Top Banner
200

علم املعاني

May 11, 2023

Download

Documents

Khang Minh
Welcome message from author
This document is posted to help you gain knowledge. Please leave a comment to let me know what you think about it! Share it to your friends and learn new things together.
Transcript
Page 1: علم املعاني
Page 2: علم املعاني
Page 3: علم املعاني

تيسير

املعاني علم

Page 4: علم املعاني

4927/3717رقم اإليداع:

248-401-8038-74-0 ردمك:

بريدة -ابراهيم بن منصور.، الرتكي

هـ3717

سم97×34 ؛ص329

248-401-8038-74-0 ردمك:

العنوان . أاملعاين )بالغة عربية ( -3

4927/3717 707٫3 ديوي

عرشة السادسة هـ( بجلسته34/3717-91باجلامعة بقراره رقم )وافق املجلس العلمي

هـ املوافق 93/5/3711بتاريخ ةعقدنهـ امل3711/3717الدرايس للعام

عىل نرش هذا الكتاب وطباعته. م9/7/9031

Page 5: علم املعاني

هـ

المقدمة

األنبياء واملرسلني، نبينا حممد احلمد هلل رب العاملني، والصالة والسالم على أشرف

وعلى آله وصحبه أمجعني، أما بعد:

فإن هذا الكتاب يأتي ليكون حماولة متواضعة لإلسهام بالكتابة يف هذا العلم

والنجاح. وقد اجلليل )علم املعاني(، وهي حماولة أرجو أن يكتب اهلل هلا التوفيق

سعيت فيها إىل تيسري مسائل هذا العلم، وتهذيبها، وتقدميها بلغة واضحة مفهومة

تناسب القارئ املعاصر، ولذلك مسيت الكتاب )تيسري علم املعاني(.

وقد كان دافعي لتأليف الكتاب الصعوبة اليت وجدتها يف البحث عن كتاب

لى الرغم من كثرة الكتب املؤلفة يف هذا مناسب ألقرره على طالبي يف اجلامعة، فع

اجملال إال أن بعضها قد يتسم بالتوسع الشديد، أو اإلجياز املبالغ فيه، أو أنه مل

يستكمل مباحث هذا العلم، أو أنه قد درس مباحثه بطريقة ختتلف عن الطريقة العلمية

ن قد استطاع املناسبة، لذلك رأيت ضرورة وضع كتاب يف هذا الفن آمال أن يكو

التخلص من سلبيات تلك الكتب.

كما حاولت يف هذا العمل اقتفاء آثار علماء البالغة األوائل يف تناوهلم مسائل هذا

العلم، حيث حرصت على تناول املسائل وفق قالبها وشكلها العام يف كتبهم، مركزا يف

ما مستقال، فأفدت ذلك على ما كتبه العلماء الذين صارت البالغة على أيديهم عل

Page 6: علم املعاني

تيسري علم املعاني و

هـ( يف كتابه )دالئل اإلعجاز(، 174واستندت كثريا إىل ما كتبه اإلمام عبدالقاهر اجلرجاني )

إذ يعد هذا الكتاب نقطة االنطالق األهم يف صناعة مباحث علم املعاني وصياغتها. واستعنت

فوا إليه، مثل اإلمام برأي العلماء الذين جاءوا من بعده فاستفادوا من عمله وطوروه أو أضا

يف كتابه "نهاية اإلجياز هـ(606يف تفسريه "الكشاف"، واإلمام الرازي ) هـ(835الزخمشري )

يف كتابه "مفتاح العلوم"، هـ(626يف دراية اإلعجاز"، واإلمام أبي يعقوب السكاكي )

هـ( يف كتابيه "اإليضاح" و"تلخيص املفتاح". واستعنت ببعض 737واخلطيب القزويين )

هـ( يف كتابه )مفتاح تلخيص املفتاح(، والبهاء 718شروح التلخيص مثل شرح اخللخالي )

هـ( يف شرحيه: 772هـ( يف كتابه )عروس األفراح(، والسعد التفتازاني )773السبكي )

هـ( يف كتابه )مواهب الفتاح(.4425)املختصر( و)املطول(، وابن يعقوب املغربي )

كما استعنت ببعض كتب البالغة التقليدية املعاصرة، )وقليل( من كتب

الدراسات احلديثة ألقدم من خالهلا بعض اإلضافات اليسرية الضرورية، أو بعض

اإليضاحات املفيدة اليت قدمها هؤالء الباحثون يف تناوهلم بعض مسائل هذا العلم.

أني استفدت من املمارسة العملية يف تدري مسائل هذا العلم يف كما أشري إىل

رحاب اجلامعة بالقصيم، حيث من اهلل علي بالعمل يف تدري البالغة العربية قرابة

عقدين من الزمان، استفدت فيها من أسئلة طالبي واستفساراتهم، ومن رؤى زمالئي

عين إال أن أتقدم بوافر الشكر يف التخصص وملحوظاتهم. ويف هذا السياق ال يس

والتقدير لزمالئي يف القسم الذين شرفوني بقراءة مسودة هذا الكتاب قبل طباعته،

فكان مللحوظاتهم ورأيهم عظيم األثر يف ظهور الكتاب بهذه الصورة، فلهم مين وافر

الشكر وعظيم االمتنان.

ا لوجهه الكريم، وأن ويف اخلتام، أسأل اهلل تعاىل أن جيعل هذا العمل خالص

جيعله يف موازين أعمالنا، وأن ينفع به كاتبه وقارئه.

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا مبا علمتنا، وزدنا علما يا كريم. وصلى اهلل وسلم

على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني.

Page 7: علم املعاني

ز

فهرس المحتويات

Page 8: علم املعاني

‌تيسري‌علم‌املعاني‌ح‌

Page 9: علم املعاني

1

الفصل األول

علم المعاني ونظرية النظم

علم املعاني أحد علوم البالغة الثالثة اليت يدرس من خالهلا البالغيون بالغة الكالم،

يعرف البالغيوون علوم وهو ينظر إىل البناء اللفظي واللغوي الذي يأتي عليه الكالم، و

املعاني بأنه:)علم يعرف به أحوال اللفظ العربي اليت بها يطابق مقتضو ااوال وهوهوو

حياول أن يستكشف املعاني البالغية والدالالت اجلمالية الويت ينطووي عليهوا هوذا بهذا

ه البناء، كما أنه ذو صلة وثيقة بنظرية النظم اليت قال بها اإلمام عبد القاهر اجلرجاني

، و1)يعرف اإلمام عبد القاهر النظم بأنه : )توخي معاني النحو فيما بني الكلمو

وهذا التعريف يدل عل أن هناك معن للكالم، وأن هناك معاني للنحو يف الكالمه

فأما معن الكالم فهو املعن العام الذي يفهمه اإلنسان عند مساع الكالم، كأن تفهم

)كرم زيدو من قولنا: )زيد هو الكريمو مثاله وأما معاني النحو فهي املعاني البالغية

ه 073دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، حتقيق: حممود شاكر، ص و1)

Page 10: علم املعاني

تيسري علم املعاني 2

غة النحوية واللغوية اليت يظهر عليها الكالم، كأن نفهم مثال اليت تفهم من الصيا

اختصاص زيد بالكرم دون غريه من العبارة السابقة نفسها بسبب تعريف اخلربه

فاألحوال اليت تعرض لألركان النحوية للجملة من حذف أو تقديم أو تأخري أو

ر معاني النحوه وهو ما تعريف أو تنكريهه إخل تتضمن معاني بالغية يسميها عبدالقاه

حياول عبد القاهر شرحه من خالل عدد من النماذج، كما يف تعليقه عل أبيات

للبحرتي بقوله: )إذا رأيتها قد راقتك، وكثرت عندك، ووجدت هلا اهتزازا يف

نفسك، فعد فانظر يف السبب، واستقص يف النظر، فأنك تعلم ضرورة أن ليس إال أنه

، وحذف وأضمر، وأعاد وكرر، وتوخ عل اجلملة وجها قدم وأخر، وعرف ونكر

هو2)من الوجوه اليت يقتضيها علم النحوو

وستقوم أبواب علم املعاني ومباحثه بشرح ذلك كله؛ ألن أبوواب علوم املعواني

الصياغة اللغوية واللفظية اليت يبن عليها الكوالم، تدرس املعاني البالغية اليت تفيدها

فهي تطبيقات لنظرية النظم اليت جواء بهوا عبودالقاهر، وقود أتختوذت تسومية هوذا العلوم

مون كلموة )معواني النحووو الويت وردت يف كما يرى بعو العلمواء بو)علم املعانيو

تعريف عبدالقاهر للنظمه

م واحدة من أهم االكتشافات اليت عرفها تاريخ النقود والبالغوة تعد نظرية النظ

العربية، ذلك أن هذه النظرية قدمت رؤية واضحة حول مكمن اجلموال األدبوي، كموا

أن أهميتها تأتي من خالل دورها فيما يلي:

ه 58اجلرجاني، ص دالئل اإلعجاز عبدالقاهر و2)

Page 11: علم املعاني

0 علم املعاني ونظرية النظم

أنها قدمت رأيا وجيها يف حبث وجه إعجاز القرآن الكريم، فقد اختلف -1

العلماء حول ذلك عل آراء كثرية، فمنهم من أرجع بالغة القرآن إىل

إخباره بالغيب، ومنهم من أرجعها إىل صرف العرب عن معارضته،

ومنهم من أرجعها إىل ألفاظهههه اخل، حت جاء اإلمام عبدالقاهر فرأى

غة القرآن وإعجازه راجعة إىل نظمه، ولعل هذا يتض من أن أن بال

الكتاب الذي فصل فيه اإلمام عبد القاهر فكرة النظم هو كتاب

أمساه: )دالئل اإلعجازوه

كما أن نظرية النظم قدمت رأيا جيدا يف قضية اللفظ واملعن ، فهل ترجع -2

بعضهم كاجلاحظ بالغة الكالم ومجاله إىل لفظه أم معناه؟ه فقد ذهب

، وذهب آخرون كابن قتيبة إىل أنها راجعة و0)إىل أنها راجعة إىل اللفظ

إىل املعن ، وحاول فريق ثالث كبشر بن املعتمر التسوية بني اللفظ

واملعن يف القيمةه والصحي هو ما اختاره اإلمام عبدالقاهر من أن

ة النظم أيضا كما أزالت فكر مجال الكالم وبالغته راجعان إىل النظمه

حسب –اجلدل القائم يف مسألة السرقات الشعرية، ألن املعن األدبي

سيختلف بني الشاعرين ماداما قد اختلفا يف نظمه، حت –نظرية النظم

وإن اتفقا يف أصل الفكرةه

كما تظهر أهمية نظرية النظم يف كونها األساس الذي قامت عليه مباحث -0

املعاني عند البالغيني هو شرح لبع علم املعاني، ذلك أن علم

تطبيقات عبد القاهر حول فكرة النظم، وقد أضاف البالغيون كذلك

تطبيقات أخرى رمبا فات اإلمام عبدالقاهر اإلشارة إليهاه وبهذا تتض

الصلة بني علم املعاني ونظرية النظمه وهذا يعين أن ماقيل عن أهمية

علم املعاني اليت هي امتداد هلذه نظرية النظم ينطبق متاما عل مباحث

النظريةه

و هكذا يقول بع الباحثني بالنظر إىل مقولة اجلاحظ الشهرية )املعاني مطروحة عل الطريق، وإمنا الشأن يف ختري اللفظو، 0)

ولكن باحثني آخرين يذهبون إىل أن اجلاحظ ممن يسوي بني اللفظ واملعن يف القيمةه

Page 12: علم املعاني

تيسري علم املعاني 4

Page 13: علم املعاني

5

الفصل الثاني

الفصاحة والبالغة

اختلف البالغيون يف أمر الفرق بني الفصاحة والبالغة على رأيني:

األول: أنهما مرتادفان، وأن الفصاحة والبالغة مبعنى واحد،، ودد، ندعل علدى

وهو رأي كثري ممن سبقه من البالغيني. (1)ذلك اإلمام عب، القاهر اجلرجاني

الثدداني: أن ل دده منهمددا معندداو ااددا ، وهددبا هددو رأي البالغدديني ا تدد خرين

وشرلاح التلخيع حيث أعطوا ل ه منهما معنى اصطالحيا (3)والقزويين (2)كالس اكي

خاصا.

ن كال الرأيني صحيح، فعب، القاهر ومن سبقه د، نظروا إىل أ وعن، النظر يتلضح

فقالوا إنهما مرتادفتان، وهو دول صحيح، يؤك،و ال لمتني من حيث معناهما اللغوي

.(4)أن ابن منظور يف لسان العرب يقول: )والبالغة: الفصاحة(

وأما البالغيون ا ت خرون فقد، أعطدوا ل ده كلمدة معندى اصدطالحيا خاصدا بهدا

مييلزها عن األخدر،، ف صدبحا ال لمتدان فتلفدتني مدن حيدث معناهمدا ا صدطالحي.

يف ل ه منهما. وفيما ي تي تعر

. 43اجلرجاني، ( انظر: د ئه اإلعجاز، عب،القاهر1)

. 414، 415( انظر: مفتاح العلوم، أبو يعقوب الس اكي، تعليق: نعيم زرزور، 2)

. 13و 7( انظر: اإليضاح، ااطيب القزويين، 3)

( لسان العرب، ابن منظور مادة ب ل غ. 4)

Page 14: علم املعاني

تيسري علم ا عاني 4

البالغددة يف اللغددة مدد خوذة مددن البلددوغ وا نتهددان، دددال يف لسددان العددرب: )ب ل دد

، وأمدا يف ا صدطالح فهدي: )مطابقدة ال دالم (5)الشين بلوغا وب الغا: وصه وانتهى(

. وبهددبا التعريددف يتضددح بدد ن الفصدداحة شددر زم (4) قتضددى الددال، مددت فصدداحته(

للبالغة.

تعريدددف البالغدددة يتضدددمن األمدددور التاليدددة: )الفصددداحة، الدددال، ا طابقدددة، و

ا قتضى(، ف ما الفصاحة فسي تي تفصيه ال،يث عنها بع، دليه، وأما: )الال(: فهو

ا قام البي يست،عي ا ت لم إىل إيراد طريقة خاصة من طرق التعبري. و)ا قتضى(: هو

سدت،عيها ا قدام. و)ا طابقدة(: هدو ادين ال دالم تلك الطريقة اااصة من التعبري اليت ي

مصوغا على تلك الطريقة التعبريية اليت يتطلبها ا قام.

فإذا كان ا خاطب مثال ين ر كون اإلسالم دينا من عن، اهلل، فإن الال هي حال

اإلن ار البي عن، ذلك ا ت لم، وا قتضى البي يست،عيه حاله هو التوكي،، وا طابقدة

اين ال الم مؤك،ا ب ن تقول: )إن اإلسالم ل ،ين اهلل(. هو

يبهب بعض الباحثني ا عاصرين إىل أن علمان البالغة العربية د، اهتملوا مبراعاة

حال ا خاطب فقط، وأنهم مل يلتفتوا إىل حال ا ت لم. ولبا فإن ال،واعي البالغية

حسبما ير، هؤ ن الباحثوناليت يرجت إليها البالغيون أسرار التعبري وددائقه

ترجت يف معظمها إىل مراعاة حال ا خاطب. ومن هنا يعيب بعض هؤ ن ال،ارسني

على البالغة العربية ع،م اهتمامها مبنشئ ااطاب اللغوي، ودوافعه اليت دفعته إىل

اختياراته األسلوبية والبالغية.

( لسان العرب ، ابن منظور، مادة ب ل غ. 5)

. 13 ااطيب القزويين، ( اإليضاح،4)

Page 15: علم املعاني

7 الفصاحة والبالغة

وتظهر هبو الف رة كثريا بش ه جيعلها تتواتر عن، كثري من ال،ارسني، مثه د.

حمم، عب،ا طلب البي يعزو ذلك إىل نش ة البالغة يف أحضان ، ود.(7)م، الربيعيحا

ال،يث عن كما ير، هواإلعجاز القرآني، فمن غري ا م ن من دبه البالغيني

ال،واعي البالغية ا تعلقة با ت لم يف كالم اهلل عز وجه، احرتاما وإجال هلل جه

. وهبا الرأي والتعليه يقول به (8)ولل على اهلل بغري حقوعال، وبع،ا عن ااوض والتق

.(9)مه،ي صاحل السامرائي أيضا د.

والقول بغلبة مراعاة حال ا خاطب يقول به بالغيون معاصرون آخرون ل ن

مت ذكر تعليه آخر، حيث يبهب الباحث أمح، أبو زي، إىل هبا القول، مرجعا ذلك

زلة البين كانوا يستخ،مون البالغة يف ا ناظرات إىل نش ة البالغة يف أحضان ا عت

أن يراعوا فيها حال ا خاطب ا ت لم حسب هبا الرأيواإلدناع، لبا كان طبعيا

.(10)بغية الت ثري عليه وإدناعه

وهبو األدوال مت ش،ي، احرتامنا لقائليها إ أن البي يب،و لي خالف ذلك،

علمان البالغة يقص ، به حال ا خاطب فقط؛ ذلك أن )الال( البي يرد يف تعريف

به يشمه حال ا ت لم أيضا. ود، أثبا د.مجيه عب،اجملي، خط هبا الزعم عمليا

وبش ه إحصائي، وذلك عن،ما ودف مت أحوال ا سن، إليه للنظر يف دواعيها

ظمى من هبو البالغية، أهي راجعة إىل ا ت لم أم ا خاطب؟ وخلع إىل أن الغالبية الع

.(11)ال،واعي ترجت إىل ا ت لم وليس إىل ا خاطب

. 715( انظر: مقاييس البالغة بني األدبان والعلمان، د.حام، الربيعي، 7)

. 212( انظر: البالغة العربية درانة أخر،، د.حمم، عب،ا طلب، 8)

. 72( انظر: ت ثري الف ر ال،يين يف البالغة العربية، د.مه،ي صاحل السامرائي، 9)

. 110يف البيان العربي، أمح، أبو زي،، ( انظر: ا نحى ا عتزالي10)

. 35( انظر: البالغة وا تصال، د.مجيه عب،اجملي،، 11)

Page 16: علم املعاني

تيسري علم ا عاني 8

إن ال الم يف نظر علمان البالغة جيب أن يراعي حال ا خاطب إذا كان

يسته،ف مستمعا أو مستمعني معينني، فهنا جيب أن يراعي حاهلم، كما يف دصائ،

ا ،يح اليت تلقى بني ي،ي االفان، كقول الشاعر:

(12)ك منها ا ان ي نس ب *** ك نه من كلى م فرية س ربما ب ال ع ين

، ولدبا (13)فا ستفتاح بهبا ااطاب يف م،ح االيفة يب،و أمدرا فجدا غدري مقبدول

أغضب االيفة هبا فرد على الشاعر، ودال: به عينك أنا .

ومثله دول جرير:

(14)عشية هم صحبك بالرواحأت صحو أم فؤادك غري صاح ***

فهبا ا ستفهام أيضا غري مناسب لال ا خاطب، فهو يوهم ظاهريا اتهام

االيفة بالنوم والغفلة، صحيح أن الشاعر خياطب نفسه على طريقة التجري،، ول ن

هبا ا ستفتاح يف دصي،ة تلقى بني ي،ي االيفة غري مطابق ا يقتضيه احرتام االيفة

يرو، ولبلك غضب االيفة.وتق،

ومن ذلك أيضا دول بشار بن برد:

ر ب اب ة ر بة البيا ... ت صب ااه يف الزيا

هلا ع شر د ج اج ات ... وديك ح س ن الصلوت

فق، عوتب بشار على بساطة هبو األبيات، فقال إنه داهلا اادمته )ربابة( وإنها

امرئ القيس عن،ك. عن،ها أفضه من معلقة

. 10( ديوان ذي الرمة ، 12)

( ل ن لو كان الشاعر يقوله يف ا ناجاة بينه وبني نفسه ل ان مقبو ، ل ن االه يف استعماله خطاب النفس ال،الل على اللوم 13)

مقام استفتاح ال،يث إىل الغري . والعتاب يف

. 87( ديوان جرير ، 14)

Page 17: علم املعاني

9 الفصاحة والبالغة

فإذا كان ال الم يلقى إىل معني )فرد أو مجاعة( فإن الواجب أن يطابق حال

هبا ا خاطب أو ا خاطبني ا عينني. أما إذا كان ال الم إب،اعيا انفعاليا يعبلر به األديب

عن ذاته وم نونات نفسه فإن ال الم جيب أن يطابق ما يقتضيه حال ا ت لم.

شري يف تطبيقاته ي،رك ذلك اماما، وذلك عن، ح،يثه عن دوله ونر، الزف

[، فق، 48-47]طه: چ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃچ :تعاىل

جان دوله: "إنك أنا األعلى" بالت كي، وزيادة الضمري ا نفصه )أنا( وتعريف اارب

السحرة خشي أن يتم ن بالالم، طابقة حال ا خاطب، فإن موسى ا رأ، سحر

من هزميتهم فخاطبه اهلل بهبا ااطاب ليطمئنه ويبث الثقة يف دلبه لتقرير غلبته ودهرو

. فهبا د، روعي فيه حال ا خاطب.(15)هلم

ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ چ وعن،ما د،م السحرة دبه ذلك س لوا موسى فقالوا:

ي،لل على رغبتهم أن [، ففي دوهلم هبا )ما 115]األعراف: چ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ

. وهبا يعين أن هبو (14)يلقوا دبله، من ت كي، ضمريهم ا تلصه با نفصه وتعريف اارب(

اايارات البالغية يف كالم السحرة روعي فيها حال ا ت لم، فق، دلا على رغبتهم يف

تضيه اإللقان دبه موسى عليه السالم. ومن هنا نقول إن البالغة هي مطابقة ال الم ا تق

حال ا خاطب وحال ا ت لم على ح، سوان.

تنقسم البالغة إىل ثالثة علوم، هي: علم ا عاني، وعلم البيان، وعلم الب،يت.

ونظرا ألن ال الم لفظ ومعنى فإن البالغة ت،رس اجلانبني كليهما، كما ي،ل تعريفها

.74/ 3( انظر: ال شاف ، الزفشري، 15)

.140/ 2( ال شاف، الزفشري 14)

Page 18: علم املعاني

تيسري علم ا عاني 10

من أنها: )مطابقة ال الم قتضى الال مت فصاحته(، فهي ت،رس ال الم عموما،

لفظ ه ومعناو. وأما علم ا عاني في،رس جانب اللفظ مفردا ومركبا، فهو )العلم البي

، يف حني ي،رس علم (17)العربي اليت بها يطابق مقتضى الال( أحوال اللفظي،رس

الواح، بطرق إيراد ا عنى فهو )العلم البي يعرف به البيان ا عنى وطرق التعبري عنه،

، حتسني اللفظ وا عنىفتلفة يف وضوح ال، لة(. يف حني أن علم الب،يت يهتم بوجوو

فهو )العلم البي ي،رس وجوو حتسني ال الم(؛ ولبلك انقسما مباحث الب،يت إىل

حمسنات لفظية وأخر، معنوية.

لظهور والبيان، دال يف لسان العرب: )الفصاحة: الفصاحة يف اللغة هي ا

. وأما اصطالحا فلم يق،لم (18)البيان.... وأفصح الشين إفصاحا: إذا بيلنه وكشفه(

البالغيون تعريفا هلا، به اكتفوا بتع،اد ما خيهل بفصاحة ال لمة وال الم. ول ن من

ال الم لسنن وأساليب خالل ما ذكروو هناك نستطيت أن نقول إن الفصاحة هي موافقة

ال الم العربي األصيه صوتا وصرفا وحنوا ود لة. ويف هبا ا بحث يتح،ث

عن فصاحة ال لمة ا فردة، وفصاحة ال الم. (19)البالغيون

يرجت البالغيدون عد،م فصداحة ال لمدة إىل أسدباب، أشدهرها األسدباب الثالثدة

التالية:

( واضح من خالل هبا التعريف أن علم ا عاني ينظر إىل مطابقة ال الم قتضى الال يف اللفظ فقط، أما البالغة فتنظر إىل 17)

ال الم لفظه ومعناو.ا طابقة يف

( لسان العرب، ابن منظور، مادة ف ح. 18)

( مل يفصله عب،القاهر يف ال،يث عن الفصاحة، وكتب عنها الس اكي كالما فتصرا. ود، فصله ال،يث فيها القزويين 19)

وشرلاح التلخيع.

Page 19: علم املعاني

11 الفصاحة والبالغة

:(20)تنافر الروف-1

وذلك عن،ما ت ون الروف اليت تت ون منها ال لمة متنافرة، ثقيلة على

، كما يف دول األعرابي البي س لوو عن دابته أين تركها؟ فقال: تركتها (21)اللسان

، فإن كلمة )اهلعخت( كلمة جي، اللسان صعوبة يف نطقها، وجي، (22)ترعى )اهلعخت(

ال بفصاحة ال الم.نشازا عن، مساعها، لبلك كان إيرادها ف

ومن ذلك أيضا دول امرئ القيس يصف تبعثر ش عر ا رأة:

(23)غ،ائرو مست شزرات إىل العال

فددإن يف كلمددة )مستشددزرات( ثقددال واضددحا عندد، النطددق بهددا، أو عندد، مساعهددا.

ولبلك ع،لوها مما خيهل بفصاحة ال لمة.

ود، ذهب بعض ا عاصرين إىل أن األمر راجت إىل دور ال لمة يف سيادها، فإذا

كانا ال لمة تؤدي معنى بالغيا ومجاليا من خالل أصواتها، حتى وإن ب،ت ثقيلة

ڄ چ كما يف دوله تعاىل:على النطق والسمت، فإن ذلك يب،و مستساغا ومقبو ،

ڇ ڇ ڇ ڃ ڃ چ چ چ چ [، فإن 38]التوبة: ڍڇ ڍڄ ڃ ڃ

)اثادلتم( أثقه يف النطق من )تثادلتم(، ول ن هبا الثقه جان ليصولر ش،ة تقاعس

وتثاده أولئك البين ي،عون إىل اجلهاد فيتباطؤون، ويتثادلون، ود، أوحا أصوات

57/ 1، عروس األفراح، السب ي 34االخالي، ، مفتاح تلخيع ا فتاح، 12/ 1( انظر: اإليضاح )مت البغية(، القزويين، 20)

.110/ 1، مواهب الفتاح، ابن يعقوب ا غربي، 140، ا طول، التفتازاني، 20، فتصر السع،، التفتازاني،

( يبهب د.إبراهيم أنيس إىل أن ال،راسات الصوتية ال،يثة د، أثبتا ع،م ددة مفهوم الق،امى عن تنافر الروف، حيث جيب 21)

ينظر فيه إىل توالي األصوات غري ا فصولة حبركة، فالتنافر والثق ه حي،ثان عن، اجتماع صامتني متقاربي ا خرج غري أن

مفصولني بصائا. كما أنه يعزو ما مسلاو البالغيون بالتنافر إىل أمرين: اجله، العضلي عن، النطق بالصوت، ودلة شيوع

وما بع،ها. 32 استعمال ال لمة. انظر: موسيقى الشعر،

( ه با ت تب ال لمة يف كتب البالغيني باهلان، بينما هي يف معاجم اللغة )ااعخت( بااان، وهي ضرب من النبات كما يقول 22)

.2/1207ابن منظور. انظر: لسان العرب مادة )خ ع ع(

. 115( ديوان امرئ القيس ، 23)

Page 20: علم املعاني

تيسري علم ا عاني 12

ال لمة ببلك ا عنى الب،يت، )فيتصولر اايال ذلك اجلسم ا ثلاده يرفعه الرافعون يف

جه،، فيسقط من أي،يهم يف ثقه، إن يف هبو ال لمة كملا هائال من األثقال، ولو أنك

دلا )تثادلتم( اف اجلرس ولضاع األثر ا نشود، ولتوارت الصورة ا طلوبة اليت

.(24)رمسها اللفظ(

:(25)الغرابة-2

وهي أن ت ون ال لمة ا ستعملة غري واضحة يف ال، لة على معناها. وي تي

على صورتني: ذلك

أن ت ون ال لمة معجمية يعرف معناها إ عرب التنقيب عنه يف كتب اللغة أ(

ومعامجها. كما يف دول عيسى بن عمر ود، سقط وهو ميشي فتجمهر الناس حوله،

اظ فقال: )ما ل م ت ك تم علي كت كئ م على ذي جنة ؟ افر نقعوا عني(، فإن األلف

)ت ك مت، ت كئ م، افرنقعوا( من الغريب غري ا ستخ،م يف ال الم، به هي من

األلفاظ ا عجمية ولبلك يع،ل إيرادها فال بفصاحة ال الم.

أن حتتمه ال لمة أكثر من معنى حيث يستطيت ا تلقي أن يعرف أيها أرادو ب(

ا ت لم. ومن ذلك دول الشاعر يصف )ا رسن(:

(24)وم رسنا مسرجا وفامحا

فق، وصف ا رسن ب نه )مسرلج(، ود، اختلف الشراح يف ا قصود به هنا، هده

هو م خوذ من السراج، في ون ا عندى بد ن ا رسدن مضدين كالسدراج، أو أنده نسدبه إىل

سريج صانت السيوف اجلي،ة القوية، في ون ا عندى أن ا رسدن ددوي الصدنت كالسديوف

.92، 91 ( التصوير الفين يف القرآن ، سي، دطب، 24)

عروس األفراح، ، 38، مفتاح تلخيع ا فتاح، االخالي، 13/ 1( انظر: اإليضاح )مت البغية(، القزويين، 25)

، مواهب الفتاح، ابن يعقوب 141، ا طول، التفتازاني 22، فتصر السع،، التفتازاني، 41/ 1السب ي،

.113/ 1ا غربي،

.340ديوان العجاج ، (24)

Page 21: علم املعاني

13 الفصاحة والبالغة

بهدام وعد،م معرفدة ا قصدود بدا عنى ا دراد عد،لو البالغيدون ممدا خيدهل السرجيية. وهلبا اإل

بفصاحة ال لمة.

:(27)فالفة القياس الصريف-3

وذلك ب ن تبنى ال لمة خالفا لقواع، بنان ال لمة اليت دررتها دواع، علم الصرف.

كما يف دول الشاعر:

(28)الم، اهلل العليل األجله

( تقتضي دواع، الصرف فيها إدغام الالمني ببعضهما، حيث فإن كلمة )األجله

يقال )األجهل(، ول ن عن،ما خالف الشاعر دواع، الصرف صار ذلك فال بفصاحة

ال لمة.

هنا يتح،ث البالغيون عن ع،م الفصاحة اليت خته بال الم عن، الرتكيب،

إىل أمور، أشهرها الثالثة التالية: ويرجت البالغيون أسباب ع،م فصاحة ال الم

:(29)تنافر الروف-1

وذلك ب ن يتضمن ال الم اموعة من الروف اليت تت رر بش ه يعيق د،رة

اللسان على النطق بها بطالدة، وهو ما يثقه أيضا على األذن عن، مساعها كما يف دول

الشاعر:

(30)رب وليس درب درب حرب د ***ودرب حرب مب ان دفر

/ 1، عروس األفراح، السب ي، 41، مفتاح تلخيع ا فتاح، االخالي، 15/ 1: اإليضاح )مت البغية(، القزويين، انظر (27)

.114/ 1، مواهب الفتاح، ابن يعقوب ا غربي، 143، ا طول، التفتازاني، 23، فتصر السع،، التفتازاني، 43

ورد البيا يف لسان العرب يف مادة ج ل ل. (28)

/ 1، عروس األفراح، السب ي 45، مفتاح تلخيع ا فتاح، االخالي، 18/ 1انظر: اإليضاح )مت البغية(، القزويين (29)

.119/ 1، مواهب الفتاح، ابن يعقوب ا غربي، 145، ا طول، التفتازاني، 25، فتصر السع،، التفتازاني، 74

.123ز ، الرازي، ورد البيا غري منسوب لقائه يف: نهاية اإلجيا (30)

Page 22: علم املعاني

تيسري علم ا عاني 14

ففي هبو البيا ت ررت أصوات )القاف، والران، والبان( بش ه كبري، مما جعه

ت رارها ثقيال على األذن واللسان، لبلك ديه إنه فه بفصاحة ال الم.

:(31)ضعف الت ليف-2

وذلك عن،ما يتم إهمال القواع، اليت تربط أجزان ال الم بعضه ببعض،

حو دواع، ستعماهلا، فضمائر الغيبة ب، أن تعود كالضمائر مثال اليت وضت أهه الن

، كقول الشاعر:(32)على متق،م، و جيوز عودها على مت خر عنها يف اللفظ والرتبة

(33)جزان ال الب العاويات ود، فعه ***ج زي ربه عنلي ع،ي بن حامت

اللفددظ فددإن الضددمري يف )ربدده( يعددود علددى )عدد،ي بددن حددامت(، وهددو متدد خر يف

.(34)والرتبة، ولبلك ع،ل هبا مما خيهل بفصاحة ال الم

:(35)التعقي، -3

وذلك عن،ما يصه ال الم إىل درجة من ع،م وضوح ا عنى ا راد منه، إما

لسبب يف اللفظ أو لسبب يف ا عنى، ولبلك دسم البالغيون التعقي، دسمني:

ذلك عن،ما تت،اخه أجزان ال دالم يف بعضدها، و التعقي، اللفظي:وحي،ثأ(

يراعى فيها األصول اليت دررها النحو لرتتيب أجزان ال الم، كما يف دول الفرزدق:

/ 1، عروس األفراح، السب ي 45، مفتاح تلخيع ا فتاح، االخالي 18/ 1انظر: اإليضاح )مت البغية(، القزويين (31)

.118/ 1، مواهب الفتاح ، ابن يعقوب ا غربي، 145، ا طول، التفتازاني، 25، فتصر السع،، التفتازاني، 75

ز عود الضمري على مت خر يف اللفظ والرتبة يف سبعة مواضت ذكرها ابن هشام يف مغين اللبيب، هبا هو األصه، ول ن جيو (32)

.489/ 2حتقيق: حميي ال،ين عب،المي،،

. 79البيا للنابغة الببياني وهو يف ديوانه ، شرح: غري، الشيخ، مؤسسة النور للمطبوعات ، (33)

األصه ع،م جواز عود الضمري على مت خر يف اللفظ والرتبة إ يف سبعة مواضت ذكرها ابن هشام يف مغين اللبيب، حتقيق: (34)

. كما جيوز أيضا عود الضمري على مت خر يف اللفظ فقط دون الرتبة، كما يف دوله تعاىل: 489/ 2حميي ال،ين عب،المي،،

ىف وج س في ن فسه خيف ة موس .

/ 1، عروس األفراح، السب ي 45، مفتاح تلخيع ا فتاح، االخالي 19/ 1انظر: اإليضاح )مت البغية(، القزويين (35)

.120/ 1، مواهب الفتاح، ابن يعقوب ا غربي 145، ا طول، التفتازاني، 25، فتصر السع،، التفتازاني، 79

Page 23: علم املعاني

15 الفصاحة والبالغة

(34)و م ا مثله يف الناس إ مم ل ا *** أ بو أمه ح ي أ بوو يق اربه

،وح يف الناس حي يقاربه ويشبهه فإن مقص، الشاعر أن يقول: وما مثه هبا ا م

يف الفضائه إ ممل ا أبو أم ذلك ا ملدك أب للممد،وح. وخالصدة ا عندى أنده مياثده

ا م،وح إ ابن أخته. فدانظر كيدف تعسلدف وعقد، يف الرتكيدب واللفدظ ليعبلدر عدن هدبا

وف ا عنى، حيث فصه بني ا بت،أ )مثله( وخربو )حدي(، وبدني الصدفة )حدي( وا وصد

)يقاربه(، وواىل بني الضمائر بصورة يعسر على البهن الوصول إىل مراجعها بسهولة.

ب( التعقي، ا عنوي:حي،ث التعقي، ا عنوي عند،ما يسدتعمه ا دت لم واحد،ا مدن

األساليب البيانية بصورة ختدالف طريقدة اسدتعماهلا الدواردة عدن العدرب، ألن ا سدتمت

رادو ا ت لم، أحيمله على معناو الوارد عدن العدرب، أم يبقى يف حرية من ا عنى البي أ

ا عنى البي دص،و ا ت لم؟. وذلك مثه أن يقول أح،: )علي كاألسد،(، وهدو يقصد،

بهبا التشبيه كثرة الشعر حول وجه علي، أو سدون رائحدة فمده، فدإن هدبا مدن التعقيد،

وب على الشجاعة.ا عنوي، ألن ا عنى ا تواتر عن العرب د لة هبا األسل

ومن ذلك دول الشاعر:

(37)س طلب بع، ال،ار ع ن م لت قربوا *** و ت س ب ع ين اي ال،موع لت جم، ا

فإن الشاعر يري، أن يقول إنه سيبتع، عن ديار البيبة حتى يزداد حبها وتزي، دربا

ادهددا لتسددهم هددبو الدد،موع يف مجددود إىل دلبدده، وأن عيندده ستسدد بان الدد،موع علددى فر

وس ون عينيه ا ت تني مدن عد،م رةيدة البيبدة. ويدر، البالغيدون أن الشدطر الثداني مدن

التعقي، ا عنوي، ألن )مجود العني( من ال نايات ا شتهرة عن العرب، ول نها تقال:

ر عن، خبه العني بالد،مت، ولديس عند، سد ونهما وارتياحهمدا. ولدبلك يعد،ل هدبا الشدط

تعقي،ا معنويا ستعمال ال ناية يف غري معناها الوارد عن العرب.

. 83عب،القاهر اجلرجاني، البيا للفرزدق. انظر: د ئه اإلعجاز، (34)

.104ديوان العباس بن األحنف . (37)

Page 24: علم املعاني

تيسري علم ا عاني 14

ويف ختام هبا ا بحث ب، من اإلشارة إىل أن هناك نقاشا واسعا حول ج،و،

مقاييس الفصاحة يف النظر بها إىل بالغة ال الم وال شف عن مجالياته، حيث ذهب

وجتاوز ال،رس ا عاصر هلبو ع،د من الباحثني ا عاصرين إىل ع،م ج،واها،

.(38)األح ام

هبا الرأي خيلو من وجاهة، ومن أفضه ما درأت يف هبا السياق ما كتبه د.حام، الربيعي يف أطروحته لل،كتوراو )مقاييس (38)

لصورة الشعرية يف ال تابة الفنية( (، وما كتبه د.صبحي البستاني يف كتاب )ا534 441البالغة بني األدبان والعلمان( )

. كما حاول أح، البالغيني ا عاصرين إعادة النظر يف بعض شواه، الفصاحة، والرد على البالغيني بال شف 57 37

.39 31/ 1عن مجاهلا يف ضون سيادها، انظر: البالغة العربية يف ثوبها اجل،ي،، د.ب ري شيخ أمني،

Page 25: علم املعاني

17

الفصل الثالث

تعريف الجملة وأركانها. وتنقسم اجلملة عند (1)اجلملة هي: )أقصر صورة من الكالم تدل على معنى مستقل بنفسه(

النحاة إىل قسمني: اجلملة االمسية )املكونة من مبتدأ وخرب(، واجلملة الفعلية )املكونة من

فعل وفاعل(.

وهي من حيث النظرة املنطقية عبارة عن موضوع وحممول، أو حكم وحمكوم عليه.

ار حمرقة( ميكن أن فهذان هما الركنان األساسيان اللذان تتكون منهما اجلملة، فقولنا: )الن

يقال بأن )النار( أمر قد وضع أمام العقل ليحكم عليه حكما من األحكام، فهو )املوضوع(،

أو احملكوم عليه. وكلمة )حمرقة( هي الكلمة اليت تتضمن ذلك احلكم، وهي اليت تفيدنا بتلك

.(2)الصفة املعينة يف النار، فهي )احملمول( أو احلكم

لبالغة عن أركان اجلملة مراعيا ما سبق، فجعلوا اجلملة وقد جرى حديث أهل ا

مكونة من ركنني أساسيني، هما: املسند إليه واملسند، فقد مسوا )املوضوع( باملسند إليه،

ومسوا )احملمول( باملسند، وعلى هذا يكون الفاعل واملبتدأ مسندا إليه دائما، ويكون اخلرب

والفعل مسندا دائما.

.137معجم املصطلحات العربية يف اللغة واألدب، ص ( 1)

.272انظر: من أسرار اللغة، د. إبراهيم أنيس، ص ( 2)

Page 26: علم املعاني

تيسري علم املعاني 11

اجلملة ال يقتصر على هذين الركنني )املسند واملسند إليه(؛ بل مثة ركن بيد أن بنيان

ثالث ال يقل أهمية عن اآلخرين، وهو القيود اليت تصاحب املسند واملسند إليه وحتدد

هي:ات(. وهذا يعين أن اجلملة رياضيا معناهما، وقد أمساه البالغيون: )املتعلق

املتعلقاتاجلملة = املسند إليه + املسند +

ولكن املتعلقات ختتلف عن املسند واملسنند إلينه منن حينث إمكانينة االسنتغنا عنهنا

)لغويا(، بينما املسند واملسند إليه ال ميكن أن يأتي الكالم دونهما )ذكرا أو تقنديرا(، وذنذا

مسى النحاة املسند واملسند إليه بن)العمدة( لعدم إمكانية االستغنا عنهما يف الكالم، وعدوا

املتعلقات من )الفضلة(، ألنها زيادة ميكن أن يأتي الكالم بدونها.

وهذا يدل على أن الكلمة يف اجلملة قد تكون واحدا من األركان الثالثة السابقة، فقد

، وإذا وقعت الكلمة موقع واحد من هذه الثالث تعرض مسندا إليه أو مسندا أو متعلقاتكون

السياق واملوقنف اللغنو . مثنل: احلنذا، والنذكر، والتعرينف، ذا أحوال خمتلفة حيددها

والتنكري، والتقديم والتأخري... إخل ويف الصفحات التالية حديث مفصل عن هنذه األحنوال

املختلفة اليت تعرض للجملة وبالغتها.

تعريف اخلرب:

، وعرفه آخرون (3)أو ال تطابقه(يعرا اخلرب بأنه )الكالم الذ لنسبته خارج تطابقه

. وأضاا البالغيون كلمة )لذاته( حتى (4)بأنه )الكالم الذ حيتمل الصدق أو الكذب لذاته(

.23، وانظر: علوم البالغة ، املراغي، ص 37اإليضاح )مع البغية( ، القزويين / (3)

بهذا التعريف احتاج البالغيون إىل تعريف الصدق والكذب، فقال بعضهم: الصدق هو اإلخبار مبا يوافق الواقع، والكذب (4)

ر مبا يوافق االعتقاد والكذب هو اإلخبار مبا خيالف هو اإلخبار مبا خيالف الواقع، وخالف آخرون فقالوا: بل الصدق هو اإلخبا

.33، 31/ 1االعتقاد، والصحيح هو القول األول. انظر اخلالا يف ذلك يف: اإليضاح )مع البغية(، القزويين،

Page 27: علم املعاني

13 تعريف اجلملة وأركانها

ينظر إىل اخلرب بغض النظر عن قائله، ألن هناك أخبارا ال حتتمل إال الصدق، وأخرى ال

اليت ال حتتمل إال الصدق حتتمل إال الكذب، وبهذا القيد تدخل يف التعريف تلك األخبار

ككالم اهلل جل وعال أو كالم أنبيائه املرسلني، وكذلك يدخل فيه الكالم الذ ال حيتمل إال

الكذب فقط ككالم الكذابني والسحرة والدجالني.

ويقابل اخلرب )اإلنشا (، وهو )الكالم الذ ليس لنسبته خارج تطابقه أو ال تطابقه(،

صدق وال الكذب لذاته(، كالنهي واألمر واالستفهام والندا والتمين، أو هو )ما ال حيتمل ال

وسيأتي عنه احلديث الحقا.

أغراض اخلرب:

يأتي اخلرب لغرضني رئيسني، هما: فائدة اخلرب، أو الزم فائدة اخلرب، يقول القزويين

كم، يف ذلك: )من املعلوم لكل عاقل أن قصد املخرب خبربه إفادة املخاطب إما نفس احل

كقولك: "زيد قائم" ملن ال يعلم أنه قائم، ويسمى هذا فائدة اخلرب، وإما كون املخبر عاملا

باحلكم، كقولك ملن زيد عنده وال يعلم أنك تعلم ذلك: "زيد عندك"، ويسمى هذا الزم

. وبهذا يتضح أن أغراض اخلرب هي:(2)فائدة اخلرب(

فائدة اخلرب - 1

وهي إفادة املخاطب احلكم الذ تضمنته اجلملة، فهي املعنى أو الفكرة اجلديدة اليت

يأتي اخلرب لينقلها إىل السامع، كأن خترب أباك بنجاحك وهو ال يعلم فتقول له: )أنا جنحت(.

الزم فائدة اخلرب -2

وهي إفادة املخاطب أنك عامل باحلكم، فأنت تريد أن ختربه ما يلزم من ذلك

احلكم، ويكون ذلك عند إخبارك باخلرب من يعرفه، تريد بإخباره ذلك أن تنبهه إىل ما يلزم

من ذلك اخلرب، كأن يكون أبوك وعدك بهدية إذا جنحت مثال، فتقول له وأنت تعرا أنه

.42/ 1اإليضاح )مع البغية(، القزويين (2)

Page 28: علم املعاني

تيسري علم املعاني 20

د بهذا اخلرب ما يلزم منه، وهو إعطاؤك اذدية، فهنا )ينزل علم بنجاحك: )أنا جنحت(، تري

العامل بفائدة اخلرب منزلة اجلاهل لعدم جريه على موجب العلم، فيلقى إليه اخلرب كما يلقى

. ويذكر الصعيد من أمثلة ذلك قول الشاعر الفرزدق:(6)إىل اجلاهل(

(7)ا اهلل قد ختمواهذا ابن فاطمة إن كنت جاهله *** جبده أنبي

حيث نزل الشاعر العامل بالفائدة منزلة اجلاهل عندما رأى جتاهل هشام بن عبدامللك

.(1)معرفة علي بن احلسني رضي اهلل عنهما

، أشهرها:(3)وهذا النوع )الزم الفائدة( هو اخلرب الذ يلقى ألغراض بالغية خمتلفة

إظهار التحسر: -1

]آل چ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈچ مريم عليها السالم:كما يف قول أم

[، فقد كانت نذرت أن تهب مولودها خلدمة املسجد، ولذا كانت تتمناه ذكرا. 36عمران:

وملا وضعتها أنثى قالت هذه املقولة: )إني وضعتها أنثى( إلظهار التحسر على عدم حتقق

وعال الذ ليس حباجة إىل أن ختربه جبنس أمنيتها، ولعله يلحظ أنها ختاطب اهلل جل

املولود، ألنه يعلم ما يف بطنها قبل أن تلده، بل قبل أن حتمل به.

إظهار الضعف واخلشوع:-2

كقول الشاعر:

(10)إلهي عبدك العاصي أتاكا *** مقرا بالذنوب وقد دعاكا

.42/ 1اإليضاح )مع البغية(، القزويين ( 6)

.2/231ديوان الفرزدق ، (7)

.43، 42/ 1انظر: بغية اإليضاح، عبداملتعال الصعيد ، (1)

اضطرب بعض البالغيني املعاصرين يف املقصود بن "الزم الفائدة"، حيث ذهب بعضهم إىل إنكار "الزم الفائدة" مجلة (3)

إنكار "أغراض اخلرب (. يف حني ذهب آخرون إىل30وتفصيال، وهكذا فعل د.منري سلطان يف )بالغة الكلمة واجلملة واجلمل، ص

(. 1/60البالغية" لدخوذا يف نظرهم ضمن "الزم الفائدة"، وهكذا فعل د.بكر شيخ أمني. يف )البالغة العربية يف ثوبها اجلديد،

والرأ الثاني يف نظر هو الصحيح لذا أثبته يف األعلى.

Page 29: علم املعاني

21 تعريف اجلملة وأركانها

القول ال خيربه أمرا جيهله، وإمنا أراد فإن الشاعر خياطب اهلل جل وعال، وهو بهذا

إظهار الضعف واخلضوع واخلشوع هلل جل وعال، حتى يغفر اهلل له تلك الذنوب.

التوبيخ:-3

كقول الشاعر:

(11)وأنت الذ أخلفتني ما وعدتني *** وأشمت بي من كان فيك يلوم

خذله، بأنه أخلفه ما وعد به، وأنه جعله حمل فإن الشاعر خياطب صديقه الذ

مشاتة من كانوا يلومونه على معرفته به. وهذا اخلطاب قاله الشاعر ليوبخ عليه هذا الصديق

على ذلك الفعل الذ بدر منه.

الوعظ والتذكري:-4

ں ں چ [، وقوله:26]الرمحن: چڇ ڇ ڇ ڍ چ كما يف قول اهلل تعاىل:

[، فإن الناس ال جيهلون أن املوت نهاية كل حي، بل هو من 112]آل عمران: چ ڻڻ ڻ

البدهيات املسلم بها. ولكن القرآن الكريم جا بهذا اخلرب ليذكر الناس مبا قد يكونون غفلوا

عنه، وليعظهم فيعملوا ملا بعد املوت.

أضرب اخلرب:

إني أرى يف كالم العرب حشوا، التقى الفيلسوا الكند بأبي العباس املربد وقال له:

تقول: )زيد قائم(، وإن زيدا قائم، وإن زيدا لقائم. واملعنى واحد. فقال أبو العباس املربد: بل

بينهما اختالا، فاألوىل تقال ملن ال يعرا اخلرب، والثانية تقال جوابا عن سؤال سائل،

والثالثة رد على إنكار منكر.

مل أعرا قائل هذا البيت. (10)

.1311/ 3ديوان احلماسة ، (11)

Page 30: علم املعاني

تيسري علم املعاني 22

م عن "أضنرب اخلنرب" علنى هنذه القصنة، وقسنموا اخلنرب إىل وقد بنى البالغيون حديثه

:(12)ثالثة أضرب

الضرب االبتدائي: وهو الذ يلقى إىل خالي الذهن، وهذا الضرب ال يأتي معنه -1

مؤكدات، كأن تقول: )زيد قائم(.

الضرب الطليب: وهو الذ يلقى إىل السائل أو املرتدد، وهذا الضنرب ينأتي معنه -2

غالبا، كأن تقول: )إن زيدا قائم(.مؤكد واحد

الضرب اإلنكار : وهو الذ يلقى إىل املنكر، وهذا الضرب يأتي معنه أكثنر منن -3

مؤكد غالبا، ويزداد عدد املؤكدات كلما زاد اإلنكار، كأن تقول: )إن زيدا لقائم(.

خنالا منا يخنرج اخلنرب هذه هي األضرب األساسية اليت يقتضنيها الظناهر، ولكنن قند

إذا كان مثة قصد بالغي من ذلك، وهو ما يؤكده باحث معاصر يف ضرورة عدم يقتضيه الظاهر

حصر الكالم يف هنذه األضنرب الثالثنة وقصنره علنى منا ذكنره املنربد يف جوابنه علنى الكنند ،

. فقند ينرتك التوكيند للمنكنر (13)وكأن ذلك اجلواب كان حميطا بدواعي التوكيد وأسراره يف اللغنة

للمرتدد، وقد يؤكد خلالي الذهن، ويتحدث البالغيون عن هذه الصور:و

تنزيل غري السائل منزلة السائل:أ(

وذلك إذا كان يف الكالم ما يستوجب االستفهام واالستفسار، )فينزل غري السائل منزلنة

سنلوك السائل إذا قدم له ما يلوح له حبكم اخلرب، فيستشرا لنه استشنراا املنرتدد الطالنب،... و

. (14) هذه الطريقة شعبة من البالغة فيها دقة وغموض(

. 46، 42/ 1، واإليضاح )مع البغية(، القزويين، 171، 170نظر : مفتاح العلوم، أبو يعقوب السكاكي، ص ا (12)

.242البالغة القرآنية يف تفسري الزخمشر ، د.حممد أبو موسى، ص (13)

.1/24اإليضاح )مع البغية(، القزويين، (14)

Page 31: علم املعاني

23 تعريف اجلملة وأركانها

ٺ ٺپ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٻٻ ٻ ٻ چويظهر مثل ذلك يف قوله تعاىل:

[، فإن قوذا: "وما أبنر نفسني" يطنرح يف النذهن سنؤاال عنن 23]يوسف/ چٺ ٺ ٿ

السائل منزلة السائل.السبب يف عدم تربئتها نفسها، لذلك نزل غري

[، 37]هنود: چيت جث ىتيب جت حت خت متچ ومن ذلك أيضا قوله تعاىل:

فإن نوحا عليه السالم مل يكن يشك أو يرتدد يف إغراق اهلل ملن عصاه، ولكن ملا كان الكالم

األول )وال ختاطبين يف الذين ظلموا( يطرح يف الذهن سؤاال عن السبب: ملاذا ال خياطبه يف

واالستفهام. الذين ظلموا؟، نزل نوح منزلة السائل ملا كان الكالم يبعث يف الذهن االستفسار

تنزيل املنكر منزلة غري املنكر:ب(

اليت من حقها ينزل املنكر منزلة غري املنكر تنبيها على أن األمر املذكور من البدهيات

أن ال ينكرها أحد، وأنه من األمور املسلم بها اليت ال ختفى على أحد. مثل أن تقول للكافر

أو اليهود أو النصنراني أو )ملنكنر اإلسنالم: "اإلسنالم حنق"، وعلينه قولنه تعناىل يف حنق

، فهو ينكر ذلك وإال لكان آمن به وصدق. ولكنك (12)[(2]البقرة/ چ پپ پ ٻ پچ القرآن:

جئت له باخلرب بدون مؤكدات، للتنبيه على أن كون اإلسالم دين اهلل هو من البدهيات اليت

ال جيب أن ينكرها أو جيهلها أحد.

[، فنإن املشنركني 16]املؤمنون: چۉ ۉ ې ې ې چ ومثله قوله تعاىل:

ت، ولكن يف اآلية مل يأت غري مؤكد واحد تننزيال ذنم منزلنة كانوا ينكرون البعث بعد املو

املرتدد، وليس املنكر. وذلك للتنبيه على أن البعث بعد املوت أمر حقه أن ال خيفى على أحد

وأن ال جيهله أحد.

