الرؤية الصوفية وأثرها في التشكيل السردي ئح عند الحبيب السا

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية رة التعميم العالي والبحث العمميوزا

الحاج لخضرجامعة ةباتن

كمية اآلداب والمغات بهاقسم المغة العربية وآدا

الحديث العربي في األدب ماجستيرمذكرة مقدمة لنيل شهادة ال : سرديات تخصص

:الدكتور لب: إشراف األستاذاإعداد الط

إسماعيل زردومي معمر معمري

لجنة المناقشة:

الصفة الجامعة الرتبة االسم والمقب رئيسا -1-جامعة باتنة أستاذ التعميم العالي أ.د/ عبد اهلل العشي

-1-جامعة باتنة أستاذ التعميم العالي إسماعيل زردومي أ.د/ مشرفا ومقررا -1-باتنة جامعة أستاذ التعميم العالي محمد حجازي أ.د/ عضوا مناقشا -1-جامعة باتنة أستاذ محاضر شراف شناف د/ عضوا مناقشا

الرؤية الصوفية وأثرها في التشكيل السردي ئحعند الحبيب السا

م 2011 – 2016/ ه 1438 – 1431: السنة الجامعية

مقدمة

ب‌

:مقدمةاليت جعلت من السرد موضوعا ذلا, اجلانب الشكلي الذي يظهر ,تناولت الكثري من الدراسات

فعكفت على دراسة البنية السردية يف الرواية, بأركاهنا ادلعهودة وادلتمثلة يف الزمان, عليو ىذا السرد,مكان أن يظهر وادلكان, والشخوص, ولكن ىذا الشكل الذي دتظهر هبذه الكيفية, ىل كان باإل

الذيثقافة الكاتب وسلزونو الفكري دور يف التشكيل السردي ل وبعبارة أخرى ىلبكيفية سلتلفة, ذلك أن الرتاث يظل حيا عرب الزمن حيث يأخذ أشكاال متنوعة تؤثر يف ,تظهر عليو أعمالوحت لو ومن ىذه األشكال صلد األدب الروائي الذي أصب اإلنسان, وجدانو تشكيل وعي وعقل

مكانة متميزة ومؤثرة يف أدبنا العريب احلديث.

ومن ادلعلوم أن الرتاث الصويف ىو من أىم ادليادين اليت تفاعل معها ادلبدعون العرب, شعراء أو كتاب. ورمبا يرجع ذلك إىل أن ىذا الرتاث الضخم متقاطع مع الكثري من اجملاالت الرتاثية

عقيدة, كما أن الرتاث األديب للصوفية ميثل حلقة ىامة من األخرى, فهو مرتبط مبجال التدين والادلمارسة العملية التصق يف كثري من جوانبو من حيثحلقات األدب العريب, مث إن التصوف

.الطقوس الشعبيةب

دلاذا ختتلف البنيات السردية لنصوص تتحدث عن موضوع واحد, أو موضوعات من جهة أخرى, ن ادلسألة أخطر من ذلك أ؟ أم ابالكت نظر وجهات إىل اختالفىل يعود ذلك فقط ؟متشاهبة

وأبعد غورا؟

ن أأنةو مهمةا حةاول الةنص أو صةاحبو منةة؟ أىل من ادلمكن احلديث عن نص دون إيديولوجية معي فهةةو, أي الةةنص, رمةةل رسةةالة معينةةة تعةةرب عةةن ؟, فلةةن يفلةة يتجةةرد مةةن اإليديولوجيةةة ويلتةةزم احليةةاد

ميةارس مث إن العمل اإلبداعي ىو لغة جتسد الفكر, كما أن الفكةر نشةا موقف ما من األحداث,

مقدمة

ج‌

أمر زلتةوم, ولكةن ىةذ ال يعةر الةربط بطريقةة ةاللغة, فارتبا النص األديب إذن باإليديولوجياسطة بو .الفجة وترمي بالنص يف شباك الدعائيةتقضي على اخلصوصية الفنية, مسجة,

ن الكاتةب عةن ادلواقةف ادلختلفةة, ميك ةهتةا التعبرييةة ااإلدراك لطاقوحسةن ,التمكن اجليد من اللغةة نإ من إقحام اإليديولوجية بشكل مقبول, داخل النص األديب .

ودلةةا كانةةت اللغةةة ىةةي الوعةةاء الةةذي يصةةب فيةةو ادلبةةدع عملةةو الفةةر, وىةةي اإلطةةار الةةذي يةةؤطر ىةةذا قول يف أحد حواراتو : " أنا أصلز يد لغتو, وأسلوبو, فنجده يالعمل, فقد اىتم احلبيب السائ بتجد

يف كل مرة نصا جديدا, ليس مبعىن اجلدة على مستوى ادلضمون, وإمنةا علةى مسةتوى التشةكيل ... حةةداث قطيعةةة مةةع كتابةةاة السةةابقة ومةةع كتابةةات فحةةأ أباشةةر الكتابةةة أعمةةد قةةدر ادلسةةتطاع, إىل إ

اآلخرين".

اليت جتن كثريا إىل اخليال, وإىل الالمعقةول ىةي ىذه اللغة اليت حتدث عنها السائ , ىي تلك اللغة صوفية؟إىل لغة ادلتصوفة, فهل ىذه اللغة انعكاس لرؤية شيءأقرب

سةأعتمد منهجةا أطبقةو ذلك ما سأحاول اإلجابة عليةو يف طيةات ىةذا البحةث, ولبلةو تلةك الغايةة .أساسا على مدونة ما

."زىوة"و, "حملبةتلك ا" :احلبيب السائ رواييت أما ادلدونة فتتمثل يف

فسةةةأعتمد أساسةةةا ادلةةةنه البنيةةةوي, مطبقةةةا لليةةةات التحليةةةل السةةةردي, وسةةة خذ مةةةن كةةةل ادلةةةنه وأمةةةا منه ما أراه مناسبا خالل إصلاز مراحل البحث ادلختلفة.

بناء على ما سبق, سةأقوم برصةد مظةاىر الرؤيةة الصةوفية يف أعمةال احلبيةب السةائ , زلةاوال اإلجابةة : هاأ ملح أوأبرزىا سؤال هاعديدة, لعل من أه على تساؤالت

مقدمة

د‌

طيع الرؤية الصوفية إنتاج لغة جديدة؟تىل تس

وكيف يشتغل التصوف ليولد سردا؟

لقد كان الةدافع وراء اختيةار ميةدان الروايةة اجلزائريةة ىةو زلاولةة اإلسةهام يف إماطةة اللثةام عةن اإلبةداع منةذ ن اختيار أعمال "احلبيب السائ " بالضةبط فمةرده أ الروائي اجلزائري, ذلك بوجو عام, أما ع

قةةرأت بةةاكورة إنتةةاج احلبيةةب السةةائ , ادلتمثلةةة يف رلموعتةةو القصصةةية "القةةرار", مث أوىل رواياتةةو "زمةةن النمةرود", وأنةةا أفكةةر يف الكتابةةة حةةول إنتةاج السةةائ , وحةةول لغتةةو خاصةةة, ىةذه اللغةةة الةةيت مةةا فت ةةت

ولخر, سواء كةان روايةة, أو رلموعةة قصصةية, وقةد بةدأت ىةذه اللغةة تتطور, وتتجدد بأ كل عملمن الفردية, ومن الفنية, حة فأكثر تبتعد شي ا فشي ا عن التقريرية, وعن اجلماىريية, وتقرتب أكثر

أصةةبحت يف لخةةر أعمالةةو, تعةةانق اخليةةال, وتسةةب يف فضةةاءات مةةن الةةرؤى واألحةةالم, مرتكةةزة علةةى مل يعةةةد مةةن السةةهل فهةةم أعمةةةال لةةذلك مشةةةاربو, وتتةةداخل أبعةةاده, و مةةوروث ثقةةايف ضةةخم, تتعةةدد

السائ من القراءة األوىل, واقرتبت لغتةو مةن عةوامل الصةوفية, وباتةت يف كثةري مةن األحيةان أقةرب إىل لغة الشعر منها إىل لغة الرواية, وذلك ما دفعر الختيار ىذا ادلوضوع, ألحاول الكشف عن الرؤية

صلةاز وكيف تدفع ىذه الرؤية إىل إنتاج لغة جديةدة, ومتفةردة تةدفع بةدورىا إل الصوفية لدى السائ , تشكيل سردي متميز.

ومةةن دوافةةع اختيةةاري ذلةةذا ادلوضةةوع كةةذلك عامةةل اجلةةدة فيةةو, فقليلةةة ىةةي الدراسةةات الةةيت تعرضةةت للرؤيةةة الصةةوفية يف األعمةةال السةةردية, ألجةةل ذلةةك سةةأحاول إيقةةاد جعةةة, تسةةهم يف دفةةع جةةزء ولةةو

احلديث. أدبنا العريب زوايا من الظلمة عن ىذه الزاوية من يسري

:طرح اإلشكالية, وىو ديف لخر حديثي عن جاءيكتسب ادلوضوع أهيتو من خالل السؤال الذي كيف يشتغل التصوف ليولد سردا؟

مقدمة

ه‌

كثرية ىي الدراسةات الةيت تعرضةت للتصةوف وعالقتةو بالشةعر, وكيةف يشةتغل التصةوف ليولةد شةعرا عةن و, ودتيةزوألفاظة ,وصةوره ,بأخيلتةو ,بل لقد تفرد الشعر الصويف ادلنطلق من رؤيةة صةوفيةجديدا,

خاصة بو ودالة عليو. ,بقية الشعر العريب, خبصائص, وشليزات, ورموز

ومعلةةوم أن الروايةةة ىةةي نتةةاج اإلبةةداع اإلنسةةا , فهةةي جةةنس أديب كالشةةعر, بةةل ىةةي أرقةةى األجنةةاس لخةر حلقةات تطورىةا, فةكذا كانةت الرؤيةة الصةوفية قةد اشةتغلت فولةدت شةعرا جديةدا, من األدبية, و

بكمكاهنةةا االشةةتغال لتوليةةد سةةرد جديةةد, وإن اختلفةةت األدوات وتباينةةت الوسةةائل, وىنةةا تكمةةن كنفةةأهية ادلوضوع الذي أطرحو للبحث, ألحاول الكشف عةن اآلليةات الةيت يكةون احلبيةب السةائ قةد

أعمالو السردية.اعتمدىا يف إنتاج

اجلديةةةد, وتظهةةةر أهيةةةة ادلوضةةةوع كةةةذلك, يف كةةةو سةةةأعتمد يف دراسةةةتو علةةةى إنتةةةاج احلبيةةةب السةةةائ وذلةك األخةرية, أ مةن رواياتةو خةاص علةى روايتةبشةكل , فهةذه الدراسةة سةترتكز خاصة الروائي منوو

, مل تتعةر الىةذه األعمة بعة دراسات كثرية, وحة الدراسةات الةيت تناولةت امل تظهر حوذلألنو مةن كتابةةاحلبيةب السةائ , لةذلك سةأتعر إىل دراسةة ىةذا اجلانةب كتاباتإىل اجلانب الصويف يف

تنةت تشةكيال جديةدا للسةرد وبنةاء فريةدا وكيف, بالتشكيل السرديالسائ , وعالقة الرؤية الصوفية , د بالرؤيةة الصةوفيةالكشف عن مجاليات ىذا التشكيل, وعالقة ىةذا البنةاء الفرية وسأحاولللرواية,

. وتفاعلو معها

يتطلةةةب , إىل حتقيةةةق غايةةةة مةةةا فوىةةةو يهةةةد, اإلنسةةةان عليةةةوم مةةةن ادلعلةةةوم أن كةةةل عمةةةل يقةةةد الغاية.لبلو ىذا اذلدف, وحتقيق تلك , ختطيطا زلكما, وتصورا واضحا

ومدخل وفصول ثالثة وخادتة.مقسما إىل مقدمة البحث جاءمن أجل ذلك

ه العناصر, وما تتضمنو, بكجياز, فيما يلي: وسأحتدث عن ىذ

مقدمة

و‌

, وكيةف تطةور وتوسةع عةرب مفهوم التصةوف أتناول فيو ,دلوضوع البحث وىو مبثابة توط ة: مدخلالفلسةةةفة للحيةةةاة, ونظةةةرة و وعةةةن بعةةة اصةةةطالحات الصةةةوفية, وعةةةن الصةةةوفية كرؤيةةةة للعةةةامل ,العصةةةور

وعةةن عالقةةة التصةةوف بةةاألدب ,خةةاص للكةةون, وكيةةف تتجلةةى يف إبةةداع ادلبةةدع, وتسةةم أدبةةو مبيسةةم, وسةةأحتدث عةةن احلبيةةب السةةائ وإسةةهامو يف الروايةةة اجلزائريةةة, وعةةن روايتيةةو: عامةةة وبالروايةةة خاصةةة ."تلك احلبة" و"زىوة"

من خةالل البنيةة الصوفية الرؤيةجتليات لدراسة ىذا الفصل من البحث سأخصص األول: فصلال سةأتطرق يفو زلاوال تتبع دتظهرات األنساق الزمنيةة ادلختلفةة ,ىوة"يف رواييت "تلك احملبة" و"ز الزمنية

إىل تأثريىةةا يف تشةةكيل مشةةريايف التشةةكيل السةةردي للروايةةة, الرؤيةةة الصةةوفية تةةأثري إىل ىةةذا الفصةةل .أو تبطي ها , ويف دفع األحداث وتسريع وتريهتالزمانا

يةةةف ظهةةةرت يف روايةةةيت: ىةةةذا الفصةةةل سأخصصةةةو للحةةةديث عةةةن الشخصةةةيات, وك :الثللل الفصلللل"تلةك احملبةة" و"زىةوة", ومةدى تةأثري الرؤيةة الصةوفية عنةد الكاتةب يف رسةم ىةذه الشةخوص, متنةاوال بالدراسةةة صةةفات ىةةذه الشخصةةية وزلمةةوالت القةةول والفعةةل لةةديها, متتبعةةا ادلظةةاىر الصةةوفية فيهةةا,

أ زلل الدراسة.وكيف تطورت ومنت عرب مسار احلكي, وربط ذلك بالتشكيل السردي يف الروايت

دتظهةةرات الرؤيةةة الصةةوفية مةةن خةةالل سأخصةةص ىةةذا الفصةةل مةةن البحةةث لدراسةةة :الث للل الفصلللزلةةاوال تتبةةع الةةدالالت الةةيت تعطيهةةا األمكنةةة, سةةواء ,البنيةةة ادلكانيةةة يف روايةةيت "تلةةك احملبةةة" و"زىةةوة"

, أو تلةةك األمةةاكن الةةيت تلةةك الةةيت ذلةةا ارتبةةا واضةة بعةةوامل الصةةوفية والةةيت ذلةةا حضةةور يف تةةراث القةةومتبةةةدو للوىلةةةة األوىل بعيةةةدة عةةةن التصةةةوف وأىلةةةو, وسةةةأحاول إظهةةةار ادلالمةةة الصةةةوفية الكامنةةةة فيهةةةا

للنص الروائي.التشكيل السردي ودورىا يف

النتةائ الةيت , مشريا إىل أىمإصلازهمبلخص دلا قمت بو خالل مراحل سأختم ىذا البحث :خ تمة العمل, وعن اآلفاق اليت سيفتحها أمام البحث. توصلت إليها من خالل ىذا

مقدمة

ز‌

ولقد أفدت من دراسات كثرية, سواء يف رلال حتليل األعمال الروائية, وخباصة تلك اليت اىتمت بقضية توظيف ادلوروث الصويف, أو يف رلال شرح النص الصويف. و أذكر من ىذه

:-على سبيل ادلثال ال احلصر –الدراسات

ىةةذا الكتةةاب الةةذي أحةةالر إىل ,للةةدكتور عبةةد ادلةةنعم خفةةاجي "رتاث الصةةويفاألدب يف الةة"كتةةاب حتليةةل اخلطةةاب الصةةويف كتةةاب " وإىل "الرسةةالة القشةةريية", إضةةافة إىلالبةةن عةةريب "الفتوحةةات ادلكيةةة"

"ادلتخيةل يف الروايةة ب , وكتاهبةا أيضةا ادلوسةوملمنة بلعلةى " للدكتورةيف ضوء ادلناى النقدية ادلعاصرة, و"بنةةاء الروايةةة" لسةةيزا قاسةةم, و"تقنيةةات سةةن وةةراوىحل "بنيةةة الشةةكل الروائةةى ئريةةة", وكتةةاب "اجلزا

" ألسةتاذي فةن الرحلةة يف األدب ادلغةريب القةدم", ورسةالة دكتةوراة بعنةوان السرد الروائي" ليمىن العيةدظيةةةف باإلضةةةافة إىل رسةةةالة ماجسةةةتري موسةةةومة ب"تو إمساعيةةةل زردومةةةي, الةةةدكتوراألسةةةتاذ ادلشةةةرف

إىل غةةةةري ذلةةةةك مةةةةن ادلراجةةةةع "عثمةةةةان أمحةةةةد زلمةةةةود فاطمةةةةةالصةةةةوفية يف الروايةةةةة ادلصةةةةرية" للباحثةةةةة " والدراسات الكثرية اليت أفدت منها خالل مراحل إصلاز ىذا البحث.

بالشكر واحلمد هلل سبحانو وتعاىل على مننو -أوال وقبل كل شيء –ويف ختام ىذه ادلقدمة أتوجو ال الذي مث أتوجو بالشكر ألستاذي ادلشرف األستاذ الدكتور إمساعيل زردوميالظاىرة والباطنة.

وعلى قبولو اإلشراف على ,وصرب وأناة أستطيع وفاءه حقو نظري كل ما قدمو يل من توجيو ورعاية , وإ ألدعو اهلل أن جيعل ذلك يف ميزان حسناتو.إىل هنايتو ىذا البحث منذ بداية إعداد خطتو

هم عليلتفض علىأعضاء جلنة ادلناقشة الص الشكر والتقدير لسأساتذة األجالء كما أتوجو خب اظل مدينذي سيم وتوجيهاهتم لصاحبو الاهتحهم وإرشادائوبكسداء نص بقبول مناقشة ىذا البحث

فقد كانوا نعم قسم اللغة العربية ولداهبا,ة اتذأس والشكر موصول لكلالعرفان. بالفضل و ذلم السند وادلعأ. األساتذة ونعم

بعد, إنو نعم ادلوىل ونعم النصريواحلمد هلل من قبل ومن

المدخل

8

التصوف والتجربة الصوفية:لج التي والوووؿ إ ى المااؿ ألالتصوؼ فلسفة حياة, ومنهج سلوؾ يتخذعلا اإلنساف

األخالي , وبلوغ احلقيقة األمسى من ألج ربقيق السعادة الروحية.وعلى الرغم من شيوع كلاة تصوؼ وتداوذلا على األلسنة إال أنو من الصعوبة دبماف أف

ذلك أف التصوؼ ش ء تشتؾ فيو أمم سلتلفة ييق أو تعريف لجامع ذلا,نقف على مفهـو دومن لجانب آخر فألف ,وديانات وحضارات وفلسفات متباينة ويف أزمنة متباعدة, ىذا لجانب

, فلم وويف ذبربتو اخلاوة , ولو أيضا وسائلو التجربة الصوفية زبتلف بت إنساف وآخر حىت أف بعض ووفية اإلسالـ ياؿ:"إف عدد الطرؽ إ ى اهلل اخلاوة يف التعبت عن ىذه التجربة,

, ذلذا يلجأ الصويف يف ووفو ذلذه التجربة الفريدة إ ى لغة ليست كاللغة 1بعدد األنفس"العادية, ب ى لغة خاوة يغلب عليها الرمز واإلشارة, ذلك أف اللغة العادية تقف عالجزة أماـ

يعتلج يف نفسو من أحاسيس ومشاعر مضطربة. ويد تأيت احلالة اليت ؽلر هبا الصويف وأماـ مالغة الصويف على ىذا النحو أحيانا تعادا منو إلخفاء أحاسيسو وما يشعر بو على من ىو ليس

ذلا أىال., فالتصوؼ الديت حظ مشتؾ بت صبيع األدياف, وإف والتصوؼ ونفاف: ديت وفلسف

وؼ الفلسف فهو ظاىرة مشتكة بت أغلب كاف ىذا احلظ ؼلتلف بت دين وآخر, أما التص احلضارات اليت عرفتها اإلنسانية, بدءا من احلضارة اليونانية إ ى يـو الناس ىذا.

ويد ؽلتزج الديت بالفلسف أحيانا كاا حدث عند الغزايل وغته.ويد زبتلف الغاية من التصوؼ, فهناؾ من غلع منو وسيلة لتهذيب النفس وتقومي

بط اإلرادة, والتغلب على ىوى النفس, ويتايز ىذا النوع بغلبة اجلانب العال األخالؽ وض ويهر اجلسد بالرياضة والتقشف.واجملاىدات

وىناؾ من ادلتصوفة من غلع اذلدؼ من تصوفو معرفة اهلل عز ولج والوووؿ إ ى احلقيقة فلسفية مث البحث عن ادلطلقة, وىم يف سعيهم إ ى ىذه ادلعرفة يد يلجئوف أحيانا إ ى أساليب

من الولجود, ولمنهم غالبا ما يعتادوف على الذوؽ أو المشف كسبي للاعرفة, وىذا ما ةالعلغلعلهم متصوفت أيرب منهم إ ى فالسفة, فهم يف فهاهم للولجود يتجاوزوف العق ألنو غت

4مدخل إلى التصوف اإلسالم, صالتفتازان, - 1

المدخل

01

بوساطة "إف مقاربة الولجود على معرفة حقيقة الولجود, يقوؿ "أدونيس": -يف نظرىم-يادرحتة وضياعا تبعده عن نفسو وعن الولجود يف العق التحليل ادلنطق ال تزيد اإلنساف إال

.1"آفتلغ ادلسافة بينو و بت اذلك أهنادلعرفة احلقيقية ى معرفة الش ء من داخ , " :مث يقوؿ

أوباحلضور العارؼ ,و تتيح للعارؼ ربقيق ذاتو ,فال نعرؼ الولجود إال بالشهود......أي .2"الذوؽ أو اإلشراؽ

الوسائ باجملاىدات و ذهتبدأ ى ,إذف للصوفية وسائلهم من ألج الوووؿ إ ى الشهود ومغالبة اذلوى و االبتعاد عن ,ماره وادلشاؽ والتفع عن متاع الدنيا الزائ ضب النفس على ادل

ال يزاؿ و ,تطهت النفس وتزكيتهامن ألج لوة وك ذلكواخل نزواءالا حياة الناس وادلي إ ىآخر مقاـ التوحيد أو ادلعرفة باهلل و ىو "الصويف يتقلب بت األحواؿ وادلقامات حىت يص إ ى

.3"مقامات الطريق :الفناء,يقوؿ 4الفناء بوضوح عند ووفية القرنيت الثالث والرابع اذلجريتعن ظهر احلديث ويف موضع آخر ,5",يتك احلق عنك و ػلييك بوؽلأف الفناء: "متحدثا عن ي يف رسالتوت القش

فإذا فت عن توىم اآلثار من األغيار بق بصفات احلق ومن استو ى عليو :"من الرسالة يقوؿ تلال يقاؿ أنو فطسلطاف احلقيقة حىت مل يشهد من األغيار ال عينا و ال أثرا و ال رمسا و ال

بد بصفات احلق تبارؾ عو ىنا يشت إ ى أف الفناء ىو اشتغاؿ الفه ,6"احلقبعن اخللق و بق و يفت عن شهود تعا ى اشتغاال يشغلو عن اخللق أصبعت فال يعود يرى أحدا أو أثرا ألحد و

ا ن الوع واإلحساس فال ػلس بش ء شليعت أف الصويف يف حاؿ الفناء يغيب ع,وىذا اخللق واخللق مولجودوف, على الرغم من ذلك "فنفسو مولجودة,حولو من اخللق وال حىت بنفسو, ولمن

95أدونس, الصوفة والسورالة, ص-1

04نفسه, ص - 2

945التفتازان, مدخل إلى التصوف اإلسالم, ص - 3

نفسه - 4

793القشري, الرسالة القشرة, ص - 5

905نفسه, ص - 6

المدخل

00

واخللق مولجودوف, ولمنو ال علم لو هبم وال بو, وال إحساس وال خرب, فتموف نفسو مولجودة, 1وعن اخللق أصبعت" ولمنو غاف عن نفسو,

ليس حالة دائاة يتصف هبا الصويف ب ى حالة و ريف للفناء نستنتج أنمن ىذا التع اجلوارح عن ولنتج عنها تعطي ,إذ لو كانت دائاة الصلر عنها إعلالو لنفسو وشؤوهناعارضة,

وىذا أبعد ما يموف عن حاؿ الصوفية,"وحالة الفناء ال تموف على الدواـ ,ادات والطاعاتبالعمعاشها ور م اجلوارح عن أداء ادلفروضات , وعن حركا هتاين أيعطتألف دوامها يولجب

.2"اومعادىبت اهلل اإلثنينيةفناء إ ى حاؿ البقاء ,"فيثبت ومن الصوفية من يعود من حاؿ ال

والعامل,وىذا األكا دبقياس,الشريعة ,وبعضهم اآلخر ينطلق منو إ ى القوؿ باالرباد أو احللوؿ .3لولجود"وحدة اأو

االتحاد:تعا ى, فيعتقد أف يرى بعض الصوفية أنو يف حاؿ الفناء يدخ يف أوواؼ احلق تبارؾ و

, ومن أبرز , ب يعتقد أف اهلل يد ح فيوبشريتو يد فنيت, وأنو أوبح موووفا بصفات اإللوىيةالذي يقوؿ:"للخلق أحواؿ, وال حاؿ زيد البسطام "يالصوفية الذين يقولوف باالرباد "أبو

.4" بآثار غته للعارؼ, ألنو زليت رسومو, وفنيت ىويتو هبوية غته, وغيبت آثارهيشت "البسطام " يف يولو ىذا إ ى أف الصويف العارؼ باهلل يف حاؿ الفناء إظلا يفت يف

احلق وتفت ذاتو وىويتو يف ذات احلق, وال تبقى لو إرادة وال حوؿ وال يوة, ويصبح ال يرى إال حقيقة واحدة ى اهلل لج وعال, ويسقط من نظره ما سواىا, ب إنو يذى حىت عن نفسو

, ردبحو الرسـو وفناء اذلوية وغياب اآلثا زيد"ياليت تذوب يف معبوده, وىذا ما عرب عنو "أبو وىو يف ىذه احلالة يموف يف حاؿ ارباد باحلق تبارؾ وتعا ى.

خرلجت من بايزيدييت كاا زبرج احلية من لجلدىا ونظرت " يقوؿ "أبو يزيد البسطام ":

905القشري, الرسالة, ص - 1

973رف ألهل التصوف, صالكالباذي, التع - 2

997التفتازان, المدخل, ص - 3

199الرسالة, ص - 4

المدخل

01

.1, ألف الم واحد يف عامل التوحيد"فإذا العاشق وادلعشوؽ والعشق واحدباالرباد ويرى بعض الدارست أف ىذه الظاىرة ى رلرد شعور نفس من "البسطام "

.2وىو ال يقصد االرباد حقيقة دلا فيو من سلالفة واضحة وورػلة للعقيدة اإلسالمية اإلشراق:

واحلدس وال دخ للربىاف أو أو المشف ىو معرفة مباشرة تتم عن طريق الذوؽ اإلشراؽ ها ئمتحدثا عن الفلسفة اإلشرايية ومبد ى( 475 )ت3يقوؿ "السهروردي ادلقتوؿ" احلجة فيها,

ى عااد , فان نوره خرلجت أنوار أخرىاألوؿ:"أف اهلل نور األنوار, ومصدر صبيع المائناتربرؾ األفالؾ نوار من ىذه األ تالعامل ادلادي والروح , والعقوؿ ادلفارية ليست إال وحدا

ودلعاهنا اإلشراؽ ىو المشف وىو ظهور األنوار العقليةفإذف ,4"وتشرؼ على نظامهاوفيضاهنا يف النفس عند ذبردىا, والنفس ال تطلع إ ى عامل القدس وال تتلقى أنوار اإلشراؽ إال

الذكر حىت بالرياضات واجملاىدات وإضعاؼ يوى البدف وذلك بتقلي الطعاـ ومداومة السهر و تصق النفس وتص إ ى عامل ادللموت.

وحدة الوجود: تطور وتبلور على يد الصويف األندلس "زل وحدة الولجود مذىب فلسف يف التصوؼ

, وتصوؼ وحدة الولجود مبت على مقولة أف شبة ولجودا الدين بن عريب" ادللقب بالشيخ األكربحد ال كثرة فيو وال تعدد, ومذىب "وحدة الولجود" وحدا فقط ىو ولجود اهلل, فالولجود إذف وا

يائم أساسا على الذوؽ, يقوؿ "ابن عريب" معرفا مذىبو يف عبارة سلتصرة مركزة:"سبحاف من .5خلق األشياء وىو عينها"

فهو يرى أف اهلل روح وأف العامل لجسم لذلك الروح, إذف فهذا العامل وىذه ادلولجودات اىر متعددة وتعيينات سلتلفة حلقيقة واحدة ى اهلل, فالولجود يف , ليست سوى مظادلختلفة

924,ص9نقال عن "تذكرة األولاء",ج 974التفتازان, المدخل, ص - 1

977نفسه, ص - 2

ه(297وشهاب الدن السهروردي)ته(, 129سم كذلك تمزا له عن صوفن آخرن هما: أبو النجب السهروردي)ت - 3

نقال عن هاكل األنوار للسهروردي 973: األدب ف التراث الصوف, صخفاج - 4

240ابن عرب, الفتوحات المكة, ص - 5

المدخل

02

لجوىره واحد ىو اهلل, ليس ىناؾ غته, وىذا الولجود الذي ضلسو حبواسنا, ونراه بأبصارنا ليسسوى خياؿ ووىم, فاهلل ىو عت األشياء وىو عت الولجود, ويد اختلف الدارسوف يدؽلا

بسبب ألفاظ وكلاات وردت يف كوالطاعنوف عليو وذلوحديثا يف "ابن عريب" وكثر مهاصبوه بعض كتبو, أشملت ظواىرىا وخفيت معانيها, فرموه بالزندية والغلو, ولمننا صلده يف

يف الباب الثاين والتسعت بعد ادلائتت يقوؿ:" إف أعظم دلي على نف "الفتوحات ادلمية" , ف القار ليس فيو من نور الشاس ش ءاحللوؿ واالرباد الذي يتوعلو البعض, أف تعلم عقال أ

وأف الشاس ما انتقلت إليو بذاهتا,وما كاف القار حال ذلا, فلذلك العبد ليس فيو من خالقو ش ء, وال ح فيو", فهو ىنا يضرب مثاال رائعا يشرح فيو فمرة احللوؿ واالرباد اليت ياؿ هبا

بالشاس, فماا أف القار تفيض بعض الصوفية حيث شبو عالية العبد خبالقو بعالية القار حىت ليبدو كأنو الشاس, فمذلك العبد العارؼ تفيض عليو أنوار احلق عليو أنوار الشاس

حىت يعتقد أف شبة حلوال أو اربادا مع أنو ال حلوؿ وال ارباد على احلقيقة ولجدير تبارؾ وتعا ى اجملاؿ للقوؿ بولجود ومن ضلا ضلوه من أوحاب وحدة الولجود, يفسحوف بالذكر أف ابن عريب"

ادلخلويات أو ادلامنات على ضلو ما, ذلك أف "احلقيقة الولجودية واحدة يف لجوىرىا وذاهتا, متمثرة بأمسائها ووفاهتا, ال تعدد فيها إال باالعتبارات والنسب واإلضافات إذا نظرت إليها

.1ق"إليها من حيث وفاهتا يلت ى اخلل تمن حيث ذاهتا يلت ى احلق, وإذا نظر الولجودية ىناؾ وحدة أخرى أكثر إمعانا يف نف المثرة, وإطالؽ ويف مقاب ىذه الوحدة

, ويعتاد مذىب 2الوحدة, عرفت باسم "الوحدة ادلطلقة", ويتزعاها "ابن سبعت" األندلس على فمرة أساسية مؤداىا أف "الولجود واحد وىو ولجود اهلل فقط, أما سائر ةالوحدة ادلطلق

لجودات األخرى فولجودىا عت ولجود الواحد, فه غت زائدة عليو بولجو من الولجوه, ادلو , فولجود اهلل ادلطلق ىو أو ما كاف وما ىو 3والولجود بذلك يف حقيقتو يضية واحدة ثابتة"

كائن وما سيموف, أما ىذا الولجود ادلادي احملسوس فتد عنده إ ى ذلك الولجود ادلطلق الروح , " الولجود أحيانا بالدائرة, وزليطها ىو الولجود ادلطلق, أما داخ الدائرة فهوويشبو "ابن سبعت

70ابن عرب, فصوص الحكم)المقدمة(, ص - 1

ه 225وتوف سنة ه 290هو "عبد الحق بن إبراهم محمد بن نصر" صوف أندلس ولد ف - 2

745إلسالم, صالتفتازان, مدخل إلى التصوف ا - 3

المدخل

03

ؼ بت الولجودين إال من حيث الوىم ألف ماىيتهاا واحدة, الالولجود ادلقيد أو الضيق, وال اخت فهو ال يثبت إال ولجودا واحدا ال إثنينية معو وال تعدد بولجو من الولجوه.

الصوفية ورؤية العالم:الرواية بالبيئة االلجتااعية ألهنا تعيش فيها وتتص بشرائحها وتصدر عن وعيها, وى يف ترتبط

الويت ذاتو زبضع لقواعد البنية الروائية, فالروائ أو ادلبدع ىو رلرد واضع للصياغة الفنية ىذا الماتب. إليها ادلناسبة للوع اجلااع الذي يعتا يف ضات اجلااعة اليت ينتا

بالبنية الفمرية للجااعة أو الطبقة االلجتااعية اليت ينتا إليها الماتب, وإف ذف يتعلق اإلبداع إمهاا حاوؿ -بدا يف ظاىره من ونع ىذا الفرد )الماتب(, ذلك إف ىذا األخت ال يستطيع

وترعرع مع أفراده وبت ظهرانيهم. ,االستقالؿ بوعيو عن الوسط االلجتااع الذي نشأ فيو –على مذىب البنيوية يف داليت ظهرت كر . ىذه ادلدرسةرة نادت هبا البنيوية التموينيةىذه الفم

من ,عدة ك العوام األخرىستبالنقد األديب اليت تنادي بدراسة النص كبنية مستقلة م .والبيئة االلجتااعية اليت ودر فيها ,فيو النصالظرؼ الذي ظهر و ,الماتب

ل رباوؿ أف رب ,ورت بشم أساس على يد لوسياف غولدمافبلاليت ت"فالبنيوية التموينية 1"البنية الداخلية لنص من النصوص رابطة إياه حبركة التاريخ االلجتااع الذي ظهر فيو

لجاءت يف موالجهة البنيويةالتوليدية كاا غللو للبعض أف يسايها, أو إذف فالبنيوية التموينية لذلك صلد غولدماف ال ؼلف ,ا يف الدراسة والتحلي تعتاد غت النص مرلجعال اليت التقليدية

ربا كلاة " :فنجده يقوؿ ,دلا ربالو يف طياهتا من إػلاء بالثبات والسموف ,من كلاة بنية يلقوألهنا , وغلب أال نتملم عن البتذلذا فه غت وحيحة سباماو ,بالسموف سف انطباعالألبنية

وإظلا نتملم عن عاليات تشم ,ولجيزةولفتة , ية إال نادراال تولجد يف احلياة االلجتااعية الوايع .2"البت

إذف فإف غولدماف يرى أنو ال تولجد يف الوايع بنيات وإف ولجدت فه ال تموف إال للحظات واإلنتاج األديب يرافق ىذه يصتة, ألف الزمن ال بد وأف يؤثر فيها وػلوذلا من حاؿ إ ى حاؿ,

والهتا.ربتشمالهتا و البنيات يف

.5جمال شحد: ف البنوة التركبة, ص - 1

73-72نقال عن كتاب البنوة التكونة )كتاب جماع( ص 33نفسه, ص - 2

المدخل

04

تنص البنيوية التموينية على أف الفئات االلجتااعية ى ادلبدعة احلقيقية لإلبداع, لذلك فإف أي ربلي للبنية الداخلية ألي نص من النصوص إظلا غلب أف يرتبط حبركة التاريخ االلجتااع الذي

اع أساسا أو ظهر فيو ىذا النص, ولقد "توسع غولدماف يف ربلي الفاع الثقايف, فإذا بو صبكاا ػلب أف يمرر فردي ذباوز فرديتو, أي أنو ماث يف اجلااعات البشرية والطبقات

.1االلجتااعية اليت سبارس دورىا السياس والثقايف يف آف واحد"من منظور البنيوية التموينية يعترب الماتب أو ادلبدع رلرد ناي لوع اجلااعة اليت ينتا إليها

ىو تعبت عن الوع المامن لدى ك فرد من أفراد اجلااعة ولمنو ألديب فالنص أو النتاج ايصدر على لساف فرد من أفرادىا وىذا ما يعرب عنو أوحاب ىذه ادلدرسة بالبنية الداللية فه اليت تتيح لنا أف نفهم مشولية الظاىرة االلجتااعية اليت يعرب عنها ادلبدع ال بصفتو الفردية ولمن

ااعة أو كااث ذلذه اجلااعة, واذلدؼ من وراء ذلك ىو ربط ىذه البنية كناطق باسم اجل بالوع ادلاث يف أذىاف اجلااعة.

ومن البديه القوؿ أف ىذه البنية ال تظهر بصورة واضحة يف فمر صبيع أفراد اجلااعة, وإظلا ابق تظهر يف وع اجلااعة كم أو يف بعض شلثليها ادلايزين, ويطلق غولدماف على التط

ادلامن بت ادلواىب الفردية والوضع التارؼل الذي تظهر فيو ىذه ادلواىب اسم العبقرية.فالعبقرية عند غولدماف "ليست موىبة فردية حبتة, وإظلا تربط ربطا وثيقا بت الفرد النابغ

.2واجلااعة اليت ينتا إليها يف الزماف وادلماف"لبنية ذات الداللة وحدة متماملة, فرؤية العامل مع ا –حسب غولدماف –تشم رؤية العامل

تشرح النص وتفسره, أما البنية الداللية فإهنا تفهاو وتدركو وتضعو يف إطاره االلجتااع ادلتايز. أف يقـو يف آف واحد بعاليتت أساسيتت: –حسب غولدماف –ذلذا فإنو غلب على الباحث

أي أف يقـو بالمشف ,لعا الفت وحدتوأف يمتشف ادلقومات األساسية اليت تعط ا -0عن بنيتو الداللية وذلك بدراسة سلتلف العناور اليت تؤلف ىذا العا ..... وىذا التفاع

رب الماتب اجمليد ال يتم إال داخ الرؤية اليت يع وطالقائم بت لجزئيات العا الفت وسلتلف نقا يف مرحلة تارؼلية معينة. لجتااعيةفيها عن ادلسائ األساسية اليت تطرحها احلياة اال

74المرجع السابق, ص - 1

01نفسه, ص - 2

المدخل

05

أف يقيم ولة مستارة بت البنية الداللية من لجهة ورؤى العامل وفق منظور الطبقات -1طارىا االلجتااع االيتصادي يف فتة تارؼلية معنية من لجهة إو ,يةنااللجتااعية و بنيتها الذى

أخرى.لبنية الداخلية للنص , والبنية الثقافية ا :تبحث يف أربع بنيات للنصإذف فإف البنيوية التموينية

والبنية االلجتااعية, مث البنية التارؼلية , وىذه البنيات متماملة ومتفاعلة فياا اإليديولولجية( )أوخطوة ضلو فهم القوانت ادلتحماة يف البنية بينها , فإذا كانت القراءة الداخلية للنص تقدـ لنا

وذلك ما غلب التااسو يف البنية الثقافية وىذا تفست,الداخلية, فإف ىذا الفهم حبالجة إ ىفيصبح حبالجة إ ى تفست شلا يستدع االنتقاؿ إ ى يظ رلردا إذا مل يتلجم إ ى فهم, فستالت

...البنية االلجتااعية .....وىمذاية دبعرفة نظر ت وباسماؿ و كانط تتايزسيف كتابات راإف الرؤية ادلأساوية للعامل اليت ظهرت

)غت مادية( للعامل متأثرة لجدا بالعقالنية , كاا تتايز برفض يوي للعامل ألنو غت مقنع و غت تتضان إذف إعجابا فعليا بالعلم إهنا ,مرض ألنو يفتقر إ ى مبدأ ساـ يستطيع أف يولجو اإلنساف

يستطيع من لجهة إذ يشم ادلبدأ الوحيد ادلفض إ ى ادلعرفة, ورفضا لو من لجهة أخرى ألنو ال أف يولجو اإلنساف أخالييا.

ويرى غولدماف أف ىذه الرؤية تقع بت النزعة الفردية)أي العقالنية الشملية( والنزعة اجلدلية وى ترتمز على أيانيم ثالثة: اهلل واإلنساف والعامل...

خف اليراه معظم الناس, إال ادلختاروف الذين وب عليهم نعاتو, لذا فإنو دائاا خف :اهلل غائب, ودائاا حاضر ظاىر يف ذات الويت, فهو يفرض عطاء كامال وال يقب باحللوؿ اجلزئية.

ىناؾ أزمة حادة يف العاليات القائاة بت اإلنساف والعامل, فهو ال يشم شيئا :العالم من لجهة, ومن لجهة الذي يتعارض سباما مع العامل, ىذابالنسبة لإلنساف بسبب حضور اهلل

يشم لو ك ش ء.أخرى فهو ال تبقى أماـ اإلنساف إال حقيقة وحيدة ى العامل, وزلتـو على اإلنساف أف إذف يف غياب اهلل

يقب هبذا العامل ويعيش فيهو وعليو أف يرفضو بشم ياطع يف ذات الويت. )أي : غلاع اإلنساف بت نقيضت متباعدين علا العامل )أي عامل احليواف والشقاء( واهلل اإلنسان

عامل ادلالئمة والعظاة(, لذا ال يبقى أماـ اإلنساف إال مويف واحد, ىو االرتداد من ولجوده

المدخل

06

وال يتم ىذا االرتداد نتيجة يقت عقل , ومشاركتو يف العامل إ ى الدخوؿ يف كنف اهلل اخلف , ألف اليقت البشري وعل , وإظلا يموف نتيجة حدس نابع من القلب...

التجربة الصوفية والرواية:األدب الصويف يصدر عن الروح وينبع من الولجداف, ذلذا فهو أدب ذو عاطفة وادية لجياشة, وذبربة عايقة وخياؿ واسع ثري, ويد ركب الصوفية منذ القدمي مركب الشعر للتعبت عن ذبربتهم

ريب نوع يائم بذاتو لو حىت ظهر يف الشعر العالروحية وأحاسيسهم الفياضة, فأبدعوا وألجادوا شليزاتو اخلاوة ىو الشعر الصويف.

يصبوف فيها لواعج لمن ىذا النزوع ضلو الشعر ال ينف جلوء بعض الصوفية إ ى ألواف من النثرأنفسهم ويبثوف فيها موالجيدىم وآىاهتم, فقد ظهر يف األدب العريب لوف من النثر أبدع فيو

)الصوفية( مل يظهر عند غتىم , ىو ما اوطلح عليو باسم ادلنالجاة اإلذلية والبن عطاء اهلل القـوويد أبدعوا أيضا يف , المثت من احلمم اليت بقيت على مر األزماف نرباسا لطائفة من الناس

يف الدنيا وذلم من األدعية ما ليس لغتىم. المثت منهم يف الزىد مالنصائح والووايا, كاا تمليف التجربة الشعرية على األدب احلديث وادلعاور وفعلت فعلهاويد ألقت الصوفية بظالذلا

العربية احلداثية, حىت أوبح اخلطاب الشعري "عادلا سحريا ؽلوج باحلركة واأللواف, عادلا ال .1يعتؼ باألبعاد واحلدود, إنو عامل التخط والتجاوز والسع وراء ادلطلق"

التاث الصويف أخذت حبظها من ااحلداثية أيض إذا كاف ىذا أمر الشعر فإف التجربة الروائيةحىت أوبح اللجوء وأخذ الروائيوف العرب ينهلوف من ىذا ادلعت العذب ويتاثلونو يف أعااذلم...

إ ى التجربة الصوفية كااارسة إبداعية, أو كارلجعية فلسفية لرؤية العامل مسة ىامة من مسات ة بطابع شعري تموف اللغة فيو ى الالعب األساس .التجربة الروائية احلديثة, شلا يطبع الرواي

ويد ظهر الفع الصويف يف الرواية دبظهرين: مظهر لجزئ ومظهر كل أو أكثر من عالمات الصوفية حضور يف الرواية, سواء أين يموف لعالمةالمظهر الجزئي: (1

األماكن ورمزيتها , أو يف أمساء بعض بعض الشخصيات أو شلارساهتا أو يف مالمح يف اللغةعرب البت اللسانية, إف على مستوى ادلعجم ادلستعا يةئوار الاللغة ويظهر البعد الصويف يف

كظهور بعض مصطلحات الصوفية من يبي : ادلقامات, األحواؿ, اخللوة...اخل... أو على

993عبد الحمد همة: الخطاب الصوف وآلات التأول, ص - 1

المدخل

07

مستوى التكيب أو على ادلستوى الصويت.و مووفات بعض الشخصيات مث ما طبيعة من خالؿ كاا ؽلمن أف يتجلى األثر الصويف

حيث يدـ شخصية الراىب سليااف ذات "فردوس اجلنوف "يف رواية 1فع أضبد يوسف داوودالساات الصوفية الواضحة حيث كاف سليااف ىذا أستاذا للفلسفة يف اجلامعة األمريمية

س و المتاب اذلندنراه معتزال يف وومعة ,وأحيانا أخرى يف الفيال مع و أحيانا ,ببتوتومن مظاىر ادلتصوفت من الفالسفة ا)ادلنومسريت( أو مع ابن عريب و السهروردي و غتعل

الصوفية يف األماكن و أمسائها ما نراه عند الطاىر وطار يف رواية "احلوات و القصر" اليت تعود اليت القرى السبع لفتة الثاانينات من القرف ادلاض و يف ىذه الرواية خصص و طار يرية من

تؤثث الرواية الصوفية ومساىا ) التصوؼ (....يت األعرج يطلق على إحدى رواياتو مساى " سيدة ادلقاـ " و ال ؼلف ما يف سو ىا ىو وا

ىذا العنواف من الرمزية الصوفية .بع يف ىذه احلالة يموف الفع الصويف فعال شامال يشا بناء الرواية و يط :يللكالمظهر ا (2

على ذلك كتاب بطابع وويف خالص, و لع أبرز مثاؿ شخووها وسائر مقوماهتا و لغتها ويف بدءا من العنواف الذي يش ص"التجليات" بألجزائو الثالثة جلااؿ الغيطاين , ويظهر األثر ال

دبا يف ادلنت من ربليق يف رحاب السااوات ومن تقلب يف األحواؿ و ادلقامات وووال إ ى ف و التجل و شهود للحقيقة ادلطلقة . مراتب المش

5491ري. ولد يف يرية زبلة زلافظة طرطوس عاـ روائ وشاعر ونايد سو أضبد يوسف داوود: - 1

المدخل

08

الحبيب السائح والرواية الجزائرية:عن نظتهتا يف ادلشرؽ العريب, بعقود العربية تأخر ظهور الرواية اجلزائرية ادلمتوبة باللغةنس الذي لجثم , وذلك بسبب االستعاار الفر وعن أختها ادلمتوبة باحلرؼ الفرنس يف اجلزائر

على ودر الشعب اجلزائري دلا يقارب القرف وثلث القرف من الزمن, ويد كاف لزاما على الرواية اجلزائرية ادلمتوبة بلغة الضاد أف تنتظر حىت سبعينيات القرف ادلاض ك تظهر للولجود.وية" الذي ويد بدأت الوالدة العستة للرواية العربية يف اجلزائر على يد "عبد احلايد بن ىد

من بعده شيخ الروائيت اجلزائريت , مث لجاء 0860اليت ظهرت العاـ أبدع رائعتو "ريح اجلنوب" .0863"الطاىر وطار" الذي كتب باكورة إنتالجو الروائ "الالز" عاـ

ويعترب المثت من الباحثت أف "ابن ىدوية" و"وطار" علا رائدا لجي التأسيس والنشأة اجلزائر, ومن الطبيع أف يعتي الرواية يف ىذه ادلرحلة بعض العيوب كقلة للرواية العربية يف

الفت, وانطباعها بطابع ايديولولج اشتاك يف ظ ىيانة احلزب الواحد, وسيطرتو على النضج أمور البالد والعباد.

وعن أما خالؿ شبانينيات القرف ادلاض فقد شرعت الرواية اجلزائرية يف البحث عن ذاهتا,لجي من موطأ يدـ ذلا يف فضاء الرواية العربية, ويد استطاعت ربقيق البعض من ذلك بفض

, من أمثاؿ "عاار بلحسن" و"احلبيب السائح" وغتعلا.الروائيت الشباب آنذاؾدبنطقة "اوالد عيسى" بنواح معسمر, وترىب 0841ولد كاتبنا "احلبيب السائح" عاـ

.وترعرع يف مدينة سعيدة زبرج من لجامعة وىراف حامال شهادة الليسانس يف اآلداب, مث دراسات ما بعد التدرج.

مارس التدريس بالثانوية واجلامعة, وساىم يف إثراء احلياة الثقافية يف اجلزائر خاوة يف اجلهة الغربية من الوطن, وذلك من خالؿ مزاولتو دلهنة الصحافة, من ذلك مثال ييامو بتنشيط

يف لجريدة اجلاهورية اليت تصدر يف وىراف رفقة وديقو الراح ""خبيت بن ألديب" ادي االن" عودة", ويد ساىم مع "الطاىر وطار" يف تأسيس صبعية "اجلاحظية".

ض أعااؿ عكاا عا يف حق التصبة, فتلجم بعض روايات الراح "رشيد مياوين", وب اخل ..يةونقلها من الفرنسية إ ى العرب الشاعر "صباؿ عاراينودار رلاوعتو القصصية األو ى إللسائح فقد بدأ مع سار اإلبداع للاأما بالنسبة

المدخل

11

, ويد أتبعها دبجاوعتو القصصية الثانية اليت ومسها 0868"القرار" اليت نشرىا يف دمشق عاـ .0870ب"الصعود ضلو األسف " واليت نشرىا يف اجلزائر عاـ

رواية "زمن النارود", ىذه ليصدر باكورة إنتالجو الروائ 0874انتظر حىت العاـ ويد الرواية اليت أغضبت النارود شلثال يف احلزب الواحد وأزالمو, فتات مصادرة الرواية, وتعرض

للمثت من التضييق, حىت اضطر إ ى السفر إ ى تونس مث إ ى ادلغرب. من ادلتاعب اليت طالت الماتب, بقدر ما ةوبقدر ما اصلر عن ىذه التجربة ادلرير

أعطتو من الشهرة داخ اجلزائر وخارلجها. وبرغم ما تركتو من آثار سلبية يف نفس الماتب اضطرتو إ ى االنعزاؿ لسنوات, بقدر ما وقلت ملمتو الروائية وأنضجتها.

