Top Banner
0 * الجمهــــــورية الجزائـريـــــةمقراطيـــة الدي الشعبيـــــة* - وزارةتعليـــم اللعـــالي ا و البحـــثعلمــــــــي ال- - جامعــــة الجزائـــــــــــر- - كليــــةـــوق الحق- بــنــــــون عكن التعسف فيستعمال ا الحق بين نظام المسؤول يةرية التقصي ولنظا ا ممستقل ال مذكرةنيل ل شهادةلماجستير ا فيونلقان الخاص ا- مناد إعـــــدلطـــالب ا: - حـت ت إشــرافستــاذ ا: اج حج مبـــــروك د. عـلــيلي فيــــ1122 / 1121
131

التعسف في استعمال الحق

Feb 21, 2023

Download

Documents

Khang Minh
Welcome message from author
This document is posted to help you gain knowledge. Please leave a comment to let me know what you think about it! Share it to your friends and learn new things together.
Transcript
Page 1: التعسف في استعمال الحق

0

* الشعبيـــــة الديمقراطيـــة الجزائـريـــــة الجمهــــــورية*

-العلمــــــــي البحـــث و العـــالي التعليـــم وزارة -

-الجزائـــــــــــر جامعــــة -

عكنــــــون بــن -الحقـــوق كليــــة -

الحق استعمال في التعسف

المستقل مالنظا والتقصيرية يةالمسؤول نظام بين

الخاص القانون في الماجستير شهادة لنيل مذكرة

:األستــاذ إشــراف تحـت-: الطـــالب إعـــــداد من -

فيــــاللي عـلــي.د مبـــــروك حجاج

1122/1121

Page 2: التعسف في استعمال الحق

1

– الرحيـــــــــــــــــم الرحمـــــــــــــــــــــــــان اهلل ـــــــــــــــــمبســـــــــــــــــ -

– مقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة -

فردي فرضا ــا على المذهب الـــنظرية التعسف في استعمال الحق نظرية فرضت نفسه

ا افرزها الواقع وتكرست ـــــــلنظريات الفلسفية واألبحاث النظرية ، وإنمفهي لم تنشئها ا

وات الرأسماليين ـــــــص ورغم دعــبأحكام وقرارات قضائية جريئة ، رغم قصور الن

فانحسر بها مد الفردية الجارف ، وبدا القانون ينتعش بروح اجتماعية .

–كيفية ظهورها هذه ، إذ كان النطق بأحكام وال أدل على أهمية هذه النظرية البالغة ، من

تكرس هذه النظرية ، أمام غيبة نص صريح وضد االتجاه السائد في الفكر -في ذلك الحين

لقد افرزها بالنـطق به ن يتبع والعدل أولىأء شيء صعب جدا ، ولكن الحق أحق والقضا

طط .ـغموض أو شنداء العدل في كل ضمير بعيدًا عن الفلسفات وما يشوبها من

ها ــمجتمع ، إنــفلهذه النظرية األهمية البالغة في حياة الناس اليومية ، ولحياة المجتمع ك

ه ـمع كل في مكانــــتضع نظرية الحق في وضعها الصحيح ، وتضع بذلك الفرد والمجت

وترسم لكل حدوده ، وتنسق العالقة بينهما على نحو مرن فعال .

ورة عن ـــفمعرفة ما إذا كانت صألمحنا لها األهمية التيف هذه وإذا كان لنظرية التعس

لها أساس مستقل نفس األهمية أيضا . الخطأ أو

طائهم ـــاس إال عن أخـــذاك انه وفي نظام المسؤولية عن الفعل الشخصي ، ال يسال الن

كرة ــف لىـــكن بناؤها عــولكن هناك من قال أن نظرية التعسف في استعمال الحق ال يم

ام نظام آخر ــالخطأ في المسؤولية ، فهي نظام مستقل للمسؤولية ، فنكون وفقا لهذا الرأي أم

اله هو ــ، هو التعسف في استعمال الحق ، ومج التقصيريةمستقل عن نظام المسؤولية

الشخص الذي يلحق ضررا بغيره وهو يستعمل حقا .

في استعمال الحق شيء ذو أهمية بمكان إذن فمعرفة التأصيل القانوني لنظرية التعسف

معرفته ، والوقوف على حقيقته ، فاألمر متعلق بالمسؤولية .

Page 3: التعسف في استعمال الحق

2

؟فهل التعسف في استعمال الحق صورة عن الخطأ

هو نظام مستقل للمسؤولية ؟ أم

راف عن الغاية أو الوجهة المقصودة نحور والظلم واالــــــفالتعسف لغة يأخذ معنى : الج

تسف ـــدل كاعـــعسف عن الطريق يعسف : مال وع( 1) ي القاموس المحيطفقد جاء ف

فه ظلمه ــعلى غير هداية والسلطان ظلم ، وعسفه تعسيفا : اتعبه وتعس أو خبطهوتعسف

وانعسف : انعطف والعسوف الظلوم "

ب الحق ــفهو غير بعيد عن معناه في اللغة فهو انحراف صاح حاأما معنى التعسف إصال

غاية التي من اجلها منح هذا الحق عن ال

ب الحق ـــفلكل حق غاية منح من اجلها ، قد تكون اجتماعية أو اقتصادية فانحراف صاح

أثناء استعماله لحقه عن هذه الغاية يحقق التعسف .

فهذه الغاية هي التي تمثل العنصر االجتماعي في الحق .

كن ــــيم فردي : الــ، ففي ظل المذهب الهذا المفهوم لم يكن بهذه البساطة في أول األمر

تصور العنصر االجتماعي الذي يدخل ضمن تكوين الحق ، فالحق كان أنانيا مطلقا ولكن

امــــــض األحكـــــــبعا أدى إلى ظهور ـــــــات ظالمة ، ممـهذه النظرة أدت إلى ممارس

_____________________

727مؤسســـــة الرسالة ،بيروت ، لبنان ، مادة عسف ص 3002 7الفيروز آبادي ط -1

اه ــوادر إلى اتجـــــالقضائية التي تصدت لهذه الممارسات في أول األمر ، قبل أن تكون ب

لى األقل ــال أو عـــق أصـاهض الفردية واألنانية إلى حد إنكار فكرة الحاجتماعي جديد ين

.محضة جعلها وظيفة اجتماعية

Page 4: التعسف في استعمال الحق

3

اية منح من ـظهر بعض المعتدلين ، وجعلوا للحق وظيفة اجتماعية أو غ ،وبين هذا و ذاك

أول من حمل لواء هذه النظرية في الفقه الحديث غير أن الكتاب جوسراناجلها ، ويعتبر

النظرية . هالعرب يجمعون على األصول اإلسالمية لهذ

ير من ــــذ بكثـــرع العثماني اخــــي ، بل أن المشـفهذه النظرية معروفة في الفقه اإلسالم

تطبيقاتها في مجلة األحكام العدلية كما سوف نرى .

ه ـــها لنفســـلفقه اإلسالمي ثم انتحــــذه النظرية من الــقد اخذ ه ان جرسرانهذا ال يعني

إن القوانين العربية قد اخذت هذه النظرية مما انتهى إليه الفقه والقضاء في الغرب ، وبما

حفل به الفقه اإلسالمي من تطبيقات .

في ـــان ال يكت –احث ــــفضال عن الب –لذلك فكان لزاما على الدارس في هذا الموضوع

باتجاه دون آخر .

هنا عن التشابه في األفكار والنتائج بالرغم من اختالف المشارب ومما تجدر اإلشارة إليه

والعقائد والفلسفات بين االتجاهين .

غاية هي ــــانون ، بل الــــة والقـغير أن الغرض من هذا البحث ليس المقارنة بين الشريع

عن تقل ـال الحق هل هو مســــــمعرفة األساس الذي تبنى عليه نظرية التعسف في استعم

الخطأ أم أنها صورة من الخطأ .

بره ـــاه يعتـــذا هو السائد ، واتجـــوجد اتجاهين اتجاه يعتبره خطا وهيفعند فقهاء القانون

مستقل، ونفس الشئ عند فقهاء الشريعة اإلسالمية .

ا ال ــما أننــــها نظرة متميزة ، كـــرأي الشريعة في نقطة ما إال إذا كان ل ال نفردلذا فإننا

كونها –هم وتفرع آرائهم ـعلى كثرت –نستطيع أن نتجاهل رأي فقهاء الشريعة اإلسالمية

.من مصادر القانون ال سيما هذه النظرية بالذات

يات أو ــــتالف في االديولوجـــو اخـاالتجاهين إنما هأو النظرتينفهذا الخالف بين هذين

القناعات .

Page 5: التعسف في استعمال الحق

4

على هذا المستوى ضرب من الخيال . تينظرومحاولة التوفيق بين هذين الن

إنما الذي أحاول الوصول إليه هو االتفاق على تطبيقات عملية على ضوء نصوص القانون

بصفة عامة .

)الفصل األول (من وضع تصور لفكرة الحق يحتمل المسؤولية فكان البد

الفصل الثاني (النظام القانوني لنظرية التعسف في استعمال الحق )بعد ذلك دراسة ثم

*األول الفصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل*

Page 6: التعسف في استعمال الحق

5

نظرية التعسف في استعمال الحق هي أداة يمكنن بواسنطتها مسناءلة صناحب الحنق إذا اضنر

بغيره و هو يستعمل حقه .

أول األمر، فعلنى المسنتوى الفلسنفي و فني ظنل المنذهب هذه النظرة لم تكن بهذه البساطة في

الفردي ال يمكننا مساءلة صاحب الحق إذ كان الحق مطلقا، فنالحق وفنق هنذا المنذهب يتننافى

مع المسؤولية، غير أن النزعة االجتماعية غيرت هذه النظرة إلى الحق .

.فنظرية التعسف في استعمال الحق صاحب ظهورها تغير في مفهوم الحق

فينبغي أوال بحث فكرتي > الحق < و > المسؤولية < على السواء حتى يمكن وضع نظرينة

التعسف في استعمال الحق في سنياقها )المبحنث األول(، ثنم ننورد فني المبحنث الثناني بعنض

التطبيقات القانونية لنظرية التعسف في استعمال الحق .

Page 7: التعسف في استعمال الحق

6

من القواعد العامة أن كل حق يقابله واجب، أي أن كل حق له طرفان، طرف إيجابي

هو صاحب الحق، وطرف سلبي هو الذي يقع عليه الواجب المقابل للحق، فحق الملكية مثال

نجد أن المستفيد منه يمثل الطرف اإليجابي، وسائر األفراد فضال عن المجتمع ذاته يمثلون

السلبي، أي يقع عليهم واجب عام باحترام حق المالك وعدم التعرض له. الطرف1

وإال لم تكن ثمة ذلك أن الحق يفترض حتما وجود شخص آخر ليثبت في مواجهته،

حاجة أو معنى للحق.2

وعلى هذا األساس عرف الضرر بأنه مساس بحقوق اآلخرين3

، ومن ثم كان المبدأ

ن الضرر الذي يحدثه للغير، طالما أنه وال عؤالعام أنه من يستعمل حقا ال يكون مس

رج عليه، فالتاجر الذي يضر غيره من التجار وهو يستعمل خيتصرف في صدد حقه ولم ي

وال عن الضرر الذي يحدثه لغيره من التجار، إذا ؤحقه في التجارة والمنافسة ال يكون مس

كان ذلك ضمن حدود المنافسة المشروعة.4

وقد عبر فقهاء الشريعة اإلسالمية عن هذا المبدأ بقولهم "الجواز الشرعي ينافي

الضمان" أو "ال يجتمع اإلذن والضمان".

رج في استعمال ملكه عما بنص عليه خإذ من التناقض أن يقال بتبعة مالك لم ي

الشرع وأجازه، فلو حفر اإلنسان بئرا، فوقع فيه حيوان رجل وهلك، ال يضمن صاحب

من مجلة األحكام العدلية. 00البئر شيئا، هذا ما نصت عليه المادة 5

1001، 1د. جالل العدوي، د. رمضان أو السعود، د . محسن القاسم ، الحقوق وغيرها من المراكز القانونية ط 1

. 11منشأة المعارف اإلسكندرية ص .12نفس المرجع ص 2 .322موفم للنشر, الجزائر ص 3003، 1علي فياللي , االلتزامات ، العمل المستحق للتعويض ط 3 .0ص 1002،القاهرة المنافسة المشروعة في مجاالت النشاط االقتصادي واالجتماعيالحق في –أحمد محمد محرز 4رها في حق الملكية، المؤسسة الوطنية للكتاب ثالنزعة االجتماعية في الفقه اإلسالمي وأ -محمد وحيد الدين سوار 5

.72، ص 1071الجزائر

Page 8: التعسف في استعمال الحق

7

هذا المبدأ العام نصت عليه العديد من تشريعات الدول العربية 6

، لكن التشريع الوطني جاء

خلوا من هذا النص. مما أدى بالبعض إلى انتقاده على هذا النقص7

وفي الحقيقة فإن هذا

المبدأ بديهي ال يحتاج أبدا إلى نص لتقريره 8

.

أم مقيد هو إلى إيضاح هو حدود هذا المبدأ أي هل هو مبدأ مطلق؟ولكن الذي يحتاج

مقيد ونسبي .؟

وللوصــــــــــول إلى إجابة لهذا السؤال يقتــضي منا األمر إثبات العالقة بين نظرية الحق

ونظرية التعسف بأنها عالقة تالزم ) المطـــلب األول ( ثم فك التناقض المنطقي المزعوم

ق و المسؤولية ) المطلــــــب الثاني( لنصل في األخير إلى تقرير مبدأ نسبية بين فكرة الح

الحقوق ) المطلب الثالث( .

من القانون المدني السوري 00من القانون المدنى المصري والمادة 02أنظر على سبيل المثال : المادة 6 الفقهاء المنتقدين للمشرع الجزائري على عدم النص على هذا المبدأ أنظر: من 7

أثر المذهبين الفردي واالشتراكي في الدور الذي يؤديه القانون الجزائري مجلة الشرطة –براهيم أبو النجا ا - .00ص 1077نوفمبر 20عدد

1072، أفريل 31ائري مجلة الشرطة العدد علي علي سليمان، ضرورة إعادة النظر في القانون المدني الجز - .7ص

بن شنيتي حميد، دراسة تحليلية للقانون المدني الجزائري، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية - .102ص 3003، 03رقم 20والسياسية ،ع

- هذا الرأي أنظر فتحي الدريني ، نظرية التعسف ي استعمال الحق وأثرها في التقنين المدني الجزائري يد في تأي 8

بالمقارنة مع قوانين البالد العربية، محاضرات ألقيت على طلبة الماجستير جامعة الجزائر،كلية الحقوق ،بن عكنون .12مطبوعة على اآللة ، غير منشورة ، ص

Page 9: التعسف في استعمال الحق

8

: ضرورة تالزم نظريتي "الحـق" و"التعسف " المطلـــــــب األول

إن نظرية التعسف في استعمال الحق تقيم مسؤولية صاحب الحق إذا أساء استخدامه،

ق أهال لما وجه إليها من إنكار، نحاول أن نبين ضرورة تالزم فبدونها تصبح نظرية الح

نظرية الحق ونظرية التعسف على المستوى الفلسفي، وكيف تكون نظرية التعسف أداة

لحفظ التوازن االجتماعي واالقتصادي.

الفــرع األول : تقديس الفرد ينفي التعسف

وعا، فلقد هيمن ولمدة طويلة يعد المذهب الفردي أقوى المذاهب الفلسفية وأكثرها ذي

على النظريات المتعلقة بفلسفة القانون. 9

فهذا المذهب ليس وليد القرون الوسطى أو العصر الحديث كما قد يتوهم البعض إنه

مق التاريخ، إلى الفلسفة اليونانية، إنك تجد فردية لدى السوفسطائيين ضارب في ع

واالبوقوريين واإلباحيين، غير أنها لم تتعد المجال الفلسفي فلقد كان "لوك" أول من قدم

فكرة نظامية عن المذهب في نتائجه القانونية، ثم استأنفه "روسو" في عبارة مختلفة، ثم وجد

وقد اتخذه "فيخته" أيضا نقطة انطالق، ثم أضفى عليه بيان حقوق لدى "كانط" نصه الدقيق،

اإلنسان صداه السياسي ولذلك فهو يسود التفسير القانوني في القرن التاسع عشر.10

مذهب عدة عوامل بعضها ديني وبعضها تاريخي وبعضها وقد ساعد على نشأة ال

اقتصادي.11

وينطلق أنصار المذهب الفردي من نقطة مفادها أن اإلنسان سابق في وجوده على

أوجد المجتمع لمصلحته ال العكـــــــــــس، فاإلنســــان -اإلنسان الفرد –المجتمع وأنه أي

أسمى من المجتمع لكن ثمن الحياة االجتماعية قائم في الحرية لذلك ال معنى للمجتمع إذا لم

يكن يتوخى حماية الحرية الفردية ونموها.12

. 07ص 3000 -دراسة في فلسفة القانون الدار الجامعية -د. أحمد ابراهيم حسن ،غاية القانون في فلسفة القانون 9

72ص 1072باريس ط -بيروت -منشورات عويدات -هنري باتيفول، فلسفة القانون ترجمة سموحي فوق العادة 1072. .72نفس المرجع ص -د. أحمد ابراهيم حسن 11 . 72غاية القانون في فلسفة القانون ، المرجع السابق ص -د. أحمد ابراهيم حسن 12

Page 10: التعسف في استعمال الحق

9

دي في مجال القانونوتعتبر فكرة العقد االجتماعي خير تعبير عن المذهب الفر13

والمسألة الجوهرية التي عمل على حلها "العقد االجتماعي" هي إيجاد المجتمع

المنظم بحيث ينضم كل فرد إلى الجماعة ولكن ال يخضع إال إلرادته ويبقى حرا مثلما كان،

فيفقد الفرد حريته الطبيعية ويكتسب مقابل ذلك حرية مدنية.14

نتائج المذهب الفردي على مفهوم الحق:

الحق في ظل هذا المذهب ما هو إال تعبيرا خارجيا لإلرادة الفردية، وبذلك اتحد

هامفهوم الحق باإلرادة ذاتها وأصبح خاصية من خصائص15

.

لذا فإن اإلرادة تلعب دورا رئيسيا في هذا المذهب، فقد ساد مبدأ سلطان اإلرادة ومن

قانون في تنظيم العالقات بين األفراد، بل أصبح العقد عنوانا للعدالة، ثم أولوية العقد على ال

فكل ما هو تعاقدي هو عادل16

.

ضيـروبذلك أصبح المثل األعلى للعدالة في هذا المذهب هي العدالة التبادلية، فال

ألن مصلحة الجماعة تتحقق من إطالق الحقوق والحريات -في منطق هذا المذهب -

بمصلحة األفراد.17

بل إن حق الملكية حق مطلق ولصاحبه استعماله واستغالله والتصرف فيه بالوسيلة األكثر

إطالقا.

ومهمة القانون في هذا المذهب هي حماية األفراد في التمتع بحقوقهم الطبيعية، ويتم

ى ذلك بحمل الغير على احترام هذه الحقوق، وذلك بإلقاء واجبات والتزامات على التوصل إل

عاتق الغير، فكل حق يقابله واجب، وبالتالي يكون الحق هو سلطة اقتضاء هذا الواجب.18

.11نفس المرجع ص 13ص 1007، 1العقلية المدنية والحقوق الحديثة، المركز الثقافي العربي ط -بن عاشور، الضمير والتشريع عياض 14

171. .73أحمد ابراهيم حسن ، نفس المرجع ص 15

.07أثر المذهبين الفردي واالشتراكي في الدور الذي يؤديه القانون الجزائري، المرجع السابق ص -ابراهيم أبو النجا - .72أحمد ابراهيم حسن ، نفس المرجع ص 16 .07ابراهيم أبو النجا ، نفس المرجع ص 17 .73غاية القانون في فلسفة القانون ،المرجع السابق ص -د. أحمد ابراهيم حسن 18

Page 11: التعسف في استعمال الحق

10

ا المذهب دور سلبي إزاء حقوق الفرد وحرياته فدور الدولة والقانون في ظل هذ

والذي يقتصر على حمايتها والمحافظة عليها وتنظيم ممارستها.19

و يستعمل حقا، إذ في ذلك تقييد للحق ففي هذا المذهب ال يمكن مساءلة من أضر غيره وه

وهذا ما ال يجوز النطق به في هذا المذهب.

نقد المذهب الفردي :

بات واضحا أن األساس الذي يقوم عليه المذهب الفردي أساس غير سليم، ذلك أن

به، هو مجرد ادعاء خال قا لصيقة القول بأن اإلنسان يوجد حرا في حالة الطبيعة حامال حقو

قيمة علمية، فاإلنسان ال تثبت له حقوق إال إذا كان في مجتمع إضافة إلى أنه ال من أية

يستطيع العيش إال في مجتمع20

.

ق الحقوق وإفساح المجال للحرية التعاقدية والمساواة فقد أدى ذلك إلى أما إطال

استخدامها أسوأ استخدام، ألن األفراد وإن كانوا متساوين في الحقوق والواجبات من الناحية

ر من العقود يالطبيعية فإنهم غير ذلك في الحياة الواقعية، السيما في المجال االقتصادي، فكث

مشبعة بالظلم21

.

لذلك فقد كانت هذه الحرية أداة في يد األقوياء لتشديد قبضتهم على الضعفاء فلقد

استبد أرباب العمل ففرضوا شروطا جائرة على العمال باسم الحرية والمساواة ومبدأ سلطان

اإلرادة.22

اء المنافسة حقيقة، مما أدى إلى تحويل العديد من المنتجين تفوأدت المنافسة إلى إن

إلى مجرد عمال تابعين ال حرية لهم.23

أثر المذهبين الفردي واالشتراكي في الدور الذي يؤديه القانون الجزائري ،المرجع السابق ص –ابراهيم أبو النجا 1907. أنظر كذلك هنري ليفي برول. سوسيولوجيا الحقوق ترجمة عيسى -71نفس المرجع ، ص –أحمد ابراهيم حسن 20

.30ص 1072س 2منشورات عويدات بيروت لبنان ط -عصفور .72نفس المرجع ص -حمد ابراهيم حسنأ 21 .77، المرجع السابق صغاية القانون في فلسفة القانون -أحمد ابراهيم حسن د 22 .77نفس المرجع ص 23

Page 12: التعسف في استعمال الحق

11

إنه إذا كان دور القانون هو حماية الحرية الفردية فإنه يؤدي في ظل هذا المذهب إلى زيادة

فراد أكثر مما يؤدي إلى تفاديه، وإلى تبديد الموارد الطبيعية وإهدارها بدال من النزاع بين األ

المحافظة عليها24

.

إن الفردية حملت أسباب دمارها في جانب كبير منها.

الفرع الثاني: تقديس المجتمع ينفي الحق

قام المذهب االجتماعي كرد فعل على نتائج المذهب الفردي.25

وتجدر المالحظة أن هذا المذهب يظهر في أشكال مختلفة وفي مدارس فقهية مختلفة غير

أنه يجمعها تقديم المجتمع على الفرد.26

ويقوم المذهب االجتماعي على حقيقة واقعية مفادها أن اإلنسان كائن اجتماعي

ويجب أن يعامل على هذا األساس، فما يتقرر له من حقوق يكون بصفته عضوا في

الجماعة ال بصفته فردا منعزال عنها.27

وبالتالي فإن الجماعة وليس الفرد هي الهدف األسمى في الوجود ومن ثم فإن فلسفة

هي تحقيق مصلحة الجماعة وسعادتها. -وفق هذا المذهب -القانون والغاية منه28

هذه األفكار ليست وليدة العصر الحديث، إنها ضاربة في عمق التاريخ، تمتد إلى

الحضارة اإلغريقية ، إلى أفالطون وأرسطو بل إن المجتمعات البدائية كان الفرد فيها يذوب

في القبيلة أو العشيرة باعتباره جزءا منها.29

على هذا األساس قام هذا المذهب في صورة نداءات للمفكرين والكتاب في منتصف

القرن التاسع عشر والتي وجدت تطبيقها العملي على نطاق واسع في القرن العشرين.30

.01ص 1017روسكو باوند ،مدخل إلى فلسفة القانون ترجمة د. صالح دباغ، بيروت 24 .70نفس المرجع ص -د. أحمد ابراهيم حسن 25 .02جتماعي في الدور الذي يؤديه القانون الجزائري ،المرجع السابق ص أثر المذهبين الفردي واال -ابراهيم أبو النجا 26 .70نفس المرجع ص -م حسنأحمد ابراهي 27

.02نفس المرجع ص –ابراهيم أبو النجا - .70نون ،المرجع السابق ص غاية القانون في فلسفة القا -أحمد ابراهيم حسن 28جامعة -ت العامة ألقيت على طلبة السنة الرابعة ليسانس حقوق، بن عكنونمحاضرات في الحريا -صالح دجال 29

.13ص 3002الجزائر سنة .02أثر المذهبين الفردي واالجتماعي في الدور الذي يؤديه القانون الجزائري، المرجع السابق ص –ابراهيم أبو النج 30

Page 13: التعسف في استعمال الحق

12

أهم نتائج المذهب االجتماعي على مفهوم الحق :

لقد أثر تقديس الجماعة على هذا النحو على مفهوم الحق، فالجماعة هي صاحبة

اعية الملقاة على عاتقه، فهو لم يمنح حقا الحق، وهي التي تمنحه للفرد، ليقوم بالمهمة االجتم

إال ليؤدي واجبا.

وبذلك فإن الحقوق ال تعتبر مزايا وقدرات مطلقة، بل هي وظائف اجتماعية يغلب

فيها معنى الواجب على معنى الحق.31

بل إن بعض مدارس هذا المذهب أنكرت وجود الحق. 32

مما أدى بالبعض إلى القول بأن الخدمة التي أداها هذا المذهب للقانون هي اختفاء

كلمة الحق المبهمة والتي حلت محلها كلمة مصلحة.33

فخذ مثال حق الملكية وفق هذا المذهب، إنه مجرد وظيفة اجتماعية تفرض على

ة الجماعةورثصاحبها االلتزام بممارستها على نحو يحقق زيادة 34

بعض أنصار، بل إن

نادوا بإلغاء الملكية الفردية إلغاءا تاما، بحيث تستولي الدولة على جميع وسائل هذا المذهب

، ومنهم من يرى إبقاءها لكن بصفتها وظيفة اإلنتاج، وتعطي لكل فرد حاجته أو بقدر إنتاجه

اجتماعية ومنهم من يقصرها على المسكن ولواحقه ومدخراته.35

لقد اتفقت مدارس هذا المذهب على تقييد حق الملكية من حيث الكم ومن حيث الكيف36

فيتم

التقييد كما بوضع حد أقصى ال تتجاوزه الملكية الفردية وذلك بالقدر الذي يحول دون

االستبداد واالستغالل ، وذلك باحتكار وسائل اإلنتاج الرئيسية.

.02نفس المرجع ص 31مذهب التضامن االجتماعي للفقيه "دوجي" ومذهب كلسن وغيرها من المذاهب -كرة الحقمن المذاهب المنكرة للف 32

لتفصيالت أكثر حول إنكار الحق ونقد هذه المذاهب أنظر :نقد نظرية ديجي في القانون الخاص، مجلة القانون -د. عبد الهادي يونس العطافي، ماهية الحق في القانون الخاص -

وما بعدها 22 السابق صالمرجع –وانظر كذلك الحقوق وغيرها من المراكز القانونية . 2ع 22واالقتصاد سنة .07ص روسكو باوند ، مدخل إلى فلسفة القانون، المرجع السابق 33أثر المذهبين الفردي واالجتماعي في الدور الذي يؤديه القانون الجزائري ،المرجع السابق ص –ابراهيم أبو النجا 3402.

ص 1001جامعة الجزائر سنة –ريس ،نظام الملكية ومدى وظيفتها االجتماعية، رسالة دكتوراه بن عكنون فاضلي اد - وما بعدها. 201

.00، 02ص نفس المرجع –النجا ابراهيم أبو 35

.00 ،02ص نفس المرجع –ابراهيم أبو النجا 2

Page 14: التعسف في استعمال الحق

13

ويتم التقييد كيفا وذلك باعتبار حق الملكية وظيفة اجتماعية بحيث يمارس المالك

ستغالل وتصرف في حدود مصلحة المجتمع.السلطات المخولة له من استعمال وا

من أجل ذلك يتدخل القانون بوضع قيود على ممارسة الحق بما يضمن أداء الوظيفة

باستغالل ملكه ألن عدم االستغالل من -في ظل هذا المذهب -االجتماعية بل إن المالك ملزم

شأنه اإلضرار بالمجتمع.

نقد المذهب االجتماعي:

لمذهب الفردي تطرفه في تقديس الفرد على حساب المجتمع فإنه إذا كان يؤخذ على ا

يؤخذ على المذهب االجتماعي تطرفه في الجهة المقابلة، فلقد وصل هذا التطرف إلى حد

إنكار الملكية الفردية في بعض المذاهب االشتراكية.

إن هذا التطرف مضر بالجماعة نفسها، ألنه يؤدي إلى قتل روح الباعث الشخصي

العمل، وإلى شل نشاطهم، ويفقدهم القدرة على اإلنشاء واالبتكار، ويثبط عزيمتهم في على

مجال اإلنتاج والتنافس، بل إنه يقضي بآمالهم من هذا كله.37

وذلك بأنه قضي على فكرة الحق وجعلها مجرد وظيفة اجتماعية دون االلتفات إلى

الذاتية لصاحب الحق، ففي هذا المذهب قد يختفي الحق فضال عن التعسف في المصلحة

استعماله.

.00ص ، نفس المرجع –ابراهيم أبو النجا 37

Page 15: التعسف في استعمال الحق

14

فك التناقض بين "الحق" و "المسؤولية" ي :ــــب الثانـالمطل

تردد الفقهاء طويال حول مدى جواز اعتبار استعمال الحق موجبا للمسؤولية ومصدر

امتيازات قانونية تمنح حرية التصرف هذا التردد أن الحقوق في نظرهم ال تعدو أن تكون

في العمل، ومن ثم ال يعقل أو يتصور القول بعدم مشروعية فعل قرره القانون، فاستعمال

الحق دائما مشروعا ولو أدى إلى اإلضرار بالغير.38

وكما يقول "ديمولومب"39

"إذا كان العمل مشروعا وداخال في االستعمال العادي

من القانون المدني 1273قيام مسؤولية صاحبه بناءا على المادة للحق فلن يؤدي إلى

الفرنسي ، ألنه لو أدى إلى قيام مسؤولية فمعنى ذلك أن الحق غير موجود" ويعتبر

خصوم نظرية التعسف، إذ يرى هذا األخير د"بالنيول" و"اسمان" من أل40

أن نظرية

متناقضة مع المبادئ القانونية ، ألن ركن الخطأ الذي تستلزمه التعسف في استعمال الحق

من القانون المدني الفرنسي لقيام المسؤولية التقصيرية ال يتوافر إال في حالة 1273المادة

العمل غير المشروع على حين أن استعمال الحق في الحدود التي وضعها القانون ال يمكن

احبه عند استعماله، ألننا إذا سلمنا بأن الحق إذا أن يكون غير مشروع مهما كانت نية ص

نية سيؤدي إلى قيام مسؤولية صاحبه فقد ينتهي بنا األمر إلى إحالل الخطأ ءوسباستعمل

األدبي محل الخطأ القانوني، وإلى الخلط بين علم األخالق وعلم القانون.

لعقار مثقال بحق فعلى هذا األساس يرى "اسمان" بالنسبة لحق الملكية إذ لم يكن ا

نائه ولو لم يقصد من بن لصاحبه أن يعلي من فإارتفاق بالمطل بمصلحة العقار المجاور

هذه التعلية سوى مضايقة الجار.

غير أن "اسمان" يعترف بأن استعمال الحق قد يؤدي إلى قيام مسؤولية صاحبه إذا

مال لحمل رب العمل ترتب عنه تعطيل حق شخص آخر، كحالة اإلضراب الذي يقوم به الع

لمدني محمد شوقي السيد، التعسف في استعمال الحق معياره وطبيعته في الفقه والقضاء وفقا ألحكام القانون ا 38

.72، ص 1070المصري، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1027مارس 17سنة 1ذكره أنور سلطان ،نظرية التعسف في استعمال حق الملكية، مجلة القانون واالقتصاد العدد 39

30ص .31، 30نفس المرجع ص 40

Page 16: التعسف في استعمال الحق

15

على طرد عمال غير منتمين إلى النقابة، إذ في هذا اإلضراب تعطيل لحق رب العمل

واعتداء على حرية العمل.

هي ذي نظرية األستاذ "اسمان" التي ناهض بها مبدأ التعسف في استعمال الحق،

على أساس أنها غير منطقية من جهة، وخطرة من جهة أخرى، ومصدر الخطورة هو

الخوف من تحكم القضاة عند البحث والتفتيش عن النية التي تصاحب استعمال الحق

ومباشرته وما قد ينجم عنه من ضياع للطمأنينة التي يجب أن تسود الحياة والمعامالت

القانونية.41

لرأي نجد نداء "بالنيول" يعترض فيه على هذه النظرية كونها وغير بعيد عن هذا ا

تقوم على أساس خاطئ. ألن من يستعمل حقه ال يأتي إال عمال مشروعا، فإذا أتى عمال

غير مشروع فمعنى ذلك أنه تعدى حدود حقه، ألن الحق ينقضي حيث يبدأ التعسف والعمل

conforme au)ر مشروع، الواحد ال يمكن أن يكون في نفس الوقت مشروعا وغي

droit et contraire au droit) توافر إال حيث يحدث توالمسؤولية التقصيرية ال

زام سابق، أي حيث يأتي المرء عمال غير مشروع والعمل غير المشروع هو تإخالل بال

العمل المخالف للحق، أي الذي ال يرتكز إلى حق، ولما كانت الحقوق محدودة و غير

ة، فعلى ذلك ما يسمى بالتعسف في استعمال الحق هو في الواقع عمال ال يستند إلى مطلق

حق، أي أن نظرية التعسف لم تأت بجديد.42

نظرية التعسف في استعمال الحق على أساس هذه أشهر آراء الفقهاء الذين ناهضوا

ست الوحيدة. التناقض الموجود بين الحق والمسؤولية، غير أنها لي

"اسمان" و"بالنيول" بنو انتقادهم على ما يلي : وإذا حللنا ما سبق نلخص إلى أن

يستحيل منطقا وقانونا أن يكون العمل الواحد مشروعا وغير مشروع في نفس -

الوقت.

31-30نظرية التعسف في استعمال حق الملكية، المرجع السابق ص – انور سلطان 41 37-37نفس المرجع ص 42

Page 17: التعسف في استعمال الحق

16

الخطأ وهو أساس المسؤولية التقصيرية ال يتوافر إال في حالة انتفاء الحق، أي حين -

لعمل على حق.ال يستند ا

النتائج العملية لألخذ بالنظرية، تؤدي إلى خلط علم القانون وعلم األخالق والخوف -

من تحكم القضاة.

غير أن الفقهاء لم يصعب عليهم رد هذه األفكار. فبالنسبة للفكرة األولى، وهي أن

conforme au droit et)العمل ال يمكن أن يكون مشروع وغير مشروعا في آن واحد

contraire au droit.)

في الفرنسية تعني الحق وقد droitتقوم في الواقع على تالعب باأللفاظ، ألن كلمة

القانون، وعلى ذلك فال مانع أن يكون الفعل مرتكزا على حق وداخال في نطاقه بها يقصد

كما رسمها القانون، وغير مشروع بمعنى مخالفته المبادئ القانونية. 43

كما أن المشروعية أو عدم المشروعية لم يتصف بها ذات الفعل في وقت واحد، إذ ال

يمنع أن يكون ذات الفعل مشروعا ألنه يستند إلى حق، لكن النتيجة أو الباعث إليه غير

.مشروع وهما منفصالن عن الفعل، فال تناقض هنا44

أما عن الفكرة الثانية : وهي أن ركن الخطأ الذي تنبني عليه المسؤولية التقصيرية ال

يع األعمال التي نصفها بالتعسف إنما هي في أعمال يوجد إال في حالة انتفاء الحق، وأن جم

مدني فرنسي ال تفرق 1273ال تستند إلى حق فكرة غير صحيحة على إطالقها، فالمادة

للحرية وما تتضمنه من رخص بين ما إذا كان الفعل الضار قد أتاه اإلنسان أثناء ممارسته

رر يمكن أن تتوافر في الحالة أو أثناء مباشرته للحق ، فعناصر المسؤولية من خطأ وض

الثانية كما تتوافر في الحالة األولى، إذ ال يمكن إنكار أن استعمال الحق بنية اإلضرار

بالغير أو اإلهمال في استعماله بما يلحق خسارة بالغير يكون ركن الخطأ الذي تنص عليه

تعطيل لها بما يؤدي مدني فرنسي، و 1273للمادة تضييق هذه المادة والقول بعكس هذا فيه

إلى فوضى الحقوق وتنازعها.

30سابق صالمرجع الن ، نظرية التعسف في استعمال حق الملكية ،أنور سلطا 43س 1الدريني، الحق و مدى سلطان الدولة في تقييده و نظرية التعسف في استعمال الحق ، ط فتحي 44

027 مؤسسة الرسالة ، ،بيروت ، لبنان ،ص 1011

Page 18: التعسف في استعمال الحق

17

أما عن الفكرة الثالثة والتي تخص النتائج العملية لألخذ بهذه النظرية، وخاصة منها

الخوف من تحكم القضاة وخلط علم القانون بعلم األخالق فقد رد عليها بما يلي.

خاصة النصوص أن القاضي لم يمنح سلطة جديدة بل هو مدعو لتطبيق القانون و -

المتعلقة بالمسؤولية التقصيرية .

أن القانون قد أباح للقاضي في مواضع عدة البحث عن النية دون أن يخشى مغبة -

ذلك التحكم المزعوم.

ال يوجد حدود بين قواعد األخالق وقواعد القانون، بل إن هذه الحدود لم توجد قط إال -

في مخيلة بعض الفقهاء كما قال 45

"جوسران" والذي يقول كذلك، أن القانون ما هو

إال القاعدة األخالقية الملزمة، بل إن كثير من قواعد القانون مصدرها قواعد

كما يقول و األخالق،46

"ربير" لكل نظام قانوني مثل أخالقي أعلى يسعى المشرع

والقاضي إلى تحقيقه.