.1/24اإليضاح )مع البغية(، القزويين، ( 12)

Page 32: علم املعاني

تيسري علم املعاني 24

ج( تنزيل غري املنكر منزلة املنكر:

كر فيخاطب خطناب املنكنر، ومنن وذلك إذا ظهر يف حاله عالمات اإلنكار، فإنه يعامل معاملة املن

ذلك قول الشاعر:

(16)جا شقيق عارضا رمحه *** إن بني عمك فيهم رماح

فإن شقيق ال ينكر أن يف بين عمه رماحا، ولكن )جميئه هكذا مدال بشجاعته قد وضع رحمه عرضا

، فبسنبب مبالغتنه يف اسنتعراض (17)من بين عمه أحد(دليل على إعجاب شديد منه واعتقاد أنه ال يقوم إليه

سالحه وقوته نزله الشاعر منزلة املنكر فأكد له يف الكالم.

[، فقنند 12]املؤمنننون: چ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅچ ومثننل ذلننك قولننه تعنناىل خياطننب املشننركني:

وذلنك ألن حناذم خاطبهم خطاب املنكر حيث أكد ذم بأكثر من مؤكد، مع أن املوت أمر ال ينكره أحند.

كحال من ينكر املوت، فمن يؤمن باملوت جيب عليه أن يستعد ملا بعد املوت من العمل الصاحل واتباع شرع اهلل

ودينه. فألن يف حاذم أمارات إنكار املوت لعدم عملهم ملا بعده لذلك نزلوا منزلة املنكر.

إن، أن، الم االبتندا ، نوننا التوكيند، وتعد أشهر أدوات التوكيد اليت ينذكرها البالغينون ))هني:

القسم، أما الشرطية، أحرا التنبيه، أحرا الزيادة، ضمري الفصل، تقديم الفاعل يف املعنى، حننو: حممند

يقوم، السني وسوا الداخلتان على فعل دال على وعد أو وعيد، حنو: سأمنح اجملتهد جائزة، وسأعاقب

.(11) رير النفي، إمنا((املسي ، "قد" اليت للتحقيق، تك

التوكيد بني املتكلم واملخاطب:

إن من يتأمل الشواهد السابقة يرى أنها مجيعا تركز على أن التوكيد يؤتى به مراعاة

حلال املخاطب، ولكن الصحيح أيضا أن التوكيد قد يأتي مراعاة حلال املتكلم نفسه.

.340/ 3نسبه يف البيان والتبيني إىل حجل بن نضلة ، انظر: (16)

.1/24اإليضاح )مع البغية(، القزويين، (17)

.46علوم البالغة، أمحد مصطفى املراغي، ص( 11)

Page 33: علم املعاني

22 تعريف اجلملة وأركانها

التوكيد قد يأتي ليكشف عن تعلق النفس ويف هذا السياق يذكر اإلمام الزخمشر أن

ۈ ۈ ٴۇ چ :باخلرب واهتمامها به وأنه جدير عندها بالتقوية والتقرير. كما يف قوله تعناىل

[. فقد ترك املنافقون التوكيد يف 14البقرة/ چۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې

يف خماطبتهم قومهم؛ ألن أنفسهم ال تساعدهم على خماطبتهم املؤمنني، وحققوا التوكيد بإن

التوكيد للمؤمنني إذ ليس ذم من عقائدهم باعث وحمرك، وهكذا كل قول مل يصندر عنن

رغبة واعتقاد. وأما ما أخربوا به عن أنفسهم من الثبات على اليهودية والقنرار علنى اعتقناد

. (13)كلم به فأتوا بلفظ التوكيدالكفر فقد قالوه عن صدق رغبة وموفور نشاط وارتياح للت

وهذه الرؤية اليت انطلق منها الزخمشر تكشف إدراكه العميق أن صاحب اخلرب رمبا

ال يقصد خماطبا يؤكد له، وإمنا هو انبثاق نفسي يف صورة لفظية حلالة شعورية تتجسد يف هذا

عنند البالغنيني أن التعبري. وهو ما يدل على أن الصياغة قد عدلت عن األصل، إذ األصل

يأتي التوكيد مراعاة حلال املخاطب، إال أننه يف املوضنعني منن اآلينة جنا خنالا األصنل،

حيث روعي فيه حال املتكلم نفسه.

وعلى هذه الشاكلة نرى أحد الباحثني حينما حياول أن يلتمس بعض األسنرار النيت

ۇ ۆ ۆ ۈ چوله تعناىل: تزاد فيها ألفاظ التوكيد على بنا اجلملة األصلي. يلحظ يف ق

[ أن املخاطنب لنيس حباجنة ألن يؤكند لنه اخلنرب، 36]آل عمران/ چۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ

ولكن أم مريم لطول ما شغلها األمل يف أن تلد ذكرا، جتسم األمل يف خياذا حتى صار كأنه

يف قلبها حقيقة واقعة، فلما وضعت مولودها أنثى فوجئت، فأرادت أن تقر هذا األمر اجلديد

، فزادت يف بنا اجلملة ما جيعلها تتال م مع هذا الغرض اجلديد. (20)حتى تروض نفسها عليه

.242البالغة القرآنية، د.حممد أبو موسى، ص (13)

.31من أسرار البالغة يف القرآن، د.حممد شيخون ، ص (20)

Page 34: علم املعاني

تيسري علم املعاني 26

يفرق البالغيون بني احلقيقة العقلية واجملاز العقلي، )أما اجملناز فهنو إسنناد الفعنل أو

إسناد الفعل أو معناه إىل ما ، و)أما احلقيقة فهي (21) معناه إىل مالبس له غري ما هو له بتأول(

. فاحلقيقة العقلية إذن هي إسناد الفعل إىل ما هو لنه، وأمنا (22)هو له عند املتكلم يف الظاهر(

كقولنا: )أنبت اهلل الزرع( إسناد الفعل أو معناه إىل ما ليس له لعالقة فهذا هو اجملاز العقلي.

ال. وأمنا اجملناز العقلني فكقولنه تعناىل: فأسندنا اإلنبات إىل فاعله احلقيقي وهو اهلل جل وعن [، فقد أسند الربح إىل التجنارة، منع أن النذ ربنح هنم 16]البقرة: چىئ ىئ ىئ چ

التجار، فأسند الفعل يف اآلية إىل غري ما هو له.

وقد حتدث عن هذا املبحث عبدالقاهر اجلرجاني ومساه )اجملناز احلكمني(، وأشناد

لك: )وهذا الضرب من اجملاز على حدته كنز من كنوز البالغة، ببالغته ومجاله. يقول عن ذ

.(23) ومادة الشاعر املفلق ، والكاتب البليغ يف اإلبداع واإلحسان، واالتساع يف طرق البيان(

وقد اختلف البالغيون يف مكان دراسة هذا املوضوع، فدرسه بعضهم على أننه منن

مباحث علم البيان، وذلك ألنه يدخل عندهم ضمن )اجملاز اللغو ( أحد أهم مباحث علم

.(24)البيان، وهكذا فعل السكاكي

ودرسه آخرون يف علم املعاني وذلك ألن هذا املوضوع يتعلق بإسناد الفعل أو معناه

غري ما هو له، فهو ذو عالقة باإلسناد، ولذلك درسوه يف علنم املعناني ضنمن )أحنوال إىل

.(22)اإلسناد اخلرب (، وهذا هو اختيار القزويين

.21-47/ 1)مع البغية(، القزويين،اإليضاح (21)

. 26/ 1اإليضاح )مع البغية(، القزويين (22)

.232دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص (23)

ينكر اجملاز العقلي ويراه استعارة . والسبب يف ذلك كون السكاكي401، 400انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص (24)

مكنية، وقد ذهب إىل هذا بعض املعاصرين ذاهبا إىل أن اجملاز العقلي يدخل ضمن اجملاز اللغو ، فهو إما استعارة أو جماز مرسل.

.143انظر: الصورة الشعرية يف الكتابة الفنية، د.صبحي البستاني، ص

.24/ 1القزويين، انظر: اإليضاح )مع البغية(، (22)

Page 35: علم املعاني

27 تعريف اجلملة وأركانها

:(26)عالقات اجملاز العقلي

اإلسناد إىل املفعول: -1

[، فننإن العيشننة ال 21]احلاقننة: چہ ہ ھ ھ چ ويظهننر ذلننك يف قولننه تعنناىل:

عنها، واملعنى: مرضي عنها، ولكنه أسند إليها الرضا على طريق اجملاز ترضى، وإمنا يرضى

[، فإن املا ليس هو الدافق، وإمنا هو 6]الطارق: چٹ ٹ ڤ ڤ چ العقلي. وكقوله تعاىل:

املدفوق، فأسند إليه الدفق على طريق اجملاز العقلي.

ومنه قول الشاعر:

(27)دع املكارم ال ترحل لبغيتها *** واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

فإنه يقصد أنت املطعم املكسو، ولكنه أسند إليه اإلطعام والكسوة من باب إسناده إىل

املفعول يف اجملاز العقلي.

اإلسناد إىل الفاعل: -2

[، فجعل الوعند ينؤتى 61]مريم: چائ ائ ەئ ەئ چ ويظهر ذلك يف قوله تعاىل :

إليه، والوعد هو الذ يأتي، واملعنى: آتيا. ومثلنه قنول العنرب: سنيل مفعنم، أ : سنيل

مملو ، مع أن السيل هو الذ ميأل املكان باملا ، فأسنده إىل الفاعل على طريق اجملاز العقلي.

اإلسناد إىل املصدر:-3

يف قول الشاعر: ويظهر ذلك

(21)سيذكرني قومي إذا جد جدهم *** ويف الليلة الظلما يفتقد البدر

، عروس 34 -32، ومفتاح تلخيص املفتاح، اخللخالي 23 -26/ 1انظر: اإليضاح )مع البغية(، القزويين (26)

، ، مواهب الفتاح، ابن 133 -137، املطول، التفتازاني 60 -21، خمتصر السعد، التفتازاني 140/ 1األفراح، السبكي

.172 -170/ 1يعقوب املغربي

. 471لحطيئة. انظر: دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص البيت ل (27)

.41ديوان أبي فراس احلمداني، ص (21)

Page 36: علم املعاني

تيسري علم املعاني 21

فقد أسند الفعل )جد( إىل املصدر )جدهم(، مع أن فاعل اجلند هنو القنوم، ولكننه

فأسند فعل اجلنون أسنده إىل املصدر على طريق اجملاز العقلي، ومثله قوذم: )جن جنونه(

إىل مصدره.

اإلسناد إىل املكان: -4

[، فنإن األنهنار هني 6]األنعنام: چھ ے ے ۓ ۓ چ كما يف قوله تعاىل:

املكان الذ متشي فيه املياه، فأسند اجلريان إىل املكان، منع أنهنا ليسنت هني النيت جتنر يف

الواقع، وإمنا الذ جير هو املا ، ولكنه أسند اجلر للمكنان علني طريقنة اجملناز العقلني.

ومنه:

(23)الت بأعناق المطي األباطح أخذنا بأطراا األحاديث بيننا *** وس

أ سالت أعناق املطي يف األباطح، فأسند السيالن إىل مكانه وهو األباطح.

اإلسناد إىل الزمان: -2

كقوذم )نهاره صائم، وليله قائم( فجعلوا النهار يصوم، واللينل يقنوم، منع أنهمنا

على طريق اجملاز العقلي. ومنه قول الشاعر:يصام ويقام فيهما، ولكن مت اإلسناد إىل الزمان

(30)هي األمور كما شاهدتها دول *** من سره زمن سا ته أزمان

فقد أسند املسرة إىل النزمن، وأسنند اإلسنا ة إىل األزمنان، منع أنهمنا ال يسنيئان أو

واملسا ة.يسران، وذلك ألنهما الزمنان اللذان حيصل فيهما السرور

اإلسناد إىل السبب: -6

[، فقد نسب الزيادة اليت هي منن اهلل 2]األنفال: چڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ چ كما يف قوله تعاىل:

[ 4]القصص/ چۆ ۈ چ إىل اآليات لكونها سببا فيها، ومثل قوله:

.64البيت منسوب ليزيد بن الطثرية. ص (23)

.6/223البيت ألبي البقا الرند . انظر: نفح الطيب، ألمحد بن حممد املقر ، (30)

Page 37: علم املعاني

23 تعريف اجلملة وأركانها

.(31)نسب الفعل إىل فرعون والفاعل غريه لكونه اآلمر به

[ ، فنسننب 23]فصننلت: چچ چ چ چ ڇ ڇ چ ومثلننه قولننه تعنناىل:

اإلردا إىل الظن ألنه سببه.

ومنه يف الشعر قوله:

(32)قيل الكماة أال أين احملامونا ***إني ملن معشر أفنى أوائلهم

فأسند إفنا أوائل قومه إىل قول الكماة الشجعان: أين احملامون. مع أن الذ أفناهم

القتل واحلرب، ولكنه أسند إىل سبب ذلك القتل وهو تلبيتهم ندا املستغيث على حقيقة هو

طريق اجملاز العقلي.

واختلف البالغيون يف وجود احلقيقة لكل صورة من صنور اجملناز العقلني، فنذهب

اجلرجاني إىل تعذر ذلك يف كل صور اجملاز العقلي، حيث يقول: )واعلم أن ليس عبدالقاهر

بواجب يف هذا أن يكون للفعل فاعل يف التقدير إذا أنت نقلت الفعل إليه عدت إىل احلقيقة،

مثل أن تقول: )رحبت جتارتهم(: رحبوا يف جتارتهم... أال ترى أنه ال ميكنك أن تثبت للفعل

. (33)قدمين بلدك حق لي على إنسان"، فاعال سوى احلق(يف قولك: "أ

وخالفه يف هذا الرأ اخلطيب القزويين مؤكدا استلزام اجملاز العقلي للحقيقة، ذلك

)أن الفعل املبين للفاعل يف اجملاز العقلي واجب أن يكون له فاعل يف التقدير، إذا أسند إليه

رأ عبدالقاهر، حينث إن بعنض صنياغات اجملناز والصحيح هو (.34) صار اإلسناد حقيقة(

العقلي حتولت إىل تعابري عرفية دارجة نسيت حقيقتها فال حتتاج من ثم إىل تقدير فاعلها.

.62/ 1انظر: اإليضاح )مع البغية(، القزويين (31)

.2/233البيت لنهشل بن حر النهشلي. انظر: الشعر والشعرا البن قتيبة (32)

.236دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص (33)

. وقد نقل السكاكي هذا الرأ وقال إنه رأ األصحاب. انظر: مفتاح العلوم ص 61/ 1اإليضاح )مع البغية(، القزويين (34)

400 ،401.

Page 38: علم املعاني

تيسري علم املعاني 30

يتفق البالغيون على اجلمال البالغي الذ يتضنمنه أسنلوب احلنذا، حينث يظهنر

أللفاظ من اجلملة يؤد وجه مجاله من أن النقص يصري وسيلة إىل الزيادة، فنقص بعض ا

إىل زيادة معانيها. وقد أشار إىل هذا اإلمام عبدالقاهر يف مفتتح حديثه عنن احلنذا، حينث

يقول: ))ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر، والصمت عن اإلفادة أزيد لإلفادة، وجتدك

.(32)أنطق ما تكون إذا مل تنطق، وأمت بيانا إذا مل تبن((

لغنرض العنام النذ يظهنر يف صنور احلنذا مجيعنا تظهنر أغنراض بيد أنه مع هذا ا

وأسرار بالغية أخرى حتدث عنها البالغيون كثريا، سيتناوذا البحث بشي من التفصيل فيما

يأتي من صفحات. إال أنه ال بد من التأكيد هنا على أن البالغيني عندما يدرسون اعتبارات

يدا ذا كما يتوهم بعنض املعاصنرين، حينث يعلنق احلذا وأغراضه ال يقدمون حصرا وتقي

أحدهم على عمل البالغيني املتقدمني واملتأخرين بقوله: ))وال ميكن فنيا حصر مواضع هذا

احلذا ألنها ليست تقعيدا منطقيا مقننا، وإمنا هي مواقف فنية ندركها من املوقف كله، فقد

. ويقول يف موضنع (36)رها البالغيون((تكون هناك أغراض أعمق وأدق من تلك اليت حص

آخر معلقا على كالم لعبندالقاهر: ))إن القندرات الفنينة لندى الفننان أرحنب منن حتديندها

نزعم فيها أن احلذا هنا لكذا واحلذا هنا لذاك، وإمنا نرتك لكل برسوم حمددة وتقعيدات

متلق أن يتذوق العمل بنفسه، وقد حيس أن به حذفا، وقد يكون النسنق اللغنو ال يشنعر

بهذا احلذا املتوهم، ويظل الشعر حامال ظالله التأثريية والفنينة، وبننا علنى ذلنك فننحن

. (37)نرفض متحكات عبدالقاهر((

.146عبدالقاهر اجلرجاني، صدالئل اإلعجاز ، (32)

. 11فلسفة البالغة بني التقنية والتطور، د.رجا عيد، ص (36)

.13، 11فلسفة البالغة بني التقنية والتطور، د.رجا عيد، ص (37)

Page 39: علم املعاني

31 تعريف اجلملة وأركانها

ال داعي ألن أطيل يف الرد علنى هنذه األقنوال، فنالبالغيون مل حيصنروا أو يقنننوا و

أغراض احلذا وإمنا كانوا يكررون بعد تعداد بعض األغراض قوذم: ))أو العتبنار آخنر

، مما يعين إميانهم بإمكانية أن يكون هناك أغراض أخرى غري ما ذكروه. وهنو (31)مناسب((

حيث كما يصمها أعداؤهااصرين من أنصار )البالغة التقليدية( رأ أيضا للبالغيني املع

يقول أحد هؤال : ))وجيب أن تعلم أن دواعي حذا املسند إليه غري منضبطة، فهي أكثر من

.(33)أن تحصى، وميكنك أن تضيف إىل ما سبق أغراضا أخرى ما دمت تتأمل الكالم((

العرب حكمان أساسيان، هما: احلذا الواجب، واحلذا اجلنائز. للحذا يف لغة

فاحلذا الواجب هو الذ يقرر فيه نظام اللغة تقدير حمذوا ما، ولكنه مينع ذكره أو وروده

يف الكالم، ويقع هذا احلذا يف املسند واملسند إليه على حد سوا ، فمن صوره يف املسند إليه

، أو (41)، كما يف النعنت املقطنوع (40)نحويون حذا املبتدأتلك احلاالت اليت يوجب فيها ال

، (43)، ومن صوره يف املسند حاالت حذا اخلرب وجوبا(42)املخصوص باملدح والذم املؤخر

.(42)، أو كان املبتدأ قسما صرحيا(44)كما لو جا اخلرب كونا عاما ووقع املبتدأ بعد )لوال(

مل يرد يف الكالم العربي الفصيح، مما جيعل فإن ذكر احملذوا يف مثل احلاالت السابقة

ذكر احملذوا وإعادته خمال بسالمة الكالم وفصاحته، وخروجا عن أعراا اللغة وقواعدها،

وما خرج عن قواعد اللغة فليس من البالغة يف شي .

.101، 33، 12، 74/ 1ذكر القزويين هذا التعبري يف أكثر من موضع، انظر مثال: اإليضاح )مع البغية( ( 31)

.104علم املعاني، د.عبداملنعم األشقر، ص نظرات يف ( 33)

وما بعدها. 1/224انظر: ضيا السالك إىل أوضح املسالك، حممد النجار، (40)

مثل: )رأيت الرجل الكريم( فقد حذا املبتدأ وجوبا، والتقدير: هو الكريم.( 41)

زيد. مثل: )نعم الرجل زيد( ، فقد حذا املبتدأ وجوبا، والتقدير: هو( 42)

وما بعدها. 227/ 1انظر: ضيا السالك، حممد النجار، ( 43)

مثل: )لوال اهلل ذلك الناس( فقد حذا اخلرب وجوبا، والتقدير: لوال اهلل موجود.( 44)

مثل: )لعمرك ألجنحن( فقد حذا اخلرب وجوبا، والتقدير: لعمرك قسمي.( 42)

Page 40: علم املعاني

تيسري علم املعاني 32

وأما احلذا اجلائز فهو الذ يقرر نظام اللغة فيه وجود حمذوا ما، ولكن جيوز حنويا

هذا احملذوا وذكره، فيجوز فيه الذكر واحلذا. ومنن أمثلنة ذلنك حنذا املسنند إلينه إيراد

[، 2]الفرقنان/ چچ چ چ چ چ لداللة الكالم علينه، كقولنه تعناىل:

فقد حذا املسند إليه املبتدأ، والتقدير: هي أساطري األولني. ومن أمثلته يف حذا املسند قوله

فقد حذا املسند اخلنرب، والتقندير: وظلنها [ ،32]الرعد/ چ ڀ ٺ ٺچ تعاىل:

دائم، فاللفظ املقدر هنا جيوز ذكره وحذفه.

على أن تساؤال يتبادر إىل الذهن عن أ الصورتني تدخل ضمن الدراسنة البالغينة

ألسلوب احلذا، أهي احلذا الواجب؟ أم اجلائز؟ أم كالهمنا؟. ينرى الندكتور حممند أبنو

واجب يف الدراسة البالغية، رافضا ))القول بأن هذه دراسة موسى ضرورة إدخال احلذا ال

حنوية، وليس فيها تصرا يدخلها يف باب الدراسة البالغية اليت تعتمد علنى االختينار بنني

. ولذلك يعمد إىل الكشف عن وجه مجال (46)املمكنات من األساليب وانتخاب أفضلها((

.(47)احلذا يف بعض حاالت احلذا الواجب

ذا القول غري مقبول وال مستساغ يف الدراسة البالغية النيت تنظنر إىل بالغنة ويبدو ه

األسلوب يف حال كان املتكلم قادرا على االختيار بني عدد من البدائل الصنوغية املختلفنة،

حيث يؤثر أسلوبا على آخر لكونه أنسب يف التعبري عن مراده، أو أقدر على نقل شنعوره،

قبنول احلنديث عنن احلنذا الواجنب يف الكلمنة، كحنذا الننون يف فمثلما أننه لنيس منن امل

األفعال اخلمسة حال اجلزم والنصنب، وحنذا ننون املنذكر السنامل واملثننى عنند اإلضنافة.

فكذلك ال يقبل احلديث عن بالغة احلذا الواجب يف اجلملة، ألن هذا إجرا حتمي ليس

لغتهم. للمبدع خيار يف خمالفته، وإال خرج عن كالم العرب و

.273خصائص الرتاكيب، د.حممد أبو موسى، ص( 46)

.210( انظر: خصائص الرتاكيب، د.حممد أبو موسى، ص 47)

Page 41: علم املعاني

33 تعريف اجلملة وأركانها

واحلديث عن بالغة الكالم عند البالغيني مرتبط بالنظر إليه يف سياق حمدد يطابق به

ما اقتضته احلال، واحلذا الواجب واقع يف كل مقام وسنياق، ولنيس يف سنياق حمندد ألن

احلذا واجب يف كل سياق مماثل، ومن ثم فهو من مهمات أهل اللغة والنحنو ولنيس منن

البالغيني.صميم عمل

إن بعض تعريفات األسلوب عند بعض املعاصنرين تركنز علنى أن األسنلوب انتقنا

. فرباعنة (41)واختيار يقوم به املنشن لسنمات لغوينة معيننة بغنرض التعنبري عنن موقنف معنني

األديب تكمن يف قدرته على االنتقا بني اإلمكانات اللغوينة املتعنددة، وذلنك منا يسنهم يف

دبي، ويهبه قدرا من التميز الذ يفارق بنه كنالم غنريه، ومنا دام االنتقنا مسوق تعبريه األ

واالختينار معندوما يف احلننذا الواجنب فننال ميكنن احلننديث عنن خصوصننية يف اختينار هننذا

األسلوب.

وهذا األمر قد سار علينه البالغينون يف سنائر أبنواب املعناني، فنربغم اتفناقهم علنى

ري، إال أنهم مل يقفوا ليسألوا عن بالغة تقديم الصلة على احلديث عن بالغة التقديم والتأخ

املوصول، أو املضاا على املضاا إلينه، أو اجلنار علنى اجملنرور، ألن التقنديم هننا حتمني

إلزامي، فليس أمام املبدع خيار آخر سوى التقديم. ولذلك ال يدخل حتت الدراسة البالغية

ة األسنلوب بطريقتنه اخلاصنة، حينث ال حتنتم أ صوغ لغو ال يبدو املبدع حنرا يف صنياغ

قواعد اللغة تلك الصورة الصوغية دون سواها.

وقد تتبعت ما كتبه عبدالقاهر والسنكاكي والقنزويين يف مبحنث احلنذا ومل أرهنم

يتحدثون عن صورة من صور احلذا الواجب، بل الصور الورادة عندهم مجيعا هي منن

بارة واحدة أوردها السكاكي على أنها من اعتبنارات احلنذا قبيل احلذا اجلائز. باستثنا ع

ودواعيه يف اللغة العربية، ال على أنها من قبيل االعتبارات البالغية، ولكن علنى أنهنا منن

.11( انظر: علم األسلوب، د.صالح فضل، ص 41)

Page 42: علم املعاني

تيسري علم املعاني 34

االعتبارات اليت تندفع املنتكلم يف العربينة إىل اللجنو إىل احلنذا يف بعنض األحينان. يقنول

إمننا ألن االسننتعمال وارد علننى تركننه أو تننرك السننكاكي يف تعننداده اعتبننارات احلننذا: ))و

نظائره، كقوذم: نعم الرجل زيند، علنى قنول منن ينرى أصنل الكنالم: نعنم الرجنل هنو

. ولكنهم مل يذكروه علنى أننه منن (20)، وتابعه أحد املعاصرين فذكر الكالم نفسه(43)زيد((

الدراسة البالغية ولكن على أنه من االعتبارات الداعية إىل احلذا عند العرب، وذذا فإن

القزويين الذ نقل كالم السكاكي يف اعتبارات احلذا بنصه يف كثري من العبارات قد أهمل

البالغيننة هننذا الغننرض ومل يتحنندث عنننه، ليؤكنند بننذلك عنندم دخولننه ضننمن االعتبننارات

.(21)للحذا. وليؤكد اقتصار دواعي احلذا البالغية على صور احلذا اجلائز

ويؤكد هذا الرأ ما يذكره اإلمام ابن جين من أن احلذا يعند منن فننون )شنجاعة

، وهذا (22)إذا كان احملذوا مرادا يف املعنى ولكنه حمذوا يف اللفظ كما يسميهاالعربية(

كرب يف صور احلذا اجلائز. إن ابن جين ال يستحسن احلنذا إال إذا الضابط يتحقق بشكل أ

كان )احلذا مسة أسلوبية جتسد "الشجاعة"، وألجل هذا استبعد ابنن جنين احلنديث عنن

.(23)احلذا الذ ال حيمل فعل الشجاعة اخلالق(

منن تتعدد صور احلذا يف الكالم حبسب احملذوا مننه، فقند يكنون احملنذوا أكثنر

مجلة، وقد يكون مجلة واحدة، وقد يكون بعض مجلة ، وقد يكون كلمة، وقند يكنون

حرفا.

.176مفتاح العلوم ، أبو يعقوب السكاكي، ص ( 43)

.130/ 1انظر: البالغة العربية يف ثوبها اجلديد ، د.بكر شيخ أمني ، ( 20)

.77-74/ 1انظر: اإليضاح )مع البغية(، القزويين، ( 21)

.373/ 2( انظر: اخلصائص ، ابن جين، 22)

.114البالغة واألصول، حممد مشبال، ص (23)

Page 43: علم املعاني

32 تعريف اجلملة وأركانها

وسيتناول احلديث هنا ثالثة أشكال من احلذا، أوذا: حذا املسند إليه، وثانيها:

حذا املسند، وثالثها: حذا املتعلقات. أما صور احلذا األخنرى فسنيأتي احلنديث عنهنا

از باحلذا.بالتفصيل ضمن مبحث اإلجي

يقتصر حديث عبدالقاهر اجلرجاني والبالغيني املتأخرين

، وال يلتفتون كثريا إىل حذا املسند إليه يف اجلملة حذا املسند إليه يف اجلملة االمسيةعلى

كما –الفعلية. ويعلل أحد املعاصرين ذلك بأن البالغيني يفعلون ذلك ألن حذا املبتدأ يتم

))دون تعويض صياغي يقوم مقامه، ولعل هذا ورا اتكا البالغيني على حذا –يقول

)املبتدأ(، ألن الفاعل إذا حذا فإنه بالضرورة ال بد أن يقوم شي مقامه، كما يف باب

ومثة حتفظ على هذا التعليل، فليس كل صور (24)"النائب" و"االستثنا املفرغ" و"املصدر"((

فاعل تتضمن ما يقوم مقامه، فثمة صور يحذا فيها دون أن ينوب عنه شي ، حذا ال

.كما سيأتيوذلك يف حذفه مع الفعل املبين للمعلوم

ويذكرون من أغراض حذا املسند إليه )املبتدأ( البالغية ما يلي :

املبالغة يف الوصف، وهذه هي صورة حذا املسند إليه اليت حتدث عنها اإلمام -1

دالقاهر اجلرجاني، وأفاض يف احلديث عنها، حيث يرى أن ))من املواضع اليت يطرد فيها عب

حذا املبتدأ " القطع واالستئناا"، يبدؤون بذكر الرجل ويقدمون بعض أمره، ثم يدعون

الكالم األول، ويستأنفون كالما آخنر، وإذا فعلنوا ذلنك أتنوا يف أكثنر األمنر خبنرب منن غنري

. كقول الشاعر: (22)مبتدأ((

سأشكر عمرا إن تراخت منيتي أياد مل تمنن وإن هي جلت

(26)فتى غري حمجوب الغنى عن صديقه وال مظهر الشكوى إذا النعل زلت

.216( البالغة العربية، قرا ة أخرى، د.حممد عبداملطلب، ص24)

.147دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص (22)

.273/ 1هذا البيت موجود يف: الكامل يف اللغة واألدب للمربد (26)

Page 44: علم املعاني

تيسري علم املعاني 36

اله حيث حذا املبتدأ والتقدير: هو فتى. ومثل هذا احلذا يرجع اإلمام الراز مج

إىل ))أنه بلغ يف اسنتحقاق الوصنف مبنا جعنل وصنفا لنه، حينث يعلنم بالضنرورة أن ذلنك

الوصف لنيس إال لنه، سنوا كنان يف نفسنه كنذلك أو حبسنب دعنوى الشناعر علنى طرينق

إىل حدوث ))عملية –كما يعرب أحد املعاصرين –. أ أن السر اجلمالي راجع (27)املبالغة((

ون فيها املسند هو املسند إليه بال انفصام. باحلذا جتسد املسنند توحد بني الذات والصفة يك

. وذنذا يكثنر وروده عنند (21)فصار مسندا إليه، وعندئذ صار وجود املسند إلينه بنال منربر((

املبالغة يف اتصاا املوصوا بالصفة كما يف املديح والرثا واذجا .

، كما يف قنول (23)والتضجر ضيق املقام عن إطالة الكالم بسبب حال التوجع -2

الشاعر:.

(60)قال لي: كيف أنت؟ قلت: عليل *** سهر دائم، وحزن طويل

فإن أصل الرتكيب يقتضي أن يقول: أنا عليل، وحالي سهر. ولكنه حذا املسند إليه

.(61)يف املوضعني نظرا لضيق املقام عن إطالة الكالم بسبب التوجع والتضجر

، كما يف قول (62)يف تركه تطهريا له عن لسانك أو تطهريا للسانك عنه إيهام أن -3

الشاعر:

سريع إىل ابن العم يشتم عرضه *** وليس إىل داعي الندى بسريع

(63)حريص على الدنيا مضيع لدينه *** وليس ملا يف بيته بمضيع

.243هاية اإلجياز يف دراية اإلعجاز، فخر الدين الراز ، ص ن (27)

.261بالغة الكلمة واجلملة واجلمل د. منري سلطان، ص (21)

،1/74، واإليضاح )مع البغية( القزويين 176انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص ( 23)

. 231مل أعثر على قائل ذذا البيت ، والبيت مذكور يف دالئل اإلعجاز ص (60)

.121/ 1. والبالغة العربية ، د.بكر أمني ، 77انظر: علوم البالغة، أمحد مصطفى املراغي ، ص (61)

.1/74واإليضاح، القزويين، )مع البغية( 176انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص ( 62)

. 120البيت لألقيشر. انظر: دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص (63)

Page 45: علم املعاني

37 تعريف اجلملة وأركانها

يهنام أننه يننزه لسنانه عنن ذكنر اسنم ذلنك فقد حذا اسم الشخص ومل يذكره، إل

الشخص، احتقارا وانتقاصا لقدره.

چ ىئ ىئ یچ ، كما يف قوله تعاىل: (64)لتعينه وعدم احتمال غريه -4

[. فالتقدير: اهلل عامل الغيب والشهادة، وحذا املبتدأ ألن ))اخلرب هنا قند دل 73]األنعام/

ألن علم الغيب والشهادة ال يكون لغريه، ومن ذلك أن على أن املسند إليه احملذوا هو اهلل،

.(62)تقول: خالق كل شي ورازق كل شي ((

كذلك، ولكن البالغيني املتأخرين مل يتحدثوا ويحذا املسند إليه يف اجلملة الفعلية

عن هذه الصورة، ويقع حذا املسند إليه يف اجلملة الفعلية إما مع الفعل املبين للمعلوم، أو

يحذا املسند إليه األصلي )الفاعل( وينوب عنه مسند إليه جديد وهو )نائب الفاعل(. أن

فيأتي إذا دل الكنالم علنى حذا املسند إليه )الفاعل( مع الفعل املبين للمعلومفأما

ڤ ڤ ڤ چ [، وقولنه: 13]الواقعنة/ چڦ ڦ ڦ ڤ چاحملذوا، كما يف قوله تعاىل:

[، فالفاعل حمذوا لداللة الكالم عليه، والتقدير: بلغت الروح. 26]القيامة/ چ ڦ

إال إذا دل الكنالم علنى –كمنا ينرى بعنض البالغنيني –وال جيوز احلذا فيما سنبق

الفاعل، أما إذا مل يدل عليه الكالم فال جيوز احلذا. يقول ابن األثري: ))إن حذا الفاعل

جيوز فيمنا هنذا سنبيله، وذاك أننه ال يكنون إال فيمنا دل الكنالم ال جيوز على اإلطالق، بل

، ويف هذا القول أمران: األول، أن هذا ليس خاصا حبذا الفاعل، بنل وجنود (66)عليه((

الندليل شننرط جلميننع صننور احلننذا، فننالبالغيون ))يشننرتطون يف احملننذوفات مجيعننا علننى

. (67) ا، وإال كان احلذا تعمية وإلغازا...(( اختالا ضروبها أن يكون يف الكالم ما يدل عليه

.1/72واإليضاح )مع البغية( ، القزويين، 176انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص ( 64)

.104نظرات يف علم املعاني، د.عبداملنعم األشقر، ص( 62)

.332/ 2املثل السائر، ابن األثري ، ( 66)

.1/127البالغة العربية يف ثوبها اجلديد ، د.بكر شيخ أمني، ( 67)

Page 46: علم املعاني

تيسري علم املعاني 31

وقد نص على هذا اإلمام ابن جين بقوله عن احلذا: )وليس شي من ذلك إال عن دليل

.(61)عليه، وإال كان فيه ضرب من تكليف علم الغيب يف معرفته(

واألمر اآلخر: أن هذا الشرط خينص الكنالم العناد التوصنيلي فقنط، وال يشنمل

النص اإلبداعي، ألن املبدع قد حيذا الفاعل لئال يتعين حمذوا ما، إلبقا املعننى منفتحنا

على احتماالت متعددة. وألجل هذا االنفتاح الداللي واستثمارا ذذه الطاقة اإلحيائية النيت

ن احملذوا صار احلذا أداة من أدوات التشكيل اللغو يف الشعر املعاصر، يفيدها عدم تعي

ووسيلة من الوسائل التعبريية املوحية، حيث يسهم احلذا يف تكثري املعاني وانفتاح الداللة،

وميكن استظهار ذلك يف قول الشاعر خماطبا وطنه )مصر(:

قبرا..))أفيقي .. فما زال يمكن أن ال تكوني وساما و

وما زال يمكن أن يتوقف هذا النزيف..

ويبقى جمالك عصرا وعصرا ..

وما زال يمكن.. وما زال يمكن.. ما زال ميكن.. ما ..

أفيقي أحبك..((.

إن الشاعر هنا يخاطب مصر اليت أحبها وعشقها، ومل يعد يرضى ذا استكانتها أمام

الطامعني، وال زال ينؤمن بقندرتها علنى اسنتعادة جالذنا ونصناعتها وألقهنا، وأن الطغاة و

بإمكانها إيقاا هذا النزيف. ))وحيس الشاعر أن األلفاظ قاصرة عن اإلحاطة مبا ميكن ملصر

أن تكونه، فيلجأ إىل أسلوب احلذا واإلضمار، حيث حيذا فاعل الفعل )ميكن( بعد أن

ا بال حمدودية اإلمكانات املتاحة أمام احملبوبة مصر، وأن ما ميكن صرح به مرتني من قبل، إحي

أن تكونه ال يستطيع أن حييط به حتديد، وال يكتفي باحلنذا يف عبنارة واحندة، وإمننا يكنرر

.360/ 2اخلصائص ، ابن جين ، ( 61)

Page 47: علم املعاني

33 تعريف اجلملة وأركانها

العبننارة )ومننا زال ميكننن( أكثننر مننن مننرة، ليضنناعف مننن اإلحيننا بكثننرة اإلمكانننات وعنندم

.(63)تناهيها((

فيأتي ألغراض كثرية، وفيما يلي أهم فعل املبين للمجهولحذا الفاعل مع الوأما

أغراض بنا الفعل للمجهول:

اخلوا على الفاعل، حنو قول النابغة الذبياني يعتذر إىل النعمان بن املنذر: -1

(70)نبئت أن أبا قابوس أوعدني *** وال قرار على زأر من األسد

النذ أنبنأه اخلنرب، خوفنا علينه منن أن ينالنه اللنوم والعتناب فلم يذكر اسنم الفاعنل

والعقاب.

[. فحذا الفاعل 4البقرة/ چٹ ٹ ٹ ٹ ڤ چ العلم به، كما قال تعاىل: -2

للعلم به، فالذ ينزل الكتب على األنبيا هو اهلل جل جالله وهو معروا معلوم ال حيتاج

إىل أن يذكر.

قول الشاعر:احتقاره ، كما يف -3

(71)لئن كنت قد بلغت عني وشاية *** لنمبلغك الواشي أغش وأكذب

فحذا اسم املبلغ الحتقار هذا الواشي، لذلك مل يعبأ بامسه، وكأنه ينزه لسانه عن

التلفظ باسم ذلك الواشي احلقري.

م إسناد األمنور السنلبية إىل اهلل التأدب ، وذلك يظهر يف القرآن الكريم يف عد -4

[. 10]اجلنن/ چڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ چ جل جالله، يقول تعاىل:

فقد قال )أريد( ببنائه للمجهول تأدبا مع اهلل تعناىل حتنى ال يسنند إرادة الشنر بالبشنر إىل اهلل

.64، 63عن بنا القصيدة العربية احلديثة، د.علي عشر زايد، ص ( 63)

.37ديوان النابغة الذبياني، دار املعرفة، ص (70)

.13ديوان النابغة الذبياني، ص (71)

Page 48: علم املعاني

تيسري علم املعاني 40

احلديث عن الرشد وإرادة اخلري بالعباد جا مبنيا فحذا الفاعل تأدبا مع اهلل. ولكن ملا جا

للمعلوم ألنه من أفعال اخلري والرمحة.

ی جئ حئ چ ربننط الفعننل بفاعلننه احلقيقنني، كمننا يف قولننه تعنناىل: -2

[. حيث حنذا فاعنل الغلبنة، ألننه جنا يف سنياق قصنة انتصنار 113]األعراا/ چمئ

مل تتحقق بفعل موسى وقوته، وإمنا كانت الغلبة موسى عليه السالم على السحرة، فالغلبة

مددا من اهلل وعونا منه، وليس لقوة ذاتية عند موسى. لذلك حذا الفاعل ومل يقل )فغلب

موسى( ألن الفاعل احلقيقي ذزمية السحرة هو اهلل حبوله وقوته.

بعضها يذكر البالغيون حلذا املسند أغراضا أخرى، يشرتك يف

مع املسند إليه، ومن أهم تلك األغراض:

داللة الكالم عليه ، فإذا دل الكالم على املسند احملذوا بلفظ من جنسه جاز -1

[، حيننث حننذا اخلننرب، 32]الرعنند/ چ ڀ ٺ ٺچ حذفننه، كمننا يف قولننه تعنناىل

والتقدير: وظلها دائم، ألن )دائم( األوىل دلت على اخلرب احملذوا.

وقد يدل الكالم على املسند احملذوا بكلمة قريبة منه يف املعنى، كما يف قوله تعاىل:

[. حيث حذا املسند، والتقدير: وادعوا شركا كم، 71]يونس/ چٿ ٹ ٹ چ

إذ ))املراد: أمجعوا أمركم، وادعوا شركا كم، ألن معنى )أمجعوا( من )أجمع األمر( إذا

، وهذا الفعل احملذوا )ادعوا( قد دل عليه لفظ ليس من جنسه، وهو (72)نواه وعزم عليه((

الفعل )أمجعوا(.

ومثله قول الشاعر:

(73)علفتها تبنا وما باردا *** حتى غدت همالة عيناها

.337/ 2املثل السائر ، ابن األثري ، ( 72)

البيت ورد غري منسوب لقائل. انظر: لسان العرب، ابن منظور، مادة ز ج ج. (73)

Page 49: علم املعاني

41 تعريف اجلملة وأركانها

فقد حذا املسند يف هذا املوضع لوجود لفظ قريب من معناه، إذ التقدير: )وسقيتها

على ذلك لفظ )علفتها( ألنه يوافقه يف معنى اإلطعام. ما (، ودل

ضيق املقام عن إطالة الكالم، ويظهر ذلك يف قول الشاعر: -2

(74)ومن يك أمسى باملدينة رحله *** فإني وقيار بها لغريب

لغريب وقيار فقد جلأ الشاعر بهذا األسلوب إىل حذا املسند اخلرب، والتقدير: )إني

غريب(، فحذا )غريب( األوىل لداللة الثانية عليها. وغرض احلذا ضيق املقام عن إطالة

الكالم بسبب وجود الشاعر يف حال من الكرب والشدة، فهو يقول هذه القصيدة وهو يعاني

الوحدة والضيق داخل السجن.

تصوير شعور تصوير الشعور، وميكن أن حيذا املسند ملا ميكن أن يوحي به من -3

املبدع إزا املوضوع الذ يتحدث عنه، وميكن أن يلحظ ذلك يف قول النابغة يرثي حصن بن

حذيفة:

يقولون: حصن...، ثم تأبى نفوسهم *** وكيف بحصن واجلبال جنوح

(72)صحيح ومل تنفض املوتى القبور ، ومل تزل نجوم السما ، واألديم

إذ األصل: "يقولون: حصن مات"، ولكن حذا اخلرب. وبهذا ))فقد استغل الشاعر

أسلوب احلذا استغالال بارعا يف البيت األول، حيث يثري هذا احلذا املشاعر واألحاسيس

العميقة ما مل يكن ذكر اخلرب احملذوا ليثري شيئا منه. فاحلذا يوحي باستفظاع النناعي ذنذا

رب الفاجع النذ حيملنه، ومنن ثنم فإننه يننكص عنن اإلفضنا بنه، بنل إن األمنر يتجناوز اخل

النكوص إىل التشكيك يف أن ما حدث قد حدث، كيف يكون حصن قد مات والوجود كما

.(76)هو مل تتغير معامله((

.202البيت لضاب بن احلارث. انظر: األصمعيات، ص ( 74)

.31ديوان النابغة الذبياني، دار املعرفة، ص (72)

.62عن بنا القصيدة العربية احلديثة، د.علي عشر زايد، ص ( 76)

Page 50: علم املعاني

تيسري علم املعاني 42

ه من أما حذا املفعول فإن عبد القاهر حيمل على عاتقه شأن توضيحه وبيانه، ويعطي

االهتمام أكثر من اهتمامه حبذا املسند أو املسند إليه، ويعلل ذلك بأن ))احلاجة إليه أمس،

وهو مبا حنن بصدده أخص، واللطائف كأنها فيه أكثر، ومما يظهر بسببه من احلسن والرونق

. (77)أعجب وأظهر((

، أوالهما: أن (71)ويرى البالغيون بأن املفعول به إذا حذا فإنه يكون على صورتني

ال يكون املفعول منويا، حيث يعامل الفعنل املتعند معاملنة الفعنل النالزم كنأن املفعنول ال

وجود له ألبتة، حيث ))يكون املتعد كغري املتعد مثال، يف أنك ال ترى له مفعوال ال لفظا

. (73)وال تقديرا((

ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ويظهر ذلك يف قول إبراهيم عليه السنالم ألبينه:

[، يقول الزخمشر عن هذه اآلية: ))واملفعول يف )ال يسمع( و)ال 42]مريم/ چ ڇ چ ڇ

. فقد حذا املفعول به (10)يبصر( منسي غري منو ، كقولك: ليس به استماع وال إبصار((

فكنأن النفني من الفعلني )يسمع، ويبصر( لنئال ينرتبط نفني السنمع والبصنر بشني معنني،

منصب على عدم وجود احلاسة أصال.

[،))املعنى: قل 3]الزمر/ چ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئچ ومثله قوله تعاىل:

. (11)هل يستو من له علم ومن ال علم له؟، من غري أن يقصد النص إىل معلوم((

.123اجلرجاني ، ص دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر (77)

.231انظر: نهاية اإلجياز ، الراز ، ص ( 71)

.124نهاية اإلجياز ، الراز ، ص (73)

.22/ 3الكشاا ، الزخمشر ( 10)

.231نهاية اإلجياز ، الراز ، ص ( 11)

Page 51: علم املعاني

43 تعريف اجلملة وأركانها

للفعنل ))مفعنول وأما الصورة الثانية فهي أن يكون املفعول منويا، وذلك بأن يكون

. وأبنرز هنذه األغنراض يف كنالم (12)معلوم، إال أنه يحذا منن اللفنظ وذلنك ألغنراض((

البالغيني ما يلي:

چحئ مئ ىئ يئ جب چ أن يكون احلذا إلفادة العموم، كما يف قوله تعاىل: -1

فعنول منن [، فإن املفعول منو فاهلل يدعو )عباده( إىل اجلنة، ولكنن حنذا امل 22]يونس/

.(13)اآلية لقصد التعميم فيه، والمتناع أن يقصره السامع على ما يذكر معه دون غريه

وهذا املعنى يظهنر يف عندد منن قصنائد الشنعر املعاصنر، فالشناعر املصنر املعاصنر

م بقوله:1326خياطب جنديا من جنود العدوان الثالثي على مصر عام

))وأنت مندس اخلطا..

بئس ما تريد ..تريد ..

لكنين سأقتلك ..

من قبل أن تقتلين أغوص في دمك ..((

))فالشاعر مل يذكر ما اجتهت إليه اإلرادة يف قوله: )تريد(، وآثر حذفه ليرتك للقار

أن يتخيله كما يشا ، وبالقطع لن يتخيل إال كل شني بشنع كرينه، وداللنة أخنرى هني أن

. فهذا احلذا يفيد (14)كأمنا هاله أن جير لسانه بهذا الذ أراده العدو فبتر الكالم((الشاعر

العموم، حيث يشمل كل ما خيطر على البال من األفعال الشنيعة البشعة، كما أنه يعبر عن

استفظاع الشاعر ملا يريده العدو، ولذلك مل يجر اللفظ على لسانه.

.233نهاية اإلجياز ، الراز ، ، ص ( 12)

.167انظر: أساليب بالغية ، د.أمحد مطلوب، ص (13)

.104وبنا األسلوب، د.شفيع السيد، ص النظم ( 14)

Page 52: علم املعاني

تيسري علم املعاني 44

كمنا يف قنول ،(12)التأدب واستهجان التصنريح بناملفعول أن يكون الغرض هو -2

عائشة رضي اهلل عنها: ))كنت أغتسل مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من إننا واحند

، فقد حذا مفعول )رأى( و)رأينت( تأدبنا يف احلنديث، (16)فما رأيت منه وال رأى مين((

واستهجانا للتصريح بذكر أعضا العورة.

ڄ ڄ ڄ چ ، كما يف قولنه تعناىل: (17)يحذا املفعول لرعاية الفاصلةأن -3

[، فاألصل: )ما قالك(، أ : أبغضك. وهذا احلذا 13]الضحى/ چڃ ڃ ڃ چ چ چ

لتتوافق احلروا األخرية من هذه اآلية مع اآليات اليت قبلها وبعدها.

البالغية، فإن للذكر هو اآلخر قيمته البالغية النيت إذا كان للحذا أسراره ودقائقه

جتعله أداة تعبريية مهمنة، إذ ميكنن أن يسنتخدمه املبندع ليضنفي علنى نصنه روعنة ومجناال.

وميكن التحقق من ذلك بالنظر إىل بعض القيم البالغية النيت ميكنن أن تسنتفاد منن أسنلوب

الذكر.

قاهر اجلرجناني مل يتنناول هنذا املبحنث، لكن قبل ذلك جتدر اإلشنارة إىل أن عبندال

)ولكن املتأخرين كالسكاكي وشيعته ذكروا فيه نكات ومزايا مل يستطيعوا أن يردفوها بآ من

. وقد أجاد وأفاد يف احلديث عن هذا (11)التنزيل أو بشواهد من كالم ذو اللسن والفصاحة(

. (13)املبحث بعض املعاصرين كالدكتور حممد أبو موسى

.1/223انظر: اإليضاح )مع البغية( ، القزويين، (12)

هكذا نقل احلديث يف كتب البالغة، وقد ورد برواية أخرى بإثبات الضمري "مارأيت منه وال رأى مين"، وبهذا يصبح من (16)

وضع الضمري موضع االسم الظاهر وسيأتي احلديث عنه.

.1/223اإليضاح )مع البغية( ، القزويين، انظر: (17)

.73علوم البالغة، املراغي، ص ( 11)

.132 - 110انظر: خصائص الرتاكيب، د.حممد أبو موسى، ( 13)

Page 53: علم املعاني

42 تعريف اجلملة وأركانها

عنن يأتي هذا الذكر كثريا يف الشعر، وخاصة يف تلنك املواضنع النيت تكشنف -1

، ذلك أن )كل شي له فضل تعلق بالقلب جتد له (30)التعلق القليب احلاد بذاك اللفظ املذكور

، ولذا تكثر شواهده يف وصف النديار والغنزل والرثنا . فقند يعمند (31)فضل تعلق باللسان(

الشاعر إىل إعادة ذكر اللفظ يف الغزل إلبراز تعلقه باحلبيب، حيث يعند تكنرار اللفنظ )منن

الوسائل اللغوية اليت ميكن أن تنؤد يف القصنيدة دورا تعبريينا واضنحا، فتكنرار لفظنة منا..

يوحي بشكل أولي بسيطرة هذا العنصر املكرر وإحلاحه علنى فكنر الشناعر أو شنعوره أو ال

، ومن ثم فهو ال يفتأ ينبثق يف أفق رؤياه من حلظة ألخرى .. فحني يقول الشاعر:شعوره

ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة *** إلي، فهال نفس ليلى شفيعها ؟

(32)به الجاه أم كنت امرأ ال أطيعها؟ ***أأكرم من ليلى علي فتبتغي

حنس مبدى سيطرة )ليلى( على وجدانه وفكره حتى ليكنرر امسهنا ثنالث منرات يف

. (33)البيتني، ألنه يشعر مبتعة خاصة يف ذكر هذا االسم وتكراره(

ويأتي كذلك يف احلننني إىل النديار، إذ يعمند الشناعر إىل ذكنر اللفنظ أكثنر منن منرة

ده قول الشاعر:ليكشف عن قيمته عنده وتعلقه الشديد به، ومن شواه

فليت الغضا مل يقطع الركب عرضه *** وليت الغضا ماشى الركاب لياليا

(34)لقد كان يف أهل الغضا، لو دنا الغضا *** مزار، ولكن الغضنا ليس دانيا

/ 1، واإليضاح )مع البغية(، القزويين، 177مساه بعض البالغيني: )التلذذ بذكره(. انظر: مفتاح العلوم، السكاكي ص ( 30)

73.

.114رتاكيب، د.حممد أبو موسى، ص خصائص ال( 31)

.1220ورد البيت يف شرح ديوان احلماسة، ألبي علي املرزوقي، ص ( 32)

.62عن بنا القصيدة العربية احلديثة. د. علي عشر زايد. ص ( 33)

.607( مجهرة أشعار العرب، ألبي زيد القرشي ص34)

Page 54: علم املعاني

تيسري علم املعاني 46

فقد ذكر الشاعر: ]الغضا[ يف هذين البيتني مخنس منرات، لكوننه يتلنذذ بنذكر هنذا

ملا حيمله من ذكريات مجيلة عاشها الشاعر فيه أيام الصبا والشباب، خاصة وأنه يقول اللفظ

هذه القصيدة وقد أدركته املنية بعيدا عن أهله ووطنه.

ومن الطبيعي أن يرد ذكر اللفظ إلبراز التعلق العاطفي يف سياق الرثا ، فمن شواهده

يف الرثا قول اخلنسا ترثي أخاها صخرا:

صخرا لكافينا وسيدنا *** وإن صخرا إذا نشتو لنحاروإن

(32)وإن صخرا لتأتم الهداة به *** كأنه علنم يف رأسه نننار

حيث إن الشاعرة تكرر اسم أخيها ]صخر[ أكثر من مرة، مع أنه ميكنها أن حتذفه يف

في بذكر الضنمري، ولكنهنا ذكرتنه منن بناب التلنذذ بنذكر اسنم املوضع الثاني والثالث وتكت

املرثي، كاشفة بذلك عن عميق فاجعتها وأساها إزا فقد أخيها احلبيب.

