلم كطريقة يقتضي التركيز

على منهجيات وعمليات من قبيل احلوار، واجلدل، واالستقصاء.

ملاذا احلوار واجلدل واالستقصاء

تبدأ فهي للسؤال، روافع أنها نعتقد ألننا العمليات هذه اخترنا لقد اإلنسانية املعرفة طاملا ينتهيان ال واجلدل فاحلوار به، وتنتهي بالسؤال موجودة، فكل معرفة مهما كان مصدرها أو درجة دقتها، هي في النهاية معرفة نسبية تنطوي في صيرورتها على قدر من االدعاءات التي ال سبيل

في الرؤيا.. مقاربة فكرية

العلم شأن من لي يعن نظام وفق التعليمية العملية تري اآلن حتى تقديرنا ألهمية العالم من حولنا، ومع ف توص كمجموعة من احلقائق في الطالب انخراط أن نعتقد فإننا العلمية، واملعارف باملفاهيم اإلملام عمليات العلوم وإكسابهم مهارات االستكشاف العلمي، أمر ال محيص

عنه في أي برنامج لتعليم العلوم.

ميكن االدعاء أن النظرة إلى العلم كطريقة في االستكشاف في املناهج الفلسطينية اجلديدة دون املستوى املطلوب، على سبيل املثال، لم تول االستقصاء رحن موضوع يطن فمثال العلمي، أهمية لالستقصاء املناهج العملية عناصر يصف كموضوع التاسع1 الصف منهاج في العلمي إننا نفسها. االستقصاء عملية في الشروع غير من االستقصائية ف الطالب مفهوم الفرضية، إمنا األهم نعتقد أنه ليس من املهم أن يعر

االستقصاء واجلدل العلمي والقصة ..سياقات للتعلم احلواري

جتربة تطبيقية مع معلمات ومعلمني

مشهور البطران

ملخص

ع هذا العمل إلى تطوير قدرات املعلمني/ات في مجال احلوار الصفي واستقصاء تأثيره في بناء املعرفة، على مدار سبعة أشهر من العام الدراسي تطلثالثة معلمني/ات من مدرستي بنات بيت عوا الثانوية، وذكور بيت عوا الثانوية. استخدم املعلمون/ات مع أساسية ومبشاركة ،2008-2007

سياقات متنوعة لتفعيل احلوار الصفي من قبيل االستقصاء العلمي، واجلدل العلمي، إضافة إلى القصة في سياق علمي.

ولتمكني املعلمني من بناء هذه السياقات، فقد انخرطوا في سلسلة من املساقات وورش العمل والعروض البصرية وعروض الكتب، مكنتهم من إعادة بناء الوحدات التعليمية، وكذا اكتساب إستراتيجيات تفعيل احلوار الصفي.

ولتقييم نوعية احلوار الصفي، اعتمدنا على مؤشرات مثل نوعية األسئلة، ومصدرها، وغاياتها، إضافة إلى منط التفاعل الصفي. أما بالنسبة لتقييم .)Toulmin’s Argument pattern T.A.P( نوعية اجلدل، فقد جلأنا إلى منوذج توملني

البيانات؛ كاملقابالت، وكتابات املعلمني، والطالب، والتصوير، حيث مت تصوير كل معلم اتكأنا في هذا البحث على طرائق نوعية في جمع مرتني على مدار الشهور السبعة، مرة في بداية العام، والثانية في الثلث األخير منه. وقد أفرغت هذه البيانات وحللت بهدف رصد التغيرات التي

طرأت على ممارسات املعلمني في صفوفهم.

كانت النتائج جيدة قياسا إلى الفترة الزمنية التي استغرقها البحث، حيث أظهر التحليل النوعي للبيانات تغيرات إيجابية متفاوتة في مجال احلوار واجلدل العلمي.

Page 60: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

63

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

Driver, Newten &( وأسبورني ونيوتن درايفر ويرى الدروس يقدم حني املعلم أن )Osborne, 1998, p:291التقليدية سلطته يستخدم فإمنا للحوار قابلة غير كحقائق العلمية يحتاج ال شخص هو مبا كمعلم، )traditional authority(إلى البرهنة والدالئل على ما يقول، وهو بذلك يتجاوز سلطة العقل )rational authority( مبا تتطلبه من تقدمي دالئل تدعم تفسيرات عبر إلى ذلك (lemke, 1990, p:8) ليمك أشار الظواهر. وقد السائد التفاعل منط أن بني حيث الصفي، التفاعل ألمناط توصيفه النمط الثالثي: حيث يسأل املعلم سؤاال محددا وعادة ما يكون هو محددة إجابة املعلم يتوقع احلالة هذا وفي املقرر، الكتاب مصدره ومن السؤال، هذا عن سيجيب الذي الطالب يختار ثم لسؤاله، تبقى الصفي، التفاعل من املنحى هذا مع اإلجابة. املعلم يقيم ثم املفاهيم واألفكار كما هي معبر عنها بلغة الكتاب، وال تكتسب بعدا ذاتيا. مبعنى أن صوت املعلم وصوت الطالب معا لم يسكنا اخلطاب العلمي الصفي إال في حدود ضيقة. وعلى هذا األساس، فإن اللغة

العلمية العامة لم تتحول إلى كالم فردي.

ثمة إذن فارق بني مفهومي اللغة والكالم، فاللغة بحسب دي سوسير فردي حدث فهو الكالم أما الكالمية، للملكة املجتمع نتاج هي متصل باألداء وبالقدرة الذاتية للمتكلم )عزام، 14:2003(. وعلى كالم إلى العامة اللغة حتويل هو ما مبعنى احلوار فان النحو، هذا باللغة عودة هو واحلوار احلوار. في املنخرطون األفراد ينتجه خاص ومسلماتها إلى وضعيات تفكيكية يساهم فيها املتحاورون. إذن احلوار اجلماعة” )الكردي، للغة فردي إنتاج إعادة “وهو كالمي، فعل هو “كالم هو وكرايس( وسورل، )أوسنت، وبحسب .)28:2003بقواعد محكوم بفعل القيام مع املعلومات، تبادل غايته قصدي، مضبوطة في الوقت نفسه، وهذا الفعل يهدف إلى حتويل وضع املتلقي .)145:2003 )عزام، السلوكية” ومواقفه معتقداته نظام وتغيير نختلف فإننا الكالم، قصدية في أوسنت توصيف مع نتفق أننا ومع على مصدر هذه القصدية ووجهتها ونتائجها، إذ يتضح من التعريف ثمة النظرة هذه وفي وحده، املتلقي سلوكيات تغيير هو املقصود أن ما يشير إلى سلطة أحادية االتاه من املتكلم على املتلقي. ففي احلوار بحسب باختني،4 ال يوجد مرسل دائم ومتلق دائم، إمنا يوجد تلفظات تلفظات إلى نفسه الوقت في وممهدة لها سابقة تلفظات على مبنية تالية. فاحملاور واحملاور كل منهما يتغير ويعيد إنتاج ذاته عبر احلوار. ومع أن فكرة احلوار الباختيني نشأت في حقل الدراسات األدبية، فإنها هنا، ومن وعلمية. واجتماعية ثقافية سياقات في ووظفت تطورت فإننا ننظر إلى الصف العلمي كإطار اجتماعي ثقافي ميكن أن ينخرط فيه الفرد في حوار نشط إذا ما توفرت العناصر الكفيلة بالنهوض بهذا

احلوار.

املعلم وجود أن ومع املتبادل، االعتراف هو للحوار شرط أهم إن واملتعلم في الصف معا يعني ضمنيا توفر هذا الشرط، إال أن ما يحدث بأن املعلمني لدى مسبق افتراض “فثمة ذلك، عكس هو الغالب في الطالب لن يكون بوسعهم بناء معرفة مفيدة وذات صالحية إذا كانت على حتمل وال نصوص، كتاب أو معلم عن صادرة غير املعرفة هذه األقل موافقتهما الرسمية” )ويلز، 50:2003(. وعلى هذا األساس،

فان النحو، هذا وعلى اإلطالق. وجه على صحتها على البرهنة إلى احلوار واجلدل سيبقيان لصيقني للمعرفة أبدا.

التي املاكينة هو االستقصاء فان واجلدل، احلوار شأن هذا كان وإذا تولدهما، فاالستقصاء في أبسط توصيفاته هو تقصي »احلقيقة« والتأكد من صحتها عن طريق مساءلتها، فهو من هذه الناحية يتقاطع مع احلوار يولد االستقصاء إن القول وميكن بل السؤال، على القائمني واجلدل في نختلف عندما نتجادل أو نتحاور فنحن واجلدل. احلوار من كال االستقصاء عملية فإن ثانية، جهة من ما. حادثة أو لظاهرة تفسيراتنا النتائج هذه النتائج، إلى للوصول وتفسيرها املعلومات جمع تتضمن هي مبثابة ادعاءات في مرحلة ما وحتت ظروف معينة، وهذه االدعاءات تتطلب تبريرا مستندا إلى مشاهدات وأدلة، وهنا يتقاطع االستقصاء مع اجلدل، وألن التفسيرات تنبني في ضوء فهم الفرد الذاتي للدالئل، فإن

احلوار واجلدل يتأسسان على ضوء هذه التفسيرات.

في احلوار

تقود فكرة تراكمية2 العلم إلى أنه ليس ثمة نظرية علمية ميكن إسنادها كليا إلى عالم واحد أو مكتشف واحد، فالنظريات العلمية متاما كالنصوص هذا وعلى املرجعية، واإلحاالت األصوات بتعددية مسكونة األدبية

األساس، فإن الفكر العلمي في تكوينه هو فكر حواري.

وباعتبار النظرية الثورية3 التي تنهض على مفهوم القطيعة واالنفصال، القائمة تاوزت نظريات سابقة العلمية النظريات عي أيضا أن فإننا ندلها، وهي بدورها قابلة للتجاوز ضمن ما يستحدثه الفكر العلمي من احلوار قائمة على األساس في التجاوز هي آلية إن نظريات جديدة، كلتا ففي وجدل، حوار حالة في علماء متثل التي العلمية األطر بني الذين الناس أصوات على بنيتها في تنطوي النظرية فإن احلالتني،

بنوها.

الدوام، والتغيير على للمساءلة قابل اجتماعي ثقافي لغوي بناء العلم توجهات ثمة ألن ذلك نقول إننا حواري. إذن فهو كذلك هو وطاملا كونه في اإلنسانية العلوم عن يختلف الطبيعي العلم أن ترى أخرى تكون أن إما العلمية فالفكرة للجدل، قابل وغير ومعمما موضوعيا الصائبة الفكرة أن وضعي- منظور -من يعني ما خاطئة، وإما صائبة ال مجال للحوار حولها، ألنها صائبة، والفكرة اخلاطئة يجري تاوزها

ألنها خاطئة.

التعليمية، العملية على ينعكس العلم ملفهوم الوضعي املنظور هذا إن فالعلم عادة ما يقدم في الصف على أنه إجابات صحيحة ومعممة حول العالم، وهذا معناه أن ال حاجة للحوار بشأنه طاملا هو كذلك. إن أحد املسيطرة على اللغة أن الصف، الوضعية على النظرية انعكاسات أهم اخلطاب الصفي هي اللغة العلمية، وهذه اللغة هي لغة املجتمع العلمي املودعة في الكتب واملنطوق بها على لسان املعلم. وما يحدث في الصف عبر أمناط التفاعل السائدة هو أن اللغة مبا تتضمن من أفكار يتم تلقيها كما هي في الكتب، باعتبار أن هذه الكتب حتوي اإلجابات الصحيحة عن

العالم مسرودة على لسان املعلم.

Page 61: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

64

ف الثقافة العلميةمل

على كمثال )NH3( األمونيا مثال الكيمياء معلم يقدم فحني مادة قاعدية ال حتتوي على هيدروكسيل لدحض نظرية أرهينوس ايون على حتتوي التي هي القاعدية “املادة أن على تنص التي الهيدروكسيل”، فإن ما يفعله هو جدل علمي. أو حني يقدم معلم التنفس في صعوبة من يعاني الذي اجلبال “متسلق مثال العلوم كلما صعد إلى األعلى”، فإمنا يحاول البرهنة على النظرية القائلة بتناقص نسبة األكسجني تدريجيا مع االرتفاع في طبقات الغالف وأحادي إخباري بأنه يتصف اجلدل من النمط هذا إن اجلوي. االتاه )من املعلم إلى الطالب( ومحدود، وال يحتاج إلى ترتيبات

خاصة. :)multivoiced( األصوات متعدد أو الديالوجي النمط .2ويتضمن النظر، ووجهات االتاهات بتعددية النمط هذا وميتاز وجود ادعاء رئيسي يختلف حوله طرفان، يقدم كل منهما دالئل 8)Van Eemern( امييرن فان يصف ولذا داحضة. أو داعمة هذا النمط من اجلدل بأنه: لغوي ثقافي اجتماعي، ويري درايفر )Driver, Newten & Osborne, 1998 ونيوتن وأسبورنيالفرصة يتيح أنه في تكمن الديالوجي اجلدل قيمة أن :p:291(للمتعلمني للتعبير عن شكوكهم، وطرح األسئلة، وإبداء وجهات النمط في تتوفر أن لها ميكن ال املواصفات وهذه مغايرة، نظر

الديداكتيكي.

توملني فإن عقود، عبر تطورت اجلدل نظرية أن من الرغم وعلى اجلدل بنية يصف منوذجا وضع من أول هو (Toulmin, 1958) ،)Simon, Eduran, & Osborne, 2006 p 240( وعملياته

ويتكون منوذج توملني من العناصر التالية:

التي األولية صورتها في املعلومات وهي :)Data( البيانات .1يستخدمها الطرفان لدعم االدعاء.

تعميمها املراد اخلالصة أو االستنتاج ميثل :)claim( االدعاء .2واملختلف بشأنها.

مبادئ، )قواعد، الروابط وهي :)Warrants( العالقات .3حقائق... الخ( التي تربط ما بني البيانات واالدعاءات.

تسند التي األدلة هي :)Backings( الدالئل/املساندات .4االدعاءات.

التالية: بالكيفية اجلدل بنية تتحدد األربعة العناصر هذه وباستخدام وباالعتماد ... وروابط( )عالقات توفر مع ... )البيانات( بسبب

على )الدالئل( ... لذلك نستنتج )استنتاجات/ادعاءات(.

إضافة إلى العناصر السابقة، أضاف توملني عنصرين آخرين يستخدمان في املستويات العليا من املجادالت، وهما:

يتأهل فيها االدعاء التي الظروف :)Qualifiers( التأهيل مجال .1إلى مرتبة احلقيقة العلمية.

صحة فيها تبنطل التي الظروف :)Rebuttals( النفي مجال .2االدعاء.

فإن ثقة املعلم مبا ينتجه الطالب من كالم فردي شرط أساس للنهوض باحلوار.

واحلوار يتعارض مع اليقينيات، فحتى نتحاور يجب أن تطرح احلقائق في إطارها النسبي، فطاملا إن العلم منتج إنساني اجتماعي سيظل عرضة

للتغير والتبديل، وهذا معناه قابليته للحوار على الدوام.

الشرط الثالث للحوار هو توفر اهتمام شخصي متبادل ما بني املتحاورين حوار عن نتحدث أننا وطاملا املطروحة، املعرفية املوضوعات حول احتياجات أساس على بناؤها يجدر التعليمية املقررات فإن صفي،

املتعلمني، بحيث تسمح بتفعيل احلوار.

في اجلدل العلمي5)Argument & Argumentation(

التفريق بني مفهومي احلوار واجلدل، فاجلدل: ممارسة يصعب أحيانا كالمية، فهو من هذه الناحية يتطابق مع مفهوم احلوار، ومثلما يكون احلوار مونولوجيا، قد يكون اجلدل أيضا مونولوجيا، فعندما يحاور استنتاج بصحة نفسه يقنع كي معينة بيانات مستخدما ذاته اإلنسان به هو في صلب عملية اجلدل، يقوم ما فإن أو لدحض فكرة ما، ما S.Naylor, B.kogh,( وداوننغ وكوغ نايلور من كل ويذهب التفكير عمليات أن يرون إذ ذلك، من أبعد 6)& B. Downingوإذا اجلدل. أشكال أيضا شكل من العلمية هي والتجارب والكتابة كان احلوار سابقا على اجلدل العلمي ومؤسسا له، فإنهما يتفارقان في

نواح عدة:

> فاحلوار يهدف إلى تبادل املعرفة بني املتحاورين، في حني يهدف اجلدل إلى إقناع اآلخر بوجهة نظر معينة إزاء قضية خالفية.

بحسب البراديغم أو املعرفية األطر سياق في العلمي اجلدل يندرج <مبصالح ويرتبط أيديولوجية شحنة على ينطوي إذن فهو كون،7

األطراف املتجادلة وقواها؛ أما احلوار فهو لصيق لكل الناس.منه تتفرع قد رئيس )ادعاء واحدة فكرة حول العلمي اجلدل يدور <كل حيث عمومية، أكثر فهو احلوار أما فرعية(، ادعاءات سلسلة

الفكر اإلنساني قابل للحوار.كمة -خاصة النمط الديالوجي- تنبني > اجلدل العلمي له بنية خاصة محنعبر سلسة من العمليات تبدأ بالبيانات وتنتهي باالدعاءات، وعلى هذا أن احلوار ترتيبات خاصة، في حني إلى العلمي النحو يحتاج اجلدل

تلقائي وأكثر بساطة.

تتفق معظم توصيفات اجلدل العلمي في كونه عملية تقييم االدعاءات إمبريقية بيانات إلى تستند دالئل تقدمي طريق عن وتبريرها العلمية إلى العلمي اجلدل تصنيف وميكن الدحض. أو اإلقناع بهدف

منطني:

1. النمط الديداكتيكي التعليمي: ويسمى في بعض األدبيات بالنمط في املعلمون يستخدمه النمط وهذا ،)rhetorical( البالغي لنفي أخرى. أم ما نظرية العلمية، سواء إلثبات صحة الدروس

Page 62: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

65

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

وكمثال على بناء اجلدل العلمي، نطرح املثال التوضيحي التالي:

)Toulmin’s Argument pattern T.A.P ( منوذج توملني للجدل العلمي :)شكل 1(

مثال توضيحي على بناء اجلدل العلمي

بياناتDATA

ادعاءCLAIM

مجال النفيREBUTTALS

مجال التأهيلQUALIFIER

العالقاتWARRANTS

الدالئل/املسانداتBACKINGS

الضوء ذو طبيعة موجية

االدعاء

مجال التأهيل

االنعكاس واالنكسار والتداخل واحليود

املوجة: أي موجة تتكون من قمم وقيعان، ولها تردد

وطول موجي وطاقة

العالقات

املساندات

العالقات الرياضية التي تنطبق على أي موجة تنطبق على الضوء نفسه

الضوء: أي ضوء له تردد وطول موجي وطاقة

البيانات

مجال النفي

الظاهرة الكهروضوئية

Page 63: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

66

ف الثقافة العلميةمل

التعليم، فمن الضروري أن منيز أننا نتحدث عن االستقصاء في وطاملا االستقصاء وبني للعلماء، كنشاط املختبر في العلمي االستقصاء بني العلمي في الصف، فاألول يهدف إلى اكتشاف معرفة جديدة أو اإلجابة عن أسئلة لم تعرف إجابتها بعد، في حني أن الثاني هو طريقة في تعليم ما استقصاء التعليم هو أن االستقصاء كطريقة في يعني العلوم، وهذا مت استقصاؤه في املختبر، بتعبير شواب )Joseph Schwab(10 الذي

.)enquiry into enquiry( وصفه بأنه استقصاء في االستقصاء

التعاوني حلل التعلم االستقصائي التجربة إلى منوذج لقد جلأنا في هذه وأدوار وعالقات أفراد من فيها مبا املدرسة أن واقع من املشكالت، االستقصائي. النموذج لهذا مالئمة بيئة تشكل أن ميكن ومشكالت

ويشمل هذا النموذج العمليات التالية:

هذه تكون وحتى االستقصائي: العمل ستقود التي املشكلة حتديد <أو الصف واقع من تنبثق أن فيجب للتعلم، أصيال سياقا املشكلة وليست حقيقية مشكلة تكون أن يجب وكذا املجتمع. أو املدرسة مصطنعة لغرض التعلم، وأن يكون للمتعلمني اهتمام فعلي بحلها، في الطالب يساهم أن أي الطالب؛ على مفروضة تكون ال وأن

اختيارها.> حتديد الفرضية/الفرضيات: وهنا ميكن تقسيم الصف إلى مجموعات، وتشغيل إستراتيجية العصف الذهني لصياغة الفرضيات التي ستقود

البحث. وكل مجموعة تتولى العمل على الفرضية التي تبنيها.ويناط تشاركيا، العمل يكون وهنا املشكلة: حول املعلومات جمع <لطالبه يوفر أن املعلم في ويفترض بكل مجموعة مهمات محددة،

مصادر تعليمية حول املشكلة.> اختبار الفرضية والوصول إلى النتيجة.

مقدمة

تأتي هذه التجربة البحثية في إطار توجه مركز القطان للبحث والتطوير وبني مدارسهم في بحثية مشاريع عبر املعلمني مع للعمل التربوي املعلمني مع الباحثون فيها ينخرط نوعية،11 أبحاث على طالبهم، والطالب في سياق تبادلية األدوار. ضمن هذا التوجه اخترنا أن نعمل مع مجموعة من ثمانية معلمني/ات من مدارس عدة في اخلليل وأريحا والقدس. ولكن في مرحلة الحقة من البحث اكتفينا بالعمل مع ثالثة التواصل معهم في مدارسهم، وبخاصة القدرة على منهم بسبب عدم

أنهم يتوزعون على ثالث محافظات متباعدة.

فقد الثانوية، عوا بيت بنات مدرسة في معلم هو الباحث أن وبحكم التطبيقية في هذه املدرسة، إضافة التجربة تركزت معظم فعاليات هذه سهولة العتبارات لها، املجاورة الثانوية عوا بيت ذكور مدرسة إلى التواصل واملتابعة مع هاتني املدرستني. وعلى هذا األساس، من املهم أن نشير إلى أن حتليل النتائج وتقييم التغيرات في املمارسات الصفية سوف بيت وبنني بنات مدرستي في املعلمني/ات بيانات على فقط يعتمد املدارس األخرى، فسنكتفي املعلمني/ات من بقية أما الثانويتني. عوا بتضمني مقترحاتهم التعليمية ضمن مالحق هذا البحث. اجلدول التالي

يبني أسماء املشاركني.

في االستقصاء العلمي

فجميعها لالستقصاء، التربوية األدبيات توصيف في كثيرة تقاطعات ثمة السؤال سؤاال، يولد مشكل وجود قبيل: من مشتركة عناصر في تتقاطع يولد فرضية، الفرضية إما أن ترتقي إلى مرتبة احلقيقة أو يعاد النظر فيها بناء 9،(I.N.S.E.S 2000, P20) على ما يواكبها من جدل وحوار. وبحسب

فإن االستقصاء هو نشاط متعدد الوجوه يتضمن العمليات التالية:

> عمل مالحظات.> صياغة األسئلة.

حول معروف هو ما ملعرفة مختلفة، مصادر من املعلومات جمع <الظاهرة موضوع الدراسة.

> التخطيط لالستقصاء.> جمع البيانات حول الظاهرة، وهذا يتطلب عمل تارب وقياسات.

> حتليل البيانات اجلديدة وتفسيرها.> وضع فرضيات على ضوء البيانات اجلديدة.

> اختبار الفرضية للتأكد من صحتها.> فحص قدرة الفرضية على التنبؤ بالظاهرة.

خطية عملية ليست االستقصاء عملية أن إلى نشير أن املهم من ونرى العمليات كل تتضمن أن بالضرورة وليس متالزمة، خطوات ذات وهذا املعرفة، إلنتاج الوحيدة الطريقة ليست أيضا وهي السابقة، في االستقصاء أن هنا عليه نؤكد ما إن فيه. جنادل لن شائك موضوع تربتنا هو سياق يفتح أمام املشاركني باب األسئلة احلوارية، مبا يتيحه من بدائل وتفسيرات بناء على املشاهدات. وهنا تكمن أهمية االستقصاء في أنه مينح الطالب الفرصة ملعرفة كيف يعرفون ما يعرفونه، وأي أدلة تدعم

.(2000, p:22) ”هذه املعرفة

Page 64: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

67

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

التالي مستل من حوار بني معلمة وطالبة في الصف الثامن:

املعلمة: ما طول دودة اإلسكارس؟الطالبة: 120 سنتمترا.

املعلمة: أحسنت.املعلمة: بتعرفي قديش الـ 120 سنتمترا؟

الطالبة: نعم .. طول غرفة الصف.

إجابة أنه من الرغم -على 120 الرقم أن السابق احلوار من نستنتج هذا إن رقم. مجرد إنه للطالبة، بالنسبة معنى له ليس صحيحة- املثال هو واحد من عديد األمثلة التي تؤشر على إشكاليات التعليم في املدرسة، حيث غاية التعليم هو حتصيل العالمات واحلصول على ترتيب آخر، سياق في التحصيل. معيار على القائمة التراتبية ضمن أعلى على ردها معرض في طالبة أجابت اجلغرافيا، درس في املرة وهذه إنه موجود في الفلسطيني، الساحلي املعلمة حول موقع السهل سؤال فلسطني. وحني طلبت املعلمة منها أن تشير إلى موقع السهل الساحلي على اخلارطة، وضعت الطالبة املؤشر على البحر األحمر. هذه األمثلة التعليم مفارقة املصورة- على التجارب في األقل تؤشر-على وغيرها للحياة مبستوياتها االجتماعية والثقافية. في ضوء هذه اإلشكاليات التي

أشرنا إليها ندعي أن:

سياقات عن املعرفة عزل عن املسؤول هو البنكي التعليم أسلوب واملودعة الناجزة املعلومات سياق في اختزالها وبالتالي إنتاجها، مؤقتا. وهذا يترتب عليه تزخيم دور املعلم وتقزمي دور الطالب، ما

يؤدي إلى تقليل فرص بناء املعرفة واحلوار إلى حدودها الدنيا.

هذه كل يختزل الفعال التعليمي احلوار أن نفترض فإننا وبالتالي، يبني احلوار التلقني، ضد احلوار أن: واقع من ثناياه، في اإلشكاليات

املعرفة، يتيح تبادل األدوار واملواقع.

احملافظةاملدرسةسنوات اخلبرةالتخصصاسم املعلم/ة#

جنوب اخلليلبنات بيت عوا الثانوية2فيزياءشادية الطل1

جنوب اخلليلبنات بيت عوا الثانوية4تكنولوجياعبير العسود2

جنوب اخلليلذكور بيت عوا الثانوية2تكنولوجيابهاء احملاسنة3

جنوب اخلليلبنات بيت عوا الثانوية6تربية إسالميةفداء حشيش4

جنوب اخلليلبنات بيت عوا الثانوية5اجتماعياتحكمت أبو شرار5

اخلليلمدرسة عبد الهادي السراحنة األساسية3تكنولوجيازيد شبانة6

القدسمدرسة املطران األساسية للبنني5أحياءرنا ترجمان7

أريحامدرسة النويعمة الثانوية املختلطة2علومحترير خربيش8

توصيف املدرسة في إطار مشكلة البحث

قرى إحدى عوا بيت قرية في البحث فيهما أجري اللتان املدرستان اخلليل، وتتبعان إداريا مديرية تربية جنوب اخلليل. املدرستان متقاربتان في عدد الطالب واملعلمني والشعب والكثافة الصفية، في كل مدرسة 700 طالب/ة و30 معلما/ة إضافة إلى مرشد/ة تربوي. تبدأ املدرستان من الصف السادس وحتى الثاني عشر بفرعيه العلمي واألدبي، بواقع

40 طالبا/ة لكل شعبة. 16 شعبة صفية، ومبعدل

ينحدر الطالب من الطبقات املتوسطة وما دونها، فغالبية سكان القرية العمل يعتمدون على منهم الوظائف احلكومية، وقليل يعتمدون على داخل »اخلط األخضر«. عدد املعلمني/ات من سكان القرية ضئيل جدا النقص هذا ويعوض عام، بعد عاما تزايده من الرغم على اآلن حتى

مبعلمني/ات من خارج القرية.

تسود املدرستني أجواء تذمر في أوساط املعلمني/ات والطالب على حد من نتائج حتليل انطباعات الطالب في خمسة صفوف سواء، حيث تبنيوأساليب الصفي الروتني من تذمرهم املدرستني؛ في التعليم حول عقولهم. تستفز التي العملية النشاطات وغياب التلقينية التدريس كذلك أظهر حتليل تأمالت املعلمني/ات في هذه الدروس تذمرهم من دافعيتهم وضعف بالتعليم، الطالب/ات اهتمام عدم ومن املناهج،

نحوه وضعف حتصيلهم ومشاركتهم الصفية.

رتن في مرحلة التأمل في املمارسات احلالية أظهرت أن احلصص التي صوالتعليم في املدرستني يعاني من مشكلة تتلخص في: إن املعرفة املتحصل الواقع، بل تن وال حتاكم على محكات تذو املتعلمني ال عليها من قبل املتعلمني لوقت االمتحان، دون تبقى في إطار املعلومات املودعة لدى أن تترجم في احلياة إلى فهم حقيقي يقارب الواقع علميا وثقافيا. املثال

Page 65: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

68

ف الثقافة العلميةمل

في أهداف البحث

لم ينقدن البحث وراء أسئلة بحثية ثابتة، كان هاجسنا األول هو التأمل بحثية، أسئلة التأملية التجربة هذه تفرز كي الصفية، املمارسات في املمارسات في -التأمل األولى املرحلة أفرزت فقد حدث. ما وهذا

احلالية- األسئلة التي وجهت البحث من قبيل:

> ملاذا يختار املعلمون أسلوب التعليم البنكي؟> هل يكون املعلمون واعني إلى أن أسلوبهم بنكيا؟

> وهل املعلومات املكتسبة من قبل الطالب/ات ضمن أسلوب التعليم البنكي ذات معنى قابل للترجمة في احلياة؟

> ما أمناط التفاعل الصفي السائدة في الصفوف؟> ما مفهوم احلوار الصفي من وجهة نظر املعلمني/ات؟

> ما هي معيقات احلوار الصفي؟> كيف يؤسس للحوار الصفي؟ )ما هي السياقات التي من املمكن أن

له؟( تؤسس للحوار الصفي وتفع

هذه األسئلة البحثية كانت محل حوار في مستويات عدة:

وهو التدريسية، الهيئة أعضاء جميع فيه شارك جمعي أولها: حوار

طبيعة البحث وأدوات االستقراء

االثنوغرافي البحث بني وفعالياته خصائصه في البحث هذا يجمع استمر الزمنية الناحية من فهو التشاركي، اإلجرائي والبحث آذار نهايات وحتى 2007 العام من أيلول مطلع من امتدت فترة هم واملعلمني الباحث فإن أخرى، ناحية ومن .2008 العام من سواء. حد على التعليمية والعملية البحثية العملية من جزء جميعا فهو بحث انخرط فيه الباحث مع املعلمني والطالب تشاركيا، حيث قام املعلمون والطالب بأدوار إضافية من قبيل التأمل في التجارب، وتوثيقها، وكتابة االنطباعات، واالنخراط في احلوار حول التجارب

التعليمية.

فحصها، إلى سيصار مسبقة افتراضات على يقوم ال البحث وهذا ومساءلتها الصفية املعلمني ممارسات في التأمل فكرة على يقوم إمنا وتقييمها وتغييرها نحو األفضل، في ضوء احلوار وفي ضوء تأمالت وألن تطبيقي. إجرائي الناحية هذه من فهو وانطباعاتهم، املشاركني البحث يشارك فيه أكثر من معلم ومعلمة، إضافة إلى الطالبات، فهو

إذن بحث تشاركي.

لقد جلأنا إلى هذا النوع من األبحاث اعتقادا منا أنه الشكل األنسب الناس وليس البحث مع “فهو نوع من التطبيقية. التربوية لألبحاث في البحث من فاعل جزء إنهم .)9:2001 )ماكنيف، عليهم” يتيح ناحية، من فهو وتنفيذا. وتخطيطا وتأمال ممارسة مراحله كل التعليمية، ممارساتهم وعن أنفسهم عن معرفتهم إنتاج للمشاركني األبحاث كل شأن املمارسات. هذه حتسني على يعمل وكذا اإلجرائية، جلأنا في هذا البحث إلى طرائق نوعية جلمع املعلومات،

وهي:

الدروس املصورة: بواقع حصتني لكل معلم/ة، حصة في مرحلة .1احلصص تكون أن راعينا وقد التنفيذ. مرحلة في وأخرى التأمل املصورة على فترات متباعدة نسبيا، لكي نرصد التغيرات احملتملة هذه في املعمق التأمل للمشاركات يتاح كي وأيضا جانب، من

احلصص.يوميات مجملها في وهي الباحثني/ات: املعلمني/ات تأمالت .2امتداد كتبت على الصفية املمارسات وانطباعات حول وتقييمات

فترة البحث.أو كتابة نسجلها كنا التي احلوارات وهي املسجلة: احلوارات .3تعقب كانت التي واملقابالت احلوارية اجللسات في تصويرا، التجارب املصورة. وهذه احلوارات كانت في مستويني، مشاهدة أولهما احلوارات اجلمعية التي يشارك فيها جميع املعلمني واملعلمات الباحث وكل الثنائية بني الطالبات، وثانيهما احلوارات وجزء من

معلمة على حدة.كلفنا الصفوف من صف كل في والطالبات: الطالب انطباعات .4احلصص عن انطباعات بكتابة والطالبات الطالب من يرغب من املصورة بشكل خاص، وممارسات املعلمات بشكل عام. وقد شكل

هذا املصدر التوثيقي موئال غنيا في كل مراحل البحث.من إحدى فعاليات جمعية الكمنجاتي في جنني.

Page 66: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

69

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

أو الباحثون/ات املعلمون/ات أو الباحث قدمها التي واالستنتاجات املعلمون/ات اآلخرون، وهذه االستنتاجات مبنية على مؤشرات مستلة استكشاف الالحق: البند )انظر والطالب املعلمني/ات كتابات من املمارسات احلالية .. إطار حتليلي(، ميكن اختصارها في النقاط التالية:

معلمني حصص أنها املصورة احلصص معظم بني املشتركة السمة .1بامتياز ودرجة حضور الطالب فيها ضعيفة. لقد بدا واضحا في هذه احلصص أن املعلم هو محور املمارسات الصفية، إنه يخطط ويشرح التعليمات. ويعطي الطالب، إجابات ويقيم األسئلة ويوجه القول إن الطالب في وباستثناء دورهم في إجابات األسئلة، ميكن

هذه احلصص ال يفعلون شيئا.مع التلقيني التعليم هو احلصص هذه بني املشترك التعليم أسلوب .2ولم آخر. إلى درس ومن آخر، إلى معلم من درجته في تفاوت يسجل أي فارق ملموس ما بني أساليب تدريس العلوم والتكنولوجيا

وأساليب تدريس التخصصات األدبية. Triadic(الثالثي النمط هو املسيطر الصفي التفاعل منط .3ليميك قبل من إليه املشار )طالب-معلم-طالب( )Dialogue(Lemke, 1990)، حيث املعلم يسأل السؤال، ثم يختار الطالب

الذي سيجيب عن السؤال، ومن ثم يقيم املعلم اإلجابة.أسئلة استثنينا ما وإذا كافة، مبستوياته احلوار من تخلو احلصص .4

املعلم التقييمية، فإن التفاعل ما بني املعلم والطالب كان ضعيفا.5. خلو احلصص من األنشطة العملية. املعلمون/ات يتكلمون أكثر مما

يعملون.6. خلو احلصص من أساليب التعليم التعاوني.

أما في سياق احلوار الصفي، فقد استطعنا أن نرصد املواصفات التالية:

األسئلة؛ من واحد شكل على قائمة الصفي” “التفاعل طريقة .1“السؤال املغلق واجلواب املغلق”، وغالبا ما يكون املعلم هو مصدر

السؤال والطالب هو املجيب.2. مصدر األسئلة واإلجابات هو املقرر الدراسي.

3. غاية األسئلة قياس حتصيل املعلومات، والتأكد من حفظها من قبل الطالبات.

األسئلة املوجهة من الطالب إلى املعلم نادرة جدا، أما األسئلة من .4

حوار أفقي مسحي يستهدف وضع كل املمارسات الصفية على مدرسي متطلب هو احلوار من املستوى وهذا النقاش. مائدة جلميع الفائدة تعميم في املدرسية اإلدارة رغبة عن نشأ مهني

أعضاء الهيئة التدريسية.ثانيها: حوار يشارك فيه مجموعة الباحثني/ات فقط. وهو حوار موجه

باتاه نقاط محددة أشرنا إليها سابقا.حوار إنه نفسه، التجربة صاحب فيه يشارك فردي حوار ثالثها:

مونولوجي بني املعلم/ة والتجربة.

مراحل البحث

مر هذا البحث بثالث مراحل على التوالي:

1. مرحلة تأمل املمارسات احلالية وتقييمها: وقد استمرت هذه املرحلة ثالثة أشهر من الفصل األول، ومت فيها رصد ممارسات املعلمني/

ات الصفية بواسطة التصوير والكتابة واحلوار مبستوياته املختلفة.املعلمون/ انخرط املرحلة هذه في والتمكني: التخطيط مرحلة .2

على قدراتهم تطوير بهدف مكثفة عمل وورش مساقات في ات مهارتهم حتسني وكذا باحلوار، تنهض تعليمية مقترحات بناء حول بصرية وعروض قراءات تقدمي أيضا ومت تفعيله، على الوحدات بناء بناء احلوار الصفي متهيدا للشروع في إستراتيجيات

التعليمية.الفصل من وآذار شباط شهري طوال استمرت التنفيذ: مرحلة .3في بناؤها أعيد التي التعليمية الوحدات تنفيذ مت وفيها الثاني،

مرحلة التخطيط.مرحلة حتليل البيانات واستخالص النتائج. .4

املرحلة األولى: استكشاف املمارسات الصفية احلالية

تكنولوجيا، )علوم، متنوعة دروس خمسة تصوير مت املرحلة هذه في تربية إسالمية( خلمس معلمني/ات. وقد مت عرض احلصص جغرافيا، الهيئة أعضاء غالبية بحضور املدرسية12 السينما وحدة في املصورة تقييم أن اإلشارة اجلدير من والتقييم. للنقاش وخضعت التدريسية، املمارسات لم يستند إلى معايير ومرجعيات ثابتة، أو إلى معياري الصواب وبالتالي ملمارسته، املعلم/ة رؤية من نابع ذاتي تقييم هو إمنا واخلطأ، احلكم على مدى مالءمتها ملوقف تعليمي معني من وجهة نظر املعلم/ة،

وعلى أرضية احلوار اجلمعي. وكان الغرض من إجراء العروض:

> مساعدة املعلمني/ات على التأمل في ممارساتهم.> تقييم احلصص من وجهة نظر املعلمني/ات غير املشاركني في البحث

بهدف التغذية الراجعة.> تعميق احلوار التربوي فيما بني املعلمني/ات.

املمارسات يخص فيما واالنطباعات املالحظات من قدر أكبر جمع <الصفية.

واالنطباعات املالحظات من العديد املرحلة هذه أفرزت لقد

Page 67: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

70

ف الثقافة العلميةمل

يبدأ األثناء هذه في املدرسية، وحياته مواقفه ومن الصفية تاربه من النموذج محله ويحل تدريجيا، باخلفوت به احملتذى النموذج سحر

الذي صاغه املعلم ونحته من تربته اليومية.

ثابتة أمناط إلى تتحول أن الصفية املمارسات موضوعة في األخطر إن وأعراف غير قابلة للتفكيك، بحيث تغدو هذه املمارسات متنبأ بها من املمارسات تتحول التراكم فعبر غالبا، يحدث ما وهذا الطالب. قبل إلى نوع من االعتناق. فيكسوها الثبات وتغدو عمال مقوننا، تشير إلى

ذلك الطالبة إيناس في دفتر يومياتها:

»... تدخل املعلمة الصف، تكتب عنوان الدرس اجلديد، والتاريخ إليها. نستمع ونحن الدرس، تشرح ثم انتبهوا! وتقول: واليوم، احلصة في ... الدرس أسئلة حلوا لنا: تقول احلصة آخر وفي

القادمة راح أفتش على الوظيفة«.

إن الصف الدراسي وفق ما سبق يغدو حكاية يتبوأ فيها املعلم دفة السرد بامتياز - إنه سارد كل املعرفة. إن هذه احلكاية تلتهم في ثناياها حكايات إنهم حكاياتهم. يسردوا أو يكتبوا أن لهم يتح لم الذين املتعلمني أشخاص في حكايات الكبار يتحدد وجودهم ومصائرهم من وجهة نظر السارد املعلم. ومن هنا، فإننا نتفق مع باولو فريري حني يصف التعليم بأنه يعاني من مرض السرد« )فريري، 47:2003(. إن التعليم البنكي إنه حوله: يحدث ما لكل محور فهو املركزي، الدور املعلمني مينح مصدر املعرفة، يشرح ويسأل ويعمل، ويوضح. وهو مصدر السلطة: يأمر وينهى ويعاقب. ومبقابل الدور املركزي للمعلم، ثمة غياب واضح لدور الطالب، إنه ال ينوجد إال لتأكيد دور املعلم. تقول طالبة في الصف

العاشر في دفتر مذكراتها:

»... تقف املعلمة وراء طاولتها طوال احلصة... نستمع صامتني تسألها التي األسئلة عن اإلجابة إال شيئا نفعل ال املعلمة إلى

املعلمة...«.

الهامشي الدور مبقابل للمعلم املركزي الدور املجتزأ هذا من يتضح املعلمني، رائجا في صفوف التلقني أسلوب يجعل ما للطالب، وهذا

مبا هو أسلوب يعزز حضور املعلم البطولي في الصف.

إضافة إلى ما سبق، ثمة عوامل موضوعية خارج إرادة املعلم تدفع باتاه تبني هذا األسلوب دون غيره، كما يتضح من املقطع التالي املستل من

تأمالت معلمة العلوم:

»... هناك عوامل كثيرة تعلني أختار هذا األسلوب فهو األسهل املعلومات وحتقيق التطبيق، واألضمن من حيث وصول من حيث طويل، واملنهاج محدود الوقت أن وبخاصة الدرس، أهداف من عنه ومرضي املدارس كل في املوجود األسلوب فهو وأيضا

املشرفني...«.

ولكن ما مصير ما يتعلمه الطالب؟ لإلجابة عن هذا السؤال سوف نكتفي بتحليل مشهد واحد من درس تكنولوجيا للصف التاسع، ميثل نقاشا بني

طالب إلى طالب فهي معدومة.5. قدرة الطالب على اإلجابة تفوق قدرتهم على طرح األسئلة.

عدم حال في )حتدث اجلماعية اإلجابات لفكرة وقبول رواج ثمة .6إلى الصف مجموع يسارع حيث املعلم، قبل من الطالب اختيار

اإلجابة بصوت واحد في آن(.7. توجه األسئلة إلى عدد محدود من الطالب.

يريد اللغوية وال تؤشر على ما أسئلة الطالب ضعيفة في صياغتها .8الطالب فعال.

9. األسئلة برمتها مغلقة وال تسمح باختالف وجهات النظر.

استكشاف املمارسات احلالية .. )إطار حتليلي(

1. ملاذا التعليم الكمي؟بالفلسفة يتعلق أولها السؤال: لهذا تفسيرات ثالثة نرصد أن ميكننا كإنسان ذاته باملعلم يتعلق وثانيها التربوية، العملية تسند التي الوضعية باملنهاج يتعلق وثالثها الصف، في املركزي حضوره تأكيد على اعتاد وطرائق تقييمه. من الناحية الفلسفية تستند التربية إلى الفلسفة الوضعية التي ترى إن ثمة إجابة واحدة ألسئلة العلم. وبالتالي، ال داعي لالختالف بني اإلفراد في وجهات النظر. فاملعرفة استنادا إلى النظرية الوضعية »هي معرفة موحدة ومعممة« )ويلز، 9:2003(. وعلى هذا النحو، ال مجال للتمايز بني األفراد في فهم املعرفة وإدراكها. ويرى ويلز )10:2003(: يطبقها بدورها التي النظرية هذه تتبنى املعاصرة التربوية السياسات »إن يفترض أشياء ويقولون يعلمون فاملعلمون صفوفهم، في املعلمون بالطالب أن يستوعبوها ويكونوا قادرين على استحضارها عند الطلب«.

لقد بني حتليل املشاهدات الصفية أن املعلمني يتبنون وجهة النظر السابقة، معرض في اإلسالمية التربية معلمة تقول حيث الواعية، بطريقة وإن

ردها على سؤال فيما إذا كانت املعرفة موضوعية:

»... كون العلم أنتجه العلماء إذن هو موضوعي، ويجب أن نقدمه وكل فوضى، حلصلت وإال الكتب، في موجود هو كما لطالبنا

طالب يصبح له وجهة نظر مختلفة .. وهذا ليس علما ...«.

يتأصل هذا النمط في التعليم جيال بعد جيل، حيث تتأصل املمارسات إلى الصف ألول املعلم بالتوريث، فعندما يذهب الصفية بطريقة أشبه مرة، فإنه يستحضر من ذاكرته منوذجا ملعلم يهتدي به. وعادة ما يكون على وتأثيرا خاصا سحرا ترك البعيد املاضي من معلما النموذج هذا

طلبته. تقول املعلمة فداء:

عبير الست معلمتي تذكرت مرة، أول الصف في وقفت »عندما تذكرت .. السادس الصف في تلميذة كنت عندما علمتني التي كيف كانت تبدأ حصتها، وكيف كانت تقرأ الدرس وهي تتجول بني

الطالبات...«.

إنها املدرسة، في عنها ومرضي مجاورة مناذج مبحاكاة املعلم يبدأ ثم على وجاذبيتها سحرها متارس التي األقدمية ذات املبجلة النماذج املعلمني اجلدد. في أثناء ذلك، يكتسب املعلم خبرة يبنيها يوما بعد يوم

Page 68: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

71

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

في حني أشارت شادية إلى مفهوم مختلف نوعا ما، فهو: تبادل لآلراء يهدف للوصول إلى املعرفة.

و)سؤال معلم( طالب، )معلم، التقليدية بصيغته الصفي احلوار إن للمعلومات، الكمي للقياس أداة فقط ليس مباشر( مغلق-جواب لتوكيد أداة هو بل واجلمهور، املؤسسة رضا لكسب وسيلة وبالتالي سلطة املعلم ومن خلفه سلطة املدرسة واملجتمع، من حيث: ال إجابة غير التي يريدها املعلم واملتفق عليها سلفا وال مجال للتعددية طاملا أن املعلم/ة مقاطعة نلحظ كنا هنا ومن املقبولة، هي فقط واحدة إجابة وقت إي في الصفوف في تكرارا املشاهد أكثر من كواحد للطالب حتيد فيها إجابة الطالب عما هو في الكتاب. وهذا يؤشر على عدم ثقة املعلمة باإلجابات املرتلة، »ألنها غير صادرة عن معلم أو كتاب، وال يتضح في بتعبير ويلز )49:2003(، كما الرسمية« حتمل موافقتهما

املثال التالي ملعلمة االجتماعيات:

»أل يا صبايا، اننت مش فاهمات صح، مش هيك اإلجابة، اطلعو على الكتاب صفحة 23 وبتعرفو إنو إجابتكم غلط...«.

لقد تبني لنا في هذه املرحلة أن واحدة من أهم معيقات احلوار هو عدم إدراك املعلمني/ات لطبيعة املعرفة، مبا هي معرفة نسبية ومنتج إنساني

معلمة وطالبة:

ما وظيفة املقوم البلوري؟ املعلمة: تقومي التيار الكهربائي املتردد. الطالبة:

أحسنت! .. إجابة صحيحة .. وما معنى تقومي؟ املعلمة: تصمت دون أن تعرف اإلجابة. الطالبة:

يعرفن ال والطالبات إجابة. عن بحثا الطالبات بقية إلى تنظر املعلمة اإلجابة.

مش معقول يا بنات أنا حكيت أكثر من مرة أن تقومي التيار يعني املعلمة: تعديله من تيار متردد إلى تيار مستمر.

طيب مني تطلع على اللوح ترسم شكل التيار الكهربائي املقوم؟ املعلمة: ال استجابة من الطالبات.

املعلمة تضطر أن ترسمه بنفسها على اللوح.

يتضح من املشهد السابق أن إجابة الطالبة حول وظيفة املقوم البلوري ولكن واخلطأ. الصح معياري وفق قيست ما إذا صحيحة إجابة هي املعنى الكامن في اإلجابة ظل معنى خارجيا بالنسبة لها ألنه لم يذوت. أن دون ومعنى لغة هو كما بقي املكتسب املفهوم هذا فإن وبالتالي، النمو في يساهم لم أي عليه، مبنية جديدة معرفة إنتاج في يساهم Social( االجتماعية البنائية النظرية وبحسب للمتعلم. املعرفي املمكنة، النمو منطقة إلى املفهوم يضف لم )Constructivism Zone) باعتبار أن وظيفة التعليم هي توسيع حيز منطقة النمو املمكنة

.(of Approximate Development - ZAD

إن متابعة املشهد من أوله تشير إلى أن املعلمة لم تضع املفهوم العلمي في سياق اشتغاله مع مفاهيم وعمليات أخرى، وفي سياق اشتغالهما عن مبتورة عزالء املفاهيم هذه بقيت ولهذا، البيئي. الواقع في معا

سياقاتها، إنها مجرد معلومات مودعة إلى حني استعادتها ثانية.

2. في احلوار الصفي ومعيقاته:اليوميات أم النقاشات في سواء املعلمني/ات؛ من أي يشر لم املكتوبة، إلى مفهوم اجلدل العلمي، وعندما طرح املفهوم للنقاش من قبل الباحث، تبني أن املفهوم غير ذي معنى تربوي بالنسبة ملعظمهم، ملفهوم مرادفا اعتبروه فقد منهم البقية أما فقط، بالعلماء خاص فهو

احلوار الصفي في معناه وداللته.

املسجلة احلوارات من بدا واضحا فقد احلوار مبفهوم يتعلق فيما أما معيارين وثمة عليها. اإلجابات وتلقي األسئلة يتجاوز طرح أنه ال املرتبة في املعلم/ة ورأي أوال الدراسي املقرر هما اإلجابة لصحة هذين عن ابتعادها أو قربها مبدى اإلجابات صحة وتقاس الثانية.

املعيارين.

إن احلوار من وجهة نظر فداء:"توجيه األسئلة من قبل املعلم للطالب بغرض تقييم التحصيل".

فهم بهدف والطالب املعلم بني ما املعلومات فتراه:"تبادل عبير أما الدرس".

من إحدى فعاليات مدرسة غزة للموسيقى.

Page 69: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

72

ف الثقافة العلميةمل

املرحلة الثانية: مرحلة التخطيط والتمكني

األول، وكانون الثاني، )تشرين أشهر ثالثة املرحلة هذه استمرت الباحثني/ات املعلمني/ات مع العمل على واقتصرت الثاني( وكانون

فقط. انقادت هذه املرحلة بأسئلة بحثية من قبيل:

> ما السياقات التجريبية املالئمة لتفعيل احلوار الصفي؟ل احلوار؟ > ما نوعية األسئلة التي تفع

اقتراح مت املرحلة، هذه صاحبت التي واحلوارات النقاش ضوء على سياقات تريبية للتعلم، وهي: اجلدل العلمي، واالستقصاء، والقصة. وفي هذه املرحلة من العمل، ظهرت معيقات موضوعية تتعلق باملنهاج، حيث الوحدات التعليمية ال تنطوي على إمكانيات عالية لتفعيل احلوار سياقات بناء من املعلمني/ات متكني الضروري من فكان الصفي. تعليمية تريبية تتكئ على املناهج املدرسية، وتسمح بتفعيل احلوار في الصفوف. وعلى هذا األساس التحق املعلمون/ات في مساقات شتوية

ملدة أربعة أيام نظمها مركز القطان في أريحا ورام الله.

العلمي، اجلدل هي: أساسية، محاور ثالثة التمكيني املساق تضمن االستقصاء العلمي، القصة في سياق علمي.

Toulmin’s Argument) وضمن محور اجلدل العلمي، مت تبني منوذجألسباب اجلدل في النموذج هذا تبني مت لقد .(pattern T.A.Pفي تتدرج عدة مستويات على واحتواؤه التنفيذ، سهولة أهمها: عدة قدراتهم يالءم الذي املستوى اختيار للمشاركني يتيح بحيث صعوبتها،

وإمكاناتهم، وأخيرا سهولة تقييم املجادالت املبنية على أساسه.

البيانات، معاجلة قبيل: من ومهارات عمليات توملني منوذج يتضمن صياغة االدعاءات، طرح التبريرات، بناء املجادالت واملهارات من قبيل اجلدلي احملتوى أما واملناقشة. واالستماع التشكيكية، األسئلة طرح فهو ظاهرة االحتباس احلراري، هل هي املساق تبنيه في هذا الذي مت

من صنع اإلنسان أم أنها ظاهرة طبيعية؟

غير موضوعي، فاملعلمون/ات يعتبرون أن العلم موضوعي وغير قابل للمساءلة. وهذه النظرة إلى العلم تنسرب إلى وعي األفراد عبر ممارسات تربوية تعكسها الفلسفة الوضعية احلاكمة للممارسات التربوية، »ومن واستنتاجات كإجابات صحيحة املدرسة في العلوم تقدم املنظور هذا Driver, Newten & Osborne, 1998) العالم« حول مقنعة

p:288)، ما يعني عدم ضرورة احلوار حولها.

النمط وهو الصفي، التفاعل منط هو جليا ظهر الذي اآلخر املعيق (lemke, 1990, p:8)، مبا هو منط الثالثي الذي أشار إليه ليميك ويبدأ يعود ثم به، وينتهي املعلم من يبدأ ألنه الصفي؛ احلوار يكبل من املعلم من جديد في دورات متتابعة، وهذا يقودنا إلى املعيق الثالث ويلز يرى إذ احلوار، إدارة فن في املعلمني مهارات في نقص هو بإمكان فإن الثالثي، التفاعل منط وجود مع حتى أنه (49:2003)املعلم بقليل من املهارة بدال من تقييم إجابة الطالب والبدء بسؤال مغلق جديد أن يطور إجابة الطالب إلى مبادرة أو رأي أو مقترح يثير حوارا

مع بقية أفراد الصف.

اعتاد صف في الفوضى،13 إلى يقود احلوار أن املعلمون/ات عي يدالطالب فيه على قيادة املعلم الصارمة. أيضا اتضح من حتليل التجربة فرص اختزال باتاه تدفع املعلم إرادة خارج أخرى معيقات ثمة أن

احلوار الصفي وبناء املعرفة، ميكن إجمالها فيما يلي:

املعلومات املناهج ككم من التعامل مع يتم حني املنهاج: تكميم .1يتحول املقرر إلى أداة ضاغطة على املعلم إلمتامه في مواقيت محددة التلقني أسلوب فإن هنا، ومن املدرسية. اإلدارة أسئلة من خوفا ذهني »في الطل: شادية املعلمة تقول كثيرة. أبوابا ويغلق مبرر الوقت ولكن الصف، في بتنفيذها أرغب الفعاليات، من الكثير

ال يسعفني«.غير هو الصف إلى املجتمع حضور أن من الرغم على املجتمع: .2أن “إنني أشعر املعلمة شادية: انتهاكي، حيث تضيف فإنه مباشر، املجتمع يقف لي عند باب الصف أنهم ال يسألون كيف يتعلم أبناؤهم، بل ما هي درجاتهم”. فأولياء األمور يريدون ألبنائهم معدالت عالية

كي يضمنوا ألبنائهم موقعا وسط منافسة سوق اجلامعات.

Page 70: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

73

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

في الصفوف، وكل معلم/ة على حدة أوضح املشروع لطالبه من حيث توفير بكل طالب/ة. ومت املناطة األدوار وأهدافه، وحددت طبيعته،

مصادر املعلومات الالزمة.

بعنوان متهيدي جدلي سياق تريب مت العلمي، اجلدل صعيد وعلى مبفهوم الطالب/ات تعريف منه الغاية اخلليج(،14 مرض )أعراض

اجلدل وعملياته ومهارته، متهيدا لتنفيذ املقترح اجلدلي املتفق عليه.

وقد زود الطالب مبصادر معلومات من شبكة اإلنترنت، وبعض املقاالت

بعد أن أصبح لدى املعلمني/ات خلفية نظرية وعملية مناسبة بدأوا ببناء اجلميع مبشاركة والتطوير للنقاش خضعت وقد التجريبية، املقترحات إلى أن غدت جاهزة للتنفيذ مع بداية الفصل الدراسي اجلديد من العام

.2008

املرحلة الثالثة )مرحلة التنفيذ(

الدراسي الفصل من وآذار شباط شهري طوال املرحلة هذه استمرت الثاني، وقبل الشروع في تنفيذ املقترحات، مت توضيحها للطالب/ات

تبنى منهما كل فريقني إلى املشاركون/ات انقسم فقد وبالطبع، النظريتني. ومت توفير مصادر معلومات حول ظاهرة االحتباس إحدى احلراري: مطبوعات ونشرات وملصقات إضافة إلى شبكة اإلنترنت. وقد يوميا، ساعتني ملدة العمل فريق لكل أتيح أيام أربعة مدار وعلى وصياغة نظريته، تدعم التي البيانات بجمع حدة على فريق كل قام

الفرضيات، وتقدمي التفسيرات.

وأخرى مكتوبة، مجادالت املعلمون/ات طور ذلك أثناء وفي power)شفوية، وثالثة محوسبة باستخدام تقنية العرض على برنامج

.(point

في أثناء الورشة قدمت مقترحات لكيفية إعادة ترتيب طالب الصف في حصص اجلدل العلمي، حيث ارتأى املعلمون/ات أن يترتب الطالب على شكل نصف دائرة، وأن يكون املجادلون في مقدمة الصف، ويكون ظهورهم بالتتالي، بحيث يقدم كل فريق مجادال واحدا أو أكثر يقدمون وأسئلة مالحظات بتحضير الطالب يقوم ذلك أثناء وفي نظريتهم، الترتيب من وجهة نظر املشاركني: في للمجادلني. وتكمن أهمية هذا كونه يكسر رتابة الصف التقليدي، ومينح الفرصة جلميع أعضاء الصف تعبيرات قراءة في أهمية من لذلك وما البعض، بعضهم وجوه لرؤية ميتلك من وحده املعلم التقليدي، الصف ففي اجلسد، ولغة الوجه

الفرصة لرؤية وجوه جميع الطالب.

باجلدل تنهض التي األسئلة نوعية حول مقترحات متن قد وكذلك العلمي من قبيل:

> كيف تبرهن على هذا االدعاء؟> ما هي البيانات التي تدعم وجهة نظرك؟

> هل تعتقد أن البيانات املعروضة ميكن أن تؤيد وجهات نظر مخالفة؟

االستماع، مهارات على التركيز مت األسئلة، طرح مهارة إلى إضافة مهارة املناقشة، فحص البدائل، معاجلة البيانات.

االستقصائي التعلم منوذج تبني مت العلمي االستقصاء محور ضمن طرح مت حيث وكشك،40:2007(، )جبر املشكالت حلل التعاوني وجمع املالحظة املشاركني من تطلبت عدة استقصائية مشكالت املعلومات وصياغة الفرضيات وتريبها للوصول إلى حلول، أو العودة

من جديد لفحص الفرضيات.

د املشاركون بقصص في سياق علمي، تتضمن ضمن محور القصة، زوفي املعلمني/ات مهارات حتسني إلى هدفت وفعاليات نشاطات استكشاف احملتوى املعرفي للقصص بطرق حوارية، وكذا لعب أدوار بناء على أحداث في القصص. كما مت تطوير قدرات املعلمني على إعادة

بناء محتوى علمي في سياق قصي.

التي الفعاليات بعض التحضير مرحلة تطلبت سبق، ما إلى إضافة أجريت في املدرستني من قبيل عروض الكتب، والعروض البصرية. وفي هذا السياق، مت عرض كتابني من إصدار مركز القطان تعليم يبدأ من احلياة، واللغة وبناء املعرفة. أما في مجال العروض البصرية، فقد مت عرض تربة مصورة في اجلدل العلمي حول انقراض الديناصورات

من إنتاج معلمني في مساقات سابقة نظمها مركز القطان.