إطالق مبدأ الجواز الشرعي ينافي الضمان لدى بعض فقهاء الشريعة اإلسالمية:

شهير، أن الجواز الشرعي وفي الشريعة اإلسالمية يوجد من أطلق العمل بالمبدأ ال

ينافي الضمان، ومن هؤالء متقدمو الحنفية والشافعية في الراجح والظاهرية وأحمد في

رواية عنه، الزيدية واإلمامية في المشهور47

.

.42المرجع السابق ص ، التعسف في استعمال حق الملكية ، ذكره أنور سلطان 402الحقوق و نسبيتها، نبذة روح - 45 .42ص نفس المرجعذكره أنور سلطان 402اإللتزامات المدنية نبذة القاعدة الخلقية في - 46 .58سوار، النزعة االجتماعية في الفقه اإلسالمي و أثرها في حق الملكية ، المرجع السابق ص وحيد الدين- 47

Page 19: التعسف في استعمال الحق

18

ام أبو حنيفة عن هذه النزعة بوضوح إذ قال وقد عبر اإلم48

"من تصرف في ملكه

فال يمنع عنه وإن كان يتضرر جاره به" وفي نفس السياق قال الشافعي49

"ال يحمل على

الرجل في ماله ما ليس بواجب عليه، وأن الرجل له أن يفعل في ماله ما له أن يفعل ولو

أضر بغيره، بل ولو أضر بنفسه أيضا".

وقد استدل أصحاب هذا الرأي بجملة من األدلة منها:

عدم ورود نص صريح يمنع التعسف: ويعزى هذا االستدالل البن حزم الظاهري إذ -

ول: "لكل أحد أن يعلي بنيانه ما شاء وإن منع جاره الريح والشمس، ألنه لم يباشر يق

منعه بغير ما أبيح له، ولكل أحد أن يبني في حقه ما شاء من حمام أو فرن أو رحى

أو غير ذلك إذ لم يأت النص بالمنع في شيء من ذلك" أما حديث : "ال ضرر وال

من حيث السند وإن كان صحيح من ضرار" فيقول ابن حزم أن الحديث ضعيف

حيث الموضوع فال يعمل به50

.

وهذا الرأي ليس غريب عن ابن حزم ومذهبه الظاهري فهو يرفض العمل بالقياس.

أن المالك يتصرف في خالص حقه وهو حر في تصرفه هذا، وال يصح أن يمنع عنه -

ياس يقضي بإطالق حق الملكية، ألن أو يقيد فيه ولو تضرر به اآلخرون ألن الق

تقييدها ينطوي على نقض أصل الملكية ذاتها51

.

ال ضرر أعظم من أن يمنع المرء في التصرف في مال نفسه مراعاة لنفع غيره فهذا -

كون لكل أحد أن يفتح ما شاء في حائطه من هو الضرر حقا، فعلى هذا األساس ي

كوة أو باب أو أن يهدمه إن شاء في دار جاره أو في درب غير نافذ أو نافذ ويقول

لجاره ابن في حقك ما تستر به على نفسك52

.

.58المرجع السابق ص ،ذكره وحيد الدين سوار، النزعة االجتماعية في الفقه اإلسالمي و أثرها في حق الملكية - 48 .58 مذكور في نفس المرجع ص - 49 .58نفس المرجع ص - 50 52، ذكره وحيد الدين سوار، نفس المرجع ص 45/44ص 58السرخسي ، المبسوط ، ج - 51 .52ذكره وحيد الدين سوار ، نفس المرجع ص 452ص 5أبن حزم الظاهري ، المحلل باآلثار ج - 52

Page 20: التعسف في استعمال الحق

19

المثل تنأى بالجيران عن إضرار بعضهم ببعض ألن في مقدور كل خشية المعاملة ب -

منهم أن يلحق الضرر بجاره فالضرر يدفع بالضرر ما دامت حرية التصرف مطلقة

للجميع فتشابك المصالح بين الجيران كفيل إذن بأن يضع كل جار عند حده.53

هذه بعض اآلراء من الفقه اإلسالمي التي ترفض مسؤولية صاحب الحق غير أنها ال

تمثل إال رأي األقلية فيه، كما أنها ال تمثل سوى الرأي المرجوح فيه فلقد اندثرت وعفا عنها

المذهب يأخذ بالتعسف في استعمال الحق، الزمن، فتجد أبا حامد الغزالي الذي هو شافعي

كما أن أبا يوسف صاحب أبو حنيفة قد أقر التعسف وسار على إثره متأخروا الحنفية

مستندين في ذلك على المصالح المرسلة واالستحسان وحاجات الحياة االجتماعية والمبادئ

العامة للتشريع اإلسالمي. 54

تماعية في الفقه اإلسالمي و أثرها في حق النزعة االج ،ذكره وحيد الدين سوار 488ص 8المواردي ، الحاوي ج - 53

.52الملكية ص .52نفس المرجع ص - 54

Page 21: التعسف في استعمال الحق

20

نسبية الحقوق والحقوق الوظائفية لث:اـــب الثـالمطل

الفرع األول : تقييد الحقوق ضرورة اقتصادية واجتماعية

أدى التطور الذي عرفه العالم إلى تقييد الحقوق، نتيجة لكثرة العالقات بين األفراد

وزيادة تدخل الدولة، كما أدى كذلك إلى بروز واستحداث حقوق جديدة لم تكن معروفة من

حاجات جديدة.قبل تلبية ل

بوسعنا إجراء مقارنة بين مالكين لقطعة أرض، أحدهما في الريف بعيد عن المدينة

وضوضائها ال يحد ملكه إال جار له أو جارين، واآلخر في المدينة، يحيط به الجيران من

ماال يملكه الذي هو في من الحرية كل جانب، الشيء األكيد أن الذي في الريف يملك

يث استعماله لحقه.المدينة من ح

لقد أدت الثورة الصناعية والهجرة التي صحبتها إلى المدن، إلى زيادة المضار

الناتجة عن عالقات الجوار.

وبذلك أدرك الفقهاء الصلة الموجودة بين عالقات الجوار والتعسف في استعمال

الحق55

بسبب انتشار المصانع التي تنبعث منها الضجة المزعجة واألدخنة والروائح

رسالة RIPERTالكريهة وبسبب ازدحام المساكن وكثافة السكان وتالصقها. فوضع ربير

دكتوراه عن عالقات الجوار تحت عنوان:

L'exercice du droit de propriété dans ses rapports avec les

propriétés voisines

أي استعمال حق الملكية في عالقاته بالملكيات المجاورة وبين في هذه الرسالة كيف أن حق

الملكية الذي كان من أكثر الحقوق إطالقا قد دخلت عليه مختلف التقييدات حتى ال يترتب

لجيران، ثم توالت الدراسات الفقهية التي تنادي بتقيد حق الملكية من على استعماله ضرر ل

هذه الزاوية.56

ديوان المطبوعات الجامعية –لقانون الجزائري مصادر االلتزام في ا –النظرية العامة لاللتزام -سليمان علي علي 55

.310ص 3000الطبعة السادسة 221صسابق المرجع ، اليفتها االجتماعيةظنظام الملكية ومدى و،فاضلي إدريس 56

Page 22: التعسف في استعمال الحق

21

وأيد القضاء الفرنسي هذه النظرة، ولعل أشهر أحكامه، الحكم الذي أصدره في قضية

وتتلخص هذه القضية أن كليمان 02/07/1010في (Clement Bayard)كليمان بايار

بايار هذا كان يملك أرضا مجاورة لمطار تملكه إحدى الشركات فعمد إلى إقامة مبان على

أرضه ووضع فوقها أعمدة سوداء مدببة بأسالك شائكة ال لشيء إال ليجبر شركة الطيران

ال حقه.على شراء أرضه، فحكمت عليه المحكمة بأنه قد تعسف في استعم57

كما أدى التطور الذي أفرزته الثورة الصناعية إلى نزوح سكان الريف إلى المدن

قصد العمل، فاستغل أرباب العمل حاجاتهم إلى العمل، فاستخدموهم بشروط مجحفة تحت

التعاقد، وأفرز مبدأ حرية التجارة غياب المنافسة الحقيقية، وتحول معظم ستار حرية

المنتجين إلى تابعين ألصحاب رؤوس األموال الضخمة، هذا الواقع الذي أفرزه التطور

المدني والثورة الصناعية الذي انشطر على إثره المجتمع إلى قسمين، قوي وضعيف غني

لتدخل للحد من استغالل األقوياء لقوتهم، وذلك بإعادة وفقير تابع ومتبوع، أدى بالمشرعين ل

النظر في مفهوم الحق، وبضرورة تقييده، وهذا الذي نادى به أغلب الفقهاء، بل إن بعض

الفقهاء نادى بإلغاء هذه الفكرة أصال، وذلك للدور السلبي الذي كانت تلعبه في التضامن

االجتماعي.

لحق، فأصبح الحق ذو مفهوم نسبي وزال لكن األمر استقر على ضرورة تقييد ا

اإلطالق الذي أضفاه عليه المذهب الفردي.

ولما كانت النتيجة األولية لتطور المجتمع وازدياد الكثافة السكانية دخول المرء في

عالقات كثيرة مع غيره، فإن كثرة هذه العالقات تؤدي إلى تضييق الحقوق، ذلك ألن

م تختلف ، فيتدخل المشرع ليفض هذا التعارض ويفك مصالح األفراد تتعارض وحاجاته

الخالف، فتدخل المشرع لتنظيم العالقات بين األفراد هو في ازدياد مستمر كلما تقدم

المجتمع، فلم يبق ميدان من ميادين الحياة لم يتواله المشرع بالتنظيم حتى إن اإلحسان أصبح

على هذا النحو يقتضي تقييد الحق منظما بل إن المشرع قد نظم اللهو، وتدخل المشرع

والحد من الحرية المطلقة بما يتالءم وحياة المجتمع.

.310المرجع السابق صالنظرية العامة لاللتزام ، –علي علي سليمان -انظر هذا الحكم وغيره 57

Page 23: التعسف في استعمال الحق

22

إن تطور مفهوم الحق من اإلطالق إلى النسبية يجب أن ال يؤخذ على أنه انتقاص

من الحق أو حد من الحرية، بل هو على العكس، إنه وضع توازن بين مختلف المصالح

لمساواة.لضمان استمرار الحق، وتحقيق ل

فمن الناحية الواقعية إن الحقوق وإن كانت مطلقة في عهد الثورة الفرنسية، فإنها لم

تشمل إال الحقوق األساسية فقط.

فحق االجتماع والتجمع لم يكن يعترف به، بل إن بعض الحقوق المقررة اليوم كانت

يومها جرائم يعاقب عليها القانون.

ظهور حقوق جديدة لم تكن معروفة نتيجة لحاجات كما أن التطور المدني الذي تبعه

جديدة أو اعتبارات اجتماعية اقتصادية أفرزها هذا التطور، خذ مثال الحق في التعويض

اإلستحقاقي للتاجر الذي اكتسب القاعدة التجارية، وحق البقاء في األمكنة المؤجرة ، وحق

الملكية لبراءة االختراع وغيرها.

الحق هو أنه ليس غاية في ذاته وإنما هو وسيلة لتحقيق غاية، إن أهم تطور في فكرة

هذا التطور الذي نقض دعائم المذهب الفردي يضفي على الحق صبغة اجتماعية.

Page 24: التعسف في استعمال الحق

23

الفرع الثاني : مضمون مبدأ نسبة الحقوق

نادى بهذا المبدأ الكثير من الفقهاء، فهم يقولون بأن مصلحة المجتمع أولى من مصلحة أن نضحي بمصلحة الفرد، فمصلحة األفراد و حقوقهم معترف بها، و لكن في الفرد، دون

إطار مصلحة المجتمع، لذلك يجب الحد من حقوق األفراد عن طريق الواجبات الملقاة على عواتقهم

58.

حقوق ليست مطلقة بل نسبية، و أن ضمن كيان كل حق يوجد و بذلك فهم يقولون بأن العنصران، عنصر شخصي و عنصر اجتماعي، و أن الهدف األول للقانون هو إعطاء

اإلمكانيات للعيش بسالم في المجتمع وليس فقط ضمانة الحرية الشخصية 59

.

إن فكرة نسبية الحقوق أو الهدف أو الغاية التي منحت ألجلها الحقوق، قال بها العالمة ته على هذا األساس، في كتابين " فقد سعى جاهدا في تدعيم نظريJossrand"جوسران" "

فقد جمع في هذا 1000الذي صدر في De l’abus des droitsأصدرهما األول هو الكتاب الحلول القضائية التي توصلت إليها المحاكم و نظمها و ألف بينها بعد تحليل و

L’esprit des droits et deتمحيص فخرج منها بمبدأ عام، ثم أتبعه بكتاب آخر هو leur relativité أي روح الحقوق و نسبتها، تبسط فيه بحث نظرية التعسف في استعمال

الحق و تطبيقاتها العملية60

.

وقد ذكر في كتابه األخير61

أو مكنة قانونية هي اجتماعية في منشئها و في أن كل سلطة فكرة القانون ما هي إال جوهرها، و في الغاية التي من أجلها منحت هذه الحقوق، و أن كل

القاعدة االجتماعية الملزمة، لذلك فالجزء ال يمكن أن يكون من طبيعة تخالف طبيعة الكل.

إلى تقييد الحق إذا خرج به صاحبه عن الهدف االجتماعي، أو كانت « جوسران» يهو ينتفي سبيله النية أو الدافع مطابق للغاية االجتماعية عندئذ يمكن الجهر بأن الحق استعمل

الشرعي، فال مسؤولية عندئذ على صاحبه، أما إذا ظهر عدم انسجام بين الدافع و الغاية االجتماعية فيكون هناك تعسف يوجب مسؤولية صاحب الحق.

من 00و في هذا السياق يقول: "مراد سيد أحمد" رئيس إحدى اللجنتين التي ناقشت المادة القانون المدني المصري

62"الواقع أن ضرورة الجزاء على إساءة استعمال الحق إنما

مبعثها تغير فكرة الحق نفسها، ففي ظل القانون الروماني و األفكار التي تمخــضت عنها

.230، بيروت، لبنان ،ص 3جورج سيوفي، النظرية العامة للموجبات و العقود ط - 58حكام العامة، معهد البحوث و الدراسات سليمان مرقس، المسؤولية المدنية في التقنيات العربية، القسم األول، األ - 59

.232ص 1071العربية .27أنور سلطان ، نظرية التعسف في استعمال حق الملكية، المرجع السابق ص -

عبد الرزاق احمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، نظرية االلتزام بوجه عام ،مصادر االلتزام ، - 60 . 837ص ، دار النشر للجامعات المصرية ،القاهرة ،مصر 1003

61 - Dé l’esprit des droits et de leur relativité théorie dite de l’abus des droits 2ème Ed.1939 paris ,p 369.

.01هامش رقم 01-00، ص 1011 األعمال التحضيرية للقانون المدني المصري مجموعة - 62

Page 25: التعسف في استعمال الحق

24

انية بحتة، أمام اليوم فقد اجتثت هذه الثورة الفرنسية كان الحق يعد ممنوحا لغاية فردية و أن النظرية من أساسها"

الذي (But social)"... الحقوق نسبية تتقيد بالدافع الشخصي و بالغرض االجتماعي أعطيت من أجله، ذلك أن الحقوق أصبحت بمثابة وظائف اجتماعية يجب أن يكون

ك ، كان من السهل أن استعمالها مرصودا أوال على مصلحة المجموع، ومتى وعينا ذلنتصور أن يخرج الشخص و هو في دائرة حقه على حد استعماله االستعمال الذي توصي

به مصلحة المجموع ".

إذن نخلص إلى أن الحقوق مقيدة بالدافع الشخص و الغرض االجتماعي و هذا ما يفسر نسبية الحقوق.

المصلحة قوام استعمال الحق -1

يا يتمتع بها األفراد في الحياة، وقد تقررت لهم في سبيل تحقيق إن الحقوق وباعتبارها مزا السالم االجتماعي، وألجل توكيد التوازن بين المصالح المختلفة تأكيدا صحيحا

فإن هذه الحقوق ال يجوز أن تكون محال لقضاء نوازع المكر و الخداع واإليذاء والضرر ه إرادة مبيتة في إلحاق األذى بالغير ، تعين فإذا ما وقع العمل القانوني و كان الدافع إلي

أن ال يستفيد ذلك العمل من حماية القانون الحماية الشرعــية ، حتى لو أجراه صاحبه وقتئذعلى أنه حقا مقررا له ، مادام قد ألبسه لباس الخديعة و االستهتار و السخرية

63.

وقد أدرك "جوسران" مدى صعوبة الكشف عن الدافع الشخصي لذا أسندها إلى إجراء مطابقة بين استعمال الشخص لحقه و الهدف االجتماعي للحق ، فتحقق المسؤولية بعدم

الحق مطابقة استعمال ذو الحق لحقه مع الغاية االجتماعية لذلك64

.

االجتماعي للحقالهدف -2

تنقسم الحقوق65

من حيث المصلحة التي تحققها إلى حقوق تحقق مصلحة غير ذاتية و تحقق مصلحة ذاتية، و يختلف الهدف االجتماعي تبعا الختالف هذه غيرية ، و حقوق

الحقوق.

الهدف االجتماعي في الحقوق التي تحقق مصلحة غيرية. -2-1

هذه الحقوق هي نوع من المكنات و الواجبات هدفها المباشر تحقق مصلحـــة غــير ذاتية

قق من وراء ذلك و ال تخص الشخص الذي تقررت له هذه الحقوق و إن كانت قد تتح مصلحة ذاتية لهذا الشخص ، لما لهذه المصلحة غير المباشرة من بطريق غير مباشرة

ارتباط بالمصلحة المباشرة ، و بما أنه في هذا النوع من الحقوق تتقرر المكنات تحقيقا 63- -4 Jossorand ,_de l’esprit de droit et de leur relativité. Opcit P 368 et p 302

أنظر في تقسيم الحقوق إلى هذا النحو : رمضان أبو السعود، جالل العدوي، محسن القاسم، الحقوق و غيرها و - 65 و ما بعدها. 13مرجع السابق ص ، الالمراكز القانونية

Page 26: التعسف في استعمال الحق

25

لمصلحة غير ذاتية، فإن الطرف الذي تتقررله هذه المكنات تكون وظيفته أو مهمته رعاية لك المصلحة الجماعية أو الغيرية أو المشتركة، بحيث يقع عليه واجب رعايتها، و تتحقق ت

مسؤوليته إذا قصر في أداء واجبه هذا.

و ما دام األمر على هذه الحال، فإن من تقررت له هذه الحقوق ليس له الخيار في استعمالها تكليفيه أو وظيفته ، بل يجب عليه أن يستعملها، فهذه الحقوق تعتبر سلطةمهمن عد

اجتماعية، ففي هذه الحقوق الواجبات هي التي تهمين66

.

و بالتالي فأي انحراف في استعمالها ، كأن يستعملها الشخص لتحقيق مصلحة ذاتية فإن مسؤوليته تتحقق، ألنه انحراف بها عن الهدف االجتماعي واالقتصادي.

: الهدف االجتماعي في الحقوق التي تحقق مصلحة ذاتية- 2-2

هذه الحقوق تتضمن نوعا من المكنات و الواجبات هدفها المباشر تحقيق مصلحة ذاتية ذه الحقوق للشخص الذي تقررت له، إذن فحب الذات و األنانية هو الغالب في ه

67 .

فإذا كان الهدف االجتماعي في الحقوق غير الذاتية ال يطرح إشكاال، فإن األمر ليس بالسهولة نفسها في هذا النوع من الحقوق.

صحيحة ليس فقط في الحقوق -نسبية الحقوق-لكن "جوسران" قال بأن هذه النظرية لكن رغم جميع الطواهر في تلك اإلمكانيات الغيرية التي لها صبغة غير نفعية،

(Faculter التي يغلب عليها حب الذات، كحق الملكية العقارية وحق الدائن في مالحقة )مدينه، و مطالبته بجميع الطرق المشروعة بدفع ما عليه من دين، وإذا كان المجتمع منح

صلحتهما الشخصية، لصاحب هذه الصالحيات لصاحب حق الملكية و للدائن، فذلك ليس لمو لكن من أجل المحافظة على كيانه كمجتمع، إنه يضع محبة الذات الفردية في خدمة مصلحة المجموع، و طالما أن كل اندفاع أناني يسهم في الوصول إلى الهدف النهائي و هو الحفاظ على المجتمع، فإن حقوقنا الذاتية يجب أن توجه نحو هذا الهدف، و كل حق من هذه

قوق له وظيفته خاصة، بصورة أنه يمكن القول بأن الحقوق الذاتية في كل هيئة الحلذلك يجب أن تبقى (Droit Fonctionsاجتماعية منظمة ليست سوى حقوق وظائفية )

هذه الحقوق ضمن الوظيفة التي تقابلها ، وإال فإن صاحب تلك الحقوق إن هو أخرجها عن تماعي فإنه أساء استعمالهاوظيفتها االجتماعية أو هدفها االج

68.

مقدمتهم في غير أن ما ذهب إليه "جوسران" و إن كان مستحسنا لم يقبله جانب من الفقه ".G.RIPERT"ربير" "

– 12رمضان أبو السعود، جالل العدوي، محسن القاسم ، الحقوق و غيرها و المراكز القانونية ،المرجع السابق ص - 6610. 11نفس المرجع ص - 67

68 -Josserand.L de l’esprit de droit et de leur relativité op.cit p369.

Page 27: التعسف في استعمال الحق

26

Page 28: التعسف في استعمال الحق

27

على مبدأ نسبية الحقوق: RIPERTاعتراض ربير 3

ير"يرى "رب69

أن األصل في الحقوق أنها سلطات مطلقة، و أن القيود المتزايدة التي أخذ صل شيئا، و أن النظرية الجديدة التي المجتمع يفرضها على الحقوق ال تغير من هذا األ

تقول بنسبية الحقوق نظرية غير مقبولة أصال، ألن الحق يجب أن يخول صاحبه شيئا من حرية العمل و بالتالي شيئا من الحصانة إذا ما سبب هذا العمل ضررا للغير، و إال فإنه ال

، بل تفترض دائما يكون له معنى، فالحق سيادة مكتسبة و هي ال تكتسب أبدا بغير سببجهدا سابقا بذل لكسبها أو تضحية بحق آخر من أجل كسب هذا الحق، و هي متى كسبت ال تبقى حقا إال إذا كانت تخول صاحبها سلطة استعمالها لصالحه الخاص، و هذا ما يجعل

قيمة، للحق قيمة مالية، ألنه إذا كان الحق ال يضيف شيئا إال الحرية العادية فإنه ال تكون لهفاالعتراف الرسمي بثبوت حق لشخص معناه تخويل هذا الشخص سلطة قبل سائر

األشخاص، و بالتالي إيجاد تفاوت في مراكز األشخاص.

فكل حق يرمي بطبيعته إلى اإلطالق، و ال معنى لنسبية الحقوق، فالحق يمكن أن يكون لرغم بأن اإلنسان يحب فبا Relative à quoiمحدودا، و لكن ال يمكن أن يكون نسبيا،

أن يباشر حقوقه وفقا لما يقتضيه صالح المجتمع، وأن استعمال هذه المزية الشخصية يتوقف دائما على موافقة المجتمع ال يؤدي فحسب إلى االنتقاص من قدر الحق الشخصي، بل يؤدي إلى إلغائه تماما، إذ يصبح وجود الحق الشخصي مرهونا بصالح المجتمع وحده

مباالة بصالح الفرد، فإذا أردنا أن نكون منطقيين يقول "ربير" فإما أن نسلم بأن دون الحقوق مطلقة و إما أن ننكر وجودها كلية.

فاألستاذ "ربير" يسلم بتحديد الحقوق، و ال يسلم بنسبيتها، فإذا كان ثم عنصرا اجتماعيا في الحق فعلى الصياغة القانونية أن تتجه لتحديده

70.

غير أن "ربير" يسلم بأن قصد اإلضرار بالغير أمر يخالف األخالق و العدالة و ال يصح أن يقره القانون بأي حال من األحوال، و أن إحداث الضرر بالغير عن قصد، خطأ قائم بذاته

ه و عن التذرع فيه باستعمال حق أو عدمهبقطع النظر عن وسيلة إحداث71

.

"جوسران" و "ربير"هو اوال خالف لفظي نويظهر أن الخالف الحاصل بين القطبيو Limitéأو محددا Relatifفكالهما متفق على تقييد الحق، و لكن أنسمي الحق نسبيا

.ثانيا على ضابط التقييد و مداه

أما الخالف اللفظي فال أهمية له ، طالما يوجد اتفاق على مبدأ تقييد الحق.

أما الخالف على ضابط التقييد فهو الخالف الحقيقي الذي يسبب االنقسام بين الفقــــــــهاء ويرجع خطره إلى أنه نتيــجة لخـــالف أعمـق غورا هو الخـالف بين المذهـب الـــفردي

والمذهب االشتراكي72

.

69 - G.Ripert Abus et relativité des droits R.C.L 1929

.232، 232ذكره سليمان مرقس. المسؤولية المدنية في التقنينات العربية ، المرجع السابق ص .20نور سلطان، نظرية التعسف في استعمال حق الملكية، المرجع السابق ص ذكره أ - 70 .230سليمان مرقس، نفس المرجع. ص - 71

Page 29: التعسف في استعمال الحق

28

الفرع الثالث : الوظيفة االجتماعية للحق

إذا كانت الوظيفة االجتماعية للحق واضحة بينة في الحقوق التي شرعت من أجل تحقيق مصلحة غيرية، فإنها ليست بنفس الدرجة من الوضوح في الحقوق التي شرعت من أجل

قائمة على األنانية و حب الذات.تحقيق مصلحة ذاتية، أي ال

و لما كان حق الملكية يمثل النموذج األمثل لهذه الطائفة من الحقوق، لذا فإننا سنركز اهتمامنا عليه، لنبين مدى وظيفته االجتماعية، و من ثم استقراء النتائج.

و جدير بالذكر أن الوظيفة االجتماعية لحق الملكية تخبو و تظهر بحسب الخلفية إلديولوجية و الفلسفية للمجتمع.ا

ة ففاالتجاه االجتماعي يوسع نطاقها إلى أبعد حد حتى أن هناك من قال بأن الحق هو وظي اجتماعية كما مر معنا.

و أما االتجاه الفردي فيعمل على تضيقها إلى أقصى حد ممكن من التضييق إلى حد إنكارها ما.اتم

طلقا حتى في الدول الرأس مالية إذ عمدت هذه لكن اليوم فإن الملكية لم تعد حقا مالتشريعات على تضييقها و الحد من نطاقها

73 .

و من المقرر أن الوظيفة االجتماعية لحق الملكية تقوم على اعتبارين هما 74

:

مبدأ التضــامن االجتماعي : و هذا المبـــدأ يقضي بوجوب التعاون في المجتمع و - أ

سه الملكية من أهم الدعائم التي يقوم عليها هذا التعاون، فالمالك يجب أن يعتبر نف

عضوا في المجتمع الذي يعيش فيه، يأخذ منه ويعطيه.

على المالك إذا كان قد كسب ملكه بعمله ، إال أنه مدين أيضا للمجتمع بما كسب - ب

فليس عمله وحـــــده هو الذي أكســــبه الملك، بل إن المجتمع ساهم مساهمة فعالة و

فيد الوظيفة االجتماعية لحق ملحوظة في جهود المالك حتى أصبح مالكا لما ملك، وت

الملكية األمور التالية 75

:

امة، فتقدم المصلحة العامة.حيث ما يتعارض حق الملكية مع مصلحة ع -1

.230سليمان مرقس، نفس المرجع . ص - 72

.27لبنان ص ،بيروت ،توفيق حسن فرج، الحقوق العينية األصلية. الدار الجامعية. -1،حق الملكية،دار إحياء التراث العربي بيروت 7هوري، الوسيط في شرح القانون المدني ،ج عبد الرزاق احمد السن - 74

.100،لبنان ص نزيه الصادق المهدي ، حق الملكية في الفقه اإلسالمي مع مقارنته بالقانون الوضعي، مجلة القانون و االقتصاد - 75

.333ص 1070، 00كلية الحقوق ،جامعة القاهرة عدد خاص السنة

Page 30: التعسف في استعمال الحق

29

حيث ما يتعارض حق الملكية مع مصلحة خاصة هي أولى بالرعاية من حق -3

دل للمالك.ا، فتقدم هذه األخيرة مع دفع تعويض معالمالك

إن إسقاط الملكية عن مالكها أو إسناد استغاللها إلى شخص آخر، هو المصير -2

ود إخالل علمدة معينة. إذ في ذلك الق ود المالك عن استعمال ما يملكعالحتمي لق

بالدور االجتماعي للملكية.

يستطيع المشرع إلزام المالك بتقديم أداءات للصالح العام من الناحية االقتصادية. -2

يمكن نزع الملكية الفردية تحقيقا للمنفعة العامة، و ذلك إذا اقتضت مصلحة -0

الجماعة ذلك.

تماعية للملكية الفردية مفهوم مرن متغير، صعب االنضباط، يتضح أن مفهوم الوظيفة االج

ذلك أنه مرتبط باإلديولوجيا و اإلرادة السياسية. ربما هذا ما يفسر عدم وجود نص صريح

يكرس هذه النظرية بصورة جازمة76

على عدم ، لكن هناك من ينتقد المشرع الجزائري

النص صراحة على الوظيفة االجتماعية لحق الملكية 77

.

لنا أي شيء لتحديد مفهومها، وأن في التطبيقات فو على أي حال فإن النص عليها ال يضي

عبر مختلف األطوار والتي قد تصل إلى حد التناقض، تؤكد المختلفة التي أتى بها القانون

مرونة هذا المفهوم.

خذ مثال تكريس حق البقاء في العين المؤجرة ثم العدول عنه 78

، و الحق في التعويض

الستحقاقي للتاجر الذي اكتسب القاعدة التجارية ثم العدول عنه.

ة االجتماعية للحق، بالمسؤولية فاألخذ فوما يهمنا نحن في هذا السياق، هو صلة الوظية االجتماعية للملكية يبرر قبول فكرة التعسف في استعمال الحق، إذ المالك الذي فبالوظي

ال حقه، يخرج عن الوظيفة االجتماعية للملكية، وال يحميه القانــــون و يتعسف في استعم

ي المصري لكن تم س من الوظيفة االجتماعية لحق الملكية في المشروع التمهيدي للقانون المدننص يكرلقد تم إدراج - 76

حذف عبارة الوظيفة االجتماعية للملكية من النص على أساس أن العبارة تدخل في باب الشروح الفقهية التي تتعارض مع .20منهج التقنيين، للتفصيل : أنظر مصطفى الجمال نظام الملكية منشأة المعارف اإلسكندرية بدون تاريخ ص

231،المرجع السابق ص يفتها االجتماعيةظنظام الملكية ومدى و -أنظر في هذا ، فاضلي إدريس - 77من 30من القانون المدني بالمادة 037إلى 012لقد ألغي حق البقاء في األمكنة المؤجرة المكرس بالمواد - 78

02/02المرسوم التشريعي رقم

Page 31: التعسف في استعمال الحق

30

الواقع أن مجال تطبيق نظرية التعسف في استعمال الحق يقوم على نطاق واسع في صدد حق الملكية

79.

ة فاجتماعية، بل الصحيح هو أن للملكية الفردية وظي ةفإذن فال يصح القول أن الملكية وظياجتماعية، كرستها القوانين و التشريعات، وقد أخذ المشرع الجزائري بآخر ما وصلت إليه

التقنيات الحديثة في اعتبار الملكية الفردية ذات وظفية اجتماعية.

عماله يجب أن يكون و على هذا فإنه إذا كان ينبغي أن تبقى الملكية حقا ذاتيا، فإن استاجتماعيا، أي يتعين على المالك أن يراعي مصالح الغير، فإذا لم يقم بذلك طوعا كان

باستطاعة المشرع إجباره على ذلك 80

من 100و المادة 172، و هذا ما كرسته المادة القانون المدني.

الفرع الرابع :الحق ومدى نسبته في الشريعة اإلسالمية.

نحاول في هذا الصدد أن نبين باختصار النظرة المتميزة التي تنظر بها الشريعة اإلسالمية إلى الحق، بعيدة عن التطرف الذي اتسم به كال المذهبين الفردي و االجتماعي.

بها علي العبدإن الحق في الشريعة اإلسالمية منحة من اهلل، تفضل 81

، بصفته خليفة له في ابية كونه سيد في هذا الكون و له ناحيتان ناحية إيج -وفق هذا المعنى –األرض، فاإلنسان

أخرى سلبية هي كونه عبد اهلل.

إن هذه الفلسفة هي أساس الحرية و المساواة و حقوق اإلنسان في اإلسالم، و هي أي نظرية االستخالف تشكل األساس الميتافيزيقي للحقوق.

القاعدة لذا فإن الحقوق في الشريعة اإلسالمية ال تثبت إال بحكم شرعي، و هو ما يعني القانونية في المصطلح القانوني، فال يعتبر الحق حقا إال إذا أقره الشارع بحكم.

فكانت بذلك مصادر الشريعة نفسها مصادر الحقوق، و هذا ما ينفي أولوية الحق على القانون التي أقرها المذهب الفردي.

و يقسم فقهاء الشريعة الحقوق إلى نوعين:

الحقوق التي تتعلق بمصالح األفراد، و حق اهلل و هو حق حق الفرد و يتمثل في جميعالمجتمع إنما أضيف إليه سبحانه نظرا ألهميته و عموم نفعه، فال يسقط باإلسقاط، و ليس

ألحد فيه الخيرة، و يتوقف على ذلك نتائج أهمها :

الحق إن الحق في الشريعة اإلسالمية ليس غاية في ذاته، وإنما وسيلة إلى مصلحة شرع -

من أجلها.

.27توفيق حسن فرج، الحقوق العينية األصلية، المرجع السابق ص - 79

80 - Henri et Léon Mazeaud, leçons de droit civil, tome2, page 1065. حق و رأي فقهاء الشريعة اإلسالمية فيه من حيث إطالقه و تقييده، مقال منشور بمجلة القانون و الأحمد ابراهيم بك، - 81

.202مطبعة نزري ص 1120مارس 2، العدد 1االقتصاد، السنة

Page 32: التعسف في استعمال الحق

31

الفرد كالجماعة كالهما يختص بحقه، ألن الفرد ذو كيان مستقل وشخصية ذاتية في -

المجتمع، ال مجرد عنصر تكويني لها، و الجماعة كالفرد، كالهما تلقيا الحقوق من

الشارع، فالشارع الذي أعطى الفرد حقه هو من أعطى ولي األمر حق الطاعة في حدود

رعاية لألحكام.

لهذا فإن الجماعة ال تملك أن تهب للفرد حقا و ال أن تسلبه حقا ووظيفتها هي رعايته في

حدود مصلحة الجماعة، و بتمكينه من التمتع به بوجه ال يضر فيه غيره و إذا تدخلت

الجماعة )الدولة( في شؤون األفراد فإن ذلك يكون في حق مقرر شرعا82

.

و من ثم فإنه تثبت لألفراد الحرية و االستقاللية، و لكنها مقيدة بقواعد المسؤولية فاإلنسان في نظر الشريعة اإلسالمية هو حر مستقل و مسؤول

83 .

كحقيقة ثابتة، و كقاعدة أساسية في النظام االقتصادي لذا فإنها قررت حق الملكية الفرديةاإلسالمي

84.

قيدة بقواعد المسؤولية، ألن الفرد مسؤول قبل الجماعة أنه مكلف غير أنها ليست مطلقة بل مبرعاية مصالحها كما هو مسؤول عن تحصيل مصلحة نفسه

85.

فمن حق الجماعة على الفرد أال يعبث بمصالحها تحت ستار ما منح من حقوق، من أجل الجماعة نفسها رقيبا على تصرفات الفرد حتى في هذا فإن الشريعة اإلسالمية أقامت من

خالص حقه86

.

ة بالصبغة االجتماعية، فالفرد فيها ليس محور و بذلك يتسم الحق في الشريعة اإلسالميالتشريع و غايته، فالشريعة أقرت حق الفرد حتى أصبح معلوما من الدين بالضرورة كما

أقرت حق الجماعة وبينته.

و من هنا كانت فلسفة الشريعة اإلسالمية في أصولها و فروعها ذات طبيعة مزدوجــة و الجماعة، ووضعت من القواعد ما ينسق التعارض هي رعاية مصلحتين الفرد و مصلحة

بينهما على حسب ما يقضي به العدل و تغليب الخير87

.

72ص المرجع السابقالتعسف في استعمال الحق، لدولة في تقيده و نظريةالحق و مدى سلطان ا-فتحي الدريني - 82 72نفس المرجع ص - 83عيسوي أحمد عيسوي. نظرية التعسف في استعمال الحق في الشريعة اإلسالمية، مقال منشور بمجلة العلوم القانونية - 84

و ما بعدها. 1، ص 0، السنة 1، العدد 1012و االقتصادية ، يناير 70فتحي الدريني.المرجع السابق ص - 85د/محمد زكي عبد البر،ال ضرر و ال ضرار في اإلسالم وإساءة استعمال الحق في الفقه اإلسالمي، مقال منشور - 86

33، ص 71مطبعة عبير 1070.ع. 00س –بمجلة القانون و االقتصاد وانظر في مبدأ تغليب الخير على العدل و أثره في تفسير الحق عيسوي أحمد 17فتحي الدريني.المرجع السابق ص - 87

و ما بعدها. 01عيسوي، المرجع السابق ص

Page 33: التعسف في استعمال الحق

32

سنبحث تطبيق نظرية التعسف في استعمال الحق في حق الملكية باعتباره أهم أنواع الحقوق ثم تطبيقاتها في مجال المنافسة )المطلب الثاني( ثم في –المطلب األول –و أكثرها تطبيقا

-المطلب الثالث –مجال قانون األسرة

: التعسف في استعمال حق الملكية العقارية: لب األولـــــــــالمط

قيد القانون المالك في استعمال حقه بعدة قيود قانونية، جعل الخروج عليها خروجا على حق

الملكية في ذاته، مثل القيود التي فرضها على االرتفاق، واألرض المحصورة، واحترام

عمران.. الخ والخروج على هذه القيود هو خروج عن الحق، المسافات القانونية، ونمط ال

وليس تعسفا في استعماله.

وزيادة على هذه القيود، هناك قيد عام وهو عدم التعسف في استعمال الحق إلى حد يضر

بملك الغير، هذا باإلضافة إلى الحماية المقررة للجار من المضار غير العادية للجوار.