لجديدة للسائح لجاءت ك نشهد ميالد رواية عاما كامال 01وكاف ال بد من االنتظار , واليت بشرت دبيالد كاتب من نوع آخر, 0886موسومة ب"ذاؾ احلنت" اليت ظهرت عاـ , ويتايز بت تفرد ؼلتلف عن كتابات السابقتموضبلت مالمح مشروع روائ لجديد و

الالحقت.وإلف كانت "ذاؾ احلنت" مثلت بعض اإلرىاوات للاشروع الروائ اجلديد للسائح, فإف

بينت للدارست والنقاد أف الرلج 1111وايتو "سباسخت, دـ النسياف" اليت ودرت العاـ ر يقـو بوضع لبنات حقيقية لبناء مشروعو الذي ػلتف أساسا باللغة, وغلعلها يف ولب اىتااماتو, ىذا ادلشروع الذي اتضحت معادلو واكتالت أركانو مع رواية "تلك احملبة" مث روايتو

ىا.زىوة" من بعد"ذبدر اإلشارة إ ى أف فتة التسعينيات من القرف ادلاض شملت كابوسا مظلاا النسبة للجزائر وأىلها, على ك األوعدة, مل تسلم منو الرواية اجلزائرية اليت ودمت هبذا الوايع

إ ى المتابة االستعجاليو ادلرعب, فطبعها بطابعو األسود الظالم , ما دفع بالمثت من الروائيتتؤرخ للارحلة اختصرت األحداث يف الصراع بت شلا أدي إ ى ظهور نصوص روائية كثتة

ما اوطلح عليو بأدب األزمة أو رواية األزمة, ويد انتظر السلطة واجلااعات ادلسلحة, يفروايتو 1118بدلوه يف ادلوضوع, حيث أودر يف العاـ حوايل عشرة أعواـ, حىت يديل عينيات الدموية.اليت تدور أحداثها حوؿ حقبة التس "مذنبوف, لوف دمهم يف كف "استطاعت الرواية اجلزائرية, ادلمتوبة باحلرؼ العريب أف ربجز ومع بداية األلفية الثالثة

المدخل

10

الروائية اجلزائرية مشاريع ػلتفى ت النصوص ت غديلنفسها مويعا يف الساحة الروائية العربية, ح هبا يف ادلشرؽ وادلغرب. :للحبيب السائح "تلك المحبة"بين يدي رواية

الوكالة الوطنية للنشر رواية "تلك احملبة" للروائ اجلزائري احلبيب السائح, عن تودر , موزعة ع ادلتوسطمن القط وفحة 260يف لجاءت , ويد1111عاـ ANEPواإلشهار

فصال, لجاءت عناوين الفصوؿ على شم صب مأخوذة من منت الفص بابا أو 06على نفسو يف الغالب فاثال الفص األوؿ عنوانو "خط بشفتيك على ودري ورب النخي ", ىذه

من الرواية, نفس الش ء بالنسبة لعنواف الفص 14الصفحة آخر الفص يف يف العبارة صلدىا "كوين يل أندلسا بت توات والقدس", حيث صلد ىذه اجلالة يف آخر الفص يف الثاين

, وأحيانا أخرى يأيت عنواف الفص مركبا من كلاات صلدىا مبثوثة يف من الرواية 41الصفحة "عودي من حفرة احلزف فسريري من ماء", بعنواف ءالذي لجاثنايا الفص مث الفص الثالث

, وما غلاع بينها ردبا ىو ىذه اللغة اليت كتبت بت ىذا وذاؾ فصوؿوىمذا تتعايب عناوين ال .هبا واليت ربا يف تضاعيف كلااهتا المثت من الشحنة الرمزية ادلمثفة الدالة

لقد اىتم دارسو الفن الروائ بالعنونة, وأعطوا أعلية كربى للعنواف ووضعوا لو وظائف بأف الوظائف الثالثة احملددة للعنواف ى : عدة, ومن ىؤالء "لجتار لجينيت" الذي "يرى

.1التعيت, ربديد ادلضاوف, وإغراء اجلاهور"وور واإلشارات اليت تعطيهااليت يوح هبا عنواف الرواية, اللغويةإف الدالالت ف إذف

الغالؼ وألوانو, ومدى ارتباطها دبنت النص وتناغاها معو, ك ذلك يفتح شهية القارئ لقراءة "تلك احملبة", مع ما يد لروايتو ناسبادلعنواف اليف اختيار تفننحت يموف الروائ يد , فروايةال

يغري ا ؼلبئو من رلهوؿدبو ,دبا ػلالو من حنينية ,و ىذا العنواف من استفزاز لجرئ للقارئػلدث, عندىا وشح ولجهو اخلارلج باللوحات الفنيةتالغالؼ باأللواف, وييزداف باالطالع عليو, وحت

إ ى الغوص يف جر لجراينؾ غواية االفتتاف بعنواف النص, وبالتايل يقع القارئ يف مصيدة وشر .روايةادلنت ويراءة الواالسم تتموف من يسات, اسم اإلشارة"تلك"يف شم صبلة امسية عنواف الرواية لجاء

.30عبد الحق بلعابد, عتبات )جرار جنت من النص إلى المناص(, ص - 1

المدخل

11

بماملو ماد زبتزؿ النصت إ ى داللة ممثفة والعنواف يف سيايو ىذا يومئ ادلشار إليو "احملبة",إذا ما أضيف لو ولجو - التأنيث هذاف ," يدؿ على البعيد ادلؤنثتلك"ومعلـو أف اسم اإلشارة

اذلامة اليت ستحتلها ةادلمانيشت إ ى -ادلرأة األدرارية الذي يزين الولجو األعلى من غالؼ الرواية الصوفية الثقافةلذي تلعبو ادلرأة يف , وىذا يذكرنا بالدور اذلاـ اىذه الرواية يفاألنثى/ادلرأة

أحد أىم أعالـ السوريالية بت يف سياؽ واحد والسوريالية على السواء, إذ غلاع "أدونيس" الفيلسوؼ الفرنس "أندريو بريتوف", وأحد أبرز أيطاب التصوؼ اإلسالم "زل الدين بن

رض بدورىا رببنا"...وىو يوؿ "يقوؿ بريتوف:"ال ضلب األرض إال من خل ادلرأة, واألعريب": .1يذكرنا بقوؿ آخر البن عريب:"ك مماف ال يؤنث ال يعوؿ عليو""

ىنا ال يشت إ ى السائح بعيدة؟ يبدو يل أف احلبيب السائح ى احملبة اليت يقصدىا ولمن, ويد تبدو تلك احملبة للوىلة يف نفسو وأثرىاىذه احملبة يشت إ ى عاق ويعبعد ادلماف ب

واليت تعت احلب فه ى احملبة بادلفهـو الصويف؟ , ألو ى غامضة وغت مفهومة بالنسبة للقارئاغت أف أـ ى زلبة من نوع آخر؟ ؟و, أـ ى زلبة عاشق دلعشويالذات العلية اإلذل , والفناء يف

م, طويال إذا انتبو القارئ لصور الغالؼ, فعندىا سيفه فىذا اإلهباـ وىذا الغاوض ال يدومارماؿ ب -اليت تدور فيها وحوذلا أحداث الرواية – درارألأف احملبة ادلقصودة من الماتب إظلا ى

, ولطيبة الغنية بادلخطوطات وزواياىا الصوفية , وبساتينها,طليلها, ويصورىا, وواحات ىاوحراءرا أىلها وصباؿ نسائها, ومن ىنا نستنتج أف الصور ادلوضوعة على ولجو الغالؼ, كانت أم

.مقصودا من الماتب, لتقريب القارئ من النص, وانفتاحو عليو :ما يل هاأعل من نقاطوور الغالؼ وألوانو, يف عدة احلديث عنوؽلمن

الغالؼ, ويف ذلك داللة رمزية ولجو األعلى من زءوورة ادلرأة األدرارية, ووضعها يف اجل -ا أف تمثيف اللوف كا ,أدرار يف اللجتااعيةاذلاـ الذي تلعبو يف احلياة ا ودورىا دلمانة ادلرأة

سحبادلرأة اليت تظهر خلف تلك وتعابت ولجووزلاولة طاسو لتجليات األزرؽ الداكن يد ض, يد يفهم منو مدى وعوبة فهم ادلرأة األدرارية, واليت االبيالناوعة , وكذا أسناهنا اءبيض

ذلك يفهم من يف حت, بساطةىذه ال اءالبيضسحب ث الحيث سبتظهر ألوؿ وىلة بسيطة, .ما يد يتوىم للارة األو ىس معهتا وفهاا اءاللوف األزرؽ الداكن , مدى وعوبة ير

.999أدونس, الصوفة والسورالة, ص - 1

المدخل

12

ويوح ىذا ,حوايل النصف منو ةآخذ على عرض الغالؼ ةادلاتد ةؿ الذىبياوورة الرم -, كاا احملبةلجزء من تلك اوامتدادى ,ا, ووفائهابنعومتهالذىبية ؿ االرمىذه أف بللقارئ نظرادل

فضاء وحراء ةأنو يفصح من لجهة أخرى عن الفضاء اجلغرايف الذي ستدور فيو أحداث الروايوثقايف يف الذاكرة اجلاعية اجلزائرية, ذلك أف "الصحراء "توات" دبا سبثلو من سلزوف حضاري

غرائبية باتت ممونا أساسيا يف بنية ىويتنا شلا لجعلها يف "تلك احملبة" ذات إفراغات أسطورية آتية أساسا من النبت الديت / أو البعد العقدي, عندما كانت الصحراء النبت األوؿ للغات

.1السامية ولم الديانات السااوية ب وللمثت من احلضارات العادلية"يرمز الذي و ادلفتوح وادللقى على الرماؿ, وورة ادلخطوط التاث النقطة الثالثة تتاث يف -

من الجزء ىسبث ى األخر ىذه ادلرلجعية اليت والدينية والصوفية دلنطقة أدرار, لايةللارلجعية العة إ ى الرواي ثنايايف يد أشار الماتب صلد و ,تلك احملبة اليت وىبها احلبيب السائح دلدينة أدرار

عنوف الفص اخلامس من الرواية بعنواف" أنا فقد باسم ادلصنف, مساهحيث ىذا ادلخطوط, .2ف وأنت امرأة ى النساء صبيعا"ادلصن

, إذ يطالعنا للوىلة المتابات اليت ظهرت على ولجو الغالؼ النقطة الرابعة تتاث يف -سبحت كأظلا ,غليظبارز خبط " الذي لجاء متوسطا الصفحة تلك احملبة"عنواف الرواية األو ى , لوف أوفر ذىييف ستس ادلعلى الصفحة, فأعطتو ذلك الشم ادلنبسط أو سالت حروفو

يوح بتدفق احملبة وامتدادىا من الماتب ألدرار وأىلها, وربت ىذا العنواف يف أيصى اليسار يف , و صلد ممتوبا خبط وغت مقارنة بالعنواف عبارة "رواية" كتعيت وربديد جلنس المتاب ونوعو

احلبيب اتب "اسم المباللوف األوفر ذاتو ويف الوسط سباما يطالعنا الغالؼوفحة أعلى فهو حبيب وسائح, فاحلبيب الرمزية الصوفية, الشحنة سم منىذا اال ػلالومع ما , "السائح

,عند بعض الطرؽ الصوفية ىو ادلريد احلقيق ادلتبع لشيخو, والسائح ىو وفة مالزمة للصويفتق منو حاؿ أو مقاـ إال لت بوفهو يف سياحة ورحلة دائاة حبثا عن احلقيقة, فال يماد يستقر

رسم على رماؿ اأظلك, ويف أسف الصفحة كتب خبط أبيض رفيع اسم دار النشر ورمزىا آلخرحىت ال يماد يبت, كأف الماتب أو الناشر تعاد إخفائو , ويد لجاء يف شم باىت الصحراء

. 03محمد بشر بوجرة, محنة التأول, زخم المرجع وفتنة الوقع..قراءة ف أودسا الصحراء "تلك المحبة", ص - 1

.947"تلك المحبة", ص - 2

المدخل

13

.ور الغالؼ وكتاباتوفق من اإلػلاء الذي سبثلو ودحىت ال يموف نشازا أماـ ىذا البة لولجو الغالؼ, أما بالنسبة لظهره فقد كساه لوف طيت يرمز ردبا إ ى تربة ىذا بالنس -

ع ظهر الغالؼ نصاف واحات أدرار وبساتينها, أو إ ى ألواف دورىا وبناياهتا, ويطالعنا ,لنصا ودحد على دةدلولجوا لعناورايعرؼ زلاد بنيس النص ادلوازي بأنو تلك "موازياف,

من لجةدر فيو تبلغ حد لىإ معو خ اتتد يجعلها تصاالا وب تتص آف, ف لجورخاو خلودا ينتجو يشتغ أف ء,بناو كبنية ,لنص ا خ اللد يساح نفصاالا عنو تنفص و ,ستقالليتوا تعيت . 1"الليتود

الغالؼ يتاثالف يف ترصبة للماتب "احلبيب ظهر يظهراف على فالنصاف ادلوازياف اللذامقتضبة لجدا مل تتجاوز , أما ترصبة الماتب فجاءت السائح", وتعريف بالرواية وضعو الناشر

من الثالثة أسطر وكانت كلها يف ويغة ادلاض , لع الماتب أراد أف ال يؤثر على القارئنت من خالؿ الرواية, وأما تعريف الناشر بادل بنفسو باكتشافوالقارئ فض أف يقـو , ب خالذلا

تكيز على مصطلحات ى دبثابة كلاات ئ فقد اعتاد فيو على التلخيص, وعلى الرواال, وترغبو يف فك ختم ادلنت والغوص يف أعاايو, من غت مفتاحية ربفز أفق االنتظار لدى القارئىذا يد ورد , و ى يارئووتلغ حالوة االكتشاؼ لدأ ,أف تفضح ىذا ادلنت وتفصح عن ممنونو

النص كاا يل : ي شكلو ومقاربتو الفنية, وفي سرديتوىذه الرواية نص جديد جدا في تيمتو وف "

الحداثي لغة ونظما بنفس يالمس الصوفي ويتداخل مع بين ج بين الموروث و التي تماز الغرائبي, بما وفر لو من إمكانات الكتابة التي تجعلو رواية مختلفة, وبما بذل فيو من

ابعة في جهد إبداعي من أجل أن تقرأ وبشكل جمالي, صورة أخرى عن جزائر أخرى, ق "أدرار"ىناك من خالل صحرائها, وعن غزوىا, صحراء والعمق المجهول التاريخ المنسي

التي عرفت "توات"و "تيديكلت"و "قورارة", ونخيلها, في 2هائخاصة, وقصورىا, وفقرا جاءوا من من اليهود والمسيحيين والمسلمينإليها ىجرات "تمنطيط"مدينتها القديمة

اليهود, وعن تبشير ضد "المغيلي"والمغرب وعن حرب األندلس منفلسطين والشرق و

.32ص ,9545, 9ط ء,لبضاا ارلدا ,للنشر لتىبقادار ,لتقلدةا التهاابدوإ بناته ,ثدحلا لعربا لشعرا ,بنس محمد - 1

.ورجحه ولعله تصحف لكلمة "فقاراتها", ونص الرواة دعم هذا االحتمال ,كذا ورد ف األصل - 2

المدخل

14

والتنصير, على رأسهم األب الضابط دو فوكو, وعن التجارب النووية في اآلباء البيض, صحراء مملكة السر والماء والنار حيث تجليات الخالق التي تزىر تلك "رقان"

."المحبةواليت يد تساعد على فهم النص وتلق , اليت واحبت ادلنت كذلكومن النصوص ادلوازية

من بيتاف الضوء على بعض لجوانبو, وتشم مفاتيح يلج من خالذلا القارئ إ ى لجو الرواية :استشهد هباا الماتب وعلارباعيات اخلياـ,

وكل يوم لك ىم جديـد يا قلب كم تشقى بهذا الوجود 1نفسي وأخراك رحيل بعيد ت ـوأنت يا روحي ماذا جنـ

بعدا النص ط يريد أف يع باختياره للخياـ وذلذين البيتت, وأغلب الظن أف الماتب ,والقدر وادلصت ,المينونة والولجود واإلنسافويضعو ضان مطارحات ولجودية حوؿ ا,فلسفي

إال وغاياهتا ,داللتهافهم منو , ال ؽلدبسائ فلسفيةالقارئ موالجهة , وبالتايلواجلرب واالختيار .ويراءتو العبور إ ى النصمن خالؿ

نص أليب حياف التوحيدي يقوؿ -ويب الولوج إ ى ادلنت الروائ –يأيت يف الصفحة ادلوالية فيو:

" إياك أن تعاف سماع ىذه األشياء الجارية على السخف, فإنك لو أضربت عنها جملة لنقص فهمك وتبلد طبعك, وال يفتق العقل شيء كتصفح أمور الدنيا, ومعرفة

2".خيرىا وشرىا, وعالنيتها وسرىار القارئ من العزوؼ عن ما يبدو لو يذربمن ىذا النص, ىو قصود ادلواضح أف الغرض ك يتساءؿ عن ىذا السخف من الماتب للقارئ حثسخيفا, ويف ذلك للوىلة األو ى تافها و

لقارئ إ ى دعو افإنو يوبالتايل يراءة ادلنت للويوؼ عليو, ىذا من لجهة, ومن لجهة أخرى .ومقاربتو من ألج فهاو والتعاق فييوويو بو للنص, االبتعاد عن القراءة السطحية

-وك شلنوع مرغوب –من احملظور وادلانوع ربا يف طياهتا شيئا السخفأف كلاة اكا .لنصإ ى يراءة ا وتدفعو القارئربفز وبالتايل

.43رواة "تلك المحبة", ص - 1

.45نفسه, ص - 2

المدخل

15

ص غلربؾ على البحث يف أكثر من نإنو " : الروايةمتحدثا عن ىذه يقوؿ أحد الباحثت كتاب لفهم خطاباتو. إهنا رواية ربيلك على كتب التاريخ واجلغرافيا ومستة التبشت بالصحراء كارحلة ثانية لالستعاار ادلخطط. وتغوص بك يف الزمن لتتعرؼ على ادلبادالت التجارية مع

وااللجتااعية وادلادية. كاا دوؿ الساح ومن بينها لجلب العبيد وتوظيفهم يف احلياة اليوميةتدفعك إ ى استقراء الذاكرة الشعبية وذاكرة من سبقوؾ. وتعرض لك حمايات اجلدات الشعبية

.1"واألحداث ادلتواترة شفويا تصور وايع سماف أدرار وتعيد إنتاج ىذا الوايع يف لجوانبو ادلتعددة "تلك احملبة" روايةوذلك من خالؿ الغوص يف أعااؽ . بطريقة فنية متايزة ةاديوااليتص ةوالبشري ةوالتارؼلي ةاجلغرافي

يات اليت تتحرؾ على مسرح األحداث, وتصويرىا تصويرا بالغ الدية يدفع القارئ إ ى شخصالالؿ كلاات خيطالعها من يراىا رأي العت, وليس لمأنو معايشتها والتفاع معها, حىت

مرسومة على الورؽ.احملبة" فتظهر لجلية يف عدة مقاطع من الرواية, من ذلك على أما ادلالمح الصوفية يف تلك

ما نصو:صلده يقوؿ حيث, لفص األوؿهبا الماتب اافتتح يت ادلقدمة السبي ادلثاؿ ما ورد يف بتغي مرضاة األقطاب واألولياء واألئمة أرتجي الشفاعة من حبيبو, و أستغفر الحق و أ"

ة والزىاد, ورجال الرمل والماء والفقرا واألعماد, واألوتاد, والحكماء والصالحين والصوفيمركن, فإنما أنا للخالق مذعن, وإلى الخلق .واألحباب والقراء من األوالد إلى األحفاد

ممعن, وباللغة ملسن, ,وبمرضاة الوالدين الشريفين تمتد لي بساطا من العون أخضر2"وباألسماء ممكن, وللمطامع ممهن

. " أيضا يولو: وردت يف الرواية, واليت نشتم منها رائحة التصوؼ تلك النصوص اليتومن

العشاء, فلما سلم يكون استقبل المحراب الخارجي من القصر السفلي وثمة أم وفإنواستدار ألفى خالئق ىي للضوء المتسرب من الشقوق ممزوجا بألوف ألوف الذرات

حركتهم. حيوه بالسالم وأحاطو بو المتسابحة تبدي ىيئتهم لإلنس, وللجن تجعل الغبارية

"أصوات الشمال" مجلة الكترونة, للروائ لحبب السائح” تلك المحبة“محاولة قراءة سوسولوجة ف باة شاخ, -1

.99رواة "تلك المحبة": ص - 2

المدخل

16

1ى مثلما يخترق ظل."ثم رفعوه فاخترقوا بو جدار المصل :للحبيب السائح "زىوة"بين يدي رواية

, ويد1100عاـ دار احلماة" للروائ اجلزائري احلبيب السائح, عن زىوةرواية " تودر مرياة فصال, لجاءت بابا أو 16, موزعة على من القطع ادلتوسط وفحة 231يف لجاءتيائم عبارة عن مشهد فص منهاك ومل تأت معنونة مث رواية "تلك احملبة", 16إ ى 0من .بذاتو

الشعبية الثقافة يف فالزىو, بالفرح الشعبية الذاكرة مستوى على" زىوة" العنواف يرتبط ادلعاين معجم يف مثال فنجد العربية اللغة معالجم مستوى على أما, والطرب الفرح ىو اجلزائرية :نصو ما اجلامعر,: الزىو أخذه (: اسم) زىو . صبي : زىو منظر - التيو الفخر, المبػ . الناضر النبات : الزىو - المبػر : الزىو - متػلوف بػلح : : الزىو :يل ما صلد الوسيط ادلعجم ويف . زىوة واحدتو ادلتلوف البسر والزىو , الناضر النبات والزىو , احلسن ادلنظر والزىو , المبػر :الزىو

: يأيت ما زىا مادة يف صلد أيضا الوسيط ادلعجم ويف .أضاء: وغته السراج وزىا, وافتخر وتعاظم تاه: وزىوا زىوا زىا أو احلارة بعد لونو وفا: وزىا, وفرة أو حبارة تلوف : البسر وزىا, وأشرؽ وفا: اللوف وزىا

. الصفرة ...واكته طاؿ: النبات وزىا, شب : وضلوه الغالـ وزىا, وظلا زكا: الزرع وزىا, والشباب والفتوة, واجلااؿ والنضارة, واحلبور الفرح معاين حوؿ" زىوة" كلاة معت فادار إذف" بيماسو بابلو" االسباين للفناف لوحة وى , الماتب اختارىا اليت الغالؼ لوحة ذلك يؤيد وما

رلاوعة تصور باأللواف مزدانة لوحة وى ", الشباب ريصة"عنواف وربا , 0848 عاـ رمسها كأهنم ويبدو, األرلجاء يف أشعتها ترس الشاس كأنو أوفر يرص حوؿ يتايصوف الشباب من

شغلت ويد, وحبورىم ريصهم تشاركهم كأظلا حوذلم تتناثر وأخرى أيديهم يف أزىارا ػلالوف خبط فيطالعنا العلوي اجلزء يف أما ,السفل الغالؼ ولجو من النصف يقارب ما اللوحة ىذه

.92لك المحبة", ص رواة "ت - 1

المدخل

17

ادلشهد على اآلخر ىو ليضف وأضبر بت بت بلوف لجاء ويد", زىوة" الرواية اسم عريض بارز اليت" رواية" كلاة صلد بروزا أي أسود وخبط يليال العنواف وربت, والفرح البهجة من مزيدا .األديب ولجنسو المتاب لنوع وتعيينا ربديدا لجاءت اخلط بنفس" السائح احلبيب" الماتب اسم صلد سباما الوسط ويف الصفحة أعلى ويف الغالؼ ولجو أسف ويف, الصوفية الرمزية من االسم ىذا ػلالو ما مع, احلجم وبنفس األسود

.الرواية نشرت اليت الدار وى " احلماة دار" واسم رمز يتاويع سباما الوسط يف السائح للحبيب ضاحمة وورة فتطالعنا ظهره يف أما, الغالؼ ولجو يف لجاء ما ىذا وورة وأسف , لجوانبها من الرواية يمتنف الذي والسعادة الفرح لجو يف األخرى ى تساىم حقيبة. وىراف إ ى رالجعت يدي يف يدؾ, وغدا: "فيو لجاء الرواية من مأخوذ نص ورد الماتب الولو ووات اجلت الرطب رضاب حيث, سبنطيط مث وتياياوف تاغيت بت شهر لسفرية واحدة .القاس الشااؿ شتاء عز يف الدؼء وليايل اإلشراؽ وضوء

نواف ولى إذ كلها توات يف األكرب الشيخ لجامع زيارة آثار من بطيب ادلشاعر مهدىد من فحظ فرح كنتة زاوية إ ى فهفا, خالقو من إال الفؤاد خايل, العطر احملراب يف االمتناف مع ساحبا, فردد األختة السبوع ليلة يف النادرة النسابت أحد دبخطوطة خزاناهتا إحدى

ك : »الشاىقة ادلنارة ربت, العشق الزمة, الرملية الساحة يف ادلنتشت والبارود الطب أوحاب ناـ بالساحة احمليطة الطوبية البيوت أحد سطح وعلى.« يلي يا ازه. أكثر واليـو, زىوة يـو

ك »األماف مساء آللئ ملتحفت شفتيو على لو وشوشت ربيعة فرأى العتيقة اجللد رائحة على !«".حي يا ازه. أكثر ـووالي, زىوة يـو

واليت, آنفا ذكرناىا اليت النصية العتبات مع متواطئا لجاء للرواية ادلصاحب النص وىذا يف ما ؼلفى ال أخرى لجهة ومن, والسرور والغبطة الفرح من جبو الرواية لتحيط كلها تتعاضد . الواضحة الروحية والنزعة, البت الصويف النفس من النص ىذا

احلبيب بالروائ فيها يشيد ماض أضبد للناشر مقتضبة كلاة صلد الغالؼ باطن ويف رواية نشر أف واعترب, الثاين اجلي من اجلزائريت الروائيت أبرز من كواحد يعتربه الذي السائح

.مشهده وإثراء اجلزائري الروائ ادلنت تطوير يف مساعلة ىو" زىوة" الماتب أورد حيث الرواية من الرابعة الصفحة يف لجاء ما للانت ادلصاحبة النصوص ومن

المدخل

18

:يل ما فيها لجاء" زرادشت تملم ىمذا" كتابو من" نيتشو" األدلاين للفيلسوؼ عبارة ."أيضا الالزمن لزمن نتملم وال, للحاضر نتملم فال ويدري أنا أما"

حت القارئ سيصادفو الذي والولجودي الفلسف بالبعد انطباع إعطاء أراد الماتب ولع . الروائ للانت ولولجو

الفصل األول

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الزمن

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

13

توطئة:

مفهـو الزمن: -1

اجتماعيا وثقافيا ,الزمن مفهـو فلسفي شغل اإلنساف منذ القدـ وذلك الرتباطو بو ارتباطا وثيقا, ىذا التحوؿ الذي غلعل احلاضر واقتصاديا, ومن معاين الزمن التحوؿ ادلستمر والتغت الدائم

فالدؽلومة عنده ىي الزمن ,, وىذا ما يعرب عنو "برغسوف" بالدؽلومةماضيا وادلستقبل حاضرافإف الدؽلومة "تقدـ مستمر دلاض يقرض لذلكدبعناه اإلغلايب احلقيقي زمن احلياة النفسية

ادلستقبل ويتضخم بتقدمو إذل األماـ, ودلا كاف ىذا ادلاضي دائم النمو كاف احتفاظو ببقائو غت . 1زلدود"

عتربه مثل كائن اسطوري يتقدـ يف اذباه يصور "برغسوف" الزمن تصويرا خطيا ويىذه الفقرة يف واحد إذل األماـ, فما نسميو مستقبال سوؼ يلتهمو ويأيت عليو ىذا الكائن العمالؽ يف تقدمو ادلستمر ضلو األماـ, فال يبقى من الزمن غت حلظة احلاضر وادلاضي ادلتضخم باستمرار إذل ما ال

هناية.

قع فيو احلوادث, وىذا الزمن ال وجود لو إال يف الفكر أيضا أنو الفضاء الذي ت الزمن ومن معاينوالعقل الذي بإمكانو إدراؾ التالحق والتعاقب منطقيا وواقعيا على مستوى األحداث أو على مستوى الوقائع, والوعي الباطت ىو الذي يرتب العالقات بت أقساـ الزمن الثالثة )ادلاضي

.واحلاضر وادلستقبل (

فية:الزمن عند الصو -2

شعوري, ذلك أف الصويف ػلاوؿ التخلص من أسر الزمن عند الصوفية يف جوىره زمن نفسي

.31, ص 3983هنري برغسون, التطور المبدع, ترجمة جمل صلبا, اللجنة اللبنانة لترجمة الروائع, بروت - 1

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

13

تعلق بالعادل العلوي, عادل احلقيقة اجملردة, فيستحيل الصويف روحا فيلجأ إذل الاحلواس العاجزة شفافة تسعى إلدراؾ نور احلق بالبصتة والوجداف, فيلغي الزمن ادلوضوعي الطبيعي ويلج

عوادل ميتافيزيقية تذىلو عن نفسو وعن جسده الفاين, وتربطو باحلق تبارؾ وتعاذل, وقد إذل , أي أنو منشغل دبا ىو أوذل 1"الصويف ابن وقتو" فقد قالوا: .ؼلتزؿ الزمن عند الصوفية يف حلظةؿ ىو الذي يرد على القلب التفريق بت الوقت واحلاؿ, "فاحلاببو يف احلاؿ, وقد اىتم الصوفية

من غت تعمد وال اجتالب...والوقت ال زلالة ػلتاج إذل احلاؿ, ألف صفاء الوقت يكوف .2باحلاؿ, كذلك فإف الغفلة ذبوز على صاحب الوقت وال ذبوز على صاحب احلاؿ"

س من كاف حبكم وقتو, إف كاف وقتو الصحو فقيامو بالشريعة, وإف ويرى القشتي أف "الكي .3ف وقتو احملو فالغالب عليو أحكاـ احلقيقة"كا

كأف القشتي يف ىذه الفقرة يشت إذل أف زمن الصويف زمناف: زمن الصحو, وزمن احملو.فإذا كاف يف زمن الصحو فقصارى علو معلق بتطبيق أحكاـ الشريعة وموافقتها يف شىت أموره

ا إذا كاف الصويف يف زمن احملو فإنو تكوف فهو منصرؼ إذل العبادة مفنيا فيها وقتو وجهده, أم, فهو يف ىذه احلالة 4"زليت رسومو, وفنيت ىويتو هبوية غته, وغيبت آثاره بآثار غته"قد

زلكـو بأحكاـ احلقيقة ال يعي ما يقوؿ وال يدرؾ ما يفعل.

:الروائي الزمن في األدب -3

رلاالت زمنية سلتلفة ترتبط الزمن اللغوي يف األدب ىو صيغ تدؿ على وقوع أحداث يف قد اىتم دارسو األدب بالزمن اىتماما بالغا دلا لو ارتباطا كليا بالعالقات الزمنية عند ادلتكلم. و

.71: ص 7من المجلد 13ابن عرب, الفتوحات المكة, الجزء - 1

.331هـ(, كشف المحجوب: ص 164ت -لهجوري)أبو الحسن عل بن عثمانا - 2

.41القشري, الرسالة القشرة: ص - 3

.433نفسه, ص - 4

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

11

من التجارب واالنفعاالت, ز من األثر الكبت يف الفنوف األدبية صبيعها ألف الزمن يف األدب ىو فهو إذف زمن ذايت ونسيب من مبدع آلخر, بدع,وزمن احلالة النفسية والشعورية اليت تالـز ادل

إذل ل باحلياة الداخلية للفرد واخلربة الذاتية لو, وهبذا يتحوؿ الزمن يف العملية اإلبداعية فهو زلم أداة طيعة يف يد ادلبدع تسهم يف بناء صباليات النص األديب وترتقي بو إذل مرتبة اخللود.

أف يتوفر على عنصرين ىامت, علا الزماف وادلكاف, إذ إف أي رواية بل أي عمل سردي ال بد لوقائع وأحداث وسبثيل عبارة عن نقلىو يؤدياف دورا ىاما وفعاال, ألف أي عمل سردي

وتصوير حليوات شخصيات يف حركتها وسكوهنا, وىذا ال يتحقق إال بوجود ىذين العنصرين .1ركاف أبنية أخرى يف ربقيق إمكانيات الرواية"ادلتداخلت الذين يتفاعالف ليشكال "بنيتت تشا

الدارسوف لألدب على التفريق بت القصة اليت ربوي أحداثا معينة, وبت الطريقة اليت حرص قد و , ولعل أوؿ من أشار إذل ذلك ىم الشكالنيوف الروس الذين فرقوا بت ربكى هبا ىذه القصة

لى النحو الذي ردبا حدثت عليو حدوثا فعليا يف "بت احلكاية ع "عادل السرد" و"عادل الواقع"احلكاية يف صورهتا حصر ذلا, الزماف وادلكاف يف خط شلتد من األحداث ادلتجاورة اليت ال

البيضاء احملايدة, وبت النص الفعلي الذي ظهرت فيو احلكاية: النص بكل ما فيو من فجوات قوا على األوؿ ادلبت احلكائي وعلى فأطل, 2وزلذوفات وتأكيدات وإعادة لتتيب األحداث"

الثاين ادلنت احلكائي وانتقل ىذا التقسيم إذل البنيويت الفرنسيت أمثاؿ "تودوروؼ" و"جينيت" , فالقصة ىي ادلادة األولية للسرد, أو ىي األحداث كما ليأخذ عندىم تسمية القصة واخلطاب

ما اخلطاب ىو البناء أو التشكيل وقعت يف احلياة أو كما يتصور وقوعها, بينيفتض أهنا السردي الذي يتم بواسطتو إدخاؿ تلك األحداث يف العمل األديب بعد إعادة ترتيبها وتأويلها.

زمن اخلطاب, أو زمن : زمن القصة و الزمن إذل زمنت على ىذا األساس قاـ النقاد بتقسيم و

.111 ص :سات ف القصة الجزائرة الحدثةعبد الحمـد بـوراو, منـطـق السرد, درا - 1

. 313-311ب ف معالجة فن القصة: ص دراسة لمناهج النقد األد السد إبراهم, نظرة الرواة: - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

11

وؿ زمن القصة أو زمن ادلنت احلكائي ىو , فالزمن األ1الوقائع وزمن القوؿ كما تقوؿ "ؽلت العيد"زمن ترتيب األحداث يف القصة, فهو زمن تسلسلي ؼلضع للتنظيم ادلنطقي لألحداث داخل

ال ؼلضع لذلك التتابع ادلنطقي, فهو احلكائي أو زمن ادلبت اخلطاب , بينما زمن القصة .يتعلق بأسلوب الكاتب والتقنيات اليت ؽلارسها يف عرضو لألحداث

ى ؛ زمن خارجي وزمن داخلي, وكل زمن يتشظ والزمن يف العمل السردي ينقسم إذل زمنتوضع –زمن القراءة –بدوره إذل عدة أزمنة " أزمنة خارجية)خارج النص(: زمن الكتابة

بالنسبة للفتة اليت يقرأ عنها, وأزمنة القارئوضع –الكاتب بالنسبة للفتة اليت يكتب عنها خل النص(: الفتة التارؼلية اليت ذبري فيها أحداث الرواية, مدة الرواية, ترتيب داخلية )دا

.2"زامن الفصوؿ...اخلتاألحداث, وضع الراوي بالنسبة لوقوع األحداث,

دراسة الزمن الروائي: -4

الدارسوف للرواية على دراسة التشكيل الزمت من خالؿ مقوالت ثالث ىي: التتيب دأب قدل اـ(, ادلدة )االستغراؽ أو الدؽلومة(, التواتر )أو التكرار(.)أو النظ

الترتيب الزمني )النظاـ(: 4-1

عن التمييز بت ادلبت احلكائي )اخلطاب( وادلنت احلكائي )القصة( التمييز بت زمن لقد ترتب صور السرد وزمن احلكاية, فإذا كاف زمن احلكاية ؽلثل ترتيب األحداث وفق وقوعها, أو وفق تىذا ,وقوعها قبل أف تصبح نصا مسرودا, فإف زمن السرد ؽلثل التجسيد الفت لزمن احلكاية

فق تقنيات متعددة تعيد ترتيب األحداث, وربدد ظهورىا عرب نظاـ جديد.التجسيد يتم و

ألف األحداث وبت الزمنت تفاوت كبت إذ قلما ػلدث توازف تاـ بت زمن السرد وزمن احلكاية

.71منى العد, تقنات السرد الروائ ف ضوء المنهج البنوي: ص - 1

.11سزا قاسم, بناء الرواة, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

14

ن احلكاية زبضع لتتابع منطقي و سبيب, بينما ال يتقيد زمن السرد هبذا التتابع ادلنطقي يف زمت النمطية والسببية ادلنطقية, و يسعى إذل إقامة فضاء متداخل نزع ضلو تكسألف منطق الكتابة ي

و معقد.

قات و من ث فقد أصبح الزمن عند الروائيت اجلدد يشكل شبكة متابطة ومتداخلة من العال" نسج ينشأ عنو سحر, ينشأ عنو عادل, ينشأ عنو وجود, أنو اليت تصنع نسيجا منوعا, ذلك

صبالية سحرية, أو سحرية صبالية... فهو حلمة احلدث و ملح السرد, و صنو احليز و وينشأ عن (1)قواـ الشخصية."

رواية تشكيال سي من تشكيل الإف ترتيب سرد األحداث يف الرواية وأولوية ذكرىا جزء أسا" .2أساسا على مهارة الكاتب و إتقانو حلرفتو", وىو يعتمد فنيا

فارقة زمن السرد مع زمن احلكاية أو ما يسمى ادلفارقات الزمنية دبوىكذا ػلدث ما يسمى القصة وترتيب السردية اليت يعرفها "جتار جينيت" بأهنا "سلتلف أشكاؿ التنافر بت ترتيب

.3احلكاية"

دأ تبألف الراوي قد ي نات اليت يتيحها التالعب بالنظاـ الزمت,افارقة الزمنية ىي اإلمكإذف فادلأو االنطالؽنقطة تالدارس عضسميو بي السرد أحيانا بشكل يطابق زمن احلكاية, و ىذا ما

تاـ نقطة الصفر و يعرفها جينيت بأهنا "نوع من درجة الصفر اليت قد تكوف حالة توافق زمت .4كاية و القصة وىذه احلالة ادلرجعية افتاضية أكثر شلا ىي حقيقية "بت احل

وقد يقطع الراوي السرد ليستبق األحداث قبل وقوعها الطبيعي يف زمن القصة وىذا ما يسمى

.378 عبد المالك مرتاض, ف نظرة الرواة: ص - 3 19سزا قاسم, بناء الرواة, ص - 2

17جرار جنت, خطاب الحكاة, ص - 3

نفسها. - 4

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

16

وىذا ما ليعود إذل أحداث ماضية وسابقة عن نقطة االنطالؽاالستباؽ, وقد يقطع السرد اع أو االستذكار, وكل مفارقة سردية ذلا مدى وسعة:يسمى االستج

بداية األحداث ادلستجعة أو بت نقطة انقطاع السرد و الفاصل هو اجملاؿ الزمتف ادلدىفأما هي ادلدة اليت تغطيها ادلفارقة يف ف السعةوأما ادلتوقعة, وتقاس بالسنوات والشهور واألياـ.

قصتة وىذه تقاس بالسطور والفقرات والصفحات.اخلطاب السردي وقد تكوف طويلة أو

إذف "فنقطة بدء السرد ىي ادلقياس الذي يبت عليو ما يقع من األحداث يف احلاؿ, وما يقع خالؿ عناصر ثالثة وىي: من الزمتطالقا من ذلك تدرس مقولة التتيب ن, وا1قبل أو بعد"

ن الطبيعي يعت وقوعهما يف نفس اللحظةبت حدثت أو أكثر يف الزم التزامنإف التزامن: -أوشلكن احلدوث, لكن التزامن يف العمل السردي ال وجود لو يف وىذا مقبوؿ يف احلياة الواقعية

احلقيقة, حيث ال ؽلكن سرد حادثت يف الوقت نفسو, فكاف لزاما على السارد أف يتجم ذلك وزمن ها آنفا حلظة توافق بت زمن احلكايةإذل تتابع, وؽلكننا اعتبار نقطة الصفر اليت ربدثنا عن

الرواية, وىي تشكل النقطة افتتاحيةاخلطاب, وىذه النقطة ادلرجعية غالبا ما تكوف يف األساسية يف قياس ادلاقبل وادلابعد, ودبجرد أف يبدأ زمن األحداث يف التذبذب صعودا أو ىبوطا

تنتهي نقطة االنطالؽ.

يلجأ إليها الراوي فيقـو بعملية " إيقاؼ السرد عند نقطة ما فنيةىو تقنية االسترجاع: -بوالعودة إذل الوراء من حادثة ما تقع قبل نقطة االنطالؽ أو بعدىا ويستمر السارد يف السرد

.2حىت يصل إذل نقطة االنطالؽ أو يتجاوزىا"

إذل حت يلجأترى بأف الراوي وتطلق "ؽلت العيد" مصطلح التذكر للداللة على االستجاع, و

.136, ص 3114إسماعل زردوم, فن الرحلة ف األدب المغرب القدم, رسالة دكتوراه, باتنة - 1

. 136المرجع السابق, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

17

ليفتح على زمن ماض ىذه التقنية فهو يقـو بكسر زمن قصو أو يكسر حاضر ىذا القص ادثة أ , ذلك أف الراوي عند وصولو يف السرد إذل حادثة ب مثال يتوقف ويرجع إذل ح1لو

( ىو كل عودة للماضي ربيلياالستذكار السرد أو فاالستجاع )وقعت زمنيا قبل احلادثة ب, داث سابقة على النقطة اليت وصلت إليها القصة.أح على

ويرى "جينيت" أف "كل استجاع يشكل بالقياس إذل احلكاية اليت يندرج فيها)أو اليت ينضاؼ .2إليها( حكاية ثانية زمنيا, تابعة لألوذل"

, وؽليز الدارسوف ثالثة أنواع من االستجاعات: استجاع خارجي يعود إذل ما قبل بداية الروايةواستجاع داخلي يعود إذل ماض الحق لبداية الرواية قد يتأخر تقدؽلو يف النص, واستجاع

.3مزجي غلمع بت النوعت السابقت

ولالستجاع وظائف أعلها: سد بعض الفراغات اليت ربصل يف القصة وذلك للمساعدة على دخلت عادل فهم مسار األحداث وذلك "بإعطائنا معلومات حوؿ سوابق شخصية جديدة

من مسرح األحداث ث عادت للظهور من القصة أو باطالعنا على حاضر شخصية اختفتسبق أف تطرؽ إليها فيكررىا بغرض . وقد يلجأ الراوي إذل العودة إذل أحداث ماضية4"جديد

التذكت أو إلعطاء داللة جديدة وتفست آخر لبعض األحداث السابقة.

ل ظهورا يف الرواية من االستجاع, ذلك أنو يتعارض مع أقظاىرة االستباؽ االستباؽ: -جويعرؼ "جينيت" االستباؽ –على رأي سيزا قاسم -عنصر التشويق الذي ؽلثل عصب الرواية

.71منى العد, تقنات السرد الروائ, ص - 1

.61جرار جنت, خطاب الحكاة, ص - 2

.41سزا قاسم, بناء الرواة, ص - 3

.333راوي, بنة الشكل الروائ, ص حسن بح - 4

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

18

, فاالستباؽ أو 1بأنو "كل حركة سردية تقـو على أف يروى حدث الحق أو يذكر مقدما"سابقة مقطع حكائي يروي أحداثا ىو كل –كما يسميو حسن حبراوي –السرد االستشرايف

من عن أواهنا, أو ؽلكن توقع حدوثها, أو بعبارة أخرى فإف االستباؽ ىو "القفز على فتة ما ذباوز النقطة اليت وصلها اخلطاب الستشراؼ مستقبل األحداث والتطلع إذل ما زمن القصة و

.2سيحصل من مستجدات يف الرواية"

قا من نقطة التوقف اليت وصلها السرد إذل نقطة دل يبلغها بعد القفز انطال إذف فاالستباؽ ىوكانت بعد نقطة النهاية أما إذاداخليا, و باقا فإف كانت ىذه النقطة قبل النهاية مسي است

.خارجيا باقااست ىفيسم

, فإف وجد القارئ ىذا االستباؽ : مؤكد ومزيفنوعاف -حبسب وقوعو وحدوثو –واالستباؽ مؤكد, وإال فهو مزيف. ود فهويف ادلكاف ادلوع

ويرى بعض الدارست أف االستباؽ "يقـو بوظيفة اإلعالف عندما ؼلرب صراحة عن سلسلة .3األحداث اليت سيشهدىا السرد يف وقت الحق"

ودور اإلعالنات خلق حالة انتظار يف ذىن القارئ, ىذا االنتظار قد ػلسم فيو بسرعة أحيانا يف هناية الفصل وزبربنا عن اليت صلدىا اإلعالنات دلدى, مثل تلكا ةقصت اتيف حالة اإلعالن

ويف أحياف أخرى قد تطوؿ حالة االنتظار حىت تصل الفصل ادلوارل, بداية أحداث تطالعنا يف إذل مئات الصفحات أو أكثر, وػلدث ذلك يف حالة اإلعالنات بعيدة ادلدى.

ة ترتيب ػو خلخلػى اؽػاع واالستبػن االستجػل مػك وػذي يلعبػاس الػدور األسػوؿ أف الػل القػورلم األحداث يف النص الروائي لغاية فنية يسعى إليها الكاتب.

.43جرار جنت, خطاب الحكاة, ص - 1

.313حسن بحراوي, بنة الشكل الروائ, ص - 2

.317نفسه: ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

19

الديمومة(: االستغراؽ الزمني)المدة, 4-2

أي السرد االستغراؽ الزمت ىو اإليقاع الزمت للسرد, وىو يتعلق بادلقارنة بت زمن القصة وزمنبت احليز الذي تأخذه يف النص من أسطر وقعت و فتض أهناي بت زمن األحداث كما

ىل نقيسو بزمن القراءة وصفحات, وفقرات وصبل, ولكن كيف ؽلكن أف نقيس زمن السرد؟مثال؟ إذا كاف األمر كذلك فسنأخذ بعت االعتبار القراءات السريعة والقراءات البطيئة وغتىا,

, ألجل ذلك 1من القراءة يف ربديد االستغراؽ الزمت "لذلك يرى بعض الدارست أنو "ال عربة بز دراسة اإليقاع الزمت من خالؿ التقنيات السردية اآلتية:اقتحوا

تتمثل اخلالصة يف اختزاؿ أحداث وقعت على مدار أياـ أو أشهر الخالصة)التلخيص(: -أ ه األحداثأو سنوات يف صفحات أو أسطر قليلة, دوف التعرض للتفاصيل اليت صاحبت ىذ

"السرد يف بضع فقرات أو بضع صفحات لعدة أياـ أو شهور أو سنوات من الوجود, دوف أي .2تفاصيل أعماؿ وأقواؿ"

واخلالصة عادة تتعلق بأحداث وقعت يف ادلاضي يعرضها الكاتب مركزة ورلملة دوف أف ؼلوض عة النص.يف تفاصيلها وجزئياهتا, وكلما زادت ادلدة ادلعنية بالتلخيص زادت سر

ويكوف فيو زمن السرد أصغر الهنائيا من زمن القصة, ألف زمن السرد الحذؼ)القطع(: -بكمن يف األحداث اليت ؽلكن تصورىا أو توقعها وال يأيت النص ييف ىذه احلالة يكوف متوقفا, و

, وقد يكوف احلذؼ صرػلا يصدر عن إشارة زلددة أو غت زلددة, وأحيانا يكوف على ذكرىاوتسمي "ؽلت العيد" ,ا يستنبطو القارئ من خالؿ مقارنة األحداث بقرائن احلكي نفسوضمني

" يف ىذه احلاؿ يكوف الزمن على مستوى الوقائع زمنا طويال : تعرفو بقوذلا القفز وىذه التقنية

.76حمد لحمدان, بنة النص السردي من منظور النقد األدب: ص - 1

.319جرار جنت, خطاب الحكاة: ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

11

.1أما معادلو على مستوى القوؿ فهو جد موجز, أو أنو يقارب الصفر"

رواية يكوف فيو زمن السرد مساويا لزمن القصة, وىو مقطع وىو مقطع من ال المشهد: –ج حواري يف الغالب يكوف يف تضاعيف السرد الروائي, فادلشهد يشكل اللحظة اليت يكاد يتطابق

جاة ا, وادلشهد قد يكوف أيضا منفيها زمن السرد مع زمن القصة من حيث االستغراؽ الزمتدلفصل لألحداث والوقائع مشهدا أيضا حسب ذاتية يف بعض األحياف, كما يعترب السرد ا

أف كلية النص الربوسيت ؽلكن أف ربدد بأهنا جينيت, إذ نراه يقوؿ عن نص "بروست" : ", على أف ال يكوف ىذا السرد 2"مشهد, بادلعت الزمت الذي نعرؼ بو ىنا ذلك ادلصطلح

س القارئ.ادلفصل وصفا, وأف ال يطوؿ أكثر من الالـز حىت ال ػلدث ملال يف نف

وىي زلطات معينة ػلدثها الراوي بسبب اللجوء إذل الوصف الوقفة)االستراحة(: –د فالوصف عادة يقتضي انقطاع الستورة الزمنية لألحداث ويعطل حركيتها, وذلك يعت أف زمن

األحداث قد توقف يف حت أف اخلطاب يستأنف سته إذل األماـ.

مدة ...حيث ال يوافق مقطع ما من اخلطاب السردي اي الوقفة إذف ىي "ذلك البطء ادلطلق, حيث تتيح اجملاؿ للوصف كي يضيف إذل اخلطاب صفحات أو أسطرا, يف حت 3"يف القصة

منتظرا الوصف حىت ينهي مهمتو كي يستأنف ىو نفسوحوؿ يبقى الزمن السردي كالدائر مدد اللغوي, وقد ػلدث بشكل والوقفة قد تنتج أيضا عن االستطراد يف اخلرب, أو الت سته.

ـو بالوعظػر أو يقػػى آخػػوع إلػػوضػػن مػػاؿ مػػاف, أو االنتقػة أو مكػف شخصيػد وصػاجئ عنػمف

. 4واإلرشاد أو يستسل مع حديث النفس, أو يفسر ألغازا, أو يشرح كلمات

.83السرد الروائ: ص منى العد, تقنات - 1

.331جرار جنت, خطاب الحكاة: ص - 2

.318نفسه: ص - 3

.171إسماعل زردوم, فن الرحلة ف األدب المغرب القدم: ص - 4

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

13

أف نقسمها حسب غلدر بنا أف نشت إذل أف التقنيات السردية اليت ربدثنا عنها آنفا ؽلكنالسرد والست بو إذل األماـ أما تسريع احلذؼ يعمالف على دورىا يف وتتة السرد, فاخلالصة و

.ادلشهد والوقفة فيعمالف على تبطيئو

احلركة الداخلية للزمن تشتمل على بعدين زمنيت متقاطعت: بعد أف ويرى "حسن حبراوي"مثلو التغتات الزمنية العارضة اليت تلحق القصة دوف أما البعد األفقي فت أفقي وبعد عمودي,

اخلطاب شلا يستدعي حدوث إحدى ادلفارقتت, االستجاع الذي يعود باخلطاب إذل الوراء الستعادة فتة ماضية, أو االستباؽ الذي يتقدـ إذل األماـ ليستشرؼ فتة مقبلة أو أحداثا

قد تتحقق أو ال تتحقق. قادمة

ء كانت إذل الوراء أو إذل األماـ تتم دائما على حساب النظاـ الزمت للسرد وىذه احلركة سوا الذي ذبعلو عرضة للتقلبات والتداخالت.

وأما البعد العمودي فتمثلو التغتات اليت تطرأ على القصة واخلطاب معا, حيث يتعلق األمر األحداث, واختزاال بوتتة ست األحداث, ففي حالة التسريع يكوف اخلطاب اختصارا لكثافة

دلوضوعها كما يف تقنييت اخلالصة واحلذؼ, بينما يف حالة اإلبطاء غلري تعليق زمن القصة مؤقتا .1لتمديد وسبطيط اخلطاب عرب استخداـ تقنييت ادلشهد والوقفة

:التواتر 4-3

ر ػػأف الكثي, يف حت 2يعترب جتار جينيت التواتر مظهرا من ادلظاىر األساسية للزمنية السردية روا يف دراستهم دلقولة زمن القص على ػل اقتصػر بػػد التواتػػوا عنػن دل يقفػاد والباحثيػن النقػػم

. 3التتيب واالستغراؽ

.396, 394نظر حسن بحراوي, بنة الشكل الروائ: ص - 1

.339جرار جنت, خطاب الحكاة, ص - 2

.84سرد الروائ ف ضوء المنهج البنوي: ص منى العد, تقنات ال - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

13

عالقات التكرار بت اخلطاب والقصة, أي بت ما يتكرر حدوثو من أحداث يدرس التواتر من جهة أخرى, وعلى ضوء جهة, وعلى مستوى اخلطاب من وأفعاؿ على مستوى القصة

:يتمظهر فيها التواتر ىذه العالقات أمكن ربديد أربع حاالت

مستوى على مرة واحدة وقع مستوى اخلطاب ما واحدة على أف يقص الراوي مرة -أالقصة, ويف ىذه احلالة العبارة الواحدة تعادؿ الفعل الواحد أو احلدث الواحد, وىو ما صلده

بكثرة يف القص.

مرات, فالراوي يورد عدة عبارات ليعرب ات ما حدث أو وقع عدةر أف يقص الراوي عدة م -ب .1عن عدة أفعاؿ " أي أنو يكرر على مستوى القوؿ ما جرى تكراره على مستوى الوقائع"

أف ؼلرب الراوي عدة مرات ما جرى حدوثو أو وقوعو مرة واحدة, وىذا التكرار قد يأيت يف -ج يف عدة مواضع من الرواية.موضع واحد أو

مرات, وىذا النمط قليل أف ؼلرب الراوي يف مرة واحدة عن حدث جرى وقوعو عدة -د احلضور يف األعماؿ الروائية.

"تلك المحبة" الصوفية من خالؿ الزمن في رواية الرؤيةأوال: تجليات

الزمن السردي فيها تمن الصعوبة دبكاف القبض على النسق الزمت يف ىذه الرواية, إذ يتفل , ذلك أف ترتيب األحداث فيها دل يكن على شكل متواليات حكائية أؽلا تفلت على الدارس

تأيت وفق نسق زمت متصاعد خاضع لنظاـ التعاقب, ولكن على العكس من ذلك جاءت علينا معو ادلستقبل متداخلة, إذل احلد الذي يستعصي -احلاضر -أنساؽ الزمن الثالثة: ادلاضي

يطالعنا زمن القص, إذ ربديد رلاؿ زمت ذلذا النص الروائي, او نقطة بداية موضوعية يبدأ هبا

.84منى العد, تقنات السرد الروائ ف ضوء المنهج البنوي: ص - 1

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

11

بقولو: منذ البداية السارد

" قالت ال أعرؼ لعمري تقويما في ىذا الزمن, فقد أكوف ولدت مع دفقة الماء األولى ي الشماؿ.وقد تكوف صرختي األولى سمعت ف ,التي انساحت في ىذه األرض البعيدة

ليس يهم أىل الشأف أف أنسب إلى أب أو أف تعرؼ لي أـ, فحسبي ال ثلم فيو. وإنما كنت بقدرة الحق كنت, وبالنجدين اىتديت, ولكني بالهوى ضللت, لذا ما حييت

يقولوف كاف ذلك منذ طلوع أوؿ شمس, يـو طارت حمامة بين الشجرة المغفرة طلبت .1"فق بالنور فكنتالممسوسة بنار وبين النبع المتد

منذ كاف منذ بدء احلياة, , أييشت السارد ىنا إذل أف "أدرار" تكوف قد بدأت منذ األزؿ بعد الطوفاف الذي عم األرض يرسل تلك احلمامة نوح )عليو السالـ( ال يزاؿ يف السفينة غصن زيتوف فغدت رمزا للسالـ. منقارىاتستطلع اليابسة, حىت جاءت يوما ويف

أف ىذه ادلرأة اليت ربدث عنها "السائح" " ترمز إذل اجلزائر العميقة اليت بعض الدارست ويرى ىذه ادلرأة اليت سبثل اجلزائر العميقة, جزائر , 2ىي الذات اليت يسعى يف ىذه الرواية إذل معرفتها"

ادلنتهية. الصحراء شلثلة يف "أدرار" وقفارىا الشاسعة ادلتامية األطراؼ يف حبر من الرماؿ غت

وىيمنة االسترجاع: "تلك المحبة"

اد, ػػة, األوتػػاء, األئمػػاب, األوليػ: األقطةػػوز الصوفيػػح بالرمػرة تطفػة" بفقػػ"تلك احملب ةػػرواي تبدأستغفر أ"جاء يف افتتاحية الرواية ما نصو: ., فالنفس الصويف فيها واضح وجلي احلكماء....

بيبو, وأبتغي مرضاة األقطاب واألولياء واألئمة واألوتاد, الحق وأرتجي الشفاعة من حوالحكماء والصالحين والصوفية والزىاد, ورجاؿ الرمل والماء والفقرا واألعماد,

.31رواة "تلك المحبة": ص - 1

.377آمنة بلعلى, المتخل ف الرواة الجزائرة: ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

11

إلى الخلق مركن, واألحباب والقراء من األوالد إلى األحفاد. فإنما أنا للخالق مذعن, والعوف أخضر, ممعن, وباللغة ملسن, بساطا من بمرضاة الوالدين الشريفين تمتد لي و

.1وباألسماء ممكن, وللمطامع ممهن"

توحي لنا ىذه الفقرة بأف الزمن احلاضر, أي زمن القراءة أو على األقل زمن الكتابة ىو زمن أو نقطة بدء السرد. القص, أي ىو "نقطة الصفر"

يف الفقرة الثانية مباشرة صلد السارد يقوؿ:

مع عن الغوابر والحوادث ما كاف اإلنساف منها قد فعل أو الجاف عما يقر في س ثأحد " قد صنع, وبين وطن ىذا وذاؾ عرؽ من الرمل يمتد برزخا, كلما ىبت الريح مرطتو فالتقى

.2"بعض ذاؾ ببعض ىذا وحدثت الخوارؽ

عن زمن غابر يعود إذل أحقاب بعيدة ضاربة يف أعماؽ التاريخ,السارد ػلدثنا يف ىذه الفقرةتقامسها اإلنس واجلن, فسكن البشر ادلدينة وتفرقت اجلن يف القفار والفيايف "توات"وكيف أف

ىو لغةيف اللربزخ ومعلـو أف ا , وبينهما عرؽ من الرمل ؽلتد برزخا بت العادلت,هبا احمليطةت الدنيا الربزخ : ما بت كل شيئت. الربزخ : ما ب " : , ويف اللساف صلد3"احلاجز بت الشيئت"

.4" واآلخرة قبل احلشر من وقت ادلوت إذل البعث, فمن مات فقد دخل الربزخ

ل بت الشيئت ويعرب بو عن عادل ادلثاؿ, أعت احلاجز بت ػئاحلا" : وػة فهػػد الصوفيػعن رزخػالبا ػأم 5" األجساد الكثيفة وعادل األرواح اجملردة, أعت الدنيا واآلخرة

.33تلك المحبة, ص - 1

. 33تلك المحبة, ص - 2

.84مختار الصحاح, ص - 3

.174, ص 3لسان العرب, الجزء - 4

.34, ص اصطالحات الصوفة - 5

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

14

.1"شهود بت عادل ادلعاين وعادل األجساـالعادل ادل" أو ىو:, عادل وقد وظف الكاتب الربزخ شلثال يف عرؽ الرمل ىنا دبفهومو الصويف فهو عادل بت عادلت

, وعادل الغيب أو عادل ما وراء الطبيعة الواقع أو عادل الطبيعة رلسدا يف سكاف ادلدينة من البشرت العادلت وؽلنع أي اتصاؿ بينهما, فإف حدث سباس شلثال يف عادل اجلن, وىذا الربزخ يفصل ب

فإظلا ىو اختاؽ من بعض البشر ادلميزين وحينها ستحدث اخلوارؽ. ويف أثناء ذلك يعود بنا السارد إذل ماضي مدينة أدرار وسكاهنا:

, يروف الحرب وال كما يزىر الشوؾ"أولئك يتنبت الصبر من أنفاسهم على مكاريو الزمن وألسيادىم يحملوف أسلحة بها ال يغزوف أو يصيدوف, وفي تعداد من نكبيدخلونها

إلى سخرتهم يـو ىلك, فجاء يرتدوا كانوا قبل أف 2مد التلمسانيحالموسويين بيد م .3ب في مناراتهم"يبالمحمديين ورشق الصل بعد ذلك من نكل من

, ث " على يدي زلمد التلمساين, مثل نكبة اليهود يف بالد "تواتوىنا يشت إذل أحداث بعينهاإذل رلاىل الصحراء وتنكيلو يعرج على ذكر احلمالت التنصتية اليت رافقت االستعمار الفرنسي

بسكاهنا ادلسلمت واضطهادىم, وىكذا يستمر السارد يف ىذه االستجاعات اخلارجية فيتحدث عن نشأة "أدرار":

فقد أكوف ولدت مع دفقة الماء األولى " قالت ال أعرؼ لعمري تقويما في ىذا الزمن, , 4", وقد تكوف صرختي األولى سمعت في الشماؿالتي انساحت في ىذه األرض البعيدة

فالزمن الذي أمل, عبثا ضلاوؿ تلمس أثر لزمن طبيعي ؽلكن التعويل عليو فال نعود إال خبيبة و

.379, ص نفسه - 1

على استولواهـ(, ولد بتلمسان ثم ارتحل إلى توات وبها وجد الهود قد 919 -هـ 791هو محمد بن عبد الكرم المغل التلمسان) - 2

وأحرق كنائسهم, كانت وفاته بأدرار وبها دفن. مقالد األمور وعاثوا ف األرض فسادا فثار ضدهم ونكل بهم

.31-33تلك المحبة, ص - 3

.31نفسه, ص - 4

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

16

بت أصابعك. يتحدث عنو ىو زمن ىالمي سبكسو بيدؾ فال تدري كيف يتفلت من

يف فقرة أخرى يظهر ىوس السارد بالزمن فيقوؿ:

"فاذكر وال تغفل أني التقيتك في بعد زماني, فتخلص من كل مكاف وتنس كل فضاء, .1" ك قيافتيبحكايتي أو تغرن وال تنشغلن بآت وال ماض, فإنما الدنيا دنو, وال تنبهرف

ىو غت الزمن الطبيعي الواقعي, إنو األختة ولكن الزمن الذي يتحدث عنو الكاتب يف الفقرة, زمن حلمي, ىو الزمن بادلنظور الصويف يتخذه الكاتب مطية ليظهر مدى حبو ألدرار ووذلو هبا

...أدرار اليت سبثلها يف صورة امرأة راح ومبادلتها لو حبا حبب -حسب تصوره -وبعشقها لوومقتفيا آثار رجاالت األدب الصويف الذين يتغزؿ هبا ويصف مفاتنها مستلهما التاث الصويف,

, ذلك أف "موضوع ادلرأة من أىم ادلوضوعات اليت ربلق ازبذوا من ادلرأة رمزا للحقيقة اإلذلية .2التجربة الصوفية يف أجوائها"

وحت نبحث عن تاريخ بناء ادلدينة )أدرار( يف ثنايا الرواية ومن خالؿ حديث السارد, فال :ف يكوف إشارات مبهمة ال تشفي الغليل, بل تكاد تزيدنا غموضا وضبابيةيعدو ىذا احلديث أ

"ولم يذكر صاحب كتاب وال مصنف من بنى المدينة التي نزلتها, كأنها حطت طفرة, فإنو إال في الرجل مثل الفلك ال مرساة لو ال يعرؼ لها تاريخ بدء. ولكن أىل الشأف يقولوف:

ل في شاطئ لها بال بحر نزؿ في جسدي شعاع رجل ميناء امرأة. وزعموا أني كنت الظروف ػػػة ينتظػلػا نخػػهػػونػي ويسمػػتػوف مثيلػػاروا يغرسػػوا فصػػروا فتلبثػػي فانبهػػي أنوثتػػغ علػفأسب

.3"تذكيرىا ثم يصيحوف ىي.