مع نهاية املساق، أتيح لكل معلم/ة اختيار السياق الذي يالئمه ويالءم محتوى الوحدة التعليمية متهيدا لبناء املقترحات التعليمية كما هو موضح

في اجلدول التالي:

الصفالدرسالسياقاملعلم/ة#

القصة شادية الطل1اجلدل العلمي

العلوم - املجموعة الشمسيةطبيعة الضوء

للصف التاسعالصف احلادي عشر

للصف العاشرالتكنولوجيا-الكهرباء وتطبيقاتهااالستقصاء العلميعبير العسود2

الصف احلادي عشرالعوملةاجلدل العلميبهاء احملاسنة3

Page 71: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

74

ف الثقافة العلميةمل

بقية العناصر املجاورة. من هذا املنظور نرى أن التغير في املمارسات الصفية في سياق بحثنا لم يكن قرارا برانيا من خارج البنية الصفية، إمنا هو صيرورة فعل وتغيير جوانية، إنها أشبه بعملية محايثة، بتعبير جيل دولوز، حيث التغير في عنصر يشكل حثا للتغيير في العناصر املجاورة )إبراهيم: 39(. فهو إذن تغيير ينهض على قناعات ورغبات من هم داخل هذه البنية الصفية، إنه تغيير في العالقات والوعي كما يتضح

من املقاطع التالية املأخوذة من يوميات املعلمني/ات:

من عالية درجة فيها إن .. احلصة هذه عن راضيا لست »أنا <االصطناع وخالية من التلقائية«.

> »لو لم أشاهد نفسي على الشاشة لبقيت اعتقد أنني أفضل معلم في املدرسة«.

أنني رأيت نفسي في احلصة تلقينية وثقيلة، ولوال > »كانت حصتي املصورة ملا توصلت إلى هذه النتيجة«.

> »حصتي هي حصة تلقينية .. لقد تكلمت أكثر من كل الطالبات«.

على فقط يستند ال البحثية التجربة هذه تقييم أن إلى نشير أن بقي املعلمني/ متابعة أسلوب اتبعنا وإمنا فحسب، صورت التي احلصص ات في صفوفهم طوال مراحل البحث، حيث جلأنا إلى حضور حصص فإننا الصفية، املمارسات في التغيرات تقييم وألجل للمعلمني/ات.

سنركز النظر باتاه احملاور التالية:

باتاه النظر نركز سوف احملور هذا وضمن الصفي: التفاعل منط .1يشجع هل املركزي؟ دوره عن يتخلى هل حيث: من املعلم/ة والتفسيرات األدلة طلب على يشجع هل الطالبية؟ املبادرات النظر؟ وجهات في االختالف على طالبه يشجع هل واملبررات؟

وهل يشجع الطالب على احلوار فيما بينهم؟2. األسئلة: نوعيتها، مصدرها، غايتها.

3. مهارات اجلدل العلمي: وفي هذا السياق سوف ننظر إلى:

> مستوى اجلدل العلمي الذي مت في الصفوف.> مدى حتقق عمليات اجلدل العلمي في الصفوف من حيث: )الكالم واالستماع، صياغة االدعاءات، التبرير، التموضع، بناء املجادلة،

تقييم اجلدل(.

وأتيح الصفوف. وجدران احلائط مجالت على وعلقت الصحافية، للطالب/ات االطالع على هذه املصادر كي تساعدهم على تبني وجهة نظر إزاء ما يسمى بأعراض مرض اخلليج. بعد أن اكتسب الطالب خبرة في بناء املجادالت، مت تنفيذ املقترحات املخطط لها أصال حول طبيعة

الضوء )هل هو موجات أم جسيمات؟( ومقترح العوملة )مع أو ضد(.

ازدياد ومع شفافيات، على مكتوبة املجادالت قدمت البداية، في خبرة املشاركني/ات متكنوا من بناء مجادالت شفوية مدعومة بعروض

وشفافيات وصور وأفالم وثائقية.

املعلمة عبير نفذته الذي العلمي وحل املشكالت في سياق االستقصاء التي املشكالت حتديد بهدف ذهني بعصف الطالبات قامت العسود، الطالبات، اقترحتها التي العديدة املشاكل بني ومن املدرسة، تعانيها العملية تقود كمشكلة املدرسة عن الكهرباء انقطاع مشكلة تبني مت

االستقصائية. لقد اختيرت هذه املشكلة بناء على املعايير التالية:

> إنها مشكلة حقيقية وأصيلة.املرافق > مشكلة تسبب للطالبات إزعاجا وقلقا وحترمهن من استخدام

املدرسية كالسينما، ومختبر احلاسوب، واملختبر العلمي.> مرتبطة مبحتوى الوحدة التعليمية.

والثقافة والكيمياء، كالفيزياء، عديدة معرفية حقول على منفتحة <العلمية.

وحدة الطل شادية املعلمة نفذت األدوار، ولعب القصة صعيد على وهذا الشمسية، واملجموعة الكواكب بعنوان التاسع للصف تعليمية بفعاليات وضمنتها قصصي، سياق في الوحدة بناء إعادة منها تطلب النص داخل سواء العلمية؛ املعرفة الستكشاف تطبيقية ونشاطات

القصصي أم خارجه.

مع نهاية هذه املرحلة، مت تصوير أربع تارب كل على حدة، وعرضت التدريسية، الهيئة أعضاء غالبية مبشاركة األول مستويني: في للحوار

والثاني مبشاركة املعلمني/ات الباحثني/ات.

في نهاية هذه املرحلة، أصبح لدينا عدد كبير من الوثائق: )مالحظات املمارسات في التغير الستكشاف صاحلة تقييمات( انطباعات يوميات

الصفية، وبالتالي تقييم هذه التجربة برمتها.

تقييم التجربة: تغيير املمارسات الصفية

مقاربة حتليلية:حتى يكون في مكنتنا فهم التغيرات التي تطرأ على ممارسات املعلمني بنيوية من حيث في صفوفهم وإدراكها، فإننا ننظر إلى الصف نظرة هو بنية ديناميكية من اإلفراد، واالنفعاالت، والعناصر، واألشياء، والظواهر، والعالقات الداخلية، والتعالقات اخلارجية، التي تتبادل التأثير واحلث فيما بينها. وبحسب تعبير ال لند )إبراهيم، بال تاريخ: 43(، فإن كل عنصر في هذه البنية يتوقف وجوده على كل ما عداه. من جهة أخرى، فإن التغيير في أي عنصر في هذه البنية ينعكس على

Page 72: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

75

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

قديش بنعرف كيف املعلمة(: من اإلذن أخذت أن )بعد طالبة1: بيسحب التلفزيون كهرباء؟

طالبة 2: بكون مكتوب على التلفزيون قدرته، مثال 100 واط/ساعة، بنضرب 100 في زمن التشغيل.

الطالب/ات أكثر من مناسبة يشجع املعلم/ة في أن أيضا فقد الحظنا على طرح األسئلة على بعضهم البعض. وضمن املشهد السابق سألت

طالبة معلمتها: هل كل التلفزيونات بتسحب كهرباء زي بعضها؟

كانت مسؤولة عن لـ )خولة( ألنو هي هالسؤال اسألي جربي املعلمة: جمع املعلومات عن حمولة األجهزة الكهربائية في املدرسة.

الطالبة تنظر باتاه خولة وتعيد السؤال عليها. 100 الثاني، في أجهزة ال.. كل جهاز له قدرة بتختلف عن خوله:

واط وفيه 80 واط ...في حدا بحب يسأل خوله حول نفس املوضوع. املعلمة:

> دور املعلم/ة في تسهيل عمليات اجلدل العلمي.

وبعد النظر في احملاور السابقة، سوف نبني أثر هذه التغيرات في عملية الكتابة بواسطة املعرفة بناء من مناذج عرض خالل من املعرفة، بناء

واحلوار ولعب األدوار.

احلوار الصفي:في الصفي احلوار صعيد على حصل ملموسا تغيرا أن االدعاء ميكن

مستويات عدة:

التفاعل الثالثي-الذي أشرنا الصفي: إضافة إلى منط التفاعل منط .1حيث جديدة، تفاعلية أمناط ظهرت فقد سابق- موضع في إليه الطالب يسأل املعلم والسؤال يولد سؤاال آخر، لننظر إلى هذا احلوار للمعلمة، الكيميائية املواد فصل بعنوان علوم حصة من املستل تبدو األسئلة حرة وتلقائية، وتعبر عن رغبة في فهم لنالحظ كيف

الظاهرة العلمية.

كيف بدي اعرف انو امللح ذاب في املية ونزل في القنينة؟ الطالبة: املعلمة )تبدو محتارة(: مهو معروف انو امللح بذوب في املاء.

الطالبة: بس ميكن يظل منو شوية في االسفنجة وما ينزل.مسامات من أصغر امللح جزيئات أن أعتقد ولكن .. ممكن املعلمة:

اإلسفنج.الطالبة: بس هيك ما بنكون فصلناه مليح.

املعلمة: صح .. ال ميكن فصل املواد %100نبحث عن شيء غير اإلسفنج مساماته أصغر من الطالبة: طيب ممكن

جزيئات امللح؟املعلمة: جربي!

إذا ما دققنا النظر في املشهد احلواري أعاله، سوف نلحظ أن إجابات اإلجابة، إلى منها االستجابة إلى أقرب إنها باليقني، تتسم املعلمة ال ما األسئلة من ملزيد مواربا الباب ترك االستجابة من الشكل وهذا سمح للحوار أن يتصاعد. من اخلطأ إن ننظر إلى املشهد السابق وكأنه سؤال وجواب. ذلك أن أسئلة الطالبة تنبني وتتطور تصاعديا بناء على الباختيني احلوار فكرة إلى يقود وهذا املعلمة. تبديها التي االستجابة اآلخرين تلفظات يشمل سياق في ينبني كتلفظ الكالم أن تفيد التي أيضا املهم من 15.(Bakhtin 1986:78) ومواقفهم واستجابتهم أن نشير هنا إلى أن احلوار في املشهد السابق ما كان له أن ينهض لوال تاوز املعلمة حلرفية مفهوم “احلقيقة العلمية” وأيضا لوال مبادرة الطالبة وتنويهها إلى فكرة التماسك بني جزيئات امللح ومسامات اإلسفنج. إذ كان بإمكان املعلمة أن تضع حدا للحوار لو قالت مثال:” أن امللح يذوب في املاء وال يعلق في مسامات اإلسفنج«. ولكن تقبل املعلمة لوجهة نظر الطالبة أدى إلى استمرار احلوار، وهذا يعني أن وجهات النظر وتعددها

وتنوعها هي من مقتضيات احلوار )الكردي، 23:2003(.

أكثر وتكرر حصة، من أكثر في شاهدناه الذي اآلخر التفاعلي النمط من مرة في احلصة الواحدة هو منط طالب طالب، حيث الطالب يسأل

زميلة، هذا املثال مأخوذ من حصة التكنولوجيا للصف العاشر:من دورة للتصوير السينمائي للفتيات نظمها مسرح احلرية في جنني.

Page 73: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

76

ف الثقافة العلميةمل

معني ظرف في اجلسيمات سلوك الضوء يسلك أن ميكن هل وسلوك موجات في ظرف آخر؟

أسئلة تشجع البدائل:هل ميكن أن تكتبي فرضية أسهل وقابلة لالختبار؟ عبير:

هل ميكن أن نفكر في بدائل عن االستيراد من اخلارج؟ بهاء:

أسئلة توجيهية وتخطيطية:كيف ميكن أن تكن مستعدات الستقبال مهندس البلدية؟ عبير:

زيارة نستفيد من بها كي تفكرن أن التي يجب أهم األسئلة ما املهندس الكهربائي؟

أسئلة تشجع على التموضع:طيب .. أنت بتئيدي أي نظرية؟ وليش؟ شادية:

العوملة رفض بني ما ثالث طريق عن نبحث أن ميكن هل بهاء: وقبولها؟

أسئلة تطلب تبريرات:كيف تثبت أن تبني العوملة يؤدي إلى نهضة اقتصادية؟ بهاء:

هل لديك بيانات إحصائية تثبت أن صناعة األحذية في اخلليل تراجعت؟

مهارات اجلدل العلمي

مجادالت بننين العاشر الصف طالبات أن املعطاة البيانات حتليل أظهر علمية من املستوى الثاني، ظهر فيها ادعاء وادعاء مضاد مصحوب في احلالتني ببيانات وتفسيرات، في حني أظهر طالب الصف األول ثانوي ادعاءات )سلسلة الثالث املستوى ضمن وتقع أقوى علمية مجادالت احلالتني، كلتا وفي وتفسيرات(. ببيانات مصحوبة مضادة وادعاءات متن املجادالت شفوية، وفي أثناء املجادالت قدم الطالب/ات صورا قدباستخدام وعرضت شفافيات، على مفرغة داعمة وأرقاما وبيانات

.)Over head projector(

فقد ظهرت بجالء مهارات اجلدل العلمي من حيث:

< صياغة االدعاءات وإسنادها بالبيانات والتفسيرات:انظروا )ادعاء(، إيجابية العوملة ظاهرة أن أعتقد الطالب مالك مساملة: خليويا هاتفا يحمل شخص كل أصبح كيف أن شركة »جوال« سوف حتتفل )سند(. سمعت مبليون مشترك )سند(. صحيح أن هناك أشخاصا النفي(، ولكن هذا ليس لديهم جواالت )مجال

يحدث في كل املجتمعات )سند(.اخلليج مرض اسمه مرض يوجد ال انه اعتقد الطالبة مرمي عمر: )ادعاء 1(، إنه مرض مصطنع من اجلنود )ادعاء )تفسير(، مالية تعويضات على للحصول )2لم فلماذا فعال، موجودا املرض هذا كان فإذا يظهر في احلرب على أفغانستان )سند 1(. وملاذا

نالحظ مما سبق تراجع منط التفاعل الثالثي لصالح أمناط تفاعلية حوارية جديدة نشأت بفضل تبني أسلوب حل املشكالت.

األسئلة احلوارية

ميكن االدعاء أن األسئلة املغلقة تراجعت بشكل ملحوظ لصالح األسئلة املفتوحة، ففي مقارنة بني حصتني لنفس املعلم/ة، ميكن أن نلحظ ذلك

كما هو مبني في اجلدول التالي:

احلصة األولىاملعلم/ةالفصل األول 2007

احلصة الثانيةالفصل الثاني 2008

عبير

اذكري أنواع التيار الكهربائي؟

ارسمي رمز املقوم البلوري؟

صنفي املقومات البلورية؟

ما األفضل: استخدام أنابيب الفلوريسنت أم

مصابيح التنجستون؟ ملاذا؟هل تعتقدن أن املصادر البديلة للطاقة فعالة في

حالة املجتمع الفلسطيني؟ كيف؟

شادية

ما هي أصناف التفاعالت الكيميائية؟

من تذكر خطوات حتضير اجلير احلي؟

هل ميكن أن توجد حياة على كواكب أخرى غير

األرض؟ ملاذا؟هل تعتقدن أن بطلة القصة فتاة غنية أم فقيرة؟ وملاذا؟

بهاء

اذكر عناصر النظام اإلداري.

اكتب قانون حساب الربح.

هل ميكن التصدي لظاهرة العوملة؟ وكيف؟

ما هي البدائل املتاحة للمجتمع عن العوملة؟ وهل هي واقعية ضمن

اخلصوصية الفلسطينية؟ كيف؟

التحصيل لقياس تعد لم فاألسئلة األسئلة، أغراض أيضا تغيرت لقد وجمع املعلومات فحسب، بل تعدت إلى أغراض أخرى من قبيل:

أسئلة تشكيكية:الكهربائية املدرسة أجهزة عن املعلومات أنو أتأكد بدي كيف عبير:

صحيحة ودقيقة.شو دليلك على أن الضوء جسيمات؟ شادية:

أسئلة تقييمية:شو رأيك في طريقة )املجموعة األولى( في فصل املواد الصلبة. عبير:

أسئلة حتفيزية:الوقت في وموجات جسيمات الضوء يكون أن ميكن هل شادية:

نفسه؟

Page 74: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

77

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

أنه يجب أعتقد وأنا إيجابيات، سلبيات ولها أن نتعايش معها.

< القدرة على التقييم:تفسر وال ضعف فيها املوجية النظرية أن مع الطالبة سامية:

بعض الظواهر، فإنها تبقى النظرية األقوى.

< القدرة على تطويع البيانات كي تخدم وجهة نظر:أطفاال فيهم ولكن نسمة، ماليني أربعة الفلسطينيني عدد أن صحيح

وقاصرين ال يحملون »جواالت«.حركة الدوالب تعني أن الطاقة انتقلت من املوجة الضوئية إلى الدوالب،

وهذا ال يفسر أن الضوء جسيمات.

جيدة قدرات املعلمون/ات أظهر فقد املعلم/ة، دور إلى بالنسبة أما على إكساب طالبهم مهارات اجلدل العلمي، املقاطع التالية مأخوذة من حصة متهيدية في اجلدل العلمي )حول أعراض مرض اخلليج( للمعلم املعلم الثانوي، حيث تظهر فيها محاولة بهاء مع طالب الصف األول

إكساب طالبه مهارات اجلدل العلمي:

> إلجراء مناظرة ناجحة، يجب أن يتحلى اجلميع مبهارة حسن االستماع.> حتى نفهم ما يقوله الطرف اآلخر، يجب أن نستمع جيدا لكل شيء،

والبريطانيني األمريكيني اجلنود في إال يظهر لم )سند 2(.

< طرح األسئلة النقدية:تقول إن شركة »جوال« ستحتفل قريبا باملشترك الطالب عصام سويطي: في الفلسطينيني عدد ولكن مليون، رقم أن ذلك معنى ماليني، 4 هو والقطاع الضفة شراء يستطيع فقط الفلسطيني الشعب ربع ظاهرة العوملة إن تقول فكيف »جوال«،

إيجابية؟هذه تذهب أين .. جسيمات الضوء كان إذا الطالبة وفاء: مظلمة غرفة في النور إطفاء بعد اجلسيمات

ومغلقة؟موجود خفيف دوالب على ضوءا سلطنا إذا روال إبراهيم: العجلة، تتحرك الهواء من مفرغة أنبوبة في

كيف تفسر النظرية املوجية هذه الظاهرة؟

< التموضع: أظهر الطالب قدرة على التموضع:معظم تفسر ألنها املوجية، النظرية مع أنا العاشر: الصف من طالبة

ظواهر الضوء.لها آخر، أي شيء مثل مثلها العوملة احلادي عشر: الصف من طالب

Page 75: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

78

ف الثقافة العلميةمل

الصفي، اخلطاب طبيعة تتغير أن الضروري فمن املعرفة تبنى حتى ونقصد باخلطاب الصفي كل ما يؤثر في عملية إنتاج املعرفة من عمليات وأفراد وظروف وعناصر، لكي تظهر بالشكل الذي تظهر عليه، وهذا

يشمل:

> الطالب ومواقعهم وعالقاتهم وأدوارهم.> املعلم ودوره.

> املنهاج وطريقة تقدميه.> أمناط التفاعالت الصفية.

من الصفية البنية لعناصر ترتيب إعادة يقتضي املعرفة بناء فإن وعليه، جديد، أي إعادة ترتيب املواقع واألدوار. وهنا نتفق مع ما تؤكد عليه البنائية االجتماعية في كون التفاعالت االجتماعية شرطا أوليا في عملية بناء املعرفة. إذ الحظنا أن الطالب/ات األقل حظا في املشاركة الصفية االعتيادية أبدوا مشاركة فاعلة في هذه التجربة البحثية على صعيد احلوار والكتابة. وهذا يتفق مع ما جاء في على لسان ويلز من “أن الفرد ينشط

إذا ما وضع في إطار يجمعه مع آخرين” )ويلز، 73:2003(.

لقد ركزت البنائية االجتماعية على مفهوم التعليم كعملية مشاركة للفرد في سياق اجتماعي يجمعه مع أقران آخرين. ومع قناعتنا أن هذا الشكل العبء إلقاء إن نعتقد فإننا وفاعلني، مشاركني أفرادا ينتج التعليم من اشتراطات كل توفرت لو حتى محاذيره له أمر وحدهم الطالب على إلى إضافة أنه نعتقد فإننا وعليه، .)71:2003 )ويلز، املعرفة إنتاج توفر االهتمام الشخصي للمتعلم وتوفر مصادر املعلومات وتوفر السياق االجتماعي، فإن تدخل املعلم وتوجيهاته وإرشاداته هي أمر جوهري في عملية بناء املعرفة، ولكن مع التشديد على أهمية أن يكون تدخله مسهال الصف في طالب مذكرات من واملستل التالي املقطع التعليم. لعملية األول ثانوي يبني أنه في حال توفر اهتمام شخصي، فإن متوضع الفرد ضمن إطار اجلماعة ال ينهض بالقدرات الفردية فحسب، بل واجلماعية

أيضا )73:2003(.

نظر بوجهة اآلخرين إلقناع الكالم على القدرة فقط ليست املجادلة لكل أيضا نستمع أن يجب قوية، علمية مجادلة نبني حتى معينة.

شيء يقوله الطرف اآلخر ونفهمه جيدا.> هناك فريق من العلماء يعتقد أنه يوجد مرض أصاب اجلنود األمريكيني الفريق يدعم وجهة أثناء حرب اخلليج. هذا العراق والبريطانيني في في شاركوا الذين اجلنود مع ومقابالت وبيانات بشهادات نظره احلرب. وأيضا يوجد فريق آخر ينفي صحة هذه الفرضية ويقدم دالئل وشهادات، واجلدل بني الفريقني مستمر. إن ما يقوم به الفريقان هو ما

يسمى اجلدل العلمي.> سوف تقومون في هذا الصف بشيء مشابه ملا يفعله العلماء.

> في البداية سأوفر لكم معلومات حول النظريتني من الصحف واإلنترنت.> بناء على البيانات ستقررون ما هي النظرية التي تؤيدونها.

> النظرية هي ادعاء مدعم بالبيانات.> حاولوا أن تكتبوا في هذه املرحلة مجادالت، ولكن األفضل أن تكون

شفوية ومدعمة بوثائق.> ال يوجد نظرية صحيحة بالكامل، وال يوجد نظرية خاطئة بالكامل، إمنا يوجد دالئل أكثر وأقوى لنظرية على حساب نظرية أخرى. ومطلوب منكم أن حتددوا بناء على ما تسمعونه من جدل مع أي النظريتني أنتم.

> حاولوا أن تكون ادعاءاتكم مكثفة وعميقة ومبنية على البيانات.> كلما كانت األفكار مدعمة بأرقام وحسابات وجداول، كانت مقنعة

أكثر.

في بناء املعرفة .. مقاربة حتليلية

من نرى تربتنا، عبر املعرفة بناء كيفية في مقاربة طرح لنا يتاح حتى أن نعتقد إننا واملعرفة. املعلومات مفهومي بني منيز أن الضروري املعلومات هي بيانات مرتبة ومنظمة ضمن عالقات كمية ونوعية، وهي قابلة للتخزين عبر وسائط مختلفة كالكتاب، والوسائط التكنولوجية، نظر معينة مادة خام ال تخدم وجهة أنها بأنها محايدة، مبعنى وتتصف دون غيرها، وهي متاحة للجميع ألجل تطويعها كي تخدم وجهة نظر ما. وعليه، فإن عملية نقل املعلومات من وسيط إلى آخر، ال يحولها إن كميا. الزمن مع تتراكم مكتسبة كمعلومات تبقى إمنا معرفة، إلى املعلوماتي، احملتوى نقل فكرة على تعتمد التي التعليمية املقاربات العقل مع التعامل يتم كما املعلومات، اكتساب طرائق على تركز التعليمية ميتازون بسعة النظم املنخرطون في مثل هذه كحيز. واألفراد ما وهذا اإلبداعي، التفكير مهارات إلى يفتقرون لكنهم معلوماتهم،

يحدث غالبا في املدرسة.

عمليات ثمة واملستقبل- الوسيطني-املرسل بني الفاصلة املسافة في وهذه معرفة، إلى حتولت املعلومات إن يقال حتى تتم أن يجب هي العملية هذه إن والفهم. والتفكير واملعاجلة احلوار هي العمليات إكساب عملية هو إذا، فالتذويت املعرفة. بناء أو بالتذويت يسمى ما إعادة هي آخر، ومبعنى الفرد/األفراد. قبل من ذاتيا بعدا املعلومات هي املعرفة فإن وعليه الفاعلة، الذات نظر وجهة من املعلومات إنتاج ديفلني وبحسب إليها. أشرنا التي العمليات إليها مضافا املعلومات )76:2000(، تكمن أهمية املعلومات ليس في كونها معلومات، وإمنا

في عملية حتويلها إلى معرفة.

شكل 2: التذويت .. بناء املعرفة

حوار

تفكير

معاجلة

فهم

معرفةمعلومات

Page 76: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

79

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

التجريبية، السياقات تعدد وبسبب األثر. وواضحة عميقة املجادلة املعرفة: بناء في عدة أمناطا التجربة هذه في الطالب/ات استخدم

كتابية، شفوية، حوارية، أخرى عن طريق العمل النشط.

للجدل التحضير مرحلة في علوم حصة من جزءا التالي املشهد يبني العلمي. املجموعة تتألف من ثالث طالبات في الصف العاشر ممن تبنني حول املجموعة أفراد بني داخليا حوارا ميثل واملشهد املوجية. النظرية خاصية من خصائص الضوء. الطالبات يحاولن فهم خاصية االنكسار معلومات مصادر لهن املعلمة وفرت لقد املوجية. النظرية ضوء في يتحلقن الطالبات بسيطة. أدوات رسومات، قصاصات، متنوعة: باملاء وقلم. وقد كلفن لإلجابة عن الطاولة وأمامهن كأس مملوء حول

سؤال: ملاذا تبدو األشياء مكسورة حني توضع في املاء.

القلم مكسور؟)تسحب القلم خارج كأس املاء فيبدو طبيعيا( )جتربة(.

ال مش مكسور بس هو مبني انو مكسور )استنتاج(.-: مهو هذا السؤال .. ليش ببني كأنو مكسور.

-: بس القلم ببني مكسور .. وال كل األشياء؟ )سؤال استقصائي(-: جنرب املسطرة؟ )تضع املسطرة في املاء فتظهر مكسورة( معناتو كل

أن املعلم كلفني العوملة. ضد املجموعة مع أكون أن “اخترت الصناعة هذه وكيف اخلليل، في األحذية صناعة عن تقريرا أكتب أقوم ألنني فرحان أنا الصني. من األحذية استيراد بسبب خربت البيتية بالواجبات أهتم كنت ما العادية الدروس في العمل. بهذا التي يعطيها )املعلمون(. مهمتي مع مجموعتي ليس واجبا بيتيا، أنا أحب أن أقوم بهذا العمل. أحس أنه ال يوجد فرق بيني وبني طالب مجموعتي. ال أحس أن التنافس موجود بيننا، كل واحد منا يعمل

لكي ننفذ مهمتنا بنجاح...”.

نشاطات في انخرطوا الذين الطالب/ات أن وفي تربتنا هذه الحظنا جماعية أبدوا قدرات جيدة على التواصل والبحث وطرح األسئلة، وقد تلت عملية بناء املعرفة في أوضح صورها مع طالبات الصف العاشر في كان اإلشكالي السياق أن ذلك الكهرباء، انقطاع ملشكلة حلهن سياق انقطاع املتعلمني في حتد مع املشكلة، لقد كان سياقا حقيقيا، ما وضع جعل ما وهذا عدة، متتالية سنوات املدرسة واجهت مشكلة الكهرباء الطالبات يسعني بجد حلل هذه املشكلة. وفي إطار حل املشكلة، تعلمت

الطالبات مفاهيم وعمليات ومهارات في مجال الكهرباء.

عمليات عبر املعرفة بناء عملية كانت أيضا، العلمي اجلدل سياق في

من إحدى فعاليات جمعية الكمنجاتي في جنني.

Page 77: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

80

ف الثقافة العلميةمل

أشي بينكسر في املاء )تعميم(.-: طيب لو جربنا أشي غير املاء؟

-: زي ايش؟-: الزيت مثال )تضع القلم في وعاء الزيت(

- : نفس الشيء .. القلم مبني مكسور.

-: إحنا بدنا نعرف شو بصير في الضوء.-: طيب خلينا ندور في األوراق )يبحثن في الرسومات(

-: اننت مالحظات انو الشعاع هو إلي بغير مساره؟-: صحيح.

-: يعني ما الو دخل بالقلم، معناتو الضوء هو اللي بينكسر ألنه مر في املاء.

-: احنا الزم نفكر ليش الضوء بينكسر.-: أنا بالحظ من الرسومات .. حتى ينكسر الضوء الزم مير من وسطني

شفافني مثل الهواء واملاء أو الهواء والزيت ... )استنتاج وتعميم(

فيما سبق نلحظ أثر احلوار في بناء املعرفة، لقد مت عبر احلوار فهم ومعاجلة مفهوم االنكسار بلغة بسيطة، ولكنها لغة الطالبات، وبهذا املعنى تصبح عملية بناء املعرفة كما لو أنها تشييد بنيان، وهذه مهمة ليست فردية، بل هي مهمة جماعية قائمة على الشراكة ما بني املعلم والطالب، ويلزمها

ظروف ومواد وعناصر كي تتم على أكمل وجه.

خامتة

اجلدل العلمي -مبا هو حقل تربوي غير مطروق في امليدان على صعيد لتجربة جديدة البحث أسس إن هذا القول الفلسطيني- ميكن التربوي أن وطالبا، ومعلمني باحثني التربويني، من نأمل العلمي، اجلدل في هو العلمي اجلدل أن علمنا حدود ففي عليها. ويراكموا يحاوروها

عنصر ثقافي غائب من األدب التربوي الفلسطيني.

لدى احلوار مفهوم إن القول فيمكن الصفي، احلوار صعيد على أما املعلمني/ات تغير )من توجيه األسئلة وتلقي اإلجابات عنها( إلى مفهوم جديد يستند إلى تبادل املعرفة بني املتحاورين بغرض الفهم والتغيير. لقد تفاعلية أمناط ظهرت حيث املمارسة، على املفاهيم في التغير انعكس حوارية جديدة، حيث الطالب يحاورون بعضهم البعض، ويحاورون األسئلة إثارة على والطلبة املعلمني/ات قدرة تطورت كما معلمهم. املغلقة األسئلة تراجعت وباملقابل الفت، بشكل والتفكيرية احلوارية

التي تعرقل احلوار.

املدرسة إلى تأثيرها امتد لقد الصفوف، حبيسة احلوار لغة تبق لم احلوار املدرسي، مت حتديد يوم من كل أسبوع واملجتمع. فعلى صعيد بصورة فيه يشارك الصباحية، الفعاليات ضمن املدرسي للحوار أم الطالب من سواء احلوار؛ مبوضوع عالقة له من كل دميقراطية املواضيع أما احمللي. املجتمع من أم املدرسية اإلدارة أم املعلمني التعليمية املدرسة مشكالت األغلب على فهي تطرح، التي احلوارية

واإلدارية والصحية.

وألن احلوار واجلدل يتطلبان إعادة بناء وترتيب البنية الصفية، فقد ظهرت

تغيرات في األدوار واملواقع والعالقات الصفية. ففي سياق األدوار طرأ حتسن ملحوظ على فهم املعلم لدوره كميسر للعملية التعليمية، وبهذا املعنى تراجعت أساليب التدريس التلقينية، وباملقابل طرأ حتسن ملحوظ على أداء الطالبات ودورهن في املواقف التعليمية املختلفة؛ من طالبات

يستقبلن املعلومات إلى طالبات يسألن ويحاورن ويخططن.

وألن البحث يتطلب أعماال كتابية وتطوير مقترحات تعليمية، فقد تطورت املعلمون/ات ر طو وأيضا التأملية، الكتابة مجال في املعلمني قدرات بحيث بناءها، وأعادوا املدرسية، املناهج على تتكئ تعليمية مقترحات تستدعي احلوار الصفي وتفعله؛ مستخدمني في ذلك سياقات متنوعة من

قبيل االستقصاء، واجلدل العلمي، والقصة، ولعب األدوار.

تأمالت ما بعد بحثية

حكاية البحث:لقد ذهبت إلى املدرسة ألنفذ بحثا في »الرواية كسياق للتعليم والتعلم«، وخرجت من املدرسة بعد سبعة أشهر ببحث في »تطوير قدرات املعلمني ثمة العنوانني بني وما العلمي«، واجلدل الصفي احلوار في والطالب انزياحات وانفصاالت وسقطات هي في محصلتها النهائية رحلة بحثية

وتأملية أنتجت هذا العمل البحثي.

لم يبد املعلمون/ات استعدادا لقراءة الروايات التي يفترض أن تؤسس وتقود عملنا البحثي، كانت حلظة صادمة بالنسبة لي، وشعرت باخليبة.

ماذا افعل؟ الصدمة واخليبة معا حتولتا إلى سؤال بحثي:

يذهب أم البحثية بكامل عدته إلى حقله يذهب أن بالباحث يجدر هل أعزل ويستكشف احلقل ويؤسس فيه األسئلة واألدوات؟

مع هذا السؤال خفت حدة اخليبة وتعافيت قليال من الصدمة، وأسست للخطوة التالية:

املمارسة في أنفسنا نشاهد أن والزميالت الزمالء أيها رأيكم »ما الصفية؟«

زع: »هل هذا أنا فعال؟« الكاميرا تبدو مرعبة، إنها حتفر فينا السؤال املزعن

استعدادها خلوض تعلن معلمة واحدة فقط 35 معلما ومعلمة بني من من حشدا اللحظة تلك في لي بدت هذه الواحدة املعلمة التجربة.

البشر، أنا ال أحتاج أكثر من معلم/ه لكي أبدأ.

عندما شاهدت نفسها ألول مرة عن بعد أذهلتها: نكهة صوتها وحركات يديها وذهابها وإيابها كالديدبان، وكالمها الذي لم ينقطع طوال أربعني

دقيقة، وهي تضخ بيانات وقوانني ونظريات.

والشرح، الصفية، اإلدارة حيث من ممتازة، احلصة املشاهدون: قال فعال أنها الرأي شاطرتهم وبالطبع الخ، ... املستخدمة والوسائل سياق من استوحيته سؤاال رميت ولكني املعايير، هذه وفق ممتازة

Page 78: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

81

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

اإلسكارس دودة طول )أن الطالبة: قالته ما لكم يعني »ماذا احلصة: 120 سنتمترا يساوي طول غرفة الصف(؟

اجلديدة النماذج وبدأت ترتفع، املبادرات بدأت أسبوع بعد أسبوع متارس جاذبيتها على املعلمات. وغدا احلضور إلى قاعة السينما املدرسية ملشاهدة حصص املعلمات تقليدا أسبوعيا. وهكذا بدأ املعلمون يجيدون الرتيب. ومع الصفي العمل اعتادوا عليه في أبعد مما املشهد النظر في نهاية هذه املرحلة، انبثقت األسئلة البحثية التي قادت عملنا إلى مجال

احلوار واجلدل.

في البحث النوعي:الوثائق من بحر أمام نفسي وجدت البدايات، ضباب انقشع أن بعد والصور والتسجيالت، في حلظة ما أحسست أن كل شيء سينهار، وأن كل ما مت إجنازه ستذروه الرياح، ال أدري من أين أبدأ، وماذا أفعل بهذه

الوثائق؟ وماذا أقيس؟

مدرسة من تخرجت الذي وأنا الكمية، باألبحاث مهجوسا زلت ما ختمت دماغي بالعالقات الكمية والسببية وذهبت إلى جامعة وتخرجت منها دون أن أسمع حرفا واحدا حول األبحاث النوعية، ثم عدت إلى

املدرسة معلما ألعيد إنتاج نفسي على هيئة من أنتجوني.

وسط هذا املعمعة سمعت عبارة ملهمة من أحدهم: »هل كل شيء قابل للقياس؟«.

إذن، كيف ميكن لي أن أقيس فرحة طالبة تقفز فرحا حني وجدت عطل العطل؟ هذا تعاني من عليها سنوات وهي في مدرسة مضى الكهرباء كيف لي أن أقيس فرحة طالب أنهى مهمته في اجلدل العلمي ونزل فرحا

إلى رفاقه يسألهم« إن شاء الله كنت مليح؟

باالنفعاالت، دخل لها وليس الفرح، تقيس ال الكمية األبحاث إن الفرحني الناس هؤالء تذكرت حني إجنازه. مت ما لكل تتويج أنها مع بإجنازهم عرفت مهمتي البحثية، وهي أن أصف املسار منذ حلظة البدء من خرجت بيضاء حمامة خفقة تشبه التي الفرحة القفزة تلك وحتى

أسرها، إنها بلغة الباحثني تغير في طريقة النظر إلى البيانات.

في األحكام اجلاهزة:صمم الثانية، التعليمية سنته في جديد معلم هو احملاسنة بهاء املعلم املعلمون األدبي. ثانوي األول الصف في العلمي اجلدل مقترح ونفذ في مدرسته أعلنوا فشل التجربة قبل أن تبدأ، ألن هذا الصف عنيف من قلب إلى الهواجس هذه انسربت يتعلم. أن يريد وال نظرهم، وجهة املعلم بهاء، فجاء معلنا خوفه من احتمال فشل التجربة. يومها قلت له: »إذا كنت في مكان، حيث ال يتوقع الناس وجودك فيه، فاعلم أنك في

املكان الصحيح«.

وجنحت األعنف« »الصف مع التجربة يخوض أن بهاء قرر وهكذا في أملح وكنت معا نتحاور كنا كافة، التجربة مراحل في التجربة.

تعبيراته تلك الطاقة االنفعالية اجلميلة:

> الطالب أبدعوا أكثر مما توقعت.> كتابات الطالب جميلة.> أسئلتهم دقيقة وعميقة.

> الطالب املتصفون بالعنف والبالدة شاركوا بشكل ممتاز.

ودوره التعليمية العملية محور أنه نفسه عن املعلم معتقد يكون حني توصيل املعلومات، فإن كل العوامل والعناصر واألشياء الصفية سوف التلقني أسلوب ويبدو الدور، هذا حتقق يضمن بشكل ترتيبها يعاد ذاته حول املعلم متركز باتاه يدفع التلقني التوجه. هذا مع منسجما ومينحه الدور األكبر. في حني تتضاءل أدوار املتعلمني، إنهم موجودون صفية، كأشياء معهم التعامل يتم أنه يشعرون فالطالب دوره. لتأكيد إنهم ال يشتركون في احلوار وال يساهمون في بناء معرفتهم وهم يتمايزون في طبقات ضمن معايير الذكاء. هذه املمارسات الصفية تخلق أوضاعا

صفية غير مريحة لهم.

للعب سعيهم ضمن أخرى خيارات لهم كهذه أوضاع في الطالب أدوار صفية، فقد تظهر أساليب ممانعة ومبادرات رفض، ومن هنا تنشأ العالقات الصراعية التي تؤدي إلى العنف مبستوياته املختلفة. إننا نفسر للبحث عن دور. الفوضى كمحاولة وإثارة واملقاومة الرفض أساليب وبهذا املعنى، فإن تقسيم الطالب إلى أذكياء وأغبياء هو انعكاس لتقسيم

من نوع آخر: هادئون وفوضويون.

مع املعلم بهاء احملاسنة لم تعد هذه التقسيمات والتصنيفات موجودة، وااللتزام اجلدية من عالية درجة أبدوا بالشغب املوصوفون فالطالب

واملشاركة.

اإلحساس باملراقبة:تصوير أهمها عدة؛ معيقات واجهتنا البحث من األولى املرحلة في تبدو مروعة لهن، وقد التصوير إذ كان مجرد طرح فكرة املعلمات. أن وبخاصة والتقاليد، االجتماعي باإلرث يتعلق األمر أن اعتقدت الغالبية معلمات، مبا يثير هذا األمر من حساسية في مجتمع محافظ. فكرة أيضا املعلمون رفض إذ متاما. العكس على بدا األمر أن بيد خالل من تبني فقد بالتقاليد، يتعلق ال األمر أن أوحى ما التصوير، اإلحساس هو آخر بسبب يتعلق األمر أن املعلمات يوميات حتليل

باملراقبة.

أم املشرف أم الطالب سواء اآلخر؛ سلطة على املراقبة مفهوم يؤشر االنتقادي بالطابع تاريخيا املراقبة من النوع هذا ارتبط وقد املدير، لزيارات املدير واملشرف التربوي. ونحن نستخدم هنا مصطلح االنتقاد سلطة. األدنى إلى سلطة األعلى من أحادي باتاه تقويضي كخطاب وهذا املعنى معاكس متاما ملفهوم النقد مبا هو جدل، واجلدل كما يصفه التعارض حيث إال يكون “ال )9:2000 )ناصف، ناصف مصطفى التبادلي”. االعتراف على باألساس قائما تعارضا النظر وجهات في ما التحسب، من بنوع املدير وكذا التربوي املشرف زيارة اقترنت لقد باملراقبة وتصيد األخطاء. تقول إحدى املعلم إحساسا دائما يولد لدى أخرى معلمة أكون املوجه يزورني “عندما يومياتها: في املعلمات في أكون طبيعية الصف، ال أكثر من املوجه مع ذهني مشغول غيري،

Page 79: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

82

ف الثقافة العلميةمل

3. االنضباط الصفي: الفوضى، اإلجابات اجلماعية، إدارة الصف.

العمل جوهر تقارب ال أهميتها، على األمور هذه فإن وبالطبع، فالعامل ذاته، حول املعلم متركز على سيميائيا تؤشر وهي التعليمي، املشترك بني كل األمور السابقة، أنها تعكس موقع املعلم ووظيفته الصفية في املدرسة التقليدية، حيث املعلم هو من يضبط الصف وينظم الدرس،

ويختار الوسائل التعليمية.

سائدة ثقافة يعكس الصفية املمارسات في جوهري هو ما تغييب إن العملية محور هو مبا التقليدي املعلم دور ترسيخ إلى تعمد املدرسة في التعليمية. ومع هذا الشكل من االنزياح، بقيت القضايا اجلوهرية متوارية، الصفية. األمناط العالقات نوعية قبيل: للنقاش وهي من ولم تستحضر احلوارية وطرق بناء املعرفة وكذا املواقع واألدوار الصفية. لقد كانت هذه احلوارات إحدى إشكاليات البحث، وبذلنا جهدا في لفت أنظار املعلمني/

ات إلى أهمية هذه القضايا، حتى أصبحت محل اهتمام ونقاش.

مشهور البطران – مركز القطان

احلصة، إنها حصة مزيفة وال تعكس طبيعتي”.

املطروحة املمارسات بنوعية يتعلق ما هو املعيقات من الثاني النوع للنقاش، حيث كانت اجللسات احلوارية مفتوحة ملن يرغب في املشاركة، وقد دأب على حضور احلوارات غالبية الهيئة التدريسية، ما أغنى النقاش في بعض املجاالت، وهذا بالطبع قدم تغذية راجعة لكثير من املمارسات الصفية. بيد أن كثافة احلضور عكس تباين اهتمامات احلضور وثقافته، املتعلقة اجلوهرية القضايا في احلوار في التعمق أعاق الذي األمر القضايا باتاه النقاش في انزياحات متت حيث الصفية، باملمارسات أن احلوار اجلمعي اللحظة األولى منذ بدا واضحا لقد تقليدية، األكثر يجنح باتاه قضايا شكالنية وثانوية بالنسبة جلوهر املمارسات الصفية،

وهي من قبيل:

1. وسائل اإليضاح: طبيعتها، نوعيتها، فائدتها، مدى انسجامها مع املوقف التعليمي، توقيت توظيفها.

التهيئة للدرس اجلديد، السابق، الدرس مراجعة الدرس: تنظيم .2العرض، اخلامتة، التقييم.

الهوامش

1 كتاب الصف التاسع - العلوم العامة )2003(. تأليف: سامي عبد الكامل وآخرون، ط3، رام الله: وزارة التربية والتعليم - مركز املناهج.2 كوون، توماس )1962(. بنية الثورات العلمية، ت: شوقي جالل، الكويت: سلسلة عالم املعرفة.

3 املرجع السابق.4 انظر: الكردي، وسيم )2003(. املشكالية: نحو حوار حواري..من الصوت املفرد إلى األصوات املتعددة، رام الله:مركز القطا للبحث والتطوير التربوي.

كلمة تدل في حني وتفسيرات، ببيانات وعالقات ادعاء مسنود من تتكون بنية تدل على التي )argument( كلمة اإلجنليزية اللغة في اجلدل يقابل مصطلح 5)argumentation( إلى املمارسة اجلدلية.

6 http://resources.metapress.com/pdfpreview.axd?cod=762v81898636xn81&size=largest.تاريخ الدخول: 2008/3/10.

7 كون، توماس )1962(. بنية الثورات العلمية، ت: شوقي جالل، الكويت: سلسلة عالم املعرفة.8 انظر:

Driver, R., Newten, .p, &Osborne, J.(2000).Establishing the Norms of Scientific Argumentation in Classrooms. Science Education, 84(3), 287-312.9 (Inquiry and the National Science Education Standards, 2000, P20)10 .(Inquiry and the National Science Education Standards, 2000) A Guide for Teaching and Learning, Inquiry Center

for Science, Mathematics, and Engineering Education, National Research Council. p. cm. NATIONAL ACADEMY PRESS Washington, DC

.)quantitative researche( كمنهجية في البحث مقابل البحث الكمي )qualitative research( 11 املقصود هنا البحث النوعي

12 يوجد اآلن في بعض املدارس الفلسطينية في الضفة والقطاع وداخل اخلط األخضر وحدات سينما، مت تزويدها للمدارس عبر مشروع مشترك ما بني مؤسسة عبد

الفلسطينيني، وغالبا ما يجري استغالل هذه ثقافة سينمائية لدى األجيال اجلديدة من الطالب بناء إلى القطان واالحتاد األوروبي. وهو مشروع يهدف احملسن الوحدات السينمائية إلجراء عروض سينمائية، وفي حالة بحثنا، استخدمنا هذه الوحدة إلجراء عروض للحصص الدراسية والتجارب التعليمية املصورة.

13 انظر ما ذكر سابقا حتت عنوان “في احلوار”

14 مرض أشيع أنه أصاب جنود التحالف أثناء غزو العراق العام 1990، وقد رفع آالف من اجلنود األمريكيني والبريطانيني دعاوى قضائية ضد املؤسسة العسكرية في

البلدين. وعلى املستوى العلمي، انقسم املجتمع الطبي إلى فريقني ما بني مؤيد لوجود هذا املرض ومعارض لوجوده.الله: مركز القطان للبحث والتطوير املتعددة، ط1، رام املشكالية: نحو حوار حواري .. من الصوت املفرد إلى األصوات 15 انظر: الكردي، وسيم )2003(.

التربوي.

Page 80: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

83

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

املراجع

أ( املراجع العربية:< إبراهيم، زكريا )بدون تاريخ(. مشكلة البنية، أضواء على البنيوية، القاهرة: مكتبة مصر.

< جبر، دعاء وكشك، وائل )2007(. تعليم يبدأ من احلياة .. حل املشكالت مجال لتحفيز التعلم وتنمية التفكير، ط1، رام الله: مركز القطان للبحث والتطوير التربوي.

< ديفلني، كيث )2001(. اإلنسان واملعرفة في عصر املعلومات، ت: شادن اليافي، الرياض: مكتبة العبيكان.< عزام، محمد )2003(. حتليل اخلطاب األدبي على ضوء املناهج النقدية احلداثية، دمشق: احتاد الكتاب العرب.

< فريري، باولو )2003(. نظرات في تربية املعذبني في األرض، ت: مازن احلسيني، رام الله: دار التنوير للنشر والترجمة.< الكردي، وسيم )2003(. املشكالية: نحو حوار حواري .. من الصوت املفرد إلى األصوات املتعددة، ط1، رام الله: مركز القطان للبحث والتطوير التربوي.

< ماكنيف، جني )2001(. ما هو البحث اإلجرائي؟، ت: إسماعيل الفقعاوي، ط1، رام الله: مركز القطان للبحث والتطوير التربوي.< ناصف، مصطفى )2000(. النقد العربي نحو نظرية ثانية، الكويت: املجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب. سلسلة عالم املعرفة، ع 255.

< ويلز،غوردن وهنيدا، ماري )2003(. اللغة وبناء املعرفة .. احلوار والكتابة في تعلم اللغة وبناء املعرفة، ت: عيسى بشارة، ط1، رام الله: مركز القطان للبحث والتطوير التربوي.

ب( املراجع األجنبية:> Driver, R., Newten, .p, &Osborne, J.(2000). Establishing the Norms of Scientific Argumentation in Classrooms.

Science Education, 84(3), 287-312.> Lemke, j.L.(1990). Talking Science: Language, learning, and Values. Norwood, NJ:Albex publishing.> Inquiry and the National Science Education Standards, (2000) A Guide for Teaching and Learning, Inquiry Center

for Science, Mathematics, and Engineering Education, National Research Council. p. cm. NATIONAL ACADEMY PRESS Washington, DC.

> Simon, S., Eduran, E. & Osborne, J., (2006). Learning to Teach Argumentation: Research and development in the science classroom. International Journal of Science Education, Vol.28, pp. 235-260.

من إحدى فعاليات مدرسة غزة للموسيقى.

Page 81: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

84

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرونف الثقافة العلمية

مل

ويعيش األرض سطح على اليوم يدب ما وهل بل ال اإلنسان؟ بني تدب كانت التي نفسها الكائنات هو أجوائها في ويطير بحارها في اجلوي غالفنا وهل السنني؟ ماليني قبل وهناك هنا كوكبنا سطح على ومكوناته اليوم هو الغالف اجلوي نفسه واملكونات نفسها التي كانت في

األزمنة الغابرة؟

ويطول حبل األسئلة، نعم يطول! ولم ال فهذه هي أمنا األرض التي عليها املمكن من هل ترى تزال. وال السنني ماليني منذ األحداث كل وقعت األزمنة في كان األرض على الواحد اليوم طول أن يتصور أن ألحدنا اجليولوجية الغابرة أقل بكثير من 24 ساعة كما هو طول يوم هذه األيام؟ وأن سرعة دوران األرض حول نفسها كان أسرع مما هو عليه اآلن، ما يعني أن السنة الواحدة كانت متتد إلى أكثر من 400 يوم أو يزيد في العام الشمسي الواحد. وكيف متيزت وترتبت أغلفة األرض من اخلارج إلى الداخل، من األخف إلى األثقل فاألثقل؟ وال ينتهي حبل التساؤالت عن هذه األرض وما دار ويدور فيها وعليها من أحداث مختلفة. وألن كل شيء قد يضيق مع الزمن إال العلم، فهو دائما في اتساع مستمر في كل االتاهات، فإننا لإلجابة عن هذه التساؤالت جميعا بشكل تفصيلي قد نحتاج إلى مجلدات كثيرة، فإنه ال بد من االقتضاب في اإلجابة قدر اإلمكان، أو تناول هذه

املواضيع على حلقات وبشكل علمي لتتم لنا اإلجابة.

إن علماء اجليولوجيا وباالستعانة بعلم اجليولوجيا )ومعناه احلرفي »علم مستخدمني التساؤالت، هذه كل عن لإلجابة تصدوا قد األرض«( العلمي في تفسير كل هذه البحث العلوم ومتبعني طرق آخر مبتكرات االستعانة من األقدمون اتبعه ملا خالفا وغيرها، اجليولوجية الظواهر

باخلزعبالت واللجوء إلى مجاهل امليتافيزيقيا لتفسير كل ذلك.

من أرضنا سطح على يحدث ما هل تساؤالته: في املرء يسهب ورمبا هي والتصدعات األرضية واالنهيارات والبراكني كالزالزل أحداث وراءها، ما األكمة وراء أن أم لها قيمة ال ومصادفات أحداث مجرد الظواهر وفهم مكنوناتها أغوار هذه الكثير من استطاع سبر العلم وأن ملاذا حتدث زالزل عنيفة في مناطق يتساءل أحدنا وأسبابها؟ فمثال رمبا كاليابان وإندونيسيا وأالسكا وأرمينيا وإيران، بينما حدوث زالزل بهذه الدرجة من القوة والعنف أمر غير مألوف في مناطق كمصر أو السودان جزر في فجائي بشكل ما بركان يندفع وملاذا بل فلسطني؟ أو ليبيا أو يزيد ارتفاع على الواقعتني »فيزوف« أو »اثنا« منطقتي في أو الهاواي على 3000م فوق سطح البحر في إيطاليا؟ ورمبا يتعمق املرء في تساؤله فيسأل: ملاذا ينفجر هذا البركان بقوة ليقذف كتال صخرية عظيمة وحمما منصهرة مندفعة في عنان السماء، بينما بركان آخر يقذف طينا ساخنا أو املياه تنساب كما بازلتية حمراء ملتهبة حمم منه تنساب أو حارا رمادا في جدول رقراق؟ وملاذا تندفع أمواج قاتلة هوجاء تسمى »التسونامي« لتدمر سواحل تقع على بعد مئات الكيلومترات؟ وملاذا تتكاثر اندفاعات ينابيع املياه احلارة املخلوطة بالطني البركاني في جزيرة مثل أيسلندا دون سطح حتت نهائيا الغطس وشك على جزر هنالك ملاذا وأيضا غيرها؟ البحر مثل جزر القمر وجزيرة »كايويا« -إحدى جزر الهاواي- وجزيرة »دولة مايكرونيزيا« »العتيدة« الواقعة شمال أستراليا في احمليط الهادي التي تصوت دائما إلى جانب إسرائيل وأمريكا في مجلس األمن؟ وقد يسترسل اإلنسان في تساؤالته كلما وجد متحجرة لصدفة بحرية فوق سفح جبل أو تلة أو عثر على هيكل سمكة متحجرة في صحراء قاحلة ال ترعد فيها السماء وال متطر، أو حضر فيلما سينمائيا عن الديناصورات، اإلنسان نفسه اليوم هو إنسان املشاهد؟ وهل لدى تثيره من رعب وما من أسالفنا وبني بيننا واالختالف الشبه أوجه وما السنني؟ آالف قبل

حكاية كوكب اسمه “األرض”

د. طالب احلارثي

ترى هل سأل أحدنا نفسه، كيف نشأ هذا الكوكب الذي أسميناه »األرض«، والذي عاش عليه أجدادنا في املاضي ونعيش عليه اآلن؟ وكيف تكونت هذه التضاريس املتنوعة من جبال وهضاب وسهول ووديان وأنهار وبحار وبحيرات ومحيطات وصحار وأغوار وكهوف وما إلى ذلك؟!

وهل كان هذا حال األرض منذ القدم حتى اآلن، أم أن حال كل ما عليها من مواد حية كانت أم غير حية كان وما زال وسيبقى في تغير مستمر؟ وهل كان للمادة احلية التي نقع نحن كبشر في قمة هرمها أن تظهر قبل تكون املادة غير احلية من صخور وأتربة ومياه وغالف جوي بدرجة حرارة

مالئمة؟

وما هي عالقة كوكبنا الصغير األرض بغيره من األجرام السماوية األخرى التي تسبح في هذا الكون الشاسع؟

Page 82: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

85

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

في داخل النواة، عالوة على ما تضيفه قوى التجاذب بني بروتونات نواة الذرة واإللكترونات الواقعة في مداراتها. ورمبا ينظر إلى تطور األرض

على أنه تطور ألشكال الطاقة عليها.

ويذكر العلماء أن أقدم صخرة مت العثور عليها على سطح األرض يعود تاريخها إلى حوالي 4.8 مليار عام، ويستدلون على ذلك بواسطة حتليل النظائر املشعة التي مت العثور عليها في هذه الصخور، التي يذكر العلماء أنها صخور غير أرضية، وفدت إلى األرض كنيازك كانت تتساقط على أرضنا من الفضاء اخلارجي بني الفينة واألخرى. وقد افترض العلماء أن

أقدم صخور األرض هي بعمر هذه الصخور النيزكية الوافدة.

على تظهر أن لها كان ما احلياة أشكال أول إن اجليولوجيون ويقول أقل إلى األماكن بعض في السطح برودة تصل أن قبل األرض سطح منطقة في ذلك يكون أن األقل، ويرجحون مئوية على درجة 90 من القطب اجلنوبي، وتدل األبحاث العلمية أن أوائل الكائنات التي ظهرت على سطح األرض كانت عبارة عن أشكال احلياة البدائية كالفيروسات »الكيموفسلز« تعبير املستحثات علماء عليها يطلق التي والبكتيريا عام مليار 3.6 حوالي قبل ظهرت قد وكانت ،)Chemofossils(وتالها الطحالب قبل 2.8 مليار عام. وليس لنا أن نستهني بأي كائن حي ظهر واختفى أو ال يزال يعيش حاليا على سطح هذه البسيطة، فقد عزا علماء األرض تكون أكبر احتياطيات العالم من خام احلديد إلى نشاط هذه البكتيريا الالهوائي في الفترة من قبل 2.7 مليار عام إلى حتى ما قبل 1.8 مليار عام من اآلن، حيث يعتقد أن هذه البكتيريا كانت وراء تكوين املخططة« احلمراء احلديد »بطبقات األرض طبقات علماء يسميه ما %70 من أكثر التي حتوي )Red Banded Iron Formations(الفترات أن العلماء ويعتقد هذا احلديد. من العاملي االحتياطي من البراكني وعدم توفر األكسجني تاريخ األرض متيزت بكثرة األولى من في غالف األرض اجلوي الذي كان معظمه يتكون من األمونيا وامليثان.

تتربع على التي الوحيدة امليكروبية ظلت هي الكائنات ويعتقد أن هذه عرش مملكة احلياة على األرض حتى ظهور أوائل الديدان ألول مرة في

تاريخ األرض قبل ما يزيد على 700 مليون عام من اآلن.

أدياكارا منطقة في األرض سطح على عاشت التي الديدان ألشباه مستحاثة )Ediacara(، جنوب استراليا في نهاية عصر البريكامبري.1

عليه يطلق فيما فعليا بدأ احلياة من ومتنوعة كثيرة أشكال ظهور لكن اجليولوجيون فترة االنفجار الكامبري؛ أي قبل حوالي 550 مليون سنة من اآلن، وهو الذي متثل بظهور كائنات حية مرئية )أي كبيرة( متتلك ألول مرة هياكل عظمية تركت نفسها تتحجر في طبقات الصخور التي دفنت

يقول علماء اجليولوجيا: إن كوكب األرض قد انفصل عن شمسنا قبل حوالي خمسة مليارات عام، وأنه كان آنذاك كتلة ملتهبة يتكون حال هو كما متاما الهيليوم، من والقليل الهيدروجني من معظمها الشمس اليوم. ومع الزمن بدأت هذه الكتلة امللتهبة تدريجيا بالبرودة ولعل اليوم. األرضية القشرة تكون التي العناصر منها لتتكون والوقوف بالتفصيل األشياء كيفية صيرورة هذه معرفة في الدخول

على ما آلت إليه بدقة يتطلب مساحة كبيرة من البحث والسرد.

ولكن السؤال اجلوهري هنا يكمن في معرفة كيف آلت هذه الكتلة امللتهبة عليه، للحياة يصلح كوكبا لتصبح اليوم، إليه آلت ما إلى -أرضنا- لهذه مت وكيف أشكالها؟! من األنواع ماليني سطحه على وتنتعش الكتلة امللتهبة أن »تبرد« على الرغم من أنها تستقبل من الطاقة احلرارية الشمسية أكثر مما تشع في الفضاء اخلارجي؟! ورمبا تفتح اإلجابة عن هذا السؤال الباب على مصراعيه للتكهن وبشكل علمي عن احتماالت تطور الكواكب امللتهبة الحقا، لتصبح كواكب ميكن للحياة أن تنتعش فوقها، وصيرورته كوكبنا مسار تتبع أن املادة من ملتهبة كتلة ألي املانع ما إذ

لتصبح احلياة ممكنة عليها؟ وقد تكون املسألة مسألة وقت ليس إال!