القيد العام المفروض على المالك وهو عدم التعسف في استعمال وهناك من ال يميز بين

الحق، وبين تجاوز المضار العادية للجوار88

. ونظرا لتقارب هذان القيدان، ألن مجالهما

واحد وهو التجاور في الملكيات في الغالب، إال أن بينهما فرقا دقيقا ينبغي توضيحه أوال،

من القانون المدني . 101مكرر والمادة 132وذلك بإيضاح العالقة بين المادة

انظر في الفرق بين التعسف في استعمال الحق كقيد عام على استعمال الحق وبين المضار غير المألوفة للجوار توفيق 88

و ما بعدها.112حسن فرج،الحقوق العينية األصلية ، المرجع السابق ص

Page 34: التعسف في استعمال الحق

33

:191مكرر والمادة 121العالقة بين المادة

حتل الجار مكانة مرموقة في المجتمعات اإلنسانية العتبارات اجتماعية ودينية توصي ي -

باإلحسان إليه.89

لكن القانون لم يفرض سوى واجبا سلبيا نحوه ، يتمثل في عدم السعي لإلضرار به .

مدني بقوله : 101وقد نص المشرع على المضار غير المألوفة للجوار في المادة

"يجب على المالك أن ال يتعسف في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار.

على جاره في مضار الجوار المألوفة، غير أنه يجوز له أن يطلب وليس للجار أن يرجع

إزالة هذه المضار متى تجاوزت الحد المألوف..."

ويمكن فهم هذا النص على وجهين :

الوجه األول :

132تقييد حق الملكية بنظرية التعسف في استعمال الحق )الحاالت المذكورة في المادة

ض إال عن األضرار غير المألوفة.مكرر، غير أنه ال يجوز التعوي

التي 132أتى بحكم خاص بمضار الجوار يتضمن تقييد المادة 101فيكون نص المادة

توجب التعويض عن أي ضرر سببه الشخص بفعله الخاطئ مهما كان طفيفا، مألوفا أو غير

مكرر. وقد سار على هذا الرأي 132مألوف، وفي نفس الوقت ماهي إال تطبيق للمادة

قضاء المحكمة العليا.90

كان الجار يرث جاره في القانون الجرماني القديم، وهناك مثل فرنسي قديم جعل من الجار القريب خير من االخ 89

«Mon voisin prés de moi vaut mieux que mon frère au loin » البعيدأما في الشريعة اإلسالمية فقد تضافرت اآليات واألحاديث في التشديد بااليصاء على اإلحسان إلى الجار خذ مثال قوله تعالى في

:"...وبالوالدين إحسانا ،وبذي القربي واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب ... " . 21سورة النساء اآلية

ني بالجار حتى ضننت أنه سيورثه" وحديث "من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر ازال جبريل يوصيومنها حديث :" م فليكرم جاره" ، وحديث "ال يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه" لالستزادة على ما ورد في الشريعة اإلسالمية من حقوق

وما بعدها. 172ص 3، ج1000 1دار الفكر ط -إحياء علوم الدين–الجار انظر: أبو حامد الغزالي غير منشور. – 110 – 222ملف رقم 1002/ 11/ 20قرار مؤرخ في 90

100، ص 1ع 1007، المجلة القضائية لسنة 1277. 10ملف رقم 30/01/1007قرار مؤرخ في - .21ص 2ع 1002، مجلة قضائية لسنة 7122ملف رقم 02/01/1003قرار مؤرخ في -

Page 35: التعسف في استعمال الحق

34

: الوجه الثاني

أن النص المذكور يتضمن حكما خاص بالمضار التي يسببها الجار دون قصد أو إهمال أو

مكرر، توجب 132تقصير، فالمضار التي يسببها الجار لجاره بناء على نص المادة

التعويض عن كل أنواع الضرر باعتبارها أضرارا ناشئة عن قصد أو إهمال أو عدم إتخاذ

لجار كل احتياطاته ولم يعتور سلوكه أي عيب، من إهمال أو حيطة، وفي حالة ما اتخذ ا

عدم تبصر، ولكن رغم هذا أضر بجاره، فالعدل يقتضي أن يسأل المتسبب في هذه

حالة خاصة بهذا 101األضرار متى تجاوزت الحد المألوف، فيكون بالتالي نص المادة

افة إلى كونها قيد على مكرر باإلض 132النوع من المضار، وبهذا فهي تكمل نص المادة

.132المادة

كما -وقد سار على هذا الفهم القضاء في فرنسا وفي مصر، واألغلبية العظمى من الفقهاء

سنبين فيما بعد.

؟ 101فعلى أي الوجهين ينبغي فهم المادة

إننا نرجح الفهم على الوجه الثاني للحجج اآلتية :

جار مقيدا في استعمال حقه بنص المادة نفرض جدال عدم وجود هذا النص، فيكون ال -

132، أي أنه إذا أحدث ضررا بجاره على أساس المادة 132مكرر ونص المادة 132

مألوفا أو غير مألوف. 132مكرر يكون ملزما بالتعويض عنه على أساس المادة

ولما كانت اعتبارات حسن الجوار والتضامن االجتماعي تقتضي زيادة هذه الحماية وليس

االنتقاص منها، فإنه من غير المنطق أن نقول أن حرمان الجار المتضرر على أساس المادة

مكرر، من التعويض عن األضرار المألوفة أمر يقتضيه حسن الجوار والسالم 132

–زيادة على حاالت التعسف المذكورة -االجتماعي بل عين المنطق يقتضي حماية الجار

ي يسببها الجوار والتي تحدث رغم اتخاذ كل أسباب الحيطة من األضرار غير المألوفة الت

والحذر.

االهتزازات التي تسببها بعض النشاطات واألصوات المزعجة والمقلقة للراحة التي -

تصدرها اآلالت والروائح الكريهة التي تنفثها مداخن المصانع... إلخ بالرغم من حصول

Page 36: التعسف في استعمال الحق

35

اتخاذهم أحدث االحتياطات العلمية أصحابها على التراخيص اإلدارية وبالرغم من

والتكنولوجية لمنع الضرر على الجيران، لكن رغم هذا تلحق هذه المصانع ضررا

بالجيران، فما مصير الجيران الالحق بهم الضرر في هذه الحالة، إذا فهمنا النص على

الوجه األول وكيف نسوي بين هذا النوع من المضار والنوع الذي يحدث بإحدى حاالت

مكرر؟ 132المادة

إن المشرع قد استلهم نص المادة من المشرع المصري، الذي أخذه بدوره عن الشريعة -

اإلسالمية وعن القضاء الفرنسي، وكل من القضاء الفرنسي والمصري والفقه اإلسالمي

على الفهم الثاني.

غير المألوفة كما أنه يكاد ينعقد إجماع فقهي وتشريعي على وجوب التعويض عن األضرار

التي تحدث عند االستعمال المشروع للحق وباتخاذ كل وسائل الحيطة والحذر هذا فضال

عن وجوب التعويض عن اإلضرار الناشئة عن إحدى حاالت التعسف المعروفة فما معنى

أن يشذ المشرع الجزائري في هذا الصدد.

قرارها الصادر في لهذه االعتبارات ينبغي عدم تأييد قضاء المحكمة العليا في

، حيث قضت أن" صرف المياه القذرة أو وضع النفايات قرب الجار يعتبر 20/11/1002

، في حين كان يجب أن 132والمادة 101استعماال تعسفيا لحق الملكية وأسسته على المادة

، ألن في هذا الفعل قصد إللحاق الضرر بالجار.21/1تؤسسه على المادة

زيادة على ما تفرضه القوانين -المالك مقيد في استعماله لحقه مما سبق اتضح لنا أن

مكرر( 132بعدم استعماله بإهمال أو سوء نية أو عدم اتخاد حيطة )المادة –واألنظمة

وعدم اإلضرار بالجيران أضرارا غير مألوفة.

التزام المالك بعدم استعماله لحقه بإهمال أو سوء نية أو عدم اتخاذ حيطة:

Page 37: التعسف في استعمال الحق

36

ق الملكية كان أول الحقوق الذاتية التي طبقت عليها نظرية التعسف في استعمال الحق، إن ح

فقضت المحاكم في فرنسا على أنه "إذا كان المبدأ هو أن حق الملكية مطلق يحول المالك أن

يفعل ما يشاء في ملكه فإن استعمال هذا الحق ككل حق آخر يجب أن يكون الغرض منه

روعة، إذ قواعد العدالة واألخالق تتعارض وحماية أي عمل لم تحقيق مصلحة جدية مش

يقصد به منفعة شخصية بل قصد به اإلضرار بالغير". 91

دم مدخنة بنيت فقط لحجب الضوء عن عقار الجار وكذلك وبناء على هذا قضت المحكمة به

قضي بهدم سياج عال طلي باللون األسود لمنع الضوء عن الجار.92

ومن األمثلة كذلك على استعمال حق الملكية لمجرد الضرر المقصود ما ورد في حكم صدر

ستئناف ".اميان ." ملخصه أن مالك عقار عن محكمة "كومبين" وصدق من محكمة ا

بالقرب من محطة مناطيد أقام على حدود العقارين أكواما من الخشب رفع فوقها قضبانا من

الحديد مرتفعة إلى علو شاهق والمحددة األطراف، وقد أراد من وراء ذلك إيقاع الضرر

صل ما كان يتوقعه بتلك المناطيد التي أصبحت معرضة للتمزيق أثناء طيرانها، وقد ح

صاحب األسالك، فإن أحد المناطيد تعطل بسبب ارتطامه باألسالك المحددة األطراف وقد

طلب المتضرر من المحكمة الحكم له بالتعويض وإزالة هذه الحواجز المصطنعة، وقد

أجابته المحكمة إلى مطالبه استنادا إلى قاعدة التعسف في استعمال الحق. 93

فانتفاء المصلحة قرينة على التعسف، فإذا ما عارض المالك على ما يقام من عمل على

مسافة من العلو فوق ما يملكه بحيث ال تكون له أي مصلحة في منعه كان متعسفا في

ا إال أنها مقيدة بالحد الذي استعمال حقه، الن الملكية وإن كانت تشمل األرض علوا وعمق

(. 3/ 170يمكن من التمتع بها علوا وعمقا )المادة 94

كم الفرنسية إلى الحكم بمسؤولية المالك الذي يتخير الطرق الالزمة وكذلك ذهبت المحا

الستغالل عقاره أكثرها ضررا بالغير "إذا كان المبدأ أال مسؤولية على من يتسبب في

ذكره أنور سلطان ،نظرية التعسف في استعمال حق الملكية 1701، دالوز سنة 1700ماي سنة 3استئناف كولمار 91

.22،المرجع السابق ص . 20ذكره أنور سلطان ، نفس المرجع ص 92 .222، 223ي ، الموجبات والعقود، المرجع السابق ص ذكره، جورج سيوف 93، مذكور في ابراهيم سيد أحمد، التعسف في استعمال الحق فقها وقضاءا دار 10/0/1001نقض مصري، مؤرخ في 94

. 100، ص 3003، سنة 03الفكر الجامعي ،االسكندرية، مصر، الطبعة

Page 38: التعسف في استعمال الحق

37

ضرر غيره عند استعمال ملكه بحسب الغرض منه، فإن هذا ال يمنع من قيام مسؤوليته

مكن بها استعمال حقه أكثرها ضررا ، إذا تخير من الطرق الم 1273طبقا للمادة

بالغير".95

وكذلك قضي بمسؤولية المالك على أساس التعسف في استعمال الحق، عند مباشرته ألعمال

الحتياطات جدية بقصد تحقيق منفعة مشروعة، ولكنه أهمل أثناء القيام بها اتخاذ ا

الضرورية لمنع الضرر عن الجيران، كما لو تهدم الجدار بسبب أعمال الحفر التي يقوم

بها، أو الحريق من عقار جاره.96

وكذلك قضي بمسؤولية طبيب عن استخدامه جهازا لألشعة، يؤدي عند تشغيله إلى حدوث

في محل مجاور، وقد ثبت أن هذا الطبيب لم يراع تشويش باألجهزة الكهربائية المعدة للبيع

االحتياطات الواجبة عند تشغيل هذا الجهاز، لمنع الضرر الواقع على الجار، أو حتى التقليل

منه97

، كما قضى بمسؤولية مالك الحيوانات التي يستخدمها في الصيد، عن إتالفها

، نظرا ألنه لم يتخذ االحتياطات الالزمة لمنعها من ذلكللمزروعات المجاورة98

.

وبات من األمور المستقرة أنه حتى ثبت خطأ الجار سواء كان ذلك عمديا أو كان متمثال في

اإلهمال أو عدم التبصر وأدى ذلك إلى إلحاق ضرر بجاره فإنه يسأل على أساس المادة

دني فرنسي.م 1273

يعد أمرا بديهيا ال 1273وبطبيعة الحال، إن تطبيق األحكام التي يتضمنها نص المادة

يحتاج إلى نقاش، فما دام الجار قد ارتكب خطأ ما، تمثل في إهماله أو عدم تبصره مما أدى

إلى إلحاق ضرر بجاره على نحو أو على آخر، فال شك في تطبيق قواعد المسؤولية عليه

ألحكام التي يتضمنها نص هذه المادة.وفقا ل99

.20أنور سلطان، نظرية التعسف في استعمال حق الملكية ،المرجع السابق ص 95 .21، 20نفس المرجع ص 96

97 Coss. 18. fev. 1907- 6- 1907-1-77

98 Req. 9. Fev- 1923- 13- 1923- 1-68

أبو زيد عبد الباقي، تحديد األساس القانوني للمسؤولية عن مضار الجوار غير المألوفة، مجلة الحقوق والشريعة السنة 99 .70ص 1072يونيو 3للعدد 10

Page 39: التعسف في استعمال الحق

38

ولكن التساؤل الذي يثور هاهنا هو في مدى مساءلة الجار عما يلحق جاره من مضار برغم

خاذه كافة االحتياطات الممكنة، لمنع وقوع الضرر على جاره بحيث ال يمكن أن ينسب ات

إليه أدنى إهمال أو تقصير، أي ال ينسب إليه ارتكاب خطأ ما.

التزام المالك بعدم اإلضرار بجاره أضرار غير مألوفة:

فة التي يحدثها في الحقيقة لقد استقر الوضع على تقرير المسؤولية عن األضرار غير المألو

الجار برغم اتخاذه كافة االحتياطات الالزمة لمنع الضرر.

مدني يحسن 101وقبل أن نخوض في مسألة مضار الجوار غير المألوفة وفقا لنص المادة

بنا أن نقدم عرضا للمسألة في الشريعة اإلسالمية ثم في القضاء الفرنسي.

مضار الجوار في الشريعة اإلسالمية :

الشريعة اإلسالمية باإليصاء على منع األذى عن الجار بل أوصت باإلحسان إليه، لم تكتف

ويميز فقهاء الشريعة اإلسالمية بين التجاور الجانبي والتجاور الرأسي، فالحق الثابت

بالتجاور الرأسي أقوى وأشد من الحق الثابت بالتجاور الجانبي، ألن في التجاور الرأسي

منهما لتعلق كل منهما باآلخر وانتفاع كل منهما بملك صاحبه. الملك ليس خالصا لواحد

ولقد اتفق الفقهاء على أنه ال يجوز ألي أحد من صاحب العلو أو السفل أن يتصرف تصرفا

يضر باآلخر100

.

ه يقيد أما الجوار الجانبي فال خالف بين الفقهاء في أنه يثبت به حق الجار على جار

تصرفاته في ملكه، بحيث ال يفعل شيئا يضر بجاره ضررا فاحشا، وإنما الخالف بينهم في

أن هذا يثبت ديانة فقط أو يثبت قضاءا مع ثبوته ديانة.

.101عيسوي أحمد عيسوي، نظرية التعسف في استعمال الحق في الشريعة اإلسالمية ، المرجع السابق ص 100

سموا التصرفات التي تصدر عن كل من صاحب العلو وصاحب السفل إلى ثالثة أقسام: =لكن الحنفية ق=

أ/ ما ال شك في عدم ضرره كوضع مسمار صغير أو وسط فهذا يجوز إجماعا. ب/ ما فيه ضرر طاهر كفتح صاحب السفل بابا، فهذا يمنع اتفاقا.و السقف، أو كبناء صاحب العلو على علوه، فهذا عند ج/ ما يشك في التضرر به، كدق صاحب السفل وتدا في الجدار أ

الصاحبين ال يمنع ألن األصل عندهما اإلباحة، لكن أبي حنيفة قد رفضها، والفتوى على رأيه في المذهب، انظر عيسوى .107أحمد عيسوي نفس المرجع ص

Page 40: التعسف في استعمال الحق

39

فذهب الشافعي ومتقدمو الحنفية إلى عدم ثبوته قضاء فليس للقاضي أن يمنع المالك من

أن يكون للمالك حرية في ملكه كيف ما التصرف في ملكه بما يريد، ألن مقتضى الملك

يشاء، ولكن الديانة توجب إال يضر بالجار لتسود المودة بين الناس.

أما المالكية وبعض الحنابلة فذهبوا إلى أن الضرر الفاحش يمنع، ويعد المستعمل للحق

مسيئا في استعماله، وعلى هذا الرأي سار متأخروا الحنفية، وعليه سار الجمهور من

فقهاءال101

وبه أخذت مجلة األحكام العدلية 102

.

لمعتبر ضررا ولو كان غير فاحش يمنع ما دام ضررا وهناك رأي آخر يقول أن الضرر ا

الن االنتفاع بالملك يوجب أن ال يؤذى الجار، وكل ضرر يعتبر إيذاء للجار ما دام غير

يسير ودائم، أما الضرر غير اليسير أو غير الدائم فباتفاق الفقهاء ال يوجب الضمان103

.

هذه مجمل اآلراء التي قيلت في الفقه اإلسالمي نقلناها على وجه العموم، وهي توجب

الضمان على الضرر الفاحش ولو كان سلوك صاحب الحق سليما واستعماله لحقه مشروعا.

ق الضرر فاختالل التوازن بين المصالح الفردية، بحيث يؤدي تحصيل أحداهما إلى إلحا

الفاحش باألخرى يكون سببا ي حد ذاته في منع المتصرف بحقه دفعا لهذا الضرر حتى إذا

وقع كان موقعه مسؤوال عن دفعه تعويضا مع قطع سببه ليمنع استمراره في المستقبل.104

مضار الجوار غير المألوفة في القضاء :

نظرا للتوسع الصناعي الهائل، وما أدت إليه المنشآت الصناعية الجديدة من مضار تمثلت

إما في الضوضاء الناشئة عنها أو الروائح الكريهة التي تنفثها أو التهديد بخطر اشتعال

أمام عدم ورود نص يقضي بمسؤولية المالك عن هذه الحرائق في العقارات المجاورة و

.102إساءة استعمال الحق ، المرجع السابق ، ص -محمد أبو زهرة 101التي تقضي بأن الضرر 1300من مجلة األحكام العدلية التي عرفت الضرر الفاحش، والمادة 1100أنظر المادة 102

الفاحش يدفع بأي وجه كان. مشرع المصري قد أخذ بهذا الرأي.، وهو يرى أن ال102محمد أبو زهرة، المرجع السابق ص 103 001ق صفتحي الدريني ،الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده ونظرية التعسف في استعمال الحق ،المرجع الساب 104

إن نظرية مضار الجوار في الفقه االسالمي ال تقتصر على كف األذى فقط، بل تمتد إلى السلوك االيجابي للجار، فهي تلزم صاحب الحق بعدم منع جاره من االنتفاع بملك صاحب الحق، إذا كان الجار يتضرر من هذا المنع وهذا غاية ما

لذي رواه أبو هريرة عن الرسول صلى اهلل عليه وسلم حيث قال :"ال يمنعن يصل إليه التضامن االجتماعي عمال بالحديث اأحدكم جاره أن يغرز خشبة على جداره" قال ابو هريرة مالي أراكم عنها معرضين، واهلل ألرمين بين أكتافكم" أنظر ابن

.001، ص3003، سنة 1رة طرجب الحنبلي ، جامع العلوم والحكم تحقيق حامد أحمد الطاهر، دار الفجر للتراث ، القاه

Page 41: التعسف في استعمال الحق

40

توسعا يمكن تطبيقه على 1273المضار، أخذ القضاء في فرنسا يتوسع في تفسير المادة

تلك المضار التي تقع للجيران، وقد دفعه إلى ذلك الضرورات العملية التي خلفتها األوضاع

الجديدة وما تفرضه قواعد العدالة واإلنصاف105

.

فقضي بمسؤولية مالك مصنع لتجفيف الجلود عن الروائح الكريهة التي يسببها للجيران

لتجاوزها المضار المألوفة، برغم من اتخاذه كل االحتياطات الواجبة لمنع انتشار هذه

روائحال106

وقضى أيضا بمسؤولية مستأجر مصنع عما يلحقه الغبار والدخان الناتج عن

تشغيل المصنع من أضرار غير مألوفة بجيرانه107

ة ، كما قضى بمسؤولية الجهة المالك

لمدرسة عن األضرار التي تقع لمالك فندق مجاور من أضرار تجاوزت الحد المألوف

متمثلة في الضوضاء التي يحدثها صعود وخروج عدد كبير من تالميذ المرحلة األولى

حوالي ثماني مرات يوميا108

، كما قضى بمسؤولية مستغل بيت للدعارة عن األضرار

المادية التي تقع لجيرانه من جراء هذا االستغالل، متمثلة في نقص قيمة المنازل المجاورة

له الناشئ عن وجوده بينهما، إلى جانب األضرار األدبية التي تقع للجيران، وال يؤثر في

لية الترخيص الصادر عن جهة اإلدارة بهذا االستغاللهذه المسؤو109

، كما قضى لصالح

السكان بمسؤولية مستغل مسرح عما تحدثه ضوضاء الجمهور وسياراتهم من مضار110

،

سؤولية مستغل دار لعالج المرضى من الدرجة المتأخرة جدا كما قضى لصالح الجيران بم

عن األضرار المتمثلة في خشية اإلصابة بالمرض أو تلك المتمثلة في نقل العدوى فعال

إليهم111

، كما قضى بمسؤولية مرفق السكك الحديدية عما تحدثه القاطرات من مضار غير

الذين تقع مساكنهم بالقرب من مسارها، تتمثل في الضوضاء التي تحدثها مألوفة للجيران

حركة القاطرات أو خطر الحريق من جراء الشرر المتطاير منها112

.

.70زيد عبد الباقي،تحديد األساس القانوني للمسؤولية عن مضار الجوار غير المألوفة ،المرجع السابق ص د . أبو 105

106 Req. 14. Fev- 1910- D- 1910-1- 256.

107 Bordeaux 15 juillet. 1845 – s- 1847-2- 537 Paris 19 Avril 1893-2-124.

108 Paris 9 déc 1904- S- 1905-2- 175 et D- 1905-2- 32 Req 20 Fev 1849-S- 1849- 346- Net 25, Aout

1863- S- 1863-2-57. 109

Cass. 27 Aout 1861 et cass. 3 déc 1861- D- 1861 –1- 351. 110 Req .24 Avril 1865-D- 1866-1-169 111

Limoges 5. fev.1902-D-1902-2-95. 112

Bordeaux 21 juin 1859-DP-1859-2-187.

Page 42: التعسف في استعمال الحق

41

الذي لم يتضمن نصا خاصا عن -وقد ساير القضاء المصري في ظل القانون المدني القديم

القضاء الفرنسي في القول بالمسؤولية عن األضرار غير المألوفة للجوار، وقد هذه المضار

استند في ذلك على قواعد العدالة واإلنصاف تارة وعلى أحكام الشريعة اإلسالمية تارة

أخرى.

المسؤولية عن المضار غير المألوفة للجوار في التشريع:

ار عن األضرار التي تجاوزت الحد الج سالفة الذكر يقضي بمسؤولية 101إن نص المادة

المألوف مما يعني كذلك أن النص أوجب على الجار تحمل األضرار الناجمة عادة على

المجاورة، من مضايقات ومتاعب أو ما يطلق عليها مضار الجوار التي ال يمكن تفاديها113

.

عن الضرر مهما كان طفيفا فهذه فخالفا للقواعد العامة للمسؤولية التي تفرض التعويض

األضرار ال يعوض عنها متى لم تتوافر شروط المسؤولية طبقا للقواعد العامة114

.

فهذه المتاعب والمضايقات تفرضها الحياة المشتركة حيث ال يستطيع أحد الفكاك منها

ات الجوار أبرز اختبار األخوة السلبية بين ويجب تحملها، بل يسوغ اعتبار تحمل مضايق

البشر115

.

مرونة معيار المضار غير المألوفة:

ال توجد قاعدة ثابتة للتمييز بين ما هو مألوف من المضار أو غير المألوف منها116

. ويبقى

101تحديد ذلك مسألة موضوعية يفصل فيها القاضي على عدة اعتبارات ذكرتها المادة

بقولها " على أن يراعي في ذلك العرف..."

أنظر توفيق حسن فرج – 707دة يالحظ خلو النص من هذه العبارة، التي أتى على ذكرها النص المصري في الما 113

أنظر يوسف -بالتي ال محيص عنها -، وعبر عنها المشرع التونسي110الحقوق العينية األصلية ،المرجع السابق ص .02ص 3002مركز النشر الجامعي، تونس -الكناني، فوزي بالكتاني قانون األموال

.110توفيق حسن فرج، المرجع السابق، ص 114 .03يوسف الكناني، فوزي بالكتاني ، المرجع السابق ص 115 1107 على ذلك المادةكل ما يمنع الحوائج األصلية كما نصت في الشريعة االسالمية هناك الضرر الفاحش، وهو 116

من مجلة األحكام العدلية، وهناك من يميز بين الضرر الفاحش والضرر غير المألوف.

Page 43: التعسف في استعمال الحق

42

: كأن يخرج المالك من داره في وقت مبكر أو يرجع إليها في وقت متأخر فيحدث / العرفأ

حركة محسوسة بسيارته أو كسماع بكاء طفل، أو الضجيج الناتج عن إقامة الحفالت والمآتم

فكل هذا يعتبر من قبيل األضرار المألوفة التي ال يمكن تفاديها، وينبغي التسامح فيها، ولكن

ت لمدة ال يقرها العرف استطاع المتضرر أن يطالب بإيقاف اإلزعاجإذا استمر117

.

ن فإذا كان العقار محال عاما أو مقهى أو فندقا أو معمال تحمل مب/طبيعة العقارات :

الضوضاء أكثر مما يتحمل المسكن الهادئ أو المستشفى.

فصاحب السفل يتحمل بحكم موقعه من العلو ما ال جـ/ موقع كل عقار بالنسبة لآلخر :

يتحمله صاحب العلو من السفل.

إذا كان الغرض الذي خصص له العقار من األغراض د/ الغرض الذي خصص له العقار :

ستعمل كدار لالستشفاء( وكان من شأن المضار الصادرة عن العادية، )كاستغالل منزل ي

الجار مضايقته بصورة غير مألوفة قامت المسؤولية، مثل ذلك مساءلة صاحب مصنع قبل

صاحب منزل يستعمل كدار لالستشفاء والعالج، ففي مثل هذه الحالة تقوم مسؤولية صاحب

ولو كانت ال تقوم إذا المصنع قبل صاحب المسكن الذي خصص غرضه لالستشفاء حتى

كان المنزل مخصصا لمجرد السكنى العادية118

.

وعلى أية حال يبقى تحديد األضرار غير المألوفة قضية موضوعية، فدخان المصانع

حي هادئ، كما أن وضجيج اآلالت ضرر عادي في منطقة صناعية، ولكنه غير ذلك في

المستشفيات وقاعات العالج تتطلب هدوءا أكبر من المساكن العادية، والضرر المتأتي من

نباح الكالب وثغاء الخرفان وصياح الديكة عاديا في الريف، غير أنه ينقلب إلى ضرر غير

مألوف في عمارة كائنة بحي حضري.

: أثر أسبقية االستغالل في تحديد الضرر غير المألوف

la pré-occupationإن موقع العقار ال يلبث أن يطرح مشكلة السبق في االحتالل

على ذلك التقدير، كمن يشتري أرضا بجوار مصنع فيشيد عليها مسكنا أو مصحة ثم يطالب

عمان 1007 3وحيد الدين سوار، حق الملكية في ذاته في القانون المدني مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ط 117

.77االردن ص .133توفيق حسن فرج، الحقوق العينية األصلية ، المرجع السابق ص 118

Page 44: التعسف في استعمال الحق

43

. بإزالة األضرار التي لحقت به من جراء ضجيج المصنع أو ما يتصاعد منه من أدخنة

قه والقضاءيذهب الرأي الراجح في الف119

ؤثر في مسؤولية المالك، بحيث أن األسبقية ال ت

ال يجوز له أن يفرض على من كان الحقا له استعماال لملكه ينسجم مع استعمال من سبقه،

إذا كان هذا االستغالل جماعيا ، -وفقا لهذا الرأي –غير أن المالك يعفى من هذه المسؤولية

لروائح المنبعثة بمعنى أن يصبح الحي كله صناعيا، فيكون حينئذ هذا الضجيج أو تلك ا

ضررا مألوفا في هذا الحي.

في الحاالت التي ال تتحدد فيها طبيعة الحي أو -إذا أخذنا بهذا الرأي -وتثور المشكلة

المنطقة بصورة واضحة، ففي هذه الحالة يجب أن تدخل فكرة األسبقية في االعتبار120

.

غير أنه يوجد رأي مؤسس على الشريعة اإلسالمية121

ينادي بإعفاء المالك السابق من

المسؤولية ويحرم المتضرر من الرجوع على المالك السابق بصفة مطلقة ذلك أن التفرقة

الجماعية ليست باألمر الميسور السهل.بين األسبقية الفردية واألسبقية

أثر الظروف الشخصية :

سبق القول أن القاضي في تقديره للضرر غير المألوف فإنه يلتزم بالصبغة الموضوعية لهذا

المعيار.

فال يعتد بالظروف الشخصية للجار المتضرر، على غرار ما قد يكون عليه األمر من

إصابة بأمراض تستوجب الهدوء ونقاء الهواء، إذ إرهاف حسن أو توتر في األعصاب أو

ليس من المعقول أن تتغير طبيعة الضرر تبعا للظروف الخاصة لكل جار على حدة122

.

ز المضار غير المألوفة للجوار : الجزاء على تجاو

لم يورد النص أية إشارة إلى التعويض المالي، بل قرر أن للمتضرر أن يطلب إزالة هذه

المضار إزالة المنشآت، فقد تقضي المحكمة بإزالة المضار عن طريق إجراء تعديل يؤدي

انظر عبد الرحمن دغنوش، حق الملكية والقيود القانونية واالتفاقية التي ترد عليه في القانون الجزائري ،مذكرة 119

.70ص ،بن عكنونماجستير في القانون الخاص ،جامعة الجزائر، كلية الحقوق .02يوسف الكيناني فوزي بالكتاني المرجع السابق ص -

.132توفيق حسن فرج ، الحقوق العينية األصلية ، المرجع السابق ص 120 .73حق الملكية في ذاته،المرجع السابق ص –أنظر وحيد الدين سوار 121عبد المنعم فرج الصدة ، الحقوق العينية األصلية، دراسة في القانون اللبناني والمصري، دار النهضة العربية بيروت 122

. 17،لبنان ص

Page 45: التعسف في استعمال الحق

44

إلى رفع الضرر، كتحويل مدخل البناية123

، أو تعلية مدخنة أو وضع عوازل للصوت أو

نقل بعض اآلالت من مكانها... أو أي إجراء آخر من شأنه رفع الضرر وهذا الحل تقبله

الشريعة اإلسالمية.124

الة الضرر تحديده زماناوقد تتخذ إز125

أو الحكم بوقف جزء منه، أو إزالته كليا، ويبدو أن ،

هذا الجزاء تقبله الشريعة اإلسالمية كذلك126

.

والواقع أنه من النادر أن يحكم القاضي باإلزالة الكلية بالرغم من أنه يملك ذلك127

، خاصة

في ظل األبعاد االقتصادية واالجتماعية المعقدة التي يثيرها التعامل مع المصانع

والمؤسسات االقتصادية عموما، في بلد نام يسعى إلى تدعيم مؤسساته االقتصادية وإلى

لى الحكم بهدم التخفيف من معضلة البطالة، فهل يجرؤ القاضي في مثل هذه الظروف ع

مصنع لتأثير ما يصدر عنه من ضجيج أو أدخنة على راحة الجيران، وهل نتصور حكما

يصدر بإزالة مطار يعكر أزيز ما يحط فيه وما يقلع منه من طائرات راحة السكان

المجاورين له، بل هل يقبل من القاضي في ظل احترام المنافسة الداخلية والخارجية

مصاريف لغزو األسواق أن يلزم مؤسسة ما ببذل مصاريف وضرورة الضغط على ال

باهظة لرفع سبب المضرة المترتبة عنها للجيران.128

وعلى كل حال فإنه يبقى للقاضي سلطة التقدير فيما يتعلق بالتعويض العيني، إذ قد يكون فيه

ه ضررا فادحا، ولهذا فإن له في مثل هذه الحالة أن يحكم إرهاق للمسؤول أو إضرارا ب

وإذا كان من الممكن أن يحكم بالتعويض بالتعويض النقدي ويقوم بالموازنة بين المصالح

العيني بالنسبة لما يستجد وإزالة ما يقع من أضرار مستقبال، فإن ما وقع في الماضي قد

يض العيني.يعوض عليه تعويضا نقديا نظرا الستحالة التعو

ص 1، العدد 1000، المجلة القضائية سنة 00022ملف رقم 11/01/1003قرار المحكمة العليا مؤرخ في 123

101 .130المرجع السابق ص –توفيق حسن فرج 124 ة التاسعة مساءــبين الساعذهب القضاء في تونس إلى إلزام بائع مواد غذائية بغلق ثالجته خالل الفترة المتراوحة 125

والسابعة صباحا، ذلك نتيجة لذبذبات والضجيج الصادر عنها، أنظر يوسف الكناني، فوزي بالكناني ،قانون األموال . 77المرجع السابق ص

.130توفيق حسن فرج، الحقوق العينية األصلية ، المرجع السابق ص 126 . 71كية في ذاته ، المرجع السابق صوحيد الدين سوار ،حق المل و

.70يوسف الكناني فوزي بالكناني، المرجع السابق ص 128

Page 46: التعسف في استعمال الحق

45

أثر الترخيص اإلداري:

لم يذكر المشرع هذه الحالة في حين أن المشرع المصري قد أتى على ذكرها في آخر نص

بقوله " وال يحول الترخيص اإلداري الصادر من الجهات المختصة دون 707المادة

استعمال هذا الحق".

ول دون مسؤولية المالك على فمن المتفق عليه أن الترخيص اإلداري هو أمر الزم، وال يح

، 132بل إن عدم وجوده يعرضه لمسؤولية أشد على أساس المادة 101أساس المادة

إضافة إلى إمكانية مساءلته جزائيا129

.

هذا الترخيص ال يحول دون مسؤولية المالك، فهل وجوده يقف قيدا على تقرير وإذا كان

التعويض العيني؟

يرد قيد على التعويض العيني، هو أنه ال 101ففي فرنسا حيث ال يوجد نص يقابل المادة

يجوز للقاضي أن يحكم بإغالق محل مقلق للراحة حاصل على ترخيص إداري، إذ القاضي

طبقا لمبدأ الفصل بين السلطات من إلغاء األوامر اإلدارية أو تعطيلها، فهو باعتباره ممنوعا

ال يملك أمام هذا الترخيص إال مجرد الحكم بالتعويض دون الحكم بإزالة الضرر130

.

أما في البلدان العربية فقد نصت صراحة على مشروعية طلب اإلزالة وعلى انه ال يحول

ي دون استعمال هذا الحقالترخيص اإلدار131

، فقد تضمن الشطر 101، أما نص المادة

األول وسكت عن الثاني، فهل يعتبر سكوته قرينة عن عدم جواز الحكم بالتعويض العيني

هذا ألن في حالة وجود الترخيص اإلداري طبقا لمبدأ الفصل بين السلطات؟ إننا ال نؤيد

نص المادة صريح في ذكر التعويــــــض العيني وهو الحكم باإلزالة

مدني، 132ولقد سبق القول أن مزاولة النشاط دون ترخيص إداري هو خطأ طبقا للمادة

يقتصر على المجاالت المقلقة للراحة التي تزاول نشاطها 101فمجال تطبيق نص المادة

فت جميع الشروط القانونية لمزاولة النشاط والتي منها في نطاق المشروعية أي التي استو

حق الملكية والقيود القانونية واالتفاقية التي ترد عليه في القانون الجزائري، المرجع السابق عبد الرحمن دغنوش ، 129 70ص

77نفس المرجع ص 130 كويتي. 20مصري والمادة 707خذ مثال نص المادة 131

Page 47: التعسف في استعمال الحق

46

الترخيص اإلداري فسكوت المشرع عن ذكر أثر الترخيص اإلداري ال يغير من الحكم

شيئا، فلو أتى عليه النص لم يكن سوى تأكيدا لحكم مستفاد من النص بالضرورة.

لمنافسة: : نظرية التعسف في استعمال الحق في مجال ا ب الثانيــــالمطل

إن مبدأ حرية الصناعة والتجارة تكرس في القوانين بصورة مؤكدة وجلية بعد تحول عن

النهج االشتراكي الذي سلكته الجزائر والتوجه نحو االقتصاد الحر132

.

وهري الذي يقوم عليه االقتصاد الحر غير أن هذا المبدأ ومبدأ حرية المنافسة هو المبدأ الج

يرد عليه قيد جوهري، بأال تكون وسائل التسويق والترويج للمنتوجات والخدمات غير

مشروعة133

.

وبعيدا عن الجدل الفقهي القائم حول تأسيس دعوى المنافسة غير المشروعة134

. فإن تأثر

المشرع الجزائري بنظرية التعسف في استعمال الحق في مجال المنافسة واضح وأكيد.