، وذلنك عنندما ينراد التأكيند (36)لزيادة التقرير والتوضنيح وقد يتم ذكر اللفظ -2

ليكنون النرابط على االرتباط بني اللفظ املذكور واألوصناا املصناحبة، فينتم إعنادة اللفنظ

صرحيا ال ضمنيا، وظاهرا ال مضمرا. ومنن هننا تتنأتي زينادة التقرينر والتوضنيح، إذ يكنون

ارتباط اللفظ بالوصف املصاحب مقررا بصورة واضحة فاضحة ال تقبل اللبس وال التأويل.

[. ففني 2]البقنرة / چڃ چ چ ڃ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃچ ويظهر مثل ذلك يف قولنه تعناىل:

)تكرير: "أولئك" تنبيه على أنهم كما تثبت ذم األثرة باذندى، فهني ثابتنة ذنم بنالفالح،

فجعلننت كننل واحنندة مننن األثننرتني يف متييننزهم باملثابننة الننيت لننو انفننردت كفننت مميننزة علننى

.46، ص 2004 - 1422، 2( ديوان اخلنسا ، دار املعرفة ، بريوت ، ط32)

، وخصائص الرتاكيب، د.حممد أبو 73/ 1، واإليضاح )مع البغية(، القزويين 177انظر: مفتاح العلوم، السكاكي ص ( 36)

.114موسى، ص

Page 55: علم املعاني

47 تعريف اجلملة وأركانها

تقرينر ، أ أن تكرار "أولئك" مع اذدى مرة، ومع الفالح أخرى، جا لزيادة (37)حياذا(

ارتباطهم واتصافهم بهذه الصفات.

وألنه يفيد التقرير والتوضيح فإنه يأتي يف تلك السياقات اليت تتطلب ذلك،كسياقات

الغزل واذجا والفخر.

فمن شواهده يف الغزل قول الشاعر:

(31)أيا حسن العينني أنت قتلتين *** ويا فارس اخليلني أنت شفائيا

املسند إليه يف قوله ]أنت قتلتين[ ثم ذكره ثانية يف قولنه ]أننت شنفائي[ لزينادة فقد ذكر

التقرير والتوضيح فالشاعر أراد أن يظهر ارتباط قتله وشفائه باحملبوب، لذلك جلأ إىل إسناده

إىل ضمري احملبوب )أنت( وهو املسند إليه بصورة ظاهرة جلية ال لبس فيها.

ى چ اىل يف ذم الكفنار وبينان مصنريهم ومنآذم: ومن شواهده يف الذم قولنه تعن

[ 2]الرعد: چېئ ېئ ىئ ېئ ۆئ ۈئ ۈئ ۆئ وئ وئ ۇئ ۇئ ەئ ائ ائ ەئ

فقد ذكر املسند إليه ]أولئك[ يف هذه اآلية ثالث مرات مع أنه ميكن االستغنا عنه يف املوضعني

هؤال الكافرون.التاليني، وذلك زيادة يف تقرير وتوضيح املصري الذ يؤول إليه

ومن شواهده يف اذجا قول الشاعر:

(33)فما أعطت سدوس من كثري *** وال حامت سدوس عن قليل

حيث ذكر الشاعر املسند إليه ]سدوس[ يف هذا البيت، وأعاده يف املوضع الثاني مع أنه

باطها البين بصفيت اجلنب والبخل.ميكن أن يستغين عنه، وذلك ليؤكد ذم هذه القبيلة وارت

ومن شواهده يف الفخر قول عمرو بن كلثوم:

بأنا العاصمون، إذا أطعنا، *** وأنا الغارمون، إذا عصينا

.42/ 1الكشاا، الزخمشر ، ( 37)

مل أعثر على قائل هذا البيت.( 31)

.331ديوان جرير ، ص ( 33)

Page 56: علم املعاني

تيسري علم املعاني 41

(100)وأنا املنعمون، إذا قدرنا، *** وأنا املهلكنون، إذا أتينا

من هنذه القصنيدة الضنمري )املسنند إلينه( ]ننا[ ليؤكند هنذه فذكر الشاعر يف كل شطر

املعاني ويقرر ارتباطها البين بقبيلته.

، أ : لتأخذ اجلملة (101)لكي جتر اجلملة جمرى املثلوقد يعاد ذكر املسند إليه -3

استقاللية خاصة وتكون ذات بنية خاصة صاحلة ألن تنتزع من السنياق النذ جنا ت فينه،

ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں چ اقات مشابهة. كما يف قولنه تعناىل: فتستعمل يف سي

[، وذلك لتصبح مجلة: ]إن اهلل مسيع 61]احلج: چں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ

بصري[ صاحلة ألن تؤخذ وحدها وتنزع من السياق الذ جا ت فيه فيتمثل بها منفردة.

ومنن شنواهده قولنه تطوينل الكنالم، الرغبنة يف وقد يذكر املسند إليه إلظهار -4

ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ چ تعاىل:

[. حيث )كان يتم اجلواب مبجرد أن يقول: "عصا"، ثنم 11-17]طه: چڈ ژ ژ

ذكر املسند إليه، وزاد فقال: هي عصا ، أتوكأ عليها، وأهش بها على غنمي، ولي فيهنا

.(102)مآرب أخرى(

إن السائل يف هذه اآليات هو اهلل سبحانه وتعاىل لنبيه موسى عليه السالم، واهلل تعاىل

يعلم السر وأخفى، فهو ال يسأل عن شي جيهله، وموسى يعلم ذلك جيدا. ولكن ملا كنان

موسى يف مكان موحش وقد أنس حبديثه مع ربه، فقد رغب يف إطالة الكالم، ولذلك قال:

يقل: ]عصا [ مع أنها تكفى يف إجابة السؤال، لكنن موسنى رغنب يف ]هي عصا [، فلم

إطالة احلديث مع ربه فقام بذكر املسند إلينه منع إمكانينة حذفنه، وبسنبب الرغبنة يف تطوينل

.232، 234ص مجهرة أشعار العرب، ألبي زيد القرشي، ( 100)

.130( انظر: خصائص الرتاكيب، د.حممد أبو موسى، ص 101)

.73/ 1، وانظر: اإليضاح )مع البغية(، القزويين، 171( مفتاح العلوم، السكاكي، ص 102)

Page 57: علم املعاني

43 تعريف اجلملة وأركانها

احلديث مع ربه أطنب موسى يف احلديث عن العصا، فقال عنها: )أتوكأ عليها وأهش بهنا

سأل عن هذه األمور.على غنمي ولي فيها مآرب أخرى( مع أنه مل ي

وإظهار أن ما لتأكيد حصول األمر والرد على من يشكك فيه،قد يذكر املسند -1

ڱ ڱ ڱ چ ينكره أمر ثابت ال يقبل اجلدل وال النقاش. ويظهر هذا الغرض يف قوله تعاىل:

[. فقننند ذكنننر الفعنننل 73-71: ]يننس چ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ

]حيييها[ مع إمكانية حذفه، وذلك لريد على املخاطب )وهو الوليد بن املغرية( الذ جا منكرا

البعث والنشور، فأعيد اللفظ الدال على هذا املعنى تأكيدا لثبوته وحصوله، وردا على هذا

اإلنكار الذ أظهره الوليد.

، وذلك عن طريق لفت اطب على خطأ يظنه صوابالتنبيه املخوقد يذكر املسند -2

ڄ ڄ ڃ ڃ چ الذهن إىل عندم التناسنب بنني الفعنل والفاعنل، كمنا يف قولنه تعناىل:

]األنبيننا : چڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ

[. فقد ذكر املسند ]فعله[ مع إمكان حذفه واالستغنا عننه، حينث كنان ميكننه أن يقنول: 63

هذا[ ويستقيم الكالم، ولكنه ذكر املسند ليذكر عقنوذم ويلفنت أذهنانهم، إىل أن ]كبريهم

هذه األصنام غري قادرة على فعل شي ، فهي ال تنفع وال تضر فكيف يعبدونها إذن؟. وهو

يشري بهذا إىل أن اجلدير بالعبادة املستحق ذا هو اهلل جل وعال، فهو الذ ميلك النفع والضر.

كمنا يف قولنه تعناىل: لزينادة التقرينر والتوضنيح، ينذكر املسنند كمنا ميكنن أن -3

[. فقد ذكر 3]الزخرا: چڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ چ

املسنند ]خلقهننن[ مننع إمكننان متننام أصننل املعننى بنندون ذكننره، ولكنننه ذكننره زيننادة يف التقريننر

، وعلوم البالغة، املراغي، 173/ 1، واإليضاح )مع البغية(، القزويين، 207انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص (103)

.74ص

Page 58: علم املعاني

تيسري علم املعاني 20

إسناد اخللق إىل اهلل والتوضيح بأن اهلل هو الذ خلق السماوات واألرض، ذذا جا إبراز

سبحانه وتعاىل بصورة مباشرة وصرحية.

حبث البالغيون العرب بعض الدواعي اليت تدعو املتكلم البليغ إىل اختيار التعريف

أو التنكري يف كالمه، فاللجو إىل التعريف أو التننكري يف رأ البالغنيني ال ينفنك عنن دواع

دفعت إىل هذا االختيار. وهذا املبحنث يسنعى إىل الوقنوا منع التعرينف، للنظنر يف املعناني

البالغية اليت يتضمنها أو خيرج إليها الكالم عند استعماله. واالستعماالت

)التعريف( عند أهل اللغة يقابله )التنكري(، و)املعرفة( عند النحاة هي: )اسنم يندل

. (102)، يف حني أن )النكرة( هو )اسم يدل على شي واحد غري معني((104) على واحد معني(

ال تتعني يف الداللة على فرد بعينه، بل هي صاحلة ألن –على سبيل املثال–)رجل( فكلمة

تدل على أ رجل كان، فلذلك هي نكرة. أما كلمة )زيد( فهي تندل علنى شنخص معنين

.(106)يطلق عليه هذا االسم، ولذلك فهي معرفة

سنتة، هني: الضنمائر، وأمسنا اإلشنارة، كمنا ينرى بعنض النحناة واملعارا

. هذه املعارا (107)واألمسا املوصولة، واملعرا بأل، والعلم، واملضاا إىل واحد مما سبق

الستة ميكن أن تصنف إىل جمموعتني منفصلتني، إما بالنظر إليها من حيث الرتكيب، أو من

حيث الداللة.

.1/32، و انظر: ضيا السالك على أوضح املسالك، النجار، 201/ 1النحو الوايف ، عباس حسن، ( 104)

.1/36، وانظر: ضيا السالك على أوضح املسالك، النجار، 203/ 1النحو الوايف ، عباس حسن (102)

.201/ 1والنحو الوايف ، عباس حسن 1/32انظر: ضيا السالك على أوضح املسالك، النجار، ( 106)

هذا هو ما ذهب إليه بعض النحويني كابن مالك يف منظومته، يف حني رأى آخرون أن املعارا سبعة، بإضافة النكرة ( 107)

.37، 1/36املقصودة إىل األقسام املذكورة، وهو اختيار ابن هشام. انظر: أوضح املسالك إىل ألفية ابن مالك )مع ضيا السالك(

Page 59: علم املعاني

21 تعريف اجلملة وأركانها

: (101)القسمني التالينيفمن حيث الرتكيب ميكن أن تنشطر املعارا إىل

ما يتعرا بنفسه: وهو ما ميكن أن يتعرا بالنظر إىل مسماه وهو العلم، أو ما - 1

هو متعرا بالوضع كالضنمري واسنم اإلشنارة واالسنم املوصنول، فاملعرفنة هننا منن حينث

الرتكيب متثل لفظا واحدا يدل على التعريف.

ما يتعرا بقرينة زائدة عليه: سوا أكانت هذه القرينة متقدمة كاملعرا بأل، - 2

أو كانت متأخرة عنه كما يف املضاا، واملعرفة هنا تكتسب التعريف من خالل تركيب اللفظ

مع غريه لتتكون املعرفة.

:(103) ومن حيث الداللة على التعريف فإن املعارا ميكن أن تقسم قسمني

عريف الدائم األول: ذات الت

وهي املعارا اليت تتميز عن غريها بأنها حتمل معنى التعريف دائمنا. وهني: أمسنا

اإلشارة، واألمسا املوصولة، والضمائر. وهذا النمط من الكلمات ال ميكن أن يتحول من

التنكري إىل التعريف أو العكس، بل هو معرفة بشكل أساسي منذ وضعه يف اللغة.

ريف العارضالثاني: ذات التع

وهي املعارا اليت ال حتمل املعنى األصلي للتعريف، ولكنها تتعرا بفعنل عوامنل

معينة تسهم يف تغيري داللتها من التنكري إىل التعريف، مثل األعالم املنقولة، واملعرا بالالم،

واملضاا إىل معرفة.

دوات التعرينف وقد أشار إىل شي من هذا املستشرق غراتشيا غوباتشان يف حديثه عنن أ

. من هنا ميكن القول بأن املعارا ذات التعرينف العنارض تندل الكلمنة علنى املعننى (110) والتنكري

. 26، 22النحو العربي، د.أمحد عفيفي ، ص ينظر: التعريف والتنكري يف ( 101)

وما بعدها. 41انظر: التعريف والتنكري يف النحو العربي ، د.أمحد عفيفي ، ص ( 103)

20انظر: نظرية أدوات التعريف والتنكري وقضايا النحو العربي ، غراتشيا غابوتشان ، ترمجة: د.جعفر دك الباب ، ص ( 110)

،21 .

Page 60: علم املعاني

تيسري علم املعاني 22

املراد بها بذاتها، وحتمل املعرفة فيه معنى خارجينا يتضنح يف الغالنب بغنض النظنر عنن الظنروا

وباإلضافة. والقرائن اخلارجية اليت قيل فيها الكالم، وهو ما يظهر يف العلم واملعرا بأل

يف حنني أن املعننارا دائمنة التعريننف ال تنندل علنى معناهننا إال مبعوننة القننرائن والظننروا

. ذلنك أن (111)اخلارجية، فال بد من األخذ بعني االعتبار الظروا اليت يرو فيهنا املنتكلم اخلنرب

ن هنذه املعننارا )الضنمائر، واألمسننا املوصننولة، وأمسنا اإلشننارة( حتمننل يف داللتهنا شننيئا منن

اإلبهننام واإلطننالق، إذ ال حتيننل فيهننا الكلمننة إىل املننراد بننذاتها، وإمنننا مبعونننة القننرائن السننياقية،

فالضمري واسم اإلشارة واالسم املوصول ال ميكن أن يتحدد املراد بها إال مبعونة سنياق احلنال أو

السياق اللغو .

)اذنا ( عائندا علنى [، يأتي الضمري 121]طه/ چۓ ڭ ڭ ڭ چ ففي قوله تعاىل:

آدم عليننه السننالم، وقنند دل علننى ذلننك السننياق اللغننو ، فتقنندم اسننم آدم قبننل الضننمري جعننل

الضنمري يعنود إليننه، وإال فالضنمري بذاتننه ال ميكننه أن ينتعني للداللننة علنى هننذا املعننى. ويف قننول

الشاعر:

(112)هذا الذ تعرا البطحا وطأته والبيت يعرفه واحلل واحلرم

يتحدد املراد باسم اإلشارة )هنذا( عنرب سنياق احلنال، فإشنارة الشناعر إىل املمندوح هني

اليت جعلت اسم اإلشارة يدل على ذلك الشخص املعني.

حتدث اإلمام عبدالقاهر عن بالغة أسلوب التعريف يف أثنا شنرحه لفكنرة الننظم،

إمنا ذكر بعضها ليدعم بها فكرته، حيث تكلم صنراحة ولكنه مل يعرض جلميع املعارا، و

عن التعريف بالالم، والتعريف باالسم املوصول، وعرج عرضا على التعريف بضمري الشأن

عند حديثه عن بالغة التقديم، ويف حديثه عن مواضع استعمال )إن( ولطائفها، واستحسن

. 14، 13وليدية والتحويلية، د.عادل فاخور ، ص انظر: اللسانية الت( 111)

. 2/231ديوان الفرزدق ، ( 112)

Page 61: علم املعاني

23 تعريف اجلملة وأركانها

احلننديث عننن ذلننك مفصننال يف التعريننف باإلضننافة واإلشننارة يف بعننض املواضننع، وسننيأتي

مواضعه.

فقد جا حديثهما عن بالغة أسلوب التعريف يف وتبعه القزويين وأما السكاكي

ثنايا حديثهما عن أحوال املسند إليه، وأحوال املسند. حيث تناوال بالغة التعريف واقفني عند

خمتصر يف مبحث كل معرفة بقليل من التفصيل يف مبحث أحوال املسند إليه، وقدماه بشكل

أحوال املسند لئال يقعا يف التكرار.

هذه الرؤى اليت أشار فيها البالغيون السابقون إىل بالغة أسلوب التعريف، مضافا

:إليها بعض رؤى الدراسات املعاصرة ستكون حديث السطور التالية

الضمائر : - 1

اللسانية إىل الضمائر يرتكز يف ما إن أبرز اختالا بني النظرة النحوية الشائعة والنظرة

يتناوله مصطلح )الضمري(. فالبالغيون املتأخرون يعتمندون يف حتديند الضنمري علنى الرؤينة

النحوية اليت تقسم الضمائر إىل ثالثنة أقسنام، هني: ضنمائر النتكلم، وضنمائر اخلطناب،

وضمائر الغيبة.

ثننة، وهنني: ضننمائر يف حننني تننرى الدراسننات اللسننانية املعاصننرة أن الضننمائر ثال

األشخاص، وضمائر اإلشارة، والضمائر املوصولة. فهنا يضيف اللسانيون أمسا اإلشارة

واألمسا املوصولة لتكون داخلة حتت الضنمائر، باإلضنافة إىل ضنمائر األشنخاص وهني

الضمائر املعروفة عند النحاة القدامى )ضمائر التكلم واخلطاب والغيبة(.

ها مجيعا حتت مسمى الضمائر نظرا لإلبهام واإلطالق الذ ويرجع السبب يف إدراج

تتفق فيه هذه املعارا الثالث، ذذا كانت دعوة بعض علما اللغة املعاصنرين إىل تسنميتها

Page 62: علم املعاني

تيسري علم املعاني 24

.ويذهبون إىل أن أحد أهم الوظائف اللسانية النيت تؤديهنا هنذه (113) مجيعا باسم )الضمائر(

.(114)ا الظاهرة الصيغ هي االستعاضة بها عن تكرار األمس

ونظرا ألن اخلالا بني الرأيني يبدو لفظيا إذ يقتصر على التسمية فقط، دون أن تكون

هناك فروق جوهرية، فسيتم هنا اتباع الرأ النحنو الشنائع منن إطنالق )الضنمائر( علنى

ضمائر التكلم والغيبة واخلطاب، وسيتم إفراد )اسم اإلشارة( و)التعريف باملوصول( بكالم

. مستقل يأتي الحقا

ويف دراسة البالغنيني املتنأخرين ذنذه الضنمائر ينربز يف البداينة حنديثهم عنن مواقنع

استعمال هذه الضمائر، متى تأتي للمتكلم؟ ومتى تأتي للخطاب؟ ومتى تأتي للغيبة؟. ويف

هذا يقول القزويين بأن التعريف إذا )كان باإلضمار، فإما ألن املقام مقام التكلم...، وإما ألن

.(112) مقام اخلطاب...، وإما ألن املقام مقام الغيبة(املقام

هذا احلديث قد أثار حفيظة أحد األسلوبيني املعاصرين، حيث يذهب إىل أن حديث

البالغيني هذا ال يعدو كونه وصفا ملواقع االستعمال احلقيقية لتلك الضمائر، ويف هذا يشري

قد اقتصرت على ما حتمته املواضعة من إىل أن )متابعة البالغيني لسياق التعريف باإلضمار

الداللة على التكلم أو اخلطاب أو الغيبة، حيث أفادوا منها ربط السياق بها دون أن يوجهوا

نظرهم إىل التعامل مع الضنمري مطلقنا، إذ هنو جباننب منا يقدمنه منن دالالت وضنعية، لنه

.(116) إضافات سطحية ذا أهميتها البالغة(

يني املتأخرين عن أسلوب التعريف بالضمري مل يكن ينظر إىل واحلق أن حديث البالغ

، بنل هنو ينظنر يف كما وهم ذلنك الباحنث مواقع االستعمال األصلية للضمري فحسب

.230. ومن أسرار اللغة، د. إبراهيم أنيس، ص1/137انظر: البيان يف روائع القرآن، د.متام حسان، ( 113)

. 230أنيس، ص . ومن أسرار اللغة، د.إبراهيم137/ 1انظر: البيان يف روائع القرآن، د.متام حسان، ( 114)

.110، 173. وانظر: مفتاح العلوم، السكاكي ، ص 13، 12/ 1اإليضاح )مع البغية(، القزويين ( 112)

.223البالغة العربية قرا ة أخرى، د.حممد عبداملطلب، ص ( 116)

Page 63: علم املعاني

22 تعريف اجلملة وأركانها

بعض األحيان إىل أن خمالفة ذلك األصل هي سبب مهم حلدوث اجلمال البالغي، وهذا هو

الغيني املتأخرين أنفسهم. ما ستوضحه السطور القادمة من خالل نقل أقوال بعض الب

إن يف حديث البالغنيني املتنأخرين إشنارة واضنحة إىل أن للضنمري أصنوال يفنرتض

مراعاتها عند استخدامه، وأن خمالفة أ من هذه األصول ال ينفك عنن قيمنة بالغينة. هنذا

األمر تكشف عنه االستعماالت البالغية التالية :

يظهنر يف حنديث البالغنيني العنرب عنن وضع املضمر موضع املظهر، حينث -1

ضمائر الغيبة، إدراك بأن مرجنع تلنك الضنمائر جينب أن يكنون قند تقندم ذكنره علنى ذكنر

كون مثة عائد يرجع الضمري، وذلك عند إشارتهم إىل أن الضمري قد يرد يف الكالم دون أن ي

چۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ چ كمننا يف قولننه تعنناىل: إليننه الضننمري،

[، ويرون بأن الضمري هنا يسهم 30]يوسف/ چڳ ڱ ڱ ڱ چ [، وقوله: 46]احلج/

يف متكني املعنى، وسيأتي احلديث عن ذلك مفصال يف وضع الضمري موضع الظاهر ضنمن

صور ختريج الكالم على خالا مقتضى الظاهر.

خماطبة غري املعني ، فإن األصل يف ضمائر اخلطاب أن يقصد بها املعين، ولكنها -2

قد ختالف هذا األصل عندما يخاطب بها غري املعني، وذلك عنندما تنرد يف الكنالم دون أن

يكون مثة معني يرجع إليه الضمري.

ٱ ٻ ٻ چ إن خماطبة غري املعني كثري جدا يف الكنالم البلينغ، كمنا يف قولنه تعناىل:

[. ويرى القزويين أن هنذا األسنلوب 12السجدة/ ] چٻ ٻ پ پ پ

)أخرج يف صنورة اخلطناب ملنا أريند العمنوم، للقصند إىل تفظينع حناذم، وأنهنا تناهنت يف

الظهور حتى امتنع خفاؤها، فال ختتص بها رؤية را ، بل كل من يتأتى منه الرؤية داخل يف

.(117)هذا اخلطاب(

.110، وينظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص 14/ 1اإليضاح )مع البغية(، القزويين، ( 117)

Page 64: علم املعاني

تيسري علم املعاني 26

هذا يعين أن غرض خطاب غري املعني هنا هو إشهار أمر تلك الفئة، وإشاعة خربها و

على اجلميع، فهي تتحدث عن اجملرمني يوم القيامة، وما يعلو رؤوسهم من الذلة واذوان،

فجا ت صيغة اخلطاب )ترى( ال ختص أحدا بعينه، وإمنا تعم مجيع العقال إلشهار أمر تلك

ل خماطب عاقل، ليتعظ بهم فال يكون مصريه مصريهم.الفئة، وإبالغه إىل ك

ومثل هذا االستعمال يأتي كذلك فيما ميثل حكمة عامة صاحلة ألن تقال لكل أحد،

فيأتي ضمري اخلطاب ليبث هنذه احلكمنة إىل كنل العقنال النذين يسنتمعون القنول فيعوننه،

ويدركون فيفهمونه. كما يف قول الشاعر:

(111)م فال تقنع مبا دون النجومإذا غامرت يف شرا مرو

خطنناب الننذات، فواضننح إدراك البالغننيني املتننأخرين بننأن األصننل يف ضننمائر -3

اخلطاب أن يقصد بها الغري وليس الذات، ولكن قد تأتي هذه الضمائر يف خطاب النذات،

إليهنا كما هو احلال يف أسنلوب التجريند، حينث جينرد الشناعر منن نفسنه ذاتنا أخنرى يتجنه

، كما يف قول امر القيس:(113)باخلطاب واحلديث

(120)تطاول ليلك باإلمثد ونام اخللي ومل ترقد

فقد حتدث السكاكي عن بالغة استعمال ضمري اخلطاب يف هذا البيت وسنر خماطبنة

ركانه الشاعر نفسه، إن الشاعر هنا خياطب نفسه عندما فجعه نبأ وفاة ابن عمه، فزلزل النبأ أ

وهز كيانه، وهو ما جعله حيس تصدعا حادا، وانشطارا عميقا داخل نفسه، فمضنى جينرد

(.121)من ذاته ذاتا أخرى يبثها األحزان، ويشكوها املكروب، ويشاطرها اذموم

.113/ 4 بشرح العكرب ، ديوان املتنيب( 111)

.332، وعلوم البالغة، أمحد مصطفى املراغي، ص 33/ 1انظر: اإليضاح )مع البغية(، القزويين، ( 113)

. 41ديوان امر القيس ، ص (120)

. 203لتحليل أطول، انظر: مفتاح العلوم ، السكاكي، ص ( 121)

Page 65: علم املعاني

27 تعريف اجلملة وأركانها

تلك هي أبرز الصور اليت تكلم عنها البالغيون األوائل يف بالغة استعمال الضمري،

م بعنض صنور االسنتعمال البالغني للضنمائر عنند خمالفتهنا وهي تكشف جبال عن إدراكه

األصل خالفا ملا طرحه ذلك الباحث.

خماطبة غري احلاضر وغري العاقل، وميكن أن تضاا هذه الصورة إىل منا ذكنره -4

البالغيون األوائل ، فإن األصل أن يكون املخاطب حاضرا مشاهدا، ولكن قد خياطب غري

، كما يف قول الشاعر:(122)حضوره يف قلب املتكلماملشاهد للداللة على

(123) وأنت فلسطني روض الندى وأنت احلياة، وأنت اذدى

ففي هذا البيت خمالفة ألصل من أصول استعمال ضمائر اخلطاب، فإن األصنل أن

يقصد باخلطاب العقال ، ألن الذ يسمع اخلطاب ويعينه ويدركنه هنم العقنال ، ولكنن يف

بيت يخاطب الشاعر غري العاقل، فالشاعر خياطب فلسطني وهي ليست عناقال يعتناد مننه ال

مساع اخلطاب، ألجل تشخيص فلسطني يف صورة احلي الذ يسمع ويعي، وهي تعكس

حماوالت الشاعر املخلصة يف بعث احلياة فوق هذه األرض املفجوعة، ولذلك خلنع عليهنا

والندى، وهي احلياة واذدى. صفات اخلصوبة واحلياة، فهي الروض

خمالفة العدد ، إذ ختتلف الضمائر يف داللتها على العدد، فبعضها يستخدم مع - 2

الواحد املفرد، وبعضها مع االثنني، وبعضها مع اجلمنع. واألصنل اللغنو يقتضني تطنابق

الضمري مع ما يعود عليه، فيعود ضمري املفرد إىل الواحد، وضنمائر االثننني منع االثننني أو

اجلماعة. ومن صور عدم مطابقة الضمري ملرجعه يف العندد قولنه املثنى، وضمائر اجلمع مع

[، فإن األصل أن يطابق الضمري مرجعه 62]التوبة/ چٻ پ پ پ پ چ تعاىل:

فيقال: )يرضوهما(، ولكن اآلية جا ت بضمري املفرد لتشري إىل معنى بديع، هو اإلشارة إىل

برضا اهلل جل وعال، ورضنا اهلل ال ينتم أن رضا الرسول صلى اهلل عليه وسلم ال يكون إال

.233حسن عباس، ص انظر: البالغة فنونها وأفنانها، د.فضل( 122)

مل أعثر له على قائل، وقد ذكره يف )البالغة فنونها وأفنانها( غري منسوب إىل أحد.( 123)

Page 66: علم املعاني

تيسري علم املعاني 21

إال برضا الرسول، فكأنهما رضا واحد وليس اثنني، ولذلك أفرد الضمري ووحده، )فلمنا

كان إرضاؤهما ال حيصل أحدهما إال مع اآلخر... لنذلك وحند الضنمري يف قولنه: أحنق أن

.(124) يرضوه(

ند جمي ضمري اجلمع على كما تظهر خمالفة العدد يف ضمائر التكلم أيضا، وذلك ع

لسان املتكلم املفرد، ويرى البالغيون أن غرض ذلك هنو إفنادة التعظنيم، فناملتكلم املعظنم

نفسه يلجأ إىل ذلك مثلما يقول األمري أو الوزير: )حنن فالن بن فالن أمرنا بكذا وكذا(. وقد

ٱ ٻ چ : جا ت ضمائر اجلمع على لسان احلق جل وعال يف مواضع كثرية، كقوله تعاىل

چۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ چ و[، 1]القنننننننننننننندر/ چٻ ٻ ٻ

[.1]الفتح/ چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ چ [، و3القصص/

ويرى بعض العلما كابن تيمية أن ضمائر التكلم على كالم اهلل جل وعال ال تأتي يف

كل موضع، بل مثة مواضع تستعمل فيها ضمائر التكلم، ومواضع أخرى يتعني فيها ضمائر

اإلفراد. فاألفعال اليت يأمر بها اهلل جل وعال وتباشرها املالئكة تأتي بضمائر التكلم كمنا يف

ة، واألفعال اليت ال تصرا إال هلل جل وعال ال تأتي إال بضمائر اإلفراد، كما اآليات السابق

[، و26]العنكبننوت/ چچ چ چ [، و21/نحننل]ال چائ ائ چ يف قولننه تعنناىل: [، فالعبادة والرهبة والتوكل وحنوها ال جيب أن تصرا 123]هود/ چ ڳ ڳ ڱچ

إال هلل، ولذلك فهي تأتي مع ضمائر اإلفراد.

ويؤكد هذا العالم رأيه بأن املعنى الواحد قد يعبر عنه بضمائر اجلمع مرة، وبضمائر

اإلفراد أخرى، الختالا نوع الفعل الذ يصاحبه يف كل مرة. فالتعبري عن )قرب اهلل( جا

يف القرآن مع ضمائر اإلفراد مرة ومع ضمائر اجلمع أخرى. فقد جا ت ضمائر اإلفراد يف قوله

[، 116]البقننننرة/ چ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ وئى ائ ائ ەئ ەئ وئچ تعنننناىل:

.1/431منهاج السنة، حتقيق: حممد رشاد سامل، ابن تيمية ، ( 124)

Page 67: علم املعاني

23 تعريف اجلملة وأركانها

[، )فلما كانت اآلية 16]ق/ چڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ چ وجا بصيغة اجلمع يف قوله تعاىل:

األوىل تتحدث عن إجابة الداعي، وهي من األعمال اليت خيتص بهنا اهلل سنبحانه، اقنرتن

تدل على اختصاصه بذلك. أما عند احلديث عن التعبري عن معنى القرب بصيغ اإلفراد اليت

قبض الروح والقرب من العبد حال املوت فقد جا بصيغ اجلمع، ألن ذلنك عمنل تباشنره

.(122) املالئكة املكلفة بذلك(

خمالفة اجلنس ، ذلك أن األصل يف الضمائر أن تدل على تنذكري أو تأنينث، - 6

وقد يعمد الشاعر إىل عدم مطابقة الضمري ملرجعه يف التذكري والتأنيث، وهو أسنلوب يكثنر

وروده يف الغزل، كما يف قول الشاعر خياطب حبيبته:

(126)دا لك روحي فاصنع بها ما تشا فهي مني لناظريك ف

حيث إن الشناعر الرجنل يتغنزل حبيبتنه املنرأة، لكننه يسنتعمل ضنمائر تنذكري ولنيس

ضمائر تأنيث. وتشري إحدى الدراسات األسلوبية املعاصرة إىل احتمال أن الشاعر هنا متأثر

بنهج الشعرا العباسيني، ذلك أن )مرجع هنذه الظناهرة إىل اجملنون واللنهو واخلالعنة النيت

ر العباسي، وإىل امتناع احلبيب عن التصريح بهواه صراحة خمافة أن يفتضح شاعت يف العص

. تلك أبرز املظاهر اليت أمكنين رصدها لالستعماالت البالغية للضمائر.(127) أمره(

األعالم : -2

تناول البالغيون املتأخرون أسلوب التعريف بالعلم بصورة موجزة، كان فيها الرتكيز

باشر الذ حيمله العلم، ومدى تناسبه مع سياقه النصي. ويف هذا املعنى واضحا على املعنى امل

يتحدث السكاكي فيقول:

.37البحث البالغي عند ابن تيمية، إبراهيم الرتكي، ص( 122)

.47ديوان البارود ، ص (126)

. 237األسلوبية ، مدخل نظر ودراسة تطبيقية، د.فتح اهلل سليمان، ص ( 127)

Page 68: علم املعاني

تيسري علم املعاني 60

)وأما احلالة اليت تقتضي كونه علما فهي: إذا كان املقام مقام إحضار له بعينه يف ذهن

السامع ابتدا بطريق خيصه، كنحو: زيد صديق لك، وعمرو عدو لنك... أو مقنام تعظنيم

واالسنم صناحل لننذلك كمنا يف الكننى واأللقنناب احملمنودة، أو إهاننة واالسننم صناحل لننذلك

[، أ : يدا جهنمي. 1]املسد/ چڈ ڈ ژ ژ چ أو كناية مثل قوله:كاألسامي املذمومة،

. ويرد احلديث عن العلم (121)أو مقام إيهام أنك تستلذ امسه العلم، أو تتربك به أو ما شاكل(

.(123)عند القزويين بصورة مشابهة ملا ذكره السكاكي

ويلحظ فيما سبق أن البالغيني العرب قد أدركوا أن استعمال العلم قد ينذكر ألحند

غرضني:

لغرض توصيلي ، حيث يذكر العلم ألن الكالم متعلق به، فيتم إحضاره عرب - 1

اسم العلم إىل ذهن السامع.

لغرض فين، وذلك عندما يتم إيثار صورة منن صنور العلمينة دون سنواها، - 2

ري بني االسم الصريح أو الكنية أو اللقب، فيختار من بينها ما يراه أنسب يف التعبري فاملتكلم خم

عن غرضه مدحا أو ذما أو تلذذا أو تربكا...إخل.

**** **** ****

قنند ركننز علننى احتفنناظ العلننم بداللتننه رغننم أهميتننهإن كننالم البالغننيني السننابق

دون افنرتاض خنروج العلنم أحياننا عنن هنذه الداللنة املباشنر، األصلية، وارتباطه مبدلولنه

األصلية ليكون رمزا لفكرة أعم وأمشل.

هذا األمر )أعين داللة العلم على فكرة ومعنى ال ذات( قد استوقف بعض اللغويني

القدامى واملعاصرين، فمن القدامى يتحدث اإلمام ابن جين عما يسميه: "تعلينق األعنالم

عيان"، ويضرب لذلك مثال قول الشاعر:على املعاني دون األ

.111، 110مفتاح العلوم ، السكاكي، ص ( 121)

. 12، 14/ 1انظر: اإليضاح )مع البغية( ، القزويين، ( 123)

Page 69: علم املعاني

61 تعريف اجلملة وأركانها

فال تحسبن هندا ذا الغدر وحدها *** سجية نفس، كل غانية هند

)فقوله: "كل غانية هند" متناه يف معناه، وآخذ ألقصى مداه، أال ترى أنه كأنه قال:

.(130)"كل غانية غادرة أو خائنة أو قاطعة أو حنو ذلك(

ومن املعاصرين يشري الدكتور إبراهيم أنيس إىل أن األعالم قد ختتنزن بعنض املعناني

اإلحيائية. حيث إن العلم قد يشيع ويصبح وصفا من أوصاا اللغة، مثل: )حنامت( مبعننى:

كريم، ومثل: )فرعون( مبعنى: ظامل وطاغية، وحينئذ يكون له مفهوم، ويرتبط مبجموعة

صاحب العلم شاعت صفاته حتى تنتظم أفراد اجلماعة اللغوية، من الصفات، فإذا اشتهر

وهنا ميكن أن نتصور أن هذا العلم ينتقل إىل وصف من أوصاا اللغة، متى أطلق دعنا إىل

ذهن الناس تلك الصفة أو اجملموعة منن الصنفات. وهنو منا يعنين أن العلنم ينرتبط يف ذهنن

معيننة ختطنر إىل األذهنان كلمننا مت اجلماعنات النيت جيمعهنا ربناط اجتمناعي واحند بصنفات

.(131)استعمال هذا العلم

ومن هنا ميكن القول بأن العلم قد يستخدم مرادا به معناه الظاهر املباشر، وقد يتم

توظيف العلم بصورة إحيائية دالة الستثمار اذنوامش الداللينة النيت حيملنها. وقند أشنار إىل

ث يرى تقسيم األعالم يف الكنالم إىل قسنمني هذين القسمني أحد الباحثني املعاصرين، حي

. وفيما يلي بيان الفرق بني هذين القسمني:(132)هما: أعالم اإلخبار، وأعالم اإلحيا

أعالم اإلخبار: أ(

وهي األعالم اليت قلما يتجاوز فيهنا االسنم داللتنه علنى املسنمى، فهني يف اجلملنة

ث يتعلق بها ويقتضي ذكرها. يقول حسان حتمل داللتها الظاهرية املباشرة، وترد ألن احلدي

بن ثابت رضي اهلل عنه:

.271/ 3اخلصائص ، ابن جين ، ( 130)

.214، 213انظر: من أسرار اللغة، د.إبراهيم أنيس، ص ( 131)

. 313خصائص األسلوب يف الشوقيات، حممد اذاد الطرابلسي، ص انظر:( 132)

Page 70: علم املعاني

تيسري علم املعاني 62

(133)أال أبلغ أبا سفيان عني فأنت جموا خنب هوا

ففي هذا البيت يورد الشاعر اسم أبي سفيان، وهو ال يريد من هذا العلنم أبعند منن

داللته الظاهرة، وهي داللته على الصحابي اجلليل )أبي سفيان(، عندما كان يهجو رسول

اهلل صلى اهلل عليه وسلم قبل أن يعلن أبو سفيان إسالمه. فالعلم هنا مل يتجاوز معناه احلقيقي

را عليه، وقد اقتضاه سياق احلديث ألن هنذه القصنيدة جنا ت دفاعنا عنن الظاهر املتعا

الرسول صلى اهلل عليه وسلم وهجا ألبي سفيان.

بيد أنه ال ختفى أحيانا إمكانية التوظيف الفين ألعالم اإلخبنار، كمنا هنو يف حنديث

.. إخل، وهنو منا البالغيني املتأخرين السابق، من أن العلم قد يفيد املدح أو النذم أو التنربك.

محد النويهي يف البيت التالي، حينث ينرد العلنم )لنوى البنيننة( منرادا بنه معنناه يستظهره د.

الظاهر املباشر إلعطا الكالم صفة اخلرب الصادق املقطوع بصحته. فالشاعر يقول:

(134)عبرة مل تقلع وتزودت عيين غداة لقيتها بلوى البنينة

حيث يشري د.النويهي إىل الوظيفة اليت يؤديها العلم يف أدا املعنى بقوله: )تأمل كيف

أن )لوى البنينة( وهو اسم املكان الذ كنان فينه النوداع يزيند البينت صندقا وواقعينة، ألننه

جتربة مفردة وقعت تفصيل جغرايف معني جيسم املنظر، فيزيدنا إقناعا بأن الشاعر يتحدث عن

حقا، والفن كله يقوم على التفاصيل اجملسمة، وهذه طريقته الصحيحة يف تثبيت املدركات

. إن الشاعر يصف يف مقدمته الغزلية وداع احلبيبة، وهي مقدمة تقليدينة (132)العقلية اجملردة(

الشعر اجلاهلي قد ال تكشف عن واقعة حنب حقيقينة جنرت علنى أرض الواقنع، منن هننا

يسهم حتديد اسم املكان يف إشعار املتلقي حبقيقة هذه التجربة املتخيلة وإلباسها ثوب الواقع.

.60شرح ديوان حسان بن ثابت ص( 133)

.44البيت للحادرة يف املفضليات ص ( 134)

.174/ 1الشعر اجلاهلي منهج يف دراسته وتقوميه، د.حممد النويهي، ( 132)

Page 71: علم املعاني

63 تعريف اجلملة وأركانها

وذذا كان اهتمام كتاب القصة والرواية الشديد بإعطا شخصيات قصصهم اخليالية

أمسا حقيقية، وإيرادها مع أعالم شخصيات وأماكن وأزمان وأحداث حقيقية، ألن وجود

خلق شخصيات وأحداث حية مقنعة فنيا للقار ، كمنا يسنهم يف اإلحينا األعالم يسهم يف

. (136)بصدق أحداث القصة أو الرواية

أعالم اإلحيا : ب(

وهي األعالم اليت تساق لغرض فين إحيائي، حينث ينتم إيرادهنا لتكنون داللنة إىل

پ پ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ چ معنى أبعد من داللتها الظاهرية. كما يف قوله تعاىل:

[. ففي هذه اآلية يرد اسم املكان )طور سينني( مقسما به، يقول ابن 3-1]التني/ چپ

تيمية عن ذلنك: )أقسنم باألمناكن الثالثنة النيت أننزل فيهنا كتبنه الثالثنة: التنوراة واإلجنينل

والقرآن، وظهر منها موسى وعيسى وحممند، )فنالتني والزيتنون( األرض النيت بعنث فيهنا

املسيح، وكثريا ما تسمى األرض مبا ينبت فيها، فيقال خرج فنالن إىل الكنرم وإىل الزيتنون

وإىل الرمان وحنو ذلك، يراد األرض اليت فيها ذلك، فإن األرض تتنناول ذلنك فعبنر عننه

ببعضها، و)طور سينني( حيث كلم اهلل موسى، و)هذا البلد األمني( مكة أم القرى والنيت

.(137) صلى اهلل عليه وسلم( بعث منها حممد

إن هذا الكالم يشري إىل أن العلم )طور سينا ( يتم توظيفه فنيا وإحيائيا لريمز إىل املكان

الذ بعث منه موسى عليه السالم، فألن العلم يوحي إىل الذهن ببزوغ الرسالة السماوية يف

يف هذا املوضع واهلل أعلم. ذلك املكان ونزوذا إىل نيب اهلل موسى عليه السالم مت إيراده

**** **** ****

. كما أنهم يقولون يف األمثال أيضا: "إذا كذبت فأسند"، ألن 21واد ، ص ( انظر: دراسات يف نقد الرواية ، د.طه136)

وجود األمسا احلقيقية اليت يسند إليها الكالم يسهم يف اإلحيا بصدق القول.

.7/230منهاج السنة، ابن تيمية، حتقيق: حممد رشاد سامل، ( 137)

Page 72: علم املعاني

تيسري علم املعاني 64

هننذا التوظيننف اإلحيننائي ألمسننا األعننالم تفنننن يف اسننتعماله كننثري مننن الشننعرا

املعاصرين، وتفنن النقد املعاصر يف إبراز األبعاد اجلمالية والداللية يف أمسا األعالم، وميكن

عاصر وتوقف عندها النقد املعاصر كثريا قد القول بأن األعالم اليت وردت يف الشعر العربي امل

استمدها الشعرا من جماالت خمتلفة، فقد يكنون العلنم رمنزا دينينا أو تراثينا أو أسنطوريا أو

وطنيا...إخل. وفيما يلي وقفة مع أهم صور توظيف العلم يف الشعر املعاصر:

األعالم األسطورية :-1

يننال، وتنربز فيهنا قنوى الطبيعنة يف صننور األسنطورة هني )قصنة خرافينة يسنودها اخل

. ومن الواضح ارتباط األساطري بشخصنيات خرافينة (131) كائنات حية ذات شخصية ممتازة(

تعد الكائنات اليت يدور بينها الصراع، وتقوم عليها األحداث يف األسطورة. وقد يلجأ بعض

الشعرا إىل توظيف هذه الشخصيات األسطورية يف نصوصهم الشعرية.

إىل أن اسنتعمال الشخصنيات كمنا ينرى بعنض النقناد يد أنه ال تفنوت اإلشنارة ب

األسطورية أو غريها يف الشعر ال بد أن يكون مبراعاة العام واخلاص، العام الذ يكشف عن

الدور اإلنساني العام ذذه الشخصية، واخلاص الذ جيعل هذه الشخصية وسيلة تسهم يف

.(133)زا املوضوع الذ يتحدث عنهنقل مشاعر املبدع احلقيقية إ

وقد حاول الشعرا املعاصرون توظيف األسطورة بطرق كثرية أشهرها إيراد أمسنا

هذه الشخصيات األسطورية داخل النص الشعر ، وذلك لقدرة هذا االسم على استدعا

بعض الدالالت اليت تتضمنها األسطورة. فاذدا من تضمني اسم العلنم األسنطور هنو

ار اإلحيا الذ يبعثه اسم ذلك العلم، والتعبري عمنا جينول داخنل نفنس األدينب منن استثم

أفكار ومشاعر إزا موضوعه.

.32ة، كامل املهندس، ص معجم املصطلحات العربية يف اللغة واألدب، جمد وهب( 131)

ومابعدها. 202انظر: الشعر العربي املعاصر، د.عز الدين إمساعيل، ص ( 133)

Page 73: علم املعاني

62 تعريف اجلملة وأركانها

ولعل أشهر األساطري اليت تواترت يف األدب املعاصنر هني األسناطري األجنبينة، وميكنن

النظر يف واحدة من تلك القصائد اليت فعلت ذلك، كما يف هنذا الننص النذ يوظنف أسنطورة

:(140) )سيزيف(

)أقسمت أن أكتب فوق املا

أقسمت أن أمحل مع سيزيف

.(141) صخرته الصما (

تكشف الصورة اليت ينفتح عليها املقطع عن جهند يبنذل دون نتنائج، فالكتابنة بوصنفها

جهدا تعليميا ميارسه الشاعر، ولكنن فنوق املنا النذ ال حيفنظ وال خيتنزن املعلومنة. إن يف ذلنك

إىل الدور الرياد الذ يزعم هذا الشاعر احلداثي )أدونيس( أننه يقنوم بنه، ولكننه ال جيند رمزا

مثرة جهوده. ومع هذا يقسم على مواصلة الكتابنة ليعطني انطباعنا عنن تصنميمه املضني قندما يف

هذا الطريق. من هنا يأتي توظيف اسنم )سنيزيف( لريمنز بنه الشناعر إىل عندم الينأس واإلصنرار

وغ اذدا الذ يسعى إليه، حتى وإن مل يشعر بأ بوادر تدل على ذلك. فنن )سنيزيف( على بل

هنا يرمز إىل اإلصرار والتحد وعدم اليأس، وذذا يوظفه الشاعر يف قصنيدته لينشنر يف مسنا

القصيدة هذه اإلحيا ات.

وألن هنندا األسننطورة هنننو التننأثري يف وجننندان القننار فنننإن األوىل أن يننتم توظينننف

ت الرتاث العربي بدال من اقرتاض أمسنا أعنالم ال يعيهنا معظنم القنرا . وذنذا رفنض شخصيا

. وعلل بعضهم ذلنك (142)كثري من النقاد املعاصرين اجتالب األساطري األجنبية يف الشعر العربي

بأن )اذندا منن اسنتخدام األسنطورة هنو اسنتثارة املخنزون العناطفي والنفسني ذنا يف وجندان

حتكي هذه األسطورة عن رجل يدعى سيزيف يقوم حبمل صخرة كبرية ليصعد بها إىل قمة اجلبل، ويظل حياول وحياول ( 140)

ل ثانية، فينزل ليصعد بها من جديد، فإذا صعد بها حتى يصل إىل قمة اجلبل، فإذا وصل القمة تدحرجت الصخرة إىل األسف

تدحرجت إىل األسفل ثانية، ويظل على هذه احلال ما بني صعود ونزول إىل األبد.

.101أغاني مهيار الدمشقي، أدونيس، ص ( 141)

.146انظر: عن بنا القصيدة العربية احلديثة، د.علي عشر زايد، ص ( 142)

Page 74: علم املعاني

تيسري علم املعاني 66

ه إىل االنفعال بعامل القصيدة، ولذلك فإنه من جناح األسطورة يف أدا وظيفتها القار ، ليدفع ب

.(143) أن تكون مفهومة لدى املتلقي، وأن يكون مدلوذا العام متجاوبا مع حقيقة مشاعره(

األعالم الرتاثية : -2

رمبا يظهر شي من التداخل بني العلم الديين والعلم الرتاثي، فقد يكون بعض األعنالم

دينيا تراثيا، كما يف أمسا الصحابة والتابعني وأئمة السلف، وقد يكون دينينا غنري تراثني كمنا يف

أمسا األنبيا مثال قبل نبينا حممد صلى اهلل عليه وسلم، وقد يكون تراثيا غنري دينين مثنل امنر

و الننوع األخنري القيس وبشار بن برد وشخصيات ألف ليلة وليلة وحنوهم. وما سيتم تناوله هنا ه

من العلم الرتاثي )غري الديين( الذ يتم توظيفه شعريا.

رمبننا كانننت أشننهر الرمننوز الرتاثيننة تلننك األعننالم الننيت تننرد يف بعننض األسنناطري الشننعبية

العربية، وهي تلك القصص اليت ال ميكن إسنادها إىل مؤلف معني، حيث تتضمن بعض املواد

شننعبية ألفهنا الننناس مننذ القنندم، كمننا يف قصنص الزيننر سننامل التارخيينة إىل جانننب منواد خرافيننة

.(144)وعنرتة

ويأتي توظيف تلك الشخصيات الرتاثية بأكثر من طريق، يعد التعرينف بالعلمينة واحندا

. ومن تلك األمسا الرتاثية الشهرية شخصية )السندباد( الذ جاب بنالد (142)من أولئك الطرق

ة، وذنذا يعمند بعنض الشنعرا إىل توظيفنه شنعريا، األرض وواجه فيها مصاعب وخماطر كنثري

كما يف قول الشاعر:

) ويف الليل أنام على حجر أمي..

وأحلم يف غفوتي بالبشر

.103لغذامي، صتشريح النص، د.عبداهلل ا ( 143)

. 33انظر: معجم املصطلحات العربية يف اللغة واألدب، جمد وهبة وكامل املهندس، ص ( 144)

حلديث موسع عن توظيف الشخصية الرتاثية ينظر: كتاب: )استدعا الشخصيات الرتاثية يف الشعر العربي املعاصر، د.علي ( 142)

– 212عشر زايد( وفصل: )شخصيات تراثية بني االستخدام الفين والبعد التارخيي( يف كتاب )لغة الشعر( د.رجا عيد ص

234.

Page 75: علم املعاني

67 تعريف اجلملة وأركانها

.....

وباملوت حني يدك احلياة

وبالسندباد وبالعاصفه

.(146) وبالغول يف قصره املارد(

اليت تعصف بالبشر، إن الشاعر هنا يتحدث عن وجه احلياة املفجع، حيث األقدار

وحينث املننوت الننذ يندك احلينناة ويغتاذننا، إننه تصننوير للمصننائب النيت ترتبننص باإلنسننان

وتالحقه، وهنا يأتي اسنم )السنندباد( يف مقابنل )العاصنفة(، ليسنتدعي إىل النذهن صنراع

السندباد مع عواصف البحر وأخطاره، مثلما يعيش اإلنسان حياته نهبا للعواصف واألخطار

حتدق به من كل جانب. وذذا يفزع الشاعر ويصرخ من شدة الرعب عندما تتالطم هذه اليت

األفكار يف ذهنه.

ومننن األعننالم الرتاثيننة املشننهورة اسننم )زرقننا اليمامننة(، وقصننتها الننيت حتكنني قننوة

بصرها، حيث حذرت قومهنا منن عندو يزحنف حننوهم مسنترتا باألشنجار، ولكنن قومهنا

ام قليلة حتى صبحهم العدو وأبادهم مجيعا. هذه احلادثة وتداعياتها سخروا منها، ومل متر أي

يسرتجعها أحد الشعرا يف القصيدة التالية اليت خياطب فيها )زرقا اليمامة(:

)جئت إليك مثخنا بالطعنات والدما

أزحف يف معاطف القتلى وفوق اجلثث املكدسة

منكسر السيف، مغبر اجلبني واألعضا

يا زرقا أسأل

عن فمك الياقوت، عن نبو ة العذرا

.(147) عن ساعد املقطوع وهو ما يزال ممسكا بالراية املنكسة(

.60، 23ديوان صالح عبدالصبور ، ص ( 146)

.162، 164األعمال الشعرية الكاملة، أمل دنقل، ص ( 147)

Page 76: علم املعاني

تيسري علم املعاني 61

يتحدث الشاعر هنا عن أزمة أمته العربية اليت تلقت هزمية نكرا من عدوها اللندود

ثنث )اليهود(، مصورا حال هذه األمة بعد اذزمية، حيث الطعنات والندما ، والقتلنى واجل

املكدسة، والساعد املقطوع والراية املنكسة. وذذا يوظف الشاعر اسم )زرقا اليمامة( لريمز

بها إىل اإلنسان اخلبري ذ النظرة الثاقبة البعيدة، الذ يعرا مكان العدو وحيله، ذذا يأتي

قندرة الشاعر إليها يسائلها عن حال أمته البائس، طالبا رأيها ومشورتها مبا عرا عنهنا منن

على التنبؤ والنظرة البعيدة.

األعالم الدينية : -3

يعمد بعض الشعرا إىل إيراد بعض األمسا واألماكن ذات املكانة الدينية يف شعرهم

الستثمار اإلحيا الذ تبعثه تلك األعالم. ومع هذه الرموز الدينية جيند الشناعر نفسنه أمنام

، ومن أهم تلك األعالم: )لفظ اجلاللة، وأمسا جمموعة كبرية من األعالم لتوظيفها شعريا

األنبيا ، وأمسا املالئكة، وأعالم التاريخ اإلسالمي، والفتوحنات واملعنارك اإلسنالمية،

وأماكن املقدسات اإلسالمية...إخل(.