كله الكون هذا إن القول على تمع الفيزياء وعلم الطبيعة قوانني إن الزمن، والفضاء، والطاقة، وما مركب من ثالثة مكونات رئيسية هي في هي الثالثة املكونات هذه وأن الطاقة، أشكال من شكل إال املادة بينها، فتنشأ جراء ذلك أشكال وصور وأحداث حالة تفاعل دائم فيما أنواع إن العلم بها جميعها. ويقول يلم أن العقل اإلنساني ال يستطيع الطاقة في الكون نوعان رئيسيان، على الرغم من تعدد أشكالهما، وهما إما طاقة وضع وإما طاقة حركة، وأن الطاقة قد تتحول من شكل إلى آخر ثابتة، ولعل لكنها ال تفنى وال تستحدث، حيث أن كميتها في الكون هذا املبدأ هو الذي يعطي التفسير احلقيقي لتساؤلنا: أين ذهبت كل تلك تستقبل هذه األرض امللتهبة )األرض(؟ وما الكتلة في احلرارية الطاقة من إشعاع الشمس احلراري؟ واجلواب هو أن معظم هذه الطاقة احلركية مواد في مخزنة وضع طاقة إلى حتولت قد األولى( بالدرجة )احلرارة الغالف وعناصر وحيوان نبات من احلية والكائنات واملياه كالصخور هذا فإن فأكثر، أكثر احلياة أشكال تتعقد عندما ولعله وغيره. اجلوي يعني أن كميات هائلة من طاقة احلركة قد حتولت إلى طاقة وضع خزنت في هذه املواد، ولعل أعقد ما في املادة احلية هو دماغ اإلنسان الذي نعتقد

أنه يحتوي على أكثر املواد العضوية تعقيدا على اإلطالق.

قوى هما نوعان أيضا القوى فإن نوعان، الكون في الطاقة أن وكما صنفني، إلى اجلذب قوى وتقسم التنافر. وقوى )اجلاذبية( اجلذب في كتلتني أي بني تتواجد التي )اجلاذبية( الكتلي اجلذب قوى هما بني الكهربائي اجلذب وقوى وحجمهما، تركيبهما كان مهما الكون واحدة كهربائية تنافر قوة هنالك املقابل وفي مختلفتني، شحنتني أي بني أي جسمني يحمالن شحنات متشابهة. ولعل هذا ما يفسر ملاذا تبقى البروتونات معا في نواة الذرة وال تنطلق بعيدا عن بعضها البعض على الرغم من أنها حتمل الشحنة املوجبة كهربائيا نفسها، إذ علينا أن نتذكر نظرا وأنه واحدة، تنافر وقوة جذب قوتي وجود من أعاله أوردناه ما مينح هذا فإن الذرات، نواة في كهربائيا املتعادلة النيوترونات لوجود قوى التجاذب كما إضافيا للتغلب على قوة التنافر بني البروتونات نفسها

Page 83: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

86

ف الثقافة العلميةمل

أما في البحر فقد انتعشت املرجانيات واألمونيات، وهي من الرخويات ذات الصدفة الكلسية التي فاق طول بعضها 19 مترا أو يزيد.

3)Scaphites( أحد حيوانات »األمونيت« من نوع

اآلن، مليون سنة من 66 قبل بدأت من التي احلديثة احلياة وفي حقبة ال التي احلياة من عديدة مختلفة أشكال وانتعشت الثدييات ظهرت تزال تدب على سطح األرض، وتستوطن البحار والبيئات املختلفة من

كوكبنا حتى اآلن.

أن لنا وليس األرض، سطح على احلياتي للتطور بالنسبة عجالة هذه الكيماوي أو الفيزيائي تاريخها عن البيولوجي األرض تاريخ نفصل الذي األمر فيه، األكسجني وتوفر ونضوجه اجلوي الغالف وتشكل أشكال إلى والتشعب واالنبثاق السريع النمو على احلية املادة ساعد كثيرة من أنواع احلياة املختلفة التي نعرف بعضها وجنهل عن الكثير الذي اندثر منها. ما صاحب هذا التطور الفيزيائي من نشوء ألوائل القارات الصهيرية األرضية من اجلرانيت، وما تراكم وبرودة االنبعاثات بسبب صاحبها من تكون احمليطات وتوسعها وتوزيع أنواع الصخور املتعددة، هذه في لتشكل املختلفة، األرض تضاريس وتشكل املعادن، وتكون املنطقة غورا وفي تلك جبال، فهذا كله وغيره كثير ميكن للجيولوجيا أن تفسره بشكل علمي ومنطقي غاية في الوضوح، ويحتاج منا إلى حلقات

أخرى لسرد وقائعه.د. طالب احلارثيأستاذ اجليولوجيا وعلوم األرض والبيئة - جامعة القدس املفتوحة

الهوامش

1 5/5/2008, www.toyen.uio.no/palmus/galleri/montre/x498.htm

2 5/5/2008 www.lauriefowler.com/dinopix.htmlاحلياة حقبة طوال كثيف بشكل البحار استوطن اجليوانات من النوع هذا 3

الوسطى، ويعتقد أنه كان الغذاء املفضل للزواحف البحرية آنذاك.5/5/2008, www.marshalls-art.com/pages/ppaleo/paleo21.htm

»الترايلوبايت«، حيوانات الكائنات تلك أمثلة ومن موتها. بعد فيها وبعدها »اجلرابتوليت«، فـ »النوتيات«، وتبعها بعد ذلك كثير.

لتغزو املختلفة احلياة أشكال الكامبري االنفجار هذا بعد فيما وتوالت من غريبة وأشكال األشجار فظهرت سواء، حد على واليابسة البحر – 408 مليون سنة 360 أألسماك في العصر الديفوني )الفترة من قبل من اآلن(، وتبعها ظهور الغابات العمالقة في العصر الكربوني )من قبل 299 – 360 مليون سنة من اآلن( والتي تشكل بقاياها أكبر مناجم الفحم احلجري في العالم. ثم توالت أشكال مختلفة من احلياة على سطح هذا الكوكب، منها ما هو في البر، ومنها ما هو في البحر. فظهرت أوائل الديناصورات، وتبعها »الدميتريدون«، مثل املراوح ذات الزواحف ما وبحرا وجوا برا األرض استوطنت التي الزواحف من أيضا وهي يزيد على 233 مليون سنة، أي من قبل 299 حتى قبل 66 مليون سنة الوسطى، احلياة اسم حقبة اجليولوجيون يطلق عليها والتي من اآلن، فكان هنالك ديناصورات صغيرة ال يتعدى حجم أحدها حجم الديك، ديناصور هزاز األرض أمثال 100 طن من أكثر من بلغ وزنه ما ومنها )Seismosaurus(، ومنها ما كان له قرون وحراشف ضخمة، ومنها امللك الطاغية ديناصور مثل عظيمة قاتلة ومخالب أنياب له كان ما العشب آكالت الديناصورات وهنالك ،)Tyrranosaurus rex(التي منها ذات القرون متعددة األنواع، وهناك العديد من آكالت اللحوم الفتاكة، ومنها ما كان يطير وله أجنحة وصل طول اجلناح الواحد منها 17 مترا أو يزيد، ولها مخالب وأنياب حادة جدا قل أن يفلت منها أي كائن كانت تلحظه يدب على األرض وقتها. ولعل قصة اكتشاف الديناصور غريبة جدا غرابة الديناصور نفسه، فإنه يحكى أن طفلة بريطانية كانت جنوب )Suisex( سوسكس مقاطعة في الشاطئ من بالقرب تلعب فك من وقطعة القدمية الكبيرة األسنان من عددا فوجدت بريطانيا، متحجر، فما كان منها إال أن أخذتها إلى والدها الذي اعتقد خطأ أنها أسنان لفيلة كان »وليم الفاحت« ملك »نورمانديا« قد أحضرها معه عندما مهنته طبيب للوالد صديقا كان أن 1066م. وحدث بريطانيا سنة غزا أسنان، وذات يوم وبينما كان الطبيب يزور الوالد عرض عليه األسنان التي وجدتها ابنته، فما كان من الطبيب إال أن قال: »من املستحيل أن تكون هذه أسنان فيلة، إنها تشبه أسنان األغوانا )Iguana(؛ وهي نوع الواقعة التي تعيش في جزر اجلالباقوس الكبيرة البرمائية من السحالي ذلك وبعد االستواء، خط من قريبا الهادي احمليط وسط في بعيدا اكتشف املنقبون هياكل عظمية كاملة لهذا الديناصور الذي سموه باسم

جوانودون )Iguanodon( الحقا.

هياكله وجدت الذي )Iguanodon( اجلوانودون لديناصور مجسم األولى في جنوب بريطانيا.2

Page 84: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

87

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

أما مستويات فان هيل )كما ورد في: Usiskin, 1982(، فهي:

البصري أو )recognition( الشكل على التعرف :)0( املستوى من الهندسي الشكل على الطالب يحكم وفيه :)visualization(فمثال اخلصائص. عن شيئا يعرف وال ككل، ومييزه العام، مظهره الشكل مستطيل ألنه يشبه الباب، الشكل مربع ألنه يشبه الشباك. وال يستطيع الطالب في هذا املستوى الربط بني اخلصائص، كما أنه ال يعرف

العالقات بينها، وبالنسبة له فإن املربع يختلف عن املستطيل.

:)descriptive( )analysis( أو الوصفي املستوى )1(: التحليلي هذه بني والعالقة مكوناته بداللة الهندسي الشكل الطالب يحلل املكونات. كما يعتمد صفات مميزة لكل فئة من األشكال بشكل تريبي املسائل. في حل الشبكات(، ويستخدم اخلصائص القياس، )الطي، فمثال؛ يفكر في املربع على أن له أربعة أضالع وأربع زوايا قائمة. ويقارن الشكل على باالعتماد وليس اخلصائص على باالعتماد األشكال بني األضالع، عدد على باالعتماد واملثلث املربع بني يقارن فمثال العام، ولكن ال يستطيع الطالب في هذا املستوى الربط بني اخلصائص، فمثال

ال يستنتج أن املربع هو متوازي أضالع.

)relationship( )ordering( أو العالئقي املستوى )2(: الترتيبي أو االستنتاج غير الشكلي )informal deduction(: يرتب الطالب بسيطا، استنتاجا يستخدم كما منطقي، بشكل والعالقات األشكال بشكل األشكال تصنيف الطالب باستطاعة البرهان. يفهم ال ولكنه

النظرية، عن بحثية أوراق ثالث بيير نشر وفي العام 1959-1958، إحداها بالهولندية، وترجمت فيما بعد إلى الفرنسية، واثنتني باإلجنليزية (Usiskin,1982). وكانت إحدى األوراق البحثية بعنوان »الهندسة ،(The thought of the child & geometry) »وتفكير الطفلاألطفال عند الهندسي التفكير لتطور مستويات خمسة فيها وشرح

.(Wirzup, 1976)

Usiskin,) هي أساسية، (aspect) جوانب ثالثة للنظرية وتوجد خصائص املستويات، وجود :(1982; Fuys, et al, 1988

املستويات، االنتقال من مستوى إلى املستوى الذي يليه.

1. وجود مستويات التفكير الهندسي

،(discontinuos) ترى نظرية فان هيل أن التعلم هو عملية ليست متصلةإذ توجد قفزات في منحنى التعلم، وهذا يعني وجود مستويات تفكير

.(Fuys, et al, 1988)منفصلة ومختلفة

تلك لتحديد مختلفتني رقميتني بنيتني األدبيات استخدمت وقد النظام مياثل نظام ،وهو 4–0 من املستويات ترقم األولى املستويات، األول ثم األرضي، بالطابق بادئا ما بناية في الطوابق لعد األوروبي 5-1 من املستويات يرقم آخر ونظام وهكذا. ... الثاني وبعده (Senk, 1989). وسأستخدم في هذه املقالة الترقيم من 0-4، وذلك

اعتمادا على الترقيم الذي وضعه فان هيل.

نظرية فان هيل في التفكير الهندسي

رفاء الرمحي

Diana Van Hiele( في التفكير الهندسي التي مت تطويرها من قبل باحثني هولنديني هما ديانا فان هيل غيلدوف )Van Hiele( تقوم نظرية فان هيل ،)discontinuos( على فكرة مفادها إن التعلم عملية ليست متصلة )Pierre Marie Van Hiele( فان هيل ماري بيير Geldof( وزوجها الباحثان ضرورة وجود مستويات مختلفة يعني وجود مستويات تفكير منفصلة ومختلفة. ومن هنا رأى ما التعلم، بل هناك قفزات في منحنى

اخلصائص في التفكير الهندسي.

سأتناول في هذه املقالة اجلوانب الثالثة األساسية للنظرية، وهي وجود املستويات، وخصائصها، وكيفية االنتقال من مستوى إلى املستوى الذي يليه، أما اجلزء األخير للمقالة، فسأركز فيه على أهمية معرفة النظرية لتطوير تعليم وتعلم املوضوعات الهندسية.

لقد طور كل من ديانا وبيير نظريتهما في رسالتي دكتوراه منفصلتني أواخر العام 1957 في هولندا، وقد توفيت ديانا بعد أن أنهت رسالتها الدكتوراه التي تناولت موضوع تعليم الهندسة. وكان زوجها بيير الذي كان موضوع دراسته »دور احلدس في تعليم الهندسة« هو الشخص القادر على توضيح

.)Fuys ،et al ،1988 ؛Usiskin ،1982( تلك النظرية وشرحها

Page 85: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

88

ف الثقافة العلميةمل

:(Usiskin, 1982; Hiele, 1999)

> املعلومات: يجب أن يبدأ التدريس مبواد تقدم للطفل وتقوده الكتشاف بنى معينة.

املهام تقدم أن وهي :)directed orientation( املباشر التوجيه <للطلبة بطريقة تعل البنى املتعلمة مألوفة لديهم.

الهندسية املصطلحات املعلم يقدم :)explicitation( الوضوح <ويشجع الطلبة على استخدامها في كتاباتهم ومناقشاتهم في حصص

الهندسة.ميكن مهمات املعلم يقدم :)Free orientation( احلر التوجيه <متطلبات حل في خبرات الطلبة ويكتسب مختلفة، بطرق إمتامها

مبفردهم باالعتماد على ما درسوه سابقا.درسوه ما لتجميع فرصا الطلبة يعطى :)Integration( التكامل <

سابقا، كأن يصمموا أنشطتهم بأنفسهم.

وتوجيه للمهام، التخطيط على األخيرة املرحلة في املعلم دور يقتصر مصطلحات واستخدام لألشكال، الهندسية للخصائص الطلبة انتباه املشكالت حل وتشجيع استخدامها، على الطلبة وتشجيع هندسية،

ذلك مثال شكلية. غير مبناقشات والقيام خصائصها بتحليل هرمي إضافية، وفي هذا له خصائص أن غير معني، ألنه معني املربع هو أن من األشكال بني روابط ويبني التعريف أهمية الطالب يدرك املستوى

خالل التعريفات.

يفهم :)formal deduction( الشكلي االستنتاج :)3( املستوى ويقوم مسلمات، نظام في نظريات ويبني االستنتاج، أهمية الطالب والبرهان، واملسلمات، والتعريفات املعرفة غير العناصر بني بالتمييز ويذكر السبب بشكل شكلي وبعبارات منطقية باالعتماد على املسلمات بني املقارنة دون ولكن شكليا، إثباتا الطالب ويعطي والنظريات، من مجموعتني تكافؤ برهنة باستطاعته يكون فمثال املسلمية، األنظمة

اخلصائص التي حتدد تعريف متوازي األضالع.

)amathematical( أو فوق الرياضي )rigor( التجريد :)املستوى )4أو املسلماتي )axiomatic(: يفهم الطالب ضرورة التجريد الصارم، الهندسة فهم ميكن بحيث مجردا استنتاجا يجري أن وباستطاعته نظام حول السبب الطالب يذكر املستوى، هذا وفي الالإقليدية. رياضي بشكل شكلي أكثر من اخلصائص التي يعرفها من قبل، ويكون يكون كما والتعريفات، املسلمات من االستنتاجات حتليل باستطاعته على باالعتماد جديدة مسلمات استحداث طريق عن التعلم بإمكانه

النظام الهندسي.

)Usiskin, 1982( 2. خصائص املستويات

الهرمية أو )fixed sequence( الثابت التتابع األولى: اخلاصية السابق املستوى الطالب في أن مير )hierarchical(: وهي ضرورة

قبل أن يصل إلى املستوى التالي.ضمنيا يكون ما كل :)adjacency( التجاور الثانية: اخلاصية )extrinsic( في مستوى التفكير السابق يصبح صريحا )intrinsic(

في مستوى التفكير التالي.اخلاصية الثالثة: التمييز )distinct(: لكل مستوى تفكير رموزه اخلاصة

ولغته وعالقاته التي تربط بني تلك الرموز.يتمكن لن أنه وتعني :)separation( الفصل الرابعة: اخلاصية شخصان في مستويي تفكير مختلفني من فهم بعضهما البعض. فإذا كان الثالث، املستوى في يشرح واملعلم الثاني التفكير مستوى في الطالب

.(Fuys, et al, 1988) فلن يتمكن الطالب من فهم ما يقوله معلمه

االكتساب وهي خامسة، خاصية هيل فان الزوجان ذكر من الطالب نقل التعلم لعملية ميكن أنه وتعني :)attainment(

مستوى تفكير إلى آخر.

3. االنتقال بني املستويات

اعتقد فان هيل أنه ميكن تسريع التطوير الذهني املعرفي في الهندسة من خالل التعليم (Usiskin, 1982)، وليس من خالل النضج أو العمر فإن هيل، لفان وطبقا .(Senk, 1989; Fuys, et al. ;1988)االنتقال من مستوى تفكير إلى آخر يتم من خالل خمس مراحل، وهي

من فعاليات مسرح احلرية في جنني.

Page 86: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

89

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

املراجع

< شويخ، جهاد )2005(. أمناط التفكير الهندسي لدى الطلبة الفلسطينيني - رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة بيرزيت، بيرزيت، فلسطني.> Burger, W. F. & Shaughnessy, J.M. (1986). Characterizing the Van Hiele levels of development in geometry. Journal

for Research in Mathematics Education, 17(1), 31-48.> Fuys, D., Geddes, D., & Tischler, R. (1988). The Van Hiele model of thinking in geometry among adolescents.

Journal for Research in Mathematics Education Monograph Series, No. 3, Reston, VA: National Council of Teachers of Mathematics.

> NCTM.(1988). The Van Hiele model of thinking in geometry among adolescents. Journal for Research in Mathematics Education, Monograph No, 3.

> Senk, S.L. (1989). Van Hiele levels and achievement in writing geometry proofs. Journal for Research in Mathematics Education, 20 (3), 309-321.

يتأتى ما لم يكن املعلم على تاما، وهذا الشعور لن بتدريسها استيعابا دراية تامة مبوضوعاتها، بحيث يكون باستطاعته أن يعرض أي موضوع ترابط من بينها يوجد ما يوضح وأن مختلفة، بطرق موضوعاتها من على مباشر بشكل يعتمد الهندسي التفكير أن ظهر وكما وتداخل. اخللفية الرياضية ملعلم الرياضيات التي يكون قد تلقاها وهو طالب في املدرسة، فإذا كانت هذه اخللفية ضعيفة، فإن ذلك سيؤدي بالضرورة املعلمني ملعتقدات أن كما لطالبه، الهندسة تدريسه في ضعف إلى من هي الهندسة أن منهم الكثير يرى حيث كبيرا، أثرا وتوجهاتهم )شويخ، في (Backe-Nanwald, 1997) أهمية األقل املواضيع للهندسة املعلمني نظرة أن وجد الفلسطيني، الصعيد فعلى .)2005ليست باألمر املشجع )شويخ، 2005(، وقد يشكل ذلك أحد أسباب على يقع لذا وتعليمها، تعلمها في واملعلمني الطلبة أمام الصعوبات عائق املعلمني تطوير فهمهم للموضوعات الهندسية ليستطيعوا إيصال

املفاهيم الهندسية لطلبتهم بشكل صحيح ألن »فاقد الشيء ال يعطيه«!

Burger &Shaughnessy,) وقد أظهرت دراسة بورجر وشوجنسي1986) أهمية املستويات )0( و)1( و)2( في وصف عملية االستدالل يدرسها التي واألنشطة التمارين في النقص يكون وقد الطلبة، لدى الطالب في مستويات التفكير الهندسي والتي تؤهل لالنتقال من مستوى الطالب يكتسب فقد املستويات، بني التأرجح أسباب أحد آخر إلى مستوى معينا، ولكنه يفقده بعد فترة ليعود للمستوى األدنى. لذا، ال بد من تطوير نشاطات كافية تساعد الطلبة على االنتقال خالل املستويات، خصائص اكتشاف على األساسية املرحلة طلبة مساعدة يجب كما

األشكال الهندسية بشكل غير شكلي، وتطوير قدراتهم البصرية.

للتفكير هيل فان مبستويات املعلمني تعريف ضرورة أرى وأخيرا الهندسي، وباملراحل الضرورية حلدوث االنتقال من مستوى تفكير إلى آخر، ما يساعد املعلمني على ترتيب أفكارهم وتقييم مستوى فان هيل الذي وصل إليه طلبتهم سابقا، والبناء عليه قبل البدء بشرح أي موضوع

هندسي جديد.

رفاء الرمحيمحاضرة في جامعة بيرزيت

أهمية مع الهندسية، األشكال حول حتليلي تفكير إلى حتتاج التي )Mosaic Puzzle( الفسيفساء أحاجي مثل ملموسة مواد استخدام بناء خلفية بصرية وتفكير حتليلي عند األطفال. رأى التي تساعد على فان هيل ضرورة أن يتذكر املعلم دائما أن “الهندسة تبدأ باللعب” )316

.)Hiele, 1999:

تقييم وخالصة

تعتبر نظرية فان هيل في التفكير الهندسي من النظريات املهمة التي تلقى في يساعد ومعرفتها فهمها ألن وذلك العالم؛ في التربويني اهتمام تربوية تبعات وللنظرية املختلفة. املراحل في للطلبة الهندسة تدريس كثيرة، فهي تبني للمعلمني ضرورة مرور طلبتهم خالل مستويات تفكير يستغرق قد ذلك أن غير العليا، التفكير مستويات إلى وصوال دنيا، بعض الوقت، كما أن على معلمي الرياضيات معرفة أن التعليم أساسي نظام في والتوسع الفهم الطلبة بإمكان وأنه املستويات، خالل للتقدم إلى مستويات فقط عندما يصلون )axiomatic system( مسلمات عديدة دراسات أظهرته ما ذلك يفسر وقد الهرمية، في العليا التفكير هندسي برهان كتابة أن وهو )Usiskin, 1982; Senk, 1989(الطلبة هؤالء مثل ألن ذلك الطلبة، بني فيه مرغوب وغير صعب أمر قد ال يكونون قد وصلوا إلى مستوى االستنتاج الشكلي، فقد ظهر في دراسة سنك (Senk, 1989) أن الطلبة الذين كانت خلفيتهم الهندسية ضعيفة في املستويني البصري والتحليلي ودخلوا املرحلة الثانوية، كانت فرصتهم في تعلم الهندسة في وقت الحق من السنة قليلة، ولم يكونوا

قادرين إال على حفظ البراهني.

ما إلى الرياضيات معلمي انتباه تلفت الهندسي التفكير نظرية أن كما يعرف باحلاجز اللغوي بني املعلم والطالب الذي -كما ذكر فان هيل- أنه Fuys,) ينتج عندما يستخدم املعلم لغة أعلى من مستوى تفكير الطلبةet al., 1988; NCTM, 1988; Usiskin, 1982)، وقد يفسر ذلك صعوبات الطلبة في تعلم الهندسة، فكما أشارت الدراسات إلى املعلمني قدرات ضعف عن ناجم البرهان في العام الطلبة ضعف أن .)2005 )شويخ، في (Back- Nanwald, 1997) الهندسة في يقوم التي املادة يستوعب أنه يشعر أن الهندسة معلم على فإن لذا،

Page 87: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

90

ف الثقافة العلميةمل

> Usiskin, Z . (1982). Van Hiele Levels and achievement in Secondary School geometry (Final report of the Cognitive Development and Achievement in Secondary School Geometry Project). Chicago: University of Chicago, Department of Education. (ERIC Document Reproduction Service No. ED 220 288).

> Van Hiele , P. (1999). Developing geometric thinking through activities that begin with play. Teaching Children Mathematics, 5(6), 310-316.

> Wirzup, I. (1976). Breakthroughs in the psychology of learning and teaching geometry, in: J. Martin (Ed). Space and geometry: papers from a research workshop ( pp. 75-97). Columbus, Ohio: ERICK/SMEAC.

من فعاليات مدرسة غزة للموسيقى.

Page 88: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

91

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

عن بناؤه ميكن الصحيح الفهم وأن املعارف، اكتساب تنظيم أجل طريق دورة التعلم.

تدريسي منوذج أو طريقة بأنها :)2001( السالم عبد عرفها بينما <وإستراتيجيات املنهج ومحتوى مواد تصميم في استخدامه ميكن ويعتمد والطالب، املعلم بني التفاعل على ويؤكد العلوم، تعليم على األنشطة الكشفية لتنمية أمناط االستدالل احلسي والشكلي لدى

الطالب.ليست التعلم دورة أن فيذكر ،)2008( )Marek, et al( أما <تسمح تدريس، )إجراءات( خطوات ولكنها تدريس، طريقة باستخدام طرائق تدريس عديدة مثل، العمل املخبري، والعروض، واملجموعات، والرحالت امليدانية )احلقلية(، والتكنولوجيا احلديثة، دورة خالل استخدامها ميكن العلوم لتدريس الطرائق هذه وكل

التعلم.

)Learning Cycle( دورة التعلم

ظهرت دورة التعلم أثناء عقد الستينيات بالواليات املتحدة األمريكية، وبالتحديد العام 1967، وجاءت صياغتها بصورتها األولى على يد كل من كاربلس )Karplus(، وآتكن )Atkin(، ثم أدخل عليها كل من 1970 سنة بني الفترة في وذلك التعديالت، بعض وآخرين كاربلس وحتى سنة 1974، حيث أدخلت كجزء من مشروع تطوير منهج العلوم )SCIS( )Science Curriculum Improvement Study()Hanuscin, 2007(. وهناك تعريفات مختلفة لدورة التعلم، ومن

جملة هذه التعريفات:

> تعريف )Good etal( )1988(: وقد عرفها بأنها طريقة في تخطيط من االستقصائية العملية على تقوم والتعليم، التعلم وفي الدروس

تعليم العلوم وتوظيف دورة التعلم

هايل الكرد

مقدمة

يشهد تدريس العلوم في عصر العلم والتقنية عامليا ومحليا اهتماما كبيرا وتطويرا مستمرا ملواكبة خصائص هذا العصر ومتطلباته، وهذا يتطلب أن يكون للمدرسة دور مهم في مواكبة هذا التطوير. ولكن عند النظر إلى الواقع احلالي جند أنه ال تزال الفلسفة العامة للمدرسة، ودورها في املجتمع، وأهداف التربية والتعليم، ورسالة املعلم، تركز على عملية نقل املعلومات وتوصيلها، وعلى اكتساب املعرفة عن طريق السرد والتذكر بدل التركيز على توليدها واستعمالها. وفي معظم الصفوف يتأثر املعلمون بالكالم معظم الوقت، دون االهتمام باألسئلة والنشاطات التي تتطلب إمعان النظر والتفكير أو االهتمام بإعطاء دور إيجابي للطالب الذي يصرح املعلمون بأنه محور العملية التعليمية وغايتها )جراوان، 1999(. ومن هنا ال بد أن يركز تدريس العلوم على تقدمي املعرفة على أساس التفكير والبحث والتجريب، واستخدام املهارات العلمية املختلفة، حتى يكون للتعليم معنى لدى

الطالب، حيث أن وظيفة املعلومات في حياة الطالب، هي نقطة االنطالق التي يجب أن يبدأ منها تدريس العلوم )عميرة، الديب، 1997(.

ولتحقيق ذلك، مت عقد لقاءات تربوية عدة لتدارس املوضوع واإلطار النظري له مع مجموعة من معلمي العلوم، الذين تبنوا هذا التوجه من خالل توظيف دورة تعلم العلوم منوذج الـ )E’S5( البنائي الذي يقوم على النظرية البنائية في التدريس، كما مت عقد ورش عمل إلعداد مناذج لدروس تطبيقية في ضوء خطوات دورة التعلم منوذج الـ )E’S5(، وتطبيقها داخل الصف، وذلك ملساعدة الطالب على التمكن من بناء معرفتهم بأنفسهم بأنفسهم، بعملية االستقصاء والقيام الدقيقة والتجريب، املالحظة املفاهيم اجلديدة، عن طريق لتعلم لديهم من معلومات مسبقة ما باستخدام

لتؤدى إلى عملية التعلم واكتشاف تطبيقات جديدة للمفاهيم املراد تعلمها )صادق، 2003(.

ويعرف منوذج الـ)E’S5( بأنه منوذج تدريسي يتكون من خمس مراحل )خطوات( تدريسية، يستخدمها املعلم مع طالبه داخل أو خارج غرفة الصف أو املختبر، ويهدف إلى أن يبنى الطالب معرفته العلمية بنفسه، كما يهدف إلى تنمية العديد من املفاهيم واملهارات العلمية. ويعتمد هذا النموذج ،)Extend( والتوسيع ،) Explain( والتفسير ،)Explore( واالستكشاف انتباههم، وجذب الطالب إلثارة )Engage( االنشغال على

والتقومي )Evaluation( في جميع مراحلها.

Page 89: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

92

ف الثقافة العلميةمل

وقد استثمرت طريقة التدريس بدورة التعلم في تدريس العلوم مبختلف العلمية بتطويعها التربية الباحثني في مجال العديد من إذ قام فروعها، واختبار فعاليتها كأسلوب تدريس عام في العلوم؛ ونتيجة لهذه البحوث الطريقة شهرة كبيرة جدا في تدريس اكتسبت هذه الكثيرة والدراسات أصبح التعلم لدورة توظيفنا خالل ومن .)2001 )جاسم، العلوم في لديهم شديد ميل وظهر لهم، ومثير ممتع التعلم أن يجدون الطلبة أكبر، بشكل واالستدالل التفكير في ساعدهم ما أكثر، أسئلة تقدمي

وأصبحوا يحبون مادة العلوم بعد تطبيق دورة التعلم.

مراحل دورة التعلم

في البداية تكونت دورة تعلم العلوم كطريقة تدريس من ثالث مراحل، تطور ومع والتطبيق. املفهوم، إلى والتوصل االستكشاف، هي: العلوم تعلم دورة فإن احلاضر، الوقت في العلوم تدريس أهداف والتفسير، االستكشاف، هي: مراحل، أربع من تتكون أصبحت وأصبحت األخيرة السنوات في وتطورت والتقومي. والتوسيع، تتكون من خمس مراحل هي: االنشغال، واالستكشاف، والتفسير، املتحدة بالواليات ميامي ثم قدم خبراء متحف والتقومي. والتوسيع، دورة )Miami Museum of Science, 2001( األمريكية دورة هنا أستعرض سوف ولكنني مراحل، سبع من املكونة التعلم التعلم املكونة من خمس مراحل التي قمنا بتوظيفها في تدريس منهاج Lorsbach,( التالي الشكل في موضحة هي كما الفلسطيني العلوم

.)2008

:)Engage( 1. مرحلة االنشغالواهتمامهم فضولهم وإثارة الطالب حتفيز املرحلة هذه في الهدف وانخراط الطالب مبوضوع الدراسة )املفهوم(، ويكون دور املعلم خلق اإلثارة وتوليد الفضول وتشجيع التنبؤ وطرح أسئلة مثيرة للتفكير، ليثير لديهم تساؤالت واستجابات تكشف عما لديهم من معلومات وخبرات .)2003 )صادق، املفهوم، أو املوضوع تاه يفكرون وكيف سابقة، أيضا وفيها الالحقة، املهمات على املتعلمني اهتمام لتركيز وتستخدم

يجب أن يطرح الطلبة أسئلة )Lorsbach, 2008(، مثل:

> ملاذا حدث هذا؟> كيف ميكن أن أجد؟

> ماذا أعرف بالفعل عن هذا؟> ماذا أستطيع أن أكتشف حول هذا املفهوم أو املوضوع؟

:)Explore( 2. مرحلة استكشاف املفهومفي هذه املرحلة يكون التعلم متمركزا حول املتعلم، ويكون املتعلم نشيطا قيامه تعلمه من خالل املراد املفهوم يستكشف أن الطالب وتتطلب من يتبعونها وتوجيهات مواد الطالب يعطى وفيها األنشطة، من بسلسلة جلمع بيانات بواسطة خبرات حسية حركية مباشرة، إلدراك معنى املفهوم املتعلم، كما الذي يدرسونه، ويكون طور االستكشاف متمركزا حول كافية توجيهات الطلبة إعطاء عن مسؤوال الطور هذا في املعلم يكون ومواد مناسبة تتعلق باملفهوم املراد استكشافه، ولكن على أن ال تتضمن هذه تفسر ال أن ويجب الطلبة، يتعلمه أن ينبغي ما املعلم توجيهات

.)Martin etal, 1998( اإلرشادات املفهوم املراد تعلمه أيضا

محسوسة مواد توفر ينبغي املفاهيم، بناء في الطلبة نساعد ولكي البدء على املعلم تساعد التالية التوجيهية واألسئلة مباشرة، وخبرات

بعملية التخطيط:

> ما املفهوم احملدد الذي سيكتشفه الطلبة؟> ما النشاطات التي يجب أن ينفذها الطلبة ليألفوا املفهوم؟

> ما أنواع املالحظات والتسجيالت التي سيحتفظ بها الطلبة؟> ما أنواع اإلرشادات التي يحتاجها الطلبة؟ وكيف سأعطيها لهم دون

إخبارهم باملفهوم؟

:)Explain( 3. مرحلة التفسيراملفهوم الطلبة يبني بحيث الطلبة تفكير يوجه املعلم جعل إلى تهدف بطريقة تعاونية، ولتحقيق ذلك يقوم املعلم بتهيئة بيئة الصف املطلوبة، جمعوها، التي باملعلومات تزويده الطلبة من املعلم يطلب وعندها ويساعدهم على معاجلتها وتنظيمها عقليا، ويقوم بعد ذلك بتقدمي اللغة يركزون هنا فالطلبة للمفهوم(. )للوصول للمفهوم والالزمة املناسبة التي االستكشاف عملية من عليها حصلوا التي األولية نتائجهم على

قاموا بتنفيذها )الهويدي، 2005(.

ذاتي استكشاف لبناء الطلبة توجيه على املعلم تساعد التالية واألسئلة للمفهوم:

> ما أنواع املعلومات أو النتائج التي يجب أن يتحدث عنها الطلبة؟> كيف أساعد الطلبة على تلخيص نتائجهم؟

ماذا إخبارهم عن أحجم نفسه الوقت وفي الطلبة سأوجه كيف <وجدوا، على الرغم من أن فهمهم للمفهوم لم يكتمل بعد؟

> كيف سأساعدهم على استعمال املعلومات التي يحصلون عليها لبناء املفهوم بطريقة سليمة؟

> ما األوصاف التي يجب أن يسندها الطلبة للمفهوم؟هذا أهمية سبب عن سألوا إذا للطلبة سأعطيها التي املبررات ما <

املفهوم؟

االنشغال

التقـويــــــــم

التفسير

التوسيعاالستكشاف

Page 90: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

93

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

الطلبة على رؤية فوائد املفاهيم التي تبني كيف تشجع > ما هي األمثلة العلوم بالنسبة لهم؟

والتقانة العلوم بني العالقة فهم على تساعدهم التي األمثلة ما <واملجتمع؟

العلوم التي تساعدهم على تطوير مهارات االستقصاء في ما األمثلة <وفي امتالك معلومات عن تاريخ العلوم وطبيعتها؟

أهمية اكتشاف الطلبة على لتشجيع بإمكاني طرحها التي األسئلة ما <استعمل وكيف عنه؟ الناشئة العمل فرص وحتديد وتطبيقه، املفهوم

هذا املفهوم عبر التاريخ؟)إغناء( توسيع أو لتطبيق الطلبة يحتاجها التي اجلديدة اخلبرات ما <

املفهوم؟استطيع تشجيع احلالي؟ وكيف باملفهوم العالقة ذو التالي املفهوم ما <

اكتشاف املفهوم التالي؟

:)Evaluation( 5. مرحلة التقوميالهدف من هذه املرحلة تقييم تعلم فهم الطالب، لذلك يجب أن يكون التقومي مستمرا، ويجب أن تتخذ إجراءات متعددة إلجراء تقومي مستمر واملهارات للمفاهيم املعرفي البناء ولتشجيع الطلبة لتعلم ومتكامل

:)Extend( »4. مرحلة التوسيع »تطبيق املفهوميكون التوسيع متمركزا حول املتعلم، ويهدف إلى مساعدة املتعلم على بخبرات ربطها طريق عن عليها حصل التي للخبرات العقلي التنظيم سابقة مشابهة، حيث تكتشف تطبيقات جديدة ملا جرى تعلمه، ويجب أن ترتبط املفاهيم التي جرى بناؤها بأفكار وخبرات أخرى، وذلك من أجل جعل الطلبة يفكرون فيما وراء تفكيرهم الراهن، ويجب أن يطلب املكان هو وهذا له، آخر بعد إلضافة املفهوم لغة استعمال الطلبة من املناسب ملساعدة الطلبة على تطبيق ما تعلموه، وذلك بإثراء األمثلة أو بتزويدهم بخبرات إضافية إلثارة مهارات استقصاء أخرى لديهم، أو من خالل البحث في الترابط بني منحى العلم والتقانة واملجتمع وفهم تاريخ العلوم وطبيعته. وعلى املعلم أن يعطى وقتا كافيا لكي يطبق الطالب ما املوضوعات أو املفاهيم مع املفهوم وربط جديدة، مواقف في تعلموه

األخرى )خطايبة، 2005(.

واألسئلة التالية تساعد املعلم على توجيه الطلبة على تنظيم أفكارهم:

> ما اخلبرات السابقة التي امتلكها الطلبة ذات العالقة باملفهوم احلالي؟ وكيف أستطيع ربط هذا املفهوم باخلبرات السابقة؟

من حفل افتتاح املقر اجلديد ملدرسة غزة للموسيقى.

Page 91: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

94

ف الثقافة العلميةمل

احلركة نفسه؟> ثم يكتب عنوان الدرس )أشكال احلركة على السبورة(.

املرحلة الثانية: االستكشاف> يقسم املعلم الطالب إلى مجموعات، ويتم توزيع ورقة العمل.

السيارة الطالب حتريك من ويطلب األطفال، بتوزيع سيارات يقوم <ورقة في لها وصف مع احلركة شكل تسجيل ويطلب عدة، مرات

العمل.املجسم حتريك ويطلب األرضية، الكرة مجسمات بتوزيع يقوم <

وإعطاء شكل ووصف للحركة وكتابتها في ورقة العمل.> يطلب من الطالب أن يربطوا الكرة باخليط وتعليقه باحلامل، ثم دفع

الكرة دفعة خفيفة من اجلانب ويسجل مالحظاته في ورقة العمل.قاموا التي املالحظات حول يتناقشوا كي لطالبه الفرصة املعلم يتيح <

بتسجيلها.

املرحلة الثالثة: التفسير> يناقش املعلم الطالب في النتائج التي توصلوا إليها، ويسألهم عن نوع

حركة السيارة عند انتقالها من مكان إلى آخر.> ما االختالف بني حركة مجسم الكرة األرضية وحركة بندول الساعة؟

> يسجل على السبورة أنواع احلركة بعد سماعها من الطالب.الدورانية، االنتقالية، )احلركة املفاهيم صياغة الطالب من يطلب <

االهتزازية( بلغتهم، ثم يسجل املعلم املفاهيم على السبورة.> يعطي الطلبة مثاال لكل شكل من أشكال احلركة ويطلب املعلم منهم

تسجيلها في كراسة النشاط.

املرحلة الرابعة: التوسع> يطلب املعلم منهم متثيل شكل احلركات.

> ما سبب تعاقب الليل والنهار؟ كيف حتدث الفصول األربعة؟> عدد بعض أشكال احلركة في مدينة املالهي.

< العلوم من منظور شخصي واجتماعي> ما أشكال احلركة التي تقوم بها عند ممارسة التمارين الرياضية؟

> اذكر أسماء أصحاب مهن يعتمد عملها على احلركة؟

< العلوم والتقانة> كيف متت االستفادة من موضوع احلركة في صناعة السيارات؟

> ما اجلهاز الذي يساعد شخص فاقد قدميه؟

< العلوم بوصفها طريقة لالستقصاء> ما أهمية استخدام أشكال احلركة في حياتنا؟

< تاريخ العلوم وطبيعتها> اذكر بعض أنواع سباق اجلري؟

> هل سمعت بسباق اجلري )املاراثون( ملاذا سمي بهذا االسم؟

املرحلة اخلامسة: التقوميأكمل املخطط املفاهيمي التالي:

دورة أطوار من طور كل في التقومي يجرى أن املمكن ومن العملية، دور ويكون .)2005 )الهويدى، فقط نهايتها في وليس العلوم تعلم وتقييم اجلديدة، واملهارات املفاهيم تطبيق في الطالب مالحظة املعلم معرفة ومهارات الطالب والسماح للطالب لتقييم معرفتهم ومهاراتهم

العملية واجلماعية )صادق، 2003(.

ومن األسئلة املساعدة في هذا اخلصوص ما يلي:

> ما نتاجات التعلم املناسبة التي أتوقعها؟من للتأكد الالزمة اليدوية اخلبرات لتقومي املناسبة التقومي أنواع ما <والتصنيف، املالحظة، مثل األساسية للمهارات الطلبة إتقان مدى

والقياس، والتنبؤ، واالستدالل.عمليات مهارات وتوضيح لعرض للطلبة املناسبة التقنيات أنوع ما <

العلوم املتكاملة؟قدراتهم كشف على الطلبة ملساعدة الصور استعمال أستطيع كيف <على التفكير في املسائل التي تتطلب استيعاب املفاهيم األساسية وعلى

تكامل خبراتهم؟كشف على الطلبة ملساعدة طرحها أستطيع التي األسئلة أنواع ما <

قدراتهم على استعادة ما تعلموه؟

مثال:سيتناول املثال التالي* منوذجا مقترحا لدرس تطبيقي في ضوء خطوات

:)5E’S( دورة التعلم لنموذج

السادس الصف: احلركة والقوة الوحدة الرابعة:

أشكال احلركة املوضوع:

أهداف الدرس:بعد نهاية الدرس أتوقع أن يكون الطالب قادرا على أن:

> يستكشف أشكال احلركة.> يصف كل شكل من أشكال احلركة.

> يعطي أمثلة على أشكال احلركة املختلفة.> يبني كل شكل من أشكال احلركة.

املواد الالزمة:ألعاب )سيارات أطفال( - مجسمات للكرة األرضية - )كرة، خيط،

حامل خشبي(.

خطة سير الدرس

املرحلة األولى: االنشغال> يطلب املعلم من أحد الطالب االنتقال من مكان إلى آخر، ثم يسأل

الطالب: ماذا فعل هذا الطالب؟ عرف احلركة؟> يناقش صور الكتاب املدرسي صفحة )106(، ويسألهم ماذا تشاهدون في الصفحة من صور؟ هل جميع هذه األشياء تتحرك؟ وهل لها شكل

Page 92: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

95

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

نشاط بيتي:1. صف شكل احلركة فيما يلي: عجل الدراجة – البندول؟

2. اذكر شكل احلركة املشترك في كل من ) طبلة األذن – وتر العود – بندول الساعة(3. اصنع أرجوحة وحدد شكل حركتها؟

فيما يلي ورقة العمل املقترحة التي تتضمن نشاطات حتقق أهداف الدرس

ورقة عمل حول أشكال احلركة

األهداف اخلاصة:> يستكشف أشكال احلركة.

> يصف كل شكل من أشكال احلركة.> يعطي أمثلة على أشكال احلركة املختلفة.

املواد واألدوات: ألعاب )سيارات أطفال( – مجسمات للكرة األرضية – خيوط – حوامل خشبية – كرات.إرشادات: عزيزي قائد املجموعة، بالتعاون مع أفراد مجموعتك، قم بإجراء األنشطة التالية:

نشاط )1(: )احلركة االنتقالية(: قم عزيزي الطالب بتحريك السيارة من بداية الطاولة إلى نهايتها سجل املالحظة في اجلدول التالي:

نوعهااحلركة

ما املقصود باحلركة االنتقالية؟......................................................................................

نشاط )2(: )احلركة الدورانية(: قم عزيزي الطالب بتحريك مجسم الكرة األرضية سجل املالحظة في اجلدول التالي:

نوعهااحلركة

ما املقصود باحلركة الدورانية؟......................................................................................

مثال

انتقال السيارة

االنتقالية

أشكال احلركة

مثال

الدورانية

مثال

االهتزازية

منها

Page 93: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

96

ف الثقافة العلميةمل

خارطة مفاهيمية«.> الباحث هايل الكرد: »طبقت املعلمة درسها وفق دورة التعلم مبراحلها املختلفة، وجعلت الطالبات العنصر الفعال في عملية التعليم والتعلم، وكان دورها مقتصرا على التوجيه في مرحلة االستكشاف، وبالفعل احلركة ألشكال بأنفسهن يتوصلن الطالبات جعل في املعلمة جنحت من خالل األنشطة، ووصف احلركة االنتقالية والدورانية واالهتزازية مع إعطاء أمثلة حياتية تطبيقية عليها )أشكال احلركة في مدينة املالهي - القيام بالتمارين الرياضية - قضية الفرد املعاق حركيا وآلية مساعدته

في احلياة(«.

بعد أن خضنا في بعض جوانب دورة التعلم؛ سواء من الناحية النظرية بأنفسهم املعرفة بناء على الطالب ولتشجيع التطبيقية، الناحية من أم دون أن يتلقوها من املعلم جاهزة، ولتنمية العديد من املهارات العلمية املختلفة، جند أن هناك حاجة ماسة لتبني املعلمني لهذا املدخل في تعليم ومداخل البنائية، بالنظرية واحمللى الدولي االهتمام ملسايرة العلوم كمهنيني بأنفسهم االرتقاء على ليساعدهم تدريسها، إستراتيجيات

وباحثني.

هايل الكرد مركز القطان- غزة

نشاط )3(: )احلركة االهتزازية(: قم عزيزي الطالب بتعليق اخليط في الكرة، ثم تعليق اخليط على احلامل، وارفع الكرة ألعلى اخليط ثم اتركها، سجل املالحظة في اجلدول التالي:

نوعهااحلركة

ما املقصود باحلركة االهتزازية؟......................................................................................

حركة يتحرك ما ومنها حركة...........، يتحرك ما فمنها احلركة، شكل في األجسام............. أن أستنتج االستنتاج: ............، ومنها ما يتحرك حركة............. .

اخلالصة

ولتعميم هذه التجربة مت عقد لقاء تربوي في مركز القطان في غزة مت فيه مشاهدة هذا الدرس التطبيقي مع مجموعة من املعلمني اآلخرين، وبعد

تأمل الدرس ومناقشته كانت مالحظاتهم كما يلي:

> املعلمة ميسون منفذة الدرس: »لقد خرجت عن نطاق الروتني اليومي في الشرح، واستخدام دورة تعلم العلوم سهل علي وعلى الطالبات

فهم املوضوع ووصول الطالبات للمعرفة بأنفسهن«.> املعلم حمدان: »مقدمة الدرس مشوقة وهادفة وفق مرحلة االنشغال، مرحلة وفق جيد بشكل اجلماعية األنشطة بتنفيذ الطالبات قامت االستكشاف، وفي مرحلة التفسير ناقشت املعلمة الطالبات في النتائج بصورة جيدة، وكنت أمتنى لو قامت املعلمة مبطابقة عمل املجموعات

مع بعضه«.كبيرا، جهدا املعلمة بذلت ولقد جذاب، »الدرس محمود: املعلم <وأشركت الطالبات في إحضار األدوات الالزمة للدرس، ولقد طبقت املعلمة مراحل دورة التعلم فكانت مرحلة االنشغال مناسبة للدرس، باستخدام املفاهيم الدرس نهاية في الطلبات، وقد جمعت وجذبت

الهامش

* طبق مع طلبة الصف السادس في مدرسة الهاشمية األساسية للبنات في غزة في 11 تشرين الثاني 2008.

املراجع

املراجع العربية:< جاسم عبد الله )2001(. »فاعلية استخدام دائرة التعلم في حتسني حتصيل العلوم لدى تالميذ الصف األول املتوسط بدولة الكويت«. مجلة رسالة اخلليج العربي،

.80< خطايبة، عبد الله )2005(. تعليم العلوم للجميع. عمان: دار املسيرة للنشر.

الثاني التعلم لدى تالميذ الصف عمليات مهارات وبعض التحصيل تنمية في العلوم تدريس في البنائي Seven ES < صادق، منير )2003(. »فعالية منوذج اإلعدادي بسلطنة عمان«. مجلة التربية العلمية، املجلد السادس، 3، ص: 187-145.

< عبد السالم، عبد السالم )2001(. االجتاهات احلديثة في تدريس العلوم. القاهرة: دار الفكر الغربي.

Page 94: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

97

يةلم

لعة ا

افثق

الف

مل

< عميرة إبراهيم، الديب فتحي )1997(. تدريس العلوم والتربية العلمية. القاهرة: دار املعارف.< فتحي، عبد الرحمن جروان )1999(. تعليم التفكير مفاهيم وتطبيقات. عمان: دار الكتاب اجلامعي.

< مارتن، أر )1998(. تعليم العلوم جلميع األطفال، ترجمة: عبد الله خطايبة وآخرون، دمشق: املركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر.< الهويدى، زيد )2005(. األساليب احلديثة في تدريس العلوم، العني: دار الكتاب اجلامعي.

املراجع اإلجنليزية:> Anthony W. Lorsbach , The Learning Cycle as a Tool for Planning Science Instruction, Illinois State University:

على شبكة اإلنترنت، 2008/10/11:http://www.coe.ilstu.edu/scienceed/lorsbach/257lrcy.htm

> Edmund A. Marek, Brian L. Gerber, Ann M. Cavallo, LITERACY THROUGH THE LEARNING CYCL:على شبكة اإلنترنت، 2008/9/18:

http://www.ed.psu.edu/CI/Journals/1998AETS/t3_6_marek.rtf> Good, R. etal. 1988. Using prediction in a science learning cycle: A pilot study proposed Research in science Teaching.

ERIC No: 302414.> Hanuscin. D. and Lee. M. 2007. Using a Learning Cycle Approach to Teaching the Learning Cycle to Preservice

Elementary Teachers. The 2007 annual meeting of the Association for Science Teacher Education, Clearwater, Fl:على شبكة اإلنترنت، 2008/12/15:

http:// web.missouri.edu/hanuscind /astp 20075E.pdf.> Miami Museum of Science:

على شبكة اإلنترنت، 2009/2/2:http://www.miamisci.org/ph/lpintro7e.html.

من فعاليات جمعية الكمنجاتي في جنني.

Page 95: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

98

وميكن املتوقعة، وغير واملفرطة الشديدة القوة عليها يغلب ومفاجئة، ويعرف بأسره. املجتمع أو األفراد من مجموعة أو فرد على تؤثر أن غير »حدث بأنها النفسية الصدمة )2000 )احلواجري، احلواجري الذاتية لإلنسان، يؤدي متوقع »مفاجئ« يتسم باحلدة خارج عن اخلبرة أن املختلفة الدفاع وسائل تستطيع وال وحياته، وجوده تهديد إلى

تسعف اإلنسان للتكيف معه«.

مظاهر الصدمة النفسية

التالية: املظاهر النفسية الصدمة من يعاني الذي الشخص على تظهر كوابيس وأحالم مزعجة حول أحداث احلرب، شعور بأن احلرب سوف حتدث مرة أخرى، استرجاع األحداث عن طريق لعبة احلرب، االنطواء واحلركة النوم وتقطع صعوبة بالقهر، والشعور اآلخرين عن والبعد املعتادة، اليومية القيام باألعمال القدرة على املعتادة، عدم الزائدة غير الدراسي، التحصيل وانخفاض التركيز وصعوبة التفكير تشتت األكل قلة والتوجس، والترقب الظالم من اخلوف الالإرادي، التبول وفقدان الشهية والصداع املستمر، االلتصاق بالوالدين والبقاء باملنزل،

اإلحساس بفقدان األمل والكآبة بسهولة.

أعتقد أن من أهم مظاهر الصدمة التي الحظتها فقدان األطفال لطفولتهم وحديثهم بأحاديث الكبار، وتاوز عمرهم العقلي لعمرهم الزمني بكثير العالم من خالل الذي خاطب بيت الهيا، زايد من الطفل أحمد مثل

شاشات القنوات الفضائية بلهجة فاقت سنوات عمره التسع بقوله:

بالصفوف مرميني كيف؟ أوالدنا ويشوف حالتنا يشوف العالم »يجي قاعدين على البالط ال ميه وال أكل وال كهرباء ... هذه حياة؟! هذه حياة هذه؟! هذا حصار هذا أكبر حصار هذا أعظم حصار من إسرائيل... يشوفوا كيف إحنا عايشني مرميني ال بنضحك وال بنلعب وال بنتعلم وال تشييع جنازات، التلفزيون بشوف أفتح ما أطفال، كل برامج بنشوف برامج أطفال وطخ، وموت، وحرب، دبابات، واجتياح، ما بشوف أتعلم منها، وال رسوم متحركة أتسلي وال بلعب... كله تشييع جنازات

أبو أمين: »ال أعرف ماذا أفعل معه وكيف أتصرف؟ بحيرة وألم يقول أنا في حيرة من أمري ... حاولت معه بكل الطرق واستخدمت كافة الوسائل، ولكن لألسف! كلها باءت بالفشل« )عطا الله، ومصطفى،

.)2009

بعد الوحيدة ليست غريبة وال يقطن في مدينة غزة الذي أمين إن حالة وعشرين اثنني مدى على غزة قطاع لها تعرض التي الشرسة احلرب من الدمار أساليب كل اإلسرائيلية العدوان آلة فيها استخدمت يوما،

قذائف وقنابل وأسلحة محرمة دوليا، طالت الصغار قبل الكبار.

وبخاصة الناس، كل مخيلة في وصورا مشاهد احلرب تركت لقد دالل الطالبة تنسى كيف أبدا. تنسى ولن متحى لن منهم األطفال كل فقدت التي ربيعا عشر األربعة وابنة الشاطئ مخيم من عيشة أبو التي عاما عشر اخلمسة ابنة غزة من الهباش جميلة والطالبة أسرتها، فقدت رجليها، والطفلة أملازة السموني من حي الزيتون ابنة الثالثة عشر ربيعا التي دفنت كل عائلتها حتت أنقاض منزلهم املكون من ثالثة طوابق

أمام عينها، وفقدت اثنني وثالثني فردا من أقاربها.

حتد أمام فإننا هش، نار بوقف أوزارها وضعت قد احلرب كانت وإن إلى سلوك آخر وهو اخلوف من أن يتحول ما أدرج في ذاكرة األطفال دائم يرافقهم مدى حياتهم، ومن ثم يتحول إلى أمراض نفسية عدوانية. نحن بحاجة إلى إعمار من نوع آخر إلزالة ما تركته احلرب العسكرية من آثار نفسية وصحية واجتماعية واقتصادية وانفعالية ... وسياسية. إن احلرب على قطاع غزة تركت أثارا نفسية صادمة، وبخاصة على األطفال واثنا عشر أربعمائة منهم قتل الذين السكان 60% من يشكلون الذين طفال، وجرح منهم مئات آخرون. إن أعداد األطفال الذين يعانون من

اضطرابات وصدمات نفسية كبيرة واإلمكانيات متواضعة.

الصدمة النفسية

وخطيرة كبيرة أحداث هي النفسية الصدمة تسبب التي األحداث إن

املساندة النفسية واجلماعية للطلبة من آثار الصدمة

محمد أبو ملوح

»يتكئ أمين صاحب السنوات األربع على جدار بيته يبكي بألم، ويرفض أن يلبي نداء والده بالدخول، فيخرج ويجلس بجواره ميسح دموعه، الشوكوالتة واأللعاب في البيت مرة أخرى .. احللوى وقطع يهتز انتهى .. ولن أذنه »الطائرات رحلت ولن تعود .. والقصف ويهمس في

انتظارك .. هات يدك لندخل سويا«. فيهز كتفيه ويتمتم: »بابا .. ال، لن أدخل البيت«.

Page 96: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

99

متثيلية يعبرون من خاللها عن أكثر املوضوعات إحلاحا عندهم.

ويضيف املعلم بسام »لقد اضطررت للقيام ببعض التعديالت حتى أتيح على املعلمني بعض مع اتفقت مثال النفسي، للتفريغ للطلبة الفرصة وحتويل املختلفة للموضوعات الصفية التهيئة لفترة أكبر وقت أعطاء خطة وتعديل باأللعاب، التعلم أسلوب إلى الفقرات بعض تعليم عم ابن طوقان« »حمزة القراءة درس قدمت حيث السنوية، العمل فدوى طوقان، الذي هدم االحتالل بيته في نابلس وتوظيفه لربط الواقع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكمدخل للتفريغ النفسي عند

الطلبة«.

مواجهة الواقع

فتقول مختلفة، جهات من الصدمة آثار مع للتعامل اجلهود تنوعت الوزارة استعدادات نطاق »في غزة مدراس من املديرات إحدى غزة، على احلرب انتهاء بعد الثاني الدراسي للفصل الطلبة الستقبال التابعة املدارس ملديري اجتماعات والتعليم التربية مديريات عقدت لها، أعلن فيه عن برنامج ترفيهي ملدة أسبوع في جميع املدارس للترفيه عن الطلبة. ويتضمن البرنامج العمل ضمن محاور عدة، أهمها السرد والرسم، الترفيهي، واللعب العدوان، أثناء الطلبة ملعاناة القصصي والتفريغ االنفعالي، على أن يختتم هذا البرنامج بيوم مفتوح، ويتم في ذلك اليوم توزيع وجبة غذائية على طلبة بعض املدارس. يذكر أن بعض املدارس التزمت بالفعل بهذا النشاط الترفيهي، إال أن بعض املدارس، وبخاصة الثانوية، لم يتم االلتزام بهذا البرنامج الترفيهي نظرا ألسباب

عدة ال مجال لذكرها هنا«.

ويشير أحد املعلمني في مدرسة خاصة إلى »أن بعض املدارس اخلاصة قيام املثال للترفيه عن طلبتها، ومنها على سبيل ببعض األنشطة قامت البالونات، من عدد أكبر لنفخ للطلبة الفرصة بإتاحة املدارس إحدى وإطالقها املدرسة مللعب النزول مت النفخ، عملية من االنتهاء وعند البالونات من أجل )غز( أكبر عدد ممكن في الهواء واجلري خلف هذه منها. وفي مدراس أخرى مت تقدمي عروض بهلوانية وموسيقية وتقدمي

العصائر وبعض املأكوالت«.

أما برنامج التربية والتعليم في وكالة الغوث، فقد قرر أن يكون األسبوع لليومني استمر البرنامج ولكن وتفريغا، نفسية تهيئة للدوام األول وكسب ضاع ما لتعويض كاملعتاد الدراسة انتظمت ثم ومن األولني، الوقت في إنهاء املنهاج، واستدراكا مت عمل يوم ثالث مفتوح في نهاية

األسبوع.

الغوث في محاضرة أفاد موجه اإلشراف والتوجيه مبدارس وكالة وقد له في مركز القطان قائال: »كان هدف اللقاءات في اليومني األولني من الدوام هو املساندة اجلماعية للتخفيف من آثار ما بعد الصدمة، وإتاحة العالج، مبادرات أول يعتبر ألنه للتفريغ، للطلبة ممكنة فرصة أكبر يكون أن من احلذر يجب ولكن العالج، ثلثا أو نصف هو والكالم صدمة تتكون ال حتى أحكام وصدور دقيقة، تفاصيل دون التفريغ وغناء، حركية، وأنشطة الرسم، هي الفاعلة التفريغ وآليات ثانوية.

أو حاملني شهداء وبطخوا ... إحنا هينا ال في أكل وال شرب، إحنا مرميني زي الشحادين، شوفوا الشعوب الثانية كيف أوالدهم يضحكوا بناكل وال ويلعبوا وبيفرحوا؛ وإحنا علينا حصار من سنتني تقريبا، ال بنشرب وال حد بيعمل شي، وال املعابر بتفتح، وال بيدخل لنا أكل وال

أشياء ثانية« )زايد، 2009(.