02/02لقد نص المشرع الجزائري على األفعال أو الممارسات المقيدة للمنافسة في األمر

13500/07، واألمر

136 ، والقوانين المكملة له.والتي نذكر منها :

رفض البيع أو أداء خدمة دون مبرر شرعي: -1

على أنه يمنع رفض بيع سلعة أو أداء خدمة 00/01من األمر 07/3تنص المادة

ذا كانت هذه السلعة أو الخدمة معروضة للبيع وطلبها للمستهلك بدون مبرر شرعي، إ

المستهلك، فتنص المادة على العناصر المكونة لرفص البيع137

:

فيجب أن يكون رفض البيع فعليا ال مجرد تهديد بالرفض، أو تأخر في تسليم السلعة أو إتمام

مة، ويقوم مقام رفض البيع رفض التعامل مع زبون بالشروط التي يعامل بها غيره، الخد

للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. 1001من دستور 27أنظر المادة 132د. بختة موالك، محاضرات في قانون المنافسة ألقيت على طلبة الماجستير القانون الخاص ، كلية الحقوق جامعية 133

غير منشورة . 3002/ 3002لدراسية الجزائر ، السنة اأنظر هذا الجدل : سواشي وسيلة ، مميزات الدعوى المنافسة غير المشروعة عن دعوى المسؤولية التقصيــرية 134

.0ص 3007مذكرة ماجستير ، جامعة الجزائر ، كلية الحقوق 22-30 ص 22الجريدة الرسمية العدد 3002يوليو سنة 10الموافق لـ 1232جمادى االولى 10مؤرخ في 135 .00سنة 0لجريدة رسمية العدد 1000يناير 30مؤرخ في 136 وما بعدها. 27ألكثر تفصيل أنظر: موالك بختة ، المرجع السابق ص 137

Page 48: التعسف في استعمال الحق

47

وكثيرا ما يكون رفض البيع قائما على اعتبارات تمييزية، ويجب أن يوجه رفض البيع إلى

، الملغــاة، تنـص على أنه 00/01من األمر 07المستهـلك، وقـد كـانت المـادة

لى السوق أو احتكار له أو على جزء منه يتجسد في يمنع كل تعسف ناتج عن هيمنة ع

رفض البيع دون مبرر شرعي..."

ويؤدي ذلك إلى استبعاد التعامل ما بين األعوان االقتصاديين من مجال تطبيق هذا الحكم

الذي جعل رفض البيع محضورا إذا كان ناتجا عن استغالل 02/02خاصة وأن األمر

رى.مؤسسة وضعية التبعية لمؤسسة أخ

وعلى هذا فإن رفض البيع بين األعوان االقتصاديين دون أن يكون ناتجا عن استغالل

وضعية تبعية يبقى محل تساؤل. ولكن أال يمكن تأسيس الدعوى المدنية على التعسف في

استعمال الحق؟

وبالمقابل يجب أن يكون طلب المستهلك للسلعة أو الخدمة طلبا عاديا خال من أي

ء نية.سو

فإذا طلب المستهلك ما يفوق مقدرة البائع أو مؤدي الخدمة في تلبيته كان طلبه غير عادي،

أو أن يطلب كمية قليلة ال تتناسب مع الكمية التي اعتاد البائع على التعامل بها كأن يطلب

من بائع الجملة بيع السلعة بالتجزئة138

.

فإذا كان الطلب غير عادي كان هذا مبررا لرفض البيع. ويجب أن يكون المستهلك حسن

النية في طلبه، وتتجلى نية اإلضرار بالبائع في أي عمل ينوي المشتري القيام به ويكون

الغرض منه إلحاق خسارة بالبائع أو تفويت فرصة عليه، كأن يشتري مسحوق غسيل

إشهار بالمقارنة بينه وبين مسحوق غسيل آخر بإظهار مساوئ األول ومحاسن إلجراء

األخير بغية ترويج هذا األخير.139

فإذا كان رفض البيع على النحو الذي ذكرنا، فإنه ال مجال للشك أنه تطبيق لنظرية التعسف

في استعمال الحق.

.20المرجع السابق ص محاضرات في قانون المنافسة ، –د. بختة موالك 138 .20نفس المرجع ص 139

Page 49: التعسف في استعمال الحق

48

إلضرار.فانعدام المبرر الشرعي قرينة على قصد ا

لذا فإن المشرع قرر له جزءا جنائيا زيادة على الجزاء المدني.

: Abus de position dominante/ التعسف في وضعية الهيمنة 2

المتعلق بالمنافسة. وقد عرفت المادة 02/02من األمر 07وهذا التعسف نصت عليه المادة

من الحصول على مركز قوة وضعية الهيمنة بأنها " الوضعية التي تمكن مؤسسة ما 02

اقتصادية في السوق المعني من شأنها عرقلة قيام منافسة فعلية تعطيها إمكانية القيام

بتصرفات منفردة إلى حد معتبر إزاء منافسيها أو زبائنها أو ممونيها ".

إجماال في فرض شروط 02/02من األمر 07تتمثل حاالت التعسف التي حددتها المادة

مع المؤسسات األخرى، والممارسات التي تتعلق بالتشجيع المصطنع الرتفاع في التعامل

األسعار أو انخفاضها.

ال يمنع أن تتمتع مؤسسة ما بوضعية هيمنة في السوق، فهذه 02/02وإذا كان األمر

من 12رخصة مثل الرخص األخرى، ولكنه يمنع التعسف في استعمال هذه الهيمنة والمادة

بره ممارسة مقيدة للمنافسة، وبالتالي غير مشروعة في األصل ألنها تعت 02/02األمر

تهدف إلى تحقيق مصلحة غير مشروعة.140

وبذلك يثبت الحق في التعويض المدني على أساس التعسف في استعمال الحق لكل من

عن الجزاء الجنائي الذي تبوء به المؤسسة المتعسفة.أصابه ضرر، هذا فضال

لكن هناك حاالت يصبح فيها التعسف في استعمال وضعية الهيمنة أمر مشروعا وهي

، وهي حالة التعسف الناتجة عن تطبيق 02/02من األمر 00الحاالت التي حددتها المادة

ه مسموح به في ذلك اإلطار.نص قانوني، فإذا كان القانون يجيز أو يبرر هذا التعسف فإن

وحالة التعسف المبررة بالتطور االقتصادي، وتمثل هذه الحالة النموذج الفعلي لتقييد الحق

بالغاية االقتصادية وبتغليب مصلحة الجماعة عن مصلحة األفراد.

.17محاضرات في قانون المنافسة ،المرجع السابق ص –د. بختة موالك 140

Page 50: التعسف في استعمال الحق

49

فإذا أثبتت المؤسسة المتعسفة في الهيمنة أن هذه الممارسات تؤدي إلى نتيجة إيجابية تساهم

التطور االقتصادي والتقني أو تساهم في توفير مناصب شغل أو تساهم في تحسين في

الوضعية التنافسية للمؤسسات الصغيرة أو المتوسطة في المجال الذي تمارس فيه المؤسسة

المتعسفة نشاطها، فإن هذا التعسف يكون مشروعا ولكن إذا أمكن تحقيق هذه النتائج دون أن

الممارسات كان هذا األمر غير مشروعتلجأ المؤسسة إلى هذه 141

.

/ االستغالل التعسفي لحالة التبعية: 3

حالة التبعية االقتصادية بأنها "العالقة التجارية التي ال 02/02من األمر 2عرفت المادة

ا أرادت رفض التعاقد بالشروط التي تفرضها عليها يكون فيها لمؤسسة ما، حل بديل إذ

مؤسسة أخرى سواء كانت زبونا أو ممونا".

من هذا التعريف يتضح أن التبعية تخلق هيمنة لكنها تتميز عن الهيمنة الحقيقية بأنها نسبية

وليست مطلقة. فالمؤسسة ال تهيمن على السوق أو جزء منه وإنما تهيمن على مؤسسة

أخرى.

ية المذكورة هي تبعية اقتصادية وليست قانونيةفالتبع142

.

فقد يكون الممون تابع للزبون، إذا كان هذا األخير يتمتع بقوة شرائية كبيرة، فيصبح الممون

ضحية لتعسف المشتري، وقد يكون العكس، فقد يكون للممون امتيازات اقتصادية يفقدها

تنشأ عالقة تبعية اقتصادية يتعسف فيها المتبوع على تابعه.غيره من الممونين، ف

هذه الحاالت على سبيل المثال ال الحصر وهي: 02/02من األمر 11وقد عددت المادة

رفض البيع دون مبرر شرعي والبيع المالزم والبيع التمييزي، والبيع المشروط باقتناء كمية

قطع العالقات التجارية لمجرد رفض المتعامل دنيا، واإللزام بإعادة البيع بسعر أدنى، و

الخضوع لشروط تجارية غير مبررة.

/ خفض األسعار بشكل تعسفي:1

.11محاضرات في قانون المنافسة، المرجع السابق ص –د. بختة موالك 141 .17نفس المرجع السابق ص 142

Page 51: التعسف في استعمال الحق

50

األصل في االقتصاد الحر هو حرية األسعار، وليس معنى ذلك تركها للحرية الفردية لكل

تفاقات منتج أو موزع أو بائع يرفعها أو يخفضها حسب ما تمليه رغبته لذلك يمنع القانون اال

الجماعية الرامية إلى التشجيع المصطنع الرتفاع األسعار أو انخفاضها.

من 13كما يمنع عليهم ممارسة أسعار بيع مخفضة بشكل تعسفي للمستهلكين، فتنص المادة

على أنه يحضر عرض األسعار أو ممارسة أسعار بيع مخفضة بشكل 02/02األمر

نتاج والتحويل والتسويق إذا كانت هذه العروض أو تعسفي للمستهلكين مقارنة بتكاليف اإل

الممارسات تهدف أو يمكن أن تؤدي إلى إبعاد مؤسسة أو عرقلة أحد منتوجاتها من الدخول

إلى السوق.

فخفض األسعار بهدف إبعاد مؤسسة أو عرقلة أحد منتوجاتها من الدخول إلى السوق فيه

خفض األسعار أن يؤدي إلى اإلضرار قصد لإلضرار، وإذا لم يقصد ذلك ولكن من شأن

بمؤسسة أخرى فهنا الضرر ال يتناسب مع ما يحصل عليه من فائدة وفي الحالتين يتحقق

التعسف.

/ في اإلشهار: 5

كذلك طبق المشرع الجزائري نظرية التعسف في استعمال الحق في مجال استعمال المنتج

أو الصناعي أو الموزع لحقه في اإلشهار.

مشرع قد منح المنتجين والصناعيين والموزعين الحق في إشهار منتجاتهم واإلعالن فإن ال

عنها، بغرض جلب الزبائن إليها وترغيبهم فيها وإعالمهم بها، بل وجعل اإلشهار بغرض

إعالم المستهلك حقا من حقوق هذا األخير، ألهمية الدور الذي يقوم به في تعريف المستهلك

ت المعروضة لالستهالك وتبيان مميزاتها وخصائصها التقنية بالمنتوجات أو الخدما

والنوعية والكمية وشروط وكيفية االستعمال وبالمخاطر التي قد تلحق منها143

.

ضر عليه التعسف في استعمال حقه في اإلشهار ، وألزم المعلن بالصدق والموضوعية، وح

، المتعلق بوسم المنتوجات المنزلية 00/211من المرسوم التنفيذي 7واعتبر في المادة

غير الغذائية وعرضها بأن كل بيان يوضع على المنتوج أو الخدمة بهدف التمييز بشكل

.17المرجع السابق ص -سواشي وسيلة، مميزات دعوى المنافسة غير الشرعية عن دعوى المسؤولية التقصيرية 143

Page 52: التعسف في استعمال الحق

51

من شأن ذلك اإلضرار تعسفي بين منتوج معين ومنتوجات أخرى مماثلة "ممنوعا" ألن

بصانع ما أو موزع ما، ويترتب عنه منافسة غير مشروعة يمكن أن تطبق عليها القواعد

العامة في التعسف في استعمال الحق144

.

: بعض تطبيقات نظرية التعسف في استعمال الحق في مجال قانون ب الثالثــــالمطل

األسرة

حاول في هذا الصدد أن نبين بعض صور التعسف في مجال قانون األسرة واخترنا العدول ن

، والطالق التعسفي ، اإلمساك التعسفي ، و التعسف في الوصية ، و التعسفي عن الخطبة

حق الوالية ، وسنتكلم عنهم تباعا

التعسف في استعمال حق العدول عن الخطبة .1

.17نفس المرجع ص 144

Page 53: التعسف في استعمال الحق

52

امرأة معينة بتوجيه هذا االلتماس إليها أو إلى وليها وسواء الخطبة هي التماس الزواج من

كان هذا االلتماس أو الطلب صراحة بإظهار الرغبة بطريقة مباشرة كأن يقول لمن يخطبها

"أريد أن أتزوجك: أو بالتعريض بما يستعمله من ألفاظ يفهم منها قصد الخطبة من عارضها

بالقرائن 145

.

و تكيف الخطبة عند الفقهاء بأنها وعد بالزواج، فال يترتب عليها أي أثر من أثار عقد

الزواج الصحيح حتى و إن وافقت المخطوبة أو من له حق الموافقة146

.

من قانون األسرة بقوله: " الخطبة وعد بالزواج، 00و قد نص المشرع على هذا في المادة

هي ال تعد و أن تكون وعدا وليست عقدا و إن تمت باتفاق و يجوز للطرفين العدول عنه" ف

الطرفين147

و بالتالي فإن حق العدول ثابت للطرفين مادام العقد لم يتم، و ذلك لتوافر

الحرية في اختيار الزوج و الزوجة، حتى أن القوانين التي تعتبر الوعد بالعقد ملزما،

لوعد بالزواج لما لهذا العقد من خطراستثنت ا148

.

و ال يغير من طبيعة الخطبة كونها وعدا بالزواج و من ثم ثبوت حق العدول للخاطب من

دبـي قد يحـتم اقترانها بالفاتحـة، و مـن ثم فـإن الخاطـب ال يربطـه بمخطـوبته إال التــزام أ

عليه الوفاء بالوعد149

، لكن رغم هذا إذا عدل أحد الخاطبين فليس له حق استرداد ما أهداه،

و للطرف الذي لم يكن العدول منه ، له حق استرداد ما لم يستهلك من الهدايا أو قيمته إذا

و التساؤل هنا عن حكم العدول التعسفي عن ( من قانون األسرة 00استهلك )المادة

الخطبة؟

لم يتناول فقهاء الشريعة القدامى هذه المسألة و تكلم عنها الفقهاء المحدثين، وتعددت آراؤهم

بشأنها، و يمكن إجمالها في ثالثة آراء:

، الزواج و الطالق ديوان المطبوعات الجامعية 1ي شرح قانون األسرة الجزائري ، ج بلحاج العربي، الوجيز ف - 145

.22، ص 1000دراسة المقارنة بين الشريعة و –لتعسف في استعمال الحق و أثرها في أحكام فقه األسرة العربي مجيدي ، نظرية ا - 146

.110، جامعة الجزائر، كلية أصول الدين ، ص 3001القانون ، ماجستر .131بلحاج العربي، نفس المرجع، ص - 147 .110، 100محمد أبو زهرة، إساءة استعمال الحق، المرجع السابق ص - 148 ، بتصرف.110أنظر محمد أبو زهرة، إساءة استعمال الحق ، المرجع السابق ص - 149

Page 54: التعسف في استعمال الحق

53

الرأي األول : العدول عن الخطبة حق مطلق

الفقهاء إلى أن العادل عن الخطبة ال يضمن الضرر الناشئ عن العدول وليس ذهب بعض

للقاضي أن يحكم به، ألن العدول حق للخاطب و المخطوبة بال قيد و ال شرط، و قد استندوا

على الحجج التالية:

للعادل بحكم بعض الفقهاء استرداد ما أهداه، و له بإجماع الفقهاء استرداد ما قدمه على -1

ه مهر، فأولى أال يدفع ماال في نطر ما يسمى ضررا.أن

من المقرر فقها أنه ال ضمان في استعمال الحق ما لم يكن متعديا و ال تعدي هنا. -3

إن الذي وقع عليه الضرر يعلم أن للطرف اآلخر حق العدول في أي وقت شاء، فإن -2

ئج إذا كان العدول ، و إذا أقدم المتضرر على عمل بمقتضى أحكام الخطبة فليتوقع النتا

حصل ضرر، فهو نتيجة االغترار و لم يغرر به أحد، و من المقررات الفقهية أن الضمان

عند التغرير ال عند االغترار.

تحميل الخاطب مغارم مالية بسبب العدول فيه نوع من اإلكراه على الزواج،و يجب أن -2

يتوافر في عقد الزواج كامل الرضاء و الحرية.

كان على من وقع عليه الضرر أن يطلب البت في األمر، إما بقطع الخطبة أو بإمضاء -0

الزواج وما دام لم يفعل فليتحمل مغبة تقصيره، من غير أن يشركه أحد.

الرأي الثاني : وجوب التعويض عن الضرر الناشئ عن العدول

يتجه بعض الفقهاءالمحدثين إلى األخذ بالحكم بالتعويض إذا تضرر أحد الطرفين بسبب 150

عدول الطرف اآلخر عن الخطبة استنادا على الحجج التالية :

من المقررات الشرعية أنه ال ضرر، و الضرر يزال، و طريق إزالته هو التعويض و -1

رتباط قد ينشأ عنه تصرفات يتحمل أحدهما بسببها ألن الخطبة إن لم تكن عقدا فهي اتفاق وا

مغارم مالية و قد تكون أسبابه قد تمت بمعرفة العادل أو برأيه أو تحت سمعه و بصره،

فالعدول بعد ذلك ال يخلو من تغرير.

.111، 110مرجع السابق ص الإساءة استعمال الحق ،محمد أبو زهرة ، - 150

Page 55: التعسف في استعمال الحق

54

و ال تعارض في هذا أن يكون العدول حقا و بين التعويض عن الضرر، ألن التعويض -3

مجرد و لكنه لضرر ناشئ عن العدول بعد أخذ األهبة و السير في ليس ناشئا عن العدول ال

األسباب و تفتح أبواب النفقات، فاألحوال التي أحاطت بالعدول و للخاطب دخل فيها هي

التي أوجدت الضرر، فإذا عدل بعد ذلك، فقد استعمل ذلك الحق في وقت ينزل فيه الضرر

و اإلنصاف.بغيره و لكل حق ميقات معلوم في حكم العقل

اإلتجاه الوسط الرأي الثالث :

هذا الرأي هو نتيجة الموازنة بين الرأيين األول و الثاني، و هذا الذي عليه أغلب الفقهاء و

يذهب أصحابه إلى أن العدول عن الخطبة ال يكون في ذاته سببا في التعويض، ألنه

ماله ال يترتب عليه تعويض، استعمال حق، و الحق ما دام ال تعدي فيه و ال تعسف في استع

و بالتالي ال تعويض عن العدول عن الخطبة إال إذا كان تعسفا في استعمال هذا الحق151

.

المخطوبة وظيفتها للتفرغ فإذا نشأ ضرر عن أفعال صاحب العدول أو سبقته كأن تترك

لشؤون البيت بعد الزواج بإيعاز من الخاطب ثم عدل بعد ذلك عن الخطبة152

، أو يستأذنه

أولياء المخطوبة في الجهاز فيأذن153

، أو تطلب المخطوبة إعداد مسكن يكلف الخاطب

كثيرا ثم تعدل بعد ذلك هنا تدخل المسألة في باب التغرير الموجب للضمان.154

ر ينشأ وللطرف و بالتالي يكون الضرر الناشئ عن العدول، وفقا لهذا الرأي قسمان، ضر

الذي عدل دخل فيه، و القسم الثاني ضرر ينشأ عن مجرد الخطبة والعدول من غير عمل

من جانب الطرف الذي عدل، فاألول يعوض و الثاني ال يعوض، فاألول كان فيه تغرير و

هو موجب للضمان و الثاني كان نتيجة اغترار فال تعويض155

.

.130المرجع السابق ص ، نظرية التعسف في استعمال الحق وأثرها في أحكام فقه األسرة ،العربي مجيدى - 151

.131السابق ص ، نظرية التعسف في استعمال الحق وأثرها في أحكام فقه األسرة ، المرجع العربي مجيدى - 152

.111المرجع السابق ص اءة استعمال الحق ، ،إسمحمد أبو زهرة - 153

.131المرجع السابق ص ،العربي مجيدى - 154

.111المرجع السابق ص ،محمد أبو زهرة - 155

Page 56: التعسف في استعمال الحق

55

و عليه يمكن القول أن العدول الذي يستوجب التعويض هو التعسفي الذي يعتبر قرينة على

اإليذاء و الضرر156

.

و تجدر المالحظة أن األفعال األجنبية عن الخطبة الكل متفق على حق المتضرر في

آلخر أفعاال أو أوصافا مؤذية، فقد يكيف فعله التعويض عنها، كأن ينسب أحد الطرفين إلى ا

هذا بأنه جريمة يعاقب عليها القانون.

المشرع من العدول التعسفي عن الخطبة: موقف-1

من 2فقرة 0بعد استعراض آراء الفقهاء نبين موقف المشرع الذي تكرس بنص المادة

ر مادي أو معنوي قانون األسرة التي تنص :"... إذا ترتب عن العدول عن الخطبة ضر

ألحد الطرفين جاز الحكم له بالتعويض".

وواضح أن المشرع أقر التعويض عن الضرر الذي ينشأ عن العدول، و لكن جعل الحكم به

يحكم به ؟ أمر جوازي للقاضي أي يخضع لسلطته التقديرية فقد يحكم به أوال

لتساؤل بأي رأي أخذ و صياغة النص على النحو السابق التي جاءت عامة مطلقة تدعو ل

المشرع؟

إن اإللتزام بحرفيه النص قد يؤدي إلى نتائج متناقضة على المستوى العملي، ذلك أن

الحكم بتعويض عن الضرر الناشئ عن العدول، دون أن –بحكم النص –القاضي يجوز له

وي على حاالت التعسف، و يجوز له بحكم النص أيضا عدم الحكم طيكون هذا العدول ين

ين؟ التعويض عن العدول الذي فيه تعسف ّبب

فصياغة النص السابقة تحمل في طياتها بعض الصعوبات نجملها في مالحظتين:

: فهو عدم تقييد التعويض عن الضرر إال الضرر الناشئ عن العدول التعسفي و أما األولى

ا دون تقييده لقد سبق أن رأينا أن ما في حكم التعويض عن الضرر الناشئ عن العدول مطلق

من خطر، كونه ال يخلو من إكراه الخاطب على المضي قدما في إتمام الزواج و لو كرها،

.131العربي مجيدى، المرجع السابق ص - 156

Page 57: التعسف في استعمال الحق

56

خوفا من األعباء المالية التي قد تترتب عليه إذا عدل عن الخطبة، في حين يجب أن تتوافر

في عقد الزواج كامل اإلرادة والرضا.

نعتقد أن النص يقيم المسؤولية عن و إضافة إلى ما سبق و بالتأمل في النص ، تجعلنا

العدول المنشئ للضرر على أساس موضوعي قوامها الضرر، و هذه المسؤولية لم يأخذ بها

المشرع الجزائري في المسؤولية عن األفعال الشخصية.

و النص بهذه الصياغة يحمل تناقضا غير خفي، كون العدول عن الخطبة ثابت للخاطب و

هذا الحق؟ حيث أنه من المعلوم أنه ال مسؤولية عن استعمال الحق المسؤولية عن استعمال

إال بالتعسف في استعماله.

و لكن برد النص إلى األصول العامة عن األفعال الشخصية، و عدم االلتزام بحرفية النص

وي تحت نظرية التعسف في استعمال الحق و بالتالي يثبت ضو إنما بالفحوى، فإن النص ين

لضرر الناشئ عن العدول التعسفي عن الخطبة، و ال يثبت التعويض عن التعويض عن ا

الضرر الناشئ عن حق العدول المجرد الخالي من التعسف.

: أن المشرع جعل الحكم بالتعويض عن الضرر الناشئ عن العدول جوازيا، و أما الثانية

أي خاضعا لسلطته التقديرية.

ها فيما سبق، التي مقتضاها أن ال تعويض إال عن العدول بالنتيجة التي انتهينا إلي نافإذا سلم

التعسفي فإنه ال يسع القاضي إذا تبين له التعسف إال الحكم بالتعويض، أي يكون ملزما

.من القانون المدني 132بالحكم به، و هذا هو مقتضي المادة

لتالي "إذا و على هذا فإن صياغة النص معيبة و لعلها تكون أفضل لو صيغت على النحو ا

ترتب عن العدول التعسفي عن الخطبة ضرر مادي أو معنوي، فللطرف المتضرر الحق في

التعويض"

و يترك تقدير العدول كونه تعسفا موجبا للمسؤولية إلى القاضي بحسب ما يراه كونها مسألة

موضوعية.

التعسف في فك الرابطة الزوجية .2

Page 58: التعسف في استعمال الحق

57

نه يعقد بنية التأبيد، فعقد الزواج المؤقت ال يقره أي أ يمن ميزات عقد الزواج أنه عقد أبد

و أتجعل استمراره أمرا عسيرا على الطرفين معا االشرع و القانون، و لكن قد تطرأ أمور

ل بها عقد الزواج، و هي الطالق و التطليق و حعلى أحدهما لذا قرر الشرع ثالث طرق ي

الخلع.

ملكه إال هو ، غير أنه ليس حقا مطلقا، بل مقيد و الطالق يتم بإرادة الزوج و هو حق له ال ي

بقيود قررها الشرع و هي157

:

أن يكون الطالق لسبب يدعو إليه و يبرره . -

أن يقع في حالة طهر لم يمسها فيه. -

بأكثر من طلقة واحدة. أن ال يكون -

العصمة بيد الزوج –و متى استعمل الزوج حقه في الطالق فإنه يقع عمال بالقاعدة 158

ةفتستحق الزوجة المطلقة تعويضا عن ألم فراق زوجها يسمى نفقة المتع159

.

وقد يتفق الزوجان على الطالق، و قد يمضيه الزوج وحده إذا توافرت مبرراته و قد يكون

من القانون األسرة. 20بطلب من الزوجة المادة

يطلق الزوج زوجته بدون سبب أو مبرر، أو يكون أما تعسف الزوج في الطالق، كأن

لمجرد إلحاق الضرر بها، أو يطلقها ليقيم عالقة غير مشروعة مع أخرى، فإنه يقع

ويثبت لها الحق في التعويض.

يقاع الطالق مسألة موضوع متروكة للقضاءإو تقدير التعسف في 160

.

غير أن القضاة يمكنهم االسترشاد بالمعايير العامة للتعسف في استعمال الحق، أو على األقل

- بالمعيار العام و هو استعمال الحق في غير الغرض الذي شرع من أجله، أما أن يترك لهم

غير ذلك فيه هو ين ما هو التعسف و ما ير تبيأمر تقدير التعسف دون إلزامهم بمعا - القضاة

.22المرجع السابق ص نظرية التعسف في استعمال الحق وأثرها في أحكام فقه األسرة ، العربي مجيدى، - 157

.71ع ، ص 00م ق ، س 20221، ملف رقم 21/13/1072أنظر في هذا قرار المحكمة العليا المؤرخ في - 158

2ع 70جلسة قضائية سنة 20013، ملف رقم 07/02/1070أنظر قرار المحكمة العليا، قرار مؤرخ في - 159 .70ص

.320ر في بلحاح العربي المرجع السابق ص ، مذكو 30/00/1010المحكمة العليا، قرار مؤرخ في - 160

Page 59: التعسف في استعمال الحق

58

مجازفة و خطورة ينبغي على المشرع تفاديها، و ذلك بتوجيه القاضي بمعايير أكثر دقة

خاصة بالطالق التعسفي.

و على كل فإنه يثبت بالطالق التعسفي إضافة إلى نفقة المتعة الحق في التعويض )المادة

تعويض على وجه الدقة ما هو تعويض و ما هو ( و ينبغي على القاضي أن يبين مبالغ ال03

نفقة متعة و ال يحكم به إجماال و إال تعرض قرارهم161

للنقض.

و الشك أن الطالق التعسفي ما هو إال تطبيق لنظرية التعسف في استعمال الحق

مكرر مدني. 132لمنصوص عليها في المادة ا

من قانون األسرة التأسيس الصحيح للحكم بالتعويض عن الطالق التعسفي 03وتعتبر المادة

مكرر مدني ألخذ مفهوم 132ولكنه غير كاف، ذلك انه البد من الرجوع إلى أحكام المادة

لة واقع.أمها مسالتعسف، فحاالت التعسف مسالة قانونية إما قيامها أو عدم قيا

نه يمكن للقاضي الحكم بالتعويض عن الطالق التعسفي حتى في غياب ألذا فإننا نتصور

للحكم 132والمادة ﴾قيام حاالت التعسف﴿مكرر 132أسرة، استنادا إلى المادة 03المادة

بالتعويض عن الضرر.

األحوال وإنما خصه المشرع بنص خاص في قانون األسرة، ليسهل األمر على قاضي

ونظرا لخطر الطالق وكثرة وقوعه. ،الشخصية

وخالصة القول أن الطالق التعسفي ال يخرج عن المسؤولية التقصيرية.

الطالق في مرض الموت: -صورة أخرى من صور الطالق التعسفي

اتفق العلماء أن المريض مرض الموت إذا طلق زوجته في مرضه ومات من ذلك المرض

ذا كطالق صحيح، سواء كان الطالق رجعيا أو بائنا، وذلك كون صحة فان الطالق يقع ناف

الطالق ونفاذه ال يشترط فيها صحة المطلق، كما أنهم اتفقوا على أن المطلقة ترث من

زوجها إن كان طلقها طالقا رجعيا ومات في عدتها من مرضه، لكنهم اختلفوا في ميراثها

.10ص 3العدد 70، م ق سنة 21010، ملف رقم 07/02/1071المحكمة العليا، قرار مؤرخ في - 161

Page 60: التعسف في استعمال الحق

59

جمهور إلى توريثها وذهب الشافعية إلى عدم إن طلق طالقا بائنا في مرض موته، فذهب ال

توريثها.

والقائلين بتوريثها اختلفوا أيضا بين القائلين بتوريثها مطلقا سواء مات أثناء عدتها أو بعد

انقضاء عدتها، حتى وان تزوجت غيره وهذا رأي المالكية، بينما ذهب الحنابلة أنها ترثه

زوجت غيره فال ميراث لها.ولو انقضت عدتها مالم تتزوج غيره فإذا ت

وذهب الحنفية إلى أنها ترث ما دامت في عدتها فإذا انقضت عدتها فال ميراث لها162

.

أتى بالحكم المتفق فيه 123لطالق في مرض الموت، ونص المادة لقد سكت المشرع عن ا

ولم يتطرق للمسالة الخالفية، وهي أن تحدث الوفاة بعد انقضاء العدة والطالق البائن الذي

يكون في مرض الموت.

ويتجه الفقه إلى توريث المطلقة طالقا بائنا إن حدثت الوفاة قبل انقضاء عدتها163

.

قة وذلك بحرمانها من لكن الطالق في مرض الموت يغلب فيه قصد األضرار بالمطل

مكرر يجد مكانا لتطبيقه ويكون التعويض. 132الميراث فإذا ما ثبت هذا، فان نص المادة

وحق التعويض حق للمطلقة يثبت لها تجاه الورثة بحدود ما آل إليهم من التركة باعتباره

على دينا في ذمة المورث طبقا للقواعد العامة، ويبدو أن تعويض المطلقة في مرض الموت

حل يتفق مع األصول العامة -طبقا للقانون -أساس التعسف حتى وان لم تستحق اإلرث

وضحها بالمثال التالي: نللقانون، وتقبله الشريعة اإلسالمية وتبقى هنالك مسالة دقيقة

ة طالقا تعسفيا رجعيا وحدثت الوفاة أثناء عدتها، فإنها ترث طبقا للقانون، أإذا طلقت المر

، أما إذا حدثت الوفاة بعد 03التعويض عن الطالق التعسفي طبقا لنص المادة وتستحق

؟ . انقضاء عدتها أوكان طالقها بائنا فما الحكم في هذه الحالة

انظر في هذه التفصيالت الفقهية العربي مجيدي، نظرية التعسف في استعمال الحق وأثرها في أحكام فقه األسرة المرجع وما بعدها. 120السابق ، ص

101نظرية التعسف في استعمال الحق وأثرها في أحكام فقه األسرة ،المرجع السابق ص،ي العربي مجيد -انظر: - 163 ، الميراث والوصية، ديوان المطبوعات 3 العربي بلحاج، الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري ج –

.01،03، ص3000، 2الجامعية، ط

Page 61: التعسف في استعمال الحق

60

طبقا لقواعد التعويض عن األضرار، فان المتضرر يستحق التعويض عن ما لحقه من

من فن حق اإلرث يكيخسارة وما فاته من كسب، وعلى المتضرر إثبات ذلك، ولما كا

فوات الكسب فإنها تستحقه، ويجوز لها المطالبة به عينا أو بقيمته، زيادة على التعويض عن

.03الطالق التعسفي طبقا لنص المادة

اإلمساك التعسفي. .3

عقد الزواج يقوم على المودة والرحمة وكل المعاني النبيلة، ولكن قد تتحول الحياة الزوجية

وتحل محلها النبيلةتحمله تفقد معها الحياة الزوجية تلك المعاني على النفس إلى شيء يشق

الواقعي قد تكون أكثر عرضة لتحمل هذه و ة بحكم مركزها القانونيأوالمر ،معاناة يومية

المعاناة، ذلك أن الرجل يملك أن يطلقها ويملك أن يمسكها، وكثيرا ما يحدث في الحياة أن

زواج إلى تنكر ووحشة والرحمة إلى قسوة والمودة إلى كره وبغض، تتحول األلفة بين األ

بل قد يعلنان لبعضهما العداء ويضمران في نفوسهما نية االنتقام، فيصبح الخالص بالنسبة

عرض الرجل عن حل هذه الرابطة بالطالق أو بغيره، أللزوجة حلما بعيد المنال، إذا

رغبة في األضرار بها، وبتركها معلقة ليفوت وتمسك بإبقائها عنده، ال رغبة فيها وإنما

عليها فرصة الزواج بغيره.

وإذا طلقتم النساء فامسكوهن بمعروف أو »... ن هذا التصرف المشينآلقد منع القر

«سرحوهن بمعروف، وال تمسكوهن ضرار لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه164

.

المجلس األعلى هذا الذي قضى به165

ذلك إن الطاعنة اشتكت منذ حوالي عشرة سنوات »

من اإلساءات المسلطة عليها من المطعون ضده، وان قضاة الموضوع ال حضوا هذه

ثل في تصلبه ورفضه بتسريح اإلساءات من خالل الموقف التعسفي الذي أظهره والمتم

زوجته، بعد استحالة الحياة الزوجية بينهما، وحيث أن المطعون ضده أبدى هذا الموقف

من سورة البقرة. 321اآلية - 164 . 03، ص1، ع1070، المجلة قضائية، سنة21700، ملف رقم33/02/1070قرار صادر في - 165

Page 62: التعسف في استعمال الحق

61

بصورة جلية وواضحة لما صرح أمام قاضي الدرجة األولى بأنه يتركها معلقة وانه إلى

جانب هذا االستمرار في استعمال طرق المساومة معها وأعلن انه يقبل الطالق مقابل

عوض ال تطيق عليه، وحيث أن هذا مخالفة صريحة لمعاني الزواج التي تقوم على الوفاق

«والوئام وفيه تعسف بين في استعمال الحق....

وقد يتخذ التعسف هنا، صورة أخرى، وذلك بان يطلقها ثم يراجعها ويكون قصده باإلرجاع

يطلق الرجل -ق في ثالثقبل حصر الطال -في أول اإلسالم اإلحاق الضرر بها، وقد كانو

امرأته ثم يتركها حتى تقارب انقضاء عدتها ثم يرجعها لكي ال تذهب إلى غيره ثم يطلقها ثم

يرجعها وهكذا. فيترك امرأته ال مطلقة وال ممسكة، فأبطل اهلل ذلك وحصر الطالق في

ثالث مرات166

.

وذهب اإلمام مالك إلى أن من راجع امرأته قبل انقضاء عدتها ثم طلقها من غير مسيس،إن

قصد بذلك مضرتها بتطويل العدة، لم تستأنف العدة وبنت على ما مضى منها وان لم يقصد

استأنفت العدة من جديد تهابذلك مضار167

بل ذهب البعض إلى أنها تبين مطلقا168

التعسف في الوصية. .1

من 170ولهما ما جاءت به المادة ألقد قيد المشرع الوصية بقيدين يجعالن منها حقا محددا،

، والثاني هو ما نصت عليه المادة «جازها الورثةأوصية لوارث إال إذا ال »قانون األسرة

ركة، ما زاد على الثلث يتوقف على إجازة تتكون الوصية في حدود ثلث ال»بقولها 170

«.الوراثة

من الورثة، ومن حيث واأي حددها من حيث صفة األشخاص الذين تثبت لهم بان ال يكون

ركة.تن ثلث الزيد عتقيمتها ومقدارها بان ال

تزم المورث بهذين القيدين فقد خرج على حدود حقه، فال تنفذ وصيته إال إذا لوإذا لم ي

أجازها الورثة.

.17ل الحق، المرجع السابق، صضرر وال ضرار والتعسف في استعما الدكتور، محمد زكي عبد البر. ال - 166 .01والحكم ، المرجع السابق، ص ابن رجب الحنبلي، جامع العلوم - 167 .01لقتادة وعطاء الشافعي ذكره ابن رجب، المرجع نفسه، ص هذا القول - 168

Page 63: التعسف في استعمال الحق

62

ولكن ماذا لو التزم الموصي بهذين القيدين، وكان قصده من الوصية األضــــرار بالـورثة

أو الحصول على مصلحة غير مشروعة.

ون األسرة، مما يرجعنا إلى الفقه اإلسالمي عمال لم يرد نص خاص بهذه الحالة في قان

منه. 333بالمادة

إن فقهاء الشريعة اإلسالمية وخاصة الحنابلة والمالكية الذين يعتدون بالباعث، تكلموا عن

هذه الحالة.

قيم الجوزيةل ابن فيقو169

قاعدة الشريعة التي ال يجوز هدمها إن المقاصد واالعتقادات »

معتبرة في التصرفات والعبادات كما هي معتبرة في القربات والعادات، فالقصد والنية

اسدا.... ودالئل هذه القاعدة تفوق واالعتقاد يجعل الشيء حالل أو حراما أو صحيحا أو ف

الحصر، فمنها....وقال اهلل تعالى ومن بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار، فإنما قدم

وصية على الميراث إذا لم يقصد بها الموصي الضرار، فان قصده فللورثة إبطالها الاهلل

«. وعدم تنفيذها

صية ألجنبي بالثلث فانه يأثم وهل ترد وأما قصد المضارة بالو» ويقول ابن رجب الحنبلي:

وصيته إذا تثبت بإقراره أم ال؟ حكى ابن عطية رواية عن مالك أنها ترد، وقيل انه قياس

«احمد170

.