.31, ص تلك المحبة - 1

.313طاب الصوف وآلات التأول, ص خعبد الحمد همة, ال - 2

.31نفسه, ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

17

ىذه ادلدينة اليت دل تذكر الكتب وادلصنفات ذلا تاريخ بداية, وال ربدثت عمن بناىا وشيدىا, ويف لفظة "حطت" إػلاء وتلميح إذل أهنا ليست ت طفرة""كأنها حط فهي قد وجدت ىكذا

.من صنع البشر, بل جاءت من فوؽ, من عادل غت عادل البشر

ويستمر السارد يف استخداـ الرمز الصويف, رمز ادلرأة ورمز النخلة وكيف تتماىى ىذه بتلك ة.فتستحيل ادلدينة امرأة وربوؿ ادلرأة طلل

من سبقو و"جميع من حل بها وجد قبلأف إذف ال يعرؼ ذلا تاريخ بدء ذلك مدينة أدرارإليها. ويـو سئل الزناتي في قصره التحتاني عن األمر قاؿ دخلها جدي األوؿ إثر ىجرتو األولى إليها فرارا من طغياف النازلين من البحر منذ عشرين قرنا فوجد فيها قوما

1هم لم يكونوا السابقين إليها"استوطنوىا فقالوا إن

خلت. اادلدينة ؽلتد ألكثر من عشرين قرنيف ىذه الفقرة األختة تصريح بأف عمر

وضلن نعلم أنو –ويف أوؿ تصريح واضح يتحدث الكاتب عن عالقتو بأدرار وبداية قصتو معها فيقوؿ: – 3991دل يدخلها قبل

الكلمات تصلني مثل صرصرة )أـ قرين( أو أدخلها في قد كنت رأيت أدرار قبل أف "وحسيس أجراس في العاصفة تنتتر نفسها من سطور كتاب أصفر الصفحات تورقو يد من

.2ضياء ورمل"ات السابقة, فهو ػاعػس مدى االستجػس بنفػا, وإف يكن ليػػارجيػا خػاعػل استجػرة سبثػذه الفقػى

ال يلبث أف يعود بنا مرة أخرى إذل استجاعات , ولكنويعود إذل سنوات قليلة قبل دخولو أدرار ال نعرؼ مداىا:

.31تك المحبة. ص - 1

نفسها. - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

18

"كاف أجدادي أىل تجارة وسادة قوافل وسدنة سوؽ توات لم يكن بعدىا سوؽ شماال . 1وال جنوبا, أبدعوا لها تراتيب عجيبة في البيع والمقايضة"

ضي, مثل قصة ويف أحياف أخرى يوقف السارد عجلة السرد ليعيدنا إذل قصة وقعت يف ادلاعليهم حكمتو يف ض النصراين الذي تلبس بلبوس اإلسالـ واندس بت ادلسلمت يف أدرار, يعر

"أحكي لك عن واحد منهم تسمى بمصطفى وانتسب إلى األصل الطب حىت كشف أمره: الشريف من بعد ما اندس على صاحب العرش في مراكش, فأوصى لو على ختم منو

.2"كشفت أمره عبدة وسيمة كانت في يمين جديبمكرمة عندنا واستجارة,

وىكذا يستمر الراوي يف استجاع أحداث ماضية تلقي الضوء على جوانب من تاريخ أدرار , بل يكاد يالمس فيها السرد التاريخ وساكنتها, أحيانا تكوف تلك األحداث قريبة من الواقع

د ما تكوف عن الواقع, كأظلا يتماىى معو, ويف أحياف أخرى تكوف األحداث ادلستجعة أبعاستجعها من حلم بعيد, يطلق فيها العناف خليالو مالمسا األسطوري والعجائيب فيحدثنا عن

الصوفية الذين ركبوا اخلياؿ فجمح هبم بعيدا يف , ىو أشبو ما يكوف بعوادلعادل غت ىذا العادلعادل اخلياؿ ىو عادل األحالـ يرى أف عريبعادل ادللكوت, فهذا الشيخ األكرب زلي الدين بن

إليو, مثل الشبح الذي ال ؽلكن دلسو وال ؽلكن الوصوؿ ,حيث كل شيء ال يزاؿ أصليا, أشكاؿ ذلا معت بدوف حضور لإلدراؾقابلة ىي أشكاؿ "األشكاؿ ادلتخيلة مثل األحالـ, و

إهنا مرئية ومع ادلرآة مثل الصورة يف ,دة الصافيةية الصافية وال باجملر مادي. فهي ليست باحلس , مرئية ولكن بدوف جسد, مثل سراب خادع, موجود وال ؽلكن الوصوؿ ذلك ىي ليست ىناؾ

.3"إليو

.33ص ,تلك المحبة - 1

.31ص , نفسه - 2

.111, ص 3ابن عرب, الفتوحات المكة, ج - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

19

وكاف من ," بعثهم معلم المملكة طائفة من اجلن الذينعن السارد حديثمن ىذا القبيل اف جندا وأرسلهم في البلد, بعد أف أالف قلوبهم لإليماف ومكنهم علم اإلتياف اإلنس

غيرىا تاركين فيها أنفاسهم ىاف من بطش الذين كفروا من الجاف, ثم جلوا عنها إلملألم روح منهم ال يزاؿ تسكن الطوب, ما دخلها بشر من بعدىم إال نشقوىا فتنفس فيه

.2لعشرين قرنا خلت" 1السر كما يجري ماؤىم في فقاراتهمبيسري فيهم

"عشرين قرنا", وىذا للتأكيد الرقمىذا أخرى كر مرةيف النص السابق نالحظ أف الكاتب يذ على أف تاريخ ادلدينة ضارب يف القدـ.

"تاريخ "أدرار ,وىكذا يستمر الراوي يف استجاعات خارجية بعيدة ادلدى يستنطق فيها التاريخوين ؼلصص الباب الثاين من الرواية وادلوسـو بػ"ك, لذلك صلد الكاتب ادلدينة وتاريخ توات كلها

عن قصة اليهود واستيطاهنم يف منطقة توات, وعن رل أندلسا بت توات والقدس" للحديث, ورلمل القوؿ أف ىذا الباب زلمد التلمساين وأسباب نقمتو عليهم, وكيف نكل هبم وشردىم

ة من تاريخ أدرار عمد "احلبيب استجاع ألحداث ماضية تلقي الضوء على جوانب مهم ا إؽلانا منو أف بناء احلاضر يبدأ من نبش ادلاضي, وؼلتم الكاتب ىذا الباب السائح" إذل إدراجه

الذاكرة على للحفر يف دبثابة ميثاؽ ؼلاطب فيها أدرار تعلوىا نربة صوفية واضحة, ىيبعبارة

, يقوؿ يف ىذه العبارة ما نصو:3حد تعبت آمنة بلعلى

لقدر أنتظرؾ في بابو المضاء بشمع وكنت أنت ال تزالين في الغيم مسافرة نحو ىذا ا"

العمل بدأ نفق وبئر بئر كل بن وربط السلم مثل درجات وبئر بئر كل بن األبار من سلسلة عن عبارة وه فقاقر جمعها: الفقارة - 1

.الحرة على االنترنت()عن وكبدا الموسوعة األرض وجه على الماء خرج حتى أسفل إلى نحدر زال وال عال مكان من فها

. 38 -37, ص تلك المحبة - 2

.376آمنة بلعلى, المتخل ف الرواة الجزائرة, ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

41

صنع في غرناطة, فكوني لي أندلسا بين توات والقدس أنور لك بو ظلمة ما بين .1"المائين

ويف حلظة استجاع أخرى ال نعلم مداىا, يعود الكاتب مرة أخرى للحديث عن نشأة أدرار يف , يتحدث فية أنفسهمالصو صوؼ استنجد فيها الراوي بقاموس تعبارات تغلب عليها مسحة ال

فالكل يػعشق ادلرأة على أهنا رمز " ادلرأةفيها عن ادلدينة يف رمز من رموزىم األساسية وىو رمز إذل الروح ىو حػاؿ غته, وإظلا يتعػداه, كما األنوثة, لكن الصويف ال يقف عند الصورة

.2"وادلعت

نتزعة من حلم غريب, يتحدث فيها ومرة أخرى يعود بنا الراوي إذل حقبة زمنية تبدو كأهنا معن نشأة أدرار, ولكن برواية سلتلفة وبصيغة عجائبية وصوفية, مستعينا باخلوارؽ جريا على

عادة بعض متأخري الصوفية, يقوؿ:

اهلل مثلها, انتظر الشمس قمن بالد بعيدة بعيدة, فيها عين عظيمة ما خل لو:"فقالت فغطس غربت فيها حاؿ ماؤىا تبرا أحمر فانبهرفحتى إذا بلغتها عندىا عشرين عاما

طرؼ عصاه ورفع إف كاف علقها شيء منو فانسلخ التبر ودار واتسع وارتقى فظللو وصار إليو ودفنو آباؤؾ ولكنهم صركم وقبضو اهلل يتبعو حيثما حل إلى أف استقر بو المقاـ في ق

.3في غدىم لم يعثروا لقبره على أثر"

كأنو عايشها وعاصرىا ا النهج مستجعا أحداثا صنعت تاريخ أدرارويستمر الراوي على ىذ يف استجاعو لقصة زلمد التلمساين مثال ,بغالؼ صويف ملقيا عليها غاللة من اخلياؿ تغلفها

.43تلك المحبة, ص - 1

عبد القادر األسود, المرأة ف الغزل الصوف)دراسة(. - 2

.41تلك المحبة, ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

43

ىذا ادلقطع: صلد

وفي وجههما كلـو ,يذكرانو بشهادتهما يرددانها جهرافما ناـ إال و وقف عليو أبواه " تبعهما ليطوى , إلى أف قاـ في إحدى الليالي والبيض دماء مستنهضين إياه يابهماوعلى ث

1"بو فيصبح ىنا في غرة عاـ وفاة محمد

ل يطوى بو الزماف وادلكاف فال جأف الر صباعة الصوفيةعبارة يطوى بو عبارة صوفية تعت عند فينتقل آالؼ األمياؿ يف حلظة. الطبيعي يعود غلري عليو حكم الزماف

:احلشيش وكيف اكتشفو العبيد قبل األسيادسلدر يعود بنا السارد إذل خر آ استجاع ويف

فرعوا الزراعة رعايتهم تلك الحشيشة حين يتناولونها يروحوف ىائمين في مديات " يركبوف إليها أبسطة تطير بهم إلى ما فوؽ سماء أسيادىم تقابلهم أشباحهم مثل أسياد,

, يشتهوف بال قيد, يملكوف ويفرحوف ويختاروف ويحبوف , يصلوف أنى شاءواىم أيضا .2"فنوف في مهابةدترغبهم النساء, يموتوف مثلهم بعز و يالمرأة و

ن ػإذل عادل مم ػن واقعهػوة مػم النشػم وتنقلهػوف عن وعيهػيغيبوف و ػينتشوهنا ػفإهنم حت يتعاطء فهم يطتوف فوؽ السماء الفنا يصبحوف أشبو حاال بالصوفية يف حاؿاخلياؿ واألحالـ, ف

ال رقيب فيملكوف كما أسيادىم و يفرحوف حبرية و ؼلتاروف ما شاءوا بال قيد و يسافروف أىن و فإف أحد أجدادىم "مهابةباحتاـ و ويدفنوف ة وكرامةوترغب فيهم النساء و ؽلوتوف بعز شاءوا

األسياد, فينسوا يغشوا بها أبصارىم عن رؤيتهم الحيف يبتليهم بو األولين أوصاىم أف 3", ويسكتوا على األلم فيتوسدوا قدرىم ويتغطوا بالصبرأنهم دوف درجة البشر

.17تلك المحبة, ص - 1

.79-78نفسه, ص - 2

.79تلك المحبة, ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

43

وعلومهم وتطوؼ هبم ادلرير أهنا تنسيهم واقعهم كذل ,فهذا أحد أجدادىم يوصيهم بتعاطيهاوآالمهم وتعينهم على الصرب على الظلم مو هبم فوؽ عادلهم سآفاقا رحبة و عوادل عجيبة ت

.يالقونو من األسيادالذي

ويف حلظة استجاع أخرى يتحدث أحد أجداد بليلو وقد كاف من العبيد الذين حفروا الفقارات عن سيده فقاؿ:

ث الضيوؼ عن البراؽ الذي طار بنبينا من , بعد عاـ, حد ويـو عاد السيد من الحج "نبياء فيها كما يثمر القبلة األولى إلى السماء السابعة من تلك األرض التي قاؿ يولد األ

1"زيتونها والبرتقاؿ

يف ىذه الفقرة يتحدث السارد عن قصة اإلسراء وادلعراج, وعن الرباؽ ىذه الدابة العجيبة مطية , ومعلـو أف قصة ادلعراج ذلا شأف عظيم عند معشر هاف ر األنبياء, اليت يقع حافرىا يف منتهى ط

الصوفية.

: يقوؿر يتعرض إذل قصة ادلصنف فويف حديث السارد عن مدينة ادرا

"لم يجـز أحد من أىل األخبار بأف يكوف إسماعيل الدرويش قد حدث البتوؿ أو أف تكوف ىي قرأت لو من ذلك المصنف الذي غمض على غير أىل السر أمره. فكل ما

أخذت من جهاز عروس من حرير 2عنو للخاصة أف يدا جليلة طوتو في محرمة وصل 3البتوؿ في زواجها األوؿ" وا ليست سوىقال جيدة بكر,

العارفت الذين من بت ادلتصوفت خاصتو ىم أىل اهلل و بأىل السر, و ىذا ادلصنف خاص

.91, ص نفسه - 1

.تضعه المرأة على رأسها, وقد ستعمل ألغراض أخرى مندل من حرر أو غرهالمحرمة ه - 2

.313, ص تلك المحبة - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

41

أطلعهم على بعض أسراره, ومكنهم من مقاـ العرفاف بفضل رلاىداهتم وصربىم ودأهبم.

ي إمساعيل الدرويش واليت يتحدث السارد عن اخلوارؽ اليت غلريها اهلل على يد آخر ويف موضعسخرىا لو على يدي الورل الصاحل "سيدي زلمد بن ػلي قراي اجلنوف", وىذا يتواقف مع ما يعتقده الكثت من أىل التصوؼ من أف اهلل غلري على يدي الصاحلت كرامات زبرؽ عوائد

بنيانا ال يراه البشر:الطبيعة ونواميسها, مثل ىذا الورل الذي أسس

ل ليس سوى محظي ألحد جديهما يؤتيو خوارؽ مما سخر لو خالقو على يدي "فإسماعيولي صالح, من نواحي معسكر الزاخرة, أعطي كرامة لم يعطها غيره فأسس بنيانا ال يراه

1البشر بالعين"

خصيصة من خصائص الصوفية وىي العلم اللدين: لطيفة إذل إشارة غت ىذا ادلوضع ويف

2اهلل معرفة من لدنو" مقوقة بالسر ال يعلمها إال من وىبه"ففي المجريات وقائع مح

, وعلم ادلكاشفة وعلم ادلوىبة وعلم األسرار والعلم : علم احلقيقةالعلم اللدين عندىم ىوو إذل ما ػلصل يشت القـو ) أي الصوفية ( بالعلم اللدين "قاؿ ابن القيم: ,ادلكنوف وعلم الوراثة

غت بـ من اهلل وتعريف منو لعبده كما حصل للخضر عليو السالـ للعبد من غت واسطة بل بإذلاناه رضبة من عندنا وعلمناه من لدنا علما )واسطة موسى قاؿ اهلل تعاذل .4" 3(آتػيػ

أف ذلك ردبا كاف بسبب نبشو يف ويف عود إذل قصة مكحوؿ الذي قضى غيلة, ؼلربنا السارد ايخ والعبث يف زلتويات الزوايا, بينما تكوف البتوؿ قد سلمت من لعنتهم ألهنا أسرار ادلش

.119, ص نفسه - 1

.113, ص نفسه - 2

.64القرآن الكرم, سورة الكهف, اآلة - 3

.194, ص 3ابن القم, مدارج السالكن, ج - 4

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

41

بأسرارىم ودل تفشو لغت أىل السر, وىذا األمر شائع عند الصوفية فهم يبخلوف كنهت سرىم, وذلك ردبا تعمية على , وذلذا كثر الرمز يف أدهبم وشعرىمأف يطلع عليها من ىو ليس أىال ذلا

.فهم مقصودىم أو يطلع على مكنونات نفوسهمغتىم حىت ال ي

زيمت الو اإلشارة لغة إذل ادلتصوفة جلوءالرئيس يف سبب الإذل أف ىذا ىو القشتي ويذىب هبا قصدوا بينهم, فيما ألفاظا يستعملوف وىم"فيقوؿ: التصريحو ةكاشفادل لغة عن اليبد

ألفاظهم معاين لتكوف ريقتهم,ط يف باينهم من على والست ألنفسهم, معانيهم عن الكشف

حقائقهم ليست إذ أىلها, غت يف تشيع أف ارىمر أس على منهم غتة األجانب, على مستبهمة

يف تعاذل اهلل أودعها معاف ىي بل التصرؼ, من بضرب رللوبة أو التكلف, من بنوع رلموعة .1"قـو رراأس حلقائقها واستخلص قـو قلوب

يقوؿ السارد:رأ ػـو تجػة يػايػو تلك العنػفت بػا زعم قائل في مجلس تنفيحة, تكوف عص"فإف مكحوؿ كم

ا ػػوى أنهػوؿ سػة البتػالمػوؿ سػر لطػسيػفػم. وال تػهػػوظػفػػحػوف مػكنػم ي ػف دشػيخ ى أفػلػع .2السر فلم تخرج ما علمت لغير أىل السر" أدركت

فهي ذلك أة ومكانتها عند ادلتصوفة,يعود السارد إذل احلديث عن ادلر ويف مقطع آخر مستجعادلخلوؽ اجلميل الفاتن أينما وجد وأينما حل, يف األرض كما يف السماء, يف الدنيا وأيضا يف

وىي انتهاء حورية من نعيم اجلناف.حواء اليت أغوت آدـ بالتفاحة, فهي ابتداءاآلخرة,

يصفها بكربياء وجالؿ فهو جاىل , ومن ال وقد ربط السارد احلديث عن صباؿ ادلرأة بذكر اهلل

وصفهم و عن األولياء حديثبصور اهلل يف الوجود وبتجلي قدرتو يف سللوقاتو, ويف آخر الفقرة وأظهرت ذلم ادلستور بأهنم عارفوف باهلل, فقد حباىم اهلل بنفحة من علمو كشفت ذلم احلجب

.41القشري, الرسالة, ص - 1

.141تلك المحبة, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

44

يقوؿ السارد:

ؽ الجميل الفاتن في توات, في التل "قاؿ صاحب المصنف: والمرأة ىي المرأة المخلو والصحراء, في األرض والسماء, وفي الدنيا واآلخرة, إليها كاف البدء بالتفاحة, ومن

. ومن لم يصف فاكهات النعيم تكوف. فمن لم يتحدث عن المرأة بالجماؿ نسي ذكر اهللجمالو. وإف المرأة في جالؿ وكبرياء جهل صور اهلل التي صورىا لعباده في الوجود ليروا

1", واألولياء لعارفوف وبالسماحة متجاوزوفربي لغفور ونبينا لشفيع

.2" يتم يف ادلرأة اعترب ابن عريب أف أمت شهود للحق وأكملو وقد "

الذي يرمز للرجل األدراري يف آخر الرواية يعود السارد للحديث عن ادلصنف, وعن رجل الرملو ىذا الرجل من آثار عرب تارؼلو الطويل واحلافل باألحداث والرجل التوايت بصفة عامة, وما خلف

التجلي وىي فكرة صوفية يقوؿ هبا أصحاب مذىب وحدة الوجود عن واإلصلازات, ث يتحدث الذين يروف أف الوجود واحد ال تعدد فيو بوجو من الوجوه, وما ادلخلوقات إال ذبل ذلذا ادلعبود

ل: لن يبقى غير الطوب يحرس أف تنطمس آثار "وفي المصنف قي احلق. يقوؿ السارد:قراءة رجل الرمل, تركها مثل أولئك الحائمين على العين والعاكفين في األركاف الحافظين لذكره محبة كانت لو إلى خالقو ذلك السوغ من البقاء, ىنا, حيث اهلل ال يتجلى في شيء

3لمنورة بامرأة"في الماء والنخل والرمل وفي الظلماء ا بالبهاء مثل تجليوالعجيبة اليت سباىت بأدرار ودوى يفصح السارد على لساف تلك ادلرأة ويف آخر فقرة من الرواية

صوهتا يف جنبات الروايات, وانتشر عبقها يف كل ثنية من ثناياىا, وطغى حضورىا على من ا ىي, وىذا كناية على أف أف أدرار قابعة يف كف السارد, ال يف قلبه قوؿت انجدىسواىا, ف

.144 -141نفسه, ص - 1

.331وحدة الوجود من الغزال إلى ابن عرب, ص محمد الراشد, - 2

.161تلك المحبة, ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

46

معرفتو بأدرار وخباياىا معرفة عميقة, فما ىذه ادلرأة إال واسطة ازبذىا ليفصح من خالذلا عن :زلبتو العظيمة ألدرار وأىلها, فيقوؿ

"فإف أدرار ال تسكن قلبي. ىا ىي بعيدة من أصابعي قابعة في كفك. فهب لي حنينا ال وشما أكوف حبره. فانغز أثرا في مصنفك عنها . وارسمنيأنسى بو أني كنت امرأتها

1"بقلمك لطفا. ثم ادع: غفر اهلل لكاتب المصنف وقارئو ومالكو. وقل تلك ىي المحبة

يف ىذه الفقرة األختة يشت السارد إذل أف ىذا ادلصنف العجيب ليس سوى الرواية نفسها, رواية "تلك احملبة".

:في "تلك المحبة" االستباؽ

يف ىذه الرواية قليل, وسنورد يف ما يأيت بعضا من االستباقات اليت رصدناىا من االستباؽ .لروايةالبحث والتنقيب يف اخالؿ

وسبب نقمتو عليهم يقوؿ السارد: يف معرض حديثو عن زلمد التلمساين وقصتو مع اليهود

حراء بمشاىد دموية يراىا نصب عينيو تسم أرض الص "فما بسمل حتى أذىل عن القراءة . 2"على يد الفتى أخيو وجيشو من الذين اتبعوا طريقتو ورضوا دعواه

موقف الشقيق األكرب حملمد التلمساين الذي كاف يرى كره يف ىذا ادلقطع يقص علينا السارد أخيو لليهود وحقده عليهم يكرب معو ويزداد كلما تقدـ بو العمر, فها ىو يأخذ ادلصحف ليقرأ

القراءة برؤيا تأخذه إذل ادلستقبل كأنو صويف ػللق يف ادللكوت فتى ما تيسر فيذىل عنفيو مشاىد دموية يقـو فيها أخوه وجيشو ادلوعود بالتنكيل باليهود وتقتيلهم يف الصحراء جزاء ما

.173نفسه, ص - 1

.17, ص تلك المحبة - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

47

فعلوه ىناؾ يف أرض األندلس من الوشاية بادلسلمت وخذالهنم, وعبثا ػلاوؿ ثت أخيو عن ىذه الرؤية االستشرافية قد ربققت وذبسدت: أف صلد , وبعد صفحات قليلةعزمو

"ثم أخرج سيفو وكبر معلنا الحرب من عنده فهجم ىو واألتباع على البيع فحطموىا وعلى الذميين فألحموىم وعلى من عارضوه فجندلوىم ومن نجوا سباىم وعفر جباىهم

.1وشردىم"

ومن االستباقات القليلة أيضا صلد قوؿ السارد:

نذرىم أف الماء العتيق النائم سيوقظو الحديد, فهو مبدؿ مجراه نحو تنزروفت فرارا "لما أمن بأس اآللة تمتصو إلى السطح ليبتذؿ سره فتهب العاصفة المطرية الحسـو فتنهد

.2األرض وينسحق النخل والخلق إلى الجوؼ الخالي فيرقص فوقهم رمل العرؽ"

ة ستذىب هبا اآللة وستسحبها إذل السطح مغتة اذباىها ربذير بأف ادلياه اجلوفييف ىذا ادلقطع بعيدا عن رلراىا األصلي, ويعطي السارد ىذا احلدث ادلادي بعدا صوفيا غلعل ذلذا ادلاء سرا سيبتذؿ إذا أخرجتو اآللة إذل السطح, فبذلك ربل اللعنة وتنهد األرض ليغيب يف جوفها

النخيل والبشر وتصبح رمال ال حياة فيو.

يف التحقق:فعال بدأ قد ويف موضع آخر من الرواية صلد بعضا من ىذا االستشراؼ

رت آبار بالضخ تة إف حفػػارثػدث كػػاف أف تحػرفع تقريرا عن إمكأما الذي يغير في أف "و 3اآللي من منابع الفقارات التي تسقي شرايين القصور حياة؟ "

من نضوب ادلياه اجلوفية بفعل اآللة ي ىل ىذا الذي تنبأ بو الساردهي الرواية دوف أف ندر توتن

.11ص ,تلك المحبة - 1

.78نفسه, ص - 2

.381ص , نفسه - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

48

مكحوؿ هبا نفسو. أـ ىو رلرد ىواجس حدث وتدخل اإلنساف قد حدث فعال

ويف استباؽ آخر صلد األب جربيل ؼلاطب بليلو:

, أحب النساء والرجاؿ المؤمنين والعصاة, ثم لماذا مبروكة ولكني يا بليلو رجل دين "؟ فرفع إليو نظره يحسو جبريل تحوؿ جليدا: أعرؼ أنك تحبها مثلما أحب ماريا. بالذات

1"وحسم: انتهت الحصة يا بليلو, أنتظرؾ في بيتي !فتنهد مستنجدا: يا إلهي

, وىذا ما صلده يف ىذه الفقرة يعد السارد بلقاء وشيك بت بليلو وجربيل يف بيت ىذا األخت قليلة: يتحقق بعد صفحات

ذكر بليلو أف قاوري صافحو من قبل, وال صدؽ أف جبريل مد لو يدا لما لمسهالم ي" أحسها رخوة كأنها خالية من أي عظم, طرية ناعمة مثل يد ماريا يـو وضعتها في يده

.2"بيتي تودعو في بشار, وىو يدعوه: تفضل, ىناؾ بيت اهلل وىذا

دمتىم للبالد يف توات يقوؿ : وقتلهم لألىارل وت ويف خضم حديثو عن أفعاؿ ادلستعمرين

سنحوؿ رمال فيو صوت يقوؿ: ىوني عليك نخلة نطق "فخرج عليها طفل من جذع .3", وأشار إلى الشماؿيبتلعهم حين تثور ريح من ىناؾ

ىذا ادلقطع الذي جاء بو السارد يستلهم من التاث الصويف ومن القرآف خاصة من قصة سيدنا ر بقياـ ثورة يكوف مبدؤىا من الشماؿ ث و ربت جذع النخلة, وبش عيسى عليو السالـ ووالدت

دنسهم و رجسهم ربوع اجلزائر من مل هر كاوتزحف حىت تقتلع الفرنسيت وذبتثهم وتط سبتد

.316ص ,تلك المحبة - 1

.341نفسه, ص - 2

.394, ص نفسه - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

49

وىو ما حدث فعال بعد ثورة أوؿ نوفمرب ادلظفرة. ل توات كلها :ويستسل السارد يف احلديث عن ىذه ادلرأة اليت سباىت بأدرار واليت سبث

"حتى إذا دخلت بيتها انفتح لها باب أخضر إذ جلست أحاطت بها طيوؼ بيض وىلل لها صوت أحمر: في )الساورة( سيرىقوف. أرى المرابطين في مونعار وزوزفانة وتاغيت

1وعلى مشارؼ فيقيق صلوا للغائب حضورا بأرواحهم, وقالوا للماء توضأ بدمنا"

األطياؼ هبذه ادلرأة لتخربىا أف طالئع الثوار ستزحف على العدو ففي مشهد صويف بديع ربيط ., وتدفع بو إذل ما وراء البحر من حيث جاءالغاصب من كل مكاف وستجتثو من جذوره

في رواية "تلك المحبة" االستغراؽ

الخالصة:

يف أسطر طويلة واتسن خالؿأحيانا يلجأ السارد إذل تقنية التلخيص فيلخص أحداثا وقعت لعدـ وذلك هبدؼ تسريع وتتة السرد والتكيز على النتيجة دوف اخلوض يف التفاصيل معدودة, من ذلك قولو:أعليتها,

زناتية انتظرت في الحجبة أوبة حواؾ أميرة تمدده و بك في "فتماىيت بو فأمسى متلبسا .2"لواحة الحمراءزوجها من المسجد العتيق قرنا من الزمن مثلما دخلتو أوؿ مرة عروسا في ا

يلخص السارد يف أقل من ثالثة أسطر على الورؽ قرنا من الزماف حبلوه ومره يف القطعة السابقةوتعاقب ليلو وهناره, ذلك ىو زمن انتظار األمتة الزناتية لزوجها الذي ذىب إذل ادلسجد العتيق

يف صورة صوفية بديعة: يطلعنا على سر اختفاء ىذا الزوج وال يلبث الراوي أف, دل يعد منو و

.394, ص تلك المحبة - 1

.36, ص نفسه - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

61

ـ العشاء, فلما سلم "فإنو يكوف استقبل المحراب الخارجي في القصر السفلي وثمة أواستدار ألفى خالئق ىي للضوء المتسرب من الشقوؽ ممزوجا بألوؼ ألوؼ الذرات الغبارية المتسابحة تبدي ىيئتهم لإلنس, وللجن تجعل حركتهم, حيوه بالسالـ وأحاطوا

.1وه فاخترقوا بو جدار المصلى مثلما يخترؽ ظل"بو ثم رفع

ادلقطع يظهر النفس الصويف واضحا, حيث استلهم من تراث الصوفية ومن قصة ىذا يف م إماما باألنبياء يف ػاإلسراء وادلعراج النبوي, وكيف صلى الرسوؿ األعظم صلى اهلل عليو وسل

.ألعلىادلسجد األقصى ليلة أسري بو ث عرج بو إذل ادلإل ا

من جهة أخرى تشتمل الفقرة السابقة على استباؽ مبطن دل يشر إليو الراوي صراحة, غت أننا "فيـو عدت إلى رشدي من الغيبة مع أولئك الخلق نكتشفو بعد عدة صفحات يف قولو:

اخترقوا بي صمت الجدراف أحسست أف قلبي فرغ من كل شيء إال مما لو حرارة الجمر 2م"يسنو في مهب النسي

وانتشروا فيها لقروف يف موضع آخر يلخص الكاتب قصة اليهود وكيف استوطنوا منطقة تواتعديدة, ث يتحدث عن معاشهم وكسبهم, وحذقهم للصناعة والتجارة وشلارستهم للربا واالحتكار, فسيطروا على ادلنطقة وطغوا وذبربوا, حىت أصبح احلل والربط بأيديهم واشرأبت

رأى بأهنم شلا أوغر عليهم صدر العادل الرباين "زلمد ادلغيلي التلمساين" الذي, ضلوىم األعناؽمع دفع اجلزية ال أف يتسلطوا أىل ذمة يف ديار اإلسالـ فلهم أف يعيشوا يف كنف ادلسلمت

طائفة كبتة من سكاف توات فنكل هبم م, لذلك ثار عليهم بعدما ألب عليهعلى رقاب الناسمعابدىم, ويرى الراوي أف ىذه النكبة إظلا حلت هبم بسيف سلط عليهم وىدـ دورىم وأحرؽ

.36تلك المحبة, ص - 1

.31نفسه, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

63

من السماء, فاألمر إذف خارج عن إرادة البشر, إنو أمر من اهلل نفذه الشيخ الصويف والعادل الرباين "زلمد التلمساين".

يف أسطر قليلة مستخدما كل تلك األحداث اليت ذكرنا واليت امتدت لقروف خلصها "السائح""قاؿ قائل من مريدي شيخ المدينة الصالح في قصر )تخفيف( تقنية اخلالصة, يقوؿ:

وقف على الحطاـ: فمنهم من خرج من تحت األرض فنبت مثل الحجر, ومنهم من حملتو الريح الشرقية فقذفت بو في الرؽ. ثم انتشروا فساروا عرضة للرمل يتشرب

رذاذا ينزؿ. فحذقوا صناعة ونافسوا في أرواحهم قرونا مثلما تمتص الحرور في الهواءتجارة ورابوا في معاملة واحتكروا بضاعة فأطغاىم غرور فحلت عليهم لعنة الغدر فأىلكوا

.1بسيف سلط عليهم من السماء."

يف سطرين مسافة زمنية ال ندري كم امتدت من األياـ قضاىا ويف فقرة أخرى يلخص الساردظهر كثيب ذات صباح ىيالحق طيفا من مارية تراءى لو عل بليلو متنقال بت مدف وقرى عدة

فهاجت شجونو وربركت عواطفو:

"شجب بليلو الفتى الخالسي جميع أشجانو على خوص جريد أخضر وخرج صاعدا إلى كل قلبو بوجو شروؽ انتظره في رأس كثيب مطل على الجناف فانشحن بنوره فتنة غمرت

أثرىاالباىرة في عروقو مسافة يتقفاىا في أشعتورت رومية أخت األب جبريل وسلماريا ا التي قالت لو عنها بنت كلو لما واط حيث دؽ بابغإلى غرداية فاأل ,ةمن توات فالمنيع

.2"ا, فهي إحدى قريباتي ال ترد لك طلبىا عزمو تستطيع أف تناديها خالتيخبر

فيو لو ى شروؽ الشمس تراءيف ىذه الفقرة جانب صويف واضح, فالنور الذي زبيلو بليلو يف

.37تلك المحبة, ص - 1

.311تلك المحبة, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

63

وجو مارية على ظهر الكثيب فمألت نفسو نورا رآه ؽلتد يف عروقو مئات األمياؿ متقفيا أثرىا , يف ىذه الرؤيا احللم ينقلنا السارد مباشرة إذل من توات إذل ادلنيعة ث إذل غرداية ث األغواط

فنلفى بليلو ,م امتدت من الزمناألغواط ملخصا مسافة الرحلة وما القاه فيها فال ندري ك يدؽ على أحد األبواب.

المشهد:

أو احلوار الذايت حيث تناجي "صلمة" إحدى ىذا ادلونولوج الرواية صلد من بت ادلشاىد يف بطالت الرواية نفسها فتقوؿ:

على يأكلوف !"بقيت لي أنت يا إسماعيل, أما البتوؿ, آه يا البتوؿ, ثم تبتسم, يا للرجاؿكثرتهم في إناء واحد, يعجبني الرجل األنوؼ ال يأكل إال وحده, وفي اضطرار الغراـ يقاسم صاحب إلناء, أنا كنت دائما لواحد أو اثنين, أما البتوؿ فأرض واحدة لسكة

تتهرشم ال واحدة, وىذا يشقيني يا ربي, من أين لي عنايتها تصونها أال تعشق إال رجاال 1", أكوف الثالث وليرضى عنياعيل فيأكل في إناءين؟ وأما إسمأنوؼلهم

اعيل الدرويش أنو من الرجاؿ الذين ال تتهرشم ذلم أنوؼ يف ىذا ادلشهد تقوؿ صلمة عن إمسإشارة إذل أنو ليس من الرجاؿ العاديت, فهو رجل خارؽ ال تسري عليو أحكاـ الطبيعة كما

فأحاطتهم العناية بالعادل العلوي واتصلمن الصوفية الذين اتسري على باقي البشر ذلك أنو لسارد يف بداية الرواية بقولو:, وقد أشار إليو ااإلذلية حبفظها وصوهنا

عقوؿ يظهر بشرا سويا ويختفي ترابا ل"وكاف ذلك الرجل الدرويش الذي حارت في طبعو ا .2رمليا"

.63ص , تلك المحبة - 1

.33, صنفسه - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

61

ويف مشهد حواري آخر يتماىى مع الصويف صلد أحد أبناء السادة من رفاؽ "بليلو" وقد ذىبت يف حلظة اطلطاؼ: عقلو فذىل عن نفسو وعن احلضور فراح يهذي كأنو صويفباحلشيشة

"فيقـو متسهدا يالمس حد الغيبوبة خطيبا زالت من وجهو آثار الصرامة وخلفها ىدوء ال , ال يبدي لو انبهارا بما يقوؿ: الماؿ الذي أملكو ال تخدع بليلو الواقف على حذر ذئب

حبات الرمل عدا, ىا ىي ذي جوار من الهند وفارس ومن الشاـ ولبناف ومن مصر تكفؤه 1"ج...وداف ومن فرنسا واليوناف كلهن في يميني مثل ملك متو والس

ويستسل ىكذا يف ىذيانو كأنو صويف يف حالة فناء.

الوقفة:

كما يف أحيانا يوقف السارد عجلة السرد فاسحا اجملاؿ للوصف فيحدث ما يسمى بالوقفة, قولو:

, وأما الزوا فالتبجيل فرجاء الرضا من اللو فاطمة مأموؿ الذىب, فأما الشرفا, سكة"ولهم معا سكة الفضة, ولنصرة الدين كاف لصاحب خير األناـ, وبالعرب فضل النسب,

المرابطوف والبربر, أصحاب سكة النحاس, واما العبيد والحرثانيين الذين لألولين منهم طين واآلخرين حديد, فحسن الذكر بالؿ والنجاشي, كل من آدـ وللحق يصيروف

.2"أجمعين

الكاتب عن سكاف أدرار ومراتبهم حسب أصوذلم وأنساهبم, الفقرة السابقة يتحدث يففالشرفا ىم الرأس وىم القمة, فهم أبناء فاطمة الزىراء بنت الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم, ث

وىم من نسل أيب بكر الصديق رضي اهلل عنو ومعهم العرب يف الدرجة الثانية من يأيت الزوا

.86-84ص تلك المحبة, - 1

.31 -39, ص نفسه - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

61

, وىم أصحاب سكة الفضة, يأيت بعد ىؤالء ادلرابطوف تماعية اليت وضعها الساردالتاتبية االجوالرببر الذين كاف ذلم الفضل يف نصر الدين والتمكت لو يف ىذه األرض, وىم أصحاب سكة

ث يأيت أصحاب سكة احلديد وىم من مساىم باحلرثانيت, ويف ادلرتبة األختة صلد النحاس,ت, ويف آخر ىذه الفقرة يقوؿ أف األصل واحد وىو أبونا آدـ وأف العبيد أصحاب سكة الط

ادلصت واحد ينتهي بادلوت والرجوع إذل احلق تبارؾ وتعاذل, وكأين بو يعتذر عن ىذا التصنيف الذي أقامو آنفا.

إف ادلالحظ للتوصيف السابق, وادلعيار الذي اعتمده الكاتب يف تصنيف السكاف غلد النفس ىو مدى القرب من النيب عليو الصالة الذي أقامو اضحا جليا, فادلعيار الوحيدالصويف فيو و

والسالـ وعتتو الشريفة.

يعود الكاتب للحديث عن أبواب مدينة أدرار, وكيف أف لكل ويف فقرة أخرى ووقفة جديدةفعلوه قسم من سكاهنا بابو اخلاص, ث يعرج على قصة اليهود وىجرهتم منها وعن النصارى وما

:وما عاثوه فيها من فساد فيها

"بباب رقاف معبر عنصر الطين والحديد, وباب بوبرنوس مدخل عنصر النحاس, وباب وأما اليهود فإف تيميموف الذي انفتح لعنصر الذىب والفضة وباب بشار لليتم والنزوح.

يد من سرىم انطوى في حجرة منقوشة نسيت في تمنطيط يـو ىجرتهم منها فعادت إليها تحت الرمل والتراب لتصحف حروفها فيغمض خبرىا نهائيا. وقاؿ الذي حدث عن

ليرسموا طريقا لجيوش عدوانهم مبشرين متنكرين بدين المسلمين النصارى إنهم أرسلوا

1"تدنس الرمل وتقتل النفس وتقطع النبت وتغتاؿ األنعاـ.

سدة يف صورة امرأة تبدو من مواصفاهتا ـ لنا الكاتب لوحة فنية ألدرار رلقدويف وقفة أخرى ي

.33تلك المحبة, ص - 1

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

64

: ساف صويف عاشق وذلاف, وبلمبدع بارع من نساء أدرار, رمسها بريشة فنافأهنا

"ولما رفع إليها عينيو واقفة على رأسو رجتو نوبة خضل فبربر كثيرا لتروح كلماتو تشف لو كنت !مةمثل الماء بعد سكوف الخويض عارجا على رمل. يا نخلة ضامنة مثقلة بالنع

أعرؼ شجرا غير النخل أكثر رشاقة وأوفر آالء وأطوؿ عمرا في القفار وأعظم ىيبة وأجل فلقلبك خضرتو, ولشعرؾ لوف تمره, ولوجنتيك ألق شمس الصبح صمتا لشبهتك بو.

على رملو, ولريقك مذاؽ رحيقو, وألنفاسك رائحة ياسمين زنجبار في بساتينو, ولشفتيك في جنانو, وفي مشيك وقع من اىتزازه بالشموؿ متهدال بالعراجين, عكرة حناء )تامست(

وحشة حمادة ليل )تيمياوين( و في حشاه كلظى ولمن يراؾ فيشتهيك حرقةإف ولو بك, نار المنتظرين ليال في توه الفلوات أف تظهر نجمة لفرقتك )تنزروفت(, و

1"القطب.

ماضية من زمن سوؽ توات اليت كانت مزدىرة يف ارد عند حلظة ػػيستوقفنا السموضع آخر ويف "أبدعوا لها تراتيب عجيبة القدن وكانت زلط القوافل ومقصد التجار وذوي احلاجات, فقد

. فمن في البيع والمقايضة. حدثني آخرىم عن أبيو يذكر لو عهد الربح والوفرة والنظاـؼ والقطن وتجار تجار الزيت والسمن والصابوف والسكر والشاي إلى تجار الصو

المالبس والقفاطين إلى الخياطين والنجارين والحدادين كل في طريق يعرؼ بها. ومن الفواكو إلى ساحة التمور وساحة الملح إلى ساحة الزرابي وساحة األنعاـ ساحة الخضر و

.2" إلى ساحة العبيد والنخاسة

:في "تلك المحبة" التواتر

.33-33, صتلك المحبة - 1

.31-33, ص نفسه - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

66

ما هو أف ؼلرب الراوي ما حدث مرة واحدة على مستوى اخلطاب أما النوع األوؿ من التواتر فف , , وىو األقرب إذل منطق األحداث, فهذا كثت يف الروايةوقع مرة واحدة على مستوى القصة

وقريب منو النوع الثاين وىو أف ؼلرب عدة مرات على مستوى اخلطاب ما وقع عدة مرات على ؼلرب عدة مرات على مستوى اخلطاب ما وقع مرة مستوى القصة, أما النوع الثالث: وىو أف

فهو يعيد تكراره ادلرة بعد واحدة على مستوى القصة فهذا يستخدمو الراوي لبياف أعلية أمر ما من ذلك مثال قصة بناء مدينة أدرار اليت ذكرىا السارد عدة مرات: ادلرة.

لهم مذ قاؿ اهلل تجري من تحت أسيادىم وعن شمائ"حفيد لمن حفروا بأظفارىم سواقي 1"للنخلة كوني قمة في النار وقدما في الماء

يف الفقرة السابقة إشارة إذل أف أدرار وجدت منذ وجدت النخلة فهي صنوىا يف القدـ.

ويف موضع آخر يقوؿ السارد:

"قالت: ال أعرؼ لعمري تقويما في ىذا الزمن, فقد أكوف ولدت مع دفقة الماء األولى 2ه األرض البعيدة"انساحت في ىذ التي

ويف ذلك إؽلاءة واضحة إذل أف أدرار ولدت مع دفقة ادلاء األوذل, فزمن تكوينها موغل يف القدـ وكانت احلياة على ىذه األرض.فقد ظهرت منذ األزؿ منذ كاف ادلاء

ويف غت ىذا ادلوضع يقوؿ السارد:

ولم يذكر صاحب كتاب وال مصنف من بنى المدينة التي نزلتها, كأنها حطت طفرة, " 3"فإنو ال يعرؼ لها تاريخ بدء

.33, ص تلك المحبة - 1

.31, صنفسه - 2

.31نفسه, ص -3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

67

دل يذكر كاتب وال مؤرخ من بناىا وال مىت فهي كأهنا يف ىذا ادلقطع يقوؿ السارد أف ادلدينة حطت طفرة, فتارؼلها أقدـ من التاريخ ذاتو.

ة أدرار فيقوؿ:ومرة أخرى يعود السارد إذل قص

قاؿ لو: كثيرا ما كانت تلك القروف الطويلة بين أجدادنا مدا وجزرا في مدينة تمنطيط " 1"القديمة قدـ اإلنساف قبل أف تنزؿ عليو الكتب

قدـ ادلدينة من قدـ اإلنساف نفسو قبل أف تنزؿ الكتب فيذكر السارد أ يف ىذه الفقرة السماوية وقبل أف تعرؼ الديانات.

على جانب منها, أو اضوءفي كل مرة يعود السارد إذل قصة أدرار وتارؼلها, فإظلا ليلقي فإذف تفستا لبعض ما مت ذكره. ليعطي ليضيف جديدا دل يتناولو قبال, أو

وىذا التواتر والذكر ادلطرد لقصة بناء أدرار إظلا جاء ليوضح أعلية ادلدينة يف ىذه الرواية, ر حوؿ أدرار واحلياة فيها, ذلذا ليس غريبا أف يتحدث السارد عن فأحداث الرواية كلها تدو

.وىذ التكرار بداية ادلدينة وتاريخ إنشائها هبذا التواتر

:ة مواضع من الرواية, منهايف عد صلد تكرارا لقصة زلمد التلمساين مع اليهودمن جانب آخر,

بل أف يرتدوا إلى سخرتهم وفي تعداد من نكب الموسويين بيد محمد التلمساني كانوا ق "

2", فجاء من بعد ذلك من نكل بالمحمديين ورشق الصليب في مناراتهميـو ىلك

يف ىذه الفقرة حديث عن زلمد التلمساين ادلغيلي وما فعلو باليهود الذين عاثوا يف األرض لنصارى , الفرنسيوف ا, فنكل هبم وشردىم, ث جاء من بعد موتو بقروففسادا, واستعبدوا الناس

.13, ص تلك المحبة - 1

.31-33, ص نفسه - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

68

فنكلوا بادلسلمت وسلبوىم أرضهم وديارىم, وحولوا مساجدىم كنائس.

ويف عود إذل قصة زلمد التلمساين مع اليهود يقوؿ السارد:

"ولو كاف لمحمد التلمساني, ناكب اليهود في الصحراء, مقاـ أو منصة لغوث فهلك رؼ العرؽ الغربي, وىو )تيقورارين( أثخنوا في ابنو, ثأرا لدمائهم في توات وشا يهود

1غائب, بحثا عن ملك كما زعموا, في بالد التكرور"

فعندما ظن التلمساين أف األمر ,يف ىذه ادلرة ؼلربنا السارد عن جانب آخر من جوانب القصة استتب يف توات, توجو جنوبا ضلو إفريقيا الستكماؿ دعوتو, فغدر اليهود بابنو وقتلوه غيلة ثأرا

.لقتالىم من أبيو

ويف عود آخر إذل ىذه القصة, يقوؿ السارد:

رابوا في معاملة واحتكروا بضاعة فأطغاىم غرور نافسوا في تجارة و فحذقوا صناعة و " 2فحلت عليهم لعنة الغدر فأىلكوا بسيف سلط عليهم من السماء"

اعات يذكر السارد يف ىذا ادلقطع كيف دخل اليهود بالد توات, وتفوقوا يف احلرؼ والصن ث احتكروا البضائع وعاملوا الناس بالربا, حىت ونافسوا القـو يف التجارة حىت تفوقوا عليهم,

متمثال يف زلمد رقاب الناس, فأطغاىم ذلك, فسلط اهلل عليهم سيفا من السماءيف ربكموا

.وكسر شوكتهم بيضتهم باحالتلمساين الذي أىلكهم واست

:سبب والذريعة اليت استحل هبا زلمد التلمساين دماءىمبعد ذلك يعود السارد ليحكي ال

"وقاؿ: قاؿ شيخي في رسالتو: لما حصل للموسويين أماف رسخوا وجودىم وأنشأوا

.39, ص تلك المحبة - 1

.37نفسه, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

69

بيعهم ووسعوا نفوذىم ثم انسلوا من أسماؿ الذمة فتحلوا بما لألسياد من ملبس 1ومركب ومأكل ومشرب ومجلس"

, نقضوا دلا سبكنوا وبسطوا نفوذىم يف البالد –و ادلعروؼ وىو العادل والفقي –فهم حسب رأيو عهودىم مع ادلسلمت, وخلعوا عنهم ثوب الذمة وربلوا دبا للمسلمت والسادة من اللباس وادلركب وسبل العيش, وإظلا ىم يف األصل أىل ذمة يعيشوف يف كنف ادلسلمت وربت

ردعهم.سلطاهنم, فمىت خرجوا عن ذلك حلت زلاربتهم, بل وجب

لينشر ويف موضع آخر يعود السارد ليخربنا عن زلمد التلمساين الذي جاء من بالد الشماؿ احلق والعدؿ فطارد اليهود وقاتلهم وشردىم ومزقهم شر شلزؽ, يقوؿ السارد:

فسقط في أيديهم لما أصبحوا على رجل اسمو محمد يقاؿ جاء من بالد الشماؿ لينشر " .2"لهمالعدؿ والحق فطاردىم وقات

"لصوفية من خالؿ الزمن في رواية"زىوةا الرؤية: تجليات ثانيا

دبشهد عبد النور وىو يف اخللوة يف ما يبدو أنو مرض ادلوت, تقوؿ الرواية:"زىوة" تبدأ رواية

.وضع عبد النور خالؿ ىجعتو األخيرة في الخلوة, القلم والسجل السابع عشر جانبا "

منتظرا عودة رضواف. فعاودتو لسعات سقمو أشد وخزا في وأسند ظهره إلى الجدار, 3أقصى مفصل من جسده"

فإذا ىو منقطع يف ادلقاـ زاىد يف حياة البهرج والصخب نكتشف عبد النوريف ىذا ادلقطع

.39, صحبةتلك الم - 1

.44, ص نفسه - 2

.14رواة "زهوة", ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

71

مفضال حياة التصوؼ والتقشف على حياة ادلدينة وضجيجها.

عبد النور رجال منهكا يف آخر وايةر اللنا ىذا ادلقطع االستهالرل يف من جهة أخرى, يصور ومع ذلك فإنو ال يزاؿ مهتما أيامو يستعد دلفارقة ىذه الدنيا الفانية, ويتهيأ إذل لقاء رب غفور.

ة ىذا الرجل.اادلكانة اليت ػلتلها العلم يف حي ىبالكتابة والتسجيل داللة عل

, وبالعودة إذل بعض القرائن فرإذا اعتربنا ىذه اللحظة الزمنية ىي نقطة االنطالؽ أو زمن الص نستخرجها من ادلنت الروائي ؽلكننا ربديد زمن القصة.

"بل سرعاف ما رأى نفسو انبعث في تلك الدار واحدا من أىلها إذ راح عبد يقوؿ السارد: 1كاف أطفاؿ ونساء وحريم,..." مائة وسبعين عاماأنو قبل حوالي ا النور يروي له

أف يعرفوا أف ما حصل قبل حوالي , يحق لمن ىم في عمرؾ" وبرغم ذلك ويقوؿ أيضا: 2"كاف خاتمة آلخر فصل من مواجهة تاريخية... أربعين عاما

نفهم من ادلقطعت السابقت أف زمن القص بدأ بعد حوارل مائة وسبعت عاما من بداية نا ىذا لذاؾ االحتالؿ الفرنسي للجزائر, أو بعد حوارل أربعت عاما من االستقالؿ, فإذا صبع

نستنتج أف زمن القصة يبدأ مع بداية األلفية الثالثة دليالد ادلسيح عليو السالـ, أي يف حوارل العاـ الثاين بعد األلفت.

وما يدور يف حديث النفس ما يالحظ يف ىذه الرواية ويلفت االنتباه أف الكاتب يسجل ي لألحداث.خواطر شخوص الرواية خبط مائل كي ؽليزه عن السرد العاد

الذي أحس بالعافية تفارقو يطالعنا يف الصفحة األوذل من الرواية خاطر دار خبلد عبد النور,

.31, ص زهوة - 1

نفسها. - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

73

يقوؿ السارد: , وأصبحت أيامو يف ىذه الدنيا معدودة, منو قتبي جلاألوب

"ولكن, رىبة مما انقبس في خاطره كسنا برؽ أشع إلى روض نوراني.

1"ك ملء كل شيءبقدر ما رأيتك خارج أي شيء وجدت

من أف اهلل يف كل مكاف يتحدث السارد ىنا على لساف عبد النور الذي وصل إذل قناعةة يتبناىا أصحاب وحدة الوجود الذين يقولوف أنو "ليس ويتجلى يف كل شيء, وىي فكرة صوفي

, وىذه فكرة فلسفية قدؽلة ظهرت عند الفالسفة ادلسلمت كما ظهرت عند غتىمشبة إال اهلل" أهنا على نوعت: 2ويرى بعض الدارست

, وما األوؿ يسمى مذىب "وحدة الوجود الروحية" ومفاده أف اهلل تعاذل وحده ىو احلقيقي العادل إال رلموع من التجليات, أو الصدورات اليت ليس ذلا أي حقيقة ثابتة, وال جوىر متميز.

, وفكرتو أف العادل ىو وحده احلقيقي أما الثاين فيسمى مذىب وحدة الوجود ادلادية أو الطبيعية يقوؿ اسبينوزا: وما اهلل إال رلموع كل ما ىو موجود.

.3""كل ما يوجد إظلا يوجد يف اهلل, وال ؽلكن ألي شيء أف يوجد أو يتصور بدوف اهلل

ينظر عبد النور يف اللوحة اليت سبثل إدريس وعزيزة, واليت كاف ويف مونولوج داخلي بعد أف

رمسها يف وقت سابق, فيقوؿ: إدريس قد

عزيزة الفاتنة , الدىر ىو الحقيقة. أما الباقي فكل إلى زواؿ. و أنت يا إدريس , أنت" عشر مرات. وفي كل واحدة قرأت عليك مما كنت تحب أف تسمعووقفت على قبرؾ

.14زهوة, ص - 1

.3133, 3وتقررات المتصوفة, منشورات جامعة أم القرى, مكة المكرمة, ط التصوف وحدة األدان ف تأصالت: لطف هللا خوجه - 2

14سبنوزا, علم األخالق, ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

73

.1. أنا راجع ىذه المرة ألجاورؾ"

ة لطيفة إذل فكرة صوفية تتكئ على موروث يصرح السارد ىنا أف "الدىر ىو احلقيقة" يف إشار ثديت, فنحن نعلم أف الصوفية يعتربوف اهلل ىو احلقيقة الكربى, بل احلقيقة الوحيدة ويف احلدي

قاؿ اهلل تعاذل يؤذيت ابن آدـ بسب ": قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم الشريفالقدسي 2"الدىر وأنا الدىر بيدي األمر أقلب الليل والنهار

ث يقوؿ أف كل شيء إذل زواؿ, مصداقا لقوؿ احلق تبارؾ وتعاذل:

ها فاف " 3"كل من عليػ

قائال لو أنو راجع ىذه ادلرة يف آخر ادلقطع ؼلاطب عبد النور إدريس ادلتوىف منذ سنواتارؾ ليجاوره, فهو يكرس الفكرة اليت أشرنا إليها آنفا من أف ادلوت رجوع وعودة إذل احلق تب

وتعاذل.

ن عبد النور وإحساسو بقرب مفارقة ىذه الدنيا الفانية فيقوؿ:عيستسل السارد يف احلديث و

ىا ىو باب من نور فتح لك. سيعبره »لو: و "وأصغى راضيا, ألصوات مهموسة من ح 4"«روحك إلى ذىابك اللذيذ نحو المنتهى. لن تترؾ خلفك غير رداء الوىم

ور بأنو فتح لو باب من نور يعربه روحو إذل ادلنتهى يف سفر لذيذ ضلو ىي البشارة إذف لعبد الن احلق تبارؾ وتعاذل.