وميكن الوقوا هنا عند بعض الشواهد اليت وظف فيها الشعرا أعالم الرموز الدينية

ألغراض فنية، ففي قصيدة لشاعر إسالمي يتحدث فيها عن تقاعس املسنلمني عنن نصنرة

إخوانهم املستضعفني، يصوغها على لسان طفل يلقي أسئلته على مسامع والده:

(141)أو مالنا سعد وال مقداد يا وحينا ماذا أصاب رجالنا

يف هذا البيت يرد اسم )سعد( ويراد به الصحابي اجلليل )سعد بن معاذ( أو )سعد بن

عبادة( رضي اهلل عنهما، و)مقداد( هننا هنو الصنحابي اآلخنر )املقنداد بنن عمنرو(، وهمنا

وإمنا لريمز بهما إىل أبطال بطالن من أبطال اإلسالم، والشاعر هنا ال يريدهما لشخصيهما،

.62عندما يعزا الرصاص، د.عبدالرمحن العشماو ، ص ( 141)

Page 77: علم املعاني

63 تعريف اجلملة وأركانها

اإلسالم وبطوالته األوىل، فكأنه يقول: أال يوجد يف األمة رجال يف شجاعة وبسالة أبطال

اإلسالم األوائل، كما كان سعد بن عبادة واملقداد بن عمرو وأبطال اإلسالم األفذاذ.

ويقول الشاعر اآلخر يف رثا أحد الزعما العرب:

)قتلناك ..

علينا ليس جديدا

اغتيال الصحابة واألوليا

فكم من رسول قتلنا..

وكم من إمام ذحبنا وهو يصلي صالة العشا ..

فتارخينا كله حمنة..

.(143) وأيامنا كلها كربال (

إن )كنربال ( هني املكنان النذ وقعنت فينه حادثنة احلسنني رضني اهلل عننه منع أهنل

اسنتعادة اخلالفنة، ولكننه عنندما جنا خنذلوه العراق، عندما طلبوا منه اجملني لينصنروه يف

وأسلموه إىل أعدائه. والشاعر هنا جيعل موقف الشعوب العربية من ذلك الزعيم العربي مثل

موقف أجدادهم مع احلسني، فهو لنن يكنون سنوى موقنف اخلنذالن والتخلني عنن نصنرة

ينوحي بنه احلنق، مثلمنا ختلنوا عنن نصنرة احلسنني والوقنوا معنه، وهنذا هنو املعننى النذ

استخدامه ذذا العلم.

وال خيلو بعنض الشنعر املعاصنر منن جتناوزات فادحنة يف توظينف األعنالم الدينينة،

وخاصة فيما يتعلنق بلفنظ اجلاللنة أو باسنم رسنول اهلل صنلى اهلل علينه وسنلم أو غنريه منن

ة عمنا األنبيا . إن ذذه األعالم قداستها يف ذهن املسلم، وجيب أن تبقى تلك األعالم بعيند

خيدش قدسيتها أو يعرضها لالمتهان.

. وهذه القصيدة يقوذا الشاعر يف رثا مجال عبدالناصر.322األعمال السياسية الكاملة، نزار قباني، ص (143)

Page 78: علم املعاني

تيسري علم املعاني 70

إن يف هذه االستخدامات للفظ اجلاللة أو الرسول عليه الصنالة والسنالم نوعنا منن

امتهان قدسية هذه الكلمة، بغض النظر عن مقصد الشناعر. فنبعض األدبنا حيناول التأكيند

و أبعند منن معنناه الظناهر على أن العلم الديين يف مثل هذه التعابري ميثل رمزا داللينا ملنا هن

املباشر. ويشرح ذلك األديب رأيه بأن الشاعر حينما يقول مثل ذلك فهنو ال يقصند املندلول

احلريف املباشر الظاهر، وإمنا هو يرمز ملعنى آخر يدل عليه لفظ اجلاللة أو الرسول عليه الصالة

.(120)والسالم

ال لفظ اجلاللة أو الرسول مبثل إن هذا التوجيه حتى ولو كان حمتمال، إال أن استعم

تلك الصورة يبدو مرفوضا، ذلك أن أساليب التعبري مفتوحة أمام الشاعر يأخذ منها ويدع.

وقد كان بإمكانه أن يسلك أ سنبيل آخنر يعبنر عنن مثنل هنذا املعننى دون أن يعنرض لفنظ

ا الشعر.اجلاللة لالمتهان، ودون أن يثري لغطا وجدال واسعا حول شرعية مثل هذ

لقد واجه أصحاب هذه التعبريات معارضة شنديدة وصنلت إىل حند نعنت شنعرهم

، وهو أمر كانوا يف غنى عنه لو كان استعماذم مثل هذه األعالم ذات القداسة يف (121)بالكفر

احلدود املقبولة، فمن غري املقبول من أ شخص كان أن يتجاوز حدود األدب مع اهلل تعاىل

ه، ألن ما يكتبه يف هذه احلال لن يكون )أدبا( بل )قلة أدب(.أو رسله أو مالئكت

**** **** ****

األمسا املوصولة: -3

يعد التعريف باالسم املوصول واحدا من طرق التعريف اليت تكثر دقائقها ولطائفها

من وأسرارها، ويذكر البالغيون املتأخرون عددا من األغراض اليت يفيدها هذا األسلوب،

أشهرها األغراض التالية اليت تتواتر عند مجع كبري من البالغيني:

.114انظر: النص القرآني وآفاق الكتابة، أدونيس، ص( 120)

، وانظر أيضا: هاأنت أيها الوقت )سرية شعرية 113( انظر: النص القرآني وآفاق الكتابة، فصل: )الشعر والكفر( ص 121)

ومابعدها. 124ثقافية( ، أدونيس، ص

Page 79: علم املعاني

71 تعريف اجلملة وأركانها

من هذه األغراض أن يتم التعريف باملوصول لعدم معرفنة االسنم الصنريح، -1

وعدم علم املخاطب باألحوال املختصة به سوى الصلة، كقولك: "الذ كنان معننا أمنس

استعمال االسم املوصول. وقد . وهذا هو الغرض األصلي الذ يدعو إليه (122)رجل عامل"

ذكر هذا الغرض اإلمام عبدالقاهر، موضحا أن االسم املوصول )الذ ( يف مثل املثال السابق

قد اجتلب )إذا كان قد عرا رجل بقصة وأمر جرى له، فتخصنص بتلنك القصنة وبنذلك

)النذ ( إال األمر عند السامع، ثم أريد القصد إليه ذكر )الذ (. تفسري هنذا أننك ال تصنل

جبملة من الكالم قد سبق من السامع علم بها، وأمر قد عرفه له، حنو أن ترى عنده رجنال

ينشننده شننعرا فتقننول لننه مننن غنند: "مننا فعننل الرجننل الننذ كننان عننندك بنناألمس ينشنندك

.(123)الشعر"؟(

أن يكون التعريف الستهجان التصريح باالسم، أو لزيادة تقرير غرض - 3، 2

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ چ ميكن أن ميثل ذذين الغرضني بقوله تعاىل:، و(124)الكالم

[. فبدال من ذكر االسم صرحيا يأتي االسم املوصول السنتهجان التصنريح 23]يوسف/ چ

باسم تلك املرأة اليت دعت يوسنف إىل الفاحشنة، أو لزينادة تقرينر الغنرض النذ يتضنمنه

هذه اآلية تنأتي كاشنفة عنن عفنة يوسنف علينه الكالم، فقد عدل عن امسها الصريح ألن

السالم وطهارته من الفاحشة، فجا االسم املوصول ليكشف عن عفته وبعده عن الفجور،

فهو مل يبحث عن الفاحشة أو يذهب إليها برجليه، وإمنا هو جمرد خادم يف البيت دعته سيدته

إىل اإلثم.

.16/ 1، واإليضاح )مع البغية(، القزويين 111انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص( 122)

. 200دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 123)

.16/ 1، واإليضاح )مع البغية(، القزويين 111انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص ( 124)

Page 80: علم املعاني

تيسري علم املعاني 72

، كمننا يف قولننه تعنناىل: (122)ويسننتعمل االسننم املوصننول للتفخننيم والتهويننل - 4[. وهذا الغرض يأتي كثريا مع االسم املوصول )ما(، أ 71]طه/ چٹ ٹ ٹ ڤ ڤ چ

غشي قوم فرعون موج عظيم هائل عندما دخلوا البحر يتعقبون موسى عليه السالم.

، كقول الشاعر:(126)وقد يأتي االسم املوصول لتنبيه املخاطب على خطئه - 2

(127)ترونهم إخوانكم يشفي غليل صدورهم أن تصرعواإن الذين

فاملتكلم هنا يريد أن ينبه املخاطب إىل أمر غفل عنه وعنن خطنأ وقنع فينه، فأولئنك

الذين يظهر املخناطبون حننوهم مشناعر املنودة واإلخنوة، هنم يف حقيقنتهم أعندا تفنرحهم

بر الشاعر باالسم املوصول لينبه املخاطب على اخلطأ املصيبة اليت حتل باملخاطبني، ولذلك ع

الذ يقع فيه.

، كمنا يف (121)وقد يتم التعريف باملوصول من أجل اإلميا إىل وجه بنا اخلرب - 6

[، فاالسنننم 60]غنننافر/ چٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ چ قولنننه تعننناىل:

ميكن أن يكون عليه اخلرب، املوصول وصلته: "الذين يستكربون عن عبادتي" داالن على ما

فمن يستكرب عن عبادة اهلل تعاىل لن يكون مصريه إال إىل جهنم والعياذ باهلل.

ومن ذلك يف الشعر قول الفرزدق:

(123)إن الذ سمك السما بنى لنا بيتا دعائمه أعز وأطول

قبيلته الرفعة والسمو وعلو املنزلة فالشاعر يريد أن يقول يف هذا البيت بأن اهلل مكن ل

واملكانة، وقد جا االسم املوصول وصلته يف قوله: "الذ مسك السما "، ليوحي مبعننى

. 16/ 1البغية(، القزويين انظر: اإليضاح )مع( 122)

. 17/ 1، واإليضاح )مع البغية(، القزويين 112انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص ( 126)

. 147البيت لعبدة بن الطبيب ، وهو يف املفضليات ص ( 127)

. 11/ 1، واإليضاح )مع البغية(، القزويين 112انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص ( 121)

.203/ 2 ديوان الفرزدق( 123)

Page 81: علم املعاني

73 تعريف اجلملة وأركانها

العلو واالرتفاع مما جعله يوحي ويشري إىل املعنى الذ يتضمنه اخلرب، وهو رفعة مكانة القبيلة

ومسو منزلتها.

غيني األوائل. ويضاا إليها ما ينذكره هذه أبرز األغراض اليت يتناوذا حديث البال

د.حممد أبو موسى من إتيان التعريف باالسم املوصول للتنبيه على معنى ذ أهمية خاصة يف

معتنذرا رضي اهلل عننه ، كما يف قول الصحابي اجلليل كعب بن زهري (160)سياق الكالم

: صلى اهلل عليه وسلمإىل الرسول

(161)مهال هداك الذ أعطاك نافلة الن قرآن فيها مواعيظ وتفصيل

فصلة املوصول تأتي للتنبيه على معنى ذ أهمية خاصة يتعلق بغرض النص، ذلك

أن كعبا رضي اهلل عنه جا إىل الرسول صلى اهلل عليه وسلم ليعلن إسالمه وتوبته عما صدر

بعد أن كان كنافرا مكنذبا، لنذلك أتنى االسنم املوصنول وصنلته منه جتاه الرسالة والرسول

ليدالن على تصديق كعب وإميانه برسالته صلى اهلل عليه وسلم.

واملتأمل ذذا الطرح حول قيمنة االسنم املوصنول جيندها تركنز علنى دوره النداللي

وصول إىل املعنو فحسب، من خالل تأمل املعاني الثواني اليت يضيفها استعمال االسم امل

السياق. يف حني أن التعريف باالسم املوصول ميكن أن يكون له أيضا أثره البننائي الرتكنييب

الواضح على لغة النص. وهو ما مل ترد إليه إشارة عند البالغيني، ذذا ميكن هنا أن يشار إىل

أهم ما يؤثر به االسم املوصول يف بنا الكالم وتركيبه.

، يبنندو أول مننا يفيننده االسننم املوصننول مننا ينقلننه اإلمننام فعلننى مسننتوى البنننا ( أ

عبدالقاهر من وظيفة الربط اليت يؤديها االسم املوصول من جتويزه وصف املعرفنة جبملنة،

)فمن ذلك قوذم: إن )الذ ( اجتلب ليكون وصلة إىل وصف املعارا باجلمل... تقول:

أمس" فتجدك قد توصلت بن)الذ ( "مررت بالذ أبوه منطلق" و"بالرجل الذ كان عندنا

.132انظر: خصائص الرتاكيب ، د.حممد أبو موسى، ص ( 160)

.62ديوان كعب بن زهري، ص ( 161)

Page 82: علم املعاني

تيسري علم املعاني 74

إىل أن أبنت زيدا من غريه باجلملة اليت هو قولك: "أبوه منطلق" ولوال )الذ ( مل تصل إىل

.(162) ذلك...(

ومما حيققه االسم املوصول يف بنا الكالم كذلك، هو التماسك العضو بنني (ب

، (163)لنى االسنم املوصنول أجزائه. حيث يشرتط يف مجلة الصلة أن تتضمن عائندا يعنود ع

وذننذا يتحنندث النحنناة عننن تلننك احلنناالت الننيت مل يكننن فيهننا العائنند إىل املوصننول ظنناهر

الوضوح، فيلجؤون إىل البحث عن تقدير الكالم ليتضح حتقق شرط العائد. هذا األمر جيعل

االسم املوصول من أسباب التماسك بني أجزا الكالم، فإن الصلة ال تكون إال مجلة يتم

إحكام متاسكها وربطها مع اجلمل قبلها بالعائد إىل االسم املوصول.

كما أن التعريف باالسم املوصول يقوم بدور معاكس ملا يقوم به الضمري، ذلك (ج

أن الضمري يسهم يف اختصار الكالم وقصره، بينما يؤد التعريف باالسم املوصول دورا يف

االسم املوصول وصلته يغنيان عن االسم الصريح طول الكالم وبسطه، وهو ما يبدو يف أن

بلفظه الواحد، إىل استعمال املوصول مع مجلته، وبذا ميكن أن يعد هذا األسلوب لونا من

أساليب اإلطناب، فهو زيادة يف الكالم لفائدة.

ويؤثر االسم املوصول يف اخلربية واإلنشائية، من حيث إن مجلة الصلة ال تكون (د

.(164)إال مجلة خربية

كما يرتبط االسم املوصنول بأسنلوب اإلظهنار يف منوطن اإلضنمار يف مواضنع (هن

كثرية من الكالم، ويف القرآن من ذلك الكثري، حيث يكون االسم الظاهر الذ مت العدول

ڱ ڱ ں ں چ ، كما يظهر هذا يف قوله تعاىل:(162)إليه بدال من الضمري امسا موصوال

.133دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 162)

.32انظر: التعريف والتنكري ، د.أمحد عفيفي ، ص ( 163)

.32انظر: التعريف والتنكري ، د.أمحد عفيفي ، ص ( 164)

.وما بعدها 122الظاهرة، ينظر:البيان يف روائع القرآن، د.متام حسان، ص حلديث موسع عن هذه( 162)

Page 83: علم املعاني

72 تعريف اجلملة وأركانها

[. فبنندال مننن أن يقننال: )ثننم نقننول 22]األنعننام/ چ ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ

ذم(، قيل: )ثم نقول للذين أشركوا(.

أمسا اإلشارة: - 4

يف إشنارة عنابرة يرجنع اإلمنام عبندالقاهر مجنال الننظم يف أحند األبينات إىل حسننن

ويتابعه . ويبدو كالم السكاكي (166)استعمال اسم اإلشارة دون أن يشرح وجه ذلك احلسن

أكثر تفصيال يف احلديث عن التوظيف البالغي السم اإلشارة. حيث يتم التوظيف القزويين

البالغي يف نظرهما السم اإلشارة عرب استثمار اخلواص الداللية اليت ميلكها، فاسم اإلشارة

يأتي يف األصل للداللة على احلضور العيين، فال يشار يف األصل إال إىل ما حيس ويشاهد،

املعاني البالغية يف اسم اإلشنارة عنرب اسنثمار هنذه اخلاصنية أو خمالفتهنا، كمنا تشنري وتتأتى

املعاني البالغية التالية :

يستعمل اسم اإلشارة للداللة على متيز املشنار إلينه وتفوقنه عنرب اإلشنارة إىل - 1

زه أكمل وجوده احلسي. ويف هذا املعنى يرى القزويين بأن تعريف االسم باإلشارة يأتي )لتميي

، كقوله:(167) متييز، لصحة إحضاره يف ذهن السامع بوساطة اإلشارة حسا(

(161)هذا أبو الصقر فردا يف حماسنه

وقوله:

(163)أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا

أن هذا املعنى هنو املعننى األصنلي السنم وقد وهم من خطأ القزويين هنا مشريا إىل

. إذ الصواب أن القنزويين ال يشنري إىل (170)، وأن ال وجه بالغيا يف هذا االستعمال اإلشارة

. 31انظر: دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 166)

.30/ 1اإليضاح )مع البغية(، القزويين، ( 167)

.3/103ديوان ابن الرومي،( 161)

. 41ديوان احلطيئة ، ص ( 163)

.1/30الصعيد يف حاشيته على اإليضاح. انظر: بغية اإليضاح، هكذا زعم عبداملتعال( 170)

Page 84: علم املعاني

تيسري علم املعاني 76

اإلشارة اجملردة املباشرة كما يف قولنا )هذا بييت( مثال، وإمنا هو يريد اإلشارة اليت يقصد من

ا إذا كان حاضرا أو غري حاضر.ورائها متييز املشار إليه احلسي بغض النظر عم

ذذا ميكن أن يقال إن ما ذكره القزويين من أن غرض التعريف باإلشارة يكون لتمييز

املشار إليه عرب إحضاره باإلشارة حسا، هو أمر يصلح أن يطبق على املشار إليه احلسي مادام

هذا الغرض هو معنى أن املقصود هو إظهار متيزه وتفوقه على غريه، وهو ما ينفي أن يكون

أصليا من معاني اإلشارة كما وهم بعضهم.

كما قد تتم اإلشارة إىل غري احلاضر للتعريض بعقل املخاطب. وهو منا أشنار - 2

إليه القزويين يف قول الشاعر:

(171) أولئك آبائي فجئين مبثلهم إذا ما مجعتنا يا جرير اجملامع

البيت يأتي )للقصند إىل أن السنامع غنيب ال يتمينز الشني فإن التعريف باإلشارة يف

، ألن اإلنسننان النذكي الفطننن ميكنننه أن يندرك األمننر ويعيننه وإن مل (172)عننده إال بنناحلس(

يشاهده ويراه، ولكنن قلينل الفهنم واإلدراك، كاألطفنال منثال، ال ميكننه أن يسنتوعب إال

األشيا املادية احملسوسة .

وقد يستعمل اسم اإلشارة لبينان منزلنة الشني ومكانتنه، وذلنك منن خنالل - 3

توظيف دالالت البعد والقرب اليت حيملها اسم اإلشارة. فإن أمسا اإلشارة قد تكون للبعيد

أو للقريب، ومن خالل السياق يتم التعرا على القيمة البالغية اليت يفيدها التعريف. وقد

ذريعة إىل التحقري،كقوله هذا، حيث يقول: )ورمبا جعل القربتفطن اخلطيب القزويين إىل

چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ چ تعننننننننننننناىل

.(173)[(64]العنكبوت/ چ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پچ [، وقوله تعاىل: 36]األنبيا /

. 42/ 2ديوان الفرزدق ( 171)

.31/ 1اإليضاح )مع البغية(، القزويين ( 172)

. 32/ 1اإليضاح )مع البغية(، القزويين، ( 173)

Page 85: علم املعاني

77 تعريف اجلملة وأركانها

ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ چ كما أن القرب قد ) جيعل ذريعة إىل التعظيم، كقوله تعاىل:

. (174)[، فينزل قربه من ساحة احلضور واخلطاب منزلة قرب املسافة(3]اإلسرا / چٿ ٿ

أو يكون القرب داللة على قربه من القلب، كما يف قول الشاعر:

(172)هذا ابن خري عباد اهلل كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم

ى التعظنيم أو النتحقري، حينث قند ينأتي )البعند ذريعنة إىل وكذلك البعد قد يدل علن

[، ذهابننا إىل بعنند درجتننه. 2-1]البقننرة ، چٱ ٻ ٻ چ التعظننيم، كقولننه تعنناىل:

ڄ ڄ ڃ چ [، ولذا قالت: 72]الزخرا ، چەئ ەئ وئ وئ چ وحنوه:

ومتهيدا للعنذر [، مل تقل: )فهذا( وهو حاضر رفعا ملنزلته يف احلسن، 32]يوسف ، چ ڃ

.(176)يف االفتتان به. وقد جيعل إىل التحقري، كما يقال: "ذلك اللعني فعل كذا"(

إذا ذكنر قبنل املسنند إلينه منذكور وعقنب كمنا ينأتي اسنم اإلشنارة )للتنبينه - 4

علننى أن مننا يننرد بعنند اسننم اإلشننارة فاملننذكور جنندير باكتسننابه مننن أجننل تلننك بأوصنناا

[، أفنناد اسننم 2]لقمننان ، چڤ ڤ ڦ ڤٹ ٹ ٹ ٹ ڤچ األوصنناا، كقننول...

اإلشارة زيادة الداللة على املقصود من اختصاص املذكورين قبله باستحقاق اذدى من ربهم

. (177) والفالح(

والقزويين يف موضع آخر بالغة اإلشارة إىل األمور املعنوية، ويذكر السكاكي - 2

إلبراز املعنى جمسدا واإلشعار بتعاظم ظهوره، كما يف قول الشاعر:

(171)تعاللت كي أشجى وما بك علة تريدين قتلي ، قد ظفرت بذلك

. 32/ 1بغية اإليضاح ، عبداملتعال الصعيد ، ( 174)

. 231/ 2ديوان الفرزدق ( 172)

. 32/ 1اإليضاح )مع البغية(، القزويين، ( 176)

. 33، 32/ 1اإليضاح )مع البغية(، القزويين، ( 177)

. 216/ 13هذا البيت منسوب البن الدمينة ، كما يف: األغاني ألبي الفرج األصفهاني (171)

Page 86: علم املعاني

تيسري علم املعاني 71

ذلك واستعمل فإن األصل كان يقضي أن يقول الشاعر: "قد ظفرت به"، ولكنه ترك

اسم اإلشارة، من أجل ادعا أن املشار إليه )وهو القتل( قد كمل ظهوره حتى كأنه حمسوس

. فإن اإلمامني يعزوان وجه اجلمنال البالغني إىل قندرة اسنم اإلشنارة هننا علنى (173) بالبصر

التجسيم ، وإبراز األمر املعنو املراد بصورة واضحة ظاهرة جلية، حينث يبندو يف صنورة

شي العيين الذ ميكن أن يرى ويشار إليه. تلك أهم املعاني البالغية اليت يفيدها التعريف ال

باسم اإلشارة يف نظر السكاكي والقزويين تقريبا.

وميكن أن يضاا إىل تلك املعاني ما أشار إليه بعض املعاصنرين منن أن اسنم - 6

الغرض هو استحضار املشار إليه . فقد يكون(110)اإلشارة قد يشار به إىل الغائب الستحضاره

چٹ ٹ ٹ ٿٺ ٿ ٿ ٿچ أمام ناظر املخاطنب، كمنا يف قولنه تعناىل:

[، فقد أشار إىل اجلنة وهي غري مرئية وال مشهودة للناس، الستحضار نعيمها 32]الرعد ،

إليها.أمام ناظريهم، وإبرازه يف صورة ما تبصره عيونهم ترغيبا ذم بدخوذا والقدوم

وقد يكون الغرض هو استحضنار املشنار إلينه وإبنراز حضنوره يف وجندان املنتكلم،

حيث يقول الشاعر املعاصر معتزا بهويته العربية:

هذا بعري على األبواب منتصب مل تعش عينيه أضوا املطارات

(111)سافاتهذ الشقوق اليت ختتال يف قدمي قصائد صاغها نبض امل

إن الشاعر هنا يلجأ إىل التعريف باسم اإلشارة لتلك األشيا اخلاصة بالعربي القديم،

وهنني املظنناهر الننيت متثننل خصوصننيات العننرب القنندامى كننالبعري وشننقوق األقنندام، مننع أن

استخدامها اندثر يف الزمن احلاضر، لكنه أشار إليها للتعبري عن حضورها القيمي واملعنو يف

.70، واإليضاح، القزويين، ص 137انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص ( 173)

. 33/ 1عبداملتعال الصعيد يف شرحه على اإليضاح ويذكر هذا ( 110)

.102، 101تهجيت حلما تهجيت وهما، ديوان حممد الثبييت، ص( 111)

Page 87: علم املعاني

73 تعريف اجلملة وأركانها

العربي وتفكريه، فهي وإن غابت أعيانها واختفت مادتها إال أنها حاضرة يف وجدانه، ذاكرة

تؤكد عمق انتمائه إليها وإىل كل ما يذكره بعروبته وخصوصية هويته.

كما قد يتم استعمال اسم اإلشارة دون أن يكون مثة مشار إليه، وإمنا هو يقوم - 7

بالدور الذ يؤديه ضمري الشأن، إذ يدل على التأكيد وأهمية الكالم الذ يلي ضمري الشأن

أو اسم اإلشارة. وهو ما يذكره الدكتور متام حسنان يف دراسنته اللسنانية واألسنلوبية للننص

]آل چٿ ٿ ٿ ٿ ٹ چ الشنواهد القرآنينة، كقولنه تعناىل: القرآني يف عدد منن

]األنعننام ، چڀ ڀ ڀ پٻ پ پ پ ٻٱ ٻ ٻچ [، وقولننه: 172عمننران ،

[، )والدليل على أن ما سبق من أمسا اإلشارة يدل على الشأن أن منا بعندها يصنلح 102

أن تضع )أن( الناسخة املفتوحة مجلة من مبتدأ وخرب، ودليل هذه الصالحية أنك تستطيع

. وبعند، فنإن (112) اذمزة بني كل إشارة وما بعدها، والناسخ إمنا يدخل على املبتدأ واخلرب(

تلك االستعماالت واملعاني البالغية ليست إال مناذج ملا ميكن أن يزخر به هذا األسلوب من

بالغة ومجال.

الم التعريف :-2

املسنند إلينه بنالالم إمنا )لإلشنارة إىل معهنود بيننك وبنني يرى القزويين بأن تعرينف

خماطبك، كما إذا قال قائل: جا ني رجل من قبيلة كذا، فتقول: ما فعنل الرجنل؟... وإمنا

.(113) إلرادة نفس احلقيقة، كقولك: الرجل خري من املرأة...(

يثنه إن املتأمل حلديث القزويين السابق عن بالغة التعريف بهنذا األسنلوب جيند حد

يركز على املعاني األصنلية للتعرينف بنالالم، فنالتعريف بنالالم يف نظنره قند ينأتي للعهند أو

اجلنس، وهذا القول ال خيتلف كثريا عما يذكره النحاة حول التعريف بهذا األسلوب. ومل

. 212/ 1البيان يف روائع القرآن ، د.متام حسان، ( 112)

.34/ 1اإليضاح )مع البغية( ، القزويين ، ( 113)

Page 88: علم املعاني

تيسري علم املعاني 10

خيرج بعض البالغيني املعاصرين عن هنذين الغرضنني يف حنديثهم عنن تعرينف املسنند إلينه

العلم بأن التعريف للعهد أو اجلنس قد ينأتي يف املسنند أيضناو. وعلنى هنذا ، مع(114)بالالم

يف -إال فيمنا نندر –الطريق سارت دراسة أسلوبية تطبيقية معاصرة، إذ مل تتجناوز كنثريا

. ومبنا أن العهند (112)حديثها عنن مجالينات التعرينف بنالالم كونهمنا إمنا للجننس أو للعهند

للذان تفيدهما الم التعريف، فإن الدراسة البالغية ال ينبغي واجلنس هما املعنيان األصليان ا

أن تقتصر على هذين املعنيني األصليني دون جتاوزهما إىل معان بالغية أخرى.

هذه املعاني البالغية اليت تفيدها الم التعريف يذكرها القزويين وأتباعه من املعاصرين

أمثلته مما مت تعريفه بالالم، حماولني أن عندما يتحدثون عن تعريف املسند، إذ يذكرون معظم

يربزوا دالالت أخرى يف مجال هذا األسلوب. إنهم هنا ينقلون عن عبدالقاهر ما أورده يف

كمنا يندل علنى ذلنك كنالم الدالئل ال على أن جيعلوه من القيم البالغية للتعريف بنالالم

حتت مسمى )تعريف املسند(. ، ولكن جبعله مبحثا مستقال (116)عبدالقاهر يف الدالئل

وميكن هنا اإلشارة إىل أهم تلك الدالالت البالغية اليت حتدث عنهنا البالغينون يف

وهو أفضل منن حتندث عنن بالغنة هنذا األسنلوب هذا األسلوب. فعبد القاهر اجلرجاني

التعرينف يشريون إىل عدد من الدالالت النيت يفيندها وتابعه السكاكي والقزويين يف هذا

بالالم، وهي:

القصر واالختصاص: -1

يشري عبدالقاهر إىل أن التعريف بالالم قد يأتي للداللة على القصر احلقيقي، ذلنك

)أنك إذا نكرت اخلرب جاز أن تأتي مببتدأ ثان، على أن تشركه حبرا العطف يف املعنى الذ

.211، 210انظر: خصائص الرتاكيب ، د.حممد أبو موسى، ص( 114)

.311 -371انظر: خصائص األسلوب يف الشوقيات، حممد اذاد الطرابلسي، ص ( 112)

يقول عبدالقاهر يف ذلك املوضع ما نصه: )واعلم أنك قد جتد األلف والالم يف اخلرب على معنى اجلنس، ثم ترى له يف ( 116)

وهو الداللة على اجلنس -م عبدالقاهركما يدل كال–، وواضح أن املعنى األصلي 173ذلك وجوها..( دالئل اإلعجاز، ص

موجود، ولكن قد يصحبه معان بالغية أخرى.

Page 89: علم املعاني

11 تعريف اجلملة وأركانها

ك تقول: )زيد منطلق وعمرو( أخربت به عن األول، وإذا عرفت مل جيز ذلك. تفسري هذا أن

تريند: )وعمنرو منطلنق أيضنا( وال تقنول: )زينند املنطلنق وعمنرو(، ذلنك ألن املعننى مننع

التعريف على أنك أردت أن تثبت انطالقا خمصوصا قد كان من واحد، فنإذا أثبتنه لزيند مل

. (117) يصح إثباته لعمرو(

الثاني عنن طرينق تعرينف اخلنرب إن املعنى الواضح هنا هو أن املتحدث أراد يف املثال

قصر االنطالق على زيد ونفيه عما عداه. وهذا املعنى ليس خاصا بتعريف املسند فحسب،

بل هو موجود كذلك يف تعريف املسند إليه كما يف قولنا: )املنطلق زيد(، جبعل )زيد( خنرب

م يف تعريف الطرفني. املبتدأ، فإن تعريف املبتدأ بالالم هو الذ حقق معنى القصر، ألنه ساه

التمام والكمال : -2

يشري عبدالقاهر أيضا إىل أن التعريف بالالم قد يكون للتمام والكمال، وذلك عندما

يكنون قصندك يف القصنر املبالغنة واالدعنا ، حيننث )تقصنر جننس املعننى علنى املخنرب عنننه

ريد أنه الكامل، لقصدك املبالغة، وذلك قولك: )زيد هو اجلواد( و)عمرو هو الشجاع(، ت

إال أنك خترج الكالم يف صورة توهم أن اجلود والشجاعة مل توجد إال فيه، وذلك ألنك مل

تعتد مبا كان من غريه، لقصوره عن أن يبلغ الكمال. فهذا كناألول يف امتنناع العطنف علينه

.(111)لإلشراك، فلو قلت: )زيد هو اجلواد وعمرو( كان خلفا من القول(

عتياد :التكرار واال -3

كما قد يأتي التعريف بالالم لإلشارة إىل اعتياد حدوث املعنى املخصوص أكثر منن

مرة، وذلك عندما يتم تقييد هذا املعنى بشي خيصصه كأن يقيد باحلال والوقت. ويستشهد

عبدالقاهر لذلك بقول الشاعر:

.202/ 1وانظر: اإليضاح )مع البغية( القزويين 171دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني ، ص ( 117)

.110، 173دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 111)

Page 90: علم املعاني

تيسري علم املعاني 12

(113)هو الواهب املئة املصطفاة إما خماضا وإما عشارا

)أال ترى أن املعنى يف بيت األعشى أنه ال يهب هذه اذبنة إال املمندوح؟ ورمبنا ظنن

الظان أن الالم يف )الواهب املئة املصطفاة( مبنزلتها يف حنو )زيد هو املنطلق( منن حينث كنان

القصد إىل هبة خمصوصة، كما كان القصد إىل انطالق خمصوص. وليس األمر كذلك ألن

نس من اذبة، ال إىل هبة خمصوصة بعينها. ويدلك علنى ذلنك أن املعننى القصد ههنا إىل ج

على أنه يتكرر منه، وعلى أن جيعله يهب املئة مرة بعد أخرى. وأما املعنى يف قولنك: )زيند

هو املنطلق( فعلى القصد إىل انطالق كان مرة واحدة، ال إىل جنس من االنطالق، فالتكرر

.(130) هنا غري متصور(

أن مقصد عبدالقاهر هنا هو بأن هذا النوع األخري ال خيتلف (131)القزويين وقد فهم

عما سبقه إال أن يف األول قصرا مطلقا يف حني أن الثاني هو قصر مقيد، وهو فهم صحيح

لكن عبدالقاهر أراد أيضا أن يشري إىل أن النوع األخري يفيد مع القصر تكرر احلدوث واعتياد

د مرة، وهو ما مل يتنبه له القزويين. وتابع القزويين يف مثنل هنذا الفهنم وقوع املعنى مرة بع

.(132)بعض املعاصرين

املعرفة والشهرة : - 4

قد يأتي التعريف بالالم للداللة على املعرفة والشهرة، كما يف قول اخلنسا :

(133)إذا قبح البكا على جميل رأيت بكا ك احلسن اجلميال

)فهي مل ترد أن ما عدا البكا عليه ليس حبسن وال مجيل، ومل تقيد احلسن بشي

فيتصور أن يقتصر على البكا ، كما قصر األعشى هبة املئة على املمدوح، ولكنها أرادت أن

.4/221للبغداد ، حتقيق: عبدالسالم هارون البيت منسوب لألعشى يف خزانة األدب( 113)

. 111، 110دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص( 130)

.207/ 1انظر: اإليضاح )مع البغية(، القزويين، ( 131)

.322، وفضل عباس يف البالغة فنونها وأفنانها ص 306انظر: د.حممد أبو موسى يف خصائص الرتاكيب ( 132)

. 113ص ديوان اخلنسا ( 133)

Page 91: علم املعاني

13 تعريف اجلملة وأركانها

تقره يف جنس ما حسنه احلسن الظاهر الذ ال ينكره أحد وال يشك فيه شاك، ومثلنه قنول

حسان:

(134)م اجملد من آل هاشم بنو بنت مخزوم ووالدك العبد وإن سنا

أراد أن يثبت العبودية ثم جيعله ظاهر األمر فيها معروفنا بهنا، ولنو قنال: )ووالندك

. ففني املوضنعني كنان (132) عبد( مل يكن قد جعل حالنه يف العبودينة حالنة ظناهرة متعارفنة(

إىل شهرة ذلك املعنى ومعرفته، فاحلسن يف البكا على ذلك غرض التعريف بالالم اإلشارة

أمر مشهور ومعروا ال ينكره وال جيادل فيه أحد، كما أرادت الشاعرة أن تقولالقتيل

والعبودية يف املهجو أمر، كذلك، مشهور ومعروا لدى مجيع الناس.

عتمناد علنى يف ختام هذا املبحث أود اإلشارة إىل أمرين، أوذمنا: أنني فضنلت اال

عبارات عبدالقاهر ألن من جا وا بعده مل يزيدوا علنى منا قالنه شنيئا، ال يف الشنرح وال يف

. وثانيا: أن تلك األغراض البالغية ليست خاصة بتعريف املسند فحسب، بل (136)الشواهد

ميكن أن تتحقق أيضا يف تعريف املسند إليه، وذلك عندما يتم وضنع املسنند موضنع املسنند

، فبدال من أن نقول: )زيد هو الواهب املئة املصطفاة(، نقول: )الواهب املئة املصطفاة إليه

هو زيد(. مما يعين أنها تشمل أسلوب التعريف بنالالم سنوا أكنان التعرينف يف املسنند أم يف

املسند إليه.

التعريف باإلضافة : -6

مجال النظم إىل مجال اإلضافة دون أن يف سياق حديثه عن النظم يرجع عبدالقاهر

، ويتحدث يف موضع آخر عن الفرق يف املعنى بنني (137)يقدم تفسريا أو تعليال لوجه اجلمال

. 212شرح ديوان حسان بن ثابت ، عبدالرمحن الربقوقي ، ص ( 134)

.202/ 1. وانظر: اإليضاح )مع البغية(، القزويين، 112، 111دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 132)

مد أبو موسى يف ، ومن املعاصرين: د.حم201 -203/ 1انظر على سبيل املثال: القزويين يف اإليضاح )مع البغية( ( 136)

.321-321، ود.فضل حسن عباس، البالغة فنونها وأفنانها ص 310-302خصائص الرتاكيب ص

. 103، 102انظر: دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 137)

Page 92: علم املعاني

تيسري علم املعاني 14

إضافة املصدر إىل فاعله أو مفعوله. حيث تقتضي اإلضافة إىل الفاعل وجود املصدر خبالا

.(131)إضافته إىل املفعول فإنها ال تفيد ذلك

اكي ويتابعننه القننزويين إىل بعننض أغننراض التعريننف باإلضننافة يف حننني يشننري السننك

:(133)بتفصيل أكرب، حيث تفيد إضافة التعريف

االختصار لضيق املقام كما يف قول الشاعر: - 1

(200)هوا مع الركب اليمانني مصعد *** جنيب، وجثماني مبكة موثق

الكنالم فقنال )هنوا ( ومل فألنه يف السجن ويف حال من الكنرب والضنيق اختصنر

يقل: )املرأة اليت أهواها(.

أو لتغين اإلضافة عن التفصيل املتعذر ، كما يف قول الشاعر: - 2

(201)أوالد جفنة عند قرب أبيهم قرب ابن ماوية الكريم املفضل

م.فألنه ال ميكن أن يعدهم واحدا واحدا جا باإلضافة لتغين عن تعداد أمسائه

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ چ أو للتعظيم ، كما يف قولنه تعناىل: -3

[، فقد أضيف الرسول يف )عبده( إىل ضمري لفنظ اجلاللنة لتعظيمنه 1]اإلسرا ، چپ

داتها( يف يقارن عبدالقاهر بني قول القائل عن أنامله: )ما حفظها األشيا من عاداتها(، وقول: )ماحفظ األشيا من عا( 131)

داللتهما على نفي احلفظ؛ فاألول يفيد وجود احلفظ إلضافته إىل الفاعل، خبالا الثاني الذ ال يدل على وجود احلفظ إلضافته

إىل املفعول؛ يقول: )كان ينبغي أن يقول: )ماحفظ األشيا من عاداتها( فيضيف املصدر إىل املفعول، فال يذكر الفاعل، ذاك ألن

ينفي احلفظ عن أنامله مجلة، وأنه يزعم أنه ال يكون منها أصال، وإضافة احلفظ إىل ضمريها يف قوله: )ما حفظها املعنى على أنه

األشيا ( يقتضي أن يكون قد أثبت ذا حفظا. ونظري هذا أنك تقول: )ليس اخلروج يف مثل هذا الوقت من عادتي(، وال تقول:

وكذلك تقول: )ليس ذم الناس من شأني(، وال تقول: )ليس ذمي الناس من )ليس خروجي يف مثل هذا الوقت من عادتي(،

. 222، 221شأني( ألن ذلك يوجب إثبات الذم ووجوده منك(. دالئل اإلعجاز ص

.101 – 1/100، واإليضاح )مع البغية(، القزويين، 117 – 116انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص ( 133)

مسجون، وبعد أن زارته حمبوبته مع ركب من قومها، فقال إن احلبيبة اليت يهواها مع الركب يقول الشاعر البيت وهو ( 200)

الذين عن ميينه مصعد ومبعد عنه، وجنيب: أ على جنب البعري أو القافلة، وهو موثق اجلسم واجلثمان يف السجن مبكة.

. 362لرمحن الربقوقي، ص ، وشرح ديوان حسان، عبدا224/ 1البيت حلسان يف الشعر والشعرا ، ( 201)

Page 93: علم املعاني

12 تعريف اجلملة وأركانها

]الشننمس ، چڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ چ وتشنريفه. ومنن هنذا القبينل قولنه تعناىل:

املضاا وتكرميه، وتعظيم مكانته ومنزلته، [، فإن إضافة الناقة إىل لفظ اجلاللة لتشريف 13

حيث إن هذه اإلضافة من أجل تعظيم الناقة وتفخيم شأنها، وأنها جا ت من عند اهلل تعاىل

يف مواضنع خمتلفنة منن كمنا يقنول الزخمشنر –فهي آية من آياته. ويرد مثل هذه اإلضنافة

" و"فطنرة اهلل" ... ومسهننا القنرآن، حينث جتننده يقنول )"صننع اهلل" و"صننبغة اهلل" و"وعند اهلل

.(202)بإضافتها إليه بسمة التعظيم(

وال تزيد بعض الدراسات األسلوبية املعاصرة على البالغيني املتأخرين شيئا غنري منا

سننبق يف حننديثهم عننن هننذا األسننلوب، إذ ال يننذكر يف مجننال التعريننف باإلضننافة إال هننذه

. (203)ريبااألغراض الثالثة اليت ذكرها السكاكي والقزويين تق

ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ چ كما قد تأتي اإلضافة لالستعطاا ، كما يف قولنه تعناىل: - 4

[ يناد هنارون أخناه موسنى بنن )ينا ابنن أم( ولنيس بامسنه 120]األعراا ، چڦ

الصريح، ويعلل بعض املفسرين ذلك ألن موسى قد أخذ برأس أخيه وحليته يعاتبه ويسائله

عما حدث لقومه يف سفره من عبادة العجل، وعدم وقوا هارون موقفنا صنارما منن هنذا

األمر، وال جيد هارون ما يستعطف به أخاه موسنى ويلنني شندة موقفنه سنوى أن ينادينه مبنا

يذكره مبا بينهما من الرحم واألخوة والقرابة، حتى يرفق بنه موسنى ويقبنل عنذره، لنذلك

.(204)أنهما من بطن واحدة وذلك أدعى إىل العطف والرمحة أضافه إىل األم إشارة إىل

وقد تأتي اإلضافة للتصوير وجتسيد املعنى، إذ امللحوظ يف مجيع ما سبق من - 2

دواعي التعريف باإلضافة أنها اقتصرت على إضافة الشي إىل ما من حقه إضافته إليه، وهي

.311/ 3الكشاا ، الزخمشر ، ( 202)

. والبالغة العربية )قرا ة أخرى( ، 264،262انظر على سبيل املثال: البالغة واألسلوبية ، د.حممد عبداملطلب، ص ( 203)

. 233، 232د.حممد عبداملطلب، ص

.223، ص انظر: البالغة القرآنية يف تفسري الزخمشر ، د.حممد أبو موسى( 204)

Page 94: علم املعاني

تيسري علم املعاني 16

ورة أخرى من اإلضافة هي أكثر قربا الصورة األصلية اليت تأتي عليها اإلضافة، لكن مثة ص

إىل روح الفن واإلبداع، وهي إضافة الشي إىل منا لنيس منن حقنه اإلضنافة إلينه. وهنو منا

تفطنت إليه إحدى الدراسات املعاصرة يف حديثها عن أشكال الصورة، حينث أشنارت إىل

ة حمسوسنة غرض مهم من أغراض اإلضافة، أال وهو التصوير وإبراز املعنى اجملرد يف صور

قابلنة للتصنور والتخينل. وذلننك أن اإلضنافة هني أحند األشننكال النحوينة النيت تبننى عليهننا

. حيث يتحقق التصوير عند إضافة الشي إىل ما ليس له يف احلقيقة، كمنا يف (202)االستعارة

[، فأضيف اجلناح إىل منا 24]اإلسرا ، چڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ چ قوله تعاىل:

فقد ساهمت هذه اإلضافة يف إبراز الذل يف صورة طائر خيفض جناحه ليس له وهو الذل،

تواضعا وتذلال، وهو ما يتناسب مع األمر باللني والتواضع والتذلل يف معاملة الوالدين.

وقد جا مثل هذه اإلضافة يف قول أبي ذؤيب:

(206)وإذا املنية أنشبت أظفارها ألفيت كل متيمة ال تنفع

شاعر هنا يلجأ إىل إضافة )األظفار( إىل ضمري املنية، وهننا )ال توجند أ عالقنة فال

منطقية بني املضاا واملضاا إليه، وإمنا أدت عالقة االحنراا بينهما إىل خلنق كنائن جديند

. وهننا تنأتي اإلضنافة (207) ولد من خالل اجلمع بنني عنصنرين ينتمينان إىل قطنبني خمنتلفني(

فجعت فؤاد أبي ذؤيب فتجسمت يف خياله هذه الصورة املفجعة لتكشف عن الصدمة اليت

للمنية اليت اخرتمت أبنا ه اخلمسة وحصدتهم واحدا إثر اآلخر، لذلك مل جيد تعبريا أصدق

من تصوير املنية بصورة الوحش الكاسر الذ ينشب خمالبه وأظفاره يف فرائسه وضحاياه فال

املوحشة حتققت عرب التعريف بإضافة األظفنار إىل يرتكها إال صرعى، هذه الصورة املخيفة

املنية ألدا هذا املعنى.

.17انظر: الصورة الشعرية يف الكتابة الفنية ، د.صبحي البستاني، ص ( 202)

. 422املفضليات ، املفضل الضيب، ص ( 206)

.17لصورة الشعرية يف الكتابة الفنية ، د.صبحي البستاني، ص ( ا207)

Page 95: علم املعاني

17 تعريف اجلملة وأركانها

تلك كانت أشهر صور التعريف، وأبرز املعاني البالغية اليت يفيدها ذلك األسلوب،

ولكن ثم صورة أخرية ترتبط ببالغة التعريف مل يشر إليها البالغيون األوائل، وقد ذكرهنا

لطرابلسي يف دراسته ألسنلوب الشناعر أمحند شنوقي، أال حممد ا أحد املعاصرين، وهو د.

وهي:

اجتماع تعريفني يف الكلمة :

األصل أن املعرفة ال تعرا، وإمنا التعريف خاص بالنكرات. وقد نقل أحد الباحثني

، إال أن هنذا (201)عن مجع منن النحناة عندم جنواز اجتمناع تعنريفني علنى االسنم الواحند

أحيانا، وهذا العدول خاص باألعالم فقط.األصل قد يتم العدول عنه

هننذه اخلصوصننية يف جننواز تعريننف العلننم حينناول باحننث آخننر أن يرجننع سننببها إىل

)ضعف التعريف يف العلم، ويتضح ذلك من خالل سلوكه اللغو داخل اجلملة يف اللغنة

ليس هناك العربية أحيانا... )فهو( يسلك سلوك النكرة يف حاالت كثرية داخل تراكيب لغوية

.(203) شك يف صحتها، هذه احلاالت تدل دون أدنى شك على ضعف التعريف يف العلم(

وميكن القول بأن هذا األسلوب )تعريف الكلمة بطريقني( يأتي على صورتني:

الصورة األوىل : أن يضاا العلم إىل معرفة مثله : -1

حيث يضاا العلم إىل املعرا بالالم أو الضمري أو علم آخر أو اسم إشارة أو اسم

موصول. وهي ظاهرة ترد كثريا وخاصة يف الشنعر، فقند حلنظ باحنث معاصنر شنيوع هنذه

، كما يف قوله:(210)الظاهرة يف شعر أمحد شوقي

(211)فات إىل عرفات اهلل يا خري زائر عليك سالم اهلل يف عر

. 32انظر: التعريف والتنكري بني الداللة والشكل ، د.حممود أمحد حنلة، ص ( 201)

.114لتعريف والتنكري يف النحو العربي، د.أمحد عفيفي ، ص ا( 203)

. 316 – 314انظر: خصائص األسلوب يف الشوقيات ، حممد اذاد الطرابلسي، ص ( 210)

.31/ 1الشوقيات ، أمحد شوقي، ( 211)

Page 96: علم املعاني

تيسري علم املعاني 11

فقد أضاا )عرفات( إىل العلم )لفظ اجلاللة(، وقوله:

(212)ولو زلت غيب عمرو األمور وأخلى النمنابر سحبانها

فقد أضاا )عمرا( إىل املعرا بالالم، وأضاا )سحبان( إىل الضمري.

عريفهنا(، فنإن مثنة علنة بيد أنه إذا كان مثة علة لغوية لتعريف العلم )وهني ضنعف ت

أخرى بالغية فنية قد تدفع إىل هذا، وهو ما ميكن التماسه من خالل تأمل السياق الذ يرد

فيه مثل هذا األسلوب، ويظهر هذا بتأمل قول الشاعر:

(213)عال زيدنا يوم النقا رأس زيدكم بأبيض مشحوذ الفرار يمان

البيت السابق قد أضاا )زيدا( إىل ضمري التكلم )نا( مرة، وإىل ضمري فالشاعر يف

املخاطبني )كم( مرة أخرى.

فمن الواضح يف هذا البيت أن اإلضافة ال تأتي جملرد التعريف فقط، بل لتعميق انتما

خرى. )زيد( املنتصر إىل القبيلة اليت يفتخر بها الشاعر، وتأكيد انتما زيد املهزوم للقبيلة األ

وبالتالي فإن هذين الضمريين يأتيان إلبنراز التقابنل والتفاضنل بنني قبيلتننا القوينة وقبيلنتكم

الضعيفة، بني بأس أبنائنا وخور أبنائكم، وهو ما ال يظهر لو ذكر منع زيند اسنم أبينه، ألن

ذلك لن يكشف عن تفوق قبيلة الشاعر على القبيلة األخرى.

:ومن هذا النوع قول شاعر معاصر

(214) ما بال إخوتنا استكانوا يا أبي ال شامنا انتفضت وال بغنداد

فقد أضاا )الشام( إىل ضمري التكلم )نا(، والغرض هننا بينان شندة القطيعنة النيت

أصابت املسلمني فيما بينهم حيث ال ينصر قويهم الضعيف، فهذه الشام اليت ال تنتفض ملا

.262/ 1الشوقيات ، أمحد شوقي، ( 212)

البيت لرجل من طي كما يف لسان العرب مادة )ز د(.( 213)

.62عندما يعزا الرصاص، د.عبدالرمحن العشماو ، ص ( 214)

Page 97: علم املعاني

13 تعريف اجلملة وأركانها

الشام اليت ينتمي إليها وتنتمي إليه، ولذلك أضافها إىل الضمري جتسيدا أصاب الشاعر هي

لعظم التقاعس الذ حيجم فيه املسلمون عن نصرة بعضهم البعض.

الصورة الثانية : أن تدخل )أل( التعريف على العلم : -2

قد تدخل )أل( على العلم فتكون زائدة، وهي تلك )اليت اقرتنت بالعلم املرجتل أو

نقول وال تفارقه بعد اقرتانها به أبدا، مثل: السموأل )شاعر جناهلي يهنود (...، اليسنع امل

. فإن )أل( فيما سنبق ليسنت للتعرينف (212))نيب(، الالت )صنم يف العصر اجلاهلي(...إخل(

وإمنا هي زائدة، فال ينطبق عليها أن يكون يف الكلمة تعريفان.

إمنا املقصود هنا إدخال )أل( التعريف على العلم ال لتكنون مالزمنة لالسنم وكأنهنا

، وإمنا يؤتى بها مع علم ال حيتاج إليها عادة. وذلك مثل أن يقول من كما سبقجز منه

آذاه شخص امسه )زيد(: )أزعجنا هذا الزيد(و. فاملتكلم هنا قد أضاا )أل( التعرينف إىل

لألصل، وغايته من ذلك احلط من قيمة ومكانة زيد املذكور، فكأن زيدا هنذا العلم خالفا

نكرة خامل ال يعرا، مما جعله حيتاج إىل أداة تعريف ترفع عنه ذلك.

تلننك همننا الصننورتان الصننحيحتان اللتننان وجنندتهما الجتمنناع تعننريفني يف الكلمننة

أن د.حممد الطرابلسي أضاا الواحدة، إذ الواضح أن هذا األمر خاص باألعالم فقط. إال

صورة غري الصورتني السنابقتني زعنم وجودهنا يف شنعر أمحند شنوقي، وهني جمني )أل(

. وقد ذكر ذذا النوع عددا وافرا من الشواهد استخرجها (216)التعريف مع املعرا باإلضافة

من شعر شوقي، من مثل:

(217)ت سليته الناعسات املوقظاتي للهوى املغريات به وكن

.133، 131التعريف والتنكري يف النحو العربي، د.أمحد عفيفي ، ص ( 212)

. 316انظر: خصائص األسلوب يف الشوقيات ، حممد اذاد الطرابلسي، ص ( 216)

. 120/ 2الشوقيات ، أمحد شوقي ، ( 217)

Page 98: علم املعاني

تيسري علم املعاني 30

ومثل:

(211)والباكياتك حني ينقطع البكا والزائراتك في العزا النائي

فكما هو واضح أن )املوقظاتي(، و)الباكياتنك(، و)الزائراتنك( قند بندئت بنن )أل(

يف كما ظن الداخلة على كلمة مضافة إىل معرفة. ولكن الصحيح أن )أل( هنا ليست للتعر

وهو ما ينطبق على مجيع الشواهد اليت استشهد بهاالطرابلسي وإمنا هي )أل( املوصولة

ومن هنا ال ميكن أن تعد من قبيل اجتماع تعريفني لعدم وجود معرفة أخنرى غنري التعرينف

باإلضافة.