بالباعث في التصرفات، وتوسع في األخذ وبالرجوع إلى قواعد الفقه المالكي، والذي اعتّد

رائع يرجح القول بإبطال الوصية إذا ما قصد بها األضرار بالورثة.ذبمبدأ سد ال171

فإذا أوصى المورث ألحد الورثة ثم قال إن لم يجز الورثة فذلك للمساكين، فان الوصية »

«ار بالورثة تبطل وترجع ميراثا، الن تصرفه على هذا النحو يدل على قصد اإلضر172

عسف في استعمال الحق وأثرها . ذكره العربي مجيدي، نظرية الت01، 00، ص2إعالم الموقعين عن رب العالمين، ج -.101في أحكام فقه األسرة ،المرجع السابق، ص 169

. 001جامع العلوم والحكم ، المرجع السابق، ص - 170 .101العربي مجيدي، المرجع السابق، ص - 171 .101ها بتصرف عن العربي مجيدي، نفس المرجع، صتهذه العبارة ألبي القاسم المالكي، نقل - 172

Page 64: التعسف في استعمال الحق

63

من المذهبين المالكي و الحنبلي من الفقه اإلسالمي، وهم ال حهذا موقف الرأي الراج

يجيزون قصد األضرار بالوصية ويرتبون عليه إبطالها.

ف في استعمالها، باالعتماد على ما نقلناه من رأي بعض فالوصية إذن مقيدة بعدم التعس

مكرر من القانون المدني التي تطبق على حق اإليصاء 132الفقهاء، وعلى نص المادة

أيضا.

حق الوالية على النفس وعلى المال: .5

شرعت الوالية على النفس والمال لرعاية مصلحة المولى عليه وتحقيق الخير له وصالح

سه وماله، ولذلك تثبت في الشريعة اإلسالمية لمن كان شانه الحرص على منفعة أمره في نف

المولى عليه بسبب ما بينهما من قرابة ونحوها، مما يستوجب الشفقة والعطف وحسن

جله كان متعسفا في هذا أ الرعاية، فإذا استعمل المولى هذا الحق في غير ما شرع من

االستعمال173

.

فحق الوالية اقرب إلى السلطة منه إلى الحق، باعتباره شرع لتحقيق مصلحة المولى عليه

عسفا في استعمال حقه، تفإذا استعمل هذا المولى هذا الحق لتحقيق مصلحة نفسه عّد م

تطبيقات الشيء الكثير، لكننا نتوقف عند هذا الحد مخافة الة ومثلاألويدخل في هذا الباب من

التطويل.

.00ة التعسف في استعمال الحق في الشريعة اإلسالمية ، المرجع السابق صعيسوي احمد عيسوي، نظري - 173

Page 65: التعسف في استعمال الحق

64

ـــــــــــل ــــــــــــــــــــــــــــالفصــــــــــــــــــــــــــــ*

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالثـــــــــــــــــــــ

ـــــــــاني *ـــــــــــ

اء ـــــمسألة النظام القانوني لنظرية التعسف في استعمال الحق هي محل خالف بين الفقه

، و لم يتفقوا حول األول() المبحث فهم لم يتفقوا أوال عن المعايير التي بها نميز التعسف

مسألة تأصيل نظرية التعسف في استعمال الحق ، أي ما إذا كانت هذه النظرية مستقلة

)المبحث الثاني (بذاتها أم أنها إحدى تطبيقات الخطأ

Page 66: التعسف في استعمال الحق

65

التعسف فمعايير العموم على و ، التعسف به نميز ربمعيا لإلتيان الفقهاء محاوالت تعددت

و الشخصية ظروفه و الحق صاحب بسلوك يهتم األول الصنف ، صنفين إلى تصنيفها يمكن

أو المادي المعيار هو الثاني الصنف و ( األول المطلب) الذاتي المعيار هو هذا و النفسية

نتائج تكون بل ، فحسب الشخص لوكبس يهتم ال المعيار هذا ( الثاني المطلب) الموضوعي

(الثالث المطلب) السابقين بالمعيارين المشرع تأثر مدى فما ، اعتبار محل الحق استعمال

Page 67: التعسف في استعمال الحق

66

المعيار الذاتي أو الشخصي: :المطلب األول

اإلطالالق على وأقدمها التعسف صور أول هو و بالغير، اإلضرار قصد في المعيار هذا يتمثل

ال السالالي الفعالالل» أن تقالالرر التالالي القاعالالدة فالالي الرومالالاني القالالانون فالالي رةالصالالو هالالذه وجالالدت إذ

« يغتفر(174)

العالروق قطالع حتالى حفالره فالي تعمالق و أرضاله فالي بئالرا حفالر مالن أن ulpien الفقيه قال لقد و

كالان إذا مسؤوال يكون لكنه و الضرر هذا تعويض عن مسؤوال يكون ال رهجا عين في النابعة

قصالالد مجالالرد علالالى التعسالالف قصالالر انالاله إذ جالالاره، حالالائ يسالالق أن شالالأنه مالالن الحفالالر فالالي التعمالالق

. الثانيالة الحالالة فالي أكيد فإنه األولى الحالة في أكيد غير القصد هذا كان فإذا بالغير، اإلضرار

(175)

القاعالدة مالن اسالتثناءا فيهالا ووجالدوا الفرنساليين القضالاء و الفقاله لالدى أيضالا الفكرة هذه ووجدت

الملكيالة حالق فالي باله األخالذ استثنى من هناك أن غير حقه استعمل من مسؤولية عدم تقرر التي

. مطلقالالا يبقالالى أن يجالالب الالالذي (176)

العنصالالر يعتبالالر إذ بالاله، األخالالذ علالالى اسالالتقر األمالالر أن غيالالر

عرضالت التالي األحالوال أغلب في الحق استعمال في التعسف نظرية عليه تقوم الذي األساسي

يالفرنسال القضاء على(177)

إلالى القصالد منالع فالي إشالكال ال فإناله » اإلسالالمية الشالريعة فالي و ،

« اإلسالالم فالي ضرار و ضرر ال أن على الدليل لثبوت إضرار، هو حيث من اإلضرار(178)

فالال فهالذا الغير بذلك اإلضرار سوى غرض ذلك في له» يكن لم و حقه الشخص استعمل فإذا

...« تحريمه و قبحه في ريب(179)

174

. 542محمد شوقي السيد: التعسف في استعمال الحق طبيعته ومعياره ، المرجع السابق ص - 175

.455النظرية العامة لإللتزام ،المرجع السابق ص ذكره على علي سليمان، - 176

، ذكره أنور سلطان، نظرية التعسف في استعمال حق الملكية 508(، الملكية و العقد، ص bufnoirر و هو )بيفنوا -

. 22المرجع السابق ص 177 - josserand, l'esprit des droits et de leur relativitè ,op.cit p352

178 . 88ص 2عفان، المملكة العربية السعودية ج دار بن5228، 5، الموافقات، طأبي إسحاق الشاطبي -

179 . 800إبن رجب الحنبلي ، جامع العلوم و الحكم ، المرجع السابق -

Page 68: التعسف في استعمال الحق

67

عالالن بالالالنهي السالالابق الحالالديث فالالي المفهالالوم نهالاليال تخصالاليص حالالاول الفقالاله مالالن جانالالب هنالالاك لكالالن

البين الفاحش الضرر(180)

و لكن الرأي الراجح أنه ال وجه لتخصيص الحديث بالضرر البالين الفالاحش، فقصالد اإلضالرار

محرم قليله و كثيره (181)

فيقول الشاطبي (182)

اإلذن من حيث هو إذن لم يسلتزم اإلضالرار، »

و كيف و من شأن الشارع أن ينهى عنه؟ أال ترى أنه إذا قصد الجالالب أو الالدافع )أي صالاحب

«الحق( اإلضرار أثم و إن محتاجا إلى ما فعل

لقول بالتعسف:هل يشترط تمحض قصد األضرار ل

الحالق لصاحب الوحيد القصد هو بالغير اإلضرار قصد يكون أن يشترط الفقه من جانب هناك

إلالالى القصالالد هالالو األول: شالالرطان المعيالالار هالالذا إلعمالالال يشالالترطون فهالالم ، بالتعسالالف يقالالال حتالالى

مالن آخر شيء أي يصحبه ال بحيث اإلضرار، إلى القصد تمحض فهو الثاني أما و اإلضرار،

قليلة لو و منفعة تحقيق إلى كالقصد الفعل، هذا وراء(183)

علالالى ترتالالب لالالو و ، التعسالالف تحقالالق بالالالغير اإلضالالرار الشالالخص تمحالالض إذا هالالذا، علالالى بنالالاءا و

لاله لاليس و مرتفعالا بنالاءا أقالام أو كثيفالا شالجرا هأرضال في عرس فمن مقصودة، غير فائدة الفعل

علياله عادت لو و حتى مسيئا، كان جاره عن الهواء و الضوء حجب إال ذلك وراء من غرض

.عارضا جاء إنما و مقصودا يكن لم النفع هذا دام ما ، بالنفع البناء و األشجار تلك (184)

180

. 25المرجع السابق ص ،وحيد الدين سوار، النزعة الجماعية في الفقه اإلسالمي - 181

. 25ص نفس المرجع - 182

. 24الموافقات ،المرجع السابق ص - 183

. 24، نظرية التعسف في استعمال الحق في الشريعة اإلسالمية ، المرجع السابق ص عسيوي أحمد عسيوي - 184

. 522 ، المرجع السابق ص5عبد الرزاق السنهوري، الوسي ،ج -

Page 69: التعسف في استعمال الحق

68

فيها يكون التي الحالة في المعيار هذا إلعمال يكفي بأن الفقه من آخر جانب يرى بينما

أن له مشروعة مصلحة -اإلضرار قصد فوق– لحقه استعماله من توخى قد الحق صاحب

الذي بالشكل الحق استعمال إلى الدافع الرئيسي الباعث هو اإلضرار إلى القصد يكون

إذا اإلضرار بنية األخذ فيمكن اإلضرار، نية مع تحققت قد مصلحة كانت فإذا به، استعمل

الحق مباشرة عند المصلحة فكرة على ورجحت غلبت(185)

.

إذا ألنه الوحيد الدافع هي بالغير اإلضرار نية تكون أن يلزم فال -الرأي هذا حسب– إذن

التعسف فكرة على القضاء فيه كان ذلك استلزمنا(186)

المادة في اإلضرار قصد تمحض صراحة اشترط قد المصري المشرع أن بالذكر وجدير

في القضاء سار وقد ،... " بالغير اإلضرار سوى به يقصد لم إذا" ... يقول إذ منه الخامسة

الشرط بهذا عملال على مصر(187)

.

إذا" مكرر 211 المادة تنص إذ الشرط، هذا من خاليا الجزائر في القانوني النص جاء وقد

..."بالغير اإلضرار بقصد وقع

الثاني الرأي لتقبل المجال يفسح اإلضرار قصد تمحض ىعل صراحة النص اشتراط وعدم

الفقه من(188)

.

الدريني فتحي يقول الشأن هذا في و(189)

على الحقيقة في منطويا النص هذا فكان:"...

: معيارين

ال و األولوية بطريق األولى الفقرة نص يستلزمه ما وهذا اإلضرار، قصد تمحض: األول

. الذاتي المعيار هذا شمول من يضيق ذلك ألن عليه لقصره حاجة

األول القصد كان إذا إال المصلحة أو المنفعة بقصد مصحوبا ربالغي اإلضرار قصد: الثاني

.العمل على الرئيسي الحافز هو

185

. 508أنور سلطان، نظرية التعسف في استعمال حق الملكية ،المرجع السابق ص - 186

. 508نفس المرجع ص - 187

. 25.22نقض مدني مصري، ذكره ابراهيم سيد أحمد،التعسف في استعمال الحق فقها وقضاءا، المرجع السابق ص - 188

إذ 25المرجع السابق ص انظر العربي بلحاج، مفهوم التعسف في استعمال الحق في القانون المدني الجزائري ، -

يشترط تمحض قصد اإلضرار. 189

. 82في االستعمال الحق ، المرجع السابق ص محاضرات في نظرية التعسف -

Page 70: التعسف في استعمال الحق

69

أن أو الغالبة هي وهل المقصودة، المصلحة جدية مدى عن البحث يجب الحال هذه وفي

بين الموازنة إجراء ينبغي فإنه حال كل على و أساسا، المقصود هو أو الغالب، هو الضرر

بالغير، الالحق المقصود الضرر وبين مقصودة مصلحة من الحق بصاح عن يعود ما

الثاني المعيار فهذا ، مشروعا أو تعسفيا بأنه الفعل تكييف يمكن الموازنة هذه ضوء وعلى

غير المصلحة أو تناسب انعدام من الموضوعية، األخرى الضواب و المعايير إلى يؤول

....".المشروعة

تكون بل بالغير، اإلضرار نية تصحبه أن غير من حقه ستعملي الذي أن ذلك من ويستنتج

المشروعية أصل على باق عمله فإن( المشروعة المصلحة) الحق من الغاية تحقيق في نيته

المقصودة المصلحة عن األخير هذا ضرر يرجح ال أن شريطة– غيره به تضرر وإن حتى

التعسفي فالتخفيض ذلك، على أمثلة نم المنافسة قانون في ما معنا مر ولقد -كبيرا رجحانا

هذا كان فإذا للمصلحة، وغيبة مبين اإلضرار إلى قصد فيه التكلفة سعر من بأقل للسعر

هنا تعسف فال كساد بسبب أو ما، لسلعة تصفية أعمال بسبب التخفيض(190)

.

إلشباع الحق استعمال أن إذ الحق، استعمال في األخالق قواعد إلى يعود المعيار هذا ومرد

احترامها ينبغي التي االلتزام في األخالقية القاعدة يتجاهل بالغير اإلضرار رغبة(191)

.

القصد أن باعتبار عمدي خطأ هو بل خطأ، يعتبر بالغير اإلضرار بقصد الحق استعمال إن

بالغير اإلضرار هو الحق صاحب نية إليه انصرفت الذي الوحيد(192)

.

صعوبة إثبات قصد اإلضرار:

األمور من النوايا على واإلطالع النفس أغوار سبر أن والشك نفسية، مسالة اإلضرار قصد

.اإلنسان على مستعصية تبقى التي الغيبية

غلبة أو الترجيح تفيد األقل على أو معين موقف على داللتها في شكا تدع ال قرائن هناك لكن

.اإلضرار قصد توفر لىع الظن

190

بختة موالك، محاضرات في قانون المتعلق بالمنافسة، المذكور سابقا، وانظر كذلك 02/02من األمر 02انظر المادة -

.45.42منافسة، المرجع السابق ص ال191

Voir jossorand , l’esprit des droits et de leur relativitè ,Op. Cit p 341. 192

. 82السابق ص المرجع المستحق لتعويض، اإللتزامات، العمل،فياللي علي -د -

Page 71: التعسف في استعمال الحق

70

انتفاء ومنها اإلضرار، قصد توفر على للحكم قرائن عدة الفرنسي القضاء استخلص وقد

أقل بطريقة الحق باستعمال المصلحة نفس على الحصول إمكانية أو تفاهتها، أو المصلحة

بالغير إضرار األكثر الطرق يتخير ال أن الحق صاحب على أي ضررا،(193)

.

يقول إذ المجال هذا في سبقا قدم الشاطبي اإلمام أن الحق و(194)

هذا في النظر يبقى لكن:"....

فيه مأذون غير فيصير منه يمنع له النفس، نفع وقصد اإلضرار قصد فيه اجتمع الذي العمل

الحالف فيه يتصور ما هذا قصد؟ ما إثم عليه ويكون اإلذن من األصلي حكمه على يبقى أمر

.الجملة على

أو المصلحة تلك استجالب في آخر وجه إلى وانتقل العمل ذلك رفع إذا يكون أن إما إنه وهو

لم ألنه منعه، في عليه إشكال فال كذلك كان فإن أوال، أراد ما له حصل المفسدة تلك درء

.اإلضرار ألجل إال الوجه ذلك يقصد

الجهة تلك عن محيص له يكن لم وإن اإلضرار، غير يقصد لم إذا الفعل ذلك من يمنع كما

قصد من ممنوع وهو مقدم -الحق صاحب– الدافع أو الجالب فحق الغير، منها يستضر التي

يقصد لم إذا الفعل ذلك من يمنع كما فإنه يطاق، ال ماب تكليف هذا إن يقال ال و اإلضرار،

اإلضرار ينفي ال الكسب تحت داخل وهو اإلضرار، قصد بنفي كلف نما ا اإلضرارفإنه غير

يثبت أن وله الحق، صاحب عند اإلضرار قصد إثبات عب المضرور على ويبقى". بعينه

ةمادي واقعة على ينصب أنه طالما اإلثبات طرق بجميع هذا(195)

.

قصور المعيار الذاتي عن استيعاب جميع حاالت التعسف:

وحده المعيار هذا على االقتصار فإن اإلضرار، قصد إلثبات العملية الصعوبة عن فضال

مصلحة لتحقيق حقه الحق صاحب استعمل إذا فمثال غريبة،و ضارة، نتائج إلى يؤدي

ما يفوق ضررا بغيره أضر هذا رغم ولكن بالغير، اإلضرار قصد يصحبه لم و مشروعة

193

28, 22 السابق صن، نظرية التعسف في استعمال حق الملكية ، المرجع أنور سلطا - 194

. 88الموافقات ، المرجع السابق ص -الشاطبي - 195

. 258العربي بلحاج، مفهوم التعسف في استعمال الحق في القانون المدني الجزائري ، المرجع السابق ص -

Page 72: التعسف في استعمال الحق

71

غير الجوار مضار عن بالمسؤولية لنا يسمح ال وكذلك نفع، من عليه تحصل

الخ...المألوفة(196)

.

تعتمد أن دون الحق صاحب مسؤولية تقرير على تواترت القضائية التطبيقات فإن كل على و

،21/12/2011 في صادر استئناف بحكم بدء حصري، بشكل إلضرارا قصد معيار على

وإنما بالغير، الضرر إلحاق بقصد حقه استعمل قد القبعات مصنع صاحب فيه يكن لم

قصد دون بالغير ضارا استعماال استعمله(197)

المالك أن يثبت لم كولمار، استئناف في وكما ،

الحفريات هذه إجراء أن رأت المحكمة ولكن بجاره اإلضرار بقصد الحفريات بهذه قام قد

جميع إتخاذ مع إال الشخص يباشر أال ينبغي الملكية، كحق مألوف غير استعماال يعد

الغير عن الضرر لمنع الالزمة االحتياطات(198)

.

: المعايير الموضوعية: المطلب الثاني

بضواب موضوعية تميز التعسف في استعمال الحق، ولن تيانتعددت محاوالت الفقه، لإل

ع قد تأثر نعتقد أن المشريسعنا ذكرها جميعا، لذا فإننا نلقى الضوء على بعض منها، والتي

سابقا{ 25مكرر } 542بها عند صياغة المادة

( وهما معيار الدافع غير 5هما الفقه الحديث )فرع أتى ي نلذا فسنتولى دراسة معيارا

المشروع، و معيار المصلحة.

( .4ومعايير التعسف في الفقه اإلسالمي )فرع

لحديث.اه قفي الفالفرع األول :

معيار الدافع غير المشروع : -أ

في التعسف حاالت جميع يشمل أنه فيه وهو ، Josserand جوسران المعيار بهذا قال

القانون أن ذلك للحق، االجتماعية الوظيفة على التحايل هو المعيار هذا ومرد الحق، تعمالاس

يكون أن يمكن ال فالفرع طابعه، عنه يتفرع ما وكل الملزمة، االجتماعية القاعدة إال هو ما

196

ور سلطان ، نظرية التعسف في استعمال حق الملكية ،المرجع نلمزيد من التفاصيل حول قصور هذا المعيار،أنظر أ -

و ما بعدها. 522محمد شوقي السيد ، التعسف في استعمال الحق طبيعته ومعياره ،المرجع السابق ص ، 20السابق ص 197

. 242سليمان مرقس، المسؤولية المدنية، المرجع السابق ص - 198

. 242نفس المرجع ص -

Page 73: التعسف في استعمال الحق

72

والسلطات بالصالحيات الحقوق ألصحاب يعترف المجتمع كان وإذا الكل، خالف طبيعة من

على المحافظة أجل من بل ، فحسب الشخصية مصلحتهما أجل من ليس فذلك مله المقررة

.المجموع خدمة في الفردية الذات محبة يضع انه أي كمجتمع كيانه

كانت وإن الحقوق فإن وبالتالي خاصة، وظيفة له الحقوق هذه من حق كل فإن هذا وعلى

و المنظمة االجتماعية الهيئة في وظائفية حقوقا إال هي فما الذات وحب األنانية على مبنية

الوظيفة عن لحقه استعماله أثناء الحق صاحب خرج إن الحق، استعمال في التعسف يتحقق

.للمسؤولية يتعرض ثم ومن الحقوق لهذه االجتماعي والهدف االجتماعية

عنه المبحوث الحق ووظيفة روح تبيان في ينحصر -جوسران يقول – الموضوع كل إن

.معينة بطريقة استعماله على الحق بصاحب حدا الذي الدافع معرفة في يةثان جهة ومن

بأن القول يمكن عندئذ الحق، منح أجلها من التي للغاية مطابق هو الدافع أن تبين فإذا

االنسجام عدم ظهر إذا وأما صاحبه، على حينئذ مسؤولية فال مشروعا، كان الحق استعمال

إساءة هناك فيكون صاحبه استعمله أجلها من التي لغايةا و االجتماعية الحق وظيفة بين

الحق صاحب مسؤولية توجب استعمال(199)

.

الدافع فكرة على" للحق االجتماعية الوظيفة على التحايل" وهو المجرد المعيار هذا بتأسيس

لتطور تبعا تطورها وتحقيق التعسف نظرية تأمين -جوسران نظر في– نيمك المشروع،

في المدعي مهمة تيسير الفكرة بهذه يمكن كما ومثلها، ومعتقداتها ظروفها وتغيير الجماعة

عليه الدليل إقامة السهل من إيجابي إثبات وهو التعسف، دعوى(200)

.

جانب من القول هذا أن" Ripert ربير" يقول كما ألنه للنقد، المعيار هذا تعرض ولقد

يمكن ال و المجتمع، ضد ليست الحق فكرة ألن ، أساسها من الحق فكرة يهدم" جوسران"

فضال وعية،الشي األفكار بواسطة باالنهيار المدنية تهديد إلى يؤدي اإلنكار هذا ألن إنكارها،

غير مصلحة على تنطوي ال كانت متى بالحقوق االعتراف من خطورة ثمة ليس أنه عن

ذلك وعلى استعمالها، على قيدا تمثل التي المشروعة، غاياتها القانون يرسم حيث اجتماعية

199

- Josserand, l’esprit des droits et de leur relativitè, op.cit. P329. 200

. 20لمرجع السابق ص انظرية التعسف في استعمال حق الملكية ،أنور سلطان، -

Page 74: التعسف في استعمال الحق

73

حرمان على ينطوي ذلك فإن وحدها، االجتماعية المصلحة هي الحق غاية بأن قيل فلو

استعماله جراء من عليها يحصل التي المنافع و المزايا على لحصولا من الحق صاحب

معين حق تقرر أجلها من التي الحكمة وهي لحقه،(201)

.

رؤية إلى يرجع أنه إلى المعيار هذا على تعليقه في يذهب" ستارك" جعل ما وهذا

منهم استوحى الذين السوفييت بأساتذته لتأثيره نتيجة اجتماعية، وظيفة بأنه للحق" جوسران"

في بها وتأثر السوفيتي القانون نصوص إعجابه نال فقد لذلك االشتراكية، وعقائدهم أفكارهم

أفكاره(202)

.

الوظيفة تحديد في القضاة تحكم خشية االجتماعية الغاية معيار مازو األساتذة هاجم ولقد

نطاق عن يخرج سوف و السياسة في هنا يقع سوف القاضي ألن للحق، االجتماعية

القانون(203)

.

إذ التطبيق في استحالة نقل لم إن جمة صعوبة على ينطوي كونه على المعيار هذا نقد ولقد

بمكان الصعوبة من أمر حق لكل االجتماعي الهدف تحديد أن(204)

التطبيقية، الناحية فمن ،

تقوم األساسي هدفها في هي بل ال الذات، وحب األنانية على مةقائ كثيرة حقوقا هناك فإن

الضرورات تقتضيها لها حدود من كان وإن الشخصية، الذات إلى المنافع جلب على

اآلن حتى القانون يعينها لم الحدود هذه فإن االجتماعية(205)

.

العنصر تحديد إلى نتيجة أن القانونية الصياغة على يقول" ربير" جعل الذي هذا وربما

"الحق في االجتماعي(206)

.

تم فإذا الحق، استعمال في التعسف نظرية دور يلغي أنه ذلك سديد، غير النقد هذا أن ونرى

حينئذ فيكفي النظرية؟ هذه صياغة إلى لحاجة فما حق، كل في الجتماعيا العنصر تحديد

االجتماعي العنصر تحديد أن على فضال هذا بالمسؤولية، ليقضي الحق حدود على الخروج

201

- Ripert, la règle morale dans les obligations civiles, op.cit. P 183. 202

- Starck.B – Droit civil, Paris – Librairie technique – 1972 . TII obligations . P 131. 203

- Henri et Léon Mazeaud, leçons de droit civil, Op.cit N 575 204 .528محمد شوقي السيد، التعسف في استعمال الحق طبيعته ومعياره ، المرجع السابق، ص -

205 .248جورج سيوفي ، الموجبات والعقود، المرجع السابق ص -

206- Ripert . La règle morale dans les obligations civiles op.cit P103.

Page 75: التعسف في استعمال الحق

74

التطور يقتضيه وما جهة، من المتزايدة للحقوق نظرا ممكن، غير أمر حق كل في

النحو على الحقوق فتحديد. الخ...الفلسفات و القناعات و األفكار في تغير من االجتماعي

.بالجمود المجتمع على سيحكم السابق

إلى اللجوء دون حقه استعمال يسيء من مساءلة هو التعسف نظرية من فالغرض"

المشرع(207)

.

وأقل سهولة أكثر تطبيقه يجعل كافية، بصورة رالمعيا دقة عدم إلى النقد يوجه أن يصح وإنما

.القضاة تحكم من خطرا

اء المصلحة كمعيار للتعسف : فانت -ب

المشروعة المصلحة بانتفاء التعسف فكرة تميز إلى الفقهاء من كبير جانب اتجه(208)

وقد

يحميها مصلحة" بأنه للحق اهرنج تعريف من هذا معيارهم المعيار هذا واضعوا استلهم

و مشروعة، مصالح لتحقيق وإنما عبثا، تمنح لم فالحقوق الحق غاية هي فالمصلحة" القانون

استعمال في متعسفا عد إال و المشروعة المصلحة حدود في يستعمله أن الحق صاحب على

حقه(209)

لتحقيق ال الحقوق استعمال يجوز ال" الشأن هذا في( Pordessus بردسي) فيقول

حقيقيا عادال تحديدا الحقوق تحديد يمكن أنه إلى" جيني" ويذهب" بالغير لإلضرار بل منفعة

" تعارضها التي بالمصالح أهميتها مقارنةب و منها واالقتصادي االجتماعي الغرض بتعيين

إذا إال مشروعة جدية مصلحة تحقيق به قصد إذا تعسفا يعتبر ال العمل أن" ديموج" ويقرر

"صاحبه نية سوء أثبت(210)

.

استعمل فإذا ذلك وعلى ،مشروعة غايات لتحقيق وسائل الحقوق أن المعيار هذا فمرّد إذن

ال بحيث ضئيلة المصلحة كانت أو االستعمال، هذا في مصلحته انتفاء مع حقه، الحق صاحب

. حقه استعمال في متعسفا يعد الحق صاحب فإن االستعمال، ذلك عن الناجمة األضرار تبرر

207، إذ يقول :"... ألن الحقوق ليست 20أنور سلطان، نظرية التعسف في استعمال حق الملكية ،المرجع السابق ص -

أما التعسف في استعمال الحق جانب المشرع،ة بل مقيدة ومحدودة بحدود مادية من الميسر تغييرها، دون تدخل من مطلق

فمبدأ حديث قصد به إيجاد التوافق واالنسجام بين القانون والحاجات االجتماعية دون حاجة إلى االلتجاء إلى المشرع".208 .525محمد شوقي السيد،التعسف في استعمال الحق طبيعته ومعياره ، المرجع السابق ص -

209 .22طان، التعسف في استعمال حق الملكية ، المرجع السابق ص أنور سل -

210 .22ذكر هذه األقوال وغيرها، أنور سلطان، نفس المرجع ص -

Page 76: التعسف في استعمال الحق

75

سواء به القضاء أخذ يبرر ما هذا و واليسر، الوضوح من كبيرة درجة المعيار هذا يوفر و

األخرى الحقوق من غيرها و التقاضي حق أو التعاقد حق في أو الملكية حق في(211)

.

من الحق صاحب حققها مشروعة غير غايات ثمة بأنه القول كافيا ليس فإنه الشأن هذا في و

العديد أن ذلك مساءلته، إلى دعوي الذي هو الغايات هذه عن االنحراف أن أو لحقه، استعماله

المصالح لحماية إال الحق استعمال يسوغ ال أنه لنا أكدت قد القضائية األحكام من

المشروعة(212)

.

هو المراد بأن ذلك على البعض يجيب المعيار؟ هذا في بالمصلحة المقصود ما ولكن

الشخصية الحق صاحب منفعة عن النظر بصرف المشروعة المصلحة(213)

.

بكلمة عادة يراد ألنه المألوف، على خروجا فيه ألن المعيار، بهذا يقبل لم" جوسران" لكن

بالنسبة يصح كان إذا المعيار هذا فإن لتاليبا و الحق، لصاحب الشخصية المنفعة مصلحة

وظائف هي التي للحقوق بالنسبة قبوله يصح ال فإنه الفردية أو األنانية الطبيعة ذات للحقوق

األبوية السلطة كحق شخصيا امتيازا ليست و(214)

حقوق وهي – الحقوق ههذ أن ذلك مثال

استعمالها، في تعسفا يعد الشخصية لمصلحة صاحبها استعملها إذا – الدقيق القانوني بالمعنى

إلى تهدف التي الحقوق أما حمايته، إلى القانون يهدف الذي للواجب تحقيقا ذلك يكن ولم

هذه يقتحق عن الحق صاحب انحرف فإذا – مثال األدبي النقد كحق – عامة مصلحة تحقيق

حقه استعمال في متعسفا فإنه الغاية(215)

.

التي المصلحة هي هنا بالمصلحة المقصود بأن" جوسران" اعتراض دفع البعض حاول وقد

الحق تقرير عند تحقيقها القانون أراد(216)

.

211 .525محمد شوقي السيد، نفس المرجع ص -

212- Ripert – La règle morale dans les obligations civiles op-cit. P 180.

213 .22مرجع السابق ص التعسف في استعمال حق الملكية ، الأنور سلطان، -

214- Josserand, l’esprit des droits et de leur relativitè, op-cit P 290.

215 .522محمد شوقي السيد،التعسف في استعمال الحق طبيعته ومعياره ، المرجع السابق ص -

216 .28المرجع ص أنور سلطان، نفس -

Page 77: التعسف في استعمال الحق

76

بغايته الحق بتقييد القول إلى يرجعنا أنه إذا لفظي، منطق على مبني الرد هذا الحقيقة وفي

عند تحقيقها القانون أراد التي المصلحة ماهية تحديد وهي قائمة، تظل المشكلة فإن ثم ومن

.الحق تقرير

منظورا العمل ناتج أو يةالشخص المنفعة بالمصلحة المقصود ألن كاف، غير رد فهو ثم ومن

فحق غيره، أو نفسه الحق صاحب هو يكون وقد لمصلحته، الحق تقرر من جانب في إليه

ينبغي ذلك وعلى الولي دون القاصر لمصلحة مقرر الحق وهذا الوالية، حق مرده مثال الولي

وقللحق بالنسبة أيضا وهكذا القاصر، هذا على تعود مصلحة إلى الحق استعمال يؤدي أن

األخرى الغيرية(217)

.

المعيار المادي في الشريعة اإلسالمية: الفرع الثاني :

أو انعدام التناسب : –اختالل التوازن بين المصالح -أ

لصاحب المشروعة المصلحة انفاء وهو خصيالش المعيار على اإلسالمية الشريعة تقتصر لم

المتعارضة المصالح بين التناسب أو التوازن معيار – ذلك جانب إلى – أقرت بل الحق،

اإلسالمي الفقه في المطلق العدل يقتضيه الذي(218)

.

العدلية األحكام مجلة قدمتها الفقهية القواعد من مجموعة على الحقيقة في المعيار هذا وينبني

يزال األشد الضرر ،(11 المادة) يزال الضرر قاعدة: منها والتي الترجيح و الموازنة تفيد

هونأ يختار( 12 المادة) العام الضرر لدفع الخاص الضرر يتحمل( 11 المادة) باألخف

يزال ال الضرر( 01 المادة) المصالح جلب على مقدم المفاسد درء ،( 12 المادة) شرين

(219) (11 المادة) بمثله ميقو اإلسالمي الفقه في المستقرة القواعد من وغيرها القواعد فهذه ،

.المعيار هذا عليها

217 . 525.520محمد شوقي السيد، التعسف في استعمال الحق طبيعته ومعياره ، المرجع السابق ص -

218 . 220 المرجع السابق صفي تقييده ونظرية التعسف في استعمال الحق،فتحي الدريني، الحق و مدى سلطان الدولة -

219 و ما بعدها. 402أنظر في تفصيل هذه القواعد الفقهية، محمد شوقي السيد، المرجع السابق ص -

Page 78: التعسف في استعمال الحق

77

التالية المعايير على ينطوي المعيار هذا فإن ثم ومن(220)

:

.فرديتين مصلحتين بين البين االختالل -

لعقاره المالك استعمال جراء من بالجار الالحق الفاحش الضرر -

استعمال جراء من منهم عظيمة بجماعة أو اإلسالمي بالمجتمع الالحق العام الضرر -

.الشخصي الحق

أوال : اختالل البين بين مصلحتين فرديتين :

و الحـق لصاحب المقصودة المصلحة بين موازنة أو مقارنة إجراء هو المعيار هذا ومفاد

من التعسف وجود يتقرر الموازنة أو المقارنة هذه ضوء على و بالغير، الالحق الضرر

الفقه في تطبيقاته خالل من بحثه نحاول أدق، بصورة المعيار هذا يتجلى ولكي عدمه

هذا يعد هل ذلك بعد لنعلم بالتعسف للقول المشروط التفاوت مقدار نرى ثم اإلسالمي

.ال أو اإلهمال أو اإلضرار قصد على قرينة فرديتين مصلحتين بين البين االختالل

تطبيقات هذا المعيار في الفقه اإلسالمي :

: منها ختارن المعيار، لهذا بتطبيقات اإلسالمي الفقه كتب تحفل

جندب بن سمرة على – سلم و يهعل اهلل صلى – الرسول قضاء

: الحديث نص

أنه: جندب بن سمرة حدث أنه علي بن محمد جعفر أبي حديث من سننه في داود أبو جأخر

وكان أهله الرجل ومع األنصار، من رجل – بستان أي – حائ في نخل من عضيد له كان

اهلل صلى النبي فأتى فأبى يناقله أن إليه فطلب عليه، وشق به فتأذى نخله إلى يدخل سمرة

أن إليه فطلب فأبى يبيعه أن سلم و عليه اهلل صلى النبي إليه فطلب ذلك، له فذكر سلم، و عليه

220 220فتحي الدريني، الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده ونظرية التعسف في استعمال الحق ،المرجع السابق ص -

ة ، المرجع السابق ص وانظر كذلك : عيسوي أحمد عيسوي،نظرية التعسف في استعمال الحق في الشريعة اإلسالمي 225

25 .

Page 79: التعسف في استعمال الحق

78

فقال مضار، أتت: فقال فأبى ، فيه رغبة أمرا" كذا و كذا لك و له فهبه:" قال فأبى يناقله

"نخله فاقلع اذهب:" لألنصاري سلم و عليه اهلل صلى النبي(221)

.

القيم ابن يقول(222)

ذلك في – الشجرة صاحب – عليه كان وإن" الحديث هذا على تعليقا

أعظم يدفع الشارع فإن أعظم، بستانه في ببقائها األرض صاحب فضرر يسير ضرر

".أباه من هأبا وإن المصلحة و القياس و الفقه هو فهذا بأيسرهما، الضررين

– الحق صاحب – سمرة مصلحة بين موازنة نتيجة كان ةسمر على ،( ص) الرسول وقضاء

القيمة بأخذ التعويض من يمنع ال النخل بقلع عليه والقضاء – بالغير الالحق الضرر و(223)

.

األقل الملك صاحب وقال القسمة، طلب متى األكبر الملك حبصا فإن الملك، قسمة وفي

لشريكه ضرر فيه كان إن و األكبر الملك صاحب أجيب موافقته، بعدم(224)

.

الخشبة قيمة من أكبر البناء قيمة كانت فإذا بنيانا، عليها وبنى خشبة غصب أحد أن ولو

ينقطع فال أقل البناء قيمة كانت وإن قيمتها، الغاصب ويضمن الخشبة، صاحب حق انقطع

للغاصب شيئا يغرم ال و استردادها حق وله عنها، الخشبة صاحب حق(225)

.