بعد ذلك يتحدث السارد عن حلظة مفارقة الروح للبدف, فيتحدث عبد النور على لساف روحو

.16, ص زهوة - 1

.397, ص 18صحح البخاري, الجزء - 2

من سورة الرحمن. 36اآلة 3

.17رواة زهوة, ص - 4

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

71

بصيغة ادلتكلم, للداللة على أف اإلنساف بروحو ال ببدنو, ولإلشارة بأف اجلسد يفت ويأكلو والديداف, بينما الروح تسبح يف ملكوت اهلل إذل ما شاء اهلل. التاب

يقوؿ السارد:

"أأنسل منك مثل شعاع؟ أـ أنسلخ عنك كظل؟ في كلتا الحالين سأتركك مادة تتفسخ .1يستعيدىا التراب"

:فهاجت بو الذكريات ويف حلظة أخرى صلد عبد النور وقد أخذ صورة يوسف بت يديو

.يل اآلمنفتبسم لوجهو الجم "

2نسف اليقين"لومن الخفايا ما لو ظهر

ليست الصوفيةأف حقائق وأسرار على فكرة صوفية مؤداىا يف الفقرة األختةيتحدث السارد , فمن ىذه احلقائق ما لو ظهر للعلن واطلعت عليو من الناس من ىب ودبلكل حظا مشاعا

ة, وىذا حدث كثتا يف التاريخ اإلسالمي,لكفروا صاحبو ورموه بالزندقة واخلروج عن ادلل العامةحيث ظهر ما يعرؼ بشطحات الصوفية, ولعل من أشهر تلك الشطحات شطحات أيب يزيد

و:الو قمن أالبسطامي الذي

خضت حبرا وقف األنبياء بساحلو. -" سبحاين ما أعظم شأين - ضربت خيميت بإزاء العرش - 3" طاعتك رل يا رب أعظم من طاعيت لك -

.17زهوة, ص - 1

.18نفسه, ص - 2

.19أبو زد البسطام, المجموعة الصوفة الكاملة, ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

71

ا دلا ذىبت إذل احلج ػى عنها أهنػػػػلك ة اليتػة العدويػرابع , ما صدر عنات كذلكػومن الشطح , وإنو ما وجلو اهلل وال ادلعبود يف األرض صنمورأت الناس يطوفوف حوؿ الكعبة قالت : "ىذا ال

.1"خال منو

ويف فقرة أخرى يقوؿ السارد متحدثا عن عبد النور:

ماؿ بصره إلى الباب. فرأى في عتبتو حزمة ب مكانو, كيفما اتفق,ىو يعيد الجي و " 2نور تمثل لو فيها طيف خولة سريعا ما تالشى. فاستغفر"

يف ىذه الفقرة ػلدثنا السارد عن خولة اليت ظهرت لعبد النور طيفا بدا يف حزمة من النور, كما الرسوؿ عليو الصالة ػلصل لبعض الصوفية الذين يزعموف أهنم يروف يف اليقظة شخص

بعض شيوخهم. وىنا ندرؾ مكانة خولة الزوجة األوذل لعبد ووالسالـ, أو بعض الصاحلت أ, ىذه ادلكانة كما زبربنا الرواية بعد ذلك النور واليت اغتالتها يد اإلرىاب يف فتة التسعينيات

ن الزواج أف تغطي اليت مألت عليو نفسو وجواضلو, ودل تستطع حىت عالية بعد عشرة أعواـ م"سيدي, ظننت أني غطيت عليها بهذا الحب الذي منحتك إياه كما لم أمنحو : عليها

.3زوجي األوؿ قبلك"

الذي يتنازع عبد النور إذل خولة والذي دل يستطع أف نتحلػلدثنا السارد بعد ذلك عن ىذا ا .األولت مقاـ أجداده ,ينساه رغم تصوفو وتنسكو والتحاقو بادلقاـ

بعد ىذا ادلوضع من الرواية, يتؾ الكاتب احلكي ادلتزامن لتسبي يف أحضاف السرد االستجاعي فتتداعى األحداث, وتتداخل حكايات الشخصيات.

.19عبد الرحمن بدوي, شهدة العشق اإلله رابعة العدوة, ص - 1

.33زهوة, ص - 2

ا.نفسه - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

74

االسترجاع في رواية "زىوة":

ىو استبعد االستهالؿ الذي وقفنا عليو يف الصفحات السابقة, والذي ؽلثل التزامن حيث تث الزمن, يكاد يصب ما تبقى من الرواية يف مصب واحد ىو القصة واخلطاب من حي

حيث طغى عليها االستجاع صلد , فعلى غرار ما رأينا يف روايتو "تلك احملبة"االستجاعحيث ػلتفي باالستجاع بصورة كبتة, واحلق أف "السائح" يعتمد نفس التقنية يف رواية "زىوة"

عموما. لروائياالستجاع ىو ما يغلب على زمنية الفن ا

يف استجاع خارجي يعود بنا السارد إذل تلك الليلة الشتوية اليت كاف عبد النور قد زار فيها. فرأى نفسو دخل "فغفا على دؼء نار الكانوف الحطبية منزؿ والديو الريفي رفقة يوسف

في نور كاف سيقرأه في ركعتو األولى من صالة عشائو, في ليلة باردة عميقة السكوف. فابتهل. فألهم رؤية الشجرة المباركة. فتوىم أنو ىز بورقة من غصنها فأضاء لو في ظلمة

1"روحو أماف من خوؼ ما كاف سيناديو إليو قدره

دو انو استقاه من سورة النور اليت بلقد رأى عبد النور نفسو يف غفوتو تلك وقد دخل يف نور ي الليلة الباردة. كة العشاء يف تلكاف قد نوى أف يقرأ هبا يف ركعتو األوذل من صال

ويف نفس صويف واضح ؼلربنا السارد كيف اطلرط عبد النور يف ابتهاؿ واتصاؿ وثيق باهلل تعاذل,

نور اللو " تعاذل:اهلل يقوؿ حىت أذلمو اهلل رؤية الشجرة ادلباركة اليت ذكرىا اهلل يف سورة النور, كأنػها الزجاجة زجاجة يف المصباح مصباح فيها كمشكاة ره نو مثل واألرض السماوات

سبسسو دل ولو يضيء زيػتػها يكاد غربية وال شرقية ال زيػتونة مباركة شجرة من يوقد دري كوكب 2"عليم شيء بكل واللو للناس األمثاؿ اللو ويضرب يشاء من لنوره اللو يػهدي نور على نور نار

.33زهوة, ص - 1

من سورة النور. 14اآلة - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

76

فأضاء لو منها نور مأل عليو الشجرة ادلباركة أنو ىز بورقة من أوراؽ عبد النورخيل إذلث اءى لو عندما يفكر يف ادلصت اجملهوؿ نفسو وجواضلو باليقت وباألماف من اخلوؼ الذي كاف يت

الذي كاف ينتظره إزاء قراره باالنقطاع عن العادل وعن التدريس باجلامعة, وعزمو على اإلقامة يف .قبلو بسنوات طويلة مقاـ أجداده الذي كاف سبقو إليو ابن عمو إدريس

يض من ىذه اآلية ويستسل السارد يف ىذا اجلو ادلشحوف بالنفس الصويف وبادلعاين اليت تفمكتبة والده, مصوغة من "وكاف إذ مد يده إلى مشكاة نحاسية, من بقايا أثاث فيقوؿ:

تزايين الفوانيس العتيقة فلمسها, بزغ لو سطوع كأنو من شمس أو قمر, ال ىو في ليل وال . في نهار كشف لو عن سبعين ظال يمشوف على سطح زيت الشجرة الوبيض الصافي

فرأى نفسو خلع نعلو. «.أولياء ينتظروف عودتك»هم صوت جده حسن: فهتف لو من بينفانفتح لو إليهم لهم مسرى ملئ ضبابا أبيض سرعاف ما جال عن امرأة ائتزرت أكاليل

1".«عبد النور حبيبي, سأكوف رفيقتك في رحلتك.»نطقت لو: حلقية من الياسمين

رؽلة, بعد أف اقتبس منها آنفا كلمة مرة أخرى يقتبس الكاتب كلمة ادلشكاة من اآلية الك, يبدو الشجرة ادلباركة, وإذ دلس عبد النور ادلشكاة سطع لو منها نور كشف عن سبعت ظال

أهنا لألولياء من أجداده الذين تعاقبوا على ادلقاـ, وقد ميز من بينهم صوت جده حسن الذي .دعاه لاللتحاؽ بادلقاـ

ن عبد النور ويكوف مئ ط بة يلوح طيف خولة لكي ي ويف خضم ىذه اللحظة الصوفية العجي إذل احلقيقة اإلذلية لعل طيف خولة ىنا يشت جداده, ولو يف رحلتو النورانية ضلو مقاـ أ رفيقا .امرأة كثتا ما سبثلها الصوفية يف صورة اليت

فو قرأ: ودلا طلب عبد النور من يوسف أف يقرأ عليو من رللد جذبو إليو من كومة الكتب خل

.33زهوة, ص - 1

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

77

وبما فشا من فساد لطخ الضمائر فتوارى من شر نخر القلوب "إني, لما ظهر في البالدالصالح وتزعزع اإليماف, قد اعتزلت دولة أولي أمركم المستظهرين على العباد بالظلم والهواف. وتركت مجالس االفتراء وذر الرماد. وىجرت أي مشيخة لبست ثوب الورع

لفجور. وأغلقت باب قلبي عن كل طمع. ودخلت في طريق فوؽ لحمها المكمود با 1"الحقيقة ألفلت من رجس ىذا الزماف

يوضح لنا السارد يف ىذه الفقرة أف عبد النور قرر اعتزاؿ دنيا الناس بسبب ما ظهر فيها من فساد وفجور, ودلا انتشر من الرياء بت الناس فتلبس األشرار بلبوس األخيار, وركب الفساؽ

, وقرر والصالح, فإنو لذلك قد أغلق قلبو عن كل طمع اسدوف مركب التقوى والورعوالفالدخوؿ يف طريق احلق واحلقيقة وسلوؾ سبيل ادلتصوفت, وذلك بااللتحاؽ دبقاـ أىلو والعيش

فيو.

ويستسل السارد يف احلديث عن ىذه اللحظات, فيقوؿ:

ليطهر مالو وطعامو وشرابو وملبسو وىكذا. إف يعتزؿ المرء فإنما»"كاف الشيخ أضاؼ: وفراشو ووسيلة سفره من آفة السحت. إنما الرزؽ والخير أف تقيم مقاما بيدؾ وتؤىل بيتا

2"«من حالؿ.

كأف الشيخ قد قرأ ما يدور يف خلد عبد النور بشأف اعتزالو احلياة العامة, ودلس تردده يف البقاء تدعو ادلرء إذل سلوؾ حياة الزىد والتصوؼ اليت يف ادلقاـ, لذلك فقد بسط لو األسباب

ئوقد خلص ذلك يف أف السحت قد عم, فال مندوحة دلن أراد أف يسترب واالبتعاد عن العامة,لدينو من اعتزاؿ حياة الناس واالبتعاد عن سلالطتهم قدر اإلمكاف, وقد عرؼ الصوفية ذلك

.36, ص زهوة - 1

.11-13نفسه, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

78

وتعبدوا فيها هلل بعيدا عن أعت الرقباء منذ القدن فأنشئوا زوايا وخلوات أقاموا فيها طقوسهمولعل كالـ الشيخ كاف لو أثر كبت على قرار عبد النور وتوطت نيتو على البقاء يف وادلتطفلت.

ادلقاـ والقياـ على شؤونو بعد رحيل ابن عمو إدريس.

عن الفىت , ػلدثنا السارد ويف استجاع دلا حدث يف تلك الليلة األوذل اليت باتاىا يف ادلقاـ يوسف ابن إدريس شيخ ادلقاـ الذي رحل عن دنيا الناس, يقوؿ:

"فيما كاف يوسف لداع قاىر نطق على مسمع من عبد النور ما أغلق عليو كتابو الصغير: ورؽ الهواء في دمك فسمعت كأف قلبك ناجاه إف انقشعت عن ذىنك غيـو دنياؾ»

لصورة التي ارتسمت لعينيك وال تلتفتإلى ا ض الذي كنتو يوما فأف صوت بلساف الوليد

1"«ىو ذاؾ, ىو ذاؾ»وخرج عجالف, مرددا: «لبشر إال رمزا.

فما كاف جو ادلقاـ الصويف اذلادئ, إهنا إذف صورة والده إدريس تناديو بعد أف رقت روحو يف صويف حصل لو فكأنو, 2"فانفتح لو الباب فولجو فانغلق دونو" منو إال أف استجاب مسرعا

حاؿ من الشهود, فلم يعد يرى غت احلق وانغلق الباب الذي بينو وبت اخللق فلم يعد يرى إذا أراد أف ري رضبو اهلل"ابن عريب": "وقد كاف احلسن البصيقوؿ الشيخ األكرب أحدا.منهم

يتكلم يف مثل ىذه األسرار اليت ال ينبغي دلن ليس من طريقها أف يقف عليها دعا بفرقد السبخي ومالك بن دينار ومن حضر من أىل الذوؽ وأغلق بابو دوف الناس وقعد يتحدث

.3"معهم يف مثل ىذا الفن

فيو صورة والده إدريس, ىذا وإذ التقى يوسف بالشيخ الوقور ذو السمت احلسن الذي رأى

.13زهوة, ص - 1

نفسها. - 2

.38ابن عرب, رسائل ابن عرب, تحقق محمد عبد الكرم النمري, ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

79

الوالد الذي دل ير لو وجها وال مسع لو صوتا, فقد خلفو جنينا يف بطن أمو وذىب من غت رجعة. فحكى لو الشيخ عن والده الذي جاء ادلقاـ مطلقا دنياه وزوجتو الفاتنة "عزيزة", راغبا

يف حياة االنعزاؿ والتصوؼ, يقوؿ السارد:

باسم نور السموات واألرض. والسالـ على »ن خرج من ظلمة: "فنطق يوسف, بابتهاج ممن كاف نبيا وآدـ بين الماء والطين. وبعد, ىذا كتابي أوصي بو إلى قرينتي الطالق عزيزة

1"«بنت السراجي أني أسميت الوليد الذي تضعو يوسف

نور السماوات بذكر اسم اهلل الذي ىو الكتاب الذي قرأه يوسف وكتبو والده إدريس ايبدأ ىذ الذي كاف نبيا وآدـ بت ادلاء والطت, ويف ذلك تلميح , ث يسلم على النيب ادلصطفىواألرض

, ومن نوره إذل الفكرة الصوفية القائلة بأف أوؿ ما خلق اهلل ىو نور زلمد عليو الصالة والسالـ على صبيع اخللق. خلق نور األنبياء صبيعا دبا فيهم آدـ عليو السالـ, وفاضت أنوار األنبياء

ويستسل السارد يف احلديث عن لقاء يوسف بالشيخ الوقور الذي ػلدثو عن والده إدريس:

جاءنا في ثوب من الريب فبدلناه لو كساء من اليقين. »:"فكتم الشيخ زفرتو وتلطف لو 2"«وثبتنا قلبو على المحبة العظمى.

خلو الشك واستبدت بو احلتة, كأنو صويف إذف فإف إدريس قد جاء ادلقاـ يف أوؿ أمره وقد دامريد يف أوؿ الطريق, ث شيئا فشيئا تقلب يف األحواؿ وترقى يف ادلقامات حىت انقلب شكو

أف تربع قلبو على احملبة العظمى. يقينا, وحتتو اطمئنانا, وانتهى بو احلاؿ

السارد:, يقوؿ يف استجاع للحظات لقاء قدن صبع بت عبد النور وإدريس

.13زهوة, ص - 1

.11نفسه, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

81

ينتصر الفزع »"قائال لو, على ىامش ندوة كاف دعاه إلى حضورىا في معهد التاريخ: علينا فنحس أنفسنا أشقياء مشلولي اإلرادة في حسم خياراتنا الوجودية. نحن خلقنا

1"«لننازع القدر بالقدر. وال ندـ إال على الخطيئة

اإلنساف, واليت تناوذلا أصحاب التصوؼ يف ىذه الفقرة حديث عن األسئلة الوجودية اليت تؤرؽ أف اإلنساف مست وأفعالو مقدرة, وحىت , فحسب رأي الساردالفلسفي من ادلسلمت وغتىم

إف بدا لو أحيانا أنو يتصرؼ بإرادة, فإظلا ذلك بتقدير اهلل لو, يذكرنا قوؿ السارد ىنا بقوؿ عمر ن طاعوف عمواس, وقيل لو: إنك تفر بن احلطاب )رضي اهلل عنو(, حينما عوتب على فراره م

فقاؿ: أفر من قدر اهلل إذل قدر اهلل. !من قدر اهلل

يف حديث مستجع عن تسلم عبد النور وصية إدريس من رضواف, يقوؿ السارد:

فالنفس التي بها "قاؿ أحد السلف: ففي ابن آدـ نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس,النػفس والتحرؾ, فإذا ناـ العبد قبض اهلل نفسو ولم العقل والتمييز, والروح التي بها

يقبض روحو, أال ترى يا رفيق دربي في الغياب أف أرواحنا في ىذا الكوف سرمدية ألف 2"!الخالق باؽ حي

الروح, وطرح للفكرة الصوفية القائلة بأف الروح خالدة يف النفس و ادلقطع حديث عن يف ىذا ذات العلية اليت ال غلوز عليها الفناء.ىذا الكوف ألهنا جزء من ال

, تقوؿ الرواية:يف موضع آخر, يتذكر عبد النور رؤيا رآىا عن ابن عمو إدريس

"وحدثهم أنو ذات ليلة رأى نفسو وقف في رأس جبل أطل منو على مقاـ شاىد في باحتو اؿ ضنو في لباس الحضرة. وسألو عن نجلو. وقفح نحوه.و إدريس ىتف إليو. فطوي ب

.338زهوة, ص - 1

.318نفسه, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

83

توىمت أف يكوف ذلك من أضغاثي. فوقف علي مرة ثانية فثالثة. فلم أدرؾ »لهم: 1"«اإلشارة إلى أف تلقيت رسالتو

يف ىذا ادلقطع حديث عن الرؤيا اليت احتفى هبا الصوفية احتفاء كبتا, حىت أف كثتا من أوراد الصوفية اليت وردت يف ىذا إظلا جاءت عن طريق الرؤية, ومن العبارات الطرؽ الصوفية وأذكارىا

"فطوي بو ضلوه", واليت تعت أف عبد النور تنقل إذل إدريس بطريقة عجيبة دل ادلقطع قوؿ السارد .يستعمل فيها ساقيو, فكأنو طار إذل مراده

احلياة, فيقوؿ:و يف مقطع استجاعي آخر ػلدثنا السارد عن يوسف ورأيو يف الكوف

ضاء المطلق, أضاؼ لنفسو أكثر منو لرضواف الذي اعتصم محوما عينيو في الف "وبجبرية,نحن لسنا سوى جزيئات سابحة في ىذا الكوف الالمتناىي الذي كل ما فيو » بصمتو:

. إف كاف ال بد أف يقاطع اتجاه أحدنا غيره من اتجاىات يدؿ على أف مسارنا عبره مرسـودفة. وعند نقاط التقاطعات البشر واألشياء في نقطة ما فال مفر.كل شيء بميقات. ال ص

2"«وبين أف يقترؼ ما يعلم أنو شر يجد الواحد منا نفسو مخيرا بين أف يفعل ما يراه خيرا

يف مقطع استجاعي آخر ػلدثنا السارد عن موقف رضواف عندما أخربه ضبدوف احلست عن وفاة "اجلوىر" زوج "سحنوف", يقوؿ السارد:

ظلمة سديم الموت."فلم يعره ناظره, مغشيا عليو من

3"ىو الحقيقة الوحيدة التي ننتهي إليها من بين الحقائق غير المنتهية كلها.

يف ىذه الفقرة يرى السارد أف ادلوت ىو احلقيقة اليقينية الوحيدة اليت نؤوؿ إليها, بينما احلقائق

.311زهوة, ص - 1

.316 -314نفسه, ص - 2

.381زهوة, ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

83

األخرى كلها تبدو نسبية وغت منتهية.

عن إدريس بضمت الغائب على لساف السبعاوي ويف حلظة استجاع أخرى, يتحدث السارد وما بذلو للمقاـ:

سمعت عما قدمو لهذه المؤسسة رجل فاضل زىد في كل شيء ليرىن حياتو ىنا لربو »" 1"«وللمعرفة والتعليم, كما أجداده كانوا فعلوا.

ونذر نفسو لربو, وحلياة الزىد ةيتحدث السارد ىنا عن إدريس الذي طلق حياة ادلدين لتقشف يف ادلقاـ, وكرس وقتو للمعرفة وللتعليم, ستا على خطى أجداده وهنجهم. وا

:في رواية "زىوة" االستباؽ

يف بداية الرواية تطالعنا الفقرة التالية:

"وضع عبد النور, خالؿ ىجعتو األخيرة في الخلوة, القلم والسجل السابع عشر جانبا. لسعات سقمو أشد وخزا في واف. فعاودتووأسند ظهره إلى الجدار, منتظرا عودة رض

2"أقصى مفصل من جسده.

نا تساؤال عن بقية السجالت الستةأنفس السجل السابع عشر, فيتؾ يف ػلدثنا السارد عن

"وفتح على آخر صفحة من سجلو: وبعد عدة صفحات صلد العبارة التالية: عشر األخرى,ويليو جزء مواؿ. إف كنت لن أرى لي تم الجزء السادس عشر في ىذه الليلة الخالصة»

3"«إليو غدا فإف العناية ستأتي بمن يقتفي األثر. وهلل الملك والكلم

.117, ص زهوة - 1

.4نفسه, ص - 2

.61, ص نفسه - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

81

ىذه السجالت الستة عشر كتبها إدريس يف خلوتو بعيدا عن أعت الناس, وترؾ ىنا نتبت أف همة.ف هباتو ادللخلفو عبد النور ىو من تكأف السجل السابع عشر دوف أف يكملو, وصلد

تبدأ الرواية بذكرىا مباشرة, جانب آخر يف الفقرة األوذل فيو استباؽ ىو الشخصيات اليت ىناؾ من عبد النور إذل رضواف. وىذا ادلنحى يتكرس أيضا يف مواضع أخرى من بداية الرواية, من

قولو: ذلك

اف فحضنو. وشهق. ووعده بأنو سيحث رضواف وكوثر على ذلك. ثم ذكر لو أف الوناس ك" زاره وقدـ لو ىدية عينية للمقاـ من مدخوؿ أرض أبيو التي استعادىا. ثم رافقو إلى مدفن

الفتاح في مقبرة أىليهم. وأخبره أف عبد الشيخ قرب والدىا خولة لنقل رفاتها 1"السبعاوي كاف ىاجر إلى صحراء الزنج.

اف, وكوثر, والوناس, وخولة, رضو :يف ىذا ادلقطع يهجم علينا السارد بذكره لعديد الشخصياتأفقا من االنتظار, ويتكنا نتساءؿ عن ىذه بذلك , فيفتح لناوالشيخ عبد الفتاح, والسبعاوي

, وعن دورىا يف الرواية, وىذا ما سيتكشف لنا رويدا رويدا كلما أوغلنا يف ادلنت, الشخصيات بل إف شخصية الوناس مثال ال نقف عليها إال يف آخر الرواية.

., واستكماؿ النص حىت آخرهوىكذا يؤدي االستباؽ دور التشويق والتحفيز على القراءة

مباشرة يقوؿ السارد: ذلك بعد

إليو عند قبور أجداده, أجابو أنو تحنن إدريس, بين إف كاف زار قبر والده إذ سألو "و قوفو و و قشعريرة شاىدة رأسو بكلمات من الحب, ثم أسر إليو أنو لما دخل المزار انتابت

.8, ص زهوة - 1

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

81

كفيو أوؿ مرة فلم يجرؤ على فتح بابو الدخالني, ساكتا عن رحلتو العجيبة في تل 1"الليلة.

نستشف يؤدي دورا سبهيديا, فهو ؼللق لدينا أفقا من االنتظار الفقرة السابقةاالستباؽ الوارد يف ا, ىذه الرحلة اليت أف الراوي سيحدثنا عن تلك الليلة العجيبة ورحلة يوسف فيه خاللو من

يتحقق أفق بعد صفحات قليلةفعال ضلو حضرة الشهود, و ىي أشبو ما تكوف برحلة صويف فيقوؿ: ,ؼلربنا السارد عن تلك الليلة وما وقع فيهااالنتظار و

"فلم تكن سوى لحظة على غفوة يوسف حتى أمسكت بمعصميو يداف بضتاف دافئتاف يو عصابة. وتمسحتا بوجنتيو. ثم شبكت شمالهما استلتاه من فراشو. وعقدتا على عين

مستنشقا عبقا من زىر الليم فانقاد, «!اتبعني يا جميل »يمينو. وىمس لو صوت رخيم: 2تهفهف من لباس أخف من نسمة."

وعلى مدى صفحات ؼلربنا السارد على ما وقع يف تلك الليلة العجيبة, فينقلنا إذل جو حادل ألف ليلة وليلة".استلو من حكايات " كأظلا

ويستمر السارد يف ىذا النفس احلادل القريب من النفس الصويف, إذل أف يقوؿ:

ومد رجليو, جس بصوت مهموس "إذ استيقظ عبد النور فأسند ظهره إلى الحائط العاريفرد عايو, منسال من فراشو: «أصبحت وهلل الحمد.»استيقظ ىو أيضا: إف كاف يوسف

إف لم يكن »فطمأنو: «يا إلهي, أىي أضغاث ما رأيت؟»وتأوه: «كأني لم أرقد لحظة» «ذلك حصل بالحس فقد وقع بالمعنى. ولعل في ما رأيت نصيبا من حقيقتك األخرى.

.8زهوة, ص - 1

.41نفسه, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

84

1"«لوالؾ, ىل كاف سيحدث ذلك؟»وتساءؿ: «!كأنك كنت معي»فتعجب لو:

ىو أضغاث أحالـ؟ أـسف يتساءؿ عن ما وقع لو يف تلك الليلة, أو يف الفقرة األختة, نرى يقد وقع لو فعال؟ وىنا صلد عبد النور وكأنو على علم دبا حصل ليوسف, وىذا األمر شائع كثتا

, من ذلك ما ؼلربنا عنو "اذلجويري" يف قصةومريديهم تالميذىم لدى ادلتصوفة بت الشيوخ و , يقوؿ اذلجويري ما نصو:"اجلنيد" مع شيخو "السري السقطي"

قاؿ ادلريدوف للجنيد: فليكلمنا الشيخ ليكوف يف ذلك راحة يف حاؿ حياة السري"ومشهور أنو لقلوبنا, فلم غلبهم, وقاؿ: ما داـ شيخي موجودا فأنا ال أتكلم. إذل أف كاف نائما ذات ليلة

م اخللق, ألف كالمك سبب راحة قلوب كل !فرأى النيب عليو السالـ يف النـو يقوؿ: يا جنيدا استيقظ وقر يف قلبو أف درجتو اهلل تعاذل كالمك سبب صلاة العادل. فلم وقد صت اخللق,

جاوزت درجة السري, وقاؿ لقد جاءين من الرسوؿ صلوات اهلل عليو األمر بالدعوة. ودلا كاف م اجلنيد من صالتو, قل لو: إنك دل تتحدث الصباح, أرسل السري مريدا وقاؿ لو: حينما يسل

, ورددت شفاعة شيوخ بغداد, وأرسلت لك رسالة أيضا فلم قوذلمبناء على إذل ادلريدينقاؿ اجلنيد رضي اهلل عنو: فذىب ذلك !قد أمرؾ الرسوؿ عليو السالـ فأطع أمرهتتكلم. واآلف

اخلاطر من رأسي, وأدركت أف السري يف كل األحواؿ مطلع على ظاىري وباطت, وأف درجتو 2ا ال علم رل بأحوالو."فوؽ درجيت, ألنو مشرؼ على أسراري, وأن

واضح على أف الشيوخ يف ىذه احلكاية دليل و: " على ىذه القصة بقولو "اذلجويري"يعلق و

.3"مشرفوف على أحواؿ مريديهم. –بأي صفة يكونوف –

.74, ص زهوة - 1

.113الهجوري, كشف المحجوب, ص - 2

نفسها. - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

86

يف الليلة اليت كاف عبد النور قد عـز فيها على رحلتو إذل مقاـ أجداده ليستقر فيو ويقضي فيو و ره, زاره طيف زوجتو خولة اليت كاف قد فقدىا قبل سبعة أعواـ بطريقة شنيعة ما بقي من عم

يقوؿ , فقد اغتالتها يد اإلرىاب األعمى الذي طاؿ اجلزائر يف العشرية السوداء السيئة الذكر"فنز من بدنو عطرىا, كما تنفس غبطتو على صدرىا ليلة عرسهما, قبل سبعة السارد:

في امرأة أخرى. »أعماقو: إليو صدى صوتها من فرجع «!كيف ألقاؾ»أعواـ. وزفر: 1"«ولكن اآلف خذني إليك

, وىذا ما يتحقق إذف يف ىذا ادلقطع إعالف من السارد بأف عبد النور سيتزوج من امرأة أخرىإذل جعفر أخي عالية , فحينما دلح عبد النور فعال يف هناية الرواية حيث يرتبط عبد النور بعالية

"سيكوف ذلك شرفا عظيم لي وألختي. أنت رجل : جعفر برغبتو يف االرتباط هبا أجابو . 2خير"

ػلدثنا الراوي عن استقباؿ رضواف لعبد النور ويوسف يف مدخل ادلزار, ويف يف مقطع آخرو ىذا اخلامت الذي خضم ىذا اللقاء وحفاوة االستقباؿ, يشت السارد إذل اخلامت يف إصبع رضواف,

شد انتباه يوسف, يقوؿ السارد:

"ودعاىما إلى الدخوؿ بشمالو فباف في خنصرىا ليوسف خاتم من الفضة الخالصة بفص 3أحمر. ثم أعلن أنو سيقود الراحلة إلى اإلسطبل."

ا نظن أنو سيعود إليو يف موضع قادـ من الرواية, فيشكل لدين حت يذكر السارد ىذا اخلامتيظهر ذكر اخلامت, فنكتشف أف "ضبدوف احلست" حالة من االنتظار, وبعد صفحات عديدة

ؿ السارد:و ىو من أعطاه لرضواف, يق

.33زهوة, ص - 1

.131نفسه, ص - 2

.13ص نفسه, - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

87

"وأخرج من جيب عباءة نومو خاتما من الفضة الخالصة ذا فص أحمر. وحلف لو أنو . اليسرى يعطيو يده لبسو. وطلب إليو أف وجده يوما قرب باب المقاـ فتطير من

.1فمدىا لو. فمرره في خنصرىا"

, ما صلده يف 2القصتة أو ما يسميو "حسن حبراوي" اإلعالنات قصتة ادلدى قاتامن االستب آخر الفصل التاسع حيث يقوؿ الراوي:

ضالحجم. فتحو وسحب منو صورة فوتوغرافية باألسود واألبي ر"وأخرج منها سجال كبيل وجو إدريس, ...وتأم دهكاف سيخبره بو عن سي ا ىي آخر مامكأن مها لو في صمت, قد

3"كما عرفو قبل أكثر من عقدين.

ولكن تساؤلنا ىذا لن نبدأ يف التساؤؿ: كيف كاف وجو إدريس قبل عقدين من الزمن؟ و يطوؿ, فبمجرد أف نقلب الصفحة, ومع بداية الفصل العاشر يقابلنا ادلقطع التارل:

إلى الخلف في ميالف إلى الشماؿ قليال, بقميص "حليق الوجو, مسرح الشعر األسودأبيض مفتوح على زرين, مشرؽ المالمح, لطيفا, ىادئا وباسما. كذلك بدا لعبد النور في

.4الصورة النصفية التي بين يديو."

يف موضع آخر من الرواية, يقوؿ السارد: إلى النساء. فال لن تفتر لك صبوة », منتظرا مثل سماع ألقي من غيب إلى عبد النور"

خطها لو إدريس في رسالتو األخيرة إليو. فتشربها مرة أخرى , كما «تسرؼ على نفسك.

.333زهوة, ص - 1

.317حسن بحراوي, بنة الشكل الروائ, ص - 2

.334زهوة, ص - 3

.337نفسه, ص - 4

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

88

1"ترياقا لرضوض روحو.

, وقد أعطى الصوفية للسماع شأنا كبتا واىتموا بو يف ىذه الفقرة إشارة إذل السماع الصويف م: قاؿ بعضهقد فوذىبوا يف تعريفو مذاىب شىت, اىتماما بالغا,

"سئل ذو النوف رضبو اهلل عن السماع فقاؿ وارد حق يزعج القلوب إذل احلق فمن أصغى إليو .2حبق ربقق ومن أصغى إليو بنفس تزندؽ"

وقاؿ أيضا متحدثا عن السماع:

3"وىو اإلصغاء واالستماع حبضور القلب وإدراؾ الفهم وإزالة الوىم"

الناس غته من أصوات ال يسمعها لى مساع قدرة الشخص ع تعتموىبة روحية إذف السماع ف , أو يسمع أصواتا فتؤثر فيو دبا ال تؤثره يف غته.حباسة السمع العادية

وبالعود إذل ادلقطع السابق الذكر من الرواية, صلد مساع عبد النور من ىذا النوع من السماع لعادية, ويف ادلقطع الصويف ألنو مساع ألقي يف روعو من غيب, وليس استماعا حباسة السمع ا

استباؽ يشت إذل أف عبد النور سيعرؼ النساء من جديد, وىو الذي كاف قطع على نفسو عهدا أف ال يعود إذل معاشرة النساء بعد فجيعتو يف زوجتو خولة. وىذا االستباؽ نقف على

ربققو يف آخر الرواية بزواج عبد النور من عالية.

يوسف ورضواف وأختهما ب لقاءه والسارد عن عبد النور ويف موضع آخر من الرواية يتحدث فيقوؿ: ربيعة, "مستمعا لنداء خفي نبا من أعماقو بصوت خولة أف اسلخ عن نفسك ما يعكر صفو

.397, ص هوة - 1

.373السراج الطوس, اللمع, ص - 2

.371نفسه, ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

89

1أفراحهم اآلتية."

, ونستشرؼ من ث يصغي عبد النور إذل صوت الروححيمرة أخرى يعود السارد إذل السماع, ربقق ة: يوسف ورضواف وربيعة سيعرفوف هناية سعيدة, و ىذا ما صلده قدىذا ادلقطع أف الثالث

فعال يف موضع قادـ من الرواية:

"فابتسمت ربيعة

!ألم أقل لك يا عم

.2"«كل شيء يبدو سطر.»مجاىرة لو:

االستغراؽ في رواية "زىوة"

الحذؼ:

يف بداية الرواية يقوؿ السارد:

اشها مع عالية طيلة عشرة أعواـ, كأنها ساعات "ال حزنا على سعادة أخرى مختلفة ع 3عابرة. أو على دنيا مثل سراب كاف سيغادرىا, فإنو امتأل بالقناعة والرضا."

يف ىذين السطرين ػلذؼ السارد ما جرى من وقائع وأحداث خالؿ عشر سنوات, فكل ما دة وطيب ادلعاشرة, ػلدثنا بو أف عبد النور تزوج من عالية, وقضى معها عشرة أعواـ من السعا

وقد دلح الراوي إذل أف ىذه السعادة سلتلفة, ذلك أف عالية قد تزوجها عبد النور أثناء استقراره يف ادلقاـ, فكاف ىذا الزواج للدين كما للدنيا, فإف عالية بقدر ما أسعدت عبد النور من جهة

.398زهوة, ص - 1

.338زهوة, ص - 2

.14نفسه, ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

91

طويل يف اخللوة, و أعانتو احلاجة الطبيعية, بقدر ما ساعدتو على التفرغ للعبادة و التأمل ال على القياـ بشؤوف ادلقاـ, لكل ذلك عرب عنها الكاتب بأهنا سعادة أخرى.

يف موضع آخر من الرواية, يف لقاء جعفر أخي عالية مع عبد النور, يكتشف جعفر أف عبد النور كاف أستاذا لو يف اجلامعة, يقوؿ السارد:

«بعيد عن الجامعة والمدينة ومتاعبهما.عناية أني التقيتك في مكاف » "فابتهج لو:: فإلى كوثر التي وقفت بجنبها «!بعد حوالي عشرين عاما» وتعجب ألختو المنشرحة:

1"«أنت لم كوني ولدت بعد.»

يف ىذا ادلقطع يلجأ السارد إذل حذؼ ما مقداره عشرين عاما من حياة جعفر, ال ندري ما السارد إذل أي شيء من ذلك ال من قريب وال من فعل فيها وال ما فعلت بو احلياة, وال يشت

بعيد. ويف الفقرة أيضا إشارة لطيفة إذل أف كوثر دل تتجاوز العشرين من عمرىا بعد.

الخالصة:

ؼلربنا السارد عن حديث حيث يلجأ الكاتب إذل تقنية التلخيص, التارل من الروايةقطع ادليف ـ, فيقوؿ:ربيعة لعمها عبد النور إذ زارتو يف ادلقا

2"وحدثتو لساعات عن تذكاراتها في المقاـ. وعن حياتها الجديدة في المدينة"

يف أقػل مػػن سػػطر يلخػػص السػارد حػػديث السػػاعات الطويلػػة الػػذي خصػت بػػو ربيعػػة عمهػػا عبػػد طويلػػة تلػػت تػػذكارات ربيعػػة يف وقعػػت يف سػػنت اختصػػر يف كلمػػات قصػػتة أحػػداثا و النػػور,

يدة يف ادلدينة, لقد خلص السارد مسار حياة ربيعة يف بضع كلمات.ادلقاـ, وحياهتا اجلد

.339زهوة, ص - 1

.31نفسه, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

93

يف موضع آخر يلخص لنا السارد يف سطور قليلة جزءا ىاما من حياة عبد اللطيف, الذي جػاء واه إدريس وأحاطو بعنايتو, يقوؿ السارد:آادلقاـ مطرودا من ثانوية ادلدينة ف

مدينة, كمػا ىػي حػاؿ العشػرات الػذين يتعثػروف "منذ أف التحق بالمقاـ مطرودا من ثانوية الفي دراستهم النظامية, لتغيبو الطويل بسبب مرض مسػتعص أصػاب أمػو فػأودى بهػا فهجػر

, التػي كانػت سػنو ىػو, تقيػة لفتنتهػا بعػد أف بيتهم إثر زواج والده من فتاة في الثامنة عشرة 1"ظاىرت لو ميلها السافر, تاركا أختيو في كفالة جدتو ألمو.

يف ىػػذه األسػػطر القليلػػة يلخػػص السػػارد مػػا جػػرى لعبػػد اللطيػػف علػػى مػػدار شػػهور أو سػػنوات فنعلم أف سبب طرده من الثانوية كاف بسبب ادلرض العضاؿ الذي كانت تعاين منو والدتػو, وأف ىػػذا ادلػػرض قػػد أودى هبػػا يف النهايػػة, وبػػزواج والػػده مػػن فتػػاة صػػغتة السػػن فقػػد خػػرج مػػن البيػػت

وخلػػف أختيػػو عنػػد جدتػػو ألمػػو. خلػػص لنػػا السػػارد كػػل ذلػػك بػػنفس متسػػارع زاد مػػن اتقػػاء للفتنػػة .ربطا آنيا ال تراخي فيو ببعضها ادلتعاقبة مو حلرؼ العطف الفاء الذي يربط األحداثاسرعتو استخد

المشهد:

, زلدثا نفسو وسلاطبامن ادلشاىد اليت تصادفنا يف ىذه الرواية قوؿ السارد على لساف عبد النور يف حلظة تأمل: جسمو,

"آه يا بدف , أينا حمل اآلخر؟ أينا عجز اآلف؟ ىا وصب الزماف رمانا كلينا على شاطئ

العودة. من سيتخلى عن اآلخر؟ ال أعرؼ إلى أين سيغادر عقلي. لكن روحي سيخرج اكتسيت لحما غير ىذا ألراؾ إني منك. سأراه يقبع في بهو انتظار يـو نشورؾ. و

2مدنس الفاني"اللحم ال

.368وة, ص زه - 1

.16نفسه, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

93

و السارد حلظة ادلوت بالوقوؼ على شاطئ العودة, ويف التنزيل احلكيم يقوؿ يشب يف ىذا ادلقطع 1من قائل: "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا هلل وإنا إليو راجعوف" عز

إذف فادلوت يف نظر ادلسلم والصويف خاصة ىو باب يعود منو العبد إذل خالقو وبارئو, وعبدالنور يعرؼ ذلك ولكنو يتساءؿ عن مصت العقل بعد ادلوت وأين زللو, ولكنو على يقت من

يف ىذه الفقرة ؼلاطب عبد النور جسمو, أف روحو سوؼ تقبع يف الربزخ يف انتظار يـو النشور. إذ أحس بقرب مفارقتو للدنيا والرحيل عنها.

رى بت عبد النور ورضواف يف حديثهما عن من ادلشاىد احلوارية اليت ازدانت هبا الرواية ما جمن إدريس, ابن عم األوؿ وصديقو وزوج أـ الثاين وشيخو, وقد امتد ىذا احلوار إذل صفحات

قوؿ السارد على لساف رضواف:الرواية, من ذلك

2"أشعر بسكينة, كما التي آنستها غالبا من سيدي إدريس وأنا بجنبو."

, بل عدوا ىذا من الميذ من الصوفية مع شيوخهم وأساتذهتموىذا ما ػلس بو ادلريدوف والتوعالمة صدؽ إرادتو أف يكوف الغالب عليو الرقة والشفقة والتلطف صفات ادلريد احلق: "

يسعوف عليها يكوف لعبيده أرضا خلقو حىت عن احتماؿ ادلكاره كلها عن عبيده و والبذؿ و .3"ويكوف للشيخ كاالبن البار

اف عبد النور عن سبب اىتماـ سيده إدريس وشغفو بالطبيعة, أجابو:رضو وإذ سأؿ

4"ألنو كاف مولعا بمعرفة أسرار الحياة."

من سورة البقرة. 346اآلة - 1

.331زهوة, ص - 2

.316السراج الطوس, اللمع,ص - 3

.331زهوة, ص - 4

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

91

فاعتؼ رضواف لعبد النور أنو كانت تراوده أسئلة كثتة عن ادلوت واحلياة, دل يكن غلرؤ على طرحها على سيده إدريس, فأجابو:

ا حولنا وما سنئوؿ إليو ىو مصدر حيرتنا ألنوكاف أجابك أف جميع ما فينا وم "لو فعلت 1"متسارع نحو غاية ال ندركها.

الذين يف ىذا اجلواب نربة فلسفية واضحة, يفوح منها نفس أصحاب التصوؼ الفلسفي يريدوف فهم كل ظواىر الطبيعة بردىا إذل العقل.

ويستسل السارد يف ىذا احلوار, فيقوؿ:

رأسو, مشوش النظرة. وجمع يديو إلى بعضهما داخل "فاستساغ رضواف ذلك بهزة من اقتدائي بسيدي في اىتمامو بكتب علـو الطبيعة »وقاؿ: كمي جالبتو, كما يفعل راىب.

فألقى إليو, مضمرا إعجابو «..خاصة ومالحظاتو وتجاربو ىو الذي فتنني بما ىو حي..وف وصورتو لنا بهذا تلك ىي بداية إدراكنا قدرة اليد التي صنعت ىذا الك»بحيرتو: يشت السارد إذل فكرة الشك عند صوفية ادلسلمت الذي ضبل لوائو "اإلماـ 2"«الكماؿ.

بدع لناي أذالغزارل", ىذا الشك الذي يقود إذل حقيقة واحدة, ىي قدرة اهلل اخلالق القادر ال

الكوف يف ىذه الصورة ادلكتملة.

تمو إجابة عبد النور: ليت تنتاب اإلنساف إزاءىا, زبتة اويستمر احلوار حوؿ أسئلة الوجود واحل 3"ال بد للشخص المؤمن من أف يخضع عقلو لقلبو ويقوؿ: تلك سنة الخالق في خلقو."

يسلم أمره لربو ويقوؿ يف خضوع ده لقلبو, وقيا على ادلسلم أف يسلم النهاية غلب إذف يف

.334زهوة, ص - 1

نفسها. - 2

.336زهوة, ص - 3

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

91

تلك سنة اهلل يف خلقو. وإذعاف:

, فيقوؿ على لساف عبد النور زلدثا نفسو:يف ىذا احلوار ويطيل النفس فيو دويستمر السار

"من دوف إحساس باالنتساب إلى الجذع الذي تفرع منو, يعيش الشخص حياة الهمل 1"مشروخ الوجداف كاسف النفس كئيب القلب, ال يعرؼ الطريق إلى خالقو.

, ككل ادلوجودات, ىو ذبل لقدرة اخلالق , مفادىا أف اإلنسافيشت السارد ىنا إذل فكرة صوفيةالقادر, واإلنساف ما دل القادر, فالوجود ليس لو وجود وال حقيقة إال من حيث ىو صورة اهلل

يعي ىذه احلقيقة, فيحس أنو فرع من ذلك اجلذع, عاش عيش احليواف ادلنبوذ الذي ال يعرؼ لو التارل فهو لن يعرؼ طعم الراحة صاحب, ولن يعرؼ طريق السلوؾ والوصوؿ إذل اهلل, وب

والسكينة.

:قائال يف مونولوج قصت ػلدث عبد النور نفسو

2" "تكلمت خالؿ سنين ملزما غيري باالستماع لي. آف لي أف أنصت.

يف ىذا ادلقطع نرى عبد النور وكأنو متصوؼ يف أوؿ سلوؾ الطريق, فها ىو يبدأ باالستماع

, فمرة أخرى سنت طويلة, قضاىا أستاذا زلاضرا يف اجلامعةواإلصغاء, وىو الذي ظل يتحدث ل .يثت السارد فكرة السماع عند الصوفية ألعليتو الكبتة عند القـو

ويف مونولوج آخر صلد رضواف ػلدث نفسو متذكرا أمو, تلبست عليو بالعابدة الزاىدة "رابعة صبرؾ وإيمانك وزىدؾ في , بم فاقتك العدوية؟ لك مثلها وأنت !أمي" العدوية", فيقوؿ:

دنيا الناس في ىذا المقاـ. وجمالك الذي ال بد سحر أبي ثم نشرتو على سيدي إدريس

.336زهوة, ص - 1

.333نفسه, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

94

1"رغبة وافرة فعاشرؾ كأنك جزء منو

يف ىذه الفقرة يشبو رضواف أمو فاطمة بالعابدة الزاىدة العارفة باهلل "رابعة العدوية" يف صربىا, ا يف دنيا الناس, وأيضا يف صباذلا, ىذا كلو راجع لعشقو لقصة رابعة وإؽلاهنا القوي باهلل, وزىدى

كاف قرأىا فيما قرأ يف مكتبة سيده إدريس, يقوؿ السارد:

فانشغل بقصتها حد "واستخبر الفراغ من حولو عن أي يد رمتو في حياة رابعة العدوية 2"الهياـ فتشابهت عليو ابتالءاتها بأطوار حياة أمو

حد اذلياـ, حىت أنو قد استعار بعض عباراهتا رضواف بقصة ادلتصوفة رابعة أعجبإذف فقد , ىذا ما تصور أمو تكوف قد قالتو 3"أحبك, ال طمعا في جنتك وال خوفا من عذابك."

إياه حب صادؽ خاؿ من أي خوؼ أو رجاء, حب أف حبها داللة على, لزوجها إدريساعتبار آخر, وذلك تشبها برابعة العدوية اليت إلدريس الرجل, ال لكونو سيد ادلقاـ وال ألي

إف كنت عبدتك !, فقد روي عنها قوذلا: "إذليكانت تناجي رهبا دبثل ىذا الكالـ وغتهخوؼ النار فأحرقت بالنار, أو طمعا يف اجلنة فحرمها علي. وإف كنت ال أعبدؾ إال من

حىت ت يف مراقي العبوديةترق رابعة قد ذلك أف, 4أجلك, فال ربرمت من مشاىدة وجهك" خوفا من عقاب.صارت تعبد اهلل حبا فيو ويف ذاتو ال طمعا يف ثواب وال

الوقفة:رأينا أف الوقفة ىي تقنية سردية يلجأ إليها السارد لتبطيء عجلة السرد, فيتؾ اجملاؿ للوصف

يفضل عليها اللغةو أف السائح ال يستخدـ كثتا اللغة الواصفة رغم هبذا الدور, و كي يقـو

.318زهوة, ص - 1

.319نفسه, ص - 2

نفسها. - 3

الرحمن بدوي, شهدة العشق اإلله رابعة العدوة عبد - 4

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

96

, إال أننا صلد بعض الوقفات يف ثنايا رواية "زىوة", من ذلك قولو:الدينامية احلافلة باألحداث

"وباطنا لظاىر, عرض يديو. وتأمل جلدىما, تهلهل لجفاؼ النسغ. وطفحت على بقع احمرت ىنا واسودت ىناؾ, آثارا لتآكل داخلي. في انتشارىا إلى ساعديو نسيجو

بطنو وساقيو, كما رآىا في اغتسالو األخير, بدت أشبو ببقع جرداء في أرض أىلو عندماو 1"كاف يشاىدىا, وىو صغير, برقعتها قطعاف الرعي عند الخريف

والوىن بفعل ادلرض وتقدـ الضعفيف ىذه الفقرة وصف دلا آؿ إليو جسد عبد النور من لبقع اليت تتكها األغناـ يف أرض ادلرعى., حىت شبو تلك البقع ادللونة على جلده باالعمر

ويف ىذا الوصف تكريس لفكرة أف عبد النور يف أخريات أيامو, ذلذا فهو يستجع شريط حياتو أماـ عينيو, خاصة منذ حلظة التحاقو بادلقاـ.

ويف وقفة أخرى يصف لنا السارد خلوة ادلقاـ وما هبا من أثاث, فيقوؿ:

آخر مرة في جرابها الجلدي بعد وضعها الصيد, كما دقية بن شمل واىنة, بنظرة "و الكتب أيضا, التي زاد مخلفات. و براثن االندثار من ما سلم من المرفع. و تنظيفها. و

تراكمها قرب فراشو, من تلك التي ما فتئ جعفر يزوده بها عند كل عودة لو من أسفاره. تركة بين مسيحيي الشاـ ومسلميو, كاف قدمو لو فوقها آخر كتاب عن الحياة اليومية المش

ىدية كما وعده قبل أعواـ. وما حتمت الضرورة إضافتو من أثاث زاىد امتألت بو 2الخلوة, التي دخل في صمتها, الذي عليو كاف إدريس غادرىا قبلو."

يا من اخللوة إذف عبارة عن غرفة بسيطة ال ربوي من حطاـ الدنيا إال ما كاف الزما وضرور هبرج, و ىذا يدؿ على أف صاحب اخللوة عبد النور عن كل كل تكلف و األثاث, بعيدا عن

.6 -4زهوة, ص - 1

.6زهوة, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

97

يعيش حياة الزىاد وادلتنسكت, صارفا علو إذل العبادة والتفكت شأنو يف ذلك شأف العارفت من وىو يف زىده وتصوفو قد سلك طريق أىل التصوؼ, شلن عرؼ طريق اهلل فقصده والتـز بو,

علماء العاملت, ال طريق اجلهلة الغافلت, فقد غصت اخللوة بالكتب يف شىت الفنوف.ال

ويف وقفة أخرى ينحسر السرد تاركا اجملاؿ للوصف, يقوؿ السارد:

"فابتهج للوجاىة التي أضفتها عليو مالبس تقليدية من عمامة صفراء, وجالبة صوفية نعل جلدي يشبو الخف, كاف قبل ليلة سوداء, تحتها قميجة بيضاء ضاربة إلى صفرة, و

1"أبويومن خزنة أخرجها

يف ىذه الوقفة وصف للمالبس التقليدية اليت لبسها يوسف فأضفت عليو ىيبة ووقارا ووجاىة, حىت كأف شعيب والد إدريس بعث من جديد.

:ويف طريق الرحلة إذل ادلقاـ, يصف السارد بعض ما عاينو يوسف وعبد النور يف طريقهما

مرسال نظره في مدى السهل عن يمينهما حيث تقاربت منهما بقرتاف وأغناـ سارحة غير "

ت سقف قرميدي أحمر عند سفح الجبل الموازي لمسيرىما, انبعثت ابعيد عن دار ذأمارة الحياة من مدخنتها. تأملها يوسف تحت وطأة ىدوء ممتد. لشدتو, خاؿ بابها فما

يرقب مرورىما, بقربو شخص واقف بجنبو كلب تناىى ونافذتيها عينين لمخلوؽ غريب .2"إليهما نباحو.

يتحدث السارد عن احلصاف وعالقتو باإلنساف:توقف فيها السرد, ,أخرى ويف زلطة

.31نفسه, ص - 1

.31زهوة, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

98

أكرمها و يبقى الحصاف دجنها اإلنساف جميعا بين الحيوانات التي من »"ثم نطق: بينهما من التقدير واأللفة على درجة ال لعلو لذلك نشأت ىذه العالقة العميقة أنبلها

يكاد يحوزىا مخلوقاف آخراف تجاه بعضهما. لم أعرؼ حيوانا أليفا, مثل الحصاف, يشعرؾ بعينيو اليقظتين الوجلتين والنزقتين أحيانا أنو يعرفك, كما بإيماءات أذنيو المؤنسة

1"«وتو ىمتك.أنو ال يزاؿ صديقك الوفي, وأنت ترى في قوامو عزتك وتسمع في ص

ويف وقفة أخرى, يصف لنا السارد ادلزار الذي ىو عبارة عن غرفة بسيطة يف ادلقاـ, أما ادلتاع "ال شيء بدا منو وضع لزينة, إف لم يكن للضرورة, حتى الزربية المبثوثة ذات العمق فإنو

من ىي أشكاؿ ىندسية األسود المخلل برقـو حمراء غالبة متقنة التوزيع حسب موتيفاتأنصاؼ مربعات ومعينات متقابلة كأف الفراغات ما بين أطرافها معابر ومداخل لخياـ أو ديار مترامية في سهل ليبدو المربع األكثر صغرا في مركزىا ىو نواة الحياة ومن حولو

2"...الخطوط المعقوفة شبيهة بالصلباف والمتقاطعة بال نهاية

, يقفالغرفة, وؽلتد ىذا الوصف قرابة الصفحةوىكذا يستسل السارد يف وصف متاع ىذه

معلـو أف مهمة منتظرين أف ينهي الوصف مهمتو ليستأنفا مستعلا, و دثفيها الزمن واحل فضاء الرواية, و إذل ينقل القارئ وفهلنص, ى العالواقعية إضفاء جو منتتمثل يفالوصف

.ةيزيد من حجم الروايلليس الوصف رلرد حشو ينضاؼ للمنت

اليت كاف إدريس قد شيدىا بنفسو, فيقوؿ: يف وقفة أخرى يصف السارد خزانة ادلقاـ

التي "إذ أزاح ستائر أربع نوافذ تباعا وفتح مصاريعها, ظهرت لعبد النور القاعة الكبرى كتبا مليئة المصقوؿ الخشب من إلى أعالىا, رفوؼ من أسفلها غطت جدرانها,

.31, ص زهوة - 1

.13نفسه, ص - 2

الصوفية من خالل الزمن رؤيةالالفصل األول تجليات

99

1"متنوع...وفانوساف وشموع وكبريت. وسندات تعليمية تشريحية ومجلدات ذات قطع

ىكذا ؽلتد وصف ىذه اخلزانة وزلتوياهتا على مدى ما يقارب الصفحة ونصف الصفحة, فإذا ىي مكتبة ضخمة هبا العديد من الكتب واجمللدات يف شىت صنوؼ ادلعرفة, وهبا ما يشبو

ة ورلسمات حلشرات وحيوانات وبعض أعضاء بأجهزة علميادلخترب للتجارب العلمية, مزودا جسم اإلنساف...اخل, شلا يدؿ على أف إدريس رغم اعتزالو التدريس باجلامعة ودنيا الناس, وسلوكو طريق التصوؼ واالنعزاؿ, إال أف تصوفو تصوؼ علمي دل يثنو عن مواصلة أحباثو

النور, فيقوؿ:ويف وقفة أخرى يصف السارد لباس عبد وذباربو لفهم ىذه احلياة.

و التقليدية الباىرة من نوع ما يلبسو الميسوروف في وإذا ثالثتهم دخلوا عليو في ثياب" ريف ىضاب الجزائر العليا للمناسبات الكبرى. بعمامة صفراء تزايينها من توت,...تحتها

2قميجة مقفلة األزرار لونها ضارب إلى بياض اللباء."

النور واليت سبثل الزي التقليدي لألعياف واألثرياء من سكاف دلالبس عبد يف ىذه الفقرة وصف اذلضاب العليا الغربية للجزائر.

.339 -338زهوة, ص - 1

. 397نفسه, ص - 2

الفصل الثاني

تجليات الرؤية الصوفية من خالل

المكان

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

101

:وأىميتو المكان مفهوم

اختلف أصحاب ادلعاجم يف تعريف ادلكاف فقاؿ بعضهم أنو يعت ادلوضع, وقاؿ آخروف أنو موضع أنو ادلكاف , جاء يف اللساف يف تعريفاالستقرار موضع ادلكاف أففريق آخر الكينونة, بينما اعترب

,ادلستقر للشيء احلاوي" أو ىو, 1مكنة"أ"موضع لكينونة الشيء فيو... وادلكاف ادلوضع واجلمع .2"واضطجاعو قيامو وموضع األرض من اإلنساف كمقعد

وترسيخ كياهنم وتثبيت البشر يف تكوين حياة -ومنذ القدـ -"يلعب دورا ىاما وحامسا ادلكاف و اخلاص, أي طابع ادلكاف, وبالتارل ربديد تصرفاهتم ىويتهم, وتأطت طبائعهم وطبعها بطابعو

حبياهتم, وأكثر تغلغال يف كياهنم وأعمق التصاقاوإدراكهم لألشياء, وىذا لكونو أشد اهتم,وتوجه 3ذبادال مع ذواهتم."