جنا ني ألحد غرضني، إما الداللة علنى العندد، حننو: " يف األصليأتي التنكري

رجل"، أ : رجل واحد وليس اثنني، أو الداللة على النوع، حنو: "جا ني رجل"، أ :

ۈئ چ رجل وليس امرأة. يقول عن ذلك القزويين: )وأما تنكريه فلإلفراد، كقولنه تعناىل:

[، أ فرد من أشخاص الرجال، أو للنوعية، كقوله 20]القصص/ چېئ ېئ ېئ ىئ ىئ

[، أ نوع من األغطية غنري منا يتعارفنه 7]البقرة/ چ ٿ ٿ ٹ ٿٺ ٿچ تعاىل:

. (213)الناس(

قال الصعيد معلقا على اآلية األوىل: )وال خيفى أن هنذا معننى أصنلي للنكنرة ال

. واحلق أن املعنيني كليهما معنى أصلي، فالنكرة إما أن تدل على نوع أو (220)يصح ذكره هنا(

عدد.

. 2/ 3الشوقيات، أمحد شوقي، ( 211)

.102/ 1اإليضاح )مع البغية(، القزويين، ( 213)

.102/ 1بغية اإليضاح، عبداملتعال الصعيد ، ( 220)

Page 99: علم املعاني

31 تعريف اجلملة وأركانها

، أبرزها:(221)يفيدها التنكري فهي كثريةأما املعاني البالغية اليت

التعظيم: -1

[، فقند نكنر 173]البقرة/ چڭ ڭ ڭ ۇ چ ويظهر مثل ذلك يف قوله تعاىل:

احلياة لتعظيمها وتفخيم شأنها، فإن تطبيق حد القصاص يكفل احلياة العظيمة للمجتمعنات

املسلمة.

اجلهل به :-2

أو معرفتك باملذكور، فتنكره )ألنك ال تعرا قد يأتي التنكري ليدل على عدم علمك

. وعلى هذا فاملتكلم يلجأ إىل تنكري الكلمنة لإلشنارة إىل أنهنا (222)منه حقيقة إال ذلك القدر(

چٱ ٻ ٻ ٻ چ نكرة جمهولة عنده، ومن ذلك قوله تعاىل على لسان اذدهند:

جمهولة غري معروفة عند . [، فنكر املرأة ألنه ال يعلم امسها، أ امرأة23]النمل:

التأدب : -3

ومن ذلك قول الشاعر:

(223)إذا سئمت مهنده ميني *** لطول احلمل بدله شماال

فهو يصف شدة بأس املمدوح، حيث ال يدع السيف أبدا، فنإذا تعبنت مييننه محلنه

التنأدب، حتنى ال ينسنب بشماله. ويلحظ أنه نكر )ميني( فلم يقل )ميينه(، وذلنك منن بناب

.(224)السأم والتعب إىل ميني املمدوح

.102/ 1، اإليضاح )مع البغية(، القزويين، 133انظر: مفتاح العلوم ، السكاكي، ص ( 221)

.131مفتاح العلوم، السكاكي، ص ( 222)

مل أعثر ذذا البيت على قائل.( 223)

.107املراغي، ص انظر: علوم البالغة، ( 224)

Page 100: علم املعاني

تيسري علم املعاني 32

الربط بالصفة : -4

األصل أن يلجأ املتكلم إىل تعريف الكلمة ما دام يعرفها متام املعرفة، وعنندما يقنوم

بتنكريها وهو يعرفها فرمبا كان غرضه هو إعطنا النكنرة قيمتهنا منن خنالل صنفتها، ال منن

إليهنا التعرينف. ويظهنر مثنل ذلنك عنند تننكري منن تعرفنه، حينث خالل القيم اليت يضنيفها

)تتجاهل وترى أنك ال تعرا منه إال جنسه... كأنك لست تعرا منه وال أصحابك إال تلك

الصورة، ولعله عندكم أشهر من الشمس، وعليه ما حيكيه جل وعال عنن الكفنار يف حنق

]سنبأ/ چۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ چ النيب علينه السنالم:

7)](222).

ويظهر هذا يف قول حسان بن ثابت رضي اهلل عنه:

(226)وقال اهلل قد أرسلت عبدا *** يقول احلق إن نفع البال

يتضح أن حسان يعنرا منن هنذا العبند املقصنود، وهنو رسنول اهلل صنلى اهلل علينه

وسلم، فكان ميكنه أن يقول )العبد( فيعرفه بالالم، أو يقول )عبندنا( فيعرفنه باإلضنافة إىل

ضمري لفظ اجلاللة، أو يعرفه بالعلمية فيقول )حممد(. ولكنه جلأ إىل أسلوب التنكري ألنه لو

)ال( ألكسبته قيمة معنوية، ألنها ستكون )أل( العهدية، أ : العبد املعهود جا التعريف بن

وهنو الضنمري عبدنا( الكتسب من املضاا إلينه املعروا، ولو أضيف فقيل: )عبد

تشريفا ومسوا، وذلك ما ال يريده الشاعر، فهو يريد أن يكون اتباع العائد إىل لفظ اجلاللة

ر أو معروا، وال ألنه يدعي وصنال بناهلل تعناىل، أو ألن امسنه هذا العبد ليس ألنه مشهو

)فالن بن فالن(، بل ألنه )يقول احلق(. ذنذا جنا التننكري لنربط النكنرة بصنفة قنول احلنق

ولسلب هذا العبد أ مسو سوى مسو احلق الذ يقوله، وهو ما جينب أن يكنون سنببا يف

التصديق به واإلميان برسالته.

.132مفتاح العلوم، السكاكي، ص ( 222)

.12ديوان حسان بن ثابت، حتقيق: عبداهلل سنده ص ( 226)

Page 101: علم املعاني

33 تعريف اجلملة وأركانها

عدم التعيني: -

[، فقند نكنر 3]يوسنف/ چڳ ڳ ڳ ڳ ڱ چ ويظهر ذلك يف قولنه تعناىل:

.(227)"أرضا" ألن املطلوب هو التخلص من يوسف يف أ مكان كان

يقرر عامل اللغة )فنندريس( اخنتالا اللغنات اإلنسنانية اختالفنا ملحوظنا منن جهنة

بني نوعني من اللغات: اللغات ذات الرتتيب حريتها يف ترتيب الكلمات، إذ ميكن أن يفرق

احلر، واللغات ذات الرتتيب الثابت. ففي اللغات ذات الرتتيب احلر ال تفرض قواعد النحو

أ تنظيم إجبار داخنل اجلملنة، وال تتنأثر العالقنة املنطقينة بنني كلمنات اجلملنة إذا غيرننا

ر، حيث نقول: )ضرب زيند عمنرا(، أو ترتيبها. وتعد العربية من اللغات ذات الرتتيب احل

)ضرب عمرا زيد(، أو )عمرا ضرب زيد(، دون أن يؤد ذلك إىل تردد يف معرفة الفاعل

والفعل واملفعول. ولكن هذه األوضاع الثالثة ليست على درجة واحدة من اجلودة. فإذا كان

ه للتعبري عن غرض ما، ذلك هناك ترتيب معتاد مبتذل يعرفه الذهن مباشرة، فقد تتم خمالفت

.(221)الغرض قد يكون هو إبراز كلمة من الكلمات لتوجيه التفات السامع إليها

وهذا الكالم السابق الذ يقوله فندريس يدل على أمرين، أوذما: أن اللغة العربية

بفضل حركات اإلعراب يف كلماتها ميكن أن يتغير فيها ترتيب الكلمات داخل اجلملة دون أن

يؤد ذلك إىل اختالل املعنى. وثانيهما: أن هذا التغيري ليس إجرا عشوائيا، وإمنا يهدا إىل

صبغ اجلملة بطابع بالغي يبث دالالت معينة بهذا التغيري. وقد اهتم البالغيون بدراسة هذه

الدالالت اليت يفيدها تغيري ترتيب أجزا الكالم يف مبحث: التقديم والتأخري.

.101انظر: علوم البالغة، املراغي، ص (227)

.111، 117انظر: اللغة، فندريس، تعريب: عبد احلميد الدواخلي، حممد القصاص، ص (221)

Page 102: علم املعاني

تيسري علم املعاني 34

:الرتبة النحوية من حيث التقديم والتأخري أقسام

البد من اإلشارة إىل أن إمكانية تغنيري موقنع الكلمنة يف العربينة ليسنت ممكننة يف كنل

األحوال، إذ ميكن أن يلحظ انقسام الرتبة النحوية من حيث جواز تغنيري الرتتينب )حندوث

. وقد أملح إىل هذين (223) احملفوظةالتقديم والتأخري( إىل قسمني: الرتبة احملفوظة، والرتبة غري

.(230)النوعني اإلمام ابن جين يف حديثه عن التقديم والتأخري

الرتبة احملفوظة: -1

وهي الرتبة )أو الرتتيب( اليت جيب التزامها يف نظام اللغة ويف االسنتعمال اللغنو ،

احملفوظة تلك األدوات فال ميكن خمالفة هذا الرتتيب بأ حال من األحوال. ومن أمثلة الرتبة

الداخلة على املفردات، كحروا اجلر، واالستثنا ، والعطف، ورتبة الصلة من املوصول،

إذ )ال جيوز تقديم الصلة وال شي منها على املوصنول، وال الصنفة علنى املوصنوا، وال

ا أن . فنال جينوز فيهن (231)املبدل على املبدل منه... وال جيوز تقديم املضاا إليه على املضناا(

يتقدم ما بعدها عليها، فالرتتيب هنا حمفوظ ال جتوز خمالفته وفقا ملا قرره نظام اللغة، وال ميكن

أن يأتي االستعمال اللغو خمالفا ملا قضى به النظام اللغو .

الرتبة غري احملفوظة: -2

غنو وهي الرتبة )أو الرتتيب( اليت يقررها نظام اللغة ولكن قد يأتي االسنتعمال الل

خبالفها، فالرتتيب معرض للتغيري العتبارات حنوية أو بالغية، ومن أمثلة الرتبة غري احملفوظة

رتبة املفعول من الفعل، ورتبة املبتدأ من اخلنرب، ورتبنة الظنرا أو اجلنار واجملنرور ممنا تعلقنا

.(232)به

.207وما بعدها. واللغة العربية معناها ومبناها، د.متام حسان، ص 1/61د.متام حسان انظر: البيان يف روائع القرآن، ( 223)

وما بعدها. 312/ 2انظر: اخلصائص ، ابن جين ، ( 230)

.317، 312/ 2اخلصائص ، ابن جين ، ( 231)

.312/ 2انظر: اخلصائص ، ابن جين ، ( 232)

Page 103: علم املعاني

32 تعريف اجلملة وأركانها

فوظة، ألنها وما يتناوله البالغيون يف مبحث التقديم خيص التقديم يف الرتبة غري احمل

وحدها اليت ميكن فيها حدوث التقديم والتأخري املستساغ. يف حني أن ذلك ممتننع يف جاننب

الرتبة احملفوظة، والتقديم فيها يعد من التعقيد اللفظي الذ يخل يف نظر البالغيني بشروط

فصاحة الكالم.

أغراض التقديم :

املهتمني بعلوم القنرآن اهتمامنا كنبريا جيدر بالذكر القول بأن هذا املبحث قد أخذ من

، حينث مل يقصنروا حنديثهم (233)يتجاوز ما تطرق إليه البالغيون بنظرة أوسع ومادة أغنزر

على تقديم املبنى على املبنى، وإمنا نظروا يف أغراض تقديم املعنى على املعنى أيضنا بشنكل

األغراض البالغية اليت تستفاد . أما البالغيون فإنهم يتحدثون عن عدد من (234)أكثر تفصيال

من تقديم مبنى على مبنى، أشهرها:

العناية واالهتمام: -1

يعد هذا الغرض أحد أشهر أغراض التقديم فقد أشار إليه سبيويه يف كتابه، إذ يقول

. وحتندث عننه عبندالقاهر (232)بأن العرب )يقدمون الذ بيانه أهم ذم، وهم ببياننه أعننى(

ل شرح الفرق بني قول: "قتل اجملرم زيد" وقول: "قتل زيد اجملرم". حيث اجلرجاني من خال

يرى أن املثال األول الذ تقدم فيه املفعول ينصرا فينه االهتمنام إىل املقتنول، وهنو اجملنرم

الذ قد يكون عاث يف األرض فسادا، وكثر به األذى، فيكون احلرص واالهتمام منصنبا

ظر عن اسم القاتل، فلذلك يتقدم املفعول به ألنه مدار العناية واالهتمام.إىل قتله، بغض الن

.7انظر: أساليب بالغية، د.أمحد مطلوب، ص (233)

، وتقديم املعنى على املعنى مير عليه البالغيون بشكل موجز 322 – 303/ 3الربهان يف علوم القرآن، الزركشي نظر:ا (234)

يف حديثهم عن تقديم املعموالت بعضها على بعض.

.34/ 1الكتاب، سبيويه، ( 232)

Page 104: علم املعاني

تيسري علم املعاني 36

أما املثال الثاني الذ يتقدم فيه الفاعل فإن االهتمام متجه إىل الفاعل، وهو القاتنل

الذ قد يكون رجال جبانا ضعيفا ال يقدر على القتل عادة، فلنذلك يقندم املنتكلم الفاعنل

عنيه ويعين الناس من شأن هذا القتل ندرته وبعد احتمال وقوعه، فلذلك )زيدا( ألن الذ ي

.(236)تقدم الفاعل ألن االهتمام والعناية موجهان حنوه

[، 7]احلجرات/ چ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄچ ويظهر مثل هذا التقديم يف قوله تعاىل:

على ما وقع منهم حيث قدم "فيكم"، والتقديم هنا لالهتمام باخلرب ليفيد توبيخ هؤال القوم

.(237)من تفريط، ورسول اهلل بينهم

چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ چ وعلننى هننذه الشنناكلة ينظننر الزركشنني إىل قولننه تعنناىل:

[. فإن )أصل الكالم: "هواه إذه". كما تقول: اختذ الصننم معبنودا. لكنن قندم 23]اجلاثية/

زينندا، لفضننل عنايتننك املفعننول الثنناني علننى األول للعنايننة، كمننا تقننول: علمننت منطلقننا

. (231)بانطالقه(

چ وحياول ابن األثري أيضا التماس القيمة البالغية اليت يفيدها التقديم يف قوله تعاىل:

[، فإن )يف تقديم اخلرب الذ هو: "مانعتهم" 2]احلشر/ چہ ھ ھ ھ ھ ے

وزينادة وثنوقهم على املبتدأ الذ هو: "حصونهم" دليال على فرط اعتقادهم يف حصانتها،

. كما أن يف جعنل )ضنمريهم امسنا إلن وإسنناد اجلملنة إلينه، دلينل علنى (233)مبنعها إياهم(

تقريرهم يف أنفسهم أنهم يف عزة وامتناع ال يباىل معهنا بقصند قاصند وال تعنرض متعنرض.

. 101، 107انظر: دالئل اإلعجاز، عبد القاهر اجلرجاني، ص ( 236)

. 172اكيب ، د. حممد أبو موسى ، ص انظر: دالالت الرت (237)

.347/ 3الربهان يف علوم القرآن، الزركشي (231)

.244/ 2( املثل السائر، ابن األثري 233)

Page 105: علم املعاني

37 تعريف اجلملة وأركانها

. فنإن اهتمنامهم (240)وليس شي من ذلك يف قولك: وظنوا أن حصونهم مانعتهم من اهلل(

ناعة حصونهم جعلهم يقدمونها يف احلديث لشدة ثقتهم الكاذبة يف ذلك.وعنايتهم مب

[، 67]طنه/ چڤ ڤ ڤ ڦ ڦ چ ومثل هذا التقنديم يظهنر يف قولنه تعناىل:

حيث قدم املفعول به )خيفة( على الفاعل )موسى( للعناينة باملتقندم، حينث يظهنر يف اآلينة

موسنى علينه السنالم بناخلوا، كأننه قند بلنغ منن مزيد اعتنا ببيان األثر النفسني يف شنعور

.(241)ضخامته وقوته أن تضا ل جبانبه من كان فيه ذلك األثر وهو: موسى

االختصاص : -2

، ويظهر ذلك يف بعض احلاالت اليت (242)للداللة على االختصاصقد يأتي التقديم

چۅ ۉ ۉ ې ې چ ، كما يف قوله تعناىل: (243)يتقدم فيها املسند إليه على خربه الفعلي

[ أ أن بسط الرزق خمتص به اهلل جل وعال، فتقدم املبتدأ / املسنند إلينه ]وهنو 26]الرعد:

لفظ اجلاللة هنا[، على مجلة اخلرب الفعلي ]يبسط[ للداللة على االختصاص. ومما جا على

]التوبننة: چ چ چ چڃ ڃ ڃ ڃ چ ڄڄ ڄ ڄچ هننذا األسننلوب قولننه تعنناىل

[ حيث تقدم املسند إليه / الضمري )حنن( العائد إىل اهلل ليدل على االختصاص، فهؤال 101

املنافقون ال يعلم سرائرهم وباطنهم وما يضمرونه من حقد جتاه الدعوة إال اهلل جنل وعنال.

[، حيث تقدم املسند إليه لفظ اجلاللة 23]الزمر: چٹ ٹ ڤ ڤ چ ومنه قوله تعاىل:

اخلرب الفعلي ليبني أن إنزال الكتب السماوية أمر خيتص به اهلل سبحانه ال يشاركه على مجلة

فيه أحد.

وتتأكد الداللة على االختصاص عندما يتقدم املسند إلينه املسنبوق بنفني علنى خنربه

الفعلي، حنو:

.433/ 4، وانظر: الكشاا، الزخمشر ، 244/ 2املثل السائر، ابن األثري (240)

.73انظر: فلسفة البالغة بني التقنية والتطور، د. رجا عيد ، ص (241)

االختصاص: هو الداللة على إثبات األمر للمذكور، ونفيه عما سواه، وسيأتي عنه احلديث بالتفصيل يف مبحث القصر.( 242)

مجلة اخلرب الفعلي هي مجلة اخلرب اليت تتضمن فعال أو ما يف معنى الفعل، كالوصف.( 243)

Page 106: علم املعاني

تيسري علم املعاني 31

(244)وما أنا أسقمت جسمي به *** وال أنا أضرمت يف القلب نارا

التعبري يفيد االختصاص فهو يدل على إثبات وقوع السقم من أحد ما، وينفيه إن هذا

يف الوقت نفسه عن املذكور، فإن )املعنى كما ال خيفى على أن السقم ثابت موجود، وليس

.(242) القصد بالنفي إليه، ولكن إىل أن يكون هو اجلالب له، ويكون قد جره إىل نفسه(

على االختصاص يف تقديم املسند على املسند إليه، كما يف قوله كما قد تأتي الداللة

[ فنإن املسنند ]إليننا[ تقندم علنى املسنند إلينه ]إينابهم[، 22]الغاشية: چۆئ ۆئ ۈئ چ تعاىل:

لإلشارة إىل اختصاص املسند باملسند إليه، أ أن رجوع البشر واخلالئق ومآذم ال يكون إال

اهلل.

[، تقندم املسنند ]هلل[ علنى 120]املائدة: چمح جخ حخ مخ چ ومنه قوله تعاىل:

املسند إليه ]ملك[ للداللة على أن ملك السماوات واألرض خاص باهلل جل وعال ال ينازعه

فيه أحد وال يشاركه فيه أحد.

تقوية احلكم: -3

ويذكر عبد القاهر غرضا آخر غري االختصاص يفينده تقندم املسنند إلينه علنى خنربه

. وتظهر تقوية احلكم من خالل (246)تقوية احلكم وتأكيد اإلسنادعلي، وهو الداللة على الف

التفرقة بني اجلملتني التاليتني:

( اجلملة الفعلية: )انتصر املسلمون(.1)

( مجلة املسند إليه املتقدم على خربه الفعلي: )املسلمون انتصروا(.2)

( تفيد تقوية احلكم بوسنيلتني: وسنيلة لفظينة، ووسنيلة معنوينة. فأمنا 2فإن اجلملة )

الوسيلة املعنوية فتبدو من أن تقديم االسم يسهم يف تهيئة السامع إىل تلقي اخلرب، ألنك قند

)جئت به وقد وطأت له وقدمت اإلعالم فيه، فدخل على القلب دخول املأنوس به، وقبله

.32/ 2( ديوان أبي الطيب املتنيب بشرح أبي البقا العكرب ، 244)

.121/ 1، وانظر: اإليضاح )مع البغية(، القزويين 122الئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص د( 242)

وما بعدها. 121دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 246)

Page 107: علم املعاني

33 تعريف اجلملة وأركانها

ه املطمئن إلينه، وذلنك ال حمالنة أشند لثبوتنه، وأنفنى للشنبهة، وأمننع للشنك، قبول املهيأ ل

وأدخل يف التحقيق. ومجلة األمر أنه ليس إعالمك الشي بغتة غفال، مثل إعالمك له بعد

.(247) التنبيه عليه والتقدمة له(

بطنريقني: وأما الوسيلة اللفظية فهي أن هذه اجلملة أسنند فيهنا النصنر إىل املسنلمني

طريق اجلملة االمسية بإسناد اخلرب إىل املبتدأ، وطريق اجلملة الفعلية، بإسناد الفعل )انتصر(

إىل الفاعل )واو اجلماعة العائد على املسلمني( فإسناد النصر إىل املسلمني هنا حتقق بطريقني

الننيت -(1اجلملنة رقنم ) –وهنو النذ جعلنه ينندل علنى التأكيند. خبنالا اجلملننة الفعلينة

تضمنت اإلسناد بطريق واحد فقط، هو إسناد الفعل للفاعل.

ويأتي تقديم املسند إليه لتقوية احلكم يف تلك السياقات املواضع اليت حتتاج إىل التقوية

:(241)والتأكيد، ومن أهم تلك السياقات

لرفع إذا كان اخلرب غريبا: حيث حيتاج هذا السياق إىل تقوية احلكم وتأكيد اإلسناد ( أ

چڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ چ الغرابة عن اخلرب، كما يف قوله تعاىل:

[ لنفي الغرابة اليت (243)[ . حيث تقدم املسند إليه ]هم[ على اخلرب الفعلي ]يوزعون17]النمل:

حيملها اخلرب.

يف سياق الفخر، كما يف قول الشاعر: (ب

(220)*** ال ترى اآلدب فينا ينتقر حنن يف املشتاة ندعو اجلفلى

يرد هذا البيت يف سياق افتخار الشاعر بكرم قبيلته، وذذا قدم املسند إليه ]حنن[ على

خربه الفعلي ]ندعو[ ليدل ذلك على معنى التأكيد والتقوية، ولنفي أ شك أو ريبة قد تتبادر

.132دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 247)

.132 - 133انظر: دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 241)

يوزعون: أ جيمعون ثم يساقون. تفسري اجلاللني )بهامش املصحف الشريف(، جالل الدين اجمللي، جالل الدين ( 243)

.371السيوطي، ص

.132( البيت لطرفة بن العبد. انظر: دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص 220)

Page 108: علم املعاني

تيسري علم املعاني 100

ته بالدعوة العامة إىل الطعام عندما إىل ذهن السامع حول صحة هذا اخلرب الذ تقوم فيه قبيل

يقل اخلري وتشح النعم يف وقت الشتا .

إشباع التوقع : -4

، (221)تبدو تراكيب الشعر أكثر حرية يف تأليف كلماتها من حينث التقنديم والتنأخري

النحوية. كما يظهر ذلك يف المية حتى تتمايز فنيا عن الكالم العاد الذ يقتفي أثر البنيانات

العرب اليت حيكمها صياغيا قانون التقديم والتأخري. ففي مثل قول الشاعر:

(222)إذا عرضت أوىل الطرائد أبسل وكل أبي باسل غري أنين

أنه ما إن قال الشاعر: الذ حلظ حتكم هذا القانون يذكر الناقد يوسف اليوسف

أني" إال ويتوقع السامع بعد انتها الشطر األول أن الشاعر سيضيف البسنالة إىل نفسنه "غري

كذلك. ولكن التوقع نفسه سيلغى لو أن لفظة :"أبسل" وقعت بعد عبارة: "أنني" مباشنرة،

ألن الفاصل الزمين يغدو قصريا إىل حد ال يسمح بتوقع شي . أما حينما مت الفصنل بعبنارة

ت أوىل الطرائد"، فإنه قد أتاح للوعي فرصنة التوقنع ثنم لقمنه منا توقعنه طويلة: "إذا عرض

فورا، فالكلمة املنتظرة جا ت عينها. واملألوا من جتاربنا أننا حنصل على لذة عظيمة حينما

.(223)نتوقع شيئا وتأتي به النتائج بالفعل

التشويق : -2

ويظهر هذا يف مثل قول الشاعر:

(224)*** حيوان مستحدث من مجاد والذ حارت الربية فيه

فقد جا تقديم املسند إليه للتشويق إىل معرفة ذاك الشي الذ حير الربية.

. 14انظر: األسلوب، أمحد الشايب، ص (221)

. 61األزد حتقيق : علي ناصر غالب ص شعر الشنفرى (222)

.220انظر: مقاالت يف الشعر اجلاهلي، يوسف اليوسف ، ص (223)

.12ديوان املعر )سقط الزند( ، ص( 224)

Page 109: علم املعاني

101 تعريف اجلملة وأركانها

وقد يقدم املسند للتشويق أيضا، كما يف قول الشاعر:

(222)ثالثة تشرق الدنيا ببهجتها *** مشس الضحى وأبو إسحاق والقمر

الدنيا ببهجتهم يشوق السامع إىل معرفتهم، فإذا فإن حديثه عن الثالثة الذين تشرق

ذكرها وقعت موقعا حسنا.

خروج الكالم عما يقتضيه الظاهر

يتحدث البالغيون عن ختريج الكالم على خالا مقتضى الظاهر من خالل عدد من

الصور، أبرزها :

االلتفات

رق الثالثة )التكلم يعرا القزويين االلتفات بأنه: )التعبري عن معنى بطريق من الط

.(226)اخلطاب( بعد التعبري عنه بطريق آخر( الغيبة

إن هذا التعريف يشري إىل أن الكالم قد يبدأ بأحد طرق التعبري الثالثة، ثم يعدل عنها

إىل طريق آخر، هذا العدول يتحقق من خالل انصراا الكالم عن البنى الرتكيبية اليت ختص

بنى تركيبية ختص الطريق اجلديد الذ عدل إليه.الطريق األول، واختياره

، وهي:(227)يأتي االلتفات على ست صور صور االلتفات:

ٺ ٺ ٺ چ االلتفات من الغيبة إىل اخلطاب. ويظهر ذلك يف قوله تعاىل : -1

[، ففي هنذه اآلينة يشنري اإلمنام الزخمشنر إىل 2، 4]الفاحتة/ چٺ ٿ ٿ ٿ ٿ

وجود عدول من الغيبة يف "مالك ينوم الندين" إىل اخلطناب يف "إيناك نعبند وإيناك نسنتعني"،

ويعلل ذلك بأن السر ورا ه أنه ملا ذكر احلقيق باحلمد وأجرى عليه تلك الصنفات العظنام،

.212/ 1ورد البيت يف اإليضاح )مع البغية( (222)

وسع يف االلتفات فأدخل فيه ، هذا هو تعريف مجهور البالغيني، أما السكاكي فقد ت 72اإليضاح ، القزويين، ص (226)

.133خماطبة اإلنسان نفسه. انظر: مفتاح العلوم، ص

.122 - 123/ 1انظر: اإليضاح )مع البغية(، القزويين، ( 227)

Page 110: علم املعاني

تيسري علم املعاني 102

نا أو غاينة يف اخلضنوع واالسنتعانة يف املهمنات، تعلق العلم مبعلوم عظيم الشأن حقيق بالث

فخوطب ذلك املعلوم املتميز بتلك الصفات، فقيل: "إياك" يا من هذه صفاته خنص بالعبادة

.(221)واالستعانة، ال نعبد غريك وال نستعني سواك، ليكون اخلطاب أدل على العبادة له

]مريم/ چۇ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ چ ومثل ذلك أيضا قوله تعاىل:

[. فقد التفت من الغيبة إىل اخلطاب ألجل زيادة التسجيل عليهم باجلرا ة يف حق اهلل 13، 11

تعاىل، وتنبيها ذم على عظم ما قالوه، كأنه خياطب قوما حاضرين بني يديه منكنرا علنيهم

.(223)وموبخا

ھ ھ ھ ھ ے چ االلتفات من الغيبة إىل التكلم، كما يف قوله تعاىل: -2

[. فقد التفت من الغيبة "أرسل" إىل التكلم "فسقناه".3]فاطر/ چے ۓ ۓ ڭ ڭ

ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ چ االلتفات من اخلطاب إىل الغيبة، كما يف قوله تعاىل: - 3

[. فقد التفت من اخلطاب "كنتم"، إىل الغيبة "جرين بهم".22]يونس/ چڃ ڃ

االلتفات من اخلطاب إىل التكلم، كما يف قول الشاعر: - 4

طحا بك قلب يف احلسان طروب *** بعيد الشباب عصر حان مشيب

(260)يكلفين ليلى وقد شط وليها *** وعادت عواد بيننا وخطوب

األول طحا بك: أ أتلفك، وشط وليها: أ بعد قربهنا. وقند )جنرى يف البينت

علنننى طرينننق اخلطننناب يف قولنننه: "طحنننا بنننك"، ثنننم انتقنننل إىل طرينننق النننتكلم يف قولنننه:

.(261)"يكلفين"(

. 13/ 1انظر: الكشاا ، الزخمشر ، (221)

. 331/ 2انظر: الكشاا ، الزخمشر ، (223)

.21ديوان علقمة بن عبدة، ص ( 260)

.224خصائص الرتاكيب، د.حممد أبو موسى، ص ( 261)

Page 111: علم املعاني

103 تعريف اجلملة وأركانها

ڎ ڎ ڈ چ االلتفات من التكلم إىل الغيبة، كمنا يف قولنه تعناىل: -2

[. فقد التفت منن النتكلم "إننا أعطينناك" إىل الغيبنة 2، 1]الكوثر/ چڈ ژ ژ ڑ

يقتضي القول "فصل لنا". وهذا االلتفات يأتي للتأكيد على فضل "لربك"، حيث كان األصل

اهلل على عبده حيث رباه وأنعم إليه، وكذلك يأتي التحول من صيغ اجلمع إىل صيغة اإلفراد

لتحقيق معنى التوحيد، فألن الصالة والنحر عبادات ال جيب صرفها إال لواحد أحد، فنال

ري اجلمع، واستعمل صيغة الغيبة للواحد املفرد.جيوز إشراك معه غريه، لذلك ترك ضم

ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ چ االلتفات من النتكلم إىل اخلطناب، كمنا يف قولنه تعناىل: - 6

[، فقد التفت من التكلم "فطرني" إىل اخلطاب "ترجعون". 22]يس/ چڭ ۇ ۇ

وقد وقف البالغينون عنند هنذا األسنلوب وأفاضنوا يف احلنديث عنن األسنرار النيت

حيققها، فابن األثري يرى أن الغرض املوجب الستعمال هذا األسلوب ال جير على وتنرية

واحدة، وإمنا هو مقصور على العناية باملعنى املقصود، ومثل ذلك املعنى يتشعب شعبا كثرية

. وإىل هذا املعنى يذهب السكاكي، حيث يرى أن أسرار هذا األسلوب أكثر (262)ال تنحصر

القلم، وأن هذا النوع خيتص بلطائف معان قلما تتضح إال للعلما النحارير من أن يضبطها

.(263)أو البلغا احلذاق

وهذا الكالم يشري إىل أنه ال يكفي القول بأن غرض االلتفات هو جمرد تطرية لنشاط

، ذلك (262)واخلطيب (264)كما عبر الزخمشر السامع وإيقاظ إلصغائه وترويح عن نفسه

أن هذا القول جيهض كثريا من القيم البالغية اليت ميكن أن يتفتق عنها مثل هذا األسلوب. إن

االلتفات ليس جمرد تطرية لنشاط السامع وحسب، بل رمبا كان الدافع إليه متعلقنا بناملتكلم

.112/ 2انظر: املثل السائر، ابن األثري، (262)

. 200انظر: مفتاح العلوم ، السكاكي، ص (263)

. 14/ 1انظر: الكشاا، الزخمشر ، (264)

. 74انظر: اإليضاح ، القزويين، ص (262)

Page 112: علم املعاني

تيسري علم املعاني 104

ل نفسه، فهو قد ال جيد وسيلة للتعبري عما يتحرك يف نفسه منن معننى إال منن خنالل العندو

بالنسق عن ظاهره، وذذا ال يقبل ناقد معاصر )أن يقال إن منش اخلطاب قد جلأ إليه جملرد

. وهو األمر الذ وعاه (266)أنه ضرب من التنويع يف األسلوب يروح به عن نفس املخاطب(

السكاكي جيدا عند حتليله لسر العدول يف التفاتات امر القيس، حيث مل يقتصر على ذلك

. (267)، بل التمس أغراضا أخرى تعود ألمور تتعلق حبالة الشاعر نفسهالغرض

يغلب استعمال التعبري عن املستقبل بلفظ املاضني )فيمنا إذا كنان مندلول الفعنل منن

األمور اذائلة املهددة املتوعد بها، فيعدل فيه إىل لفظ املاضي تقريرا وحتقيقا لوقوعه، كقوله

.(261)[(17]النمل/ چەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ چ تعاىل:

لكريم، فيعرض كثريا من مشاهد يوم القيامة وعلى هذا النمط جير أسلوب القرآن ا

يف صور املاضي كأنها أحداث قد وقعت، وذلك ليؤكد كينونتها، وأن زمن الدنيا يف حساب

.(263)احلق كأنه قد انتهى ليوجه بهذا األسلوب احلاسم دواعي االنصراا عن أمر القيامة

حننو: أيندك اهلل، وقريب )من ذلك لفظ الدعا وجميئه على صورة املاضني الواقنع.

وحرسك اهلل. وإمنا كان ذلك حتقيقا له وتفاؤال بوقوعه، أن هذا ثابت بإذن اهلل وواقنع غنري

.(270)ذ شك(

وقد يسنتعمل القنرآن هنذا األسنلوب يف بعنض املواضنع ملنا يضنفيه علنى املعننى منن

ڈ ڌ ڎ ڎ ڈ چ دالالت أخر غري حتقق الوقوع. كما يظهر ذلك يف قولنه تعناىل:

. 302/ 2اليات االلتفات" د.عز الدين إمساعيل، قرا ة جديدة لرتاثنا النقد )ندوة( دراسة بعنوان: "مج (266)

. 203انظر: مفتاح العلوم ، السكاكي، ص (267)

.77. وينظر: اإليضاح ، القزويين، ص 431/ 3لربهان يف علوم القرآن، الزركشي، ا (261)

.201انظر: خصائص الرتاكيب ، د.حممد أبو موسى ، ص (263)

.332/ 3اخلصائص، ابن جين ، (270)

Page 113: علم املعاني

102 تعريف اجلملة وأركانها

[. حيننث يلحننظ الزخمشننر 2]املمتحنننة/ چژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک

عطف الفعل املاضي على جواب الشرط املضارع. ويعلل ذلنك بنأن فينه نكتنة لطيفنة، ألننه

قيل: وودوا قبل كل شي كفركم وارتدادكم، يعين أنهم يريندون أن يلحقنوا بكنم مضنار

ومتزيق األعراض وردكم كفارا، وردكم كفارا أسنبق الدنيا والدين مجيعا من قتل األنفس

املضار عندهم وأوذا لعلمهم أن الدين أعز عليكم من أرواحكم، ألنكم بذالون ذا دونه،

. (271)والعدو أهم ش عنده أن يقصد أعز ش عند صاحبه

أما استعمال صيغة املستقبل بدال من صيغة املاضي. فيظهر ذلك يف ما يورده ابن األثري

من حديث الزبري ابن العوام يف غزوة بندر. فإننه قنال: لقينت سنعيد بنن العناص وهنو علنى

فرس، وعليه ألمة كاملة ال يرى منه إال عيناه، وهو يقول: أنا أبو ذات الكؤوس. ويف يد

عنزة)سنان الرمح( فأطعن بها يف عينه، وأطأ برجلي على خده حتى خرجت العنزة متعقفة

)ملوية(.

ولنه : "فأطعن بها عينه، وأطنأ برجلني" معندول عنن لفنظ املاضني إلني لفنظ فإن) ق

املستقبل، ليمثل للسامع الصنورة النيت فعنل فيهنا منا فعنل منن اإلقندام واجلنرا ة علنى قتنل

يأتي الستحضار احلادثة كما يرى ابن األثري . أ أن هذا العدول (272)الفارس املستلئم(

السالفة وإيراد أبرز مشاهدها معرض ما حيدث الساعة، عن طريق استالل احلدث املركز

من زاوية الغياب الزمين إلي بؤرة احلضور اآلني. إنه بذلك يفتح بوابة مشرعة على الصورة

املركزية اليت قد حتجبها منطية التعبري وترخي عليها السدول.

ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ چ لنوع ألغنراض أخنرى، كمنا يف قولنه تعناىل: وقد يأتي هذا ا

[. )فعننندل عنننن لفنننظ "أصنننبحت" إىل 63]احلنننج/ چ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې

.213/ 4انظر: الكشاا ، الزخمشر (271)

.132/ 2املثل السائر ، ابن األثري ، (272)

Page 114: علم املعاني

تيسري علم املعاني 106

"تصننبح" قصنندا للمبالغننة يف حتقيننق اخضننرار األرض ألهميتننه، إذ هننو املقصننود بنناإلنزال

.(273)غدا(

ڀ چ ميثل ذا بقوله تعاىل:على أن ابن األثري يضيف إلي هذا الغرض قيمة أخرى،

[، )فإنه إمنا عطنف املسنتقبل علنى املاضني 22]احلج/ چڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ

ألن كفرهم كان ووجد ومل يستجدوا بعده كفرا ثانيا، وصدهم متجدد على األيام مل ميض

.(274)كونه، وإمنا هو مستمر يستأنف يف كل حني(

الفة بني صنيغة الفعنل وزمننه تلفنت إلني حتلنل إن األمثلة اليت سبقت وأظهرت املخ

منش اخلطاب من فكرة أن الزمن ميتد يف اجتاه السهم وتشري إلي أن هذا االجتاه ميكن عكسه،

إىل أن أهنندافنا اخلاصننة ومقاصنندنا ال ختضننع بالضننرورة مننن جهننة أخننرى كمننا تلفننت

.(272)للدالالت الزمنية احملددة لصيغ األفعال يف اللغة

يقرر الزركشي يف الربهان أن األصل يف األمسا أن تكون ظاهرة عندما يتم احلديث

. (276)عنها، فإن ذكر االسم ثانيا فإن األصل أن يذكر مضمرا لالستغنا عنه بالظاهر السابق

البالغيون هذا األصل الذ يذكره الزركشي قد يخرج عنه ألغراض بالغية يذكرها

ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ چ حتت مسمى: وضع املضنمر موضنع املظهنر ، كمنا يف قولنه تعناىل:

چڳ ڱ ڱ ڱ چ [، وقولنننننننه: 46]احلنننننننج/ } چېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ

[، فالضمائر هنا ترد يف صدر 1]اإلخالص/ چٱ ٻ ٻ ٻ چ [، وقوله: 30]يوسف/

الكالم دون أن تعود على متقدم، ويرجع علما البالغة سر هذه املخالفة إىل حتفيز السامع

.132/ 2املثل السائر ، ابن األثري ، (273)

.137/ 2املثل السائر ، ابن األثري ، (274)

. 303/ 2انظر: قرا ة يف تراثنا النقد ، حبث )مجاليات االلتفات( ، د. عز الدين إمساعيل ، (272)

. 61/ 3الربهان يف علوم القرآن ، الزركشي، انظر: (276)

Page 115: علم املعاني

107 تعريف اجلملة وأركانها

، ذلنك كما يرى اإلمام عبندالقاهر على حتر مضمون اجلملة واإلصغا إىل مضمونها

عليه والتقدمة له... ومن ههنا )أنه ليس إعالمك الشي بغتة غفال مثل إعالمك له بعد التنبيه

قالوا: إن الشي إذا أضمر ثم فسر كان ذلك أفخم له من أن يذكر من غنري تقدمنة إضنمار.

]احلج/ چۆئ ۆئ ۈئ ۈئ چ ويدل على صحة ما قالوه أنا نعلم ضرورة يف قوله تعاىل:

بصار التعمى، وكذلك السبيل [ فخامة وروعة وشرفا، ال جند منها شيئا يف قولنا: فإن األ46

[ يفيند 117]املؤمننون/ چۈئ ۈئ ېئ ېئ چ أبدا يف كل ضمري قصة، فقوله تعناىل:

من القوة يف نفي الفالح عن الكافرين مالو قيل: إن الكافرين ال يفلحون مل يسنتفد ذلنك،

حكم من بدأ ووطد، ومل يكن كذلك إال ألنك تعلمه إياه من بعد تقدمة وتنبيه، أتت به يف

.(277) ثم بنى ولوح وصرح، وال خيفى مكان املزية فيما طريقه هذا الطريق(

وهو ما يشرحه القزويين بقوله إن السامع )متى مل يفهم من الضمري معنى بقي منتظرا

. وهذا يعين أن )الضنمري (271)عقبى الكالم كيف تكون، فيتمكن منه املسموع فضل متكن(

غري أن يكنون لنه عائند يعنود علينه يصنريها إىل حالنة منن الغمنوض حني يطرق النفس من

واإلبهام... فتستشرا إىل اكتشاا احلقيقة املتوارية ورا الغموض املثري، فإذا جا ت اجلملة

.(273) املفسرة متكن معناه ووقع يف القلب موقع القبول(

تركيننب هننذا هننو السننر البالغنني العننام ذننذه الظنناهرة األسننلوبية، وقنند يكننون لكننل

خصوصية معينة تدعو إىل هذا االستعمال. فيكون مثة سر مجالي خاص يف بعض املواضع،

[.46/ احلج ]چۆئ ۆئ ۈئ ۈئ چ باإلضافة إىل هذا السر العام. ففي مثل قوله تعاىل:

من الدالئل. 317، وانظر كذلك ص 133، 132دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 277)

. 131، وينظر : مفتاح العلوم ، السكاكي، ص 70اإليضاح ، القزويين، ص ( 271)

.246خصائص الرتاكيب، د.حممد أبو موسى، ص ( 273)

Page 116: علم املعاني

تيسري علم املعاني 101

يكون السر البالغي اخلاص ذنذا األسنلوب هنو املبالغنة يف تعظنيم األمنر وبينان شندة هولنه

.(210)يمهوتفخ

: "كنت أغتسل مع رسول يف إحدى الرواياتويف قول عائشة رضي اهلل عنها

علينه وسنلم اهللصنلى اهلل رسنول منن رأيتنه اهلل صلى اهلل عليه وسلم من إنا واحد فما

مين"، يأتي وضع الضمري موضع االسم الظاهر لغرض التنأدب، رآه وال يعين: الفرج

وعلى هذا الشاكلة ميكن أن يكون لكل موضع أسراره اخلاصة. بالعورة.وعدم التصريح

وبالعكس من ذلك األسلوب، يقع العدول يف أن ينوب االسم الظاهر عن ما حقنه

أن يأتي ضمريا كأن يكون املظهر اسم إشارة، كما يف قول الشاعر:

(211)قد ظفرت بذلكا تعاللت كي أشجى، وما بك علة تريدين قتلي،

أن يقول: "قد ظفرت به" ولكنه عدل أو مقتضى الظاهر فاألصل يف هذا البيت

. وهذا العدول جيي من أجل سر مجالي ال يتحقق بغري (212)عنه فقال: "قد ظفرت بذلك"

قد كمل ظهوره حتى كأنه حمسوس وهو القتل هذا العدول، وهو ادعا أن املشار إليه

. أ أن سر اجلمال يتحقق بالتجسيم النذ يضنيفه هنذا العندول إىل املعننى، إذ (213)بالبصر

يصبح املعنو )القتل( عينيا يرى ويشار إليه حتنى إننه يفنارق وجنوده املعننو إلني الوجنود

احلسي.

ية قيمنة إيقاعينة وقد ينوب االسم املظهر عن االسم املضمر ليضيف مع قيمته الدالل

ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڎ ڈ ڈ ژ ڑ ڑ چ كمننننا يف قولنننننه تعنننناىل:

.143البالغة ، أمحد مصطفى املراغي ، ص انظر: علوم (210)

. وهو منسوب البن الدمينة يف األغاني 103هذا البيت للشاعر العباسي عبد الصمد بن املعذل، انظر: ديوانه ، ص ( 211)

، وقد حبثت عنه يف ديوان ابن الدمينة ومل أجده هناك. 17/341ألبي الفرج األصفهاني ، حتقيق: د.قصي احلسني،

.220: أساليب بالغية ، أمحد مطلوب ، ص انظر (212)

.70، واإليضاح، القزويين ، ص 137انظر: املفتاح، السكاكي، ص (213)

Page 117: علم املعاني

103 تعريف اجلملة وأركانها

[. حيننث تننرد كلمننة "الننناس" 6-1]الننناس/ چک ک ک گ گ گ

يعنين بنني كلمنيت "النناس (214)كمنا يقنول الزركشني أكثر من منرة مراعناة للتجننيس

. (212)سب جو السورةاخلناس". كذلك ملا حيدثه تكرار صوت السني من وسوسة تنا

وهو: )تلقي املخاطب بغري ما يرتقب حبمل كالمه على خالا مراده تنبيها على أنه

األوىل بالقصد، أو السائل بغري ما يتطلب بتنزيل سؤاله منزلة غريه تنبيها على أنه األوىل حباله

.(216)أو املهم له(

احلكيم يأتي على صورتني:وهذا التعريف يشري إىل أن األسلوب

)األوىل(: تلقي املخاطب بغري ما يرتقب حبمل كالمنه علنى خنالا منراده ، ومنن

أمثلته قول القبعثرى للحجاج ملا قال له متوعدا: ألمحلنك على األدهنم، فنرد القبعثنرى:

مثل األمري حيمل على األدهم واألشهب. فقد محل القبعثرى مراد احلجاج يف أنه سيحمله

لننى السننيف األدهننم علننى غننري ظنناهره، بننأن محلننه علننى إركابننه فننوق احلصننان األدهننم ع

واألشهب، وذلك تنبيها له على أن هذا هو األوىل بالفعل.

)الثانية(: تلقي السائل بغري ما يتطلب بتنزيل سؤاله منزلة غريه، ومن شواهده قوله

[، بنننأن محنننل 113]البقنننرة/ چ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۓے ے ۓچ تعننناىل:

سؤاذم علنى غنري منرادهم وبنين ذنم يف إجابتنه أن تغينر أحنوال اذنالل يفيندهم يف معرفنة

املواقيت الدينية والدنيوية.حيث كان سؤاذم عن علة كون اذالل يبدأ دقيقا ثم يتزايد حتى

وىل حلناذم ميتل ويستو ، ثم ال ينزال يننقص حتنى يعنود كمنا كنان، فأجنابهم مبنا هنو األ

واألنفع ذم.

.71/ 3انظر: الربهان يف علوم القرآن، الزركشي ، (214)

.34انظر: التصوير الفين يف القرآن ، سيد قطب ، ص (212)

.160/ 1اإليضاح ) مع البغية ( القزويين ، (216)

Page 118: علم املعاني

تيسري علم املعاني 110

إن هذين النوعني ميثالن عدوال واضنحا عنن األصنل النذ يفنرتض أن ينأتي علينه

الكالم، فاملتكلم ال جيد إجابة تتناسب مع ظاهر سؤاله، وإمنا يعدل اجمليب إىل جواب آخنر

يكون هو األوىل بأن يلتفت إليه.

. وعرفه (217)لنسبته خارج تطابقه أو ال تطابقه(يعرا اإلنشا بأنه )الكالم الذ ليس

.(211)بعضهم بأنه )كل كالم ال حيتمل الصدق أو الكذب لذاته(

:(213)ويقسم اإلنشا قسمني

الطليب: وهو ما يستدعي مطلوبا غري حاصل وقت النطق. وهنذا القسنم مخسنة -1

أنواع هي: األمر ، والنهي، والتمين، واالستفهام، والندا .

. وأنواعنه (230)غري الطليب: وهو ما اليستدعي مطلوبا غري حاصل وقنت النطنق -2

كثرية، كصيغ املدح والنذم )نعنم، بنئس(. والقسنم )واهلل، لعمنر (، والتعجنب )منا

أحسنه، أحسن به(، والرتجي )لعل، عسى(.

يا واللطائف من املزا (231)كما يقولون ويهتم البالغيون بالقسم الطليب، ألن فيه

البالغية ما ليس يف القسم الثاني، وألن كثريا من اإلنشا ات الطلبينة هني أخبنار يف األصنل

نقلت إىل اإلنشا (، وهذا القول غري دقيق، ومل يقل به السكاكي وال القزويين، وإمنا هنو

للطائف اجتهاد لبعضهم جانبه الصواب، فالصحيح أن اإلنشا غري الطليب ال خيلو أيضا من ا

واملزايا البالغية.

.2هامش 32/ 2، وبغية اإليضاح ، عبداملتعال الصعيد ، 23علوم البالغة ، املراغي، ص (217)

.662معجم البالغة العربية، د.بدو طبانة ، ص (211)

.32/ 2، واإليضاح )مع البغية(، القزويين، 302انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص (213)

والعواطف واالنفعاالت.يرتبط اإلنشا غري الطليب غالبا باملشاعر (230)

.2هامش 32/ 2، وبغية اإليضاح ، عبداملتعال الصعيد ، 23انظر: علوم البالغة ، املراغي، ص (231)

Page 119: علم املعاني

111 تعريف اجلملة وأركانها

، أ ممن هنو دوننك (232)يعرا البالغيون األمر بأنه: )طلب الفعل على سبيل االستعال (

ويأتي األمر على أربع صيغ:

[.114]هود/ چ ہ ھ ھ ھ ھ ے ےچ فعل األمر، كقوله تعاىل: -1

[.7]الطالق/ چ ڃ ڃ ڃ ڃ چچ املضارع املقرتن بالم األمر، كقوله تعاىل: -2

اسم فعل األمنر، سنوا أكنان مساعينا مثنل )صنه( مبعننى: اسنكت، أو قياسنيا علنى وزن -3

)فعال(، كما يف قول الشاعر:

(233)وحذار أن ترضي مودة من *** يقلي املقل ويعشق املثر

[ وكقول الشاعر:4]حممد/ چڎ ڎ چ النائب عن فعله، كقوله تعاىل: املصدر -4

(234)فصربا يف جمال املوت صربا *** فما نيل اخللود مبستطاع

األصل يف صيغة األمر أن تدل على الوجوب، أ طلب الفعل على وجه اللزوم. وهذا هو الغرض

، ذلك )أن (232)على القرائن مساع صيغ األمر، ويتوقف ما سواه من األغراضاملتبادر إىل الذهن عند

. وأبرز املعاني البالغية (236)صيغة األمر قد تستعمل يف غري طلب الفعل حبسب مناسبة املقام(

اليت تدل عليها صيغ األمر هي:

.141اإليضاح، القزويين، ص (232)

مل أعثر على قائل هذا البيت. (233)

.112ص د. إحسان عباس :مجع .شعر اخلوارج البيت لقطر بن الفجا ة. انظر: (234)

.141، واإليضاح، القزويين، ص 311انظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص (232)

.142اإليضاح ، القزويين، ص (236)

Page 120: علم املعاني

تيسري علم املعاني 112

الدعا ، حيث تدل صيغ األمر على هذا املعنى )إذا استعملت يف طلب الفعل -1

ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ چ ، كمننا يف قولننه تعنناىل:(237)علننى سننبيل التضننرع(

[.201]البقرة/ چۉ ې ې ې

ڄ ڄ ڄڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦچ التهديد، كما يف قولنه تعناىل: -2

[.40]فصلت/ چڍ ڌ ڌ ڎ ڍڇ ڇ ڇ ڇڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ

چڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ اإلرشاد، كمنا يف قولنه تعناىل: -3

[، وقوله صلى اهلل عليه وسلم: "يا غالم سم اهلل وكنل بيميننك وكنل ممنا 133]األعراا/

يليك".

ۉ چ يف قولننه تعنناىل: (231)كمنا ينذكر القنزويين التعجينز، ويظهنر ذلنك -4

]البقننننننرة/ چۉ ې ې ې ې ى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ

[، حيث يأتي األمر: )فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهدا كم( لتعجيز منكر القرآن عن 33

اإلتيان بسورة من مثله. كما أن يف هذا األمر نوعا من التهكم كما يقول الزخمشر حيث إن

أمرهم بأن يسنتظهروا باجلمناد النذ ال ينطنق يف معارضنة بالغنة قمة التهكم بهم تظهر يف

. (233)القرآن

[، وقولننه:2]املائنندة/ چ ٴۇ ۋ ۋچ اإلباحننة، كمننا يف قولننه تعنناىل: -2

[. ويظهننننر 117]البقننننرة/ چ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇچ

ذلك أيضا يف قول الشاعر:

. 22/ 2اإليضاح )مع البغية( ، القزويين، (237)

. 24/ 2انظر: اإليضاح )مع البغية( ، القزويين، (231)

.100/ 1انظر: الكشاا، الزخمشر ، (233)

Page 121: علم املعاني

113 تعريف اجلملة وأركانها

(300)لدينا وال مقلية إن تقلت أسيئي بنا أو أحسين ال ملومة

فإن معنى البيت: إن أحسنت أو أسأت فلن ألومك أو أبغضك حتى وإن أبغضتين، واألمنر لنيس

على ظاهره، وإمنا يريد به الشاعر إظهار شدة احلب، حيث إن )وجنه حسننه إظهنار الرضنا بوقنوع النداخل

يف حقي من اإلسا ة واإلحسان فأنا راض بنه غاينة الرضنا، حتت لفظ األمر كأنه مطلوب.أ مهما اخرتت

. إن حالة الوجد اليت خنقنت علنى الشناعر (301)فعامليين بهما وانظر هل تتفاوت حالي معك يف احلالني(

، ويراه لونا من الوصل متى أوقعه احلبيب عليه. فالشناعر سيئا كان أو حسنا أنفاسه جعلته يبيح ذا الفعل

الذ طمره مجود الصمت وأحزنه هجران احلبيب أراد كسنر حجنز الرتابنة وحتطنيم دوائنر السنكون. فنأتى

لذلك أمره بإنتاج الفعل واستعادة احلركة، إجيابية كانت أو سلبية. إن ذلك األمر جتسيد صادق لعرامنة الرغبنة

حياة يف مياه احلب الراكدة. إنه أمر الرغبة يف إعادة فعل احلياة إلني احلنب النذ يتهندده سنكون يف إلقا حجر

املوت.