مقدار التفاوت :

فروض ثالث افتراض ويمكن التعسف، بوجود للحكم التفاوت، معرفة الضروري من(226)

:

. بالغير يلحق الذي للضرر مساوية المقصودة المصلحة تكون أن: األول الفرض

درجة هو والرجحان المصلحة، على راجع بالغير الالحق الضرر يكون أن: الثاني الفرض

.المساواة فوق

221 . 808الحديث، ذكره ابن رجب الحنبلي ، جامع العلوم والحكم ،المرجع السابق ص نص -

222،صياغة قانونية لنظرية التعسف في استعمال ،مصطفى الزرقاءابن قيم الجوزيه، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية -

، 22ص ،عمان األردن 5258 ،س 4الشركة المتحدة للنشر والتوزيع طالحق في قانون إسالمي ،223 224فتحي الدريني، الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده ونظرية التعسف في استعمال الحق ،المرجع السابق ص -

224 . 222نفس المرجع ص -

225 . 25نظرية التعسف في استعمال الحق في الشريعة اإلسالمية ،المرجع السابق ص –عيسوي أحمد عيسوي -

226أن تكون المصالح راجحة على -5يقول محمد شوقي السيد : الحال في الموازنة ال يخلو من أحد فروض ثالثة : -

-4لى األضرار التي تصيب الغير. تربوعالضرر الذي يصيب الغير، فيعد االستعمال مشروعا ألن المصالح هنا ذات أهمية

أن تكون -2قليلة األهمية بحيث ال تتناسب مع الضرر الذي يصيب الغير و هنا االستعمال تعسفيا. أن تكون المصالح

المصلحة متساوية أو مماثلة للضرر الذي يصيب الغير، وفي هذه الحالة االستعمال يعد مشروعا و بمنأى

عن التعسف =

Page 80: التعسف في استعمال الحق

79

.بالغير الالحق الضرر إلى بالنسبة تافهة ضئيلة المصلحة تكون أن هو: الثالث الفرض

عمال روعيةالمش من أصله على باق الفعل كون في إشكاال، يطرح ال األول الفرض كان فإذا

لحقه استعماله من الحق صاحب حرمان أن و بمثله، يزال ال الضرر أن تقضي التي بالقاعدة

الدريني فتحي كتب هذا رغم ولكن به، إضرار(227)

من المحققين الفقهاء من أن ىعل:" قائال

.التفاوت عن فضال التعسف تبطل الضرر و النفع بين المساواة أن إلى ذهب

أن بمعنى" عنها تزيد أو توازيها، مفسدة عنها لزم إذا تتوقع مصلحة ال و:" الشاطبي يقول

يعتبر الحق صاحب إليها يرمي التي الفائدة يوازي بالغير ضرر عنه لزم إذا الحق استعمال

التفاوت وجوب الشتراط أثرا نرى ال و أولى، باب من المفسدة زادت إذا وكذلك تعسفيا،

".الفاحش؟

"الدريني فتحي" يواصل ثم(228)

أن التعسف لقيام عنده يكفي أي الثاني، للفرض تأييده ويعلن

.المصلحة على فق راجحا بالغير الالحق الضرر كوني

المشرع حرص قد المصالح بين التوازن وهذا:" آخر مكان في كتب أنه الغريب ولكن

فاالختالل المفسدة على المصلحة غلبة المشروعات ضاب جعل و ، إقامته علي اإلسالمي

ومن الشرع في المعهود ضاب ال وهذا يتناقض كبيرا رجحانا المفسدة فيه ترجح الذي البين

".الشارع مناقضة أو التعسف تحقيق في غلبة يكون ثم

هذه فصل في ومغاالته إفراطه بسبب وهذا: نفسه ناقض" الدريني فتحي" أن والواقع

بالرجحان واالكتفاء والضرر، المصلحة بين التفاوت اشتراط عدم أن إذ الخطأ، عن النظرية

بذلك وينفصل إليـــــــــــــه يصل أن يمكن مدى أبعد إلى المعيار هذا نطاق من يوسع البسي

، ونتساءل عن أهمية التقسيم بهذا الشكل، إنه ال 452= التعسف في استعمال الحق طبيعته ومعياره ، المرجع السابق ص

أن الكاتب يذهب إلى عدم اشتراط تفاوت كبير، بل يكفي عنده مجرد رجحان الضرر على المصلحة يفيد شيئا، خاصة

ليوصف الفعل بالتعسف، الش الذي لم يظهر في تقسيمه؟. .227المرجع السابق ص –نظرية التعسف في استعمال الحق وأثرها في التقنيين المدني الجزائري، محاضرات مرقونة -

22. 228 . 22نفس المرجع ص -

إذ كتب قائال :" ونحن من جانبنا نرى في هذا 455محمد شوقي السيد، المرجع السابق ص –و في نفس الرأي

لى أحكام الفقه اإلسالمي لحسبانه مصدرا رسميا وتفسيريا ألحكام التعسف أنه ال يلزم درجة معينة الخصوص، استنادا إ

الختالل التوازن بين "المصلحة" و "الضرر" وأنه يكفي أن نصل إلى درجة ترجيح الضرر على المصلحة، ورجحان

دقة، فلم يبين ما هي األحكام المستند عليها الضرر هنا مرتبة تعلو تساوي المصلحة مع الضرر" وهذا االستدالل تعوزه ال

في الفقه اإلسالمي، خاصة وأن الكاتب نفسه لم يأت إال على ذكر صورة تفاهة المصلحة أثناء بحثه صورة التعسف في

من المرجع نفسه. 428الشريعة اإلسالمية أنظر الصفحة

Page 81: التعسف في استعمال الحق

80

وهو الثالث، الفرض على والضرر المصلحة بين التفاوت اشتراط أما الخطأ، عن حتما

قائال كتب فلقد بالخطأ، حتما يربطها فهو ، البين الشاسع التفاوت(229)

هذا أن على:"

الذي للضرر بالنسبة المصلحة تفاهة أن إال – األصل بحسب موضوعيا كان وإن المعيار

".قلنا كما اإلضرار قصد على قرينة تتخذ فقد الغير، يصيب

الرجوعفب الشاطبي إسحاق ألبي" الدريني فتحي" نسبه ما هو حقا، االستغراب يثير الذي و

األخير هذا إلى(230)

الخطأ، على أي التسبب بطريق التعدي مبدأ على النظرية يقيم نجده ،

.التبصر وعدم اإلهمال على قرينة يعد الذي الثالث الفرض إال يناسبها ال التي

" زهرة أبو محمد" ويذهب(231)

العدلية، األحكام مجلة من 10 ، 11 ،12 المواد نص إلى

الثاني كان فإن منه، المجلوب النفع و الحق استعمال عن الناتج الضرر بين الموازنة توجب

".إليه يلتفت ال ضئيال

عيسوي أحمد عيسوي ويقول(232)

كانت إذا حقه استعمال في مسيئا اإلنسان يكون كذلك:"

هذا جراء من الغير تصيب التي األضرار مع مطلقا تتناسب ال عليه تترتب التي المصلحة

الزرقاء مصطفى اقترح ولقد" االستعمال(233)

: التالي النحو على المعيار هذا صياغة

يحققها التي المصالح كانت شديد، إزعاج أو جسيم، للغير ضرر استعماله من تولد إذا -

.اإلزعاج أو الضرر تجاه تافهة الحق لصاحب

من بد بال ،المعيار هذا بمقتضى بالتعسف للقول البسي الرجحان يكفي ال فإنه ثم ومن -

يصبح واضحــا بينا االختالل هذا يكون بحيث الضرر، و المصلحة بين الشاسع التفاوت

.الحق استعمال في الحيطة وأخذ التبصر عدم على قرينة

229 .224استعمال الحق ،المرجع سابق ص الحق ومدى سلطات الدولة في تقييده ونظرية التعسف في-

230 و ما بعدها,82أنظر الموافقات ،المرجع السابق ص. -

231 25،المرجع السابق ص إساءة استعمال الحق -

232 .25سابق ص نظرية استعمال الحق في الشريعة اإلسالمية ، المرجع ال -

233و ما 22.المرجع السابق صمصطفى الزرقاء، صياغة قانونية لنظرية التعسف في استعمال الحق في قانون إسالمي -

بعدها

Page 82: التعسف في استعمال الحق

81

ثانيا : الضرر الفاحش الالحق من جراء استعمال المالك لعقاره :

يعني األصلية، لحوائجا يمنع ما كل بأنه الفاحش الضرر العدلية، األحكام مجلة حددت

انهدامه في سببا يكون وهنا له يجلب أو العقار، من المقصودة المنفعة(234)

.

فاحش ضرر عليه يترتب االستعمال هذا كان إذا حقه، استعمال في مسيئا اإلنسان ويعتبر

من النوع هذا عنه ينشأ لذيا االستعمال هذا عن المشروعية تزول اذ وحين,للغير

فال سي في التعسف باب من فليس معتاد ضرر عنه ينشأ الذي االستعمال أما الضرر،

بالحقوق باالنتفاع باب سد إلى ذلك أدى إال و منه الحق صاحب منع يجوز(235)

.

ثالثا : الضرر العام الالحق بالمجتمع أو بجماعة عظيمة منه :

الخاصة، المصلحة مع العامة المصلحة تعارضت إذا أوضح، بصورة بينا االختالل يبدو

أجلها من حقه قرر التي المشروعة المصلحة يتوخى الفرد كان ولو األولى، فتقدم(236)

.

المصالح ألن الجلب، وتلقي االحتكار منع من الفقهاء عليه نص ما ذلك تطبيقات ومن

مع – عظمت مهما – مطلقا تتناسب ال الجلب تلقى و االحتكار يحققها التي الخاصة

ذلك جراء من بالعامة لحقت التي األضرار(237)

.

الحدود تجاوزهمو بضائعهم ثمن في التجار مغاالة عند التسعير جواز أيضا ذلك ومن

الخاصة الملكيـة نـزع ذلك،ومنها مـن ضـرر الـناس يلحق بحيــث الربــح في المألـوف

والمدارس المساجد وبناء الطرق كتوسيع ، العامة المصلحة إليها احتاجت إذا (238)

.

المصلحة أولوية ومقتضاه اإلرادة، في له دخل ال محض، مادي المعيار هذا أن وواضح

في للحق االجتماعية الوظيفة تفرضها األولوية وهذه الخاصة، المصلحة على العامة

.اإلسالمية الشريعة

234 من مجلة األحكام العدلية. 5528المادة -

235 .25 عيسوي أحمد عيسوي، نظرية التعسف في استعمال الحق في الشريعة اإلسالمية ،المرجع السابق ص -

236 . 25نفس المرجع ص -

237 .25نفس المرجع ص -

238 .25عيسوي أحمد عيسوي، نظرية التعسف في استعمال الحق في الشريعة اإلسالمية ،المرجع السابق ص -

Page 83: التعسف في استعمال الحق

82

أجله من شرع الذي الغرض غير في الحق استعمال - ب(239)

:

الوالية تتضمنها التي كالحقوق األسرة، حقوق مجال في كبيرة أهمية المعيار هذا ويكتسي

.بالزواج التوكيل يتضمنها يالت الحقوق أو المال، أو النفس على

الشريعة من منها الغرض علم التي الحقوق كل في المعيار هذا يطبق العموم وعلى

الولي يراعي لم فمتى القاصر، مصلحة على الحفاظ منه الغرض الوالية فحق اإلسالمية،

.حقه استعمال في تعسفه عندئذ تقرر القاصر مصلحة

( المشرع موقف) التشريع في التعسف معايير: الثالث المطلب

عام مبدأ بوضع تكتفي األولى التعسف، ضاب لتحديد طريقتين أو وسيلتين التشريعات تنتهج

من تحته يندرج ما لتفصيل تعرض أن دون للتعسف، المختار المعيار عن يعبر العموم كل

إبراز دون ةالمستهدف األصول عن المعبرة المختلفة الصور فتعدد الثانية أما ، متعددة صور

ما رغم واإلبهام الغموض األولى الطريقة على يؤخذ كان وإذا. يحكمها الذي العام المبدأ

عن والعجز القصور الثانية على يؤخذ فإنه األوضاع تطور تجاه وتجارب مرونة من تحققه

وهذا خير، من الطريقتين في ما بين الجمع الحكمة من فإنه لذا الجديدة، األوضاع استيعاب

في التعسف يحكم الذي العام المبدأ على نص حيث األخير، التعديل في المشرع سلكه الذي

.المثال سبيل على ذكرها العــــام المبدأ لهذا متعددة بصور أتى ثم الحق، استعمال

الخطأ من صورة الحق استعمال في التعسف: العام المبدأ: أوال

: أن على المدني القانون من مكرر 211 المادة نصت

:..."التالية الحاالت في سيما ال خطأ للحق التعسفي االستعمال يعد"

النص في ترددت التي العربية التشريعات باقي عن الجزائري المشرع انفرد النص وبهذا

.به تأخذ أنها من بالرغم المبدأ هذا عن

239عيار: أنظر فتحي الدريني ، الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده ،المرجع السابق ص لمزيد من التفصيل حول هذا الم -

و ما بعدها. 22وما بعدها عيسوي أحمد عيسوي، المرجع السابق ص 285

Page 84: التعسف في استعمال الحق

83

وجد ولقد عادي،ال الرجل سلوك يسلك أن لحقه استعماله أثناء يلتزم الحق صاحب فإن وبذلك

ومرونة سهولة أكثر لكونه ، والفقه والقضاء التشريعات مختلف لدى واسعا قبوال المعيار هذا

.المسؤولية قواعد توحيد من يحققه ما فوق ،

عن حقه الشخص يستعمل أن يكفي فال التعسف، يتحقق بسيطا أم جسيما الخطأ كان فسواء

هذا وعلى الصحيح االستعمال لحقه مباشرته عند يراعي أن كذلك عليه يجب بل نية، حسن

عند أهمل إذا أو جسيما، خطأ لحقه مباشرته عند ارتكب إذا الحق صاحب مسؤولية فتتحقق

بالغير اإلضرار عدم يكفل ما االحتياطات من يتخذ ولم حقه استعمال240 .

يشكل: بقولها التعسف معايير أو حاالت على المدني، القانون من مكرر 211 لمادةا تنص

:التالية الحاالت في سيما ال خطأ للحق التعسفي االستعمال

.بالغير اإلضرار بقصد وقع إذا -

.للغير الناش للصور بالنسبة قليلة فائدة على للحصول يرمي كان إذا -

.مشروعة غير فائدة على الحصول منه الغرض كان إذا -

عبارة أن إذ الحصر، ال المثال سبيل على وردت المعايير هذه أن الصياغة هذه من والمالحظ

هناك تبقى لكن الحاالت، أهم هي المذكورة الحاالت أن على داللة تعطي..." في سيما ال. "

الحاالت؟ هذه عن نتساءل يجعلنا مما ذكرها، على النص يأت لم أهمية، أقل أخرى حاالت

سنحاول ما هذا الجوار؟ مجال في التعسف لقيام معيارا المألوفة غير المضار تعتبر فهل

. الحق وقت في فيه الفصل

الستخالص والقضاء للفقه المجال فاسحا الحاالت، أهم ذكر على اقتصر المشرع أن أم

.الخطأ هو الذي العام المبدأ إطار في لكن أخرى معايير

27المرجع السابق ص التعسف في استعمال حق الملكية ،أنور سلطان ، - 240

Page 85: التعسف في استعمال الحق

84

المسألة في أثير قد جدال حسم الصياغة بهذه المشرع فإن األمر، كان وأيا241 توضيح و ،

.المشرع اتخذه محمود أمر النحو هذا على الصياغة

عن للتعبير" الفائدة" مصطلح يستعمل المشرع أن الصياغة، هذه على ثانيا والمالحظ

أن والشك األمر، فاته لكن التعديل، في الخلل هذا تدارك المشرع على وكان المصلحة،

أغلب استعملته الذي المصطلح كونه عن فضال وأعم، أصوب" المصلحة" مصطلح

.العربية التشريعات

عن أخذها الذي المصري المشرع عن المادة نص أخذ المشرع أن األخير في والمالحظ

التاريخية األصول إلى الرجوع يقتضي قد رالمعايي هذه فتحليل لذا اإلسالمية، الشريعة

.الوطني التشريع به يتميز ما مراعاة مع للنص،

مكرر 421 المادة في عليها المنصوص الحاالت:ثانيا

بالغير اإلضرار بقصد وقع إذا: األولى الحالة

في صعوبات من عليه ينطوي وما أهميته، وبينا المعيار، هذا دراسة إلى تطرقنا أن سبق

صاحب مسؤولية لقيام فيكفي اإلضرار، قصد تمحض يشترط لم المشرع أن وبين بات،اإلث

لو حتى الحق، استعمال إلى الرئيسي الباعث هو اإلضرار إلى القصد يكون أن الحق،

.مشروعة مصلحة تحقيق إلى القصد صاحبه

حيدالو القصد هو كان إذا عمدي خطأ هو بل خطأ، هو اإلضرار إلى القصد أن في والشك

.الحق استعمال في

اتخذ إثباته صعوبة وأمام الحق، صاحب نية على يعتمد ذاتي شخصي معيار هو المعيار فهذا

مع بالمقارنة ضآلتها أو المصلحة انتفاء بينها من: القصد هذا على قرائن والفقه القضاء

أنه أي يربالغ إضرارا األكثر الطرق يتخير الحق صاحب كان إذا أو بالغير، الالحق الضرر

.خسائر يكلفه وال بالغير، اإلضرار يجنبه آخر نحو على حقه استعمال بإمكانه كان

، العربي الحصرهذا ذهب البعض إلى أن المعايير وردت على سبيل لكان النص السابق مبهما من هذه الزاوية ، - 241ى ، وذهب آخرون إل 170المرجع السابق ، ص مفهوم التعسف في استعمال الحق في القانون المدني الجزائري ،بلحاج،

.00المرجع السابق ص سبيل المثال، انظر علي فياللي، االلتزامات ،العمل المستحق للتعويض،أنها وردت على

Page 86: التعسف في استعمال الحق

85

بالغير الالحق والضرر المحققة المصلحة بين التناسب عدم معيار: الثانية الحالة

والضرر الحق صاحب يحققها التي المصلحة بين الموازنة قوامه مادي معيار هو المعيار هذا

األهمية قليلة المقصودة المصلحة كانت إذا الحق صاحب مسؤولية فتقوم ،بالغير الالحق

(.1 فقرة مكرر 211 المادة) للغير الناش الضرر مع تتناسب ال بحيث

استعمال من مقصودة القليلة الفائدة أن إلى أشار المشرع أن المادة صياغة من ويالحظ

يشر لم بالغير يلحق الذي الضرر ولكن..." إليها يرمي التي: " ...بقوله لحقه، الحق صاحب

كان سواء الحق، استعمال من ناش بأنه وصفه بل الحق، صاحب قبل من مقصود أنه إلى

بين الموازنة على يقوم مادي معيار هو المعيار هذا أن يؤكد مما مقصود، غير أو مقصودا

تطرح الموازنة ذهوه الحق، صاحب تحقيقها إلى يرمي التي والمصلحة للغير الالحق الضرر

يكون أن يجب أم المصلحة على الضرر رجحان يكفي فهل المطلوب، التفاوت مقدار مشكلة

.الجسامة من قدر على التفاوت هذا

:التفاوت مقدار

صاحب قبل من المقصودة المصلحة بين التفاوت مقدار يكون أن يشترط النص أن واضح

فوق درجة فالرجحان فحسب، راجحا ال كبيرا تفاوتا يكون أن بالغير الالحق والضرر الحق

إذا متعسفا الشخص يكون فال كامل، توازن تحقيق هو النص من المقصود وليس المساواة،

الضرر رجح إذا أما معقولة، بنسبة المصلحة عن الضرر زاد أو والمصلحة الضرر تساوى

تعسفا هذا كان كبيرا رجحانا المصلحة عن242.

" البتة" كلمة المصري المشرع أضاف التفاوت من القدر هذا ولتأكيد243

البعض جادل وقد244" الدريني فتحي" فتسائل هذا، التفاوت شرط قيام في

245 أين من

وانتقده( التفاوت شرط)المعيار هذا في الشرط هذا والجزائري المصري المشرع استسقى

هذا مثل فيها يوجد ال -رأيه حسب – اإلسالمية شريعةال أن حيث باطال، شرطا واعتبره

.7ية الحق، المرجع السابق ص محمد حسين منصور، نظر - 242 من القانون المدني المصري . 00/3مادة أنظر ال - 243، فتحي الدريني 377سابق ص المرجع التعسف في استعمال الحق طبيعته ومعياره ،المحمد شوقي السيد، - 244

وما بعدها. 01المرجع السابق ص ، محاضرات في نظرية التعسف في استعمال الحق .01ص نفس المرجع - 245

Page 87: التعسف في استعمال الحق

86

هذه ضواب والمصري الجزائري المشرع منه استسقى الذي األصل تعتبر والتي الشرط،

.اإلسالمية الشريعة فقهاء منظور في الشرط هذا بحث لنا سبق وقد النظرية،

فكرة إلى إلسناده -اسبالتن معيار أي – المعيار هذا إلى أضيف إنما التفاوت شرط أن وأرى

.التبصر وعدم اإلهمال على قرينة فيه يعتبر الذي الحد أي – منه التضييق فتم الخطأ،

ضرر من الغير يلحق بما يبالي وال قليلة مصلحة على يقدم أن العادي الرجل سلوك من فليس

ضرر من الناس يصيب بما يبالي ال مستهتر عابث إما فهو ذلك يفعل ومن ذلك، وراء من

تحت بالغير اإلضرار يضمر خفية نية على منطو وإما لنفسه، يصيبها ضئيلة منفعة لقاء بليغ

الحالتين وفي بها، يسعى أنه يتظاهر األهمية محدودة مصلحة أو جدية غير مصلحة من ستار

مسؤوليته يوجب خطأ وارتكب العادي، للشخص المألوف السلوك عن انحرف قد246.

بالتعويض تقضي التي المادة نص مثال كثيرة، مواطن في المعيار هذا المشرع طبق وقد

الضرر بين الموازنة هو الحكم هذا فأساس للمدين، مرهقا العيني التعويض كان متى النقدي

110/1 المادة نص وكـــذلك الدائن، يهـاعل يحصـل التــي والمنفعة بالمدين الالحق

أو بالحائ ملكه يستر الذي الجار يضر هذا كان إذا قوي، عذر دون الحائ بهدم الخاصة

فقد إذا بعضه أو كله اإلرتفاق من يتحرر أن به المرتفق العقار لمالك بأنه تقضي التي المادة

األعباء مع تتناسب ال محدودة فائدة غير له تبق لم أو المرتفق للعقار منفعة كل اإلرتفاق

األرض في المرور حق تقرر التي ،220 المادة أو به، المرتفق العقار على الواقعة

لم إن المحصورة األرض صاحب يصيب الذي الضرر بين المشرع وازن فقد المحصورة

مقابل المرور حق ثبوت وقرر المجاورة، األمالك صاحب مصلحة وبين بممر يصلها

.التعسف تحقق المجاور الملك صاحب وامتنع أبى فإن مناسب، ضتعوي

تحقيقها إلى الحق صاحب يرمي التي المصلحة مشروعية عدم: الثالثة الحالة

المعيار هذا القانون، هذا واضعوا آثر وقد المصري، التشريع عن المعيار هذا المشرع أخذ

(but social) االجتماعي فالهد معيار هما الفقه، في شائعين آخرين معيارين على

.720سابق ص المرجع الي الوسيط، نظرية االلتزام بوجه عام، عبد الرزاق السنهور - 246

Page 88: التعسف في استعمال الحق

87

أن إلى إضافة ، نقد من إليهما وجه لما ( motif illégitime)المشروع غير الغرض ومعيار

التطبيق ناحية من وأسهل االنضباط ناحية من أدق المعيار هذا247.

في واسعة سلطة القضاء يخول مرن، مادي معيار هو المعيار هذا أن على الفقه بأغل ويتفق

العلة هي تكون ما كثيرا أن إذ النية استبعاد يعني ال هذا لكن الحقوق، استعمال رقابة

.المصلحة عن المشروعية صفة لنفي األساسية

متعارضا أو قانون،ال أحكام من حكما يخالف تحقيقها كان إذا مشروعة غير المصلحة وتكون

العامة واآلداب العام النظام مع248.

إلى يسعى ال الذي العادي الرجل بسلوك حقه يستعمل الذي الشخص انحراف يقدر أن ويجب

الحقوق استعمال ستار تحت مشروعة غير مصلحة على الحصول249.

وهو نيته بسوء الدائن تسبب إذا بأنه مدني، 201 المادة في المعيار، هذا المشرع طبق وقد

أو االتفاق في المحدد التعويض مبلغ يخفض أن فللقاضي ، النزاع أمد إطالة في بدينه يطالب

.مبرر بال النزاع فيها طال التي المدة عن إطالقا به يقضي ال

مصلحة لتحقيق بحقه مطالبته حين النزاع إطالة في التسبب وراء من يبتغي الذي فالدائن

تحقيقها يريد التي والمصلحة مشروع، غير الدافع هذا فإن التعويض، مبلغ زيادة هي ، لنفسه

مشروع سبب على تقوم ال إذ أيضا، مشروعة غير الدافع بهذا250 .

أو السياسي مذهبه بسبب العامل فصل تطبيقاته أبرز ومن المعيار، هذا القضاء طبق وقد

العامة، واآلداب العام للنظام مخالفة لمقابالت يخصصه أو بيته يؤجر الذي أو النقابي، انتمائه

فوق األجرة زيادة محاولته بعد فيه السكن بحجة مستأجره من المنزل بإخالء يطالب كالذي أو

ذلك في وإخفاقه القانون به يسمح ما251 شركة ليجبر ملكه على شائكة أسالكا يقيم كمن أو ،

727المرجع السابق ص ، عبد الرزاق السنهوري الوسيط، نظرية االلتزام بوجه عام - 247 .332المرجع السابق ص النظرية العامة لإللتزام علي علي سليمان، - 248 .11المرجع السابق ص االلتزامات ، العمل المستحق للتعويض ،لي، علي فيال- 249 02ص المرجع السابقحي الدريني، محاضرات في نظرية التعسف في استعمال الحق، فت - 250 13، المرجع السابق صااللتزامات ،العمل المستحق للتعويض علي فياللي ،أورد هذا المثال : - 251

Page 89: التعسف في استعمال الحق

88

أرضه شراء على الطيران252 غير معاشرة أخرى امرأة يعاشر لكي زوجته يطلق الذي أو ،.

شرعية253.

رفتص فإذا ، المعيار هذا لتطبيق خصبا مجاال غيرية، مصلحة تحقق التي الحقوق أن ويبدو

هذه في مشروعة غير مصلحة ألنها تعسفا هذا كان نفسه لمصلحة القاصر أموال في الوصي

فهذه الشركة، بمصالح وأضر نفسه لمصلحة شركة في الشريك تصرف إذا أو الحالة،

.القانون بها يقر لم مصلحة

عضالب يرى وكما إنه بل خطأ، باعتباره جدال ال فإنه األخير المعيار هو هذا كان وإذا254

تحته تنضوي التي األعمال اعتبار من ذلك حال لما المعيار، هذا ذكر على يؤت لم ولو فإنه

صاحب يرمي التي فالمصالح األقل، على فالمدنية الجزائية تكن لم إن للمسؤولية موجبة

فإن للغير ضررا سببت قد تحقيقها عند كانت وإذا شروعةم غير كانت إذا تحقيقها إلى الحق

. ال أم التعسف بنظرية أخذنا سواء الضرر هذا عن مسؤوال يكون الحق صاحب

:للتعسف؟ معيارا للجوار المألوفة غير المضار هل

نظرية تطبيقات من للجوار العادية غير المضار يدخل الجزائري المشرع أن رأينا أن سبق

. 222 المادة في صراحة ذلك على نص إذ الحق، ستعمالا في التعسف

نظر في التعسف بمفهوم أوال تتعلق إشكاالت، عدة يثير. الجزائري المشرع من الموقف وهذا

.نظره في الخطأ بمفهوم ثانيا ثم المشرع

في تعسف أنها على للجوار العادية غير المضار أن على نص عندما المشرع أن ويبدو

.النص هذا يثيرها التي اإلشكاالت هذه عن غفل أو تجاهل قد يكون ،الحق استعمال

اإلشكاالت، هذه تفادي حاول المصري المشرع أن نجد الوطني، المشرع موقف عكس وعلى

معايير ضمن المعيار هذا يتضمن منه، الخامسة المادة لنص التمهيدي المشروع كان فقد

الحق استعمال في التعسف255 المادة إلى ونقل الخامسة، المادة نص من المعيار هذا حذف ثم ،

.330ص ،المرجع السابق استئناف فرنسي، مذكور في علي علي سليمان، النظرية العامة لإللزام - 252 .332نفس المرجع ، ص- 253 . 221السابق صمرجع ، الجورج سيوفي ، الموجبات والعقود - 254 .301ألعمال التحضيرية للقانون المدني المصري، الجزء األول، مطبعة دار الكتاب العربي ص أنظر مجموعة ا - 255

Page 90: التعسف في استعمال الحق

89

، الحق استعمال في الغلو مصطلح المصري المشرع واستعمل الملكية، حق على كقيد ،011

المضار بذلك فتكون الخامسة، والمادة 011 المادة نص بين القائمة العالقة قطع بذلك محاوال

تعليق هذا ويفسر الحق، استعمال في التعسف نظرية على منفصلة للجوار المألوفة غير

السنهوري256 عن خروج هي ارللجو المألوفة غير المضار أن على القانون هذا واضع.

الخطأ أساس على األولى للمسؤولية صور ثالث له المالك أن يقول وهو ؟ الحق حدود

المألوفة غير المضار أساس على والثالثة الحق استعمال في التعسف أساس على والثانية

للجوار257 عن متميزة حالة -المنطق هذا وفق -الحق عن الخروج يكون كيف أعلم ال وأنا.

. ؟ الخطأ

.أمران الصعوبة هذه ومرد المسألة، صعوبة مدى يعكس التخب هذا الحقيقة، في

الحق استعمال في التعسف نظرية تأسيس في الحاصل الخالف إلى يرجع: األول فاألمر

الخطأ عن فصلها يحاول من ومنهم الخطأ، صور من صورة اأنه إلى يرجعها من فمنهم

.مستقل بكيان وتخصيصها

للجوار العادية غير المضار تأسيس بشأن الحاصل الخالف إلى فيرجع: الثاني األمر وأما

استعمال في تعسف أنها يقول وآخر ، اجتماعي خطأ أنها على وأخرى خطأ، بأنها قائل فمن

يبحث أخذ من وهناك الخطأ، عن مستقلة نظرية الحق استعمال في التعسف أن على الحق،

وآخر للحق، عادي غير استعمال أنها على يقول من تجد فتارة لها، موضوعي أساس على

التبعة تحمل نظرية على يؤسسها258 إلخ..

.2هامش رقم 723ص 720سابق ص المرجع ال، مصادر االلتزام، 1الوسيط ج - 256 دها.وما بع 171ص بيروت ،لبنان ،، حق الملكية ، دار اإلحياء التراث العربي، 7الوسيط ج- 257القانوني عبد الباقي ،تحديد األساس لمزيد من التفصيل حول أساس المضار غير المألوفة الجوار : أنظر أبو زيد- 258

122ابق ص ــسالمرجع الام القانون المدني، حكالموجز في أ لمضار الجوار غير المألوفة ، المرجع السابق، حسن كيرة وما بعدها

Page 91: التعسف في استعمال الحق

90

للجوار العادية المضار يتجاوز الذي المالك بمسؤولية يحكم كان فرنسا في القضاء أن على

ثم واإلنصاف، العدالة قواعد على ذلك يؤسس وكان والحذر، الحيطة بواجب يخل أن دون

2000259 المادة مفهوم في يتوسع أخذ.

على ذلك يؤسس وكان المدني، القانون صدور قبل المصري القضاء ذلك في سايره وقد

اإلسالمي هالفق في العمل عليه استقر ما وعلى تارة، واإلنصاف العدالة قواعد260.

غير المضار أن قلنا إذا فهو ، مصر في أما النص، غيبة هو فرنسا في الخالف ومرد

. الخطأ عن الحق استعمال في التعسف نظرية فصل يعني فذلك تعسف هي للجوار المألوفة

ينادون الذين هم الحق، استعمال في التعسف معايير من كمعيار بها المتمسكين فإن لذلك

.الخطأ عن الحق استعمال في التعسف نظرية بفصل

غير الجوار مضار نظرية تأسيس في قيلت التي اآلراء كل بس المقام هذا في يسعنا ولن

يموضوع أساس على يؤسسها من فهناك فلكين، في تدور فهي العموم على ولكن المألوفة،

.الخطأ أساس على يؤسسها من وهناك

أن يتضح والذي الخطأ مفهوم في توسعوا بعدما ذلك فعلوا إنما الخطأ، على أسسوها والذين

غير الضرر هو فيها الرئيسي العنصر موضوعي، أساس على قائمة المسؤولية هذه

وعدم همالباإل يتسم كان ان سلوكه إن بل فيه، المتسبب سلوك على النظر بقطع المألوف،

في التعسف أساس على أو الخطأ، أساس على مسؤولية إلى يعرضه ذلك فإن التبصر،

.مكرر 211 المادة أو 211 المادة أي الحق، استعمال

تقيم ،222 فالمادة مكرر، 211 والمادة مدني، 222 المادة تناقض مشكلة أمام هنا ونكون

بأنه ذلك وتصف وزن، أي فيه تسببالم لسلوك تقيم أن دون الضرر أساس على المسؤولية

خطأ؟ تعسف كل أن على عاما وصفا تعطي مكرر، 211 المادة تأتي ثم تعسف،

الخطأ مفهوم في التوسع في يكمن الحل أن إلى البعض يذهب261 مفهوم في التوسع فيجب ،

غير حل أنه وأرى للجوار، العادية غير المضار نظرية قبول معه يمكن ذيال الحد إلى الخطأ

وما بعدها. 70أبو زيد عبد الباقي ، نفس المرجع ص -259 .121ص السابق المرجع ،التعسف في استعمال حق الملكية ، أنور سلطان - 260

Page 92: التعسف في استعمال الحق

91

في فالخطأ االسم سوى الخطأ من يبقى ال النحو هذا على الخطأ مفهوم في فالتوسع مرضي،

.خطأ؟ ذلك مع ويبقى مفهومه في نتوسع فكيف الشخص، سلوك يشوب عيب هو القانون

به األخذ يبرر ما يوجد النصوص،فال تسعفه لم يالذ الفرنسي القضاء به أخذ إن الحل وهذا

هذه وضع عن إال الخالف وليس جاره، أضر لمن قائمة فالمسؤولية إليه، بحاجة فلسنا عندنا،

.عندنا المسؤولية نظام في المسؤولية

سوى أمامنا يبق لم سليم، قانوني منطق وفق القانون، نصوص بين وللتنسيق المقام، هذا في

وحيد حل262 التعسف معايير من معيار هي للجوار العادية غير المضار بأن التسليم فينبغي ،

الملكيات وهو جدا، محدود ومجال جدا، خاصة حالة في إال ينطبق ال الحق، استعمال في

الحيطة بواجب اإلخالل دون للجوار، المألوفة غير المضار تجاوز حالة في متجاورة،ال

استثناءا وتمثل التعسف، من خاصة حالة للجوار المألوفة غير المضار حالة فتكون والحذر،

غير المضار في إال خطأ أنه على أصله على باق التعسف فيكون فيه، العام المبدأ على

.ذلك غير فهو للجوار المألوفة

القانون يقرر ما فكثيرًا التقنين، ومنهج القانون منطق مع يتفق حل أنه الحل هذا في وأرى

فاالستثناء العام، المبدأ على االستثناء طغيان يخشى وال عليها، استثناءا يقرر ثم عامة، قواعد

نظرية هو مالكال هذا على مثال وخير العملي، الواقع في تطبيقاته كثرت ولو استثناءا يبقى

يرد استثناء إال هي ما تطبيقاتها وكثرة أهميتها على فهي نفسها، الحق استعمال في التعسف

يحيق عما يسأل ال مشروعا استعماال حقه يستعمل من بأن تقضي التي العامة القاعدة على

.ضرر من بالغير

وما الخطأ، نم صورة كونه العام أصله على باق الحق استعمال في التعسف فإن وبالتالي

مبرراته المبدأ هذا ووجد العام، المبدأ هذا على يرد استثناء سوى المألوفة غير الجوار مضار

.00ص السابق ،التعسف في استعمال حق الملكية ،المرجعأنور سلطان - 261262إن كنا نرى ضرورة تعديل المادة بما يتفق مع نظام المسؤولية، والذي يتضح بعد دراسة كل اآلراء التي قيلت بشأن و-

= أساس وليس على=أساس المسؤولية في حالة تجاوز المضار غير المألوفة للجوار، أنها تقوم على نظرية تحمل التبعة،

دل، ويحقق توحيدا لنظام المسؤولية فالمسؤولية عن ـــــطق وأقرب إلى العفي استعمال الحق، فهذا الرأي يقبله المن التعسف

هوب، المسؤولية يتجاوز المضار غير المألوفة للجوار في مجال القانون اإلداري قائمة على هذه النظرية)أنظر مسعود ش

فيكون من مقتضيات العدل، وما بعدها( 84، ص 4000. 5عن المخاطر وتطبيقها في القانون اإلداري د.م.م.ج الجزائر ط

توحيد األساس في المسؤولية في كال القانونين، إذن فتعديل هذه المادة أمر ضروري.