هناك وسائل عدة ملواجهة الصدمة النفسية والتعامل معها ومنها:

1( املساندة النفسية: هي تزويد الذي يعاني من الصدمة بالدعم النفسي من خالل إحساسه باملشاركة ومساعدته على التفريغ والتنفيس عما يجول بخاطره، ومساعدته على تنظيم أفكاره من خالل استبصاره آثار من التدريجي التخلص من يتمكن حتى بها مر التي بالتجربة الصدمة وما خلفته من اضطرابات فكرية أو انفعالية، وعلى املختص الفعال التواصل مهارات ميتلك أن النفسية باملساندة يقوم الذي

والقدرة على تشخيص االضطرابات املختلفة.

الذين الطلبة من ملجموعة الفرصة إتاحة هي اجلماعية: املساندة )2في يجول عما والتفريغ بالتنفيس النفسية، الصدمة من يعانون واالنتماء. واأللفة األلم في باملشاركة شعورا يخلق ما أنفسهم، واهتماما وعاطفة وجلدا صبرا أكثر ليكون الطالب يدفع وهذا باآلخرين فيستصغر تربته أمام كبر تارب اآلخرين. وحول فاعلية تطبيق هذا األسلوب، يقول املعلم بسام صاحلة معلم الصف الثامن مدرسة على القصف من طالبه من ثالثة استشهد الذي األساسي

الفاخورة التابعة لوكالة الغوث في جباليا:

»كان احلزن يخيم على جو الفصل، واأللم في عيون الطلبة عميق، فبادرت إلى إزاحة املقاعد جانبا، وأحضرت حصيرة وفرشت أرض غرفة الفصل، وجلسنا معا في دائرة، وبدأت احلديث بتجربتي مع السماح بتدخالت من هنا وهناك، هذا في اليوم األول من الدوام. ولكن في األيام الثالثة التالية أحضرت وجبة إفطار لي وجلميع طلبة جلسات تعقد ثم احلصيرة، على معا الفطور بتناول نبدأ الفصل، التفريغ، وفي اليوم األخير اتفقنا على أن نعبر كل بالطريقة التي يراها الطلبة ميل كان لقد الخ. ... وحكاية وكتابة رسم، من مناسبة جدران على تعليقها ومت الرسومات كل فجمعنا للرسم، كبيرا من الثالثة الشهداء صور عليه غلب مبعرض أشبه كانت الفصل، لقد مختلفة، وعبارات الزهور، باقات من إطارات في الفصل اتصل بي أحد أولياء األمور وشكرني كثيرا في املساعدة في التخفيف

عن ابنه لفقدان صديقه األول الشهيد »بشار«.

الفرصة إتاحة فيه يتم النفسي الدعم من نوع هو النفسي: التفريغ )3للطفل للتعبير عما بداخله من معاناة ومحاولة إخراجها خارج ذاته، وال تظل حبيسة في داخله، وذلك من خالل احلديث أو باستخدام الرسم ملا رآه أو رسم رسومات أكثر تفاؤال مما شاهده، وكذلك اللعب في مجموعات وتدريبهم على ألعاب جديدة، وكذلك تدريبهم على تقسيم األدوار للتفاعل مع اآلخرين، ومن خالل رواية القصص بأن ومن وانتصارات، جناحات عن حكاية أو قصة فصل كل يروي مسرحية عمل لألطفال ميكن حيث السيكودراما، توظيف خالل

Page 97: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

100

املراجع

< ثابت، عبد العزيز )1999(. العنف واإليذاء واخلبرة الصادمة لدى األطفال. غزة: برنامج غزة للصحة النفسية.< احلواجري، أحمد )2000(. دليل املعلم في التعامل مع مشكالت الطالب في الظروف الضاغطة والصادمة. غزة: دائرة التربية والتعليم – وكالة هيئة األمم املتحدة

إلغاثة وتشغيل الالجئني الفلسطينيني.< زايد، أحمد )2009(. مقابلة مع قناة اجلزيرة الفضائية

Available on line: http://www.youtube.com/watch?v=H39i5tYTxaI&feature=related-< الشيمي، داليا ومؤمن، داليا )2006(. »دليل املساندة النفسية في احلروب والكوارث«.

http://www.islamonline.net/arabic/In_Depth/Cyber_Counselor/Lebanon_Palestine_summer/topic_0101/d.shtmlبتاريخ: غزة – التربوي والتطوير للبحث القطان مركز في مقابلة لالجئني. اإلعدادية جباليا مدرسة في األساسي الثامن الصف وطالب بسام، < صاحلة،

.2009/2/23< عطا الله، عال ومصطفى، شيماء )2009(. »صغار غزة بعد احلرب .. وسالت دموع اخلوف«.

www.Islamonline Accessed 15.2.2009.واقع احلرب وانعكاساتها على الطفل – حالة خاصة – الطفل اللبناني. طرابلس: جروس برس. < كريستني، نصار )1991(.

جهود هناك تكن لم ملاذا حدوثها. بعد والظواهر األشياء مع التعامل وقائية وبرامج داعمة ومنشطة من أجل زيادة الوعي النفسي واملجتمعي للتعامل مع اإلجراءات واالستعدادات الظاهرة؟ وما هي قبل حدوث الظاهرة أثناء حدوثها؟ وليس التخبط والعشوائية في مواجهتها. وعسى برامج وإعداد للمستقبل، واحليطة للحذر الناقوس يقرع أن حدث ما

وكوادر مؤهلة للعمل أثناء احلرب وبعدها من أجل الوقاية والسالمة.

محمد أبو ملوحمركز القطان - غزة

ومتثيل وكتابة. وأكد أيضا على أن هناك مشاكل اجتماعية خفية يجب إلى يؤدي ما باحلرمان، الشهداء ذوي شعور وهي معها، التعامل

التجمد االنفعالي وتلبد املشاعر وعدم االستقرار«.

لقد شارك مركز القطان يوم 24 كانون الثاني املاضي في لقاء مطول في احلكومية املؤسسات من العديد بحضور النفسية للصحة غزة برنامج احلرب نتائج ملواجهة تداعت التي الدولية، الغوث ووكالة واألهلية العدوان، حجم اختالف مع األولى تكن لم أنها وخاصة غزة، على ولن تكون األخيرة، كما هو متوقع سياسيا وإعالميا، ولكن احملزن كان

من فعاليات جمعية الكمنجاتي في جنني.

Page 98: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

101

اإلجنليزية: اللغة معلمة عاما( 27( الزمارة عبير املعلمة تقول ومبرارة »كيف ميكن أن ننسى الناس الذين قتلوا وهم في املساجد يصلون؟ هل لو في خاطري سؤال الله جرمية؟ ويجول بيوت في العبادة أداء أصبح في طبيعية محمية في يعيشون احليوانات من املليون ونصف مليون أن من أفضل احليوانات هذه لعاشت روسيا أو أمريكا مثل عظمى دولة تلك التي يحياها سكان قطاع غزة، فأين القوانني التي تضعها املنظمات الدولية حلماية املدنيني زمن احلرب؟ وأين منظمات حقوق اإلنسان؟ بل انتهكت التي لتدافع عن حظائر احليوانات أين منظمات حقوق احليوان

حرماتها وقتل ساكنوها«.

املعلمة صابرين وفي احلرب معنى آخر غير اخلوف والعجز عبرت عنه سلمان )23 عاما( معلمة الرياضيات للصف الرابع األساسي في املدرسة نفسها: »كانت أياما صعبة عادت بنا احلياة إلى ما قبل احلضارة، حيث ال كهرباء وال غاز للطهي وال ماء، وعلى الرغم من قسوة تلك األيام، فقد والتوفير اآلخرين على واخلوف واحملبة والتعاون االحتاد معنى علمتنا

واالستغالل األمثل للموارد«.

أطراف تاذبنا الطلبة- قدوم -قبل ثقيلة مرت أيام ثالثة مدى وعلى والنفسي، والتعليمي واألمني السياسي ألوانه؛ باختالف احلديث ووضعنا خطة -أظنها محكمة- الستقبال الطالبات وعالج اآلثار السلبية املدمرة على مسيرة التربية والتعليم، متحورت اخلطة حول أهداف رئيسة

ثالثة هي:

الهيئة أعضاء بها مير التي واالكتئاب واليأس اإلحباط حالة تاوز <التدريسية والنظر نحو املستقبل بعني املتفائل.

وتعليمهن للطالبات واالنفعالية النفسية الصدمة آثار من التخفيف <

وقبل أن تسطر حروف النهاية للفصل الدراسي األول اندلعت احلرب، ننتظر جلسنا يوما، وعشرين أربعة مدى على املدرسة عن انقطعنا املجهول، نحاول التماسك ونستجمع لنفوسنا قوة أمام األطفال، ماذا الكرامة مدرسة للمدرسة؟ العودة بعد األول اليوم في نفعل أن عسانا بات لقد مدينة غزة، أقصى شرق الشعف تقع في حي التي األساسية هذا احلي مشهورا على الرغم من فقره املدقع من كثرة ما تردد اسمه في محطات اإلذاعة والتلفزة، توقعت كما توقع اجلميع أال جند من املدرسة سوى ركام، ومع ذلك عند عودتنا للمدرسة لم جند شيئا فيها قد تغير، كأمنا تركناها باألمس؛ يبدو أن مبنى املدرسة )الكرامة( أبى إال أن يبقى

شامخا كاسمها.

وأخيرا بدأ الفصل الدراسي الثاني من العام نفسه بكارثة جديدة، كارثة إنسانية ونفسية وبيئية، ووقفت هذه املرة ألستقبل الهيئة التدريسية عاجزة كما عجزت في املرة األولى، كيف أواسي من كانت أولى كلماتها لي عندما خاطبتها احلمد لله على السالمة كيف حالكم؟: »املوت لم يعد يحمل إلى نفوسنا في طياته ذلك اخلوف، فاجلميع كان مرشحا للشهادة، إنه الفراق؛ هو فعال املخيف نتمناه، للحظات كنا ذلك، من أكثر بل مؤلم جدا كنت أقول في نفسي لو متنا سويا ال يهم، ولكن أرجوكم ال الكيالي التي عبرت بها غادة متوتوا وتتركوني وحيدة«، تلك الكلمات عن الكرامة مبدرسة األساسي الرابع للصف العلوم معلمة عاما( 27(حالها، وتابعت حديثها تصف يوما من أيام حرب غزة، ذلك اليوم الذي حمل إليها أسوأ خبر ميكن أن يصل إلى إنسان، فقالت: »أقسى وأطول قادر اإلنسان أن لها حل طاملا املشاكل أن أعتقد في حياتي، يوم وأشد التي اللحظة فمنذ الكل عاجزا، يقف املوت أمام ولكن التفكير، على استشهد فيها شقيقي زكريا )19 عاما( شعرت باخلوف الشديد، ليس من

املوت، ولكن اخلوف من العجز«.

فصول من الكرامة

رحمة عودة

الفصل األول من العام الدراسي 2009/2008 بدأ بكارثة تعليمية متثلت في إضراب املعلمني؛ وقفت وحيدة أستقبل 850 طالبة، منهم 190 طالبة جديدة تلتحق باملدرسة ألول مرة في الصف األول األساسي، قدمن للمدرسة بأزهى حلة مدرسية جديدة، وحقيبة كم اشتقن لها وكم حلمن بحملها، ويعلم الله كيف استطاع األهل توفيرها لبناتهن إلدخال البهجة إلى قلوبهن الصغيرة. وقفت حائرة لساعات في انتظار قدوم الهيئة التدريسية، ولكن بعد طول انتظار قدمت ثالث معلمات فقط، وأوئدت فرحة الطالبات قبل أن تولد، وعدن أدراجهن إلى البيت دون أن يدخلن الفصول. وبعد أيام اكتمل النصاب، وقدمت للعمل باملدرسة هيئة تدريسية جديدة )ثالث وعشرون معلمة ميارسن العمل ألول مرة( مع طاقم إداري جديد )ثالثة إداريني(، عجزت عن مجاراة الوضع القائم، متكنت بشق األنفس من مترير فصل دراسي كامل مع ما حمله من معاناة نفسية للجميع؛ الطلبة وأولياء األمور، واملدرسات، واملشرفني التربويني، وأنا في مقدمة اجلميع، ومع ذلك حلمنا أن تكون بداية الفصل

الدراسي الثاني بداية جديدة أكثر أمنا، نعمل فيها على إنقاذ ما ميكن إنقاذه من العام الدراسي، بل من مستقبل جيل بأكمله.

Page 99: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

102

وتوجيه كانت، جهة أي من معنوي أو مادي دعم أي انتظار عدم <خالل من االجتماعي، والدعم النفسية للمساندة الذاتية اجلهود حصر األضرار في البيئة احمليطة، وزيارة بعض األسر املتضررة ورصد املادي الطالبات من حيث الضرر التي طرأت على أوضاع التغييرات اإلخوة، أحد أو األم أو األب استشهاد أو البيوت هدم في املتمثل وذلك لتعميم اجلديد من أحوال الطالبات على املعلمات، ليتم خالل الفصل الدراسي احلالي واألعوام التالية تقدمي الرعاية النفسية الكافية التي تضمن لهن االستمرار في الدراسة واالندماج في املجتمع املدرسي

وكذلك احمللي.جمع يتضمن الذي لزميلتي«، »قلم مشروع انطالق عن اإلعالن <التبرعات من الطالبات واملعلمات من قرطاسية وزي مدرسي أو حتى مالبس وحقائب وأحذية وألعاب وغيرها الكثير، ومن كل ما يفيض فقدن الالتي للطالبات تقدميه ليتم احلال، امليسورة األسر حاجة عن ومالبسهن املدرسية حقائبهن فقدن ومعه يؤويهن، كان الذي البيت حتدد بحيث ممنهجة، بطريقة العملية تتم أن على ممتلكاتهن، وكل إحداها فرعية، جلان عنها وينبثق املشروع، على تشرف عليا جلنة جلمع التبرعات العينية والنقدية، وأخرى لرصد الطالبات املتضررات حسب بعدالة التوزيع تتولى وثالثة يحتجنه، الذي الدعم ونوع

االحتياجات.

،)2009/1/24( الثاني الدراسي الفصل أيام من األول اليوم وفي بالتوافد على املدرسة، وأيضا كان املوقف هائال -كما الطالبات بدأت معنى، من الكلمة في ما بكل العام- هذا بداية من األهوال اعتدنا يرتدين لم وبعضهن حائرة، وعيونهن واجمة، وجوههن الطالبات ليس عليها، اعتدتن التي احلقيبة تلك يحملن لم بل املدرسي، الزي

العمل والتطلع ملستقبل أفضل.التعليم إلى حرية التعليم الدراسي وتاوز مرحلة تسييس العام إنقاذ <

من قيود احلزبية املقيتة.

ولتحقيق هذه األهداف، صيغت خطة إجرائية1 تضمنت العمل على ما يلي:

> التعبير عن مشاعرنا نحن الكبار بكل ما أوتينا من بيان، ودون خجل من واقع مؤقت فرض علينا بقوة القهر واخلوف أو السالح، فاملصارحة باملشاعر املكبوتة ومكنونات الصدر لها دور كبير في إعادة بناء الذات، متهيدا لتكون أداة بناء ال معول هدم وفناء، هذا بالفعل ما مارسناه على

مدار األيام الثالثة األولى التي سبقت قدوم الطالبات للمدرسة.> التعامل مع الطالبات بروح األخوة والرحمة قبل كل شيء، مع إفساح أثناء احلرب، من خالل احلديث عن املجال لهن للتعبير عن تاربهن واألغاني واألناشيد والقصص باألحاديث النفسي والتفريغ املشاعر مع واحلركي، الرياضي النشاط ألوان ومختلف والرسم واأللعاب تعويد الطالبات على تقبل اآلخر، وعدم السخرية من مشاعر الغير،

ومواساة اآلخرين ومساندتهم بجميع الوسائل املمكنة.التحصيلي واالجتماعي، بحيث الطالبات مهما كان مستواهن تقبل <ارتفاع حتى أو كافة، واللفظي البدني العقاب أنواع استخدام يحرم الصوت بالـتأنيب، وبخاصة خالل الشهر األول، وعدم الضغط على الطالبات بأي شكل من األشكال مهما كان، ومن الضغوط الواجب البعد عنها عدم تكليف الطالبات بواجبات بيتية مرهقة أو امتحانات، وال إفراط ال »مبدأ مع متشيا الطالبات مع التساهل في التوازن ومع

تفريط«.

من تدريبات طلبة مدرسة التمثيل في مسرح احلرية في جنني.

Page 100: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

103

أغرب من الرسم ... .

باحلرب، اتصاوب أخوه والولد السجن، في أبوها البنت »هذه في بالطريق خلصت، ما لسة احلرب بس يزوروهم، يروحوا بدهم البنت على احلجر يرمي الولد اتفقوا شاطرين، األوالد وأسد، دبابة ويجرحها شوية علشان يتصلوا باإلسعاف ينقلهم على اجلانب الثاني،

ويزوروا حبايبهم هناك«.

ومبناقشة إيحاءات الرسم والقصة مع بعض التربويني، اتضح أن الطفلة وفي قائمة، تزال ال اعتقادها في فاحلرب اخلوف؛ من تعاني تزال ال اخلوف هذا على للتغلب االتفاق لضرورة واضحة إشارة القصة

واحلواجز، ومن ثم حتقيق األماني والرغبات.

لوحة يرسم أن دراسي صف لكل الفرصة أعطيت التالي، اليوم وفي في الطالبات مع املعلمات اشتركت وقد مترين، بطول كبيرة جدارية املدرسة، جدران على اللوحات علقت املطاف نهاية وفي الرسم، لساحات تصوير إلى األوساخ بسواد املتشحة اجلدران حتولت بحيث

املعركة بعيون األطفال.

كما أتيحت الفرصة للطالبات ليلعنب في ساحة املدرسة لساعات طويلة، التركيز على األلعاب اجلماعية، وكانت هناك متابعة فاعلة من وقد مت أعضاء الهيئة التدريسية واإلدارية كافة، من أجل دمج جميع الطالبات في هذه األلعاب، كما تركت الفرصة للطالبات للعب لفترة طويلة حتى تعنب، وطالبت بعض الطالبات بالذهاب للغرف الصفية لكي يتعلمن. عليها وإقبالهن فيها الطالبات اندماج شهدت التي األلعاب ومن بشغف، ما أسهم بشكل فاعل في التخفيف عن الطالبات، تلك اللعبة األلعاب أجمل من أنها على وأصر نلعبها، كنا يوم أذكر مازلت التي يشترك التي الوحيدة اللعبة كانت لقد بل أيام طفولتنا، مارسناها التي

فيها اجلميع بحماس:

ومتسك الدائرة، داخل إلى وجوههن كبيرة دائرة في الطالبات تلس إحداهن منديال وتدور من خلفهن وهي تنشد »طاق طاق طاقية تعيش فرسك الفرس. على راكب محمد جرس يا رن رن العربية. الوحدة

عن رضا أو تقصير؛ بل ألنهن أرغمن على ذلك بسبب تدمير منازلهن بقرار تأخر موعده، في املدرسة جرس يدق لم ممتلكاتهن. وفقدان إداري، ال أدري ملاذا؟ أهو من خوف من مواجهة الطالبات؟ أم إلفساح أم املوقف؟ ملواجهة وشجاعتهن أفكارهن لتجميع للمعلمات املجال

لترك الطالبات يلعنب مع زميالتهن؟

وأخيرا، دق اجلرس، وانتظم طابور الصباح، وقرئت الفاحتة، واستمع اجلميع للسالم الوطني بصمت غير معهود، ووجهت كلمة مقتضبة باسم اإلدارة املدرسية للطالبات حلثهن على تاوز املرحلة احلالية، واالنطالق نحو العمل واملثابرة، وانطلق اجلميع إلى الغرف الصفية حسب ما تقرر املأساة فصول من جديد فصل بدأ اخلطة. تنفيذ دور وجاء سابقا، اإلنسانية التي يعيشها أطفال فلسطني يتكشف، وتوزعت األنشطة لهذا اليوم ما بني رواية األحداث املاضية وتفريغ ما زرعته هذه األحداث من مشاعر متناقضة تاوزت احلزن والكآبة إلى الشعور بالقهر أو الالمباالة، بدأت أشعر أثناء مروري على الغرف الصفية أنني أدخل بيوتا ال فصوال، أسمع قصصا وروايات لم تصل إليها وسائل اإلعالم. كان اإلعالميون فيها أطفاال ال تتجاوز أعمارهم عشر سنوات؛ اجلميع يتحدث بانفعال كانت اآلن، إلى قائما واحلدث مستمرة الرواية فصول كانت لو كما من العديد هناك أن العلم مع والطالبات، املعلمات بني متتزج املشاعر للمعاناة وتعرضن املدرسة، فيه تقع الذي نفسه احلي يسكن املعلمات بالفعل أمهات، بل نفسها، إال أن جميعهن دسن على جراحهن وكن في بعض األحيان من أهل االختصاص في عالج الصدمات واألزمات االنفعالية، وأرى أنه من باب العدالة أن نقول إن بعض املعلمات كانت العامة، فقد انتهت، وحلرصهن على املصلحة املؤقتة قد عقود عملهن التزمن بالدوام في ذلك اليوم، ليكن إلى جانب طالباتهن ويقمن بالعمل

وفق ما سبق من ترتيبات حلني سد العجز في أعضاء الهيئة التدريسية.

ومن القصص التي سمعتها وأثارت أحزاني الشديدة، تلك التي روتها الثالث الصف في الطالبة سنوات، الثماني ابنة إعالو إميان الطالبة تطايرت دبابة، قذيفة نزلت أمان في املنزل في كنا »بينما األساسي: الغبار وانتشر كومة، وصارت طوابق ثالثة من املكون البيت حجارة لم خنقتني، الفسفور ورائحة صعبة الرؤية وأصبحت مكان، كل في أستطيع التنفس وشعرت بشيء دخل في رجلي، حاولت أن أمسك به الغبار، أره من شدة لم الشيء ألني ما هذا أعرف لم وأشده ألخرجه وأحسست بأمي إلى جواري، حاولت هزها لم ترد، فقد كانت مغمى مالمحه، أميز لم مؤمن بأخي أحسست أيضا جواري إلى عليها، أن أدركت عنه، انفصل قد أنه ألفاجأ أخي جسد من بجزء أمسكت أخي مؤمن أصبح أشالء مقطعة، بكيت بشدة، حسبت أن أهلي جميعا ماتوا، أتى اإلسعاف ونقلونا إلى املستشفى، أمي كانت بخير لم يصبها أي مكروه، وكانت حامال في شهرها الثامن، أخي استشهد وأنا أصبت

إصابة طفيفة«.

ومن األنشطة التي مت أيضا العمل عليها خالل األسبوع األول، التعبير األوراق وفرت قد املدرسية اإلدارة وكانت بالرسم، املشاعر عن واأللوان للطالبات لترسم كل طالبة رسمها اخلاص بشكل فردي. ومما الطالبة في الست، السنوات ابنة نغم عودة الطفلة أثار فضولي، رسم القصة الصف األول األساسي، فطلبت منها أن تفسر الرسم، فكانت

Page 101: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

104

سماح املعلمة فتصف األساسي، الثالث الصف في لندا الطالبة أما مجتهدة احلرب قبل »كانت بقولها: احلرب بعد حالها إليه آلت ما الوحدة، ال ثر وتؤن مكتئبة احلرب بعد املدرسة إلى واجتماعية، عادت احلديث تبادل الصفية، سألتها عن وحدتها وعدم األنشطة في تشارك مع زميالتها في الفسحة، أجهشت لندا بالبكاء، ثم قالت )أبي والبيت راحوا( ولم يبق لنا شيء حتى البيت الذي ظل أبي يبنيه سنوات طويلة ملاذا راح، غال احلياة؟ كل شي في هذه لنا بقي ماذا راح، بيديه وبناه وأجهشت كمان قتلونا املفروض ... أخطأوا لقد ....؟! تركونا

بالبكاء مرة أخرى«.

وتقول معلمة الصف األول األساسي باسمة احلاج )42 عاما( تصف عاما، 19 منذ األول الصف »أدرس احلرب: بعد طالباتها أوضاع لم أصادف طوال هذه املسيرة طالبة متزق دفاترها وكتبها مثلما تفعل دفاتر لتمزيق انتقلت دفاترها متزيق من انتهت فإذا إسالم، الطالبة تكسر آالء فالطالبة عندي، الوحيدة احلالة هذه تعد وال زميالتها. انتهت الغرابة عجزت عن معاجلتها، األقالم ... حاالت في غاية احلرب منذ شهر تقريبا، كل يوم أعطي آالء قلما وإسالم دفترا؛ وال فائدة، بدأت أفكر في أن أعالج املوقف بطرق أخرى، ولكني بحاجة مبديرية التربوي اإلرشاد وقسم االختصاص، ذوي من أكبر لدعم

التربية والتعليم«.

وعلى الرغم مما تركته احلرب من آثار نفسية سيئة، فإن هناك بارقة أمل كان فقد وتصميمها، إعالو إميان الطالبة عزم في هذا ويظهر دائما، مما قالته ملعلمتها سماح أبو نعمة بعد لقاء فردي جمع بينهما: »رغم ما

حدث، سأجد وأجتهد في دروسي، وسأغيظ األعداء«.

يبق سوى شهرين، واآلن نسابق األيام، لم نهايته، العام على شارف عن الناشئة االجتماعية العالقات في الصدع لرأب ملاذا؟ ندرى ال التزموا أساسيني معلمني محل ليحلوا جاءوا مساندين معلمني تعيني قبل الكبار على للحرب السلبية النفسية اآلثار لعالج أم باإلضراب؟ أم التعليمية؟ العملية بأقل اخلسائر املمكنة في العام الصغار؟ أم إلجناز الستخالص العبر من األهوال التي مرت بنا خالل هذا العام العصيب جسور لبناء أم مشابهة؟ ألزمات حتسبا الالزمة االحتياطات وأخذ وأعمق وطلبتهم، باملعلمني متمثلة التعليمية العملية أركان بني املودة بعيدا املجتمع؛ التربوية في املدرسية والقيادات من ذلك بني اإلدارات النفسية والطمأنينة التربوي لألمن وطلبا السياسية التجاذبات عن التربوية عن املؤسسة ملسؤولية والطلبة، وحتقيقا املعلمني على مستقبل

األحكام اخللقية التي تشيع في املجتمع الفلسطيني؟

رحمة محمد عودةمركز القطان - غزة

الهامش

ودالل عودة رحمة بني لألفكار مشترك بتبادل اإلجرائية اخلطة وضع مت 1الوحيدي؛ كونهما تعمالن في إدارة مدرستني حتمالن االسم نفسه »الكرامة«،

وتشغالن املبنى نفسه، إحداهما أساسية دنيا، واألخرى أساسية عليا.

الهندي املشكشك بالوردي والورد مو عندي. الله ال يضرك يا درة يام اخلدود احملمرة. والثعلب فات فات في ديله سبع لفات. غمضوا عنيكم اجلالسات الطالبات إحدى على مبنديلها الطالبة تلقي ثم حلوين«، يا

لتأخذ هذه الطالبة الدور وتعيد كرة النشيد واجلري.

األمل انتظار في اجلميع حال للسان ضمنية إشارات اللعبة هذه في لتحقيقها اجلميع ينتظره الذي املغوار الفارس بالوحدة، وذلك املنشود العدو، وصراع األخوة، وكل املتمثل في املاكر الثعلب والتغلب على ما يهدد أمن الصغار، يستمتع األطفال بترديد أغنية هذه اللعبة ويتمنى

الكبار أن تتحقق اآلمال.

وإضافة إلى كل ما سبق، فقد جاء دعم نفسي من نوع آخر، فقد أرادت الرابع للصف الرياضيات معلمة عاما(، 23( سلمان صابرين املعلمة األساسي زيارة أسرة الطالبة آالء احلبشي ابنة السنوات العشر، والطالبة في أحد الصفوف التي تقوم بتدريسها، وقد القى قرارها قبوال. وعن الدافع الثاني الدراسي الفصل أيام من يوم أول »في املعلمة قالت الزيارة لهذه دخلت فصلي، وإذ بالطالبات يتدافعن علي ليروين لي ما حدث معهن، أمسكت الطالبة آالء بجلبابي وقالت والدموع متأل عينوها »أبي مات وبيتنا تهدم«. لم أمتالك نفسي ولم أحتمل هول املوقف، أحسست أن أحد أعز أحبابي يقول هذا الكالم، ضممتها إلى صدري وقلت لها: والدك شهيد يجب أن تفتخري به، أنت اآلن أفضل منا جميعا، هو في اجلنة وسوف يشفع لك ولسبعني من أهله، وهدأت من روعها وطلبت منها أن تروي لنا ما حدث، تعاطف معها اجلميع من طالبات ومعلمات، وفي االستراحة جاءت إلي بعض الطالبات وقلن إنهن يرغنب بزيارة آالء في املنزل وتعزية

والدتها، وعرضن علي املشاركة في هذه الزيارة فلم أتردد«.

املدرسة مديرة »أبلغنا الزيارة: تفاصيل عن صابرين املعلمة وتقول لهم العزاء لتقدمي احلبشي آالء الطالبة ألسرة بزيارة بالقيام برغبتنا واملعلمة أنا وذهبنا وشجعتنا بحماس، فوافقت األب، باستشهاد الرابع. بالصف أبو بكر وخمسة من زميالت آالء الكيالي ونفني غادة القصف بفعل تهدمت قد كبيرة أجزاء فيه التواضع، البيت شديد كان وكانت العامة، الثانوية في الطالب وابنها األم استقبلتنا اإلسرائيلي، األم صابرة، وشكرت لنا قدومنا ملواساة األسرة في مصابها، وروت لنا ظروف استشهاد األب«. وعندما سألنا عن املعيل لألسرة بعد استشهاد

األب، قالت: الله حسبهم ونعم الوكيل وهو ال ينسى أحدا.

التدريسية والهيئة املدرسية اإلدارة بذلته الذي اجلهد من الرغم وعلى ال النفسية واآلثار شديدا، كان اخلطب فإن الطالبات، عن للتخفيف تزال أثقل من أن يحتملها كاهل الطالبات الصغيرات املثقل باألحزان. التربية معلمة عاما(، 22( نعمة أبو سماح املعلمة تقول ذلك وعن الثالث الصف في طالبتي »إميان األساسي: الثالث للصف اإلسالمية األساسي مؤدبة ومتفوقة؛ بعد احلرب صارت عدوانية تضرب زميالتها أدواتهن بسرقة تقوم فهي أكثر من ذلك، بل إيذاءهن، وتتعمد بعنف املدرسية. وفي لقاء فردي مع الطالبة روت لي القصة وهي تبكي خجال الهرب استطعنا بداخله، ونحن بالكامل وتدمر قصف »بيتنا تفعل مما نرتديها عندما هربنا كنا التي املالبس بسالم، اآلن ال منلك شيئا سوى

من القصف ... ال يوجد عندي أدوات مدرسية«.

Page 102: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

105

أنه قد وقع فأيقن اجلميع املدني، صفارات سيارات اإلسعاف والدفاع غير وقوعه أن على راهن قد البعض كان وإن يتوقعه، اجلميع كان ما

معقول.

الفترة طالب معظم وكان بقليل، عشرة احلادية بعد الساعة كانت الصباحية قد غادروا إلى بيوتهم وكان طالبنا داخل الفصول الدراسية، فهاجوا وماجوا، واجتهد املعلمون في بث الطمأنينة في نفوسهم، ولكن دون جدوى، فقد كان األمر أكبر من أن تتم السيطرة عليه. وما هي إال

كان طالبي في انتظار خروج طالب الفترة الصباحية ليحلوا محلهم على مقاعد الدراسة في الفترة املسائية، هذا يلهو مع زميله، وذاك يراجع مع زميله النشاط البيتي، وثالث يدرس أسئلة املراجعة نظرا لقرب اختبارات املكان، انفجارات عدة عنيفة هزت الفصل األول. وفجأة دوت نهاية طمأنة املعلمون وزمالئي أنا فأخذت حدث، قد قويا زلزاال وكأن -كما وهمية غارات أو طائرات تفريغ إال هو ما هذا بأن الطالب استؤنف الوهمية، ولكن الغارات مثل هذه تعودنا على فقد يقولون- ودوت الدخان، سحب وتعالت مكان، كل في االنفجارات دوي

الفاخورة .. معاناة شعب وفاجعة طالب

بسام صاحلة

اليوم هو يوم السبت 27 من كانون األول 2008، وغدا سيستمتع طالب مدرستي بإجازة رأس السنة الهجرية )1430(، وكان بودهم لو أخذوا أقاربهم ليزوروا الوقت من متسع لديهم يكون وبذلك الهجرية، السنة بعطلة رأس اجلمعة يوم ليصلوا عطلة غد بدال من اليوم اإلجازة هذا خارج مخيم جباليا، ولكن ال بأس، فقد اتفقت مع بعض طالبي أن نستغل اإلذاعة املدرسية للحديث عن الهجرة النبوية وربطها بهجرة الشعب

الفلسطيني عن وطنه، فتكون لديهم فكرة جيدة عن مناسبة هذه العطلة التي سيتمتعون بها.

Page 103: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

106

لم ما املدرسة محيط في حدث ،2009 الثاني كانون 6 الثالثاء يوم يكن باحلسبان، فغرب املدرسة توجد ساحة واسعة، يليها شارع ضيق الشارع وتلك السالطني والعطاطرة، وكان هذا املدرسة مبنطقة يوصل للمدرسة، للجوء املنطقتني تلك من اجلدد بالقادمني يغصان الساحة وفجأة وأنا في داخل املدرسة شعرت كأن زلزاال ضرب املدرسة، وإذا بعدد من الناس الذين بالداخل تسيل من أجسامهم ورؤوسهم الدماء، أراه منهم، ظنا مني أن هذا كل شيء، ولكن وحاولت أن أسعف من ما وكان املدرسة، خارج من والصراخ واالستغاثات النداءات جاءت رأيته داخل املدرسة إمنا هو فقط من تطاير شظايا االنفجارات والقنابل. خرجت مسرعا إلى اخلارج، حيث الساحة والشارع الضيق، ويا لهول ما رأيت! رأيت جثثا وقطعا آدمية ودماء وأشالء وال أدري ماذا أقول أو أصف. لقد كان املوت في كل مكان، وكان من الصعب التعرف على الشهداء من شدة متزق اجلثث وكثرتها واختالط بعضها بالبعض اآلخر، لها أنى ولكن الفور، على املدني والدفاع اإلسعاف سيارات وجاءت أن تستطيع التعامل مع هذا العدد الضخم من الشهداء واجلرحى! وكان الشهداء ثالثة من بالنسبة لي أن وجدت من بني إيالما املناظر أكثر من طالب أحد الصفوف التي أعلمها، رأيتهم مضرجني بدمائهم، وصرت أحياء -كأني بتصويرهم وهم أنني قمت وأستذكر أستذكر صورتهم، شهداء وهم جثثهم بتصوير فقمت سيستشهدون- أنهم أعرف كنت باستخدام جهاز اجلوال اخلاص بي. ومن يومها ال تكاد صورتهم تفارق مخيلتي، وقد آثر زمالؤهم -بعد انتهاء العدوان وعودتهم للمدرسة- أن ال يجلس أحد على مقاعدهم، وأن يضعوا اسم كل منهم على مقعده.

بعد هذا احلادث مباشرة وحتى يومنا هذا لم تهدأ وسائل اإلعالم احمللية نهارا- وهي تطلبني ألروي لهم ما حدث، أو والعربية والعاملية -ليال داخل كنت أني من الرغم على احلادث على الوحيد الشاهد وكأني وسائل من كثيرا أن نظري لفت وقد القصف، حدوث وقت املدرسة

حلظات، حتى هرول الطالب خارج الفصول، ولم ميض إال وقت قصير حتى فرغت املدرسة من الطالب، ثم من املعلمني.

ا أن األمر سيستغرق يوما أو بضعة أيام، ولكن طال أمد العدوان، ظننولم يكتف بالقصف اجلوي، بل بدأ بالزحف البري على املناطق احلدودية وغير املكتظة بالسكان. وكان نصيب قرية بيت الهيا ومنطقتي السالطني والعطاطرة غرب مخيم جباليا هو النصيب األوفى من القصف والتدمير هذه في الناس فخرج والشيوخ، والنساء لألطفال باجلملة والقتل املناطق من بيوتهم وبساتينهم ال يلوون على شيء، ولكن أين يذهبون؟ أين يجدون األمن واألمان حتى تنتهي هذه األزمة ويعودون من حيث خرجوا؟ لم يجدوا -بحسب ما ظنوا- خيرا من مدارس وكالة الغوث القصف، ومن ينالها أن املستبعد ناحية هي مدارس من الدولية، فمن ناحية أخرى هي تابعة لوكالة الغوث الدولية التي هي بعيدة عن الصراع.

فهل وجدوا األمن واألمان حقا؟ لنر!

مني وطلبت الغوث، وكالة بي اتصلت العدوان من عدة أيام »بعد املساعدة في إيواء الناس الذين يفرون من القصف في مدرستي، مدرسة املنطقة معلمي من مناسبا أراه مبن االستعانة مني وطلبت الفاخورة، ومعلماتها، فاتصلت بعدد من املعلمني الذين أعرفهم، فوافقوا جميعا دون استثناء، وكان ذلك في الصباح الباكر، فذهبت للمدرسة وفتحت أبوابها، ولكني لم أجد أحدا هناك، فقد جلأ كثير من الناس إلى مدرسة بيت الهيا االبتدائية لالجئني، ألنها أقرب إليهم من مدرسة الفاخورة، وبعد حلظات بدأ زمالئي في املجيء إلى املدرسة، ثم ما لبث أن انهالت اجلموع من البشر على املدرسة من كل حدب وصوب. ولم تكن هناك األطفال أن لدرجة أغطية، أو مالبس أو غذائية مواد أية البداية في القارس، البرد الدراسية في الغرف ليلتهم على بالط باتوا والنساء قد

ثم ما لبثت املساعدات أن أتت شيئا فشيئا.

Page 104: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

107

فيه. غارقني كانوا الذي الكئيب اجلو من الطالب أخرج ممتع عائلي كررت تربة هذا اليوم لليومني الثاني والثالث، وكان مفعولها كالسحر

في نفوس الطالب.

وخالل هذه األيام الثالثة فكرنا -أنا وطالبي- فيما ميكن أن نقدمه لزمالئنا الشهداء وفاء ومحبة، واستقر الرأي على الذهاب إلى بيوت العزاء اخلاصة األكاليل معنا وأخذنا الصف طالب مع ذهبت وقد الثالثة، بالشهداء اتفقنا على عمل صورة مكبرة تمع العزاء لذويهم. كما وقدمنا واجب ثالثتهم وتعليقها في الفصل حتى ال ننساهم أبدا. وكذلك إحياء ذكرى األربعني عندما يحني هذا املوعد، حيث نذكر مناقبهم ومآثرهم، ونذكر

ما ينتظرهم وأمثالهم من الشهداء من ثواب عند الله سبحانه وتعالى.

أما فيما يتعلق باملنهاج املدرسي، فقد اتفقت مع زمالئي مدرسي اللغة يتم بحيث الفصلية، اخلطة على التغييرات بعض إجراء على العربية حتكي التي طوقان لفدوى »حمزة» قصيدة مثل الدروس بعض تقدمي ملناسبة هذا ابنه؛ بيته وسجن بابن عمها حمزة من هدم اليهود فعله ما

املوضوع للظرف الذي عشناه أثناء العدوان وبعده.

توضيحي درس تنفيذ على املادة وموجه املدرسة مدير مع اتفقت كما اللغة تدريس في اجلارية واألحداث واللعب التخيل بتوظيف خاص

العربية، ومت اإلعداد للدرس وسيتم تنفيذه قريبا.

ما يكتب أن طالب كل من فطلبت والرسم، الكتابي التعبير أنس لم أحدهم: أو الثالثة الشهداء عن أو العدوان أثناء حدث عما له يروق كما ... والتطلعات األمنيات واألحاسيس، املشاعر جرى، ما ذكر طلبت منهم أن يرسموا ما يروق لهم حول هذا املوضوع، وقمنا بتعليق

رسومات الطالب على جدران الفصل.

للبحث القطان ملركز عالجية ترفيهية رحلة الفصل لطالب ونظمت مي د. قامت حيث ،2009 شباط 23 االثنني يوم التربوي والتطوير الكتابي والتعبير الشفوي احلديث بني تراوحت أنشطة بإدارة نايف واقعي محلي فيلم مشاهدة ذلك أعقب احلركية، األنشطة وبعض الطالب انتباه شد خليفي، ميشيل للمخرج الثالث» »اجلواهر بعنوان

وأخرجهم من دائرة الكبت واحلزن.

فترة كل بني تتعرض فبالدنا املقام، هذا في كلمة من بد ال وأخيرا، وأخرى ألحداث ومآس جسام، وال يبدو في األفق أن هذه األحداث ملا يجب اآلن يدعونا ذلك ألن نخطط جيدا من أال واملآسي ستنتهي، القيام به قبيل وقوع األحداث، وما يجب عمله أثناءها، وكيف نتصرف بعدها، ونوحد الطاقات، ونوفر اإلمكانات الالزمة لذلك، حتى نتجنب ما أمكن من اآلثار السلبية ملثل هذه األحداث على طالبنا خاصة، وعلى

أبناء شعبنا عامة؟ أرجو ذلك.

بسام حسني صاحلةمدرسة الفاخورة - مخيم جباليا

* الصور الواردة في هذة املقالة مستلة من أرشيف صحيفة »األيام« الفلسطينية.

غريب خبر وكأنه احلدث مع تتعامل كانت كلها- أقول -وال اإلعالم يريدون التسابق على نشره، دون النظر إليه كحادث مروع يعكس حجم شعبنا يعيشها التي املأساة وحجم اإلسرائيلي، لالحتالل الوحشية يعتبرون املراسلني من كثيرا أن شعرت بل عليه، يقع الذي والظلم

مهنتهم كأي مهنة أخرى كاحلدادة والنجارة والبناء وغيرها.

وأخيرا وضعت احلرب أوزارها، ووقف القصف والدمار، ولكن آثاره لم تزل في نفسي ووجداني أوال، وفي نفوس طالبي الذين صحوا من هذا الكابوس ليجدوا ثالثة من زمالئهم في الفصل الثامن قد فارقوهم كبير وعدد آخرين طالب جانب إلى البشعة، املجزرة هذه في شهداء ثالثة من فارقنا لقد أو جوارها. املدرسة داخل كانوا الذين الناس من هم وأنبلهم، وهم بشار ناجي، وعصام أحب الطالب إلى قلوبنا، وأرقأليمة واحلدث جلل، حضر الفاجعة ديب، وعاهد قداس. لقد كانت الطالب للمدرسة ودخلوا الفصل وكأنه غريب عنهم، دخلوا يقدمون رجال ويؤخرون أخرى، وأخيرا جلس كل واحد في مكانه دون أن ينبس ببنت شفة، مطأطئي الرؤوس، عيونهم تذرف دمعا حارا، ولم يفتحوا كتابا أو ميسكوا قلما، ثم ما لبث أحدهم وأخرج أوراقا وقلما كتب على كل ورقة منها اسم واحد من الشهداء الثالثة وألصقها على املقعد الذي

كان يجلس عليه.

وقررت طالبي، يعانيه ما أعاني أنني من الرغم على نفسي متالكت وأجعلهم الكئيب، اجلو هذا من الطالب هؤالء يخرج شيئا أعمل أن وقلوبهم. التي متأل عقولهم الكبت من العظيمة الشحنة تلك يفرغون طلبت من الطالب إزاحة املقاعد ورصها في أطراف الغرفة، ثم أحضرت والطالب سويا أنا الغرفة، وجلست في وسط كبيرة وفرشتها حصيرة كان لو كما حرا حديثا الشهداء هؤالء عن نتحدث وجلسنا عليها، تداعي أفكار، ثم انتقلنا إلى احلديث عما جرى لكل طالب أو ألسرته أو جيرانه أو أقاربه أو أصدقائه بعفوية مطلقة، مع بث التشجيع وعدم الضعف أو اخلور لدى الطالب. وأثناء هذا احلديث ذي الشجون، كنت قد أرسلت طالبني إلى محل بيع الفالفل املجاور للمدرسة، لشراء اخلبز والفالفل جلميع طالب الصف، وما أن أفرغ الطالب جزءا من الشحنة التي بداخلهم حتى وصل اخلبز والفالفل، وجلسنا نأكل جميعا في جو

Page 105: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

108

للمشاعر امللتهبة احلاملة الطائرة.

مبكرا منوذجا يصنع أن حاول بل والطيران، بالطيور دافينشي حلم يفرحون، احمللقة، الورقية، بطائراتهم األطفال يسعد وكم للطائرة،

يتقافزون ويحدقون في السماء ويصنعون املستقبل باحللم.

فاخليال الركن األساسي في النشاط اإلنساني، وهو الذي ساعد اإلنسان على استكشاف العالم، ومحاولة السيطرة عليه.

أما أقدم اإلشارات على وجود اخليال اإلنساني، فهي رسوم الكهوف، وهي رسوم سبقت األساطير، وذلك الن الصورة سبقت اللغة الشفهية، اللغة التي سبقت اللغة الكتابية. وما ذلك إال »أحالم وكوابيس قدمية، لكننا لم نعرفها إال عندما جسدها اإلنسان القدمي في رسومه وأساطيره«

)ص:22(.

كانوا يرسمون ما جاء في عقولهم من صور، خالل حاالت الوعي املتغيرة املتعلقة بهم، يأتون بالرؤى املؤثرة، يحاولون اإلمساك مبا شاهدوه في أحالمهم وهلوساتهم. لكن ماذا عن اخليال من جانبه اإلبداعي املوجه نظامه اخلاص في يسير نحو إنه والتربية. والفنون في اآلداب والعلوم إنتاج إبداعاته التي كونت مسيرة التقدم البشرية حتى وصلنا إلى ما يعرف

باسم: الواقع االفتراضي.

»العقل ال ميكنه أن يعمل دون خيال«.»وما اخليال في جوهره إال تفكير في البدائل األخرى للواقع،وكذلك الراهن والراكد واملقيم واآلسن من األمور«.

اخليال، جوانب لبعض استكشاف محاولة هو الكتاب به يقوم ما إن بأي طريقة نظر إليه اإلنسان، وكيف فسره عبر التاريخ. فال أحد ميكنه »أن يحيط باخليال، إنه دائما يرفرف بجناحيه ويهرب من كل محاوالت واحلرية باإلبداع ارتبط ما غالبا حر طائر إنه والتحديد. اإلحاطة

واملستقبل وجوهر الوجود اإلنساني« )ص:10(.

اخليال ومفاهيمه

أجنحة بالسكون، بحركة باحلركة، ال إال يرتبط أن اخليال ال ميكن إن حالة من وضع، إلى وضع من احلركة املجنحة. واألحصنة الطيور، إلى حالة، احلركة كما تصورها أينشتني وموتسارت، حركة الطفل وهو

يجاهد ويناضل لينمو حتى يصبح إنسانا كبيرا مبدعا.

فسرها فقد يوجن أما جنسيا، تفسيرا الطيران، أحالم فرويد فسر لقد بدوافع الطموح والتفوق املوجودة في الالوعي اجلمعي اإلنساني.

أما الشعر فال يقوم إال على االستعارات والصور، فما الشعر إال دفق حر

تليات اإلبداع عبر اخليال

أمني دراوشة

اخليال .. من الكهف إلى الواقع االفتراضي عنوان الكتاب

د. شاكر عبد احلميد اسم املؤلف

الكويت: دار املعرفة، 2009 الناشر

515 صفحة من القطع املتوسط عدد الصفحات واحلجم

Page 106: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

109

وبشكل عام، يكون العمل اإلبداعي، محصلة للتخيل واخليال، واخليال مرتبط بالنظام والتكنيك، والتخيل مرتبط باحلرية النسبية، واملبدع احلق

هو من يجسد عمليتي التخيل واخليال في عمله.

أنواع اخليال

»ليس حضور اخليال هو العيب، العيب في غيابه أو محاربته من جانب »أعداء اخليال««.قال أرسطو: »ال توجد رغبة دون خيال«.

يورد د. شاكر عبد احلميد سبعة عشر نوعا من اخليال، وهي:يفهم بها الناس ما التي الكيفية عن ويتحدث االجتماعي: اخليال .1

يدور في العالم اخلارجي.2. املتخيل الثقافي: عن الكيفية التي ترى بها ثقافة معينة العالم، وترى

نفسها أيضا وسط هذا العالم.3. اخليال السياسي: ويرتبط بقدرة الساسة على طرح البدائل للخروج

من أوضاع راكدة.4. اخليال اجلغرافي.

اخليال التاريخي: عن الكيفية التي يستطيع بها املؤرخ أن يكتب عن .5املاضي الذي لم يعشه.

6. اخليال االقتصادي.البدني الرياضي. 7. اخليال

اللغوي واملجاز األدبية الصور بخيال املتعلق األدبي: اخليال .8واالستعارات.

9. اخليال التشكيلي.10. اخليال املوسيقي.11. اخليال االنفعالي.

التفاصيل وتفاصيل اخليال. 12. خيال 13. اخليال الفلسفي املتعلق بالتأمل والتحليق، وذلك من خالل اخليال

النافذ إلى النفس البشرية واحلياة والفنون وغيرها.وحرية والتدريب التجريب أساس على القائم التطبيقي اخليال .14

التفكير والتقييم بعيدا عن اخلوف من العقاب والفشل.15. اخليال التجريبي.

16. اخليال التجريدي: وهو مرتبط بالعلم واألدب والفن.17. خيال العتمة وخيال الضوء: فاخليال قد يعبر عن األحالم واآلمال،

أو الفزع والكوابيس واخلوف.

صعودا دوما، طريقها، و”تواصل ترفرف اخليال أجنحة وستبقى وهبوطا، مينة ويسرة، في ضوء الشمس وبني طيات الظالم، وهي دوما

لم ولن تكف أبدا عن التحليق والرفرفة” )ص:90(.

وفي الفصول املقبلة سيكون هناك بعض التحليق والرفرفة.

»عن طريق العقل واملنطق، منوت كل ساعة، لكن من خالل اخليال نحيا« )كيتس، ص:79(»هو أيضا جوهر الفن والفلسفة والوجود اإلنساني« )دريدا، ص:82(

إن الكتاب سيحاول أن يقدم إجابات عن الواقع االفتراضي.

الواقع االفتراضي

»عمليات طريق عن ولكن احلقيقي، الواقع يحاكي الذي الواقع إنه واألدوات والشاشات الكمبيوتر بعالم ترتبط رقمية إلكترونية التكنولوجية املتقدمة« )ص:28(. إن عوالم الكمبيوتر هي عوالم بصرية بواسطة خاللها، اإلنسان ويتفاعل يتأثر األبعاد، ثالثية للواقع قريبة احلركة، واللعب في بيئات افتراضية كاملعارك العسكرية وأعماق البحار والغابات ... . فالفن االفتراضي مثال، هو »النشاط الذي يسمح لنا، بأنفسنا ونندمج في بأن نستغرق التكنولوجيا، التفاعل مع ومن خالل

الصورة وعاملها، وأن نتفاعل معها أيضا« )ص:29(.

إن الواقع االفتراضي يؤثر على مستخدميه بتأثيرات واقعية، على الرغم من كونه ليس واقعا.

اخليال هو العقل العابر للحدود

ولكن ما هو معنى اخليال في اللغة العربية؟

للخيال معان كثيرة في اللغة العربية، فقد يعني: الظن، والظل، وخيل عليه: شبه. وأخال الشيء: اشتبه. فاخليال قد يعني الظل الدال على إن هناك القول البديهي الدالة على صاحبها، ومن الصورة أو صاحبه خلطا وعدم متييز بني اخليال والتوهم. فالوهم في لسان العرب يدل على اخليال مبعنى التخيل أو االعتقاد. ولكن بشكل عام يرتبط التخيل بحالة

عقلية والتوهم حالة مرتبطة باإلحساس.

بأنه: »حلم يقظة ينبعث التخيل الفانتازيا أو ويعرف قاموس أكسفورد نتيجة للرغبات أو االتاهات الشعورية أو الالشعورية، إنها العملية أو امللكة اخلاصة بتكوين التمثيالت العقلية لألشياء التي ال تكون موجودة

فعال« )ص:45(.

أما املتخيل حسب الكاتب، فهو »موضوع التخييل في حالة ما إذا كانت عالقتنا باملتخيل أكثر حرية، وهو كذلك موضوع اخليال في حالة ما إذا كانت عالقتنا باملتخيل أكثر حرية، وهو كذلك موضوع اخليال في حالة ما إذا كانت عالقتنا باملتخيل أكثر انضباطا وحتديدا وتبلورا« )ص:47(.

واملتخيل قد يكون فرديا أو جماعيا، ومتعلقا بحالة سوية أو مرضية.

العقلي والتجوال لالستكشاف »طريقة إال هو ما اخليال أن ويضيف على نحو إرادي مرن واحتمالي والعب بالبدائل خالل العوالم اخلاصة بالصور، واخليال في جوهرة عملية حتويل للصور، وعلى عكس احلال

في االعتقاد الذي يكون إما صحيحا وإما خاطئا« )ص:50(.

والكذب، والصدق والصواب اخلطأ بأمور كثيرا يهتم ال فاخليال التخييل على حتتوي التي الكلية العملية وهو ورحابة. حرية أكثر إنه والتخيل واملتخيل والعالم املتخيل الذي تول فيه عملية التخيل بحرية

ال محدودة في البداية.

Page 107: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

110

إنها ال تكون إلى عالم اخليال، العبور بها وتساعده على الطفل يتعلق لها املعنى نفسه في عالم الراشدين، بل تكون رمزا وتعبيرا عن شيء ما ولذلك وغيرها، والعصي اخلشبية اللعب ومنها مفقود” )ص:92(، للنقود، واملكعبات في الصغيرة كبدائل الطفل يستخدم األحجار نرى

بناء منازل متخيلة ... وهكذا.

يتبني اخليال عند األطفال في شتى اجلوانب، في ألعابهم، وفي كالمهم، وفي رسوماتهم، وفي قصصهم. وسوف نتطرق تاليا إلى بعض تليات

اخليال عند األطفال كما وردت في الكتاب.

األطفال واللعب: يعتبر اللعب ركنا أساسيا في حياة األطفال، وبخاصة عن االبتعاد أو للطعام، الفورية احلاجة من متحررين يكونون عندما وجود عن بياجيه السويسري العالم وحتدث حياتهم. تهدد أخطار مراحل أساسية للعب، هي: لعب املمارسة، اللعب الرمزي، األلعاب

ذات القواعد.

املمارسة، بلعب املرتبطة األشكال أكبر من احملاكاة لعب ويعتبر ويتضمن ألعابا حتدث املتعة. فمنذ الوالدة وحتى عمر السنتني، يكشف الطفل عن قدر كبير من احملاكاة لآلخرين، أو لنفسه، في سلوكه، من غير فهم واضح ملا تعنيه هذه احلركات. فاألطفال يحاولون االستكشاف من خالل اللمس واألصوات واملشاهدة، ويتذوقون األشياء وميضغونها أو أرضا، يرمونها ثم بها، ويلعبون ويقبلونها، ويلعقونها ويشمونها

يضعونها بعيدا عنهم.

والفرح، بالبهجة األطفال تشعر تسقط، األشياء بأن االكتشاف هذا وتعتبر للتعلم، مستمرة خبرة هو فاللعب جديدة. بقوة فيشعرون محاكاة تعبيرات الوجه واللعب باأليدي واألصابع جميعها أمثلة للعب

خيال األطفال

»حتى عندما متشي الطيور على األرض، فإننا نعرف أن لها أجنحة«.فيكتور هوجو

األطفال، عند اخليال دراسته من الثاني الفصل في احلميد عبد يتناول وينتج الثانية، سن بعد جلي بشكل األطفال عند اخليال يظهر حيث الذي اإلحباط نتيجة فيجوتسكي الروسي النفس عالم رأي حسب حديثو فاألطفال املباشرة. رغباتهم تشبع ال عندما األطفال به يحس هناك يحدث الطفل منو ومع الفوري، اإلشباع إلى يحتاجون الوالدة حتقيقها ومسألة تركيبا، أكثر تصبح وأمانيه الطفل فرغبات تغيرات، على رغباته تتحقق ال وقد للتحقيق، قابلية أقل تصبح مباشر بشكل ولكن حصان، ركوب في الطفل يرغب أن املمكن فمن اإلطالق. منعه عند باإلحباط ويحس غاضبا، فيصبح رغبته، حتقيق ميكن ال املثيرة الفجوة بتلك األطفال يحس وعندما والديه. قبل من ذلك من اإلشاعات وبني له، ويحتاجون يرغبون ما بني )Frustrated gab(فالرغبات اخليال، اللعب يتطور واحلاجات، الرغبات لهذه املتحققة غير القابلة للتحقق في الواقع، ميكن حتقيقها في عالم اخليال. ويصبح

بإمكانهم تخيل عصا ما كأنها حصان ميتطونه ... الخ.

وتوتراتهم، إحباطاتهم األطفال يصرف اخليال اللعب خالل ومن قادرا الطفل يكون الوقت بعض مرور ومع منها، نسبيا ويتحررون صحيح، والعكس اآلخرين، مكان نفسه يضع أن اخليال خالل من األشياء الطفل يستخدم أن وميكن األدوار، تبادل لعبة يسمى فيما املهمات “امللحقات املسرح عالم في تسمى التي واملوضوعات، املسرحية )Props( كمعينات مساعدة للخيال، إنها موضوعات انتقالية

مشهد من مسرحية »الناي السحري« ملجموعة متثيل دراغون في مسرح احلرية في جنني.

Page 108: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

111

ما« شيء على مقصود نحو على يسقط الذي اخليال أساس على نشاطات في امللحقات استعمال أيضا يعني واإليهام )ص:101(. فرسا تصبح فالعصا للتخيل، موضوعات امللحقات فتصبح خيالية،

يركبه الطفل.

وقد يقدم اللعب اإليهامي املساعدة لألطفال وحتى للكبار على مواجهة املشكالت التي يصادفونها في حياتهم الواقعية. ويقدم فرصة لنا ملمارسة األدوار التي نقوم بها أو نتمنى أن نصل إليها بحياتنا مثل لعب دور الطبيب

أو القائد أو األم ... .

قيامه نتيجة ويفهمهم اآلخرين مع يتعاطف املرء اإليهام ويجعل وإخفاقاتنا وأحالمنا اخلاصة مشاعرنا فهم في ويساعد بأدوارهم، آفاقنا توسيع ذلك عن وينتج اإليهامية. األدوار لهذه مشاهدتنا نتيجة

اإلنسانية، ويجعلنا أكثر توافقا مع أنفسنا وواقعنا.

امللحقات والشروط التعاقدية

يدوية ملحقات إلى: وتنقسم املسرح، عالم من مأخوذة امللحقات يستخدمها املمثل مثل املنديل والكتب واملسدس ...، ملحقات املنظر

مثل مطفئة السجائر، ملحقات التزيني مثل الصور املعلقة والستائر.

ويستعني األطفال بامللحقات في تنشيط لعبهم اإليهامي، مثل استخدام بالنشاط املهم ومن ركوبه. ميكن حصانا وتخيلها اللعب، في العصا أحد استخدام على أولي اشتراط أو الشرط، على يتفق »أن اإليهامي إذا أما السلوك، ينشأ ضوئها وفي معينة، إيهامية بطريقة امللحقات سيتوقف« اإليهامي النشاط فإن االشتراط أو الشرط هذا مثل رفض

)ص:107(.

العقلي للحكم املؤقت باإليقاف ذلك يعرف اخليال دراسات وفي تصبح أكبر، الطفل يصبح وعندما التصديق. عدم حالة أو املنطقي النمو ومع مميزة، لعبة في ومتكاملة مركبة املنفصلة البسيطة األلعاب أدوارا املركبة، ويلعب األلعاب أن يدخل اآلخرين قي الطفل يستطيع

وأدوارا معاكسة.