، وله حرا واحد هنو "ال" اجلازمنة (302) النهي هو )طلب الكف عن الفعل على وجه االستعال (

ك. وقند يسنتعمل يف الداخلة على املضارع. وهو كناألمر يف االسنتعال ، ويسنتعمل يف طلنب الكنف أو النرت

.(303)غريهما من املعاني اجملازية

ہ ہ ہ چوقد يقع النهي على جز معني لكن املراد هو النهي عن الكل، كمنا يف قولنه تعناىل:

[، حيث يدخل يف هذا النهي كل صور اإلسا ة إىل الوالدين، كشنتمهما أو 23]اإلسرا / چھ ھ ھ

وضربهما مثال.

. 61ديوان جرير ص (300)

.142اإليضاح ، القزويين، ص (301)

. 67انظر: علوم البالغة ، أمحد املراغي، ص (302)

.143، واإليضاح ، القزويين، ص 320انظر: مفتاح العلوم ، السكاكي، ص (303)

Page 122: علم املعاني

تيسري علم املعاني 114

ڃ چ چ چ چ أيضنا مننا ينرد يف أمنره تعناىل بننالنهي عنن أكنل منال اليتننيم: ومنن أمثلنة ذلنك

[، حيث إن النهي هنا ليس عن األكل فقط، وإمنا هنو عنام لكنل اغتصناب منن أمنوال 2]النسا / چچ

هني أكنل اليتامى وحقوقهم مهما كانت وبأ شكل كان. أ أن النهي عن الفعل كله ال عن صورة فردية

وإمنننا اختننار أفظننع صننوره وأبغضننها عننند النننفس لتكننون اسننتجابة النننفس إىل الكننف عنهننا أطننوع ، املننال

. (304)وأسرع

[، 33]الننور/ چڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ چ وقريب من هذه الصنورة قولنه تعناىل:

فحسنب، حيث بنى الكالم على أبشع ما يف الصورة ووجه إليه النهي، وليس املراد النهي عن إكراه الفتيات

.(302)وإمنا املراد النهي عن البغا سوا أوقع ذلك إكراها أم طواعية

ەئ وئ ەئې ې ې ى ى ائ ائچ النندعا ، كمنننا يف قولننه تعننناىل: -1

[.216]البقرة/ چ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ

التوبيخ، كقول الشاعر: -2

(306)ال تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم

ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ چ الوعظ واإلرشاد، كما يف قوله تعناىل: -3

[.101]املائدة/ چ ۆ

[، حينث قرأهنا 113]البقنرة/ چجب حب خب مب ىب چ التهويل، كما يف قوله تعاىل: -4

القرا السبعة )تسأل(على أنها فعل مضارع منفي مبين للمجهول، يف حني قرأهنا ننافع علنى أنهنا نهني )وال

. كما أن 312، والبالغة القرآنية، د.حممد أبوموسى ص127انظر: بالغة الكلمة واجلملة واجلمل، د.منري سلطان، ص (304)

لنهي إلي كافلي األيتام بعدم أكل أموال األيتام مع أمواذم؛ ذلك ألنهم إذا كانوا مستغنني عن أموال اليتامى مبا رزقهم اهلل ورود ا

.463/ 1من حالل، وهم يطمعون فيها مع ذلك كان قبح فعلهم أبلغ، وذمهم عليه أحق. انظر: الكشاا، الزخمشر ،

.223موسى، ص انظر: دالالت الرتاكيب ،د.حممد أبو (302)

.404ديوان أبي األسود الدؤلي،صنعة أبي سعيد السكر ، ص (306)

Page 123: علم املعاني

112 تعريف اجلملة وأركانها

، وعلننى هننذه القننرا ة يننأتي النهنني لريسننم صننورة الفظاعننة واذننول ملننا وقننع فيننه الكفننار مننن (307) تسننأل(

. وكأن ال أحد يستطيع أن يصف تلك احلال أو يستطيع مساعها فينهى لذلك عن السؤال عنها. (301)العذاب

سنوا أكنان (، 310) (حملبوب النذ ال طمنع فينه )طلب ا أو هو( 303)وهو )إنشا إرادة حدوث أمر ما(

املطلوب ممكنا ، مثل قول املتنيب:

(311) ني العاملني خرابوليت الذ بيين وبينك عامر ... وبيين وب

، وقول الشاعر:[24]الفجر/ چٻ ٻ ٻ چ مستحيال مثل قوله تعاىل: أم كان املطلوب

(312) ليت الشباب يعود يوما ... فأخربه مبا فعل املشيب فيا

يكنون إال منع منا ميكنن ويف هذا خيتلنف النتمين عنن الرتجني، ذلنك أن الرتجني ال

پ پ چ وله تعاىل:حدوث شي يرجى حصوله(، كما يف ق توقع)ترقب وهو ف، وقوعه

صلى اهلل عليه وسلم عندما سئل عن سبب عدم قتله صناديد [، وقوله3]عبس/چڀ ڀ

قريش: )لعل اهلل يخرج من أصالبهم من يعبد اهلل(.

. ولكنهم منع هنذا (313)دها(يقرر البالغيون )أن الكلمة املوضوعة للتمين هي "ليت" وح

يرون أن السياق قد يدل على إجنرا النتمين بغنري الكلمنة املوضنوعة لنه، فقند حيندث النتمين بنن

.71السبعة يف القرا ات، البن جماهد، حتقيق: د.شوقي ضيف ، ص (307)

.112/ 1انظر: الكشاا، الزخمشر ، (301)

.121دروس يف البالغة العربية ، األزهر الزناد، ص (303)

.3هامش 32/ 2الصعيد ، بغية اإليضاح ، عبداملتعال (310)

.41ديوان أبي فراس احلمداني، ص( 311)

. 46ديوان أبي العتاهية ، ص (312)

.130، وينظر اإليضاح : القزويين، ص 307مفتاح العلوم ، السكاكي ، ص (313)

Page 124: علم املعاني

تيسري علم املعاني 116

"هل"، و "لعل"، و"لو". ولكن هذه الصيغ ال تفيد نفس الفائدة اليت تفيدها "ليت"، بل إن لكنل

هي وال يستطيع غريها الوفا بها. واحدة منها دالالتها اخلاصة اليت تفيدها

چڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄچ حيث يظهر النتمين بنن )هنل(: يف قولنه تعناىل: -1

[ فهننا ينأتي النتمين بنن"هل"؛ وذلنك )إلبنراز املتمننى لكمنال العناينة بنه يف صنورة 23]األعراا/

تعلقهنا . أ أن حاجتهم إلي شفيع قد غلبت على نفوسهم حتى صنارت منن فنرط (314)املمكن(

عنن طرينق (312)بذلك تفرتض غري الواقع واقعا، لتسرتوح بعض اسرتواح بهذا األمنل املوهنوم

العدول باستخدامهم أسلوب االستفهام الذ ال يقع إال يف األمور املمكنة.

چۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ چ وينننأتي النننتمين بنننن )لنننو( يف قولنننه تعننناىل: - 2

األصل يف استعمال "لو" أن تفيد االمتناع، ولنذلك حينمنا يعنز األمنر [. فإن 102]الشعرا /

يأتي استخدام "لو" ليفيد استبعاد املتحدث وقنوع منا متنناه. ( 316)على التمين ويستعصي عليه

، هي صورة اليأس (317)وهو ما يصور يف اآلية شعور اللهفة اليائس الذ أدرك أن ال رجوع

أنفاسها، فأنشأت تتمنى الرجوع مع يقينها باستحالته. اخلانق الذ كتم على تلك النفوس

گ گ گ گ ڳ چ :وقنند يتمنننى بننن"لعل"، كمننا يف قولننه تعنناىل -3

[. فننألن الرتجنني ممكننن الوقننوع واحلنندوث 37، 36]غننافر/ چڳ ڳ ڳ ڱ ڱ

جا استخدام فرعون لعبارة الرجا اليت تكون لألمر املتوقع؛ ألن يف ذلك إيهاما (311)غالبا

بأنه جاد يف التعرا على حقيقة ما يدعو إليه موسى ليبطنل منا قند يطنوا يف األوهنام أن يف

.130اإليضاح، القزويين ، ص (314)

.201انظر: دالالت الرتاكيب، د.حممد موسى، ص (312)

.62البالغة ، مصطفى املراغي، ص انظر: علوم (316)

.202(انظر: دالالت الرتاكيب ، د.حممد موسى، ص 317)

.14/ 1انظر: البالغة العربية ، د.بكر أمني، (311)

Page 125: علم املعاني

117 تعريف اجلملة وأركانها

. كمننا أن يف جمنني ذلننك االسننتخدام إشننارة منننه )لبعنند املرجننو عننن (313)الكننون إذننا غننريه

لذلك تصرحيه يف نفس اآلية باستبعاد االطالع بقوله: )إني ألظنه ، كما يشري (320)الوصول(

كاذبا(. فاستخدام اآلية ذنذا األسنلوب علنى لسنان فرعنون كشنف عنن داللنتني خفينتني:

حماولته التمويه وإيهام قومه بصدقه يف البحث. واستبعاده يف قرارة نفسه وقنوع املتمننى. ومل

ستخدم السياق صيغته األصلية. تكن تلك الدالالت لتتحقق لو ا

وعلى هذا ميكن القول بأن التمني بغري أداته األصلية حيقق معنى بالغيا آخر غري معنى

التمين، كما يوضحه الشكل التالي:

التمين بن لعل = التمني + رجا احلصول

التمين بن هل = التمني + إمكان احلصول

اع احلصولالتمني بن لو = التمني + امتن

. وهذا يعين أن الغرض (321)االستفهام هو )طلب حصول صورة الشي يف الذهن(

األصلي الذ يأتي له االستفهام هو طلب خرب منا لنيس عنندك، حينث يكنون فينه السنائل

جاهال مبا يسأل عنه، ويسمى حينئذ )االستفهام احلقيقي(. أما إذا كان السائل عاملا مبا يسأل

ب العلما عنه ولكنه يسأل لغرض بالغي، فهذا هو االستفهام اجملاز . وبنا على ذلك يذه

إىل أن كل استفهام كان السائل فيه هو اهلل جل وتعاىل فهو استفهام جماز ال حقيقي، )ألن

.(322)الرب تعاىل ال يستفهم خلقه عن شي وإمنا يستفهمهم ليقررهم ويذكرهم(

.202انظر: دالالت الرتاكيب ، د.حممد موسى، ص (313)

.131اإليضاح ، القزويين ، ص (320)

.466/ 1مواهب الفتاح، ابن يعقوب املغربي، (321)

.131اإليضاح ، القزويين ، ص (322)

Page 126: علم املعاني

تيسري علم املعاني 111

تقسم أدوات االستفهام من حيث داللتها إىل ثالثة أقسام.

ما يفيد التصور أو التصديق ، وهي اذمزة. - 1

ما يفيد التصديق فقط ، وهي ) هل (. -2

ما يفيد التصور فقط ، وهي باقي أدوات االستفهام )أين، كم، متى، منا ، - 3

من، كيف، أيان، أنى، أ (.

وتكون واملقصود بالتصديق هو السؤال عن وقوع نسبة طرا يف اجلملة لطرا آخر،

. وأما التصنور فهنو النذ النفي أو اإلثبات، بن )نعم أو ال(، مثل )هل جنح حممد؟(إجابته ب

، وتكون إجابته بكلمة أو أكثريسأل عن طرا معين من أطراا اجلملة أو شي يتعلق به،

مثل )متى بدأت الدراسة يف اجلامعة؟(.

) اذمزة (

إجابتهنا بنن )نعنم( أو )ال(، مثنل: لطلب التصديق، وذلك عندما تكنون كما سبقتأتي اذمزة

)أجتيد استخدام احلاسب اآللي؟، أسافرت هذا العام؟(. كما تأتي لطلب التصور، مثل: )أحممد صنديقك

أم زيد؟، أيف املسجد تقنرأ القنرآن أم يف البينت؟(، فإجابنة االسنتفهام هننا هني أحند املنذكورين يف السنؤال،

وليست )نعم( أو ال.

يذكرها البالغيون ، وهي:وللهمزة أحكام

يليها املسؤول عننه، وهنو الشني املشنكوك فينه املطلنوب معرفنة خنربه، فأننت )إذا قلنت: - 1

أفعلت؟ كان الشك يف الفعنل نفسنه، وكنان غرضنك منن اسنتفهامك أن تعلنم وجنوده. وإذا قلنت: أأننت

يدا ضنربت؟ إذا كنان الشنك يف ، )وتقول: أز(323) فعلت؟ كان الشك يف الفاعل من هو، وكان الرتدد فيه(

.111دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني ،ص (323)

Page 127: علم املعاني

113 تعريف اجلملة وأركانها

)فعال أو خربا(، مثل مسندا. حيث يكون الشك والسؤال فيما يلي اذمزة، سوا أكان (324)املفعول من هو(

)فاعال أو مبتدأ( مثل: )أزيند صنديقك ؟( ومثنل مسندا إليه)أسكنت دارك اجلديدة؟(، و)أناجح زيد؟( أم

)مفعنوال أو ظرفنا أو حناال...(، مثنل )أصناحلا متعلقنا ذتننا ينا إبنراهيم؟(. أو قوله تعاىل: )أأنت فعلت هنذا بآ

أمستبشرا جا علي ...(. أرمضان صمت رافقت

إذا كانت اذمزة للتصديق فإنه ميتنع جمي )أم( املتصلة بعدها. - 2

إذا كانت اذمزة للتصور فإنه جيوز جمي )أم( املتصلة بعدها. مثل )أأخوك زيند أم أبنوك(، أو -3

)ألشعر تقرأ أم الرواية؟(.

أن يلي )أم( املتصلة املقابل ملا بعد اذمزة. حيث ال حيسن أن نقنول )أأكرمنت (322)يستحسن - 4

؟(، أو خالندا أكرمنت أم أزيندا د اذمزة، بل األحسنن: ) زيدا أم خالدا(، ألن ما بعد )أم( ليس مقابال ملا بع

؟(، بدال من : )أأخذت كتابي قلميأخذت أم أكتابي؟(. وكذلك حيسن أن نقول: )أهنتهزيدا أم أأكرمت)

أم قلمي؟( للسبب نفسه.

ختتص اذمزة من بني أدوات االستفهام بعدم جواز تقدم حرا العطف عليها. - 2

ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ چ كمننا يف قولننه تعنناىل:

[ حينننث تقننندمت همنننزة االسنننتفهام علنننى واو 122]األنعنننام/ چ ۀ ہ ہ ہ

چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ چچ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ العطنننننف، وقولننننننه

ەئ وئ وئ چ [، حيث تقدمت اذمزة على فا العطف. وقوله:144]آل عمران/ چ ڍ

[، حيث تقدمت اذمزة على حرا العطف )ثم(.21يونس/ چ ۇئ ۇئ ۆئ

.32/ 2اإليضاح )مع البغية( ، القزويين ، (324)

يف القول بوجوبه. فقد أجاز سيبويه قلت: )يستحسن( للداللة على عدم وجوب ذلك، خالفا ملا ذهب إليه عبدالقاهر (322)

(.104، 103مثل ذلك. انظر يف هذه املسألة: )البالغة القرآنية يف تفسري الزخمشر ، د.حممد أبو موسى، ص

Page 128: علم املعاني

تيسري علم املعاني 120

تأتي )هل( لطلب التصديق، وتكون إجابة سؤاذا بن نعم أو ال، حننو: )هنل قنرأت

والتبيني" للجاحظ؟( ويذكر البالغيون لن )هل( أحكاما ختتص بها وهي:كتاب "البيان

. فإن جا ت )أم( بعند )هنل( فهني (326) يرى البالغيون امتناع ذكر )أم( املتصلة بعد )هل( - 1

، كما يف قول الشاعر:(327) )أم( املنقطعة اليت تكون مبعنى )بل( عندهم

كيف يسمع ميت ال ينطقهل يسمعن النضر إن ناديته؟ *** أم

، مثنل أن تقنول: (321)إذا دخلت )هل( على الفعل املضنارع فإنهنا جتعنل داللتنه للمسنتقبل - 2

هل تسافر هذه اإلجازة؟..( وال جيوز أن تستعمل مع الفعل املضارع للداللنة علنى )هل تنجح هذا العام؟

هل تبصر حروفها جيدا..إخل(. فإذا أريد ناحلال واحلاضر، فال يصلح أن نقول: )هل تقرأ هذه الصفحة اآل

السؤال عن احلال استعملت اذمزة، فنقول )أتقرأ هذه الصفحة؟، أتبصر حروفها جيدا؟(.

وجيوز دخول )هل( على الفعل املاضي مطلقا كما يف قول الشاعر:

(323)توهم؟ هل غادر الشعرا من مرتدم؟ *** أم هل عرفت الدار بعد

( األصل أن تدخل )هل( على الفعل، ولكن قد يعندل عنن ذلنك فتندخل علنى 3

ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ چ اجلملنة االمسيننة لقصنند بالغنني، كمننا يف قولننه تعنناىل

[. وقوله تعاىل: 31]املائدة/ چ ڄ ڄ ڄ ڄٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ

.432/ 1، وعروس األفراح، السبكي، 36/ 2انظر: اإليضاح )مع البغية(، القزويين، (326)

كلمة مفردة ال -مابعد أم–العاطفة بعد )هل( خاص بكون املعطوا عليه )قلت(: أال ميكن القول بأن منع جمي )أم( (327)

مجلة؟. حيث ميكن القول جبواز جمي )أم( بعد )هل( عندما يكون املعطوا بعدها مجلة كما يف الشاهد أعاله، وكما يف قول

خر: )أال ليت شعر هل تغيرت عنرتة التالي: )هل غادر الشعرا من مرتدم** أم هل عرفت الدار بعد توهم؟(، وقول اآل

الرحى** رحى احلرب أم أضحت بفلج كما هيا(.

.36/ 2انظر: اإليضاح )مع البغية( ، القزويين ، (321)

. 10ديوان عنرتة ، ص (323)

Page 129: علم املعاني

121 تعريف اجلملة وأركانها

جا ت )هل( مع اجلملة االمسية إلبراز األمر )يف [، فهنا 10]األنبيا / چۅ ۉ ۉ چ

، حينث ال تنرتبط (330)صورة الثابت، حيث دل عليه باجلملة االمسية الدالة على الثبوت(

داللة اجلملة االمسية بزمن فهي تدل على الدوام واالستمرار يف كل األزمنة، خبالا الفعل

الذ يرتبط بزمن حمدد )ماض أو حاضر أو مستقبل(، ولذلك استعملت )هل( يف اآلينتني

واجبان يف مع اجلملة االمسية لإلشارة إىل أن االنتها عن اقرتاا احملرمات، وشكر اهلل تعاىل

كل األزمنة وليسا خمصوصني بزمن دون آخر.

ال تدخل )هل( على النفي، فيمتنع قول )هل مل يسنافر علني؟(، وال علنى - 4

الشرط فال نقول: ) هل إن جنحت تكرمين؟(، وال على )إن( فال يصح أن تقول )هل إن

و)إن(.زيدا حاضر؟(. خبالا اذمزة اليت جيوز دخوذا على الشرط والنفي

سبق القول بأن االستفهام قد يكون لطلب العلم وهذا هو االستفهام احلقيقي، كما

قد يكون ملعنى وغرض آخر غري طلب العلم وهو االستفهام اجملاز . ولذلك بعند أن حيندد

ن على علما البالغة االستعمال األصلي لكل صيغة من صيغ االستفهام احلقيقي، يعرجو

ذكر بعض املعاني البالغية النيت ختنرج إليهنا ألفناظ االسنتفهام. فنإن )هنذه األلفناظ كنثريا منا

.(331)تستعمل يف معان غري االستفهام حبسب ما يناسب املقام(

:(332)وتلك املعاني البالغية اليت ينبثق عنها التعبري باالستفهام اجملاز كثرية منها

.471/ 1مواهب الفتاح، ابن يعقوب املغربي، (330)

.313، وينظر مفتاح العلوم ، السكاكي، ص137اإليضاح، القزويين، ص (331)

.21 - 43/ 2لالطالع على معاني االستفهام البالغية انظر: اإليضاح )مع البغية(، القزويين، (332)

Page 130: علم املعاني

تيسري علم املعاني 122

ٹ ٹ ٹ چ التقرير، وهو محل املخاطب على اإلقرار. كما يف قوله تعاىل: -1

[، وقولننننه 172]األعننننراا/ چ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ

[.2، 1]الشرح/ چۀ ہ ہ ہ ھ ھ ھ چ : تعاىل

اإلنكار، وهو نوعنان، األول هنو: اإلنكنار التنوبيخي، ويكنون فينه التنوبيخ -2

ألمر يف املاضي أو يف احلاضر، فإذا كان عن املاضي فهو مبعنى )ما كنان ينبغني أن يكنون(،

منا كنان ينبغني [ أ : 44]البقنرة/ چۀ ۀ ہ ہ ہ چ كما يف قوله تعاىل :

تنأمروا النناس بنالرب وتنسننوا أنفسنكم. وإذا كنان عنن احلاضننر فهنو مبعننى: )ال ينبغنني أن أن

تنسى إحسان اهلل إليك. والنوع ال ينبغي أنيكون(، حنو: )أتنسى إحسان اهلل إليك؟( أ :

الثاني هو: اإلنكار التكذييب، ويكون فيه التكنذيب لشني يف املاضني أو يف احلاضنر، فنإذا

چی ی جئ حئ چ هنو مبعننى )مل يكنن(، كمنا يف قولنه تعناىل: كان عنن املاضني ف

[ ، 40]اإلسنننننننننرا / چ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤچ [، 123]الصنننننننننافات/

اصننطفا للبنننات علننى البنننني. وإذا كننان عننن احلاضننر فهننو مبعنننى: )ال مل يكنننواملعنننى:

يكون(، حنو :

(333)أيقتلين واملشريف مضاجعي *** ومسنونة زرق كأنياب أغوال

منه قتلي وأنا يف هذه احلالة من مالزمة السيف والرمح. ومثله قول ال يكونواملعنى:

اآلخر:

(334)أأترك إن قلت دراهم خالد *** زيارته إني إذن للئيم

قلت دراهمه. فمعناه: ال يكون مين ترك خلالد إن

. 142ديوان امر القيس ، ص (333)

.117البيت لعمارة بن عقيل. انظر: دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص (334)

Page 131: علم املعاني

123 تعريف اجلملة وأركانها

ې ې ې ې ى ى ائ ائ ەئ چ االستبطا ، حنو قولنه تعناىل: -3

[.214]البقرة/ چوئ ۇئ ۇئ ۆئ وئەئ

[، أ : انتهننوا. 31]املائنندة/ چڄ ڄ ڄ چ األمننر، كمننا يف قولننه تعنناىل: -4

[، أ : أسلموا. وقوله 20]آل عمران/ چ ۀں ں ڻ ڻ ڻ ڻچ وقوله:

، أ : تذكروا.{فهل من مدكر؟}:

ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ائىچ النهنننننني، كمننننننا يف قولننننننه تعنننننناىل: -2

[. أ : ال ختشوهم.13]التوبة/ چۇئ

]ص/ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ التعجننب، كمننا يف قولننه تعنناىل: -6

ا العجيبة اليت حقها أن تشيع [، فإن ظاهره االستفهام، ومعناه الداللة على أنه من األنب27

.(332)وال ختفى على أحد، كما أن فيه التشويق إىل استماع اخلرب

[.3-1]احلاقة/ چڭ ڭ ۇ ۇ ے ۓ ڭچ التهويل، كما يف قوله تعاىل: -7

ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہ چ التشننويق، كمننا يف قولننه تعنناىل: -1

[، فإن التكذيب 1]املاعون/ چٹ ٹ ٹ ٹ چ [، وقوله: 10]الصف/ چہ

بالدين ليس مظنة خفا ، وأمر يبدو واضحا للناس غري خفي. فالناس حيسبونه يكفي تصديقا

بالدين أن ينطق بالشهادتني وأن تؤدى العبادات من صالة وزكاة وصوم وحج. ومن ثم يأتي

فينثري أقصنى درجنات اليقظنة االستفهام متسنائال عمنا حيسنبه النناس مسنتغنيا عنن كنل بينان

واالنتباه، ويرهف الدهشة والرتقنب انتظنارا جلنواب غنري متوقنع، وتطلعنا إلني معرفنة كننه

.(336)التكذيب بالدين غري الذ يعرفون

.12/ 4انظر: الكشاا ، الزخمشر ، (332)

.114/ 2ياني للقرآن ، د. عائشة عبد الرمحن ، انظر: التفسري الب (336)

Page 132: علم املعاني

تيسري علم املعاني 124

[.41]الفرقان/ چڭ ڭ ۇ ۇ ۆ چ االحتقار ، كما يف قوله تعاىل: -3

واذمزة"لندا القريب، يف حني أن الصيغ: أما الندا فتستعمل له الصيغتان: "أ

فتأتي صيغة ما خيتص بندا هيا" ينادى بها البعيد. وقد تتبادل هذه الصيغ املواقع، أيا "يا

ألغراض بالغية، منها: القريب موضع ما خيتص بندا البعيد أو العكس

اإلشارة إىل حضوره يف القلب، كما يف قول الشاعر: -1

(337)بأنكم يف ربع قليب سكان نعمان األراك تيقنواأسكان

فالشاعر يناد أحبابه الذين سكنوا يف البلد البعيد بأداة اذمزة اليت هي للقريب، كأنه

، وذلننك لشنندة حضننورهم يف قلبننه (331)يتخيلننهم قننريبني منننه يسننمعون ننندا ه وحيسننون بننه

ووجدانه.

زلة واملكانة، وذلك عند استعمال أداة البعيد مع القريب. الداللة على علو املن -2

: (333)كما يف قول الشاعر

(340)أبا دلف بوركت يف كل بلدة *** كما بوركت يف شهرها ليلة القدر

االحتقار واإلشارة إىل دنو املنزلة، كما يف قول الفرزدق: -3

(341)ا يا جرير اجملامع أولئك آبائي فجئين بمثلهم إذا جمعتن

. 24/ 7هذا البيت البن باجة كما يف: نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب (337)

.113/ 1انظر: البالغة العربية يف ثوبها اجلديد ، د.بكر أمني ، (331)

أداة الندا هنا حمذوفة والتقدير )يا أبا دلف( . (333)

هذا البيت .مل أعثر على ختريج (340)

. 42/ 2ديوان الفرزدق ( 341)

Page 133: علم املعاني

122 تعريف اجلملة وأركانها

فإن الشاعر عدل عن استعمال صيغة ندا القريب إىل ندا البعيد إشارة إىل أن هنذا

الذ يناديه وضيع املنزلة دني الرتبة بيننه وبنني الشناعر عنوامل شاسنعة، منن املسنتحيل أن

.(342)يقرتب منها املهجو أو يصل إليها

فتناديه بندا البعيد لتنبيهه من غفلتنه، كقنول لإلشعار بأن السامع غافل اله، -4

الشاعر:

(343)يا أيها السادر املزور من صلف *** مهال فإنك باأليام منخدع

يشرتك الندا مع األمر والتمين واالستفهام والنهي يف أنه )قد تستعمل صيغته يف غري

ه سيبويه قبال يف مثل قوذم: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة، حيث . وذلك ما حلظ(344)معناه(

. وضمن هذا ينذكر البالغينون أغراضنا السنتعمال (342)انسلخ عن صيغة الندا معنى الندا

، منها:(346)صيغة الندا يف غري معناه

]هنود/ چائ ائ ەئ ەئ وئ وئ چ التعظيم، كما يف قولنه تعناىل: -1

[. حيث يدل هذا الندا على عظمة اهلل جل جالله، إذ تستجيب لندائه مجيع املخلوقات 44

واجلمادات، فتأمتر بأمره وتذعن له وتطيع.

ويشري الزخمشر إىل ذلك عندما يلحظ بأن األصل يف الندا أن يكون ملا يعقل، فيعد

ڈڌ ڌ ڎ ڎ ڈچ قوله تعاىل: عدوال عن األصل توجيه الندا إىل اجلمادات، كما يف

[. حينث ينر الزخمشنر أن نندا اجلمناد يف قولنه: "ينا 10]سبأ/ چ ژ ژ ڑ ڑ

. 162علم املعاني ، د.فضل حسن عباس ص -انظر: البالغة فنونها وأفنانها (342)

.331ديوان البارود ص ( 343)

.144اإليضاح ، القزويين، ص (344)

.170/ 3انظر: الكتاب، سبيويه ، (342)

.141انظر: اإليضاح ، القزويين، ص (346)

Page 134: علم املعاني

تيسري علم املعاني 126

جبال" جا ملا فيه من الفخامة اليت ال ختفى، من الداللة على عزة الربوبية وكربيا األلوهية،

مسعوا وأجنابوا. حيث جعلت اجلبال يف منزلة العقال الذين إذا أمرهم أطاعوا وإذا دعاهم

إشعارا بأنه ما من حيوان وال مجاد وال ناطق وال صامت إال هو منقاد ملشيئته غري ممتنع عن

. وذذا يعمد القرآن إلي هذا األسلوب وله عننه مندوحنة ليبنث يف النفنوس هيبنة (347)إرادته

.(341)الربوبية، ويطبع فيها الشعور بعزتها وكربيائها

چ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے چ تعننناىل:االسنننتغاثة، كمنننا يف قولنننه -

أ : يا ربي. وكما يف قول الشاعر: [ ،33]املؤمنون/

(343)يدعون: عنرت، والرماح كأنها *** أشطان بئر يف لبان األدهم

أ يدعون وينادون: يا عنرتة، مستغيثني به لينقذهم من سعري املعركة.

ىئ ی ی ی ی جئ حئ مئ چ التحسننر والتوجننع، كمننا يف قولننه تعنناىل: -

[، وكما يف قول الشاعر:26]الزمر/ چىئ يئ

(320)فيا قرب معن كيف واريت جوده *** وقد كان منه الرب والبحر مرتعا

.271/ 3انظر: الكشاا، الزخمشر ، (347)

.314البالغة القرآنية يف تفسري الزخمشر ، د.حممد أبو موسى ، ص (341)

. 13ديوان عنرتة ، ص (343)

.141/ 2البيت ليحيى بن أبي حفصة، انظر: العمدة ابن رشيق القرياوني، (320)

Page 135: علم املعاني

127 تعريف اجلملة وأركانها

، أو: (322)املعاني الكثرية حتت اللفنظ القلينل( يعرا البالغيون اإلجياز بأنه )اندراج

)قلة اللفظ مع كثرة املعنى(.

وقد اهتم العرب باإلجياز كثريا حتى قالوا: "البالغة اإلجياز". واإلجياز دليل على قدرة

العرب البالغية، والقول بذلك أوىل من القول بأن سبب جلو العرب إليه هو عدم القدرة،

ز عتيق النذ يقنول: )ولعنل السنر يف اهتمنامهم بنه راجنع إىل ظنروا كما يرى د.عبدالعزي

جمتمعهم، فقد كان جمتمعا تشيع فيه األمية وتندر فيه الكتابة، وذذا كان عليهم أن يعتمدوا

على ذاكرتهم من ناحية اإلبقا على أدبهم الذ يصور حيناتهم، وعلنى تناقلنه عنن طرينق

ذاكرة مهما كانت قوية ال تستطيع أن تستوعب كل ما يقال، الرواية جيال بعد جيل. ولكن ال

والسيما إذا كان طويال، وإذا استوعبت ما قدرت عليه من الكنالم املسنهب فإنهنا معرضنة

لنسيان بعضه بسبب طوله. من هنا وذذه الظروا، كما يبدو كاننت احلاجنة إىل اإلجيناز يف

ر ممكن من األدب تستطيع الذاكرة أن تعينه منن القول أول األمر كوسيلة الستيعاب أكرب قد

. فهذا الكالم الذ يقوله د.عتيق قد ينطبق على االختصنار يف الكنالم، لكننه ال (323) نسيان(غري

املساواة(. ولكن حسب وجهيت نظر اخلاصة أعتقد أن يضيف بعض البالغيني قسما ثالثا لإلجياز واإلطناب وهو ) (321)

)املساواة( هي من نتاج تأثر البالغة العربية باملنطق، فال وجود لغويا للمساواة يف الكالم. فهي بنا ذهين افرتاضي فقط يقاس إليه

ظ اللغو ، ولذلك جند اختالفا بني الكالم املنطوق ليعرا ماإذا كان مطنبا أو موجزا، لكن ال ميكن القول بوجودها يف امللفو

البالغيني يف شواهد املساواة، حيث يعدها بعضهم مساواة ويعدها آخرون إجيازا أو إطنابا. وهو ما جنده مثال يف رفض السبكي

األفراح، السبكي وسعد الدين التفتازاني أمثلة القزويين للمساواة ذاهبين إىل أنها من قبيل اإلجياز أو اإلطناب ]انظر: عروس

[، كما جند ذلك االختالا أيضا يف توجيه بعض الشواهد 226، 222، و انظر: خمتصر السعد ، التفتازاني، ص 212، 1/214

. ودراسات يف املعاني 226عند بعض املعاصرين ]انظر مثال: البالغة فنونها وأفنانها )علم املعاني(، د.فضل حسن عباس، ص

[.124عثمان، ص والبديع، د.عبدالفتاح

.702معجم البالغة العربية، د.بدو طبانة ص (322)

. 101( يف تاريخ البالغة العربية، د.عبدالعزيز عتيق، ص323)

Page 136: علم املعاني

تيسري علم املعاني 121

يصلح ألن يقال يف حق اإلجياز الذ هنو شنكل منن أشنكال القندرة البالغينة العربينة النيت تعبنر

باللفظ القليل عن املعنى الكثري.

نوعان: إجياز القصر، وإجياز احلذا.واإلجياز

وهو اإلجياز الذ يكنون بقصنر العبنارة دون أن يكنون يف الكنالم حنذا، كمنا يف قولنه

[، فهذه اآلية دلت على معان عظيمة رغم قصنر 173]البقرة/ چڭ ڭ ڭ ۇ چ تعاىل:

: (324)ألفاظها

على أن صالح اجملتمعنات وأمنهنا متحقنق اجلمعبضمري حيث دل قوله )لكم( -

بتطبيق هذا احلد الشرعي: حد القصاص.

دل على أن هذا األمن متحقق عنند وليس )القتل( واختيار كلمة )القصاص( -

قتننل القاتننل شننرعا، ولننيس بالقتننل انتقامننا أو للثننأر كمننا كننان يف اجلاهليننة وكمننا هننو يف بعننض

عاصرة.اجملتمعات العربية امل

كما أن )القصاص( منانع لالعتندا عمومنا، ألن القصناص لنيس خاصنا بالقتنل، -

فهو يشمل أ اعتدا سوا أكان على العني أو السن أو األنف أو سائر األعضا . وهو ما يعنين

مزيدا من األمن االجتماعي، ألن كل من يفكر باالعتدا على غريه يعلم بأنه سنيعاقب مبثنل منا

به، فيحجم عن تنفيذ اعتدائه. اعتدى

ودلت كلمة )حيناة( علنى أن تطبينق هنذا احلند ال ميننع وقنوع القتنل فقنط، بنل هنو -

مصدر مهم لبث احلياة اآلمنة والكرمية جلميع أفنراد اجملتمنع، والنيت تتحقنق بهنا حيناتهم وأمنور

معاشهم.

يتفق البالغيون على أنه ال جمال للمقارنة بني بالغة هذه اآلية وبني العبارة اجلاهلية املشهورة )القتل أنفى للقتل(.( 324)

Page 137: علم املعاني

123 تعريف اجلملة وأركانها

چڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چچ ومن أمثلنة إجيناز القصنر أيضنا قولنه تعناىل:

[، فهذه اآلية مشلت مكارم األخالق كلها، وانطوى حتتها كل فعل مجيل: 133]األعراا/

فدخل يف العفو كل صور اإلحسان إىل اخللق من الرفق بهم وحسن معاملتهم ولني -

اجلانب معهم والصفح عنهم.

ودخل يف األمر بالعرا كل صور املعروا سوا أكانت دينية مثل طاعة اهلل والصوم -

والصالة والصيام...إخل، أو اجتماعية مثل الكرم واملرو ة وحسن اخللق...إخل.

ودخل يف قوله )أعرض عن اجلاهلني( كل صور البعد عن الباطل كالبعد عن الكفر -

البعد عن الباطل الواقع من بعض املسلمني كالغيبنة والنميمنة والكافرين، والنفاق واملنافقني، أو

والتعد على حقوق اهلل أو الناس.

ومن شواهد إجياز القصر قوله عليه الصالة والسالم: "الدين املعاملة". حيث مشل هنذا

القول القصري كل صور التعامل الديين احملتملة، فالدين إما معاملنة اإلنسنان لربنه حبسنن عبادتنه

وطاعة أوامره واجتناب نواهيه، أو معاملة اإلنسان لغريه من الوال للمؤمنني والربا ة من الكافرين

ورعاية حقوق النناس واحرتامهنا، أو معاملنة اإلنسنان لنفسنه منن حينث إدارة رغباتنه وشنهواته

وأفكاره وأفعاله وفق ما يرضي اهلل ورسوله.

ون حبذا أحد أجزا الكالم. وتتعدد صور احلذا حبسب وهو اإلجياز الذ يك

احملذوا منه، فقد يكون احملذوا أكثر من مجلة، وقد يكون مجلة واحدة، وقد يكون

:بعض مجلة ، وقد يكون كلمة، وقد يكون حرفا. وهذا تفصيل احلديث عنها

حذا اجلمل الصورة األوىل :

نننناولوا بعنننض أمثلتنننه يف أفنننرد البالغينننون حنننديثا خاصنننا حلنننذا اجلمنننل وت

الكالم، ويلحظ يف الكثري من أمثلته اعتمادها على شواهد من القصص القرآنني،

Page 138: علم املعاني

تيسري علم املعاني 130

وهو ما يدفع إىل القول بأن حذا اجلمل ظناهرة مطنردة يف القصنة القرآنينة. فتلنك

يلجنأ فيهنا إىل حنذا أجزائهنا غنري كما يشري د.حممند أبنو موسنى طريقة للقرآن

.(322)اذامة، وينص على أهم املواقف فيها

ک ک ک ڑژ ژ ڑچ وميكننننن التمثيننننل لننننذلك بقولننننه تعنننناىل:

[. حيث يقدر السكاكي احملذوفات يف اآلية: ))فضربوه فحيي 73]البقرة/ چک

. إن ما يفعله التقندير البالغني هنو حماولنة إعنادة (326)فقلنا كذلك حييي اهلل املوتى((

األجنزا السننردية املقطوعنة ليعننود لألحننداث تتابعهنا وانتظامهننا املنطقني، ممننا ينندل

علننى إدراك واضننح بوجننود حننذا مننن أصننل الكننالم يف القصننة، وخننروج عمننا

يقتضيه الرتتيب النمطي واملنطقي لألحداث.

دتني بالغيتني:وميكن القول بأن هذا احلذا حيقق فائ

التعبري باملشهد املتخيل بدال من طريقنة السنرد اإلخبنار ، الفائدة األوىل:

أو مسرحة القصة بدال منن حكايتهنا، إذ يلتنزم السنرد اإلخبنار جاننب التسلسنل

املنطقنني لألحننداث، يف حننني يعتمنند التعننبري باملشننهد أسننلوب تقسننيم القصننة إىل

نفنردا، ويظهنر هنذا يف مثنل قولنه واحند منهنا م مشاهد منفنردة يتخينل النذهن كنل

ڤ چ اىل: تعنننننننننننننننننننننننا ٹ ڤ ڤ ڤ ٹ ٿ ٿ ٹ چٿ ٿ

[. فقد حذا أكثر من مجلنة، والتقندير: ))فأرسنلوه، فأتناه، 46-42]يوسف/

گ گ گ ڳ ڳ چ . ومثلنه قولنه تعناىل: (327)وقال له: يا يوسنف(( ک گ

.312( انظر: البالغة القرآنية يف تفسري الزخمشر ، د.حممد أبو موسى ، ص322)

.271( مفتاح العلوم ، السكاكي، ص 326)

.113( اإليضاح ، اخلطيب القزويين ، ص 327)

Page 139: علم املعاني

131 تعريف اجلملة وأركانها

ں ڱ ڻ ڳ ڳ ڱ ڱ ڻ ڻ ڻ [، إذ 23-21]النمنننننننننننننل/ چۀ ں

.(321)التقدير: فألقاه فأخذت الكتاب فقرأته ثم قالت: يا أيها املأل

لقنند أسننهم احلننذا يف قصننة يوسننف عليننه السننالم إىل انقسننام اجلمننل إىل مشننهدين

منفصلني، مشهد حديث الرجل إىل امللك، ومشهد يليه هو وقوفه بني يد يوسف وسؤاله

يا، وكذلك يف قصة بلقيس مع سليمان عليه السالم، ميثل خطاب سليمان للهدهد عن الرؤ

مشهدا مستقال، ثم ينتقل السياق عرب احلذا إىل املشهد التالي، مشهد بلقيس وهي تنتهني

من قرا ة اخلطاب وتشرح لقومها حمتواه.

ولنذلك جيعننل أحنند املعاصننرين هننذه الفجنوات بننني املشننهد واملشننهد خصيصننة مننن

خصائص القصة القرآنية، فهي تؤد ما يؤديه يف املسرح احلديث إنزال الستارة، ويف السينما

احلديثة انتقال احللقة، حيث ترتك بني كل مشهدين أو حلقتني فجوة ميلؤها اخليال، ويستمتع

.(323)بإقامة القنطرة بني املشهد السابق واملشهد الالحق

تهمنيش األحنداث العارضنة يف القصنة، والرتكينز علنى األحنداث الفائدة الثانية:

ٹ چ اجلوهرية اليت يتعلق بها مغزى القصة، ويظهر هذا واضحا يف قوله تعاىل: ٹ ٹ

ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ

فكذبوهما، [، فقد حذا مجلتني، والتقدير: )فذهبا إليهم36-32]الفرقان/ چ ڃ

ألنه أراد اختصار القصة فذكر كما يرى اإلمام الزخمشر فدمرناهم(. وقد جا احلذا

حاشيتها، أوذا وآخرها، ألنهما املقصود من القصة بطوذا، وهو إلزام احلجة ببعثة الرسل

.(360)واستحقاق التدمري

.113انظر: اإليضاح ، القزويين، ص ( 321)

.111انظر: التصوير الفين يف القرآن، سيد قطب، ص ( 323)

.210/ 3 انظر: الكشاا، الزخمشر ( 360)

Page 140: علم املعاني

تيسري علم املعاني 132

يف تسنريع األحنداث إن الزخمشر يلمح إىل أهمية احلنذا يف البننا القصصني، ودوره

بإسقاط الوحدات اذامشية، وذلك إلبراز التقابل الداللي املباشر بني الفعل ورد الفعل، بني قيام

احلجة عليهم مبجي الرسالة وتدمريهم لعدم االستجابة، ومن ثم أسقطت اجلمل احملذوفة ألنها

بعيد.متثل أحداثا هامشية ال متس هذا الغرض ال من قريب وال من

حذا اجلملة الصورة الثانية :

قد يكون احملذوا مجلة واحدة وذلنك بإسنقاط مجلنة تامنة منن الكنالم، كمنا يف قولنه

[، حيث حنذا 60]ألبقرة/ چ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڍڇ ڇ ڇ ڍچ تعاىل:

.(361) فانفجرت(( فضربمجلة كاملة، والتقدير: ))

ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ٹٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹچ ومثلننه أيضننا قولننه تعنناىل:

[، ففنني هننذه اآليننة حننذا مجلننة تامننة، وتقنندير الكننالم: )اضننرب 63]الشننعرا / چڦ

فانفلق(. ويأتي هذا احلنذا يف اآلينتني لتعلينق انفجنار احلجنر وانفنالق فضرب بهبعصاك البحر

ال يظننن أن االنفننالق واالنفجننار كانننا بسننبب ضننرب البحننر بفاعلننهما احلقيقنني وهننو اهلل، أ لننئ

موسنى ذمنا، وإمننا ألن اهلل هننو النذ أمنره وأوحننى إلينه بنذلك، فحننذفت اجلملنة لنربط فعننل

االنفالق بوحي اهلل وأمره.

حذا بعض اجلملة الصورة الثالثة :

يظهر حذا بعض اجلملنة يف حنذا مجلنة الشنرط أو مجلنة جنواب الشنرط. فأمنا

الشرط فلم يتحدث عنه البالغيون، وهو يأتي غالبا لداللة الكالم عليه، كما حذا مجلة

يف قول الشاعر:

(362)قالت بنات العم يا سلمى وإن *** كان فقريا معدما قالت وإن

.271مفتاح العلوم ، السكاكي ، ( 361)

.643ورد البيت يف مغين اللبيب البن هشام، حتقيق: حميي الدين عبداحلميد، ص( 362)

Page 141: علم املعاني

133 تعريف اجلملة وأركانها

فسأتزوجه(. كان فقريا معدمافاملعنى: )أتتزوجينه وإن كان فقريا معدما، قالت: وإن

الشرط مع )إن( الثانية، لداللة فعل الشرط مع )إن( األوىل عليه.فحذا فعل

ۈ چ كما توقف البالغيون طويال عند حذا جواب الشرط، يف مثل قوله تعاىل:

[، فقنند حننذا اجلننواب، والتقنندير: لوجنندوا ثوابننا 73]الزمننر/ چٴۇ ۋ ۋ ۅ

ية، منها:عظيما. ويأتي مثل هذا احلذا ليحقق بعض الدالالت البالغ

من أن غرض مثل هذا احلذا هو فتح آفاق (363)ما يتواطأ عليه كثري من البالغيني-1

الكالم على عامل واسع من التصورات واالحتماالت، فاحلذا يف الكالم هنا

يشري إىل عظم ثواب أهل اجلنة، حيث فيها ما العني رأت، وال أذن مسعت،

وال خطر على قلب بشر، فجا احلذا دليال على فتح آفاق التصورات احملتملة

منون يوم القيامة من خري ونعمة.ملا جيده املؤ

قد يأتي حذا اجلواب لرتكيز الذهن يف الصورة اللغوية املذكورة، وعدم شغله مبا -2

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ چ عداها كما يف قوله تعاىل:

پ [، حيث حذا اجلواب، والتقدير: لرأيت ما 13]السجدة/ چپ

ا يف هذه اآلية لرتكيز الذهن يف هم فيه من خز وذلة وصغار، فقد جا احلذ

هذه الصورة منفردة، صورة رؤوسهم املنكسة خزيا وذلة وهوانا أمام ربهم جل

وعال، فرتتسم هذه الصورة املؤثرة يف خيال القار فال ينشغل الذهن مبا عداها،

فيمتل بها حسه وجوارحه دون أن يتشتت الذهن، أو ينصرا االنتباه عن تأمل

ية الرئيس، وهو تصوير ذلة هؤال وانكسارهم أمام اهلل.مقصد اآل

حذا الكلمة الصورة الرابعة :

انظر: النكت يف إعجاز القرآن، الرماني، )ضمن ثالث رسائل يف إعجاز القرآن، حتقيق: د.حممد أمحد خلف اهلل ( 363)

.331، و منهاج البلغا ، حازم القرطاجين، ص 173، واإليضاح، القزويين، ص 106زغلول سالم( ص ود.حممد

Page 142: علم املعاني

تيسري علم املعاني 134

سبق الكالم عن بعض صور حذا الكلمة يف مبحث احلذا والذكر، حيث أشنري

هناك إىل صور احلذا التالية:

حذا املسند إليه )املبتدأ أو الفاعل(

حذا املسند )اخلرب أو الفعل(

حذا املفعول به

وهو ما يغين عن إعادته هنا، وسيكتفى باحلديث هنا عن صنور حنذا الكلمنة األخنرى، مثنل:

حذا بعض املتعلقات، أو حذا املضاا أو املضاا إليه، أو الصفة أو املوصوا، أو املعطوا أو املعطوا

عليه ... إخل.

ذه الصور االقتصار على تعدادها، دون احلديث ويؤخذ على كثري من البالغيني يف حديثهم عن ه

عن الدواعي البالغية اليت تدفع إىل اللجو ملثل هذا احلذا. وقد حاول بعض املعاصرين الوقوا عند مثل

هذه الصور، واإلشارة إىل وجوه مجاذا البالغية. وستتناول السطور التالية أشهر تلك الصنور، والندواعي

اللجو إليها:البالغية اليت تدفع إىل

سبق القول بأن اجلملة تتكون من حيث النظرة املنطقية منن موضنوع وحممنول، أو حكنم وحمكنوم

عليه، وهذان هما الركنان األساسيان اللذان تتكون منهما اجلملة، وهما ما يسميهما اللغويون املسند واملسنند

ركنا ثالثا ال يقل عنهما أهمية، وهو القيود اليت تصاحب املسند واملسند إليه وحتدد معناهما، وهو إليه. وبأن مثة

ما مساه البالغيون باسم: )املتعلقات(. لكن املتعلقات ميكن االستغنا عنها لغويا، بينما املسند واملسند إلينه ال

باسنم: "العمندة"، وعندوا املتعلقنات منن قبينل: ميكن أن يأتي الكالم دونهمنا، وذنذا مساهمنا النحوينون

"الفضلة".

ولكن جيب أن يعلم بأن املتعلقات ميكن االستغنا عنها يف امللفوظ اللغو فحسب، وإال فحضورها

قند خلنت منن املتعلقنات لغوينا، ولكنن منثال حتم الزم لتمام الداللة يف الذهن. فجملة: )جنا حممند(

Page 143: علم املعاني

132 تعريف اجلملة وأركانها

لتصور املعنى، فاجملي البد أن يكون بوسيلة ما، وبهيئة معينة، ويف مكان وزمان معينني، املتعلقات بنية أساسية

وكل هذه قيود ال ميكن حتقق مضمون اجلملة يف الواقع اخلارجي بدونها. هذه القيود إذا ذكرت يف اجلملة فهي

املتعلقات.

يف كثري من الكالم، ذاهبا إىل القول بأن معظم (364)وقد لحظ أحد الباحثني شيوع اجلملة الثالثية البنية

اللغات اإلنسانية تتطلب األركان الثالثة السابقة كعناصر لسانية أساسية للتعبري عن غنرض منن األغنراض،

فاجلمل اليت تتألف من وحدتني ليست مستقلة بنفسها يف احلقيقة، كما أنها ال تكون قادرة يف معظم األحوال

الفكرة املطروحة فيها إال يف أحوال نادرة تصبح معلومة لدى الناس، مثل: )أشرقت الشمس، على استيفا

وطلع الفجر، وأقبل الليل(. فاجلملة اليت تتكون من ركنني ويرى النحاة أنها مكتفية بنفسها، هي ليست كذلك

يف معظم األطنوار إىل قريننة خارجينة تنتم إال شكليا أو إجرائيا، أما دالليا فهي مفتقرة إىل تكملة ما، إذا تفتقر

.(362)معناها

إن مثة مجال ميثل فيها املتعلق ركنا مهما يف أدا معنى اجلملة، حيث ال ميكن تصور املعنى املراد دون

ذكر املتعلق، فجملة مثل: )تآخى السيد( تعد مجلة قلقة تفتقر إىل متعلق يفصح عن متام معناها، ألن التآخي

اعل حيدث من طرفني، ومل يذكر يف اجلملة سوى طرا واحد، فإذا أضيف إىل اجلملة السابقة متعلق، تف

فقيل: )تآخى السيد مع عبيده( اتضح املعنى متاما وانتفى عن اجلملة قلقها واضطرابها الداللي.

لرجل(، فهذه اجلملة وقد يتوقف املعنى املراد يف بعض األحيان على املتعلق، كما يف مجلة: )كفر ا

تظل مبهمة املعنى بدون ذكر أو تقدير متعلقها، فإذا قيل: )كفر الرجل باهلل( دلت اجلملنة علنى كفنر الرجنل

وبعده عن طريق اهلل املستقيم. يف حني أنه لو ذكر متعلق آخر لرمبا انقلب املعنى رأسا على عقنب، فلنو قينل:

ل اجلملة على عميق إميان الرجل. وهذا يدل على أن حتديد معنى اجلملة توقف )كفر الرجل بالطاغوت( ستد

على متعلقها، ويف ذلك كشف صريح عن األهمية الكربى اليت متثلها املتعلقات يف إمتام الداللة، فهي جز

رئيس ال يتجزأ من داللة الكالم.

أ املكونة من: مسند إليه، ومسند، ومتعلق.( 364)

. 60- 27انظر: بنية اخلطاب الشعر ، د. عبد امللك مرتاض، ص ( 362)

Page 144: علم املعاني

تيسري علم املعاني 136

ا املعنى، فإن حذفه يفرتض أن ال يكون إال ومادام حضور املتعلق على هذا القدر من األهمية يف أد

إذا كان مثة دواع لغوية أو بالغية استدعت ذلك احلذا. وستتناول السطور التالية يف حذا املتعلقات: حذا

الظرا واجلار واجملرور.