Page 93: التعسف في استعمال الحق

92

اجتماعية وظيفة من الحق يمثله وما المجتمع، لتماسك حمايتها يجب التي الجوار عالقات في

.بالغير اإلضرار عن به تنأى

الخاص مجاله له للتعسف معيار المألوفة غير الجوار مضار أن إلى األخير في نلخص

صلب في عليه النص عدم الحكمة فمن لذا غيرها، إلى ينسحب ال التي الخاصة، وحالته

ترد التي القيود باب في عليه النص جاء وإنما عاما، معيارا يكون ال لكي مكرر، 211 المادة

نقل حيث يالمصر المشرع عن الحل هذا أخذ والمشرع الخاص، مجاله حيث الملكية، على

ألصبح الخامسة المادة صلب في تركه ،فلو011 المادة إلى الخامسة المادة من المعيار هذا

حق على ترد التي بالقيود المخصص المكان إلى فينقله الحقوق، كل على ينطبق عاما معيارا

.سواه دون المجال ذلك في تطبيقه حصر قد يكون العقارية، الملكية

Page 94: التعسف في استعمال الحق

93

تنازع مسألة تأصيل نظرية التعسف في استعمال الحق اتجاهان في الفقه ، فاالتجاه السائد

)المطلب الثاني( في الفقه يرده إلى الخطأ

و أما االتجاه الثاني فينادي باستقالل نظرية التعسف عن الخطأ)المطلب األول(

Page 95: التعسف في استعمال الحق

94

:"استعمال الحق مستقل عن "الخطأالتعسف في المطلب األول :

الفقه بعض ذهب(263)

ليست بذاتها،و مستقلة الحق استعمال في التعسف نظرية بأن القول إلى

.الخطأ تطبيقات من تطبيق مجرد

بأن جديرة بذلك أنها و ، الحقوق نسبية مبدأ عن متفرعة و مستحدثة النظرية هذه أن ذلك

إلى ردها إلى حاجة دون القانون، نواحي جميع في تنطبق التي الخاصة قواعدها لها تكون

.قبل من بها المسلم المبادئ أو القواعد من مبدأ أو قاعدة أي

الكثير تأثر به و العربي، الوطن في الرأي هذا لواء حامل هو" كيرة حسن" الدكتور ويعتبر

يرى هو و الكتاب، من(264)

استعمال في التعسف لفكرة صحيح تأصيل إلى للوصول" أنه

جميع اطراح ينبغي الحق، استعمال في التعسف لنظرية الطبيعي للموضع سليم تحديد و الحق

فرضت و الحق، ستعمالا في التعسف فكرة الحديث القانون في صاحبت التي الظروف

الخطأ، تأصيل التعسف إلعطاء والقضاء، الفقه على تشريعي تدخل أي قبل من نفسها

.التقصيرية المسؤولية داخل واستبقائه

استعمال في الحق صاحب حصانة مبدأ من تستتبعه كانت بما الفردية النزعة اطراح أن ذلك

عام كمبد يقرر نص من األمر أول في – التشريع خلو أمام – القضاء و الفقه اضطرت حقه،

من مستمد و مقبول أساس التماس إلى – استعمالها في انحرافهم عن الحقوق أصحاب مساءلة

ال و أفضل ثم يكن ولم الحقوق، استعمال على رقابة لغرض القائم التشريع نصوص صلب

أو الحق عن كخروج التعسف إلى بالنظر سواء - العادي الخطأ من الشأن هذا في أقرب

إلى حينئذ االستناد يكن لم بذلك و بذاته، قائما الخطأ من خاصا نوعا أو -عنه الخروج عدم

الثورة يحجب مرحلي تبرير مجرد إال ومنعه الحق استعمال في التعسف تعقب لتبرير الخطأ

في التعسف جواز عدم مبدأ على التشريعي النص غيبة في التقليدية القانونية األصول على

مما المبدأ هذا تعلق تشريعية نصوص اليوم الحديث القانون دخلت وقد أما الحق، استعمال

263

وما بعدها 502المرجع السابق صمثل سالي و غيره أنظر شوقي السيد، التعسف في استعمال الحق طبيعته ومعياره ، -

قانون وما بعدها ،نبيل ابراهيم سعد، المدخل إلى ال 822، وانظر كذلك حسن كيرة، المدخل إلى القانون ،المرجع السابق ص

ريني و غيرهم.الد، فتحي 442 السابق ص، على علي سليمان ، النظرية العامة لاللتزامات ،المرجع 440ص 264

. 822انظر المدخل إلى القانون ، المرجع السابق ص -

Page 96: التعسف في استعمال الحق

95

المرحلة هذه تخطي الواجب من أصبح فقد المقررة، القانونية األصول من أصال منه يجعل

".حقيقتها و التعسف فكرة جوهر في النظر وإمعان

قصور فكرة "الخطأ" عن استيعاب حاالت التعسف : - أ

ممارسة في الشخص بمركز يسوى ال أن يجب لحقه استعماله في الحق صاحب مركز

في الخطأ ذاته هو األولى الصورة في التعسف أن يقال حتى ، العامة الرخص من رخصة

المساواة قدم على الجميع يقف حيث العامة الرخص أو الحريات مجال ففي الثانية، الصورة

هذا في التنسيق إلى األمر يحتاج ال واحد، وقت في الرخص و الحريات نفس ويستعملون

بالعمل اآلخرين قبل فرد كل بالتزام إال يتحقق ال ما هو و المتعاصر، الجماعي االستعمال

الحقوق، مجال في أما المتماثلة، الحريات نفس لهم مما يحد ال حتى وحيطة، ويقضة بتبصر

معين محل على القانون به يخصه لما ينالباق إلى بالنسبة ممتاز مركز ذو الحق صاحب حيث

لتحقيق تستخدم سوف السلطة هذه أن من التأكد فيجب غيره، دون يملكها استئثارية سلطة من

في الحق صاحب مسلك قياس يقتضي ما هو و مناقضتها، ال ، الحق أجلها من المعطى الغاية

توفر إمكان يعني مما لحذر،ا و الحيطة فكرة وفق ال المعينة، الغاية هذه وفق حقه استعمال

بواجب أخل قد يكن لم ولو حتى غايته عن استعماله في الحق صاحب انحرف كلما التعسف

يوجد بذلك و ، الدقيق الفني المعنى في الخطأ، يكون الذي اإلخالل ذلك الحذر، و الحيطة

يتخذه قد ما شيئا الحق صاحب عن إذن يغني فال ، الخطأ مقومات له تتوافر لم لو و تعسف

االستعمال هذا كان إذا الخطأ، عنه تنفي يقضة و تبصر و حيطة من حقه استعمال في

الحق غاية يناقض(265)

.

: الحجة هذه يمتقي

هذه الحقيقة في و للجوار، المألوفة غير المضار تجاوز حالة على فق يصدق الكالم، وهذا

تدخل بأنها سلمنا إن و حتى لكن و الحق، استعمال في التعسف مجال على تخرج المضار

ال و يحفظ الشاذ معروف هو كما و العام األصل من واستثناء منه، خاصة حالة فتبقى فيه،

. عليه يقاس

265

، وانظر كذلك محمد شوقي السيد،التعسف في استعمال 824حسن كيرة ، المدخل إلى القانون ، المرجع سابق ص -

. 502الحق طبيعته ومعياره ، المرجع السابق ص

Page 97: التعسف في استعمال الحق

96

والوظيفة الحق، استعمال في التعسف بين يسوي قائله أن يجد السابق، الكالم في والمتأمل

أن بينا وقد مختلفان، أنهما الحقيقة و للحق، االجتماعية(266)

هو ما الحق استعمال في التعسف

بالكل، الجزء أو باألصل الفرع عالقة تربطهما و للحق، االجتماعية الوظيفة مظاهر حدأ إال

فإن أخرى جهة ومن جهة، من هذا تعسف، للحق االجتماعية الوظيفة عن خروج كل فليس

خروج فكل محض، نظري بكالم أتي و تاما، تجاهال القانونية النصوص يتجاهل الرأي هذا

الناحية من قبوله فإن النظرية، الناحية من يقبل كان إن و الكالم هذا تعسفا، الحق غاية عن

ليس الغاية هذه تحديد إن األهم، السؤال هو هذا الغاية، هذه هي ما إذ صعب، أمر التطبيقية

أنه على الحكم ثم و محدد غير مجهول شيء عن الكالم كان ثم ومن السهل، الميسور باألمر

شيء على حكم ألنه منطقي، غير كالم -الجهالة هذه مع – منه مجاال أوسع وأنه خطأ غير

.محدد غير مجهول

أن وإنما للحق، االجتماعي الهدف يحددوا أن اليوم، القضاة من المطلوب ليس أنه على

وأن مهمتهم، هي تلك حقه استعمال في الحيطة اتخذ قد الشخص كان إذا عما فق يتحققوا

األخذ عن بعيدا قانوني كمبدأ الخطأ عن يبحثوا نأ بالتعسف القول بصدد وهي المحاكم

.بالسياسة

أسبقية فكرة التعسف عن المسؤولية: - ب

يتصور ال المسؤولية، مشكلة على سابقة أولية مشكلة التعسف فكرة تثيرها التي المشكلة

العامة نظريته ظل في بالتالي و وجوهره، الحق حقيقة ضوء على إال لها، حل التماس

في النسبية أو اإلطالق بين االختيار أوال يقتضي التعسف مشكلة حل أن ذلك وحدها،

استخالصه أو التقصيرية المسؤولية إطار داخل تحقيقه يتصور ماال وهو الحقوق، استعمال

ومدلوله، العدل وبفكرة وظيفته، أو ودوره الحق بفكرة ذلك يرتهن بل وقواعدها، مبادئها من

هذه وكل النزعتين بين التوازن من أو االجتماعية أو الفردية من يتهوغا القانون إلى وبالنظر

المسؤولية نطاق عن ظاهر هو كما تخرج المسائل(267)

.

.وقائي دور من التعسف نظرية به تتميز ما -الرأي هذا حسب– هذا ويؤكد

.1-Henri et Léon Mazeaud, leçons de droit civil Op. Cit. N.573. 574

267 .828-822مرجع السابق ص المدخل إلى القانون ، الحسن كيرة ، -

Page 98: التعسف في استعمال الحق

97

: الحق الستعمال التعسف ةلنظري الوقائي الدور

وقوع يمنع ما وهو ابتداء، تعسفي نحو على حقه استعمال من الحق صاحب يحرم فقد

المسؤولية مشكلة قيام لذلك تبعا ويتفادى أصال الضرر(268)

فكرة اوزتتج إذن التعسف ففكرة ،

فكرة كذلك فتتحقق عنه، التعويض أو الواقع الضرر رفع على اقتصارها في المسؤولية

استعمال من ابتداء الحق صاحب حرمان طريق عن أصال وقوعه قبل الضرر من التوقي

مطالبا القضاء إلى االلتجاء إلى الحق صاحب يحتاج ما فكثير تعسفيا، استعماال حقه

أن طلبه إلجابة يكفي ال وهنا معين، نحو على استعماله من وتمكينه هوحمايت بحقه باالعتراف

االستعمال أن من كذلك يتحقق أن يجب بل فحسب، به المدعي الحق وجود من القاضي يتأكد

وهو الحق صاحب طلب برد يكتفي التعسف حالة وفي التعسف، معنى يحمل ال منه المرجو

في ذلك يمنع بل المسؤولية مشكلة حينئذ تثور الف أصال التعسفي االستعمال وقوع يمنع ما

بعد فيما قيامها من الواقع(269)

.

أساس على تفسيره يمكن ال التعسف، طبيعة عن ناشئا خاصا جزاء باعتباره الوقائي فالدور

تجد وإنما نفسها، المسؤولية على وجودها في السابقة التعسف مشكلة حل ألنه لية،المسؤو

القيمة في أو فيه العدل ومفهوم العامة، وأصوله التشريع في وغايته الحق مفهوم في أساسها

تفصيال و جملة أحكامه عليها تدور التي المحورية(270)

.

للقيام مجاله له نجد إنما و التقصيرية المسؤولية مجال على التعسف نطاق يقتصر فال إذن

عمل وقوع تحاشي يمكن التعسف فكرة بواسطة فإنه ذلك على و وتعويضي، وقائي بدور

الحق بغاية متصل التعسف ألن للحق، مخالف(271)

.

من 21 المادة به تقضي ما مثال خذ الوقائي، الدور لهذا تشريعية تطبيقات عدة وردت وقد

إليها ينتمون التي الدولة قانون وأهليتهم لألشخاص المدنية الحالة على" المدني القانون

.بجنسيتهم

268

. 552محمد شوقي السيد ،التعسف في استعمال الحق طبيعته ومعياره ، المرجع السابق ص - 269

. 225، 228، محمد حسين منصور، نظرية الحق، المرجع السابق ص 828حسن كيرة ، المرجع السابق ص - 270

. 25ال الحق ، المرجع السابق ص فتحي الدريني ،محاضرات في نظرية التعسف في استعم - 271

. 555ف في استعمال الحق طبيعته ومعياره ، المرجع السابق ص محمد شوقي السيد ،التعس -

Page 99: التعسف في استعمال الحق

98

الطرفين أحد كان إذا فيها آثارها وتنتج الجزائر في تعقد التي المالية التصرفات ففي ذلك ومع

على تبنيه يسهل ال خفاء فيه سبب إلى يرجع أهليته نقص كان و األهلية، ناقص أجنبيا

ناقص طالب فإذا" المعاملة صحة في و أهليته في يؤثر ال السبب هذا فإن اآلخر، الطرف

العقد، إبطال في الحق من ويحرم قصده، عليه فيرد عسفا،مت يكون العقد بإبطال هنا األهلية

أصال الضرر وقوع منع هو هنا التعسف وجزاء أهليته، في الخفي السبب هذا يؤثر وال(272)

.

إذا لكن و عينيا، يكون أن التنفيذ في األصل أن من مدني، 221 المادة به تقتضي ما وكذلك

فإنه عينيا التنفيذ يكون أن على الدائن أصر هذا ومع للمدني إرهاق -العيني التنفيذ– فيه كان

لتعسفه لطلبه، الدائن يجاب وال التعويض، بطريق التنفيذ إلى يصار(273)

.

إلى الحاسمة اليمين يوجه أن الخصمين من لكل يجوز أنه من قانونا مقرر هو ما كذلك

في متعسفا الخصم كان إذا اليمين توجيه يمنع أن للقاضي يجوز أنه على اآلخر الخصم

. مدني 010 المادة توجيهها،

لطالب مصلحة يحقق أن شأنه من ليس اليمين توجيه كان إذا هنا التعسف حالة وتتحقق

الحق(274)

مستغال اآلخر الطرف إرباك بها أراد األطراف أحد أن للقاضي ظهر أو ،

تدينه(275)

.

: الوقائي الدور حقيقة

بالحقوق، يرتب الحق استعمال في التعسف لكون يرجع الوقائي،أنه الدور هذا خالصة أليس

طارئ وأمر استثناء هو التعسف إنما أصال، بالمشروعية تتسم التي نطاقها داخل والتصرفات

. المشروعية هو الذي العام األصل على

272

. 580عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسي ، مصادر االلتزام ، المرجع السابق ص - 273

42ص 5ع 25نة م. ق س 85802ملف رقم 45/02/5220أنظر قرار المحكمة العليا: مؤرخ في -

. لمزيد من التفصيل أنظر فتحي 42ص 5ع 5224م .ق سنة 82228ملف رقم 20/02/5220و القرار : المؤرخ في

و ما بعدها. 85الدريني،محاضرات في نظرية التعسف في استعمال الحق ، المرجع السابق ص 274

42ص 5ع 25م. ق سنة 85802ملف رقم 45/02/5220 أنظر قرار المحكمة العليا: مؤرخ في -

.42ص 5ع 5224م .ق سنة 82228ملف رقم 20/02/5220و القرار : المؤرخ في 275

. 25،المرجع السابق ص فتحي الدريني ، محاضرات في نظرية التعسف في استعمال الحق -

Page 100: التعسف في استعمال الحق

99

فعله علي يترتب لم ولو الحق، انتفاء حالة في الفاعل مسؤولية تنشغل العملية يةالناح فمن"

يأتي اال في مصلحة للغير ألن للغير، أرضا يحرث كمن نفع فعله على ترتب ولو بل ضرر،

الفعل بإثبات يكتفي بل الضرر، بإثبات يطالب ال لذا و عقاره، في الملك أعمال من عمال أحد

إلى يستند ألنه مشروع ذاته في فالعمل التعسف حالة في أما حق، إلى لفعلا هذا إستناد وعدم

في يحفر من ذلك على و للغير، ضرر عليه يترتب أن مسؤولية لقيام يشترط لذا و حق،

ألن أراد، ما فعله على يترتب لم إذا مسؤولية تشغل ال الجار، حائ إضعاف يقصد أرضه

في المدعي يطالب ولذا فعال، الضرر حدوث بشرط بل يةالمسؤول لقيام تكفي ال وحدها النية

"منه تولد الذي الضرر و الفعل بإثبات الحق استعمال في التعسف حالة(276)

.

مطالبةال تصح ال لكي الضرر، وقوع لتفادي منعه وجب تعسف حدث فإذا هذا، وعلى

. المسؤولية شروط استكمال لعدم بالتعويض

القانون أكان سواء تحقيقها، إلى يسعى التي القانون أهداف من هي التوقي، فكرة الحقيقة ففي

. العالج من خير الوقاية فدائما" غيره أو الجزائي أو المدني

الوقاية إلى تهدف تيال الجزاء، بنظرية أكثر مرتب التعسف لنظرية الوقائي الدور فإن ولهذا

.ثانيا العالج ثم أوال

االعتماد على أصل التاريخي: - ت

أصال اإلسالمية الشريعة من العربية قوانيننا استمدته قد الحق استعمال في التعسف إن"

نظرة إليها تنظر بل الخطأ أساس على التعدي حالة في المسؤولية تقيم ال الشريعة وهذه

موضوعية(277)

.

الدريني فتحي.د ويذهب(278)

عن فصلها إلى الحق، استعمال في التعسف لنظرية تأصيله ،في

الذرائع سد مبدأ إلى واستنادها التقصيرية، المسؤولية(279)

أعم مبدأ على بدوره يتأسس الذي

.المآالت في النظر هو

276

.20أنور سلطان، نظرية التعسف في استعمال حق الملكية ،المرجع السابق، ص - 277

.442سليمان، النظرية العامة لاللتزامات، المرجع السابق ص علي علي - 278

. 200ص في استعمال الحق ، المرجع السابق الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده و نظرية التعسف -

Page 101: التعسف في استعمال الحق

100

السلطات بأصل يرتب ال و غرضه أو الحق، استعمال بنتائج أساسا يرتب التعسف أن أي

التعسفية الحاالت من ألن" الخطأ على يقوم ال التعسف فإن بالتالي و الحق، لصاحب المخولة

اختالل إلى أو الممنوع، المآل إلى ينظر إنما و اإلهمال، أو اإلرادة إلى فيها رينظ ال ما

المشروع غير بالقصد تتعلق ال التي الموضوعية الضواب من وهذا المصالح، بين التوازن

المآل هذا إلى بالنظر لحقه المستعمل يمنع بل التبصر، عدم أو الحيطة أخذ في اإلهمال أو

.فيه التسبب مجرد المسؤولية هذه ياملق ويكفي الممنوع،

أن و األصل، بحسب شرعا فيه مأذون تصرف في الشارع قصد مناقضة هو فالتعسف

.عليه المسؤولية ترتيب في أو التعسفي الفعل من المنع في العلة هي المناقضة

لاستعما في للتعسف -الرأي هذا وفق– سليم وتطبيق صحيح فهم يقوم حتى ينبغي فإنه لهذا و

الفقه في المقررة المبادئ و الشريعة هذه أحكام إلى فيها العودة مرة كل في ينبغي الحق،

رسميا مصدرا كونها عن فضال تعد التي و مبادئها النظرية هذه منه استقت والتي اإلسالمي،

استعمال في التعسف أن تؤكد جميعا وهي لها، تفسيريا مصدرا كذلك تعد فهي ألحكامه،

أنه كما الذرائع، سد مبدأ هو لها تطبيق وأهم األفعال، في المآل اعتبار قاعدة إلى ينتمي الحق

الشريعة وأن المصالح، لتحقيق وسائل الحقوق أن اإلسالمي، الفقه ألحكام وفقا المقرر من

وهو المفاسد، ودرء المصالح تحقيق إلى الحقوق تؤدي أن ينبغي وأنه العباد، لمصلحة جاءت

الغايات لتحقيق الحقوق بها تتقيد التي العامة المبادئ ضمن تندرج فكرة تعسفال بأن يقطع ما

منها(280)

.الخطأ فكرة عن بالتالي وانفصالها ،

مناقشة هذه الحجة :

الشريعة من استلهمت قد بمعاييرها، الحق استعمال في التعسف نظرية أن ينكر أحد ال

" المصري المدني للقانون التحضيرية األعمال مجموعة في جاء فلقد اإلسالمية،(281)

على و

في لمبادئا من استقر ما بين فيه ألف الحقوق لمباشرة دستورا المشروع وضع النحو هذا

279

وقد عارضه مصطفى الزرقاء، في كون أن النظرية ال تتأسس على مبدأ الذرائع، و إنما ترتب بفكرة الحق وطبيعة -

المزدوجة في الفقه اإلسالمي ، وإن كان يتفق معه في فصلها عن فكرة الخطأ، صياغة قانونية لنظرية التعسف في استعمال

.52ون إسالمي ،المرجع السابق، ص الحق في قان280

.555محمد شوقي السيد، التعسف في استعمال الحق طبيعته ومعياره ، المرجع السابق ص - 281

.455مجموعة األعمال التحضيرية للقانون المدني ، المرجع السابق ص -

Page 102: التعسف في استعمال الحق

101

الحق استعمال في التعسف نظرية في الحديث الفقه إليه انتهى ما بين و اإلسالمية الشريعة

األخالقية للنزعة يمكن أن له أتيح وبذلك الفقه، هذا مذاهب من بمذهب يتقيد أن دون ولكن

أرقى في اإلسالمي الفقه وبين نصوصه بين يصل وأن الحديثة، االجتماعية والنزعات

تأخذ لم العربية القوانين معظم فإن هذا مع ولكن" الحياة و المرونة بعناصر وأحفلها، هنواحي

نظام إن بل الضمان، على يقوم الذي اإلسالمية الشريعة في الموجود المسؤولية بنظام

.السببية عالقة و والضرر الخطأ، على يقوم الذي الشخصية المسؤولية هو السائد المسؤولية

أساس على ليس و المسؤولية نظام على تنصب لكونها محلها غير في الحجة فإن هذا وعلى

.التعسف نظرية

اإلسالمية الشريعة فقهاء بين اتفاق محل ليس الخطأ عن التعسف نظرية استقالل إن ثم(282)

فالشاطبي المحدثين، أو األقدمين سواء(283)

التعسف عن كتب من كل عنه أخذ الذي -مثال–

.الخطأ بفكرة قبولها يعلل أو الخطأ على لنظريةا يؤسس المحدثين من

فصل نصوص التعسف عن نصوص المسؤولية التقصيرية: - ث

سليمان علي علي يقول(284)

مستقل نظام -الحق استعمال في التعسف– أنه أعتقد وإني:"

:ليةالتا األدلة على ذلك في وأسند بذاته،

من صورة التعسف كان ولو التقصيرية، المسؤولية نصوص عن التعسف نصوص فصل -2

.التقصيرية المسؤولية نصوص جانب إلى عليه النص لورد المسؤولية هذه صور

تخصيص من الفائدة هي فما التقصيرية المسؤولية صور من صورة التعسف كان وإذا -1

ليشمل كافيا بالتعويض فاعله يلزم الغير يضر خطأ كل أن على النص أليس له؟ نصوص

...".الخطأ على مبنيا كان إذا التعسف

أول بالتعسف الخاص فالنص التقنين، منهج على تنصب فهي: األولى الحجة يخص فيما أما

األعمال مجموعة في جاء وقد ، التمهيدية النصوص في ورد المصري القانون في ورد ما

282 .52وحيد الدين سوار، النزعة الجماعية في الفقه اإلسالمي ، المرجع السابق ص -أنظر مثال : -

محمد زكي عبد البر، ال ضرر وال ضرار في اإلسالم وإساءة استعمال الحق في الفقه اإلسالمي، المرجع السابق -

. 28ص 283

وما بعدها. 82الموافقات، المرجع السابق ص - 284

.442النظرية العامة لاللتزام ،المرجع السابق ص -

Page 103: التعسف في استعمال الحق

102

مصريال المدني للقانون التحضيرية(285)

نظرية بتقرير الخاص النص أحل المشروع أن"

معنى من النظرية هذه ألن التمهيدية، النصوص بين بارزا مكانا الحق استعمال في التعسف

العمل لفكرة تطبيق مجرد تكون أن دون القانون نواحي جميع على تنبس يجعلها ما العموم

الكتاب في النص أورد بأن المصري، المشرع ائريالجز المشرع تبع ثم ،"المشروع غير

.العامة األحكام المتضمن األول

بين طويلة مجادالت محور كان المصري، القانون في التمهيدية النصوص في النص ووضع

اللجنة أعضاء احد يقول إذ اتفاق محل يكن الخامسة،ولم للمادة المعدة اللجنة أعضاء(286)

"

ان بالعكس، بل التمهيدي، الباب في الحق استعمال إساءة عن عام نص إلبداء محل ال إنه

إال هي ما الحق استعمال في التعسف نظرية أن و االلتزامات، باب في هو النص هذا مكان

باب في المنطقي مكانها يكون السبب لهذا وأنه المشروع، غير العمل فكرة في توسيع

أحدث به أخذت ما هو وهذا المشروع، غير العمل عن تنشأ التي تلك بين ، االلتزامات

.إلخ... اإليطالي الفرنسي االلتزامات قانون لمشروع التشريعات

أن بيد االلتزامات مواد على قاصرة جاءت القوانين هذه بأن اعترض ربما أنه قائال وأردف

هذا على الرد ولكن بأكمله، مدني قانون وضع هي مهمتنا أن حيث لنا، بالنسبة يختلف حالال

المدني القانون تحكم التي هي االلتزامات باب في الواردة القواعد أن إذ ميسور، االعتراض

.مجموعه في

قائال اللجنة من آخر عضو وعلق(287)

ثم الحقوق، بتحديد يبدأ أن المستحسن من بأنه:"ا

".استعمالها بإساءة النصوص ذلك بعد توضع

رئيس رد كان و(288)

في تطور نتيجة هي الحق استعمال إساءة فكرة:"... كالتالي اللجنة

..."االجتماعي، التقدم بهذا أوحي واألفكار المشاعر

285

. 408ص - 286

هامش. 404ون، انظر مجموعة األعمال التحضيرية، ص وهو السيد: لبنان دي باف - 287

امش. في اله 404وهو السيد: جار همام، نفس المرجع ، ص - 288

في الهامش. 422وهو السيد: مراد سيد أحمد، نفس المرجع ص -

Page 104: التعسف في استعمال الحق

103

للجزاء الكافي التبرير الفكرة هذه في أن الخطأ بنظرية تأثروا ممن الكتاب بعض ظن وقد

التفسير هذا إيجاد ويمكن تال، تفسير سوى إذن ليست الحق ففكرة الحق، استعمال إساءة عن

الضمير أن هو قائما يظل الذي األمر ولكن العمل، حوادث في الحال هو كما أخرى فكرة في

تجافي طبيعته،بطريقة كانت أيا حق باستعمال الحاضر وقتنا في يسمح يعد لم االجتماعي

عمل هو إنما بعد فيما ستوجد أو بالفعل، موجودة قانونية بفكرة الظاهرة هذه فرب حكمته،

استعمال على جزاء ترتيب إلى االجتماعية الحاجة هي العامة الطبيعية والظاهرة صناعي،

".سيئا استعماال الحق

ليتسنى التمهيدي الباب في يورد نص في الحاجة هذه إبراز يرى اللجنة رئيس فإن لذا"

من النظرية هذه به تتمتع لما وذلك" عليه المطروح الحق طبيعة كانت أيا تطبيقه للقاضي

.القانون فروع جميع على تنبس يجعلها العموم

رئيس أن رأينا قد و النظرية تأصيل في الإشكا الموضع، هذا في النص وضع أثار وقد

أخرى فكرة مع التعسف فكرة رب بإمكانية يسلم مصري، الخامسة المادة لنص المعدة اللجنة

و ،"بالخطأ" "التعسف" رب تم أنه كالمه، من يفهم والذي بعد، فيما ستوجد أو ، موجودة

الباب في النص إيراد برري ما هما اجتماعية، قيمة من تمثله وما النظرية، عموم لكن

.التمهيدي

خطأ كونها مع يتنافى ال النظرية عموم أن على(289)

.

وأبطل الجدل، هذا المدني، القانون تعديل في الجزائري المشرع حسم فقد حال، كل وعلى

األحكام المتضمن الكتاب من 12 المادة نقل حيث قاطعة، ورةبص موقفه وأبرز الحجة، هذه

تنص التي211 المادة عقب عليها نص حيث الثاني، الكتاب من الثالث الفصل إلى العامة،

".الشخصي الفعل عن المسؤولية على

في التعسف على النص من الفائدة ما بأنه تقضي والتي: الثانية الحجة يخص فيما أما

ينص ال أن النص في االقتصاد باب فمن الخطأ؟ لفكرة تطبيق مجرد كان إذا الحق، استعمال

.مرتين واحد حكم على المشرع

289

. 252العربي بلحاج، مفهوم التعسف في استعمال الحق ، المرجع السابق ص -

Page 105: التعسف في استعمال الحق

104

هي ما الحق استعمال في التعسف نظرية قلناأن أن سبق فلقد ميسور، الكالم هذا على فالرد

استعماال حقه يستعمل لمن مسؤولية ال بأن تقتضي التي العامة القاعدة من استثناء إال

بنص، إال استثناء ال أنه البديهيات من و االستعمال، هذا من الغير تضرر ولو حتى مشروعا

.حينئذ النص فوجب

وهناك حجة أخرى لدعم هذا الرأي و هي : - ج

أن إلى استندوا قد الخطأ فكرة على التعسف نظرية بنو الذين المصريون الفقهاء كان إذا

يصدق ال القول هذا فإن مشروع، غير الحق ستعمالا يكون أن على تنص العربية النصوص

يعتبر: " بقوله ،(سابقا 12)مكرر 211 المادة صدر في قطع الذي المدني القانون على

مشروع غير يقل ولم... تعسفيا، الحق استعمال(290)

.

غير الفعل على األصل في يطلق وصف المشروعية وعدم شروعيةالم من كال ألن"

الموضوعية الحدود يجاوز فعال كان بأن أو أصال، حق عن ناشئا يكن لم بأن لذاته، المشروع

الخطأ هو وهذا وتقصيرا، إهماال أو تعمدا الغير، حق على اعتداء بالتالي ويشكل للحق،

حق، عن ناشئا لكونه مشروع األصل في نهأل كذلك ليس التعسفي الفعل ولكن التقصيري،

عن االنحراف من فيه لما بل لذاته ال تعسفيا يصبح ولكنه وسلطاته، مضمونه مجاوزا وليس

..."الحق أجلها من شرع التي المصلحة أو الغاية (291)

.

كالم في والمتأمل مشروع، غير عمال التعسف أليس غريب، أمر كهذه حجة على دواالعتما

لم المصري المشرع أن كالمه فمعنى سفسطة، من يخلو ال يجده السابق" الدريني فتحي"

لسعته" تعسف" لفظ تحاشى المصري المشرع أن والواقع ؟ النظرية هذه على ينص

غير" عبارة على األمر استقر ثم األمر، أول في" جائز غير" عبارة واستعمل وإبهامه،

"مشروع(292)

قوة اكتسب حتى التعسف، لفظ هو غيرها، في و مصر في الشائع ولكن

. المصطلح

290

. 448علي علي سليمان، النظرية العامة لاللتزامات ، المرجع السابق ص - 291

54فتحي الدريني، محاضرات في نظرية التعسف في استعمال الحق، المرجع السابق ص - 292

. 455مجموعة األعمال التحضيرية للقانون المدني المصري، المرجع السابق ص -

Page 106: التعسف في استعمال الحق

105

ال أمر الخطورة بهذه كهذا، استنتاج في" مشروع غير" ولفظ" التعسف" لفظ على واالعتماد

-معناه تحدد التي وهي– التعسف معايير ومادامت باألسماء، ال بالمسميات العبرة ألن يصح،

.اللفظ هذا على االرتكاز مبررات هي فما عنها، المتحدث العربية التشريعات في نفسها هي

:الخطأ من صورة الحق استعمال في التعسف : الثاني المطلب

الفقه من العظمى الغالبية عليه الذي االتجاه هذا293 أن نصارهأ ويرى القضاء، به وأخذ ،

.التقصيرية المسؤولية تطبيقات من عاديا تطبيقا إال هو ما الحق استعمال في التعسف

كالتعويض هنا والتعويض التعويض، يوجب خطأ إال هو ما الحق استعمال في التعسف إذ

الرخصة، حدود عن أو الحق حدود عن الخروج وهي األخرى، صورته في الخطأ عن

مدخنة بهدم كالقضاء -العيني التعويض وليس عينا، يكون أن زويجو نقدا، يكون أن يجوز

العيني التعويض فإن التقصيرية، المسؤولية نطاق عن بمخرجه -الجار عن النور تحجب التي

أيضا األخرى الصورة في جائز294.

المسؤولية عن به يتميز الحق، استعمال في للتعسف مستقل سبأسا القول إلى حاجة وال

االلتزام في جائز المالي التهديد فإن شأنه، في مالي بتهديد الحكم بجواز سلمنا إذا التقصيرية،

.آخر التزام أي في جوازه التقصيرية المسؤولية عن الناش

فالمؤجر بالتعاقد متصال اتعسف كان لو حتى التقصيرية، المسؤولية في داخال التعسف ويبقى

التقصيرية، مسؤولية تتحقق منه تعسفا الباطن من اإليجار من المانع بالشرط يتمسك الذي

الوكالة عقد أو فيهما المدة تحدد لم إذا شركة عقد أو عمل عقد إنهاء في تعسف من كذلك295.

، ربير، القاعدة الخلقية في االلتزامات المدنية 320فقرة روح الحقوق ونسبيتها، ، ومن هؤالء في فرنسا : جوسران - 293

السنهوريمصر : ء. ومن فقها177، فقرة 1012 ، 3، نظرية االلتزامات، طهكاربوني، 003، 023مازو، فقرة ،، جميل الشرقاوي، دروس في 73عبد المنعم البدراوي فقرة ، 723،ص سابقالمرجع اللتزام ،المصادر ا– 1الوسيط جـ

. 370ص 1011نظرية الحق -الكتاب الثاني–أصول القانون وفقرة 207، فقرة 1070والعقدية، الطبعة الثانية –حسين عامر وعبد الرحيم عامرة المسؤولية المدنية التقصيرية

مرقس ،المسؤولية المدنية في التقنينات العربية سابق ، سليمان المرجع النصور، نظرية الحق، ، محمد حسين م200مفهوم ، العربي بلحاج، 00المرجع السابق ص االلتزامات ،في الجزائر، علي فياللي، و 200المرجع السابق ص

.171المرجع السابق ص التعسف في استعمال الحق ، .722، 723سابق، ص المرجع الهوري، مصادر اإللتزام، سنعبد الرزاق ال- 294 .722، 723مرجع ص لا نفس ،- 295

Page 107: التعسف في استعمال الحق

106

هو الحديث المفهوم في فالخطأ خطأ، التعسف اعتبار إلى الرأي هذا أنصار ذهب هذا وعلى

استعمال في أيضا متصور فهو العادي، للرجل المألوف السلوك عن الشخص انحراف

حجبها قد الحقيقة هذه كانت وإذا السواء، على العامة الرخص ممارسة في تصوره الحقوق،

إعالنها من اليوم يمنع ما ثم يعد فلم الحقوق، إطالق مبدأ من الماضي القرن في سائدا كان ما

الحقوق، استعمال على رقابة فرض به المسلم من وبات المبدأ، هذا اندثر أن بعد وتأكيدها

" الحق استعمال" وبين" الخطأ" بين المنطقي التناقض بذلك فارتفع296.

المسؤولية نظام مع اتفاقا وأكثر( 2)للتشريع العامة المبادئ مع يتماشى جاهاالت هذا أن ويبدو

.األول االتجاه من منطقية أكثر فهو لذا فيه

:التعسف وأساس للتشريع العامة المبادئ -4

.التعسف نظرية ومرونة والخطأ الحق بين العالقة على الضوء بإلقاء العالقة وتتحددهذه

":الخطأ"و" قالح"بين مشتركة نقطة -أ

العالقة تتجلى النظر، بإمعان ولكن متناقضتان، فكرتان والخطأ الحق أن األولى، للوهلة يبدو

.الفردية المبادرة تشجيع وهي أال معينة غاية لتحقيق يتفقان فكالهما بينهما، الموجودة

والتي إرادته عن رغما حدثت التي األفعال عن المسؤولية من الشخص تعفي" الخطأ" ففكرة

.تقصيره أو إهماله عن إال يسأل ال فهو تجنبها، وسعه في كان ما

تجعله ، الشجاعة من نوعا فيه وتغرز الطمأنينة، من نوعا للفرد تعطي الفكرة هذه فإن لذا

بالغير اإلضرار بعدم المجتمع تجاه ملزم هذا سعيه في وهو طموحاته، تحقيق على يقدم

.ومستواه طبقته من ادي،الع الرجل عناية ذلك في ،باذال

وظيفة مجرد" الحق" من جعلت التي االجتماعية المذاهب على عيب فلقد" الحق فكرة" أما

األساسي المحرك هو الذي الطموح هذا األفراد لدى الطموح قتلت بذلك إنها ، اجتماعية

.واالبتكار لإلنشاء

.1سابق، ص المرجع الأنور سلطان ، نظرية التعسف في استعمال حق الملكية، 296

Page 108: التعسف في استعمال الحق

107

في الحركة هذه بتكار،واال ، واإلنشاء الحركة على تبعث غريزية قوة" الحق" ففكرة

.الدول في االقتصاد يحرك ما هي مجموعها

يشجعان لكونهما الليبرالية األيديولوجيات مع انسجاما أكثر" الخطأ"و" الحق" ففكرة لذا

.الفردية المبادرة بتطوير ويسمحمان

.العالقة مدى للفكرتين التاريخي التطور مقارنة من ويظهر

الخطأ عن إال تقوم ال المسؤولية وكانت مطلقة، الحقوق انتك المطلقة، الفردية ظل ففي

خطأ؟ أي حق يستعمل لمن ينسب أن يمكن وال اإلثبات، الواجب

.وحدودها صورها أضيق في المسؤولية فكانت

فكرة في محسوس تراجع الواقع في صاحبه النسبية، إلى اإلطالق من الحقوق مفهوم وتحول

الخطأ297مفهومها في وتغير ،

298.