ومييل األطفال في سن الرابعة واخلامسة إلى تركيز ألعابهم حول هدف معني، فإذا لعبوا لعبة القراصنة، فإن اللعب يتركز حول اكتشاف مكان املالبس إعداد على التهيؤ اللعب ويتضمن املسروق أو املفقود الكنز أنشطة متكاملة ومتعددة السفينة ... وجميعها للعبة وصناعة املناسبة إلى كالوصول متخيلة، موضوعات أيضا اللعب ويتضمن األدوار.

الكنز واالحتفال بالنصر.

لعب الدور اإليهامي

يظهر اللعب عند سن الثانية وما بعدها، ويتبنى الطفل من خالله أدوارا مختلفة، لكنها مترابطة، مثل دور األم وطفلها أو سائق احلافلة، وهو من أشكال التعامل بني األطفال األصدقاء. وهذا النوع من اللعب يدل على الصداقة والتوجه نحوها. والتعاون في هذه األلعاب يحتاج إلى املرونة.

املمارسة. وهو توطئة للعب الرمزي كما يقول بياجيه.

عوالم إلى والدمى اللعب أساس على عوالم من بنموه الطفل وينتقل تقوم على أساس الهندسة واالقتصاد والسياسة واإلعالم، وبذلك ينمو العالم من ميتصها التي واملعلومات املواد كمية مع ويتطور، الطفل،

الواقعي، ونقلها إلى عامله املتخيل.

لكن العالم فيجوتسكي، خالف بياجيه مبا يطرحه، وقال: “إن السلوك اإليهامي املبكر ليس محاكاة رمزية، لكنه سلوك ميهد الطريق إلى الفهم فيه متخيال، موقفا الطفل يخلق اإليهامي السلوك فخالل الرمزي، “تفقد األشياء قوتها احملددة اخلاصة، إلى درجة أن الطفل يبدأ في األداء

على نحو مستقل عما يراه” )ص:95(.

خالل من فقط ليس سلوكه يوجه أن الطفل يعلم اخلاص األداء وهذا اإلدراك املباشر لألشياء، أو املوقف الذي يؤثر فيه بشكل مباشر، بل من

خالل املعنى اخلاص بهذا املوقف.

الكالم اخلاص عن اإلبداعي يقدم حتليله ذلك، بعد فيجوتسكي وشرع املتمركز حول الذات، حيث قال “هذا الكالم يعكس ميل الطفل أو نزوعه التغلب التخطيط أو محاولة اخلاص، وبخاصة عندما يكون منهمكا في باحليلة على عقبة ما، إلى أن يفكر بالكلمات، وأن املصير الذي يلحق بعد ذلك مبثل هذا النوع من الكالم ... يصبح متوجها إلى الداخل، ويصبح ضمنيا، يصبح كالما داخليا” )ص:97(. ذلك حلظة أن يفصل الطفل بني الكالم املوجه نحو التخاطب مع اآلخرين، والكالم املوجه من أجل خدمة التفكير الذاتي الداخلي. “إنه نوع من احلوار احلر اخليالي املرن اإلميائي مع الذات في ذلك، مقابل احلوار مع اآلخرين، الذي ينبغي أن يكون واقعيا

ومنطقيا، أو يتظاهر -على األقل- بأنه كذلك” )ص:97(.

حول املتمركز الكالم ملسار وحتليله فيجوتسكي، حديث خالل ومن كبتها يتم سيكولوجية وظيفة ليس له، بالنسبة اإليهام فإن الذات،

وقمعها أو إخمادها خالل املسار اخلاص بالنمو.

وأظهرت دراسة حلاالت مرضية ألطفال مبراحل مبكرة أن غياب اخليال املبكر، وليس وجوده، هو ما يدل على املرض. فمن األعراض املرضية ملرض التوحد، نرى الغياب الواضح للعب التظاهري، فالطفل املتوحد

ال يتواصل مع اآلخرين، ويكرر حركات منطية ثابتة.

لذلك علينا أن نسأل دوما عن الدور املهم لإليهام في األنشطة االجتماعية واملعرفية السليمة لدى األطفال والكبار على حد سواء.

واإليهام يعتمد على التظاهر واللعب واملراوغة، ويجلب املتعة، ويطور السلوك، وال يكون بهدف املراوغة ألغراض نفعية أو اخلداع، كما في

حاالت الكذب والتحايل وما إلى ذلك.

فما هو اإليهام؟

يقوم الذي واالنفعالي واحلركي العقلي النشاط من »نوع هو اإليهام

Page 109: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

112

أما بالنسبة للفترة الزمنية، فإن بشر اخليال وحيواناته، يتفاوتون في املدة الزمنية، فمنهم من يبقى فترة زمنية طويلة ساكنا في خيال الطفل، ويكون

رفيقا حلو املعشر، وآخرون يسكنون لفترة زمنية قصيرة وعابرة.

وميكن أن يزدحم خيال األطفال بالكثير من الكائنات )بشر وحيوانات(، يذهب بعضهم ليحل غيرهم محلهم. وقد يكون اخليال مزدحما لدرجة كبيرة يتضمن مجموعة من القطط أو جيش من سكان املريخ. والبعض فإنه الدراسات، حسب ولكن اثنني. أو واحد رفيق سوى لديه ليس

على األغلب يوجد لدى الطفل رفيقان أو أكثر قليال.

ثابتة نسبيا، ويضفي األطفال على بعض الدمى واحليوانات، شخصية ويعاملها كما لو كانت واقعية »فيتحدث إليها ويختلق لها صوتا خاصا

بها، ويوجهها أو يستشيرها حول بعض املشكالت« )ص:115(.

وحسب الدراسات، فإن الرفيق اخليالي القائم على أساس لعبة، ميكن أن يختلف عن اللعبة الواقعية، فيكون أكبر حجما وأكثر ألوانا وحركة النسبة »أن إلى تشير الكتاب، تناولها التي املبكرة والدراسات ...األطفال، بني فقط %13.4 هي اخليالي الرفيق ظاهرة لوجود املئوية أما الدراسات التالية فقد ارتفعت بهذه النسبة إلى 65% ... والسبب احملشوة احليوانات تستبعد كانت املبكرة البحوث أن هو هنا الرئيسي واللعب الواقعية من أن تكون موجودة ضمن هذه الظاهرة العامة بالرفيق

اخليالي« )ص:116(.

ظاهرة ضمن األشياء هذه تضع املوضوع، حول املستمرة والدراسات املميزة اخلصائص بعض كتابه في احلميد عبد وتناول اخليالي. الرفيق

لألطفال الذين يبتكرون رفقاء خياليني، وهي:

هؤالء أن عن حتدثت املبكرة والدراسات الشخصية: اخلصائص .1املسؤولية، يتحملون وال عصبي مزاج ذوي يكونون األطفال أثبتت احلديثة الدراسات لكن الظل، في يكونوا أن إلى ومييلون

عكس ذلك.هؤالء األطفال قدرة على تركيز االنتباه لدى يكون االنتباه: تركيز .2

أكثر من غيرهم.3. الذكاء: ميتازون بالذكاء الشديد.

أن هؤالء األطفال يكونون إلى الدراسات بعض أشارت اإلبداع: .4أكثر إبداعا من غيرهم.

الذين الوحيدين، األطفال لدى الظاهرة تكثر األسرية: اخللفية .5أكثر لديها التي األسر في أيضا حتدث ولكنها أخوة، لديهم ليس

من طفل.من أقل التلفزيون يشاهدون األطفال هؤالء التلفزيون: مشاهدة .6وظيفة تشبه التلفزيون وظيفة ألن وذلك األطفال، من غيرهم

الرفيق اخليالي، فكالهما يقدمان الصداقة واملتعة.على التلفزيون يحدثها التي السيئة األضرار على ذلك ويدلل .7

اخليال.8. النوع أو اجلنس والرفيق اخليالي: حتدثت بعض الدراسات على أن البنات لديهن بشكل أكثر من األوالد ظاهرة الرفيق اخليالي. ولكن دراسات أخرى أشارت إلى أن ذلك يكون في األعمار املبكرة، ألنه

ويقول عبد احلميد إنه »ينظر إلى األطفال الناجحني واملشاركني بفاعلية ومن محبوبون، أنهم على زمالئهم جانب من النشاط هذا مثل في

جانب مدرسيهم على أنهم اجتماعيون بدرجة عالية« )ص:109(.

بأنه الدور، لعب ملعنى هاريس العالم تعريف احلميد عبد ويورد الدور بأداء مؤقت، نحو وعلى الطفل، خالله يقوم إيهامي »لعب متخلية« أو إيهامية وأقوال أفعال وباستخدام آخر، بشخص اخلاص

)ص:109(.

املرحلة أن إذ هنا، به اخلاص الدور الطفل يحدد أن بالضرورة وليس الصريحة إمنا تظهر بعد ذلك في سن الثالثة أو الرابعة. ولكن هنا يجب أن نستدل على الدور الذي يلعبه الطفل من خالل األنشطة اإليهامية التي

يقوم بها أو موافقته لالقتراحات التي يقدمها العب آخر مشارك معه.

وهناك العديد من املظاهر التي تدلل على نشاط اخليال عند األطفال ما بني اللعب اإليهامي، ولعب الدور، وسماع القصص، وغيرها. ولكن هناك

ظاهرة ملفتة لالنتباه درسها العلماء، وتتعلق مبا يسمى بالرفيق اخليالي.

الرفيق اخليالي

الثانية سن بني الدور بلعب اخلاص اإليهامي النشاط األطفال ميارس والثالثة، وهو عادة يكون نشاطا مؤقتا، ففي أي حلظة قد يتخذ األطفال

دور الطفل الرضيع، أو البطة األم ... .

اخلاص النشاط من محير نوع مبمارسة يبدأون األطفال بعض ولكن بلعب الدور، فهم يلمحون إلى وجود كائن متخيل هويته ثابتة ومستمرة منتظمة، بطريقة الكائن ذلك استحضار ويتم عدة، شهور عبر معهم

بحيث يصبح رفيقا مالزما للطفل.

ويورد الكاتب تعريف الباحثة سفيندسون للرفيق اخليالي بأنه »الشخصية خالل إليها ويشير خاصا، اسما الطفل عليها يطلق التي املرئية غير محادثاته مع اآلخرين أو يلعب معها مباشرة فترة من الزمن، على األقل عبر شهور عدة، ويكون لها حضورها الواقعي بالنسبة إلى الطفل، ولكن

من دون أساس واقعي موضعي واضح أو مشاهد« )ص:112(.

غير خيالي رفيق لديهم الذين األطفال أن سابقا السائد االعتقاد وكان دراسة ولكن اجتماعية، سلوكية اضطرابات من يعانون أو أسوياء أو الشخصية في دالة فروق ال أن أثبتت تايلور مارجوري لألمريكية الرفيق اخليالي، والذين ال الذين يخترعون املزاجية بني األطفال احلالة

يفعلون ذلك.

لكن من يشغل احلياة اخليالية لألطفال؟

شخصياتهم تطور مدى في متفاوتني ويكونون واحليوانات، البشر وحيويتهم، وكذلك بعدهم أو قربهم من العالم الواقعي. فالبعض قد اآلخر والبعض الواقعي، العالم في منه مقرب شخص صورة يتخذ

يستخدم شخصية خيالية من فلم كارتوني أو من كتاب ...

Page 110: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

113

املجتمعات وظاهرة اخليالي الرفيق ظاهرة بني الباحثني بعض وميز املتخيلة من حيث أن األولى تتعلق بفرد واحد أو اثنني، وتنسى بسرعة، الثانية أكثر تفصيال، وتضم كائنات كثيرة ومتنوعة، ويتم تذكرها بينما

لسنوات طويلة.

كما ترتبط ظاهرة الرفيق اخليالي أكثر بالطفولة املبكرة من 2-6 سنوات، 12-6 من في مرحلة وسيطة ومتأخرة تكون املتخلية املجتمعات بينما

سنة.

اخليال االفتراضي التكنولوجي واألطفال

يشير عبد احلميد في الكتاب إلى بعض الدراسات احلديثة، التي تتحدث مهارات األطفال لدى تنمي بكونها احلديثة، الفيديو ألعاب فائدة عن الناقد، والتفكير املشكالت، وحل القرارات، اتخاذ منها عدة، واإلبداء، واملثابرة أيضا، وكل ذلك في جو خيالي مليء باملتعة واإلثارة، نتيجة تتابع الصور واألحداث السريع، لكن -حسب رأي الكاتب- كل عالم في يعيش ويجعله الواقع، عن انفصاال الطفل لدى يحدث هذا

خيالي، في وقت عليه أن يعد نفسه لدخول العالم احلقيقي.

األبحاث معظم التي باأللعاب، املوجودة والقسوة العنف عن عدا واألسر تعترض عليها، وال تهتم وال تعترض على اجلانب االنسحابي،

والهروب من الواقع الذي يعيشه الطفل داخل هذه األلعاب.

كلما زاد العمر زادت أعداد األوالد الذين لديهم هذه الظاهرة.9. اتاه الوالدين نحو اخليال: تشجيع الوالدين للسلوك اخليالي يعززه

لدى األطفال، والعكس صحيح.ونوعه وحجمه اخليالي الرفيق عمر يكون األغلب على العمر: .10

مساويا للطفل الذي يبتكره.

بأفعال ويقومون محبوبني، وأطفاال سعداء اخلياليون الرفقاء ويكون مضحكة وغريبة وسخيفة أحيانا.

ويقول عبد احلميد: إن ظاهرة الرفيق اخليالي تستمر أحيانا شهورا عدة عند البعض، ولكن عند البعض اآلخر قد تستمر سنوات عدة. ولكنها ظاهرة تختفي يوما ما. وهي مسألة تتعلق بفقدان االهتمام “وحتول نشاط اللعب نحو أمور أخرى ورفقاء آخرين أكثر واقعية، مع تزايد األحداث

واخلبرات امللموسة احملسوسة” )ص:120(.

اخليالية لألطفال األنشطة تذهب بعض العاشرة، أو التاسعة فعند سن املجتمعات أو اخلفية العوالم إلى اخليالي الرفيق ظاهرة من أكبر إلى

املتخيلة.

العوالم اخلفية أو املجتمعات املتخيلة

وهي مجتمعات إما تكون موجودة وإما يتم ابتكارها لتعيش فيها كائنات وستيفن سيلفي روبرت الكاتبان به قام ما الكتاب وتناول خيالية. مجتمعات على تشتمل حالة دراسة 64 بجمع قاما حيث ماكبث، ذكور نصفهم األطفال، من و3 الراشدين من 61 ابتكرها متخيلة،

والنصف اآلخر إناث.

واهتم الكاتبان أساسا بتلك العوالم اخلاصة التي:

1. يتعرفها األطفال على أنها خيالية بشكل ال شك فيه.2. تستأثر باهتمام الطفل فترة طويلة من الزمن.

3. لها أهمية عظيمة لدى الطفل، ويستمر اهتمام الطفل بها فترة طويلة.

األفكار في جاءت التي املتخيلة املجتمعات هذه في تنوع هناك وكان املقدمة: »فمن بني احلاالت األربع والستني التي درسوها، كانت هناك وكان السحر(، بفعل )أنشئت سحرية بأماكن تتعلق حالة عشرة سبع هناك خمسة وأربعون مكانا طبيعيا أيضا، ثم كان هناك مكانان ميزجان بني األماكن الطبيعية واألماكن املسحورة ... وبعض العوالم التي تقوم

على أساس وجود لعبة أو دمية ..« )ص:121(.

ورشح عن الدراسة معلومات مهمة منها:

1. عمر الذروة في خلق العوالم املتخيلة هو سن التاسعة %74.19% منها مت خلقها ما بني سن الثالثة والسادسة. .2

.16-13 7% منها مت خلقها ما بني سن .34. في بعض العوالم حرص بعض األطفال على مشاركة الكبار فيها،

والبعض اآلخر اعتبرها أمورا خاصة به.من فعاليات مدرسة غزة للموسيقى.

Page 111: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

114

من سلسلة في للصور تكوين »على احملاكاة وتشتمل باحملاكاة، كذلك قادرة وهي الواقعية، احلياة في حتدث أن ميكن التي األحداث صور ترجمة وعلى عقلية، صور إلى اجلسمية احلاالت حتويل على

األحالم أيضا إلى أنشطة ال شعورية وال إرادية« )ص:158(.

وهنا عنها. واالبتعاد العادية مهامه من بالتحرر اخليال يقوم وعندها القرن املاضي. إن التي ظهرت خالل نقترب من مفهوم عملية اإلبداع ليس على نشاط حر »ولكن إال ما هو أرسطو حتى كانط، منذ اخليال نحو مطلق كما أشار بيكون، وقد استمر األمر هكذا حتى وصلنا إلى ما يشبه اإلجماع على أن اخليال هو نوع من املمارسة للحرية العقلية. وأن

هذه املمارسة تتم بطرائق عدة« )ص:183(.

اخليال األدبي

يورد الكاتب في مؤلفه قصة صينية قدمية، تعبر بكلمات قليلة جدا عن معنى اخليال في األدب. فاخليال يخلق شيئا جديدا. لذلك، فاإلبداع واخللق والتوليد هو ما مييز اخليال عن االستحضار واالستعادة عن مجرد معنى وللخيال شعرية. هيئة على مرة كل في يأتي فاخليال اإلنتاج. للعمل التوليد هنا واملقصود الدؤوب، واجلهد الصعب بالعمل يتصل

اخليالي بقوة الرسم والتشكيل بفعل األداء اخليالي ذاته.

قد كان التي النظرة »تلك ذاته إلى املرء، إلى يرجع كأنه هنا واخليال بحيث يوجه، الذي األدائي املركب هو أو معني، شيء نحو وجهها الشعري الشعرية )ص:221(. فاخليال للذات يعمل كمرآة غير مرئية يتسبب في حدوث مضاعفات للخيال والصور، وذلك من خالل توليد »يعتبر ولذلك لها. الكامل التجلي حاالت في الشاعر لدى األشياء اخليال الشعري نسخة مضاعفة للخيال في حاالت نشاطه اخلاص لتفهم

األشياء وإدراكها، وهذه هي حالته دائما« )ص:222(.

ولكن أين هي القصة الصينية القدمية التي ستختصر الكثير من الكلمات؟»كان يا ما كان، حلمت ذات مرة، أنا تشوجن زو، أنني فراشة، حتلق هنا وهناك، وترفرف بجناحيها ثم حتلق هنا وهناك، ثم استيقظت فجأة من أنني بأنه فراشة، أم نومي، وإلى اآلن ال أعرف هل كنت إنسانا يحلم

فراشة حتلم، اآلن بأنها إنسان«.

أشباح العقل وأشباح اخليال

»كان موضوع األشباح من أكثر املوضوعات تعذيبا لي عبر حياتي«.جيرمي بنتام»تنشط الشياطني على خيال اإلنسان حتى يصبح كل شيء على غير حقيقته«.توما األكويني

تنتج األفكار اإلبداعية في حالة توحد بني الواقع واخليال، واملبدع يحاول لكي بيديه، ميسكها أن احلالة، تلك يلتقط أن قوة من أوتي ما بكل يجسدها في أعماقه. وكان هيبوليت تني يقول »إن اإلدراك اخلارجي هو نكون بينما »إنه بورخيس لويس وقال )ص:252(. حقيقية« هلوسة

نائمني في هذا العالم، نستيقظ في عالم آلخر« )ص:252(.

والكثير من ألعاب الفيديو »تشبه الرعب الليلي، مع فارق واحد كبير، هو أنها تسمح ملستخدمها أن يهاجم من يهاجمه ... وليس هناك من حاجة إلى أن يظل عرضة دائما للهجوم، هنا نوع من األمن واألمان ال

يتوفر في أثناء النوم الليلي« )ص:124(.

عاملني؛ هناك أن ويدرك يعي الطفل أن على تدلل كثيرة شواهد هناك بينهما. معينة بصالت يشعر لكنه خيالي، واآلخر واقعي، أحدهما وعندما يصل الطفل إلى التميز داخل املستوى اخليالي بني عاملني »عالم الوعي هذا يكون ثم ومن مرئي، وغير متخيل وعالم ومدرك واقعي

بتعدد مستويات الواقع هو البداية احلقيقية لإلبداع« )ص:128(.

فالسفة اخليال

»فما أوسع حضرة اخليال، وفيه يظهر وجود املجال، بل ال يظهر فيها على التحقيق إال وجود اخليال«. محي الدين بن عربي

اإلحساس بني به يقوم غامض دور أفالطون اعتقاد في للخيال كان نوع إنه والشكوك، بالظنون ومحاطا محددا ودورا املجرد، والتفكير العقلية بالصور »بوعينا عالقة لها التي املخ، في املوجودة الصور من في ننغمس عندما وحتى الواقعي، العالم في إليه ننظر مبا اخلاصة، أحالم اليقظة أو نتصور عقليا خطة للمستقبل، فإن التخيل »الفانتازيا« ينشأ في عقولنا، هنا، لكنه يكون أيضا مجرد حاالت مصاحبة للتفكير« خلبرتنا بقايا عن تعبر أرسطو لدى الصور ظلت بينما )ص:138(. احلسية، أو تعمل بوصفها صورا، نسخا من الصور التي حتاكي األصل الواقعي، وليس املثالي كما تصور أفالطون. صور أكثر ثباتا وصدقا، ال

كما يصفها أفالطون نسخة من نسخة أخرى من أصل.

احلقيقة احلدس، على »تساعد قد أرسطو عنها عبر كما الصور إن ال هنا والتخيل والصور الواقعية. األشياء في املوجودة اجلوهرية ممكن« شكل بأصدق العقل أمام الواقع ميثالن لكنهما املعنى، ينتجان

)ص:144(.

فاخليال يجب أن يظل خاضعا للعقل كما يتصور أرسطو. واحلقيقة إنه ينسب ألوغسطني الفضل في حترير مفهوم اخليال من الدالالت السلبية بينه وبني اإلدراك الوحيد الوثيق ورمبا الربط املصاحبة له، وعن »ذلك

احلسي« )ص:152(.

فأوغسطني هو الذي قال »إن ما نراه يعتمد على املدى الذي ننظر عنده إلى ننظر خاللها من التي الرغبة تشتد فعندما )ص:152(. إليه« والصورة له الواقعية الصور بني نخلط أن ميكن فإننا ننتظره، أو شيء أو الهلوسات، ظهور إلى يؤدي قد وهذا حوله. نحن نخلقها التي استجابات جسمية متطابقة مع االستجابات التي حتدث إذا كانت الصور

واقعية وليست خيالية.

اخليال عن حتدثوا الذين اإلسالميني، املفكرين أهم من الفارابي ويعد اخلاصة امللكة للخيال الفارابي نسب فقد موضوعه. في وأبدعوا

Page 112: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

115

اخليال التشكيلي

»اخليال موطن احلقيقة«. )جوشوا رينوالدز، ص: 323(

البيان )1966-1896( بريتون أندريه الشاعر نشر ،1924 العام في األول للسيريالية. وعرف السيريالية بأنها حركة أدبية »موجهة بواسطة العقل، وأنها تخلي نفسها الغياب ألي حتكم ميارسه التفكير، في ظل بياناتها في وأكدت )ص:353(. أخالقي« أو جمالي التزام أي من على وأكدت واحلماقة، بل واحللم، واحلرية اخليال أهمية وأعمالها الهذيان حيث بالالشعور، اخلاصة املظلمة للقوى اخلضوع أهمية

واجلنون والكوابيس، لكن اخلضوع هنا بقصد التحليق والتمكن.

وكتب بريتون يقول »أيها اخليال العزيز: إن ما أحبه فيك بشكل خاص هو أنه من املستحيل نسيانك« )ص: 354(. وقد قامت حركات تريبية نابضة باحلياة في الفن التشكيلي، مثل: التعبيرية والسيريالية والدادية والرمزية، بردم احلدود الفاصلة بني املقوالت والتصورات الفنية احملددة واجلامدة. إن السرد التشكيلي السيريالي والقوطي هو احلرية للخيال، والفوز الكبير

لالشعور، إذ ال يتم االهتمام بالوجه املبتسم بل باجلمجمة التي وراءه.

باحلياة فرحا ويثب املوت »يطفر انظر ألعمال كلمنت ومونش، حيث في مشاهد ذات جمال بصري آسر الفت« )ص:355(. وكذلك أعمال والسخرية باملوت احلياة فيها »متزج التي عناني صالح املصري الفنان )ص:355(. باملأساة« والكوميديا باجلمال املشوهة واملالمح باأللم وكما قال هنري جيمس »نحن نعمل في الظالم، نحن نفعل ما نستطيع انفعالنا هي لدينا الشك ومشاعر منلك، ما نعطي نحن نفعله، أن احلقيقي، وانفعالنا وشغفنا هو شغلنا الشاغل، وما يتبقى بعد ذلك هو

اجلنون اخلاص بالفن«.

اخليال املسرحي

»عليك أن تتبع إيقاع حتليقك اخلاص«.)الشاعر األمريكي وولت وايتمان، ص: 375(»هدفنا حترير اخليال، وجذب اجلمهور نحو عالم خيالي«)املخرج املسرحي البريطاني بيتر بروك، ص: 357(

اخلاص املناخ يعيش وجعله املسرح، خلشبة اجلمهور إحضار إن الرئيسي في املسرحية، هو الهدف من تصميم خشبة املسرح باملوضوع الفني، وجعل اجلمهور العمل إذا جنح ومشاهدها. وكل شيء مقبول كان »إذا جادامير الفيلسوف يقول املمثلني. كما التحليق على قادرا للمسرح أن يقدم لنا شيئا ال يكون مجرد خدعة سيكولوجية، وإذا كان له أن يقدم لنا رمزا مبينا وقوال ناطقا، فإنه يحتاج إلى التجلي الروحي

نفسه الذي يكون للغة اإلمياءة« )ص:375(.

إذن، املسرح يقدم لنا يد املساعدة للوصول إلى مزيد من الوعي بذواتنا اإليجابية االنفعالية املسرات أيضا ويقدم وباحلياة، اآلخرين، وذوات

أبواب تنظيف مت لو »إنه فيقول بليك، وليم واملصور الشاعر أما اإلدراك، فإن كل شيء سيبدو لإلنسان كما هو عليه حقيقة، النهائي، كل يرى أن يستطيع حتى نفسه على الباب اإلنسان ذلك أغلق لقد كهفه« في موجودة صغيرة شقوق أو فتحات خالل من األشياء

)ص:252(.

اخليال العلمي

»اخليال شمس في روح اإلنسان«.الطبيب بارسيلسس - القرن 16

األمور من اخلارق على اخلرافية واحلكايات األدبية الفانتازيا تعتمد األسباب من متحرر ذلك وكل والسحرة، السحر على والكائنات الطبيعية والقوانني املادية. ولكن اخليال العلمي يقوم على أساس العلم، للتفسير قابل شيء كل أن فحواه افتراض أساس على األقل »على أو قد العلمي اخليال أن من الرغم وعلى )ص:281(. العلم« بوساطة العلم ظواهر في تفسر أن يجب لكنها خيالية، وظواهر حيال يحوي

واألسباب الطبيعية.

خيال العلماء

»اخليال أكثر أهمية من املعرفة،وذلك ألن املعرفة محدودة، أما اخليال فيحيط بالعالم كله«.)أينشتني، ص:283(.

التفكير بالصورة، هو ما يرتكز عليه اخليال، والصورة قد تكون بصرية أو سمعية، أو ملسية ... واقترح بعض العلماء أن كفاءة التفكير بالصورة

تعود إلى عدد من اخلصائص منها:

تتيح مرونة بالصورة: وهي طبيعة التفكير لعملية اخلاصة الطبيعة .1وحرية أكبر في تكوين األفكار اجلديدة.

تتسم العقلية فالصور للصور: الثرية والتشاكلية العيانية الطبيعة .2بالثراء من حيث اللون واحلركة والشكل وغير ذلك.

الطبيعة املكانية للصور. واملقصود هنا التعامل 3. احلدس املكاني: أي بحرية عبر املكان والزمان، وحتويلها إلى أشكال قابلة للتحقق في

الواقع.العقلية وما ينتج عن التفكير البصري، فالصور االنفعالي: التأثير .4هي صور مليئة باحليوية، من حيث أشكالها وحركاتها وألوانها، بل

حتى أصواتها املفترضة املصاحبة لها.

املقارنة إذا متت الكبيرين، االنفعالي واحلسي تأثيرها لها فإن ولذلك، في جمة إشارات ووردت وتريدا. غموضا األكثر اللفظية بالصور مع يتشابه العلم في اإلبداع أن إلى تشير احلديثة، النفسية الدراسات »اإلستراتيجيات يستخدمون والعلماء فالفنانون الفن، في اإلبداع نفسها في تفكيرهم وفي سعيهم إلى اكتشاف متثيالت جديدة للطبيعة« وإن الفنانون وكذلك املشكالت، يحلون فالعلماء )ص:292(.

بطرقهم اخلاصة.

Page 113: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

116

البشر على األقل« )ص:443(. ال يحصل اخليال بطريقة سوية ومنظمة دائما، فأحيانا تتداخل أبعاده ويضطرب اخليال، فتحدث الفوضى بني

صورة وتشكيالته. فما أسباب هذا االضطراب؟

حاالت في سواء مهمة؛ عالقة باخليال املكان فعالقة املكان، إنه الصحة أم املرض. إن محبة املكان من األمور الرئيسية الزدهار اخليال، يعول عليه« ليس مكانه ال الذي املكان »إن العربي ابن قال وعن ذلك )ص:445(. وحتدث باشالر عن محبة املكان قائال »واملكان الذي هو

مكانه« )ص:445(.

فاملدارس املكان، ضوء في ميوت اخليال تعل التي األسباب من أما الضيقة والكئيبة، التي يتكدس فيها الطالب دون أدنى شروط التعلم، وكيف للخيال أن ينمو ويكبر في ظل القمع واالستبداد السياسي، وفي

ظل األزمات االقتصادية؟

العصور في وبخاصة اخليال، تفسير في مهما دورا الزمان يلعب كما اإلبداع أنواع لكل الرئيسية البؤرة يعتبرها هولم وروبرت الوسطى،

اخليالي.

فقد كان الهواء في ذاك الزمان »مملوءا بالطيور العجائبية، واألرض مغطاة كان حني في املتوحشة، باألسماك زاخرة والبحار الهائجة، باحليوانات اإلنسان يحكي حكايات متعددة عن األماكن غير املستكشفة، عن بالد رائعة وفراديس سماوية مجهولة« )ص:445(. وهكذا طورت وأبدعت األمم

حكاياتها عن الغزاة البرابرة، وعن العالم الذي في طريقه إلى الغياب.

يعد اخليال أكثر ملكاتنا جموحا، فهو دائما يحاول أن يتحرر من الروابط تكون ال فإنه ذلك، في جنح »وعندما بالعقل، تربطه التي والسالسل -لديه- هناك خرافات وال معتقدات غريبة وال أوهام شاذة وال أحالم »فإننا بيكون قال وكما )ص:462(. ينميها« أن ميكنه فيها، مبالغ منيل إلى االعتقاد أكثر من ميلنا إلى الفحص واالختبار« )ص:462(. وحسب املؤلف، فإن هذا امليل، يسيطر ويسود على نحو خاطئ خالل

طفولة العقل البشري.

اخليال والتربية

»اخليال ضروري لإلنسان، ال بد منه كالنور والهواء واملاء والسماء«.)أبو القاسم الشابي، ص:463(»األفكار اإلبداعية ال تزود إال العقول املهيأة لها؟«.)باستير، ص:464(

في البداية يجب القول إننا كلنا منلك اخليال، ولكن بدرجات متفاوتة. خيالنا نطور أن اآلن، متاحة حديثة علمية أساليب عبر كذلك وميكننا

وجنعله خصبا أكثر.

ساحات اللعب

أول ساحات اللعب هي ساحة الطفولة، التي ميكن للجميع أن يدخلها

والشعور باملتعة. ففي مسرحية »الطريق إلى دمشق« لسترندبرج، يقول على لسان زهر اللوتس »ال بد أنني كنت نائما لبضعة ألوف من السنني، وحلمت أنني انفجرت وحتولت إلى أثير ولم أعد أستطيع أن أحس أو أعاني أو أسعد، ولكنني اآلن أعاني، وكأمنا أنا البشرية جمعاء. أعاني

وليس لي احلق في أن أشكو« )ص: 401(.

ويقول في مكان آخر »من يدري، لعل كل شيء في حياتي كان حلما، وإنني اآلن في حلم. لكم أمتنى أن يكون األمر كذلك« )ص:401(.

أو كتبت شيئا عنه كمسرحية إذا حتدثت عنه، الصبر عليه فاأللم ميكن املاضي، ويعود األموات أحياء من خالل إلينا أو قصة. وكذلك يعود

اخليال والتخيل واحللم واملسرح والسينما.

اخليال السينمائي

»كل أعمال اإلنسان لها جذورها في اخليال اإلبداعي«.)كارل جوستاف يوجن، ص:403(

ميكن للسرد النثري لألحداث أن يصل إلى إثارة اخليال لدينا، لكن الفلم يجعل »ما هي وتتوالى، أعيننا أمام نشاهدها التي وأحداثه السينمائي تخييالت اخليال تتجسد أمامنا، إننا هنا نرى هذه األحداث الشخصيات بطرائقنا اخلاصة ... بل إننا نرى هذه األحداث والشخصيات متجسدة املواقف على اإلنسانية ورغباتنا مخاوفنا نسقط قيل كما ثم ... أمامنا املوجودة أمامنا« )ص:424(. وما تلك الرغبات واملخاوف التي نسقطها على ما نشاهده سوى حاالت قلق وانفعاالت خاصة، تكون شعورية وال تلك. اخليالية األحداث خالل من وتصريفا إشباعا لها وتد شعورية، وحتى واإليهام، التخيل من قدر فيها يوجد كلها، السينمائية فاألفالم رسم في فالدقة اخليال. من قدر فيها والتسجيلية، الوثائقية األفالم الذي اإلدراك، استثارة إلى تؤدي التفاصيل، تفاصيل بل التفاصيل، يخرج من الواقع عن طريق التخيل الحتماالت ما ميكن أن يحصل لو أن الوضع الذي ترصده الكاميرا تغير اآلن، وتخيل األحداث التي أدت إلى

وصول األمر إلى ما وصل إليه، وما ميكن فعله لتغير الوضع.

السينما صناع اهتمام ازداد املاضي، القرن وتسعينيات ثمانينيات وفي بظواهر النفسية واجلسدية واملرتبطة الرعب الرعب، وتليات بقصص مثل التعذيب واجلنون، والقتل واالنتحار، والوحوش وغيرها. وما زال االهتمام بهذا النوع من األفالم مستمرا لغاية اآلن. فاملخرج السينمائي مع للتعامل خيالي منحنى نحو بأفالمه سار الذي كرونينبرغ ديفيد األمور األساسية املتصلة باخلوف، كاملوت واملرض والشيخوخة، يبرر ذلك قائال »ال أعتقد أن ما قدمته في أفالمي أكثر تطرفا مما هو موجود في الواقع. )ص: 442(. ويضيف »إن ما قدمته من أفالم إمنا يعمل فقط،

على إضاءة هذا الواقع« )ص: 442(.

صور في فوضى

يقول الكاتب لويس بورخس »بينما نكون نائمني في هذا العالم، نستيقظ اثنان من إنسانان إنسان ما هو إال املعنى فإن كل في عالم آخر، وبهذا

Page 114: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

117

وإعادة النظر عن أبدا يكف ال خيال إنه املستقبل، نحو دوما واملتجه النظر فيما هو داخلي وما هو خارجي« )ص:469(.

فاخليال يجعل الطالب يهضمون املوضوعات التي يتعلمونها، ويضيفون والتصويري. السردي األسلوب بني اجلمع خالل من وذلك عليها، من وغيرها والفن العلم في اخليال أساس على تقوم أن التربية على وإلى اإلبداع، إلى توصل تربية تكون أن أرادت إن املوضوعات،

مستقبل مضيء.

هناك خالف كبير ودائم بني من يطرح ويؤكد على ضرورة تعليم الطالب على وحثهم الطالب بتشجيع يرغب من وبني التقليدية، املوضوعات التفكير بحرية، واخلروج من سجن هذه املوضوعات التقليدية، وبذلك

بجعلها أدوات وليس سالسل وقيودا.

العالم العالم، مبا فيه التعليم في معظم دول السائد في النمط وما زال العربي، قائما على تعليم املوضوعات التقليدية، وملء عقول الطالب

مبوضوعات كثيرة ومملة.

إن اخليال ال يتعارض مع املتوقع من التعليم، بل يؤكد ذلك، بل يضيف إليه »وال يتعارض مع املهام املطلوبة من الطالب التي يحققونها من دراسة املدرسية، ويتمايزون من خاللها بواسطة االمتحان بعض املوضوعات ... لكن أصحابه يقولون بضرورة أن تخفف وزارات التربية والتعليم عقولهم« وعن والتالميذ الطالب كاهل عن الوطء العربية بالدنا في واملستقبلية احلاضرة حياتهم في مهم هو ما لهم فتقدم )ص:470(.

دون إرهاق، وأن يتم ذلك بطرق جميلة ومثيرة ومريحة.

التربية عن طريق اخليال أمر ال مفر منه، فهو ضروري للطالب كالنور املاضي نحو املوجهة فالتربية الشابي. قال كما والسماء واملاء والهواء واملستقبل. للحاضر أيضا تتوجه أن التربية على تفيد، ال وحسب من الدراسية والفصول احلشو، من تتخلص أن املدرسية الكتب على االزدحام املقيت، واملدارس من العشوائية. على التربية أن تهتم باملعلم والطالب والكتاب، وحتى األبنية التعليمية. على املدارس واجلامعات املسؤولني عن احلميد والبهجة. ويخاطب عبد للفرح أماكن تكون أن ومستودعات مخازن مجرد الطالب عقول تعلوا »ال قائال: التربية للمعلومات، بل طاقات للتجدد والتجديد واإلضافة واإلبداع، وزودوا

املعامل باألجهزة واملواد الضرورية..« )ص:472(.

املكون اخلاص أكثر متعة وتشويقا، علينا إضافة التعليم أردنا جعل إذا باخليال إليه، وأن يكافأ الطالب األخصب خياال »وأن يعد املعلم بطرائق ال تعله من أعداء اخليال، كما أشارت بعض تلك البحوث احلديثة التي قالت إن املعلمني يعاقبون الطالب اخليالي واألكثر إبداعا واختالفا أكثر

من عقابهم للطالب التقليدي أو اخلامل« )ص:472(.

أو موازية صورة بديلة، صورة ينتج الكاتب- رأي -حسب فاخليال حتى مكملة، لكنها مختلفة كونها ال تتعلق باملاضي واحلاضر وحسب، أغوار االحتماالت، ويتحرق فاخليال يستكشف ويسبر باملستقبل، بل لرؤية الواقع من األعماق، ليراه كما هو حقيقة أو ما ميكن أن يكون ليس

بغض النظر عن مستوى خياله، ميكن لنا ولوجها واستكشافها والتمتع مبباهجها. وعالم األحالم ساحة لعب أخرى، والقراءة؛ فسواء قرأت كتابا تاريخيا، أم صحيفة، أم ذهبت إلى معرض فني أو قاعات املسرح والسينما ... كل ذلك يساعد على فتح األبواب املغلقة، وفتح بوابات من خيالك اكتشاف إعادة سوى عليك فما اخليالية. اللعب ساحات املؤثرات، أنواع كل على واع نحو على »منفتحا نفسك جعل خالل في املباشر بالتأثير املؤثرات هذه تقوم أن تتوقع أال لك ينبغي وأنت خيالك أو عملك اإلبداعي، من تلقاء نفسها ... ما ينبغي أن تقوم به إليها ببغائي« )ص:464(. عليك أن تضيف هو أال ترددها على نحو

من خبرتك وذاتك ومشاعرك وانفعاالت.

علمي وآخر لغوي، واآلخر تشكيلي خياله فالبعض أنواع، واخليال ... فما علينا سوى اكتشاف اخليال لدى التالميذ في املدارس وطالب جنعلهم أن علينا بداية ولكن خياله. حسب كل ونطوره، اجلامعات، يدركون أهمية اخليال، ويألفون الفكرة، ثم بعد ذلك يوجه كل شخص

وفق خياله املميز.

التفكير، في اجلامدة القوالب من التحرر على الناس نشجع أن وجعلهم أكثر أصالة ومرونة، إحدى الطرق األساسية في تنشيط اخليال

اإلبداعي.

ليس من اخلطأ، إذا عملنا على إثارة القدرة لدى األطفال على التفكير »تعليمهم من أيضا املانع ما ولكن منظم، منطقي بشكل األشياء في التفكير في األشياء كما ينبغي أن تكون، أو كما يحتمل أن تكون، في شروط إضافية متعلقة بها، مثل املرونة والقابلية للتغير والثراء، وأيضا القدرة تنشيط العقلي« )ص:466(. فال ميكن بالنشاط احلرية اخلاصة اخلاصة بالتغلب على املشكالت وهزمية العقبات بطرق جديدة وإبداعية

دون خيال. فاخليال ضروري لإلبداع.

التربية عن طريق اخليال

من الضروري أن يتعلم الطالب املواد الدراسية األساسية، حسب عمره، فال بد أن يتعلم القراءة والكتابة واحلساب والفيزياء ... وفق املراحل

الدراسية التي نعرفها.

لكن، هل هذا كاف؟

ومفقود ضروري بشيء الدراسية البرامج تزود أن علينا فيجب ال، بالتربية أال وهو اخليال. على الطالب أن يفكر بالطريقة املألوفة والطريقة األخرى ... الطريقة اخليالية، حسب العمر، أما تعليم التفكير حسب الهاوية. فاملعلومات بنا إلى التقليدية املعروفة فقط، فإنه يؤدي الطرق القدمية املعروفة، التي تكتسب من خالل التعلم، تنسب إلى أصحابها:

الكتاب، احلاسوب املعلم .. كل من يقدمها للطالب جاهزة.

خلفها يوجد مبا والتفكير معا، وتركيبها املعلومات هذه تميع ولكن ويتجاوزها أمر خاص بالطالب نفسه، يتجاوز به الطالب القصور الذاتي في التفكير التقليدي، وهو أمر ال يتم إال »بالوعي بجوهر اخليال، اخليال احلاضر، وقيود الراهن ألسر املتجاوز للحدود، العابر املنطلق احلر

Page 115: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

118

على اللعب بالصور، وعلى التركيب بينها، وعلى حتريكها وحتويلها، والقيام بتجارب ذهنية أو فعلية حولها ومن خاللها« )ص:476(.

وأخيرا يحط بنا الكاتب في مرفأ احللم، ويعيد التركيز على البعد اخليالي في التربية والتعليم، وهو البعد املهمل فيهما، مع أنه األفضل للوصول إلى تعليم ميتاز بالكفاءة والفاعلية، ويجب االهتمام بتحسني اختبارات التحصيل، فالتركيز على اخليال في التربية والتعليم يؤدي إلى حتسني كل املقاييس واملؤشرات اخلاصة بالتحصيل األكادميي للطالب. ألن اخلبرة

التربوية سوف تصبح حينئذ خبرة عميقة ومتكاملة وممتعة.

يا إلهي ما أجمل الكتاب!وما أروع صوره وخياالته!

إنه كتاب ثمني وقيم ومشوق، ويعج باإلثارة، ومكتباتنا عطشى إلى مثل هذه الكتب، وحبذا لو أن سكان الوطن العربي يطلعون عليه، وبخاصة

من لهم األمر في وزارة التربية والتعليم العالي عندنا.

أمني دراوشةكاتب وباحث من رام الله

مبثل ما يقدم للعقل بهذه الطريقة أو بأخرى.

أو الغربي الوطن تاريخ تعلمهم خالل طالبنا نعلم أن واملفروض جغرافيته، وخالل موضوعات الطبيعة كعلوم النبات واحليوان والفيزياء، والفنون واألدب ... أن ال ينظروا إليها على أنها موضوعات موجودة

وحسب، في العالم اخلارجي، بل هي موجودة في داخلهم.

وحول املوضوعات حول حية صور تكوين على حتفيزهم ويجب اخلاصة االنفعالية أحاسيسهم ويطورون والبنائية، الوظيفية مكوناتها

واملناسبة لهم.

اخليال على للتدريب ومصورة رقمية برامج توجد احلاضر وقتنا وفي لتدريب إثرائية برامج أيضا وتوجد وخارجه، الدراسي الفصل داخل بسيطة بطرق وغيرهم وبيكاسو إديسون مثل التفكير على الطالب

ومشوقة.

ويعيد الكاتب القول إن اخليال ليس »مجرد قدرة على تكوين الصور في العقل وعلى التفكير فيها أو من خاللها، كما قال بعض العلماء: إن هذا املعنى قاصر على أن يحيط بجوهر اخليال، األكثر حرية ومرونة وقدرة

من فعاليات مدرسة غزة للموسيقى.

Page 116: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

119

بإطالق: التنافي عن والالنظام النظام فكرتا توقفت الفوضى. فيزياء م؛ للتدو مجاورة شروط من تنظيمي نظام يتولد أن جهة، من ميكن، وميكن، من جهة أخرى، أن يتولد الالنظام من احلاالت األولية احملددة.

ال يسعى فكر التعقيد إلى استبدال فكرة الالنظام بالنظام، بل إلى خلق حوار منطقي1 بني النظام والالنظام والتنظيم.

أما املرتكز الثاني للفكر التقليدي فهو مفهوم »القابلية لالنفصال«، الذي يناظر املبدأ الديكارتي، مفاد هذا األخير أن دراسة الظاهرة أو حل املشكل يستلزم تفكيكه إلى عناصر بسيطة. ترجم هذا املبدأ، في املجال العلمي، من جهة إلى التخصص، ثم إلى التخصص الدقيق في امليادين املعرفية، ومن جهة أخرى إلى فكرة إمكان اعتبار الواقع املوضوعي بغض النظر عن املالحظ. واحلال أنه منذ ربع قرن تطورت »علوم نسقية« تربط ما يدرس بشكل منفصل من قبل العلوم التقليدية. يتكون موضوعها عبر التفاعالت البيئية البيئة هو األنساق العناصر وليس عبر فصلها. فموضوع علم بني واملجال احليوي، التي تشكل مجموعات متعالقة ترجع بشكل منفصل إلى

املعاصرة العلوم حدود عن تولد جديدا براديغما التعقيد فكر ميثل التقليدي، بل يدمجها في العلم وتطورها معا. وال يتخلى عن مبادئ

خطاطة أوسع وأغنى.

إصالحا يستلزم ألنه املعاصرة، للفكر األعظم التحدي هو التعقيد إن لنمط تفكيرنا. بني الفكر العلمي التقليدي على ثالث مرتكزات هي: واحد كل أسس أن واحلال و»العقل«. لالنفصال« و»القابلية »النظام« منها قد تزحزح بسبب تطورات العلوم ذاتها التي بنيت في األصل على

هذه املرتكزات الثالثة.

احلتمي التصور عن »النظام« مفهوم نشأ التقليدي: العلم مرتكزات املؤقت. جلهلنا نتيجة الالنظام يعتبر كان وعليه، للعالم. وامليكانيكي مت االكتشاف. يتطلب خفي نظام الظاهر الالنظام هذا وراء ويوجد التي احلرارية الديناميكا قبل من أوال الكلي النظام فكرة في التشكيك اعترفت بوجود اضطراب جسيمي غير منظم في احلرارة. ثانيا، من قبل الكوسمية، وحاليا من طرف الفيزياء ثالثا، من طرف اجلزيئية. الفيزياء

نحو براديغم جديد*

إدغار موران**، ترجمة وتقدمي: د. يوسف تيبس***

إلى قاده الذي التصور وهو اخلاصية. هذه مع يتطابق منهجا يستلزم ما واإلنسان، العالم تعقيد خاصية تبيان في موران إدغار فكر يتلخص إعادة النظر في مفاهيم فلسفية وعلمية من قبيل النظام والالنظام، والنسق، واملعلومة، والكائن احلي، واملعرفة، واللغة، واملنطق، والبراديغم، نظرية من يتكون جديدا معرفيا براديغما لنقل أو التعقيد، إبستيمولوجيا هي جديدة إبستيمولوجيا معتمدا األخالقية... والقيمة والهوية،

اإلعالم ونظرية األنساق والربانية، إضافة إلى أفكار بعض الفالسفة والعلماء وبعض املبادئ أهمها مبدأ احلوار املنطقي.

مبادئ هذا أهم قد تاوز املعاصر العلم تقليدي، ألن أحادي منطق العقل على تأسيس استحالة فكرة إدغار موران على إبستيمولوجيا تنبني املنطق، أقصد، مبدأ عدم التناقض والثالث املرفوع من خالل اإلقرار بثنائية مكونات الضوء وامتناع البت في متام األنساق املصورنة واتساقها. وهو ما يعني أن استمرار اعتماد العلم على املنطق التقليدي سيفقده أهم خصائصه: اإلبداع واالبتكار والتعقيد. بيد أن هذا ال يستلزم، في نظر موران، ترك املنطق ألن استعمال املنطق أمر ضروري للفهم، وجتاوزه ضروري للذكاء؛ واالستناد إلى املنطق ضروري للتحقق، وجتاوزه ضروري

للحقيقة.

هكذا، تكون العقالنية احلقيقية هي تلك التي تعترف بحدودها، ألن املنطق ال يستطيع تأسيس العقل، وتقدر على معاجلة هذه احلدود؛ أي تصبح نظرية للنظرية بالنسبة لذاتها كي تتجاوز هذه احلدود وتعترف في الوقت نفسه بأفق ال يقبل العقلنة.

إن املشكل بالنسبة لإلنسان املواطن، في نظر موران، هو: كيفية احلصول على املعلومات حول العالم، وكيفية اكتساب كفاءة تقطيعها وتنظيمها، األمر الذي يستلزم »إصالح الفكر«، أي ملء الثغرات التي يعرفها الفكر اإلنساني بفكر التعقيد. باختصار شديد ميكن أن نسم فكر إدغار موران بـ«إصالح الفكر« بواسطة إعمال منهج املنهج في جميع جوانب الوجود والفكر اإلنسانيني. وخير دليل على ذلك هو التسمية املضاعفة لعناوين

أجزاء كتابه املوسوعي املنهج »طبيعة الطبيعة«، و»حياة احلياة«، و»معرفة املعرفة«، و»إنسانية اإلنسانية«.

Page 117: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

120

الثالثة، النظام والقابلية لالنفصال والعقل املطلق، فانعكس ذلك على أسلوب تفكيرنا. وعليه كيف نسير في عالم لم يعد النظام فيه مطلقا، وحيث القابلية لالنفصال محدودة، وحيث يشمل املنطق في ذاته ثغورا؟

هذا هو املشكل الذي يواجه فكر التعقيد.

أول مخرج نسلكه هو ما نصطلح عليه اليوم بـ«النظريات الثالث«، وهي: بانية )السبيرنطيقا(، ونظرية األنساق. ظهرت نظرية اإلعالم، ونظرية الرهذه النظريات املترابطة واحلميمية في بداية األربعينيات وتخاصبت فيما

بينها.

أن ذلك املتوقع. وغير واملفاجأة الاليقني ملعاجلة أداة اإلعالم: نظرية تخبر والتي الاليقني؛ مشكل حتل معركة في الفائز تعني التي املعلومة باملوت املفاجئ ملستبد تأتي بغير املتوقع واجلديد في الوقت نفسه. يسمح مفهوم املعلومة بالدخول في عالم يوجد فيه النظام )التكرار( والالنظام )الضجيج(، وأن يستخرج منها اجلديد )املعلومة ذاتها(. إضافة إلى أن املعلومة ميكن أن تتخذ صيغة تنظيمية )تبرمج( في ثنايا آلة ربانية. فتصبح

آنئذ املعلومة هي ما يتحكم في الطاقة وما مينح اآللة االستقاللية.

الربانية: متثل في حد ذاتها نظرية في اآلالت املستقلة. فقد قطعت فكرة ،)Norbert Wiener( رد الفعلي الراجع، التي أدخلها نوربيرت فينارمع مبدأ العلية اخلطي، عندما استبدلها بفكرة العلية الدائرية: )ب( تؤثر في )ج( و)ج( تؤثر عودا في )ب(؛ أي أن العلة تؤثر في املعلول، وهذا يؤثر بدوره في العلة، كما هو احلال في جهاز التدفئة، حيث يقنن مثبت احلرارة اشتغال مولد البخار. إن هذه اآللية املسماة بـ«التقنني« هي التي للشقة احلراري االستقالل هذه حالتنا في اجلهاز، باستقاللية تسمح

بالنظر إلى احلرارة اخلارجية.

علم احليوان، وعلم النبات، والبيولوجيا املجهرية، واجلغرافيا، والعلوم الفيزيائية، ... الخ. تتصور علوم األرض كوكبنا كنسق معقد ينتج ذاته مثل قبل من منفصلة كانت علوم بني تمع وعليه ذاتيا؛ وينتظم بذاته اجليولوجيا، وعلم الطقس، وعلم البراكني، وعلم الزالزل، ... الخ. هناك سمة أخرى للقابلية لالنفصال هي التمييز بني املالحظ واملالحظة. الفيزياء في نعلم فنحن فيها. النظر أعادت قد املعاصرة الفيزياء أن غير مالحظته. مع يتفاعل املالحظ أن هايزنبيرغ، فيرنار منذ املجهرية، أصبح واضحا أنه لم يعد يتعالى أي عالم اجتماع أو اقتصاد، في العلوم اإلنسانية واالجتماعية، مثل جنمة سيروس، على املجتمع. إنه جزء من هذا املجتمع، واملجتمع ككل يوجد بداخله. ففكر التعقيد ال يستبدل عدم القابلية للفصل بالقابلية لالنفصال، بل يدعو إلى حوار منطقي يستعمل

القابل لالنفصال، لكنه يدمجه في غير القابل لالنفصال.

إن املرتكز الثالث ألسلوب تفكيرنا هو املنطق االستقرائي-االستنباطي- )La logique inductive-déductive-identitaire( التماثلي املبادئ على يقوم التقليدي العقل كان املطلق. العقل يكافئ الذي التناقض(. وجهت الثالثة: االستقراء واالستنباط والهوية )أي رفض من عامة قوانني باستنتاج يسمح الذي لالستقراء، قاضية ضربة أول حاالت جزئية، من طرف كارل بوبر.2 فقد أصاب كارل بوبر عندما أقر باستحالة استنتاج قانون عام من قبيل »كل بجع أبيض« ملجرد أننا لم جند ليس لكن تفسيرية قيمة له االستقراء أن في شك ال أسود. بجعا أبدا K.( جودل لكورث التمام عدم برهان يبني القاطع. البرهان قيمة له بإطالق البرهنة يستطيع ال رن املصون االستنباطي النسق أن )Gödelعلى صحته ذاتيا. والشيء نفسه برهن عليه ألفريد تارسكي في املنطق املمكن لتفسير ذاته. من الكافية الوسائل يتوفر على الداللي: ال نسق لكن الفوقية، األنساق في تفسيرا أو برهانا احلاالت بعض في أن جند هذه األخيرة تتضمن هي نفسها ثغرات. ومن املؤكد أنه بإمكاننا وضع »وجهات نظر فوقية« )Métapoints de vue(: فإذا أردت مثال أن أن أو املعاصرة، املجتمعات بني أقارن أن بإمكاني مجتمعي، أعرف مجتمعات أتخيل أن أستطيع بل املناقضة، القدمية املجتمعات أدرس أالحظ أن أستطيع الشرفة من نوع بإنشاء لي يسمح ما وهو »ممكنة«. انطالقا منها مجتمعات أخرى خارجية مع البقاء داخل مجتمعي. غير أنه ال يوجد أبدا نسق فوقي نظري ميكننا من تاوز وضعنا االجتماعي أو وضعنا اإلنساني، أي يجعل منا كائنات فوق اجتماعية أو فوق إنسانية.

الفيزياء الفيزياء الذرية أو أخيرا، أدت تطورات بعض العلوم من قبيل تاوزها يستحيل تناقضات إلى وعقالني، تريبي بشكل الكونية، املتناقضة الظاهرة للذرة )موجة/ جسيم(، وتلك كما هو حال الطبيعة

اخلاصة بأصل الكون واملادة والزمان واملكان.

هكذا، وعلى الرغم من أننا ال نستطع االستغناء عن املنطق االستقرائي-والبرهان لليقني سبيال ذلك مع ليست فإنها االستنباطي-التماثلي، بتأليف حواري املنطق، بل بترك هذا املعقد الفكر املطلقني. ال يطالب السوداء، حيث الثقوب منطقي بني استعماله مقطعا مقطعا وخرقه في

يتوقف عن العمل.

املرتكزات املعاصرة هذه العلوم تطورات الثالث: زحزحت النظريات إلى بعودتهن فرحات للموسيقى غزة مدرسة في طالبات

املقر اجلديد.

Page 118: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

121

تاريخ فكرة التعقيد

الروادأدرك العديد من كبار فالسفة الغرب، من قبيل هرقليطس، وكانط، وهيجل، ونيتشه، وهوسرل، أهمية فكرة التعقيد وحدود »العقد اخلالص«. العالم إلى الفيزيائي واإلنساني، واستحالة اختزال هذا سة للواقع املنطقية املؤس التناقضات ال شك في أن باسكال هو الذي أدرك بشكل أفضل

مجموعة من املكونات البسيطة.

نظرية األنساق الربانيةاألنساق، ونظرية فينار(، )نوربرت الربانية أبدعت العلماء من املتحدة حول جماعة بالواليات األربعينيات نهاية في فكري حاد نقاش حدث

ونظرية اإلعالم )كلود شانون Claude shannon(. وباملوازاة مت ابتكار احلاسوب واإلعالميات، واألجهزة األولى للتحكم اإللكتروني.

)Macy( ندوات ماسيالندوات التسعة فريقا من العلماء من مشارب عت هذه 1953، في نيويورك برعاية مؤسسة ماسي. جم 1946 إلى نظمت ندوات ماسي، من مختلفة حول املواضيع األساسية لنظريات التعقيد. من بني احلاضرين نذكر عالم الرياضيات جون فون نوميان، وعالم األنثروبولوجيا جريجوري الرياضيات وعالم ماكولوتش، واران العصبية الفيزيولوجيا وعالم ليوين، كورث النفس وعالم الزارفيلد، بول االجتماع وعالم باتيسون،

نوربيرت فينار، حيث كان هانز فون فوستر سكرتيرا لهذه الندوات التي ناقشت األنساق والربانية وعلوم العقل.

النظام بواسطة الضجيجصاغ فون فوستر في سنة 1960 مفهوم النظام بواسطة الضجيج )order from noise(. مثال: يتخيل جهازا على شكل ركام من املكعبات، )Ludwig von Bertalanffy( ممغنط من ثالثة أوجه تزحزح فتتجمع عفويا في بناء مهيكل. وفي سنة 1968 نشر لودفيج فون بيرطاالن في

.)La Théorie générale des systèmes( كتابه: النظرية العامة لألنساق

نظرية الفوضىالتأثر بالشروط األولية، اجلواذب الغريبة، الصور النمطية الهندسية املتكررة ... ظهرت نظرية الفوضى في األرصاد اجلوية ثم في علوم الطبيعة.

باملوازاة مع ذلك، ظهرت نظرية الكوارث على يد عالم الرياضيات روني طوم.

التنظيم الذاتيالبيولوجيا، في التبديدية. وقام هنري أطالن، البنيات في نظير بحوثه نوبل )Llya prigogine( على جائزة بريجوجني لييا 1977: حصل رنة نظرية للتنظيم بواسطة »الضجيج« )أي الصدفة، الالنظام( قابلة للتطبيق على األنساق احلية )Le cristal et la fumée, 1979(. كما بصون

اقترح عاملا البيولوجيا من أصل شيلي، فرانسيسكو فاريال وهومبيرطو ماتورانا، نظرية »اآلالت بروتية Prïétiques« )تتوالد ذاتيا(.

من 1977 إلى 1992: نشر إدغار موران املنهج )La Méthode( في أربعة أجزاء تتعلق كلها بفكر التعقيد.

التعقيد. 1987: مت إنشاء معهد سانطا في )والية املكسيك اجلديدة، الواليات املتحدة(، وهو مركز متعدد التخصصات يعنى بعلوم

جون فرانسوا دورتيه

زعيم فعنف املسلح. النزاع من القصوى احلالة إلى الصعود عند مثال أكثر عنفا. مثل هذه بدوره رد فعل يستتبع إلى رد فعل عنيف، يؤدي االقتصادية، الظواهر في كثيرة املستقرة أو املتعاظمة التفاعالت، فكرة ماركس أدرك لقد والسيكولوجية. والسياسية واالجتماعية، الفوقية البنية تنتج للمجتمع املادية التحتية البنية أن أقر عندما التفاعل )االجتماعية، والسياسية، واإليديولوجية(، لكن البنية الفوقية تؤثر في

املقابل على البنية التحتية املادية.