األشكاؿ السردية إف احلديث عن ادلكاف بصفة عامة, و عن استمرارية ظهوره يف كللذلك ف, داللة من أكثريشت إذل و مفهـو من أكثر ػلمل حديث ذو شجوف, فهو الرواية,يف اصة وخب

الوجود من وجوده يف أسبق ادلكاف كاف وذلذا مكاف, بدوف اإلنساف زبيل ؽلكن ال" نوألذلك و 4" اإلنساين

األوؿ ادلكاف الذي يعترب األـ بداية من بطن يف حياتو بأمكنة كثتة, ؽلر اإلنساف علـو أف ن ادلوم كيفما كاف ىذا البيت كوخا البيت,نيو على يفتح عي مث ,ما بشكلاإلنساف حياتو فيويبدأ الذي

ادلدرسة أو ادلسجد, مث مكاف العمل مثأـ قصرا, بعد ذلك يأيت الشارع)خارج البيت(,

, 14ابن منظور, لسان العرب, الجزء - 1

.10 -9ص ,2006, 1, عالم الكتب الحدث, األردن, طداللة صرفة دراسة الكرم, القرآن ف والزمان المكان ااسم زغلول, عقل - 2

,, اتحاد الكتاب العرب, دمشقإشكالة التلق الجمال للمكانف قادة عقاق, داللة المدنة ف الخطاب الشعري العرب المعاصر, دراسة - 3

.259ص , 2001

.11 ص ,2002, 1, منشورات دائرة الثقافة واإلعالم, الشارقة, ط القصرة العربة القصة ف المكان فضاء بناء إسماعل, السد محمد - 4

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

102

ويعيش بعضهايألف يتفاعل معها اإلنساف إغلابا وسلبا, ف كثتة أخرى أمكنةتأيت مث...وىكذا ., وينفر من بعضها اآلخر ويبتعد عنهافيها

وال ,أعلية كبتة, فال ؽلكن تصور أحداث إال يف مكاف تقع فيو لو دلكافاف الروائيةؿ ما يف األعماأؽلكن احلديث عن الزمن وإيقاعو وستورتو إال منسوبا إذل مكاف, كما ال ؽلكن زبيل شخصيات

, فهو وليد ونتاج فكره وادلكاف يف الرواية صنيعة الكاتب. مكافحيز و تتحرؾ وتتفاعل إال يف الواقعي أحيانا لدرجة ادلطابقة, وينأى عنو يف أحايت الطبيعي لذلك فهو يقتب من ادلكاف سليالو, يف دنيا الناس.أو مشاهبا حىت ال يكاد القارئ غلد لو مثيال كثتة أخرى

ادلبدع الكاتب خياؿ يولدىا جديدة دالالت إذل ويشت فنية أدوارا يلعب الرواية يف فادلكاف .1"األحداث فيها تقع اليت اخللفية عن تعبتا الرواية يف ليصت احليادية واقعيتو نع ؼلرج"لذلك فهو

إذا كانت الرواية يف ادلقاـ األوؿ فنا زمنيا يضاىي ادلوسيقى يف بعض تكويناتو وؼلضع دلقاييس "و مثل اإليقاع و درجة السرعة, فإهنا من جانب آخر تشبو الفنوف التشكيلية من رسم و ضلت يف

.2"...فالرواية رحلة يف الزماف وادلكاف على حد سواءتشكيلها للمكاف

زا جغرافيا حقيقيا, من حيث "عبد ادللك مرتاض" ادلكاف بأنو " كل ما عت حي ويعرؼ الدكتور احليز يف حد ذاتو, على كل فضاء جغرايف, أسطوري, أو كل ما يعتور ىذه ادلظاىر من نطلق

.3"كة أو تغتحر

ادلصطلح األصح ىو احليز يف أف قضية ادلصطلح, حيث يرى إذل يف العبارة األختةمرتاض شتيو أف مصطلح الفضاء, من منظورنا على األقل, قاصر " ررمقابل مصطلحي ادلكاف والفضاء, فيق

.102 ص: وطار للطاهر العشق ف تجربة خالل من الجزائري المثقف واقع ح, طاهر بن - 1

.99فوظ, ع.س, ص:سزا قاسم, بناء الرواة, دراسة مقارنة ف ثالثة نجب مح - 2

.245عبد الملك مرتاض, تحلل الخطاب السردي : ص - 3

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

103

فراغ؛ بينما احليز اه جاريا يف اخلواء والنبالقياس إذل احليز؛ ألف الفضاء من الضرورة أف يكوف معلدينا ينصرؼ استعمالو إذل النتوء, والوزف, والثقل, واحلجم, والشكل... على حت أف ادلكاف نريد

.1", يف العمل الروائي, على مفهـو احليز اجلغرايف وحدهو ف أف نق

أو اجلبل ,أو ادلدينة ,نزؿكادل ادلشاىدة وأسوسة احمل ةادلادي ةمكنألمفهـو ادلكاف على اال يقتصر و قد تكوف أسطورية, غت زلسوسة , وإظلا يتمدد ويتسع ليشمل أبعادا أخرى أو ادلقهى... الغابة أو

ثانويا, وقد أساسيا بارزا, كما ؽلكن أف يكوف دلكاف يف الرواية ؽلكن أف يكوف حضور اأو خيالية, و دبا يراه ويؤثثو وائيفضاءه الر الذي يصنع ىو كاتبالف غامضا, ضبابيا وأواضحا, جليا يكوف

مناسبا.

النص, أي الصورة بو "رلاؿيعت الذي احليز النصيويرى بعض الدارست أنو غلب التفريق بت التشكيلية اليت قدمت هبا الرواية للقارئ من حيث ترتيب أقسامها, و ما يتعلق بعنواهنا و عناوين

يشمل األماكن, سواء منها ادلتخيل أو الذي فصوذلا, و مضامت فاربتها, وبت احليز ادلكاين . 2الفعلي الذي لو مرجعية واقعية."

فاحليز النصي ىو تشكيل الكلمات واحلروؼ على الورؽ, أي الكيفية اليت مت هبا إخراج النص ادلكتوب ووضعو بيدي القارئ, أما احليز ادلكاين فهو يشمل األماكن اليت أثث هبا الروائي روايتو

ادلتخيلة اليت أبدعها خياؿ الكاتب, أو تلك اليت ذلا مرجعية يف واقع الناس. سواء منها تك

وإذا كاف ادلكاف يف السرد الكالسيكي لصيقا بالوصف, وغليء بو الكاتب لتأثيث نصو وتأطت "ؽلكن استغاللو إذل أقصى احلدود, فإسقاط احلالة أحداثو وشخوصو, فإنو من منظور حداثي

سية لألبطاؿ على احمليط الذي يوجدوف فيو غلعل للمكاف داللة تفوؽ دوره ادلألوؼ الفكرية أو النف

.121عبد لمالك مرتاض, ف نظرة الرواة, ص - 1

.116عبد الحمد بوراو, منطق السرد, ع.س, ص: -2

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

104

كديكور أو كوسط يؤطر األحداث, إنو يتحوؿ يف ىذه احلالة إذل زلاور حقيقي ويقتحم عادل .1زلررا ىكذا نفسو من أغالؿ الوصف" السرد

غدا أكثر ذبريدا وأشد اجلديدة روايةنو يف اللك, واضحا يف الرواية التقليدية بسيطا ادلكاف كاف لقد, و الفضاءأاحليز مثل جديدة تسمى دبسميات , وبعيدة دالالت عميقةاكتسى قد تعقيدا, ف

الرواية وغدتالشخصية, الزمن أو وأاحلدث دورعن ةقل أعلييال دوره يف الرواية أصبح و والتآزر من أجل إعطاء لتكامل ادلكونات السردية على أساس من اكل بوتقة تنصهر فيها اجلديدة

النص حلمتو ونسيجو ادلتابط.

كما يتعامل معو يف ,وجعلو ,ورمسو, وربديد معادلو ,بنائهم احليز لدى يف الرباعة الروائيوفيتفاوت "و اجلديدة طرفا فاعال يف ادلشكالت السردية حبيث قد يستحيل إذل كائن الرواية

.2وينطق" يسمعو ينفع, و يضرو , يعي ويعقل

ولغتعلا من أو إطارا ذلما ومهما يكن من أمر فإف ادلكاف يبقى دوما "وعاء للحدث والشخصية مستقيم بعد دبثابة أيضا ىو مثلما. السواء على باىتة أو واضحة خلفية رلرد ىو أو عناصر القصة

.3"احلدث مستة أو الشخصية حلركة يتسع شئت ما أو دائري أو حلزوين أو

تصنيفات المكان:

كما اختلف الدارسوف يف ربديد مفهـو ادلكاف فقد اختلفوا يف حصر أنواعو, لذلك فقد تنوعت .لمكاف, كل حسب رؤيتو ومتطلبات دراستول مهتصنيفات

صلد "غالب ىلسا" يقسم األماكن إذل أربعة أنواع كما يلي:

.71حمد لحمدان, بنة النص السردي, ص - 1

.130 ص: عبد المالك مرتاض, ف نظرة الرواة - 2

165 ص: العربة الرواة ف دراسات السرد, تحوالت السعافن, اهمإبر3 -

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

105

موجود يف الواقع, فهو رلرد فضاء تدور فيو األحداث ادلكاف اجملازي: وىو مكاف افتاضي غت -1 فنستطيع إدراؾ صفاتو ذىنيا ولكننا ال نعيشو.

ويظهر , معينة بدقة من طرؼ الكاتب ىندسية أبعاد إذل يشت مكافوىو : اذلندسي ادلكاف -2قة د يف الكاتب داز وكلما يف الرواية من خالؿ وصف األماكن اليت تدور فيها أحداث الرواية,

.القارئ قلل من مساحة اخلياؿ لدى كلما اذلندسي, ادلكافوصف

الذي يستطيع أف يثت لدى القارئ ذاكرة مكاف ادلكافوىو : األليف )مكاف العيش( ادلكاف -3ولكنو ابتعد عنو انتقل منو و وىو يف الغالب مكاف يكوف الروائي قد عاش فيو مث ,عايشو وأحس بو

.وخبيال فيو يعيشبقي

طرا لإلقامة ضال يرغب اإلنساف يف العيش فيو, ولكنو غلد نفسو م مكافوىو : ادلعادي ادلكاف -4 1...اخل.الغربة, ,ادلنفى السجن,فيو مثل

: مكانية أطر ةثالث جملموعة من القصص الشعبية دراستو خالؿ من" بروب" استنبط قدو

ىذا يف ربدث اإلساءة لكن ,واألنس العائلة وزلل الرأس مسقط عادة وىو: األصل ادلكاف -1 .واإلصلاز اإلصالح وسائل عن حبثا الفاعل سفر عنها فيتتب ادلكاف

للمكاف رلاور وىو ووقيت, عرضي مكاف وىو التشيحي االختبار فيو ػلدث الذي ادلكاف - 2 .الذي يقع فيو اإلصلاز ادلركزي

. 2... الرئيسي االختبار أو اإلصلاز فيو يقع الذي ادلكاف - 3

, 2006 ,1عمان, ط ,والتوزع للنشر مجدالوي , دارالروائ الخطاب ف السرد جمالات :كناف غسان زعرب, عودة ةحصب - 1

98إلى 96 صمن

ط, د للنشر, التونسة الدار الجزائر, الجامعة, المطبوعات ندوا القصة, نظرة إلى مدخل شاكر, جمل المرزوق, سمر: نظر - 2

.63و 62 ص ت, د

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

106

.1عد للمكاف أكثر من ثالثت نوعاوىناؾ من الدارست من

وصلد فريقا آخر من الدارست اعتمد التقسيم الثنائي, فقاـ بعضهم بتصنيف ادلكاف إذل عاـ , بينما اعتمد آخروف ثنائية ادلكاف ادلفتوح وادلكاف ادلغلق يف دراستهم لعنصر ادلكاف 2 وخاص

ىذا البحث.ا للمكاف يف وذلك ما اعتمدناه يف دراستن

لقد ارتأينا يف دراستنا للمكاف أف نأخذ بثنائية ادلفتوح/ادلغلق فنتعرض لألماكن ادلفتوحة ودالالهتا وضلاوؿ تلمس السمات الصوفية فيها بوجو خاص, مث نتعرض إذل األماكن ادلغلقة فنتعامل معها

لصوفية للحبيب السائح يف تأثيث ادلكاف يف بذات الطريقة, وذلك بغية الكشف عن أثر الرؤية ا رواية "تلك احملبة" مث يف رواية "زىوة".

"تلك المحبة" ن في روايةكاالصوفية من خالل الم الرؤيةأوال: تجليات

األماكن المفتوحة: -1

الصحراء: - 1 -1

أدرار ومنطقة ال نقصد يف ىذا ادلقاـ الصحراء كإقليم جغرايف, فإف أحداث الرواية كلها ذبري يففقتة الواسعة الفضاء الرض األ توات اليت ىي يف عمق الصحراء اجلزائرية, ولكننا نقصد بالصحراء

, فهي موطن أىل التصوؼمكانة خاصة عند هبذا ادلعت األخت للصحراءو القليلة النبات, ادلاء تكبلو قيود, فهي وىي ادلكاف الالمتناىي الذي ال ربده حدود والاالنعزاؿ والبعد عن الناس

وىي "األبدية والالهنائية ,سبحانو وتعاذل ادلطلق الذي ال ؼلضع لسلطاف أو رقابة أحد غت اخلالق, ففيها غلد ادلتصوؼ السكينة واذلدوء والبيئة ادلثلى 3والصفاء بعيدا عن عكارة احلضارة وفوضاىا"

.21إلى 15, الصفحات من 1994, 1نظر: شاكر النابلس, جمالات المكان ف الرواة العربة, المؤسسة العربة للدراسات والنشر, ط - 1

.304و 303, ص 1998ر الكتاب العرب, الجزائر, نظر: عبد هللا خمار, فن الكتابة: تقنات الوصف, دا - 2

.340,ص2000, 1خالد حسن حسن: شعرة المكان ف الرواة الجددة)ادوارد الخراط نموذجا(, مؤسسة المامة الصحفة,الراض,ط - 3

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

107

ا فيها مواجيدىم وأشواقهم وليقيموا فيها ذلذا اختارىا الصوفية منذ القدمي ليبثو ,للمناجاة اإلذلية"ابن عريب" يرى أف الشيخ األكرب , فقد كاف واذلازئت بعيدا عن أعت الرقباء واحلساد صلواهتم

, أي ىي ادلكاف الذي يتطهر فيو القلب من أدراف 1"وحاؿ التنزيو والتقديس مقاـ التجريد قفر"ال .نزىو عن الند والشبيويو وتقديسو دبا ىو أىلو, الق احلياة وهبرجها وزيفها فيتجو إذل توحيد اخل

يف الصفحة األوذل من رواية "تلك احملبة" يطالعنا ذكر الصحراء حيث يتحدث السارد عن بعض مظاىرىا اليت سبيز منطقة توات, فيتحدث عن عرؽ الرمل الذي ىو عبارة عن رلموعة ال متناىية

, فإذا ىبت عليو ة, حىت كأنو حبر خضم من الرماؿ ادلتماوجةمن الكثباف الرملية ادلتاكمة وادلتالصق الرياح بسطتو مثل األمواج اليت ربركها الرياح.

"و بين وطن ىذا وذاك عرق من الرمل يمتد برزخا، كلما ىبت الريح مرطتو فالتقى بعض ذاك 2ببعض ىذا وحدثت الخوارق."

, فهو الذي ػلجز بت عادل البشر الرؽ الذي يفصل ادلدينة أدرار عن ىذا العرؽ من الرمل ىوالذي ىو من مظاىر الصحراء اليت سبيز الذين يسكنوف ادلدينة وعادل اجلن الذين ينتشروف يف الرؽ

أرض "توات", فالرؽ عبارة عن أرض منبسطة المتناىية كأهنا بساط أمحر شلتد ال تعرؼ لو حدود ك الوطن إلى الرق يعيشون فيو ىائمين "العفاريت الكفرة المطرودين من ذليعيش فيو

3عارضين شرىم على أمثالهم من اإلنس الذين عجف في قلوبهم نبت المحبة."

ذوي يبثوف الرعب يف أرجائو, ويساعدوف أمثاذلم من البشر هؤالء العفاريت يستوطنوف الرؽ و ف النفوس الشريرة على إيذاء إخواهنم والكيد ذلم.

, د ت, د ط لون, بارس,دار بب ذخائر األعالق شرح ترجمان األشواق البن عرب, تحقق وتعلق محمد عبد الرحمن الكردي,1 -

.103ص

11ص ,تلك المحبة - 2

12 ص ,نفسه - 3

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

108

, أي إذا التقى بعض البشر مع طائفة من اجلن التالقي بت الطائفتت أنو عند حدوثيقوؿ السارد ولعل السارد ىنا يشت إذل التقاء البتوؿ وىي منسوبة ,وادلعجزات يف حاالت نادرة ربدث اخلوارؽ

إذل عادل البشر مع إمساعيل الدرويش الذي ىو أقرب إذل طبيعة اجلن وكيف ربدث حينها اخلوارؽ تنزؿ بت يدي صويف زاىد.كأهنا كرامات ت

تطوى األرض لبعض ادلتصوفة العارفت و كيف , عن طي األرضيف فقرة أخرى يتحدث السارد غلري عليهم حكم الزماف أو ادلكاف, يقوؿ السارد:يعود حيث ال

ككان للسيدة عرشا من تل "طوى في زوادتو الفيافي وبخطوة بين )الهقار( و)أدرار( 1"المحبة

يف خطوة واحدة كما يطوي بساطا صغتا يف جرابو العارؼ ادلسافة بت اذلقار وأدرارطوى ىذا ضلو السيدة البتوؿ. صانعا عرشا من احملبة

يف رحلة البحث عن زلبوبتو: يعود إذل ذكر بليلو يف حديث السارد عن الصحراء ومظاىرىا

الشروق فتجلل بالضياء ، انتظر أمامو" ثمة على رأس العرق، حيث السبخة أسفلو والخضرة 2وانبهج بالصوت "

وتغمره بالضياءفيو جعل الكاتب من ىذه القمة على رأس العرؽ مكانا صوفيا حيث يتجلل ادلرء , ويف انتظار الشروؽ إشارة لطيفة إذل إشراؽ األنوار يف نفس بالصوتهج بتو ي األلطاؼ العلوية,

.الصويف بعد اجملاىدات والرياضات

:خصبة للتصوؼ و االنعزاؿ فقد جاء وصفها على لساف مربوكة أرض توات بيئة

.13, ص لك المحبةت - 1

18 ص ,نفسه - 2

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

109

"...توات محصورة في قلب صحراء بال طريق تخرج شرقا أو تدخل غربا ، بعيدة عن كل 1شيء غير الشمس و الرمل و الشتات و الريح"

موجودة يف عمق الصحراء, بعيدة عن احلضارة وادلدنية, فال ذبد فيها غت الشمس منطقة تواتوالرياح واالتساع الالمتناىي, فهي بعيدة عن كل ما يربطها هبذه األرض وىي يف اتصاؿ مباشر مع

وكثر فيها ادلشايخ وتعددت فيها الزوايا.فيها التصوؼ ازدىرالسماء, ذلذا

األب ", ىذه ادلرة على لساف جولييت الراىبة يف الدير وىي تقرأ مذكرات عودة إذل ذكر الصحراءىذه الطهارة الضوئية التي تتحدث عنها كل الكتب التي قرأتها عن الصحراء ىذا " ":دو فوكو

2الموطن غير المدنس "

إؽلاءة لطيفة لقوؿ الرسوؿ يف ىذه الفقرة ىي "ىذه الطهارة الضوئية" ويف ىذه العبارة الصحراءال تغيب ضوء الشمس اليت الكرمي: "وجعلت رل األرض مسجدا وطهورا", وفيها أيضا إشارة إذل

عنها إال نادرا, ومن جهة أخرى يقوؿ السارد "ىذا ادلوطن غت ادلدنس" ويف ذلك تأكيد على صاحلة للتصوؼ الزىد.طهارة الصحراء وعذريتها, فهي هبذا ادلعت بيئة

يرجع السارد إذل احلديث عن أدرار, ولكن ىذه ادلرة على لساف مجيلة اليت رمتها الظروؼ يف أدرارمن مدينة وىراف, فبعد أف كانت ال تعرفها إال كنقطة على اخلريطة ىا ىي اليـو تدخلها قادمة

فتذىلها الشساعة, فتحس نفسها ذرة ساحبة يف امتداد بال حد كأهنا صويف يسبح بفكره يف ملكوت اهلل يف جو من الفيوضات وادلعارج الروحية.

ا رأتها أول مرة، نقطة تحددىا كلمة "فإن أدرار لم تكن قد اضمحلت تماما في ذىنها، كمباألسود في قلب خارطة ال تدرك، لتتحول في نظرىا وفي إحساسها ووجودىا فيضا من

172 ص تلك المحبة, - 1

232 ص ,نفسه - 2

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

110

االمتداد يوم حلت بها نهاية صيف محرقة. فصارت ىي ذرة النقطة سابحة في شساعة بال 1حد"

رار" واالطلراط فيو نستشف االستسالـ واالنقياد جلو "أد يف قولو "ساحبة يف شساعة بال حد"حيث أحست مجيلة أهنا ذرة ساحبة يف ىذ البحر الالمتناىي مثل الصويف الذي يتحد مع الكوف

بوجو من الوجوه. و غت منفصل عنومن فيحس أنو جزء

يف ليلة مقمرة خرجت مجيلة ومكحوؿ يف جولة يف نواحي أدرار, أذىلهما منظر الصحراء جبالذلا كينة وفاضت عليهما األنوار فأنطقهما ادلوقف بكالـ الصوفية والزىاد, وروعتها, فغشيتهما الس

"في ليلة ما، قال لها في شارع ما، يخترقان سورىما فأخربىا بأف للصحراء سرا من أسرار النبوة نبوة، و بقلبو لمس التجليات، و على لسانو ا أدرك سر األحمر: من عرف للصحراء سر

2ما تقول، و في ذىنها تسعة وتسعون ال ينفك لها واحد منها" انهمرت الفيوضات. فلم تدر

يف الفقرة السابقة يتحدث السارد عن الصحراء اليت ذلا مكانة خاصة عند الصوفية, ذلك أهنا الفضاء الرحب الذي يذكر دبلكوت اهلل الواسع, كما أهنا ادلكاف ادلفضل للخلوة واالتصاؿ بالسماء

, خاصة يف الليل حيث ؼليم السكوف واذلدوء, أو سقف جر أو شجراليت ال ػلجبها عن النظر حويف اعتقاد الصوفية أف الصحراء موطن لألسرار ادلكنونة, اليت ال يعلمها إال قلة من الناس اصطفاىم اهلل تعاذل واختصهم ببعض أسراره, ومرة أخرى صلد إشارة إذل أمساء اهلل احلست والسر

ادلكنوف فيها.

د يف وصف ىذه اللحظة ادلميزة, مستعينا بالقاموس الصويف, فيقوؿ أف البتوؿ زبيلت ويستمر السار "ثم نزل أعلى قمة من قمم اذلقار األشم مادا جناحيو "أتاكور"مثل باز يتبع على عبد النيب

252 ص تلك المحبة, - 1

268 ص ,نفسه - 2

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

111

إليها، وىي ىائمة في ىلهل خيوط مفتولة بالتبر، حملها عبرىا إلى تلك القمم التي ال يطأىا ليقول لها، أو كذلك حسبت، وصوتو بعمق فجاج الصخور وبصره بحد المدى نسر غيره

الالمتناىي: من ىنا يكون بدء نشء الكون. ىناك، انظري حيث الفيض البنفسجي المنبجس منو كل نور. من ثمة بدء طريق إلى حضرة الخالق العظيم. آدم يكون قلبو قطرة منو وحواء

1ألرض"جزيئو، ونبينا ضياءه الذي بقي في ا

نفسها , فقد زبيلت البتوؿ فيها واضح جلي النفس الصويفبالعبارات الصوفية و ىذه الفقرة تنضح ػلملها فوؽ قمم جباؿ عبد النيبأف تسبح يف خيوط دقيقة لطيفة منسوجة من الذىب, مث زبيلت

, المتناىيال يغمرعلا فيض من النورالعالية اليت ال تستطيع حىت النسور الوصوؿ إليها, ف اذلقاروىناؾ يشت إذل منبع النور ويقوؿ أنو من ىنا يكوف بدء نشء الكوف إشارة إذل الفكرة الصوفية القائلة بأف أوؿ ما خلق اهلل ىو زلمد صلى اهلل عليو وسلم, ومن نوره خلق األنبياء واخللق أمجعت

وكل شيء يف ىذا الكوف.

:مواضع ومدن -1-2

وسوؼ تقتصر ,يف الرواية ر العديد من ادلدف وادلواطن بأمسائهالسائح" إذل ذكتعرض "احلبيب ا" وكان )شيخ( قوؿ السارد:دراستنا على األماكن اليت نلمس أف ذلا عالقة بالتصوؼ, من ذلك

3أسدى إلي النصح أن اسمع و بخر واسجع، واستغث واستحضر واجمع." 2شروين

يقوؿ ذكرت عرضا عند ذكر شيخها "شروين"فكأف ,الشخصية اليت تعمرهاسم ادلكاف يأخذىنا "إف ذلك من أجل من يعمر ذلك ادلوضع إما يف احلاؿ من ادلالئكة ادلكرمت أو الشيخ األكرب:

.309, ص لك المحبةت - 1

شرون إحدى بلدات أدرار المعروفة. - 2

.18 ص ,لك المحبةت 3 -

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

112

كبيت أيب يزيد الذي يسمى بيت األبرار, إما من علة من كاف يعمره وفقد, و من اجلن الصادقت, .2" 1وكزاوية اجلنيد... وكمغارة ابن أدىم

و الشيخ يسدي النصح للمريد, ويأمره بطقوس وأمور معينة إف ىو قاـ هبا على الوجو وىا ىمساعدة الناس األكمل ربقق مراده وناؿ طلبتو, وىذا حاؿ بعض متأخري الصوفية الذين يزعموف

ويطلبوف منهم مقابال ماديا على ذلك, وىم بذلك ابتعدوا عن أصل التصوؼ الذي كاف مبنيا وتصفيتها باجملاىدات وأوؿ شروط ذلك الزىد يف متاع الدنيا ويف ما يف أيدي على تزكية النفس

الناس واالشتغاؿ بالطاعة والعبادة.

وىي عت يعتقد الناس أف ماءىا , 3"عت بودة" يتحدث الكاتب عن يف موضع آخر من الرواية ...و يضفي , و إذا شربت منو العاقر حبلت و كاف ذلا الولد من األمراضبو خصائص تشفي

"ظل معلقا قرونا قبل أن ينزلو رجل الكاتب بعدا صوفيا روحانيا عل أصل ىذه العت فيقوؿ صالح بإشارة من عصاه أن اشققن رمل العرق و انضخن في األرض الميتة لتجري حياة من

4تحت العقر."

: دلاء كانت احلياةومن ا ,يف ىذه العت ادلرأة الرمز كانت سببا يف تدفق ادلاء ويذكر السارد أف

"فناداىما صوت أن اغتسال. وطوى بهما إلى عين بودة. فثمة ىمهم لها ماؤىا أن استحمي بي حصنا من البالدة والخور واشربي تطهر سرائرك ويرتو رحمك بأسباب ما يقهر خوفك من

.5العقم"

شر إلى "أب زد البسطام" و"الجند السالك" و"إبراهم بن أدهم", وكلهم من كبار الصوفة المعروفن. - 1

.121الفتوحات المكة, السفر الثان, الجزء التاسع, الباب الرابع, ص - 2

ألنها تشف من الكثر من األمراض. بودة إحدى بلدات أدرار مشهورة بعنها الت سمونها الشافة, قل - 3

53 " ص تلك المحبة " 4

.53, صنفسه - 5

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

113

دلن يشرب من ويعطيو ىالة من القدسية, فيجعل ىذه العت ويستمر السارد يف احلديث عن ماءحىت يظهر لو طيف من ادلصطفى عليو الصالة ىذه العت ويتبعها بطقوس زلددة يقـو هبا ادلريد

والسالـ يف اليقظة ال يف ادلناـ, مث ؽلشي مسرعا إذل صالة الفجر مجاعة مع الزوار الطائفت بالعت :السارد قيم يف اآلخرة, يقوؿيكوف جزاؤه ادلقاـ الرفيع يف الدنيا, والنعيم ادلإنو ف وسلموا عليو,

"فمن شرب من ماء ىذه العين سبع جمعات متتاليات، واغتسل فيها سبع ليالي مبدرات، وذكر اهلل من غير أن يخطر على قلبو طمع في جزاء وال ىم دنيا من شهوة أو لذة أو متاع

طيف من أو ندم على ما فات من خير أو شر، وصلى على نبيو المصطفى حتى يظهر لو منو غير أضغاث، وسعى إلى صالة الفجر جماعة مع زوارىا الحائمين فأقرأوه السالم سلم لو

.1المقام في الدنيا وانخطت لو بالمحبة طريق إلى نعيم اآلخرة ال يضلها"

مرة أخرى إذل ذكر "عت بودة":يعود السارد يف معرض حديثو عن ادلصنف و

ن يزورون عين بودة و عاشروا ذلك الرجل الصالح "وقال عنو من قرأ فيو من أولئك الذي 2قبل وفاتو."

, فاطلعوا على " من العارفت الذين اختصوا بعلم األسرارعت بودة"زوار بعض لقد جعل السارد سر ادلصنف الذي ىو من علم خاصة اخلاصة.

ماكن , يذكر عدة أويف معرض حديث السارد عن عرس السيدة البتوؿ مع إمساعيل الدرويش باالسم ويتحدث عن خلق عجيب كانوا شلن حضر العرس فيقوؿ:

"وقد حضر عرسها في أحد قصور تسابيت ما بين الهبلة وبرينكان، خلق كبير ممن يشاىدون كلهم، بعد ذلك، قضى أو انضرب حولو الصمت عن األمر. و ممن ال يشاىدون

.53تلك المحبة, ص - 1

.104 ص ,نفسه - 2

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

114

1اك في نواحي غريس."كانوا ىم الذين رتبوا المراسم بأمر أثيري من معلمهم ىن

بالبشر, ولكنها تعج وىذه األماكن مسكونة ,برينكاف ,حديث عن أماكن عدة : تسابيت, اذلبلةالذين ال يشاىدوف رتبوا أمر العرس )عرس البتوؿ و الدرويش( بأمر من اجلن هبؤالء اخللق أيضا 2نواحي "غريس"من معلمهم الذي يسكن يف غت مباشر وال زلسوس أثتي

:يقوؿ السارد حديثو عن إمساعيل الدرويشيف

"ىو الذي ألف الكتاب العجيب ، في غيبتو الغريبة، لتلك المرأة العظيمة سحرتو فأنزلتو إلى 3قصرىا تحت األرض."

, وقد سحرت إمساعيل الدرويش وأنزلتو معها ربت األرض ربت األرض موجود فقصر ىذه ادلرأة . كن الدرويش من تأليف كتابو العجيبويف ىذا اجلو العجائيب الغريب سب

الشريف إال أن يسافر إلى غريس فيرش بتراب من الساقية علي "و قالت قيل: ما كان لروح 4الحمراء فيعود في ىيئة رجل يحسبو الناس إسماعيل الدرويش "

ويش ما اليت تست يف أرضها واليت يزعم بعضهم أف إمساعيل الدر الساقية احلمراءو ذكر لغريس , ىو إال روح علي الشريف رشت حبفنة من تراهبا فعاد يف ىيئة رجل ػلسبو الناس إمساعيل

الدرويش.

"بلدة طيبة تواتي أىلها سالمهم والغرباء حت يتحدث القواؿ عن "توات" فإنو يقوؿ:و فسميت توات. وقال: أشهد عليكم فيها أىل السر وصاحب المصنف أني ما حاجتهم،

102 ص ,"لك المحبةت" - 1

تسابت إحدى بلدات أدرار, والهبلة وبرنكان من قصور هذه البلدة, أما غرس فه إحدى بلدات والة معسكر. - 2

104ص ,"تلك المحبة" - 3

107 ص ,نفسه - 4

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

115

قدر يحملني على شعرة صراط، إن فيها قلت سوءا ملت فوقعت في المهوى قصدتها إال ب 1فنلت لعنة حارسها وغضب صالحها."

يف ىذه الفقرة حديث عن منطقة "توات" وعن سبب تسميتها كذلك فقد عزاه إذل ادلواتاة من والسارد يذكرىا بكثت وادلطاوعة, فهي تعطي الشعور باألماف للمقيم وللغريب على حد سواء,

القداسة فهو ال يقوؿ فيها إال كالما طيبا خشية أف تنالو لعنة حارسها وغضب صالحها.

عند الصوفية فيقوؿ: ويشت إذل فكرة التجلي يذكر السارد مدينة "أدرار"

في الماء والنخل والرمل وفي الظلماء و"ىنا حيث اهلل ال يتجلى في شيء بالبهاء مثل تجلي 2المنورة بامرأة."

, وعن التجلي اإلذلي الذي يظهر أحسن ما يكوف حديث عن أدرار و أسرارىالفقرة األختة يف ا, ومعلـو أف للمرأة مكانة خاصة عند الصوفية يف ادلاء والنخل والرمل, ويف الظلماء ادلنورة بامرأة

ورمز ادلرأة من أىم الرموز اليت يلجأ إليها الصوفية يف كتاباهتم:

ألن المرأة جزء من الرجل الذي ىو كلها، فمتى ما عرف »عارفين: "فاسمع ما قال شيخ الالرجل ىذا اقترب من معرفة خالقو، والمرأة ىي نفس الرجل فإن عرفها عرف نفسو، ومن عرف نفسو عرف الحقيقة. وقال: الرجل كون والمرأة عناصره، وإنما الحب الحنين، فإن

رأة إلى الرجل كما تحن إلى وطن. أال أحب الرجل فكأنما حن الكل إلى جزئو، وتحن الم 3" «ترى أن ذلك سابق؟ فإن اهلل خلق الزوجين ثم قال لهما اعبداني

الذي مساه شيخ "بن عريبزلي الدين " الشيخ األكرب يف ىذه الفقرة يشت السارد فيما يبدو إذل

354 " صتلك المحبة" - 1

363 ص ,نفسه - 2

.294نفسه, ص - 3

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

116

ء :يف النسا "ابن عريب"العارفت, وساؽ حديثو عن ادلرأة, الذي ىو قريب من قوؿ

حنت العارفت إليهن حنت الكل فوأما النسواف فنظر العارفت فيهن, ويف أخذ األرفاؽ منهن , " إذل جزئو, كاستيحاش ادلنازؿ لساكنيها اليت هبم حياهتا, وألف ادلكاف الذي يف الرجل الذي

.. .ت وحنوه على الصغت استخرجت منو ادلرأة عمره اهلل بادليل إليها, فحنينو إذل ادلرأة حنت الكبقاؿ رسوؿ اهلل –عليو السالـ - اقتداء بوو وألهنن زلل التكوين لصورة الكماؿ, فحبهن فريضة,

", النساء والطيب وجعلت قرة عيت يف الصالة من دنياكم ثالث حبب إرل ":صلى اهلل عليو وسلم . 1"هلل, بل حبب إليو ما يقربو من ربو حبب إليو ما يبعده عن ربو؟ ال وا فذكر النساء , أترى

ة:غلقاألماكن الم -2

المقام: -2-1

تعارؼ عليو يف التاث الصويف من أنو تلك ادلرتبة اليت يصل النقصد ىنا بكلمة ادلقاـ ادلعت ادلىو "ما يتحقق بو ادلزيد من وتقلب يف األحواؿ, وادلقاـبعد رلاىدات ورياضات إليها الصويف

ادلكتسبة بالرياضة والعبادة كمقاـ اخلوؼ من اهلل الذي ػلصل بتؾ الكبائر, فالصغائر, الصفات فادلكروىات, فالشبو, فالتوسع يف احلالؿ إذل أف ينتهي إذل ترؾ كل ما يشغل عن اهلل. واحلاؿ معت

.2يرد على القلب من غت تعمد وال اجتالب"

متأخري الصوفية ىو ضريح الورل الصاحل وما يقاـ والذي نقصده ىنا بادلقاـ وادلتعارؼ عليو عند .فيصبح زلجا ومزارا للمريدين, وىو يف الغالب غرفة مغلقة عليو وحولو من بنايات

اليت التقػاىػا عنػػد كل مقاـ زاره من مقامات وؿػدة البتػن السيػارد عػػيف الفقرة التالية يتحدث الس

.190, ص 2ابن عرب, الفتوحات المكة, ج - 1

.201, ص 1984, 1دار الكتاب اللبنان, ط التصوف, ,ماسنون ومصطفى عبد الرازق - 2

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

117

أللواف, وربيط هبا مساعات دل يسمع بعا من قبل., واقفة كنخلة من نور تشع منها ااألولت

"و كان حازي )تمنطيط(، بما تماىى عليها، لما قابلها قال لها بعد أن نزل عن يقوؿ السارد:ناقتو فقبل قدمها العارية و تمسح بها: أنت األثر الذي حيرني في كل مقام زرتو من مقامات

ومن قصر الشرفا إلى ر( إلى )إغزر(،األولين. من عين صالح إلى )أقبلي(، ومن )إنغ)أقبور(، ومن )الهبلة( إلى )طلمين(، ومنها إلى )ماسين( فإلى )تبلكوزة( إلى الشتات حيث رأيتك واقفة نخلة من نور تشع منها ألوان قزحية مجللة بسماعات ما طربت لها من قبل

1."، تقترب مني لتغمرنيأذن

لصويف الذي تزخر بو منطقة أدرار وضواحيها, فهو يف ىذا النص يستدعي الكاتب ادلخزوف ايتنقل بت قصور ادلنطقة وزواياىا, متتبعا مقامات األولت من األولياء الصاحلت, باحثا عن آثار

ويف مرة أخرى ىي ,"فقبل قدمها العارية وتمسح بهاىذه ادلرأة/الرمز, فهي مرة امرأة جسد "اجلو أشعة ملونة بألواف قوس قزح, ليس ىذا فقط, ", وىذه النخلة تنشر يف نخلة من نور"

, دل تسمع مثلها أذف من قبل.ندية فاأللواف مصحوبة أيضا بأحلاف شجية وأصوات عذبة

السارد يف حضرة ىذه ادلرأة مستسلم كادلريد بت يدي شيخو يتلقى منو األنوار السماوية, فتغمره األنوار وتسمو بو األلطاؼ العلوية.

عشق السيدة البتوؿ قبل أف يؤدي بو عشقو ىذا إذل الزىد ديثو عن مقاـ ورل صاحلويف معرض حيتحدث السارد عن امتحاف ادلكاشفة, وىي مصطلح صويف يعت رفع واالعتزاؿ عن دنيا الناس .احلقائق العلويةاحلجاب واالطالع على

إلى المكاشفة أن من زاعم أن عارفا بمقام ولي عشقها قبل أن يزىد، و كان امتحانو " و

16 -15 " صلك المحبةت" 1

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

118

1ينتصر على الشيطان."

علي الشريف أحد الصاحلت وعن مقامو الذي عن يتحدث السارديف موضع آخر من الرواية وىو يستغل ىذه الفرصة ليختلي بالبتوؿ وػلظى بقرهبا, ويبدو أف ىذا , ما ؼللو من الزوارليال ق

.أطياؼ وأرواح وليس لقاء ماديا حبتا لقاء اللقاء

علي الشريف كان أول من ىام فلقيها في مقامو كلما خلى من :و تكون طيطمة قالت" 2الزوار فحظي بقربها"

وار إذل ادلقاـ حية عن كثرة الوافدين والز , ويأيت الكاتب ىنا بصورة ذكر ادلقاـ امرة أخرى يطالعن مجوع من الرجاؿ و النساء و األطفاؿ :يف ضلوه وفيتدافعشبههم بالسيل ادلنهمر وادلاء ادلتدفق

3"المنهمرين دفقا نحو المقام"

يف ذلك داللة على احتفاء أىل أدرار بالزوايا وادلزارات, وتسابقهم على شهود ادلواسم اليت تقاـ و ت زلددة من السنة.دوريا يف ىذه ادلقامات, ويف أوقا

ذي القبة البيضاء: دل يكن ىذا ادلقاـ سوى مقاـ الورل الصاحل سيدي بو غرارةو

"إلى سطح مشرف على قبة سيدي بو غرارة البيضاء المتوسطة الساحة العاجة خلقا من 4األىالي ومن األوربيين"

ن الفضالء الذين ػلبوف ىذه القبة تتوسط الساحة اليت امتألت عن آخرىا بالزوار من ادلريدين وم

17 " صلك المحبةت" - 1

107 " ص"نفسه - 2

148 "نفسه" ص - 3

148 "نفسه" ص - 4

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

119

مشاىدة التاث, بل حىت األوربيت السياح كانوا حاضرين.

واصفا رفع الصوت "تيميموف"ويف آخر الصفحة يشت لنا السارد إذل أف ىذا ادلقاـ موجود يف "تردده حناجر ذكورية من قلوب مفتوحة بسعة سماء ال توجد في غير بالذكر و التهليل

1تيميمون..."

لذكر يردده الرجاؿ البسطاء الطيبوف الذين انفتحت صدورىم واتسعت قلوهبم اتساع مساء ىذا ا"تيميموف", فيخرج بنا السارد من ضيق ادلقاـ وانغالقو إذل سعة السماء ورحابتها, كأظلا ليقوؿ أف

بو ىؤالء اخللق يف اتصاؿ مباشر مع السماء فال ػلسوف ملال أو تعبا, بل ىم يف غمرة االنتشاء أشوما حولو فال يصبح يرى غت حاال بالصوفية يف حاؿ الفناء حيث يذىل الواحد منهم عن نفسو

نور اهلل وأما ما عداه فهو والعدـ سواء.

, يتحدث السارد عن السيدة البتوؿ وزيارهتا ذلذا الشيخ شيخ "شروين" ومقاموذكر يف عود إذل مصت والديها فقدهتما تسألو عن , فقد جاءت بتاريخ ادلنطقة وأحداثها االذي يبدو أف عنده علم

"قيل قصدت شروين من بعد سنين تزور شيخها الذي يحصي الحوادث ويرويها :طفلة صغتة 2ويبصر للفأل والنحس ."

, والكاتب يستثمر ىنا فكرة احللوؿ الصويف شع وأضاءأو دلا دخلت ادلقاـ على شيخ شروين فإنو "كأن الشيء كلو ويشع ضياء حبضوره فيو, حىت بسط نوره فيوفي ,يف حلوؿ احملبوب يف ادلكاف

3وجزءه يشع بما جعل المقام حضرة لمن استوت أمامو جالسة بالمهابة يقابلها بال زمن"

لقد أصبح الشيخ تلميذا يف حضرة البتوؿ اليت بسطت ىيبتها على ادلكاف, حىت أف إحساسو

148 " صلك المحبةت" - 1

296 "نفسه" ص - 2

298 "نفسه" ص - 3

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

120

فقد ضاع من الشيخ القبل ,يس ىناؾ غت البتوؿبالزمن تالشى واندثر, فال مكاف وال زماف, ول, يتلقى منو األنوار والبعد فغدا بت يديها مستسلما خاضعا مثل مريد زلب بت يدي شيخو اجلليل

.والفيوضات, أو مثل صويف يف حالة شهود للحق تبارؾ وتعاذل

وغابت ا وصمتها, واستعادت جنباتو سكوهن ,طبيعتوإذل عاد ادلقاـ لسيدة البتوؿاة و عند مغادر وعبثا يتلفت الشيخ حولو لعلو غلد ذلا أثرا أو يسمع ذلا حسا, فتتد إليو عنها احليوية والنشاط,

ليس ىناؾ غت رجع و ، وغت رائحة من عطرىا تنتشر يف جنبات طرفو خائبا ذليال, ودل يبق يف ادلقاـ : قالوا ساحرة.يف مسامعو صدى يتدد

إال بقية من ضوعها يعطر المقام الذي استعادت افلم يجد لها أثر "التفت إلى الجهات كلها 1"!أشياؤه صمتها، ورجع صدى في مسمعو: قالو ساحرة

ات بيف مقطع آخر من الرواية يتحدث السارد عن مقاـ أحد األولياء الصاحلت يف مدينة أدرار, الح في المدينة، قيل "فقد صادف أن كان اليوم غداة لزيارة ولي ص عنده "إمساعيل الدرويش"

بات إسماعيل الدرويش عنده في مقامو على حديث بينهما عن األحوال السائدة واألقوال 2السائرة في األقوام البائدة منها والتالدة."

ربدث عنها أحد مريدي الشيخ ,يف ىذا ادلقاـ للورل الصاحل حدثت خوارؽ وعجائب كثتةعهم ملباسهم األبيض جاؤوا إذل الشيخ يف مقامو و الصاحل الذي ذكر أف نفرا من الرجاؿ يف

3"أكلوا ولم يأكلوا واحتسوا ولم يحتسوا."إمساعيل الدرويش

"فتغطيها و يصف ىذا ادلريد طريقة أكل ىؤالء القـو و قد كاف يوزع عليهم قطع اللحم الناضج

299 " صتلك المحبة" - 1

331 " ص نفسه " - 2

332 "نفسه" ص - 3

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

121

الملعقة في ثالث حركات بالعيش يسحب سحبا خفيفا من أعلى ممزوجا بالعدس ثم ترفع 1ها صالة أخرى لصاحب النعمة الشكور"نفال يسمع مضغ وال نفس وال ىمس كأ

من ىؤالء القـو أنفسا من نور ال بشرا من حلم ودـ, فكأف طريقة أكلهم الكاتب لقد جعل ادلتفضل. وصمتهم ومستهم نوع من الصالة للمنعم

"لما رفعت و يستمر ىذا ادلريد على ىذه احلاؿ مع ىؤالء القـو حىت إذا أهنوا طعامهم يقوؿ: عيني قليال أبصرت في عيني أحدىم شعاعا أصابني فذراني، فلم أفق إال على أذان الفجر ألرى طيفا توىمتو إسماعيل الدرويش يودع شيخي الصالح. وما قدرت آنئذ إن كنت في

2حضور"

ليتعرؼ عليهم, أصابو شعاع من عيت أحدىم شعر عندما حاوؿ ىذا ادلريد النظر يف وجوه القـوأنو حولو إذل ذرات, وأفقده وعيو, فما أفاؽ إال مع الفجر على خياؿ طيف حسبو إمساعيل

والشهود يدري ىل ىو يف حاؿ من احلضورالدرويش يودع الشيخ الصاحل صاحب ادلقاـ, وما عاد اؿ من الفناء و الغيبة عن الوجود.أـ يف ح

إف مث " ملثم الوجوكاف مفادىا أف السيد البدوي 3حوؿ "السيد البدوي"يذكرنا ىذا ادلقطع بقصة وراىن على رؤية وجو الشيخ, فلما كشف الشيخ عن وجهو صعق -يوما-أحد التالميذ ذبرأ

4التلميذ ومات من فوره"

الدرويش الذي اطلرط يف حاؿ من االندىاش واحلتة ونشب ومرة أخرى يعود السارد إذل إمساعيل

334 " صلك المحبةت" - 1

334 "نفسه" ص - 2

م 1276هـ / 675السد البدوي صوف مصري مشهور توف سنة - 3

المغرب –عل شودكفتش, الوالة والنبوة عند الشخ األكبر مح الدن بن العرب: ترجمة أحمد الطب, دار القبة الزرقاء, مراكش - 4

.86د ط, د ت, ص

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

122

يف نشوة جارفة بسبب اجلو الساحر اخلالب الذي ػليط بو, ذكره دبا حدث لو ذات مرة عندما عادلهم, يقوؿ السارد: –الذين ال نعلم ىل ىم لإلنس أـ للجن -دخل مع أولئك اخللق

دىاش مما يحيط بو من السحر، كما دخل، "ولم يذكر سوى أنو دخل، ثاني مرة، في حال ان .1أول مرة، مع أولئك الخلق عالمهم من خلف القصر الزناتي"

لقد أصبح "إمساعيل الدرويش" أشبو حاال بصويف يف حالة الفناء, أخذتو نشوة الوصاؿ ولذة االنتشاء.

:المغارة -2-2

يف و ذبىي عبارة عن , وادلغارة يف اللغةمن األماكن ادلغلقة اليت تردد ذكرىا يف الرواية "ادلغارة" وللمغارة شأف كبت عند الصوفية., ت األ رضع يكوف يف صخر أو جبل أو ربسعميق وا

ملكة وامتدادىا إذل ادلغرب األقصى, يف حديثة عن شللكة للجن, يذكر السارد اتساع ىذه ادل ويذكر أف بوابتها عبارة عن مغارة يقيم هبا نصراين صاحل:

"يمتد سلطانها إلى إمارة في مغرب الشمس بنيت تحت األرض عند المحيط ، بوابتها مغارة 2تزىد فيها نصراني صالح "

الذي انقطع فيها للعبادة أما الصويف و ,تقع يف ساحل احمليط ادلغارةأف ىذه يذكر الكاتب ىناو ىذا يدؿ على أف التصوؼ ليس خاصا بدين ما, و لكنو موجود ,والتبتل فهو "نصراين صاحل"

يف كل األدياف .

أن السيدة زوجت" يف موضع آخر من الرواية, يتحدث السارد على لساف بنت كلو اليت تزعم

.285تلك المحبة, ص - 1

27" ص فسهن" 2

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

123

1ك صحبة أبويها."إلى واحد من إمارة مغارة دانيال سكنت بو منذ زيارتها تل

اليت يقاؿ أهنا موجودة يف بالد ادلغرب األقصى عن مغارة دانياؿيف ىذه الفقرة يتحدث الكاتب , وتزعم "بنت كلو" أف السيدة دلا تأتيو من أفعاؿ غريبة وعجيبة, تكوف ساكنيها من اجلن عنو

.وىي فتاة صغتة منذ زيارهتا لبالد ادلغرب مع أبويها هاتزوجت واحدا من ىؤالء اجلن تلبس

"قالت امرأة في نسوة على كأس يف مناسبة أخرى يتحدث السارد على "مغارة سبنطيط" حيثالعشاء في زيارة رجل المدينة الصالح: كان الهجير عظيما يوم دخل إسماعيل الدرويش

2"مغارة تمنطيط وراء امرأة بهية لم تكن غير البتول أغوتو فاستدرجتو إليها.

بت نسوة كن يف زيارة مقاـ الرجل الصاحل, ذكرت إحداىن أهنا شاىدت إمساعيل داريف حديث الدرويش يدخل ادلغارة وراء السيدة البتوؿ, اليت فتنتو وسحرتو بطلعتها, واستدرجتو إليها.

ال تطأ رجلها رمال فيها " والراوي يضفي على ىذا احلدث جوا أثتيا غاية يف العجائبية, فهذه ادلرأةر خضرة، وتحولت ظلمتها نورا، ووحشتها أنسا، وسراديبها أروقة عامرة، وسكونها إال صا

حياة، ورىبتها أمنا، وطيورىا الظالمية حوريات كواعب، ورائحة طوبها الخانقة عطرا. وجرى 3ماء فقارتها سلسبيال. وأشرقت الدنيا في جنباتها."

على عقب, فتحوؿ رملها إذل خضرة, وانتشر قلب حاذلا رأسا الرمز داخل ادلغارة فوجود ىذه ادلرأةالنور يف جنباهتا ادلظلمة, وتبدلت وحشتها أنسا وهبجة, واستحالت سراديبها اخلالية أروقة عامرة ودبت يف أرجائها احلياة, وأصبحت طيورىا اليت ألفت الظالـ حوريات كواعب يطفن يف أرجائها

مشس احلياة. فيها , وأشرقتى ماؤىا عذبا فراتاوأصبحت رائحتها العفنة اخلانقة عطرا شذيا, وجر

102 " ص تلك المحبة " 1

. 284ص ,نفسه - 2

284 "نفسه" ص 3

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

124

إذل ذكر مغارة دانياؿ الذي يصفو بالصاحل النصراين, واليت ىي بوابة إلمارة مرة اخرى يعود السارد"اإلمارة التي بوابتها مغارة دانيال الصالح النصراني، العفاريت ربت األرض, يقوؿ السارد: .1ن فيء بالد العفاريت "ىناك في المغرب، يستعطيها خراجا م

:والغرف البيوت -2-3

أشبو ما يكوف ببيوت الزىاد و , الذي ىوبيت جربيليف حديث الراوي عن البيوت يطالعنا "إذ ولجت مبروكة بيت جبريل آخر مرة فلم تجده انسكنت برىبة سكوت ادلتعبدين: يسبق لها أن رأتو بتلك ، كأن لم صمت األشياء، فغدا كل ما تمسحو عينها بسيطاالجدران و

الطاولة قديمة ي الكراسي الخشبية و فاألدوات األخرى و الحال، ينطق بزىد في الفراش و 2كلها قدم الزمن النائم على مخدة من الرتابة والرائحة الترابية."

لقد وجدت مربوكة البيت ساكنا صامتا, بسيطا بساطة األثاث القدمي الذي يؤثثو, وىذا يدؿ على بو "جربيل" يف متاع الدنيا, وانصرافو عنها إذل التعبد. زىد صاح

ا ىوهوالكنيسة يف نظر النصارى ىي بيت اهلل إذ ىي مكاف العبادة واالتصاؿ باهلل عندىم, ف: " تفضل، ىناك يف بيتو بعد زيارة سابقة لو يف الكنيسة صلده يقوؿ "جربيل" بعد أف زاره بليلو

ة إذل الكنيسة غت البعيدة.يف إشار 3بيت اهلل وىذا بيتي "

"قبل أن يدخل إلى غرفة صغيرة تكون ىي غرفة األب جبريل نفسها ليسمع كالما عن الجنة 4والنار والشر والشيطان واإلنسان والرب والمحبة والتراب."

340 ص "لك المحبةت" 1

188 "نفسه" ص 2

150"نفسه" ص 3

154"نفسه" ص 4

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

125

, وعن الشر والشيطاف.الناراجلنة و , فيحدثو عن األب جربيل يلقي مواعظ على مسع بليلو

"تلك الخيمة القصبية , وىيالظلة اليت ازبذهتا السيدةتلك دلغلقة يف الروايةا ومن األماكنتتوسط الجنان، ال يدخلها غيرىا، تتخذىا خلوة تعتزل فيها حين تكتئب، وحين يصيبها

1ها األلم."عالحزن ويوج

بعيدا , تتخذىا مالذا من كاف افهذه اخللوة تتخذىا السيدة لنفسها فال يدخلها أحد غتىا كائن .عن أعت الرقباء, تلجأ إليها حت يصيبها اذلم واحلزف

ومن تعريفات الصوفية للخلوة أهنا "تفرغ القلب من اخللق, وذبمع اذلم باخلالق, وتقوي العـز على الثبات... وال يكوف ادلريد صادقا حىت غلد يف اخللوة من احلالوة والنشاط والقوة ما ال غلد يف

2أنسو يف الوحدة وروحو يف اخللوة, وأحسن أعمالو يف السر" العالنية, وحىت يكوف

"حدثت بها نساء فزعمن أنها لم و لكي يضفي عليها مسحة من الغموض و القداسة يقوؿ 3تبت وأصبحت، كأن يد جان أنشأتها، ال يبلى لها قصب وال ييبس عليها عليق"

يل, كأف يد جاف ىي من أنشأهتا حىت ىذه الظلة/اخللوة أعطاىا صبغة عجائبية, فهي أنشأت بلبنيت بو ال يصيبو القدـ أو البلى, ونبات العليق الذي يغطيها وأكثر من ذلك فإف القصب الذي

ذلك أف العناية اإلذلية اليت ربرس السيدة ىي اليت دائم اخلضرة ال يتسرب إليو اليبس أو اجلفاؼ, . هبا على ىذه السيدة, وىذه من الكرامات اليت من اهللحفظت اخللوة من التلف

"وقاؿ اإلماـ أبو عبد اهلل زلمد بن عبد الكرمي الشهرستاين: أما كرامات األولياء فجائزة عقال وواردة مسعا ومن أعم كرامات اهلل تيست أسباب اخلت وإجراؤه على أيديهم وتعست أسباب الشر

229" تلك المحبة" ص 1

.62 – 61ص د ط, د ت, أحمد بن محمد بن عجبة, إقاظ الهمم ف شرح الحكم, دار المعارف, القاهرة, - 2

229 " صلك المحبةت" 3

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

126

1عليهم, وحيثما كاف التيست أكثر كانت الكرامات أوفر"

بعد مغتمة غرفة مجيلة اليت جلأت إليها اليت وردت يف الرواية كذلك الضيقة ادلغلقة ماكنمن األ, ورغم أف السارد وصف ىذه الغرفة بأهنا كتيمة)كظيمة( وأهنا أبيهاعلى يد قتل أمها زلنتها دب

لناس وعن دنيا ا خرساء باحلزف ادلخيم على البيت كلو, فإف ىذا جعلها معزولة عن العادل اخلارجي, فصربت واحتسبت مث توجهت بصالة خاشعة تناجي فجعلها أشبو ما تكوف بصومعة زاىد متعبد

وغسل عن قلبها مرارة الفاجعة ,النفسيف ربا رحيما, فأشع عليها فيضا من الطمأنينة وسكينة "فعوضتها عن الخذالن صالة خاشعين، وعن المحنة صبر : وطهر روحها شلا حل هبا من درف

. تحس روحها نافذة والباب، في غرفة مخرسة بالحزن كظيمة الحيطان صماء البينمصالحظة وقوفها على أثر مشعا بفيض من طمأنينة غسل سوداوية مرارتها فتطهرت مما غشيها

2"النكبة

, وضلن نورده ربت عنواف "البيوت والغرؼ" بالسردامن األماكن ادلغلقة اليت وردت يف الرواية أيضا السرداب ىذا ادلكاف الضيق خفيض السقف الذي ال يتسع ف بو دلا فيو من الشبو بالغرفة,ونلحقو

ألكثر من اثنت ؽلتد ربت أقداـ مجيلة اليت سبشي جنب مكحوؿ إذل ما ال هناية, وتشف روحها ىامت روحها ساحبة يف ادللكوت شأف صويف و فتضيع منها األبعاد وزبتفي من وعيها كل احلدود,

الرمل يف ىذه خ, فلم تعد ربس بشيء شلا حوذلا بغت عبق مكاف راسخ يف الق دـ رسو جدىزه الو ، و اختفت من وعيها ت فرمت خطوتها ضاعت منها األبعاد"فمنذ أن طأطأاألرض الطيبة:

الحدود كافة، حتى لم تعد في أي مكان جنب مكحول. فالممر الثنين. وكل المتاح أن 3بغير مكان قديم راسخ مثل رمل العرق."تمتد يد ألخرى. فال إحساس

.54ص ,1997, 2منشورات كلة اآلداب بالرباط, ط ,وفق: تحقق أحمد التالتشوف إلى رجال التصوفوسف بن ح التادل, - 1

256 ص لك المحبة,ت - 2

269"تلك المحبة" ص 3

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

127

, وقد أحلقناىا هبذا وىي مصطبة من الطت ,الدكانةاليت وردت يف الرواية كذلك من األماكن "فالدكانة صامتة مشبعة بسر مداوالت النزاع :, والتصاقها هباادلبحث اللتحاؽ الدكانة بالغرؼ

، تقرأه الريح لو بالنخيل في الرملمخطوط أثر ذلك كوالخصام والتظلم والقتل والثأر... 1"للصمت

األحداث وادلنازعات واخلصومات ىذه الدكانة خرساء صامتة, رغم أهنا شاىدة على كثت من واحملاكمات, ويرى السارد أف أثر ذلك كلو سلطوط بالنخل يف الرمل, تقرأه الريح للصمت.