.اآلن حتى يحدث لم ما هذا عنهما؟ االستغناء تم هل لكن

أي عن بالتخلي أبدا ينب ال العولمة، نظام يفرضه وما اليوم، للدول العامة السياسة أن ويبدو

. القريب المستقبل في الفكرتين من

التجارة حرية على القائم الحر، االقتصاد هو اليوم، الجزائرية للدولة العام واالتجاه

والصناعة299المنافسة مبدأ وتكريس

300 فيكون الفردية، المبادرة تشجيع معه يقتضي مما

.الدولة لمبادئ استجابة أكثر المسؤولية في الخطأ اشتراط

السيما القانوني الوجود من وحذفها الخطأ فكرة إلغاء على سيقدم ومالي المشرع أن أعتقد وال

.الشخصية األفعال عن المسؤولية في

النظرية العامة ، علي علي سليمان، 22المرجع السابق ص االلتزامات ،الخطأ: علي فياللي،أنظر في تراجع فكرة -297

.127المرجع السابق صلاللتزامات ،هناك مفهوم حديث لفكرة الخطأ، ال يهتم بالجانب النفسي أي يقوم على التعدي فقط دون عنصر اإلسناد أنظر علي - 298

.27ص ع ، نفس المرجفياللي .1001من دستور 27أنظر المادة - 299 المتعلق بالمنافسة. 3002يوليو 0الصادر في 02/02أنظر األمر - 300

Page 109: التعسف في استعمال الحق

108

: مرنة نظرية الحق استعمال في التعسف نظرية -ب

أخرى نظرية في تجدها قلما المرونة من بنوع الحق، استعمال في التعسف نظرية تتمتع

إلى منها التضييق ويمكن الخطأ، من مجاال أوسع فيه صبحت الذي الحد إلى فيها التوسع فيمكن

الفلسفي االتجاه وحسب المطبق، القانوني النظام فحسب منه، مجاال أضيق تصبح الذي الحد

.التوسع أو التضييق هذا يتم المطبق االقتصادي والنظام السائد،

ميزة منه أكثر ماعيةاجت وظيفة الحق واعتبار االجتماعي، النظام إلى ميال أكثر كنا فإذا

الفردية من اقترابنا وبقدر االتساع، في لها مجال أقصى في التعسف نظرية تكون فردية،

نظرية تكون اجتماعية وظيفة منه أكثر فردية ميزة الحق يصبح ثمة ومن مالية والرأس

.صورها أضيق في الحق، استعمال في التعسف

مستقلة، بأنها سلمنا وإن حتى فإنه -النظرية ذهه مرونة من -الحال هذا على األمر دام وما

نظام ومع للقانون العامة المبادئ مع يتسق بما معاييرها وضب مجالها، في التحكم يمكن فإنه

.التشريع في المطبق المسؤولية

العامة المبادئ مع يتفق حل الخطأ، من صورة الحق استعمال في التعسف فاعتبار إذن،

للجانب إهمال دون الفردية للمبادرة تشجيع من يحققه لما له، خدمة وأكثر للتشريع

.االجتماعي

:والتعسف المسؤولية نظام -2

الحق، صاحب مسؤولية عناصر من عنصر إال هي ما الحق استعمال في التعسف نظرية

.الخطأ قوامه الشخصي الفعل عن المسؤولية ونظام

: الشخصي الفعل عن المسؤولية قوام الخطأ -أ

القوانين من بعده ومن الفرنسي، القانون عليها سار التي التقليدية النظرية أن المعروف نم

العنصرين جانب إلى الخطأ، عنصر قيام التقصيرية عن المسؤولية لقيام تشترط العربية،

التقصيرية المسؤولية المشرع قسم الخطأ عنصر وبصدد السببية، وعالقة الضرر اآلخرين

Page 110: التعسف في استعمال الحق

109

هو الثاني النوع أما الشخصية، األعمال عن المسؤولية هو: األول النوع ع،أنوا ثالثة إلى

الشيء فعل عن الناشئة المسؤولية هو الثالث والنوع الغير، عمل عن المسؤولية301.

في المشرع عليها نص التي الشخصي، الفعل عن المسؤولية هو المقام هذا في يهمنا وما

من يلزم للغير ضررا ويسبب بخطئه الشخص يرتكبه كان أّيا عمل كل: "بقوله ،211 المادة

."بالتعويض حدوثه في سببا كان

اإلثبات واجب الخطأ على تقوم الشخصية األفعال عن المسؤولية جعل المشرع أن أي302 فال

كان إذا ما لتقدير وإدراكه الفاعل سلوك إلى الرجوع يستلزم وهذا" خطأ، دون مسؤولية

للمسؤولية، الشخصي بالتصور أخذ المشرع أن كذلك يعني وهذا ال، أم خطأ يعد الضار الفعل

التي مدني، 211 والمادة المسؤول في التميز تشترط التي 211 المادة أحكام من ويظهر

وأن المسؤولية من إعفاء كوسيلة الغير أو المضرور خطأ إلى العبارة بصريح أشارت

"الفاعل خطأ حتما تقتضي الشخصية األعمال عن المسؤولية303.

أن يحدث لمف الفقهية، التعريفات ذكر وسنتفادى الخطأ، المشرع يعرف لم الخطأ؟ ما لكن

الخطأ تعريف في كاختالفهم أمر في الفقه اختلف304.

جانب إلى يقتضي الذي للخطأ التقليدي بالمفهوم أخذ المشرع أن إلى نشير أن يكفي لكن

يسأل حتى الفاعل لدى اإلدراك عنصر توفر التعدي305.

قانونية اعدةق أو قانوني بواجب اإلخالل في -للخطأ المادي الركن وهو – التعدي ويتمثل

ظروفه عن مجردة نظرة إليه منظورا العادي الرجل سلوك هنا، المتعدي سلوك ويقدر

إليه ينظر ال أي ، وغيره مرض من الظروف هذه مثل االعتبار في تؤخذ ال بحيث الشخصية

" ومكان، زمان من الخارجية ظروفه االعتبار في تؤخذ ولكن شخصي، وبمعيار ذاتية نظرة

من العادي بالرجل يقاس أن ينبغي الداخلية ظروفه تعتبر ال الذي العادي لالرج أن غير

من القانون المدني. 120إلى 132أنظر المواد من - 301 .127سابق ص لامرجع الالنظرية العامة لإللتزامات ، ،علي علي سليمان - 302 .. 22، المرجع السابق ص ، االلتزاماتأنظر : علي فياللي - 303 .123ص المرجع نفسعلي علي سليمان ، -20ص نفس المرجع علي فياللي، - 304 .27: علي فياللي، نفس المرجع ص أنظر- 305

، غير منشور " حيث يجب التذكير بأن نظام القانون 120300ملف رقم 17/01/1001قرار المحكمة العليا مؤرخ في هو النظام التقليدي للمسؤولية" 132الذي تنص عليه المادة

Page 111: التعسف في استعمال الحق

110

من أمثاله سلوك عن ينحرف ال الذي هو العادي فالطبيب جنسه، من أو طائفته من أو طبقته

"المهملين الخاملين من وال الممتازين النابغين من يعتبرون ال الذين العاديين األطباء306

نزيه والعناية، الذكاء متوس فهو الناس أوس يمثل لشخص المألوف بسلوك يقاس والفالح

ويظهر اإلهمال، كل مهمل وال والحرص اليقضة شديد هو فال وضمير، حيطة وذو وحذر،

المجرد المعيار بهذا أخذ المشرع أن307.

المعتدي إلى إسناده من البد بل التقليدي، بالمفهوم خطأ يكون حتى وحده التعدي يكفي وال

للمسؤولية، أهال يكون أن البد الشخص يسأل وحتى المسؤول، الشخص إلى أي يسأل، حتى

يثير 211 المادة من 1 الفقرة نص انك وقد( 211 المادة) األقل على مميزا يكون أن أي

.التفسير في صعوبات

العام األصل يبقى ثم ومن التميز، عديم مسؤولية عدم على األمر ليستقر الفقرة هذه إلغاء وتم

.خطأ دون الشخصي الفعل عن مسؤولية ال أن هو

ارتباط على يدل وهذا( 11/2 المادة)المجنون أو المعتوه أو السن، صغير هو التميز وفاقد

.العاقل لغير مسؤولية فال بالعقل، التميز

سنة عشرة ثالث ببلوغ القانون حدده التميز وسن308 القانون فإن السن هذا فببلوغ( 11/1)

هذا وعلى النافعة، واألفعال الضارة األفعال بين التميز على قدرته الشخص في يفترض

.مختارا عاقال باعتباره إليه، الخطأ إسناد يمكن األساس

أو تقصير أو بإهمال منه حدث أو الخطأ تعمد قد يكون أن -األصل حيث من ذلك بعد يهم وال

.التعويض ثبوت وهي واحدة هي النتيجة ألن حيطة، اتخاذ عدم

للخطأ درجات بين الحاالت بعض ميزفي المشرع ولكن309.

.127ص السابق المرجعية العامة لاللتزامات ،النظرعلي علي سليمان، - 306 .12ص السابق لمرجعمات ، العمل المستحق للتعويض ،اااللتزاعلي فياللي، - 307 عشر سنة. ةز قبل تعديل القانون المدني هو ستيكان سن التمي -308

Page 112: التعسف في استعمال الحق

111

أو اليسير والخطأ بالغير اإلضرار نية وجود قصد،أي عن يحدث الذي هو العمدي فالخطأ

تحقيقها، إلى يسع ولم النتيجة يرد لم والشخص اإلضرار، قصد على يتوفر لم الذي هو التافه

هو هنا والمعيار تبصر، وعدم رعونة أو الحيطة، اتخاذ عدم أو إهماله سببب حدثت ولكنها

.العادي الرجل عناية بذل

لكن عمدي غير خطأ فهو اليسير، الخطأ درجات من درجة وهو الجسيم، الخطأ وهناك

العمدي، الخطأ وبين بينه يسوي الفقه بعض جعلت الجسامة هذه الجسامة، من بدرجة يتميز

.النية سوء هفي يغلب إذ

ما هذا ويؤيد المدني، القانون في الشخصي الفعل عن المسؤولية قوام هو الخطأ أن بينا قد

كلمة وأضاف ،211 المادة صياغة عدل حيث األخير، التعديل في المشرع إليه اتجه

التي 211 المادة من 11 الفقرة وألغى السابق، النص في سهوا سقطت قد كانت التي" الخطأ"

.التميز عديم مسؤولية على تنص كانت

في المشرع أدرجه فقد ضار، شخصي فعل هو إنما الحق، استعمال في التعسف كان ولما

موقفه لتأكيد خطأ بأنه إياه واصفا الشخصية، األفعال عن بالمسؤولية الخاصة النصوص

.القانون نصوص بين تناسقا يقيم ما وهذا

:خطأوال الحق استعمال في التعسف معايير -ب

األول العنصر هو واإلسناد التعدي وهما بضابطيه، سابقا بَيناه الذي النحو على الخطأ كان إذا

في التعسف معايير في العنصران هذان توفر مدى فما الشخصي، الفعل عن المسؤولية في

الحق؟ استعمال

كونه في أحد ينازع لم حق استعمال بصدد كان وإن حتى بالغير، اإلضرار قصد كان إذا

اآلخران المعياران في الحال هذا على ليس األمر فإن خطأ،310 .

المقصودة المصلحة بين التناسب عدم وهو الثاني المعيار وبخصوص سبق، فيما بينا وقد

مقدار إلى ذلك ويرجع مداه، في التحكم يمكن مرن، معيار أنه بالغير، الالحق والضرر

وما بعدها. 72المرجع السابق ص ، االلتزامات ، العمل المستحق للتعويض ،علي فياللي أنظر -309

.71ص -بالفرنسية -كي، االلتزامات ، المسؤولية المدنية، ديوان المطبوعات الجامعيةترأنظر: نور الدين - 310

Page 113: التعسف في استعمال الحق

112

ألمكن بسيطا، تفاوتا هو المطلوب التفاوت كان فلو التعسف، يتحقق حتى المطلوب التفاوت

الضرر من أقل المقصودة المصلحة كانت إذا الخطأ، عن يخرج المعيار هذا أن حينئذ القول

الناس أوس يتحمله ما يفوق هذا فإن حينئذ التعسف وتحقق قليلة، بدرجة ولو بالغير الالحق

فق ، الراجح وليس الشاسع التفاوت هو المطلوب التفاوت كان ولما واالنتباه، الحيطة أخذ من

فإن بالغير، يلحقه الذي الكبير بالضرر مقارنة قليلة مصلحة لتحقيق يسعى الذي الشخص فإن

النية، سوء على ينطوي يكن لم كان إن األقل، على بصرالت وعدم اإلهمال على قرينة يعد هذا

.العادي الرجل عناية إلى التفاوت هذا تقدير في ويرجع

وأما فيما يخص المعيار الثالث، فقد بينا أنه خطأ، فالذي يسعى إلى تحقيق مصلحة غير

نا مشروعة ال يمكن وصفه بأنه نزيه وذو ضمير، وسلوكه هذا خطأ بين بذاته، وسبق أن قل

بأنه لم ينص المشرع على هذه الحالة، لما حال ذلك دون مساءلة صاحبها، إن لم تكن

الجزائية فالمدنية على األقل.

ذلك بأن المصلحة غير المشروعة هي مخالفة للنظام العام واآلداب العامة، وما تقضي به

، وهل الخطأ إال هذا. األنظمة والقوانين

Page 114: التعسف في استعمال الحق

113

:منطقي غير طرح التعسف نظرية استقالل -3

إن أصحاب هذا االتجاه}استقالل نظرية التعسف { بنو رأيهم على حجة قصور المسؤولية

التقصيرية على استيعاب جميع حاالت التعسف في استعمال الحق، ألنه من الحاالت التعسفية

ما ال يتوفر فيها عنصر الخطأ.

في استعمال الحق ، ال ومعنى هذا أنه يجب استحداث نظام آخر للمسؤولية خاص بالتعسف

يقوم على الخطأ، فيكون هناك نظامان للمسؤولية نظام قائم على الخطأ، يتحدد مجاله بحاالت

الخروج عن الحق، أو العمل دون حق، فيبقى الذي أضر غيره، وهو ال يستعمل حقا ال يسأل

إال عن إهماله أو تقصيره أي عن خطئه .

مسؤوليته، فيسأل حتى إن خرج عن الغاية التي منح من أما الذي يستعمل حقا، فتتسع دائرة

أجلها الحق، فقد يتحقق التعسف دون أن يعتري سلوك صاحب الحق أي عيب، وهذا الكالم

صعب التخيل فضال عن التطبيق، إال إذا أخذنا بالمسؤولية الموضوعية.

را بغيره. فنكون في النهاية أمام مسؤولية موضوعية لصاحب الحق، يسأل متى ألحق ضر

سواء أكان ذلك بإهمال أوتقصير، أو بدونهما ، وتبعا لذلك فإنه يمكن مسؤولية حتى عديم

التمييز عن التعسف في استعمال الحق.

أي يكون لنا نظامان للمسؤولية:

مسؤولية على أساس الخطأ لمن ال يستعمل حقا. -

مسؤولية موضوعية على أساس الضرر لمن يستعمل حقا. -

تساؤل : كيف يسأل من ال حق له إال إذا أخطأ، ويتعرض صاحب الحق لمسؤولية فيحق ال

أشد.

فأي عدل هذا؟ بينما نصوص القانون تؤكد على المركز الممتاز لصاحب الحق، فأي امتياز

ناله صاحب الحق وفق هذا المنطق؟.

ية وقضينا على إن استقالل نظرية التعسف ال يمكن قبوله، إال إذا أخذنا بالمسؤولية الموضوع

فكرة الخطأ تماما .

Page 115: التعسف في استعمال الحق

114

وزيادة على هذا ، فإن هذا الطرح بعيد عن نصوص القانون، فالقانون ال يعرف في مجال

المسؤولية عن األفعال الشخصية إال نظاما واحدا، وهو يشترط الخطأ لقيامها، وما التعسف

ينه المشرع تبيينا نافيا في استعمال الحق إال إحدى صور هذا الخطأ، ولو كان نظاما مستقال لب

للجهالة .

مصري، ال تتضمن أي جزاء على التعسف في استعمال 08)الملغاة( والمادة 25فنص المادة

الحق، مما يعني ضرورة الرجوع إلى النص الخاص بالمسؤولية عن الفعل الشخصي)المادة

نا أن التعسف (. لتقرير الحق في التعويض، وال يمكن الرجوع إليها، إال إذا اعتبر542

صورة من الخطأ، وهذا ما يفرضه المنطق القانوني.

Page 116: التعسف في استعمال الحق

115

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــخاتمـــــــ

ــــــــةــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ا محصورا قد يتصور شخص أن الخالف بين المذهب الفردي والمذهب االجتماعي كان خالف

بين مجموعة من الفالسفة والمفكرين، كان له أثره االجتماعي واالقتصادي...الخ، خالل فترة

من الزمن، ثم اندثر هذا الخالف وتالشى مع مرور الزمن، ولم يعد يمثل سوى مرحلة

تاريخية انقضت وتجاوزتها األيام، ومن تصور هذا فقد أخطأ.

متناقضتين، وقوتين نزعتينلخالف أبدي بين نموذج هو ذلك أن هذا الخالف، إنما

متنافرتين، هما الفرد وقوته االنفصالية والمجتمع وقوته اإلدماجية وإنما وجد القانون للتنسيق

والتوفيق بين هذين القوتين بما يحقق العدل والخير العام.

فراغنا من ولن يعدم زمان ممن يدعوا إلى الميل إلى أحد النزعتين على حساب األخرى وبعد

هذا البحث، والذي كان محوره أساس التعسف في استعمال الحق تبين لنا، أن الخالف

الحاصل بشأنه، ليس حول تفسير نصوص قانونية بقدر ما هو حاصل حول مفاهيم نظرية،

ترجع في األساس إلى خالف أعمق هو الخالف بين المذهب الفردي والمذهب االجتماعي.

مذهب الفردي وابتعادنا من المذهب االجتماعي يتسع مجال السلطات قدر اقترابنا من الفب

المخولة لصاحب الحق، وتضيق حتما دائرة التعسف، حتى نصل في أقصى الحاالت إلى

قدر بإلغاء وانتفاء فكرة "التعسف في استعمال الحق" نتيجة إلطالق الحق والعكس صحيح ف

سف في استعمال الحق، ليضيق معه مجال االقتراب من المذهب االجتماعي يتسع مجال التع

سلطات صاحب الحق، حتى نصل إلى إلغاء فكرة الحق.

Page 117: التعسف في استعمال الحق

116

وبين هذا وذاك توجد منطقة وس ، هي التي تحقق وضع التوازن لكن هذه المنطقة غير

محددة تحديدا كافيا وجامدا.

رة الفردية، قد ففكرة "الخطأ" التي تنسجم أكثر مع المذاهب الليبرالية كونها تشجع على المباد

عرفت توسعا في المفهوم، صاحب هذا التوسع في مفهوم"الخطأ" تحوال معاكسا في مفهوم

"الحق".

وهو أن فكرة الخطأ ال تزال وستبقى لوقت غير قصير أصال يحكم تصرفات اإلنسان ولم

يتجرأ القانون بعد على إلغائها، بالرغم من انحسار سلطاتها وتراجعها المشهود في بعض

صور المسؤولية.

وأمام تواجد فكرة "الخطأ" في القانون كأساس للمسؤولية على الفعل الشخصي سيفضي

البحث عن أساس مستقل لنظرية التعسف في استعمال الحق، أوسع مجاال من الخطأ إلى

صعوبات عملية وتناقضات نظرية.

خية واجتماعية وحتى وفكرة الحق بات من المسلم به أنه ال يجوز إلغاؤها فهي حقيقة تاري

من دور اقتصادي بالغ األهمية. -فوق ما ذكر -نفسية، تكرست بنصوص القانون لما لها

وانتهينا إلى أن التعسف في استعمال الحق صورة من صور الخطأ، هو الحل األقرب إلى

المنطق والعدل كونه يحقق انسجاما بين نصوص القانون، ويتماشى مع االتجاه االقتصادي

م للدولة، القائم على االقتصاد الحر، وما يفرضه من حرية الصناعة والتجارة... العا

وضرورة تكريس المبادرة الفردية.

Page 118: التعسف في استعمال الحق

117

مكرر 542هذا الذي بينه المشرع، في تعديل القانون المدني، بصورة قاطعة بنص المادة

حتى ينحسم الجدل المثار حول المسألة.

م، غفل عن مسالة بالغة األهمية، وهي المضار غير ولكن المشرع وباتخاذ هذا الموقف الحاس

، وينبغي اتخاذ مدني، تسبب إشكاال ال ينبغي التغاضي عنه 225المألوفة للجوار، فالمادة

وحذف كلمة ة أحسن، فينبغي تعديل هذه المادةموقف مماثل بشأنها، حتى يمكن تفعيلها بصور

، على غرار ما هو موجود في تبعة"تعسف" وجعلها تقوم على أساس نظرية تحمل ال

القضاء اإلداري، وما انته إليه الرأي الراجع في الفقه.

Page 119: التعسف في استعمال الحق

118

ـــــــــعــــــــــالمراجــــــــ ـــــــةـقائمــــــــ

:

ابراهيم سيد أحمد، التعسف في استعمال الحق فقها وقضاءا دار الفكر الجامعي -1

.3003 ، سنة 03السكندرية، مصر، الطبعة ا

ابن رجب الحنبلي ، جامع العلوم والحكم تحقيق حامد أحمد الطاهر، دار الفجر للتراث -3

. 3003، سنة 1القاهرة ط

.3، ج1000 1دار الفكر ط -إحياء علوم الدين–بو حامد الغزالي أ -2

ةــــالعربي لكةـــالمم ان،ـعف بن ردا 2221 ،2ط ات،ـالموافق ، يــــالشاطب إسحاق أبي -1

. 0ج السعودية

دراسة في فلسفة القانون الدار -د. أحمد ابراهيم حسن ،غاية القانون في فلسفة القانون -0

.3000 -الجامعية

احمد محمد محرز ، الحق في المنافسة المشروعة في مجاالت النشاط االقتصادي -1

.1002واالجتماعي ، القاهرة ،

ية ـــ، الميراث والوص3 عربي بلحاج، الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري جال -7

.3000، 2ديوان المطبوعات الجامعية، ط

، الزواج و الطالق 1، الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري ، ج بلحاج العربي -7

.1000ديوان المطبوعات الجامعية

مؤسســــة الرسالة ،بيروت لبنان 3002 ،7ط ، طالقاموس المحي الفيروز آبادي،، - 0

Page 120: التعسف في استعمال الحق

119

د. بختة موالك، محاضرات في قانون المنافسة ألقيت على طلبة الماجستير القانون -10

.غير منشورة 3002/ 3002الخاص ، كلية الحقوق جامعية الجزائر ، السنة الدراسية

. وت ،لبنانبير وفيق حسن فرج، الحقوق العينية األصلية. الدار الجامعية،ت -11

د. محسن القاسم ، الحقوق وغيرها من ، د. رمضان أبو السعود ، .جالل العدوي د -13

، منشاة المعارف ، اإلسكندرية . 1001، 1المراكز القانونية ، ط

1011نظرية الحق -الكتاب الثاني–جميل الشرقاوي، دروس في أصول القانون -12

. ، بيروت، لبنان 3وجبات و العقود ط جورج سيوفي، النظرية العامة للم -12

المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية، الطبعة الثانية ،حسين عامر وعبد الرحيم عامر -10

1070 .

. 1017روسكو باوند ،مدخل إلى فلسفة القانون ترجمة د. صالح دباغ، بيروت -11

، القسم األول، األحكام العامة سليمان مرقس، المسؤولية المدنية في التقنيات العربية -17

.1071معهد البحوث و الدراسات العربية

محاضرات في الحريات العامة ألقيت على طلبة السنة الرابعة ليسانس -صالح دجال -17

.3002جامعة الجزائر سنة -حقوق، بن عكنون

ليه في القانون عبد الرحمن دغنوش، حق الملكية والقيود القانونية واالتفاقية التي ترد ع -10

. الجزائري ،مذكرة ماجستير في القانون الخاص ،جامعة الجزائر، كلية الحقوق بن عكنون

دار الملكية ،حق 7عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني ،ج -30

.بيروت ،لبنان ، إحياء التراث العربي

رح القانون المدني ، نظرية االلتزام بوجه عبد الرزاق احمد السنهوري ، الوسيط في ش -31

، دار النشر للجامعات المصرية ،القاهرة ،مصر 1003عام ،مصادر االلتزام ،

Page 121: التعسف في استعمال الحق

120

عبد المنعم فرج الصدة ، الحقوق العينية األصلية، دراسة في القانون اللبناني - 33

. والمصري، دار النهضة العربية بيروت ،لبنان

ون ــــــــــــمصادر االلتزام في القان –ظرية العامة لاللتزام الن -علي علي سليمان - 32

.3000ديوان المطبوعات الجامعية الطبعة السادسة – الجزائري

، موفم 3003، 1ض ، ط ـــــحق للتعويـــعلي فياللي ، االلتزامات ، العمل المست -32

للنشر الجزائر .

وق الحديثة، المركز ـة المدنية والحقـــعقليال -عـــعياض بن عاشور، الضمير والتشري -30

.1007، 1الثقافي العربي ط

فتحي الدريني، الحق و مدى سلطان الدولة في تقييده و نظرية التعسف في استعمال -31

. مؤسسة الرسالة ، ،بيروت ، لبنان 1011س 1الحق ط

رها في التقنين المدني ــــــي استعمال الحق وأثفرية التعسف ــــفتحي الدريني ، نظ -37

الجزائري بالمقارنة مع قوانين البالد العربية، محاضرات ألقيت على طلبة الماجستير جامعة

. الجزائر،كلية الحقوق ،بن عكنون مطبوعة على اآللة ، غير منشورة

محمد شوقي السيد، التعسف في استعمال الحق معياره وطبيعته في الفقه والقضاء وفقا -37

.1070القانون المدني المصري، الهيئة المصرية العامة للكتاب ألحكام

النزعة االجتماعية في الفقه اإلسالمي وأثرها في حق -محمد وحيد الدين سوار ، -30

.1071الملكية ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر

ار الثقافة مكتبة د ،وحيد الدين سوار، حق الملكية في ذاته في القانون المدنيمحمد -20

. األردن، عمان 1007 3ط، للنشر والتوزيع

مجموعة األعمال التحضيرية للقانون المدني المصري، الجزء األول، مطبعة دار -21

. الكتاب العربي

Page 122: التعسف في استعمال الحق

121

الجزائر ج.م.م.د اإلداري القانون في وتطبيقها المخاطر عن المسؤولية شيهوب، مسعود -23

.1111 2ط

. بدون تاريخ ،م الملكية منشأة المعارف اإلسكندريةنظا، مصطفى الجمال -22

إسالمي قانون في الحق استعمال في التعسف لنظرية قانونية الزرقاء،صياغة مصطفى -22

. األردن ،عمان 2201 ،س 1ط والتوزيع للنشر المتحدة الشركة

-منشورات عويدات -هنري باتيفول، فلسفة القانون ترجمة سموحي فوق العادة -20

. 1072باريس ط -يروتب

منشورات عويدات -هنري ليفي برول. سوسيولوجيا الحقوق ترجمة عيسى عصفور-21

. 1072 س، 2بيروت لبنان ط

1-Josserand, L ; Dé l’esprit des droits et de leur relativité théorie dite

de l’abus des droits 2ème Ed.1939 paris.

2-H et L et J Mazeaud ,leçons de droit civil, tome2 .1966. paris.

3-Starck.B – Droit civil,–. TII obligations. Librairie technique – 1972

Paris

Nour Eldinne terki , Les ‘obligations , Responsabilités civiles 4-

O.P.U. Alger

Page 123: التعسف في استعمال الحق

122

أثر المذهبين الفردي واالشتراكي في الدور الذي يؤديه القانون –م أبو النجا براهيا -1

. 1077نوفمبر 20عدد ،الجزائري مجلة الشرطة

زيد عبد الباقي، تحديد األساس القانوني للمسؤولية عن مضار الجوار غير المألوفة أبو -3

ت .الكوي، 1072يونيو 3للعدد 10السنة ،مجلة الحقوق والشريعة

حق و رأي فقهاء الشريعة اإلسالمية فيه من حيث إطالقه و تقييده، الحمد ابراهيم بك، أ -2

، مصر . 1120مارس 2، العدد 1مقال منشور بمجلة القانون و االقتصاد، السنة

1أنور سلطان ،نظرية التعسف في استعمال حق الملكية، مجلة القانون واالقتصاد العدد -2

مصر، 1027 مارس 17سنة

بن شنيتي حميد، دراسة تحليلية للقانون المدني الجزائري، المجلة الجزائرية للعلوم -0

.3003، 03رقم 20القانونية واالقتصادية والسياسية ،ع

نقد نظرية ديجي في -عبد الهادي يونس العطافي، ماهية الحق في القانون الخاص -1

،مصر . 2ع 22د سنة القانون الخاص، مجلة القانون واالقتصا

علي علي سليمان، ضرورة إعادة النظر في القانون المدني الجزائري مجلة الشرطة -7

.1072، أفريل 31العدد

عيسوي أحمد عيسوي. نظرية التعسف في استعمال الحق في الشريعة اإلسالمية، مقال -7

., مصر 00، السنة 1، العدد 1012منشور بمجلة العلوم القانونية و االقتصادية ، يناير

د/محمد زكي عبد البر،ال ضرر و ال ضرار في اإلسالم وإساءة استعمال الحق في الفقه -0

مطبعة عبير 1070.ع. 00س –اإلسالمي، مقال منشور بمجلة القانون و االقتصاد

مصر .، 71

الوضعي نزيه الصادق المهدي ، حق الملكية في الفقه اإلسالمي مع مقارنته بالقانون -10

.1070، 00السنة ، عدد خاص ،مجلة القانون و االقتصاد كلية الحقوق ،جامعة القاهرة

Page 124: التعسف في استعمال الحق

123

العربي مجيدي ، نظرية التعسف في استعمال الحق وأثرها في أحكام فقه األسرة -1

أصول ، جامعة الجزائر ، كلية 3001دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون ، ماجيستير

الدين .

سواشي وسيلة ، مميزات دعوى المنافسة غير المشروعة في دعوى المسؤولية -3

.3007كلية الحقوق ابن عكنون ، جامعة الجزائر ، التقصيرية مذكرة ماجيستير

عبد الرحمن دغنوش، حق الملكية والقيود القانونية واالتفاقية التي ترد عليه في القانون -2

ماجستير في القانون الخاص ،جامعة الجزائر، كلية الحقوق ،بن عكنون ، الجزائري ،مذكرة

1070سنة

فاضلي إدريس ، نظام الملكية ومدى وظيفتها االجتماعية ، رسالة دكتوراه دولة ابن -2

. 1001عكنون ، جامعة الجزائر ، سنة

. 2ع 1002، مجلة قضائية لسنة 7122 ملف رقم 02/01/1003قرار مؤرخ في -1

، المجلة القضائية 00022ملف رقم 11/01/1003قرار المحكمة العليا مؤرخ في -3

. 1، العدد 1000سنة

غير منشور. – 110 – 222ملف رقم 1002/ 11/ 20قرار مؤرخ في -2

ة ، المجلة القضائية لسن 1277. 10ملف رقم 30/01/1007قرار مؤرخ في -2

. 1ع 1007

Page 125: التعسف في استعمال الحق

124

فهـــــــــــــــــــــــــــــــــرس

01---------------------------------------------------------- مقدمــــــــــة

الفصل األول : تصور فكرة الحق يحتمل المسؤولية ------------------------------00

01------------------------------------- . الحق والمسؤوليةاستعمال : المبحث األول

07------------------التعسف " . ضرورة تالزم نظرتي " الحق " و " : المطلب األول

07---------------------------------------ينفي التعسف . تقديس الفرد : الفرع األول

00--------------------------------------نتائج المذهب الفردي على مفهوم الحق. -

10-------------------------------------------------------نقد المذهب الفردي . -

11---------------------------------------تقديس المجتمع ينفي الحق : الفرع الثاني

13---------------------------------أهم نتائج المذهب االجتماعي على مفهوم الحق -

12-------------------------------------------------------نقد المذهب االجتماعي -

10----------------------فك التناقض بين " الحق" و " المسؤولية " . : المطلب الثاني

Page 126: التعسف في استعمال الحق

125

17--- عة اإلسالميةإطالق مبدأ الجواز الشرعي ينافي الضمان لدى بعض فقهاء الشري-

31------------------------------نسبية الحقوق والحقوق الوظائفية . : المطلب الثالث

31------------------------دية واجتماعية .ايد الحقوق ضرورة اقتصيتق : الفرع األول

32--------------------------------------مضمون مبدأ نسبية الحقوق : الفرع الثاني

30----------------------------------------------استعمال الحق .المصلحة قوام -1

30---------------------------------------------------الهدف االجتماعي للحق . -3

30-------------------مصلحة غيرية .الهدف االجتماعي في الحقوق التي تحقق 3-1

31-------------------االجتماعي في الحقوق التي تحقق مصلحة ذاتية . الهدف - 3-3

37----------------------------مبدأ نسبية الحقوق . على REPERTاعتراض ربير

37--------------------------------------الوظيفة االجتماعية للحق . : الفرع الثالث

20-----------------------الحق و مدى نسبيته في الشريعة اإلسالمية . : ع الرابعالفر

23----------------بعض تطبيقات نظرية التعسف في استعمال الحق . : المبحث الثاني

23------------------------التعسف في استعمال حق الملكية العقارية . : المطلب األول

22------------من القانون المدني . 101مكرر ، والمادة 132العالقة بين المادة -

21------التزام المالك بعدم استعماله لحقه بإهمال أو سوء نية أو عدم اتخاذ حيطة .-

27----------------------التزام المالك بعدم اإلضرار بجاره أضرار غير مألوفة .-

27--------------------------------------مضار الجوار في الشريعة اإلسالمية . -

20------------------------------------مضار الجوار غير المألوفة في القضاء. -

21--------------------المسؤولية عن المضار غير المألوفة للجوار في التشريع .-

Page 127: التعسف في استعمال الحق

126

23---------------------------------------مرونة معيار المضار غير المألوفة . -

23-------------------------------------------------------------------العرف. - أ

23----------------------------------------------------------طبيعة العقارات. - ب

23---------------------------------------------موقع كل عقار بالنسبة لالخر . -ج

22-------------------------------------------الغرض الذي خصص له العقار . -د

22----------------------------اثر أسبقية االستغالل في تحديد الضرر غير المألوف .

22--------------------------------------------------------اثر الظروف الشخصية .

22--------------------------------مضار غير المألوفة للجوار .الجزاء على تجاوز ال

20-------------------------------------------------------اثر الترخيص اإلداري .

27------------نظرية التعسف في استعمال الحق في مجال المنافسة .المطلب الثاني :

27-----------------------------ي .دون مبرر شرع خدمةرفض البيع أو أداء -1

20--------------------------------------التعسف في استعمال وضعية الهيمنة . -3

00-------------------------------------------االستغالل التعسفي لحالة التبعية . -2

01------------------------------------------خفض األسعار بشكل تعسفي . -2

01----------------------------------------------------------في اإلشهار . -0

ال قانون ـــــــــبعض تطبيقات نظرية التعسف في استعمال الحق في مج المطلب الثالث :

02----------------------------------------------------------------------األسرة .

02---------------------------التعسف في استعمال حق العدول عن الخطبة . -1

02----------------------------------العدول عن الخطبة حق مطلق . : الرأي األول

00----------------وجوب التعويض عن الضرر الناشئ عن العدول . : الرأي الثاني

Page 128: التعسف في استعمال الحق

127

00-------------------------------------------------االتجاه الوسط . : لثالثالرأي ا

01---------------------------موقف المشرع من العدول التعسفي عن الخطبة . -1

07---------------------------------------التعسف في فك الرابطة الزوجية . -3

10-------------------الطالق في مرض الموت –طالق التعسفي صورة أخرى من ال

13------------------------------------------------------اإلمساك التعسفي . – 2

12-----------------------------------------------------التعسف في الوصية . -2

10-----------------------------------------حق الوالية عن النفس وعلى المال . -0

11---------------: النظام القانوني لنظرية التعسف في استعمال الحق . الفصل الثاني

17--------------------: معايير و ضوابط التعسف في استعمال الحق . المبحث األول

17-------------------------------------: المعيار الذاتي أو الشخصي . المطلب األول

10---------------------------هل يشترط تمحص قصد الضرار للقول بالتعسف. -

73--------------------------------------------صعوبة إثبات قصد اإلضرار . -

72-------------------------------------------: المعايير الموضوعية . المطلب الثاني

72-------------------------------------------------: في الفقه الحديث . فرع األولال

72----------------------------------------------معيار الدافع غير المشروع . - أ

77-----------------------------------------انتفاء المصلحة كمعيار للتعسف . - ب

70----------------------------معيار المادي في الشريعة اإلسالمية .: ال الفرع الثاني

70----------------------------اختالل التوازن بين المصالح أو انعدام التناسب . - أ

70-------------------------------------مصلحتين فرديتين . بينالبين : االختالل أوال

Page 129: التعسف في استعمال الحق

128

70--------------------------------------لفقه اإلسالمي .تطبيقات هذا المعيار في ا -

70-----------------------------------قضاء الرسول )ص( على سمرة بن جندب . -

70---------------------------------------------------------------نص الحديث . -

71--------------------------------------------------------------مقدار التفاوت . -

72------------------الضرر الفاحش الالحق من جراء استعمال المالك لعقاره . ثانيا :

72---------------------منه . بجماعة عظيمةالضرر العام الالحق بالمجتمع أو ثالثا :

70-----------------------استعمال الحق في غير الغرض الذي شرع من اجله . - ب

70-------------------شريع )موقف المشرع( .معايير التعسف في الت الثالث :المطلب

71------------------لعام : التعسف في استعمال الحق صورة من الخطأ .المبدأ ا: أوال

77-------------------------مكرر . 132الحاالت المنصوص عليها في المادة ثانيا :

77----------------------------------إذا وقع بقصد اإلضرار بالغير . الحالة األولى :

77---معيار عدم التناسب بين المصلحة المحققة والضرر الالحق بالغير : الحالة الثانية

77------------------------------------------------------------مقدار التفاوت . -

00-----عدم مشروعية المصلحة التي يرمي صاحب الحق إلى تحقيقها . الثالثة : الحالة

03---------------------------.؟هل المضار غير المألوفة للجوار معيارًا للتعسف -

07-----------------------تأصيل نظرية التعسف في استعمال الحق . المبحث الثاني :

07--------------------طأ .الختعمال الحق مستقل عن التعسف في اس المطلب األول :

00----------------------------صور فكرة الخطأ عن استعاب حاالت التعسف .ق -أ

00--------------------------------------------------------------تقييم هذه الحجة .

Page 130: التعسف في استعمال الحق

129

100-------------------------------------أسبقية فكرة التعسف عن المسؤولية . -ب

101--------------------------الدور الوقائي لنظرية التعسف في استعمال الحق . -

102-----------------------------------------------------حقيقة الدور الوقائي . -

102------------------------------------------االعتماد على األصل التاريخي . - ت

100------------------------------------------------------مناقشة هذه الحجة . -

101----------------فصل نصوص التعسف عن نصوص المسؤولية التقصيرية . - ث

100--------------------------------------لدعم هذا الرأي . وهناك جحة أخرى - ج

110-------------------التعسف في استعمال الحق صورة من الخطأ . المطلب الثاني :

111---------------------------------المبادئ العامة للتشريع و أساس التعسف . -1

111---------------------------------نقطة مشتركة بين " الحق " و " الخطأ " . - أ

112---------------------------نظرية التعسف في استعمال الحق نظرية مرنة . - ب

112----------------------------------------------نظام المسؤولية والتعسف . -3

112------------------------------الخطأ قوام المسؤولية عن الفعل الشخصي . - أ

111-----------------------------معايير التعسف في استعمال الحق و الخطأ . - ب

117-----------------------------التعسف طرح غير منطقي .استقالل نظرية -2

130--------------------------------------------------------. خاتمـــــــــة

132------------------------------------------------------- قائمة المراجع

Page 131: التعسف في استعمال الحق

130