العضوي اجلهاز حالة في )Homéostasie( احليوي« »التوازن إن حكمة اجلسد بني ذلك والتار كانون بوضوح كبير في كتابه احلي، كما من مجموعة هو ،)1930( ،)The Wisdom of the Body(مة تتأسس على العديد من ردود األفعال الراجعة. متكن العمليات املنظحلقة الفعل الراجع )املسماة التغذية الراجعة(، في صيغتها السالبة، من استقرار اجلهاز، ومن تقليل االنحراف، كما هو احلال بالنسبة للتوازن احليوي. تكون التغذية الراجعة، في صيغتها اإليجابية، جهاز تضخيم،

Page 119: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

122

الضجيج« بواسطة »النظام ملبدأ اكتشافه في فوستر فون مرتكز يكمن وجهني من املمغنطة املكعبات أن ذلك ،)order from noise(تنتظم في مجموعة متناسقة بواسطة تركيب عفوي حتت تأثير طاقة غير توجيهية، وفقا ملبدأ النظام )التمغنط(. وبذلك نكون أمام صدور النظام

من الالنظام.

»الصدفة في نظريته تصور من أطالن هنري متكن سلف ما على بناء خلق عند تنظيم، النظام/ نظام/ منطقي، حوار يوجد إذ مة«. املنظالكون نتيجة تقلب حراري )الالنظام(، حيث تسمح مبادئ النظام، في بعض احلاالت )لقاءات بالصدفة(، بتكوين النواة والذرات والكواكب احلياة جراء تالقي تنبثق أيضا عندما املنطقي احلوار والنجوم. جند هذا ذاتيا حيا. تنظيما فتغدو ذاتيا، تتوالد ثنايا حلقة في الكبرى اجلزئيات تفاعالت بواسطة والتنظيم والالنظام النظام بني املنطقي احلوار ينشط غير معدودة، وبصيغ متنوعة إلى حد كبير، باستمرار في عوالم الفيزياء

والبيولوجيا واإلنسان.

الديناميكا بواسطة الالنظام انطالقا من التنظيم بريجوجني فكرة أدخل في نرى ثم ومن مختلف. بشكل املنعكسة غير للصيرورات احلرارية املتناسقة البنيات تتشكل كيف ،)Benard( لبينارد الدردورات مثال وتصون بعضها البعض معتمدة عتبة محددة من االضطراب، ووراء عتبة أخرى، ضمن شروط تخص الالنظام املتزايد. حتتاج هذه التنظيمات، تبديدها وبالتالي استهالكها وإلى بالطاقة، التزود إلى شك، دون من من أجل البقاء. أما الكائن احلي فيكون مستقال بالقدر الكافي كي يستمد الطاقة من بيئته، بل ويستنبط املعلومات منها ويدمج فيها التنظيم. وهو

.)auto-eco-organization( »ما أسميه: »التنظيم الذاتي للبيئة

هو: نسقي درس أول التنظيم. لفكر األسس تضع األنساق: نظرية »الكل أكبر من مجموع األجزاء«، ما يعني وجود خصائص تنجم عن املاء يحتاز هكذا األجزاء. على عودا تؤثر أن وميكن الكل، تنظيم يكونانه. اللذين واألكسجني الهيدروجني إلى بالنظر منبثقة خصائص لها يكون قد األخيرة هذه ألن أجزائه من أقل الكل أن كذلك أضيف خصائص مينعها تنظيم الكل. تساعدنا نظرية األنساق أيضا على التفكير ... وتداخلها، الفرعية األنساق وفي التنظيم، مستويات تراتب في ونظرية اإلعالم، )نظرية الثالث النظريات يقحمنا مجموع هذه الخ. مة، حيث يتم التنظيم الربانية، ونظرية األنساق( في عالم الظواهر املنظ

مع الالنظام وضده.

التنظيم الذاتي: يجب أن نضيف إلى هذه النظريات الثالث التطورات أسماء هنا بالذكر اجلدير الذاتي. التنظيم فكرة حلقت التي املفاهيمية فوستر، وهانز ،)J. V. Neumann( نيومان فون جون قبيل من وهنري أطالن، ولييا بريجوجني. وضع جون فون نيومان، في نظريته املصنعة بني اآلالت الفرق ذاتيا، سؤاال حول املنظمة باآلالت اخلاصة اآلالت مكونات تصنع التالية: املفارقة بدقة فصاغ احلية«. و»اآلالت في تبدأ ما مبجرد التلف في تبدأ أنها إال ودقة، بإتقان االصطناعية بكثير متانة أقل عناصر من احلية اآلالت تتكون املقابل في االشتغال. متتلك اآلالت هذه أن بيد باستمرار. تنحل التي البروتينات قبيل من عبر الذاتي التكون وإعادة اإلنتاج، وإعادة كالتطور عجيبة خصائص استبدال جزيئات جديدة باجلزيئات الفاسدة. واخلاليا اجلديدة باخلاليا امليتة. وإذا كانت اآللة املصنعة تستطيع إصالح ذاتها، أو أن تنتظم ذاتيا وأن تتطور، فإن اآللة احلية تتكون باستمرار بواسطة موت خالياها وفقا

ملبدأ هرقليطس: »احلياة من املوت، واملوت من احلياة«.

من دورة »دراما ثيربي« نظمها مسرح احلرية في جنني.

Page 120: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

123

ضمن أيضا الكل يوجد بل الكل، ضمن فقط اجلزء يوجد ال حيث احلي العضوي الكل-اجلهاز من جزء هي خلية كل أن ذلك اجلزء. الوراثي اخلبر يوجد اجلزء: ضمن يوجد ذاته الكل إن بل الشامل- من جزءا الفرد يشكل وباملثل حدة. على فردية خلية كل في الكلي من كال، باعتباره فرد، كل في أيضا يوجد املجتمع لكن املجتمع،

خالل اللغة والثقافة ومعاييره.

التفكير أدوات من معينا عددا التعقيد فكر يقترح القول، حاصل الناجمة عن النظريات الثالث، ومفاهيم التنظيم الذاتي، وتطور أدواتها بالاليقني، ليعوضه اليقني بتاتا التعقيد فكر يرفض ال كما اخلاصة. املنطق يرفض للفصل، وال القابلية امتناع الفصل من أجل يرفض وال اليقني بني الدائم التراوح املنهج يتطلب العكس، بل التهافت. ليبيح لالنفصال. القابل وغير القابل بني والكلي، األولي بني والاليقني، كما يستعمل املنطق التقليدي ومبادئ الهوية وعدم التناقض واالستنباط بعض في خرقها ضرورة ونعلم حدوده، نعرف لكننا واالستقراء، -النظام، التقليدي العلم مبادئ بترك إذن األمر يتعلق ال احلاالت. وأغنى. أوسع خطاطة في بإدماجها بل واملنطق- لالنفصال والقابلية وأخرى فارغة شمولية نزعة بني تعارض بوضع األمر يتعلق ال كما والكل؛ العينية األجزاء بني األواصر ربط بإعادة بل نسقية؛ اختزالية أي، يجب خلق متفصل بني مبادئ النظام والالنظام. والفصل والوصل واالستقاللية. والتبعية التي تكون في احلوار املنطقي )متكاملة ومتنافسة التعقيد فكر يناقض ال القول، حاصل الكون. ثنايا في ومتعارضة(. بني باجلمع يقوم هيجل، يقول كما أو يدمجه؛ بل التبسيطي، الفكر البساطة والتعقيد، بل وحتى في النسق الفوقي الذي يبني ويبرز بساطته اخلاصة. ميكن اإلعالن عن براديغم التعقيد بطريقة ال تقل عن براديغم البساطة: فإذا كان هذا األخير يرفض الفصل واالختزال، فإن براديغم

العقيد يلزمنا بالربط والتمييز في الوقت نفسه.

الظاهر أن فكر التعقيد أشبه ببناية متعددة الطوابق. يتشكل أساسها من النظريات الثالثة )اإلعالم والربانية والنسق(، ويشمل أدوات ضرورية لنظرية التنظيم. يليه طابق ثان متكون من أفكار جون فون نيومان وفون

فوستير ولييا بريجوجني حول التنظيم الذاتي.

مبادئ: ثالثة أقصد، مكملة، عناصر البناية هذه إلى أضيف أن أود ،)récursion( التكرار مبدأ ،)Dialogique( املنطقي احلوار مبدأ

.)Hologrammatique( مبدأ النحو العام

متعارضني، مفهومني أو مبدأين بني يجمع املنطقي: احلوار مبدأ <يفترض أن يكونا متدافعني لكنهما متالحمان وضروريان لفهم الواقع الفيزيائية اجلزيئات اعتبار بضرورة مثال بوهر نيلز أقر هكذا نفسه. جسيمات وموجات في الوقت نفسه. كما يقول باسكال: »إن نقيض بوهر نيلز يترجمه ما وهو مضادة. حقيقة بل اخلطأ، ليس احلقيقة عميقة حقيقة نقيض لكن بليد، خطأ املبتدلة احلقيقة »إن قوله: في هو دائما حقيقة عميقة«. فاملشكل يكمن في تميع مفاهيم متعارضة احلياة عالم في واخلالقة واملنتجة املنظمة الصيرورات في للتفكير

والتاريخ اإلنساني املعقد.> مبدأ التكرار التنظيمي: يتجاوز رد الفعل الراجع )التغذية الراجعة(؛ ويتجاوز مفهوم التقنني إلى مفهومي اإلنتاج الذاتي والتنظيم الذاتي. إنه عبارة عن حلقة مولدة تكون فيها املنتوجات والنتائج نفسها مبدعة ملا ينتجها. وعليه، نكون، نحن األفراد، منتوجات إلنتاج متجذر في إال ذاته، إنتاج إعادة يستطيع ال النسق هذا أن غير التاريخ، أعماق إذا غدونا نحن أنفسنا منتجني عن طريق التزاوج. ينتج أفراد اإلنسانية اإلنسانية، ينتج املجتمع أن بيد وبواسطته، التفاعل ضمن املجتمع

باعتباره كال منبثقا، من هؤالء األفراد، وميدهم باللغة والثقافة.األنساق، لبعض الظاهرة املفارقة توضيح مهمته العام: النحو مبدأ <

الهوامش

* Edgar Morin, Vers un nouveau paradigme, revue sciences Humaines, n 47, février 1995.أعيد نشره في:

Philosophies de notre temps, coordonné par Jean-François Dortier, éd. Sciences Humaines 2000, pp. 255262-.** عالم اجتماع، وفيلسوف ومدير البحث العلمي باملركز الوطني للبحث العلمي )CNRS( بفرنسا. من أهم مؤلفاته: املنهج، في 6 أجزاء.

*** أستاذ املنطق والفلسفة املعاصرة، جامعة محمد بن عبد الله، فاس، املغرب.

Mikhail( باختني ميخائيل الروسي بواسطة اللسانيات في املنطقي احلوار فكرة إدخال مت حوار«. صيغة في يكون »ما هو املتداول باملعنى )Dialogique( 1بر املعاني Bakhtine( )1975-1895(. فداللة اللفظ، بالنسبة إليه، ليست انعكاسا ملاهية )املوضوع أو الفكر( وحيدة. فاللغة نتاج بالدرجة األولى للحوار، وتعناملختلفة األلفاظ نفسها التي تسند إليها خالل التفاعل الشفاهي. »إن اللفظ عبارة عن قنطرة بني األنا واآلخرين. فإذا استند إلي في طرف، فإنه يستند في الطرف

.)le Marxisme et la philosophie de language, 1929( »اور الثاني إلى محاوري. إن اللفظ هو األرضية املشتركة بني احملاور واحمليؤدي مبدأ احلوار املنطقي إلى تصور مذاهب وأفكار كنتيجة للحوار-قد يكون أحيانا مضمرا- الذي يتم بني املؤلفات املتجاوبة فيما بينها. ألنها تستقي من بعضها

البعض املفاهيم، وتتكون مبواجهة بعضها البعض وبالتحاور. ال ميكن فهم كل مؤلف مبعزل عن غيره، بل باعتباره منخرطا في هذه الشبكة من التفاعالت.أما إدغار موران فيستعمل مفهوم احلوار املنطقي للداللة على فكرة مفادها تعايش وانتشار منطقيات مختلفة في كل أمر إنساني، ال تقبل االختزال إلى إحداها:

.)La Methode، t. 2( ”يعني احلوار املنطقي استحالة بلوغ مبدأ وحيد، لفظ متسيد، أيا كان“يناظر هذا املفهوم مفهوم املناظرة عند العرب التي تنبني على فكرة التعاون بني املتحاورين على إظهار احلقيقة، وخير منوذج لذلك املناظرة املشهورة بني متى بن يونس

وأبو سعيد السيرافي التي أوردها أبو حيان التوحيدي في كتابه اإلمتاع واملؤانسة.2 راجع بهذا الصدد مقالنا: د. يوسف تيبس: “معيار العلم أو القابلية لإلبطال”، مجلة عالم الفكر املجلد 37، العدد 2، 2008.

Page 121: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

124

أن تأخذ بعني االعتبار سياق موضوعها. وهنا تصبح أسئلة من قبيل: قابلة غير منضي؟ أين وإلى أتينا؟ أين من نتموضع؟ أين نحن؟ من

للتجزيء.

في وضعنا مساءلة األول املقام في يعني اإلنساني وجودنا مساءلة إن توضيح في العشرين القرن نهاية في املعارف تدفق أسهم لقد العالم. التصورات معها تغيرت جديدة، بطريقة اإلنساني الوجود وضعية واحلياة، الكون واألرض والسبعينيات حول الستينيات السائدة خالل

كل تربية مستقبلية ال بد أن تتجه نحو تعليم أولي وشامل، يرتكز على تاريخية الوجود اإلنساني، ألننا نعيش في مرحلة ضرورة فهم شروط تتسم بالكونية، ونعيشها كمغامرة مشتركة تهم البشر في كل مكان. هذه هي احلقيقة التي يجب االعتراف بها في أبعادها اإلنسانية املشتركة، وفي

الوقت ذاته ال بد من االعتراف بالتعدد الثقافي املميز لإلنسانية.

إن معرفة اإلنسان تقتضي بالضرورة موضعته في العالم، وليس فصله، يجب جادة معرفة كل فإن األول، الفصل في ذلك على أكدنا وكما

رط اإلنساني: رهان تربية املستقبل* فهم الش

إدغار موران، ترجمة: عزيز مشواط

يجب على كل تربية وتعليم يبغيان امتالك صالحيتهما مستقبال، تاوز التجزيء املؤذي، والتأسيس لفعل بديل ينبني على ضرورة االعتراف بالطابع املركب لإلنسان«. تلك هي اخلالصة التي ينتهي إليها عالم االجتماع واإلبستمولوجي الفرنسي املرموق إدغار موران في هذا الفصل

الثالث من كتابه املوسوم بـ«املعارف السبعة الضرورية لتعليم املستقبل«.

م املعالم الكبرى للمشروع التربوي الذي يدافع عنه إدغار موران، منذ سنوات، استنادا إلى نتائج وتراكمات وتأتي فائدة الكتاب من كونه يقدمسار طويل في البحث والتفكير والنضال من أجل مستقبل أفضل، يكون فيه الفهم والقرار في مستوى التعقيد الذي يحكم تداخل املستويات

واملرجعيات واآلفاق.

الكتاب برمته ال يشذ عن املنهج التي يعكف موران على تطويره منذ منتصف سبعينيات القرن املنصرم، إذ ينتهي استنادا إلى رؤية عبرمناهجية )transdisciplinaire( إلى استخالص سبعة مبادئ رئيسية لكل تربية مستقبلية، قادته إلى تقسيم الكتاب إلى سبعة فصول: )عماء املعرفة: اخلطأ والوهم، تعليم الهوية األرضية، أخالق الكائن اإلنساني، مبادئ املعرفة املركبة، تعليم الشرط اإلنساني، في مواجهة الاليقني، تعليم

الفهم(.

قدم للكتاب فريديريكو مايور املدير السابق ملنظمة األمم املتحدة للتربية والثقافة والعلوم قائال “إن التزام مفكر من قبيل موران وحكمته يحظيان لدينا بأهمية قصوى، إن أفكاره تساعد اليونسكو على املساعدة في إحداث التغييرات العميقة واألساسية من أجل اإلعداد ملستقبل أفضل”.

اخلالصات التي انتهى إليها موران في هذا العمل تشكل عصارة أفكاره التربوية، ألنها أتت في سياق مشروع اليونسكو املتعدد التخصصات، الذي رفع شعار “تعليم من أجل تنمية مستدامة”. إنها تأمالت طالب “مايور” شخصيا من موران صياغتها، لالستئناس بها في سياق النقاش

العاملي حول توجهات تربية املستقبل من أجل تنمية مستدامة.

أما الفصل املترجم، فانعكاس وفي لتصورات موران العبرمنهاجية التي يعكف على تطويرها منذ سبعينيات القرن املاضي، كما يجسد تصوراته الداعية إلى توحيد املعرفة اإلنسانية من أجل توحيد مصير النوع اإلنساني، ومصير الفرد، واملصير االجتماعي، واملصير التاريخي، وكل املصائر املتناثرة بال نظام. تلك هي الرهانات األساسية لتربية املستقبل، كما يتصورها موران، ألن كل تربية جديرة باملستقبل، هي تلك التي تربط بني

املعرفة والوعي بالشروط الوجودية املشتركة لكل البشر، والوعي أيضا بالثراء الضروري املتمثل في تنوع األفراد والشعوب والثقافات.

املترجم

Page 122: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

125

ر واالقتالع 1. اإلنسان بني التجذ

املادي وإلى الكون إلى املزدوج بانتمائنا بد من االعتراف البداية ال في احمليط احلي، كما يلزمنا في الوقت نفسه االعتراف بتفردنا اإلنساني،

حيث ننتمي في اآلن نفسه إلى الطبيعة ونخالفها أيضا.

1.1 الشرط الكوني

وأبدي كامل منظم، فكرة وجودنا في كون إلى غير رجعة لقد غادرنا املجهول، مصيره يلف الدوائر، من مجموعة عبر خلق عالم لصالح حيث يتضافر فيه التكامل من جهة، والتناقض والتنافس من جهة أخرى، ويتضافر فيه النظام والالنظام أيضا. إننا نعيش في كون عمالق، يتمدد ليس كوكبنا إن والنجوم، املجرات مليارات من ويتكون باستمرار، سوى نقطة متناهية في الصغر تدور دون توقف في مدار مجرة صغيرة،

وفي عالم ال متناه من املجرات.

خالل تشكلت قد تكون أن ميكن أجسامنا تكون التي اجلزيئات إن مليار 15 من أكثر إلى رمبا يعود الذي الكون، لظهور األولى الثواني سنة، كما أن ذرات الكربون املكونة ألعضائنا قد تكون تنتمي إلى أحد أو العديد من الشموس السابقة علينا، أي أن جزيئاتنا الدقيقة انتظمت في أوائل الزمن املضطرب لألرض. أما املكونات الكبرى، فقد تمعت والغنى الثراء مصادر أكبر أحد تشكل االضطراب، من دوامات في والتعدد، بعد أن حتولت إلى نسق جديد مختلف عن النسق الكيماوي

األول: إنه نسق حي ذاتي التنظيم.

بفعل الطفرات التي حققتها علوم الكوسمولوجيا وعلوم األرض وعلوم البيئة والبيولوجيا وعلوم ما قبل التاريخ.

وعلى الرغم من التطور احلاصل في هذه امليادين العلمية، فإنها ال تزال تعاني من التجزئة، إذ يظل البعد اإلنساني مقصيا ومجزأ إلى فسيفساء متناثرة من رقعة فاقدة لشكلها احلقيقي. وهنا يطرح مشكل إبستيمولوجي يتعلق باستحالة تصور وفهم الوحدة املعقدة للكائن اإلنساني من خالل أخذ بطريقة مجتزأة، ودون إنسانيتنا إلى ينظر الذي التجزيئي، الفكر بعني نحملها التي واألفكار املكونة الفيزيقية واملادة بنا احمليط الكون االعتبار، كما ال ميكن فهم حقيقتنا من خالل تلك النظرة االختزالية التي حتصر الوحدة اإلنسانية في مكون بيولوجي ذري صرف، بل إن العلوم

اإلنسانية ذاتها تتعرض لالختزال والتجزئة.

وهكذا يصبح هذا التركيب اإلنساني غير مرئي وتختفي احلقيقة اإلنسانية كما تختفي قشة صغيرة على رمال شاسعة، ومن ثمة تصبح املعرفة على تعقد استيعاب على قادرة غير تزيئها، بسبب أصالتها، من الرغم في املعمم، اجلهل حدة ترتفع وباملقابل واستدماجه، اإلنسان الوجود

الوقت الذي تتضخم فيه معرفة األجزاء املنفصلة.

املستقبل أن تقوم باالستفادة من هذا تربية يلزم على لكل هذه احملاذير الوجود لشروط أفضل فهم أجل من الطبيعية العلوم من الكبير العدد تتجه العلوم اإلنسانية، فيجب أن أما وظيفة العالم، اإلنساني في هذا نحو توضيح األبعاد اإلنسانية املتعددة واملركبة وضرورة إعارة االهتمام الفلسفية والتاريخية فحسب، بل لكل اجلوانب اإلنسانية املهمة، ليس

الشعرية والفنية أيضا.

من حصة تدريبية في مدرسة غزة للموسيقى.

Page 123: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

126

في عمق املادي والبيولوجي.

4.1 الشرط اإلنساني

من ألن قصوى، بأهمية حتظى اإلنساني الشرط على التربية أهمية إن الوجود اإلنساني من بها التي تشكل الكيفية يبرهن على أن شأن ذلك

خالل تميع بعدين أساسني: البعد اإلنساني، والبعد احليواني.

تفيدنا األنثروبولوجيا املهتمة بدراسة حقب ما قبل التاريخ، في التعرف مغامرة يعتبر إلنسانيته اإلنسان اكتساب أن إذ األنسنة، مسلسل على إنها السنني، مباليني تقاس ومبدة التاريخ، عمق في جذورها تضرب األولني، البشر أشكال ميالد شهدت منفصلة مبراحل مرت مغامرة و“األموسابيان“ “النيودرتال“، أسماء عليهم العلم يطلق الذين األنواع بعض اختفاء أيضا عرفت كما املنتصب»، و“اإليريكتوس السابقة، وكذا انبثاق لغات وثقافات، ومراحل متصلة مبا يعنيه ذلك من استمرار مسلسل تطور وظائف اليدين والرجلني واستقامة اجلسم وتطور انبثقت التي الصيرورة وهي االجتماعي، التعقيد واستمرار الدماغ، منها اللغة اإلنسانية التي متيزنا. هذه اللغة ساهمت في الوقت نفسه في واالعتقادات والكفاءة املعارف من املكتسب والرأسمال الثقافة تطور

واألساطير املنقولة جيال عن جيل.

اإلنساني الكائن إن جديدة. والدة إلى األنسنة عملية انتهت لقد خالل من نقاربه أن ميكن اإلنسان مفهوم فإن ذلك ومع »يتأنسن«، مدخلني: مدخل بيومادي وآخر نفسي اجتماعي، حيث يحيل أحدهما هذه بفعل لكن واحلياة، والطبيعة الكون هو أصلنا إن اآلخر. على أصبحنا الوعي وهذا الفكر وهذا الثقافة هذه وبفعل نفسها اإلنسانية

غرباء عن هذا الكون، الذي يظل متخفيا فينا على الرغم منا.

إن فكرنا ووعينا الذي مكننا من معرفة العالم هو نفسه ما يبعدنا عنه، بل إن قضية الدراسة العلمية واملوضوعية للعالم تبعدنا أكثر عن هذا الكون

الثاوي فينا الذي ننتمي إليه.

إن تطورنا يتجاوز البعد املادي واحلي، وهذا التجاوز هو أن اخلصائص لنقطة صغيرة داخل مجسم ضخم. يقع اإلنسانية في تشتتها شبيهة مبا نحمل داخل خصوصيتنا وتفردنا، ليس فقط اإلنسانية وكل احلياة كافة، عمق في ميكث الذي غموضه بكل الكون، كل تقريبا نحمل ولكن الطبيعة اإلنسانية. وباملقابل، لسنا مجرد كائنات ميكن إدراكها وفهمها انطالقا فقط مما هو كوسمولوجي أو مادي بيولوجي أو نفسي. إن إنسانية

اإلنسان أكبر من أن تختزل في هذا البعد أو ذاك.

2. إنسانية اإلنسان

1.2 الوحدة املزدوجة

وهذه وثقافي، بيولوجي مكون من نفسها بالدرجة اإلنسان يتكون الوحدة املزدوجة هي ما مينح اإلنسان أصالته ومتيزه. إنه كائن حي متفوق طور بطريقة مذهلة قدراته على احلياة. إنه تعبير بطريقة مفرطة جدا عن

الالنظام تأثيرات إلى باستمرار للتنظيم تعرض الكوني التتويج إن هذا من الكون منعت التي التجميع ملؤثرات أيضا تعرض كما والتدمير،

التالشي واالختفاء بعد ميالده.

تطور أجل من الكونية املغامرة نتابع احلالي اإلنساني وجودنا في إننا خالق، تقودنا في هذه املسيرة تلك امليزة اخلاصة املتمثلة في قدرة الكائن املغامرة هذه اخلاصة بطريقتنا نواصل إننا الذاتي. التنظيم على احلي

احملفوفة باملخاطر.

2.1 الشرط املادي

من القليل انتظمت التالي: الشكل على األرض على احلياة نشأت بحري »تخمر« طريق عن وحرارية دينامية بطريقة املادية املكونات بالشمس، احلياة ترتبط وهكذا، كهربائي. وتفريغ كيماوي وتفاعل وتمعت الشمس، من الدافعة طاقتها استمدت احلياة مكونات ألن على كوكب لفظته هذه األخيرة. إن احلياة نتاج للتحوالت التي شهدها وبهذا، الشمسية. الدوامات شرارات من املستمدة الفطونات مجرى الكوني، والتالشي الشتات عن ناتة بويضة من األحياء نحن نتكون

ومن بعض مكونات الوجود الشمسي التي لقحت الوجود األرضي.

3.1 الشرط األرضي

يرتبط مصيرنا مبصير الكون بشكل وثيق على الرغم من أننا نقع في اجلزء الثالث الكوكب ميثل الذي األرض كوكب في نعيش إننا منه. الهامشي للشمس التي انتزعت منها مركزيتها، وأصبحت جنما قزميا تدور على غرار

مليارات النجوم في مجرة، تشكل بدورها هامش كون يتمدد باستمرار.

لقد تشكل كوكب األرض الذي ننتمي إليه منذ حوالي خمسة مليارات أصاب دمار عن ناجت كوني بانفجار يقول احتمال من انطالقا سنة، شمسا. أما بخصوص الكائن احلي، فقد انبثق رمبا حوالي أربعة مليارات اضطرابات بفعل اجلزيئات، من ملجموعة ضخمة دوامة نتيجة سنة الكواكب وتشنجاتها. وهكذا انتظمت األرض كونيا، وأنتجت نفسها باستقالل عن الشمس، وتشكلت من خالل تركيب فيزيقي حي انطالقا

من اللحظة التي تطور فيها محيطها البيولوجي.

إننا في اآلن نفسه كائنات كونية وأرضية. إن احلياة نتجت بفعل تشنجات واضطرابات الكواكب )les convulsions telluriques( وفي سياق مغامرتها الوجودية هذه تعرضت في مناسبتني خلطر التالشي عند نهاية احلياة البدائية، وخالل املرحلة الثانوية. لقد تطورت احلياة ليس كأمناط شكل بيئية أنساق شكل على كذلك تطورت ولكن فحسب، مختلفة فيها االفتراس سلسلة من االنتصارات ذات التوجه املزدوج: احلياة من

جهة، والعدم من جهة ثانية.

وجب لذلك الشاسع، الكون هذا في فيها نعيش التي األرض تسبح الهامشية واحمليطية، وباعتبارنا الوضعية النتائج من هذه أن نستخلص باملجال حيوي بشكل نرتبط فإننا األرض، هذه داخل حية كائنات البيولوجي األرضي، ما يجبرنا على االعتراف بالهوية اإلنسانية الضاربة

Page 124: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

127

والعقل، والقلب الغريزة بني معروفة صراعات تتضمن حيث أيضا، عقل، لتراتبية: بالضرورة تخضع ال الثالثية العالقة فإن وبالنتيجة عاطفة، غريزة. إن العالقة بني هذه املكونات ليست سكونية بل دائرية. مكون مجرد إنها مطلقة، سلطة على تتوفر ال املعنى بهذا العقالنية الثالثة، وهي باقي املكونات يتنافس ويتعارض، وال ميكن فصلها عن املكونات على باقي الوقت نفسه هشة، وتتمثل هشاشتها في قدرة في السيطرة عليها وإزاحتها، بل واستبعادها من قبل اإلحساس أو الغريزة. وتستعمل للمنطق، اخلارقة القدرات تشغل أن ميكن القتل غريزة إن

العقالنية التقنية من أجل تنظيم أفعالها وتبريرها.

4.2 ثالثية: الفرد، املجتمع، النوع

فرد، الثالثية: هذه عند التوقف دون اإلنسان عن احلديث يستقيم ال إنتاج إعادة لصيرورة منتوج سوى ليسوا األفراد ألن نوع؛ مجتمع، منتوج اللتقاء ليست سوى نفسها الصيرورة لكن هذه البشري، النوع األخير وهذا املجتمع، تنتج األفراد تفاعالت فإن وهكذا، فرديني. شاهد على انبثاق الثقافة التي تؤثر جدليا على األفراد انطالقا من الشكل

التالي:

فرد

نوع مجتمع

حال بأي ميكن وال باألفضلية، العناصر هذه من عنصر أي يحظى ال الغاية منه جنعل وأن الفرد، على اإلطالقية صفة إضفاء األحوال من القصوى لهذه الثالثية، كما ال ميكن في الوقت ذاته أن نضفي اإلطالقية أجل من بدوره يعيش الذي الفرد حساب على املجتمع على نفسها املجتمع. وهكذا يصبح كال الطرفني غاية ووسيلة: إن الثقافة واملجتمع من متكنهم األفراد بني التفاعالت أن كما التالحم، من األفراد متكن وباملقابل، للمجتمع. الذاتي التنظيم إلى والوصول الثقافة استمرارية ميكننا أن نعتبر أن االنفتاح وحرية تعبير األفراد/الذوات يشكل مصيرنا الغاية تشكل نفسها الذوات أن نعتقد أن دون والسياسي األخالقي أنه ال ميكن النوع. واخلالصة، الفرد، القصوى من ثالثية: املجتمع، لها، املكونة العناصر عن انفصالها في اإلنسانية الظاهرة تعقيد فهم الذاتي لالستقالل متالزما تطورا يعني لإلنسان حقيقي تطور كل ألن باالستماع لإلحساس وتطورا اجلماعية، للمشاركة وتطورا لألفراد،

إلى النوع اإلنساني.

3. الوحدة املتعددة التركيبات: الوحدة والتنوع اإلنساني

ال اإلنساني النوع وحدة تكون أن على املستقبل تربية ترتكز أن يجب فكرة على القضاء ميكنها ال التعدد فكرة أن كما تعدده، مع تتعارض

إمكانياته التمركزية والغيرية للفرد.

إن اإلنسان ذو أبعاد بيولوجية، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ولكن افتراض عدم توفره على املكتسب الثقافي سيحوله إلى كائن بدائي من التراكمات من مبا هي مجموعة الثقافة إن األولى، احليوانية األصناف احلاصلة عبر سنني طويلة تتضمن كل ما مت االحتفاظ به ونقله وتعلمه،

وهي تتضمن أيضا القواعد واملبادئ املكتسبة.

2.2 دائرة الدماغ .. الفكر .. الثقافة

ال يكتمل اإلنسان ككائن تام اإلنسانية إال داخل الثقافة وبواسطتها، كما أنه من املستحيل تصور ثقافة دون دماغ إنساني )كجهاز بيولوجي يتوفر على كفاءة احلراك، والتصور، واملعرفة والتعلم(، لكن ال وجود لفكر خالص؛ أي إمكانية وجود وعي وفكر دون ثقافة. إن الفكر اإلنساني مبجرد إذ والثقافة، الدماغ بني الثنائية العالقة هذه داخل وينمو ينشأ

انبثاق الفكر يتدخل في اشتغال اجلهاز العصبي ويؤثر عليه.

والثقافة، والفكر الدماغ من متشكلة العناصر ثالثية دائرة إذن هناك حيث كل مفهوم يقتضي بالضرورة وجود العنصر اآلخر. وهكذا، فإن إمكانيتها التي ال ميكن تصور الثقافة أفرز الذي الدماغ انبثق من الفكر

دون دماغ.

3.2 دائرة العقل اإلحساس .. والغريزة

إلى جانب ثالثية )الدماغ - الفكر- الثقافة( ميكن العثور أيضا على ثالثية بيو– أنثروبولوجية أخرى غير مذكورة سالفا، واملتمثلة في ثالثية أخرى Mac( تد سندها في التصور الثالثي للدماغ، كما جندها لدى ماكلنياألمريكي العالم هذا نظرية حسب اإلنساني الدماغ أن إذ 1،)lean

يتضمن مجموعة من املكونات:

مصدر وهو الزواحف، دماغ من وراثته متت الذي اجلبهي الفص <العدوانية والغرائز البدائية.

حيث األولى، الثدييات مخلفات من كجزء احلوفية، الدماغ قشرة <يبدو احلصني )l’hippocampe(2 كمؤشر على ذلك االرتباط الدال بني مجموعة من الكائنات وحلقة مهمة في التطور. إن هذا اجلزء من

الدماغ مسؤول عن تطور العاطفة وتطور الذاكرة الطويلة األمد.> القشرة الدماغية: واملتطورة بشكل كبير لدى الثدييات إلى درجة تغطية وهي الدماغية، القشرة من الغربي اجلزء وتشكيل املخ أجزاء جميع متضخمة بشكل كبير لدى اجلنس البشري مقارنة بباقي األنواع، وهي التي حتولت فيما بعد إلى قشرة املخ احلديثة )néocortex( التي تعتبر املسؤولة عن القدرات التحليلية واملنطقية واإلستراتيجية، والتي تعمل الثقافة على تطويرها باستمرار. وهنا يظهر وجه آخر من أوجه التعقيد وزواحف( )ثدييات حيوانية صفات استدماج في واملتمثلة اإلنساني جهة من باحليواني اإلنساني واختالط جهة، من البشري الكائن في

ثانية.

تنافرية ولكنها فحسب تكاملية ليست الثالثة املكونات بني العالقة إن

Page 125: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

128

املطبعة، وتختلف أيضا حسب درجة حضور املعتقدات الدينية واألفكار املالئكية. غير أن بعض الثقافات استطاعت أن تصبح عاملية. فداخل كل واألساطير والقيم واألفكار املعتقدات من خاص رأسمال يوجد ثقافة وأجدادهم معينة جماعة أفراد بني القوية الروابط أساس تشكل التي

وثقافتهم وموتاهم.

الوحدة من واحلد التبخيس جاهدين التعدد عن املدافعون يحاول اإلنسانية، في حني يعمد املدافعون عن الوحدة اإلنسانية إلى اعتبار التعدد بالوحدة االهتمام يجب التوجهني هذين ضد هامشية. مسألة الثقافي

التي تضمن وتشجع التعدد: تعدد يدخل ضمن سياق الوحدة.

فالثقافة للثقافات. بالنسبة حاسما أمرا والتعدد الوحدة ثنائية تشكل فتحافظ الثقافات أما خصوصياتها، في اإلنسانية الهوية على حتافظ على الهويات االجتماعية في ما مييزها. وهكذا يظهر أن الثقافات تنغلق على ذاتها من أجل حماية الهوية اخلاصة. وباملقابل، تقوم هذه الثقافات وعادات والعادات األفكار استدماج خالل من اخلارج على باالنفتاح ثقافة ما املعارف والتقنيات. إن استيعاب األكل واألفراد، وليس فقط لعناصر ثقافية تنتمي إلى مجال آخر يؤدي إلى حصول اإلغناء واإلثراء. النموذج إن الثقافي. التالقح عن تنتج وخالقة جدا كبيرة مكتسبات اخلالق لهذا التالقح يتجسد بوضوح في موسيقى الفالمنكو وموسيقى أمريكا الالتينية وموسيقى »الراي«.3 وباملقابل، فان إقصاء ثقافة ما حتت كافة، لإلنسانية خسارة يشكل واحلضارية التقنية للهيمنة املدمر التأثير

التي يشكل التعدد الثقافي أحد كنوزها األكثر أهمية.

إنسان كل فان سابقا، أسلفنا وكما ومتعدد، واحد اإلنساني الكائن أن كل كائن مهما إذ أبسط مكوناته يحمل داخله مخلفات كونية، في من عناصر تكوينه في يتضمن بدائيا، كان ومهما انغالقه شدة كانت وشخصياته املتعددة الداخلية أبعاده داخله في يحمل إنه الكون. هذا املتوهمة، ووجودا، متعددا، العناصر االفتراضية، وعددا النهائيا من السر في والتمرد، الطاعة في واليقظة، النوم في وواقعيا، ومتخيال

والعلن.

ومشاعر واألوهام األحالم من مجرات داخله يتضمن شخص كل ظمأى من الرغبات ومشاعر احلب، وانتكاسات من احلزن، ومساحات ال متناهية من الالمباالة املتراكمة، وأكواما من النجوم احملترقة، ومشاعر

من الكراهية، وإشراقات من الوضوح، ورعودا من احلماقات.

4.3 اإلنسان، العاقل، الواهم

يجب أن نتخلص في القرن احلادي والعشرين من تلك النظرة األحادية ،)homo sapien( البعد التي تعرف الكائن اإلنساني بالعقل فحسبالنظرة تلك ،)homo faber( الصانع بالكائن وصفه خالل من أو التي حتصره في أنشطته التي تعرف الكائن اإلنساني بالعقل فحسب أو االقتصادية )homoeconomicus( أو من التي تقتصر على الوظائف

األساسية.

خالل من األحادية، النظرة هذه عن بعيدا اإلنسان إلى النظر يجب

الوحدة إن إنساني. باملقابل تعدد إنسانية وهناك الوحدة. هناك وحدة ال تتمثل في املالمح البيولوجية لإلنسان العاقل، كما أن الوحدة ليست اإلنساني، للكائن واالجتماعية والثقافية السيكولوجية املكونات في هناك أيضا تعدد محض بيولوجي داخل الوحدة اإلنسانية ذاتها. وهناك وحدة ليس فقط في اجلهاز العصبي، بل وحدة فكرية ونفسية وشعورية وثقافية، األدهى من ذلك أن الثقافات واملجتمعات األشد تباينا يشتركون

في مبادئ عامة أو منظمة.

وهكذا، للتنوع. املتعددة املبادئ داخلها تتضمن اإلنسانية الوحدة إن فإن فهم األبعاد اإلنسانية تقتضي فهم وحدة النوع اإلنساني في تنوعه، الوحدة في إلى ينظر بناء تصور جديد تنوعه في وحدته، يجب وفهم التنوع وينظر إلى املتعدد في الواحد. وعلى هذا األساس، يجب على الوحدة والتعدد في كل املجاالت، بل يجب أن التربية أن تشجع مبدأ

يكون هذا الهدف بداية ومنتهى كل فعل تربوي مستقبلي.

1.3 املجال الفردي

إنسان فكل الوراثيان. والتعدد الوحدة نفسه الفرد داخل تتجاور الوقت في يحمل كما اإلنساني، النوع مورثات جيناته في يحمل وتنوع وحدة هناك وفسيولوجيا. تشريحيا له املميزة خصوصياته ذاته فكل وذاتي. وثقافي، وعاطفي، وسيكولوجي، عقلي، عصبي، إنسان يحمل داخله خصوصيات عصبية وثقافية وسيكولوجية وعاطفية يتكون ذاته، الوقت وفي مشترك، هو ما إلى باألساس ترتد وذاتية اإلنسان من خصوصيات عقلية وأخالقية ونفسية وشعورية وثقافية متيزه

عن اآلخرين.

2.3 في املجال االجتماعي

اآلن في والوحدة التنوع ثنائية عن يخرج ال بدوره االجتماعي املجال البنيات، لكنها تشترك اللغات توجد اختالفات شاسعة في ذاته، ففي الكالم في توائم يجعلنا ما املزدوج، متفصلها حيث من جميعها في جندها نفسها والتعدد الوحدة وثنائية اللغات. في ومختلفني

التنظيمات االجتماعية والثقافية.

3.3 التنوع الثقافي وتعدد األفراد

بصيغة وثقافات املفرد بصيغة ثقافة فنقول صيغتني، الثقافة تتخذ واألسس والقواعد والقدرات املعارف من تشكيلة الثقافة إن اجلمع. واإلستراتيجيات واالعتقادات واألفكار والقيم واألساطير املنقولة جيال عن جيل، التي يعيد إنتاجها كل فرد وتفرض رقابة على املجتمع وحتافظ قدمي ملجتمع وجود فال والسيكولوجي. االجتماعي التناسق على وبالتالي املتفردة، خصوصيتها ثقافة لكل لكن ثقافة، دون حديث أو توجد ثقافة في الثقافات، لكن الثقافة ال ميكن أن تستمر إال عبر الثقافات

املتعددة.

هو كما الثقافات، اختالف حسب متفاوتة بدرجات التقنيات توجد احلال بالنسبة لتقنيات العجالت والدوران، أو الترابط، أو البوصلة أو

Page 126: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

129

قادر على إنتاج معرفة موضوعية. إنه كائن جدي، ويجيد العد، ولكن أيضا كائن قلق وعصبي وفرجوي، يحب اللذة ويهيم بها، كائن عنيف وحنون، محب وحاقد، كائن يخترقه اخليال، ويعترف بالواقع، يسمع ويتجاوران والسحر األسطورة يستبطن به. التصديق ويرفض باملوت فيهما ويشكك واألفكار باآللهة مهووس والفلسفة. العلم مع داخله غير واألحالم األوهام ومن الواقعية األفكار من يتغذى وينتقدهما، الواقعية، وفي الوقت الذي حتدث فيه القطيعة بني الرقابة العقلية والثقافية واملادية، يقع ذلك اللبس القائم بني الذاتي واملوضوعي. وعندما يتحقق البعد األحمق في يقوم مترابط بفعل سيادة منطق غير انسجام األوهام اإلنسان باستعباد الكائن العاقل، ويصبح الذكاء العقالني تابعا للجانب

املتوحش من البشر.

ال بد من التساؤل كذلك إن كان احلمق يشكل معضلة أساسية لإلنسان وليس فقط مخلفاته أو أمراضه. إن تأثير احلمق اإلنساني كان واضحا األنحاء كل من وللشعراء الشرقية، واحلكمة القدمية للفلسفة بالنسبة ومن »باسكال«، إلى »إيرازم« من األخالقية النظرة وألصحاب بفعل تالشى، هذا احلمق موضوع أن غير »روسو«. إلى »مونتني« واجتاحت العالم، اجتاحت التي اإلنساني للتيار األيديولوجية الفورة

أيضا العلوم.

عن الناتة النووية الطاقات )فقط الفناء إلى اإلنسان احلمق يقد لم مقابل في والتقني العقالني التقدم وفقط العلمي العقل استخدام وعلى البشر إن بل اإلنسان(. دمار إلى تودي أن ميكن البيولوجي، الرغم من قضائهم جلزء مهم من أوقاتهم في الرقص وممارسة الطقوس والعادات والتزيني وعدد ال يستهان به من احلماقات، فإن التقدم التقني والفلسفة احلضارات وأنتجت حقا، مذهال يعتبر احلاصل والعلمي

والعلم، وسيطر الكائن اإلنساني على كوكب األرض.

ميكن أن نستخلص أن التطورات املعقدة أجنزت بواسطة احلمق اإلنساني وضده. إن احلوار عقل/حمق كان ناجعا في الوقت نفسه الذي يشكل القوة خالل من انبثقت قد والفنون والعلم الفكر إن دمار. عنصر فيه واآلمال. واملخاوف والرغبات والقلق واألحالم للعاطفة العميقة احلمق عقل/حمق. الثنائي دائما يتجاور اإلنسانية اإلنتاجات كل في يناقض العقل لكنه يستحثه. وقد الحظ أفالطون منذ القدمي أن ديكي،

ممثلة قانون احلكمة، سليلة أوربيس التي متثل إله الالنظام.

سجن مثلها التي العبودية، أعمدة دمر الذي ذاك األعمى الغضب إنه الباستيل كانت من طبيعة السيطرة على سجن فإن الباستيل، وباملقابل الذي واإلعدام املوت طوفان مسؤولية سيتحمل نفسه والعقل عقلية،

أعقب الثورة الفرنسية.

العبقرية في شكل من أشكالها، ناتة باألساس من عدم القدرة على في أو ما هو واقعي ومنطقي، وفي شفرة وراثية اإلنسان في سجن ثقافة أو مجتمع. إن البحث واالكتشاف ال يتقدم إال عبر صبيب معني تنبثق ال العبقرية ألن املتاح. التردد من هامش وعبر الاليقني، من فعله ويفعل احلمق يتأجج وهنا الرقابة. من االنفالت رحم من إال

املبدع.

ذاته في يحمل مركبا كائنا باعتباره اإلنسان يقارب بتصور استبدالها خصائص متناقضة وبطريقة ثنائية األقطاب، إنه:

)sapiens - démens( عاقل وواهم <)faber- ludens( عامل والعب يحب اللهو <

)empiricus- immaginerues( واقعي وخيالي <)economicus- consuman( منتج اقتصاديا، ومستهلك <

)prosaicus-poeticus( نثري وشعري <

ذلك نفسه وهو عاطفية، أبعادا احلامل نفسه هو العقالني اإلنسان إن الذي ذاك نفسه هو العامل واإلنسان واخلرافات، باألسطورة املؤمن يجد في اللعب جوهره، كما أن اإلنسان الواقعي هو نفسه ذلك اإلنسان ميثل باالقتصادي اإلنسان نصف أن ميكن الذي نفسه وبالقدر احلالم. النثر، البعد االستهالكي. من جهة أخرى، فاإلنسان منتج أيضا ذلك ومشاركة، امتياز، من ذلك يعنيه مبا أيضا، الشعر ينظم الذي هو إغراق على قادر ناشئ حب وكل شعر، احلب إن ونزوات. وحب العالم شعرا، وكل حب وجد طريقه نحو االستمرارية يبعث في احلياة اليومية متدفقا من الشعر فيما تؤدي نهاية احلب إلى رمينا في صحاري النثر. يتضح إذن، أن اإلنسان ال يعيش فقط من خالل بعديه العقالني الرقص، وفي جذبة مرضية في إنه يشمئز، ميزح، وينخرط والتقني، وفي األساطير، والسحر والطقوس. إنه يعتقد أيضا في قيم التضحية.

ويعيش باستمرار مستعدا حلياة ما بعد املوت.

في جميع املجاالت يتمظهر النشاط التقني والعملي والثقافي، كمؤشر تشكل كذلك، املجاالت جميع وفي وعقالني. تريبي ذكاء على الذي والضياع وأفراحها متظهراتها بكل والطقوس واألعياد احلفالت والواهم واخليالي واالستهالكي الترفيهي البعد على مؤشرات تقتضيه

في اإلنسان.

بسيطة أنشطة مجرد ليست والطقوس واالحتفال اللعب أنشطة إن للترفيه واالسترخاء من أجل التخفيف من عبء اليومي والعمل. كما أن االعتقاد في اآللهة، وفي األفكار ال ميكن اختزالها إلى مجرد أوهام أو خرافات. إنها تضرب بجذورها عميقا في األعماق األنثروبولوجية، ألنها تهم الكائن اإلنساني في طبيعته األصلية. دون شك، هناك عالقة واألسطورة والسحر والعاطفي السيكولوجي بني متخفية أو ظاهرة والدين. هناك في الوقت نفسه وحدة وازدواجية ما بني اإلنسان العامل، العاقل، اإلنسان األسطوري، وبخاصة أن اإلنسان الالعب، اإلنسان أي في يستطع، لم اإلنسان، لدى التقني التجريبي العقالني التطور حال من األحوال، أن ينهي مع املعرفة الرمزية واألسطورية والسحرية

والشعرية.

5.3 اإلنسان املركب

إننا كائنات لعوبة، وعدوانية، وواهمة، وبالقدر نفسه، نحن عقالنيون. عقالني كائن اإلنسان إن باإلنسان. اخلاصة اللحمة يشكل ذلك كل كائن إنه عليه. ومستعص للقياس قابل ذاته، الوقت في عقالني وال ولكن يبكي، يبتسم، يضحك، إنه مستقر. وغير كثيف إحساس ذو

Page 127: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

130

التي تربط بني املعرفة والوعي بالشروط الوجودية املشتركة لكل البشر والوعي أيضا بهذا الثراء الضروري املتمثل في تنوع األفراد والشعوب هذه إلى ننتمي كمواطنني مشتركة جذورنا يجعل ما والثقافات،

األرض.

إدغار مورانترجمة: عزيز مشواط

النفسية والوجدانية الرابط بني األعماق اإلبداع من خالل ذلك ينبثق املظلمة والشعلة املتقدة للوعي. وعلى هذا األساس يجب على التربية أن تكشف وتوضح املصير املتعدد املعالم لإلنسان، من خالل توضيح الفرد، واملصير االجتماعي، واملصير النوع اإلنساني، ومصير مصير بني ومن املنفصلة. وغير نظام بال املتناثرة املصائر وكل التاريخي، فهم موهبة من اإلعالء املستقبل، لتربية أيضا األساسية الرهانات تلك هي باملستقبل جديرة تربية كل إن ودراسته. اإلنساني التعقيد

الهوامش

ENSEIGNER LA CONDITION( هو للمقال األصلي العنوان *

املعنون موران إدغار كتاب من الثالث الفصل وميثل ،)HUMAINE Les sept savoirs( املستقبل« لتربية الضرورية السبعة »املعارف بـ من بدعم واملنشور ،)nécessaires à l’éducation du futur

اليونسكو. 1 بول د. ماكلني عالم البيولوجيا العصبية، أمريكي اجلنسية )2007-1913(. اإلنساني الدماغ أن فيها يعتبر التي الدماغ حول الثالثية بنظريته اشتهر مراحل من مرحلة على مكون كل يحيل بحيث مكونات، ثالثة يتضمن احلالي، لإلنسان وصوال والثدييات الزواحف من بدأت اإلنساني التطور

)املترجم(.للدماغ، الصدغي الفص أسفل توجد دماغية قشرة آمون قرن أو احلصني 2وقد حظيت باهتمام كبير من الدراسات التشريحية منذ أواخر القرن التاسع املعطيات إلى االهتمام ويرجع املنصرم. القرن أوائل في وبخاصة عشر، الباحث هذا أظهر حيث ،)Papez( بابيز األعصاب طبيب قدمها التي اجلهات من وافتراضها املعلومات، اكتساب في مهما دورا للحصني أن الدراسات أكدت وبالفعل، والذاكرة. للتذكر والضرورية األساسية

والذاكرة بالتذكر املعلومات اخلاصة للحصني دورا في معاجلة أن بعد فيما طويلة املدى. وزيادة على كون هذه اجلهة الدماغية تشكل املمر الضروري للمعلومات، فإن لها دورا آخر ال يقل أهمية عن األول، بحيث أنها تخزن أسابيع عدة، إلى زمانية تصل ملدة الترسيخ في طريق التي هي املعلومات قبل أن تبعث أو مترر إلى نوى أو باحات قشرية دماغية أخرى. ويستغرق بعض في يدوم زمانيا حيزا األخرى والباحات بالنوى املعلومات تخزين يتولى عصبحيوي ونشاط دور منها لكل عدة، نوى أو بباحات األحيان

وظيفة معلوماتية معينة، )املترجم(.إلى أصولها تعود اجلزائري، بالغرب نشأت غنائية موسيقية حركة هو الراي 3العامية اللهجة من امللحون أغاني لغة »امللحن«، أي امللحون الشعر شيوخ الديني املديح من مواضيعها جل وتأخذ الفصحى، للعربية جدا القريبة واملشاكل االجتماعية. ركزت اهتمامها إبان فترة االستعمار الفرنسي على سرد مآسي السكان من صعوبة في املعيشة وآفات اجتماعية حتاول بها توعية املستمع. تطورت هذه احلركة كثيرا في أواخر القرن املاضي في كل من املغرب واجلزائر، بعد أن استطاع بعض الشباب تطعيمها بإيقاعات موسيقية غربية وشرقية مختلفة

لتشكل منوذجا فريدا من التمازج واالختالط املوسيقي، املترجم.

من دورة كمبيوتر للفتيات نظمها مسرح احلرية في جنني.

Page 128: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

131

إلى صعوبات املنهاج من وجهة نظر الطالب واملعلم.> ما هي إشكالياتها املعرفية واإلجرائية؟ وكيف يتم تاوزها؟ وفي في املعلمني تارب بعض يوثق أن للملف نريد السياق، هذا

املناهج، أو تارب على متاس معها.

أن يفترض الذي املجتمع نظر لوجهة نعرض أن نريد وكذا طموحاته عن وتعبر حكايته، سرد لتعيد جاءت املناهج هذه

املستقبلية:

> ماذا كان مأموال منها؟ وماذا حتقق من منتظراتها؟> كيف ينظر الناس إلى أبنائهم الذين هم صنيعة هذه املناهج؟

وللمشاركني في تأليف املناهج:

وثقافيا اجتماعيا فيها الفلسطينية اخلصوصية مراعاة متت هل <وعلميا، أم أن هذه املناهج اجترار لتجارب دول أخرى ونسخ

لها مع قليل من احلذف والتعديل واإلضافة؟> هل هذه املناهج بنيت بإرادة فلسطينية خالصة أم أنها كانت ميدانا

لصراع اإلرادات؟

مساحات أخرى.. محاور إضافية:

مناهج في املقاربة وأشكال اخلصائص .. العلم طبيعة .1العلوم.

مناهج في وموقعهما العلميان واالستقصاء التجريب .2العلوم.

3. اخليال العلمي ومستويات التفكير العليا.. واقع احلال وآفاق التطوير.

املدنية التربية مناهج في )اجلندر( االجتماعي النوع مفهوم .4والوطنية.

محرر امللفمشهور البطران

قبل قرابة عقد من الزمن، مت تطبيق أول املناهج الفلسطينية. وعاما انخرط ذلك وأثناء تباعا، املناهج هذه تتوالى بدأت عام، بعد اجلديدة. املرحلة لهذه إلعدادهم تأهيل دورات في املعلمون واآلن، بعد أن مت إجناز املناهج الدراسية كافة وللصفوف واملراحل جميعها، رمبا نحتاج في هذه اللحظة التاريخية كمجتمع ومعلمني كلمتنا لنقول املناهج هذه إلى جريئة نظرة إلى مناهج وواضعي

فيها.

أن حاول الذي »اآلخر«، ملناهج اخلضوع من قرن قرابة بعد غاياته وفق وجغرافيا- -تاريخا الفلسطينية الهوية معالم م يرسوشروطه، نريد ألول مرة أن نقارب معالم الهوية الفلسطينية التي يزال الفلسطيني ال الشعب أن املناهج. وحيث بها هذه بشرت هذه عند نقف أن الضروري من فإنه االحتالل، نير حتت يرزح

اخلصوصية، لنرى كيف قاربت املناهج هذه اخلصوصية.

نعتقد اآلن أن الفرصة سانحة لوقفة جريئة تتسم برؤية حتليلية نقدية ومنتظراتها الفلسفي الفكري بعدها في نسائلها املناهج، لهذه اآلن مير الفلسطيني املجتمع أن وبخاصة واالجتماعية، الثقافية في مرحلة انقسام سياسي غير مسبوق، وكيف ننظر إلى املجتمع الفلسطيني اآلن سياسيا واجتماعيا وثقافيا على ضوء دور املدرسة

ومناهجها ومنتظراتها ونتاجاتها؟

مجلة وعبر التربوي، والتطوير للبحث القطان مركز في ونحن رؤى تربوية، اعتدنا على نشر ملفات متخصصة في حقول تربوية ومعرفية ذات عالقة بالعملية التربوية في فلسطني، واستمرارا لهذا النهج، فإننا نخصص ملف العدد القادم من املجلة ملقاربة املناهج الفلسطينية اجلديدة. في هذا امللف، نريد أن نعرض لوجهة نظر املعلمني، بصفتهم الفئة األكثر التصاقا بهذه املناهج، الذين كانوا

على متاس مباشر معها:

هل عنها؟ رضاهم درجة وما وهنا؟ اآلن إليها ينظرون كيف <هذه املناهج تتسم باإلبداع وتبشر مبستقبل واعد وتهيئ الظروف

ملجتمع املعرفة؟> ماذا يقول الطالب عن هذه املناهج؟ وفي هذا السياق رمبا نتطرق

املناهج الفلسطينية بعد عشر سنوات .. ما لها وما عليها

ملف العدد القادم

Page 129: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

132

القدس، جاء تنظيمنا لهذه الندوة، لنراكم على هذه املبادرة عبر رفدها مبعناه النقدي الفعل باتاه التقييمية النظرة من تنطلق نقدية، بأفكار

اإليجابي أو البناء.

بعد أن أصبح الكتاب في متناول املعلمني، وعبر مالحظاتهم عنه، ومن خالل اإلطالع عليه وعلى مفعوالته في املدرسة وبني املعلمني والطالب، وكيف أنه شكل مرجعية أساسية ودليل عمل حكم عمليات البحث من قبل املعلمني والطالب التي اندرجت في منطق الكتاب نفسه، وفي ضوء كل ذلك مت التخطيط لبناء تصور لهذه الندوة، بعد أن استشرفنا العديد

من آراء املثقفني واملعلمني، فقمنا باخلطوات التالية:

مختصني على توزعها ومت النسخ، من مجموعة على حصلنا <ومثقفني.

> اطلعنا على الكتاب ورأينا أننا بحاجة ماسة لعمل حوار مجتمعي عنه وحوله.

> وجهنا الدعوة إلى عدد كبير من املثقفني، وراعينا أن يكونوا متنوعي الصلة احلياتية بالقدس، وبخاصة اخللفيات والتوجهات وذوي صلة

اليومية.> وبناء على مالحظاتهم األولية، مت بناء الندوة على محاور عدة تتناول والشكل الثقافي املضمون حيث من أي ومضمونا؛ شكال الكتاب

اجلمالي واملقاربة التربوية.

الذي احلضور من ومجموعة املتحدثني بحضور الندوة عقد ومت

بتاريخ تقييمية ثقافية التربوي ندوة القطان للبحث والتطوير نظم مركز 2008/3/19 حول كتاب »القدس .. الوطن والروح – خطة مرجعية« مركز في واالجتماعية اإلنسانية للمناهج العامة اإلدارة أصدرته الذي عاصمة »القدس ملناسبة العالي، والتعليم التربية لوزارة التابع املناهج دراسي لعام مرجعية خطة هو والكتاب .»2009 العام العربية الثقافة واحد، وقد قسم إلى ثالثة أقسام كل قسم خاص بفئة عمرية وصفية؛ األساسية للمرحلة والثاني األولى، األساسية للمرحلة األول فالقسم

املتوسطة، والثالث للمرحلة الثانوية.

جاءت هذه الندوة منقادة بتوجهني، التوجه التربوي والتوجه الوطني، سياسات حول عام مجتمعي حوار تفعيل على األول التوجه ويتركز الشأن التربوي ومناهجه وقضاياه، حيث أننا في مركز القطان نعمل على تشجيع جميع الفعاليات املجتمعية وإشراكها ملناقشة العملية التربوية في فلسطني، واملساهمة في تطويرها. ولهذا، تأتي هذه الورشة لتساهم في نقل النقاش واحلوار حول املناهج من حيزه اخلاص إلى العام، ليساهم األفراد واملؤسسات مبوقعهم املجتمع بكل طاقاته وإمكاناته عبر تدخل

وحراكهم، وعبر تقدمي رؤيتهم وتطلعاتهم نحو غد أفضل ألبنائنا.