ادلتاىة, والذي يعت األزقة ادلتداخلة اليت من األماكن ادلغلقة الواردة يف الرواية أيضا صلد مصطلح يف جنبا إذل جنب ذبواؿ مكحوؿ ومجيلة تفضي إذل البيوت ادلشكلة للقصر, ػلدثنا السارد عن

عن حىت ضاعت منهما األبعاد واختلطت عليهما الدروب, مث ػلدثنا ,مدينة أدرار القدؽلةأزقة ائبية قريبة من أفعاؿ بعض الصوفية الذين , بطريقة عجخروجهما من الدىليز إذل الساحةكيفية

:يأتوف أمورا زبرؽ نواميس الطبيعة, ويقف العقل عاجزا عن تفستىا, يقوؿ السارد

تو كيف خرج بها من توه إلى عطش لم يقل لها قيل لو يوما في فم القصبة: إن ت"وإذ استفونك إلى النور بها. ىم يخرجباسم اهلل. فتلك كلمة سر ضللتك المتاىة فامش يمينا وسم

وقال لها قيل: من لم يشرب من فقارة )تاغجم( لم يسرح...ومن لم يتوضأ منها لن يدخل 2"خل: اشربا على نية الوضوءدفسألتو إياه فجاءىا صوت من الم المقام.

يعود السارد إذل ىذا األسلوب الذي يلفو الغموض, الذي يشبو لغة الصوفية, فيتحدث عن كلمة خلق يسكنوف ادلتاىة, من قاذلا خرجوا بو إذل النور, كأنو اسم اهلل األعظم الذي يعتقد السر لدى

.الصوفية أف من ذكره فتحت لو األسرار ادلكنونة, وسلك بو طريقا ال ؼلطئو ضلو الذات العلية

270, ص لك المحبةت - 1

272 "نفسه" ص 2

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

128

:"زىوة" ن في روايةكاالصوفية من خالل الم الرؤيةا: تجليات ثاني

إال ما كاف من استذكار بعض الشخصيات داخل ادلقاـ وحولو, تدور أحداث رواية "زىوة" كلهاادلقاـ, ذلذا سندرس ادلكاف يف ىذه الرواية من خالؿ ثنائية دألحداث وقعت خارج حدو

خارج: داخل ادلقاـ وخارج ادلقاـ./داخل

:داخل المقام -1

المقام:

ويف طريق الرحيل مقاـ األجداد ,يطالعنا السارد بصورة لعبد النور ويوسف يف طريقهما إذل ادلقاـ, "فحنن عبد النور بيده على صدره. ضلو ادلقاـ صلد عبد النور ويوسف قد ترادفا على احلصاف

لنأوي إلى »فتنهد. وبأخرى، شد على يده في الرسن. وجذب يمينا. فقال، على انشراح: الجبل، في ، الذي لما توقفا عند بابو كانت شمس يومهما آذنت بمغيبها خلف«!المقام

1فيض من االحمرار."

يف ىذه الفقرة األختة من الفصل الثاين من الرواية صلد ذلك التعالق مع هناية الفصل األوؿ اليت جاء فيها:

نترادف. لك الرسن. » "ثم مد لو القفازين، قائال على بزوغ أشعة الشمس األولى في خجل: 2"«وعلي االتجاه.

نتج أف انطالؽ الرحلة كاف مع بداية النهار, وكاف الوصوؿ إذل ادلقاـ مع من ادلقطعت السابقت نستمغيب الشمس, فقد استغرقت الرحلة النهار بطولو, وىذه الرحلة بقدر ما ىي سفر من مكاف إذل

.29, ص واة "زهوة"ر - 1

.17, ص فسهن - 2

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

129

آخر على ىذه األرض, فإهنا رحلة يف ملكوت اهلل كتلك اليت يسلكها الصوفية ابتغاء ادلعرفة ة النفس ومحلها على الرياضة والتحمل.وطلب احلقيقة, ورلاىد

وحىت يف تعبته عن مغيب الشمس فقد استعمل عبارة صوفية "يف فيض من االمحرار" والفيض من ادلصطلحات ادلشهورة عند الصوفية.

انشراح عبد ي تدؿ على ىو مشبعة بالرمزية اليت ربيل عليها لفظة ادلقاـ, "لنأوي إلى المقام"ومجلة فهو ادلالذ الذي يلجأ إليو احليارى, وىو احلصن ياتو القادمة داخلو إذل ادلقاـ فرحا حبالنور بوصولو

احلصت من ىذه الدنيا ودنسها وشرورىا, وال ؼلفى ما للمقاـ من مكانة عند الصوفية, ومن جهة ة أخرى فإف ادلقاـ بالنسبة لعبد النور ىو ادلستقر الذي سيقضي فيو ما تبقى من عمره, وىو بالنسب

حط هبا رحلو ومكث هبا حيث قضى هبا -الذي دل يره –ليوسف زلطة كاف والده إدريس كن من ىذا ادلقاـ. آثاره يف كل مكاف ويف كل زاوية ويف كل ر سنوات عمره األختة, ف

ويف استجاع للحظات اليت دخل فيها عبد النور ويوسف ادلقاـ للمرة األوذل يقوؿ السارد:

أحس يوسف كمثل طيف عزلو وأن يدا سحرية أدخلتو بابا آخر أفضى بو إلى "إذ ولجا معا، حجرة مألىا زىد متاع بمثابة ضريح. فألفى على نور قنديل، فوق دعامة من خشب مثبتة في وسط الحايط الثاني إلى اليمين، شيخا أضفت عليو لحية مبيضة مكفوفة وسامة عريقة.

الطبيعي. وميزت صفو الشريف عمامة صفراء مطرزة وزادت ىيئتو لطافة جالبة بلون صوفها بثمر التوت رمى طرفها على منكبو األيمن. فهم بالتقدم إليو فإذا عبد النور مثل خيال، سبق

وأجلسو «أنت في مقام أىلك األولين.»مسارعا وأحنى وقبل كتفو. فشد على يده، مرحبا: 1عن يمينو."

ؿ عبد النور ويوسف ادلقاـ, يف جو من العجائبية عليو ػلدثنا السارد عن دخو ىذه الفقرة يف

.31زهوة, ص - 1

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

130

ىذه اليد السحرية اليت هذا الطيف الذي عزؿ يوسف جانبا غت مرئي, و مسحة صوفية واضحة, فبابا آخر ىي يد غت بشرية, وىذا ادلقاـ البسيط البناء يتحوؿ إذل بناء من بناءات ألف وأدخلت

فقد وجدا ,دخال أحد ىذه األبوابأ أبواب, وإذ دخال أو لو و و أقبية وسراديبفيفإذا ,ليلة وليلةيكوف ألحد جدودعلا نفسيهما يف حجرة زىيدة ادلتاع, فهي ضريح ألحد األولياء الصاحلت,

شيخا عليو سيما ادلتقت ولو -على ضوء قنديل –لغرفة اذه ى وقد وجدا يفالذين عمروا ادلقاـ, رحب هبما فأجلس ىذا أطنب السارد يف وصفو ووصف لباسو, مست األولياء الشرفاء ادلخلصت

عن ؽلينو وذاؾ عن مشالو, ويف س بق عبد النور ومبادرتو بتقبيل كتف الشيخ داللة على أنو ىو من , ويبدو أف ىذا الشيخ الذي سيتوذل مشيخة ادلقاـ, وىذا ما سنقف عليو فعال يف آخر الرواية

.س ادلقاـ قاباله ىو طيف جدعلا األكرب مؤس

"ال شيء بدا منو وضع , وضع للضرورة, ال شيء فيو يزيد عن احلاجة:متاع زىيديؤثثو ىذا ادلقاـ 1للزينة، إن لم يكن للضرورة"

يف حديث عبد النور مع يوسف يرد ذكر ادلزار:

و "ثم أسر إليو أنو لما دخل المزار انتابتو قشعريرة وقوفو فيو أول مرة فلم يجرؤ على فتح باب 2، ساكتا عن رحلتو العجيبة في تلك الليلة."الدخالني

3"أنتما في المزار"وإذ وصل عبد النور و يوسف إذل ادلقاـ فقد استقبلهما رضواف

عندما غفا يوسف يف ادلقاـ يف أوؿ ليلة يقضيها فيو رأى يف منامو روح ماريا النصرانية

ها فيو قسمة. فتعجب لها كيف يكون "وأخبرتو أنها كانت تراقبو مذ حل بمقام لها وألىل

32" ص هوةز" 1

8"نفسه" ص 2

31"نفسه" ص 3

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

131

1للنصارى قسمة في مقامات أىل اإلسالم .فذكرتو أن األنبياء جميعا من أب واحد"

فادلقاـ ىذا فيو نصيب للنصارى فلما استفسرىا عن السبب أجابت أف األنبياء مجيعا من أب ياء مجيعا دينهم واحد واحد, ويف ىذا إشارة لطيفة إذل رأي طائفة من الصوفية يقولوف أف األنب

وأف الناس كلهم على اختالؼ مللهم وضللهم غلمعهم دين واحد يقوؿ الشيخ األكرب:

عقد الخلق في اإللو عقائدا

وأنا اعتقدت جميع ما عقدوه

بعض ادلشايخ بالزندقة ذلدا القوؿ. حىت رماه

"بنى الدار وأكمل المرافق ووسع الخزانة وزادىا سارد اعتناء إدريس بادلقاـ فإنو قد يظهر الو 2ذخائر جديدة"

و ىذا يظهر شدة اىتماـ إدريس بادلقاـ و تعلقو بو ,حىت أنو دل ؼلرج منو منذ دخلو إال مرتت 3قير""لحضور جنازة والدتو متموىا في لباس فاألوذل يف زيارة إذل تاغيت و الثانية

أما ادلرة الثالثة و األختة فكانت ضلو القرب.

بعد أف أخذت ربيعة عبد النور يف ف , وىي مسكن أصحاب ادلقاـ,العتبةويف الرواية حديث عن و ىذه عتبتنا نحن األىل ،سيدي «"مؤانسة جولة يف أضلاء ادلقاـ وبساتينو فإهنا التفتت إليو

4"»تفضل

54" ص هوةز" 1

72 "نفسه" ص 2

72"نفسه" ص 3

150"نفسه" ص 4

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

132

"أنو سيقضي حياتو ذ حلمدوف احلست وأمثالو, فإنو دلا أخربه رضواف يشت السارد إذل ادلقاـ كمالفي المقام عالة...أقسم لي أنو ينبغي أن يخرج إلى الحياة وال يعرف كيف يفعل، وال إلى أي

1مكان في األرض يتوجو، وال بماذا يعيش"

ويشرح لو كيفية تسيتىا وإذ يرافق رضواف يوسف يف جولة يف أرجاء ادلقاـ, فإنو يريو مرافق ادلقاـ من طرؼ الطلبة, بطريقة دورية يتداولوهنا بينهم:

"وشرح لو لدى وقوفهما على بابي المطبخ و المطعم أن التالميذ ىم الذين يسيرون 2المرفقين بشكل دوري بينهم كما دأبت عليو السيرة"

مثل شخصية ة, يقع ضمن حدود ادلقاـ, ورغم ذلك فهو من األماكن ادلعادي بيت سلطانة .على يد زوجها السبعاوي مسرحا جلرؽلة قتلها , وقد كاف ىذا البيتصاحبتو

"بنبرة و يف صدفة غريبة يلتقي عبد النور مع زلافظ الشرطة الوناس يف بيت سلطانة, والذي أبلغو 3"«استخبرت عنك ألطلعك على أننا كنا حددنا مكان دفنها»عزاء:

م حددوا أختا مكاف دفن زوجتو خولة اليت اغتالتها يد اإلرىاب األعمى ؼلرب الوناس عبد النور أهن وىو الذي ظل يبحث عنو طويال دوف جدوى.

السبعاوي بعد قتلو سلطانة يقوؿ :

"ما وقع، وقع في المقام .و ىو شأن يخص المقام و ال يجب أن يخرج منو. جميع مسائلنا 4م"و قضايانا عالجناىا و سويناىا ىنا ،في المقا

220" ص هوةز" 1

237"نفسه" ص 2

330"نفسه" ص 3

334"نفسه" ص 4

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

133

وتسوية األمور: و قد انربى عبد النور حلل اإلشكاؿ

"ىكذا درج األولون في مثل ىذا المقام على فك النزاعات و حسم الخالفات و إصدار 1األحكام في قضايا القتل بأنواعها و تصريف األحوال الشخصية"

ـ ادلفاتيح كلها عودة شؤوف ادلقاـ إذل أىلو األصليت فها ىو السبعاوي بعد مقتل سلطانة, يقد 2"أمانة آبائكم: بما فيها مفتاح الخزانة. يبدو أن كل شيء انتهى"لعبد النور

:الخلوة

"وضع عبد النور، :اليت ازبذىا عبد النور يف ادلقاـيف الفقرة األوذل من الرواية يطالعنا ذكر اخللوة أسند ظهره إلى خالل ىجعتو األخيرة في الخلوة، القلم والسجل السابع عشر جانبا. و

3الجدار، منتظرا عودة رضوان"

, شأف الصوفية الذين نستشف من ذلك أف ىذه اخللوة قد ازبذىا "عبد النور" لالعتزاؿ فيها وأكثر من ذلك فقد ازبذ عبدالنور من خلوتو ىذه مكانا للكتابة ,لالنعزاؿ والتعبديتخذوف اخللوة

. والتدوين

ىي حجرة اإذف , اليت ىي أشبو باخللوة,وقور حسن السمتوصف لغرفة الشيخ الويف الرواية "كل أثاثها كرسي ورفوف فيها مجلدات وكتب أخرى فوق مائدة مرتفعة , زىيدة ادلتاعصغتة

4القوائم بمستوى سرير فردي بغطاء من نوع البورابح صوفي أبيض موشى بخطوط بيضاء"

فليس فيها من متاع الدنيا غت كتب على مائدة ىذه الغرفة أشبو بغرفة صويف عابد زاىد يف الدنيا ,

337"زهوة" ص 1

342"نفسه" ص 2

5"زهوة" ص 3

41"نفسه" ص 4

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

134

واعتزاؿ ,عن الزىد يف النساء, وىذا كناية غطاء من الصوؼ خشن ادللمسعليو و سرير فردي .وزخرفها الدنيا

اليت بناىا بنفسو يف زاوية نائية من خلوة إدريسيف موضع آخر من رواية "زىوة" ػلدثنا السارد عن

ر آخر متفرع مسوى بالطف األصفر المدكوك ، خرج بهما نحو دار "وإلى مم: زوايا ادلقاـبدت في منتهاه قابعة وحيدة مجللة بخشوع األضرحة، ذات سقف قرميدي مائل بدرجة تصرف السيول. في زاويتو اليمنى من المدخل مدخنة، وعلى جانبيها وأمامها، كما بان

وخزامى ومسك الليل، أمام الباب ليوسف وعبد النور إذ اقتربا شجيرات ورد وقطن وحناءخلوة سيدي «الخشبي الموصد، سكن مرددا تميمة. ثم فتحو فالتفت، إليهما. متأثرا:

1»إدريس ،لم يكد يدخلها، لضرورات ،سوى مقربين إليو جدا

شجار حوذلاذه األنفسو ىبوأنبت بت سقفها,و ىذه اخللوة اليت بناىا إدريس بنفسو رفع جدراهنا

.ح أف إدريس كاف زاىدا من الزىاد العاملت, وكاف ناسكا من النساؾ الفاعلتوىذا يوض

2"وانتصرت على الفتنة للعزلة؟" ما جعل عبد النور يهمس

يف العبارة األختة يقوؿ عبد النور أنو انتصر على الفتنة, فتنة احلياة وهبرجها, وفتنة ادلنصب واجلاه ادلقاـ تطهتا لروحو ونفسو. وفتنة ادلاؿ والنساء, وآثر العزلة يف

حبياة ىي توحياخللوة مشحونة بتذكارات من إدريس و بقايا من األواين اليت كاف يستعملها , و :أقرب إذل حياة النساؾ و الزاىدين

"على تهيب أشبو بلحظة خشوع، وقف يوسف وعبد النور متأملين فضاء الخلوة المشحون

81ص ,زهوة - 1

81" ص نفسه " 2

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

135

أجالىا بالكاد نور متسرب من فتحة باب، شاخصة تنظر أن آثارىا وبقاياىا التي بتذكارات، 1تنطق"

2"أحس كأن كلماتو ال تزال تسكن ثنايا ىذه الخلوة"قالت ربيعة ألخيها يوسف :

ىكذا ؼليل إذل ربيعة من فرط ارتباط إدريس باخللوة و طوؿ مكوثو فيها.

ة بسرير واحد مستجعا وصف للحجرة اليت نزؿ هبا يوسف, وىي حجرة نظيفة مرتب يف الرواية 3"الكنيف و المطهرة كما في كل حجرة. سيدي كان حريصا على التكتم."صوت رضواف

قضاء عن الناس, حىت أف االبتعادردبا السبب ليس ىو التكتم فقط ,بل ردبا إمعانا يف االنعزاؿ و خلوتو يف احلجرة. ةغادر دل أو مسوغا كوف مربراة ال ياجاحل

"واتخذ سيدي حجرة فردية قرب الرواية يقوؿ السارد على لساف "رضواف": يف موضع آخر من 4حجرتو الزوجية الستراحتو. مثل الخلوة ألوقات تأملو وكتابتو ورسمو أيضا، كما بدا"

.واستاحتو حجرة أخرى ازبذىا إدريس خللوتو

قليال في ما وفي نيتو أن ينفرد ليتأمل »ربما رجعت إلى الخلوة«"عبد النور يقول ليوسف: 5حل بو"

اخللوة ازبذىا عبد النور ليختلي بنفسو و يتفكر يف ما حل بو من أحداث ومستجدات زبص ربيعة ورضواف وشؤوف ادلقاـ.

85" ص هوةز "1

110" ص نفسه " 2

163"نفسه" ص 3

164"نفسه" ص 4

204"نفسه" ص 5

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

136

وحدك ، ال بد »" رضواف يقوؿ ليوسف إذ وجده وحده يف غرفتو:يف موضع آخر من الرواية نرى 1"«ة تلك التي يقال ألضرحة األولياءلها رائح»فرد، ساىما «.أنك شعرت بسكينة الرضا

حوار يدور بت رضواف ويوسف, حيث يسأؿ األوؿ الثاين وقد وجده وحيدا إذا يف الفقرة األختة ؟ فيجيبو يوسف بأنو يشعر بأف الغرفة ذلا رائحة أضرحة األولياء.ما كاف يشعر بالرضا

:خارج المقام -2

2"حدثتو لساعات عن تذكاراتها في المقام"ختة لو يف حديث ربيعة لعبد النور يف زيارهتا األ-

:د "توات"اللبعبد اللطيف مث حدثتو عن زيارهتا و زوجها

"وعن رحلتهما إلى توات حيث سبحا في فيض أىازيج أصحاب الطبل والبارود المنتشين ورددا معهم يدا في يد الزمة العشق تحت المنارة الشاىقة ليلة في الساحة الرملية،

3بوع"الس

حدثت ربيعة عمها عبد النور عن رحلتها ىي وزوجها عبد اللطيف إذل "توات", وحضورعلا ليلة السبوع واالحتفاؿ بادلولد النبوي الشريف, حيث اطلرطا يف طقوس صوفية ؽلارسها األىارل بادلناسبة

وسبحا مع اجلموع الساحبة يف فيض من األىازيج, وقد أخذ منهما االنتشاء كل مأخذ.

"صاخبة متدفقة الشوارع خلقا بشريا مثل فيضان بين ضفتين :يقوؿ لمدينةويف ذكر السارد ل 4من الفتن والمحن"

237" ص زهوة " 1

10"نفسه" ص 2

10"نفسه" ص 3

165" ص نفسه " 4

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

137

نفسها اليت ؽلألىا الصخب والضجيج واالكتظاظ, وىي موبوءة بالفنت واحملن, وىي ىذه ادلدينة دفعت عبد النور و قبلو إدريس إذل اعتزاذلا و تفضيل حياة الزىد والتصوؼ .

عيد عن الجامعة ب"عناية أني التقيتك في مكان جعفر سلاطبا عبد النور: يف موضع آخر يقوؿو 1هما"بوالمدينة ومتاع

جعفر ػلمد اهلل أنو التقى عبد النور بعيدا عن ادلدينة ومتاعبها.

"ووقفت على بقية قبر سيدي د لو:فأك ,ىل زار الشاـ يف حديث عبد النور مع جعفر إذ سألوو 2قادر و شيخو الولي المعلم"عبد ال

"عبد القادر اجليالين"والصويف الزاىد ار قرب الورل الصاحل ز يذكر جعفر أنو يف سفره إذل بغداد قد وىذا يدؿ على أف الكاتب ال يتؾ فرصة يالمس فيها الصويف ويقتب منو إال اغتنمها.

"حيث وسبنطيط ,تيميموفو يت,عبد اللطيف سفره إذل تاغيتذكر يف موضع آخر من الرواية شتاء الشمال وليالي الدفء في عز قصمت الولو وضوء اإلشرارضاب الرطب الجني و

3القاسي"

ما سبتاز بو ىذه ادلدف الصحراوية, فيذكر رضاب الرطب يستعت الكاتب بالقاموس الصويف ليصف الذي ؽليز تلك ادلناطق اجلت يف إشارة إذل بواكت التمر, وصمت الولو داللة على السكوف ادلطلق

وضوء اإلشراؽ للداللة على ضوء الشمس ودفئها.

"زيارة جامع الشيخ األكبر في توات ويستسل السارد يف احلديث عن ىذه الزيارة, فيذكر

229" ص هوةز" 1

321"نفسه" ص 2

313"نفسه" ص 3

تجهيات انرؤية انصوفية مه خالل انمكان وي انفصم انثا

138

1في المحراب العطر، خالي الفؤاد إال من خالقو" االمتنانكلها إذ صلى نوافل

تو جلامع الشيخ األكرب يف توات, قاـ بالصالة يف زلرابو العطر ؼلربنا السارد أف عبد اللطيف يف زيار شاكرا للخالق ادلناف, سللصا يف دعائو, خاليا فؤاده من كل شيء إال من اهلل الواحد, شأنو شأف

صويف وذلاف يف حاؿ من الفناء عن اخللق وشهود للحق.

313"زهوة" ص 1

الفصل الثالثتجليات الرؤية الصوفية من خالل

الشخصيات

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

041

:شخصيةمفهوم ال -1

فال , إذل جانب الزماف وادلكاف واألحداث تعد الشخصية عنصرا ىاما من عناصر البناء الروائيمتحركة بذلك يف , األماـ وؽلكن تصور وقوع أحداث دوف شخصيات تصنعها وتدفعها ضل

العادل بدوف "حىت ليمكن القوؿ بأنو ال يوجد سرد واحد يف عناه ومبناهمعطية للزماف م , ادلكاف .1شخصيات"

على اختالؼ يف درجة , العصور باىتماـ الدارست والنقاد على مر الشخصية وقد حظيتحد النقاد: "لقد خضعت التقاليد أاالىتماـ هبا من عصر إذل عصر ومن كاتب إذل آخر. يقوؿ

قبتو من تاريخ وعرب الفتات اليت أع وإذل توالت عميقة منذ أرسط األدبية ادلرتبطة بالشخصية .2"األدب

عهد , د البعيدنفهم من العبارة األختة أف الدراسات ادلتعلقة بالشخصية بدأت منذ ذلك العهيف رسم صورة الشخصية أف "طبيعة األحداث ىي ادلتحكمة الذي كاف يعتقد وأرسط

ثانية بعد يرى أف الشخصية تأب يف ادلرتبة ال وفه, 3"أبعادىا الضرورية واتملةوإعطائها يرسم الذي يعطيها أبعادىا وػلدد معادلها و وفاحلدث ى , بل ىي خاضعة ومنقادة لو , احلدث .مالزلها

ومع حلوؿ القرف التاسع عشر ازداد االىتماـ بالشخصية نتيجة لصعود قيمة الفرد يف اجملتمع ساسا بل أصبحت األحداث نفسها مبنية أ , حىت "أصبح ذلا وجودىا ادلستقل عن احلدث

.4إلمدادنا تزيد من ادلعرفة للشخصيات"

.909حسن بحراوي, بنة الشكل الروائ, م س, ص - 1

.917المرجع السابق, ص - 2

.918المرجع السابق, ص - 3

الصفحة نفسها. - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

040

وأصبحت دائمة احلضور يف البناء , وقد ازداد االىتماـ بالشخصية عند الرواة الكالسيكيت أهنا كائن حي لو وجود فيزيقي, فتوصف أساس "علىحىت غدا التعامل معها , الروائي

وأىواؤىا, وىواجسها, وآماذلا,سحنتها, وسنها, و ومالبسها, وصوهتا, مالزلها, وقامتها, .1وشقاوهتا." وآالمها, وسعادهتا,

واستمر األمر على ىذا احلاؿ حىت مطلع القرف العشرين وظهور الشكالنيت والبنيويت من , ورث الشكالنيوف والبنيويوف مقولة الشخصية من ادلنظرين الذين سبقوىم"فقد , بعدىم

.2بوصفها عنصرا مستقرا يف السرد" ,مثل سابقيهم, وقد تعاملوا معها

لذلك فقد عمد ىذا اجليل اجلديد من الروائيت إذل "التضئيل من شأف الشخصية والتقليص من .3دورىا عرب النص الروائي"

وانتقل وانصرؼ االىتماـ إذل عناصر أخرى يف السرد تتفاعل مع الشخصيات واألحداثمثل , ضيء جوانب أخرى يف العمل السرديالضوء الذي كاف مسلطا على الشخصيات لي

وظائف ىذه الشخصيات.

والذي أصبح منهجا ونرباسا –لقد حدد "بروب" يف عملو الرائد يف دراسة اخلرافة الروسية , وادلساعد , انحوادل , ىي: ادلعتدي , سبعة أنواع من الشخصيات -للدارست من بعده

"وىكذا تتوي القصة على سبع ف.يز والبطل ادل , والبطل , (دلرسللطالب )اوا , واألمتة .4شخصيات"

بل صرؼ جل اىتمامو لدراسة وظائف ىذه الشخصيات , ودل يهتم بروب كثتا بالشخصيات

.86 مرتاض, ف نظرة الر واة, ص عبد المالك - 1 .057, ص 0998ثقافة, القاهرة, لواالس مارتن, نظرات السرد الحدثة, ترجمة حاة جاسم محمد, المجلس األعلى ل - 2

.009 ص واة, الر نظرة ف مرتاض, المالك عبد - 3

.98, ص 0996, 0وسمرة بن عمو, دار شراع, دمشق, ط فالدمر بروب, مورفولوجا القصة, ترجمة عبد الكرم حسن - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

049

يف القصة ىي وظائف الشخصيات أيا العناصر الثابتة الدائمة " و كاف يعتقد أف وذلك ألن تؤدى هبا ىذه الوظائف. فالوظائف ىي وأيا كانت الطريقة اليت , كانت ىذه الشخصياتويفسر بروب سبب ىذا التكيز على الوظائف مقابل , 1للقصة" األجزاء ادلكونة األساسية

2يف حت ال حصر لعدد الشخصيات." , الشخصيات بقولو: "إف عدد الوظائف غاية يف القلة

تظم اخلرافة الروسيةنظاـ ين ونستشف من القوؿ السابق أف بروب يف سعيو إذل إغلاد نسق أرأى أف عدد الوظائف اليت تقـو , نو من استخالص قانوف يتحكم يف بنائها وشكلها العاـك ؽل و

يشت صراحة إذل "وجوب تديد الوظائف ولذلك فه , زلدود وقابل للحصرهبا الشخصيات .3بغض النظر عن ىوية منجزيها"

يقرر أنو "ال تبقى وألتاثو فه مرتكزاأما "غولدماف" الذي اتذ من أعماؿ "لوكاتش" 4منفعلة بو وإظلا تصبح جزءا مكونا وضروريا لتالحم السرد" والشخصية تابعة للحدث أ

ػلررىا وهف , ذلك يعت أف غولدماف يرى أف الشخصية لبنة أساسية من لبنات البناء السردي العمل السردي.مها لتطغى على باقي مكونات من دوف أف يضخ , من ربقة األحداث

أف الدراسات اليت كانت قبلو كانت تبحث يف عالقة الشخصية بالعادل ايط ويرى "باختت"ولكن ما ؽلثلو العادل , أما بالنسبة إليو "فليس ادلهم عنده ما تثلو الشخصية يف العادل , هبا

.5وما تثلو الشخصية بالنسبة لنفسها" , بالنسبة للشخصية

فهم البطل وى بل ادلهم عنده , صفاهتا ومساهتاب , الشخصية نفسها باختتادلهم عند ليس ف

.88المرجع نفسه, ص - 1

الصفحة نفسها. - 2

.88بنة الشكل الروائ, حسن بحراوي, م س, ص - 3

.919المرجع السابق, ص - 4

.901المرجع السابق, ص - 5

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

048

وزلاولة الكشف عن ىذه الرؤية يف ثنايا ادلنت الروائي , كرؤية للعادل والروائي كوجهة نظر أما غلب الكشف عنو ووال صورهتا ادلعدة بصرامة ى , "فليس الوجود ادلعطى للشخصية

بعبارة أخرى: كلمتو األختة حوؿ العادل وحوؿ وأ , وإدراكو لذاتو وإظلا وعي البطل , وتديده . 1"نفسو

دلصتىا وقدرهتا على رفع العنصر الشخصي ذلك أف الشخصية "تنشأ باجلوىر عرب درجة وعيهافتتخلص , 2"إذل مستوى معت ملموس من العمومية , بوعي أيضا , العرضي يف مصتىا

صوت اجملتمع وإذل ما يشبو ضمت اجلماعة أ وفرديتها وتسمبذلك الشخصية من ذاتيتها و 3"فتعايش مصتىا الشخصي بت عموميتو وارتباطو بالعادل"

"فهذا تودوروؼ , تطورت النظرة للشخصية حىت غدت عند بعض الدارست رلرد عالمة لغويةة الفاعل يف العبارة غلرد الشخصية من زلتواىا الدالرل ويقف عند وظيفتها النحوية فيجعلها تثاب

السردية ... بل إف فيليب ىاموف يذىب إذل حد اإلعالف عن أف مفهـو الشخصية ليس مرتبط أساسا بالوظيفة النحوية اليت تقـو هبا الشخصية داخل ومفهوما أدبيا زلضا وإظلا ى

.4النص"

ية مورفيم فارغ يف ترى أف الشخص وىذه النظرة اللسانية للشخصية اليت اعتمدىا النقاد البنيويوفب ؽلتلئ بشكل تدرغلي بدالالت كثتة كلما أوغلنا يف قراءة النص , بداية العمل السردي

وتتكوف ىذه الصورة عرب مصادر ,مشاركا يف صنع صورة عن الشخصية القارئفيصبح ىي: ,إخبارية ثالثة

.901 ص, س م, بحراوي حسن, الروائ الشكل بنة - 1

.80, ص 9116, 4رج لوكاتش, دراسات ف الواقعة, ترناف بلوز, مؤسسة مجد الجامعة للطباعة والنشر, بروت, ط جو - 2

.89نفسه, ص - 3

. 908حسن بحراوي, بنة الشكل الروائ, ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

044

ما ؼلرب بو الراوي -

ما ترب بو الشخصيات ذاهتا -

.1ارئ من أخبار عن طريق سلوؾ الشخصياتما يستنتجو الق -

ف "مقولة الشخصية ظلت وبشكل مفارؽ إحدى ادلقوالت األشد غموضا يف أومعلـو ومن مجلة أسباب ىذا الغموض ىناؾ بدوف شك قلة اىتماـ الكتاب والنقاد هبذه ,اإلنشائية

اية القرف التاسع ادلقولة كرد فعل على اخلضوع ادلطلق للشخصية اليت كانت ىي القاعدة يف هن"أنو ب اخللط باستمرار بت مقوليت الشخصية وولعل ما زاد ىذا الغموض تعقيدا ى, 2عشر"

ومن البديهي أف أي تصور للشخصية ال ؽلكن فصلو عن التصور العاـ ,والشخص .3"للشخص

أف النظرة التقليدية للشخصية ينبغي أف تتغت –ومنهم فيليب ىاموف –يرى بعض الدارست ألهنا تمل يف طياهتا معايت ثقافية واجتماعية , فمقولة الشخصية ليست مقولة أدبية زلضة

ومجالية خارجة عن إطار النص األديب.

أي أهنا ال تثل إنسانا ,من جهة أخرى ليست مقولة الشخصية مؤنسنة بشكل خالصو والدقيق والزبدة كذلك البيضة ,فالفكر يف عمل "ىيجل" ؽلكن اعتباره شخصية ,بالضرورة

تشكل شخصيات يف نص مطبخي...اخل

القراءة ومن خالؿ عملية فمن خالؿ ,يف بناء الشخصية كما أف القارئ يشارؾ النص يتباين فهم -واليت ال ريب تتلف من قارئ آلخر –اموالت الثقافية اليت ػلملها القارئ

.17محمد عزام, شعرة الخطاب السردي, ص - 1

.07لسردة, ص فلب هامون, سمولوجة الشخصات ا - 2

.06نفسه, ص - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

045

يساىم القارئ يف تكونو وتبلوره و للنمالشخصية كائنا قابال ووبالتارل تغد ,القراء للشخصيات .1بقسط وافر

إذل تباين فيها أدى االختالؼ الذي وقع فيو النقاد يف دراستهم للشخصيات وتعدد مشارهبمفقد ذىب بعضهم إذل "تصنيف الشخصية يف , مواقفهم إزاء تصنيفهم ذلذه الشخصيات

ب شخصية ,التغيت الدائم داخل السردودينامية تتاز ب, سكونية ثابتة ال تتغت طواؿ السرد .2وشخصية معقدة ذات عمق سيكولوجي" ,وثانوية ,رئيسية( و)أ زلورية

فقد تكوف اجتماعية "وغلوز أف توصف الشخصية , وقد تعددت التصنيفات للشخصياتوعالقاهتا , ومنزلتها لدى اآلخرين ,لكوف ادلؤلف يعتت توقعها االجتماعي باالجتماعية

يشت الكاتب من خالذلا إذل شخوص تعيش بت , كما ؽلكن أف تكوف رمزية, 3"بالناس توقيا لألذى. وأ ,دفعا للحرج ,ظهرانينا

واليت مسيت , ومن بت التصنيفات اليت اعتمدىا النقاد للشخصيات صلد أيضا الشخصية اجلاذبةإغلايب معت يشبع توؽ نظرا لقيامها بدور ,ويتعاطف معها ,كذلك نظرا ألف "القارئ ؽليل إليها

.4وينسجم مع ميولو ورغباتو" ,القارئ

ومن نافلة القوؿ أف ىذا التصنيف , ويف مقابل الشخصية اجلاذبة ىناؾ ظلوذج الشخصية ادلنفرةتقـو يف اليت يراىا قارئ ما جاذبة ألهنا فالشخصية , تصنيف نسيب ووى , جلهة القراءة وى

ميوؿ وقد تكوف منفرة لقارئ آخر ذي ثقافة سلتلفة أ ,من وجهة نظره إغلايب بدوراحلكي مغايرة.

بتصرف. 09و 08فلب هامون, سمولوجة الشخصات الروائة, ص - 1

.18 ص , السردي الخطاب شعرةمحمد عزام, - 2

.095أبراهم خلل, بنة النص الروائ, ص - 3

.096المرجع السابق, ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

046

يف مقابل الشخصية ادلسطحة والثابتة ,ومن بت التصنيفات كذلك الشخصية ادلدورة والناميةفالشخصية ادلدورة ىي "اليت تنهض بدور يتطلب احلركة والتغيت من فصل آلخر ومن حدث

وتتغت مع تقدـ الزمن. فال تبقى على وتتة فهي تؤثر يف احلوادث وتتأثر هبا, آلخر .1"...ويستطيع القارئ أف يراىا من جوانب متعددةواحدة

ويف ادلقابل الشخصيات ادلسطحة الثابتة ىي شخصيات ال تتمتع باحلركة والدينامية يف النص .2الذي اختاره الكاتب" ولذلك "ال يستطيع القارئ رؤيتها إال من جانب واحد ى, الروائي

الحظ أنو ؽلكن التمييز بت ثالثة فقد لغوية الذي يعترب الشخصية عالمة أما فيليب ىاموف أنواع من العالمات:

وؽلكن تسميتها ...على مفهـو وأ ...العالمات اليت تيل على واقع يف العادل اخلارجي -0ه العالمات مدرؾ... ىذعلى شيء ملموس وإهنا تيلنا على معرفة مؤستتة أ, عالمات مرجعية

ؽلكن التعرؼ عليها من خالؿ ادلعجم.

إهنا ذات مضموف عائم وال يتحدد معناىا إال ,العالمات اليت تيل على زلفل ملفوظاب -9 وىي عالمات غت زلددة يف ادلعجم. ...من خالؿ وضعية ملموسة للخطاب

ىذه العالمات العالمات اليت تيل على عالمة منفصلة عن نفس ادللفوظ... إف وظيفة -8 3عالمات استذكارية., بصفة عامة ,اقتصادية... وؽلكن أف نطلق عليها ووظيفة ربطية أ

الشخصيات الروائية يف ثالث ىاموف فقد صنفواعتمادا على ىذا التمييز ألنواع العالمات :فئات

.916 ص , السابق المرجع - 1

.917 ص , بقالسا المرجع - 2

. 79فلب هامون, سمولوجة الشخصات الروائة, ص - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

047

.تيل ىذه شخصيات تارؼلية...اسطورية...رلازية...اجتماعية.. فئة الشخصيات ادلرجعية: -0 حددتو ثقافة ما..., الشخصيات كلها على معت شلتلئ وثابت

من ينوب عنهما يف والقارئ أ وإهنا دليل حضور ادلؤلف أ فئة الشخصيات اإلشارية: -9 رواة وما شاهبهم...فنانوف...اخل, النص: شخصيات ناطقة بامسو...شخصيات عابرة

من االستدعاء شبكةبنسج ادللفوظ...تقـو داخل فئة الشخصيات االستذكارية: -8إهنا باألساس عالمات تشحذ ذاكرة والتذكت...ووظيفتها وظيفة تنظيمية وترابطية باألساس.

1إهنا شخصيات للتبشت. , القارئ

بشكل وتدر اإلشارة إذل أف شخصية ما قد تنتمي إذل ىذه الفئات الثالث يف آف واحد أ ياؽ النص.وذلك حسب وظيفتها داخل س , متتابع

متنوعة ويعود ىذا التنوع والتعدد يف التصنيفات ادلتعلقة بالشخصية إذل أف الشخصيات ائع بوالثقافات واحلضارات واذلواجس والط متعددة "بتعدد األىواء وادلذاىب واإليديولوجياتو

.2"البشرية اليت ليس لتنوعها وال الختالفها من حدود

المحبة في رواية "تلك الشخصياتالل الصوفية من خ الرؤيةأوال: تجليات

دلا ,سنعتمد يف دراستنا لعنصر الشخصية على ثنائية الشخصيات اجلاذبة/الشخصيات ادلنفرة, ودل فيو من استجابة دلتطلبات الدراسة يف ىذا التصنيف من موافقة للمنت الروائي ادلدروس

.وادلنهج ادلتبع فيها

الشخصيات الجاذبة: -1

.95و 94المرجع السابق, ص - 1

.78عبد المالك مرتاض, ف نظرة الرواة, ص - 2

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

048

تعترب شخصية "السيدة البتوؿ" من أىم الشخصيات يف الرواية, بل ىي ":"السيدة البتول .سلالفةوإما عصب الرواية وقطب رحاىا, وبقية الشخصيات تدور يف فلكها, إما موافقة

لذلك فإف أغلب الشخصيات اجلاذبة ستكوف ىي الشخصيات ادلوافقة للسيدة البتوؿ أو على شخصيات ادلنفرة ىي الشخصيات اليت تعادي السيدة البتوؿ األقل ال تناصبها العداء, بينما ال

وتضمر ذلا الشر.

الفقرات اليت نستخرج من خالذلا صفات "البتوؿ", أف ىناؾ غلدر بنا القوؿ قبل أف طلوض يف شخصية ال تقل أعلية عن شخصية "البتوؿ" وىي شخصية "إمساعيل الدرويش", واليت سنفرد

اإلشارة إذل أف ىذه الشخصية ترد يف كثت من األحياف مقتنة ذلا مبحثا مستقال, ولكن وجبت بشخصية "البتوؿ".

, واختيار الكاتب تطالعنا الرواية منذ البداية بصفات عجيبة للسيدة البتوؿ وإمساعيل الدرويشريخ الصوفية حافل بذكر االمست ذلذين االمست: البتوؿ والدرويش غت اعتباطي, فمعلـو أف تا

, أما وأصلها فارسي دراويش : لزاىد اجلو اؿ واجلمعفالدرويش عند الصوفية ىو ا, اوتعظيمهم , يقوؿ السارد:ا لعبادةرأة العذراء ادلنقطعة عن الزواج البتوؿ فتعت ادل

1" "فكانت تلك المرأة التي فطرت على اجتماع الماء والنار والهواء

اء والنار واذلواء, فكأف الراوي أراد أف يقوؿ أهنا ادلتناقضات: ادلفطرت على اجتماع ىذه ادلرأةلنخلة تمع كل صفات البقاء يف ىذه البيئة الصحراوية الصعبة, فهي صنو النخلة, ومعلـو ما ل

"مذ قال اهلل للنخلة كوني قمة في النار وقدما في يف حياة ساكنيها و يف أدرار من أعلية بالغة 2الماء"

00 " صلك المحبةت" - 1

09"نفسه" ص - 2

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

049

ختة إذل أف ىذه ادلرأة راسخة يف القدـ رسوخ النخلة يف األرضيشت السارد يف العبارة األ , ب يضيف متحدثاوقد تاىت بتلك ادلرأة فكأهنا ىي "أدرار" وضلسبو ىنا يتحدث عن مدينة

بلساف ىذه ادلرأة الرمز:

"قالت ال أعرف لعمري تقويما في ىذا الزمن, فقد أكون ولدت مع دفقة الماء األولى 1ي ىذه األرض البعيدة "التي انساحت ف

منذ وجود ادلاء على ىذه ,يشت السارد ىنا على لساف السيدة إذل أهنا خلقت منذ األزؿ . 2﴿وجعلنا من الماء كل شيء حي﴾ األرض, أي منذ وجدت احلياة

وحىت يفسر لنا السارد سبب بقائها ىذا العمر الطويل, واحتفاظها بشباهبا يقوؿ:

3من زاعم أن العفاريت تبدلها كل عشرين عاما عمرا بعمر لتردىا إلى شبابها ""ف

."أدرار"فهذه ادلرأة يف شباب متجدد, وىذا ما يقوي نظرتنا بأف البتوؿ ما ىي إال رمز دلدينة

قصة ادلرأة والرجل اخلارقت, البتوؿ وإمساعيل الدرويش الذين ال يؤثر ويف حديث السارد عن"وكان الذي أىلك : , يقوؿوصروفو, كأهنما من جنس آخر غت جنس البشر فيهما الدىر

العجوز العرافة بنت كلو ادعاءىا أن العشيقين ليسا سوى البتول وإسماعيل الدرويش, ال يصيبهما من العجز والشيخوخة والخور ما يصيب البشر. عرفتهما شابة فترىلت

.4لغواية"واستسلمت لسطوة الدىر وبقيا على خط الفتنة وا

ىذه ادلرأة ادلثاؿ, فيحيطها هبالة من التقديس ,أخرى يتحدث السارد عن البتوؿ فقرةويف

08 " صلك المحبةت" - 1

.81سورة األنباء, اآلة - 2

06 "تلك المحبة" ص - 3

.59نفسه, ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

051

ا شيخ من كبار الصوفية, وؼللع عليها رداء من اذليبة واجلالؿ, حىت أف الزمن أهنوالعظمة, ك كأن زمن عمرىا..."محذورة في غيابها, منيعة في حضورىايتوقف عندىا ويدور حوذلا فهي

توقف جريانو في األربعين مبلغ ألق نضج امرأة مثلها, فسد ذلك السر دون انحداره 1بنضارة جسدىا إلى الرذالة فبقع كسراب ودار حولها فتسربلها"

ىذه السيدة ال يؤثر فيها الزماف وال يتغت مجاذلا وال ػلوؿ, يف موضع آخر يؤكد السارد على أف , وبعد غياب طويل عاد فوجدىا علىفها شابة يافعةفهذا "علي الشريف" أحد الصاحلت عر

" ولما كان علي الشريف بعد سنين عاد فوجدىا في حاذلا فانصعق ومات, يقوؿ السارد: 2انتظاره على صورتها كما تركها صعق وسكت فيو النبض"

"مثل الصحراء ال يتقدم بها العمر وال تنالها شيخوخة وال يصيبها لوث, كأن األرواحفهي 3ملكتها سر الشباب ال يزول إال بيوم قبضها."

"عن تلك ويستسل السارد يف استعماؿ ىذ القاموس العجائيب مالمسا الصويف يف حديثو السيدة التي لم تبق قوال, ىنا يسبق أو يلحق, إال سطرتو يد لها نبيلة في سفر من أسفار

ثت روى عنها صمت العرق الرمل, تلك التي تورقها الرياح ليقرأىا النخيل, إذ حد 4بامتداده"

إال على تاريخ أدرار, فهي دل تتؾ قوال أو حدثا مر بادلدينة ةالسارد من ىذه ادلرأة شاىدغلعل غت أف ىذه األسفار أو وسجلتو بيدىا النبيلة على سفر من أسفار الرمل, صلهل كنهو وماىيتو,

صمت العرؽ بامتداده وشساعتو شاىدا على الكتب تقلب الرياح أوراقها ليقرأىا النخيل, وكاف

.091تلك المحبة, ص - 1

017"نفسه" ص - 2

004"نفسه" ص - 3

08"نفسه" ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

050

بل يذىب إذل ىذه القراءة, وال يكتفي السارد تعل السيدة عليمة بأحداث ادلاضي واحلاضر, حىت , , فهي تعلم ما يستقبل من احلوادثمن ذلك, فيجعلها مطلعة على ما ىو الحقأبعد

ليصدؽ فيها قوؿ القائل:

1يكاشف باألسرار يف ملكوهتا فيأب عليو الفيض من عادل الغيب

يف فقرة أخرى تاطب البتوؿ إمساعيل الدرويش كأهنا يف حلظة اطلطاؼ, فتطلب منو أف يعيش "فاذكر وال تغفل أني التقيتك في بعد زماني .فتخلص من اللحظة, حلظة اللقاء والوصاؿ

2كل مكان وتنس كل فضاء وال تنشغلن بآت وال ماض, فإنما الدنيا دنو."

ينشغلن تكاف أو فضاء, فهما إظلا التقيا ػلفل تاض أو آت وال فما الدنيا إال قرب ودنو, وال يف بعد زماين ال ػلده احليز أو ادلكاف.

تقوؿ ىذه ادلرأة تصف نفسها : موضع آخر من الروايةيف

3"ما رأتني عين إنس أو لمستني يد بشر إال حدث االنبهار وأشرقت رمال العرق باألنوار"

, فإنو ما رآىا بشر أو دلسها إال حدث اليت يسعى وراءىا ادلتصوفةاحلقيقة ذه ادلرأة ىيى كأف لو االنبهار, فذىل عن نفسو وما حولو, وعم الضياء والنور رماؿ العرؽ.

" في كف يقوؿ السارد أف السيدة البتوؿ تتصف بكل ىذه الصفات العجيبة بسبب أهنا 4عفريت من الجن الصالحين تسكن "

وػلرسها, ورتا يساعدىا يف إتياف تلك تا صاحلا من مؤمت اجلن يرعاىاىذا كناية على أف عفري

.08, ص 9111أمن حمدي, قاموس المصطلحات الصوفة, دار قباء للطباعة والنشر والتوزع, القاهرة, د ط, - 1

04 " صلك المحبةت" - 2

05"نفسه" ص - 3

08"نفسه" ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

059

األمور العجيبة, اليت ترؽ نواميس العادة والطبيعة.

ويف موضع آخر من الرواية ؼلربنا السارد أف البتوؿ إظلا أوتيت ىذه الصفات العجيبة ألهنا عن امرأة وىبت من "وكان صاحب المصنف يحدث نتيجة تزاوج بت اإلنس واجلنولدت

1بني البشر الحكمة والفضل, ومن بني الجن الجمال والفتنة "

" الشمس ىي التي تراودىا نهارا فتهيئها للقمر يأتي ليال كأف والسيدة البتوؿ مجيلة جدالتأخذ منو وطرىا. فانسبغ عليها, لذلك, إشراق جمال يغوي النساء قبل الرجال . فما

2بصرت إال تحرقت أن تراىا عارية فتمسحت على قوامها"نظرت إليها امرأة أو أ

لقد أخذت البتوؿ مجاذلا من ضياء الشمس ومن نور القمر, فانسبغ عليها من أجل ذلك هباء وإشراؽ, فنت النساء فضال عن الرجاؿ.

يقوؿ:ف ىاعطر السارد , يصفالبتوؿحديثو عن معرض ويف

جن, وإال كيف تكون روائحها ال تشبو أي "وادعت نساء أخريات أن التركيبة من عمل ال 3رائحة من أي عطر امتلكتو نجمة والسيدات الكبيرات أنفسهن"

فال تلك نساء "توات" , فكأنو من صنع اجلافحىت عطر السيدة شليز عن غته من العطور وىي رغم ذلك ال تتؾ واحدة منذوات اجلاه وادلاؿ شبيها بو, رغم ما يبذلنو يف سبيل ذلك,

أو تلمس جسدىا, وىذا أمر آخر زاد من غتة النساء حىت قلن متعجبات:النساء تعطرىا 4جسدىا, صدرا لظهر وقدما لرأس" "كيف ليدي السيدة وحدىا أن تعمما

004 محبة" ص"تلك ال1-

015"نفسه" ص - 2

016"نفسه" ص - 3

016تلك المحبة, ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

058

حضرت السيدة رللس غناء حسونة فإهنا عندماحىت ف, من صفات البتوؿ كذلك الوقار وادلهابةغناء حسونة كلو مدحا لها تلميحا وتصريحا. "ما صفقت وال رقصت أو رددت. وكان

حتى أن كل حاضرة شعرت كأنها في ضريح مبجل بما تصعد من بخور ومن عطور, وروائح المأكوالت, وبما ساد الوجوه من انبساط ووقار, والعيون والشفاه من مرح

1وفرح."

يف "بليلو"ا, فهذا حىت يف غياهب يف حضورىا فقط, بل مهابةليست البتوؿ أكثر من ذلك, فاحلديث عن كل شيء حىت إذا جاءت على ذكر يفمعها " , ينبسطماريا"حديثو مع

عالقات السيدة البتوؿ وحياهتا اخلاصة أجاهبا تا يدؿ على عظيم تقديره للسيدة واحتامو ذلا "...حدثني عن البتول, يقال عنها محبة عظيمة. فوضع كفو على خدىا: البتول سيدتي.

2والخدام ال يحدثون عن غوايات أسيادىم."

"فإن كل حىت حزهنا ليس ككل حزف فإهنا حت حزنت على زوجها عبد النيب التارقي النبيل امرأة قبلت تعزيتها فاقتربت منها لمست بالنظر والحس حزنها الذي يثير الغيرة لجمالو,

فجع. ال مسحو ارتياح إذ ليس فيو ىم وغم. فوجهها منبسطة أساريره وراءىا كدرات الفيو وال رياء, غير التياع يدمك دمكا بتلك اللفتات واإلشارات من أصابع يديها

3وعينيها."

ألىلها البتوؿ كانت زلبة للزوايا وتبذؿ , فإف من صفات ىذه ادلرأة كذلك العطاء والبذؿ زلمد التلمساين قالت: ذلا عن "بنت ىندؿ"العطايا واذلبات, ففي معرض حديث

088" ص تلك المحبة " - 1

051" نفسه " ص - 2

.804, ص نفسه - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

054

1"وأنت يا سيدتي ممن يبذلون لزاويتو غير البعيدة"

"أخبرتني من حضرت جنازة وىي صاحبة واجب يف اجلنازات, يقوؿ السارد على لساف سلو: أمي أن السيدة خرجت على الرجال وقالت في وجوىهم: تصلون عليها وتدفنونها. ثم

2أقامت لها العزاء فأطعم المحتاجون من كل القصور المجاورة."

تناسبة أحد ادلواسم الكثتة يف 3ومرة أخرى يعود السارد إذل ذكر البتوؿ اليت أقامت حضرةأدرار, فدعت ادلقرئت وادلنشدين والنساؾ والزاىدين وصنعت الطعاـ, ويف ىذا اجلو الصويف ادلشحوف الذي اختلطت فيو أصوات ادلنشدين ورقصات الراقصت من األنس واجلن, التقت

اعيل الدرويش فثملت تطالعة وجهو البهي وقسماتو الفاتنة كأهنا صويف يف حالة البتوؿ بإمسشهود ال يرى إال وجو زلبوبو, وقد ضرب حجاب بينهما وبت احلضور الذي أسكرتو النشوة,

!نشوة اإلنشاد ونشوة الطعاـ الذي أعده أولئك اخللق فخدرىم وبنجهم

ها في تلك الليلة التي لسبع بقين من حلول الموسم "في الحضرة التي أقامت يقوؿ السارد:غفت سكرى بطلعتو النبيلة وتوسماتو الخميلة من بين الرجال جميعا, حضورا كانوا بالعين يرون أم بالحس. ضرب بينو وبينهم حجاب عنها غابا دونو. فما تفطن واش وال حاسدة

مها الذي حضره نفر من أولئك وال كائد أو مترصدة. كأن أناشيد الزىاد أثملتهم, أو طعا 4الخلق بنجهم"

ال يتؾ السارد فرصة تر دوف أف غلعل للسيدة فيها يدا وفضال, فخالؿ حديثو عن األبو

81 " صلك المحبةت" - 1

089" ص فسهن " - 2

بشكل السنة للطرق الصوفة ة والت ؤدها المسلمون المنتمونالجماع الذكر طلق على مجالس صوف إسالم : مصطلحالحضرة - 3

خاص, وكون على رأسها شخ عارف بالطرقة نبه على كل ما من شأنه أن شوش إمكان الوصول إلى لحظة الصفاء. سمت بذلك

, كالخطب ذكرال تم فها آداء أشكال مختلفة من .الصوفة ألنها سبب لحضور القلب مع هللا, وه ركن هام ف طرق

)نقال عن وكبدا الموسوعة الحرة(.والمدح النبوي واإلنشاد الدن, الشعر , وإلقاءوأوراد والنصوص األخرى من أدعة القرآن وتالوة

.818, ص لمحبةتلك ا - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

055

جربيل ومربوكة والعالقة الناشئة بينهما يقحم ذكر السيدة, فأوؿ لقاء دلربوكة مع جربيل كاف عند السيدة .

عند البتول, غداة استخالفو األب يعقوب "فمذ رأتو من خلف حجاب صحبة أمها 1ليقدم امتنانو لها بما أرسلتو لو من صدقات"

دلا و , , فها ىي تبذؿ العطايا لدير النصارىفالبتوؿ تبذؿ الصدقات وادلساعدات حىت للنصارى فإهناتربعات اليت ترسلها السيدة إذل الدير, " النصرانية من الاألخت جولييتتعجبت "

"أن السيدة ال تعتبر أخربىا ما زاد يف دىشتها وذلك بسبب الذي ها جربيلاستفسرت عن 2ذلك ىدية وال تبرعا بل صدقة "

الطالب "نرى يف ادلقطع التارل البتوؿ تادث من صفاهتا كذلك أهنا زلبة للعلم واالطالع, باحيدة " وكان الطالبيف زيارة لزاوية زلمد التلمساين: معلم القرآف والذي كاف "باحيدة

حدث البتول بين المغرب والعشاء في دارىا في المدينة بعد حول من لقائو جولييت عن 3محمد التلمساني, وقد عاد لتوه من الزيارة الكبرى المعقودة في زاويتو"

يف الفصل األوؿ من ىذه الدراسة وقد سبق احلديث عن زلمد التلمساين وزاويتو ادلشهورة 4فلما وصل الصحراء نزل في توات, محط عبوره ...""وقال باحيدة للبتول :

عن رحلة زلمد التلمساين من الشماؿ إذل الصحراء ودعوتو إذل الثورة احلديث "باحيدة" يواصل "والبتول بوقارىا مستمعةتربوا وأكثروا الفساد يف البالد, كل ذلك على اليهود الذين طغوا و

066" ص تلك المحبة " - 1

980"نفسه" ص - 2

80 ص نفسه "" - 3

88 "نفسه" ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

056

1شهد معجبة بلسانو وصوتو."لمعلم تتابع بإصغاء تمثيل باحيدة كل م

"لم يجزم أحد من فيقوؿ: "ادلصنف"ويف حديث السارد عن مدينة ادرار يتعرض إذل قصة أىل األخبار بأن يكون إسماعيل الدرويش قد حدث البتول أو أن تكون ىي قرأت لو من

2"ذلك المصنف الذي غمض على غير أىل السر أمره.