فقد يحذا املتعلق إذا كان جارا وجمرورا، أو كنان ظرفنا. ومنن صنور حنذا اجلنار واجملنرور قنول

الشاعر:

يا دار مية بالعليا فالسند *** أقوت وطال عليها سالف األبد

فقد ))حذا اجلار واجملرور يف قوله: "أقوت"، أ : "أقوت من أهلها"، وذلك ليعمق الشعور بالفراغ

من هيمنة اجلو الشناحب النذ من كل أنواع احلياة، ألن ذكر األهل رمبا أشاع جوا من األنس واإللفة يقلل

.(366)اكتنفه املوت والفراغ((

ومثال حذا الظرا قول الشاعر ميدح النعمان بن املنذر:

(367)أبى اهلل إال عدله ووفا ه *** فال النكر معروا وال العرا ضائع

أ :... "عند النعمان"، فلنم فقد ))حذا الظرا يف قوله: "فال النكر معروا وال العرا ضائع"،

.(361) يثبت الظرا ألنه يقرر حقيقة عامة ال تكون يف زمان دون آخر، وال تكون يف مكان دون آخر((

حذا املوصوا : -

، وهو كثري الشيوع يف الكالم، إىل درجة أنه يرد (363)حتدث البالغيون عن هذا النوع

أحيانا أكثر من صور احلذا األخرى، حسبما أثبتت دراسة إحصائية لصور احلذا يف ديوان

( مرة تقريبا، حيث 323النابغة الذبياني، فقد اكتشفت الباحثة بأن حذا املوصوا ظهر )

.112محد محدان، ص احلذا والتقديم والتأخري يف ديوان النابغة الذبياني، ابتسام أ( 366)

.71ديوان النابغة الذبياني، ص (367)

.113(احلذا والتقديم والتأخري يف ديوان النابغة الذبياني ، ابتسام أمحد محدان، ص 361)

.122/ 2انظر: اإليضاح )مع البغية( ، القزويين ، ( 363)

Page 145: علم املعاني

137 تعريف اجلملة وأركانها

. وقد سردت تلك الباحثة (370)(())شكل ظاهرة طغت على غريها من أنواع احلذا األخرى

الدواعي البالغية اليت دفعت الشاعر إىل استعمال حذا املوصوا هناك.

وإذا أردنا الوقوا على بعض منن صنوره ودواعينه البالغينة فلنتكن البداينة منع آ

[، أ : 11]سنبأ/ چگ گ گ چ القرآن، حيث يظهر هنذا احلنذا يف قولنه تعناىل:

دروعا سابغات.

يف الشعر قول الشاعر: ومنه

(371)يتقاذفون بذات هول، مل تهب *** حرم املسيح وال حمى العذرا

إذ األصل: "يتقاذفون مبقذوفات ذات هول"، إال أن الشاعر ))استغنى عن املوصوا

ه "مقذوفات"، واكتفى بالصفة "ذات هول"، لتهويل وقع املعنى على القار ، وتهويل صورت

. فحذا املوصوا للتهويل.(372)احلاضرة الغائبة يف ذهنه((

حذا الصفة: -

وجعلوه نادر الوقنوع، ويعتنب باحنث معاصنر علنى (373)وقد حتدث عنه البالغيون

.(374) البالغيني إهماذم هذا النوع من احلذا وعدم إدراك بالغته وحقيقة موقفه، فأهملوه

ومن ذلك قول الشاعر:

(372)إني ألخشى عليكم أن يكون لكم *** من أجل بغضائهم يوم كأيام

.122احلذا والتقديم والتأخري يف ديوان النابغة ، ابتسام محدان ، ص ( 370)

.2/ 3الشوقيات ( 371)

.301خصائص األسلوب يف الشوقيات، حممد اذاد الطرابلسي، ص ( 372)

.123/ 2انظر: اإليضاح )مع البغية( ، القزويين ، ( 373)

.162انظر: احلذا والتقديم والتأخري يف ديوان النابغة الذبياني، ابتسام محدان ، ص ( 374)

.104ديوان النابغة الذبياني، ص (372)

Page 146: علم املعاني

تيسري علم املعاني 131

فقد حذفت الصفة من )يوم( لغرض تعظيمه وتهويله، حيث إن املتلقي حني يسمع

هذا اللفظ ))يفاجأ بتجرده من أ صفة ختصصنه، فنيحس بعجنز الشناعر عنن إجيناد صنفة

.(376) عظم وهول ذلك اليوم((مناسبة للتعبري عن

ومثله قوله:

(377)أتاك بقول مل أكن ألقوله *** ولو كبلت يف ساعد اجلوامع

فقد ساهم حذا صفة القول يف تهويله وتعظيمه، إذ ))يف غمرة االنفعال الغاضب

و هذا يبحث النابغة عن كلمة ميكن أن تفي هذا القول حقه من الوصف فال جيدها، ألن س

القول ال ميكن أن يقوله، بل يستحيل أن يصدر عنه... فهو على درجة من اإلثم جعلت أبنا

.(371)أمامة يأبى التفوه به((

حذا املضاا: -

]يوسنف/ چڱ ڱ چ وهو أيضا كثري، ومن شواهده يف القرآن قوله تعناىل:

إخنوة يوسنف علينه . فهنذه اآلينة جنا ت يف سنياق دعنوى (373)[. أ : أسأل أهل القرينة 12

السالم صدقهم عندما فقدوا أخاهم الثاني، مؤكدين لوالدهم أنهم صادقون، وأنه يستطيع

التأكد من صدقهم بسؤال القرية اليت جا وا منها. وهذا احلذا جعل الطلب يتجه إىل سؤال

يف القرية وليس أهلها. وكأن إخوة يوسف يريدون املبالغة يف إثبات صدقهم، فكأن كنل منا

القرية من جدرانها وشوارعها ومساكنها وسكانها شواهد على صدقهم. وهنذا أبلنغ ممنا لنو

اقتصر على ذكر أهلها فقط.

.166ذا والتقديم والتأخري يف ديوان النابغة الذبياني، ابتسام محدان ، ص احل (376)

ورد البيت يف لسان العرب مادة ج م ع.( 377)

.166احلذا والتقديم والتأخري يف ديوان النابغة الذبياني، ابتسام محدان ، ص (371)

.122/ 2انظر: اإليضاح )مع البغية( ، القزويين ، ( 373)

Page 147: علم املعاني

133 تعريف اجلملة وأركانها

ومنه يف الشعر قول الشاعر:

(310)أمن أكل اليتيم له عقاب *** ومن أكل الفقري فال عقابا ؟

الفقنري" يف الثناني. وغنرض هنذا احلنذا هنو التهوينل و"مال (311) ))فقد أراد "مال اليتيم" يف األول((

وتعظيم جرمية أخذ مال اليتيم والفقري بغري وجه حق، فجعله الشاعر كأمنا يأكنل منن اليتنيم والفقنري نفسنيهما

بشحمهما وحلمهما، وليس أخذا ملاذما فقط، وذلك لقيام حياتهما ومعاشهما على هذا املال.

حذا املضاا إليه : -

ع من احلذا قليل إذا قورن بشقيقه حذا املضاا. ولكن مع هذا مل ختل تلك املرات القليلة هذا النو

اليت استعمل فيها من مجال بالغي الفت.

ومن ذلك يف الشعر قول الشاعر:

(312)أحاديث نفس تشتكي ما يريبها *** وورد هموم لن يجدن مصادرا

يف قوله: "أحاديث نفس"، ومل يقل: "نفسي"، ألن هذه النفس سببت له فقد ))حذا املضاا إليه

العنا واألمل مبا حتمله من هموم مضنية، حتى وجدناه يقف منها موقف الغريم فيحاول االنسالخ عنها والرب

.(313) من أسقامها((

حذا املعطوا عليه: -

ويظهر مثل هذا يف قول الشاعر:

(314)فمي *** أومل تبصر ضنى بدني ؟ هبك لم تسمع شكاة

.64 /1الشوقيات ( 310)

.303خصائص األسلوب يف الشوقيات ، حممد اذاد الطرابلسي، ص ( 311)

.21ديوان النابغة الذبياني، ص (312)

.171احلذا والتقديم والتأخري يف ديوان النابغة الذبياني، ابتسام محدان، ص ( 313)

.664ديوان النابغة الذبياني، ص (314)

Page 148: علم املعاني

تيسري علم املعاني 140

. وقد حذا املعطوا عليه ألن (312)إن ))املعطوا عليه احملذوا مقدر، أ : أغفلت ومل تبصر((

))أهميته أقل من مثيلتها يف املعطوا، فال يعنيه... أن حبيبه قد أغفل شكواه بقدر منا يؤملنه أننه مل يبصنر ضننى

.(316)بدنه((

حذا احلروا

مل يتحدث عن هذا النوع من احلذا أحد من البالغيني األوائل أو البالغيني املتأخرين، وإمنا حتدث

، إال أن حديث هؤال املعاصرين (317)عنه بعض اللغويني القدامى كابن جين، وأشار إليه بعض املعاصرين

مل يفرق بني نوعني خمتلفني من حذا احلروا. حيث ميكن تقسيم حذا احلروا قسمني متمايزين، هما:

حذا حروا املباني.

حذا حروا املعاني .

لكن ابن جين قد فرق بينهما وحتدث عن كنل واحند منهمنا علنى حندة، حينث يقنول يف ذلنك:

على ضربني: أحدهما حرا زائد على الكلمة مما جيي ملعنى، واآلخر حرا من )حذا احلرا يف الكالم

ولكننه حنديث (330)وحذا حنروا املبناني (313). وقد حتدث عن حذا حروا املعاني(311)نفس الكلمة(

غلب عليه الطابع اللغو ال البالغي.

حذا حروا املباني

. 163د.فتح اهلل سليمان، صاألسلوبية ، مدخل نظر ودراسة تطبيقية، ( 312)

.163األسلوبية ، مدخل نظر ودراسة تطبيقية، د.فتح اهلل سليمان، ص (316)

انظر: خصائص األسلوب يف الشوقيات، حممد اذاد الطرابلسي. واألسلوبية ، مدخل نظر ودراسة تطبيقية، د.فتح ( 317)

.123-124ص ، وخصائص الرتاكيب، د.حممد أبو موسى، 121-122اهلل سليمان، ص

.311/ 2اخلصائص، ابن جين، ( 311)

.273/ 2انظر: اخلصائص، ابن جين، ( 313)

.212/ 2اخلصائص، ابن جين، ( 330)

Page 149: علم املعاني

141 تعريف اجلملة وأركانها

الكلمات العربية، وهني حنروا يقصد حبروا املباني تلك احلروا اليت تبنى منها

اذجا الثمانية والعشرون املعروفة. فقند يحنذا أحند حنروا الكلمنة منن غنري علنة لغوينة

[، فكلمنة 12]الكهنف/ چىئ ىئ ىئ ی ی ی ی چ ، كما يف قولنه تعناىل: (331)ملزمة

)تسطع( حذا منها حرا التا ، مع إمكانية ذكنره فهنو حنذا غنري ملنزم، وهنو املقصنود

حبذا حروا املباني هنا. ويكون حذا حروا املباني على صورتني: قياسي شائع، وشاذ

نادر.

: القياسي الشائع

هذا النوع له صوره املعروفة يف اللغة، ومن أشهر تلك الصور:

الرتخيم : وهو حذا احلرا األخري من املنادى العلم، كما يف قول الشاعر: -1

أشطان بئر يف لبان األدهم ***والرماح كأنها يدعون: عنرت ،

فقد حذا التا من )عنرتة( بسبب ضيق املقام وحال الكرب واحلرب اليت يعاني فيها

الفرسان سعري املعركة فال تأتي كلماتهم تامة مكتملة، فجا احلذا للتعبري عن هذا املعنى.

ومنه قول الشاعر أيضا:

(332)يم أخي *** فإذا رميت يصيبين سهمي قومي هم قتلوا أم

فقد حذا التا منن: "أميمنة"، وذلنك بسنبب حنال التوجنع واألمل النيت يتضنمنها

البيت.

يقصد بالعلة اللغوية امللزمة ذلك السبب اللغو الذ يوجب احلذا، كحذا حرا العلة مع املضارع اجملزوم، وحذا ( 331)

فال يعد داخال ضمن حذا حروا املباني. نون اجلمع عند اإلضافة، فاحلذا هنا واجب،

.223البيت للحارث بن وعلة. انظر: دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص (332)

Page 150: علم املعاني

تيسري علم املعاني 142

قصر املمدود : ويأتي يف الشعر والنثر، وهو حذا احلرا األخنري )اذمنزة( -2

من الكلمة املمدودة، كما يف قول الشاعر:

(333)ال بد من صنعا وإن طال السفر ... وإن حتنى كل عود ودبر

فاألصل أن )صنعا ( ممدودة، ولكن الشاعر حذا اذمزة فقصر املمدود، والغرض

البالغي من هذا احلذا أن يعبر عن احلرص الشديد واللهفة املتوقدة يف بلوغ ذلك املكان،

ده بأسرع وقت وأقصر فرتة ممكنة.ولتصوير رغبته الكبرية يف الوصول إىل بل

احلنذا لرعاينة الفاصنلة: حينث حينذا احلنرا األخنري منن الكلمنة لتحقينق -3

پ ٻ ٻ پ پ ٱچ التوافق السجعي بني أواخر الكلمات، كما يف قوله تعاىل:

[، فقد حذفت اليا من )يسر ( ألن اآليات السابقات كلها تنتهي 4-1]الفجر/ چڀ ڀ

را الرا ، فحذفت اليا لتتفق هذه اآلية مع ما قبلها مراعاة لنغم الفاصلة القرآنية. حروفها حب

وهذا كثري جدا يف القرآن الكريم.

الشاذ النادر

وهو احلذا الذ حيدث بشكل ال ينبين علنى قواعند اللغنة أو اسنتعمال العنرب،

ويذكر الدكتور أبو موسى لذلك مثال يقول فيه الشاعر على لسان ذئب يطلب املا :

(334)فلست بآتيه وال أستطيعه *** والك اسقين إن كان ماؤك ذا فضل

ك(، حيث حذا الننون منن )لكنن(، وسنر فإن احلذا وقع يف قول الشاعر: )وال

ذلك أن الذئب شديد العطش، ويظهر عليه اإلعيا واإلنهاك، فهو عاجز عن إكمال الكلمة

.(332)بالصورة املعروفة

ورد البيت يف لسان العرب مادة ص ن ع. (333)

ورد البيت يف لسان العرب مادة ص ن ع. (334)

Page 151: علم املعاني

143 تعريف اجلملة وأركانها

وإن املتأمل ال جيد إال أن يعبر عن إعجابه بهذه النظرة البالغية الناضجة عند هؤال

يات هذا الشكل من احلذا بصورة مل يتناوذا املعاصرين الذين استطاعوا الوقوا على مجال

من قبلنهم منن البالغنيني، ولكنن ال بند منن التأكيند علنى أن احلنذا النذ جينب أن يهنتم

باحلديث عن بالغته هو احلذا القياسي، أما النادر الشاذ فاألوىل تركه إال إن وقع يف شعر

نقص موهبته، فضال عن أحد الفحول، ألنه يف شعر غريهم قد يكشف عن عجز الشاعر و

أن االهتمام به قد يشجع هواة اإلغراب إىل كسر قواعد اللغة وتغيري كلماتها.

حذا حروا املعاني

وهنني احلننروا املعروفننة عننند النحننويني، إذ الكلمننة عننندهم اسننم وفعننل وحننرا،

لنيس ذنا كحروا اجلر واالستفهام والندا والنفي وحنوها. هذه احلروا تدل على معنى و

حمل من اإلعراب ولذلك سميت باسم: حروا املعاني.

ومن أشهر حروا املعاني اليت يقع فيها احلذا، ما يأتي:

أحرا النفي : -1

مع الفعل املضارع ))على السعة يف كما يقول السكاكييحذا حرا النفي )ال(

[، وحنو:12]يوسف/ چەئ ەئ چ جواب القسم، كنحو:

(336)فقلت ميني اهلل أبرح قاعدا

ويف غري جواب القسم إذا كان من أخوات كان، كنحو: ...

.(337) تنفك تسمع ما حييت بهالك حتى تكونه((

.126انظر: خصائص الرتاكيب ، د.حممد أبو موسى ، ص ( 332)

.32امر القيس، ص ديوان ( 336)

.120مفتاح العلوم ، السكاكي ، ص ( 337)

Page 152: علم املعاني

تيسري علم املعاني 144

فالتقدير على الرتتيب: "تاهلل ال تفتأ"، "ميني اهلل ال أبرح"، "ال تنفك تسمع". وغرض

يقنول البالغينون هنو االحنرتاز عنن العبنث، فمنا دام النفني احلذا يف املواضع السابقة كما

مفهوما دون وجود احلرا، فكأن وجوده نوع من العبث يتنزه عنه الكالم البليغ.

أحرا الندا : -2

]يوسنف/ چ ەئ ەئ وئ وئچ قد يحنذا حنرا النندا كمنا يف قولنه تعناىل:

، واألصننل: )ينا يوسننف(. [، فقند حنذا حننرا منن حننروا املعناني وهنو )يننا( النندا 23

وغرض هذا احلذا هنا هو اإلشارة إىل رغبة املتكلم )وهو العزيز الذ يعمل عنده يوسف

عليه السالم( يف السرت وإخراج الكالم خمرج اذمس، مبالغة مننه يف سنرت هنذه الفعلنة النيت

وقعت من أهل بيته، خبالا ما لو ذكرت )يا( اليت تفيد التنبيه.

اعر:ومنه قول الش

(331)قومي هم قتلوا أميم أخي *** فإذا رميت يصيبين سهمي

فقد حذا )يا( الندا ، والتقدير: "يا أميمة"، وذلك بسبب حال التوجع والتضنجر

اليت يدل عليها البيت.

حذا حروا اجلر: -3

يف تحذا حروا اجلر للداللة على معنى التضمني، وهو أن يتضنمن الفعنل أو منا

منها: أن يحذا حرا اجلنر منع (333)حكمه معنى فعل آخر. ويكون ذلك بعدد من الصور

الفعل الالزم ليتضمن معنى فعل متعد. ذلك أن الفعل الالزم ال ميكنه أن يتعدى إىل مفعوله

.223البيت للحارث بن وعلة. انظر: دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص (331)

يأتي التضمني يف اللغة على ثالث صور، أوالها ما ذكر أعاله من حذا حرا اجلر مع الفعل الالزم، والثانية: إبدال ( 333)

[ لتضمني معنى )احلمد(، واألصل أن يقال: 112]البقرة/ {ولتكبروا اهلل على ما هداكم}حرا جر بآخر، كما يف قوله تعاىل:

[، فقد 1]الصافات/ {ال يسمعون إىل املأل األعلى}ر مع الفعل املتعد ، كما يف قوله تعاىل: مبا هداكم. والثالثة: ذكر حرا اجل

زيد حرا اجلر لتضمني معنى اإلصغا .

Page 153: علم املعاني

142 تعريف اجلملة وأركانها

بنفسه، بل ال بد له من حرا جر. ولكن يحذا حرا اجلر هذا ليتضمن الفعل الالزم معنى

[، إذ أصننل الكننالم: 61]يننس/ چۓ ڭ چ فعننل متعنند، كمننا يف قولننه تعنناىل:

ألجنل كما ينرى اإلمنام الزخمشنر فاستبقوا إىل الصراط، ولكن حذا حرا اجلر هنا

تضمني فعل متعد وهو )ابتدروا(.

چ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک کچ ومنن ذلنك أيضننا قولنه تعنناىل:

[، فاألصل: وال تعزموا على عقدة النكاح، ولكن حذا حرا اجلر لتضمني 232]البقرة/

فعل متعد هو )تنووا(.

حذا همزة االستفهام : -4

ومن أمثلة ذلك قول الشاعر:

(400)، أم أنه نظم ناظم فتلك آلل أم ربيع تفتحت *** أزاهره

فالشاعر يقصد بالآلل هنا أبيات قصيدة له قاذنا يف املندح، وهنو منا يعنين أن ))حنذا

اذمزة هنا جعل قوله: "فتلك آلل" يتحول من اإلنشا إىل اخلرب، كأنه يشري إىل أبياتنه، ويقنرر:

.(401)"فتلك آلل" فحذا اذمزة أضفى على املعنى إثباتا وتقريرا((

. وعلنى هننذا ال ينندخل ضننمن (402) اإلطنناب هننو )زيننادة اللفنظ علننى املعنننى لفائنندة جديندة(

اإلطناب تلك الزيادة اليت ال حتقق فائدة، وإمنا تسمى تطويال أو حشوا، كما يف قول الشاعر:

(403)أال حبذا هند وأرض بها هند *** وهند أتى من دونها النأ والبعد

.231ديوان البارود ، ص (400)

.122األسلوبية ، مدخل نظر ودراسة تطبيقية، د.فتح اهلل سليمان، ص ( 401)

.314طبانة، ص معجم البالغة العربية، د.بدو ( 402)

ورد البيت يف لسان العرب مادة ج د ر. (403)

Page 154: علم املعاني

تيسري علم املعاني 146

النأ والبعد مبعنى واحد، حيث تغين إحداهما عنن األخنرى يف أدا املعننى، فهني فإن

حشو وتطويل.

، أشهرها:(404)يأتي اإلطناب على صور عدة

اإليضاح بعد اإلبهام -1

ويكون مبجي املعنى يف البداية مبهما، ثم يتم بعد ذلك إيضاحه وشرحه، ويأتي مجال

النفس ملعرفة ذاك األمر املبهم، فإذا ذكر ووضح بعد ذلك متكن املعنى هذا األسلوب من تشويق

يف الذهن خري متكني، ووقع يف النفس موقعا حسنا. وذلك ألن السامع يرى املعنى )يف صنورتني

خمتلفتني ، إحدى الصورتني ما أوجب فهمه على وجه اإلبهام، واألخرى ما أوجب فهمه على

. (402) وجه الوضوح(

چۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى چ من شواهده قوله تعاىل: و

[، فقد جا األمر الذ قضاه اهلل ملوسنى مبهمنا، ثنم وضنحت ماهيتنه اجلملنة 66]احلجر/

التالية )أن دابر هؤال ...(.

ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ چ ومثلننه قولننه تعنناىل:

الذ وسوس به الشيطان مبهما، ثم وضحته [، حيث جا الشي 120]طه/ چڻ ڻ ڻ

بقية اآلية.

ومن اإليضاح بعد اإلبهام )التوشيع(، وهو: أن يؤتى يف صدر الكالم بعدد جممل،

ثم يفسر مبا يدل عليه ذلك العدد. كما يف قوله عليه الصالة والسالم: "نعمتان مغبون فيهما

مل يتحدث عبدالقاهر ومل يفصل السكاكي يف صور اإلطناب، وإمنا فعل ذلك القزويين وشراح التلخيص.( 404)

.622/ 1مواهب الفتاح ، ابن يعقوب املغربي، ( 402)

Page 155: علم املعاني

147 تعريف اجلملة وأركانها

ال متسهما النار: عني بكت من خشية اهلل، كثري من الناس: الصحة والفراغ". وقوله: "عينان

وعني باتت حترس يف سبيل اهلل". ومنه يف الشعر قول الشاعر:

ثالثة تشرق الدنيا ببهجتها *** مشس الضحى وأبو إسحاق والقمر

التكرار - 2

كما يرى بعض –وقد وردت هذه الصورة بكثرة يف الرتاث األدبي العربي. والتكرار

يعد أحد الفوارق الرئيسة بني األسلوب األدبي واألسلوب العلمي. -(406)النقاد

بيد أنه ال بد من التأكيد على أن التكرار الذ حتدث عنه الكثري من البالغيني ال يتم

النظر إىل بالغته ومجاله إال إذا حتقق فيه العدول عن األصنل، إمنا إذا مل يتضنمن التكنرار

ته. وهذا املعنى يؤكده اإلمام الزركشي، حينث يقنول: )إمننا حيسنن عدوال فال ينظر يف بالغ

. ويضنرب (407)سؤال احلكمة عن التكرار إذا خرج عن األصل، أما إذا وافق األصنل فنال(

[، فنن )إيناك( هننا تكنررت 2]الفاحتة/ چٿ ٿ ٿ ٿ چ مثال لذلك بقوله تعاىل :

هنا عاملني متغايرين، كل منهما يقتضي مرتني، لكن هذا التكرار مل خيالف األصل، )ألن

. (401)معموال، فإذا ذكر معمول كل منهما بعده جا الكالم على أصله(

قند ال يكنون حتنى وإن عندل عنن األصنل بيد أنه ال تفوت اإلشنارة إىل أن التكنرار

)فنإذا تكنرر اللفنظ هنن( 463كمنا يقنرر ابنن رشنيق ) تكنرارا بليغنا بنل رمبنا اسنتقبح ورفنض

. وقنند أملننح إىل هننذا القننزويين عننندما قننال: )وإمننا (403)واملعنننى مجيعننا فننذلك اخلننذالن بعينننه(

، ألنه لو مل يكن لنكتنة وفائندة بالغينة فلنيس (411)، وذلك )ليكون إطنابا ال تطويال((410)لنكتة(

. 60انظر: األسلوب ، أمحد الشايب ، ص (406)

. 37/ 3القرآن ، الزركشي، الربهان يف علوم (407)

. 37/ 3الربهان يف علوم القرآن ، الزركشي ، ( 401)

. 74/ 2العمدة ، ابن رشيق القرياوني، ( 403)

.136/ 2اإليضاح )مع البغية(، القزويين، ( 410)

.434املطول ، التفتازاني، ص( 411)

Page 156: علم املعاني

تيسري علم املعاني 141

ه يف مجنال التكنرار وقبحنه من اإلطناب، بل هو من التطويل. فالضابط الذ ينتم االحتكنام إلين

هنو منندى قدرتنه علننى إضنفا جدينند إىل املعننى، فننإذا مل يقندم إضننافة فنينة للسننياق فهننو رد

مرفوض.

وميكن تصنيف األغراض اليت يفيدها التكرار إىل جمموعتني رئيستني:

)التكرار الذ يهدا إىل التأثري يف املتلقي(، فقند اتفنق القندما واحملندثون األوىل:

كمنا –لى أهمية أسلوب التكرار يف التأثري على املتلقني، لنذا ال عجنب أن يكنون التكنرار ع

وسننيلة مننن الوسننائل السننحرية الننيت يعتمنند عليهننا العمننل السننحر (412)يقننول أحنندهم

والشعائر إلحداث نتيجة معينة عند السامع. وذذا يستخدم التكرار كثريا للتأثري يف املتلقي،

:(413)كما يف األغراض التالية

پ چ تأكيد اإلنذار والتحذير، كما يف قوله تعاىل: - ٱ ٻ ٻ ٻ پ پ

[، فقد كرر اجلملة لتأكيد اإلنذار والتحذير 2-1]النبأ/ چٺ ٺ ٿ ٺ ڀ ڀ ڀ

ملنكر البعث.

، كمنا يف قولنه (414)تأكيد الربط، وهو )تذكري مبا قد بنعد بسبب طنول الكنالم( -

ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې چ تعننننننننناىل:

[. فقد كرر )إن ربك( لتأكيد الربط بني اسم 110]النحل/ چې ى ى ائ ائ

)إن( وخربها بعد أن طال الكالم بينهما.

)التكرار الذ يعكس انفعال املتكلم(. حيث يلقي التكرار ضو ا كاشفا على الثانية:

املكرر نفسية املبدع ، فالتكرار يعد أسلوبا كاشفا عن انفعال النفس مبثري ما، إذ يصبح اللفظ

. 211انظر: الصورة يف الشعر العربي ، د.علي البطل ، ص (412)

. 434وما بعدها، واملطول، التفتازاني، ص 136/ 2انظر: اإليضاح )مع البغية( القزويين، (413)

، .434املطول ، التفتازاني ، ص (414)

Page 157: علم املعاني

143 تعريف اجلملة وأركانها

. ومننن تلننك (412)هننو املفتنناح الننذ ينشننر الضننو علننى الصننورة التصنناله الوثيننق بالوجنندان

األغراض:

ۓ ۓ چ التكرار لنفي التهمة وتلقي الكالم بنالقبول، كمنا يف قولنه تعناىل: -

]غافر/ چڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ

قومه الكنافرين: )يناقومي( منرتني، وذلنك لبينان شندة [. فقد كرر الرجل املؤمن ل33، 31

حرصه على أن يصغي قومه لدعوته ، ولينفي التهمة عن نفسه أمام قومه بأنه لنيس واحندا

منهم.

التكرار لشدة التعلق باملكرر، ويظهر مثل ذلك يف قول الشاعر: -

(416)لقد كان يف أهل الغضا لو دنا الغضا *** مزار ولكن الغضا ليس دانيا

فقد كرر لفظ )الغضا( لشدة تعلقه بذلك املكان الذ يذكره بأيام الصبا والشنباب،

ومرابع األهل واألحباب، خاصة وأنه يقول القصيدة وقد أدركته املنية يف بالد الغربة.

بالتكرار عناية فائقة دفعت الشاعرة والناقدة نازك املالئكة إىل وقد عين الشعر املعاصر

القول بأن التكرار رغم وروده يف الشعر القديم إال أنه مل يتخذ شكله الواضح إال يف الشعر

.(417)املعاصر

ومن أشهر صور التكرار اليت تفنن فيها الشعرا املعاصنرون هنو تكنرار )الالزمنة(،

تعاد يف الفقرات واملقاطع الشعرية بصورة منتظمة. )ومنن هنذا وهي عبارة عن وحدة لغوية

اللون من التكرار ما يكنرر فينه الشناعر كلمنة أو عبنارة معيننة يف ختنام مقطوعنات القصنيدة

. 136انظر: التكرير بني املثري والتأثري ، د.عزالدين على السيد ، ص (412)

.607مجهرة أشعار العرب، ألبي زيد القرشي، ص (416)

. وقد درست املؤلفة التكرار يف فصلني من هذا الكتاب هما: )أساليب 230املعاصر ، نازك املالئكة ، ص قضايا الشعر (417)

التكرار يف الشعر(، و)دالالت التكرار يف الشعر(.

Page 158: علم املعاني

تيسري علم املعاني 120

. ومن أشهر أمثلته تكرار عبارة )لست أدر ( يف قصيدة )الطالسم( إليلينا أبنو (411)مجيعا(

ماضي، حيث يقول:

ولكين أتيت جئت ال أعلم من أين

ولقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت

أبيت وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم

كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟

لست أدر

****

أطويل أم قصري؟ وطريقي ما طريقي؟

هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور؟

الدرب يسري؟ أأنا السائر يف الدرب؟ أم

أم كالنا واقف والدهر جير ؟

أدر ؟ لست

****

أجديد أم قديم أنا يف هذا الوجود؟

حر طليق أم أسري يف قيود؟ هل أنا

هل أنا قائد نفسي يف حياتي أم مقود؟

أنين أدر ولكن أمتنى

لست أدر

****

.232قضايا الشعر املعاصر ، نازك املالئكة ، ص (411)

Page 159: علم املعاني

121 تعريف اجلملة وأركانها

أتراني قبلما أصبحت إنسانا سويا

أتراني كنت حموا؟ أم تراني كنت شيا؟

بديا؟أ أذذا اللغز حل؟ أم سيبقى

لست أدر ، وملاذا لست أدر ؟

(413)لست أدر

فالشاعر خيتم كل مقطع من مقاطع قصيدته بالالزمنة: )لسنت أدر (، و)الغنرض

األساسي من هذا الصنف منن التكنرار إمجناال أن يقنوم بعمنل النقطنة يف ختنام املقطوعنة،

يوحد هذه املقناطع املتفرقنة ، أ أن تكرار هذه الالزمة (420)ويوحد القصيدة يف اجتاه معني(

لتصب يف اجتاه واحد يؤكد فكرة احلرية والتيه الذ يتخبط فيه الشاعر. حيث إن كل مقطع

يأتي ليدور يف فلك هذا املعنى بشكل ما، ثم تأتي الالزمة: )لست أدر ( لتعيده مرة أخرى

اليت تلف كياننه، وتهنز إىل النقطة اليت انطلق منها، وحترك من خالذا، وهي حالة احلرية

أركانه.

عطف العام على اخلاص أو عكسه - 3

، ولكن يف هذا األسلوب يخالف األصل أن يقتضي العطف املغايرة بني املعطوفات

هذا األصل حيث يعطف العام على اخلاص أو العكس، فكيف يعطف الشي على ما هو

منه، خاصة وأن اخلاص املذكور صراحة هو جز يتم ذكره ضمنا يف الكل العام، فوجنوده

املعنى. بنا على ذلك زيادة ال يقوض إسقاطها األركان الرئيسة للجملة وال جيور على أصل

بيد أن البالغيني يرون بأن هذا العطف يفيد زيادة اعتنا باخلاص والتنبينه علنى فضنله حتنى

.132، 131ديوان إيليا أبو ماضي، ص (413)

.220نازك املالئكة ، ص قضايا الشعر املعاصر ، (420)

Page 160: علم املعاني

تيسري علم املعاني 122

. وكنأنهم (421)كأنه ليس من جنس العام، تنزيال للتغاير يف الوصف منزلنة التغناير يف النذات

أبى إال أن يتمظهر يف -الذ يتستر العام على حضوره -بهذا يرون أن اخلاص املتميز

ضور أصلي عرب انزياحه عن النسق الذ حيتوينه. وكأننه بهنذا يصنبح ذاتنا أخنرى حتاينث ح

اآلخر العام وتساويه. ليتم بهذا التأكيد على ظهور اخلاص ومتينزه باحلضنور املسنتقل القنائم

بنفسه.

[، 231]البقرة/ چٱ ٻ ٻ ٻ ٻچ ومن أمثلته قوله تعاىل:

لصالة الوسطى هي إحدى الصنلوات اخلمنس. حيث عطف اخلاص على العام، ذلك أن ا

[، فإن 31]البقرة/ چڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ چ وكذلك قوله:

جربيل وميكال من املالئكة، ولكن )ذكرهما بعد املالئكة مع كونهما من اجلنس دليل على

.(422)قصد التنويه بشرفهما(

چ چڃ ڃ ڃ چ چچ وأما عطف العام على اخلاص فيظهنر يف قولنه تعناىل:

[، حيث عطف املالئكة على النروح القندس )جربينل علينه السنالم( 31]النبأ/ چڇ

لشرفه وفضله على سائر املالئكة.

االعرتاض -4

وهي إحندى صنور اإلطنناب النيت يقطنع فيهنا طرفنان متصنالن منن الكنالم بكنالم

عدة، منها: معرتض بينهما لغرض بالغي، ويذكر البالغيون لالعرتاض أغراضا

.43/ 3، والربهان يف علوم القرآن ، الزركشي، 111انظر: اإليضاح ، القزويين، ص (421)

.42/ 3الربهان يف علوم القرآن ، الزركشي، ( 422)

Page 161: علم املعاني

123 تعريف اجلملة وأركانها

چڤ ڦ ڦ ڤٹ ٹ ڤ ڤچ التنزيه: ويظهر يف مثل قوله تعاىل: -

[، حيننث يننذكر اخلطيننب القننزويين بننأن االعننرتاض يف :"سننبحانه" للتنزيننه 27]النحننل/

. (423)والتعظيم

ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ التذكري: ويظهر ذلنك يف مثنل قولنه تعناىل: -

[. ففائنندة هنذا االعننرتاض 14لقمنان/ چچ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ

إذكار الولد مبا كابدته أمه من املشقة يف محله وفصاله، فذكر احلمل كما يذكر الزركشي

. وعلى هذا (424)والفصال يفيد زيادة التوصية باألم، لتحملها من املتاعب مامل يتكلفه الوالد

.(422)التأكيد يف أمر علق بهمافاالعرتاض يأتي ليفيد ختصيص أحد املذكورين بزيادة

الدعا : كما يف قول الشاعر: -

(426)*** قد أحوجت مسعي إىل ترجمان –وبلغتها –إن الثمانني

فإن الشاعر يدعو للمخاطب بطول العمر باجلملة االعرتاضية )وبلغتها(.

اإليغال -2

فاإليغنال زينادة ينؤتى بهنا ، (427)وهو )ختم البيت مبا يفيند نكتنة ينتم املعننى بندونها(

إلكمال وزن البيت الشعر فتزيد يف املعنى، إما بشدة املبالغة يف التعبري عن املعنى، كمنا يف

قول اخلنسا :

(421)وإن صخرا لتأمت اذداة به *** كأنه علم، يف رأسه نار

.134انظر: اإليضاح، القزويين، ص ( 423)

، وعلى هذه الشاكلة يذكر الزركشي كثريا من األسرار اليت يفيدها 136/ 3انظر: الربهان يف علوم القرآن ، الزركشي، ( 424)

.142 - 134/ 3االعرتاض. انظر :

.132انظر: اإليضاح ، القزويين، ص ( 422)

.10كتاب الصناعتني، ألبي هالل العسكر ، ص (426)

. 461ص مفتاح تلخيص املفتاح، اخللخالي، (427)

.46ديوان اخلنسا ، ص ( 421)

Page 162: علم املعاني

تيسري علم املعاني 124

بالزينادة )يف فقد مت املعنى عند قوذا )كأنه علم( أ : جبنل شناهق مرتفنع. فجنا ت

رأسه نار( إلكمال الوزن، فبالغت أكثر يف شهرة أخيها، ذلك أن اجلبل الذ توقد فوقه النار

يرى يف كل حني وآن من ليل أو نهار.

أو تكون الزيادة يف املعنى بزيادة حتقيق التشبيه، كما يف قول امر القيس:

(423)زع الذ مل يثقب كأن عيون الوحش حول خبائنا *** وأرحلنا اجل

فقد مت املعنى عند قوله )اجلزع( وهو اخلرز، ولكنه زاد )الذ مل يثقنب( فسناهمت

هذه الزيادة يف حتقيق التشبيه، حيث يشبه الشاعر عينون النوحش )املينت( النذ اصنطادوه

تشخصان وجعلوه حول خبائهم ورحاذم باخلرز غري املثقوب، فمن املعروا أن عيين امليت

.(430)لألعلى وخيتفي سوادهما، وبذا فهما تشبهان اخلرز غري املثقوب

التذييل - 6

. ويقسننمه (431)وهننو )تعقيننب اجلملننة جبملننة أخننرى تشننتمل علننى معناهننا للتأكينند(

البالغيون قسمني، هما:

ڳ چ تأكيد املنطوق، وذلك بتكرار املعنى واللفظ نفسه، كما يف قوله تعناىل: -

ڇچ چ چ چچ [ وقولننه: 11]اإلسنرا / چں ڻ ڻ ڻ ںڱ ڱ ڱ ڱ

[.17]سبأ/ چڇ ڇ ڇ ڍ

تأكيد املفهوم، وذلك بتكرار املعنى دون اللفظ، كقول الشاعر: -

(432)ولست مبستبق أخا لك ال تلمه *** على شعث، أ الرجال املهذب؟

. 70ديوان امر القيس، ص (423)

. 432انظر: املطول، سعد التفتازاني، ص (430)

. 133/ 2اإليضاح )مع البغية( ، القزويين، (431)

.20ديوان النابغة الذبياني، دار املعرفة، ص (432)

Page 163: علم املعاني

122 تعريف اجلملة وأركانها

الكامنل منن الرجنال، وقند أكنده بقولنه: "أ )فهذا الكالم دل مبفهومنه علنى نفني

الرجننال املهننذب" اسننتفهام مبعنننى اإلنكننار، أ : لننيس يف الرجننال منننقح الفعننال مرضنني

.فقوله: "ولست مبستبق...على شعث" يدل على أنه ال يوجد أحد من الرجال (433)اخلصال(

ا املعنى منرة أخنرى ميكنك أن تلمه وتصاحبه دون أن ينالك منه شعث أو خطأ، ثم أكد هذ

باالستفهام اإلنكار : "أ الرجال املهذب؟"، أ : ال يوجد رجل كامل التهذيب ال يصدر

منه خطأ أو زلل. فاجلملة الثانية أكدت معنى اجلملة األوىل.

التكميل أو االحرتاس - 7

، فناالحرتاس يتحقنق (434)وهو )أن يؤتى يف كالم يوهم خالا املقصود مبنا يدفعنه(

يادة يؤتى بها يف الكالم لدفع تنوهم غنري املنراد. كمنا يف قنول الشناعر يندعو للمندوح عرب ز

باملطر:

(432)فسقى ديارك )غري مفسدها( *** صوب الربيع ودمية تهمي

فإن املطر قد يكون هالكا للبالد والعباد، ولكن الشاعر احرتس عن هذا املعنى

بقوله: "غري مفسدها".

اآلخر: ومنه قول

(436)صببنا عليها )ظاملني( سياطنا *** فطارت بها أيد سراع وأرجل

فكلمة )ظاملني( جا ت لدفع توهم أن تكون تلك اخليول من اخليول البليدة النيت ال

جتر إال بالضرب والركل والسوط.

. 261خمتصر السعد، التفتازاني، ص (433)

.142/ 1البغية( ، القزويين، اإليضاح )مع (434)

ورد البيت يف لسان العرب مادة هن م . (432)

.46كتاب الصناعتني، ألبي هالل العسكر ، ص (436)

Page 164: علم املعاني

تيسري علم املعاني 126

ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے چ ومننننن ذلننننك قولننننه تعنننناىل:

[. فقوله )أعزة على الكافرين( دل على أن ذلتهم للمؤمنني ليست عن 24]املائدة/ چے

ضعف ونقص، وإمنا عن توقري واحرتام وتقدير.

، (437)وهو )أن يؤتى يف كنالم ال ينوهم غنري املنراد بفضنلة تفيند نكتنة( التتميم -1

آخر غري دفع التوهم. وهذا يعين أن التتميم عبارة عن زيادة يؤتى بها يف الكالم ملعنى بالغي

كما يف قول الشاعر:

(431)من يلق يوما )على عالته( هرما *** يلق السماحة منه والندى خلقا

فقوله )على عالته( زيادة جا ت للمبالغة يف حسن أخالق هرم بن سنان، فهو حتى

كرم.يف حاالت العلة والكرب ال يظهر منه غري األخالق الفاضلة كالسماحة وال

صور أخرى - 3

يظهر اإلطناب بصور أخرى يزاد فيها على بننا اجلملنة وتركيبهنا األصنلي، كمنا يف

قوذم: رأيته بعيين، وذقته بفمي. فالرؤية ال تكون إال بالعني والذوق ال يكون إال بالفم. إال

ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ أن هذه الزيادة قد تضيف قيمة داللية وفنية. يقول اهلل تعاىل:

[، 4]األحزاب/ چ ڎ ڈ ڈ ژ ڎڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڇچ

)فقد علم أن القلب ال كما يقول ابن األثري فإن يف قوله: "قلبني يف جوفه" زيادة ظاهرة

. فما السنر (433)يكون إال يف اجلوا، والتمثيل يصح بقوله: "ما جعل اهلل لرجل من قلبني"(

الذ ألجله زيد على بنا اجلملة األصلي.

.614/ 1عروس األفراح، بها الدين السبكي، (437)

.263ورد البيت يف سر الفصاحة البن سنان اخلفاجي، ص (431)

.337/ 2املثل السائر ، ابن األثري ، (433)

Page 165: علم املعاني

127 تعريف اجلملة وأركانها

جييب ابن األثري بأن اآلية تتحندث عنن تنبين اململنوك وظهنار الزوجنة، وهنو جعنل

ظهرها حمرما كظهر األم. ويف الظهار مجع ال يصح بني األمومة والزوجية، ويف التبين كذلك

ة واألمومة وبني العبودية والبنوة يف مجع ال يصح بني العبودية والبنوة، )واجلمع بني الزوجي

ويف ذكنر (440)حالة واحدة كاجلمع بني القلبني يف اجلوا. وهذا تعظيم ملا قالوه وإنكنار لنه(

اجلوا قيمة أخرى تفيد )زيادة تصنوير للمعننى املقصنود؛ ألننه إذا مسعنه املخاطنب صنور

. (441)لنفسه جوفا يشتمل على قلبني فكان ذلك أسرع إىل إنكاره(

وكذلك الشأن يف عطف البيان الذ ميكن االستغنا عنه لداللة ما قبله عليه، كما يف

[. 1314]احلاقة/ چ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄچ قوله تعاىل:

نفخة" على صيغة اسنم املنرة داللنة الزمنة علنى حندوثهما منرة ففي جمي كلميت: "دكة

كما يرى ابن األثري واحدة. ولكن يف اآليتني زيد على الرتكيب األصلي؛ ألن هذه الزيادة

تأتي )ملعان اقتضتها، فإن النفخ يف الصور الذ تقوم به األموات من القبور مهول عظيم

األرض واجلبال، فلما كانا بهذه الصفة قيل فيهما: دل على القدرة الباهرة. وكذلك محل

نفخة واحدة، ودكة واحدة. أ أن األمر املهول العظيم سهل يسري علنى اهلل تعناىل، يفعنل

. (442)وميضي بنفخة واحدة ودكة واحدة، وال حيتاج فيه إىل طول مدة(

بننآخر منفصننل، كمننا يف قولننه وكننذلك تظهننر الزيننادة يف تأكينند الضننمري املتصننل

[، فإن هذه الزيادة للضمري: "أنت" تأتي ملزيد 61]طه/ چڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ چعاىل:ت

. وكذلك الشأن يف قول (443)التأكيد يف تثبيت قلب موسى عليه السالم وبعث الطمأنينة إليه

.337/ 2املثل السائر ، ابن األثري ، (440)

.337/ 2املثل السائر ، ابن األثري ، (441)

.331/ 2املثل السائر ، ابن األثري ، (442)

.42/ 3انظر: الكشاا ، الزخمشر ، (443)

Page 166: علم املعاني

تيسري علم املعاني 121

[، 112]األعراا/ چڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ چ السحرة ملوسى يف قوله تعاىل:

فإن إرادة السنحرة اإللقنا قبنل موسنى مل تكنن معلومنة عننده ألنهنم مل يصنرحوا بنذلك،

حنن" )ولكنهم ملا عدلوا عن مقابلة خطابهم موسى مبثله إىل توكيد ما هو ذم بالضمريين الذين هما: "نكون

.(444)دل على أنهم يريدون التقدم عليه واإللقا قبله(

[، 22]ص: چۀ ۀ ہ ہ چ ، يقنول تعناىل (442)معاني القصر يف اللغة: احلنبس من

ويف االصنطالح: )ختصننيص شني بشني بطريننق أ : حابسنات أعيننهن عنن النظننر إىل غنري أزواجهنن.

. (446) (خمصوص

عمنا ونفينه األمنر للمنذكور إثبات ويتضمن القصر اإلثبات والنفي، حيث تدل مجلة القصر على

. ففي لفظ الشهادتني مثال نقول: )ال إله إال اهلل، حممد رسول اهلل(. فقد جا ت اجلملة األوىل )ال إله (447)عداه

ألوهينة وتنفني أن اهلل إذننا، تثبتإال اهلل(، وفق أسلوب القصر بطريق النفي واالستثنا ، ومعنى القصر أنها

اهلل(، ألننا لو أتينا بها على أسلوب القصنر بنأن غريه. وال يظهر معنى القصر يف اجلملة الثانية: )حممد رسول

رسنالة ونفني الرسالة له صلى اهلل عليه وسنلم، إثباتقلنا: "وال رسول إال حممد عليه السالم" للزم من هذا

.204/ 2املثل السائر ، ابن األثري ، (444)

انظر: لسان العرب، ابن منظور، مادة ) ق ص ر (.( 442)

.3/ 2انظر: بغية اإليضاح، عبداملتعال الصعيد ، ( 446)

(. 337يقرر عبدالقاهر بأن القصر قد يتجه إىل جانب النفي أكثر، أو إىل جانب اإلثبات أكثر )انظر: دالئل اإلعجاز ص( 447)

فراد، كما يف قوله وقد استفاد البالغيون بعده من كالمه بأن مسوا ما كان الرتكيز فيه على جانب النفي أكثر قصر قلب وقصر إ

[ فإن القصر جا لينفي ألوهية املسيح، أما إن كان الرتكيز على جانب اإلثبات 72]املائدة/ {مااملسيح ابن مريم إال رسول}تعاىل:

أكثر فقد مسوه قصر تعيني، حنو: )إمنا أنت والد واألب** القاطع أحنى من واصل األوالد( فإن القصر جا ليثبت شدة حنو

ر على املتنبي. وفرقوا بني قصر القلب وقصر اإلفراد بأن جعلوا قصر القلب خاصا مبا إذا كان املنفي نقيضا للمثبت، وجعلوا كافو

قصر اإلفراد خاصا مبا إذا كان املنفي ليس ضدا أو نقيضا للمثبت. )لشرح الفرق بني هذه األقسام الثالثة بالتفصيل انظر: القصر

(.21 -40داهلل عليوه، ص قيمة واجتاه، د.عب

Page 167: علم املعاني

123 تعريف اجلملة وأركانها

غريه. وهذا غري صحيح ألن اهلل تعاىل قد أرسل كثريا من األنبيا غنريه، لنذلك مل يسنتعمل معهنا أسنلوب

القصر.

للقصر طرق كثرية، أشهرها هي الطرق األربعة التالية: )إمنا(، والنفي واالستثنا ، وتقديم ما حقنه

التأخري، والقصر بن )بل( و)لكن( و)ال(.

إمنا :

جتي أداة القصر )إمنا( مع خرب يعلمه املخاطب وال ينكر صحته، أو ملا ينزل هذه املنزلة. تفسري ذلك

إمنا هو أخوك، وإمنا هو صاحبك القديم، ملن يعلم ذلك ويقنر بنه، تريند أن ترققنه علينه أنك تقول للرجل:

. (441)وتنبهه ملا جيب عليه من حق األخ وحرمة الصاحب

ڱ ں ں چ [، وقوله:10]أحلجرات: چۈ ٴۇ ۋ چ ومن ذلك قوله تعاىل:

[. وهنذا يعنين أن )إمننا( تنأتي يف 36]األنعنام/ چ ٻ ٻ ٻ ٻچ [، وقوله:12]التغابن: چ ڻ

األصل مع األمور املعلومة اليت ال تنكر، فأخوة املؤمنني لبعضهم، وكون املال والولد فتنة، واستجابة الذين

يسمعون، كل هذه األخبار من األمور املعلومة اليت ال تجهل أو تنكر.

حني ينزل اجملهول منزلة املعلوم الدعا وقد يعدل عن هذا األصل إذا كان مثة غرض بالغي، وذلك

، ادعوا أن كونهم مصلحني ظاهر جلي، (443)[11]البقرة/ چڳ ڱ ڱ چ املتكلم ظهوره... حنو:

[ للنرد علنيهم مؤكندا مبنا تنرى منن جعنل اجلملنة امسينة 12]البقرة/ چڱ ں ں ڻ چ ولذلك جا

. (420)وتعريف اخلرب بالالم وتوسيط الفصل والتصدير حبرا التنبيه ثم بإن

.20/ 2. واإليضاح )مع البغية(، القزويين 330انظر: دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 441)

.{وإذا قيل ذم ال تفسدوا يف األرض قالوا إمنا حنن مصلحون}جا القول على لسان الكفار يف قوله اهلل تعاىل: ( 443)

.20/ 2عال الصعيد ، انظر: بغية اإليضاح ، عبداملت( 420)

Page 168: علم املعاني

تيسري علم املعاني 160

[، فقد استعملوا )إمنا( الدعا أن 272/ االبقرة] چ ٿ ٿ ٿ ٿچ ومثله قول منكر حرمة الربا

حل الربا أمر ظاهر بدهي ال ينكره أحد. ومن ذلك يف الشعر قول عبيداهلل بن قيس الرقيات يف مدح مصعب بن

الزبري:

(421)إمنا مصعب شهاب من اهلل *** جتلت عن وجهه الظلما

فقد )ادعى يف كون املمدوح بهذه الصفة، أنه أمر ظاهر معلوم للجميع على عادة الشعرا إذا مدحوا

أن يدعوا يف األوصاا اليت يذكرون بها املمدوحني أنها ثابتة ذم، وأنهم قد شهروا بها، وأنهم مل يصفوا إال

.(422) باملعلوم الظاهر الذ ال يدفعه أحد(

واالستثنا النفي

يذكر البالغينون بنأن النفني واالسنتثنا يسنتعمالن منع منا يشنك فينه املخاطنب أو ينكنره، كقولنك

لصاحبك وقد رأيت شبحا من بعيد: )ما هو إال زيد( إذا وجدته يعتقده غري زيد ويصر على اإلنكنار. وعلينه

. (423) [62]آل عمران/ چ پ پ پ ڀ ڀچ قوله تعاىل:

چ [، وقوله: 73]املائدة: چ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳچ تعاىل منكرا وجود إله غريه:ومن ذلك قوله

[، حيث يعتقد النصارى بأن املسيح ابن اهلل.72]املائدة: چۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ

، كما كما يرى القزويينوقد يتم العدول عن هذا األصل فينزل األمر املعلوم منزلة اجملهول املنكر

[. )فإنه صلى اهلل عليه وسنلم كنان 23، 22]فاطر/ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڃ چ تعاىل: يف قوله

لشدة حرصه على هداية الناس يكرر دعوة املمتنعني عن اإلميان وال يرجع عنها، فكان يف معرض من ظن أنه

. (424) ميلك مع صفة اإلنذار إجياد الشي فيما ميتنع قبوله إياه(

.331البيت لعبيداهلل بن قيس الرقيات. انظر: دالئل اإلعجاز، ص ( 421)

.331دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 422)

.11/ 2، واإليضاح )مع البغية(، القزويين، 332انظر: دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر اجلرجاني، ص ( 423)

.11/ 2القزويين، انظر: اإليضاح )مع البغية( ، ( 424)

Page 169: علم املعاني

161 تعريف اجلملة وأركانها

ڄ ڄ ڄ چ عاىل عندما اضطرب املسلمون بعد إشاعة موته صلى اهلل علينه وسنلم: ومثله قوله ت

[. حيث عاملهم كما 144آل عمران: ]چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ چڃ ڃ ڃ ڃ چ چ

لو كانوا ينكرون وجيهلون كون حممد عليه الصالة والسالم رسوال مع أنهم ليسوا كذلك، وذلك ألنه ظهر يف

بعد مساع خرب موته عليه السالم ما يشبه سلوك من جيهل هذه احلقيقة أو ينكرها.سلوكهم

تقديم ما حقه التأخري

ويكون القصر هنا بتقديم ما حقه التأخري، وهذا الطريق ال يدل على القصر بالوضع، وليس له أداة

[، ذلك 2]الفاحتة/چٿ ٿ ٿ ٿ چ خاصة وإمنا يفهم من سياق الكالم. ومن شواهده قوله تعاىل:

مح جخ چ . وقولنه: (422) أن )معناه: خنصك بالعبادة ال نعبد غريك، وخنصك باالسنتعانة ال نسنتعني غنريك(

[.71]يونس/ چٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ چ [، وقوله: 120]املائدة/ چحخ مخ

وينص البالغيون على أن داللة القصر واالختصاص هنا مشروطة بكون التقديم ملا حقنه التنأخري،

: (426) وبهذا يدخل فيه

تقديم املسند إليه، حنو: -

جسمي به *** وال أنا أضرمت يف القلب نارا أنا أسقمتما

وتقديم املسند، حنو: -

(427)ومن أضحى عليها *** ونبطش حني نبطش قادرينا لنا الدنيا

عقوق أبنائي (. ) إىل اهلل أشكووتقديم متعلقات الفعل، حنو: -

.111/ 1اإليضاح )مع البغية( ، القزويين، ( 422)

12/ 2ومابعدها، وبغية اإليضاح، عبداملتعال الصعيد ، 103انظر: القصر، قيمة واجتاه، د.عباهلل عليوه، ص ( 426)

. 1هامش

.232، 234مجهرة أشعار العرب، ألبي زيد القرشي ص ( 427)

Page 170: علم املعاني

تيسري علم املعاني 162

چڤ ڤ ڤ ڦ ڦ چ أما تقديم ما ليس حقه التأخري كتقديم بعض املعموالت على بعض، حنو

خالا، حيث يرى اجلمهور عدم داللته على القصر [ أو )قطف الوردة علي( أو )جا راكبا زيد( فهو حمل 67]طه:

. والراجح هو رأ مجهور البالغيني.(421)واالختصاص، وخالفهم يف ذلك بعض البالغيني

على أن تقديم ما حقه التأخري ال يدل على القصر واالختصاص دائما وإمنا حبسب السياق، فقد يكون التقديم

[، فليس املقصود باألمر اقتصار الوفا 122]األنعام/ چڦ ڦ ڄچ اىل:للعناية واالهتمام، كما يف قول اهلل تع

على عهد اهلل فقط وعدم الوفا بعهود غريه، ألن املسلم مأمور بالوفا بعهوده كلها وليس عهد اهلل فحسب، ولكن

التقديم هنا للعناية واالهتمام.