أما التوجه الوطني، فينبع من كون الكتيب يتمحور ويدور حول القدس وما وهويتنا، وجداننا في خاص حيز من للقدس وملا عنها، والتعليم الصهيوني. االستيطاني االحتالل قبل من محو عملية من له تتعرض ولهذا، نرى أهمية وجود تعليم عن القدس، يقدمها مبا فيها من جغرافيا وتاريخ وبشر؛ بشر بحكاياتهم وذكرياتهم وثقافتهم وأحالمهم، ومكان هنا جاءت التاريخي. ومن الثقافي وعنفوانه وتنوعه بعمقه وحضارته هذه الندوة، ليس بهدف تقييم الكتاب؛ سواء أكان جيدا أم سيئا، وإمنا سيحمل غد أي لنستقصي ومفاصله، مخرجاته على للوقوف نسعى ألبنائنا، وأي قدس تعلم ألبنائنا، وأي هوية نسعى إلى تشكيلها، وأي

مجتمع نحاول بناءه.

وانطالقا من تقديرنا العالي ألهمية املوضوع، أال وهو القدس، وأهمية التعليم عنها وهذه نقطة تثمن للوزارة وللعاملني فيها، حيث جاء توقيت متس خطيرة فجوة ليمأل جاء أنه إال متأخرا، كان وإن مناسبا الكتاب

نظامنا التعليمي ومشروعنا السياسي.

على التربوي الشأن فتح بضرورة ذكرنا كما إمياننا ومن هنا، ومن مبوضوع االهتمام ومن املتبادل«، والتفعيل »التداخل مبعنى املجتمعي

القدس بني رمزية احلياة ومنطق السياسة

ندوة حول كتاب منهاجي: القدس شكل احلضور ودالالت الغياب

Page 130: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

133

االحتالل، جراء من معاناتهم وال اليومي، والسياسي والثقافي مذكورين في الكتاب.

د. إصالح جاد: ال منطق يحكم الكتاب»الكتاب ال يحكمه أي منطق ثقافي أو تربوي، وذلك لغياب الرؤية الواضحة والضغوطات اخلارجية«، هذا ما قالته د. إصالح جاد في

مداخلتها، وفيما يلي نصها:

فعندما قمت نفسية صعبة، املداخلة مع ظروف الواقع جاءت هذه في الطريق طويلة جدا حتى التي جعلت باحلواجز للقدس ومررت بزيارة تصل القدس، بدأت أشعر بحجم املعاناة والعزل والتغيير الذي أصاب مرور أمام نفسك تد ففجأة االغتراب، شعور تكرس كما املدينة، هذه في الكتاب فقرأت ذاهب، أين وإلى أتى أين من تعرف ال قطار

الظروف، ألخرج بثالث مالحظات مهمة جدا:

عرض يوجد ال بحيث األهداف، في االنتقائية األولى: املالحظة انتقائية فهنالك التاريخي، وال على مستوى احلدث، باملعنى تسلسلي في األحداث، وال يوجد تسلسل منطقي لها، وهذه األمثلة دليل على ثورة عن شيء أي ذكر دون البراق هبة على التركيز فمثال االنتقائية؛ العام 1936. فإذا كان الهدف التعريف بثورات الشعب الفلسطيني ضد االنتداب ومراحل مقاومته، فكيف يتم تاهل ثورة بحجم ثورة 1936-

البراق؟ هل التركيز هنا فقط على هبة 1939 وضخامتها؟! وما مغزى ألنها أخذت منحى الدفاع عن املسجد األقصى حني حاولت مجموعات يهودية أن تضع لها موطئ قدم فيه؟ وإذا كان األمر كذلك، فمرة أخرى كيف يتم تاهل ثورة العام 1936 التي كانت تدافع عن كل الوطن من على التركيز كذلك القدس؟! مدينة ذلك في مبا الصهيوني التغلغل املؤمتر اإلسالمي األول سنة 1931، وعدم التركيز على مؤمترات أخرى

ال قبل هذا املؤمتر وال بعده.

كذلك بالنسبة لالنتقائية، وهذا ما يشترك مع النقطة التي سوف أحتدث عنها، وهي ما هي الرسالة؟ جند في البداية احلديث عن مهبط الديانات السماوية، وفي الوقت نفسه جند تركيزا مبالغا فيه على الفتح اإلسالمي، في إال القدس، في املوجودة املسيحية اآلثار إلى إشارة أي يوجد وال مع عالقتها في الثاني والسياق الصليبي، الغزو عن احلديث سياق يوجد ال ذلك وغير للقدس، اخلطاب بن عمر دخول أي املسلمني؛ أي ذكر للبعد الديني املسيحي، على الرغم من أن املدينة حتوي العديد من اآلثار والكنائس املسيحية املهمة، وحتوي أيضا املسيحيني الشرقيني الذين لهم تراث عربي شرقي ووطني مهم جدا في القدس، وهي مكون

رئيسي من مكونات الشعب الفلسطيني.

هنالك الديني، الطابع غلبة وغير االنتقائية غير الثانية: املالحظة مالحظة حول استخدام املفاهيم، فمثال كتبوا »االستيطان اإلسرائيلي«، يوجد مليون ومأتي ألف عربي في إسرائيل يحملون الهوية اإلسرائيلية، أقول وعندما باالستيطان، عالقة لديهم ليس هؤالء نظري وجهة من استيطانا إسرائيليا فإن هذا األمر يعني أنني شملت هؤالء الناس. هناك تفرقة كبيرة بني املفاهيم الثالثة، من هو اليهودي؟ ومن هو اإلسرائيلي؟

ومن املستوطن؟

تقدمي الندوة من األول اجلزء تناول حيث ومعلمات، معلمني ضم النهاية وفي وتعقيباته، اجلمهور أسئلة وتلها الرئيسية، املداخالت تعقيبات املداخلني. وننشر في هذا اإلطار تعقيبات وزارة التربية والتعليم املناهج، حيث قمنا بإرسال نصوص املداخالت للوزارة ليتسنى – قسم لهم التعقيب من باب أن ذلك حق أوال، وثانيا خللق حاله حوارية حول

املوضوع التي هي غايتنا األولى.

إن املداخالت وما تالها من حوار قد ركز على قراءة كتاب القدس من ضمن يقدم ملا مصغرا منوذجا بوصفه مقاربته ومتت املتعددة، جوانبه باملعنى الكتاب تقييم هو الهدف يكن لم وبذلك التعليمي، نظامنا املعرفي« احلوار »تأصيل هو الهدف كان بل تقييم، لكلمة التقليدي بناء الثقافي، واالنتباه »ملا يقدم ألطفالنا«؛ أي إعادة كجزء من حراكنا ما »فسؤال ومسائلها، التربية قضايا تاه املجتمعة واحلساسية التيقظ املستقبل الذي نعده ألطفالنا مرتبط بأي أطفال نعد ملستقبلنا«، ولذلك وبناء املجتمعي، والتيقظ املعرفة، تأصيل مثلث على الندوة متحورت املناهج، كمركز ومؤسساتها والتعليم التربية وزراه عمل مع التكاملية ينتج عنها من وجهات نظر متعددة، ومساعدتها من خالل محاورة ما الوزارة زمنية ستقوم خالل مرحلة في وبخاصة رؤية مخرجاته، على

بالنظر في املناهج وإعادة تقييمها.

إن القول ميكننا واحلوار، املداخالت وحي ومن سبق، ما ضوء في عن التعليم أهمية على الندوة في املشاركون به خرج إجماعا هنالك القدس، وعلى ضرورة هذا املوضوع ثقافيا وتربويا، وأكدوا على أهمية تعليم القدس للطلبة، لكي يزداد تواصلهم روحيا ومعرفيا معها كمدينة فلسطينية وكعاصمة للدولة الفلسطينية املنشودة، مشددين على ضرورة تذكير الطلبة بأن مدينة القدس وسائر املدن الفلسطينية األخرى ما زالت مسيرة وتواصل تنجز جديدة أجيال بناء إلى وحتتاج االحتالل، حتت

التحرر الوطني الفلسطيني.

واعية قراءة ضوء في يبنى أن يجب ذلك أن املجتمعون رأى ولكن، السياسات تفرضه ما ضوء وفي السياسي، الفلسطيني للمشروع املجتمعية والثقافية. وقد رأى احلاضرون أن الكتاب مهم وخطير، ألنه وحصص مواد ضمن تعليمه وسيتم كافة، التعليمية للمراحل مقدم تدريسية متعددة )اجتماعيات، لغويات، ديانات(، وأن الكتاب يحاول والسياسية واجلغرافية التاريخية املجاالت في معلومات يتضمن أن معرفية أهداف من الكتاب في يطرح ما أن أيضا رأوا كما كافة... الكتاب من مواد معرفية، وهو أيضا غير وتربوية هو أكبر بكثير مما في

واضح ويعوزه الكثير من التنسيق والتدقيق.

وأجمعوا على أن الكتاب خال من أي نص حي، أو من أي أثر تفاعلي كمدينة القدس مدينة مع للتفاعل واملعلمني الطلبة لدى يتركه مباشر اندثرت التاريخ من مدينة كأنها القدس الكتاب يصور وإمنا حية، اليومية احلياة حيثيات جميع الكتاب أغفل فلقد موجودة. تعد ولم وأغفل اخلاصة، طقوسهم احتفاالتهم، أعيادهم، للمقدسني؛ حكايتهم فال القدس، في احلجر مع البشر تفاعل بيداغوجيا أيضا في عليها منصوص حضارتهم كثافة وال قصصهم وال نواديهم وال املقدسيني االجتماعي الكتاب، وكأنها خالية من سكانها. فال نضال

Page 131: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

134

حتديد وفي املصطلح، وفي اللغة، في ضعف من يعاني والكتاب دالالت الكلمات. ومن األدلة على ذلك، استخدام بعض املصطلحات التي يرددها اإلعالم اإلسرائيلي، فالكتاب ال يتحدث عن ضم القدس

إلى دولة االحتالل اإلسرائيلي، وإمنا عن توحيد القدس!

العنصري، الفصل جدار باعتباره مرة اجلدار، عن الكتاب ويتحدث بل احلد، هذا عند األمر يقف وال الفاصل. اجلدار باعتباره وأخرى يصل حد تقدمي معلومات مغلوطة، كأن يجري التأكيد على أن اجلدار

يفصل القدس الشرقية عن القدس الغربية! وهذا غير صحيح.

ينمي أن الفلسطيني، الطالب من يتوقع الكتاب أن املفارقات ومن مع الطالب يتضامن أن أي الفلسطيني! الشعب مع بالتضامن شعوره نفسه! فهل هذا معقول! هذا عالوة على بعض التوجيهات الفضفاضة، املوجهة إلى الطالب بخصوص القدس، التي تفتقر إلى الدقة لكي تكون

منطقية ومعقولة، وقابلة للتأثير في النفس.

وحيث أن بعض شعراء القصيدة العمودية ما زالوا ميالني إلى املبالغة، شعرهم انطباق مدى عن النظر بغض اجلياشة، مشاعرهم عن للتعبير التناقض الصارخ على واقع احلال، فإن الطالب معرضون للوقوع في بني الشعر والواقع، فال يدرون، هل يصدقون الشعر أم يصدقون الواقع املر الذي يرونه أمام عيونهم. ففي قصيدة عن القدس في صفحة 19 من

الكتاب، ورد البيتان التاليان في سياق إحدى القصائد:

في وجه جميع الغرباء القدس نسد مداخلها مزقت التاريخ ورائي لو سرقوا يوما ضحكتها

املاثلة أمام عيون املرة الطيبة للشاعر، لكن احلقيقة النوايا أنا أقدر طبعا اجلميع، هي أن احملتلني اإلسرائيليني هم الذين يسدون مداخل القدس في وجوهنا! وهم الذين سرقوا ضحكتها! ونحن نسعى جاهدين لكي

نفضح ذلك ونضع حدا له.

إلى ضعيفة املختارة القصائد بعض فإن الشعر، عن نتحدث دمنا وما احلد الذي ال يؤهلها للظهور في هذا الكتاب، وهناك شعراء فلسطينيون وعرب متميزون كان من األجدر لو أنهم ذكروا في الكتاب. وأما قصيدة الشاعر العربي السوري عمر أبو ريشة، فقد مت اختيارها لطالب الصفوف األولى، وهي من اجلزالة بحيث كان األجدر بها لو مت اختيارها لطالب

املرحلة األخيرة.

ومن مقدمة الكتاب، نعرف أن اخلطة املستهدفة تتكون من أربعة محاور، ويتعلق احملور الرابع مبا أطلق عليه: “أدب القدس”. في هذا احملور، ومقالة وسيرة ومسرحية وقصة رواية من األدب أجناس كل تغيب

صحافية، وحتضر بعض النماذج الشعرية فقط.

القرن بدايات منذ تتبلور أخذت معاصرة، ثقافية حياة القدس وفي أيضا ومعنية بالثقافة، معنية ثقافية ومؤسسات مراكز وفيها العشرين، الذي تري اآلن حملة العربي اإلسالمي املسيحي القدس بتأكيد طابع ولو التطرق يجر لم فلماذا املدينة! ولتهويد لتغييره، منهجية صهيونية

االستيطان إلى اإلشارة الفلسطينية املناهج بواضعي األجدر كان اليهودي. كذلك اخلرائط، ال تدل على أي شيء مجدد، فمثال اخلارطة الواردة في صفحة 37، التي تشير إلى املستوطنات اليهودية في فلسطني في استخدامها ميكن التي اخلرائط أفضل هي ليست االنتداب، بداية االستيطاني التوسع حجم على تدل خرائط توجد ال مبعنى املناهج،

واملساحات التي تقلصت في فلسطني مع مرور الوقت.

وهي مداخلتي، مبوضوع عالقة لها النقطة هذه الثالثة: املالحظة كثرة النصوص الشعرية في الكتاب. تفسيري لهذا األمر استغرابي من حيث الفلسطيني، املنهاج واضعي على اخلارجية للضغوط يعود قد حتاسب النصوص على كل كلمة وكل جملة، إضافة إلى الروح العامة التي يكتب بها النص. فالنصوص الشعرية حتمل روحا حماسية وجهادية واضحة، فهل املقصود هنا أن يقال عبر النص الشعري ما يصعب قوله في النص العادي تالفيا للضغوطات؟ هذا أمر ال يفسره بالطبع إال واضع

النصوص الشعرية نفسه.

محمود شقير: »هذا الكتاب يعاني من ضعف وارتباك، وال يعطي

صورة حية نابضة للقدس«

هذا الكتاب ضعيف ومرتبك، ويجب أن ترتفع األصوات عاليا وتدعو لسحبه من املدارس. ال أريد أن أكرر ما ذكره اإلخوة الذين حتدثوا قبلي. احترام ضرورة عن صفحاته بعض في احلديث يجري الذي فالكتاب

التعددية، ال يتوفر فيه احترام التعددية بالفعل.

ففي حني يجري التركيز على القدس باعتبارها مدينة عربية إسالمية حد فثمة مرور سريع على لها، تفاصيل ال ضرورة املبالغة، والدخول في الطابع املسيحي للمدينة، الذي يدلل على عراقة القدس وعلى تعدديتها، وتنوع مصادر ثقافتها التي أغناها ويغنيها املسيحيون الفلسطينيون قدميا

وحديثا.

احلديث، الفلسطيني التاريخ إلى يتطرق لم الكتاب أن الحظت كما إال على نحو محدود جدا، حيث جرى ذكر ثورة البراق العام 1929، وفيما عدا ذلك، فقد مت تاهل تاريخ احلركة الوطنية الفلسطينية املعاصرة ونضاالتها وتضحياتها، ولم يتم ذكر بعض رموزها البارزين من الشهداء الشاعر القسام، الدين الشيخ عز الشهداء: )مثال: واملناضلني والقادة

عبد الرحيم محمود، القائد عبد القادر احلسيني(.

أسهمت التي الفلسطيني التنوير حركة إلى الكتاب، يتطرق ولم وفكرية، أدبية نتاجات وقدمت الفلسطينية، للحداثة التأسيس في وخليل اخلالدي، روحي أمثال من فلسطينيني وشعراء وأدباء ملفكرين السكاكيني، وبندلي اجلوزي، وخليل بيدس، وإبراهيم طوقان، وعبد الكرمي الكرمي )أبو سلمى(، وجناتي صدقي، وآخرين ممن ظهروا قبل النكبة الفلسطينية. وال أريد أن أذكر بأسماء أدباء ومفكرين فلسطينيني، الفلسطينية الثقافة إثراء في وأسهموا الفلسطينية، النكبة بعد ظهروا املعاصرة، ويقف في الطليعة منهم، الراحلون الكبار: محمود درويش،

وغسان كنفاني، وإميل حبيبي.

Page 132: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

135

هائلة أهمية ومعطية املعاصر، التاريخ لفهم الرئيسي املرجع القدمية ملراحل سابقة، سواء أكانت يهودية أم كنعانية أم رومانية أم إسالمية.

أو جزءا، أصبحا قد وحتديثها املدينة تطور أن هذه الرؤية تبعات من حتى حكرا، على عوامل خارجية عنها وهي غالبا أوروبية. هذه الرؤية استشراقية أساسا، وتضع الغرب أو عمالءه مصدرا لتطور املدينة دون إعطاء أي دور لسكان املدينة أنفسهم. وعدم رؤية السكان متتد لتشمل فهم ميكن ال عثمانية، متصرفية أو مدينة القدس ترى التي الدراسات تاريخها دون فهم التطورات الدولية والعثمانية، وبخاصة في اسطنبول، محولة السكان ملحقات أو أدوات للعاصمة أو لألوروبيني، ال دور لهم

في تطور مدينتهم على اإلطالق.

نظم التأريخ هذه، ساهمت في تشكيل رؤية تاريخية للمدينة، تظهرها كمكان عاش حالة التنازع فقط، ويتأثر بالسياسة مبفهومها الدولي ليس إال. وبالطبع، هذه اإلشكاليات ليست شاملة، لكنها األهم التي تعاني منها تواريخ املدينة املكتوبة. السؤال أمامنا هو: هل يعاني هذا الكتاب من أي من هذه اإلشكاليات؟ وماذا يقدم للطالب الفلسطيني من تاريخ

القدس وأهميتها على مدار التاريخ؟

لنبدأ بشكل الكتاب أوال،تستخدم خطا مقوى ومصقول، ومبقدمة مطبوع على ورق كتاب هذا جميال، لكن تصعب قراءته، وغير مألوف في الكتب اجلدية. ويشمل الكتاب، صف عملية خالل بعضها معالم تغيرت عدة صورا الكتاب صور مع األمر وكذلك مغلوطة، مبقاييس تظهر مثال الصخرة فقبة أيضا الصور واختيار اإلمالئية. األخطاء عن ناهيك املدينة. أبواب األقصى، املسجد وكذلك عدة، مرات تظهر الصخرة فقبة إشكالي؛ إن الصور فغالبية األمر وكذلك واحدة. مرة القيامة كنيسة تظهر وال لم تكن ألماكن دينية فهي سياسية دعائية؛ مثل صور اجلدار الفاصل، مثل املدينة حياة هي الصور ضمن يوجد ال ما اإلسرائيلي. والقمع توجد وال املختلفة. واملناسبات والبيوت، والباعة، األسواق، صور أو اإلجنليز يد على القدس سقوط مثل املهمة؛ األحداث حول صور اإلسرائيليني أو غيرهم. صور بوابات املدينة غالبا ال تذكر اسم الباب، بابي مثل إسرائيل، قبل من عليه جرت التي التغيرات على تعلق وال العمود واخلليل. أمثلة أخرى تشمل صورة جبل الزيتون )ص: 28(،

باختصار للحياة الثقافية الراهنة في القدس؟ وملاذا يغيب الفن التشكيلي والسينما واملسرح والغناء واملوسيقى، ملاذا؟

صورة القدس في الكتابعصام نصار*

القدس مدينة حول التعليمية العملية يرشد كتاب عن احلديث عند وأهميتها فلسطينيا، من الضروري التذكير بأن دراسة تاريخ هذه املدينة -وعموم الدراسات التاريخية- تشكل عملية متعددة اجلوانب واألهداف

والنتائج.

نشاطا تشكل ما غالبا القومي- الزمن في -وبخاصة التاريخ فكتابة انتقائيا يستند، ليس إلى مبدأ تذكر املاضي فحسب، بل أيضا إلى رديفه املعلومات املاضي. فاملؤرخ ليس بساحر ميتلك شامل وهو مبدأ نسيان أو زمنه تاريخ إطار خارج يعيش بكائن هو وال برمته، التاريخ حول للتزمني فيها من نسج مبا التاريخ، الزمن. وعليه، فكتابة ذاك مصالح التاريخي وانتقاء لألحداث وحتليلها والتنظير؛ مبعنى استخدام النظرية، حولها، وكتابة نص سردي، وما إلى ذلك، هي عملية تتطلب وتفترض

مسلمات معينة ال إجماع بني املؤرخني عليها.

والتواريخ الصهاينة، املؤرخني أعمال في بوضوح االنتقائية هذه جند التي يكتبونها عن القدس. فنصوصهم التاريخية عموما تستند إلى ذاكرة والكتب اليهودي التراث من مستمدة القدس، حول يهودية جماعية املقدسة لديهم، وفي الوقت ذاته تستند إلى نسيان أو تناسي كل التواريخ لم املدينة، تاريخ جل تشكل الالحقة وكون للمدينة. اليهودية غير اليهودية، جلعلها مينع مؤرخي املدينة الصهاينة من تعظيم شأن املراحل لديهم املتبع التزمني نظام أن جند فمثال املدينة. تاريخ لدراسة مرجعا -الذي يتبناه اليوم العديد من املؤرخني غير الصهاينة- يستند إلى مراحل تاريخية سميت بفترات الهيكل األول والهيكل الثاني. ولهذا، فعندما يتحدث املؤرخ عن القدس في زمن املسيح، جنده يضع احلدث في زمن الهيكل الثاني، جاعال من التأريخ اليهودي مرجعه األساسي. وعليه، فإن السمة األساسية للخطاب الصهيوني حول القدس هي االنتقائية من املاضي السحيق، ورؤية تاريخ املدينة عبر تقسيم سكانها إلى جماعات يفترض أنها متنازعة، وكانت دوما كذلك منذ فجر التاريخ. وإذا كانت الكتابة حول القدس حني يتعلق األمر باخلطاب هذه إحدى إشكاليات حكرا وليست الوحيدة، اإلشكالية ليست فهي الصهيوني، الرسمي طاملا القدس تاريخ فكتابة الصهيوني. التاريخي اخلطاب على خاصا النظر عن هوية كتابها، سواء أكانوا عربا أم صهاينة أم عانت -وبغض هذه تاريخ بدراسة ترتبط عديدة إشكاليات من غيرهم- أم أوروبيني

املدينة.

املدينة تاريخ على الهائل التركيز جند اإلشكاليات، هذه ضمن من للديانات مقدس كمكان املدينة أهمية وعلى فقط، الديني اإلطار في املدينة كمكان اإلصرار على رؤية أو إحداها فقط. الثالث اإلبراهيمية وتاريخ مجتمع ذات حية كمدينة رؤيتها حساب على جاء مقدس، اجتماعي وثقافي خاص بها. وباالرتباط بهذه النزعة، جند أن التواريخ املكتوبة ركزت أكثر على املدينة كبلد عريق وتاريخي، جاعلة من املراحل

Page 133: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

136

تهدف هذه اخلطة كما يرد في النص إلى اعتزاز الطالب بعروبة القدس الطالب وليس الدرس هو تعليم أليس دور 8(، ما معنى هذا؟ )ص: معلومات إلى يستند لم إن فارغا االعتزاز أليس شيء؟ بأي االعتزاز موثقة وتاريخية صحيحة؟ وفي الوقت ذاته ما معنى أن يستنكر الطالب ما حل بالشعب الفلسطيني )ص: 13(؟ أال نريد معلومات حول ما حل به قبل أن نشرع باالستنكار؟ وعلى الرغم من عدم معرفتي مببادئ اخلطط التعليم والتثقيف أن تكون أهدافها يجب أنها اعتقد الدراسية عموما، والتوعية وخلق املواطن -مع املعذرة كون الكلمات تشبه خطابات زعماء للتاريخ من وزن على التفكير والنقد واستيعاب ما القادر على عرب- األهداف؟ األمور ضمن ملاذا ال جند هذه حياته ومستقبلة كفلسطيني.

كيف نستبدل التثقيف باالعتزاز واملعرفة باالستنكار؟

في الفلسطينيني تاريخ أين واالستنكار، االعتزاز باب في أننا ومبا القدس؟ أين احلركة الوطنية وتاريخها منذ أواخر العهد العثماني؟ أين تاريخ املدينة كبلد مفتوح للجميع ومتعدد الثقافات واللغات؟ أين حركة احلداثة في املدينة وتغيرها معماريا واجتماعيا؟ أليست هذه أسبابا أكثر

أهمية في تشكيل االعتزاز؟!

استخالص هناك بل النص، في وحيدين ليسا واالستنكار واالعتزاز البحث عملية من جزء العبر فاستخالص جميل، أيضا. العبر التاريخي. لكن ليس هذا ما يقصده املؤلفون، بل إنهم يطالبون الطلبة في اخلطة الثانية باستخالص العبرة من محبة األنبياء للقدس؟! ما معنى الدين الهدف خاصا بدرس أن يكون هذا بدل ذلك؟ وهل هذا موقعه

مثال؟

أن منه املطلوب من بل فحسب، العبر يستخلص أو يعتز ال والطالب وسيلة وخير والعباسي. واألموي )األردني!( الدور ويثمن يقتدي للتثمني ليست ما يتوقعه املرء من قراءة الوثائق التاريخية، بل يتم ذلك عبر قراءة الشعر. كنت أعلم مدى حب العرب للشعر، لكني لم أدرك أن ذلك يأتي على حساب احلس التاريخي والبحث اجلاد. قراءة الشعر على أهميتها لغويا وجماليا وقوميا ليست بديال لتعليم الطالب عن حقيقة ارتباطه بالقدس، كونها مدينة فلسطينية مهمة، ناهيك عن أن هناك عددا

كبيرا من قصائد حتى لشعراء لم نسمع بهم من قبل.

النص سياسي أكثر مما يجب؛ وأعني بسياسي أنه آني وليس شامال. وال أقصد التقليل من أهمية العامل السياسي، فكل نص هو سياسي مبعنى ال لكن بامتياز. سياسي نشاط هو القدس تاريخ وسرد املعاني، من داعي ألن يكون النص سياسي باملعنى السطحي فقط، دون دقة أو عمق تاريخي. كذلك األمر على النص أن يكون دقيق املعلومات، وخاليا من قبل اإلسرائيلي العربي الصراع عن مثال احلديث معنى فما األخطاء. وجود إسرائيل )في العهد البريطاني( )انظر ص: 13(؟ أال جند مصطلحا أفضل لوصف الصراع آنذاك؟ وما معنى عدم الدقة في التواريخ )ص: 134 مرة أخرى(: احتالل القدس كان في 1917/12/11 عند دخول اإلجنليزي املعسكر إلى البلدية رئيس توجه يوم كان 12/9 اللنبي،

خارج املدينة ليعلن االستسالم.

نوع من فقط وليست واملراجع، املصادر في إشكاليات هناك وأخيرا

التي ليست جلبل الزيتون، بل أخذت من موقع عليه، وال يفسر العنوان أن جند ذاته، الوقت وفي الصورة! وسط في تظهر التي الكنيسة مثال وصف صورة جبل الزيتون ذاته في موقع آخر من الكتاب، يظهره كجبل الطور فقط )ص: 68(، ملاذا لم يشمل الوصف أن هذا هو جبل الزيتون

أيضا؟

من ناحية الصور، فهذا الكتاب ال يقدم الكثير، بل يضر أكثر مما يفيد. وعلى ما يبدو أن الوزارة قد كلفت أحدا ما بتصوير ما يعتقد أنه مناسب، بدل أن تأخذ الصور على محمل اجلد، وتفكر في معانيها. ملاذا لم يتم االجتماعية؟ املدينة حياة تصوير يتم لم ملاذا تاريخية؟ صور استخدام

ملاذا ال تقدم لنا الصور شيئا عن األحياء العربية في القدس الغربية التي صودرت العام 1948؟

لننتقل إلى محتوى الكتاب،عموما، يعاني هذا الكتاب من كل اإلشكاليات التي أشرت إليها أعاله. وبخاصة باألديان، ويربطها مقدسة كمدينة أساسا املدينة يرى فهو اإلسالم، فيما يتجاهل اليهودية عموما. وبهذا، فإن هذه اخلطة صهيونية ولو باملقلوب. كذلك األمر، فهذا الكتاب يرى املدينة ببعدها التاريخي، معليا شأن الكنعانيني، وكأن ذلك يرد على االدعاء الصهيوني بأن املدينة للدولة خارطة حتى فهناك اليهودي، بالتاريخ الرتباطها نظرا يهودية الكنعانية )ص: 41( مشكوك متاما في صحتها. وهدف الدرس األول بعروبتها وكنعانيتها، وكأن االثنتني املدينة املراحل كافة هو تعريف في إثبات على واحدا دليال أجد لم أنا بعضا. بعضهما وتتبعان مرتبطتان يكون قد وطبعا للكنعانيني، استمرار هو اليوم الفلسطيني الشعب أن كذلك مبعنى أنه استمرار لهم ولليهود وللرومان ولإلغريق وللمسلمني الفلسطيني، التاريخي اخلطاب لكن الخ. ... واألتراك والصليبيني

كما أفهمه، ليس صورة مرآة للتاريخ اليهودي، بل إنه أكثر شمولية.

خط بتبني بل خطاياه، إثبات أو بنقده االستشراق على ترد ال اخلطة من دور غير املسلمني، هناك فصل كامل مثال عن “استغرابي” ينتقص النص يكمن ذاته، االستشراق في الوقت أرض احملشر واملنشر! وفي

في عدم ربط املدينة مبحيطها ورؤيتها بشكل مستقل.

Page 134: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

137

التمثيل يالحظ أن للقارئ ميكن املثال، سبيل فعلى للقدس. أحادية اللغوي في “املستوى األول” من جدول احملتويات في تعابير املعاني التي القدمي، مثل: كلمات تلي التي النصوص في التحليالت عليها تنبني العثمانيني، املسجد التحرر، الصليبيني، الغزو، العربي، اإلسالمي، املستوطنات، اإلسرائيلي، االحتالل البريطاني، االنتداب األقصى،

اجلدار، األمم املتحدة، القدس في القلب، وأقسم بالله.

للقدس سطحية بيداغوجية داللة مسبقا يصوغ الكتاب وكأن يظهر خطاب من مرجعيتها تتشكل التعليمية، املناهج في إدراجها سيجري ومينع والزمانية، املكانية تعدديتها من القدس يجرد وتاريخي كمي

الطالب من بناء دالالتهم الفردية املنبثقة من تاربهم التي يعيشونها.

في اإلسرائيليني لدى أن املقارنة، سبيل على فكرت، لو أتوجس حقيقيا، ذلك كان إن القدس. مبدينة خاصا منهاجا التربوي نظامهم للقدس صورة لنسج املعرفة قوة تستخدم إسرائيل بأن سأفكر فإنني تلك وستحافظ وعقولهم، اإلسرائيليني الطالب حياة في وإقحامها الكولونيالية ربط وتعزيز التوراتي، خطابهم استمرارية على الصورة خيالية رواية لبناء املعرفة من النوع هذا إلى احلاجة فهناك الفراغ. في

تستوحي براهينها من علم اآلثار والتاريخ وقصص العهد القدمي.

منطق يستخدم القدس كتاب إن باخلطر، ينذر ومما ذاته، السياق وفي دينية: نصب إلى معماريا القدس اختزال مت بحيث نفسه، اخلطابة القيامة”. أما بقية املدينة ”كنيسة “املسجد األقصى”، “قبة الصخرة”، املعقدة وغناها، فقد مت متثيلها وكأنها فارغة وغير موجودة. بدالالتها فتصور القدس كمدينة قدمية مسورة ومحصنة وفارغة دون أية ممارسات

حياتية أخرى عدا تلك املتمثلة بالنصب الدينية.

إسرائيل عمارة في فيتجسد الكتاب في للعمارة اآلخر التمثيل أما واملستوطنات، فاجلدار، واالضطهادية. املتحكمة الكولونيالية يصورونها. كما “املعتقة” باملدينة حتيط الخ، ... االلتفافية والطرق املدينة، وذلك من خالل استعمار والعجز تاه نوع من اخلضوع هناك التكرار املتواصل لكيفية حتكم إسرائيل بفراغ املدينة، وحتويل املقدسيني املقدسيون ميارسها التي اليومية فاملقاومة ضحايا. إلى والفلسطينيني

تنظيم املصادر وترتيب املراجع من حيث األسماء والعناوين والناشرين، بل من ناحية احملتوى ذاته، حيث تفتقر القائمة إلى مصادر تعتبر مهمة ورشيد اخلالدي، وليد كتابات مثل وفلسطني القدس حول نشرت وكامل منة، أبو وبطرس مناع، وعادل دوماني، وبشارة اخلالدي،

العسلي، وغيرهم، ناهيك عن الدراسات باللغات األجنبية.

وعلى الرغم من أن معرفتي ضحلة في مجال اخلطط الدراسية، ال يبدو لي هذا الكتاب أفضل ما ميكن تقدميه للطالب واملعلم على السواء. لكني في الوقت ذاته سعيد بأن الوزارة تعطي أهمية لتدريس مساق خاص حول في الوزارة وأهنئ األهمية مسألة ضرورية، املدينة هذه إيالء القدس. الوزارة يعفي ال بذاته هذا لكن اجلد. محمل على املوضوع أخذها آخر إلى ومستندة وجدية مالئمة وخطط جيد نص إنتاج مسؤولية من الدراسات البحثية. الكتاب بني أيدينا يفشل في تقدمي القدس للطالب للمجتمع التاريخية واالستمرارية للتعددية ومنوذج عريقة كمدينة ضمن هو األحوال بأحسن هذا الكتاب فمكان املقدسي، الفلسطيني كتب الدعاية، وليس كتب التعليم. اخلطط املزودة في غالبها استشراقية وصهيونية باملقلوب، وال تساعد الطالب على رؤية القدس أو تخيلها، قبولنا هذا يعني أال املنهاج؟ من للقدس الطلبة زيارات نستثني وملاذا باألمر الواقع الذي يحد من حركة املواطن في مناطق السلطة؟! أال نتوقع

أن تتغير األمور يوما ما؟

الطالب، لدى املعرفة تطوير في املساهمة الوزارة مسؤولية تتحمل أال والتفكير ليس في إنتاج كتاب فحسب، بل مبدلوالت هذا املنهاج وأثره بالقدس الطالب عالقة نوعية وعلى مستقبال، السياسي نظامنا على

كعاصمة مستقبلية لدولته الوطنية التي نطمح بإنشائها.الواليات املتحدة، آذار 2009

القدس بني التربوي والثقافي والسياسييزيد عناني: تغييب القدس من كتاب القدس

والروح” الصفات – الوطن “القدس لكتاب قراءتي أثناء انتباهي شد واألفعال واألسماء التي استخدمت لتمثيل القدس في صفحات الكتاب، صورة مضمونه خالل من يبني إلزامي تعليمي منهاج أنه يبدو الذي

Page 135: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

138

الشعراء تغنى حيث أوروبا، في الرومانسية باحلقبة الكتاب نصوص والكتاب والفنانون بإلهام الطبيعة والريف وجمالهما بريتهما آنذاك، فتم اختزال الريف احلقيقي إلى أشجار وبيوت قدمية وحقول زراعية وقطعان من اخلراف والرعي فقط، حيث مت تغييب احلياة والقيم احمللية التي أدت

إلى إنتاج اجلماليات التي تغنى بها مثقفو تلك الفترة.

إلى النظر في االستشراق عدسات استخدام من حالة إلى وصلنا هل أنفسنا أو في إنتاج وإمالء معرفة تطابق من نحن في ما نراه في عدسات البيداغوجية املعرفة فيها نسير مرحلة إلى وصلنا هل االستشراق؟ مثل السرمدي وتعددنا وقيمنا احمللية واحلياتية ألمكنة تنوعنا لتضطهد

القدس؟

القدس كواقع حي وأفق حضاريمنير فاشه

أن أعترف اكتئاب، ولكن أو إحباط أو بيأس أشعر أن النادر جدا من قناعتي تعميق وفي باإلحباط، لدي شعور خلق في جنح الكتاب هذا قادر غير 350 سنة قبل أوروبا في نشأ منذ الرسمي التعليم منطق بأن أعترف ... احلياة توليد على قادر وغير احلياة، في الغنى رؤية على أنني كلما أعي -من جديد- مقدار ما يقوم به التعليم الرسمي من خداع والتعبير، والفهم اإلدراك في وضحالة للشعور، وتخدير للعقول، أعيش نقاهة فترة بعد إال منه أخرج ال يأس جديد- -من يصيبني والكلمات واملهنيني املؤسسات عالم عن اإلمكان- -قدر بعيدا فيها منفصل بشكل بالكتاب يرتبط ال به شعرت الذي اإلحباط الرسمية. الكتاب ... الذين قاموا بوضع عن األمور األخرى، أو باألشخاص وأخطر، أعمق أراها التي املشكلة األمر. لهان كذلك، احلال كان لو فهي ترتبط مبنطق التعليم الرسمي الذي يؤدي بالعاملني في التعليم إلى وضع مثل هذا الكتاب. أن تتحول القدس من رؤيا وروح وأفق حضاري إلى قالب جامد أهاليها- إدراكات وعالقات وحياة -تعيش جميعا في صفحة كل )في وأنشطة« وأساليب ووسائل ومحتوى »أهداف ميت إلى وغنى إلهام مصدر من القدس تتحول وأن تقريبا!(، الكتاب من معلومات متفرقة ال روح فيها وال حياة وال حيوية... هو مثال صارخ على ما يحدث في املؤسسة التعليمية، حيث تعتبر املعرفة كومة كبيرة من املعلومات )نسميها في اجلامعات مساقات ومهارات( ال تمعها رؤيا، الكتاب: »البحث وال تكون صورة واحدة في األذهان ... مثال من ملدينة اجلوية احلالة ورصد اإلنترنت، خالل من مناخية معلومات عن

القدس لعدة أيام«! يا إلهي، ماذا يحصل للعقل واإلدراك؟!

إال أن أكثر ما أخاف أن يحصل هو أن نعتقد أن املشكلة موجودة في هذا بأن هذا بألف عافية؛ أي، االعتقاد املناهج باقي كتب الكتاب، وكأن الكتاب يختلف عن الكتب التي تقرر في وزارات التربية حول العالم. إذ سيكون ممال للطلبة ومولدا الكتاب عن أي كتاب مقرر، ال يختلف لكراهية القدس، متاما كما ميل ويكره أغلب الطلبة الرياضيات والعلوم بالنسبة بالراحة العربية واإلنكليزية والتاريخ... الخ. شعورنا واللغة لكتب الرياضيات واللغات والتاريخ والعلوم ناجت من أننا تعودنا عليها، حقيقتها. على رؤيتها على القدرة فقدنا بحيث تاهها، رنا تخد أي نرى السبب ولهذا جديد، موضوع هو منهاجي كموضوع »القدس«

ملجابهة السيطرة اإلسرائيلية على الفراغ من خالل خلق بدائل للحركة، والبناء وإثبات املواطنة ... الخ، ليس لها أي وزن في الكتاب، أو أية للقضية يعود حتديدا النقطة لهذه املمكن والتفسير بيداغوجية. داللة في واضحة تبدو التي أهلها، من القدس إخالء في أعاله إليها املشار

متثيل صورة القدس في الكتاب.

الكتاب )يعكس التي يقدمها الرومانسية والشعرية الرواية أما ما يغذي متجيد هو التاريخ( كتب في املعرفة إمالء في االستعماري اخلطاب يعرضه ما أن الواضح فمن واالنتصار. للنصر التاريخية اللحظات قد أو اإلسالم، قبل موجودة تكن لم القدس مدينة كأن هو الكتاب تكون موجودة كخربة أو آثار دون حياة أو ثقافة؛ فارغة من إنتاج فراغي صورتها للقدس يعيد الذي التاريخ هو االنتصار فتاريخ ومعرفي. اإلسالمية، وهو يبرز في التقدمي التاريخي املتكرر لبطولة صالح الدين وإحلاقه الهزمية بالصليبيني. فاستخدام الرواية التاريخية اخلطية امللحمية في الكتاب، يخلق قطبية تتناوب فقط بني اإلسالم واالستعمار، وتفرغ

كل التجارب والتمثيالت األخرى ملاهية القدس.

األسوار تكن ولم األسوار؛ وراء ما إلى دوما القدس امتدت لقد أخلى فقد للمدينة. والفراغي البنائي للنسيج املناطقي احملدد دائما اجلدار، خارج الفلسطينية املباني من واسعة مساحات اإلسرائيليون إنتاج أجل من وتنظيفها به احمليطة املساحات حتويل في واستمروا “للقدس القدمي التاريخي املركز بأنها اجلدار داخل ملا صورة وتسويق الكبرى” )تشبه تلك املراكز التاريخية للمدن األوروبية(، فهذه السياسة من فبدال املسورة. بالقدس عكسيا حتكما تستحث اخلطيرة الفراغية التحكم باملدينة من داخلها، تعمل إسرائيل على التحكم بها من اخلارج، من خالل إستراتيجية االحتواء داخل البنية الفراغية اإلسرائيلية اخلارجية التي حتيط باألسوار، والتي يجري إنتاجها بصورة حثيثة، ما يطبع تواجد ما داخل األسوار مع املنتج الفراغي اإلسرائيلي خارج األسوار، فتبدو احلقيقة بأن اجلدار يضم مدينة القدس، وكأنها مقاطعة في قلب “القدس كمدينة القدس تعريف على قطعيا يؤكد بسذاجة فالكتاب الكبرى”.

موجودة فقط داخل األسوار.

في الوارد القدس مدينة حول الطبيعي املشهد وصف كثيرا يذكرني

Page 136: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

139

كل في ذلك لوجدنا تأملنا، )لو وحدود شرذمة فكر الغربي الفكر وحديثا، قدميا اإلسالمي، العربي الفكر ميز ما بينما تقريبا(، شيء وجود أفق حضاري )ولو أنه مطموس حاليا بفعل هيمنة املؤسسات(. في حضاريا أفقا جميعا مثلت وأصفهان وقرطبة والقاهرة فبغداد أفق حضاري. كذلك الناصر كانت ذات القاهرة زمن عبد املاضي. املناسب من ]رمبا حضاريا. أفقا يكونان وكربالء مكة لفترة. بغداد مثل حضارية آفاقا تعكس التي القدمية الكتب بعض قراءة اقتراح »البيان والتبيني« للجاحظ، و«محاضرات األدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء« ألبي القاسم الراغب االصفهاني، و«حتفة النظار في غرائب ميكن العام هذا أن أرى بطوطة[. البن األسفار« وعجائب األمصار كأفق القدس الرؤيا: هذه ضمن للعمل جدا مناسبة فرصة ميثل أن

حضاري.

بعض الكتابات احلديثة مثل يوميات خليل السكاكيني وواصف جوهرية حول احلياة في القدس في نهاية احلكم العثماني وفترة االحتالل البريطاني متثل مادة ملهمة جدا، وذات معنى هائل في الوقت احلاضر على مستوى املنطقة، وبالتالي ذات أفق حضاري. هذه اليوميات مهملة في الكتاب. فمثال، وصف خليل السكاكيني للمدرسة التي أنشأها العام 1908 في بالنسبة املدارس األجنبية، وما ذكره واصف جوهرية القدس ردا على ما حدث )وما أمور توضح اإلنكليز هي التي وضعها األولى للقوانني

يجب أن يحدث اآلن( على مستوى املنطقة حاليا.

جاء في يوميات »جوهرية«، مثال، أنه عندما دخل اللنبي القدس في شهر كانون األول العام 1917 قال في أول خطبة له: »اآلن انتهت احلروب ذكرت وتسميما. أكثر سما عبارة في التفكير الصعب من الصليبية«. الناس لكل ساحة كانت التي األقصى ساحة بدخول املتعلق القانون األقصى دخول قبل دينه عن أحد خاللها يسأل لم سنة، 1400 عبر موسى« النبي »موسم حتويل ومحاولة القوانني هذه وساحته... حكومية رسمية احتفاالت إلى شعبية احتفاالت من النور« و«سبت توضح إستراتيجية االنكليز وسياستهم في متزيق املجتمع وتسميمه ... على شرها يخفى ال التي املتحدة األمم قرارات من بكثير أخطر هي املذاهب أحد. كره اإلنكليز ما الحظوه من توافق وتناغم بني مختلف واألديان في القدس، ورأوا أن ذلك سيعيق عملهم، فجاءت القوانني اآلن يحصل ملا جدوى ذات األمور هذه ... التوافق هذا على حربا الزمن لفهم تعميق وإمنا ليس معلومات عن زمن مضى، التاريخ ...

الذي نعيش فيه.

بعض االقتراحات العمليةانتداب. بكلمة يتعلق األول كأمثلة: محددة، اقتراحات أربعة لدي فاالنتداب البريطاني كان عبارة عن تسليم أمانة )من قبل عصبة األمم(، اسمها فلسطني، لإلنكليز على أساس إعادتها ألصحابها يوم الرحيل. لم تعد بريطانيا األمانة حتى اآلن. أرى أن تخصيص القدس كعاصمة لهم يتوجه الذين العرب، الطلبة من ملاليني رائعة فرصة هي ثقافية يذكرونهم بريطانيا طلبة إلى برسائل باستمرار يبعثوا أن الكتاب، التاريخية اجلرمية هذه نحول الطريقة، بهذه بها. ويطالبون باألمانة إلى عامل يبعث احليوية لدى الشباب، ويجدل في الوقت نفسه نسيجا

بينهم، بدال من التوجه إلى هيئة األمم.

العلة في الكتاب بسهولة؛ أي أن املشكلة تكمن في منهجة القدس. من هنا أرى أن الكتاب ميثل فرصة نادرة إلعادة النظر في دور الكتب املقررة ما هو جوهري؛ أي، املواضيع- في تسطيح األمور وإلغاء -في شتى فرصة للتوقف عن لوم املريض ونسيان املرض، والكتشاف أن ما اعتقدنا

بأنه الدواء كان أصل الداء.

األوروبية بالنهضة يسمى ما تبلور منذ للتطور مالزمة صفة الشرذمة الشرذمة. هذه يجسد الكتاب حاليا(. حقيقتها على نراها )والتي عدة. مستويات على الشرذمة، على صارخ مثال و5 4 الصفحتان كذلك، فهما مليئتان بتجريدات ال عالقة لها بحياة الناس. فاألهداف مثال تشمل جوهرية. أمورا وتهمل مجردة رمزية أمورا تشمل مثال للنسيج ذكر ال ولكن القدس«، ملدينة الدينية املكانة »على التعرف البيوت في يوميا يجدل كان الذي األديان، مختلف بني الناس، بني واحلارات واألسواق، وبشكل رئيسي في ساحة األقصى، قبل أن يضع اإلنكليز قانونا يتعلق بدخول األقصى وساحته، حيث حتولت تلك الروح وذلك النسيج وتلك التعددية احلية إلى بذور طائفية )من اجلدير بالذكر هنا ادعاء اإلنكليز بأن القانون كان لضمان حقوق اجلميع!(. رمبا يبدو القانون أمرا ثانويا، إال أنه البذرة التي زرعت وحولت القدس بالتدريج تعددية إلى معا، متعايشة بأزهار جميلة، مليئة يشبه حديقة مكان من هي أشبه بالتعددية في حديقة حيوانات، حيث تعيش كل مجموعة في قفص مبعزل عن األخرى. نتذكر قرارات عصبة األمم، وهيئة األمم، وننسى أمورا صغيرة تفعل فعل اإليدز في اإلنسان واملجتمع مثل القانون

املذكور.

تشمل األهداف املذكورة في الصفحتني أيضا إدراك »األخطار التي تهدد مدينة القدس«، ولكنها تهمل أكبر عامل مزق النسيج املجتمعي فيها: حتول كانت والتي أجنبية( 1908 قبل بكاملها كانت )التي املدارس الطلبة إلى أفراد منعزلني بعضهم عن بعض، بحيث ينظر كل منهم إلى اآلخرين كمنافسني لكسب رموز ال تعني شيئا في احلياة، بل تعني كثيرا تلك كانت ذلك، إلى باإلضافة العيش. في االستهالك لنمط بالنسبة املدارس حتضر الطلبة للعيش في بريطانيا وأمريكا وليس في القدس، ما دعا السكاكيني إلى إنشاء مدارس في القدس تسد رؤيا ومنطقا يختلفان الكتاب املعرفية؛ الشرذمة من القدس لنحمي األجنبية. املدارس عن شيئا الطالب يعرف ال أن رأيي، في األفضل، من بالشرذمة. موبوء عن القدس، وتبقى صورتها في خياله متكاملة وملهمة، من أن يعرفها

كمعلومات متراكمة متفرقة ال حياة فيها وال روح.

فما علينا إال أردنا سلب روح شيء، إذا بأنه القناعة في الكتاب عمق سه من خالل منهاج وتدريب معلمني. كما عمق أن مننهجه؛ أي، ندرغياب التوافق بني الفكر والقول والعمل، فكلمة »روح« في العنوان لم

أحس بها في الكتاب.

القدس كواقع حي وكرؤيا وأفق حضاريالرؤيا، اتسعت »كلما للنفري: عبارة العربية في قيل ما أجمل من ضاقت العبارة«. القدس رؤيا تضيق فيها العبارات. يفتقر الكتاب -مثل لفظية ومعلومات بلغو مليء هو وبالتالي رؤيا، إلى مقرر- كتاب أي

وعبارات فضفاضة، مكومة بعضها فوق بعض.

Page 137: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

140

كيف ميكن أن نطورها عربيا ونقدمها منهجا عبر الثقافة العربية.

عنوان حتت امليت(، )البحر األردن مؤمتر في كان األيام، من يوم في الهاشمية، وكنت أنا أحد املشاركني في هذا املؤمتر وعلى مدار سنوات سابقة، وجدت في املؤمتر 12 ورقة إسرائيلية، وأنا اخترت ورقتي عن اليهود اعترضوا على ورقتي وطلبوا مني سحبها، حياة السيد املسيح، حياة عن التحدث من خافوا لذلك التاريخ، زوروا ألنهم خافوا

املسيح.

كما العربية، للثقافة عاصمة القدس نطرح أن نستطيع الكتاب في البرامج إلى النظر يجب كما سوريا، طرحت وكما تونس، طرحت التي أجنزتها الدول املجاورة، الكتاب الذي أمامنا مطبع، وأعطي مثال بسيطا جدا، البرنامج التعليمي الذي نقدمه لطالبنا وندرسهم إياه، جند أن يجب الكتب هذه لنا تصدر أن مقابل علينا، اشترطت الدمنرك أن

تتالءم مع البرنامج اإلسرائيلي.

أيضا هناك أخطاء كثيرة في الكتاب، فقد جمعت 685 خطأ في املنهاج ندرسه الذي املنهاج في األخطاء حجم كم تصوروا الفلسطيني، أن علينا العربية للثقافة كعاصمة القدس نطرح أن أردنا إذا ألطفالنا،

نختار ما هي املفردات التي يجب أن نتعامل معها.

عربية، أسماء كلها »يورشالمي« أو »نورماستك« أو »يورشالم« كلمة هو هنا واملقدس إله. اسم و»شاليم« مكان تعني »يور« أن حيث األرض، عندما بنيت القدس بنيت على مقدس، نحن نقدس األرض

وال نقدس األماكن.

كيف عرف القدماء احلضارة: األرض هي األم واألب هو اجلو، وأنت تنتمي إلى األرض وهي األم.

العربية، الذين طبعوا مع الثقافة ماذا تعمل إسرائيل؟ تعمل على تغيير مأخوذا اإلسرائيلي الثقافي البرنامج فأصبح ثقافتنا، أهملوا إسرائيل فأكلة إسرائيلية! أصبحت تقاليدنا؟ أين عاداتنا؟ أين ثقافتنا، من الفالفل العربية صارت أكلة يهودية، ونحن لم نعترض أو نحتج ونشكر اللبنانيني الذين احتجوا ورفعوا قضية على اليهود الذين اعتبروا احلمص والفالفل أكله يهودية، فأي شعب حي يجب أن يدافع عن ذاته. فلماذا

استكنا هذه االستكانة؟ وملاذا أصبحنا غير مثقفني؟!

نحن علينا أن نعيد فكرا ثقافيا جديدا، نرسم من خالله معلومات تاريخية، ومعلومات جغرافية صادقة، وهذا موجود في الكتب الفلسطينية وعند الكتاب الفلسطينيني، ولكن غيبوا، ألن النخبة السياسية احلالية احتكرت الثقافة والسياسة، تصوروا أن قرار 242 هو حدودنا، أين خرائطه؟ هل قرارات األمم املتحدة حددت الدولة؟ هل أصبحت قضية فلسطني هي قضية الضفة الغربية أم أن القرار كان سياسيا؟ اإلسرائيليون لديهم ثالثة يأتي الطاولة، فرق تعمل، فريق مثقف يكتب األبحاث ويضعها على يترجمها ثمة ومن معها، ويتعامل األبحاث هذه من يستفيد السياسي املختصون إلى واقع في امليادين االقتصادية والعسكرية والسياسية. أما

نحن، فالسياسي هو املثقف وهو كل شيء!

العام كانت كما للقدس خارطة بوضع البدء فهو الثاني االقتراح أما بيوتها بكل بالنكبة( خطأ نسميها التي اجلرمية، حتقيق )عام 1948

وعائالتها وتواريخهم وأنسابهم ... وبأدق التفاصيل.

الكتاب مناقشة خالل من الفرصة نستغل أن هو الثالث واالقتراح إلعادة النظر في أمر أعمق: احتكار التعليم الرسمي لقيم الطفل وقيمة التعلم. وفي الوقت نفسه، إبراز قول لإلمام علي بأن »قيمة كل امرئ ما يحسنه«، وأيضا إبراز حقيقة أن التعلم قدرة بيولوجية وليست مكتسبة، هيمنة إنهاء إن املجتمع. في املوجود التنوع قدر متنوع التعلم وأن املدرسة واحتكارها بالشكل السائد ليس مبررا منذ أن نشأ ... من أراد اتباع طريق املدارس، فليكن؛ من الضروري أن تكون له احلرية الكاملة أن ينتهي في الذي الطريق على اجلميع، يفرض هذا أن أما في ذلك. قبل مقاومته الضروري من أمر فهو أنفسهم، الطلبة من %80 يلوم أن يقضي علينا. من هنا، فإن املطالبة يجب أن تكون في توفير مرافق رة املخد )الكلمة التعليم جودة حتسني وليس ودعمها، للتعلم متعددة

اجلديدة في املجال التربوي!(.

واحلياة، القدس عن ملهمة إنتاجات تميع فهو الرابع، االقتراح أما الطلبة أعمار من أعمارهم في قريبني وشابات شباب إنتاج من فيها نظر القدس من وجهة الكتاب، وتوفيرها كموارد عن الذين سيقرأون الناس، وأيضا تميع حكايات نساء يجسدن توليد احلياة على الرغم من

كل وسائل الدمار.

إبراهيم الفني: كتاب القدس صورة دون واقع

احلزن مدينة القدس العربية، الثقافة وال القدس يعالج ال الكتاب فنالت حصص، عشر للجمال خلق وتعالى سبحانه الله واجلمال، تسعا القدس فنالت حصص عشر للحزن ومنح منها، تسعا القدس

منها.

63 اسما ولها 21 في الواقع الثقافي، إذا طرحنا مدينة القدس فإن لها طبقة حضارية، الذي كتب هذا الكتاب عن احلضارة اإلسالمية، حتى أنه لم يعط احلضارة اإلسالمية حقها كما يجب، ولو كان غرضه الدفاع مبدينة القدس مدينة سمى ملا اإلسالمية، احلضارة وعن القدس عن داوود، وهذا أخطر ما نواجهه اآلن في حياتنا الثقافية أن تكون املفردات اإلسرائيليات، من مقتبسة نستعملها التي اللغوية واملعاني واملسميات وهذا أخطر ما يكون أن نطبع مع إسرائيل في اجلانب الثقافي، وإسرائيل حقيقة دولة بال ثقافة، ولو حاربناها بالثقافة لهزمناها، نحن ال نستطيع أن نهزم إسرائيل عسكريا، ولكن نستطيع أن نهزمها ثقافيا، وإسرائيل أصال ليس لها لغة، وليس هناك لغة عبرية، فعلى مدى السنوات القدمية لم جند أي حرف عبري صدر إال باللغة اآلرامية، وإذا نظرنا إلى احلروف حروف توجد وال آرامية، حروفا جندها لآلخر األول من األبجدية

عبرية، دعونا نتطلع إلى األمور اآلتية:

أوال حياة السيد املسيح، إذا أخذنا حياة السيد املسيح كبرنامج ندافع فيه عن القدس، ميكن أن يقدم لنا أضواء ثقافية مهمة، حيث أن السيد املسيح السياحية الرحلة هذه تصوروا، القدس، في موقعا ثالثني وزار مشى

Page 138: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

141

بالدين. مثال بسيط، يتعلق املجتمع أصبحوا يخافون من أي موضوع الكتاب أنا قبل حوالي أسبوعني، أرسلت بعض مالحظاتي حول هذا أننا ال نستطيع نشر هذه املالحظات. إلى صحيفة محلية، وجاءني رد احلاصل في املجتمع شيء خطير وأستطيع أن أقول إنه دق ناقوس اخلطر الواحد القرن في أننا ذلك على زد الفلسطينية، املناهج في يحصل ملا العلمية والثقافية لنواكب منطق املواد والعشرين وبدل ما نزيد حصص

القرن، فإننا نعمل عكس ذلك.

لدي بعض املالحظات حول الكتاب:أن أعتقد ألنني خطير، شيء باإلجنليزية، القدس إلى القدس ترجمة الكبير. والسياسي الشامل مبعناها جورزلم هي اإلجنليزية في القدس الفلسطيني، املفاوض الوفد على اإلسرائيليون طرح مدريد وفي القدس هي قدسكم وقدسنا هي جورزلم، جورزلم هي القدس الشرقية والغربية، أنا أحتدث عندما تقول في اللغة العربية القدس هي القدس، يتحدث التي القدس جيروزلم، هي ثانية لغة أي إلى تترجم وعندما عنها اإلسرائيليون ستكون أبو ديس؛ أي القدس التي يريدوننا أن نعرفها

ألبنائنا وليس القدس التي هي أصال.

ويتحدث والدينية، الثقافية الناحية من اجلانب أحادي أيضا الكتاب عن جزء واحد من الهوية الفلسطينية، مبعنى أننا ال نستطيع احلديث عن فهي إسالمية، هوية وكأنها فقط املصرية الهوية وعن املصري التاريخ املصرية، احلضارة مكونات هي وهذه فرعونية، إسالمية قبطية هوية وكذلك احلال بالنسبة للحضارة الفلسطينية، هي حضارة آرامية كنعانية

عربية نصرانية إسالمية.

مع دخول عمر بدأ القدس تاريخ إن يقول الكتاب حديث في هناك فسر للنصارى عندما إهانة تاريخ مشوه، وهناك اخلطاب، وهذا بن في الكتاب انحناء النصارى حلظة دخول عمر بن اخلطاب املدينة، إن االنحناء كلمة فيها إهانة، هم لم ينحنوا، لم تكن العالقة بني املسلمني واملسيحيني على عالقة منحني ومنحى له. باختصار شديد، النصارى األمة هم النصارى املسيحيني، غير وهم أصيلة، فلسطينية فئة هم التي آمنت بالعهد القدمي واجلديد، هم األمة التي ذكرت في القرآن، وهم األمة الوسط، هم الشعب الفلسطيني الذي حافظ على ديانته في فلسطني، وتعرضوا في القدس لالضطهاد من قبل اليهود، واعتبروا الرومان احتالل عند والحقا باملسيح، آمنوا ألنهم خوارج أنهم للمدينة لوحقوا وطردوا واعتبروا خوارج عن الديانة املسيحية، ألنهم تلك في معهم اليهود طرد كما والتوراة. اإلجنيل يتبعون يزالون ال السنة، فاليهود التجأوا إلى بالد الفرس والنصارى جلأوا إلى اجلزيرة احلضارات في تأثير لهم وكان وجودهم، على حافظوا العربية، في منهم بقي ومن هناك. بوجودهم اإلسالمي والفكر اإلسالمية الغربيني املسيحيني الطرفني؛ من كبير الضطهاد تعرض فلسطني، واليهود، ومن عاد منهم حافظ على هويته الفلسطينية األرثوذوكسية

الشرقية.