أىل ا وخاصتو من بت ادلتصوفت العارفت الذين ىذا ادلصنف خاص بأىل السر, وىم أطلعهم على بعض أسراره, ومكنهم من مقاـ العرفاف بفضل رلاىداهتم وصربىم ودأهبم.

فكل ما وصل عنو للخاصة أن يدا جليلة طوتو في محرمة من حرير أخذت من جهاز " 3قالوا ليست سوى البتول في زواجها األول" عروس جيدة بكر,

"لن تكون غير يدىا حزمتو ود السارد ليحدثنا أف تلك اليد اجلليلة اليت طوتو وحزمتو ب يعبخيط مذىب سل من قفطان األميرة الزناتية, يكون إسماعيل الدرويش عاد بو من سفرتو

4تلك"

"فسكنو عطرىا ينعش أولئك الخلق غير ىي إذف البتوؿ من طوت ادلصنف وحزمتو وعطرتو .5وا حولو فأحاطوه بالعناية"المشهودين كلما حام

"ال يفتحو من وىكذا نصل إذل نتيجة مفادىا أف البتوؿ ىي صاحبة ىذا ادلصنف الذي اإلنس, ذكورا وإناثا, إال من كان من الصفوة الخاصة, فانحظر على كل من ثبتت نجاستو

41 " ص تلك المحبة" 1 -

019, ص نفسه - 2

.019, ص نفسه - 3

.018ص ,نفسه - 4

.018ص ,نفسه - 5

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

057

.1وتأكد غدره, أو فشا سره وجهل أصلو"

ؽلنعوف عنو كل صلس ,لق األثتيت غت ادلشهودينفهذا الكتاب ادلصنف زلمي من أولئك اخلويكوف إمساعيل الدرويش ىو من كتب ىذا ,وغادر أو رلهوؿ النسب غت معروؼ األصل

: ادلصنف حيث

العظيمة "زعموا أنو ىو الذي ألف الكتاب العجيب, في غيبتو الغريبة, لتلك المرأة 2سحرتو فأنزلتو إلى قصرىا تحت األرض."

السارد للحديث عن البتوؿ ىذه ادلرأة العجيبة اليت تاىت بأدرار فكأهنا ىي, صلده وحت يعود إذل زمن الواقع فيقوؿ: ايتحدث عن حلظة زمنية مطلقة ىي أقرب إذل زمن احللم منه

"كذلك األمر في بالد يملكها الرمل ويعمرىا الفراغ ويهيج فيها الصمت رغبة الرجل في

ية أن تصير الروح إلى مدة الرمل, والجسد إلى تلك الجذوع قرينة تتجدد مثل الريح خش المنخورة في بساتين نسيها الزمن إذ فر من فضائو إلى المنتهى, ال شيء فيها غير اهلل وأثر مجده في أرضو وسمائو يتوسم في أذواق العارفين محبة ما كان لها لتكون لوال امرأة

إلى فناء إال بكنو سرىا الذي من بين التسعة بكلمة كن امتدت فتنة لالبتالء, فال عبور 3والتسعين"

إف تلك البساتت قد نسيها الزمن الذي خرج من زمنيتو إذل ادلطلق وإذل الالمنتهي, فهو زمن صويف ال تده األياـ والدقائق, فاألمر ىنا زلبة نابعة من أذواؽ العارفت تفجرت بسبب امرأة

دعها سرا من أسرار أمسائو العليا, فال عبور للصويف إذل حاؿ خلقها ا تعاذل بقولو "كن" وأو

.018ص المحبة, تلك - 1

014" ص نفسه " - 2

.004-008, ص نفسه - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

058

الفناء ومقاـ العرفاف إال من خالذلا وتعرفة سرىا الذي ربطو السارد بأمساء ا احلست التسعة والتسعت, واليت يرى الصوفية أف من بينها اسم ا األعظم الذي إذا دعي بو أجاب وإذا سئل

ؼ وادلأمور بو للوصوؿ ىو ذكر اسم ا األعظم )ا( باجللوس يف عزلة بو أعطى "والذكر ادلعرو عن الناس وتصفية النفس بالذكر, وانتظار اإلمداد من ا. وقد يطوؿ األمر على حسب احلاؿ وقد يأب اإلمداد سريعا. وأوؿ ما سيفتح للعبد يف حاسة السمع. فإذا ترقى إذل ما ىو أعلى

عن حقائق غت مألوفة لديو. ب إذا ازداد يف التقي يصبح كالمو بإذلاـ تنفتح لو حاسة البصر .1من ا"

"قالت لها امرأة يف فقرة أخرى من الرواية يأب السارد برمز ادلرأة لتمثل "اجلزائر" ىذه ادلرة: و أميرة في البياض خرجت من بين دخان بنيانها المشتعل بالنيران على مرتفع بستان من

قدر أو خيانة أن أسقط بين أيديهم في لمحة من الزمان. !ن: كنت مهيبةتين ورما فجاءت الشساعة وتمسحت بوجهها وامتدت السواحل متوسدة صدرىا وانساب الشجر

2لونا لشعرىا."

ىذه األمتة اليت ظهرت يف لباسها األبيض كناية عن "اجلزائر البيضاء", بشساعتها وامتداد اءىا, خرجت من بت النار والدخاف, متوجعة ومتفجعة على زلنتها سواحلها وغاباهتا وصحر

بسقوطها بت يدي ىؤالء الفرنسيت األوغاد ادلتوحشت الذين عاثوا فيها فسادا وتقتيال "فأحست البتول أنها محمولتها في كف يدىا الثانية تحضن الصحراء بها, ترى وتنكيال,

. ولكن ببناناتها تتلمس في جسدىا آثار البحر في يدىا األولى ملطوما بغضب الريح 3حوافر خيلهم وبارود مدافعهم وكلوم سيوفهم وطعم حرابهم."

.9110مد عرب, اإلشـــراق خالفـة اإلنسـان فـ األرض, دراســـة, منشورات اتحاد الكتاب العرب, دمشق مح - 1

.905"تلك المحبة", ص - 2

نفسها. - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

059

لقد تثل السارد البتوؿ كأهنا "أدرار" زلمولة يف كف "اجلزائر" الثانية اليت تضن هبا الصحراء ار الغزاة الذين كناية عن الشماؿ, ولكنها تتلمس بيديها آث األوذلبينما يرتي البحر يف كفها

جاؤوا من وراء البحر, تتلمس آثار حوافر خيوذلم وبارود مدافعهم وجراحات سيوفهم وحراهبم.

ويف آخر فقرة من الرواية يفصح السارد على لساف تلك ادلرأة العجيبة اليت تاىت بأدرار ودوى رىا على من , وانتشر عبقها يف كل ثنية من ثناياىا, وطغى حضو ةصوهتا يف جنبات الرواي

سواىا, فنجدىا تقوؿ أف أدرار قابعة يف كف السارد, ال يف قلبها ىي, وىذا كناية على أف معرفتو بأدرار وخباياىا معرفة عميقة, فما ىذه ادلرأة إال واسطة اتذىا ليفصح من خالذلا عن

أصابعي "فإن أدرار ال تسكن قلبي. ىا ىي بعيدة من زلبتو العظيمة ألدرار وأىلها, فيقوؿ:قابعة في كفك. فهب لي حنينا ال أنسى بو أني كنت امرأتها. وارسمني أثرا في مصنفك عنها وشما أكون حبره. فانغز بقلمك لطفا. ثم ادع: غفر اهلل لكاتب المصنف وقارئو

1ومالكو. وقل تلك ىي المحبة"

إسماعيل الدرويش:

, وذلك إال مقرونا باسم "البتوؿ"يف أغلب صفحات الرواية ال يرد اسم "إمساعيل الدرويش" يف تشكيل احلدث الروائي يف "تلك ابة". تهماألعليللعالقة الوطيدة بت الشخصيتت, و نظرا

يف بداية الرواية يتحدث السارد عن البتوؿ, ب عن إمساعيل الدرويش, فيقوؿ:

ختفي ترابا " وكان ذلك الرجل الدرويش الذي حارت في طبعة العقول يظهر بشرا سويا وي 2"رمليا في العراق يتذرى ليصير ألوانو الغروبية

وىو الذي حارت يف طبعو العقوؿ, فتارة ينسبونو إذل اجلن, وتارة يردونو إذل البشرالرجل ىذا

.870تلك المحبة, ص - 1

00, ص المحبة تلك - 2

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

061

حياة ساكنيها. يفسطوتو وحضوره القوي يف أدرار و الذي لو إذل الرمل يرمز

وصف الدرويش: يف يف فقرة أخرى يقوؿ السارد على لساف البتوؿ

"وكن من أولئك الفرسان الذين إذا بلوا عفوا, فالعفة في العشق صفة من صفات العارفين 1من الرجال الشجعان الكرام"

, ومقاـ العرفاف ال يصل إليو الصويف إال بعد رياضات فوصفتو أنو من الرجاؿ العارفت ., وتقلب يف األحواؿ وادلقاماتاتدورلاى

صلد إمساعيل الدرويش يف مكاف غت عادي مساه السارد القصر السفلي, يبدو أنو يف فقرة أخرىـ طائفة منهم يف صالة العشاء, وىذا يدؿ على مكانتو يف إمارة للجن تت األرض, وقد أ

قصص الصوفية يف حاؿ الشهود, فإهنم أحاطوا بو فيهم, ويف ىذا اجلو العجائيب الذي يشبو "فإنو يكون استقبل المحراب الخارجي في القصر يقوؿ السارد:ار, ورفعوه فاختقوا بو اجلد

السفلي وثمة أم العشاء, فلما سلم واستدار ألفى خالئق ىي للضوء المتسرب من الشقوق ممزوجا بألوف ألوف الذرات الغبارية المتسابحة تبدي ىيئتهم لإلنس, وللجن

اخترقوا بو جدار المصلى مثلما وه بالسالم وأحاطوا بو ثم رفعوه فتجعل حركتهم .حي 2يخترق ظل"

فيقوؿ: ,وؼلربنا السارد على لساف الدرويش عن حالو بعد عودتو من ىذه الرحلة العجيبة

"فيوم عدت إلى رشدي من الغيبة مع أولئك الخلق اخترقوا بي صمت الجدران 3أحسست أن قلبي فرغ من كل شيء"

04 " ص تلك المحبة " - 1

06 " ص تلك المحبة" - 2

94 " ص فسهن" - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

060

, ذلك ألف التجربة اليت خاضها أشبو بتجربة يءفقد عاد وقلبو كلو إحساس بالفراغ من أي شالصويف حاؿ الفناء, فإنو يكوف يف حاؿ سكر ومىت عاد منها غابت عنو الكلمات, فال يدري

. شاىد وعاين, وال تسعفو اللغة يف التعبت عما ما يقوؿ

" وقال: ارد:أما عن عالقتو احلميمة بالسيدة البتوؿ واليت ىي من ادلهابة كما أسلفنا, ػلدثنا السكل األسماء لها ليست سوى كنيات. فأما علم كنهها فعند الدرويش الذي ال حميم لو

1غيرىا. حفظ سرىا كما يحفظ جدث رفاتو. ورعت ىي مودة لو مثل أم لولدىا."

السيدة البتوؿ ذلا سر ال يطلع عليو أحد إال الدرويش, وىو قد حفظ السر فال يظهره ألحد فظت لو ادلودة فال تبغي عنو بديال.ىي قد حو من البشر,

, أف "الدرويش" كاف نتيجة زواج إنسي تنية, فهو نصف إنساف نصف جافالسارد ويذكر فشغفها شبابو وسحرتها طلعتو " فإف أحد أجداده كاف مجيال مهابا فرأتو إحدى بنات اجلن

ى المختار وراح فتقدمت إليو في صورة إنسية فانبهر فردد التكبير والشهادة والصالة عليتبعها مذىال فكان عند أىلها فسرح اهلل لسانو بأمره فخطبها إليهم وتزوجها فأنجبت لو

2أوالدا يكون الدرويش أحد أحفادىم."

"أنخبل أن يكون ى لساف البتوؿ سلاطبة الدرويش:لويف موضع آخر من الرواية يقوؿ السارد عالجنون. وقالوا عن جدك ألبيك : جدك ألمك معلم عفاريت. أسماه جنس البشر قراي

3لغاي الطويرات حداث النمالت كالم البكمات"

من البهائم.فجده ألمو معلم عفاريت, وجده ألبيو ػلدث الطيور والنمل والعجماوات

006 ص , ةالمحب تلك - 1

006ص , نفسه - 2

09 "نفسه" ص - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

069

عن قصة "إمساعيل الدرويش" ي"حازي تنمطيط" شخصية أخرى من شخصيات الرواية, ػلكية مؤمنة فقدت ابنها تمثلت لو أمو رامها فغابت بو إلى "جن الذي فقد أمو صغتا وكيف أف

1إمارتهم في إغزر"

و تلك واألمور إذف فإمساعيل الدرويش ىو ربيب تلك اجلنية لذلك ال عجب أف نرى من :من اخلوارؽ ما يأتيووال مستهجنا ليس مستغرباالعجائبية, و

2وأغنامو....""...الدرويش الذي يسوق الريح أمامو كما يسوق راع إبلو

والكاتب يضيف إذل أصل الدرويش بعدا آخر, فبعد أف جعل للجن نصيبا يف نسبتو, ىا ىو يعطيو شرؼ النسب حيث يرفع نسبو إذل ساللة النيب ادلختار, فيقوؿ:

3"وتهدىدت أن أذكر أنك ابن أم بربرية وأب عربي أندلسي شريفين"

"فكان الناس إذا قصدوه وجدوه التقوى ويف موضع آخر يصف السارد الدرويش بالصالح و 4ذاكرا ال يكلمهم إال إشارة من يده, عيناه منطق بما ال يأتيو لسان "

لقد بلغ من صالحو أنو اطلرط يف اتصاؿ دائم مع ا, فهو يف حالة ذكر مستمر, فإذا قصدهعن حاجتو , حىت أف عينيو تعرباف الناس يف حاجاهتم دل يكلمهم إال بلغة الرمز واإلشارة

عليو السالـ. زكريايذكرنا بقصة نيب ا اومكنوف نفسو أحسن من أي لساف فصيح, وىذ

ويف عود إذل عالقة الدرويش بالبتوؿ, يقوؿ السارد:

55" ص لك المحبةت" - 1

47 " صفسهن" 2 -

08 "نفسه" ص3 -

54 "نفسه" ص4 -

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

068

"فسرى الخالف بين نساء ونساء وبين رجال ورجال أن يكون إسماعيل الدرويش ىو 1الرجال جميعا"إسماعيل الدرويش الذي ذاق من يديها طعاما من دون

إمساعيل الدرويش ىو الوحيد من دوف الرجاؿ مجيعا الذي ذاؽ طعاما من صنع السيدة وىذا ف ., ومكانتو يف قلبهايدؿ على حظوتو عندىا

ويذىب السارد إذل أف إمساعيل الدرويش قد يظهر يف غت ما صورة, فأحيانا يظهر يف صورة : حسونةادلغنية سلو ادلخنث ػلضر حفال جنب

" وزعمت بنت كلو أن سلو, جنب حسونة, لم يكن سوى إسماعيل الدرويش وأن حسونة لم تكن سوى تلك التي تسكن إسماعيل الدرويش, جاءوا جميعا متنكرين,

2لتحصل لها ىي الحظوة بإسماعيل الدرويش في نهاية الحفلة."

فلة بعيدا عن أعت الرقباء أي كل ذلك إظلا لتحظى البتوؿ بإمساعيل الدرويش يف هناية احل 3لم يكن سوى طيفو قام إثرىا لما غادرت" "ألن سلوواحلساد,

"كان الهجير عظيما يوم دخل ومرة أخرى غلمع السارد بت البتوؿ والدرويش, فقد رة تمنطيط وراء امرأة بهية لم تكن غير البتول أغوتو فاستدرجتو درويش مغاإسماعيل ال

4متها نورا, ووحشتها أنسا, وسراديبها أروقة عامرة."أليها. وتحولت ظل

عندما دخل الدرويش ادلغارة ادلهجورة خلف ىذه ادلرأة اللغز انبثت احلياة يف أرجائها, استسلم بغتة لالنغمار الفاتن " واستحالت ظلمتها ووحشتها نورا وأنسا, أما ىو فإنو قد

009 -000" ص المحبة تلك" 1 -

088" ص نفسه " 2 -

088"نفسه" ص 3 -

.984, ص نفسه 4 -

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

064

ساري في روحو ذىوال انشملت بو حواسو الطالع من جمال تلك المرأة النافذ في قلبو ال 1يقينا."

لقد استسلم إمساعيل الدرويش يف حضرة البتوؿ اليت هبرتو تماذلا وفتنتها, حىت ذىل عن نفسو وقد سرى مجاذلا يف روحو وقلبو, وتعطلت مجيع حواسو فغدا ينظر بقلبو ال بعيت رأسو, كأظلا

بعد أف فت عن نفسو يف احلق., ىو صويف شرب من مخرة القرب ولذة ادلناجاة

"وقلن فقد تدثت نسوة يف ادلدينة وىو بعد غيبتو يف ادلغارة دل يعد منها إال بعد مدة طويلة, 2"لم يعد إسماعيل الدرويش منها إال بعد أسابيع , و قيل أشهر

بضفيرة في مؤخرة شعره ولحية مطلقة . كأنو غاب " وعندما عاد دل يعد على ىيئتو, فقد عاد 3صا من الخيزران ال ينبت في توات"دىرا في بالد ال حالقة فيو وال ماء , حامال ع

كأف الدرويش عاد من سفرة طويلة, يف بالد بعيدة, حامال معو عصا من اخليزراف الذي ال ماشيا في الطرقات المتربة حافيا, لوقت ينبت يف منطقة توات كلها, فقد وجده الناس "

4يدري الناس من أين كان يخرج عليهم أو إلى أين يأوي." معلوم قبل أن يختفي. ال أمر الدرويش غاية يف الغرابة والغموض, فالناس ال يدروف كيف يظهر فجأة وال من أي جهة

ن يذىب.ييأب, وال كيف ؼلتفي, وال إذل أ

ة على حلم يدعو اجلميع إذل التجمع يف ساحة ادلدين" أدرار"أصبح أىل مدينة يف أحد األياـ "وقال بت العصر وادلغرب وقالوا أف من بلغهم ىاتو الرسالة ليس سوى إمساعيل الدرويش:

.984, صلك المحبةت 1 -

.989ص ,نفسه - 2

نفسها. - 3

نفسها. - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

065

شيخ منهم ال يكون إسماعيل الدرويش إال الحقيقة, وال يمكن للشيطان أن يلتبس بو. شيئا من األمر إال بالغا إلى قوم ولم يكن لهم وال لغيرىم, ممن ىم أدنى درجة أن يفشوا

1ى ساحة مدينتكم بين الصالة الوسطى وبين المغيب."منهم أن ىبوا إل

جلي, يضفي و يف الفقرة األختة اليت تنضح بالعجائبية, وأثر القاموس الصويف فيها واضح السارد على الدرويش ىالة من القدسية والروحانية, حىت شبهو بالرسوؿ األعظم عليو الصالة

يف تناص مع حديث ادلصطفى: بو, وذلك يف قولو أف الشيطاف ال يلتبس والسالـ

2 من رآين يف ادلناـ فقد رآين, فإف الشيطاف ال يتمثل يب

, وىي شخصية يتلبس هبا 3"القواؿ, يأب الكاتب بشخصية "يف الغموض والغرابة اوإمعانيتحدث السارد عن إمساعيل الدرويش يف بعض ادلناسبات لتسل من خالذلا رسائل معينة,

ا واحدا, ويف ذلك إشارة إذل ظاىرة إمساعيل الدرويش و كيف تسد القواؿ حىت صارا جسم االتاد عند الصوفية:

"أخبرت امرأة جارتها أنها شاىدت بعينها شخصين التقيا على خيط الصبح فالتف ىذا بذاك فصارا واحدا. ففشت القصة بألسنة النار في الهشيم. وقالت نساء لن يكون سوى

4إسماعيل الدرويش تجسد القوال." ذلك ,يوعلنا السارد أف القواؿ وإمساعيل الدرويش شخص واحد الرواية,من ويف غت ما موضع

"أن عند إسماعيل الدرويش خبرا من سر القوال, وأن للقوال أمرا مع البتول إال أن يكون

.896, ص المحبة تلك - 1

70, ص 0990صحح البخاري, الجزء الثامن, شركة الشهاب, الجزائر, - 2

بمثابة القوال الشفه األكثر جمالة, وكان أحد أشكال التعبر وهوالقوال'' أو ''المداح'' شخصة تارخة عرقة ف الثقافة الشعبة '' - 3

مستمدة من التراث الجزائري تضف تاخصبا لسرد حكا فضاء من األسواق و المقاه الشعبة و الطرقات اتخذ وقد ,لسان حال الشعب

.شعورا ساحرا ف نفوس السامعن

.896, ص لك المحبةت - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

066

1ىو إسماعيل نفسو."

ويف مقطع مستجع آخر يعود السارد للحديث عن إمساعيل الدرويش, يف إشارة إذل أحد , فهم يروف أف العارؼ با إذا تقلب يف األحواؿ وترقى يف ادلقامات أمكنو معتقدات الصوفية

يقوؿ السارد: التواجد يف أكثر من مكاف واحد يف الوقت نفسو." لتردد منو ألسنة ما سمع عن الشيخ في حلقة خاصتو إذ قص عليهم خبر

.2يارة منشدا"إسماعيل الدرويش في المكانين معا, عنده ضيفا وفي حلقة الز "على حىت أصبح شعره ب يستسل السارد يف وصف القواؿ وما أوب من تكن يف قوؿ الشعر

لسان كل امرأة من شرق الهضاب و الصحراء إلى غربهما, ال يكون عرس ثمة إال غني 3شعره, وال رقص إال على ميزانو."

اليت كانت تتلبسو جلنية 'غنية'أف خليلتو ا , لدرجةحىت افتتنت بو النساء و غار منو الرجاؿ"فما صار قادرا على أي خرق في أصابتها الغتة من ذلك كلو ,كانت تلهمو الشعر والقوؿو

الخطاب وال في القيافة يوم عادت إلى الشاللة بما أصابتها من ألهاب الغيرة من النساء 4ىنا, لهيامهن بشعره"

لقاءه, كي يقوؿ فيها شعرا يطت ذكره يف وكانت النساء قد فنت بو حىت تنت كل واحدة"ولكن من كانت ىذه التي تستطيع مالقاتو؟ فإنو ال يحضر إال مثل طيف. ما إن اآلفاؽ

فهو مثل الدرويش يف احلضور والغياب, 5يذاع خبر بوصولو حتى يعقبو الذي يؤكد رحيلو." .ال يستطيع أحد أف يتنبأ توعد حضوره أو مغادرتو

.889, صتلك المحبة - 1

.854نفسه, ص - 2

.898 -897نفسه, ص - 3

.897 - 896, ص نفسه - 4

.881, صنفسه - 5

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

067

ن شخصية القواؿ أيضا يشتؾ فيو مع الدرويش, فإنو مثل الدرويش قد عمر وجانب آخر م "وكان الناس ال يعرفون سرا لبلوغ القوال عتيا. فقد حدث عنو األجداد لألوالد طويال

1وأوالء لألحفاد."

يقوؿ أحد مريدي شيخ ,اخاص الو عطر , ؼلربنا السارد أف إمساعيل الدرويشإذل عود ويف"فعرفت أن بينهم إسماعيل الدرويش, ال من حظوتو باليمين, ولكن من احل: ادلدينة الص

2"طيبو الذي سمعت شيخو الصالح يقول عنو خليط مما تصنعو إناث عفاريت مؤمنات

إناث من العفاريت الطيب الذي يستعملو الدرويش, ليس من صنع البشر, بل ىو من صنع ىذا العطر الذي تكلمنا عنو يف حديثنا عن ادلرأة. ادلؤمنت, ويبدو أنو ىو من يعطى البتوؿ من

فقد كانت البتول يوم زارت المقام ثم غادرت "ويواصل مريد الشيخ الصاحل حديثو قائال: ودخلت أنا بعدىا ألنفذ أمرا شممت بقية العطر نفسو. فأحسستني كمن طير بو. ليس

3"ي سقفمن تحتي مقعد وال من فوق, الذي تضوعت رائحتو يف أرجاء ادلقاـ عد أف شم من بقية ىذا العطريصف ىذا ادلريد حالو ب

بعد اف غادرتو البتوؿ, فيقوؿ أنو أحس كأف يدا أخذتو وطارت بو, فأصبح معلقا بت األرض

والسماء. فهو ىنا أشبو ما يكوف تاؿ صويف ىزه الوجد فاطلرط يف نشوة جارفة.

البدن, أو غمز بعين انساقت إليو الروح, وبشفتيو "إن أومأ بيد انقاد إليو يف وصف القواؿ: 4إن ىمس طرب القلب وىفا إليو"

.899, ص " ك المحبةلت"- 1

.889ص فسه,ن - 2

.889, ص فسهن - 3

849ص ,هنفس - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

068

طها يف جو من الغموض و االنبهار تا و حت اجتمع الناس يف ساحة ادلدينة و القواؿ يتوس يأب القواؿ من أقواؿ و حركات .

غشيت الظلمة "غير أنهم جميعا رأوا القوال يصلي ركعتين بالتقصير. حتى إذا قضاىما األرجاء المحيطة بالحلقة وبقي وسطها منارا فتداخل عليهم ليل بنهار. فما عادوا ناظرين

1وراء وال يمينا أو شماال. أبصارىم حيثما ولى القوال, و لو أسماعهم."

ويف ىذا ما يوحي بأف إمساعيل الدرويش دائما ما يتعامل مع أمور غيبية روحانية فوؽ عادل وس, فهو يف تالمس أبدا مع الصويف.ادلادة اس

مبروكة وجبريل:

صلد األب جربيل ادلسيحي ومربوكة ادلسلمة من الثنائيات اليت تدور يف فلك "السيدة البتوؿ",بت دين ,ؽلراف تالة من احلتة النفسية والتمزؽ الداخلي يتآكل كال منهما ويتجاذبواللذين

ويرميهما يف عصفا, ا احلب الذي يعصف بقلبيهما آبائو وأجداده وما ترىب عليو وبت ىذولكن ما عساعلا يفعالف وعلا , الذي يدفعهما دفعا ضلو الرذيلة ,مهاوي اذلوى والشيطاف

ادلخلوقاف الضعيفاف:

2"إنها المحبة تخترق حد الدين والملة والعرق" وفية جديدة:ومرة أخرى يعود بنا السارد إذل احلديث عن البتوؿ, فيضفي عليها صفات ص

"فإن مبروكة نفسها تحار في سر سيدتها تجد لها إصبعا على منبع كل فن, ال ترغب في 3شيء إال كان. كأنما ذلك يحصل لها بخاطر وىاتف"

860ص ,تلك المحبة - 1

.901, ص نفسه - 2

.999, ص نفسه - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

069

فالبتوؿ تصل لديها ادلعرفة بال تكلف وال عناء, فهي تعتمد على الذوؽ يف تصيل ادلعرفة :شأهنا شأف العارفت من الصوفية

"ادلعرفة احلقيقية ىي معرفة الشيء من داخل , ذلك أهنا تلغي ادلسافة بينو و :"أدونيس"يقوؿ بت العارؼ ,و تتيح للعارؼ تقيق ذاتو ,فال نعرؼ الوجود إال بالشهود......أي باحلضور أو

.1الذوؽ أو اإلشراؽ" ىي تتكلم عنهافإذا ,عن عالقتها بسيدهتا البتوؿجربيل تدث وجدوىا ىي مربوكة يف حلظة

بولو وتقديس كأهنا ال تتكلم عن بشر خلق من الطت:

"فسرحت حالمة: ال تقوى عيناي على التحديق في وجهها. ولكني ال أىابها وال أخافها. 2أنا أحبها مثل شيء يفوق إحساسي بوجودي ال أكنهو, كلما حاولت فرزه غشي علي"

ال ألي غرض , احلب من أجل احلب نفسويتطرؽ السارد إذل فكرة صوفية تدعو إذل وىنا اليت "كانت ىي أوؿ من "رابعة العدوية"آخر, وىي فكرة ظهرت عند متقدمي الصوفية مثل

دعا إذل حب ا لذاتو ال لرغبة يف اجلنة وال خلوؼ من النار, ومن شعرىا:

كلهػم يعبدوف من خوؼ نار ويروف النجاة حظا جزيال

أو بأف يسكنوا اجلناف فيحظوا بقصور ويشربوا سلسبيال

3ليس رل يف اجلناف و النار حظ أنا ال أبتغػي تيب بديال "

, فهو ال النصرانية م دينوليحديث عن جربيل وزىده, وعملو, على نشر تعايف الرواية أيضا ا وعن رسالة اإلنساف على األرض:يفوت فرصو للحديث عن

.41, صأدونس, الصوفة والسورالة - 1

.981تلك المحبة, ص - 2

.919 -910محمد عبد المنعم خفاج, األدب ف التراث الصوف, ص - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

071

"قبل أن يدخل إلى غرفة صغيرة تكون ىي غرفة األب جبريل نفسها ليسمع كالما عن 1الجنة والنار والشر والشيطان واإلنسان والرب والمحبة والتراب."

"ذىبت لدى طبيب أوصت ودلا ذىبت مربوكة صحبة أمها إذل الطبيب لنزلة برد أصابتها فإهنا 2ول لها عنده "البت

إذف البتوؿ ىي من أوصت ذلا عند ىذا الطبيب ويف حديث ألـ مربوكة مع جربيل يف "...فرحبت: آه, حدثتني عنك السيدة البتول. فترجاىا: بلغيها سالمي, إنها ادلستشفى

3امرأة نبيلة."

مة : " بلغي السيدة سالمي, أرجو أن أكون دائما في خدوىذا الطبيب يوصي أـ مربوكة 4امرأة محسنة مثلها."

نالحظ أف السيدة البتوؿ ذلا أيادي بيضاء على اجلميع, فليس ىناؾ أحد إال وىو يلهج بذكرىا والثناء عليها, ويتحدث عنها بكثت من ادلهابة واالحتاـ والتقدير.

:تقوؿعن بداية تعرفها عليو وتعلقها بو ويف حديث مربوكة مع جربيل

فتبسم ومم كنت تخافين ؟ ,راك حين تزور السيدة ...كنت أختبئ"...غالبا ما كنت أفرفعت إليو :من سيدتي, ... لكنها ليست أمك ...ىي أكثر من أمي التي ال أخشاىا

5مثلها... أنا ىنا بإرادتها أنا مقرئتها....سيدتي تحب التاريخ وقصص العظماء"

زلبة للقراءة وادلطالعة, وىييف ىذا ادلقطع نكتشف جانبا آخر من صفات السيدة فهي

054ص لك المحبة " " ت - 1

071"نفسه" ص - 2

070ص "نفسه" - 3

070" نفسه " ص - 4

074 -078" ص نفسه " - 5

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

070

باألخص تب قصص التاريخ والعظماء, وىي كذلك تفهم اللغة الفرنسية وتقرأ اللغة العربية بنفسها:

"سيدتي تفهم جيدا ما أتلوه عليها, أما كتب العربية فهي تقرأىا بنفسها, وتفهمني أحيانا 1مسائل غامضة فيها إن سألتها"

يل عن أمها : ويف حديث مربوكة مع جرب

"منذ مرضها لم تعد تتحرك إال بما تشير بو عليها سيدتي التي شملتنا برعايتها منذ قتل جع االوالد ومنحتنا صداقتها, ال تكاد أمي تفترق عنها . فترجاىا عفوا عن إثارة المو

2واستغور : السيدة سر من أسرار ىذه البلدة."

وعندما زارت مربوكة ؼلطواف خطوة إال تشورهتا, مربوكة وأمها يعيشاف يف كنف السيدة, واللها "عظم اهلل أجرك .فلم أمها آخر زيارة ذلا يف ادلستشفى فإهنا قابلت ادلمرضة اليت قالت

3تصرخ وال انتحبت .وسألتها أين ىي فقالت لها : تكفلت السيدة بكل شيء"

ها الباب دوهنا وفتحها لذلك وإغالق ,واختفاء مربوكة يف ظلمة بيتها ,وحىت يف غياب السيدة فإف خياؿ السيدة يهيمن على ادلكاف: ,وجدتو يف بيت جربيلالذي السجل

"فإذا وصلت أغلقت الباب دونها وفتحت على لهفتها فتنزل ظل السيدة يغمرىا تنزاح 4من أمام عينيها الكلمات"

لمرأة العظيمة كما "اىذه البتوؿ, ويف حديث مربوكة مع جربيل سرد لكثت من خصاؿ السيدة

074ص " لك المحبةت" - 1

075ص "نفسه" - 2

087"نفسه" ص - 3

909ص "نفسه" - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

079

جربيل.1يصفها""إنو ال يخاف امرأة مثلها ولكنو يهابها, ألنها وإذ سألتو مرة ىل ؼلاؼ من السيدة فأجاب

تملك كل ما ألميرة من الشرف والفضيلة والرومانسية. فهي قادرة على كل شيء إال 2ن عليو قدسية."الغدر, وىذه شيمة العرق النبيل: ال أخاف, أبدا, فهي أمثل ما تكو

: "ال تقوى عيناي على التحديق في وجهها. وإذ سأذلا بدوره عن رأيها فيها أجابت مربوكة ولكني ال أىابها وال أخافها. أنا أحبها مثل شيء يفوق إحساسي بوجودي ال أكنهو, كلما

3حاولت فرزه غشي علي. أشعر أني سأبقى أمامها طفلة مهما يمتد بي العمر."

4"امرأة عجيبة حقا "على كالمها فثبت

رأينا يف األسطر األختة أف حديث السارد عن مربوكة وجربيل وقصة حبهما, كاف مناسبة أخرى لسرد خصاؿ السيدة البتوؿ, وإللقاء الضوء على ادلزيد من صفاهتا وأخالقها.

باحيدة وجولييت:السارد إذل قصة حب أخرى شبيهة بقصة األب جربيل مع من الرواية يأخذنا ويف موضع آخر

ىي قصة الطالب باحيدة معلم القرآف مع األخت جولييت ادلسيحية, وىيادلسلمة, و مربوكة

قصة حب عنيف عصف بباحيدة وأفقده توازنو وثباتو, وأخرج جولييت من كنيستها وتبتلها. اليت تدبرت أمر اللقاء األوؿ يف ,البتوؿ السيدة على يدي بداية ىذه القصة الغريبةقد كانت و

"قابلتو واقفة تفقده زمامو على القصد حديقة بيتها بعيدا عن أنظار احلاسدين, فكاف أف أيقوم أم يبقى جالسا, يحييها أم كيف يرد؟ منجرفا بتيار من المشاعر المحتدمة: أي شيء

981" ص لك المحبةت" - 1

981"نفسه" ص - 2

981"نفسه" ص - 3

981"نفسه" ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

078

عينيو غشاوة اليقين. ينزلق وفي رأسو دوامة الشك وفي !دبرت السيدة البتول يا الطالبمنو حد ساعتو والمكان, ومن تحتو أرض بساط يميد بو للطيران. فتشبث بقبضتيو على

1"!ركبتيو لهمس في أذنو: ىي الخطفة

األرض, بل كاد يطت بو مادت فقد الطالب باحيدة توازنو, وضاع منو ادلكاف والزماف, و لقديف أي وقت ىو, إنو الذىوؿ عن النفس وعن من شدة ادلوقف فلم يعد يدري أين ىو وال

العادل, ىي إذف اخلطفة اليت ىي أشبو شيء بلحظة االطلطاؼ الصويف حت يذىل الصويف عن نفسو وعن العادل ويفت يف الذات العلية.

ويستسل السارد يف رسم ىذه اللحظة, فيقوؿ على لساف باحيدة:

2يف لو أال يحب اهلل؟ ""واحد مثلي يقابلو وجو ندي في أحسن صورة ك

خالق ىذه ادلرأة ىو حب ادلرأة باحيدة ىنا يشت إذل فكرة صوفية, مؤداىا أف حب الرجل "فاجلماؿ موجود يف الطبيعة كلها , لكنو يف ادلرأة أجلى وأوضح وأكمل , ألف اإلنساف أكمل

يو التوجو األب, وإذا كانت ادلخلوقات, وىو بغية ا من اخللق, ففيو التجلي األكمل وإلتليات اجلالؿ متوجهة إذل الرجل, فإف التجليات اجلمالية, يف ادلرأة أب وأعم, وهبا تعذب احلياة

3وتذل ل صعاهبا وػللو مرىا "

وإذ ترد عليو جولييت كأهنا تسألو:

4"في خلق اهلل ما ال يحصى من صور الجمال"

.987المحبة, ص تلك - 1

.989, ص نفسه - 2

.85عبدالقادر األسود, المرأة ف الغزل الصوف, ص - 3

.989تلك المحبة, ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

074

فيجيبها قائال:

أجمل من صوره اهلل, وما عداه من جمال فإنما ليشهده عليو أنو جميل, "اإلنسانفابتسمت ممسدة حاجبها معجبة: اإلنسان كلمة والكلمة جميلة ألنها من روح اهلل, لذا

1كان في البدء الكلمة"

يف ىذه الفقرة يتمازج ما ىو صويف إسالمي تا ىو صويف مسيحي, فقد وجدت جولييت "يثير فيها يدة ادلسلم ما دل تده يف أي مسيحي من بت جلدهتا, ذلك ألنو ادلسيحية يف باح

صحراء كاملة بلون متغير و طعم مختلف و وجود مؤتلف مع الواحد أصل كل معدود 2ليس قبلو عدد وال بعده"

يشت السارد ىنا إذل فكرة وحدة الوجود اليت عت هبا قـو من الصوفية على رأسهم ابن عريب انوا يروف أف الوجود واحد ال كثرة فيو وال تعدد بوجو من الوجوه. فقد ك

ويستسل السارد يف طرح فكرة وحدة الوجود على لساف باحيدة سلاطبا جولييت, فيخربىا أف الكوف كلو تميع مكوناتو إظلا ىو من صنع ا الواحد وإليو يعود, وأف البشر بكل أطيافهم

"أال تصبري على عقلك ليدرك أن الكون :ليت ال تتجزأ, فيقوؿتل ذلذه احلقيقة الواحدة االواحدة وآيل إليها. ونحن البشر تجلي كلو بما نراه ونحسو ونتخيلو ناجز بفعل الحقيقة

.3ىذه الحقيقة التي ال جزء لها"

جميلة ومكحول:

لسارد قصة مكحوؿ ومجيلة, وحكاية لقائهما األوؿ يف بيت صديقتها سليمة يتحدث اذكر يف

.941 -989, ص تلك المحبة, - 1

.948ص ,نفسه - 2

.945, ص نفسه - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

075

بلغة صوفية عن ىذا اللقاء, فكأف مكحوؿ ومجيلة التقيا يف عادل آخر غت ىذا العادل اسوس, .إنو عادل ادلثل أو ىو عادل األرواح حيث الزمن فيو ىو زمن احللم

اجلسمسجن ومعلـو أف الصوفية يعتقدوف أف النفس تكوف يف عادل ادلثل قبل أف تنزؿ إذل يف النفس مشهورة ومعروفة, والنفس يف توؽ دائم إذل مغادرة ىذا السجن "ابن سينا"وقصيدة

والعودة إذل عادلها العلوي, والفقرة التالية توضح ىذه الفكرة:

"فمد يدا لوجهها الموسوم بألفة القريب الحميم, فصافحتو تشد في عينيو على ير ما احتبس في أنفاسهما نظرات ائتمان, فردا المجاملة انحناءة بانحناءة. فال كلمات غ

وسرى في حركاتهما إشارات ألمكنة طوياىا و أزمنة. كأن مكحول عرفها قبل أن 1يراىا. كأنها تعرف مكحول منذ أن انتبهت إلى الرجال"

" ثمة قالوا نزل بها يف حديثو عن مجيلة ومكحوؿ يعود السارد إذل البتوؿ وإمساعيل الدرويش و ى آثار البتول تدخلها بإسماعيل الدرويش كأنهما إياىما. شهد من من الجهة الغربية عل

2كان على قلعة السور أنهما قطعا السبخة مشيا, ال تمس لها أرجلهما تربة ."

قطعا السبخة على مثل وسادة من اللذين البتوؿ وإمساعيلمكحوؿ أخذ مجيلة و تتبعا آثار األرض والتاب.اذلواء أو بساط من الريح, دل تطأ أقدامهما

لذلك فإف مجيلة ومكحوؿ يعيشاف اللحظة بعيدا عن أي إحساس بالزمن الواقعي, فهما يعيشاف زمنا بال بداية وال هناية, ال مكاف فيو لعد اللحظات أو حساهبا, ليس فيو رلاؿ إال

إياه للحظتت: حلظة ادليالد, وحلظة ادلوت, أي حلظة تنزؿ النفس يف اجلسم, و حلظة مفارقتها وعودهتا إذل عادلها, عادل ادلثل. يقوؿ السارد:

.965 -964تلك المحبة, ص - 1

2 966" ص نفسه "

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

076

1"ويتلبسان بزمان بال بداية وال نهاية. بال عد غير ميقات الموت و الحياة"

ويستسل السارد يف احلديث عن ىذا اللقاء فيقوؿ:

"قابلها مثل أمير على أريكة من طين جلست على صنوىا, مثل أميرة, مفتنين عن زمنهما بزمن من العطر والنرجس والماء والحسن والشعر والعود و الصوت خارج السور

2والطيبات واللذة والجمال والليالي بال نهارات"

فهما قد ذىال عن الزمن الواقعي القابع خلف السور, و سبحا يف زمن من السعادة واحلبور تطلع فيها مشس, كأنو واجلماؿ, واللذائذ والطيبات, إنو زمن الليارل اليت ال يتخللها هنار وال

زمن مقتطع من حكايات ألف ليلة وليلة.

ويف خضم ىذا اللقاء احلميم, يتذكر مكحوؿ البتوؿ, فال يدري ىل ىو رآىا عيانا أـ باإلحساس, أـ ىي قد تثلت لو يف جسد امرأة أخرى, فالسارد ىنا يشت إذل فكرة الرؤية

ادي تا ىو روحي نفسي, يقوؿ: والشهود عند الصوفية, حيث يتمازج ما ىو حسي م

"وفي قلب مكحول سرحت حيرة. أيكون رأى بالحس أم شهد بالعين امرأة تشبو البتول؟ .3بل لمسها, كأنها إياىا, بل ىي ىي" !كال

ويف مقطع مستجع آخر يعود السارد إذل مكحوؿ ومجيلة فيقوؿ:

ل لو يوما في فم القصبة: إن "وإذ استفتتو كيف خرج بها من توه إلى عطش لم يقل لها قي 4ضللتك المتاىة فامش يمينا وسم باسم اهلل. فتلك كلمة سرىم يخرجونك إلى النور بها"

.967, ص تلك المحبة - 1

.969, ص نفسه - 2

.970, ص نفسه - 3

.979نفسه, ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

077

يعود السارد إذل ىذا األسلوب الذي يلفو الغموض, الذي يشبو لغة الصوفية, فيتحدث عن م ا األعظم كلمة السر لدى خلق يسكنوف ادلتاىة, من قاذلا خرجوا بو إذل النور, كأنو اس

الذي يعتقد الصوفية أف من ذكره فتحت لو األسرار ادلكنونة, وسلك بو طريقا ال ؼلطئو ضلو الذات العلية.

"وكان مكحول إذا غادر مودعا قال لجميلة تصطحبو: السيدة ىي الوحيدة التي تملك 1مفاتيح ىذه المدينة, وال أحد غيرىا ال تخيفو الحقيقة التي نبحث عنها."

"فإنو مثلها مضروب عليو بسور من د حاولت بنت كلو إيذاء مكحوؿ لكنها دل تستطع وق 2عناية الغيب ال يفت رصاص فيها وال طلسم"

عبد النبي:

ويعود السارد إذل قصة لقاء عبد النيب بالبتوؿ, فإف عبد النيب كاف من بالد اذلقار والتوارؽ ت من ادللكات يف أرض اذلقار من أمثاؿ تت حيث للمرأة مكانتها ادلرموقة فقد اشتهرت الكث

ىيناف وداست وطاطو وغتىن..., وقد كاف أخربه أحد شيوخو وىو ػلتضر على فراش ادلوت فسولت لو نفسو : أنت الذي ال تستطيع , ة تضع إقليما من الصحراء في كفها"امرأعن

ال ادلرأة العجيبة, طلب ىذهيف فخرج 3"!أن تحويو أرض, لوال السماء, فكيف بكف امرأة يقوؿ السارد: يثنيو شيء عن ذلك,

"فخرج في طلبها. وكانت ىي بذوق , على إخطار بالذي يجيء من بالد الكبرياء يبحث عن واحدة من غير قومو, لها ملوكية شأن نسائهم مثل أمو, مثل أخواتو, ومثل الشاعرات

.974, ص تلك المحبة - 1

.096نفسه, ص - 2

.819صنفسه, - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

078

1عندىا قربا ليكنو سر التمكين "والمحاربات وذوات السطوة والجمال الحالمات, يبغي

ؼلربنا السارد عن ىذه ادلرأة اخلارقة و كيف عرفت بشأف عبد النيب وتثو عنها, وليس ذلك ألف أحدا من البشر أخربىا, ولكنها عرفت ذلك بالذوؽ فمعرفتها إذف مثل ادلعرفة عند

و شيء بالكشف عند الصوفية تدث باخلاطر وباحلدس من غت عناء أو تكلف, معرفة ىي أشب , الكشف الذي ػلصل بالصرب على اجملاىدة, وطوؿ اخللوة, وكثرة الذكر:الصوفية

"ب إف ىذه اجملاىدة واخللوة والذكر يتبعها غالبا كشف حجاب احلس, واالطالع على عوادل من أمر ا ليس لصاحب احلس إدراؾ شيء منها, والروح من تلك العوادل. وسبب ىذا

الروح إذا رجع عن احلس الظاىر إذل الباطن, ضعفت أحواؿ احلس, وقويت أحواؿ الكشف أف .2الروح, وغلب سلطانو"

ب ؼلربنا السارد أف عبد النيب يبتغي من القرب من ىذه ادلرأة أف يطلع على سر التمكت لديها .3"التمكت من الشهود وزيادة التقي يف أسرار ادللك ادلعبود" إنو

"امرأة جمع لها صفات من بنات قومو وأنفاسا من روح لنيب يبحث عن لقد كاف عبد ا 4ورمم منها صورة لها."!تينهنان وداسين وطاطو وآموليس, كلهن

"ولكنو ظل يبحث عن شعاع , وأخذ عبد النيب يبحث عن ىذه ادلرأة, بناء على وصية شيخو 5عناية."يستهدي بو دليال إلى قول شيخو: امرأة مشمولة بالعز, محاطة بال

.819تلك المحبة, ص - 1

. 899ابن خلدون, المقدمة, ص - 2

.16ابن عجبة, معراج التشوف إلى حقائق التصوف, ص - 3

.819, صتلك المحبة 4-

.801نفسه , ص 5 -

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

079

"كلما ابتعد مسيرة عن قبضة كل النساء , فإنوامبينهوقد شاءت اإلرادة اإلذلية أف تمع 1اقترب مدى من ظلها"

"وكانت ىي على المسافة نفسها التي تضيق بينهما, تستشعر أنفاسا مثل تلك التي 2يشهقها الهقار لدى غروب شمسو."

"لن يكون إال شق ":نت ىندؿنهم العرافة "بقد قاؿ الناس عن ىذا الوافد الغريب, ومو 3إسماعيل الدرويش الثاني"

"إكراما لو موفدا بتوصية من شيخو الذي يعرف وقد أقامت السيدة البتوؿ وليمة كبتة 4شيخها."

علا.اإذف كاف من ربط العالقة بت البتوؿ و التاجر عبد النيب علا شيخ

بنت ىندل:

"أبشري يا رمل للبتوؿ تستقرأ ذلا فأذلا فكاف شلا قالتو ذلا: ودلا جاءت بنت ىندؿ تضرب ال . ستكونين بالدوام سعيدة, ال يلقاك غير التبجيل بقدره يكثر «خط الفرح»موالتي فهذا

الغابطون والحاسدون. تتمزق نساء ونساء غيرة من زىرك المنور... أنت يا موالتي مظلولة 5بعناية ال يحبى بها إال من كان لو سر."

تاريخ قومها و ,بتاريخ منطقة توات عامةخبتة ذات األصوؿ اليهودية "بنت ىندؿ" العرافة

.801, صتلك المحبة 1 -

.801نفسه , ص 2 -

.818نفسه, ص 3 -

.801نفسه , ص 4 -

.890ص ,نفسه - 5

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

081

وىي تفظ الود للسيدة البتوؿ, غت أهنا يف احلديث عن تاريخ قومها يف ادلنطقة , اليهود خاصة تسكت عن غت ذلك:و ,ترب تا تريد أف يظهر إهناف

تمنطيط في ذلك اليوم الذي أعقب الهيلولة "وسكتت بنت ىندل عما قالو لهم في بيعة و تمديكان من المظهرين لمحو : أنا الذي يعرف كيف يغسل ىذا الهوان بتنجيسهم .

1شريعتهم."و من الذين أوتوا دراية بشأن المسلمين , المخفين ليهوديتو

:وماريا بليلو""

الذي يعلم أبناء و , ايتقنهو الذي يعرؼ اللغة الفرنسية يبدأ السارد احلديث عن "بليلو" :يدفعهم إذل إدماهنا دفعاو األسياد احلشيشة

التنفيحة و , "لذلك لم يترك أحدا من أقرانو من بني أسياده لم يقرب إليو طيب الحشيشة 2لذة الهذيان"و الحلم ةوبسط

ذات وبليلو قد دخل ادلدرسة بتوصية من السيدة, وتعلم حىت أتقن الفرنسية, وىناؾ التقى تاريا أحد اللقاءات ويف األصوؿ األوروبية, فتعلقت بو وتعلق هبا, ونشأت بينهما عالقة حب ووداد,

بت رلتمعها ىي, اجملتمع ليلو مقارنة بت رلتمعو ىو, رلتمع أدرار ادلسلم, ويعقد ب بينهما يد: الغريب ادلتحرر, فيتمت لو كاف يستطيع أف ينهل من ىذا وذاؾ لوال قيود العرؼ والتقال

"حياتكم, بقدر ما فيها من التعقيد والمساطر والرىبة تبدو لي جميلة ومغرية بأن يرتمي اإلنسان فيها كما في بحر ىادئ دافئ, ألن فيها من المباحات ومن اللذة ما يحرم

3"!عندنا, لو كنت أستطيع أن أقف على الخيط الفاصل فأمد يدا يمينا وأخرى شماال

89 "تلك المحبة" ص - 1

89"نفسه" ص - 2

.98-97, صنفسه - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

080

ل الذي وقف عنده الصوفية حيارى, احلد الفاصل بت األدياف, حىت نعم ىذا ىو اخلط الفاصقاؿ قائلهم : " دين األنبياء دين واحد, و مسلكهم مجيعا مسلك واحد, و مقصدىم مقصد

.1واحد, وغرضهم غرض واحد, وإف اختلفت شرائعهم"

وىذا ما حدا بكبتىم الشيخ "ابن عريب" إذل القوؿ:

لق يف اإللو عقائدا وأنا اعتقدت مجيع ما عقدوه.عقد اخل

"عن امرأة ورجل فرقتهما العقيدة فجمعتهما المحبة مثل النخلة إلى األخرى ذكرا وأنثى 2...وعن فتى خالسي ذي أبوين عرضا من الطين وجوىرا من الذىب "

شخصية "نجمة":

و ال تفوقها قوة إال "البتوؿ" فيقوؿ شخصية قويلنا ا ىيطالعنا الكاتب بشخصية صلمة, ويصور 3"محوطة نفسها بهالة سيدة, ال تفوقها بها إال البتول"متحدثا عن "صلمة"

قتلت الرجل الذي تعشقو دلا علمت أنو خاهنا , فهي قد فنجمة ال تقبل شريكا ذلا يف العشق مع امرأة أخرى.

خانها مع تارقية نبيلة من "عشقت نجمة رجال تاجرا من التل ثم قتلتو يوم علمت أنو 4أجمل ما أبدعت شمس الهقار"

:و"صلمة" أيضا شديدة اجلماؿ

.15وحنا قمر, إخوان الصفاء, ص - 1

09 " ص تلك المحبة " - 2

04 "نفسه" ص3-

61 " ص نفسه "4 -

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

089

1"يرين لقوامها جاذبية العفاريت, حتى إن كل لباس ال يبدو أنيقا إال عليها"

من انعطاف إرادتها على أصحاب الربط والحل يكادون ينشملون لها جميعا إال " وأيضا .2البتول"

:فرةالمن الشخصيات -2

بنت كلو:

تكره "البتوؿ" كرىا عظيما, وتغت منها غتة شديدة وىي"بنت كلو" عرافة من أصوؿ يهودية, ادعاء "بنت كلو" أف "البتوؿ" زوجت إذل فكانت تكيد ذلا على الدواـ لتناؿ منها, من ذلك ول ليس "ثم عادت لتزعم أن زوجها األواحد من اجلن الذين يسكنوف إمارة مغارة دانياؿ

3سوى إسماعيل الدرويش".

واالستعانة باجلاف واحلروز ,السحر مع شلارستهم, "البتوؿ" ن منيوالغائر احلساد كثرةلكن ذلك كلو ال يؤثر شيئا يف السيدة وال يزيدىا إال ألقا فإف"بنت كلو", , وخاصة منوالطالسم

ارتدت تيبتها قائلة: "بنت كلو"وإشراقا, حىت أف

طاقة لكن بمن ىي مرعية بالسر والعناية, وويل لي أنا مما يكمن في صدري عليها "ال 4كمون النار في الحجر, وويل لي من نقمتها"

دأب دائم لإليقاع بالبتوؿ و اإلضرار هبا:ال تكل وال تل, فهي يف "بنت كلوورغم ذلك فإف "

68"تلك المحبة" ص 1 -

69 " ص"نفسه2 -

019"نفسه" ص 3 -

007" ص نفسه" 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

088

رجال, بما نالتو من الزين "وما كانت بنت كلو لتكل في طلب سرىا لدى النساء وال والذكر والنعمة, لتربط لها كل خطوة بطالع, فتهيئ لها ما يقهر فيها سطوتها على الرجال,

1وعتوىا على النساء."

"لمعت طنجيرىا و مألتو ماء فصار كالمرآة فقطرت قطرة زيت وكاف من سحرىا أهناصا يسيرون كما العسكر واحد وقالت لطفلة ال تبلغ العاشرة تستبصر بها: أنت ترين أشخا

وراء واحد. فلم تجب...فسألتها حالها , فأجابتها بصوت راشدة : كنت أرى امرأة جميلة مثل فاكهة الجنة كلما سألتني صارت صغيرة مثلي و أشارت إلي أن أتبعها. فقلبت

2العرافة طنجيرىا تهذي: ىذه امرأة ليست من جنس البشر."

رغم نصيحة و رة لتعلن أف ىذه ادلرأة ليست من جنس البشر, لقد ارتدت "بنت كلو" مقهو قادرتين على إزالتها بال أنا و ال أنت , "النعمة التي ىي عليها من الخالق :"بنت ىندؿ" ذلا

3عنها"

أخرى و " فكم أرىقت نفسها بأنواع سحر تعلمتها : يذلك فإف "بنت كلو" دل ترعو كل رغمبين , انفرط لسانهاو ل غيرتها بحيل انفلت منها حتخفى عنها...حتى إذا أعيتها كل ال

4تأكل لحم السيدة فكان أن لقيت ما ساءىا إلى األبد" , عامتهاو خاصتها

على "بنت كلو", وانتشر خرب إساءهتا ذلا يف كل اجملالس دلا عيل صربىا "البتوؿ"ذلك أف عاصفة لتجد العرافة " إال أن ائتزرت بالسواد وخرجت في ليلةواافل, فما كاف منها

بنت كلو تحرق بخورا فوقفت على رأسها وكان حاسرا أشيب فأشارت نحوه بخيزرانة

.985تلك المحبة , ص - 1

.991نفسه , ص - 2

007 ص ,نفسه - 3

008 ص نفسه, - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

084

صغيرة من الخشب األحمر فارتفعت شعرة سوداء كانت الوحيدة التي ال تراىا العرافة من 1بين شعرىا الملتهب والتوت بطرفها فجذبت السيدة فخرجت معها روح العجوز."