(423): القصر بن "بل" و "ال" و "لكن"

يذهب البالغيون إىل أن الكالم قد يدل على معنى القصر بن "بل" و"ال" و"لكن". فأما القصر بن "بل" فنحو: "أنا ال

أصاحب األشرار بل األخيار" أو "ال تسافر بالطائرة بل بالسيارة". كما يقع القصر بن "لكن"، مثل: "ما املتنيب شاعرا لكن

لكن الرياضيات". وشرط داللة "بل" و "لكن" على القصر أن تسبقا بنفي أو نهي. شوقي"، أو "ما اللغة العربية صعبة

ويقع القصر أيضا بن "ال" مثل: "اإلسالم دين اهلل احلق ال النصرانية احملرفة"، أو "خذ الكتاب ال القلم"، و"زهري

هو املتفوق ال خالد".

. 3هامش 232/ 1عال الصعيد ، انظر: بغية اإليضاح، عبداملت( 421)

ينص البالغيون يف حديثهم عن هذه األدوات على أنها للعطف، يف حني يشرتط النحاة شروطا لكونها حروا عطف، (423)

، ابن هشام، حتقيق: حميي الدين فلكي تكون عاطفة يشرتط ذا أن يليها مفرد ال مجلة. )انظر: مغين اللبيب عن كتب األعاريب

(. وقد حلظت بأن بعض البالغيني املعاصرين عند الشرح والتطبيق يذكرون ذذه األدوات أمثلة 232و 112/ 2عبداحلميد،

، 312علم املعاني ص -وشواهد حتى لو مل تكن للعطف عند النحاة. )انظر مثال: د.فضل عباس يف البالغة فنونها وأفنانها

(، )قلت(: حنن هنا أمامنا أحد اخليارين 137 – 134، واملراغي يف علوم البالغة ص 31، 30/ 2 يف بغية اإليضاح والصعيد

( إما أن يلتزم عند البالغيني بكونها للعطف حسب ما يقرره النحاة، فتستبعد بنا على ذلك الشواهد واألمثلة اليت ال 1التاليني:

و أن يحذا ما يشري إىل كونها للعطف، ونكتفي بقول: "القصر بن: بل، وال، ولكن". وهذا ( أ2تكون فيها األدوات عاطفة،

ال حتسبوه }اخليار )الثاني( هو الذ أميل إليه، ألن القصر قد يتحقق بهذه األدوات حتى لو مل تكن للعطف، كما يف قوله تعاىل:

[.40]األحزاب/{با أحد من رجالكم ولكن رسول اهللماكان حممد أ}[، وقوله: 11]النور/{شرا لكم بل هو خري لكم

Page 171: علم املعاني

163 تعريف اجلملة وأركانها

. وللتفريق بني النوعني نضرب املثال التالي: لو أن يف القاعة أو الفصل (460) القصر نوعان: حقيقي ، وادعائي

طالبا واحدا فقط، فقال األستاذ: )ما يف الفصل إال طالب( فهذا القصر حقيقي، ألن هذا هو الواقع وهذه هي احلقيقة.

جابة منهم غري طالب ولكن لو كان يف الفصل عدد من الطالب، وعندما سأذم األستاذ عن الدرس مل يعرا اإل

واحد، ثم قال األستاذ: )ما يف الفصل إال طالب( فإن هذا القصر ادعائي، ألننا ندعي قصر الوجود على طالب واحد

مع وجود غريه، وذلك لإلشارة إىل أن من انطبقت عليه صفات طالب العامل حقا هو هذا الواحد فقط.

[، فعلم 23]األنعام/ چ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ەئچ ومن شواهد القصر احلقيقي قوله تعاىل:

[، فملك السموات 120]املائدة/ چمح جخ حخ مخ چ الغيب خاص باهلل تعاىل حقيقة. ومنه أيضا قوله تعاىل:

واألرض خاص به وحده جل جالله حقيقة ال ادعا .

وأما القصر االدعائي فمثل أن نقول : )إنما األمم األخالق(، فهو من قبيل القصر االدعائي، ألن هناك

عوامل كثرية تدخل يف بقا األمم وسيادتها، كالغنى والفقر والقوة والضعف..إخل ولكن الشاعر مل يلتفت إىل شي من

.(461)ألخالق والقيمذلك، فلم يعدها من العوامل املهمة حني تقاس بعامل ا

للقصر طرفان، هما: املقصور ، واملقصور عليه. ولكل منهما موقعه احملدد الذ خيتلف حبسب طريق

القصر، وميكن إيضاح ذلك من خالل اجلدول التالي:

مثال موقع املقصور عليه طريق القصر

كريمإمنا زيد املوخر إمنا

يقسم البالغيون القصر باعتبار حال املتكلم إىل حقيقي وإضايف، ويقسمون كال من احلقيقي واإلضايف إىل التحقيقي (460)

ث عنه عبدالقاهر. واالدعائي، وقد اكتفيت بذكر التقسيم الثاني لظين أنه األقرب إىل روح البالغة، وهو التقسيم الذ حتد

.21، والقصر قيمة واجتاه، د.عبداهلل عليوه، ص73انظر: دالالت الرتاكيب، د.حممد أبو موسى، ص (461)

Page 172: علم املعاني

تيسري علم املعاني 164

رسولوما حممد إال االستثنا )إال(ما بعد النفي واالستثنا

توكلت على اهلل املتقدم تقديم ما حقه التأخري

صاحل ما خالد كريم بل ما بعدهما بل ، لكن

ما يوسف شجاع لكن

حممد

ال يوسفالبخيل هو املقابل ملا بعدها ال

صاحل

ويقسم القصر من حيث طرفاه قسمني:

ويقصد بالصفة هنا كل أمر قائم بغريه، قصر الصفة على املوصوا، -1

، فاملوصوا هو الذ تقوم به املعاني وتنسب إليه (462)واملوصوا كل ما قام به غريه

الصفات، كالناس واحليوانات والنباتات واجلمادات وسائر الذوات .. إخل، فهي مجيعا

الصالبة والقوة موصوفات. وأما الصفة فهي تلك املعاني اليت تنسب لتلك املوصوفات ك

والكرم...إخل.

. ومثال ذلك قولنا: يقع قصر الصفة على املوصوا إذا كان املقصور عليه موصوفاو

"إمنا الشاعر أبو متام"، فن"أبو متام" وقع موقع املقصور عليه وهو موصوا تنسب إليه املعاني

هو من قصر الصفة والصفات، مثل صفة الشاعرية اليت نسبت إليه يف املثال. وعلى هذا ف

على املوصوا، أ قصرنا صفة الشاعرية على أبي متام.

، حنو: "ما حممد ويقع إذا كان املقصور عليه صفةقصر موصوا على صفة، – 2

إال كاتب"، و"إمنا زيد كريم". ذلك أن املقصور عليه يف املثالني صفتان، هما الكتابة والكرم،

.4/ 2انظر: بغية اإليضاح ، عبداملتعال الصعيد ، (462)

Page 173: علم املعاني

162 تعريف اجلملة وأركانها

الصفة، أ قصرنا حممدا على صفة الكتابة، وعلى هذا فهو من قصر املوصوا على

وقصرنا زيدا على صفة الكرم، إما لنفي صفات أخرى نسبت إليهما خطأ، أو للمبالغة يف

.(463)شدة اتصافهما بهذه الصفات، فكأن ليس ذما غريهما

. (464)ترك العطف، والفصل: هو عطف اجلمل على بعضها بالواوالوصل:

الغيون يف هذا املبحث األسرار والدواعي اليت جتعل املتكلم يلجأ إىل الوصل أو ويدرس الب

الفصل يف كالمه. إال أن حديث بعض البالغيني يف هذا املبحث حياول الرتكيز على احلاالت

اليت حتدد طبيعة العالقة بني اجلملتني، أهي انقطاع تام )كمال االنقطاع(، أم اتصال تام

أم شبه كمال انقطاع، أم شبه كمال اتصال، أم توسط بني الكمالني. ثم )كمال االتصال(،

يذكرون ضمن كل حالة من هذه احلاالت الداعي الذ دعا إىل الفصل أو الوصل.

لكين سأحاول يف هذه السطور أن أستفيد مما كتبه هؤال البالغيون و أعيد ترتيبه

ي الوصل، ثم أعقب بذكر دواعي بذكر الدواعي ابتدا ، حيث سأحتدث أوال عن دواع

الفصل. وذلك ألن هذه الطريقة هي األيسر واألقرب إىل روح الدرس البالغي.

كما أن هذه الطريقة هي طريقة اإلمام عبدالقاهر يف دالئل اإلعجاز يف دراسة هذا

املبحث، ودراسته )ميكن أن توصف ... أنها البداية احلقيقية لدراسة الفصل والوصل دراسة

(، أو أن كليهما إذا كان طرفا القصر )املقصور واملقصور عليه( يوهمان بأن كليهما صفة، حنو: )إمنا االعتدا إهانة (463)

موصوا، حنو: )إمنا أخي صديقي(، فإننا يف مثل هذه احلالة جنعل املسند إليه موصوفا واملسند صفة، وذلك بنا على أن األصل

يف الكالم أن يتضمن املسند معنى يراد بيان قيامه باملسند إليه.

، 243، ومفتاح العلوم، السكاكي، ص222ص انظر: دالئل اإلعجاز عبدالقاهر اجلرجاني )حتقيق: حممود شاكر( (464)

.62/ 2واإليضاح )مع البغية( ، القزويين،

Page 174: علم املعاني

تيسري علم املعاني 166

. فألنه رائد الكتابة يف هذا الباب ومبتدعها وخمرتعها، لذا فضلت السري على (462)تفصيلية(

طريقته يف كتابة هذا املبحث.

)االشرتاك يف احلكم(، وهذا االشرتاك قد يكون بعد اشرتاك اجلملتني يف - 1

مح جخ حخ مخ چ حكمهما اإلعرابي إذا كان للجملتني حمل من اإلعراب. حنو:

[، فقد عطف اجلمل )أبكى، أحيا( على ما قبلها 42 44]النجم/ چحس خس مس حص

ألن املراد هو التأكيد على اجتماع الفعلني النقيضني يف حقه تعاىل تعبريا عن قدرته

الشاملة. ومثله )إذا قلت: "هو يضر وينفع" فقد أفدت بالواو أنك أوجبت له الفعلني

يفعلهما معا، ولو قلت: "يضر، ينفع" من غري واو مل جيب ذلك، بل مجيعا وجعلته

. (466)قد جيوز أن يكون قولك "ينفع" رجوعا عن قولك "يضر" وإبطاال له(

وإذا مل يكن للجملتني مكان من اإلعراب فقد يكون االشرتاك بينهما من حيث

]االنفطار چک ک ک گ ژ ژ ڑ ڑچ اخلربية أو اإلنشائية، كما يف قوله تعاىل:

[، فقد اتفقت اجلملتان يف اخلربية فجاز عطف إحداهما على األخرى. ومثل ذلك 13-14

[، فقد اتفقت اجلملتان يف اإلنشائية 12]التوبة/ چژ ڑ ڑ کچ قوله تعاىل:

ني فجاز عطف إحداهما على األخرى. ويسمي بعض البالغيني هذه الصورة بن "التوسط ب

، ألنها توسطت بني كمال االتصال وكمال االنقطاع.(467)الكمالني"

.17قضية الفصل والوصل بني املفردات عند البالغيني، د.حممد الصامل، ص (462)

.226دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص (466)

. وذلك ألن بني اجلملتني شيئا من االتصال الشرتاكهما يف املعنى، 12/ 2الصعيد ، انظر: بغية اإليضاح ، عبداملتعال (467)

وشيئا من االنفصال لوجود العطف بالواو الذ يقتضي املغايرة، لذلك سمي توسطا بني الكمالني، كمال االتصال، وكمال

االنفصال.

Page 175: علم املعاني

167 تعريف اجلملة وأركانها

وجيب عند عطف اجلمل على بعضها وجود جامع معنو وتناسب داللي بني

اجلملتني، وذذا عابوا على أبي متام قوله:

(461)ال والذ هو عامل أن النوى *** صبر وأن أبا احلسني كريم

بني قوله: )أن النوى صبر( وقوله: )وأن أبا احلسني حيث ال يوجد جامع معنو

كريم(، فال )مناسبة بني كرم أبي احلسني ومرارة الفراق، وال تعلق ألحدهما باآلخر،

.(463)وليس يقتضي احلديث بهذا احلديث بذاك(

دفع اإليهام أو أمن اللبس: وذلك حينما ال يكون بني اجلملتني جامع واضح، – 2

اهما عن بعضهما أوهم الكالم غري املعنى املراد، فيجب الوصل يف هذه احلالة حيث لو فصلن

لدفع اإليهام وأمن اللبس. ومن ذلك قصة أبي بكر رضي اهلل عنه الشهرية، عندما ذهب إىل

السوق، ولقي رجال حيمل ثوبا، فسأله أبو بكر: )أتبيع الثوب( فرد الرجل: )ال ، عافاك

بكر: )ما هكذا جيب أن تقول، بل قل: ال وعافاك اهلل(. اهلل(. فقال له أبو

فإن )وقوع الواو هذا املوقع مجيل غاية اجلمال، ويكفي أنها تدل على غرض

املتكلم، وترب مبقصده، ولوالها النعكس غرضه، وتبدل مراده، فهي حقيقة بأن توصف

كر بعدم العافية، وهو ، ذلك أن حذا الواو يوهم بأن الرجل يدعو على أبي ب(470)باحلسن(

يريد العكس، لذا وجب الوصل.

. 322اجلرجاني، ص البيت ألبي متام. انظر: دالئل اإلعجاز، عبدالقاهر (461)

.222دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص (463)

.124مواضع الفصل والوصل بني النظرية والتطبيق، د.عبداملنعم سيد األشقر، ص (470)

Page 176: علم املعاني

تيسري علم املعاني 161

ومن ذلك أيضا ما يروى من أن هارون الرشيد سأل وزيره عن شي ، فقال الوزير:

"ال وأيد اهلل األمري"، فلما بلغ ذلك الصاحب بن عباد قال: هذه الواو أحسن من الواوات يف

.(471)خدود املالح

ها لدواع بالغية خمتلفة حتدث عنها البالغيون، أشهرها:تفصل اجلمل عن بعض

التأكيد: وذلك عندما تكون اجلملة الثانية تأكيدا للجملة األوىل. حنو قوله - 1

[، فإن اجلملة الثانية تأكيد للجملة 31]يوسف/ چڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦچ تعاىل:

السالم البشرية، واجلملة الثانية تؤكد هذا األوىل، فاجلملة األوىل تنفي عن يوسف عليه

املعنى بالقول بأنه أحد املالئكة، فهو )إذا كان ملكا مل يكن بشرا، وإذا كان كذلك كان إثبات

. (472)كونه ملكا حتقيقا ال حمالة، وتأكيدا لنفي أن يكون بشرا(

[، فاجلملة األوىل 2، 1]البقرة/ پ پٱٻ ٻ ٻ پچ ومنه أيضا قوله تعاىل:

تدل على أن القرآن هو الكتاب احلق النمنزل من عند اهلل تعاىل، ثم جا ت اجلملة الثانية "ال

ريب فيه" لتؤكد هذا املعنى.

اإليضاح والبيان: وذلك عندما تكون اجلملة الثانية إيضاحا وبيانا للجملة – 2

[ 133 -132]الشعرا / چی ی جئ ېئ ىئ ىئ ىئ یچ األوىل. حنو:

فجملة "أمدكم بأنعام وبنني" هي إيضاح وبيان جلملة "أمدكم مبا تعلمون". ومنه أيضا قوله

]طه/ چڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ چ تعاىل:

مل يذكر هذا الغرض عبدالقاهر وال السكاكي، ولكن ذكره القزويين ومن بعده )انظر: اإليضاح )مع البغية( ، (471)

(، وهما حمقان يف عدم ذكره ألن الواو يف مثل هذه الصورة ليست للعطف وإمنا هي لالستئناا. ويصح إدخاله 14/ 2القزويين،

لو كان تعريف الفصل والوصل هو "ربط اجلمل ببعضها بالواو"، وليس "عطف اجلمل".

.223دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاني، ص (472)

Page 177: علم املعاني

163 تعريف اجلملة وأركانها

"، [، فجملة: "قال ياآدم هل أدلك..."، هي بيان وإيضاح جلملة "فوسوس إليه الشيطان120

.(473)وذذا )مل يعطف "قال" على "وسوس" لكونه تفسريا له وتبيينا(

ويأتي ذلك كثريا بعد مجلة الندا ، ألن ما بعدها إيضاح وبيان ملا كان من أجله

. (474)الندا ، حنو:"يا غالم، سم اهلل"

وكذلك تفصل مجلة جواب القسم عن مجلة القسم ألنها إيضاح وبيان ملا كان من

القسم، حنو: "أقسمت باهلل، إن عليا لصادق".أجله

، نظرا لشدة اتصال اجلملتني ببعضهما، (472)والغرضان السابقان يسميهما البالغيون: "كمال االتصال"

لذلك مل يستعمل معهما العطف بالواو، ألن العطف يقتضي املغايرة، بينما اجلملتان كالشي الواحد.

ندما تكون اجلملة الثانية تعليال أو تفسريا ألمر تضمنته اجلملة األوىل. حنو: التعليل والتفسري: وذلك ع – 3

[. فإن مجلة "إن النفس ألمارة بالسو " تعليل وذكر للسبب 23]يوسف/ چپ پ پ پ ٻٻ ٻ ٻچ

يف عدم تربئتها نفسها.

[. فاجلملة "إنهم مغرقون..." 37]هود: چيت جث ىتيب جت حت خت متچ ومنه أيضا قوله تعاىل:

[، 30]ص/ چڍ ڌ ڍڇ ڇچ تعليل وذكر لسبب أمره بعدم خماطبته يف الذين ظلموا. ومنه أيضا قوله تعاىل:

فجملة )إنه أواب( تعليل لكونه نعم العبد، لذا فصلت اجلملة الثانية عن األوىل يف هذه اآليات.

ة كأمنا تأتي لتعلل أو تفسر إجابة سؤال مقدر تضمنته اجلملة األوىل، وميكن شرح وهذا يعين أن اجلملة الثاني

ذلك من خالل قول الشاعر:

(476)قال لي: كيف أنت؟ قلت: عليل *** سهر دائم ، وحزن طويل

.267يعقوب السكاكي، ص مفتاح العلوم، أبو (473)

ومنه يف الشعر: يا أيها الرجل املعلم غريه *** هال لنفسك كان ذا التعليم. (474)

. 71/ 2انظر: بغية اإليضاح ، عبداملتعال الصعيد ، (472)

.231ورد البيت يف دالئل اإلعجاز غري منسوب لقائل، انظر: ص (476)

Page 178: علم املعاني

تيسري علم املعاني 170

دة إذا قيل فاجلملة الثانية تفسري جييب عن سؤال مقدر عن العلة اليت نزلت بالشاعر، إذ )ملا كان يف العا

للرجل: "كيف أنت؟" فقال: "عليل" أن يسأل ثانيا فيقال: "مابك؟ وما علتك؟"، قدر كأنه قد قيل له ذلك، فأتى

.(477)بقوله: "سهر دائم" جوابا عن هذا السؤال املفهوم من فحوى احلال(

االتصال بني . وذلك لشبه(471)ويسمي البالغيون املتأخرون هذه الصورة بن: "شبه كمال االتصال"

اجلملتني.

تباين اجلملتني: ويقع ذلك عند اختالا اجلملتني خربا وإنشا ، حنو: "مرض علي، شفاه اهلل"، أو – 4

چٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿٹ ٹ ٹ چ "مات حممد، رمحه اهلل". ومنه قوله تعاىل:

وإنشا فصلت عنها. [، فاجلملة الثانية عندما اختلفت عن األوىل خربا2، 4]الفاحتة/

وقد تتفق اجلملتان خربا وإنشا ولكنهما تتباينان وختتلفان يف املعنى، حيث ال يوجد بينهما جامع أو مناسبة

چ پٻ ٻ ٻ ٻ جح مح جخ حخ مجىث يث حج مثمت ىت يت جثچ :معنوية مباشرة، حنو

قبلها مع أن كال اجلملتني مجلة خربية ألنها [، فجملة "إليه يرد علم الساعة" فصلت عما 47، 46]فصلت/

استأنفت كالما ذا معنى جديد ال يعد استمرارا ملعنى اجلملة السابقة.

[ من هذا القبيل. قطع 6] البقرة/ چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ چ )وقوله عز امسه:

.(473)حديثا عن القرآن("إن الذين كفروا" عما قبله لكون ما قبله

، وذلك لالنقطاع يف املعنى بني اجلملتني.(410)ويسمي بعض البالغيني هذه الصورة "كمال االنقطاع"

أمن اللبس : وذلك عندما يؤد وصل اجلملتني ببعضهما إىل معنى غري املعنى املراد. وميكن - 2

يقول: "يعتقد جار أني ال أقدره. إني أراه خمطئا". فلو إيضاح ذلك من خالل املثال التالي: لنفرتض أن صديقنا زيدا

.231رجاني، ص دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجل (477)

. 73/ 2انظر: بغية اإليضاح ، عبداملتعال الصعيد ، (471)

.270مفتاح العلوم، أبو يعقوب السكاكي، ص (473)

. 61/ 2انظر: بغية اإليضاح ، عبداملتعال الصعيد ، (410)

Page 179: علم املعاني

171 تعريف اجلملة وأركانها

وصلنا وقلنا: "يعتقد جار أني ال أقدره وأني أراه خمطئا" لظن أن اجلملة األخرية جز من اعتقاد اجلار، وأن املعنى

د أن زيدا يقرر بأن جاره خمط حني املقصود هو أن اجلار يعتقد بأن زيدا يراه خمطئا، وليس هذا هو املعنى املراد. وإمنا املرا

اعتقد بأنه ال يقدره.

ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى چ ويظهر مثل هذا يف قوله تعاىل:

[، فقد فصل مجلة "اهلل يستهز بهم" ألنه لو وصلها بالواو لظن 12، 14]البقرة/ چى ائەئ ەئ وئ

فتصبح بذلك جز ا من كالم املنافقني، ويكون معناها على هذا أن املنافقني أنها معطوفة على )إمنا حنن مستهزئون(

يقولون بأن اهلل يستهز باملؤمنني، وهذا املعنى ليس هو املراد. وإمنا املراد هو أن اهلل تعاىل يستهز باملنافقني.

ومنه يف الشعر قول الشاعر:

(411)أراها يف الضالل تهيم *** تظن ليلى أني أبغي بها بدال

فقد فصل مجلة "أراها يف الضالل تهيم"، ألنه لو عطفها فسوا ) حيسب السامع العطف على "أبغي"...

ويعد "أراها يف الضالل تهيم" من مظنونات سلمى يف حق الشاعر وليس هو مبراد. إمنا املراد أنه حكم الشاعر عليها

سيوهم الكالم بأن ليلى تظن بأن الشاعر يراها يف الضالل تهيم، وليس هذا هو . وهذا يعين أنه لو وصل(412)بذاك(

املعنى الذ قصده الشاعر. بل إن الشاعر يريد معنى آخر، فهو يريد أن حيكم بأن ليلى تهيم يف الضالل حيث ظنت

.(413)بأنه يبغي بها بدال. ويسمي بعض البالغيني هذه الصورة بن "شبه كمال االنقطاع"

**** **** ****

أود أن أشري هنا إىل أن هذه الدواعي اليت ذكرها البالغيون ليست حصرا أو تقعيدا

لكل دواعي الوصل والفصل، بل هي ذكر ألشهر الدواعي يف كالم العرب. وذذا ال قيمة ملا

للفصل والوصل يقوله د.شفيع السيد مثال من أن هناك مناذج كثرية )مما خيرق القواعد العامة

. 273/ 1( البيت ورد غري منسوب لقائل. انظر: معاهد التنصيص ، عبدالرحيم العباسي، 411)

.261مفتاح العلوم، أبو يعقوب السكاكي، ص (412)

. 77/ 2انظر: بغية اإليضاح ، عبداملتعال الصعيد ، (413)

Page 180: علم املعاني

تيسري علم املعاني 172

، فلم يدع أحد من (414)عند البالغيني، )وهي( جديرة بإعادة النظر يف هذه القواعد(

البالغيني أن ما ذكروه هو قواعد ال ميكن اخلروج عنها، بل هو تعداد ألشهر األغراض

والدواعي يف كالم العرب، واألغراض والدواعي يف أ باب من أبواب البالغة ال ميكن أن

تحصر.

وذذا نتفق بأن هناك دواعي بالغية أخرى كثرية ختتلف باختالا املقامات

والسياقات، وبنا على ذلك فتعليل دواعي الوصل أو الفصل يفرتض أن يبقى مشرع

األبواب أمام ذائقة القار املتمرس وحتليله اجلمالي.

للوصل. وميكن ضرب مثالني لذلك من الشعر املعاصر أحدهما للفصل واآلخر

فمثال الفصل يظهر يف قصيدة للشاعر حممد أبو سنة يصور فيها انفصام الروابط وانقطاع

الوشائج بينه وبني حبيبته، يقول فيها:

) ينبت ظلي يف مرآة احلائط

ينبت ظلك يف مرآة السقف

نتواجه .. جنلس

نقتسم الصمت وأقداح الشا البارد

امليتتفصلنا مائدة الفرح

(412) تتحرك فينا أوراق خريف العام املاضي (

فهنا تتواىل اجلمل دون ربط بعضها ببعض، ألن العزلة والفرقة واالنفصال تفرض

وجودها يف املوقف، فقد أصبح احلبيبان منفصلني عاطفيا وروحيا. إن برودة العزلة

يف اجتاه خمالف لآلخر، واالنفصال تلف اجلو الشعر كله، حيث ينبت ظل كل منهما

.241النظم وبنا األسلوب يف البالغة العربية، د.شفيع السيد، ص (414)

.17ديوان أجراس املسا ، حممد إبراهيم أبو سنة، ص (412)

Page 181: علم املعاني

173 تعريف اجلملة وأركانها

والشا صار باردا، وليس لدى احلبيبني ما يقتسمانه سوى الصمت، ومل يعد يتحرك

داخلهما غري أوراق خريف العام املاضي. إن كل ما يف املوقف يوحي بالربود العاطفي وتقطع

الصالت وانبتاتها، لذا جا الفصل بني اجلمل وعدم ربطها ببعض ليعكس هذا اجلو

.(416)الشعور

وأما مثال الوصل فيظهر يف قول الشاعر صالح عبدالصبور يف مطلع قصيدة له بعنوان

"شنق زهران":

).... وثوى يف جبهة األرض الضيا

(417) ومشى احلزن إىل األكواخ، تنني له ألف ذراع (

ليه ال إن هذه الواو اليت يستهل بها الشاعر قصيدته دون وجود شي سابق تعطف ع

ختلو من داللة فنية، فهي تأتي لتطو ورا ها أحداثا وخواطر مل يشأ الشاعر أن يبوح بها،

إنها جتسد رحلة من الصراع الطويل اليت جسدها البطل "زهران" قبل أن ميوت، ومل يصرح

تتأبى الشاعر بطبيعة ذلك الصراع وإمنا أبقاه مكنونا ليستثري بهذه الواو خيال املتلقي بصورة

.(488).(411) على التحديد

.72، 71لي عشر زايد، ص انظر: عن بنا القصيدة العربية احلديثة، د.ع (416)

.11م، ص 1316ديوان صالح عبدالصبور، دار العودة، (417)

، والنظم وبنا األسلوب يف البالغة العربية، 263، 261انظر: البحث البالغي عند العرب، د.شفيع السيد، ص (411)

وما بعدها. 241د.شفيع السيد، ، ص

Page 182: علم املعاني

تيسري علم املعاني 174

Page 183: علم املعاني

571

الخاتمة

بعد هذا العرض ملسائل علم املعاين أود أن أشري يف خامتة هذا الكتاب إىل أبرز األفكار

التي وردت يف هذه الدراسة:

تناول الكتاب مفهوم الفصاحة ورشوطها عند البالغيني، وأشار عرضا إىل

وجاهة رأي بعض املعارصين حول عدم جدوى هذه املقاييس والرشوط يف

عىل اجلامل األديب والبالغي.احلكم هبا

عرف الكتاب البالغة العربية، واستعرض رأي القائلني بأهنا ركزت عىل

جانب املخاطب وأمهلت جانب املتكلم، وفند البحث هذه الدعوى مؤكدا أن

البالغة العربية هتتم باملخاطب واملتكلم عىل حد سواء.

ه البالغيون يف مسائل هذا العلم أشار الكتاب يف أكثر من موضع إىل أن ما كتب

ودواعيه البالغية ليس حرصا أو إحصاء، بل هو جمرد تعداد ألكثر الدواعي

واألغراض ورودا يف الكالم، وينطبق هذا عىل مجيع أبواب هذا العلم، بام يف

ذلك مبحث الفصل والوصل. وعىل هذا يمكن استخراج أغراض ودواع أخر

ذا احتملها السياق وارتضاها الذوق السليم.غري ما ذكره البالغيون إ

Page 184: علم املعاني

اخلامتة 571

تناول الكتاب حديث البالغيني عن التعريف بالعلم، وأشار إىل أن العلم قد

يكون من أعالم اإلخبار الذي حيمل فيه العلم معناه األصيل، وقد يكون من

أعالم اإلحياء الذي يصبح فيه العلم رمزا لفكرة أشمل. واتضح بأن البالغيني

ب قد ركزوا عىل أعالم اإلخبار دون احلديث عن أعالم اإلحياء.العر

أشار البحث إىل نوعي احلذف )الواجب واجلائز(، وخلص إىل أن احلذف

الذي يبحث البالغيون بالغته وأرساره هو احلذف اجلائز، فهو الذي يدخل

ضمن الدراسة البالغية، أما احلذف الواجب وعلله وأرساره فداخل ضمن

اهتامم الدرس النحوي واللغوي.

تناول الكتاب تقسيم البالغيني الكالم إىل إجياز وإطناب ومساواة، وذهب إىل

نفي وجود املساواة لغويا، ورجح القول بأهنا جمرد بنية ذهنية افرتاضية يقاس

إليها الكالم ليعرف ما إذا كان إطنابا أو إجيازا.

ل والوصل وفق طريقة اإلمام عبدالقاهر، حاول الكتاب دراسة مبحث الفص

التي تدرس دواعي الفصل أو الوصل ابتداء، وليس من خالل تعداد حاالت

اجلملتني مع بعضهام مثلام يفعل بعض البالغيني املتأخرين.

هذا والشك أن يف البحث أفكارا أخرى تناثرت يف ثنايا الكتاب، وأظنها لن

املقام لو مضيت أعددها مجيعا، لذا أكتفي بام ذكرته ختفى عىل فطنة القارئ، وسيطول يب

يف األعىل، سائال اهلل تعاىل يف ختام هذا العمل أن أكون قد وفقت يف تناول مسائله

وعرضها بالصورة التي يرىض عنها أهل االختصاص، ويفهمها القارئ العادي.

م عىل نبينا حممد، وعىل واهلل تعاىل أعلم، ورد العلم إليه أسلم، وصىل اهلل وسل

آله وصحبه وسلم.

Page 185: علم املعاني

711

المصادر والمراجع

. القرآن الكريم

، م.9191أساليب بالغية ، د.أمحد مطلوب ، وكالة املطبوعات ، الكويت

عرشي زايد، دار استدعاء الشخصيات الرتاثية يف الشعر العريب املعارص، د.عيل

هـ9199الفكر العريب، القاهرة،

، 9119/ 9199مكتبة النهضة املرصية -األسلوب ، أمحد الشايب .

األسلوبية ، مدخل نظري ودراسة تطبيقية، د.فتح اهلل سليامن، الدار الفنية للنرش

م.9111والتوزيع،

رشح: أمحد حممد شاكر وعبد األصمعيات،. أليب سعيد األصمعي، حتقيق و

.9199، 3السالم هارون، دار املعارف بمرص، ط

،1م، ط9199األعامل السياسية الكاملة، نزار قباين، منشورات نزار قباين بريوت.

،م.9111األعامل الشعرية الكاملة، أمل دنقل، مكتبة مدبويل

Page 186: علم املعاني

تيسري علم املعاني 711

احلسني، منشورات دار اهلالل، األغاين أليب الفرج األصفهاين ، حتقيق: د.قيص

هـ.9111، 9بريوت ، ط

،م.9199أغاين مهيار الدمشقي، أدونيس، دار اآلداب بريوت

هـ.9119، 9اإليضاح ، اخلطيب القزويني ، دار إحياء العلوم، بريوت، ط

9البحث البالغي عند ابن تيمية، إبراهيم الرتكي، نادي القصيم األديب، ط ،

هـ.9119

غي عند العرب تصصيل وتقييم ، د.شفيع السيد ، دار الفكر العريب، البحث البال

م.9119 -هـ 9199، 1القاهرة، ط

: ـ د.يوسف املرعشيل 9الربهان يف علوم القرآن ، بدر الدين الزركيش ، حتقيق

/ 9191بريوت -ـ إبراهيم الكردي دار املعرفة 3ـ مجال الذهبي 1

9111 .

1ية اإليضاح ، عبداملتعال الصعيدي ، مكتبة اآلداب باجلاممري ، مرص ، طبغ ،

هـ.9111

البالغة العربية يف ثوهبا اجلديد ، د.بكري شيخ أمني ، دار العلم للماليني ، بريوت

.3م، ط9111،

،البالغة العربية، قراءة أخرى، د.حممد عبداملطلب، الرشكة املرصية العاملية للنرش

م.9119 لونجامن،

،البالغة القرآنية يف تفسري الزخمرشي، د.حممد أبو موسى، دار الفكر العريب

بريوت.

Page 187: علم املعاني

711 املصادر واملراجع

9بالغة الكلمة واجلملة واجلمل د. منري سلطان، منشصة املعارف، اإلسكندرية، ط

م.9199،

،البالغة فنوهنا وأفناهنا )علم املعاين(، د.فضل حسن عباس، دار الفرقان، عامن

م.1119، 99ط

،م.1111البالغة واالتصال، د.مجيل عبداملجيد، دار غريب، القاهرة

، 9191البالغة واألسلوبية ،د.حممد عبداملطلب ، اهليئة املرصية للكتاب .

،م.1119البالغة واألصول، حممد مشبال، أفريقيا الرشق، املغرب

ريوت.بنية اخلطاب الشعري، د. عبد امللك مرتاض، دار احلداثة ، ب

،هـ،9111البيان يف روائع القرآن، د.متام حسان، عامل الكتب، القاهرة

، البيان والتبيني أليب عثامن اجلاحظ ، حتقيق: عبدالسالم هارون، مكتبة اخلانجي

.9191 -9111، 1القاهرة، ط

صالح السامرائي، املكتب تصثري الفكر الديني يف البالغة العربية، د.مهدي

. 9199 -9319اإلسالمي، دمشق،

م.9199، 9ترشيح النص، د.عبداهلل الغذامي، دار الطليعة، بريوت، ط

،9191 -9111التصوير الفني يف القرآن ، سيد قطب، دار الرشوق، القاهرة ،

.99ط

ء الرشق، التعريف والتنكري بني الداللة والشكل ، د.حممود أمحد نحلة، مكتبة زهرا

م.9111القاهرة،

Page 188: علم املعاني

تيسري علم املعاني 711

،التعريف والتنكري يف النحو العريب، د.أمحد عفيفي ، دار الثقافة العربية ، القاهرة

م.9111-هـ 9193

القاهرة -التفسري البياين للقرآن الكريم، د.عائشة عبدالرمحن ، دار املعارف

. 9111/ 9199رقم اإليداع

امش املصحف الرشيف(، جالل الدين املجيل، جالل الدين تفسري اجلاللني )هب

السيوطي، دار الرسالة القاهرة، د.ت،

بريوت -التكرير بني املثري والتصثري ، د.عز الدين عيل سيد ، عامل الكتب

9119 /9199.

،9طهتجيت حلام هتجيت ومها، ديوان حممد الثبيتي، الدار السعودية للنرش ،

هـ.9111

:ثالث رسائل يف إعجاز القرآن، الرماين، واخلطايب، وعبدالقاهر اجلرجاين، حتقيق

، 1د.حممد أمحد خلف اهلل ود.حممد زغلول سالم، دار املعارف، مرص، ط

م(9119

مجهرة أشعار العرب، أليب زيد القريش، حتقيق: عيل حممد البجاوي، دار هنضة

م.9199مرص،

التصخري يف ديوان النابغة الذبياين، ابتسام أمحد محدان، دار احلذف والتقديم و

م ،9111، 9طالس، دمشق، ط

، خزانة األدب للبغدادي، حتقيق: عبدالسالم هارون، مكتبة اخلانجي، القاهرة

م .9119 -هـ9199، 1ط

Page 189: علم املعاني

717 املصادر واملراجع

،اخلصائص ، ابن جني، حتقيق: حممد عيل النجار، دار الكتاب العريب، بريوت

لبنان. د.ت.

ائص األسلوب يف الشوقيات، حممد اهلادي الطرابليس، املجلس األعىل خص

م.9119للثقافة، مرص،

هـ.9199، 1خصائص الرتاكيب، د.حممد أبو موسى، مكتبة وهبة القاهرة، ط

،م.9193دراسات يف املعاين والبديع، د.عبدالفتاح عثامن، مكتبة الشباب، مرص

م.9191وادي ، اهليئة املرصية للكتاب ، دراسات يف نقد الرواية ، د.طه

، 9111دروس يف البالغة العربية ، األزهر الزناد ، املركز الثقايف العريب .

،دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاين، حتقيق: حممود شاكر، مكتبة اخلانجي

. 1، ط9191 – 9191القاهرة،

9119القاهرة -أبو موسى ، مكتبة وهبة دالالت الرتاكيب ، د.حممد /

9199 .

،هـ.9111ديوان ابن الرومي، حتقيق: عمر الطباع، دار األرقم، الرياض

،ديوان أيب األسود الدؤيل،صنعة أيب سعيد السكري، حتقيق: الشيخ حممد ياسني

م.9119 -هـ 9199، 1دار ومكتبة اهلالل، ط

بي برشح أيب البقاء العكربي، دار املعرفة، بريوت لبنان، ديوان أيب الطيب املتن

د.ت.

،م .9199هـ 9119ديوان أيب العتاهية ، دار بريوت للطباعة والنرش

Page 190: علم املعاني

تيسري علم املعاني 711

هـ 9191، 1ديوان أيب فراس احلمداين، دار الكتاب العريب، بريوت، ط-

م،.9111

ة للكتاب، ديوان أجراس املساء، حممد إبراهيم أبو سنة، اهليئة املرصية العام

م.9191القاهرة،

9119 9ديوان البارودي دار العودة بريوت حتقيق عيل اجلارم ط .

. ديوان احلطيئة ، دار صادر ، بريوت ، ، د.ت

دار ،حبيب بن أوس الطائي ، حتقيق أمحد حسن بسج،ديوان احلامسة أليب متام

.9119 – 9199الكتب العلمية،

،بريوت ، د.ت.ديوان اخلنساء ، دار صادر

1111 - 9111، 1ديوان اخلنساء، دار املعرفة ، بريوت ، ط.

ديوان العباس بن األحنف . رشح وحتقيق :د. عاتكة اخلزرجي .مطبعة دار الكتب

م .9111هـ ـ 9393املرصية .القاهرة

.ديوان العجاج ، رشح األصمعي، حتقيق: عزة حسن، مكتبة دار الرشق

:1جميد طراد ، دار الكتاب العريب ، بريوت ، ط ديوان الفرزدق ، تقديم ،

م .9111 -هـ 9191

.ديوان املتنبي برشح العكربي ،دار املعرفة ، بريوت، د.ت

، م.9119 -هـ 9399ديوان املعري )سقط الزند( ، دار صادر ، بريوت

Page 191: علم املعاني

711 املصادر واملراجع

،ديوان النابغة الذبياين رشح: غريد الشيخ، مؤسسة النور للمطبوعات، بريوت

لبنان.

م.1111 -هـ 9119، 1ديوان النابغة الذبياين، دار املعرفة، بريوت ، لبنان، ط

هـ 9111، 1ديوان امرئ القيس ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، لبنان ط-

م . 1111

911، 919دة، بريوت، ص ديوان إيليا أبو مايض، دار العو.

.ديوان جرير ، حتقيق: د.حممد أمني طه، دار املعارف ، القاهرة، د.ت

، هـ.9119ديوان جرير ، دار بريوت للطباعة والنرش، بريوت

،هـ.9119ديوان حسان بن ثابت، حتقيق: عبداهلل سنده، دار املعرفة، بريوت

م. 9111 -هـ 9191، 9ديوان ذي الرمة ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، لبنان ط

1ديوان الشنفرى ، مجعه : إميل بديع يعقوب، دار الكتاب العريب بريوت، ط ،

9119 -هـ 9199

، م.9199ديوان صالح عبدالصبور ، دار العودة بريوت

.ديوان عبد الصمد بن املعذل، دار صادر د.ت

م.9119، 9مة بن عبدة، دار صادر، بريوت، طديوان علق

م.9913، 1ديوان عنرتة ، مطبعة اآلداب، بريوت، ط

9ديوان كعب بن زهري، تقديم: أمحد الفاضل، دار الفكر اللبناين، بريوت، ط ،

م.1113

Page 192: علم املعاني

تيسري علم املعاني 711

،السبعة يف القراءات، البن جماهد، حتقيق: د.شوقي ضيف ، دار املعارف، القاهرة

د.ت.

القيس ، رشحه: حجر عايص . رشح ديوان امرئ

، رشح ديوان حسان بن ثابت، عبدالرمحن الربقوقي ، دار الكتاب العريب ، بريوت

د.ت.

الشعر اجلاهيل منهج يف دراسته وتقويمه، د.حممد النوهيي، الدار القومية للطباعة

والنرش، القاهرة.

م.9191 1، بريوت ، ط.دار الثقافة ، د. إحسان عباس :مجع .شعر اخلوارج

.الشعر العريب املعارص، د.عز الدين إسامعيل، دار الثقافة بريوت

.الشعر والشعراء البن قتيبة دار الثقافة بريوت لبنان د.ت

م.9193 بغداد، –مطبعة أسعد -حاتم صالح الضامن -شعر يزيد بن الطثرية

.الشوقيات ، أمحد شوقي ، بريوت ، د.ت

،الصورة الشعرية يف الكتابة الفنية ، د.صبحي البستاين، دار الفكر اللبناين بريوت

م.9199، 9ط

بريوت -الصورة يف الشعر العريب ، د.عيل البطل ، دار األندلس

9193 .

ضياء السالك إىل أوضح املسالك، حممد النجار، مطابع االحتاد اإلسالمي للبنوك

هـ.9119مية، القاهرة ، اإلسال

Page 193: علم املعاني

711 املصادر واملراجع

( حتقيق: 993عروس األفراح يف تلخيص املفتاح، هباء الدين السبكي ،)هـ

هـ.9113، 9د.عبداحلميد هنداوي، املكتبة العرصية، بريوت، ط

م.9199، 1علم األسلوب، د.صالح فضل، اهليئة املرصية للكتاب، ط

1119ريوت، )املكتبة العرصية، ب 99علوم البالغة ، أمحد املراغي، ص –

9111.)

،العمدة ابن رشيق القرياوين، حتقيق: حميي الدين عبداحلميد، دار اجليل، بريوت

م.9191، 1ط

العمدة يف صناعة الشعر ونقده ، ابن رشيق القرياوين، حتقيق : حممد حميي الدين

بريوت د.ت . -عبد احلميد ، دار اجليل

اء القصيدة العربية احلديثة، د.عيل عرشي زايد، مكتبة الشباب، القاهرة، عن بن

هـ.9199

،عندما يعزف الرصاص، د.عبدالرمحن العشاموي، دار عامل الكتب الرياض

.9هـ، ط9119

،فلسفة البالغة بني التقنية والتطور، د.رجاء عيد، منشصة املعارف، اإلسكندرية

.9199، 1ط

ربية، د.عبدالعزيز عتيق، دار النهضة العربية، بريوت، د.ت.يف تاريخ البالغة الع

قراءة جديدة يف تراثنا النقدي )ندوة( متام حسان وآخرون ، النادي األديب

. 9111/ 9191جدة -

،م.9113القرص قيمة واجتاه، د.عبداهلل عليوه. دار األرقم، الزقازيق

Page 194: علم املعاني

تيسري علم املعاني 711

، م.9199، 9نازك املالئكة ، منشورات مكتبة النهضة، ط قضايا الشعر املعارص

قضية الفصل والوصل بني املفردات عند البالغيني، د.حممد الصامل، كنوز

.9، ط1119 – 9119اشبيليا، الرياض،

املطبعة التجارية ، مرص ، د.ت.الكامل يف اللغة واألدب.حممد بن يزيد املربد ،

: عبد السالم هارون ، اهليئة املرصية للكتاب الكتاب ، سيبيويه ، حتقيق

9311 /9191 .

كتاب الصناعتني، أليب هالل العسكري، حتقيق: عيل حممد البجاوي وحممد أبو

م.9199 -هـ 9119الفضل إبراهيم، املكتبة العرصية، بريوت،

،3، ط9199 -9119الكشاف ، الزخمرشي، دار الكتاب العريب، بريوت.

لعرب، ابن منظور ، حتقيق: عبداهلل الكبري وحممد أمحد حسب اهلل وهاشم لسان ا

القاهرة د.ت . -حممد الشاذيل دار املعارف

1اللسانية التوليدية والتحويلية، د.عادل فاخوري، دار الطليعة بريوت، ط ،

م. 9199

، م.9191لغة الشعر، د.رجاء عيد، منشصة املعارف اإلسكندرية

،9111اللغة العربية معناها ومبناها، د. متام حسان، دار الثقافة، الدار البيضاء.

اللغة، فندريس، تعريب: عبد احلميد الدواخيل، حممد القصاص، طبعة دون

بيانات.

.املثل السائر يف أدب الكاتب والشاعر ، ابن األثري ، حتقيق : د.أمحد احلويف ، د

. 9193/ 9113الرياض -اعي بدوي طبانه ، دار الرف

Page 195: علم املعاني

711 املصادر واملراجع

،املحتسب ، ابن جني ، حتقيق: عيل النجدي ناصف، وعبدالفتاح إسامعيل شلبي

.9191املجلس األعىل للشؤون اإلسالمية، القاهرة،

،خمترص السعد رشح تلخيص كتاب مفتاح العلوم، تصليه سعد الدين التفتازاين

هـ.9119املكتبة العرصية، بريوت، حتقيق: د.عبداحلميد هنداوي،

املطول رشح تلخيص املفتاح، سعد التفتازاين، حتقيق: عبداحلميد هنداوي، دار

.9، ط1119 -9311الكتب العلمية، بريوت،

معاهد التنصيص ، عبدالرحيم العبايس، حتقيق: حميي الدين عبداحلميد، مطبعة

م. 9119 -هـ 9399السعادة، القاهرة،

3، ط9199 -9119غة العربية، د.بدوي طبانة دار املنارة، جدة، معجم البال.

معجم املصطلحات العربية يف اللغة واألدب، جمدي وهبة، كامل املهندس، مكتبة

م.9191، 1لبنان، ط

،مغني اللبيب عن كتب األعاريب، ابن هشام، حتقيق: حميي الدين عبداحلميد

.9199 -9119املكتبة العرصية، بريوت،

ي اللبيب البن هشام، حتقيق: حميي الدين عبداحلميد، املكتبة العرصية، مغن

م.9199 -هـ 9119بريوت،

،مفتاح العلوم، أبو يعقوب السكاكي، تعليق: نعيم زرزور، دار الكتب العلمية

1، ط9199 -9119بريوت،

،مفتاح تلخيص املفتاح، ابن مظفر اخلطيبي اخللخايل، حتقيق: د.هاشم حممد حممود

م.1119املكتبة األزهرية للرتاث، القاهرة،

Page 196: علم املعاني

تيسري علم املعاني 711

د.ت.9املفضليات ، دار املعارف، القاهرة، ط ،

مقاالت يف الشعر اجلاهيل ، يوسف اليوسف ، دار احلقائق سوريا

9191 .

مقاييس البالغة بني األدباء والعلامء ، د.حامد صالح الربيعي ، منشورات جامعة

م. 9119 -هـ 9199القرى أم

من أرسار البالغة يف القرآن ، د.أمحد حممد شيخون، مكتبة الكليات األزهرية-

. 9191/ 9111القاهرة

9من أرسار اللغة، د. إبراهيم أنيس، مكتبة األنجلو املرصية، القاهرة، ط ،

م.9111

9يف البيان العريب، أمحد أبو زيد، مكتبة املعارف، الرباط، ط املنحى االعتزايل ،

م . 9199

منهاج البلغاء، حازم القرطاجني، حتقيق: حممد احلبيب بن خوجة، دار الكتب

الرشقية، د.ت.

،9هـ، ط9193منهاج السنة، ابن تيمية، حتقيق: حممد رشاد سامل، مؤسسة قرطبة.

والتطبيق، د.عبداملنعم سيد األشقر، مطبعة مواضع الفصل والوصل بني النظرية

.9119 -9199، 9األمانة، ط

مواهب الفتاح رشح تلخيص املفتاح، ابن يعقوب املغريب، حتقيق: خليل إبراهيم

.9، ط9111 -1111خليل، دار الكتب العلمية، بريوت،

Page 197: علم املعاني

711 املصادر واملراجع

.موسيقى الشعر ، د.إبراهيم أنيس ، دار القلم ، بريوت ، لبنان ، د.ت

1النحو الوايف ، عباس حسن، دار املعارف، بمرص، ط .

،9م، ط9113النص القرآين وآفاق الكتابة، أدونيس، دار اآلداب بريوت.

هـ.9199، 9نظرات يف علم املعاين، د.عبداملنعم األشقر، مطبعة األمانة، مرص ط

ترمجة: نظرية أدوات التعريف والتنكري وقضايا النحو العريب ، غراتشيا غابوتشان ،

م.9199 -هـ 9119د.جعفر دك الباب ، مطابع مؤسسة الوحدة ،

،النظم وبناء األسلوب يف البالغة العربية، د.شفيع السيد، دار غريب، القاهرة

م.1119

نفح الطيب، ألمحد بن حممد املقري، حتقيق: د.مريم قاسم طويل وآخرون، دار

الكتب العلمية، بريوت.

9ة اإلعجاز، فخر الدين الرازي، دار اجليل، بريوت، طهناية اإلجياز يف دراي ،

هـ.9191

أنت أهيا الوقت )سرية شعرية ثقافية(، أدونيس، دار اآلداب بريوت، ها

.9م،ط9113

Page 198: علم املعاني

تيسري علم املعاني 711

Page 199: علم املعاني

919

اتكشاف الموضوع

أ ،971 ،924، 47، 47اإلطناب

971، 974، 911

991اإلنشاء

921 ،924 ،924 ،51اإلجياز

ب ،1 ،4 ،4 ،1 ،1 ،9 ،و ،هالبالغة

91، 99، 94، 29، 59،

929، 924، 942، 941

تـ 17ـ 15 ،12 ،19 ،11التعريف

11، 41، 42، 47، 41، 41،

49، 42، 45، 41، 44، 41

،17 ،15 ،15 ،55التقديم والتأخري

11، 11، 14، 911، 912

12 ،19 ،11التنكري

ح ،57 ،55 ،52 ،59 ،51احلذف

51، 51، 54، 54، 51، 71،

79، 72، 75، 77، 941

خ

،52خروج الكالم عما يقتضيه الظاهر

11، 919

ذ

71 ،71 ،51الذكر

ع

941 ،21 ،5 ،2 ،9و ، ،علم املعاني ه

ف

،91 ،95 ،91 ،1 ،1الفصاحة

77، 941

Page 200: علم املعاني

كشاف املوضوعات 912

،945 ،942 ،949 ،911الفصل

941، 941

ق

،911 ،914 ،49 ،41القصر

919، 912، 915، 917

م

21 ،24 ،24 ،21اجملاز العقلي

ن

45 ،5 ،2 ،9النظم

و

،942 ،949 ،914 ،911الوصل

945، 941، 941