الفتح عن احلديث وهو جدا، خطير موضوع هو الثاني: املوضوع أن هناك حديثا ما نسمعه كثيرا هذه األيام، وبخاصة اإلسالمي، وهو يهول مخاطر املد الشيعي، ولذلك يجب أن نلجأ إلى األتراك السنة في

الكتاب لم يقدم أي شيء عن القدس، قدم للقدس صورة دون واقع، األسباط باب يصف أنه تخيلوا األمة؟ أين العادات؟ أين احلياة؟ أين بأحد أبواب القدس دون ذكر اسمه. وبالتالي، إذا استخدمنا مفردات تواجه أنت ثقافتنا، هذه إلسرائيل نقول أن نستطيع وحضارية ثقافية برنامجا حضاريا إسرائيليا، باملقابل علينا أن نقدم برنامجا حضاريا آخر، إننا نقتبس من اإلسرائيليني من أجل أن نعمل برنامجا وال ميكن القول

حضاريا آخر.

كلمة يبوس معناها نوري وحرف )ي( تعني )ج(، عندما تقول يافا يعني جافا. يورشاليم يعني جورسليم، يرحو يعني جريكو أي أريحا، وهذا

أساس التركيب املعنوي للجغرافيا.

املنخفضة، األرض وتعني أمة، وليست األرض هي كنعان، وكلمة تعني كنعاني كلمة املنخفضة، األرض في سكنت الكنعانية والقبائل األحمر اللون أن لوجدت األلوان إلى نظرت ولو األرجوان، صانع هو اللون املميز، ألن تربة فلسطني هي حمراء، فعندما ننظر إلى النساء كاملة، مدار سنة يعملن على العرس، كن ثوب يزخرفن اللواتي كن وتضع النساء على هذا الثوب ألوانا تعبر عن حياة املرأة: هل هي سعيدة لو فمثال تعيشها؟ التي احلياة إلى املرأة نظرت كيف سعيدة؟ غير أم أخذت ثوبا فلسطينيا من مدينة يافا، تد أنها قد نقشت عليه موج البحر

الذي هو بجوارها.

انتقائية وغياب رؤى واضحةغسان طوباسي: »مضمون الكتاب في سياق تاريخي، وبخاصة

الفتح العثماني والعالقات اإلسالمية املسيحية«

هذا واضعو ذلك مسؤولية يتحمل وال صدفة، يأت لم الكتاب هذا املناهج في سواء عامة؛ سياسة نتاج هو ولألسف فحسب، الكتاب نظرنا إذا املناهج، ألسلمة عام توجه فهناك الفلسطيني، املجتمع أم منه أكثر ديني منهج منها األكبر اجلزء أن جند مثال العربية اللغة إلى وزارة نهج في السائد للتفكير استمرار الكتاب هذا تربوي. منهج وتقليديني، محافظني أصبحوا لألسف القرار صناع والتعليم، التربية أن كثيرين في أبنائنا، واحلاصل السياسة في عقول يحاولون زرع هذه

Page 139: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

142

أوملرت.

فهي من العموري، القدس من زوجتي هدى تعلمت عن أنا شخصيا مواليد مدينة القدس. اإلنسان ال يتعلم فقط من الكتب واألعمدة واملباني التاريخية، تعلمت كيف تكون مدينة القدس حية بأهلها، وبأسواقها، ومواعيدها القدس وأزمان باحلياة، تنبض التي وحاراتها، وأناسها، متداخلة كقطعة فسيفساء. ففي رمضان مثال، نتعرف على املهرجانات واالحتفاالت التي متأل الشوارع والساحات، وهذه أصبحت جزءا من التقاليد، أنا هنا ال أعني بالتقاليد األشياء القدمية، أنا أقصد بالتقاليد حياة الناس، كيف ينزلون إلى السوق، ويحتفلون باملناسبات، يتحدثون مثال عن األشياء التي تكون غالية في شارع صالح الدين، ولكنها أرخص في البلدة القدمية. ال أحتدث هنا عن املسجد األقصى وقبة الصخرة وكنيسة خان وباب العمود باب من السوق، في املشي عن أحتدث القيامة، الزيت إلى احلرم أو إلى حارة النصارى، وأسواق »السنتوارية« والتحف

والعمالت القدمية.

عند مطالعتي للكتاب الذي يتحدث عن القدس وجدت أن الكتاب يتحدث عن كل األشياء املوجودة في املدينة عدا الناس! يوجد 200 ألف ساكن في

املدينة )سامحوني إن أخطأت( لم يتطرق الكتاب إلى هؤالء الناس!

ماذا وجودهم، أماكن عن وال الناس هؤالء عن الكتاب يتحدث لم إسرائيل املستهدف. الشعب أنهم مع حياتهم؟ هي وكيف يعملون؟ تستهدف إسرائيل أساسي، بشكل الدينية األماكن تستهدف ال على ترتكز أن يجب املقاومة القدس. في والساكنني والناس الشعب واملقاوم احلي اجلانب وميثلون املدينة يسكنون الذين املواطنني هؤالء للتهويد والسياسات العنصرية. فعندما تتحدث عن الهجمة اإلمبريالية للمقاومة االستعداد يتوفر لم وإذا املواضيع، هذه وكل واالستعمار لكل املعارك على الهويات وعلى املناطق املصادرة وعلى احلصار وعلى إعدام البيوت، باعتقادي ال ميكن أن نحقق أهدافنا املنشودة في التحرر

واالستقالل.

الكتاب لم يتطرق إلى اجلانب احلي في القدس، وأعتقد أن اخلطأ جاء من الناس الذين عملوا هذا الكتاب، حتى أن وزارة التربية والتعليم ال ترى وال تتعامل مع القدس كمدينة حية، بل يشاهدون مدينة القدس من خالل مبنى مملوكي أو عثماني أو أموي. إذا، واضعو الكتاب ركزوا على اجلانب الرمزي واملثولوجي. املهم أن هناك فلسطينيني يعيشون حياة في املباني مهمة تعكس هوية متنوعني وأصولهم مختلفة. القدس، مدينة حتملوا الذين الفلسطينيني بالسكان العربية القدس أرى أنا أصحابها،

وقاوموا الطرد واإلخالء من قبل بلدية القدس وحكومة إسرائيل.

أننا منتصرون. الصمود شيء، وأنا أختلف مع الناس الذين يتحدثون هو القدس في عمله ميكن ما أقصى برأيي أنا آخر، شيء واالنتصار الصمود، وهذا ما نطمح له، نحن لسنا في معركة نحارب بها ونطمح

للنصر، نحن في فلسطني نطمح للصمود.

وأنا في نظري كلما فرضت غرامات باهظة، وكلما صار سحب هويات التاريخية املباني وليس املستهدفون هم السكان فإن خناق، وتضييق

عن احلديث ويتم العثمانية، الدولة بعوده ويتغنون املد، هذا مواجهة فضائل الدولة العثمانية.

فلسطني في العثماني الفتح فضائل عن التاريخ في البحث حاولت خاصة، لم أستطع أن أجد أي فضائل لهذا التاريخ، ال في الصحة، وال

في التعليم، وال في اإلعمار، فهو استعمار وليس فتحا.

في العام 1858، صدر قانون األراضي، وقد أعاد تقسيم األراضي على أساس جديد، مت إدخال تعديالت وإعادة توزيع املناطق إلى سناجق، وأصبحت القدس تضم يافا، وغزة، وبئر السبع، واخلليل، وكان مركز بيروت، إلى نقل ثم دمشق، في األراضي لتسجيل العثمانية الدولة وبطبيعة احلال كان الفقراء الفالحون يواجهون صعوبة في الوصول إلى بيروت، وكانت تباع أراضيهم إلى العائالت الغنية بأسعار رخيصة جدا

مثل عائلة سرسق.

في العام 1868، عدل قانون وسمح لألجانب بشراء األراضي، وبدأت املثال، مستوطنة فعلى سبيل األراضي في فلسطني، بشراء املؤسسات

»بتاح تكفا«، لم تكن لتتم لوال هذا القانون.

هرتزل ثيودور مع دائم تفاوض حالة كانوا العثمانيون فالسالطني إلنقاذ الدولة العثمانية، وطلب تقدمي معونة مالية حلماية انهيار الوضع سنة يهودية هجرة ألول سمح وقد العثمانية، للسلطة االقتصادي األعظم للصدر عريضة رفعوا الذين فقط هم القدس وأهل ،1882

يطالبونه مبنع هجرة اليهود الروس.

الدولة العثمانية لم تكن على نقيض مع االستعمار البريطاني، باختصار كما أن هناك استعمارا بريطانيا كان هناك استعمار عثماني تركي.

هربرت عن تقرير عمل الطالب من طلب الكتاب في أخيرة، قضية قائد عن تقرير منهم يطلب ولم واضح، بشكل ومذكور صموئيل، وخليل النشاشيبي، وإسعاف احلسيني، القادر عبد مثل فلسطيني

السكاكيني، أو إدوارد سعيد.

أنا أعتقد أن هذا الكتاب ال يصلح كمنهاج، وهناك ضرورة لرفع الصوت عاليا ملنع املزيد من هذه الكتب.

سمير عوض: القدس كمدينة حية

املوضوع الذي سأحتدث عنه، هو القدس كمدينة حية، كمدينة تتنفس وتتفاعل مع البيئة التي حولها، وكمدينة يخنقها االستيطان ومحاوالت قبل من للمقاومة وممارسة عقلية هناك أن ولوال املستمرة، التهويد

السكان الفلسطينيني ملاتت مدينة القدس منذ زمن بعيد.

تزوير محاولة وجه في ككائن املدينة مقاومة عن هنا احلديث أود القدس مدينة عن يتحدث الكتاب هذا أن أشعر وروحها. هويتها كجماد بال حياة، وأنا فلسطيني أشعر أن هذا عكس ما نريده وعكس ما نوافق عليه، وهذا ما يريده االحتالل ورئيس بلدية القدس السابق

Page 140: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

143

اإلسالمية األعياد نفسه الوقت وفي املسيحيني وأعياد الفصح أعياد يحضرها املسيحيون، هذا شكل لدينا ثقافة التنوع وتقبل اآلخر.

الشيء اآلخر في الكتاب، التركيز على القدس، فأنا دائما في محاضراتي الشريف؟ القدس هي هل القدس، تعني ماذا األول، السؤال أسأل حتى واضح غير السؤال وهذا الغربية؟ القدس الشرقية؟ القدس للسياسيني الفلسطينيني الذين عندما يذكرون القدس ال يفهمون معناها.

داخل املوجود باجلسم العثمانية الفترة في محددة الشريف القدس األسوار، بحيث أن اليهود عندما أنشأوا أول مستوطنة إسرائيلية خارج حدود األسوار، جاء البريطانيون ووضعوا احلدود، ثم جاء قرار التقسيم 181، ثم جاءت بلدية القدس، ثم احلدود األردنية، ثم عملية تقسيم

القدس الشرقية والغربية.

فاملشهد الكتاب، في القدس جغرافية وضوح عدم اآلخر األمر القدم له مواصفات خاصة، فموقعها كان منذ القدس اجلغرافي ملدينة يجمع بني شيئني، املوقع الدفاعي واملوقع املكاني. القدس على هضبة، املكبر وجبل املشارف، وجبل الزيتون، جبل جبال؛ بسلسلة محاطة أو النواحي االقتصادية الناحية اجلنوبية، وهو كموقع غير مميز من من اإلستراتيجية، وأهميته األولى تنبع من موقع القدس ومكانتها الدينية، القدمي يجلب للقدس عبر قنوات رومانية من جبل فاملاء مثال كان في اخلليل، ثم من راس العني في مرحلة أخرى، وفي الفترة األردنية من عني سينيا. وما ميكنني أن أقوله أن األساس في بناء مدينة القدس في أولى كونها من تكمن القدس وأهمية الدينية، املكانة هو املوقع هذا من إليها يحج كنيسة وجود ومن الشريفني، احلرمني وثالث القبلتني

جميع أنحاء العالم.

تاريخية شخصيات القدس في أن املوضوع، في األخير األمر ومعاصرة ومراكز ثقافية مت إغفالها، فحتى الرحالة الذين قدموا إلى هذه املنقطة كتبوا عن احلياة اليومية، ومن املعروف أن ألهل القدس منطا خاصا وجلهة خاصة ال يعلمها الكل، وهذا غير واضح في هذا

الكتاب.

تتضمن صورة ،84 صفحة في الصور إحدى في واألخطاء: الصور ولكنه اخلليل، باب هذا إن يقول إليه ينظر ومن القدس، أبواب أحد اسم الصور إحدى حتمل عندما كذلك إسرائيلي، نفق هو الواقع في )أحد أبواب القدس( وغير معروف للطالب، ما هو هذا الباب؟ )وهو

باملناسبة باب األسباط(.

سردية ضعيفة ولغة إنشائية بال مخيلةجنوان درويش: عن محتويات الكتاب واإلخراج البصري

بعض وهذه الندوة، هذه مداخالت في قيلت للغاية مهمة أشياء يقل الذي ال الكتاب وإخراجه املالحظات األخرى على مضمون هذا

بؤسا عن مضمونه.

القصائد من ليست فهي »قصائد«، من الكتاب احتواه ما بخصوص

على القدس مدينة سكان مساعدة يجب للقدس. الرمزي واملعنى تاريخ تغيير إلى الهادفة اليهودية الهجمة االستيطانية الصمود في وجه القيم عن يجيب الكتاب هذا ومستقبلها. الفلسطينية العربية املدينة أنا، لدي الكبيرة القيمة ذات األشياء عن يجيب ال ولكنه الرمزية، في وركضوا مثال، القدمية القدس شوارع في مشوا الصغار أوالدي أصبحت لهم وبالنسبة املرواني، املصلى إلى ونزلوا األقصى، ساحة

القدس جزءا من حياتهم.

الناس، القدس جزءا من هوية املهم أن نعمل أشياء ونشاطات لتصبح وتكون القدس متفاعلة مع الفلسطينيني، وأنا أشعر أن احلديث اليهودي لهم القدس أن يقولون عندما إقصائي عنصري حديث القدس عن وحدهم وليس ألحد حق فيها، فالتاريخ اليهودي ملدينة القدس حقيقي ولكنه غير ممتد. القدس لها تاريخ أكبر بكثير من تاريخها اليهودي، فلها تاريخ كنعاني ويوناني وروماني وآرامي وبيزنطي وإسالمي، سواء أكان

األخير أمويا أم مملوكيا أم عثمانيا.

القدس في عاشت مختلفة وشعوب ومتنوعة متعددة حضارات وال طائفية تفرقة القدس في يوجد ال ولذلك هويتها، في وساهمت عنصرية. واالستعمار هو الذي خلق هذه التفرقة. سكان مدينة القدس يجب أن ننظر إليهم بنظرة االعتزاز واإلعجاب، وهم الضمانة ملستقبل

القدس العربية الفلسطينية.

إعادة النظر في الكتابخليل التفكجي: »اجلغرافيا السياسية ملدينة القدس وانعكاسها في

الكتاب«

حقيقة عندما استلمت كتاب القدس وقع في يدي كتاب إسرائيلي يتحدث القدس وعن يتحدث عن مكانة أوملرت، توقيع القدس، ويحمل عن ويشتمل واملسيحية، واليهودية اإلسالمية والعمارة واجلغرافيا التاريخ على الصراع السياسي في تلك الفترة بني العائالت التي كانت موجودة في مدينة القدس، حتى يصل إلى االتفاقيات األخيرة بالنسبة للمدينة، ومع حتفظنا على فكرة املقارنة، إال أن ذلك ال مينع من االعتراف بشمولية التناول في الكتاب اإلسرائيلي وتعددها، وهذا ما لم يشتمل مجاالت غاية في املوضوع هذا في أننا مع الفلسطيني، املنهاجي الكتاب عليه

االحتياج للتعمق والشمولية واملنهجية.

والتعليم التربية وزارة عن الصادر الكتاب أن أرى السياق، هذا وفي في ولكنه الثالث، السماوية الديانات مهبط القدس أن عن حتدث قد أساسي بشكل وتركز اإلسالم، وهي واحدة ديانة على ركز احلقيقة على قبة الصخرة واملسجد األقصى، وهذا ما نعاني منه اآلن في وسائل الصخرة، وقبة األقصى املسجد فقط هي القدس كأن العاملية، اإلعالم دون النظر إلى السكان الذين يعيشون في هذا املكان بثقافتهم وحضارتهم

وحياتهم.

ومن جهة أخرى، لم يكن الكتاب متوازيا في عرض التعددية الثقافية ملدينة القدس، وهذا مستجد في حياتنا الفلسطينية، ففي فترات سابقة لم يكن املسلمون كنا كمقدسيني يحضر الدين، بحيث أساس متييز على هنالك

Page 141: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

144

سليمان منصور: اإلخراج الفني للكتاب

وهي الغالف، على املوجودة اللوحة في مهمة عناصر عن أحتدث أنا األرجل التي تؤكد على الثبات والقوة ولكن الصورة لم تظهر القدمني قبة الصخرة واملسجد التقط صورة أننا لم نعرف من الغالف، كما في األقصى وملن اللوحة. أيضا اللون العام للكتاب يشير إلى أن الكاتب ذو

لون واحد، وفكر معني.

باإلنسان االهتمام عدم إلى تشير الكتاب داخل املوجودة الصور أيضا يظهر أنه ال يوجد صور القدس، بحيث املوجود في مدينة الفلسطيني فيها ناس بشكل واضح، وبعض الصور التي يظهر بها أشخاص يبدون يهود أنهم الصور بعض في ويبدون واضحني، وغير احلجم صغار

وسياح أكثر منهم عرب من سكان القدس.

الكتاب موجه لألطفال في سن )ست سنوات إلى أربع عشرة سنة( ال أن مع واأللوان، الرسم مثل الطفل يشد أن ميكن شيء أي فيه يوجد فنانني إلى توجهوا لو أنهم بحيث األمور، بهذه جدا غني املوضوع فلسطينيني وطلبوا منهم أن يرسموا عن موضوع القدس، لقدم اجلميع األطفال، ذهن في وعالقا مستساغا الكتاب وأصبح وخبراته، تاربه لم أنه ويبدو الفني، واإلخراج الصور جانب من جاف الكتاب لكن

تصبه يد مصمم غرافيكي أو فنان.

هناك عدد كبير من األخطاء في الكتاب حتدث عنها من سبقني، ولكن بالصناعات احلرفية سأحتدث عن أخطاء تهمني كفنان، وبصفتي مهتم وهذه القدس، من خشبية لصناعات صور )30( صفحة في ورد فقد أيضا القدس، القدس، وال حتى خارج في أبدا أشاهدها لم النماذج خطأ وهذا خشب، من إنها عليها مكتوب خزفية لساعة صورة هناك

يستطيع حتى الطفل أن يدركه.

من ناحية اإلخراج الفني، فهو سيء جدا، وأعتقد أن الكتاب لم مير في عملية إخراج فني على اإلطالق، وكذلك شعار القدس عاصمة الثقافة العربية، يظهر على أغلب الصفحات كخلفية ضبابية ولم يظهر في أي

مكان في الكتاب بشكل واضح.

انتقاء اخلط سيئ جدا في الصفحات األربع األولى، ويبدو كخط يد، ولكنه بالفعل من إنتاج احلاسوب، وقد حاولت أن أقرأ هذه املقدمة ولكن لصعوبة قراءتها تخطيتها إلى صفحات أخرى، فهل ميكن للمعلمني أن

يقرأوها ويستفيدوا منها.

صيغة الكتابة في كلمة الوزيرة موجهة إلى الزعماء والقادة وامللوك العرب، وليس ألهالي القدس واملعلمني واألطفال الذين سيقرأون الكتاب.

الهامش

املقدسية، وأستاذ الدراسات فلسطني احلديث في مؤسسة تاريخ في باحث *

التاريخ في جامعة برادلي في الواليات املتحدة األمريكية.

اجليدة أو الصاحلة في اإلطار التربوي إذا استثنينا أربعة أبيات فقط لعمر عن كتاب ألسوأ جائزة يستحق »العمل« فهذا فيه. وردت ريشة أبو القدس، ومن الواضح أن الذين كلفوا بإعداده لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث واكتفوا برديء الشعر، وأهملوا بقية األشكال الكتابية األخرى كاملسرح، والرواية، والقصة، واألجناس األخرى من التعبير الكتابي، ناهيك عن إهمال الفنون البصرية إهماال فادحا. مت إهمال جميع هذه ما حتى أم التراث من سواء الشعر؛ من رديء منط لصالح األشكال حسبوه شعرا معاصرا. مناذج ميتة، والقدس ميتة معه، واإلنشاء الذي

يبدأ منذ مقدمة الكتاب مرعب بالفعل.

قيادات موقف عاليا نثمن »أوال الوزيرة: تقول الكتاب مقدمة في في والتعليم التربية وزراء اإلخوة ومواقف واإلسالمية العربية الدولة الدول العربية واإلسالمية«. ملاذا نثمن عاليا؟! وأية مواقف؟ وعن ماذا توقيع »أختكم النهاية القدس في أحسن أحوالها، وفي نتحدث؟ كأن مليس العلمي«. أنا اعتقد أن املسؤولني عن هذا الكتاب يجب أن يتحملوا بهذه الكتاب أعدوا من مساءلة ويجب الكتاب، هذا تاه مسؤوليتهم فهو الكتاب هذا أما ألفها، من نعرف عامليا املناهج كتب الصيغة. هذا أمن وأرى أصحابها. عنها يتخلى التي النشرات مثل مؤلف دون القدس، قضية مع التعامل في العام االستخفاف يعكس استخفاف والسيما موضوع القدس عاصمة الثقافة العربية 2009، واخلفة التي يتم التعامل بها معه. هذا الكتاب يعكس العمل الفلسطيني والعمل العربي للقدس حاليا، لألسف هذا الكتاب ليس استثناء، والوضع العام ليس

أفضل من ذلك!

من جهة أخرى، ثمة تخبط في الرؤيا السياسية للكتاب، فكل احلديث يجري عن »احملافظة على مدينة القدس« و »استنكار تهويدها« ... وال نفهم هنا بأي معنى تفهم كلمة »احملافظة« عند احلديث عن مدينة للطالب تلقينه الكتاب يريد الذي »االستنكار« معنى وما محتلة؟ ... هل نطمح إلى تعليم األجيال القادمة مواصلة طقوس االستنكار

العربية؟!

الكتاب يقدم السردية اإلسالمية في أضعف صورها، وال يصل للمعنى القائم اإلنشاء نحو يذهب وإمنا اإلسالمية، للسردية اجلذري العميق على تعويض الواقع وغياب الفعل، بلغة إنشائية بال مخيلة. في املقابل الكتاب ال يتطرق بتاتا حلياة السيد املسيح في القدس، وبشكل عام هناك تغييب للمكون املسيحي في الثقافة العربية املتعلقة بالقدس، وهذا خطأ

جسيم برأينا.

في وردت التي الفوتوغرافية فالصور البصري، باإلخراج يتعلق فيما الكتاب ال توجد إشارة حلقوق هذه الصور ومن أين أتت، وفيما يبدو توجد ال املثال، سبيل على اإلنترنت. شبكة من منقول معظمها فإن مثال الصورة. املرفقة، أي ما يسمى شرح الصور معلومات دقيقة عن هناك صورة لـ »باب اخلليل« كتب حتتها »أحد أبواب القدس«، واألغلب أن معدي الكتاب لم يعرفوا أي باب هذا. وحني وضعوا صورة لـ »باب صورته حتت وضعوا عرفوه وألنهم القدس- أبواب -أشهر العمود« اكتفوا بوضع تعريف، إلى التي حتتاج األبواب األخرى اسمه، ولكن

»أحد أبواب القدس« بدل تسمية الباب.

Page 142: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

145

1. الكتاب هو خطة مرجعية للنشاطات التي يقترح أن تتم في املدارس، املرونة أعطى وقد للكتاب، التقليدي باملفهوم مدرسيا كتابا وليس الكافية، للمعلم والطالب للبحث واالستقصاء والدراسة حتى يحقق الهدف املنشود، ونحن على ثقة بأن معلمينا وطالبنا يستطيعون إغناء محاور الكتاب بجهودهم. فما أجمل أن يقوم طالب ما في مدرسة ما بتحضير حصة يقدمها لزمالئه في غرفة الصف عن أي درس أو محور من محاور الكتاب، حتى تكون املعرفة أثبت في األذهان من مجرد عرضها، طريقة في غيرنا ونقدنا أنفسنا نقدنا طاملا معلومات تلقني من واستحسانا ارتياحا بعضهم- لي ذكر -كما املعلمون القى وقد هذا في جديدا هناك بأن املعلمون وشعر الطريقة، بهذه املادة طرح الطريقة. بهذه واحملتوى لألهداف عرضه في وحتديدا الكتاب، بحث من نفسه الطالب به يقوم ما أليس نتساءل: أن لنا يحق وهنا واستقصاء أكثر فائدة له، وأكثر رسوخا ودميومة في ذهنه من دروس

جاهزة يقوم بحفظها واستظهارها؟

عن املعرفة للبحث واملعلم الطلبة، حتفيز إلى الكتاب هذا يهدف .2الالزمة عن القدس، جغرافيا وتاريخيا ودينيا واجتماعيا وثقافيا وأدبيا من أجل تعزيز االنتماء إليها والدفاع عنها، كما هو وارد في الكتاب،

فهل هذا الهدف غير واضح؟ وهل الرسالة الكامنة خلفه غير جلية؟

3. تضمن اخلبر املذكور كلمات وجمال وأحكاما عامة تفتقر إلى اللياقة النقدية، فقد ورد “أن الكتاب قد اختصر القدس بشكل مريب، وهو ما يتناسب مع ما طرحه أحد املفاوضني اإلسرائيليني في املفاوضات حني قال لكم قدسكم ولنا جروسلم”. كما ورد في موطن آخر “إن هذا الكتاب هو أسوأ ما كتب حول القدس، وأنه قدم سردية واحدة أفقدها حيث معانيها، أضعف في اإلسالمية السردية هي للقدس عمقها القيمي واألخالقي، واستخدم تعويضا عن هذا الغياب غنائية شعرية شكلية ذات مخيلة كسيحة”، وورد في اخلبر أيضا “أن تاريخ القدس اختصر في كلمات وقصائد منسوجة بهذه السرعة، ومتأثرة كثيرا باإلسرائيليات”. وغير ذلك الكثير، ونحن نرى أن هذه كلمات الكتاب، تطوير إلى يؤدي الذي التربوي بالنقد تليق ال متعجلة،

اإلدارة الفلسطيني، املناهج مركز عن صدر ما آخر هو الكتاب، هذا العامة للمناهج اإلنسانية واالجتماعية، بعد أن قام املركز بإصدار املناهج عشر الثاني وحتى األساسي األول الصف من بدءا كافة، الفلسطينية بفروعه جميعها، والكتاب عبارة عن خطة مرجعية، حتتوي على أهداف لتنفيذه. مقترحة وأنشطة وأساليب األهداف، هذه تعكس ومفردات .2009 للعام العربية للثقافة عاصمة القدس اختيار مبناسبة أعد وقد وقد خطط ليدرس خالل عام ميالدي واحد هو العام 2009، ولم يكن أصال جزءا من خطة املناهج، على الرغم من أن القدس متثل موقعا بارزا

في اخلطة األصلية للمناهج وفي األنشطة التربوية كافة.

لتقييم اجتماع إلى التربوية املراكز أن يدعو أحد يثير االستغراب، ومما الكتاب،1 ويدعو مجموعة من التربويني واألكادمييني واملثقفني -حسب 2009/3/26 - دون أن توجه اخلبر املنشور في صحيفة األيام بتاريخ األقل على الشأن، صاحبة العالي، والتعليم التربية وزارة إلى دعوة في نظرها وجهة وبيان املثقفني، من نخبة مع وتبادلها اآلراء لسماع لتكون األقل على وذلك كافة، اآلراء من واالستفادة الكتاب، هذا الطبعة الثانية من الكتاب أكثر دقة من األولى، وحتى نترجم فعال مفهوم الشراكة احلقيقية في العملية التربوية، بعيدا عن مجرد رفع الشعارات، بعضنا، سماع إلى األيام- هذه -وبخاصة نكون ما أحوج فنحن اجلاد واحلوار املباشر باللقاء ولكن فحسب، الصحف خالل من ليس املسؤول، فوزارة التربية والتعليم العالي لم تغلق أبوابها يوما، ولن تغلق تقديرنا كتابا، مع أو أو عمال ينقد موقفا أو رأيا يبدي أمام من أبوابها لكل اآلراء التي تؤدي بالنهاية إلى االرتقاء بالعمل، وتساهم في حتسني املركز هذا عمد أن فكان جميعا، مسؤوليتنا هي التي التربوية العملية عام، بشكل الفلسطينية واملناهج خاص، بشكل الكتاب محاكمة إلى وفي غياب الوزارة التي قامت بهذا العمل، األمر الذي يشكل خلال في

مصداقية هذه احملاكمة، وأهدافها أصال.

أصحابها، نقدر الكتاب، هذا في مختلفة آراء املجتمعون أبدى وقد ونحترم وجهة نظرهم، ولكن حتى تكون األمور في نصابها الصحيح

ال بد من توضيح األمور اآلتية:

تعقيب وزارة التربية والتعليم العالي على وقائع الندوة كما ورد من قسم املناهج*

قراءة متأنية في كتابالقدس ... الوطن والروح، خطة مرجعية

علي مناصرةمدير عام املناهج اإلنسانية واالجتماعيةوزارة التربية والتعليم العالي

* هذا التعقيب هو ما أرسلته لنا وزارة التربية والتعليم العالي إثر إرسالنا ملف الندوة لكي تقوم بالتعقيب، علما بأن هذا التعقيب قد نشر في املوقع اإللكتروني لوكالة )معا( اإلخبارية، كما نشر في العدد األخير من جريدة »مسيرة التربية والتعليم العالي« )العدد 65، أيار 2009( الصادرة عن الوزارة.

Page 143: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

146

وهي انطباعات شخصية تفتقر إلى العلمية واملوضوعية، وال تتفق مع مفاهيم املناهج وأسسها وال حتى مع القيم التربوية.

4. تناول الكتاب القدس منذ العصور القدمية، زمن أجدادنا الكنعانيني حتى اليوم، أي منذ أن بنى أجدادنا العرب الكنعانيون يبوس مرورا بالفتح اإلسالمي للقدس، وغزو الفرجنة لها واالحتالل اإلسرائيلي لها، وخنق املدينة بجدار الفصل العنصري، وما ترتب عليه من معاناة وسياسة املدينة، في العربي للوجود طمس ومحاوالت وعزل، ويحيط يهددها الذي واالستيطان االحتالل، ميارسها التي التهويد العرب السكان على التضييق في كذلك االحتالل وسياسة بها، الضرائب وفرض للعرب، البناء تراخيص منع من شتى بوسائل شعائرهم ممارسة من ومسيحيني مسلمني ومنعهم عليهم، الباهظة

الدينية، وغير ذلك الكثير.

أال يعد هذا تسلسال منطقيا لألحداث التاريخية؟أال يعد هذا نضاال للمقدسيني وصمودا لهم؟

للمقدسيني اليومية احلياة حيثيات عن واضحة صورة هذا يعطينا أال ومعاناتهم؟

5. ضم الكتاب اثني عشر نصا شعريا، ما بني نشيدة قصيرة سهلة لطلبة البرغوثي. املرحلة األساسية الدنيا وحتى رائعة القدس للشاعر متيم تتحدث التي القصائد من مجموعة نختار أن الكتاب في آثرنا وقد ال ألنه القدس، في قيل ما أجمل هذا أن ندعي وال القدس، عن يختاروا أن واملعلمون الطلبة ويستطيع األدب، في قطعية أحكام ذكر وقد الشعرية، وذوائقهم تتفق التي األشعار من أرادوا ما معها منوذج هو “ شعر من القدس عن قدم ما أن الكتاب نقد من بعض ميت وإنشاء فارغ من حيث الشكل اعتمد على منط واحد من الشعر نتساءل، هل قصيدة هارون هاشم رشيد فيه“ وهنا املبالغ العمودي

بعنوان “جذور” إنشاء فارغ وشعر عمودي؟

وهل قصيدة نزار قباني التي يقول فيها:من يغسل الدماء عن حجارة اجلدران؟

من ينقذ اإلجنيل؟من ينقذ القرآن؟

من ينقذ اإلنسان؟

إنشاء فارغ وشعر عمودي؟ وهل قصيدة األخوين رحباني بعنوان زهرة عمودي؟ وشعر فارغ إنشاء - ترددها فيروز زالت ما التي املدائن- وهل رائعة القدس لتميم البرغوثي قصيدة ميتة، وشعر عمودي؟ أنا

أترك للقارئ املنصف احلكم على هذا؟

6. أبرز الكتاب األهمية الدينية ملدينة القدس، وال أظن أن أحدا ينكر أو ينتقص من هذه األهمية، فهي أولى القبلتني، وثاني املسجدين، اإلسالمية املعالم آالف وفيها القيامة كنيسة وفيها احلرمني، وثالث واملسيحية، فكيف ميكن تريد القدس من قدسيتها ومقدساتها؟ وهل الكتاب فعال قد اختصر القدس بشكل مريب؟ وهل فعال مت اختراع

قدس أخرى؟ كما ذكر بعض الناقدين للكتاب. من فعاليات مدرسة غزة للموسيقى.

مانعة جامعة عن القدس، شاملة موسوعة إنشاء املقصود يكن لم .7وإال الحتاج األمر إلى عشرات املجلدات، ولكن اخلطة مقدمة لطلبة املدارس من الصف األول حتى الصف الثاني عشر، وما يقدم لطلبة العمري النمو تراعي التي اخلاصة التربوية مواصفاته له املدارس

والذهني واالنفعالي للطالب.

التربية وزارة به قامت الذي الوحيد النشاط هو ليس الكتاب هذا .8لهذه أعدت أخرى نشاطات مع متكامال يأتي وهو العالي، والتعليم أو خطط أو كتب بإعداد التربوية املراكز تقوم أن متنينا وكم املناسبة، نشاطات لتكون مكملة لهذه األنشطة ورديفا لها تسد النقص إن وجد، ومشاركتها، اهتمامها على املراكز لهذه أوال الشكر سنقدم وعندها وسننقد هذه الكتب أو اخلطط نقدا علميا موضوعيا يؤدي إلى تطويرها

وحتسينها.

9. نرحب بأية فكرة أو إضافة، أو وجهة نظر، تؤدي إلى تطوير هذا الكتاب، وأي كتاب في املناهج، ولكن بعد االطالع الفعلي على هذا الكتاب، أو املسبقة، العامة األحكام على بعيدا ودراسته، املناهج، في كتاب أي واالنطباعات الفردية غير املوضوعية، فليس دقيقا أن املناهج الفلسطينية كم الواضحة، والسياسية الفلسفية الرؤى وغياب االنتقائية على تقوم متنينا ونتمنى على مثقفينا وتربويينا أال يبخلوا علينا بوجهة نظرهم لتساعد النقد، ملجرد بالنقد، فقط نكتفي وأال الفلسطيني، املنهاج تطوير في وحبذا لو طرحت بدائل ملا ينقد، إذا كان غير مناسب. ونكون شاكرين إذا

مت تزويد مركز املناهج بها، حتى تكون فعال الشراكة حقيقية.

الهامش

املهني املنطلق ومن القطان، مركز في عقدت التي الندوة هو هنا املقصود 1

وأمياننا باحلوار ننشر تعقيبات الوزارة كما وردت بناء على طلب منا )هيئة حترير رؤى تربوية(.

Page 144: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

147

إضاءة على عدد من فعاليات مركز القطان للبحث والتطوير التربوي

نظم مركز القطان للبحث والتطوير التربوي عددا من الفعاليات واألنشطة التربوية خالل األشهر األربعة األخيرة، إضافة إلى مشاركات في مؤمترات وفعاليات تربوية محلية وخارجية. وفيما يلي أبرز هذه الفعاليات.

الدراما “توظيف في املركز، ورشة عمل مدير الكردي، أدار وسيم Narratives( “سرديات” مؤسسة نظمتها الكتابي”، التعبير في NGO( اليونانية التي تعمل في مجال الفن الدرامي واللغة في التعليم واحلوار والنمو، في العاصمة اليونانية أثينا يومي 4 و4/5. وتضمنت الورشة، التي استهدفت عددا من املعلمني واملعلمات، مجموعة من القصص العاملية والصور الفوتوغرافية وما ينبثق عنهما من إمكانيات

ودافعيات لتشجيع األطفال على التعبير الكتابي.

اليونانية مع املؤسسة إدارة الورشة، جمع لقاء على هامش نظم كما وإمكانية املستقبلي، التعاون إمكانيات لبحث القطان مركز مدير إنشاء مساق سنوي في توظيف الفنون في التعليم ملعلمني من فلسطني

واليونان ودول حوض البحر األبيض املتوسط.

املشاركة في ورشة عمل باليونان حول توظيف الدراما في التعبير الكتابي

في ندوة مداخلة حول كتاب “مخيلة احلكاية” بعمان حول “االحتفاء باملجتمعات الشفهية”

قدم وسيم الكردي، مدير املركز مداخلة حول كتاب “مخيلة احلكاية “االحتفاء في استكشاف القصة وإنتاج املعني”، خالل ندوة بعنوان مهرجان نشاطات ضمن ان، عم في نظمت الشفهية” باملجتمعات مع امللتقى بالتعاون األردن، في البلد مسرح ينظمه “حكايا” الذي MS/(و املسرحي، للتدريب العربي واملركز العربي، التربوي

.)Denmark

والتنوع األحادي »الفكر شملت: محاور أربعة الندوة وتضمنت »التواصل الشفوي«، التاريخ مع املسرح »تربة التعليم«، في واللغة«، قدم خاللها عدد الشفهي«، »احلكايات والتفاعل الكتابي األحادي«، الفكر من »الشفاء فاشه منير من لكل املداخالت من

»تربة عساف وروجيه الثقافية«، التعددية »هيمنة سكرية وميسون في املسرح املبني على قصص الناس«، وحسن اجلريتلي »من احلدوتة بالدراما »العالج أبو كشك الورشة«، ورمي فرقة السيرة: تربة إلى من خالل حكايات الشباب«، وسمر دودين »بناء مسرح شباب مبني على احلكايات الشخصية«، وشريف كناعنة »تربة قول يا طير في نقل النص الشفاهي إلى نص مكتوب«، وفتوح فرج »تربة كتاب حكايات من الدقهلية«، وفيحاء عبد الهادي »سلسلة قالت شهرزاد«، وبرالني

غيبارا »احلكاية وتعلم اللغة«.

الرمياوي مالك من كل تأليف من احلكاية« »مخيلة كتاب أن يذكر منها احملاور، من عددا يتناول وهو والكردي، املركز في الباحث الواقع، ومساءلة والتعبير والتخييل القص سياق في اللغة تعليم الشفاهية واحلكاية تطبيقي، سياق في السردي اخلطاب وبالغة األدبي املنظور بني التعليمي والنص الشعبي، املخيال عمل وآليات

واملنظور األيديولوجي.

كما أن الكتاب موجه أساسا ملعلمي اللغة العربية وآدابها، وهو محاولة لتقدمي مقاربة للقصص في سياق املنهج الدراسي »تبني منطلقاتها عبر محاورة مغايرة للفكر التربوي من جهة، ولفلسفة تعلم اللغة وتعليمها من جهة أخرى، محاورة تعيد صياغة الفكر النظري في خضم التجربة

املهمومة أصال مبساءلة جديد الفكر التربوي وإعادة إنتاجه”.

Page 145: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

148

لقاء ملناقشة كتاب “القدس .. الوطن والروح”

“القدس .. الوطن نظم مركز القطان في رام الله لقاء ملناقشة كتاب للمناهج العامة اإلدارة أصدرته الذي مرجعية”؛ خطة – والروح اإلنسانية واالجتماعية في مركز املناهج التابع لوزارة التربية والتعليم .”2009 العام العربية الثقافة عاصمة “القدس ملناسبة العالي، ثالثة إلى قسم وقد واحد، دراسي لعام مرجعية خطة هو والكتاب األول فالقسم للطلبة؛ وصفية عمرية بفئة خاص قسم كل أقسام املتوسطة، األساسية للمرحلة والثاني األولى، األساسية للمرحلة املثقفني من مجموعة اللقاء في وشارك الثانوية. للمرحلة والثالث

واألكادمييني وعدد من املهتمني بالشأن التربوي.

وأوصى املشاركون بإعادة النظر في كتاب »القدس .. الوطن والروح

اإلنسانية للمناهج العامة اإلدارة أصدرته الذي مرجعية«؛ خطة –العالي، والتعليم التربية لوزارة التابع املناهج مركز في واالجتماعية

ملناسبة »القدس عاصمة الثقافة العربية العام 2009«.

يزداد لكي للطلبة، القدس تعليم أهمية على املشاركني معظم وأكد للدولة وكعاصمة فلسطينية كمدينة معها ومعرفيا روحيا تواصلهم مدينة بأن الطلبة تذكير ضرورة على مشددين املنشودة، الفلسطينية االحتالل، حتت زالت ما األخرى الفلسطينية املدن وسائر القدس الوطني التحرر مسيرة وتواصل تنجز جديدة أجيال بناء إلى وحتتاج

الفلسطيني.

وأجمعوا على أن الكتاب خال من أي نص حي أو من أي أثر تفاعلي للتفاعل مع مدينة القدس كمدينة الطلبة واملعلمني مباشر يتركه لدى حية، وإمنا يصور الكتاب القدس كأنها مدينة من التاريخ اندثرت ولم

تعد موجودة.

وأضافوا: لقد أغفل الكتاب جميع حيثيات احلياة اليومية للمقدسني؛ بيداغوجيا أيضا وأغفل اخلاصة، طقوسهم احتفاالتهم، أعيادهم، وال نواديهم وال حكايتهم فال القدس، في احلجر مع البشر تفاعل وكأنها الكتاب، في عليها منصوص حضارتهم كثافة وال قصصهم خالية من سكانها. فال نضال املقدسيني االجتماعي والثقافي والسياسي

اليومي، وال معاناتهم من جراء االحتالل، مذكورين في الكتاب.

يوم دراسي حول التفاؤل والتشاؤم وعالقته بالتحصيل الدراسي

نظم املركز في 28/3 يوما دراسيا بعنوان »الذكاء العاطفي .. التفاؤل املعلمني تارب لعرض الدراسي« بالتحصيل وعالقته والتشاؤم الذي تشرف عليه البحثي »التفاؤل والتشاؤم« املشاركني في املشروع 30 الدراسي اليوم في وشارك قرعان. ومها جابر ليانا الباحثتان بالشأن واملهتمني والتعليم التربية وزارة في والعاملني املعلمني من

التربوي. وتال العرض نقاش وحوار حول التجارب.

الطلبة« على وتداعياته اخلطاب »أمناط عرضت التي التجارب ومن بإشراف املعلمة جمانة الهندي من مدرسة بنات دير عمار األساسية؛ بإشراف املتكاملة، التربوية البيئة مع وعالقته والتشاؤم والتفاؤل في األطفال قرية مدرسة من صادق ومحمد حاليقة رأفت املعلمني األولى، األساسية الصفوف في األمل لثقافة التأسيس حلم؛ بيت األساسية خلدون ابن ذكور مدرسة من نصار إميان املعلمة بإشراف سامية املعلمة بإشراف حلها، وسبل التفاؤل معيقات نباال؛ بير في الديك من مدرسة اللنب الثانوية للبنات في نابلس؛ تأويالتنا لنجاحنا وفشلنا... وأشياء أخرى، بإشراف املعلمة دعاء عدوي من مدرسة

اإلخاء اإلسالمية في بيت حلم.

يذكر أن هذه التجارب جاءت محصلة لعمل بحثي إجرائي تعاوني بني فريق من املعلمني واملعلمات من مدارس مختلفة والباحثتني قرعان وجابر استمر نحو عامني، مت خالله التأطير النظري للموضوع وربطه مبتعلقات البحثي موضوعه بتطوير معلمة أو معلم كل قام ثم أخرى، تربوية اخلاص وتطبيقه داخل مدرسته ومشاركة الفريق مبخرجاته وانطباعاته،

تال ذلك عميلة كتابة سردية وتوثيقية لكل تربة على حدة.

Page 146: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

149

ورشة اللغة حول “تعلم اللغة اإلجنليزية اإلبداعي”

للمرحلة اإلجنليزية اللغة ومعلمات ملعلمي عمل ورشة املركز افتتح يوم غوتنيك، ماريون البلجيكية األستاذة بإشراف االبتدائية، “تعلم اللغة لتعليم واإلبداعية التواصلية الطريقة تناولت ،4/25وهدفت .)Creative Language learning( ”اإلبداعي اللغة في اللغة فيها ف توظ بطريقة التواصلية املعلمني مهارات تطوير إلى دائمة، إيجابية بطريقة بها االرتباط على الطالب وتساعد احلياة، ولعب الدراما، استخدام خالل من مختلفة نشاطات عبر وذلك

األدوار، والرقص. والغناء. وعقد اليوم األول من الورشة مبشاركة .5/2 الثاني في اللقاء 21 معلما ومعلمة، فيما سيعقد

الطلبة« على وتداعياته اخلطاب »أمناط عرضت التي التجارب ومن بإشراف املعلمة جمانة الهندي من مدرسة بنات دير عمار األساسية، بإشراف املتكاملة، التربوية البيئة مع وعالقته والتشاؤم والتفاؤل في األطفال قرية مدرسة من صادق ومحمد حاليقة رأفت املعلمني األولى، األساسية الصفوف في األمل لثقافة التأسيس حلم، بيت األساسية خلدون ابن ذكور مدرسة من نصار إميان املعلمة بإشراف سامية املعلمة بإشراف حلها، وسبل التفاؤل معيقات بيرنباال، في الديك من مدرسة اللنب الثانوية للبنات في نابلس، تأويالتنا لنجاحنا وفشلنا... وأشياء أخرى، بإشراف املعلمة دعاء عدوي من مدرسة

اإلخاء اإلسالمية في بيت حلم.

يذكر أن غوتنيك حاصلة على ماجستير لغات وثقافات الشرق األدنى مركز في وعملت بلجيكا، من غينت جامعة من أفريقيا وشمال

متخصص في »تعليم اللغة اإلبداعي«.

منتدى معلمي الدراما يعقد لقاءه التاسع

مت في 4/30 و5/1 في مقر جمعية الهالل األحمر بالبيرة، عقد اللقاء مدير الكردي، عليه وسيم يشرف الذي الدراما معلمي ملنتدى التاسع

بعنوان فعالية بعرض اللقاء وافتتح الرمياوي. مالك والباحث املركز »معضالت تواجهنا أثناء تطبيق العمل الدرامي« للمعلمة سوسن مرعي من الناصرة، تاله عرض حصة تربية وطنية للصف السادس األساسي مسرحية بعرض األول اليوم واختتم جنني، من كبها نسيم للمعلم تناولت قضايا خاصة باألطفال للمعلم عبد املغني اجلعبري من اخلليل. أما اليوم الثاني فاشتمل على عرض حصة حول قصيدة الشرف الرفيع للصف احلادي عشر، للمعلم أشجع دريدي من طولكرم، تاله عرض حصة مطبقة مع الصف الثالث األساسي بعنوان »اختيار صديق« للمعلم حصة عرض مت نفسه السياق وفي جلجليا. من األطرش معتصم نسرين املعلمتني إعداد من »التعاون« بعنوان األساسي الرابع للصف مسرحية بعرض اللقاء واختتم حلم، بيت من الشوملي ونوال مشعل

تتعلق باألطفال من إعداد املعلمة فيفان طنوس من رام الله.

منتدى التعليم للجميع يناقش حاالت الشلل الدماغي

نظم املركز اللقاءين الرابع واخلامس ملنتدى التعليم للجميع في 3/14 محمد املعلم عرض حيث شومر، ناي الباحثة بإشراف و4/25 يوسف تسجيال مصورا لطالب مصاب بالشلل الدماغي أثناء احلصة، وفتح باب النقاش حول وضعه وظروفه، ومت اقتراح خطة عمل فردي معه جلسر الفجوة بني قدراته التعلمية احلالية واملستوى العام للصف. وفي اللقاء اخلامس، مت نقاش قضية طرحتها املعلمة هيلدا الشرقاوي بأي لاللتحاق يعيقها ما واللغة، النطق في صعوبات تواجه لطالبة لبناء تصورات إلى مجموعات صغيرة املعلمني مدرسة. ومت تقسيم عامة لبرنامج عمل مفترض مع الطالبة متهيدا إلحلاقها مبدرسة عادية.

Page 147: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

ونشر

العع و

اس الت

ددالع

- وية

تربى

رؤ

150

تواصل لقاءات منتديات املعلمني ومنتدى املديرين واملشرفني

مشاركا، 96 حضرها للمعلمني منتديات 10 غزة في املركز نظم في واإلبداع املعلمني، ملتقيات تفعيل آليات مناقشة فيها مت كما النهائية. واالمتحانات اإلعالمي، والتعدد الرياضيات،

مديرا 46 فيهما شارك واملشرفني املديرين ملنتدى لقاءين عقد مت ومشرفا، وتناوال “الذكاء األخالقي”، وتكامل دور املجتمع احمللي

مع اإلدارة املدرسية.

ورشتا عمل في إعداد الباحث الصغير

نظم املركز في غزة ورشتي عمل يومي 1 و3/3 حول إعداد الباحث الصغير شارك فيهما 29 طالبا من املرحلة األساسية العليا، مت خاللهما تدريب املشاركني على إعداد البحث بأسلوب نظري وتطبيقي. وأعد الورشتني أبحاثا حول حقوق الطفل، ودور تفسير املشاركون خالل الذرة في تطور البحوث العلمية، ودور علماء العرب واملسلمني في

التطور احلضاري.

لقاء حول مشروع مركز التعلم

حول اإلسالمية اجلامعة من لطالبات لقاءين غزة في املركز نظم مشروع مركز التعلم )Learning Centre(، مت خاللهما التعريف

باملنهاج وطرح مناذج تطبيقية ومصادر باملفهوم وكيفية تفعيله وربطه مناسبة.

املشاركة في ورشة عمل حول الكتاب في عصر التقنية

عمل بورقـة النقيب، ورهام الشافعي هناء املكتبة أمينتا شاركت جامعة نظمتها عمل ورشة في املتخصصة”، “املكتبات بعنوان

التقنية”. عصر في “الكتاب بعنوان 4/1 في بغزة فلسطني

صدور الترجمة العربية لكتاب »تخطيط الدراما التكونية« عن مركز »القطان«

صدرت، مؤخرا، عن مركز القطان للبحث والتطوير التربوي، الترجمة العربية لكتاب “تخطيط الدراما التكونية .. الدراما في سياق تعليمي تفاعلي”، ملؤلفيه باميال بويل، احملاضرة في مجال الدراما في التعليم في كلية التربية بجامعة كينغستون في اململكة املتحدة، وبريان إس هيب،

أستاذ الدراما في مركز فيليب شيرلوك للفنون اإلبداعية بجامعة ويست إنديس في كنغستون بجمايكا.

وذكر وسيم الكردي مدير املركز في تقدميه للطبعة العربية للكتاب أن ترجمة الكتاب »تأتي في إطار برنامج املركز »الدراما في التعليم«، الذي يتضمن إتاحة مصادر متنوعة للمعلمني في مجال توظيف الدراما في سياقات تعليمية«.

وأشار الكردي إلى أن املركز »يقوم منذ سنوات عدة بتنظيم برنامج مساقات في مجال توظيف الدراما في التعليم، وقد أسس ملدرسة صيفية في

Page 148: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

151

هذا املجال متتد ثالث سنوات، سيتخرج أول فوج فيها من املعلمني في نهاية صيف 2009 »فوج محمود درويس«، وقد تطلب هذا البرنامج قراءات في هذا احلقل، وكانت املواد املتوفرة بالعربية محدودة وال تفي بالغاية، فشرعنا في برنامج ترجمات متنوعة، يأتي هذا الكتاب كجزء منها، كما شرعنا في إنتاج مواد

متنوعة في هذا احلقل مبنية على خبرات معلمني من فلسطني وأنحاء مختلفة في العالم وتاربهم«.

وقال: تكمن أهمية الكتاب في أنه يعالج كل محور من محاور تخطيط الدرس الدرامي بشكل مفصل، وفي عالقة كل محور باحملاور األخرى، كما تكمن في أنه يصوغ أجوبة مقترحة ألسئلة طرحها املعلمون،

وهي تتناول كل محور وكل ما يتعلق به من عناصر ومكونات.

بتمارين فقط اهتمامهم خالل من احلافة على يبقوا ال أن على املعلمني يشجع الكتاب إن وأضاف: دراما في قدما يتحركوا أن بل ذلك، من أبعد هو فيما اخلوض من وخوفهم بسيطة، درامية وألعاب خالقة استكشافية تعبيرية ... إنه كتاب يساهم في بث »إضاءات« للعملية الدرامية التكونية؛ تخطيطا

وتشكيال وإنتاجا ومتثيال

يذكر أن الكتاب جاء في 144 صفحة من القطع املتوسط، توزعت على أحد عشر فصال تناولت الدراما والتعليم، واستخالص مبادئ التخطيط لطريقة الدراما التكونية، واملوضوع مجال التعلم، والسياق، والدور، واإلشارة، واإلستراتيجيات، وإحداث الدراما، والدراما قيد املمارسة،

وقراءات إضافية ومراجع.

صدور كتيب عن مركز “القطان”حول مرتكزات األساس املعرفي ملوضوع حل املشكالت في احلقل التربوي

صدر حديثا عن مركز القطان للبحث والتطوير التربوي/ مؤسسة عبد احملسن القطان في رام الله، كتيب مشروع .. التربوي احلقل في املشكالت حل ملوضوع املعرفي األساس مرتكزات في »قراءة بعنوان

بحثي يؤسس للقراءة النقدية«، ملؤلفه وائل كشك، الباحث في املركز.

حل ميدان على يهيمنان اللذين النيوتونية والرؤيا األرسطي للمنطق نقدية قراءة الكتيب ويتضمن املشكالت في احلقل التربوي، في محاولة لفهم األسس التي انبنت عليها النظريات والنماذج املتعلقة

مبوضوع حل املشكالت.

كما يتضمن عرضا للمنطق اجلدلي واملنطق العلمي في تعالقهما مع موضوع حل املشكالت، باإلضافة إلى عرض لواقع التجربة التطبيقية كمشروع انبنى على تصور بديل، وكذا قراءة حتليلية لواقع التجربة

في ضوء الرؤية النقدية والتصور البديل.

ويقع الكتاب، الذي يأتي ضمن سلسة أوراق بحثية التي يواكب مركز القطان على إصدارها في سياق اشتغاله الرؤيوي على تطوير الواقع التربوي والتعليمي في فلسطني، في 40 صفحة من احلجم املتوسط، ويتناول ثالثة محاور، هي: املنهج الديكارتي واملنطق الصوري في مقابل املنطق اجلدلي ومنطق العلم احلديث، التفكير كعملية في السياق، قراءة

ذاتية لواقع املشروع البحثي “تعليم يبدأ من احلياة” في ضوء التصورات النقدية.

ويقول كشك حول الكتاب “إن األرضية التي انبنت عليها النماذج والقوانني والنظريات املتعلقة مبوضوع حل املشكالت في احلقل التربوي، هي ذات األساس األرسطي الذي يجرد ويبسط، وذات الرؤية النيوتونية اآللية التي تفصل الذات عن موضوعها، وذات التطبيق الديكارتي الذي يقود العقل إلى احلقيقة املوثوقة، ويذهب بالواقع إلى املختبرات ليحلل ويجزئ، وذات التنظير الكانطي القائل بوجود أفكار متعالية أو مفاهيم محضة. إن احلياة ليست مصنوعة من أشياء نفعية محسوبة ومتخصصة، واإلنسان ال ميكن اختزاله والنظر إليه من خالل بعده االقتصادي، أو من خالل بعده العقلي مبعزل عن كيانه األخالقي أو كيانه العاطفي، فالكل متشابك ومترابط، والعقل مشحون باالنفعاالت، والعواطف واألفكار ال

تنفصالن، وفهم الواقع واحلياة ليس بالعلم وحده”.

Page 149: رؤى تربوية - العدد (29) التاسع والعشرون - نيسان 2009

رؤى تربوية - العدد التاسع والعشرون

152

دعوةان الصيفية للمعلمات واملعلمني للمشاركة في مدرسة القط

»الدراما في سياق تعليمي«جرش – األردن )30 متوز – 9 آب 2009(

2009، ضمن يعلن مركز القطان للبحث والتطوير التربوي/ مؤسسة عبد احملسن القطان عن بدء التسجيل للمعلمني ملستوى السنة األولى برنامج دبلوم في مجال توظيف الدراما في سياق تعليمي، من خالل املدرسة الصيفية التي ستعقد في مدينة جرش باألردن في الفترة بني 30

متوز – 9 آب 2009.

بنية املدرسةصممت املدرسة لتقدم برنامج دبلوم في الدراما في سياق تعليمي، من خالل مساقات تراكمية صيفية على مدار ثالث سنوات، مينح في نهايتها املشارك درجة الدبلوم، بحيث تكون السنة األولى للمستوى التحضيري، والسنة الثانية للمستوى املتقدم، والثالثة ملستوى نيل شهادة الدبلوم في »الدراما في سياق تعليمي«. وكي يتمكن املعلم املنخرط في البرنامج من االنتقال من مستوى إلى مستوى أعلى، عليه إمتام جميع املتطلبات

النظرية والتطبيقية السنوية الواردة في كتيب الطالب.

القائمون على املساقاتوسيم الكردي )فلسطني(، كوستاس أمويروبولوس )اليونان(، وديفيد ديفيس )اململكة املتحدة(، وهو يدير املدرسة.

شروط التسجيل للمساق التحضيري لبرنامج الدبلوم:1. أن يكون املتقدم معلما أو يعمل مع األطفال.

2. أن تكون لديه رغبة قوية في تعلم كيفية توظيف الدراما في التعليم.3. أن يتعهد بإجراء ورشة ملعلمي مدرسته أو مجتمعه يشاركهم فيها ما تعلمه في املدرسة الصيفية.

4. أن يكون لديه االستعداد للتواصل مع املشاركني اآلخرين في املدرسة، بغية تبادل اخلبرات والتجارب النوعية الحقا.أن يقوم بتعبئة النموذج اخلاص بذلك، وأن يكتب رسالة من صفحة واحدة تفصل طبيعة عمله وسيرة منوه املهني، وتوضح دوافعه لتعلم .5

توظيف الدراما في التعليم.

املصاريف املالية واملنح:< توفر املدرسة منحا جلميع املشاركني تغطي نفقات اإلقامة في جرش – األردن على مدى أسبوعني.

< يتحمل املشاركون نفقات السفر وأية مصاريف لها عالقة بالتنقل واملواصالت خارج مكان اإلقامة. كما تقع مسؤولية التأمني الصحي و/أو العالج على كل مشترك/ة.

< رسوم االشتراك: 100 دوالر تدفع بعد احلصول على القبول.< تتوفر منح محدودة لرسوم االشتراك ولتغطية تكاليف السفر، بناء على معايير اقتصادية محددة. ميكن ملن يقع عليهم االختيار للمشاركة،

التقدم بطلب منحة لكليهما أو أحدهما، وذلك بتعبئة النموذج اخلاص.

على الراغبني والراغبات في احلصول على معلومات تفصيلية ومنوذج الطلب، اإلطالع على املوقع اإللكتروني ملركز القطان للبحث والتطوير التربوي:

www.qattanfoundation.org/qcerd/dramasummerschool

أو االستفسار عبر البريد اإللكتروني:[email protected]، أو االتصال على هاتف رقم: 2/2963281-02.

آخر موعد لتسليم طلبات االلتحاق 15 حزيران 2009