"بنت كلو" كانت تارس السحر وتتعاطاه, فإف السيدة قضت عليها بطريقة رغم أف العرافة دمها.قطرة من عجائبية, دوف أف تلطخ يديها ب

ادلخنث كاف من بت "سلودل يقف شر بنت كلو عند حد البتوؿ, بل تعداىا لغتىا, فهذا "باح وجدت في الص "ولما استيقظت , فها ىو يقوؿ:فإف أخا بنت كلو قتل أموىا, ضحايا

2أمي ىامدة ووجهها أزرق, ولم أكن أعرف أن الرجل ىو أخو بنت كلو"

ففي حديثها مع , دل تسلم من "بنت كلو" اخلادمة الزصلية يف بيت مكحوؿ "طيطةوحىت "" أخبرتو أنها بسحرىا فرقت بين أبويها فماتت أمها وىي رضيع, وتزوج أبوىا من "سلو"

ما لبث أن مات موتة غريبة...فاستولت على رزقو امرأة ثانية من قريبات بنت كلو 3وشردت بنتو الوحيدة"

:زىوة"الصوفية من خالل الشخصيات في رواية " رؤية: تجليات الثانيا

سنعتمد يف دراستنا للشخصيات يف رواية "زىوة" نفس التصنيف الذي اعتمدناه يف ادلنفرة, ومن /الشخصياترواية "تلك ابة", أي سنعتمد ثنائية الشخصيات اجلاذبة

خالؿ ىذه الثنائية سنحاوؿ إبراز السمات الصوفية يف شخصيات "احلبيب السائح", تثا عن أثر الرؤية الصوفية فيها.

75 -74" ص تلك المحبة " - 1

094"نفسه" ص - 2

ا.نفسه - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

085

أمساء العديد من بالسارد يفاجئنايف بداية الرواية تدر اإلشارة أوال إذل أنوسف, عزيزة, إدريس, : عبد النور, رضواف, عالية, يو مسبق الشخصيات دوف تقدمي

جعفر, بثينة, مريومة الصغتة, نذير, اخلادمة هبيجة وزوجها الكفيف معلم القرآف, ....اخلربيعة, عبد اللطيف, كوثر, الوناس, خولة, الشيخ عبد الفتاح والسبعاوي

, وقد ذكرىا عبد من الرواية كل ىذه الشخصيات ذكرت يف األربع صفحات األوذلسية يف الرواية مستجعا شريط حياتو, وسوؼ تتوضح مالزلها النور الشخصية الرئي

والعالقات فيما بينها على امتداد الرواية يف صفحاهتا القادمة.

ذبة:االشخصيات الج

عبد النور:

أوؿ فقرة تطالعنا يف و شخصية "عبد النور" من الشخصيات الرئيسة يف رواية "زىوة", : الذي سنتحدث عنو فيما بعد الرواية تأب على ذكر عبد النور ورضواف

"وضع عبد النور, خالل ىجعتو األخيرة في الخلوة, القلم والسجل السابع عشر جانبا. وأسند ظهره إلى الجدار, منتظرا عودة رضوان. فعاودتو لسعات

1سقمو أشد وخزا في أقصى مفصل من جسده."

فهو يف "ىجعتو " يف آخر حلظات حياتو عبد النور" شخصية نكتشف ادلشهديف ىذا التؼ,يف حياة ازاىد"خلوتو" معتزال دنيا الناس, فإذا ىو منقطع يف األختة",

يف آخر ىده ادلرض رجال منهكا, ويصوره لنا السارد مفضال حياة التصوؼ والتقشف

.5زهوة, ص - 1

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

086

أيامو يستعد دلفارقة ىذه الدنيا الفانية, ويتهيأ إذل لقاء رب غفور. ومع ذلك فإنو ال حبو للعلم, واحتفائو بالقراءة والكتابة ىبالكتابة والتسجيل داللة عل مشتغاليزاؿ

ويف ىذا ادلوقف أيضا إشارة إذل أف لدى عبد النور مهمة دل تكتمل, فهو يسابق .ادلوت يريد إهناءىا

ىو يستجع شريط على ىذا ادلشهد نرى عبد النور يف النزع األخت داخل خلوتو, و"ال حزنا على سعادة أخرى وسعادتو معها: "عالية" ثانيةال زوجتوحياتو ويتذكر

على دنيا شرة أعوام, كأنها ساعات عابرة. أومختلفة عاشها مع عالية طيلة ع 1مثل سراب كان سيغادرىا, فإنو امتأل بالقناعة والرضا."

فهو ال وقلبو معلق با, عبد النور رغم قرب أجلو فهو شلتلئ بالقناعة والرضا, .على مفارقة الدنيا, وال يتحسر على السعادة اليت عاشها فيهايأسف

اليت تثل فتنة "عزيزة" يتذكرف يف ىذه اللحظات يستعرض عبد النور شريط حياتو,, وىو وىذه اخللوة ,الذي سبقو إذل ىذا ادلقاـ "إدريس" الدنيا, كاف ىجرىا ابن عمو

و فها ىو ؼلاطب ىذا ادلقاـ, الذي سلك قبلو طريق الزىد والتصوؼ, وقضى ضلبو يف 2"أنا راجع, ىذه المرة, ألجاورك."

يف قولو "أنا راجع" إشارة إذل أف أصل اإلنساف من ىذه األرض, فهو حينما ؽلوت , ويف قولو أيضا إقرار تقيقة دينية ويدفن فإظلا ىو يرجع إذل أصلو, ويعود إذل معدنو

.5, ص زهوة - 1

.6نفسه , ص - 2

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

087

ا لقولو تعاؿ:مفادىا أف اإلنساف ومرجعو إليو, مصداق

هم مصيبة قالوا إن ا لل و وإن ا إليو راجعوف﴾ ﴿ 1ال ذين إذا أصابػتػ

يف ىذا ادلوقف, يستجع عبد النور شريط حياتو, فيتذكر األشخاص الذين أحبهمو "أحس فإنو قد "إدريس" بن سف""يو رفيق رحلتو ضلو ادلقاـ, يتذكروأحبوه, فها ىو

2ليوسف إذا أخذ الصورة التي تركها لو تذكارا." اشتياقفي قلبو

"ناطقة أن اسمو قدمت لو مولودىا , واليتيف تذكر عبد النور لزيارة ربيعة األختة لوو في جبهتو. يحيى, حضنو بكل ما حملتو ذاكرتو لعبد اللطيف من مودة. وقبلو

3."زكرياو وتال عليو مما بشر ب

ل بو, ويورد يتمث الكرمي و ىنا يقدـ لنا السارد صفة أخرى لعبد النور فهو حافظ للقرآفاسم نيب ا ػلت بن لطيفة إذ أف اسم مولود ربيعة ىو ػلت على موافقة ىناالسارد

جاء من القرآف من لك رتا يكوف عبد النور قد تال عليو مالذ ,عليهما السالـ زكريا زكريا, يف قولو تعاذل:ى لبشر

يا﴾ 4﴿يا زكري ا إن ا نػبشرؾ بغالـ امسو ػلت دل صلعل ل و من قػبل مس

يف بيت والديو الريفي مبيتو ذكر عبد النورويف استجاع لطريق الرحلة ضلو ادلقاـ, يت

من سورة البقرة. 056اآلة - 1

.7, ص وةهز - 2

.01نفسها , ص - 3

من سورة مرم 7اآلة - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

088

حياتو القادمة: فإنو قد سيأب يففيما رؤياه اليت طمأنتو يتذكر و ,رفقة يوسف "فرأى نفسو أخذتو غفوة يف ليلة شاتية أماـ نار الكانوف قبل أف يصلي صالة العشاء

1دخل في نور كان سيقرأه في ركعتو األولى من صالة عشائو."

السارد يصور لنا عبد النور رجال متعلقا قلبو بالقرآف الكرمي, ورعا تقيا مؤديا لواجباتو اختار حياة التصوؼ والزىد عن علم وقناعة. الدينية, فهو قد

"متذكرا يوم ضم وجهو بين يديو في المرآة وبكى لوعة على ويستسل عبد النور "وىا أنا أمسيت ال أحوز منها غير متأسفا على حالو الذي آؿ إليو ,2خولة."

3التذكارات."

األعمى, وخطفتها يتذكر عبد النور زوجتو األوذل "خولة" اليت اغتالتها يد اإلرىاب , فقد قضت ويف بطنها جنينها 4كما اغتصبوا مني خولة"" منو وىي يف ريعاف شباهبا

األوؿ, الذي كاف سيكوف ولده لو كتبت لو احلياة.

ونراه ػلدث نفسو متفجعا:

5"خربت يا قلب, خربت, من غير خولة أن تكون عمرانك؟"

من أخالؽ ادلتصوفت, فها ىو من صفات عبد النور كذلك التواضع, وىو خلق الـز

.09زهوة , ص - 1

.05نفسها , ص - 2

.05زهوة ,ص - 3

99"نفسه" ص - 4

.96 نفسه, ص - 5

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

089

الذي يبسط شروحو حوؿ ادلخرب الذي خلفو إدريس و "رضواف"يلتـز الصمت أماـ , فيقوؿ يف قرارة نفسو:وقد اتذ عبد النور ىذا ادلوقف عن قصد, زلتوياتو

1"تكلمت خالل سنين ملزما غيري باالستماع لي, آن لي أن أنصت"

كأستاذ للتاريخ يف اجلامعة و إيذانا تياة االنعزاؿ و الزىد يف إشارة إذل عملو السابق . , ويف إشارة لطيفة من السارد إذل "السماع" ومكانتو لدى الصوفيةاليت نواىا

"أشعر بسكينة كما التي آنستها غالبا قاؿ لو وىو يست تانبو: لذلك فإف رضواف 2من سيدي إدريس و أنا بجنبو"

تتمتع هبا بادلهابة اليت , يوحيعبد النور ىو ؽلشي جنب بالسكينة و شعور رضواف , وىو يف ىذا يشبو ابن عمو "إدريس" الذي سبقو إذل ادلقاـ. عبد النور شخصية

كاف لديو إحساس أف شيئا ما يربطو هبذا حياة االنعزاؿ أف يلجأ إذل قبل عبد النورو فقد وقوت عزمو عليو, مر,ادلقاـ ويشده إليو شدا, وزادت وصية إدريس توكيد األ

"وخلعت على أخي وابن عمي عبد كتب لو يوصيو بتورل شؤوف ادلقاـ من بعده: النور منزلتي في المقام يتولى شؤونو. وخولتو البت في أمر من يتولى من بعده من

3األقربين أو ذريتهم."

, ىو ىذه الرؤيا اليت رآىا عبد النور, واليت تكررت ب سبب آخر أكد لو ىذا العـز

099" ص زهوة" 1

004"نفسه" ص 2

048"نفسه" ص 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

091

"وحدثهم أنو ذات ليلة رأى نفسو وقف في رأس جبل أطل منو على مقام عليو: توىمت أن »شاىد في باحتو إدريس ىتف إليو. وسألو عن نجلو. وقال لهم:

يكون ذلك من أضغاثي. فوقف علي مرة ثانية فثالثة. فلم أدرك اإلشارة إلى أن »" 1تلقيت رسالتو.

ذلذا فإنو عندما عـز على الرحيل إذل ادلقاـ واعتزاؿ حياة الناس قاؿ:

إني لما ظهر في البالد من شر نخر القلوب وبما فشا من فساد لطخ الضمائر »"فتوارى الصالح وتزعزع اإليمان, قد إعتزلت دولة أولى أمركم المستظهرين على

الهوان. وتركت مجالس االفتراء وذر الرماد. وىجرت أي مشيخة العباد بالظلم و لبست ثوب الورع فوق لحمها المكمود بالفجور. وأغلقت باب قلبي عن كل

2"« ىذا الزمان. سطمع. ودخلت في طريق الحقيقة ألفلت من رج

, والرغبة يف اعتزاؿ الناسإذل عبد النور األسباب اليت دعت ىذا ادلقطع يدؿ على فساد الر و ظه الزىد والتقشف, وسلوؾ سبيل التصوؼ, فمن ىذه األسبابحياة

, وكثرة الظلم واجلور, وتفشي االفتاء والنفاؽ, ويضاؼ إذل ذلك كلو فجيعتو فجورالو اليت اغتاذلا اإلرىاب. "خولةبزوجتو "

, طريق ودخل يف طريق احلقيقة ,كل طمع ووضع عنمن أجل ذلك فإف عبد النور .اجاة, ورلاىدة النفس بالرياضة والعباداتالتصوؼ وادلن

044" ص زهوة" - 1

.06نفسها , ص - 2

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

090

زاد ,لشيخ مهيبطيفا وعندما آوى عبد النور إذل ادلقاـ يرافقو يوسف, فإهنما التقيا مهد الطريق لعبد ,لباسو يف مستو ومهابتو, ودلت عمامتو على شرؼ أصلو وزلتده

ليؤكد لو صحة كأظلا ,طابوإليو ؼل, ب توجو 1"أنت في مقام أىلك األوليين"النور عزمو وتوجهو:

"إن يعتزل المرء فإنما ليطهر مالو وطعامو وشرابو وملبسو وفراشو ووسيلو سفره من آفة السحت .إنما الرزق والخير أن تقيم مقاما بيدك وتؤىل بيتا من

2حالل.""في النهاية ليست حياتنا يف حوار ليوسف مع عبد النور, صلد ىذا األخت يقوؿ: و

3ة على مركب من الريب. نحو شاطئ اليقين"سوى رحل

يلخص عبد النور مستة حياتو, يف أهنا عبارة عن رحلة من الريب والشك ضلو شاطئ احلقيقة واليقت, معتربا حياتو األوذل مرحلة االضطراب والشك, وحياتو الثانية داخل

رفة الطريق ضلو ادلقاـ ىي حياة الطمأنينة والسكينة النفسية والتصاحل مع الذات, ومع احلقيقة ادلطلقة وضلو ا.

يوسف:ابن عم "عبد النور", وأوؿ ظهور لو يف يوسف ىو الولد الوحيد الذي خلفو "إدريس"

حديث طويل بت حيث دار ,ادلقاـ خالؿ الرحلة إذل يفالرواية كاف مع عبد النور,

.80, ص زهوة - 1

88 -89"نفسه" ص - 2

51ه" ص "نفس - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

099

اطالعو و حرهبا التحريرية و زائر يظهر فيو افتتاف عبد النور بتاريخ اجل ,يوسفو عبد النور ت باجلزائر مع مطلع التسعينات من التاريخ مرورا إذل انة اليت أدلالكبت على ىذا

فيمن ذىب.اليت ذىبت فيها زوجتو و القرف ادلاضي.

والد عبد ,ر اخلادـ بالقاضي شعيبذك , فإنولباسو التقليدي وعندما ظهر يوسف يفىكذا ."كما األجداد أنت تذكرني بسيدي شعيبلو: دلا رآه قاؿ لذلك ,النور

1كان يلبس"

عليو سيما األولياء الصاحلت, ويف ذلك تلميح يف ىذا الكالـ إشارة إذل أف يوسف رتا أف يوسف سيتبع سبيل عبد النور وأبيو إدريس من قبلو, ويأخذ طريقو للمقاـ.

, قدفقد تركو يف بطن أمو تو,يف حيا الذي دل يره ,وكاف يوسف إذ تذكر صورة والده"عجالن فإنو قاـ من نومو وخرج من الغرفة ,وجد شبها كبتا بينها وبت الشيخ الوقور

2"«ىو ذاك, ىو ذاك»مرددا:

3"«أىال بالوسيم»"مبهور بطلعتو: فاستقبلو ىذا

"فخاطبو يوسف مدفوعا بعاطفة بنوة ظامئة إذل منبع أبوة : ,4كأنها صورتك, أنت ىو"

فقابلو الشيخ بوقار وجالؿ وقد حدس مراد يوسف فقاؿ لو:

07"زهوة" ص - 1

40" ص فسهن" - 2

40"نفسه" ص -3

49"نفسه" ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

098

1"وما أنا بهو يا يوسف " "جاءنا في ثوب من الريب ب حدثو عن أبيو كيف جاء ادلقاـ قبل ربع قرف تائها

2فبدلناه لو كساء من اليقين .وثبتنا قلبو على المحبة العظمى."

ثورة من الريب والشك, يقوؿ الشيخ إدريس جاء من قبل إذل ادلقاـ تائها مضطربا يف فعوضوه عنها يقينا وطمأنينة سكنت هبا روحو وصفت هبا نفسو, حىت ثبت قلبو على

ابة العظمى زلبة اخلالق الواحد.

ىذا احلديث من الشيخ زاد من ذلفة يوسف وأذلب حنينو إذل والده وقد أحس بقربو من بين »أشار إليو نحو الرف: ف «سيدي حدثني عنو. روحي بشوق إليو»"فقاؿ:

تلك المجلدات ستة عسر سجال أفنى آخر أيامو في خطها بيده. ثم حفظها 3"«ولعا بما نمقو فيها من خيال عمن ظل ينتظر قدومو

ره يوم حضره با من خر فنفى. وقص عليو نز «ال بد أنك ىو.»"فعاوده يوسف : 4الموت"

ارد:, يقوؿ السوصف آخر ليوسف على لساف الشيخ

"أنت من ساللة طيبة العرق حسنة التقاسيم. وأمك منا ألعمام بعيدين. فعيناك

49" ص وةهز" - 1

48"نفسه" ص - 2

48"نفسه" ص - 3

48"نفسه" ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

094

1لعينيها الكبيرتين. وصفاء بشرتك من بشرتنا"

ب أخربه عن أبيو إدريس وسبب طالقو ألمو عزيزة, ذلك ألف فتنتها الطاغية ومجاذلا 2"جمال عزيزة وسوس لو فأرىق روحو"األخاذ أذلب غتتو

لقاء يوسف مع الشيخ الوقور واحلديث الطويل الذي دار بينهما كلو كاف حلما وكاف "لوال أن ما تراه لغير أو رؤيا نورانية, إذ أنو يف آخر احلوار بينهما قاؿ الشيخ

3األحياء, ارجع إلى عبد النور "

4"ربي إني منيب"يوسف وشهق فاىتز

واضيع شىت يف شؤوف الدين حديث مطوؿ بت رضواف و يوسف تاذبا خاللو مويف "أحس روح سيدي ىامسا ليوسف: يف آخره والدنيا والعلـو والفلسفة, قاؿ رضواف

5تجسد فيك. أنت في ىذه اللحظة حسيب المقام"

يف جنازة زوج سحنوف, قابل ىذا األخت يوسف قائال لو:و

6"«!كأنك ىو يوم حل علينا في عز عمره»"

رى يوسف ألوؿ مرة:يقوؿ عبد اللطيف الذي ي

44"زهوة" ص - 1

45"نفسه" ص - 2

46"نفسه" ص - 3

46"نفسه" ص - 4

069" ص فسهن" - 5

815"نفسه" ص - 6

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

095

"كما حدثني سي جعفر. ومالمحك الوسيمة لسيدي إدريس الذاىبة في الفضل 1"!الراجعة من النبل كأنك ىو

يف كل األحاديث السابقة تأكيد على الشبو الكبت بت يوسف ووالده إدريس, شلا .بعد عبد النور يوحي أنو سيكوف خليفتو على شؤوف ادلقاـ

نشأ زلبا للعلم شغوفا , فقد يوسفجانب آخر يف شخصية ؼلربنا السارد عن "الذي بهرتو مجلداتو بادلطالعة فها ىو يف سن ادلراىقة يقرأ من "لساف العرب"

2بصمتها على ما فيها من شارد ووارد"

3" من مجلدات ألف ليلة وليلة األربعة "وقد كانت اخلادمة هبيجة تقرأ عليو

"وأحيانا أخرى من كتاب "األغاين

:رضوان

وقف الفتى في , شاش أبيض نظيفو "في جالبة صوفية بدت ذات لون بني أحنى و الباب الخارجي لحجرة مجللة بالصمت أجلى عتمتها بالكاد نور قنديل.

4"«أنتما في المزار» :إكبارا, لهما , وقد تلى شاش أبيضو يف جالبة من الصوؼ و فهرضواف يظهر تظهر صويف

818" ص زهوة " - 1

96"نفسه" ص - 2

97" ص نفسه " - 3

80"نفسه" ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

096

.بالصمت وادلهابة

1"ىيئتك تخفي فتى آخر, أنت عجيب"وقد قاؿ عبد النور لرضواف

يف إشارة إذل جوانب أخرى من شخصية رضواف غت تلك اليت تبدو للوىلة األوذل من وىو أكثر ,فهو قوي وجريء وشجاع ,أنو فىت وديع و مطيع يهتم بشؤوف ادلقاـ وزواره

يضا خبت بادلقاـ وأضلاءه.وىو أ ,كثت القراءة و ادلطالعة ,من ذلك زلب للعلم

ومتفكرا يف األحداث ادلتسارعة وما ,يقوؿ رضواف زلدثا نفسو يف سياؽ متصل و "كما زاىد, توىج رضوان :آلت إليو أحواؿ ادلقاـ بعد رليء عبد النور ويوسف

وحيدا بما ظفر عليو. ليست سوى العناية السماوية, وإال كيف يحدث ىذا 2ة الحلم"الذي تتابعت وقائعو بسرع

"أولهما القرآن "و ىو ما وعندما سأؿ يوسف رضواف عن أحب شيئت لو, قاؿ لو: 3يزىر في صدري"

"ستمتلك قلبها, وإذ توقع لو يوسف أف األمر الثاين ىو كوثر, فإنو أكد لو ىامسا 4ىي أيضا. كمال القرآن وجمال امرأة, نعمة دنياك المزدوجة"

"صوتك العذب مسعو سورة يوسف عليو السالـ:قاؿ يوسف لرضواف بعد أف أوقد

000"زهوة" ص - 1

917" ص فسهن" - 2

959"نفسه" ص - 3

989" ص فسهن" - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

097

الرخيم حملني إلى جالء فاتن, من ذا الذي من اإلنس أو الجن يقترب منك 1بسوء و في صدرك ملء ما سمعتو"

رضواف زلب للعلم, شغوؼ بادلطالعة, وىو حافظ للقرآف الكرمي, يرتلو بصوت عذب يأخذ باأللباب. ندي

:إدريس

طاغية على كل الشخوص حىت لو أهنا دل احلاضرة الغائبة, ة شخصي"إدريس" ىذه ال تضر يف الرواية إال كذكرى.

2"كل شيء ينطق فينا ومن حولنا بأثر مما صنعتو يده"

"لم تكن يده تقع على شيء إال أثمر كأنو أوتي شيئا من سحر : ابنتو ربيعة تقوؿو 3الحياة"

دلقاـ, وتشجته وتربية النحل...إخل.وصف إلدريس وكيف كاف يعمل بيديو يف تعمت ا

"كان سيدي ملتزما في كل شيء مثابرا على بعث الحياة فقد قاؿ رضواف عنو: 4حيثما وصلت قدماه"

إدريس فيقوؿ: عبد النور يصفوىا ىو

940" ص هوةز" - 1

809نفسه, ص - 2

048-047"نفسه" ص - 3

88"نفسه" ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

098

بطبعو و ىيئتو الوسيمة و , بنيتو المعتدلة المفتولةو ثباتو, و "كان جذابا برزانتو 1الحالم"

شلا عرضو للمز 2"عاش متأنقا"ثر حياة االنعزاؿ و التزىد إال أنو آ إدريس رغم أفو سلطانة و زوجها الشيخ السبعاوي, اللذاف اهتماه باإلسراؼ يف اإلنفاؽ, لكنو فسر

"أن الخالق سخر لإلنسان دنياه ليعمرىا بعملو و يجملها بعلمو ذلك بأنو يرى: 3فيتمتع بزينتها"

يقظة ما بتعجائبية لشيوخ رآىم يوسف يف ادلقاـ شخصياتػلدثنا السارد عن بت أيديهم عن حياة والده إدريس: ذلم أجساد نورانية قرأوا لو من سجالت ,مناـو

تهم اإلى سبعة في عباءربية حمراء, صفين متقابلين سبعة "كانوا جالسين على ز ها عمائهم الصفراء, أولئك الذي دخل عيهم يوسف في حجرة أضاءتو البيضاء

4ثالثة قناديل نحاسية."

بعد أف استسل السارد مطوال مع ىؤالء الشيوخ يقرأوف ليوسف عن أبيو حىت ارتفع كمثل أخلية و تكبيرىم جميعا. ثم قاموا. د"فترد صوت أذاف قد يكوف أذاف الفجر

5خرجوا من باب المزار صامتين, عل دىشة يوسف.", يتقدمهم الشيخ, نورانية

50"زهوة" ص - 1

064"نفسه" ص - 2

064"نفسه" ص - 3

68"نفسه" ص - 4

78 -79"نفسه" ص - 5

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

099

:ربيعة

اهيصفىي ابنة إدريس من زوجو الثانية "فاطمة", وىي أخت رضواف ألمو, و "ربيعة" "ربيعة يا سيدي فتاة حاذقة حقا. كريمة النفس. قوية لعبد النور قائال:ىذا األخت

1الطبع. وأكثر مني شجاعة."

"عمي لك وتعت لعبد النور مكاف إقامتو بينهم: تأخذ بزماـ ادلبادرةو ىا ىي ربيعة 2والد ىذه لسكينتك و حجرتو برائحتها العتيقة مثواك"خلوة ال

وبعد زلنتها بوفاة والدىا, وتسلط "سلطانة" وزوجها "السبعاوي" على شؤوف ادلقاـكانت ربيعة تدعو ا أف يزيل اذلم ويكشف الغمة, وقد استجاب ا دعائها تضور

بد اللطيف يدخل عليهم رأت ع أف عمها "عبد النور" وأخيها ألبيها "يوسف", وبعد"ممتنة لمن خاطبتو في صلواتها , فإهنا رفعت يديها بالدعاء برفقة جعفر خاؿ كوثر

3بخالص إيمانها أن يعيد إليها من يفتح روحها سكينة ويفتح لقلبها مباىجو"

عبد اللطيف:

أوؿ ما يأب ذكر عبد اللطيف على لساف رضواف متذكرا لعبد النور أنو كاف من الطلبة النجباء و ادلقربت من إدريس.

"عبد اللطيف مشمول بالرضا وإال يقوؿ رضواف ليوسف متحدثا عن عبد اللطيف:

009" ص زهوة" - 1

045"نفسه" ص - 2

817"نفسه" ص - 3

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

911

ما كان حضر جنازة سيدي كأن يد العناية ىي التي أجاءتو, قبل أن نفكر في 1تبليغو"

"مثل عبد اللطيف, ال يلوث الماء الذي يشرب منو. وكما الكرام وقالت ربيعة: 2بقي وفيا لمن أكرمو"جميعا,

"كان عبد اللطيف غريبا شديد محدوف احلست يصف عبد اللطيف ليوسف وكاف 3الحرص على الدرس. كأن اهلل قبس في قلبو نور المعرفة كلو"

:فاطمة

يقوؿ رضواف زلدثا ة,فاطمة ىي أـ رضواف وزوج إدريس الثانية اليت أصلبت لو ربيعبالعابدة الزاىدة رابعة العدوية, يف صربىا وإؽلاهنا نفسو, متفكرا يف أمو مشبها ذلا

وزىدىا يف دنيا الناس, ومكوثها يف ىذا ادلقاـ:

وأنت, بم فاقتك العدوية؟ لك مثلها صبرك و إيمانك و زىدك في دنيا !"أمي 4الناس في ىذا المقام"

ا ذلا هباويستمر رضواف بالتفكر يف حياة رابعة العدوية مسقطا ذلا على حياة أمو مشبه

"واستخبر الفراغ من حولو عن أي يد رمتو في حياة رابعة العدوية فانشغل

069" ص هوةز " - 1

089" ص نفسه " - 2

959"نفسه" ص - 3

918"نفسه" ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

910

1بقصتها حد الهيام فتشابهت عليو ابتالءاتها بأطوار حياة أمو"

"وردد:مرددا بعض عباراهتا الشهتة يف احلب اإلذلي يف حلظات الوجد والفناء:

2"«أحبك ,ال طمعا في جنتك وال خوفا من عذابك»

:المنفرة الشخصيات

: سلطانة

عاشت سلطانة يف و ماتت, و وسلطانة نشأت يتيمة يف ادلقاـ بعد أف وضعتها أمها فيكانت تطمع يف و ناقمة على اجلميع بسبب ىذا الثلب يف نسبها,, ادلقاـ رلهولة األب

بعد وفاة , خاصة أف تبسط سيطرهتا على ادلقاـ تا أهنا زوجة الشيخ السبعاوي"أمرىا ىي مختلف ألنها ولدت وحيدين ربيبو رضوافو تركو ابنتو ربيعة و , إدريس

3فيو. وتباىت لو بأنو إن كان ىنالك واحد يستحق أىلية المقام فهي أجدر بو"

4"سلطانة امرأة لم يصدر منها غير األذى"يف حديثو لعبد النور يقوؿ رضواف: و

يخ السبعاوي أف ؼلطبا لو فقد كانت استدعت رضواف وأخربتو بقرارىا ىي والش"فأحس أن أحدا ضربو على رأسو عجيلة بنت سحنوف فنزؿ عليو اخلرب كالصاعقة

بمطرقة فتصدع بدنو أشتاتا ,و لم يستعد وعيو إال لما قهقهت في وجهو فاغرة

919" ص زهوة " - 1

919" ص نفسه " 2

085"نفسه" ص - 3

086"نفسه" ص - 4

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

919

1على أسنان مسوكة" 2"إلخفاء آثار القطران على شفتيها و أسنانها"كانت دائما تضغ السواؾ فقد

"زوجها ال يستطيع أن يمنعها, ما دام ىو نفسو كان ألهنا كانت تدخن بشراىة 3يبرم من الحشيشة"

وقد تأثر يوسف تا حصل ألختو ربيعة من كيد سلطانة وزوجها السبعاوي بعد وفاة "وتفكر أي آالم كابدتها أختو من قسوة سلطانة ومن أنانية زوجها إلرغامها الوالد

4ج ال تريده"على القبول بزو

لن تظهر, خوفا »" وىا ىو رضواف يقوؿ متظرفا ليوسف الباحث عن أختهما ربيعة: 5"«ىامن روح سلطانة. فهي كلما سافرت تركتو كما تنزع أفعى عنها جلد

فقد صورىا رضواف كما أفعى تنزع عنها جلدىا تاركة روحها الشريرة خلفها.

"لسلوكها الشاذ وعتهها...بلغت أن ترسل من ليلة ألخرى شخصا يتقنع وىي بلباس أرواح الموتى األسود ويصدر أصوات األشباح من خلف شجرة قرب

6نافذة دار أم كوثر"

065 " صزهوة " - 1

070" ص نفسه " - 2

079"نفسه" ص - 3

068-067"نفسه" ص - 4

901"نفسه" ص - 5

901"نفسه" ص - 6

تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات لثالفصل الثا

918

ها يوسف, قالت:التقت ربيعة بأخيها ألبيعندما ذا ذل

...زوجهاو قد أصبحت بين أخوين فال خوف من سلطانة و "أما

1سحنون" شبحال من و

كانت سلطانة , كهل متزوج وىو األصواؼ و وسحنوف ىذا تاجر يتاجر يف األغناـ تنيو بالزواج من ربيعة طمعا يف مالو.

خرب مقتلها: يقوؿ رضواف و قد بلغوو .وكاف مصت سلطانة أف قتلها زوجها السبعاوي 2"الشر طبيعة فيها كأنها خلقت لتؤذي. لم يكد يسلم منها أحد"

على سلوؾ سلطانة وزوجها والتاجر سحنوف قد علق السارد على لساف يوسفو 3يلزمهم المقام بنذر حياتهم للخير" من بشر "يحدث ذلك بقولو:

توسوس ذلم كأظلا ليظهر خبث نفوس ىؤالء من الساعت خلف متاع الدنيا الزائل إضمار الشر ذلم رغم أهنم يف مكاف أدعى ألف يذكر و نفوسهم ادلريضة إيذاء اآلخرين

ىو ادلقاـ.و , أالساكنيو باآلخرة

1 016" ص زهوة"

2 .898نفسه, ص -

3 016"نفسه" ص

خاتمة

502

:خاتمةاجلانب لبحث الرؤية الصوفية عند احلبيب السائح, وكيف ظهرت يف ا موضوع ةالدراس تناولت

فعكفت من إنتاجو الروائي, وقد اقتصرت الدراسة على رواييت "تلك احملبة" و"زىوة", الشكليوالشخوص, على دراسة البنية السردية يف الرواية, بأركاهنا ادلعهودة وادلتمثلة يف الزمان, وادلكان,

اعتمادا باألساس على ادلنت زلاوال الكشف عن ادلظاىر الصوفية يف كل جانب من ىذه اجلوانب الروائي, الذي أخضعتو للتحليل مستشهدا بأكرب قدر ممكن من ادلقاطع وادلشاىد من الروايتني

., متلمسا فيها اجلوانب الصوفية عامدا إىل إبرازىاموضوع الدراسة

بعض النتائج اليت توصل إليها البحث:وفيما يلي سرد ل

ادلظاىر الصوفية من خالل الزمن تبدو واضحة, خاصة يف رواية "تلك احملبة" اليت ال ميكن -للدارس اإلمساك خبيط الزمن فيها, ذلك أن الزمن فيها يبدو ىالميا أشبو بزمن األحالم, فال تكاد

لزمن يف ىذه الرواية يشبو إىل حد كبري , واتقبض منو على طرف حىت يتفلت منك الطرف اآلخرالزمن الذي يتحدث عنو الصوفية يف نصوصهم, سواء يف بنائو, أو يف قاموسو اللغوي الذي

.اغتف بشكل كبري من القاموس الصويف

خيط الزمن يف رواية "زىوة" أكثر وضوحا, إذ يبدأ من حلظة رقود عبد النور على فراش -بدأ يف االستجاع انطالقا من اللحظة اليت عزم فيها على الذىاب إىل )مرضو األخري(, مث يادلرض

ادلقام لالعتزال فيو, مث يبدأ الزمن يف نسق تصاعدي وصوال إىل النقطة األوىل, مع بعض , وقد عمد الكاتب إىل االستجاع ذليمنة حديث النفس االستجاعات اجلانبية بني احلني واآلخر

.السائح" من القاموس الصويف بشكل جلي يف رسم فواصلو الزمنية على النص, وقد هنل "احلبيب

بالنسبة للمكان يبدو للوىلة األوىل أن ادلظهر الصويف يكون فيو أوضح يف رواية "زىوة", ذلك -مسميات الصوفية للمكان يف ىذه الرواية, , فتعددت وحولوأن أحداثها كلها جتري داخل ادلقام

خاتمة

502

, ولكن توظيف ىذه ادلسميات تراوح بني رلرد زار, والعتبة, واحلررة...اخفرأينا فيها: اخللوة, وادل, وبني إعطاء ادلكان بعدا روحيا وصوفيا فيقتب من شكلو الذي ورد إضفاء االسم على ادلكان

عليو يف تراث ادلتصوفة.

أنو ليس مكانا أما بالنسبة لرواية "تلك احملبة", فإن ادلكان فيها يكتسي بعدا صوفيا أعمق رغم -صوفيا يف األصل, لكن الكاتب استطاع أن يسمو بسمة صوفية قوية من خالل اللغة الواصفة اليت

, أومن خالل الشخصيات اليت اعتمدىا السائح واليت تنهل من القاموس الصويف بشكل عريب .تعمر ىذا ادلكان

رواية "تلك احملبة" أظهرت أن الكاتب قد جلأ إىل القاموس الصويف دراسة الشخصيات يف -بصبغة عرائبية فيها حملة صوفية -بعضها على األقل –بغموضو وعرائبيتو ليصبغ شخوص روايتو

واضحة.

فإن الكثري منها ميلك مقومات الشخصية الصوفية من حيث أما شخصيات رواية "زىوة" -والزىد يف متاع الدنيا الفانية, واالنصراف إىل العبادة, واالنقطاع إىل اعتزال حياة الناس والتررد

خدمة الناس وفعل اخلري.

الرؤية الصوفية حاضرة يف الروايتني وبشكل قوي, ولكن ليس إىل على العموم ميكن القول أن -ن الوقوف احلد الذي ميكن القول معو أن السائح يكتب رواية صوفية خالصة, لكن ىذه الرؤية ميك

عليها من خالل لغة الكاتب فقد وظف السائح الكثري من التعابري الصوفية اليت استخدمها يف إجناز معماره السردي للروايتني خاصة يف رواية "تلك احملبة" اليت ىي مبثابة قصة حب بني الكاتب

م أو زاوية صوفية جتري أحداثها كلها داخل مقا "زىوةومدينة أدرار, ىذا على الرغم من أن رواية " يف استجاع حياهتا السابقة خارج ادلقام. ال تتحرك الشخوص خارجها إال

خاتمة

502

احلبيب ن عن ادلواقف ادلختلفة, مك هتا التعبريية اوحسن اإلدراك لطاق ,التمكن اجليد من اللغة نإ - . و الروائيمقبول, داخل نصسلس و بشكل والصويف من إقحام اإليديولوجي السائح

السائح, ىي تلك اللغة اليت جتننح كثنريا إىل اخلينال, وإىل الالمعقنول ىني كتب هبالغة اليت ىذه ال - .صوفيةلرؤية اانعكاس حىت لتبدوأقرب شيئا إىل لغة ادلتصوفة,

كثرية ىي الدراسنات النيت تعرضنت للتصنوف وعالقتنو بالشنعر, وكينف يشنتغل التصنوف ليولند شنعرا عنن و, ومتينزوألفاظن ,وصنوره ,بأخيلتنو ,ادلنطلق من رؤينة صنوفيةجديدا, بل لقد تفرد الشعر الصويف

خاصة بو ودالة عليو. ,بقية الشعر العريب, خبصائص, ومميزات, ورموز

لكن بالنسبة للتصوف وعالقتو بالرواية فإن الدراسات يف ىذا ادليدان التزال قليلة وشحيحة, ولعلنا علنى ىنذا النركن منن األدب العنريب احلنديث النذي بالتطرق إىل ىذا ادلوضوع نكون قد ألقينا شنعاعا

ال يزال حيتاج الكثري من الكشف واإلنارة.

فما كان من توفيق فمن اهلل, وما كان من تقصري فمن نفسي والشيطان

بعد, إنو نعم ادلوىل ونعم النصريواحلمد هلل من قبل ومن

قائمة انمصادر وانمراجع

اىو٠ اموآ

.1991ووخ ابة, اغيائو, , ؾ١ؼ اجقبه اؾل٠ش اج او٠ف

انمصادر-1

.2002, اغيائو ANEPاؾج١ت ابئؼ, "ره اؾجخ", ها٠خ, هاد -1

.2011, اغيائو كاه اؾىخ, ها٠خ", ىحاؾج١ت ابئؼ, " -2

.1968, 1ة, كاه بكه, ث١ود, ط, ب اؼواث ظه -3

.2003, 7رؾم١ك ؾل اؼز ثبهلل اجغلاك, كاه اىزبة اؼوث, ث١ود, ط ث ام١, لاهط ابى١,ا -4

.1990, 4كاه ال, ػ١ ١خ, اغيائو, ط قزبه اؾبػ, اواى) ؾل ث أث ثىو(, -5

اؾى, كاه اؼوفخ, امبوح, ك ط, ك د.)أؽل ث ؾل(, ئ٠مبظ ا ف وػ اث ػغ١جخ -6

.2001, 1, هبئ اث ػوث: رؾم١ك ؾل ػجل اىو٠ او, كاه اىزت اؼ١خ, ث١ود, طاث ػوث -7

., د ط , د تباريس ,دار بيبهيون ,تحقيق محمد عبد انرحمه انكردي ,ذخائر األعالق: شرح ترجمان األشواق ,ابه عربي -8

. 1985ا١ئخ او٠خ اؼبخ ىزبة, امبوح, ,: رؾم١ك ػضب ٠ؾاى١خ اث ػوث, افزؽبد -9

: رؼ١ك أث اؼال ػف١ف, كاه اىزبة اؼوث, ث١ود, ك ط, ك د.اث ػوث, ف اؾى -10

, رؾم١ك لب ؾل ػجب, كاه ال ضمبفخ او, كك, طب, اغػخ اف١خ اىبخأث ٠ي٠ل اج -11

.2004, 1ط

, هاد و١خ ا٢كاة اؼ : رؾم١ك أؽل ازف١ك)٠ف ث ٠ؾ(, ازف ئ هعبي ازفازبك -12

.1997, 2 اإلب١خ, اوثبط, ط

.2001كاه اىزت اؼ١خ, ث١ود, , اوبخ ام١و٠خ ف ػ ازف,(ػجل اىو٠)ام١و -13

.1992, 1ف١خ, رؾم١ك ػجل اؼبي ب١, كاه ابه, امبوح, ط, اطالؽبد ا(ػجل اوىاق)اىبب -14

.194, 2اىالثبم, وزبة ازؼوف نت أ ازف, ىزجخ اقبغ, امبوح, ط -15

.1960اواط اط, اغ, رؾم١ك ػجل اؾ١ ؾك ط ػجل اجبل وه, كاه اىزت اؾل٠ضخ, امبوح/ -16

.1988, 1امل١خ ف ؼوفخ لاػل اف١خ, ىزجخ اؼبهف, ث١ود, ط , األاهاؼوا -17

.1976, 1, وف اؾغة, روعخ رؼ١ك ئؼبك ػجل ابك لل٠, كاه ازواس اؼوث, امبوح, طاغ٠و -18

انعربية انمراجع -2

.2010فزالف, ئثوا١ ف١, ث١خ ا اوائ, الاه اؼوث١خ ؼ بو هاد اال -1

.1996, 1, كاه اوق اؼوث, ط ئثوا١ اؼبف١, رؾالد اوك, كهابد ف اوا٠خ اؼوث١خ -2

.2008هاد االفزالف, اغيائو ئثوا١ ؾوا: اوك اؼوث امل٠ األاع اظبئف اج١بد, -3

. 2004, 1كاه اث ٠ؼوة, كك, ط ,ه٠: رؾم١ك ػجل هللا ؾل ال, املخ)ػجل اوؽ(اث فل -4

.1995, 2 ط ,أك١: اف١خ اه٠ب١خ, كاه ابل, ث١ود, جب -5

.2002آخ ثؼ: رؾ١ اقطبة اف ف ضء ابظ امل٠خ اؼبوح, هاد االفزالف, اغيائو -6

, ف ئطبه اغيائو ػبخ اضمبفخ األهاد كاه زق١ ف اوا٠خ اغيائو٠خ, ازبص ئ اقزف ا -7

.2007اؼوث١خ

.1994 ,1ط ,او٠ب ,ىزجخ اول ,عك اقف١خأؽل ام١و, ػم١لح اف١خ: ؽلح ا -8

.2000, 1امبوح, ط , طجبػخ او ازى٠غأ٠ ؽل, لب اطؾبد اف١خ, كاه لجبء -9

.2009ا٠خ اوك, كاه از٠و, ث١ود, جب, ؽبر اهف: ثي ه٠ىه -10

.1990ث١ود -اؼوث اضمبفاووي –ؽ ثؾوا : ث١خ اى اوائ -11

.2002ؽ١ فو: فضبء ازق١ مبهثبد ف اوا٠خ, هاد االفزالف, اغيائو -12

.1997امبوح –اضمبفخ ا١ئخ اؼبخ مه –أكة غ١ت ؾفظ فؽ١ ػ١ل : هؽخ اد -13

الاه –هاد ػ١ امبالد –اوا٠خ اغوث١خ فازظ١و ابهخ , كهابد فلا : ١ؽ١ل ؾ -14

.1986اج١ضبء

.1991, 1اووي اضمبف اؼوث, الاه اج١ضبء,ط, ؽ١ل ؾ١لا, ث١خ ا اوك ظه امل األكث -15

ؼ(, األكة ف ازواس اف, ىزجخ غو٠ت, امبوح, ك ط, ك د. ففبع )ػجل ا -16

.2008ث١ود – افبهاثكاه -هضب ١لا : اوا٠خ اؼوث١خ ث١ االغ ازق١١ هف١ك -17

.2007فبل –كاه بل و ازى٠غ –ها٠بد أؽال زغب ف اؼوىوح و : -18

.1994ىب -و١خ ا٢كاة -ك اجبء اضمبفؼ١ل ثىواك: ق١بد ا او -19

.1996 -اوثبط -كاه األب -ؼ١ل ثىواك :ا اوك ؾ ١١بئ١بد إلك٠ع١ب -20

.2001الاه اج١ضبء –هاد اي –ؼ١ل ثىواك : ا١١بئ١بد اوك٠خ -21

.1981ث١ود -خ كاه اى -ؼ١ل ػ: اوا٠خ األ٠ل٠ع١ب ف اغوة اؼوث -22

.1989ث١ود – اؼوث اضمبفاووي – اوائؼ١ل ٠مط١ : افزبػ ا -23

.1989ث١ود – اؼوث اضمبفاووي –ازجئ١و( –اوك –)اي اوائؼ١ل ٠مط١ : رؾ١ اقطبة -24

.١1992ود ث – اؼوث اضمبفاووي – اوكؼ١ل ٠مط١ : اوا٠خ ازواس -25

.2000اؼ١ل ثطبع١: االزغبي اؼب, هاد االفزالف, اغيائو -26

, ارؾبك اىزبة اؼوة, اوائػب عجوا ئثوا١ عجوا ١ب ؽ١ : ضواد ا اقطبة , كهاخ ف -27

.1999 ,كك

. 1998ف امخ, كاه لجبء, امبوح كهاخ بظ امل األكث ف ؼبغخ ا١ل ئثوا١: ظو٠خ اوا٠خ -28

. 1984 ,امبوح ,ا١ئخ او٠خ اؼبخ ىزبة , ١يا لب : ثبء اوا٠خ , كهاخ مبهخ ضالص١خ غ١ت ؾفظ -29

١و اوىل ع١ بوو: لف ئ ظو٠خ امخ رؾ١ال رطج١مب, ك٠ا اطجػبد اغبؼ١خ, -30

غيائو)ك.د( .ا

.1994, 1بوو ابث, عب١بد اىب ف اوا٠خ اؼوث١خ, اإخ اؼوث١خ لهابد او, ط -31

.2008 ,اى٠ذ, ضمبفخ اف ا٢كاة اطاغ , اوا٠خ اؼوث١خ اغل٠لح:أبط ابضػي٠ي ىو -32

.1997, 3 و ازى٠غ, امبوح, ط خ, كاه اضمبفأث افب ازفزبىا, لف ئ ازف اإلال -33

, كك, ىزبة اؼوةهاد ارؾبك ا, اوائاف فػبكي فو٠غبد : وا٠ب اوا٠خ , كهابد رطج١م١خ -34

2000.

.2000الاه اج١ضبء –ووخ او ازى٠غ –ػجل اؾ١ل ػمبه: اوا٠خ اغبهث١خ رؾالد اغخ اقطبة -35

ك٠ا اطجػبد اغبؼ١خ, , ػجل اؾ١ـل ثـها٠, ـطـك اوك, كهابد ف امخ اغيائو٠خ اؾل٠ضخ -36

.1994اغيائو,

الاه اؼوث١خ ؼ بو هاد ل, ػزجبد )ع١واه ع١١ذ ا ئ اب(,ػجل اؾك ثؼبث -37

.2008, 1االفزالف, ط

ػجل اوؽ ثػ: اوا٠خ اؼوث١خ اغل٠لح, هاد و١خ ا٢كاة اؼ اإلب١خ, عبؼخ ؾل األي, -38

.2001علح, اغوة

, ا١ئخ او٠خ اؼبخ ىزبة, اوا٠ب غ١ت ؾفظ فابهك : ٠ؾى اوا٠خاؼال : ػجل اوؽ١ -39

.2008, امبوح

.1998اؾىب٠خ ازأ٠ كهابد ف اوك اؼوث, كاه رثمبي, الاه اج١ضبء, اغوة ػجل افزبػ و١ط: -40

.1994ف١لػ: اوؤ٠ب ازأ٠, كاه ابي, اغيائو ػجل امبكه -41

.2006 ,كك, هاد ارؾبك اىزبة اؼوة, ه٠خ ف اوائارغببد امل ػجل هللا أث ١ف : -42

.1998اه اىزبة اؼوث, اغيائو, ػجل هللا فبه, ف اىزبثخ: رم١بد اف, ك -43

ك٠ا , لق, ؼبغخ رفى١ى١خ ١١بئ١خ ووجخ وا٠خ ىلبق ا اوكرؾ١ اقطبة ػجل اه ورب : -44

.1985 ,اغيائو, اطجػبد اغبؼ١خ

.2004 ,ف ظو٠خ اوا٠خ ثؾش ف رم١بد اوك, كاه اغوة, اغيائو ػجل اه ورب : -45

.1990 ,: امخ اغيائو٠خ اؼبوح, اإخ اط١خ ىزبة, اغيائوػجل اه ورب -46

.2000 ,كاه امجخ, اغيائوه١ل ث به: ملخ ف ا١١بئ١بد اوك٠خ, -47

.1962 ,2طػجل اوؽ ثل, ١لح اؼك اإل: هاثؼخ اؼل٠خ, ىزجخ اضخ او٠خ, -48

.2000 ,ػالي ملخ: ازق١ اطخ, هاد االفزالف, اغيائو -49

.2009, يائواوي اف ف ك٠ا أث ل٠ ازب, طجؼخ ياه, ااك, اغؽيح ؽبكح: -50

.1982 , ازوو١ج١خ كهاخ ف ظ ١ب غلب, كاه اث هل, كك, ه٠ب ج٠١خاعبي ؾ١ل: ف -51

.2008, , اغيائوو , ف : اقطبة اف آ١بد ازأ٠ػجل اؾ١ل ١خ -52

. 2000 ,فبل ثمب: اىزبثخ ازف ػل اث ػوث, كاه رثمبي, اغوة -53

فبل ؽ١ ؽ١: ؼو٠خ اىب ف اوا٠خ اغل٠لح)اكاهك اقواط معب(, إخ ا١بخ اؾف١خ, -54

.2000, 1ط او٠ب,

.1994, 1بكق ١ بكق, ابكه اؼبخ زم ػل اف١خ, ىزجخ اول, او٠ب, ط -55

و ازى٠غ, ائ, كاه غلالجؾ١خ ػكح ىػوة, غب وبف: عب١بد اوك ف اقطبة او -56

.2006, 1ػب, ط

لبكح ػمبق, كالخ ال٠خ ف اقطبة اؼو اؼوث اؼبو, كهاخ ف ئىب١خ ازم اغب ىب, ارؾبك -57

.2001 ,اىزبة اؼوة, كك

بؼخ أ امو, ىخ طف هللا فع: ؽلح األك٠ب ف رأ١الد ازف رمو٠واد ازفخ, هاد ع -58

.2011, 1اىوخ, ط

.1984, 1ب١١ طف ػجل اواىق, ازف, كاه اىزبة اجب, ط -59

ؾل ا١ل ئبػ١, ثبء فضبء اىب ف امخ اؼوث١خ ام١وح, هاد كائوح اضمبفخ اإلػال, ابهلخ, -60

.2002, 1ط

ف اوعغ فزخ الغ..لواءح ف أك٠ب اؾواء "ره اؾجخ", كاه ؾل ث١و ث٠غوح, ؾخ ازأ٠, ى -61

.2009اؼوفخ,

.1989, 1ط ء,ج١ضبا اهلا ,و يرثمبكاه ,زم١ل٠خا الرباثلئ ث١بر ,٠شاؾل ؼوثا ؼوا ,ث١ ؾل -62

.2003, 1, ط فؾبد لهابد او ؾل اوال, ؽلح اعك اغيا ئ اث ػوث, -63

.2001 ,ؾل ػوة, اإلـــواق فالفـخ اإلـب فـ األه, كهاـــخ, هاد ارؾبك اىزبة اؼوة, كك -64

.2005, هاد ارؾبك اىزبة اؼوة, كك, ؾل ػيا, ؼو٠خ اقطبة اوك -65

.2001 ,الاه اج١ضبء, اغوة ,اووي اضمبف اؼوث, 2طؾل فزبػ: ازم ازأ٠, مبهثخ م١خ, -66

.1991 ,ؾل ٠ور: امل اج١ ا اوائ, كاه ئفو٠م١ب اوق, الاه اج١ضبء, اغوة -67

.2002, كاه افبء, االىله٠خ, و ,واك ػجل اوؽ جون: آ١بد اظ اى ف مل اوا٠خ -68

.2000 ,٠خ, كاه امجخ, اغيائوطف فب: كهابد ف اوا٠خ اغيائو -69

.1994, 1بك ف١بط, كهاخ ف ازغوثخ اف١خ, كاه اؼوفخ, كك, ط -70

.2003, مىشورات انجاحظية, , واقع انمثقف انجزائري مه خالل تجربة في انعشق نهطاهر وطار (به طاهر)يحي -71

.1986, 1ث١ود, ط٠ اؼ١ل, اوا: الغ اى, إخ األثؾبس اؼوث١خ, -72

.1968, 3كاه اوق)اطجؼخ اىبص١ى١خ(, ث١ود, ط ٠ؽب ل١و, ئفا افبء, -73

انمترجمة بيةجىانمراجع األ -3

ف اؾىب٠خ ازؼبضل ازأ٠ ف ا اؾىبئ١خ, روعخ اطا أث ى٠ل, اووي اضمبف امبهئأجور ئ٠ى: -1

.1996 ,وةاؼوث, الاه اج١ضبء, اغ

.2009 ,, كاه اؾاه, االمل١خ, ه٠بؼ١ل ثىواكأجور ئ٠ى:آ١بد اىزبثخ اوك٠خ, روعخ -2

. 2001كاه رثمبي, الاه اج١ضبء, ث١١و بهر١: لف ئ ظو٠بد اوا٠خ, روعخ ػجل اىج١و اولب, -3

.1996 ,ووي اإلبء اؾضبه, ؽت, ه٠بري٠ز١ف١ب ركهف: األكة الالخ, روعخ ؾل ل٠ ففخ, -4

.1985 ,أثو, هاد ػ٠لاد, ث١ود, جبعب ث١بع١: اج٠١خ, روعخ ػبهف ١ ث١و -5

, 3ع١واه ع١١ذ: فطبة اؾىب٠خ ثؾش ف اظ, روعخ ؾل ؼز ػجل اغ١ األىك ػو اؾ, ط -6

.2004هاد االفزالف, اغيائو

, 4ط وبر, كهابد ف االؼ١خ, روعخ ب٠ف ثى, إخ غل اغبؼ١خ طجبػخ او, ث١ود, ط عه -7

2006.

.2009 ,هال ثبهد: ازؾ١ ا, روعخ ػجل اىج١و اولب, كاه ازى٠, كك, ه٠ب -8

.1987 ,ح, و١قبئ١ ثبفز١: اقطبة اوائ, روعخ ؾل ثواكح, كاه افىو, امبو -9

,1طفالك١٠و ثوة: هفع١ب امخ, روعخ ػجل اىو٠ ؽ ١وح ث ػ, كاه واع, كك, -10

1996.

. 1990, , كاه اىال, اوثبط, اغوةؼ١ل ثىواك, روعخ ف١١ت ب: ١ع١خ اق١بد اوائ١خ -11

.2000 ,ل, اووي اضمبف اؼوث, الاه اج١ضبء, اغوةف١ىزه ا٠و١ـ: اىال١خ او١خ, روعخ ا ؾ -12

.1998امبوح, اال بهر: ظو٠بد اوك اؾل٠ضخ, روعخ ؽ١بح عب ؾل, اغ األػ ضمبفخ, -13

,2005, 1ج١ىا, هبخ ف االد ا١بخ, روعخ ؽ ؽف , كاه از٠و, ث١ود, ط -14

.2009 ,1ط ,ث١ود ,اظخ اؼوث١خ غوح ق, روعخ عالي ال٠ ؼ١ل,ج١ىا, ػ األفال -15

.ك ط, ك د ,كو١ف١ز, اال٠خ اجح ػل ا اؼوث, روعخ أؽل اط١ت, كاه امجخ ايهلبء, واوػ -16

.1981 ,زوعخ اوائغ, ث١ودو ثوغ, ازطه اجلع, روعخ ع١ ١جب, اغخ اجب١خ -17

رسائم جامعية:

.٠2005, هبخ كوزها, ثبرخ ئبػ١ ىهك, ف اوؽخ ف األكة اغوث امل

مواقع انكترووية

وائ ؾج١ت ابئؼ, "أاد ابي" غخ ” ره اؾجخ“ثب٠خ ١بؿ, ؾبخ لواءح ١ع١خ ف -

اىزو١خ

٠ى١ج١ل٠ب اػخ اؾوح -

الموضوعاتالموضوعات فهرسفهرس

رقم الصفحة الموضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوع

ز -أ ـــــــة مقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

85 مدخل

86 التصوف والتجربة الصوفية

41 الصوفية ورؤية العالم

44 لصوفية والروايةالتجربة ا

46 الحبيب السائح والرواية الجزائرية

14 بين يدي رواية "تلك المحبة"

14 "زهوةبين يدي رواية "

08 الصوفية من خالل الزمن الرؤيةالفصل األول: تجليات

04 مفهوم الزمن -4

04 الزمن عند الصوفية -1

01 الروائي: في األدب الزمن -0

01 من الروائيدراسة الز -1

01 الترتيب الزمني -1-4

06 االستغراق الزمني -1-1

14 التواتر -1-0

11 في "تلك المحبة" الصوفية من خالل الزمن الرؤيةتجليات

10 تلك المحبة وهيمنة االسترجاع

23 االستباق في تلك محبة

26 االستغراق في تلك المحبة

32 التواتر في تلك المحبة

36 "زهوة"في الصوفية من خالل الزمن الرؤيةتجليات

42 االسترجاع في زهوة

51 االستباق في زهوة

56 االستغراق في زهوة

488 : تجليات الرؤية الصوفية من خالل المكاننيالفصل الثا

484 المكان وأهميتهمفهوم

481 تصنيفات المكان

483 تجليات الرؤية الصوفية من خالل المكان في "تلك المحبة"

415 تجليات الرؤية الصوفية من خالل المكان في "زهوة"

406 الشخصياتالصوفية من خالل الرؤية: تجليات لثالفصل الثا

418 مفهوم الشخصية

414 تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات في "تلك المحبة"

451 تجليات الرؤية الصوفية من خالل الشخصيات في "زهوة"

181 خاتمــــــــــــــــــــــــــــــــــة

185 قائمة المصادر والمراجع

141 الفهرس